You are on page 1of 172

‫‪The Islamic University of Gaza‬‬ ‫الجـامعــــــــــة اإلســـــالميــة بغـــزة‬

‫‪Deanship of Research and Graduate Studies‬‬ ‫عمادة البحث العلمي والدراسات العليا‬
‫‪Faculty of Ossoul Ed-deen‬‬ ‫كـليــــــــــــــــــة أصـــــــول الديــــــن‬
‫‪Master of InterPretation and Quran Sciences‬‬ ‫ماجستير التفسيــر وعلــوم القــــرآن‬

‫المساجد ودورها في بناء الفرد والمجتمع‪ -‬دراسة موضوعية‬


‫‪Mosques and Their Role in Building‬‬
‫‪Individuals and Societies - Subjective Study‬‬

‫اح ِثة‬
‫اد الب ِ‬
‫عد ُ َ‬‫إِ َ‬
‫إسراء موسى محمد سليمان‬

‫اف‬
‫شر ُ‬ ‫ِ‬
‫إ َ‬
‫الدكتُور‬
‫األستاذ ُ‬
‫زهدي محمد أبو نعمة‬

‫اج ِ‬
‫ست ِ‬
‫ير‬ ‫صول َعلى َدر َج ِة ا ْلم ِ‬
‫الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫كماالً ل ُمتَطلبات ُ‬
‫البحث است َ‬ ‫دم َهذا‬
‫قُ َ‬
‫سالم ِ‬
‫ية ِب َغزة‬ ‫اإل ِ‬ ‫ام َع ِة ِ‬‫ِّين ِفي ا ْلج ِ‬ ‫ِ‬
‫بكلية أ ِ‬
‫ُصول الد ِ‬ ‫وعلُ ِ‬
‫وم ا ْلقُر ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫آن‬ ‫في التَّفسير ُ‬

‫ديسمبر‪7102/‬م – ربيع أول‪1439/‬هـ‬


‫إقــــــــــــــرار‬

‫أنا الموقع أدناه مقدم الرسالة التي تحمل العنوان‪:‬‬

‫المساجد ودورها في بناء الفرد والمجتمع – دراسة موضوعية‬


‫‪Mosques and Their Role in Building‬‬
‫‪Individuals and Societies- Subjective Study‬‬
‫أقر بأن ما اشتملت عليه هذه الرسالة إنما هو نتاج جهدي الخاص‪ ،‬باستثناء ما تمت اإلشارة‬

‫إليه حيثما ورد‪ ،‬وأن هذه الرسالة ككل أو أي جزء منها لم يقدم من قبل اآلخرين لنيل درجة أو‬

‫لقب علمي أو بحثي لدى أي مؤسسة تعليمية أو بحثية أخرى‪.‬‬

‫‪Declaration‬‬

‫‪I understand the nature of plagiarism, and I am aware of the University’s‬‬


‫‪policy on this.‬‬

‫‪The work provided in this thesis, unless otherwise referenced, is the‬‬


‫‪researcher's own work, and has not been submitted by others elsewhere‬‬
‫‪for any other degree or qualification.‬‬

‫‪Student's name:‬‬ ‫إسراء موسى محمد سليمان‬ ‫اسم الطالب‪:‬‬


‫‪Signature:‬‬ ‫إسراء‬ ‫التوقيع‪:‬‬
‫‪Date:‬‬ ‫‪24/1/2018‬‬ ‫التاريخ‪:‬‬

‫‌‬

‫‌أ‬
‫ملخص الِّرسالة‬

‫تناولت الدراسة‪ :‬المساجد ودورها في بناء الفرد والمجتمع‪ -‬دراسة موضوعية‪.‬‬

‫هدف الدراسة‪ :‬إبراز دور المساجد في بناء الفرد والمجتمع بترسيخ محبته في قلوب َّ‬
‫الناس من‬
‫خالل بلورة أهميتها وتوظيفها من قبل المؤسسات التَّعليمية‪ ،‬والتَّربوية‪ ،‬واالجتماعية بما ينعكس‬
‫على دورها الحقيقي في بناء الفرد والمجتمع‪ ،‬اضافة إلى إبراز وظائفها المتنوعة في جميع‬
‫مجاالت الحياة المختلفة‪.‬‬

‫ثم الوصفي في‬


‫منهج الدراسة‪ :‬اعتمدت الباحثة المنهج االستقرائي في جمع المادة العلمية‪َّ ،‬‬
‫عرضها وتوزيعها على الفصول والمباحث والمطالب على حسب الموضوع‪.‬‬

‫أهم نتائج الدراسة‪ :‬المسجد مركز عبادة يحافظ على فطرة اإلنسان‪ ،‬يربط َّ‬
‫النشء بربِّه منذ‬
‫مركز تعليميا له أدوار متعددة تمتاز ُّ‬
‫بالشمولية والتَّكامل في‬ ‫ا‬ ‫اإلدراك والتَّميز‪ ،‬كما ويعتبر المسجد‬
‫أُمور ُّ‬
‫الدنيا واآلخرة‪ ،‬اضافة لقدرته على إعداد الجند والقادة‪.‬‬

‫النهوض بدور المسجد الستكمال رسالته ِّ‬


‫الدينية‬ ‫أهم توصيات الدراسة‪ :‬يلزم توفير جميع وسائل ُّ‬
‫والتَّربوية واالجتماعية لبناء الفرد والمجتمع‪ ،‬كما ويجب تحقيق دور المسجد المحوري في معالجة‬
‫قضايا األُمة اإلسالمية وكيفية عودتها إلى تحكيم كتاب اهلل في التَّشريعات والقضايا المصيرية‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬المسجد‪ ،‬الفرد‪ ،‬المجتمع‪.‬‬

‫‌‬
‫ت‬
Abstract

This study tackled the issue of mosques and their role in qurainic and subjective
studded.

Aim of the study: To highlight the role of mosques in building individuals and
societies through establishing their love in the hearts of believers. This is possible
through perceiving mosques importance and employing it by the educational, cultural
and social institutions. This would enhance the real role of mosques in building the
individual and society, in addition to highlighting the various roles of the mosque in
all aspects of life.

Study methodology: The researcher adopted the inductive method in the collection
of the study materials, followed by the descriptive method to present and discuss
those materials in the various chapters of the study.

The most important results of the study: The mosque is a center of worship that
preserves the human instinct, and links young people to their Creator as they reach
the age of recognition and discretion. The mosque is an educational center with
multiple roles characterized by inclusiveness and integration of the matters of this
life and the Hereafter. This is in addition to its ability to prepare soldiers and leaders.

The most important recommendations of the study: It is necessary to provide all


the needed means to promote the role of the mosque to fulfill its religious,
educational and social mission to build the individual and society. It is also essential
to support the central role of the mosque in addressing the issues of the Islamic
Ummah, and the possible ways to bring it back to implementing the Noble Quran
rulings in all matters.

Keywords: mosque, individual, society.


‫ث‬
‫قال تعالى‪:‬‬
‫اَّللِ َوا ْليَ ْو ِم ْاْل ِخ ِر‬
‫َّللاِ َمنْ آ َم َن بِ َّ‬
‫اج َد َّ‬
‫س ِ‬‫﴿ إِنَّ َما يَ ْع ُم ُر َم َ‬
‫سى‬ ‫َّللاَ فَ َع َ‬
‫ش إِ ََّّل َّ‬ ‫ص َالةَ َوآتَى ال َّز َكاةَ َولَ ْم يَ ْخ َ‬‫َوأَقَا َم ال َّ‬
‫أُولَئِكَ أَنْ يَ ُكونُوا ِم َن ا ْل ُم ْهتَ ِدين ﴾‬
‫]التوبة‪[81 :‬‬

‫‌‬
‫ج‬
‫إهـــــــــــــــــــــــــــــــــداء‬

‫الدي الحبيبين أسال اهلل أن يطيل أعمارهما بالخير والطَّاعة‬


‫إلى و َّ‬

‫إلى زوج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي الغالي الَّذي ساندني‬

‫إلى أبنائي األحباب أسال اهلل َّ‬


‫جل وعال أن يوفقهم‬

‫إلى إخوتي األع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـزاء وأبنائهم وأزواجهم‬

‫إلى أقص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانا األسيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر فك اهلل أس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـره‬

‫والى أروح ُّ‬


‫الشهداء األبرار والى األسرى فرج اهلل عنهم‬

‫إلى زمي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالتي في العمل‬

‫إلى جامعتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي الجامـ ـ ـ ـ ـعة االسالميـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة‬

‫والى كلية أصول ِّ‬


‫الدين ومساندتها وخاصة قسم التفسير‬

‫إلى كل من ساعدني في إنجاز هذا العمل المتواضع‬

‫أهدي بحثى هذا‬

‫‌‬
‫ح‬
‫شكر وتقدير‬
‫ش َك َر﴾]القمر‪ ،[53:‬أشكر اهلل َّ‬
‫جل وعال‬ ‫قال تعالى‪﴿:‬نِ ْع َمةً ِمنْ ِع ْن ِدنَا َك َذلِكَ نَ ْج ِزي َمنْ َ‬
‫الدين‪ ،‬وما كان لي من جهد وعمل إ َّال بأمره تعالى‪ ،‬وتوفيقه لي‪،‬‬
‫علي بنعمة العلم و ِّ‬
‫الذي أنعم َّ‬
‫كثير كما ينبغي لجالل وجهه العظيم‪ ،‬صاحب العلم والمقدرة‪ ،‬قال َّ‬
‫عز وجل‪:‬‬ ‫ا‬ ‫فله الحمد حمدا‬
‫ق ُك ِّل ِذي ِع ْل ٍم َعلِيم﴾]يوسف‪.[67:‬‬
‫﴿ َوفَ ْو َ‬

‫تكرمه باإلشراف‬ ‫أتقدم ُّ‬


‫بالشكر والعرفان لمشرفي األستاذ الدكتور‪ :‬زهدي محمد أبو نعمة‪ ،‬على ُّ‬
‫الرسالة‪،‬‬ ‫على رسالتي‪ ،‬وعلى تعاونه معي في اإلرشادات القيمة والتُّوصيات التي أ ُّ‬
‫عتز بها أثناء ِّ‬
‫وخالل إعدادها‪.‬‬

‫كما وأتقدم ُّ‬


‫بالشكر واالمتنان ألستاذي الكريمين عضوي لجنة المناقشة‪:‬‬

‫األستاذ الدكتور‪ :‬زكريَّا إبراهيم الزميلي‪.‬‬

‫الصيفي‪.‬‬
‫والدكتور‪ :‬رمضان يوسف ِّ‬

‫الرسالة‪.‬‬
‫لتفضلهما بقبول مناقشة هذه ِّ‬

‫الصبر على‬ ‫بالشكر ألُسرتي العزيزة‪ ،‬الَّتي رافقتني طول فترة ِّ‬
‫الدراسة بالمساعدة‪ ،‬و َّ‬ ‫كما وأتقدم ُّ‬
‫وقتي خارج البيت‪ ،‬و َّ‬
‫الدعوة لي‪ ،‬فبارك اهلل فيهم زوجي وأوالدي األعزاء‪.‬‬

‫ثم أتقدم ُّ‬


‫بالشكر الجزيل للجامعة اإلسالمية منبر العلم والعلماء‪ ،‬حاضنة المتعلمين والمثقفين‪،‬‬ ‫َّ‬
‫الدين‪ ،‬قسم التَّفسير وعلوم القرآن جزيل ُّ‬
‫الشكر الخاص مني لما قدمته‬ ‫شكر عاما‪ ،‬ولكلية أصول ِّ‬
‫ا‬
‫لنا من المعلومات القيمة والعلوم الوافرة في هذا المجال‪.‬‬

‫وأتقدم ُّ‬
‫بالشكر لكل من ساندني علما‪ ،‬ونصيحة‪ ،‬ومد لي يد العون‪ ،‬كل باسمه ولقبه ومكانته‪...‬‬

‫الباحثة‬

‫إسراء موسى سليمان‬

‫‌‬
‫خ‬
‫فهرس المحتويات‬
‫‌‬

‫إق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرار‪....................................................................................‬أ‬
‫نتيجة الحكم‪ ..............................................................................‬ب‬
‫الرسالة‪ ...........................................................................‬ت‬
‫ملخص ِّ‬
‫‪ .........................................................................ABSTRACT‬ث‬
‫قال تعالى‪ ............................................................................... :‬ج‬
‫إه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداء‪ .............................................................................‬ح‬
‫شكر وتقدير‪ ..............................................................................‬خ‬
‫فهرس المحتويات‪ ..........................................................................‬د‬
‫مقدمة عن الدراسة‪0 ....................................................................... :‬‬
‫اسباب اختيار الموضوع‪7 ..................................................................:‬‬
‫أهداف الدراسة وغاياتها‪7 .................................................................. .‬‬
‫أهمية الدراسة‪7 ............................................................................:‬‬
‫منهجية الدراسة ‪5 ......................................................................... :‬‬
‫ِّ‬
‫الدراسات السابقة‪3 ..........................................................................‬‬
‫المنهجية وطرق البحث‪5 ...................................................................:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬المسجد معناه ونظائره وفضل بنائه وأهم المساجد وفضائلها وأهميتها ‪8 .......‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المسجد معناه ونظائره في اآليات القرآنية‪9 ...................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التَّعريف بالمسجد لغة واصطالحا‪‌9 .................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نظائر المسجد في القرآن الكريم واآليات الدالة عليه ‪‌01 .........................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬فضل بناء المساجد وعمارتها في القرآن الكريم ‪71 ............................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬فضل بناء المساجد‪ ،‬وكيفية عمارتها ‪‌01 ...........................................................‬‬

‫المطلب الثَّاني‪ :‬اآليات َّ‬


‫الدالة على عمارة بيوت اهلل ‪‌02 .............................................................‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬أهم المساجد اإلسالمية فضائلها وأهميتها‪76 .................................‬‬


‫المطلب األول‪ :‬المسجد الحرام فضله وأهميته ‪‌02 ....................................................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬المسجد األقصى فضله وأهميته ‪‌33 ................................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬بناء الفرد والمجتمع في القرآن الكريم ‪27 ....................................‬‬

‫‌د‬
‫المبحث األول‪ :‬بناء الفرد المسلم في القرآن الكريم ‪25 ........................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف بناء الفرد لغة واصطالحا ‪‌23 ...............................................................‬‬

‫المطلب الثَّاني‪ :‬عوامل بناء شخصية المسلم ‪‌22 .....................................................................‬‬

‫المطلب الثَّالث‪ :‬صفات ومميزات الفرد المسلم ‪‌01 ...................................................................‬‬

‫حريِّة الفرد في ضوء القرآن الكريم‪‌02 .............................................................. .‬‬


‫الرابع‪ِّ :‬‬
‫المطلب َّ‬
‫المبحث الثاني‪ :‬بناء المجتمع المسلم في القرآن الكريم ‪59 ....................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف مصطلح بناء المجتمع المسلم في القرآن الكريم ‪‌09 ......................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أسس بناء المجتمع المسلم في القرآن الكريم ‪‌01 ...................................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬خصائص المجتمع المسلم في القرآن الكريم ‪‌03 ..................................................‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬توازن العالقة بين مسؤولية الفرد في نفسه ومسؤوليته في المجتمع ‪72 .......‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مسؤولية الفرد في نفسه ‪‌02 ...........................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مسؤولية الفرد في المجتمع ‪‌09 .......................................................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬العالقة بين مسؤولية الفرد في نفسه وفي مجتمعه ‪‌23 ............................................‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬دور المساجد في بناء الفرد والمجتمع في ضوء القرآن الكريم والسنة‪28 ......‬‬
‫المبحث األول‪ :‬دور المساجد في بناء الفرد في القرآن الكريم والسنة ‪29 ......................‬‬
‫الدور التَّعبدي ( ُّ‬
‫الروحي) للمسجد‪‌67.............................................................. .‬‬ ‫المطلب األول‪َّ :‬‬

‫المطلب الثَّاني‪ :‬دور المسجد في التَّربية اإلسالمية ‪‌33 ..............................................................‬‬

‫المطلب الثَّالث‪ :‬دور المساجد في صناعة ِّ‬


‫الرجال ‪‌93 ...............................................................‬‬

‫المبحث الثَّاني‪ :‬دور المسجد في بناء المجتمع في القرآن الكريم والسنة‪010 ..................‬‬
‫الدعوة والتَّبليغ ‪‌010 ................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬دور المسجد في َّ‬

‫المطلب الثَّاني‪ :‬دور المسجد في نشر العلوم والمعارف ‪‌001 .......................................................‬‬

‫الخاتمة ‪877 ...............................................................................‬‬


‫أوال‪ :‬النتائج ‪877 ...........................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬التوصيات ‪873 .......................................................................‬‬
‫المصادر والمراجع‪876 .....................................................................‬‬
‫الفهارس العامة‪825 ........................................................................‬‬
‫فهرس اآليات‪822 ..........................................................................‬‬

‫‌ذ‬
‫فهرس األحاديث‪833 .......................................................................‬‬
‫فهرس اآلثار ‪837 ..........................................................................‬‬
‫فهرس االعالم‪871 .........................................................................‬‬

‫‌ر‬
‫للدراسة‬
‫اإلطار العام ِّ‬
‫مقدمة عن الدراسة‪:‬‬
‫الرسالة‬
‫رب العالمين‪ ،‬والصَّالة والسَّالم على أفضل المرسلين محمد‪ ،‬حمل ِّ‬ ‫الحم ُد هلل ِّ‬
‫أمة‪ ،‬وال تزيغُ به ُّ‬
‫النفوس‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫تضل معه َّ‬ ‫وأدى األمانة‪ ،‬وتركنا على الطَّريق المستقيم الذي ال‬

‫أما بعد‪:‬‬
‫َّ‬

‫سبِّ ُح لَهُ فِي َها‬ ‫َّللاُ أَنْ ت ُْرفَ َع َويُ ْذ َك َر فِي َها ا ْ‬
‫س ُمهُ يُ َ‬ ‫فيقو ُل اهللُ تعالى في كتابه العزيز‪﴿:‬فِي بُيُو ٍ‬
‫ت أَ ِذنَ َّ‬

‫أن المساجد هي ركيزة اإلسالم‬ ‫يؤمن بها المسلمون؛ َّ‬ ‫اْلصال﴾]النور‪ ،[57:‬فالحقيقة التي ُ‬ ‫بِا ْل ُغد ُِّو َو َ‬
‫الدعوة واالنتصارات‪ ،‬فكانت الَّلبنة األولى الَّتي قام بها رسولنا الكريم‬
‫ودعائمه‪ ،‬ومنطلق َّ‬
‫ثم تاله‬
‫محمد‪ ‬عند هجرته إلى المدينة أن قام ببناء أول مسجد للمسلمين‪ ،‬وسماه مسجد قُباء‪َّ ،‬‬
‫ق أَنْ تَقُو َم فِي ِه فِي ِه‬
‫س َعلَى التَّ ْق َوى ِمنْ أَ َّو ِل يَ ْو ٍم أَ َح ُّ‬
‫س َ‬ ‫المسجد َّ‬
‫النبوي‪ ،‬قال اهلل تعالى‪﴿:‬لَ َم ْ‬
‫س ِجد أُ ِّ‬
‫المسجد النَّ ُّ‬
‫بوي المركز‬ ‫ُ‬ ‫َّللاُ يُ ِح ُّ ُ ا ْل ُمطَّ ِّه ِرينَ ﴾]التوبة‪ ،[811 :‬لقد كان‬
‫ِر َجال يُ ِحبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّ ُروا َو َّ‬

‫ومنبر ُشهد له بالعطاء والعلم‪ ،‬وللتَّأكيد على أهمية هذا‬


‫ا‬ ‫الرسالة اإللهية‬
‫المنطلق لمسيرة َّ‬ ‫َّ‬
‫الدعوي و ُ‬
‫الدعوة من هذا المسجد‬ ‫ثم انطلقت َّ‬ ‫الرسول ‪ ‬ببنائه بيده بمساعدة الصَّحابة ‪َّ ،‬‬ ‫الصَّرح قام َّ‬
‫ويتغنى بإنجازاتها‪ ،‬قال‬ ‫يتكلم عنها ُ‬
‫ُ‬ ‫اإلسالم قوة أصبح التَّار ُ‬
‫يخ‬ ‫ُ‬ ‫شماال وجنوبا وشرقا وغربا‪ ،‬وشهد‬

‫ق لِيُ ْظ ِه َرهُ َعلَى الد ِ‬


‫ِّين ُكلِّ ِه َولَ ْو َك ِرهَ‬ ‫ين ا ْل َح ِّ‬
‫سولَهُ بِا ْل ُهدَى َو ِد ِ‬ ‫اهلل تعالى‪﴿:‬ه َُو الَّ ِذي أَ ْر َ‬
‫س َل َر ُ‬
‫الر ُسول‪ ‬من خالل هذا المسجد دعائم‬ ‫ش ِر ُكونَ ﴾ ]الصف‪ ،[55:‬وفي الوقت نفسه شرع َّ‬
‫ا ْل ُم ْ‬
‫المؤاخاة بين المهاجرين واألنصار‪ ،‬ليسجل أجمل صور األخالق والتَّعاون في التَّاريخ‪ ،‬قال اهلل‬
‫شدَّا ُء َعلَى ا ْل ُكفَّا ِر ُر َح َما ُء بَ ْينَ ُه ْم﴾]الفتح‪.[77:‬‬
‫َّللاِ َوالَّ ِذينَ َم َعهُ أَ ِ‬ ‫تعالى‪ُ ﴿:‬م َح َّمد َر ُ‬
‫سو ُل َّ‬

‫ونظر ألهمية المساجد في حياة المجتمع اإلسالمي؛ جاء هذا البحث ِّ‬
‫ليبين دورها في بناء الفرد‬ ‫ا‬
‫والمجتمع‪ ،‬وقد وسمته‪( :‬المساجد ودورها في بناء الفرد والمجتمع‪ -‬دراسة موضوعية)‪.‬‬

‫‪0‬‬
‫اسباب اختيار الموضوع‪:‬‬
‫‪ .8‬قضاء َّ‬
‫الشباب معظم وقت فراغهم على برامج التِّلفاز‪ ،‬واإلنترنت ببرامجه المختلفة‪ ،‬واللعب‬
‫واللهو غير المجدي ‪.‬‬
‫‪ .7‬أسلوب العولمة التي تغزو مناهج التَّعليم‪ ،‬والتي تهدف إلى تجميد عقل وقلب َّ‬
‫الناشئة عن‬
‫ِّ‬
‫الدين والقرآن والمساجد‪.‬‬
‫‪ .5‬غفلة الوالدين عن أهمية المسجد في تربية أبنائهم وتنشئتهم دينيا‪ ،‬وجسميا وأدبيا ونفسيا‪.‬‬
‫‪ .2‬المساجد من المراكز التَّعليمية المكملة لتنشئة الطفل بعد األسرة والمدرسة‪.‬‬
‫‪ .3‬المخاوف الخاطئة في أن المساجد توجه الفرد عكسيا لما تريده األسرة والمجتمع‪.‬‬
‫الدور الكافي للحكومة اتِّجاه المساجد وما يجب اقامته فيها‪.‬‬
‫‪ .7‬عدم وجود ُّ‬
‫‪ .6‬ولما ذكرته من أهمية لهذا الموضوع‪.‬‬

‫أهداف الدراسة وغاياتها‪.‬‬


‫َّللاِ َمنْ آ َمنَ بِ َّ‬
‫اَّللِ‬ ‫اج َد َّ‬
‫س ِ‬‫‪ .8‬ابتغاء مرضاة اهلل تعالى‪ ،‬وامتثاال ألمره في قوله تعالى‪﴿:‬إِنَّ َما يَ ْع ُم ُر َم َ‬
‫اْلخ ِر﴾]التوبة‪.[81:‬‬
‫َوا ْليَ ْو ِم ِ‬
‫‪ .7‬إبراز دور المساجد في بناء الفرد والمجتمع‪.‬‬
‫س ْب َع ٌة ُي ِظلُّ ُه ُم اللَّ ُه ِفي ِظلِّ ِه‪َ ،‬ي ْوَم الَ‬ ‫‪ .5‬ترسيخ محبة المساجد في قلوب َّ‬
‫الناس امتثاال لقوله‪َ (:‬‬
‫اج ِد)(‪.)1‬‬‫س ِ‬‫الم َ‬
‫اد ِة رِّب ِه‪ ،‬ورج ٌل َق ْلب ُه معلَّ ٌ ِ‬
‫ق في َ‬ ‫شأَ في ع َب َ َ َ َ ُ ُ ُ َ‬
‫اب َن َ ِ ِ‬ ‫الع ِاد ُل‪َ ،‬و َ‬
‫ش ٌّ‬ ‫ام َ‬ ‫ِ َّ َِّ ِ ُّ ِ‬
‫ظل إال ظل ُه‪ :‬اإل َم ُ‬
‫ودنياه وآخرته‪.‬‬
‫‪ .2‬استثمار الوقت بما يفيد الفرد في دينه ُ‬
‫‪ .3‬إنارة بصيرة الوالدين لما للمسجد من دور في تربية َّ‬
‫الناشئة وغيرهم‪.‬‬
‫‪ .7‬التَّأكيد على إبراز دور المساجد من خالل المؤسسات التَّعليمية والمنهاج‪.‬‬
‫‪ .6‬إبراز وظائف المساجد المتنوعة‪.‬‬
‫‪ .1‬بيان ٌّ‬
‫الدور المطلوب من الحكومات تجاه المساجد وعمارها‪.‬‬

‫أهمية الدراسة‪:‬‬
‫‪ .8‬يحيي دور المساجد وأهميتها ‪.‬‬
‫‪ .7‬يتناول موضوعا مهما ورئيسيا يهم األفراد والمجتمعات‪.‬‬
‫‪ .5‬تبرز أهمية الموضوع في كيفية استثمار وقت اإلنسان بما يفيده‪.‬‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬الصالة‪ /‬من جلس في المسجد ينتظر الصالة وفضل‪:855/8،‬رقم الحديث ‪.771‬‬

‫‪0‬‬
‫‪ .2‬بيان دور المساجد في تحصين المجتمعات من أوبئة الفساد واالنحرافات‪.‬‬
‫‪ .3‬يربط العالقة بين المساجد والمؤسسات التَّعليمية‪.‬‬
‫الرسالة‪ ،‬والجهاد في سبيل‬
‫‪ .7‬بيان دور المساجد في تخريج جيل قادر على قيادة األُ َّمة‪ ،‬وحمل َّ‬
‫اهلل‪.‬‬

‫الدراسات السابقة‬
‫ِّ‬
‫‪ .8‬دراسة (المشعوف‪7116 ،‬م)‪ ،‬دور المسجد في الوقاية من االنحراف‪ ،‬رسالة ماجستير غير‬
‫منشورة‪.‬‬
‫الدور التَّعبدي والتَّوجيهي والتَّعليمي للمسجد في الوقاية من االنحراف‬
‫الدراسة‪ :‬إلى إبراز َّ‬
‫هدفت ِّ‬
‫وأهم الحلول المقترحة التي من شأنها تفعيل دور المسجد في الوقاية من االنحراف‪.‬‬
‫اتبعت الدراسة المنهج الوصفي التَّحليلي الذي يعتمد على دراسة الظَّاهرة كما توجد في الواقع‪،‬‬
‫ووصفها وصفا دقيقا‪ ،‬والتَّعبير عنها كيفيا وكميا‪.‬‬

‫الدور التَّعبدي للمسجد في الوقاية من االنحرافات في المرتبة األولى‬


‫الدراسة‪ :‬إلى أن َّ‬
‫توصلت ِّ‬
‫الدور التَّوجيهي للمسجد بدرجة كبيرة‬
‫من حيث درجة الموافقة على أهميته بمعدل جيد جدا‪ ،‬ويليه َّ‬
‫الدور التَّعليمي للمسجد جاء ثالثا بأهمية كبيرة أيضا‪.‬‬
‫ثم َّ‬
‫جدا‪َّ ،‬‬

‫السحر‬ ‫الدراسة‪ :‬بضرورة االهتمام بتصحيح العبادة ومحاربة مظاهر الخلل من ِّ‬
‫الشرك و ِّ‬ ‫أوصت َّ‬
‫والبدعة‪ ،‬إضافة إلى ضرورة إشراك المساجد في العالقات االجتماعية بين َّ‬
‫الناس بعضهم‬
‫ببعض‪ ،‬ودوره البارز في حل المشاكل األسرية‪ ،‬كما أوصى الباحث بضرورة قيام المسجد بدوره‬
‫في حلقات تحفيظ القرآن في جميع المستويات؛ األطفال و َّ‬
‫الشباب والكبار‪ ،‬بهدف إرشاد َّ‬
‫الناس‬
‫إلى التَّمسك بكتاب اهلل سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫السياسي‪ ،‬بحث َّ‬


‫محكم‪.‬‬ ‫‪ .7‬دراسة (محمد‪7185 ،‬م)‪ ،‬دور المسجد في تحقيق االندماج َّ‬
‫السياسي عبر التَّاريخ اإلسالمي في تحقيق الوحدة والتَّمسك‬
‫هدف الدراسة‪ :‬معرفة دور المسجد ِّ‬
‫السياسي بين افراد المجتمع‪.‬‬
‫بين المسلمين كافة‪ ،‬وتحقيق االندماج ِّ‬
‫اتَّبعت ال ِّدراسة‪ :‬المنهج الوصفي التَّحليلي للوصول إلى تحقيق اهدافه‪.‬‬

‫توصلت ال ِّدراسة‪ :‬إلى أن المسجد َّ‬


‫النواة الرئيسية للمدن العراقية‪ ،‬حيث تعددت الوظائف التي‬
‫يقدمها المسجد لسكان المدن‪ ،‬فهو المركز ِّ‬
‫الديني والمكان المالئم الجتماع سكان المدينة‪ ،‬كما‬

‫‪3‬‬
‫إَّنه مركز اتصال بين افراد الجماعات‪ ،‬بهدف جذب أفراد الجماعة اإلسالمية وتثبيت عقائدهم‬
‫وتوسيع نطاق ِّ‬
‫الدين واالسالم‪.‬‬

‫السياسي عن طريق‬
‫بارز في عملية االندماج ِّ‬
‫دور ا‬‫أوصت ال ِّدراسة‪ :‬األئمة والخطباء بممارسة ا‬
‫السياسية وارساء ثقافة الحور والتَّسامح بين أفراد المجتمع لغرض نبذ الفرقة والعنف في‬ ‫َّ‬
‫النشأة ِّ‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫الصالحة وبناء الفرد المسلم‬


‫‪ .5‬دراسة (الماجد‪7117 ،‬م)‪ ،‬الوصايا القرآنية في ضوابط األُ َّمة‪َّ ،‬‬
‫كما صورتها سورة االسراء من اآلية ‪ ،57-77‬بحث َّ‬
‫محكم‪.‬‬

‫الصالحة من خالل بناء الفرد المسلم‪،‬‬


‫القرنية في تكوين األُ َّمة َّ‬ ‫هدفت ِّ‬
‫الدراسة‪ :‬إلى بيان الوصايا آ‬
‫ثم طاعة الوالدين‪ ،‬وصلة األرحام وترك قطيعتها‪ ،‬و َّ‬
‫النهي عن البخل‬ ‫ومن خالل عبادة اهلل تعالى َّ‬
‫حرم اهلل قتلها َّإال بالحق‪.‬‬ ‫والتَّبذير‪ ،‬وتحريم قتل َّ‬
‫النفس التي َّ‬

‫اتبعت ِّ‬
‫الدراسة‪ :‬المنهج الوصفي في الوصول إلى أهدافها‪.‬‬

‫توصلت ِّ‬
‫الدراسة‪ :‬إلى أ َّن َّ‬
‫السعادة تتحقق للُ َّمة في حالة التزامها بمنهج ربها ووصاياه‪ ،‬ومن‬
‫ظاهر وباطنا‪ ،‬واإلحسان للوالدين وعدم إيذائهما و ُّ‬
‫الدعاء لهما بالخير‪ ،‬ثم‬ ‫ا‬ ‫إفراده تعالى بالعبادة‬
‫صلة األرحام‪ ،‬والتَّرغيب في َّ‬
‫السخاء وادخال الفرحة للفقراء بالقول الحسن‪.‬‬
‫أوصت ِّ‬
‫الدراسة‪ :‬إلى ضرورة االلتزام بهذه الوصايا اإللهية من سورة اإلسراء‪.‬‬

‫السابقة‬
‫الدراسات َّ‬
‫نتائج تحليل ِّ‬
‫‪ )8‬أوجه التَّشابه‪ :‬اتَّفقت دراستي مع دراسة(الماجد‪ )7117 ،‬إلى أهمية بناء الفرد المسلم من‬
‫السليم‪ ،‬كما اتَّفقت دراستي مع‬
‫َّ‬ ‫خالل التَّوجه ِّ‬
‫الديني وعالقته ببناء المجتمع‬
‫الروحية والتَّعليمية‪ ،‬وعالقة‬
‫دراسة(المشعوف‪ )7116 ،‬إلى أهمية دور المساجد في التَّوعية ُّ‬
‫المساجد مع المؤسسات االجتماعية األخرى كاألُسرة‪ ،‬واتفقت دراستي مع دراسة‬
‫(محمد‪ )7185،‬إلى أهمية دور المساجد في توعية الفرد في مقومات الُّنهوض باأل َّمة‬
‫الصفوف في مشهد المرحلة القادمة‪.‬‬
‫اإلسالمية من خالل منابر المساجد والوعَّاظ‪ ،‬وتوحيد ُّ‬
‫‪ )7‬أوجه االختالف‪ :‬أول دراسة جمعت بين دور المسجد وبناء الفرد والمجتمع بكافة جوانبه‪،‬‬
‫وأول دراسة تتحدث عن نظائر المسجد لفظيا ومعنويا على حد علم الباحثة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الرحال‬ ‫الدراسة بإبراز دور المساجد من خالل ذكر أهم المساجد التي ُّ‬
‫تشد لها ِّ‬ ‫كما قامت ِّ‬
‫ت أهميتها دينيا ومكانتها في قلوب َّ‬
‫الناس‪.‬‬ ‫ودورها في العبادة وطلب العلم‪ ،‬وبين ُ‬
‫وقد تميزت الباحثة في بحثها في توسعة لمفهوم المسجد‪ ،‬ودوره الحقيقي في بناء الفرد‬
‫الدينية والعلمية الالزمة ل ُّلنهوض بهذا َّ‬
‫الدور‪.‬‬ ‫والمجتمع والوسائل ِّ‬

‫منهجية الدراسة ‪:‬‬


‫ثم الوصفي في‬
‫اعتمدت الباحثة في هذا البحث على المنهج االستقرائي في جمع المادة العلمية‪َّ ،‬‬
‫عرضها وتوزيعها على الفصول والمباحث على حسب الموضوع‪.‬‬

‫المنهجية وطرق البحث‪:‬‬


‫‪ .8‬جمع اآليات القرآنية التي تتناول مصطلح المسجد ومشتقاته ونظائره‪.‬‬
‫الرسالة ومباحثها ومطالبها‪.‬‬
‫‪ .7‬توزيع اآليات على فصول ِّ‬
‫‪ .5‬وضع العناوين المناسبة للمباحث والمطالب حسب متطلبات البحث‪.‬‬
‫الرسالة من كتب التفسير األصلية والمعاصرة بالمأثور‬
‫‪ .2‬الوقوف على تفسير آيات موضوع َّ‬
‫والرأي الجائز‪.‬‬
‫‪ .3‬بيان معاني المفردات اللغوية من مصادرها األساسية‪.‬‬
‫‪ .7‬توثيق المادة العلمية في البحث كما يلي‪:‬‬
‫السورة ورقم اآلية في المتن‪.‬‬
‫عزو اآليات إلى موضع وجودها في القرآن الكريم بذكر اسم ُّ‬
‫أ ‪‌ -‬‬
‫تخريج األحاديث َّ‬
‫النبوية من مصادرها‪ ،‬بذكر المصدر‪ ،‬والجزء والصَّفحة ورقم الحديث‪،‬‬ ‫ب ‪‌ -‬‬
‫الصحيحين‪ ،‬فإن وردت في الصِّحيحين اكتفيت‬
‫وذكر حكم العلماء عليه إن لم يرد في َّ‬
‫بذكرها‪.‬‬
‫ت ‪ -‬ال‌تَّعريف باألعالم والبلدان الوارد ذكرها في البحث بصورة مختصرة ‪.‬‬
‫‪ .6‬الوقوف على اللَّطائف والعبر واستنباط األحكام التي تفيد البحث‪.‬‬
‫‪ .1‬مراعاة األمانة العلمية في النَّقل والتَّوثيق‪ ،‬وذكر المصادر والمراجع في الحاشية‪.‬‬
‫‪ .7‬إعداد الفهارس الالزمة لآليات القرآنية‪ ،‬واألحاديث َّ‬
‫الشريفة‪ ،‬واألعالم والمصادر والمراجع‬
‫والموضوعات‪.‬‬

‫‪0‬‬
‫خطة البحث‬
‫يتكون البحث من ثالثة فصول‪ ،‬على النحو التَّالي‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬المسجد معناه ونظائره وفضل بنائه وأهم المساجد وفضائلها وأهميتها‬
‫وفيه ثالثة مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المسجد معناه ونظائره في اآليات القرآنية‪.‬‬
‫وفيه مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التَّعريف بالمسجد لغة واصطالحا ‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نظائر المسجد في القرآن الكريم واآليات َّ‬
‫الدالة عليه‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬فضل بناء المساجد وعمارتها في القرآن الكريم‪.‬‬
‫وفيه مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬فضل بناء المساجد‪ ،‬وكيفية عمارتها‪.‬‬
‫المطلب الثَّاني‪ :‬اآليات َّ‬
‫الدالة على عمارة بيوت اهلل‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أهم المساجد اإلسالمية فضائلها وأهميتها‪.‬‬
‫وفيه ثالثة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المسجد الحرام فضله وأهميته‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪:‬المسجد َّ‬
‫النبوي فضله وأهميته‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المسجد األقصى فضله وأهميته‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬بناء الفرد والمجتمع في القرآن الكريم‪.‬‬
‫وفيه مبحثان‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬بناء الفرد المسلم في القرآن الكريم‪.‬‬
‫وفيه أربعة مطالب‪:‬‬
‫المطلب االول‪ :‬تعريف بناء الفرد المسلم لغة واصطالحا‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬عوامل بناء شخصية المسلم‪.‬‬
‫المطلب الثَّالث‪ :‬صفات ومميزات الفرد المسلم‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬حرية الفرد في ضوء القرآن الكريم‪.‬‬
‫المطلب َّ‬
‫المبحث الثاني‪ :‬بناء المجتمع المسلم في القرآن الكريم‪.‬‬
‫وفيه ثالثة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف مصطلح بناء المجتمع المسلم في القرآن الكريم‪.‬‬

‫‪0‬‬
‫المسلم في القرآن الكريم‪.‬‬
‫ُسس بناء المجتمع ُ‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أ ُ‬
‫المسلم في القرآن الكريم‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬خصائص المجتمع ُ‬
‫المبحث الثالث‪ :‬توازن العالقة بين مسؤولية الفرد في نفسه ومسؤوليته في المجتمع‪.‬‬
‫وفيه ثالثة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مسؤولية الفرد في نفسه‪.‬‬
‫الطلب الثاني‪ :‬مسؤولية الفرد في المجتمع‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬العالقة بين الفرد في نفسه ومسؤوليته في مجتمعه‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬دور المسجد في بناء الفرد والمجتمع في ضوء القرآن الكريم‪.‬‬
‫وفيه مبحثان‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬دور المسجد في بناء الفرد في القرآن الكريم ‪.‬‬
‫وفيه ثالثة مطالب‪:‬‬
‫الروحي) للمسجد‪.‬‬ ‫الدور التَّعبدي( ُّ‬
‫المطلب األول‪َّ :‬‬
‫المطلب الثَّاني‪ :‬دور المسجد في التَّربية اإلسالمية‪.‬‬
‫الرجال‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬دور المسجد في صناعة ِّ‬
‫المبحث الثاني‪ :‬دور المسجد في بناء المجتمع في القرآن الكريم‪.‬‬
‫وفيه مطلبان‪:‬‬
‫الدعوة والتَّبليغ‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬دور المسجد في َّ‬
‫المطلب الثاني‪ :‬دور المسجد في نشر العلوم والمعارف‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬الخاتمة‬
‫أوال‪َّ :‬‬
‫النتائج‬
‫ثانيا‪ :‬التَّوصيات‪.‬‬
‫المصادر والمراجع‬

‫‪2‬‬
‫الفصل األول‬

‫المسجد معناه ونظائره وفضل بنائه وأهم‬


‫المساجد وفضائلها وأهميتها‬

‫‪3‬‬
‫المبحث األول‬

‫المسجد معناه ونظائره في اآليات القرآنية‬

‫اصطالحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫المطلب األول‪ :‬المسجد لغ ًة و‬
‫أوالً‪ :‬المسجد لغة‬
‫مصدر‪ ،‬مثل دخل مدخال‪ ،‬وهذا‬
‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫مكان أو‬ ‫اسم‬
‫المسجد‪" :‬من باب المفعل‪ ،‬بفتح العين‪ُ ،‬‬
‫مدخلُهُ‪َّ ،‬إال أحرفا من األسماء‪ ،‬كمسجد ومطلع ومشرق ومفرق‪...‬فإنهم ألزموها كسر العين‬
‫وجعلوا الكسر عالمة االسم"(‪.)1‬‬
‫وقيل‪ :‬موضع الصَّالة باعتبار السَّجود‪ ،‬وهو أخفض محطِّ القائم‪ ،‬بمعنى انحنى وتذلَّل‪ ،‬وجعل‬
‫ذلك عبارة عن التَّذلل هلل وعبادته‪ ،‬وهو سجود باختيار اإلنسان يستحق عليه الثَّواب‪ ،‬قال‬
‫س ُجدُوا ِ ََّّللِ َوا ْعبُدُوا ﴾]النجم‪ ، [77:‬وهو عام لإلنسان والحيوان و َّ‬
‫النبات‪ ،‬كقوله سبحانه‬ ‫تعالى‪﴿:‬فَا ْ‬
‫صال﴾‬ ‫ت َو ْاْلَ ْر ِ‬
‫ض طَ ْوعًا َو َك ْرهًا َو ِظ َاللُ ُه ْم بِا ْل ُغد ُِّو َو ْاْل َ‬ ‫س َم َوا ِ‬ ‫تعالى‪َ ﴿:‬و ِ ََّّللِ يَ ْ‬
‫س ُج ُد َمنْ فِي ال َّ‬
‫ين‬ ‫َي ٍء يَتَفَيَّأ ُ ِظ َاللُهُ ع ِ‬
‫َن ا ْليَ ِم ِ‬ ‫ق َّ‬
‫َّللاُ ِمنْ ش ْ‬ ‫]الرعد‪ ،[83:‬وقوله تعالى‪﴿:‬أَ َولَ ْم يَ َر ْوا إِلَى َما َخلَ َ‬
‫بالركن المعروف‬ ‫َاخ ُرونَ ﴾]النحل‪ ، [21:‬وخص السُّجود في َّ‬
‫الشريعة ُّ‬ ‫س َّجدًا ِ ََّّللِ َو ُه ْم د ِ‬
‫ش َمائِ ِل ُ‬
‫َوال َّ‬
‫من الصَّالة‪ ،‬وهو اسم جامع حيث ُيسجد عليه(‪.)2‬‬
‫وقيل‪ ":‬المسجد‪ ،‬مأخوذ من الفعل سجد‪ :‬بمعنى؛ طأطأ رأسه وانحنى‪ ،‬واإلسجاد إدام َّ‬
‫النظر في‬
‫ٍ‬
‫أجفان‪ ،‬بمعنى الخضوع"(‪.)3‬‬ ‫أمراض‬

‫اصطالحا‬
‫ً‬ ‫ثانياً‪ :‬تعريف المسجد‬
‫كثير في تعريف المسجد تعريفا اصطالحيا‪ ،‬وجميع التَّعريفات‬
‫لم تختلف عبا ارت العلماء ا‬
‫الَّتي ذكرتها بنفس المعنى مع زيادات شارحة في بعضها‪.‬‬

‫(‪ )1‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬الحسيني‪ ،‬تحقيق‪ :‬مجموعة من المحققين‪ ،‬ج ‪.862/1‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬التَّوقيف على مهمات التَّعاريف‪ ،‬المناوي‪ ،‬ج‪ ،513/8‬المفردات في غريب القرآن‪ ،‬األصفهاني‪،‬‬
‫ج‪.576/8‬‬
‫(‪ )3‬القاموس المحيط‪ ،‬الفيروز آبادي‪ ،‬تحقيق‪ :‬مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة‪ ،‬ج‪.716/8‬‬

‫‪9‬‬
‫ويتعبد فيه‬ ‫الناس فيه كجماعات‪ ،‬أو البيت الذي ُيسجد ُ‬ ‫فقيل‪" :‬المسجد اسم مكان ُيصلَّي َّ‬
‫للصَّالة‪ ،‬فكل موضع ُيتعبد فيه فهو مسجد"(‪.)1‬‬
‫الركبتين‬ ‫وقيل‪ :‬هو موضع السَّجود من بدن اإلنسان الذي يسجد عليه كالجبهة واألنف‪ ،‬واليدين و ُّ‬
‫الرجلين ونحو ذلك فال تعبدوا بما هلل من مواضع السُّجود غير اهلل(‪ ،)2‬قال تعالى‪َ ﴿:‬وأَنَّ‬ ‫و ِّ‬
‫س ْب َع ِة أ ْ‬
‫َعظٍُم‬ ‫َعلَى َ‬ ‫َس ُج َد‬
‫َن أ ْ‬ ‫ت أْ‬ ‫َّللاِ أَ َحدًا﴾]الجن‪ ،[81:‬وقال‪(:‬أ ِ‬
‫ُم ْر ُ‬ ‫تَ ْدعُوا َم َع َّ‬ ‫اج َد ِ ََّّللِ فَ َال‬
‫س ِ‬‫ا ْل َم َ‬
‫ت الثَِّي َ‬
‫اب‪َ ،‬وَال‬ ‫َن ْك ِف َ‬ ‫الر ْجلَ ْي ِن‪ ،‬وأَ ْطر ِ‬
‫اف ا ْلقَ َد َم ْي ِن‪َ ،‬وَال‬ ‫َ َ‬ ‫ِب َي ِد ِه َعلَى أَ ْن ِف ِه َوا ْل َي َد ْي ِن‪َ ،‬و ِّ‬ ‫ش َار‬‫ا ْل َج ْب َه ِة‪َ ،‬وأَ َ‬
‫الش ْع َر)(‪.)3‬‬‫َّ‬
‫وقيل المسجد‪ ":‬اسم للبنية المتخذة في اإلسالم للصَّالة‪ ،‬ومثله الكنائس لليهود‪ ،‬والبيع‬
‫صلَ َوات‬ ‫ض لَ ُه ِّد َمتْ َ‬
‫ص َوا ِم ُع َوبِيَع َو َ‬ ‫ض ُه ْم بِبَ ْع ٍ‬ ‫َّللاِ النَّ َ‬
‫اس بَ ْع َ‬ ‫َّ‬
‫للنصارى"(‪ ،)4‬قال تعالى‪َ ﴿:‬ولَ ْو ََّل َد ْف ُع َّ‬
‫َّللاِ َكثِي ًرا﴾] الحج‪.[21:‬‬ ‫اج ُد يُ ْذ َك ُر فِي َها ا ْ‬
‫س ُم َّ‬ ‫س ِ‬‫َو َم َ‬
‫وج ِعلَ ْت لِي األ َْر ُ‬
‫ض‬ ‫الرسول‪ ‬قال‪ُ ...(:‬‬
‫وذكر البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد اهلل عن َّ‬
‫س ِج ًدا َوطَ ُه ًا‬
‫ور )(‪.)5‬‬ ‫َم ْ‬
‫ومن التَّعريفات السَّابقة؛ يمكن أن تعرف الباحثة المسجد اصطالحا‪َّ :‬‬
‫بأنه المكان الذي يسجد فيه‬
‫طوعا على مواضع مخصوصة من بدن اإلنسان‪ ،‬ويتَّخذ للصَّالة والعبادة وذكر اهلل‪،‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نظائر المسجد في القرآن الكريم واآليات الدالة عليه‬


‫من السَّنن التي نجدها في التَّاريخ البشري منذ خلق آدم عليه السَّالم؛ َّأنه سبحانه وتعالى‬
‫َّ‬
‫وسخر معهم األنبياء‬ ‫سخر العلم و َّ‬
‫الدعوة إلى اهلل‪ ،‬سواء أكان ذلك في الماضي أم الحاضر‪،‬‬ ‫َّ‬
‫الدعاة‪ ،‬وهذه هي الهداية المطلقة‪ ،‬والسُّنة َّ‬
‫الدائمة التي أشار إليها القرآن الكريم في‬ ‫والصَّالحين و ُّ‬
‫سنَ ِة﴾]النحل‪.[873:‬‬
‫يل َربِّكَ بِا ْل ِح ْك َم ِة َوا ْل َم ْو ِعظَ ِة ا ْل َح َ‬ ‫قوله تعالى‪﴿:‬ا ْد ُع إِلَى َ‬
‫سب ِ ِ‬

‫(‪ )1‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬الحسيني‪ ،‬تحقيق‪ :‬مجموعة من المحققين ‪ ،‬ج‪.862/1‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تهذيب اللغة‪ ،‬األزهري‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عوض مرعب ج‪ ،518/81‬لطائف اإلشارات‪ ،‬القشيري‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬إبراهيم البسيوني‪ ،‬ج‪.757/5‬‬
‫الشعر والثَّوب وعقص َّأ‬
‫الرس في الصَّالة‪،‬‬ ‫ف َّ‬‫النهي عن ك ِّ‬
‫(‪ )3‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬الصَّالة‪/‬أعضاء السُّجود‪ ،‬و َّ‬
‫‪ :532/8‬رقم الحديث‪.271‬‬
‫الراضي‪،‬‬ ‫النواظر في علم الوجوه و َّ‬
‫النظائر‪ ،‬ابن الجوزي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد الكريم كاظم َّ‬ ‫(‪ )4‬نزهة األعين َّ‬
‫ج‪.376/8‬‬
‫وطهور‪ ،‬ص‪ :37‬رقم الحديث‬
‫ا‬ ‫(‪ )5‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬الصالة‪/‬قول النبي‪ ‬جعلت لي األرض مسجدا‬
‫‪.251‬‬

‫‪01‬‬
‫الدعاة لها‪ ،‬واألماكن التي ُيبلَّغ‬
‫الدعوة والتَّبليغ اإللهي‪ ،‬ال يكون على األُمة إال بعد أن يسَّر ُّ‬
‫و َّ‬

‫سبِّ ُح لَهُ‬ ‫َّللاُ أَنْ ت ُْرفَ َع َويُ ْذ َك َر فِي َها ا ْ‬


‫س ُمهُ يُ َ‬ ‫فيها‪ ،‬وهذا ما قال اهلل تعالى في كتابه‪﴿:‬فِي بُيُو ٍ‬
‫ت أَ ِذنَ َّ‬

‫ال﴾]النور‪.[57:‬‬
‫ص ِ‬‫فِي َها بِا ْل ُغد ُِّو َو ْاْل َ‬
‫ويتقربون إليه ٌّ‬
‫بالدعاء‬ ‫َّ‬ ‫وكان من سمة األنبياء أَّنهم يتعبدون في أماكن مغلقة يذكرون اهلل فيها‪،‬‬
‫ب﴾]آل عمران‪،[57:‬‬ ‫واالستغفار‪ ،‬قال اهلل تعالى‪﴿:‬فَنَا َد ْتهُ ا ْل َم َالئِ َكةُ َوه َُو قَائِم يُ َ‬
‫صلِّي فِي ا ْل ِم ْح َرا ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الر ْؤَيا‬ ‫سو ُل اللَّه ‪ ‬م َن َ‬
‫الو ْح ِي ُّ‬ ‫المؤمنين‪ ‬أَّنها قالت‪(:‬أ ََّو ُل َما ُبدئَ ِبه َر ُ‬ ‫وعن عائشة أ ُِّم ُ‬
‫ان‬ ‫ب إِلَ ْي ِه َ‬
‫الخالَ ُء‪َ ،‬و َك َ‬ ‫الص ْب ِح‪ ،‬ثُ َّم ُح ِّب َ‬
‫ق ُّ‬ ‫اء ْت ِمثْ َل َفلَ ِ‬
‫ان الَ َي َرى ُر ْؤَيا إَِّال َج َ‬
‫الن ْوِم‪ ،‬فَ َك َ‬ ‫الصالِ َح ُة ِفي َّ‬
‫َّ‬
‫ث ِف ِ‬‫اء فَ َيتَ َح َّن ُ‬‫ار ِحر ٍ‬
‫يه)(‪.)1‬‬ ‫َي ْخلُو ِب َغ ِ َ‬
‫والَّذي سيتضح في هذا المبحث تلك األلفاظ التي تحمل معنى المسجد‪ ،‬والتي تستعمل للعبادة‬
‫و َّ‬
‫الدعوة اإللهية‪.‬‬
‫ومن أهم نظائر المسجد في القرآن واآليات َّ‬
‫الدالة عليه ما يلي‪:‬‬
‫النظائر اللَّفظية‪:‬‬
‫أوالً‪َّ :‬‬
‫من خالل البحث في آيات القرآن الكريم والَّتي تذكر مكان العبادة و َّ‬
‫الدعوة‪ ،‬نجد ألفاظا‬
‫تحدثت عن موضع المسجد بشكل مباشر وهي‪:‬‬
‫‪ )0‬المحراب‪:‬‬
‫ويطلق على الغرفة الَّتي ُيصَّلى إليها"(‪.)2‬‬ ‫أ‪‌ .‬المحراب لغ ًة‪َّ " :‬‬
‫بأنه اسم من الحرب‪ُ ،‬‬
‫اصطالحا‪ :‬يطلق "على مجلس األشراف الذي يحارب دونه دأبا عن أهله‪ ،‬ويسمى‬‫ً‬ ‫ب‪‌ .‬المحراب‬
‫محل العبادة محرابا لما أن العابد كالمحارب َّ‬
‫للشيطان فيه"(‪.)3‬‬
‫وقيل المحراب‪ :‬هو البناء المرتفع الممتنع‪ ،‬وفيه يسمى المحراب في المسجد‪ ،‬فالمحراب سيد‬
‫(‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫المجالس ومقدمها وأشرفها‪ ،‬وقيل المحراب هو المسجد ذاته‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬بدء الوحي‪ :6/8 ،‬رقم الحديث ‪.5‬‬
‫(‪ )2‬المنجد في اللغة‪ ،‬اآلزدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬دكتور أحمد مختار عمر‪ ،‬دكتور ضاحي عبد الباقي‪ ،‬ج‪.577/8‬‬
‫السبع المثاني‪ ،‬األلوسي‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي عبد الباري عطية‪،‬‬
‫(‪ )3‬روح المعاني في تفسير الكتاب العزيز و َّ‬
‫ج‪.578/1‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬أحكام القرآن‪ ،‬ابن العربي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد القادر عطا‪ ،‬ج ‪ ،33/2‬مجاز القرآن‪ ،‬البصري‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬محمد فواد سزگي‪ ،‬ج‪ ،78/8‬غريب القرآن‪ ،‬ابن قتيبة‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد صقر‪ ،‬ج ‪.812/8‬‬

‫‪00‬‬
‫أن المحراب يعني‪ :‬المسجد ومقدمته في عصرنا‪ ،‬وهو مكان العبادة‬ ‫وترى الباحثة َّ‬
‫و ِّ‬
‫الذكر‪ ،‬ومحاربة َّ‬
‫الشيطان‪ ،‬وهذا يتحقق عندما يقف اإلنسان بين يدي ربِّه خمس مرات‬
‫للصَّالة‪ ،‬وعندما يجلس في المسجد َّ‬
‫للذكر وقراءة القرآن‪.‬‬
‫ومن ذلك تبيَّن َّ‬
‫أن لفظ المحراب تدل على معنى المسجد من حيث أداء الصَّالة والعبادة‬
‫والتَّعبد‪ ،‬وكان األنبياء يتخذوه مكانا يتقربون به من اهلل‪.‬‬
‫ت‪‌ .‬اآليات َّ‬
‫الدالة على المحراب‪:‬‬
‫هناك جملة من اآليات التي تتحدث عن المحراب كمكان عبادة وذكر‪ ،‬و َّأنها كانت تتخذ‬
‫مركز للعبادة‪ ،‬والقضاء‪ ،‬والتَّضرع إلى اهلل‪ ،‬نذكر بعضها مع نبذة شارحة عنها‪:‬‬ ‫ا‬
‫اب َو َج َد ِع ْن َدهَا ِر ْزقًا﴾]آل عمران‪ ،[56:‬عندما‬
‫قال تعالى‪ُ ﴿:‬كل َّ َما د ََخ َل َعلَ ْي َها زَ َك ِريَّا ا ْل ِم ْح َر َ‬
‫‪‬‬

‫جعل اهلل زكريا كافال لمريم بنى لها محرابا في البيت َّ‬
‫المقدس‪ ،‬أي غرفة يصعد إليها بسلم‬
‫َّ‬
‫وكأنما وضعت في أشرف موضع منه‪ ،‬فكانت‬ ‫ِّ‬
‫ومقدمها‪،‬‬ ‫فالمحراب أشرف المجالس‬
‫(‪)1‬‬
‫مساجدهم تسمى المحاريب‪.‬‬
‫ب﴾]آل عمران‪ ،[57:‬وهو قائم‬ ‫‪ ‬وقوله تعالى‪﴿:‬فَنَا َد ْتهُ ا ْل َم َالئِ َكةُ َوه َُو قَائِم يُ َ‬
‫صلِّي فِي ا ْل ِم ْح َرا ِ‬
‫يصلي في المحراب جملة حالية للفعل فنادته أو في قراءة فناداه(‪ ،)2‬أي حال كونه قائما‬
‫يصلي في المحراب‪ ،‬والمحراب في هذا الموضع موقف اإلمام من المسجد‪ ،‬قال البقاعي‪:‬‬
‫"هو موضع محاربة العابد ِّ‬
‫للشيطان وهو أشرف األماكن لذلك‪ ،‬وفيه إشعار لسرعة إجابته‬
‫ولزوم معتكفه وقنوته في قيامه"(‪.)3‬‬ ‫ُ‬
‫َشيًا﴾‬ ‫‪ ‬وقال تعالى‪﴿:‬فَ َخ َر َج َعلَى قَ ْو ِم ِه ِمنَ ا ْل ِم ْح َرا ِ‬
‫ب فَأ َ ْو َحى إِلَ ْي ِه ْم أَنْ َ‬
‫سبِّ ُحوا بُ ْك َرةً َوع ِ‬
‫]مريم‪ ،[88:‬فخرج زكريا على قومه من مصاله حين ُحبس لس ُانه عن كالم َّ‬
‫الناس‪،‬‬
‫والمحراب أرفع المواضع والمباني‪ ،‬إذ هي تحارب من ناوئها‪ ،‬وخص بهذا االسم مبنى‬
‫الصَّالة(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الكشاف‪ ،‬الزمخشري‪ ،‬ج ‪.537/8‬‬


‫(‪ )2‬ق أر حمزة والكسائي باأللف على أن المنادي هاهنا جبريل عليه السالم‪ ،‬وق أر الباقون بالتَّاء على أنه جماعة‬
‫المالئكة‪ ،‬انظر‪ :‬ابن خالويه‪ ،‬الحجة في القراءات السبع‪ ،‬ج ‪.811/8‬‬
‫(‪ )3‬هو إب ارهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي‪ ،‬انظر‪ :‬األعالم‪ ،‬الزركلي‪ ،‬ج‪،37/8‬‬
‫وكتابه‪ /‬نظم الدرر في تناسب اآليات والسور‪ ،‬ج‪.573/2‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬ج‪ ،835/81‬المحرر الوجيز في‬
‫تفسير الكتاب العزيز‪ ،‬ابن عطية‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السالم عبد الشافي‪ ،‬ج‪.6/2‬‬

‫‪00‬‬
‫اب﴾]ص‪ ،[78:‬المحراب هنا؛‬ ‫‪ ‬وقوله تعالى‪َ ﴿:‬و َه ْل أَتَاكَ نَبَأ ُ ا ْل َخ ْ‬
‫ص ِم إِ ْذ تَ َ‬
‫س َّو ُروا ا ْل ِم ْح َر َ‬
‫الموضع األرفع من القصر أو المسجد‪ ،‬وهو موضع التَّعبد‪ ،‬وعنى بالخصم ملكان‬
‫لما دخال على داوود من غير بابه(‪.)1‬‬
‫تسوروا المحراب َّ‬
‫َّ‬
‫ب َوقُدُو ٍر‬
‫ان َكا ْل َج َوا ِ‬ ‫‪ ‬وقال تعالى‪﴿:‬يَ ْع َملُونَ لَهُ َما يَشَا ُء ِمنْ َم َحا ِر َ‬
‫ي ُ َوتَ َماثِي َل َو ِجفَ ٍ‬
‫ت﴾] سبأ‪ "،[85:‬أي يعمل ُّ‬
‫الجن لسليمان ما يشاء من محاريب وهو جمع محراب‪:‬‬ ‫اسيَا ٍ‬
‫َر ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫بمعنى القصور والمساجد"‪.‬‬
‫أن المحراب أتى بمعنى المسجد ودوره في زماننا‪ ،‬كان يتخذ للعبادة و َّ‬
‫الذكر‪،‬‬ ‫من ذلك يتبيَّن َّ‬
‫ُ‬
‫بالدعاء والتَّضرع‪ ،‬كما كان ُيتخذ مكان للقصاص بين النَّاس‪ ،‬والحكم‬
‫والتَّقرب إلى اهلل تعالى َّ‬
‫بينهم‪.‬‬
‫‪ )7‬البيت‪:‬‬
‫أ‪ .‬تعريف البيت لغة‪:‬‬
‫البيت‪ :‬هو المأوى والمآب‪ ،‬ومجمع َّ‬
‫الشمل‪ ،‬فأصل البيت‪ :‬مأوى اإلنسان بالليل‪ ،‬يقال‪:‬‬
‫بات؛ أقام بالليل‪ ،‬كما يقال للمسكن بيت من غير اعتبار الَّليل فيه‪ ،‬وجمعه ُبُيوت للمكان‪،‬‬
‫المتَّخذ من حجر‬
‫قال تعالى‪َّ﴿:‬ل تَد ُْخلوا بُيُوتا ً غ ْي َر بُيُوتِ ُك ْم‪[﴾...‬النور‪ ،]76 :‬ويقع ذلك على ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬

‫بأنه بيته‪ ،‬وصار أه ُل البيت متعارفا في‬ ‫وصوف ووبر‪ ،‬كما عبَّر عن مكان َّ‬
‫الشيء َّ‬ ‫ومدر ُ‬ ‫ُ‬
‫آل َّ‬
‫النبي ‪.)3(‬‬
‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫ب‪ .‬تعريف البيت‬
‫ت‪﴾...‬‬
‫فهو بيت اهلل‪ ،‬والبيت العتيق‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬وإِ ْذ يَ ْرفَ ُع إِ ْبرا ِهي ُم ا ْلقَوا ِع َد ِمنَ ا ْلبَ ْي ِ‬
‫بالغ ُد ِّو واآلصال ُسم َّي‬ ‫ويذ ُكر اهلل فيه ُ‬ ‫[البقرة‪ ،]876:‬ومتى كان هذا البيت مكانا ُيصَّلى فيه‪ُ ،‬‬
‫(‪)4‬‬
‫سبِّ ُح لَهُ فِي َها‬ ‫َّللاُ أَنْ ت ُْرفَ َع َويُ ْذ َك َر فِي َها ا ْ‬
‫س ُمهُ يُ َ‬ ‫مسجدا ‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬فِي بُيُو ٍ‬
‫ت أَ ِذنَ َّ‬

‫اْلصال﴾]النور‪.[57:‬‬
‫بِا ْل ُغدُو َِو َ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬معاني القرآن واعرابه‪ ،‬الزجاج‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الجليل عبده شلبي‪ ،‬ج ‪.573/2‬‬
‫(‪ )2‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬ج‪.573/71‬‬
‫ج‪‌.838/8‬‬ ‫(‪ )3‬انظر‪ :‬المفردات في غريب القرآن‪ ،‬األصفهاني‪ ،‬تحقيق‪ :‬صفوان عدنان َّ‬
‫الداودي‪،‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬احمد محمد شاكر‪ ،‬ج‪.817/87‬‬

‫‪03‬‬
‫ت‪ .‬اآليات َّ‬
‫الدالة على البيت أو البيوت‪:‬‬
‫نذكر مجموعة من اآليات َّ‬
‫الدالة على كون البيت أو البيوت في بعض معانيه في القرآن‬
‫مسجدا ُيعب ُد اهلل فيه‪ ،‬مع جزئيات شارحة لها‪:‬‬
‫س لَلَّ ِذي بِبَ َّكةَ‪[﴾...‬آل عمران‪ُ ،]77 :‬وضع البيت‬ ‫ض َع لِلنَّا ِ‬ ‫‪ ‬قال تعالى‪﴿:‬إِنَّ أَ َّو َل بَ ْي ٍ‬
‫ت ُو ِ‬
‫تضرعا(‪.)1‬‬ ‫النسك‪ ،‬يطوفون به ويصلُّون إليه تقربا‪ ،‬ويعتكفون عنده ُّ‬ ‫لعموم النَّاس‪ ،‬للعبادة و ُّ‬
‫َص ِديَةً فَ ُذوقُوا ا ْل َع َذ َ‬
‫اب بِ َما ُك ْنتُ ْم‬ ‫صالتُ ُه ْم ِع ْن َد ا ْلبَ ْي ِ‬
‫ت إَِّل ُم َكا ًء َوت ْ‬ ‫‪ ‬ومنه قوله تعالى‪َ ﴿:‬و َما َكانَ َ‬
‫صدون عن المسجد‬ ‫ِّ‬ ‫ظن المشركين َّ‬ ‫تَ ْكفُ ُرونَ ﴾]األنفال‪َّ ،[53:‬‬
‫أن اهلل ال يعذبهم‪ ،‬وهم ي ُ‬
‫للعري‪ ،‬واللهو بالتَّصفيق‪ ،‬فهو بيت اهلل الَّذي ُيصلُّون فيه ويعبدونه‬
‫الحرام ويتخذونه مكانا ُ‬
‫عنده(‪.)2‬‬
‫‪ ‬وقال تعالى‪َ ﴿:‬و ََّل آ ِّمينَ ا ْلبَيْتَ ا ْل َح َرا َم‪]﴾...‬المائدة‪" ،[7:‬ال تمنعوا الكفار القاصدين البيت‬
‫الحرام على جهة التَّعبد والقربة"‪ ،‬ثم نسخت هذه اآلية بقوله تعالى‪﴿:‬فَا ْقتُلُوا ا ْل ُم ْ‬
‫ش ِر ِكينَ‬
‫ث َو َج ْدتُ ُمو ُه ْم﴾]التوبة‪.)3([3:‬‬ ‫َح ْي ُ‬
‫يق﴾ [الحج‪ ،]77:‬البيت الَّذي جعله اهلل َّ‬
‫للناس‬ ‫‪ ‬وقوله تعالى‪َ ...﴿:‬و ْليَطَّ َّوفُوا بِا ْلبَ ْي ِ‬
‫ت ا ْل َعتِ ِ‬
‫مثابة ومرجعا ومعاذا يأتونه َّ‬
‫الناس كل عام‪ ،‬ويرجعون إليه‪ ،‬هو البيت الحرام(‪.)4‬‬
‫وتبيَّن من خالل ما سبق َّ‬
‫أن لفظ البيت أتى في مواضع في القرآن الكريم بمعنى المسجد‬
‫ُيتخذ للصَّالة واالعتكاف والتَّقرب هلل سبحانه وتعالى‪ ،‬ومرك از للحج والعمرة‪.‬‬
‫صلَّى‪:‬‬
‫الم َ‬
‫‪ُ )3‬‬
‫صلَّى لغة‪:‬‬
‫الم َ‬
‫أ‪ُ‌ .‬‬
‫اسم مكان من صلَّى‪ ،‬وهو الموضع من البيت أو نحوه يتخذ للصَّالة(‪.)5‬‬
‫وقيل المصلى‪ ":‬ما يتخذ من فراش أو الحصير ُليصلَّى عليه‪ ،‬وقيل‪ :‬هو موضع الصَّالة‬
‫صلًّى﴾]البقرة‪.[873:‬‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُّ‬
‫والدعاء" ‪،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬واتَّخ ُذوا م ْن َمقَام إ ْب َراه َ‬
‫(‪)6‬‬
‫يم ُم َ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬ابن كثير‪ ،‬تحقيق‪ :‬سامي بن محمد سالمة‪ ،‬ج‪.66/7‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬ج ‪.378/85‬‬
‫(‪ )3‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬القرطبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد البردوني‪ ،‬وابراهيم أطفيش‪ ،‬ج‪.27/7‬‬
‫(‪ )4‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬ج‪.77/7‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬أحمد مختار‪ ،‬ج‪.8586/7‬‬
‫(‪ )6‬القاموس الفقهي لغة واصطالحا‪ ،‬أبو حبيب‪ ،‬ج‪ ،787/8‬مختار الصحاح‪ ،‬زين ِّ‬
‫الدين الرازي‪ ،‬ج‪.861/8‬‬

‫‪02‬‬
‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫صلَّى‬
‫الم َ‬
‫ب‪ُ .‬‬
‫هي المساجد المخصوصة هلل تعالى بالعبادة والتَّقرب له بالطَّاعة و ِّ‬
‫الذكر‪ ،‬واَّنها تضيء بنورها‬
‫ألهل السَّماء كما تضئ ُّ‬
‫النجوم ألهل األرض(‪.)1‬‬
‫وفي السَُّّنة من حديث عتبان بن مالك(‪ ،)2‬كان يؤم قومه وهو أعمى‪ ،‬فقال َّلرسول اهلل ‪َ (:‬يا‬
‫ول اللَّ ِه ِفي َب ْي ِتي‬
‫س َ‬‫ص ِّل َيا َر ُ‬
‫ص ِر‪ ،‬فَ َ‬
‫الب َ‬
‫ير َ‬‫ض ِر ُ‬
‫الس ْي ُل‪َ ،‬وأََنا َر ُج ٌل َ‬ ‫ول اللَّ ِه‪ ،‬إِ َّن َها تَ ُك ُ‬
‫ون الظُّ ْل َم ُة َو َّ‬ ‫س َ‬‫َر ُ‬
‫ُصلِّ َي‪ ،‬فأشار الى مكان من البيت‪ ،‬فصلى‬ ‫َن أ َ‬
‫ب أْ‬ ‫صلَّى‪ ،‬فجاءه ‪ ‬فقال أ َْي َن تُ ِح ُّ‬ ‫ِ‬
‫َم َكا ًنا أَتَّخ ُذهُ ُم َ‬
‫)(‪.)3‬‬ ‫‪‬‬ ‫رسول اهلل‬
‫في صالته‪ ،‬ويتناول ذلك موضع‬ ‫‪‬‬ ‫وبذلك يكون المصلَّى من خالل الحديث َّ‬
‫الشريف مقامه‬
‫القدم وموضع السُّجود(‪.)4‬‬
‫وتبيَّن من التَّعريفات أن القول االصطالحي في لفظ المصلَّى‪ :‬هو المكان الذي ُيتعبد فيه من‬
‫صالة وذكر‪ ،‬و َّأنه يقوم مقام المسجد‪.‬‬
‫ثانياً‪َّ :‬‬
‫النظائر المعنوية‬
‫ويتحقق في هذا المبحث ألفاظ تتقارب في المعنى العام للمسجد‪ ،‬بكونه مكانا للعبادة‪،‬‬
‫ومناجاة اهلل تعالى‪ ،‬والتَّضرع لشكره‪ ،‬ودفع األذى‪ ،‬أو للتَّفكر في ملكوت السَّموات واألرض‪،‬‬
‫وأبرز هذه األماكن‪:‬‬
‫‪ .0‬غار حراء‬
‫أ‪ .‬تعريف الغار‪ :‬مغارة في الجبل‪ ،‬وقيل كالكهف في الجبل إذا ص ُغر‪ ،‬وقيل المنخفض من‬
‫األرض ومثله البيت المنقور في الجبل(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬القرطبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد البردوني‪ ،‬وابراهيم اطفيش‪ ،‬ج‪.773/87‬‬
‫الرسول بينه وبين ُعمر بن‬
‫(‪ )2‬هو أبو عبد الرحمن عتبان ب ُن مالك بن عمرو بن العجالن األنصاري‪ ،‬آخى َّ‬
‫الخطاب‪ ،‬شهد معركة بدر وأُحد والخندق‪ ،‬ذهب بصره على عهد َّ‬
‫النبي‪ ،‬مات في عهد معاوية بن أبي سفيان‪،‬‬
‫انظر‪ :‬الطبقات الكبرى‪ ،‬ابن سعد‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد القادر عطا‪ ،‬ج‪.283/5‬‬
‫(‪ )3‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬اآلذان‪ /‬العلة في المطر والعلة أن يصلى في رحله‪ :852/8 ،‬رقم‬
‫الحديث‪.776‬‬
‫(‪ )4‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬الصَّالة‪ُ /‬دُن ِّو ال ُمصلِّي من السُّترة‪ :،572/8 ،‬رقم الحديث ‪ ،311‬انظر‪ :‬شرح محمد‬
‫فؤاد عبد الباقي‪.‬‬
‫ج‪‌.773/7‬‬ ‫(‪ )5‬انظر‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬ج‪ ،53/3‬المعجم الوسيط‪َّ ،‬‬
‫الزيات وغيرهم‪،‬‬

‫‪00‬‬
‫ب‪ .‬تعريف حراء‪:‬‬
‫‪ ‬حراء لغة‪ ":‬من الفعل حرى‪ ،‬بمعنى التَّحري في االشياء ونحوها‪ ،‬وطلب ما هو أحرى في‬
‫غالب الظَّ َّن‪ ،‬أي أجدر وأخلق للعبادة" ‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬فَ َمنْ أَ ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫سلَ َم فَأُولَئِكَ ت ََح َّر ْوا‬
‫شدًا﴾]الجن‪.[82:‬‬
‫َر َ‬
‫قبل أي يوحى إليه يأتي حراء‪ ،‬وهو جبل بمكة فيه غار‪ ،‬يخلو فيها في‬ ‫‪‬‬ ‫وكان النَّبي‬
‫ضانَ الَّ ِذي أُ ْن ِز َل فِي ِه ا ْلقُ ْرآنُ ﴾‬ ‫شهر رمضان من كل عام‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬‬
‫ش ْه ُر َر َم َ‬
‫(‪)2‬‬
‫الصواب في دينه‪ ،‬قبل أن‬
‫فيه الليالي ذوات العدد‪ ،‬يتحرى َّ‬ ‫]البقرة‪ ،[813:‬فكان يتحنث‬
‫ثم يرجع الى خديجة فيتزود لمثلها(‪.)3‬‬
‫ينتزع الى أهله ويتزود لذلك‪َّ ،‬‬
‫ي‬ ‫ت ِ‬ ‫ت ِج َو ِ‬ ‫ت ِفي ِحر ٍ‬ ‫قال ر ُسو ُل اللَّه ‪َ (:‬ج َاو ْر ُ‬
‫الواد َ‬ ‫ط ْن ُ َ‬‫استَ ْب َ‬
‫ت‪ ،‬فَ ْ‬ ‫اري َه َب ْط ُ‬ ‫ض ْي ُ‬
‫اء‪َ ،‬فلَ َّما قَ َ‬ ‫َ‬
‫س َعلَى ُك ْر ِس ٍّي‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َمامي َو َخ ْلفي‪َ ،‬و َع ْن َيميني َو َع ْن ش َمالي‪ ،‬فَِإ َذا ُه َو َجال ٌ‬
‫ت أ ِ‬ ‫فَ ُنوِد ُ‬
‫يت فَ َنظَ ْر ُ َ‬
‫يج َة فَ ُق ْل ُ ِّ‬ ‫ض‪ ،‬فَأَتَ ْي ُ ِ‬ ‫السم ِ‬
‫ارًدا‪َ ،‬وأُْن ِز َل‬
‫اء َب ِ‬ ‫صبُّوا َعلَ َّي َم ً‬ ‫ت‪َ :‬دث ُروِني‪َ ،‬و ُ‬ ‫ت َخد َ‬ ‫اء َواأل َْر ِ‬ ‫َب ْي َن َّ َ‬
‫الم َّدثُِّر قُ ْم فَأَ ْن ِذ ْر َو َرب َ‬
‫(‪)4‬‬
‫َّك فَ َك ِّب ْر﴾[المدثر‪)]7 :‬‬ ‫ُّها ُ‬
‫َعلَ َّي‪َ ﴿:‬يا أَي َ‬
‫الرسول‬ ‫أن غار حراء اصطالحا‪ :‬هو المكان الَّذي اتَّخذه َّ‬ ‫مما سبق َّ‬ ‫ويمكن القول مستوحيا َّ‬
‫بمثابة المسجد‪ ،‬يتعبد فيه‪ ،‬ويتفكر في خلق السَّموات واألرض‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ .7‬بطن الحوت‪:‬‬
‫بي يونس ‪ ‬فترة من الزمن بعد أن‬ ‫تعريف بطن الحوت‪ :‬هو المكان الذي استقر فيه َّ‬
‫الن ِّ‬ ‫‌‬ ‫أ‪.‬‬
‫التقمه الحوت ٍ‬
‫بأمر من اهلل‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬فَا ْلتَقَ َمهُ ا ْل ُحوتُ َوه َُو ُملِيم* فَلَ ْو ََّل أَنَّهُ َكانَ ِمنَ‬
‫ث فِي بَ ْطنِ ِه إِلَى يَ ْو ِم يُ ْب َعثُونَ ﴾ ]الصافات‪.[822،825،827 :‬‬ ‫ا ْل ُم َ‬
‫سبِّ ِحينَ * لَلَبِ َ‬
‫‌اآليات الدَّالة على بطن الحوت‪:‬‬ ‫ب‪.‬‬
‫ويتَّضح المراد باللفظ المعنوي منه من خالل اآليات التَّالية‪:‬‬
‫ادى ِفي الظُّلُم ِ‬
‫ات‬ ‫َن لَ ْن َن ْق ِد َر َعلَ ْي ِه فَ َن َ‬ ‫ون إِ ْذ َذ َهب م َغ ِ‬
‫اض ًبا فَظَ َّن أ ْ‬ ‫‪ ‬قال تعالى‪َ ﴿:‬وَذا ُّ‬
‫الن ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ين ﴾]االنبياء‪َّ ،[16:‬إنها الظُّلمة‬ ‫ت ِم َن الظَّالِ ِم َ‬ ‫س ْب َحا َن َك إِ ِّني ُك ْن ُ‬
‫ت ُ‬ ‫َن ال إِلَ َه إِال أَ ْن َ‬
‫أْ‬

‫الرازي‪ ،‬تحقيق‪ :‬يوسف الشيخ محمد‪ ،‬ج‪.68/8‬‬ ‫(‪ )1‬مختار الصحاح‪ ،‬زين ِّ‬
‫الدين ِّ‬
‫(‪ )2‬بمعنى التَّعبد واعتزال االصنام‪ ،‬انظر‪ِّ :‬‬
‫الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية‪ ،‬الفارابي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد عبد‬
‫الغفور عطار‪ ،‬ج‪.711/8‬‬
‫السيرة َّ‬
‫النبوية‪ ،‬ابن كثير‪ ،‬ج‪.513/8‬‬ ‫(‪ )3‬انظر‪ِّ :‬‬
‫(‪ )4‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬تفسير القرآن‪ /‬قوله‪ ،‬وربك فكبر‪ :877/7 ،‬رقم الحديث‪.2772‬‬

‫‪00‬‬
‫وبنيت لك‬
‫الشديدة المتكاثفة في بطن الحوت اتخذها يونس‪ ‬مكانا لذكر اهلل لينجيه‪ُ (:‬‬ ‫َّ‬
‫أحد قبلي)(‪ ،)1‬فكانت عبادة يونس‪ ‬في بطن الحوت صالة أحدثها‪.‬‬ ‫مسجدا لم َي ْبنه ٌ‬
‫ً‬
‫ث فِي بَ ْطنِ ِه إِلَى يَ ْو ِم يُ ْب َعثُونَ ﴾‬ ‫‪ ‬وقال تعالى‪﴿:‬فَلَ ْوَّل أَنَّهُ َكانَ ِمنَ ا ْل ُم َ‬
‫سبِّ ِحينَ * لَلَبِ َ‬
‫الصافَّات‪ ،[822 ،825:‬أتى لفظ المسبحين بمعنى المصلين‪ ،‬وحمل بعضهم على‬ ‫[ َّ‬
‫َّإنه ِّ‬
‫الذكر مطلقا‪ ،‬وأخرين على العبادة‪ ،‬وأخرين على أنَّها الصَّالة‪ ،‬وقيل كل ما في‬
‫القرآن من التَّسبيح فهو بمعنى َّ‬
‫الصالة(‪.)2‬‬
‫كالمسجد‬ ‫يونس‪‬‬ ‫ومن خالل اآليتين السَّابقتين‪ ،‬تبيَّن لنا َّ‬
‫أن بطن الحوت كان عند‬
‫ويسبِّح ربَّه‪ُ ،‬لينجيه ويتُوب عليه‪.‬‬
‫عبد فيه‪ُ ،‬‬
‫يت ُ‬
‫‪ .3‬الكهف‬
‫اب‬
‫ص َح َ‬ ‫أ‪ .‬الكهف لغة‪ :‬هو الغار الواسع في الجبل‪ ،‬وجمعه كهوف‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬أَ ْم َح ِ‬
‫سبْتَ أَنَّ أَ ْ‬
‫يم َكانُوا ِمنْ آيَاتِنَا ع ََجبًا﴾]الكهف‪.[7:‬‬ ‫ا ْل َك ْه ِ‬
‫ف َوال َّرقِ ِ‬
‫ودونوا ذلك على‬ ‫ب‪ .‬الكهف اصطالحا‪ :‬هو المكان الذي اتَّخذه أصحابه مسجدا للعبادة و َّ‬
‫الذكر‪َّ ،‬‬ ‫ً‬
‫الرقيم وهو كتاب مرقوم كان عندهم فيه َّ‬
‫الشرع الذي تمسَّكوا به من دين عيسى‪ ،‬وقيل‪:‬‬ ‫َّ‬
‫الرقم‪ ،‬وهو لوح كتب فيه أهل الكهف قصتهم‪ ،‬وبعض تشريعاتهم بعد أن‬
‫الرقيم مشتق من َّ‬
‫اعتزل أصحاب الكهف قومهم لعبادة اهلل‪ ،‬وكانوا على دين عيسى‪ ،‬عندما التجأوا الى‬
‫كهفهم(‪.)3‬‬
‫ت‪ .‬اآليات الدَّالة على الكهف‪:‬‬
‫أن الكهف كان مكان العبادة والتَّضرع إلى اهلل للخالص‬ ‫وهذه بعض اآليات َّ‬
‫الدالة على َّ‬
‫من الكفار‪ ،‬والثَّبات على ال ِّدين‪:‬‬

‫ت َو ْاْلَ ْر ِ‬
‫ض لَنْ نَ ْدع َُوا‬ ‫‪ ‬قال تعالى‪َ ﴿:‬و َربَ ْطنا عَلى قُلُوبِ ِه ْم إِ ْذ قا ُموا فَقالُوا َربُّنا َر ُّب ال َّ‬
‫سموا ِ‬
‫شطَطا ً﴾]الكهف‪ ،[82:‬وبعد أن اشتَّد تعذيب الملك لقومهم أتوا‬
‫ِمنْ دُونِ ِه إِلها ً لَقَ ْد قُ ْلنا إِذاً َ‬
‫ذلك الكهف‪ ،‬الذي في ذلك الجبل‪ ،‬لبثوا فيه ليس لهم عمل إال الصَّالة والصِّيام والتَّسبيح‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬ج‪.381/81‬‬
‫السبع المثاني‪ ،‬االلوسي‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي عبد الباري عطية‪،‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬روح المعاني في تفسير القرآن العظيم و َّ‬
‫ج‪.11/7‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬المفردات في غريب القرآن‪ ،‬االلوسي‪ ،‬تحقيق‪ :‬صفوان عدنان َّ‬
‫الداودي‪ ،‬ج‪ ،676/8‬الجامع ألحكام‬
‫القرآن‪ ،‬القرطبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد البردوني‪ ،‬إبراهيم أطفيش‪ ،‬ج‪.536/81‬‬

‫‪02‬‬
‫والتَّكبير والتَّحميد‪ ،‬ابتغاء وجه اهلل تعالى‪ ،‬ساجدين على وجوههم يدعون اهلل‪ ،‬ويتضرعون‬
‫أخير جلسوا يتحدثون ويتدارسون فيما بينهم (‪.)1‬‬
‫إليه‪ ،‬ويتعوذون به من الفتنة‪ ،‬و ا‬
‫‪ ‬وقال تعالى‪﴿:‬إِ ْذ يَتَنَازَ عُونَ بَ ْينَ ُه ْم أَ ْم َر ُه ْم فَقَالُوا ا ْبنُوا َعلَ ْي ِه ْم بُ ْنيَانًا َربُّ ُه ْم أَ ْعلَ ُم بِ ِه ْم قَا َل‬
‫س ِجدًا﴾]الكهف‪" ،[78:‬أي سدوا عليهم باب‬
‫الَّ ِذين َغلَبُوا َعلَى أَ ْم ِر ِه ْم لَنَتَّ ِخ َذنَّ َعلَ ْي ِه ْم َم ْ‬
‫كهفهم وذروهم على حالهم‪ ،‬وقال المشركون نبني عليهم بنيانا‪ ،‬وقال المسلمون نحن أحق‬
‫فبني عليهم مسجدا ُيصلَّى فيه‪ ،‬ويعبد اهلل فيه"(‪.)2‬‬
‫بهم‪ُ ،‬‬
‫فتبيَّن من ذلك أن الكهف كان مكانا التجأ إليه الفتية للعبادة واالستغفار‪ ،‬وهو بذلك‬
‫كالمسجد يلتجئ إليه المؤمن للعبادة و َّ‬
‫الدعاء‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ .4‬دار االرقم‬
‫أ‪ .‬تعريف دار األرقم‪:‬‬
‫الدار الَّتي اجتمع المسلمون فيها في السَّنوات الثَّالث األولى من ُعمر‬
‫بأنها َّ‬
‫يمكن أن نعرفها َّ‬

‫السرية‪ ،‬والَّتي دعا فيها َّ‬


‫الرسول‪ ‬في بداية رسالته اإللهية(‪.)4‬‬ ‫َّ‬
‫الدعوة ِّ‬
‫ب‪ .‬اآليات الدَّالة على دار األرقم‪:‬‬
‫ويمكن توضيح المراد من هذه اللَّفظة‪ ،‬اتُّخذت كمسجد من خالل اآليات التَّالية‪:‬‬
‫‪ -‬قال تعالى‪َ ﴿:‬وإِ َذا تُ ْتلَى َعلَ ْي ِه ْم آيَاتُنَا بَيِّنَا ٍ‬
‫ت قَا َل الَّ ِذينَ َكفَ ُروا لِلَّ ِذينَ آ َمنُوا أَ ُّ‬
‫ي ا ْلفَ ِريقَ ْي ِن َخ ْير‬
‫سنُ نَ ِديًا﴾]مريم‪ ،[65:‬يقول الكفار حينما تتلى عليهم آيات اهلل الظَّاهرة للَّذين آمنوا‬ ‫َمقَا ًما َوأَ ْح َ‬
‫استخفافا بهم‪َّ ،‬‬
‫بأنهم خير مقاما‪ ،‬وأحسن منازل‪ ،‬وأرفع دورا‪ ،‬وأحسن نديا‪ ،‬وهو ُمجتمع‬
‫الرجال‪ ،‬و َّ‬
‫أن ناديهم أعمر‪ ،‬وأكثر واردا وطارقا‪ ،‬فكيف نكون ونحن بهذه المثابة على باطل‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫ِّ‬
‫الحق(‪.)5‬‬ ‫وهم متخفون مستترون في دار األرقم بن أبي األرقم على‬

‫ج‪‌.711/86‬‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪،‬‬
‫(‪ )2‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬ابن كثير‪ ،‬تحقيق‪ :‬سامي بن محمد سالمة‪ ،‬ج‪.826/3‬‬
‫عبد مناف بن أسد المخزومي‪ :‬صحابي‪ ،‬انظر‪ :‬معرفة‬
‫اسمه ُ‬
‫بن أبي األرقم‪ ،‬و ُ‬
‫(‪ )3‬نسبة ألبي عبد اهلل األرق ُم ُ‬
‫الصَّحابة‪ ،‬أبو نعيم‪ ،‬ج‪.577/8‬‬
‫(‪ (4‬انظر‪ :‬السِّيرة َّ‬
‫النبوية‪ ،‬ابن هشام‪ ،‬تحقيق‪ :‬مصطفى السَّقا وآخرون‪ ،‬ج‪.738/8‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬ابن كثير‪ ،‬تحقيق‪ :‬سامي بن محمد سالمة‪ ،‬ج‪.776/3‬‬

‫‪03‬‬
‫سر في دار األرقم‪ ،‬يعبدون اهلل‬
‫كان يجتمع مع المؤمنين ا‬ ‫‪‬‬ ‫أن َّ‬
‫النبي‬ ‫فيتضح من ذلك َّ‬
‫أمر من اهلل‬
‫سبحانه وتعالى‪ ،‬ويقرؤون القرآن‪ ،‬وذلك خوفا من أذى المشركين وبطشهم‪ ،‬و ا‬
‫تعالى لتقوية شوكة المؤمنين وتمكينهم في األرض‪.‬‬
‫اج َعلُوا بُيُوتَ ُك ْم قِ ْبلَةً‬
‫ص َر بُيُوتًا َو ْ‬ ‫‪ -‬وقال تعالى‪َ ﴿:‬وأَ ْو َح ْينَا إِلَى ُمو َ‬
‫سى َوأَ ِخي ِه أَنْ تَبَ َّوآ لِقَ ْو ِم ُك َما بِ ِم ْ‬
‫الذريِّة بموسى واشتغلوا بعبادة اهلل‬ ‫لما آمنت ُّ‬ ‫ش ِر ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ ﴾ ]يونس‪َّ ،[16:‬‬ ‫ص َالةَ َوبَ ِّ‬‫َوأَقِي ُموا ال َّ‬
‫تعالى‪ ،‬أمرهم موسى أن يبنوا مساجد لالجتماع فيها وللعبادة‪ ،‬فما كان لفرعون َّاال إنَّه خرب‬
‫مساجدهم حين ظهر عليهم‪ ،‬وحين لم يقدروا على إظهار شعائر دينهم خوفا من أذى‬
‫فرعون‪ ،‬أمرهم موسى باتِّخاذ المساجد في البيوت‪ ،‬كما كان المسلمون في أول اإلسالم‬
‫سر في دار األرقم بمكة(‪.)1‬‬
‫يعبدون ربهم ا‬
‫وبذلك تبيَّن من خالل اآليات أن دار األرقم كان ِّ‬
‫بالنسبة للمؤمنين كالمسجد ُيتخذ للعبادة‪،‬‬
‫الركيزة المهمة لبداية اإلسالم‪.‬‬ ‫والصَّالة‪ ،‬و َّ‬
‫الدعوة‪ ،‬وكان َّ‬
‫أن المساجد هي األماكن المخصوصة للعبادة وذكر اهلل تعالى‪ ،‬وتعلُّم شرائعه‬ ‫مما سبق َّ‬‫ويتضح َّ‬
‫ولزوم معتكفه؛ فهي لفظة بمعنى السُّجود والتَّذلل إلى اهلل منها ما كان لفظا صريحا كالمصلَّى‬
‫والمحراب‪ ،‬ومنها ما كان يقترب من دور المساجد وهدفها كالصَّالة والتَّعبد كبطن الحوت‪ ،‬وغار‬
‫حراء‪ ،‬والهدف من ذلك كلِّه هو تقريب الصُّورة من المساجد ودورها الرئيسي‪ ،‬وما يلحق ذلك من‬
‫أماكن العبادة‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬روح البيان‪ ،‬أبو الفداء‪ ،‬ج‪.67/2‬‬

‫‪09‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫فضل بناء المساجد وعمارتها دليل اإليمان باهلل واليوم الآلخر‬

‫المطلب األول‪ :‬فضل بناء المساجد‪ ،‬وكيفية عمارتها‬


‫اْلخ ِر َوأَقَا َم ال َّ‬
‫صالةَ َوآتَى ال َّز َكاةَ َولَ ْم‬ ‫ِ‬ ‫اَّللِ َوا ْليَ ْو ِم‬
‫َّللاِ َمنْ آ َمنَ بِ َّ‬
‫اج َد َّ‬
‫س ِ‬‫قال تعالى‪﴿:‬إِن َّ َما يَ ْع ُم ُر َم َ‬
‫سى أُولَئِكَ أَنْ يَ ُكونُوا ِمنَ ا ْل ُم ْهتَ ِدينَ ﴾]التوبة‪.[81:‬‬
‫َّللاَ فَ َع َ‬
‫ش إَِّل َّ‬
‫يَ ْخ َ‬
‫‪ .0‬العمارة لغة‪ :‬نقيض الخراب‪ ،‬يقال عمر أرضه ُيع ِّمرها عمارة‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬أَ َج َع ْلتُ ْم ِ‬
‫سقَايَةَ‬

‫اْلخر﴾[التوبة‪ ،]87 :‬وقيل ع َّمرتُهُ‬ ‫ِ‬ ‫اَّللِ َوا ْليَ ْو ِم‬


‫س ِج ِد ا ْل َح َر ِام َك َمنْ آ َمنَ بِ َّ‬
‫ارةَ ا ْل َم ْ‬ ‫ا ْل َح ِّ‬
‫اج َو ِع َم َ‬
‫ور﴾ ]الطور‪ ،[2:‬وقيل أعمرتُهُ االرض‬ ‫فعمر فهو مع ُمور‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬وا ْل َب ْي ِت ا ْل َم ْع ُم ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫ستَ ْع َم َر ُك ْم‬ ‫واستعمرته إذا فوضت إليه العمارة ‪ ،‬قال تعالى‪ُ ﴿:‬ه َو أَ ْنشَأ َ ُك ْم ِمنَ ْاْلَ ْر ِ‬
‫ض َوا ْ‬
‫فِي َها﴾]هود‪.[78:‬‬
‫اصطالحا‪ :‬حفظ المساجد من الظُّلم والهجر لها‪ ،‬والمحافظة عليها من الخراب‪،‬‬ ‫ً‬ ‫‪ .7‬والعمارة‬
‫والعمل على بناءها من التَّشييد واإلصالح والتَّعمير(‪ ،)2‬قال تعالى‪َ ﴿:‬و َمنْ أَ ْظلَ ُم ِم َّمنْ َمنَ َع‬
‫س ِج ًدا‬
‫س َعى فِي َخ َرابِ َها﴾]البقرة‪ ،[882:‬وقال ‪َ (:‬م ْن َب َنى َم ْ‬
‫س ُمهُ َو َ‬ ‫َّللاِ أَنْ يُ ْذ َك َر فِي َها ا ْ‬
‫اج َد َّ‬
‫س ِ‬ ‫َم َ‬
‫لِلَّ ِه َب َنى اهللُ لَ ُه ِفي ا ْل َج َّن ِة ِمثْلَ ُه)(‪.)3‬‬
‫ومن خالل التَّعريفين السَّابقين يتضح‪ :‬أن عمارة المساجد يمكن أن تقسم إلى قسمين؛ عمارة‬
‫معنوية‪ ،‬وعمارة مادية وهي على النحو التَّالي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬العمارة المعنوية‬
‫َّللاِ فَ ُه َو َخ ْير لَهُ ِع ْن َد َربِّ ِه﴾[سورة الحج‪ " ،]51:‬التَّعظيم هنا هي‬
‫ت َّ‬ ‫قال تعالى‪َ ﴿:‬و َمنْ يُ َعظِّ ْم ُح ُر َما ِ‬
‫وحرمة التَّفريط به‪ ،‬ومنه تعظيم المساجد وأداء‬
‫الذمة والمهابة‪ ،‬وما وجب القيام به من حقوق اهلل ُ‬ ‫ِّ‬
‫(‪)4‬‬ ‫ما عليها من حقوق كزيارتها ألداء الصَّالة و ِّ‬
‫الذكر‪ ،‬وقراءة القرآن"‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬المفردات في غريب القرآن‪‌،‬األصفهاني‪ ،‬تحقيق‪ :‬صفوان عدنان َّ‬


‫الداودي‪ ،‬ج‪.317/8‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬مختار‪ ،‬ج‪.8337/7‬‬
‫(‪ )3‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬الصَّالة‪ /‬من بنى مسجدا‪ :76/8 ،‬رقم الحديث ‪.231‬‬
‫(‪ )4‬معاني القران واعرابه‪ ،‬الزجاج‪ ،‬ج‪.273/7‬‬

‫‪01‬‬
‫ت‬
‫ت المكان وعمر ُ‬‫وقيل العمارة المعنوية‪" :‬هي الجماعة التي تكون في المكان‪ ،‬يقال عمر ُ‬
‫الدين‪ ،‬وحفظ المسجد من الظُّلم والهجر"(‪.)1‬‬
‫بالمكان وتكون بالعبادة‪ ،‬واقامة شعائر ِّ‬

‫اَّللِ َوا ْليَ ْو ِم ِ‬


‫اْلخ ِر‬ ‫َّللاِ َمنْ آ َمنَ بِ َّ‬
‫اج َد َّ‬
‫س ِ‬‫ومن خالل ا َّلنظر في اآلية من قوله تعالى‪﴿:‬إِن َّ َما يَ ْع ُم ُر َم َ‬
‫سى أُولَئِكَ أَنْ يَ ُكونُوا ِمنَ ا ْل ُم ْهتَ ِدينَ ﴾]التوبة‪.[81:‬‬ ‫َّللاَ فَ َع َ‬
‫ش إَِّل َّ‬ ‫َوأَقَا َم ال َّ‬
‫صالةَ َوآتَى ال َّز َكاةَ َولَ ْم يَ ْخ َ‬
‫ِّ‬
‫يتبين أن من شروط عمارة المساجد ما يلي‪:‬‬
‫‪ .0‬االيمان باهلل تعالى واليوم اآلخر‬
‫بالشريعة الَّتي جاء بها‬
‫أصل اإليمان‪ :‬األمن واطمئنانية النَّفس وزوال الخوف‪ ،‬ومنها اإليمان َّ‬

‫وحا َوالَّ ِذي أَ ْو َح ْينَا إِلَ ْيكَ ﴾‬


‫صى بِ ِه نُ ً‬ ‫ش َر َع لَ ُك ْم ِمنَ الد ِ‬
‫ِّين َما َو َّ‬ ‫َّ‬
‫النبي‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬‬
‫النفس للحق على سبيل التَّصديق‬
‫]الشورى‪ ،[85:‬كما تستعمل في سبيل المدح‪ ،‬ويراد به إذعان َّ‬
‫وثم اإلقرار باللسان‪ ،‬ويتبعها عمل الجوارح(‪ ،)2‬قال‬
‫بتحقيق ثالثة أمور؛ أولها تصديق القلب‪َّ ،‬‬
‫ش َهدَا ُء ِع ْن َد َربِّ ِه ْم﴾[الحديد‪،]87 :‬‬ ‫سلِ ِه أُولَئِكَ ُه ُم ِّ‬
‫الصدِّيقُونَ َوال ُّ‬ ‫تعالى‪َ ﴿:‬والَّ ِذينَ آ َمنُوا بِ َّ‬
‫اَّللِ َو ُر ُ‬
‫ْضلُ َها قَ ْو ُل َال إِلَ َه إَِّال اهللُ‪،‬‬
‫ش ْع َب ًة‪ ،‬فَأَف َ‬
‫ون – ُ‬ ‫ضعٌ َو ِستُّ َ‬ ‫ون – أ َْو ِب ْ‬ ‫س ْب ُع َ‬‫ضعٌ َو َ‬‫ان ِب ْ‬
‫يم ُ‬ ‫وقال ‪ِْ (:‬‬
‫اإل َ‬
‫ان)(‪.)3‬‬ ‫يم ِ‬ ‫ش ْع َب ٌة ِم َن ِْ‬
‫اإل َ‬ ‫اء ُ‬ ‫اها إِ َماطَ ُة ْاألَ َذى َع ِن الطَّ ِري ِ‬
‫ق‪َ ،‬وا ْل َح َي ُ‬ ‫َوأ َْد َن َ‬
‫أحق بتعمير المساجد من غيره‪ ،‬ويتجلَّى ذلك بقوله تعالى‪َ ﴿:‬ما َكانَ‬ ‫فالمؤمن الموحد باهلل تعالى ُّ‬
‫س ِه ْم بِا ْل ُك ْف ِر أُولَئِكَ َحبِطَتْ أَ ْع َمالُ ُه ْم َوفِي النَّا ِر‬
‫َّللاِ شَا ِه ِدينَ َعلَى أَ ْنفُ ِ‬
‫اج َد َّ‬
‫س ِ‬‫ش ِر ِكينَ أَنْ يَ ْع ُم ُروا َم َ‬
‫لِ ْل ُم ْ‬
‫ُه ْم َخالِدُونَ ﴾]التوبة‪.[86:‬‬
‫الصالة‬
‫‪ .7‬إقام َّ‬
‫الذكر والصَّالة من العبادات الَّتي لم تنفك‬
‫الدعاء‪ ،‬و ِّ‬
‫الصَّالة هي العبادة المخصوصة‪ ،‬أصلها ُّ‬
‫وأزال عن نفسه بهذه العبادة الصلَّى‪ ،‬والذي هو نار‬ ‫(‪)4‬‬
‫شريعة منها‪ ،‬يقال صلَّى َّ‬
‫الرجل إذا دار‬
‫ص َّالهُ‪َ ،‬ما لَ ْم ُي ْح ِد ْث‪ :‬اللَّ ُه َّم‬ ‫اهلل الموقدة(‪ ،)5‬قال ‪(:‬المالَ ِئ َك ُة تُصلِّي علَى أَح ِد ُكم ما َد ِ‬
‫ام في ُم َ‬
‫َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬المفردات في غريب القرآن‪ ،‬األصفهاني‪ ،‬تحقيق‪ :‬صفوان عدنان َّ‬


‫الداودي‪ ،‬ج‪.317/8‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬العقيدة الصَّحيحة وما يضادها‪ ،‬بن باز‪ ،‬ج‪.2 -5/8‬‬
‫(‪ )3‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ :‬اإليمان‪ /‬شعب اإليمان‪ ،‬ج‪ :75/8‬رقم الحديث‪.53‬‬
‫بخصومة أو غيرها‪ ،‬المخصص‪ ،‬سيده المرسي‪ ،‬تحقيق‪ :‬خليل إبرهم جفال‬
‫(‪ )4‬تقول دا أرته إذا دافعته عنك ُ‬
‫ج‪.871/2‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬المفردات في غريب القرآن‪ ،‬األصفهاني‪ ،‬تحقيق‪ :‬صفوان عدنان َّ‬
‫الداودي‪ ،‬ج‪.278/8‬‬

‫‪00‬‬
‫ا ْغ ِف ْر لَ ُه‪ ،‬اللَّ ُه َّم ْار َح ْم ُه‪ ، )...‬وتتجلى تعظيم الصَّالة بحسن قيامها وتحقيقها على ِّ‬
‫(‪)1‬‬
‫أتم وجه من‬
‫مراعاتها‪ ،‬وحفظها وأدام فعلها‪ ،‬والحفاظ عليها‪.‬‬
‫أتمها من إقامة الصَّالة‬ ‫وترى الباحثة َّ‬
‫أن الواجب في تعمير المساجد إقامة شعائرها على ِّ‬
‫والمداومة عليها‪ ،‬وايتاءها على وجهها المطلوب في مكانها المخصص لها‪ ،‬وفي أوقاتها‬
‫سطى َوقُو ُموا ِ ََّّللِ قانِتِينَ ﴾]البقرة‪:‬‬
‫صال ِة ا ْل ُو ْ‬ ‫المعلومة‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬حافِظُوا َعلَى ال َّ‬
‫صلَوا ِ‬
‫ت َوال َّ‬
‫‪.[751‬‬
‫‪ .3‬إيتاء َّ‬
‫الزكاة‬
‫اإليتاء‪ :‬اإلعطاء‪ ،‬وخص القرآن دفع الصَّدقة باإليتاء لقوله تعالى‪﴿:‬وايتاء َّ‬
‫الزكاة﴾‬
‫بالزكاة الَّتي أوجبها اهلل‬
‫]النور‪ ،[56:‬وتتمثل في إخراج المؤمن زكاة ماله‪ ،‬سواء بالصَّدقة‪ ،‬أو َّ‬
‫له(‪.)2‬‬
‫ويتمثل دور المؤمن في إعمار مساجد اهلل بأن تتجه صدقة ماله إلى بيوت اهلل‪ ،‬والعاملين عليها‪،‬‬
‫َص َغ َر‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫س ِج ًدا لِلَّ ِه َك َم ْف َح ِ‬ ‫وفي توفير مقومات ُّ‬
‫ص قَطَاة‪ ،‬أ َْو أ ْ‬ ‫النهوض بالمسجد‪ ،‬قال‪َ (:‬م ْن َب َنى َم ْ‬
‫َب َنى اللَّ ُه لَ ُه َب ْيتًا ِفي ا ْل َج َّن ِة)(‪.)3‬‬
‫‪ .4‬خشية اهلل‬
‫الخشية‪ :‬التَّعظيم والعبادة والطَّاعة والخوف من اهلل بأن يتوكل عليه ويخشى في ذلك قضاء‬
‫اهلل وتصريفه‪ ،‬وأن ال يختار على رضا اهلل رضا غيره(‪ ،)4‬قال تعالى‪﴿:‬طه* َما أَ ْنزَ ْلنَا َعلَ ْيكَ‬
‫شقَى * إِ ََّّل ت َْذ ِك َرةً لِ َمنْ يَ ْخشَى﴾[طه‪ ،]7 :‬فمن موجبات تعمير بيوت اهلل خشيته‪،‬‬
‫ا ْلقُ ْرآنَ لِتَ ْ‬
‫واإلذعان إليه‪ ،‬وبذلك يكون عمله خالصا لربِّه دون غيره‪.‬‬
‫مما سبق َّ‬
‫أن من أولويات اإلنسان؛ اإليمان باهلل تعالى‪ ،‬وما يترتب على ذلك من األعمال‬ ‫ِّ‬
‫وتبين َّ‬
‫ثم خليق بمن اتَّصف بهذه األخالق السَّامية أن يسعى‬
‫الزكاة‪ ،‬وخشية اهلل‪َّ ،‬‬‫الصَّالحة كالصَّالة و َّ‬
‫في إعمار المساجد و َّ‬
‫الدعوة اليها‪.‬‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬الصَّالة‪ /‬الحدث في المسجد‪ :77/8 ،‬رقم الحديث ‪.223‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬احمد محمد شاكر‪ ،‬ج‪.876/82‬‬
‫(‪ )3‬سنن ابن ماجه‪ ،‬ابن ماجه‪ ،‬المساجد والجماعات‪ /‬من بنى هلل مسجدا‪ :772/8 ،‬رقم الحديث‪،651‬‬
‫وصححه األلباني‪( ،‬كمفحص قطاة) وهو موضعها الذي تجثم فيه وتبيض‪ ،‬انظر‪ :‬السَّابق‪ ،‬شرح محمد فؤاد عبد‬
‫الباقي‪.‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز‪ ،‬ابن عطية األندلسي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السَّالم عبد َّ‬
‫الشافي‪،‬‬
‫ج‪.87/5‬‬

‫‪00‬‬
‫وتتمثل عمارة المساجد المعنوية حزمة من األعمال الصَّالحة أبرزها‪:‬‬
‫تعمر المساجد‪ ،‬وتُعلى اسم اهلل فيها‪،‬‬ ‫أ‪ .‬صالة الجماعة‪ :‬فهي من أهم األعمال الصَّالحة التي َّ‬
‫سبِّ ُح لَهُ فِي َها بِا ْل ُغد ُِّو‬ ‫َّللاُ أَنْ ت ُْرفَ َع َويُ ْذ َك َر فِي َها ا ْ‬
‫س ُمهُ يُ َ‬ ‫لقوله تعالى‪﴿:‬فِي بُيُو ٍ‬
‫ت أَ ِذنَ َّ‬
‫الرسول‪ ‬على‬ ‫َّ‬
‫وحث َّ‬ ‫اْلصال﴾[النور‪ ،]57:‬لذلك رفع اهلل تعالى من شأنها‪ ،‬وأجر قيامها‪،‬‬ ‫َو َ‬
‫أدائها جماعة في بيوت اهلل‪.‬‬
‫سا َو ِع ْ‬ ‫ِ‬ ‫يد علَى ص َال ِت ِه ِفي ب ْي ِت ِه و ِ ِ ِ‬ ‫ص َالةُ ا ْل َج ِم ِ‬
‫ين َد َر َج ًة‬‫ش ِر َ‬ ‫سوِقه َخ ْم ً‬ ‫ص َال ته في ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫يع تَ ِز ُ َ‬ ‫قال ‪َ (:‬‬
‫الص َالةَ لَ ْم َي ْخطُ َخ ْط َوةً إَِّال َرفَ َع ُه اللَّ ُه‬
‫يد إَِّال َّ‬ ‫س ِج َد َال ُي ِر ُ‬
‫س َن َوأَتَى ا ْل َم ْ‬‫َح َ‬ ‫ضأَ فَأ ْ‬‫َح َد ُك ْم إِ َذا تََو َّ‬
‫فَِإ َّن أ َ‬
‫ص َال ٍة َما َكا َن ْت‬ ‫ان في َ‬
‫يئ ًة حتَّى ي ْد ُخ َل ا ْلمس ِج َد وِا َذا َد َخ َل ا ْلمس ِج َد َك َ ِ‬
‫َ ْ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ِ‬
‫ِب َها َد َر َج ًة َو َحطَّ َع ْن ُه َخط َ َ َ‬
‫يه اللَّ ُه َّم ا ْغ ِف ْر لَ ُه‬ ‫تَ ْح ِبس ُه وتُصلِّي يع ِني علَ ْي ِه ا ْلم َال ِئ َك ُة ما َدام ِفي م ْجلِ ِس ِه الَِّذي يصلِّي ِف ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ َْ‬
‫يه)(‪.)1‬‬‫اللَّه َّم ارحم ُه ما لَم ي ْح ِد ْث ِف ِ‬
‫ُ َْْ َ ْ ُ‬
‫َع َّد اللَّ ُه لَ ُه ُن ُزلَ ُه ِم َن‬ ‫اح‪ ،‬أ َ‬
‫ب‪ .‬كثرة الخطى الى المساجد‪ :‬قال ‪(:‬م ْن َغ َدا إِلَى الم ِ‬
‫س ِجد َو َر َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪ (:‬أََال‬ ‫اح)(‪ ،)2‬وفي حديث أبي هريرة ‪ ‬أيضا‪َّ ،‬‬ ‫الج َّنة ُكلَّ َما َغ َدا أ َْو َر َ‬
‫َ‬
‫ول اللَّ ِه‪ ،‬قَال‪:‬‬ ‫س َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أ َُدلُّ ُك ْم َعلَى َما َي ْم ُحو اللَّ ُه ِبه ا ْل َخطَ َايا َوَي ْرفَعُ ِبه الد ََّر َجات‪ ،‬قَالُوا‪َ :‬بلَى َيا َر ُ‬
‫الص َال ِة‪،‬‬
‫الص َال ِة َب ْع َد َّ‬ ‫ظ ُار َّ‬ ‫اج ِد‪َ ،‬وا ْن ِت َ‬
‫س ِ‬‫طا إِ َلى ا ْل َم َ‬ ‫ارِه‪َ ،‬و َكثَْرةُ ا ْل ُخ َ‬
‫ضو ِء َعلَى ا ْل َم َك ِ‬ ‫س َباغُ ا ْل ُو ُ‬ ‫إِ ْ‬
‫الرَباطُ)(‪.)3‬‬ ‫فَ َذلِ ُك ْم ِّ‬
‫الر ُسول ‪ ‬الحث على االنتظار في المسجد بعد الصَّالة‬ ‫ت‪ .‬ومنه الرباط في المسجد‪ :‬جاء عن َّ‬
‫شى َوالَِّذي‬
‫الصالَ ِة أ َْب َع ُد ُه ْم‪ ،‬فَأ َْب َع ُد ُه ْم َم ْم ً‬
‫َج ًار ِفي َّ‬ ‫الن ِ‬
‫اس أ ْ‬ ‫َعظَم َّ‬
‫وسمي ذلك رباطا‪ ،‬قال‪(:‬أ ْ ُ‬ ‫ِّ‬
‫ام)(‪.)4‬‬ ‫َج ار ِم َن الَِّذي ُي َ ِّ‬ ‫اإل َم ِام أ ْ‬
‫صلِّ َي َها َم َع ِ‬ ‫َي ْنتَ ِظ ُر َّ‬
‫الصالَةَ َحتَّى ُي َ‬
‫صلي ثُ َّم َي َن ُ‬ ‫َعظَ ُم أ ْ ً‬

‫ثانياً‪ :‬العمارة المادية‬


‫المراد بعمارة المساجد المادية‪ :‬ترميم المساجد وبناءها وتنظيفها وانارتها‪ ،‬وهي المساجد‬
‫بالغدوات والعشيَّات(‪،)5‬‬ ‫ويتلى فيها كتاب اهلل‪ُ ،‬يصلَّى فيها ُ‬ ‫َّ‬
‫الجامعة التي أذن اهلل أن تُبنى وتُعظم‪ُ ،‬‬
‫ال﴾‬ ‫سبِّ ُح لَهُ فِي َها بِا ْل ُغد ُِّو َو َ‬
‫اْلص ِ‬ ‫َّللاُ أَنْ ت ُْرفَ َع َويُ ْذ َك َر فِي َها ا ْ‬
‫س ُمهُ يُ َ‬ ‫قال تعالى‪﴿:‬فِي بُيُو ٍ‬
‫ت أَ ِذنَ َّ‬
‫[النور‪.[57 :‬‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬الصَّالة‪ /‬الصًّالة في مسجد السُّوق‪ :815/8 ،‬رقم الحديث ‪.266‬‬
‫(‪ )2‬المصدر السَّابق‪ ،‬اآلذان‪/‬من غدا الى المسجد وراح‪ :855/8 ،‬رقم الحديث‪.777‬‬
‫‪‌.738‬‬ ‫(‪ )3‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬الطهارة‪ /‬فضل إسباغ الوضوء على المكاره‪ ،‬ج‪ :787/8‬رقم الحديث‬
‫(‪ )4‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬اآلذان‪ /‬فضل صالة الفجر في جماعة‪ :858/8 ،‬رقم الحديث ‪.738‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬أصول َّ‬
‫الدعوة وطرقها‪ ،‬منهاج جامعة المدينة العالمية‪ ،‬ج‪.776/8‬‬

‫‪03‬‬
‫ومن األدلة التي تبيِّن فضل عمارة المساجد‪:‬‬
‫س ِج ًدا لِلَّ ِه َب َنى اهللُ لَ ُه ِفي ا ْل َج َّن ِة‬
‫بي‪َّ ‬أنه قال‪َ (:‬م ْن َب َنى َم ْ‬ ‫‪ .8‬ما رواه البخاري بسنده عن َّ‬
‫الن ِّ‬
‫ِم ْثلَ ُه)(‪.)1‬‬
‫إن في إخراج المال لبناء المساجد تزكية للنَّفس‪ ،‬وصدقة ينتفع به المسلم في دنياه وبعد‬
‫‪َّ .7‬‬
‫(‪)2‬‬
‫َّللاِ يُ َوفَّ إِلَ ْي ُك ْم َوأَ ْنتُ ْم ََّل‬
‫يل َّ‬ ‫موته‪ ،‬وفي اآلخرة ‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬و َما تُ ْنفِقُوا ِمنْ ش َْي ٍء فِي َ‬
‫سب ِ ِ‬
‫تُ ْظلَ ُمونَ ﴾]األنفال‪.[71:‬‬
‫ي الصَّدقة‬ ‫أن رجال جاء إلى النَّب ِّي ‪ ‬فقال‪ :‬يا ر ُسول اللَّه‪ ،‬أ ُّ‬
‫وفي السُّنة ما رواه مسلم بسنده َّ‬
‫شى الفَ ْقر‪ ،‬وتَأْم ُل ِ‬
‫الغ َنى‪َ ،‬والَ تُ ْم ِه ُل‬ ‫يح تَ ْخ َ‬ ‫ت ص ِحيح َ ِ‬
‫َ َ ُ‬ ‫شح ٌ‬ ‫َّق َوأَ ْن َ َ ٌ‬
‫صد َ‬‫َن تَ َ‬
‫أعظ ُم أجرا‪ ،‬قال‪(:‬أ ْ‬
‫ان لِفُالَ ِن‬
‫)(‪.)4‬‬ ‫وم‪ُ ،‬ق ْل َت لِفُالَ ٍن َك َذا‪َ ،‬ولِفُالَ ٍن َك َذا َوقَ ْد َك َ‬
‫(‪)3‬‬ ‫ِ‬
‫َحتَّى إِ َذا َبلَ َغت ُ‬
‫الح ْلقُ َ‬
‫نصر لدين اهلل‪ ،‬وطريقته وشريعته الَّتي‬ ‫ا‬ ‫الزكاة تقوي أواصر الفرد والمجتمع‪ ،‬ألن فيه‬ ‫‪ .5‬كما أ َّن َّ‬
‫(‪)5‬‬
‫شرعها للعباد ‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬و ْلتَ ُكنْ ِم ْن ُك ْم أُ َّمة يَ ْدعُونَ إِلَى ا ْل َخ ْي ِر َويَأْ ُم ُرونَ بِا ْل َم ْع ُر ِ‬
‫وف‬
‫َن ا ْل ُم ْن َك ِر َوأُولَئِكَ ُه ُم ا ْل ُم ْفلِ ُحونَ ﴾]آل عمران‪.[812:‬‬
‫َويَ ْن َه ْونَ ع ِ‬

‫المطلب الثَّاني‪ :‬اآليات َّ‬


‫الدالة على عمارة بيوت اهلل‬
‫قد ذكر اهلل تعالى جملة من اآليات َّ‬
‫الشريفات َّ‬
‫الدالة على إعمار بيوته‪ ،‬ورفع شأنها‪،‬‬
‫وتطهيرها‪ ،‬وتزكيتها‪ ،‬ومعرفة عظمتها نذكر منها‪:‬‬
‫س َما ِعي ُل َربَّنَا تَقَب َّ ْل ِمنَّا إِنَّكَ أَ ْنتَ ال َّ‬
‫س ِمي ُع‬ ‫‪ .8‬قال تعالى‪َ ﴿:‬وإِ ْذ يَ ْرفَ ُع إِ ْب َرا ِهي ُم ا ْلقَ َوا ِع َد ِمنَ ا ْلبَ ْي ِ‬
‫ت َوإِ ْ‬
‫ا ْل َعلِي ُم﴾]البقرة‪ ،[876:‬فهو تعظيم ورفع شأنها‪.‬‬
‫‪ .7‬وقوله تعالى‪َ ﴿:‬و َع ِه ْدنَا إِلَى إِ ْب َرا ِهي َم َوإِ ْ‬
‫س َما ِعي َل أَنْ طَ ِّه َرا بَ ْيتِ َي لِلطَّائِفِينَ َوا ْل َعا ِكفِينَ َو ُّ‬
‫الر َّك ِع‬
‫س ُجو ِد﴾]البقرة‪.[873:‬‬ ‫ال ُّ‬

‫(‪ )1‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬المساجد ومواضع الصَّالة‪ /‬فضل بناء المساجد والحث عليها‪ :561/8 ،‬رقم‬
‫الحديث‪.355‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬إرشاد العقل السَّليم إلى مزايا الكتاب الكريم‪ ،‬أبو السُّعود‪،‬ج‪.772/8‬‬
‫(‪)3‬أخذت توصي وتتصدق‪ ،‬وقد أصبح مالك ملكا لغيرك وهم ورثتك‪ ،‬انظر‪ :‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬الزكاة‪/‬‬
‫فضل صدقة الشحيح الصحيح ‪ ،881/7 ،‬رقم الحديث‪ ،8287‬تعليق مصطفى البغا‪.‬‬
‫(‪ )4‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬الزكاة‪ /‬فضل صدقة الشحيح الصحيح ‪ ،881/7 ،‬رقم الحديث‪.8287‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان‪ ،‬السَّعدي‪ ،‬ج‪.827/8‬‬

‫‪02‬‬
‫الريب‪،‬‬ ‫مطهر من ِّ‬
‫الشرك و َّ‬ ‫ا‬ ‫َّ‬
‫أن المراد ب(طهِّ ار بيتي) معنيين؛ األول‪ :‬أي‬ ‫(‪)1‬‬
‫ذكر الطبري‬
‫أمر بأن ُيطه ار مكان البيت قبل بنيانه‪ ،‬والبيت بعد بنيانه(‪.)2‬‬ ‫والمعنى الثَّاني‪ :‬أن يكون ا‬
‫س بُ ْنيَانَهُ َعلَى‬ ‫ان َخ ْير أَ ْم َمنْ أَ َّ‬
‫س َ‬ ‫ض َو ٍ‬ ‫س بُ ْنيَانَهُ َعلَى تَ ْق َوى ِمنَ َّ‬
‫َّللاِ َو ِر ْ‬ ‫‪ .5‬وقال تعالى‪﴿:‬أَفَ َمنْ أَ َّ‬
‫س َ‬
‫ف هَا ٍر﴾[التَّوبة‪ ،]817:‬أن االساس في بناء المساجد تقوى اهلل واإليمان‪َّ ،‬‬
‫ثم‬ ‫شفَا ُج ُر ٍ‬
‫َ‬
‫االنشغال فيه بالطَّاعة‪ ،‬و ِّ‬
‫الذكر لبناء قاعدة قوية ثابتة‪ ،‬مرتكزة على تقوى من اهلل فهو خير‬
‫ويبنى(‪.)3‬‬ ‫وأحق أن ُيع َّمر ُ‬
‫س ِرفُوا إِنَّهُ ََّل‬ ‫‪ .2‬وقوله تعالى‪﴿:‬يَا بَنِي آ َد َم ُخ ُذوا ِزينَتَ ُك ْم ِع ْن َد ُك ِّل َم ْ‬
‫س ِج ٍد َو ُكلُوا َواش َْربُوا َوَّل تُ ْ‬
‫أن فيها دعوة الى زيارة بيوت اهلل‪ ،‬ثم التَّزيُّن والتَّطيب‬ ‫س ِرفِينَ ﴾]االعراف‪َّ ،[58:‬‬ ‫يُ ِح ُّ ُ ا ْل ُم ْ‬
‫لتعظيم شأن المساجد‪ ،‬وتعظيم أمر الوقوف بين يدي اهلل(‪.)4‬‬
‫س َعى فِي َخ َرابِ َها﴾‬ ‫َّللاِ أَنْ يُ ْذ َك َر فِي َها ا ْ‬
‫س ُمهُ َو َ‬ ‫اج َد َّ‬
‫س ِ‬‫‪ .3‬وقوله تعالى‪َ ﴿:‬و َمنْ أَ ْظلَ ُم ِم َّمنْ َمنَ َع َم َ‬
‫]التوبة‪ ،[882:‬عظَّم اهلل تعالى ظلم من سعي في المنع من ذكر اهلل في المساجد‪ ،‬وتخريبها‬
‫وليس التَّخريب الهدم فقط‪ ،‬بل تعطيله عن عباده اهلل(‪.)5‬‬
‫صينَ لَهُ الدِّينَ َك َما بَدَأَ ُك ْم‬
‫س ِج ٍد َوا ْدعُوهُ ُم ْخلِ ِ‬‫‪ .7‬وقال تعالى‪َ ﴿:‬وأَقِي ُموا ُو ُجو َه ُك ْم ِع ْن َد ُك ِّل َم ْ‬
‫تَ ُعودُونَ ﴾]األعراف‪ ،[77:‬اقصدوا عبادته سبحانه مستقيمين إليه غير عادلين إلى غيرها‪.‬‬
‫َّللاِ أَ َحداً﴾]الجن‪ ،[81:‬فأقيموا الصَّالة‪ ،‬وادعوه‬ ‫اج َد ِ ََّّللِ فَالَ تَ ْدعُو ْا َم َع َّ‬
‫س ِ‬‫‪ .6‬قال تعالى‪َ ﴿:‬وأَنَّ ا ْل َم َ‬
‫‪‌.‬‬
‫(‪)6‬‬
‫الدين بالطَّاعة‬
‫مخلصين له ِّ‬
‫صلَ َوات‬ ‫ض لَّ ُه ِّد َمتْ َ‬
‫ص َوا ِم ُع َوبِيَع َو َ‬ ‫ض ُه ْم بِبَ ْع ٍ‬ ‫‪ .1‬وجاء في قوله تعالى‪َ ﴿:‬ولَ ْو ََّل َد ْف ُع َّ‬
‫َّللاِ النَّ َ‬
‫اس بَ ْع َ‬
‫َّللاِ َكثِي ًرا﴾]الحج‪ ،[21:‬ولوال دفع اهلل عن ِّ‬
‫الدين بالمجاهدين أو دفع‬ ‫اج ُد يُ ْذ َك ُر فِي َها ا ْ‬
‫س ُم َّ‬ ‫س ِ‬‫َو َم َ‬
‫لهدمت األماكن المقدسة الَّتي ُيتعبد فيها(‪.)7‬‬
‫النفوس بالفضائل‪ِّ ،‬‬
‫ُّ‬

‫(‪ )1‬هو أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري‪ ،‬المؤرخ المفسر اإلمام‪ .‬ولد في آمل طبرستان‪ ،‬واستوطن‬
‫بغداد وتوفي بها‪ ،‬من أشهر مؤلفاته في تفسير القرآن‪(:‬جامع البيان في تأويل القرآن)‪ ،‬انظر‪ :‬األعالم‪ ،‬الزركلي‪،‬‬
‫ج‪.77/7‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬احمد محمد شاكر‪ ،‬ج‪.57-51/7‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬فتح القدير‪ُّ ،‬‬
‫الشوكاني‪ ،‬ج‪.237 /7‬‬
‫(‪ (4‬انظر‪ :‬في ظالل القرآن‪ ،‬سيد قطب‪ ،‬ج‪.8717/7‬‬
‫الراغب األصفهاني‪ ،‬األصفهاني‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد بن عبد العزيز بسيوني‪ ،‬ج‪.776/8‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬تفسير َّ‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬الكشاف عن حقائق غوامض التَّنزيل‪ ،‬الزمخشري‪ ،‬ج‪.811-77/7‬‬
‫الرحيم‪ ،‬ج‪.77/2‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬النكت والعيون‪ ،‬الماوردي‪ ،‬تحقيق‪ :‬السَّيد بن عبد المقصود بن عبد َّ‬

‫‪00‬‬
‫صادًا لِ َمنْ‬ ‫ض َرا ًرا َو ُك ْف ًرا َوتَ ْف ِريقًا بَيْنَ ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ َوإِ ْر َ‬
‫س ِجدًا ِ‬‫‪ .7‬وقوله تعالى‪َ ﴿:‬والَّ ِذينَ اتَّ َخ ُذوا َم ْ‬
‫ش َه ُد إِنَّ ُه ْم‬ ‫سنَى َو َّ‬
‫َّللاُ يَ ْ‬ ‫سولَهُ ِمنْ قَ ْب ُل َولَيَ ْحلِفُنَّ إِنْ أَ َر ْدنَا إِ ََّّل ا ْل ُح ْ‬ ‫ب َّ‬
‫َّللاَ َو َر ُ‬ ‫ار َ‬
‫َح َ‬
‫أن اآليات تتحدث عن المنافقين الَّذين اتَّخذوا مسجدا فيه كفر باهلل‪،‬‬ ‫لَ َكا ِذبُونَ ﴾]التَّوبة‪َّ ،[816:‬‬
‫النفاق‪ ،‬والتَّفريق بين المؤمنين بعدم حضور‬
‫والضَّرر ألهل اإلسالم‪ ،‬أرادوا به تقوية أهل ِّ‬
‫مسجد قباء‪ ،‬ثم إرصادا للمؤمنين منه‪ ،‬ومن هنا جاء مسجد ضرار منافيا لمشروع المساجد‬
‫ثم هدمه فيما بعد وحرقه(‪.)1‬‬
‫الرسول‪ ‬عدم القيام به‪َّ ،‬‬
‫وعمارتها‪ ،‬فكان حقا على َّ‬

‫الرازي‪ ،‬ج‪.827/87‬‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مفاتيح الغيب‪ ،‬فخر ِّ‬


‫الدين َّ‬

‫‪00‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫أهم المساجد اإلسالمية فضائلها وأهميتها‬

‫المطلب األول‪ :‬المسجد الحرام فضله وأهميته‬


‫أوالً‪ :‬التَّعريف بالمسجد الحرام‬

‫لما خلق اهلل تعالى السَّموات واألرض‪ ،‬كان أول شيء وضعه فيها البيت الحرام‪ ،‬فجعله‬ ‫َّ‬
‫باركا ً َوهُد ً‬
‫ى‬ ‫س لَلَّ ِذي بِبَ َّكةَ ُم َ‬ ‫ض َع لِلنَّا ِ‬ ‫مستقبل البيت المعمور‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬إِنَّ أَ َّو َل بَ ْي ٍ‬
‫ت ُو ِ‬
‫لِ ْلعالَ ِمينَ ﴾]آل عمران‪ ،[77:‬حتى إذا كان زمن إبراهيم‪ ‬بوأه اهلل تعالى مكان البيت بقوله‬
‫ش ْيئا ً َوطَ ِّه ْر بَ ْيتِ َي لِلطَّائِفِينَ َوا ْلقائِ ِمينَ‬
‫ش ِركْ بِي َ‬ ‫ت أَنْ ََّل تُ ْ‬‫تعالى‪َ ﴿:‬وإِ ْذ بَ َّو ْأنا ِ ِإل ْبرا ِهي َم َمكانَ ا ْلبَ ْي ِ‬
‫الشام مع زوجه هاجر وابنه‬ ‫س ُجو ِد﴾[الح ِّج‪ ،]77 :‬فخرج إبراهيم ‪ ‬متوجها إليه من َّ‬ ‫الر َّك ِع ال ُّ‬
‫َو ُّ‬
‫إسماعيل‪ ،‬فإذا قدم الى مكة دعا إبراهيم ‪ ‬بقوله تعالى‪َ ﴿:‬ربَّنا إِنِّي أَ ْ‬
‫س َك ْنتُ ِمنْ ُذ ِّريَّتِي بِوا ٍد‬
‫ثم انصرف إلى َّ‬
‫الشام تاركا هاجر واسماعيل‬ ‫ع ِع ْن َد بَ ْيتِكَ ا ْل ُم َح َّر ِم﴾[إبراهيم‪َّ ،]56:‬‬
‫َغ ْي ِر ِذي زَ ْر ٍ‬
‫لما أروا‬ ‫بأمر من اهلل‪ ،‬وأوحى سبحانه الى قافلتين من َّ‬
‫الشام قدمت َّ‬ ‫‪ ،‬عندها أُخرج ماء زمزم ٍ‬
‫الماء‪ ،‬فمكثوا في مكة وعمروها‪.‬‬
‫ثم أمر اهلل إبراهيم ‪ ‬ببناء الكعبة‪ ،‬فرجع الى مكة وبدأ مع إسماعيل ‪ ‬ببنائها‪ ،‬فسأل اهلل‬ ‫َّ‬
‫س َما ِعي ُل َربَّنَا‬ ‫تعالى أن يره مناسك الحج‪ ،‬فقال تعالى‪َ ﴿:‬وإِ ْذ يَ ْرفَ ُع إِ ْب َرا ِهي ُم ا ْلقَ َوا ِع َد ِمنَ ا ْلبَ ْي ِ‬
‫ت َوإِ ْ‬
‫سلِ َم ْي ِن لَكَ َو ِمنْ ُذ ِّريَّتِنَا أُ َّمةً ُم ْ‬
‫سلِ َمةً لَكَ َوأَ ِرنَا‬ ‫اج َع ْلنَا ُم ْ‬ ‫تَقَبَّ ْل ِمنَّا إِنَّكَ أَ ْنتَ ال َّ‬
‫س ِمي ُع ا ْل َعلِي ُم * َربَّنَا َو ْ‬
‫اس َكنَا‪]﴾..‬البقرة‪ ،[871-876:‬فجاءه جبريل‪ ،‬فأمره أن يطوف سبعا‪ ،‬فطاف وصلَّى‬ ‫َمنَ ِ‬
‫ثم انتهى إلى جبل عرفات‪ ،‬فأمر اهلل‬
‫ركعتين خلف المقام‪ ،‬واستمر حتى أراه مناسك الحج‪َّ ،‬‬
‫إن اهلل قد أمركم‬ ‫بالناس للحج‪ ،‬فبدأ إبراهيم ‪ ‬ينادي بصوته‪َّ :‬‬ ‫تعالى إبراهيم ‪ ‬أن يؤذن َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫جاَّل َوعَلى ُك ِّل ضا ِم ٍر يَأْتِينَ ِمنْ‬ ‫بحج هذا البيت ‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬وأَ ِّذنْ فِي النَّا ِ‬
‫س بِا ْل َح ِّج يَأْتُوكَ ِر ً‬
‫مرت الكعبة بعدة مراحل من البناء والكسوة من زمن‬ ‫يق﴾[الح ِّج‪ ، ]76 :‬بعدها َّ‬ ‫ُك ِّل فَ ٍّج َع ِم ٍ‬
‫الجاهلية انتهاء بوقتنا الحاضر‪ ،‬وان َّ‬
‫دل فهذا يدل على مكانة هذا البيت عند اهلل بناء وحفظا‬
‫ومكانا‪.‬‬

‫الشريفة والقبر َّ‬


‫الشريف‪ ،‬ابن الضِّياء‪ ،‬تحقيق‪ :‬عالء‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة َّ‬
‫الرازي‪ ،‬ج‪.31-21/2‬‬
‫إبراهيم‪ ،‬أيمن نصر‪ ،‬ج‪ ،21-57/8‬مفاتيح الغيب‪َّ ،‬‬

‫‪02‬‬
‫وخير شاهد على ذلك ما كان أعظمها محاوالت أبرهة الحبشي هدم الكعبة‪ ،‬فحماها اهلل‪َّ ،‬‬
‫وهزم‬
‫س َل‬‫يل* َوأَ ْر َ‬ ‫يل*أَلَ ْم يَ ْج َع ْل َك ْي َد ُه ْم فِي ت ْ‬
‫َضلِ ٍ‬ ‫ب ا ْلفِ ِ‬ ‫صحا ِ‬‫عدوه‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬أَلَ ْم ت ََر َكيْفَ فَ َع َل َربُّكَ بِأ َ ْ‬
‫ول﴾]الفيل‪.[2-8:‬‬ ‫ف َمأْ ُك ٍ‬ ‫ص ٍ‬ ‫يل *فَ َج َعلَ ُه ْم َك َع ْ‬
‫س ِّج ٍ‬‫جار ٍة ِمنْ ِ‬‫َعلَ ْي ِه ْم طَ ْيراً أَبابِي َل * ت َْر ِمي ِه ْم بِ ِح َ‬

‫ثانيا‪ :‬فضل المسجد الحرام‬ ‫ً‬


‫ويتضح فضل المسجد الحرام من خالل اآليات التَّالية‪:‬‬
‫ق أَ ْهلَهُ ِمنَ الثَّ َمرا ِ‬
‫ت َمنْ آ َمنَ ِم ْنهُ ْم‬ ‫اج َع ْل َه َذا بَلَداً آ ِمنا ً َو ْ‬
‫ار ُز ْ‬ ‫ب ْ‬‫‪ .8‬قال تعالى‪َ ﴿:‬وإِ ْذ قا َل إِ ْبرا ِهي ُم َر ِّ‬
‫للنبي إبراهيم ‪ ‬لما دعا رَّبه أن‬ ‫اَّللِ َوا ْليَ ْو ِم ْاْل ِخ ِر﴾]البقرة‪ ،[877 :‬فيه استجابة من اهلل َّ‬ ‫بِ َّ‬
‫كبير من الثَّمرات والطِّيبات(‪،)1‬‬ ‫ا‬ ‫يجعل هذا البلد مكانا آمنا ألهله وسكانه‪ ،‬وأن يرزقهم رزقا‬
‫ت * الَّ ِذي أَ ْط َع َم ُه ْم ِمنْ ُج ٍ‬
‫وع َوآ َمنَ ُه ْم‬ ‫وهذا ما بينه اهلل تعالى في قوله‪﴿:‬فَ ْليَ ْعبُدُوا َر َّ‬
‫ب َه َذا ا ْلبَ ْي ِ‬
‫ب ْاأل َْر ِ‬
‫ض‬ ‫َح ُّ‬ ‫ت أ ََّن ِك َخ ْير أَر ِ ِ‬ ‫ف﴾]قريش‪ ،[2،5:‬وفي السَُّّنة قال‪(:‬واهلل َعلِ ْم ُ‬
‫ض اهلل‪َ ،‬وأ َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ِمنْ َخ ْو ٍ‬
‫َخ َر ُجوِني ِم ْن ِك َما َخ َر ْج ُ‬
‫ت)(‪.)2‬‬ ‫َهلَ ِك أ ْ‬
‫َن أ ْ‬ ‫إِلَى ِ‬
‫اهلل َع َّز َو َج َّل‪َ ،‬ولَ ْوَال أ َّ‬
‫‪ .7‬وقال تعالى‪ ﴿:‬أَ َولَ ْم يَ َر ْوا أَنَّا َج َع ْلنا َح َرما ً آ ِمنا ً َويُت ََخطَّفُ النَّ ُ‬
‫اس ِمنْ َح ْولِ ِه ْم أَفَبِا ْل ِ‬
‫باط ِل يُ ْؤ ِمنُونَ‬
‫أما‬
‫َّللاِ يَ ْكفُ ُرونَ ﴾]العنكبوت‪ ،[76:‬جعل اهلل سبحانه وتعالى أمن مكة آية إلبراهيم‪َّ ،‬‬
‫َوبِنِ ْع َم ِة َّ‬

‫البلَ َد َح َّرَم ُه اللَّ ُه‬


‫بالنسبة للنَّاس حولها فكانوا يتخطفون من الفزع والخوف ‪ ،‬قال ‪(:‬إِ َّن َه َذا َ‬
‫(‪)3‬‬

‫ص ْي ُدهُ‪َ ،‬والَ َي ْلتَ ِقطُ لُقَطَتَ ُه إَِّال َم ْن َع َّرفَ َها‪ ،)5()4‬فكانوا في الجاهلية‬ ‫َّ‬
‫ش ْو ُك ُه‪َ ،‬والَ ُي َنف ُر َ‬
‫ض ُد َ‬
‫الَ ُي ْع َ‬
‫إذا دخلوا مكة المكرمة‪ ،‬ولجئوا إليها أمنوا بأنفسهم من الغارة والقتل(‪.)6‬‬
‫ين﴾]التين‪ ،[5:‬وهو مكة المكرمة‪ ،‬بيت اهلل الحرام‪ ،‬الَّذي من‬
‫‪ .5‬قال تعالى‪َ ﴿:‬و َه َذا ا ْلبَلَ ِد ْاْلَ ِم ِ‬
‫دخله كان آمنا(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬ج‪.86/86‬‬
‫(‪ )2‬مسند األمام أحمد‪ ،‬أحمد بن حنبل‪ ،‬مسند الكوفيين‪ ،‬حديث عبد اهلل بن عدي‪ ،‬ج‪ :85/58‬حديث ‪،81686‬‬
‫صححه األلباني‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬معاني القرآن واعرابه‪ ،‬الزجاج‪ ،‬ج‪.227/8‬‬
‫الضالة ال تلتقط للتملك بل للحفظ َّاال من َّ‬
‫عرفها‪ ،‬انظر‪ :‬فيض القدير‪ ،‬زين العابدين‪ ،‬ج‪،71/7‬‬ ‫(‪ ) 4‬المراد به َّ‬
‫رقم الحديث ‪.1767‬‬
‫(‪ )5‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬الحج‪ /‬فضل الحرم وبنائه‪ ،‬ج‪ :826/7‬رقم الحديث‪.8316‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬القرطبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد البردوني‪ ،‬وابراهيم أطفيش‪ ،‬ج‪.828/2‬‬
‫(‪ (7‬انظر‪ :‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪،‬ج‪.313/72‬‬

‫‪03‬‬
‫ثالثاً‪ :‬أهمية المسجد الحرام‬
‫ويتضح أهمية المسجد الحرام كبيت من بيوت اهلل في األرض‪ ،‬ومآبا َّ‬
‫للناس أجمعين من خالل‬
‫اآليات التَّالية‪:‬‬
‫س لَلَّ ِذي بِبَ َّكةَ ُم َ‬
‫باركا ً َوهُد ً‬
‫ى‬ ‫ض َع لِلنَّا ِ‬
‫ت ُو ِ‬ ‫‪ .8‬أول بيت وضع َّ‬
‫للناس‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬إِنَّ أَ َّو َل بَ ْي ٍ‬
‫للناس هو المسجد‬ ‫يبين أن أول بيت وضع َّ‬ ‫لِ ْلعالَ ِمينَ ﴾]آل عمران‪ ،[77:‬فهو كالم مستأنف ِّ‬
‫الحرام في مكة المكرمة‪ ،‬وفيه الكثير من الخير عند زيارته‪ ،‬بما يحصل لمن حجَّهُ أو اعتمره‬
‫ال‪:‬‬ ‫ض َع ِفي األ َْر ِ‬
‫ض أََّوًال‪ ،‬قَ َ‬ ‫َي مس ِج ٍد و ِ‬
‫الرسول ‪(:‬أ ُّ َ ْ ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫أو عكف عنده ‪ ،‬وفي السُّنة‪ُ :‬سئل َّ‬
‫ْصى)(‪.)2‬‬ ‫س ِج ُد األَق َ‬
‫الم ْ‬
‫ال َ‬ ‫َي‪ ،‬قَ َ‬‫ام‪ ،‬قَيل‪ :‬ثُ َّم أ ٌّ‬ ‫س ِج ُد َ‬
‫الح َر ُ‬ ‫الم ْ‬
‫َ‬
‫الرسول ‪ ،‬ومنطلقه األول في رحلة اإلسراء‪ ،‬قال تعالى‪ُ ﴿:‬‬
‫س ْب َحانَ الَّ ِذي أَ ْ‬
‫س َرى بِ َع ْب ِد ِه‬ ‫‪ .7‬مسرى َّ‬
‫صى الَّ ِذي بَ َ‬
‫ار ْكنَا َح ْولَهُ لِنُ ِريَهُ ِمنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُ َو‬ ‫س ِج ِد اْل ْق َ‬
‫س ِج ِد ا ْل َح َر ِام إِلَى ا ْل َم ْ‬‫لَ ْيال ِمنَ ا ْل َم ْ‬
‫بنبيه ليال‬ ‫صير﴾]اإلسراء‪ ،[8:‬وتنزيهه سبحانه وتعالى عن كل أمر عندما أسرى ِّ‬ ‫س ِمي ُع ا ْلبَ ِ‬
‫ال َّ‬
‫من المسجد الحرام إلى المسجد األقصى‪ ،‬فإن َّ‬
‫دل ذلك َّ‬
‫فإنما يدل عن مكانة هذا الحرم عند‬
‫اهلل تعالى(‪.)3‬‬
‫‪ .5‬تعظيم البيت الحرام بجعل أمرها قائما على اهلل تعالى ‪ ،‬قال سبحانه‪َ ﴿:‬ج َع َل َّ‬
‫َّللاُ ا ْل َك ْعبَةَ ا ْلبَيْتَ‬
‫َّللاَ يَ ْعلَ ُم ما فِي‬ ‫ْي َوا ْلقَالئِ َد ذلِكَ لِتَ ْعلَ ُموا أَنَّ َّ‬
‫ش ْه َر ا ْل َحرا َم َوا ْل َهد َ‬‫س َوال َّ‬‫ا ْل َحرا َم قِياما ً لِلنَّا ِ‬
‫إن أمرها قائما عليه‬ ‫َي ٍء َعلِيم﴾]المائدة‪َّ ،[76:‬‬ ‫ض َوأَنَّ َّ‬
‫َّللاَ بِ ُك ِّل ش ْ‬ ‫ت َوما فِي ْاْلَ ْر ِ‬ ‫سموا ِ‬ ‫ال َّ‬
‫النسل ودفع األذى‪ ،‬كما‬ ‫الناس قوام حياتهم‪ ،‬بالطَّعام و َّ‬
‫الشراب واستبقاء َّ‬ ‫سبحانه ليحفظ على َّ‬
‫إن له السَّيطرة والسِّيادة والجاه والتَّمكين (‪.)4‬‬
‫َّ‬

‫ستَطا َع إِلَ ْي ِه َ‬
‫سبِيالً‬ ‫ت َم ِن ا ْ‬ ‫‪ .2‬قصد البيت الحرام للحج‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬و ِ ََّّللِ َعلَى النَّا ِ‬
‫س ِح ُّج ا ْلبَ ْي ِ‬
‫َن ا ْلعالَ ِمينَ ﴾]ال عمران‪ ،[76:‬والحج لغة القصد ل ُمعظَّم‪ ،‬وشرعا‬ ‫َو َمنْ َكفَ َر فَإِنَّ َّ‬
‫َّللاَ َغنِ ٌّي ع ِ‬
‫زيارة البيت اهلل‪ ،‬وهو المسجد الحرام في مكة المكرمة على وجهه المشروع من تعظيم بيت‬
‫اهلل وتقديسه‪ ،‬في أوقات مخصوصة ‪ ،‬والقيام بأعمال ترضى اهلل وتقرب إليه(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الموسوعة القرآنية‪ ،‬األبياري‪ ،‬ج‪.723/7‬‬


‫(‪ )2‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬أحاديث األنبياء‪ /‬حدثنا اسحاق بن إبراهيم‪ :823/2 ،‬الحديث‪.5577‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬ابن كثير‪ ،‬تحقيق‪ :‬سامي بن محمد سالمة‪ ،‬ج‪.3/3‬‬
‫(‪ )4‬تفسير الشعراوي‪ ،‬الشعراوي‪ ،‬ج‪.5216/7‬‬
‫الرازي‪ ،‬تحقيق‪ :‬يوسف ِّ‬
‫الشيخ محمد‪ ،‬ج‪.77/8‬‬ ‫(‪ )5‬انظر‪ :‬مختار الصحاح‪ ،‬زين ِّ‬
‫الدين َّ‬

‫‪09‬‬
‫والحج ركن من أركان اإلسالم يتوافد عليه النَّاس من كل فج عميق‪ ،‬يتسابقون إليه شاهدين‬
‫على مكانته العظيمة المباركة‪.‬‬
‫وتبرز أهمية الحج بالِّنسبة للمسجد الحرام للسباب التالية‪:‬‬
‫َس َوُد ِم َن‬ ‫الح َج ُر األ ْ‬
‫أما عن سواده فقد قال‪َ (:‬ن َز َل َ‬ ‫الجنة َّ‬ ‫أ‪ .‬فيه الحجر األسود‪ :‬فهو ياقوتة َّ‬

‫س َّوَدتْ ُه َخطَ َايا َب ِني َ‬


‫آد َم)(‪.)1‬‬ ‫ش ُّد بي ً ِ‬
‫اضا م َن اللَّ َب ِن فَ َ‬
‫ِ‬
‫الج َّنة‪َ ،‬و ُه َو أَ َ َ َ‬
‫َ‬
‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‪ .‬فضل الصَّالة في المسجد الحرام‪ ،‬قال‪(:‬صالَةٌ ِفي م ِ‬
‫يما‬
‫صالَة ف َ‬ ‫س ِجدي َه َذا َخ ْيٌر م ْن أَْلف َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ام)(‪.)2‬‬ ‫س ِج َد َ‬
‫الح َر َ‬ ‫الم ْ‬ ‫َِّ‬
‫س َواهُ‪ ،‬إال َ‬
‫ول اللَّ ِه‪ ،‬لَ ِو‬
‫س َ‬‫ت َيا َر ُ‬‫ت َرِّبي ِفي ثَالَ ٍث‪ :‬فَ ُق ْل ُ‬‫ت‪ .‬فيه مقام إبراهيم‪ :‬قال ُعم ُر ب ُن الخطَّاب ‪َ (:‬وافَ ْق ُ‬
‫صلًّى‪﴾...‬‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫اهيم م َ ًّ‬ ‫ِ‬
‫صلى‪ ،‬فَ َن َزلَ ْت‪َ ﴿:‬واتَّخ ُذوا م ْن َمقَام إ ْب َراه َ‬
‫يم ُم َ‬ ‫اتَّ َخ ْذ َنا م ْن َمقَام إ ْب َر َ ُ‬
‫[البقرة‪.)3()[873 :‬‬
‫س ْق ِفي َوأََنا ِب َم َّك َة‪ ،‬فَ َن َز َل ِج ْب ِري ُل َعلَ ْي ِه َّ‬
‫السالَ ُم‪ ،‬فَفَ َر َج‬ ‫ث‪ .‬فيه ماء زمزم‪ :‬قال رسول اهلل ‪ (:‬فُ ِر َج َ‬
‫يما ًنا‪ ،‬فَأَف َْر َغ َها ِفي‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ست م ْن َذ َهب‪ُ ،‬م ْمتَل ٍئ ح ْك َم ًة َوِا َ‬
‫اء َزم َزم‪ ،‬ثُ َّم جاء ِبطَ ٍ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ‬
‫ص ْد ِري ثُ َّم َغسلَ ُه ِبم ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ص ْد ِري ثُ َّم أَ ْط َبقَ ُه‪.)4()..،‬‬
‫َ‬
‫الصفا والمروة‪ :‬وهما من الجبال الَّتي خلدها اإلسالم‪ ،‬قال تعالى﴿إِنَّ ال َّ‬
‫صفا‬ ‫ج‪ .‬فيه جبل َّ‬
‫السعي بينهما من أركان الحج األساسية‪،‬‬
‫َّللاِ﴾]البقرة‪ [831:‬وجعل اهلل َّ‬
‫َوا ْل َم ْر َوةَ ِمنْ شَعائِ ِر َّ‬

‫المقَ ِام َرْك َعتَ ْي ِن‪َ ،‬و َ‬ ‫صلَّى َخ ْل َ‬ ‫ِ‬ ‫وفي السَُّّنة (قَِدم َّ‬
‫اف َب ْي َن‬‫ط َ‬ ‫ف َ‬ ‫اف ِبا ْل َب ْيت َ‬
‫س ْب ًعا‪َ ،‬و َ‬ ‫الن ِب ُّي ‪ ‬فَ َ‬
‫ط َ‬ ‫َ‬
‫الم ْرَوِة) ‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫الصفَا َو َ‬
‫َّ‬
‫ار‪ِ ،‬م ْن َي ْوِم َع َرفَ َة‪،‬‬ ‫يه َع ْب ًدا ِم َن َّ‬
‫الن ِ‬ ‫ق اهلل ِف ِ‬ ‫ح‪ .‬فضل عرفة‪ :‬قال‪(:‬ما ِم ْن يوٍم أَ ْكثَر ِم ْن أ ْ ِ‬
‫َن ُي ْعت َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫اد َه ُؤَال ِء)(‪.)6‬‬
‫اهي ِب ِهِم ا ْل َم َال ِئ َك َة‪ ،‬فَ َيقُو ُل‪َ :‬ما أ ََر َ‬
‫وِا َّن ُه لَي ْد ُنو‪ ،‬ثُ َّم يب ِ‬
‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬سنن الترمذي‪ ،‬الترمذي‪ ،‬الحج‪ /‬ما جاء في الحجر األسود‪ :786/5 ،‬رقم الحديث ‪ ،166‬صححه األلباني‪.‬‬
‫(‪ )2‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬فضل الصَّالة في مكة والمدينة‪ /‬فضل الصَّالة في مسجد مكة والمدينة‪:71/7 ،‬‬
‫رقم الحديث‪.8871‬‬
‫(‪ )3‬المصدر السَّابق‪ ،‬الصَّالة‪ /‬ما جاء في القبلة ج‪ :17/8‬رقم الحديث ‪.217‬‬
‫(‪ )4‬المصدر نفسه‪ ،‬الحج‪ /‬ما جاء في زمزم‪ ،‬ج‪ :837/7‬رقم الحديث ‪.8757‬‬
‫(‪ )5‬المصدر نفسه‪ ،‬الحج‪ /‬من صلَّى ركعتي َّ‬
‫الطواف خلف المقام‪ ،‬ج‪ :832/7‬رقم الحديث‪.8776‬‬
‫(‪ )6‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬الحج‪ /‬فضل الحج والعمرة‪ ،‬ويوم عرفة‪ ،‬ج‪ :717/7‬رقم الحديث‪.8521‬‬

‫‪31‬‬
‫بوي فضله وأهميته‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬المسجد َّ‬
‫الن ّ‬
‫بوي َّ‬
‫الشريف‬ ‫أوًال‪ :‬التَّعريف بالمسجد َّ‬
‫الن ّ‬
‫يع ُّد المسجد َّ‬
‫النبوي ثاني أقدس موقع في اإلسالم‪ ،‬وهو المسجد الذي بناه َّ‬
‫النبي محمد‪‬‬
‫في المدينة المنورة بعد هجرته سنة ‪8‬ه‪ ،‬الموافق ‪777‬م‪ ،‬بجانب بيته‪ ،‬بعد بناء مسجد قباء‪ ،‬فهو‬
‫ثم اشترى رسول‬ ‫المسجد الذي اختار اهلل تعالى مكانه المبارك‪ ،‬حيث أمر َّ‬
‫الناقة أن تبرك فيه‪َّ ،‬‬
‫اهلل ‪ ‬أرضه‪ ،‬وبناه باللَّبن(‪ ،)1‬وجذوع النخل والجريد‪.‬‬
‫النبوي صار مصلَّى المسلمين‪ ،‬ومنتداهم‪ ،‬ومكان عبادتهم‪،‬‬
‫الرسول‪ ‬المسجد َّ‬
‫ولما بنى َّ‬
‫َّ‬
‫وتشاورهم يأوي إليه من ال مأوى له وال مال من الفقراء والمساكين‪ ،‬وفيه تلَّقى المسلمون دروس‬
‫العلم والحكمة و ِّ‬
‫الدين(‪.)2‬‬
‫النبويِّ‪ ،‬لما فيه من كثِّرة البركة وعظم األجر‪ ،‬حيث" لم يكن‬
‫ولقد أدرك المسلمون أهمية المسجد َّ‬
‫الصلوات فحسب‪ ،‬بل كان جامعة يتلَّقى فيها المسلمون تعاليم اإلسالم‬
‫المسجد موضعا ألداء َّ‬
‫وتوجيهاته‪ ،‬ومنتدى تلتقي وتالف فيه العناصر القبلية المختلفة الَّتي طالما نافرت بينها ِّ‬
‫النزعات‬
‫الجاهلية وحروبها‪ ،‬وقاعدة لتصريف شؤون َّ‬
‫الدولة وبث االنطالقات‪ ،‬وبرلمانا لعقد المجالس‬
‫االستشارية والتَّنفيذيِّة"(‪.)3‬‬

‫بوي‬ ‫ثانيا‪ :‬فضل المسجد َّ‬


‫الن ّ‬ ‫ً‬
‫النبوي نابع من كونه مسجد رسول اهلل‪ ،‬ومكان صالته وتعبده‪ ،‬و َّ‬
‫الدعوة‬ ‫إن فضل المسجد َّ‬
‫َّ‬
‫لسبيل اهلل‪ ،‬ويمكن أن نذكر بعض أفضاله من خالل ما يأتي‪:‬‬
‫يما ِس َواهُ ِم َن‬ ‫ٍ ِ‬
‫ص َالة ف َ‬
‫ِ‬ ‫يه أَف َ ِ‬
‫ْض ُل م ْن أَْلف َ‬
‫‪ .8‬فضل الصَّالة فيه‪ ،‬قال رسول اهلل ‪(:‬ص َالةٌ ِف ِ‬
‫َ‬
‫س ِج َد ا ْل َك ْع َب ِة)(‪.)4‬‬ ‫ا ْلمس ِ ِ‬
‫اجد‪ ،‬إَِّال َم ْ‬ ‫َ َ‬
‫‪ .7‬وجوده في مدينة مباركة طاهرة‪ ،‬فضَّلها اهلل تعالى عن غيرها من المدن‪.‬‬
‫ويتضح فضل المدينة المنورة باآلتي‪:‬‬

‫(‪ )1‬ما يضرب من الطين مربعا للبناء‪ ،‬انظر‪ :‬حدائق األنوار ومطالع األسرار في سيرة النبي المختار‪ ،‬بحرق‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬محمد غسان نصوح عزقول‪ ،‬ج‪.733/8‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬السِّيرة َّ‬
‫النبويَّة على ضوء القرآن الكريم والسُّنة‪ ،‬أبو شهبة‪،‬ج‪.276/8‬‬
‫الرحيق المختوم‪ ،‬المباركفوري‪ ،‬ج‪.876/8‬‬
‫(‪َّ )3‬‬
‫(‪ )4‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬الحج‪ /‬فضل الصَّالة بمسجد مكة والمدينة‪ ،‬ج‪ :8182/7‬رقم الحديث‪.8577‬‬

‫‪30‬‬
‫اس َك َما َي ْن ِفي‬ ‫ب‪َ ،‬و ِهي الم ِدي َن ُة‪ ،‬تَ ْن ِفي َّ‬
‫الن َ‬ ‫َ َ‬ ‫ت ِبقَ ْرَي ٍة تَأْ ُك ُل القَُرى‪َ ،‬يقُولُ َ‬
‫ون َيثْ ِر ُ‬
‫أ‪ .‬قال ‪(: ‬أ ِ‬
‫ُم ْر ُ‬
‫النزول فيها‬ ‫يد)(‪ ،)1‬أمر اهلل تعالى رسوله‪ ‬بالهجرة إلى المدينة المنورة‪ ،‬و ُّ‬ ‫ث الح ِد ِ‬ ‫ِ‬
‫ير َخ َب َ َ‬‫الك ُ‬
‫مركز لجيوش اإلسالم‬
‫ا‬ ‫وسكناها‪ ،‬فهي قرية يغلب أهلها أهل سائر البالد اإلسالمية‪ ،‬فكانت‬
‫تنطلق منها كتائب الفتوح اإلسالمية‪ ،‬وتجلب إليها الغنائم واألرزاق(‪.)2‬‬
‫ون(‪،)3‬‬ ‫س َ‬ ‫الي َم ُن‪ ،‬فَ َيأ ِْتي قَ ْوٌم ُي ِب ُّ‬
‫الرسو ُل‪ ‬الى السَّكن فيها لخيرها‪ ،‬قال‪(: ‬تُ ْفتَ ُح َ‬ ‫ب‪ .‬كما دعا َّ‬
‫الشأ ُْم‪ ،‬فَ َيأ ِْتي‬
‫ون‪َ ،‬وتُ ْفتَ ُح َّ‬ ‫الم ِدي َن ُة َخ ْيٌر لَ ُه ْم لَ ْو َكا ُنوا َي ْعلَ ُم َ‬ ‫َهل ِه ْم َو َم ْن أَطَ َ‬
‫اع ُه ْم‪َ ،‬و َ‬
‫ون ِبأ ْ ِ‬‫فَ َيتَ َح َّملُ َ‬
‫ون‪َ ،‬وتُ ْفتَ ُح‬‫الم ِدي َن ُة َخ ْيٌر لَ ُه ْم لَ ْو َكا ُنوا َي ْعلَ ُم َ‬
‫اع ُه ْم‪َ ،‬و َ‬
‫ون ِبأ ْ ِ‬
‫َهلي ِه ْم َو َم ْن أَطَ َ‬ ‫ون‪ ،‬فَ َيتَ َح َّملُ َ‬‫س َ‬ ‫قَ ْوٌم ُي ِب ُّ‬
‫الم ِدي َن ُة َخ ْيٌر لَ ُه ْم لَ ْو َكا ُنوا‬
‫اع ُه ْم‪َ ،‬و َ‬ ‫َهلي ِه ْم َو َم ْن أَطَ َ‬
‫ون‪ ،‬فَيتَح َّملُو َن ِبأ ْ ِ‬
‫س َ َ َ‬ ‫اق‪ ،‬فَ َيأ ِْتي قَ ْوٌم ُي ِب ُّ‬ ‫ِ‬
‫الع َر ُ‬
‫ون)(‪ ،)4‬فضل المدينة على البالد المذكورة في الهجرة إليها وسكنها هو أمر مجمع‬
‫َي ْعلَ ُم َ‬
‫أن بعض البقاع أفضل من بعض(‪.)5‬‬
‫عليه‪ ،‬وفيه دليل على َّ‬
‫الرسول‪ ‬لها‪.‬‬ ‫ت‪ .‬ويتضح فضلها بدعاء َّ‬
‫اج َع ْل لِي ِمنْ لَ ُد ْنكَ‬
‫ْق َو ْ‬ ‫ْق َوأَ ْخ ِر ْجنِي ُم ْخ َر َج ِ‬
‫صد ٍ‬ ‫صد ٍ‬ ‫‪ ‬قال تعالى‪َ ﴿:‬وقُ ْل َر ِّ‬
‫ب أَد ِْخ ْلنِي ُمد َْخ َل ِ‬
‫أن المدخل الصِّدق يوم دخوله‪ ‬إلى المدينة حين هاجر‬ ‫صي ًرا﴾]اإلسراء‪َّ ،[11:‬‬ ‫س ْلطَانًا نَ ِ‬
‫ُ‬
‫إليها‪ ،‬والمخرج الصِّدق بخروجه‪ ‬من مكة حين هاجر منها بعد تضيق قريش له(‪.)6‬‬
‫الب َرَك ِة)(‪ ،)7‬أي كثرة الخير‪ ،‬وبركة‬ ‫ِ‬
‫ت ِب َم َّك َة م َن َ‬
‫اجع ْل ِبا ْلم ِدي َن ِة ِ‬
‫ض ْعفَ ْي َما َج َع ْل َ‬ ‫َ‬ ‫‪ ‬وقال‪(:‬اللَّ ُه َّم ْ َ‬
‫الدنيا‪ ،‬فقد آوته عندما تخلى عنه أهله ‪ ،‬ولجأ إليها راجيا من اهلل تعالى أن ينصره‪ ،‬ويثبته‬ ‫ُّ‬
‫على الحق(‪.)8‬‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬فضائل المدينة‪ /‬فضل المدينة وانها تنفي الناس‪ :71/5 ،‬رقم الحديث‪،8168‬‬
‫الناس كما تنفي َّ‬
‫النار وسخ الحديد‪ ،‬انظر‪ :‬عمدة القارئ شرح صحيح‬ ‫وفيها كناية عن كون الحج والعمرة تطهر َّ‬
‫البخاري‪ ،‬ج‪727/81‬‬
‫(‪ )2‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬فضائل المدينة‪ /‬فضل المدينة وانها تنفي الناس‪:71/5 ،‬رقم‬
‫الحديث‪،8168‬انظر‪ :‬تعليق مصطفى البغا‪.‬‬
‫(‪ )3‬يسوقون إبلهم ودوابهم راحلين من المدينة‪ ،‬المصدر السَّابق‪ ،‬ج‪ ،78/5‬تعليق مصطفى البغا‪.‬‬
‫(‪ )4‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬الحج‪ /‬الترغيب في المدينة عند فتح األمصار‪ :8111/7 ،‬رقم الحديث‪.8511‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬فتح البارئ في شرح صحيح البخاري‪ ،‬ابن حجر العسقالني‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمود بن شعبان‪ ،‬وآخرون‪،‬‬
‫ج‪.77/2‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬النكت والعيون‪ ،‬الماوردي‪ ،‬تحقيق‪ :‬السَّيد ابن عبد المقصود‪ ،‬ج‪.777/5‬‬
‫(‪ )7‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬الحج‪ /‬المدينة تنفي الخبث‪ :75/5 ،‬رقم الحديث ‪.8113‬‬
‫(‪ )8‬انظر‪ :‬شرح صحيح البخاري‪ ،‬ابن بطال‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبو تميم ياسر بن إبراهيم‪،‬ج‪.333/2‬‬

‫‪30‬‬
‫ث‪ .‬فيها مسجد قباء‪ ،‬مسجد ا َّلرسول‪ ‬األول‪ ،‬والَّذي منه انطلق اإلسالم وتربى الصَّحابة(‪ ،)1‬قال‬
‫ق أَنْ تَقُو َم فِي ِه فِي ِه ِر َجال يُ ِحبُّونَ أَنْ‬
‫س َعلَى التَّ ْق َوى ِمنْ أَ َّو ِل يَ ْو ٍم أَ َح ُّ‬
‫س َ‬ ‫تعالى‪﴿:‬لَ َم ْ‬
‫س ِجد أُ ِّ‬
‫َّللاُ يُ ِح ُّ ُ ا ْل ُمطَّ ِّه ِرينَ ﴾]التوبة‪.[811:‬‬
‫يَتَطَهَّ ُروا َو َّ‬
‫ثالثًا‪ :‬أهمية المسجد َّ‬
‫النبوي‬
‫النبوي كمركز علم وعبادة من خالل المالحظات التَّالية‪:‬‬ ‫يتضح أهمية المسجد َّ‬
‫س ِج ِد‬
‫الم ْ‬ ‫الر َحا ُل إَِّال إِلَى ثَالَ ثَ ِة م َ ِ‬
‫ساج َد‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫ش ُّد ِّ‬
‫‪ .8‬يقصده المسافر للعبادة والصَّالة فيها‪ ،‬قال‪(:‬الَ تُ َ‬
‫ول صلَّى اهلل علَ ْي ِه وسلَّم‪ ،‬وم ِ‬ ‫س ِج ِد َّ‬ ‫ِ‬
‫س ِجد األَق َ‬
‫ْصى)(‪.)2‬‬ ‫ُ َ َ َ َ ََ ْ‬ ‫س ِ َ‬
‫الر ُ‬ ‫الح َرام‪َ ،‬و َم ْ‬
‫َ‬
‫النبوية والتي تعرف بحجرة عائشة ‪،‬‬ ‫الشريفة‪ ،‬والحجرة َّ‬ ‫الروضة َّ‬ ‫‪ .7‬وفيه منبر رسول اهلل ‪ ،‬و َّ‬
‫اض ا ْل َج َّن ِة)(‪.)3‬‬
‫ض ٌة ِم ْن ِرَي ِ‬ ‫والتي فيها قبره ‪ ،‬قال ‪َ (:‬ما َب ْي َن َب ْي ِتي َو ِم ْن َب ِري َر ْو َ‬
‫وكيف ال تكون روضة من رياض الجنة والعبادة فيها خير اماكن العبادات‪ ،‬فهي تقرب‬
‫الدعاء فيها مرجو اإلجابة‪ ،‬بجوارها أفضل بقعة‬‫النار‪ ،‬و ُّ‬
‫صاحبها إلى الجنَّة‪ ،‬وتباعده عن َّ‬
‫ذكر ووعظ‪ ،‬وأنذر َّ‬
‫وبشر‪،‬‬ ‫الشريف‪ ،‬والَّذي طالما صلَّى وقام هنا‪ ،‬وعلى منبره َّ‬
‫ضمت جسده َّ‬
‫كان مكانا انطلق منه رسالة اإلسالم السِّياسية‪ ،‬واألخالقية‪ ،‬ومن حجرتها رضى اهلل عنها‬
‫عرفنا السُّنة وتفاصيل حياته ‪ ،‬والَّتي أنارت طريقنا نحو َّ‬
‫الصواب‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬المسجد األقصى فضله وأهميته‬


‫أوًال‪ :‬التَّعريف بالمسجد األقصى‬
‫ال يعرف بشكل دقيق متى ُبني المسجد األقصى‪ ،‬ولكن ورد عن النَّبي‪َّ ‬أنه بني بعد‬
‫ت‪ :‬يا ر ُسول اللَّه‪،‬‬ ‫المسجد الحرام بأربعين سنة‪ ،‬وذلك ما ذكره البخاري عن أبي ذٍّر ‪ ،‬قال‪ُ :‬قل ُ‬
‫ٍ‬
‫ت‪ :‬كم‬ ‫ْصى) ُقل ُ‬‫س ِج ُد األَق َ‬ ‫الم ْ‬
‫ت‪ :‬ثَُّم أيٌّ‪ ،‬قال‪( :‬ثُ َّم َ‬ ‫ام)‪ُ ،‬قل ُ‬ ‫س ِج ُد َ‬
‫الح َر ُ‬ ‫الم ْ‬
‫ي مسجد ُوضع أ َّول‪ ،‬قال‪َ (:‬‬ ‫أ ُّ‬
‫س ِج ٌد)(‪.)4‬‬
‫ض لَ َك َم ْ‬‫ص ِّل‪َ ،‬واأل َْر ُ‬
‫الصالَةُ فَ َ‬
‫ال‪َ :‬ح ْيثُ َما أ َْد َرَكتْ َك َّ‬
‫ون‪ ،‬ثَُّم قَ َ‬
‫كان بينهُما‪ ،‬قال‪(:‬أ َْرَب ُع َ‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫أما عن بناءه األول فقيل أنهم المالئكة‪ ،‬وقيل النَّبي آدم ‪ ،‬وقيل داوود وسليمان ‪‬‬
‫و َّ‬

‫(‪ (1‬انظر‪ :‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬ج‪261/82‬‬
‫(‪ )2‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬الحج‪ /‬فضل الصَّالة في مسجد مكة والمدينة‪ :71/7 ،‬رقم الحديث‪.8811‬‬
‫(‪ )3‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬الحج‪ /‬ما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة‪ :8181/7 ،‬رقم الحديث‪.8571‬‬
‫(‪ )4‬المصدر السَّابق‪ ،‬أحاديث األنبياء‪ /‬ووهبنا لداود سليمان‪ :877/2 ،‬رقم الحديث ‪.5273‬‬
‫(‪ ) 5‬انظر‪ :‬تاريخ بيت المقدس‪ ،‬اين الجوزي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد زينهم زعرب‪ ،‬ج‪56/8‬‬

‫‪33‬‬
‫ولقد سجل التاريخ مجموعة من الحضارات التي سكنت القدس وقامت بترميم المسجد األقصى‪،‬‬
‫ابتداء باليبوسين‪ ،‬وهم قبيلة كنعانية سكنت القدس واطلقت عليها اسم أورسليم‪ ،‬وفي تلك الفترة‬
‫هاجر النَّبي إبراهيم ‪ ‬إليها‪ ،‬وبعد ذلك آل أمر األقصى إلى الفراعنة َّ‬
‫ثم فتحها داوود ‪،‬‬
‫الرمان والبيزنطنيين‪ ،‬حتى عهد نبينا محمد ‪.)1( ‬‬
‫وعمرها سليمان من بعده‪ ،‬تالها عهد ُّ‬
‫َّ‬
‫والمسجد األقصى بالنسبة للمسلمين أولى القبلتين ومسرى نبي اإلسالم محمد ‪ ‬ليلة اإلسراء‬
‫والمعراج‪ ،‬يتكون من مساحة شبه مستطيلة تبلغ مساحتها ‪ 822‬دونم‪ ،‬تتكون من عدة أبنية‪،‬‬
‫باإلضافة الى معالم يصل عددها الى مئتي معلم‪ ،‬ومن أبرزها‪ ،‬الجامع القبلي‪ ،‬والَّذي بناه عمر‬
‫بن الخطاب‪ ،‬والمسجد المرواني والَّذي بناه عبد الملك بن مروان(‪ ،)2‬وقبة الصَّخرة والَّتي بنى‬
‫الصخرة المشرفة والَّتي صعد إليها ‪ ،‬في‬ ‫قبتها عبد الملك بن مروان‪ ،‬توسطها من َّ‬
‫الداخل َّ‬
‫رحلته ليلة اإلسراء والمعراج‪ ،‬باإلضافة الى حائط البراق وهو السُّور الغربي للمسجد وجزء منه‪،‬‬
‫ويزعم االحتالل َّأنه جزء المتبقي من الهيكل المزعوم(‪ ،)3‬كما َّ‬
‫أن للمسجد األقصى أحدى عشر‬
‫باب‪ ،‬أهمها‪ ،‬باب المغاربة والَّذي استولى اليهود على مفاتيحه منذ ‪8776‬م‪ ،‬وباب َّ‬
‫الرحمة‪،‬‬
‫وباب السِّلسلة‪ ،‬وباب الحديد وغيرها‪ .‬كما له أربع مآذن عظيمة تزين ساحاته‪ ،‬ومعالمه‬
‫األثرية(‪.)4‬‬
‫ويع ُّد المسجد األقصى من المعالم المهمة إلسالم وللمسلمين من حيث مكانته الجغرافية‪،‬‬
‫الصهاينة‪ ،‬لالستيالء عليه‪،‬‬
‫الرسل‪ ،‬ولهذا تكابد عليه أعين األعداء‪ ،‬و َّ‬ ‫و ِّ‬
‫الدينية‪ ،‬ومهبط األنبياء و ُّ‬
‫فحمى اهلل بيته وأهله ومن حوله‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬التاريخ إلى القدس‪ ،‬محسن صالح‪ ،‬ج‪.57/8‬‬


‫(‪ )2‬أبو الوليد‪ ،‬عبد الملك بن مروان بن الحكم األموي‪ ،‬القرشي‪ ،‬نشأ في المدينة فقيها واسع العلم ‪ ،‬انتقلت إليه‬
‫الخالفة بموت أبيه سنه ‪ ،73‬انظر‪ :‬موسوعة األعالم‪ ،‬موقع و ازرة األوقاف المصرية‪ ،‬ج‪.857/7‬‬
‫(‪)3‬زعم اليهود َّ‬
‫أن داوود‪ ‬أسس لبناء هيكل عظيم لعبادتهم ودينهم‪ ،‬بعد أن اشترى أرضه‪ -‬مكان المسجد‬
‫فدمر الهيكل للمرة األولى على يد القائد البابلي( بخنتصر) ‪ 317‬ق‪ .‬م‪،‬‬ ‫األقصى‪ -‬فبناه بعده سليمان‪ُ ،‬‬
‫الروماني‪،‬‬
‫وتفرق اليهود في العالم‪ ،‬فرجعوا وأعادوا بناء الهيكل‪ ،‬فدمر ثانيا على يد (تيطس) ابن االمبراطور ُّ‬
‫ويحاولوا اآلن أعاد بنائه واستعادة هيكلهم‪ ،‬انظر‪ :‬موسوعة اليهود واليهودية والصُّهيونية‪ ،‬المسيري‪ ،‬ج‪.258/81‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬تحفة َّ‬
‫النظار في غرائب األمصار وعجائب األسفار‪ ،‬ابن بطوطة‪ ،‬ج‪ ،67/8‬المعالم األثرية في‬
‫السَُّّنة والسِّيرة‪ ،‬حسن ُشَّراب‪ ،‬ج‪.77/8‬‬

‫‪32‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬فضل المسجد األقصى وما حوله‬
‫يتضح فضل المسجد األقصى من خالل اآليات األتية‪:‬‬
‫س ِج ِد ْاْلَ ْق َ‬
‫صى الَّ ِذي‬ ‫رام إِلَى ا ْل َم ْ‬
‫س ِج ِد ا ْل َح ِ‬
‫سرى بِ َع ْب ِد ِه لَ ْيالً ِمنَ ا ْل َم ْ‬ ‫‪ .8‬قال تعالى‪ُ ﴿:‬‬
‫سبْحانَ الَّ ِذي أَ ْ‬
‫بي ‪ ‬من‬ ‫صي ُر﴾]اإلسراء‪ ،[8:‬أُعرج َّ‬
‫بالن ِّ‬ ‫س ِمي ُع ا ْلبَ ِ‬
‫بار ْكنا َح ْولَهُ لِنُ ِريَهُ ِمنْ آياتِنا إِنَّهُ ه َُو ال َّ‬
‫َ‬
‫الدين و ُّ‬
‫الدنيا‪ ،‬وألنَّه مهبط‬ ‫المسجد األقصى بيت المقدس الذي بارك اهلل ما حوله ببركات ِّ‬
‫ومتعبد األنبياء‪ ،‬وفيه إشارة إلى أن فضل المسجد األقصى‪ ،‬والبركة الَّتي تحيطه‬
‫َّ‬ ‫الوحي‬
‫كفضل المسجد الحرام والبركة التي فيه وما حوله(‪.)1‬‬
‫ين﴾‬ ‫‪ .7‬وقال تعالى‪َ ﴿:‬و َج َع ْلنَا ابْنَ َم ْريَ َم َوأُ َّمهُ آيَةً َوآ َو ْينَاهُ َما إِلَى َر ْب َو ٍة َذا ِ‬
‫ت قَ َرا ٍر َو َم ِع ٍ‬
‫الربوة المكان المرتفع‪ :‬تعني بيت المقدس‪ ،‬كبد األرض وأقرب األرض‬ ‫]المؤمنون‪ ،[31:‬قيل َّ‬
‫إلى السَّماء‪ ،‬وذات قرار مستقر من أرض منبسطة ذات ثمار وزروع‪ ،‬وذات ماء معين‬
‫ظاهر وجاري(‪.)2‬‬
‫‪ .5‬وقال تعالى‪َ ﴿:‬و َج َع ْلنَا بَ ْينَ ُه ْم َوبَيْنَ ا ْلقُ َرى الَّتِي بَ َ‬
‫ار ْكنَا فِي َها قُ ًرى ظَا ِه َرةً َوقَد َّْرنَا فِي َها ال َّ‬
‫س ْي َر‬
‫الشام‪ ،‬وقيل بيت‬ ‫سي ُروا فِي َها لَيَالِ َي َوأَيَّا ًما آ ِم ْنينَ ﴾]سبأ‪ ،[81:‬قيل القرى الَّتي باركنا فيها َّ‬ ‫ِ‬
‫المقدس(‪.)3‬‬
‫ق اْلَ ْر ِ‬
‫ض َو َم َغا ِربَ َها الَّتِي بَ َ‬
‫ار ْكنَا‬ ‫َض َعفُونَ َمشَا ِر َ‬ ‫‪ .2‬وقال تعالى‪َ ﴿:‬وأَ ْو َر ْثنَا ا ْلقَ ْو َم الَّ ِذينَ َكانُوا يُ ْ‬
‫ست ْ‬
‫فِي َها﴾]االعراف‪ ،[856:‬يقول اهلل َّ‬
‫عز وجل أنه أورث بني إسرائيل الذين كانوا مستضعفين‬
‫من فرعون مشارق األرض ومغاربها‪ ،‬وعنا بذلك أرض َّ‬
‫الشام التي بارك فيها‪ ،‬من الخير‬
‫الدائم الثَّابت ألهلها(‪.)4‬‬
‫َّ‬
‫ار ْكنَا فِي َها َو ُكنَّا بِ ُك ِّل‬ ‫َاصفَةً ت َْج ِري بِأ َ ْم ِر ِه إِلَى ْاْلَ ْر ِ‬
‫ض الَّتِي بَ َ‬ ‫يح ع ِ‬ ‫‪ .3‬وقال تعالى‪َ ﴿:‬ولِ ُ‬
‫سلَ ْي َمانَ ِّ‬
‫الر َ‬
‫أرض بارك اهلل فيها وهي أرض‬ ‫ٍ‬ ‫َي ٍء عَالِ ِمينَ ﴾]األنبياء‪ ،[18:‬هي ريح عاصفة تجري إلى‬ ‫ش ْ‬
‫َّ‬
‫الشام(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان‪ ،‬السَّعدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحمن بن معال اللويحق‪،‬‬
‫ج‪.235/8‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬معاني القرآن واعرابه‪ ،‬الزجاج‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الجليل عبده شلبي‪ ،‬ج‪ ،82/2‬أنوار التَّنزيل وأسرار‬
‫التَّأويل‪ ،‬البيضاوي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد الرحمن المرعشلي‪ ،‬ج‪.17/2‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز‪ ،‬ابن عطية‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السَّالم عبد َّ‬
‫الشافعي‪،‬‬
‫ج‪.287-283/2‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬ج‪.67/85‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬فتح القدير‪ُّ ،‬‬
‫الشوكاني‪ ،‬ج‪.273/5‬‬

‫‪30‬‬
‫ار ْكنَا فِي َها لِ ْل َعالَ ِمينَ ﴾]األنبياء‪ ،[68:‬كانا‬ ‫‪ .7‬قال تعالى‪َ ﴿:‬ونَ َّج ْينَاهُ َولُوطًا إِلَى ْاْلَ ْر ِ‬
‫ض الَّتِي بَ َ‬
‫الشام‪ ،‬وهي أرض المحشر والمنشر‪ ،‬وبها مجمع َّ‬
‫الناس‪،‬‬ ‫بأرض العراق فأنجاه اهلل إلى أرض َّ‬
‫الدجال(‪.)1‬‬ ‫وبها ينزل عيسى ‪ ‬وبها يهلك المسيخ َّ‬
‫َّللاُ لَ ُك ْم﴾]المائدة ‪ [78:‬قيل األرض‬
‫سةَ الَّتِي َكت ََ ُ َّ‬ ‫‪ .6‬وقال تعالى‪﴿:‬يَا قَ ْو ِم اد ُْخلُوا ْاْلَ ْر َ‬
‫ض ا ْل ُمقَ َّد َ‬
‫المقدسة هي أرض بيت المقدس‪ ،‬وقيل أرض أهل َّ‬
‫الشام‪ ،‬والمعنى ِّإنها أرض طهرت من‬
‫وجعلت أرض األنبياء(‪.)2‬‬ ‫َّ‬
‫الشرك ُ‬

‫ثانياً‪ :‬أهمية المسجد األقصى‬


‫من خالل اآليات واألحاديث َّ‬
‫النبويَّة عن المسجد األقصى وأرض بيت المقدس يمكن أن أذكر‬
‫أهمية المسجد األقصى وما حوله بما يلي‪:‬‬
‫‪ .8‬هو أولى القبلتين التي توجه إليها المسلمون في صالتهم نحو ما يزيد على عن سبعة عشر‬
‫شهر بإمامة الرسول ‪.)3(‬‬
‫ا‬
‫الر َحا ُل إَِّال إِ َلى ثَالَ ثَ ِة‬
‫ش ُّد ِّ‬
‫الرحال معهما‪ ،‬قال‪(:‬الَ تُ َ‬ ‫الذي ُّ‬
‫تشد إليه ِّ‬ ‫الشرفين ِّ‬ ‫‪ .7‬ثالث الحرمين َّ‬
‫ول ‪ ،‬وم ِ‬ ‫س ِج ِد َّ‬ ‫ِ‬ ‫اج َد‪ :‬الم ِ‬
‫ْصى)(‪.)4‬‬ ‫س ِجد األَق َ‬
‫ََ ْ‬ ‫س ِ‬
‫الر ُ‬ ‫س ِجد َ‬
‫الح َرام‪َ ،‬و َم ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫س ِ‬‫َم َ‬
‫للدفاع عنه‬ ‫الذود ِّ‬ ‫‪ .5‬فيها مسرى الرسول‪ ،‬ويرتبط هذا المكان بعقيدة كل مسلم فاألحرى َّ‬

‫بالمال‪ ،‬والنَّفس‪ ،‬والكلمة الحق‪.‬‬


‫‪ .2‬القدس مهبط األنبياء‪ ،‬ومنه بداية الهداية لجميع الخلق‪ ،‬فإن دل ذلك ِّ‬
‫فإنما يدل على االحترام‬
‫للديان األخرى‪ ،‬وليس الخذول واإلهانة‪.‬‬
‫‪ .3‬القدس تمثل أهم الحضارات اإلسالمية كانت وما زالت في التَّاريخ‪ ،‬متمثلة بالمسجد‬
‫األقصى‪ ،‬وقبة الصَّخرة‪ ،‬والحرم القدسي َّ‬
‫الشريف‪ ،‬والجامع العمري‪ ،‬وحائط البراق الذي‬
‫وقفت براقه عنده ‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬ج‪ ،277/81‬روح البيان‪ ،‬أبو‬
‫الفداء‪ ،‬ج‪.288/6‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬النكت والعيون‪ ،‬المارودي‪ ،‬تحقيق‪ :‬السَّيد بن عبد المقصود‪ ،‬ج‪.73/7‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬السِّيرة َّ‬
‫النبوية ‪ ،‬ابن هشام‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد السقا‪ ،‬ج‪.221/8‬‬
‫(‪ )4‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬الحج‪ /‬فضل الصَّالة في مسجد مكة والمدينة‪ :71/7 ،‬رقم حديث‪.8811‬‬

‫‪30‬‬
‫ُم ِتي قَ ِائ َم ًة َعلَى أ َْم ِر اللَّ ِه‪َ ،‬ال َي ُ‬
‫ض ُّرَها َم ْن‬ ‫ص َاب ٌة ِم ْن أ َّ‬ ‫ِ‬
‫الرباط قال‪َ(:‬ال تََاز ُل ع َ‬ ‫أرض ِّ‬ ‫‪ .7‬األقصى‬
‫ين‪َ ،‬ي ْرفَعُ اللَّ ُه قَ ْو ًما‬
‫آخ ِر َ‬ ‫ب قَ ْوٍم َ‬ ‫ش َب ْت َح ْر ُ‬‫ب َن َ‬ ‫اء َها‪ُ ،‬كلَّ َما َذ َه َب ْت َح ْر ٌ‬
‫َع َد َ‬ ‫تُقَ ِات ُل أ ْ‬ ‫َخالَفَ َها‪،‬‬
‫الش ِام)(‪.)1‬‬
‫َه ُل َّ‬ ‫سو ُل اللَّ ِه ‪ُ :‬ه ْم أ ْ‬ ‫ال َر ُ‬ ‫اع ُة‪ ،‬ثُ َّم قَ َ‬ ‫ِم ْن ُه َحتَّى تَأ ِْت َي ُه ُم َّ‬
‫الس َ‬ ‫َوَي ْرُزقُ ُه ْم‬
‫ود‪َ ،‬حتَّى َيقُو َل‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫اع ُة َحتَّى تُقَاتلُوا َ‬
‫الي ُه َ‬ ‫س َ‬ ‫وم ال َّ‬
‫‪ .6‬األقصى أرض الطائفة المنصورة‪ ،‬قال ‪(:‬ال تَقُ ُ‬
‫ي َو َرِائي فَاقْتُْل ُه)(‪.)2‬‬ ‫سلِم‪َ ،‬ه َذا َي ُه ِ‬
‫ود ٌّ‬ ‫ي‪َ :‬يا ُم ْ ُ‬
‫الي ُه ِ‬
‫ود ُّ‬ ‫اءهُ َ‬
‫الح َج ُر َو َر َ‬
‫َ‬
‫الصهيوني على المسجد األقصى‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬العدوان ُّ‬
‫من المعلوم َّ‬
‫أن المسجد األقصى بني بعد المسجد الحرام بأربعين سنة كما ُذكر سلفا‪،‬‬
‫أن المسجد األقصى والقدس َّ‬
‫الشريف وجدت قبل وجود أي كنيس أو مسجد‪ ،‬وهذا‬ ‫وهذا يعني َّ‬
‫بدوره قبل وجود اليهود الصَّهاينة‪ ،‬ومنذ ذلك التَّاريخ َّ‬
‫ظل المسجد األقصى أرض مباركة يرعاها‬
‫الصهاينة ‪ ،‬وفي سنة‬ ‫َّ‬
‫وظل المسجد األقصى محط أعين األعداء و َّ‬ ‫األنبياء واألولياء والعباد‪،‬‬
‫‪275‬ه‪8177/‬م‪ ،‬احتل الصَّليبيون بيت المقدس‪ ،‬وقاموا بتحويل قبة الصَّخرة إلى كنيسة فانتهكوا‬
‫َّ‬
‫وظل بيت‬ ‫حرم االسالم في االماكن المقدسة‪،‬‬
‫قدسيته‪ ،‬وبنو فوق الصَّخرة مذبحا‪ ،‬وأباحوا ما َّ‬
‫المقدس على حالة هذا حتى سنة ‪317‬ه‪8875/‬م‪ ،‬عندما فتح اهلل على يد القائد صالح ِّ‬
‫الدين‬
‫بيت المقدس‪ ،‬وطهرها من دنس الصَّليبيين(‪.)4‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫األيوبي‬

‫"وأثناء الحرب العالمية األولى وبعد سقوط َّ‬


‫الدولة العثمانية(‪ ،)5‬دخلت فلسطين تحت االنتداب‬
‫البريطاني التي منحتها لليهود إلقامة وطن قومي لهم بموجب وعد بلفور سنة ‪8557‬‬
‫هـ‪8786/‬م‪ ،‬وأنشأت ‪ -‬الوكالة اليهودية ‪ -‬وهي دولة داخل دولة‪ ،‬تمهيدا إلقامة دولتهم‪،‬‬

‫(‪ )1‬المعجم األوسط‪ ،‬الطبراني‪ ،‬ج ‪ :33/1‬رقم حديث‪ ،6721‬حكم األلباني‪ :‬حسن صحيح‪.‬‬
‫(‪ )2‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬كتاب الجهاد والسَّير‪ /‬قتال اليهود‪ :27/2 ،‬حديث‪.7777‬‬
‫(‪ )3‬هو أبو المظفر‪ ،‬يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان‪ ،‬الملقب بالملك َّ‬
‫الناصر‪ ،‬أشهر ملوك اإلسالم‪ ،‬أسس‬
‫الص ِّ‬
‫لبيين‪ ،‬بعد‬ ‫َّ‬
‫المقدسة من َّ‬ ‫الدولة األيوبية ‪ ،‬قاد َّ‬
‫عدة حمالت لتحرير األرض‪ ،‬أعظمها استعادة األراضي‬ ‫َّ‬
‫هزيمتهم في معركة حطين‪ ،‬انظر‪ :‬األعالم‪ ،‬الزركلي‪ ،‬ج ‪.773-771/1‬‬
‫(‪ )4‬الكامل في التَّاريخ‪ ،‬ابن األثير‪ ،‬تحقيق‪ :‬عمر عبد السَّالم تدمري‪ ،‬ج‪.265/7‬‬
‫(‪ )5‬نسبة إلى عثمان بن أرطغان بن سليمان شام القايوي‪ ،‬ولد ‪8731‬م ‪ ،‬مؤسس الساللة العثمانية‪ ،‬ومنها‬
‫الدولة العثمانية الَّتي امتدت فتوحاتها الى بالد َّ‬
‫الشام من يد المماليك‪ ،‬انظر‪ :‬فاتح القسطنطينية السلطان محمد‬ ‫َّ‬
‫َّالبي‪ ،‬ج‪.82/8‬‬ ‫الفاتح‪ ،‬الص َّ‬

‫‪32‬‬
‫وسمحت ليهود العالم بالهجرة إلى فلسطين‪ ،‬وبدأت المقاومة‪ ،‬وقامت الثَّورات ولكن بال نتيجة‪،‬‬
‫وبعد انتهاء االنتداب البريطاني أعلن اليهود قيام وطنهم القومي في فلسطين تحت اسم دولة‬
‫إسرائيل سنة ‪8576‬هـ‪8721/‬م واعترفت بها الدول الكبرى‪ ،‬ودخلت الجيوش العربية في فلسطين‬
‫ولكنها انهزمت وانسحبت"(‪.)1‬‬
‫َّ‬
‫الصهيونية‪ ،‬واإلجرام اليهودي‪ ،‬ظلَّت‬
‫مما شهدته القدس في هذه المرحلة من االعتداءات ُّ‬
‫وبالرغم َّ‬
‫مما خفَّف بعض معاناة األقصى والمقدسيَّين‪.‬‬
‫قوة َّ‬
‫المقاومة حاضرة بكل َّ‬

‫ويمكن أن ُنجمل مراحل اعتداءات الصَّهاينة على المسجد األقصى بالنقاط التَّالية‪:‬‬
‫‪ .8‬محاوالت االستيالء على حائط البراق عام ‪8771‬م حيث شكل اليهود جمعية ِّ‬
‫للدفاع على‬
‫أن المسجد األقصى يقوم على قدس االقداس في الهيكل و َّأنه يخص‬ ‫حائط المبكى مفادها‪َّ :‬‬
‫اليهود‪ ،‬فحاولوا بعدها تحويل حائط البراق إلى ما يشبه الكنيسة يتخلَّلها محاوالت االستفزاز‬
‫بالمسلمين من خالل رفع العلم الصُّهيوني واالناشيد اليهودية‪ ،‬فتصدى الفلسطينيون لهم بثورة‬
‫البراق والَّتي عمت معظم أرجاء فلسطين(‪.)2‬‬
‫‪ .7‬في حرب ‪8721‬م احتل اليهود فلسطين‪ ،‬فقصفوا بمدافعهم المسجد األقصى وأحرقوا بعض‬
‫الرسمية‬
‫بواباته ومآذنه‪ ،‬وتكرر هذ االمر في نكسة ‪8776‬م‪ ،‬كما حاولت المؤسسات َّ‬
‫االسرائيلية بهدم المسجد األقصى‪ ،‬وذلك من خالل حفر األنفاق تحته في كل اتجاهاته‬
‫الشرقية‪ ،‬والغربية‪ ،‬ومتجها إلى الصَّخرة المشرفة(‪.)3‬‬
‫‪ .5‬وفي عام ‪8777‬م عمد الصَّهاينة إلى إحراق المسجد األقصى على يد الحاقد الصُّهيوني‬
‫مايكل روهان توطئة لهدمه وازالته وبناء الهيكل على انقاذه فتسلَّل نفر من الصَّهاينة إلى‬
‫ثم اشعلوا ِّ‬
‫النيران فيه(‪.)4‬‬ ‫باحات المسجد األقصى الخارجية َّ‬
‫‪ .2‬وفي ‪8767‬م انتهك اليهود حرمة األقصى بعد قرار احدى المحاكم اإلسرائيلية حق اليهود‬
‫في الصَّالة باألقصى فمهدوا القتحامه واداء الصَّلوات في ساحاته‪ ،‬لكن قوبلوا َّ‬
‫بالشباب‬
‫المجاهد الفلسطيني‪ ،‬وافشلوا محاوالتهم(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬موجز التاريخ اإلسالمي منذ عهد آدم عليه السالم‪ ،‬العسيري‪ ،‬ج‪.227/8‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬اإلرهاب الصهيوني في فلسطين‪ ،‬العمري‪ ،‬ص‪.867-868‬‬
‫الصهيوني في فلسطين‪ ،‬العمري‪ ،‬ص‪.867‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬اإلرهاب ُّ‬
‫(‪ )4‬القدس العتيقة مدينة التَّاريخ والمقدسات‪ ،‬عبده‪ ،‬ص‪811‬‬
‫الصهيوني في فلسطين‪ ،‬العمري‪ ،‬ص ‪.865‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬اإلرهاب ُّ‬

‫‪33‬‬
‫‪ .3‬وفي عام ‪8712‬م قامت السُّلطات اليهودية برفع العلم اليهودي في ساحات األقصى وزادت‬
‫محاوالت االعتداء على المسجد األقصى َّ‬
‫بالنسف بالمواد المتفجرة(‪.)1‬‬
‫‪ .7‬وفي عام ‪8717‬م قامت قوات من الجيش االسرائيلي‪ ،‬بفرض حظر تجول في منطقة‬
‫وحراس المسجد أثر تصديهم لليهود‪،‬‬
‫المسجد األقصى وقاموا باعتقال عدد من المصلين‪َّ ،‬‬
‫وتكررت محاوالت االقتحامات واقامة الطَّقوس اليهودية‪ ،‬وخاصة في أعياد المسلمين(‪.)2‬‬
‫‪ .6‬في عام ‪8717‬م قامت جماعات يهودية بوضع حجر األساس للهيكل بالقرب من مدخل‬
‫المسجد األقصى‪ ،‬واعتبروه بداية حقبة تاريخية لهم‪ ،‬وفي عام ‪8771‬م ارتكبت القوات‬
‫اإلسرائيلية مجزرة دموية في ساحات المسجد األقصى لتصديهم لقوات االحتالل ومحاوالتهم‬
‫إدخال الحجر إلى داخل المسجد‪ ،‬وظلت اعتداءات اليهود بعدها تتكرر من اقتحامات‬
‫األقصى من بواباته بصورة علنية ومستمرة(‪.)3‬‬
‫‪ .1‬وفي عام ‪8771‬م حاول يهودي متطرف تدنيس المسجد األقصى بإلقاء رأس خنزير مغلف‬
‫بآيات القران الكريم في ساحات المسجد‪ ،‬كما اقتحم اليهود المسجد األقصى في نفس السَّنة‬
‫احياء لذكرى خراب الهيكل‪ ،‬وكانوا يرتدون مالبس الحداد ويضعون على رؤوسهم االقنعة‬
‫مما دعا دائرة األوقاف اإلسالمية إلى غلق المسجد احتجاجا على ممارسات اليهود(‪.)4‬‬
‫َّ‬
‫‪ .7‬في عام ‪7111‬م قام رئيس وزراء إسرائيل شارون باقتحام المسجد األقصى وتدنيسه مما أدى‬
‫إلى إشعال االنتفاضة الثَّانية‪ ،‬ومنذ ذلك الوقت سارعت االجهزة اإلسرائيلية لمحاوالت تهويد‬
‫القدس وتقسيم األقصى بخطوات مدروسة وأمام صمت عربي واسالمي(‪.)5‬‬
‫‪ .81‬وفي عام ‪7113‬م قام اليهود بتركيب أجهزة استشعار للحركة وكاميرات حول األقصى‪،‬‬
‫ومن ثم رتبوا التَّسهيالت لليهود القتحام المسجد‪ ،‬والحركة فيه بحرية تامة(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬المسجد األقصى المبارك اعتداءات ومخاطر‪ ،‬اللجنة االعالمية‪ -‬مؤسسة االقصى‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬ابرز اعتداءات االحتالل على المسجد االقصى‪ ،‬موقع الجزيرة‪ 83 ،‬ديسمبر‪7183 ،‬م‪.‬‬
‫الصهيوني في فلسطين‪ ،‬العمري‪ ،‬ص‪.832‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬اإلرهاب ُّ‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬أبرز اعتداءات االحتالل على المسجد االقصى‪ ،‬موقع الجزيرة‪ 83 ،‬ديسمبر‪7183 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬أبرز اعتداءات االحتالل على المسجد االقصى‪ ،‬موقع الجزيرة‪ 83 ،‬ديسمبر‪7183 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬المسجد األقصى المبارك اعتداءات ومخاطر‪ ،‬اللجنة االعالمية‪-‬مؤسسة االقصى‪ ،‬ص‪.6‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ .88‬وفي عام ‪7181‬م افتتح اليهود كنيسة الخراب بجوار المسجد األقصى ثم تليه كنيسة أخرى‬
‫على بعد ‪ 711‬متر منه‪ ،‬وفي نفس السَّنة سمحت شرطة االحتالل الحد حاخاماتهم لدخول‬
‫المسجد األقصى وتكررت االقتحامات اليهودية في هذا العام حتى وقتنا(‪.)1‬‬
‫‪ .87‬وفي عام ‪7187‬م قدم عضو كنيسة يهودية مقترح قانوني لتقسيم األقصى‪ ،‬يسمح فيه‬
‫لليهود بالصَّالة في أيام معينة ويمنع فيها المسلمون من دخول األقصى(‪.)2‬‬
‫‪ .85‬وفي عام ‪7187‬م تصاعدت اعتداءات الصَّهاينة على المسجد األقصى بعدة اجراءات‬
‫تعسفية بمنع وصول المصلين ألداء صلواتهم واستباحة دخول الجنود إلى باحات األقصى‬
‫مما أدى إلى غضب فلسطيني عارم أدت إلى انتفاضة‬
‫واالعتداء على المصلين‪َّ ،‬‬
‫السكاكين(‪.)3‬‬
‫‪ .82‬وفي عام ‪7186‬م استباحت ُّ‬
‫الشرطة الصهيونية باحات األقصى‪ ،‬واعتدت على المصلين‬
‫مما أدى إلى استشهاد ثالثة شبان بعد مواجهتهم للجنود‪ ،‬فتصاعدت عمليات اليهود في‬
‫َّ‬
‫القدس من وضع البوابات االلكترونية والكاميرات للتَّضيق على المصلين وانكار حقهم في‬
‫مما دفع علماء القدس لتحريم ُّ‬
‫الدخول من البوابات االلكترونية‪ ،‬فتعالت‬ ‫المسجد األقصى َّ‬
‫الرباط على بوابات األقصى‪ ،‬واالعتصامات حوله حتى أزال‬
‫االحتجاجات والتزم المسلمين ِّ‬
‫العدو االجراءات األخيرة(‪.)4‬‬
‫‪ .83‬وفي أواخر هذا السََّّنة ‪7186‬م‪ ،‬شهد المسجد األقصى انتكاسة جديدة في حقه نتيجة‬
‫الديني والقومي ُّ‬
‫للشعوب العربية واإلسالمية‪ ،‬بتكالب ُّ‬
‫الدول الكافرة‬ ‫الضُّعف العربي‪ ،‬والتَّراجع ِّ‬
‫الشريف وأقصانا الطَّاهر إلى اليهود باعتبارها‬
‫والمتواطئة مع اليهود على ضم قدسنا َّ‬
‫عاصمة لهم‪ ،‬وسلبها من أهلها‪ ،‬فحماك اهلل يا أولى القبلتين‪.‬‬
‫وأخي ار قال تعالى في كتابه العزيز‪﴿:‬فَإ ِ َذا َجا َء َو ْع ُد ْاْل ِخ َر ِة لِيَ ُ‬
‫سو ُءوا ُو ُجو َه ُك ْم َولِيَد ُْخلُوا‬
‫س ِج َد َك َما د ََخلُوهُ أَ َّو َل َم َّر ٍة َولِيُتَبِّ ُروا َما َعلَ ْوا تَ ْتبِي ًرا﴾]اإلسراء‪ ،[6:‬الضمير في وليدخلوا‬
‫ا ْل َم ْ‬
‫قرها ليسوءوا فالَّذين يسوؤون وجوه اليهود هم الَّذين‬
‫عائد على الفاعل في ليسوءوا لمن أ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬أبرز اعتداءات االحتالل على المسجد االقصى‪ ،‬موقع الجزيرة‪ 83 ،‬ديسمبر‪7183 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬المرجع السابق‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬أبرز اعتداءات االحتالل على المسجد االقصى‪ ،‬موقع الجزيرة‪ 83 ،‬ديسمبر‪7183 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬المرجع السَّابق‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫يدخلون المسجد األقصى كما دخلوه أول مرة(‪ ،)1‬هم المسلمون الفاتحون حيث ستكون معركة‬
‫إسالمية إيمانية‪ ،‬وهذا اإلسناد لتكريمهم ورفع شأنهم‪ ،‬فهي بشرى رَّبانية للمسلمين بالفرج‬
‫النصر والتَّمكين‪ ،‬فان شاء اهلل تنتهي هذه المرحلة الحرجة‪ ،‬ويكون المسلمين من القوى‬
‫و َّ‬
‫والتَّمكين ما يمكنهم من فتح البالد‪ ،‬ويصلُون للمسجد األقصى متبعين خطى َّ‬
‫الرسول‪ ‬ليلة‬
‫اإلسراء‪.‬‬

‫(‪ )1‬ق أر ابن عامر وحمزة وخلف وأبو بكر بالياء ونصب الهمزة‪ ،‬وق أر الكسائي بالنون ونصب الهمزة‪ ،‬وق أر الباقون‬
‫بالياء وضم الهمزة‪ ،‬انظر‪ :‬إتحاف فضالء البشر في القراءات األربعة عشر‪ ،‬البناء‪ ،‬تحقيق‪ :‬أنس مهرة‪،‬‬
‫‪.533/8‬‬

‫‪20‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫بناء الفرد والمجتمع في القرآن الكريم‬

‫‪20‬‬
‫المبحث األول‬

‫بناء الفرد المسلم في القرآن الكريم‬


‫إن المجتمعات‬ ‫ٍ‬
‫فاضل‪ ،‬إذ َّ‬ ‫ٍ‬
‫مسلم‬ ‫َّ‬
‫إن الفرد المسلم هو األساس في عملية بناء مجتم ٍع‬
‫تتكون في مجموعتها من أفراد‪ ،‬فإذا صلح الفرد صلُحت الجماعة‪ ،‬لذلك كان لبناء الفرد فوائد‬
‫وتهذب نفسه‪ ،‬وتقوي إرادته‪ ،‬قال‬ ‫جمة‪ ،‬فهي الَّتي تشكل شخصيته المسلمة المتَّزنة‪ ،‬فتُ ِّ‬
‫وحد ذاته‪ِّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫يم﴾]الملك‪.[77:‬‬
‫ستَقِ ٍ‬
‫اط ُم ْ‬ ‫س ِويًا َعلَى ِ‬
‫ص َر ٍ‬ ‫شي َ‬ ‫تعالى‪﴿:‬أَفَ َمنْ يَ ْم ِ‬
‫شي ُم ِكبًا َعلَى َو ْج ِه ِه أَ ْهدَى أَ َّمنْ يَ ْم ِ‬
‫الرسول‪ ‬الفرد لم يكن بناؤه ُهالميا‪ ،‬بل بناه على قواعد وأُصول صحيحة‪ ،‬قاعدة‬ ‫وعندما بنى َّ‬
‫اإليمان واألُخوة‪ ،‬قاعدة اإلسالم بأركانه‪ ،‬وبذلك يتحقق متانة الخلق‪ ،‬وسالمة العقيدة‪ ،‬وصحة‬
‫ارُكم أَح ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الدين‪ ،‬خلق‬‫َخ َالقًا)(‪ ،)1‬هو خلق ِّ‬
‫اس َن ُك ْم أ ْ‬ ‫النفس‪ ،‬قال‪(:‬إِ َّن م ْن خ َي ِ ْ َ‬
‫العبادة‪ ،‬ودوام مجاهدة َّ‬
‫الشرعية‪ ،‬مسلم منقاد ر ٍ‬
‫اض‪ ،‬مستسلم ألمر اهلل تعالى‬ ‫القرآن‪ ،‬وحسن تلقي أحكامه تعالى الكونية و َّ‬
‫بصدر فشرح‪ ،‬ومع العباد بوجه طلق‪ ،‬وب ِّ‬
‫الدين ُيبنى الفرد‪ ،‬ويعلو شأنه‪ ،‬وتبرز مالمح مجتمع‬
‫الرغبات َّ‬
‫الشخصية‪.‬‬ ‫سليم قائم بذاته‪ ،‬بعيدا عن َّ‬
‫الشهوات‪ ،‬و َّ‬

‫اصطالحا‬
‫ً‬ ‫المطلب األول‪ :‬تعريف بناء الفرد لغ ًة و‬

‫أوالً‪ :‬تعريف البناء لغ ًة واصطالحاً‬


‫بأنه نقيض الهدم‪ ،‬وبمعنى وضع شيء على شيء على صفة ُيراد بها‬ ‫‪ .8‬البناء لغ ًة‪َّ " :‬‬
‫الثُُّبوت"(‪ ،)2‬قال تعالى‪﴿:‬فَأَتَى َّللاُ بِ ْنيَتَ ُه ْم ِمنَ ا ْلقَ َوا ِع ِد﴾[النحل‪.]77:‬‬
‫اصطالحا‪ :‬صفة للكمال(‪ ،)3‬بمعنى العلو واالزدهار في َّ‬
‫الشيء‪ ،‬ووصول الهدف إلى‬ ‫ً‬ ‫‪ .7‬البناء‬
‫مجاز في معاني تدور حول التَّأسيس‪ ،‬والتَّنمية‪ ،‬والقوة‬ ‫ا‬ ‫درجة االرتفاع كالبنيان‪ ،‬فهو يستعمل‬
‫صوص﴾‬ ‫صفًا َكأَنَّ ُه ْم بُ ْنيان َم ْر ُ‬ ‫والعزم‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬إِنَّ َّ‬
‫َّللاَ يُ ِح ُّ ُ الَّ ِذينَ يُقاتِلُونَ فِي َ‬
‫سبِيلِ ِه َ‬
‫]الصف‪.[2 :‬‬

‫ثانيا‪ :‬تعريف الفرد لغة واصطال ًحا‬


‫‪ .8‬الفرد لغة‪ ":‬الوتر‪ ،‬والجمع أفراد"(‪ ،)4‬قال تعالى‪َ ﴿:‬و ُكلُّ ُه ْم آتِي ِه يَ ْو َم ا ْلقِيَا َم ِة فَ ْردًا﴾]مريم‪.[73:‬‬

‫(‪ )1‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬الفضائل‪ /‬كثرة حيائه ‪ :8181/2 ،‬رقم الحديث‪.757‬‬
‫(‪ )2‬الكليات‪ ،‬أبو البقاء‪ ،‬تحقيق‪ :‬عدنان درويش‪ ،‬ج‪.728/8‬‬
‫(‪ )3‬المرجع السَّابق‪ ،‬ج‪.721/8‬‬
‫الرازي‪ ،‬تحقيق‪ :‬يوسف َّ‬
‫الشيخ محمد‪ ،‬ج‪.757/8‬‬ ‫(‪ )4‬مختار الصحاح‪ ،‬زين ِّ‬
‫الدين َّ‬

‫‪23‬‬
‫اصطالحا‪ :‬هي ملكية اإلنسان‪ ،‬بحيث يتمتع بحريته الفردية الكاملة دون ضبط أو‬
‫ً‬ ‫‪ .7‬الفرد‬
‫ثم يتمتع بهذه الفردية ضمن شروط اإللهية(‪.)1‬‬
‫قيود‪َّ ،‬‬

‫اصطالحا‬
‫ً‬ ‫ثالثاً‪ :‬تعريف المسلم لغة و‬
‫‪ .8‬المسلم لغة‪ :‬المسلم‪ :‬مشتق من الفعل سلم‪ ،‬بمعنى اإلسالم واالنضباط‪ ،‬أو بمعنى السَّالمة‬
‫من العيوب واآلفات(‪.)2‬‬
‫الشخص المستسلم ألمر اهلل تعالى‪ ،‬والمخلص هلل العبادة"(‪ ،)3‬قال‬ ‫اصطالحا‪" :‬هو َّ‬ ‫ً‬ ‫‪ .7‬المسلم‬
‫سلِ َمةً لَكَ ﴾]البقرة‪.[871:‬‬
‫سلِ َم ْي ِن لَكَ َو ِمنْ ُذ ِّريَّتِنَا أُ َّمةً ُم ْ‬ ‫تعالى‪َ ﴿:‬ربَّنَا َو ْ‬
‫اج َع ْلنَا ُم ْ‬
‫الشريعة "(‪ ،)4‬قال تعالى‪:‬‬ ‫وقيل المسلم‪ ":‬بمعنى أسلم أي دخل في اإلسالم وأظهر قبول َّ‬
‫اب آ َمنَّا قُ ْل لَ ْم ت ُْؤ ِمنُوا َولَ ِكنْ قُولُوا أَ ْ‬
‫سلَ ْمنَا َولَ َّما يَد ُْخ ِل ْ ِ‬
‫اإلي َمانُ فِي‬ ‫﴿قَالَ ِ‬
‫ت ْاْلَع َْر ُ‬
‫قُلُوبِ ُك ْم﴾]الحجرات‪.[82:‬‬
‫ويتضح مما سبق أن بناء الفرد المسلم‪ :‬هو المنهج أو األساس في تكوين الفرد المسلم‪ ،‬والمتمثِّلة‬
‫الناس بالتَّقوى‬
‫المتميزة لقيادة َّ‬
‫ِّ‬ ‫في عودة صادقة إلى اهلل سبحانه وتعالى‪ ،‬والتَّطلع إلى مقعد الحياة‬
‫والعمل‪.‬‬
‫الرجوع إلى منهجه سبحانه في بناء الفرد المسلم المؤمن‬ ‫وبناء الفرد كقائد مميَّز يتطلب َّ‬
‫منا ُّ‬
‫بعقيدته‪ ،‬المجتهد في تحقيقها‪ ،‬المتميِّز بخصائصه‪ ،‬المؤثر في مجتمعه‪ ،‬القادر على تحمل‬
‫المسؤولية‪ ،‬والواعي ألهدافه وطموحاته‪ ،‬السَّوي في صفاته‪ ،‬والقادر على التَّفكير السَّليم الحر‬
‫البعيد عن األهواء والتَّقليد‪.‬‬

‫المطلب الثَّاني‪ :‬عوامل بناء شخصية المسلم‬


‫خصية اإلسالمية‬ ‫أوالً‪ :‬تعريف َّ‬
‫الش ّ‬
‫الصفات الجسمية‪ ،‬والطَّاقات العقلية أو القدرات‬
‫الشخصية‪ :‬هي مجموعة من السِّمات‪ ،‬أو ِّ‬ ‫َّ‬
‫الفردية والعاطفية واالنفعالية والتي تُميز الفرد عن غيره(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬مختار‪ ،‬ج‪.8716/5‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تاج العروس‪ُّ ،‬‬
‫الزبيدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬مجموعة من المحققين‪ ،‬ج‪ ،561/57‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪،‬‬
‫أحمد مختار‪ ،‬ج‪.8177/7‬‬
‫(‪ )3‬تهذيب اللغة‪ ،‬الهروي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عوض مرعب‪ ،‬ج‪.587/87‬‬
‫(‪ )4‬تاج العروس‪ ،‬الزبيدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬مجموعة من المحققين‪ ،‬ج‪.513/57‬‬
‫للنمو اإلنساني عند طالب التَّعليم العالي‪َّ ،‬‬
‫الزيد‪ ،‬ج‪.358/8‬‬ ‫(‪ )5‬انظر‪ :‬التَّوجيه اإلسالمي ُّ‬

‫‪22‬‬
‫ِّ‬
‫المتغيرات التي تحدث في اإلنسان نتيجة تطور حياته‪ ،‬ومدى تأثره‬ ‫وقيل‪" :‬هي مجموعة‬
‫قال تعالى‪ ﴿:‬إِنَّ َّ‬
‫َّللاَ َّلَ يُ َغيِّ ُر َما بِقَ ْو ٍم َحتَّى يُ َغيِّ ُروا ما‬ ‫(‪)1‬‬
‫بالعادات والتَّقاليد واألعراف الدينية"‬
‫س ِه ْم﴾ [الرعد‪.]88 :‬‬
‫بِأ َ ْنفُ ِ‬
‫الشخصية اإلسالمية القوية‪ ،‬والمتمثِّلة بقوله‬
‫وتتجسد شخصية الفرد المسلم في إبراز مقوماته َّ‬

‫ت ﴾]األحزاب‪.[53:‬‬
‫ت َوا ْلقَانِتِينَ َوا ْلقَانِتَا ِ‬
‫ت َوا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ َوا ْل ُم ْؤ ِمنَا ِ‬ ‫تعالى‪﴿:‬إِنَّ ا ْل ُم ْ‬
‫سلِ ِمينَ َوا ْل ُم ْ‬
‫سلِ َما ِ‬
‫فالشخصية السَّوية تتجه في مبادئها وأُصولها وآدابها على االنقياد واإلذعان لمبادئ َّ‬
‫الشريعة‬ ‫َّ‬

‫طاعة هلل وحبا لرسوله ‪.‬‬


‫ثانياً‪ :‬دور األُسرة في بناء شخصية الفرد اإلسالمية‬
‫إن كان الفرد هو اللَّبنة األساسية في بناء المجتمع‪َّ ،‬‬
‫فإن األسرة هي التَّكوين األساسي‬
‫الَّذي ينشأ فيها األفراد‪ ،‬يبني خصائصه منها‪ ،‬ويتأثر بتربيتها‪ ،‬فهي مصدر التَّربية والمعرفة‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫س ِميع َعلِيم﴾]ال عمران‪.[52 :‬‬ ‫ض َو َّ‬
‫َّللاُ َ‬ ‫والبناء ‪ ،‬قال تعالى‪ُ ﴿:‬ذ ِّريَّةً بَ ْع ُ‬
‫ض َها ِمنْ بَ ْع ٍ‬
‫واألسرة تعتبر قاعدة المجتمع وأساسه‪ ،‬فمهام ووظائف األُسرة تبدأ منذ والدة األبناء‪ ،‬وتستمر‬
‫باستمرار الوجود البشري‪ ،‬فالطفل يحتاج إلى رعاية الوالدين‪ ،‬واهتمامهما لتحقيق مجتمع إسالمي‬
‫ُم ُه َعلَى ا ْل ِف ْط َرِة‪َ ،‬وأ ََب َواهُ َب ْع ُد ُي َه ِّوَد ِان ِه‬ ‫ان تَلِ ُدهُ أ ُّ‬
‫سٍ‬ ‫مستقر نفسيا ودينيا وأخالقيا‪ ،‬قال‪ُ (: ‬ك ُّل إِ ْن َ‬
‫(‪)3‬‬
‫سِل ٌم) ‪.‬‬ ‫صرِان ِه ويم ِّجس ِان ِه‪ ،‬فَِإ ْن َكا َنا م ِ‬
‫سل َم ْي ِن‪ ،‬فَ ُم ْ‬
‫ُْ‬ ‫َوُي َن ِّ َ َ ُ َ َ‬
‫النسل واصالحهم‪ ،‬فذاك‬ ‫ولعلك ترى كيف حرص القرآن الكريم على تعظيم دور اآلباء في تنشئة َّ‬
‫ص َال ِة َو ِمنْ ُذ ِّريَّتِي َربَّنَا َوتَقَبَّ ْل‬ ‫اج َع ْلنِي ُمقِي َم ال َّ‬ ‫ب ْ‬ ‫إبراهيم ‪ ‬يدعو ربه قائال‪ ،‬بقوله تعالى‪َ ﴿:‬ر ِّ‬
‫ُدعَا ِء﴾]إبراهيم‪.[21:‬‬
‫َّ‬
‫إن استشعار الوالدين بالمسؤولية األُسرية‪ ،‬وحسن تربية األبناء ضرورة دعا إليها اإلسالم‬
‫للمحافظة على مجتمع سليم‪ ،‬وذلك بأن يحفظ اإلنسان نفسه من خالل تطبيق شرع اهلل على‬
‫الدائم‬‫النفس إلى المسؤولية عن األوالد وأهل البيت‪ ،‬والسَّعي َّ‬ ‫ثم تنتقل المسؤولية عن َّ‬
‫نفسه‪َّ ،‬‬
‫للمحافظة عليهم ‪ ،‬ويتمثَّل ذلك بقوله تعالى‪َ ﴿:‬و ْأ ُم ْر أَ ْهلَكَ بِال َّ‬
‫اص َ‬ ‫(‪)4‬‬
‫طبِ ْر‬ ‫صال ِة َو ْ‬
‫َعلَ ْيها‪]﴾...‬طه‪ ،[857:‬فيهيب القرآن بالذين آمنوا ليؤدوا واجباتهم المكلَّفون بها في بيوتهم على‬

‫للنمو اإلنساني عند طالب التَّعليم العالي‪َّ ،‬‬


‫الزيد‪ ،‬ج‪.375/8‬‬ ‫(‪)1‬انظر‪ :‬التَّوجيه اإلسالمي ُّ‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تنشئة الطفل وسبل الوالدين في معاملته ومواجهة مشكالته‪ ،‬الشربيني‪ ،‬ج‪.78/8‬‬
‫(‪ )3‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬القدر‪ /‬معنى كل مولود يولد على الفطرة‪ :7121/2 ،‬رقم الحديث‪.7731،‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬في ظالل القرآن‪ ،‬سيد قطب‪ ،‬ج‪.7536/2‬‬

‫‪20‬‬
‫أكمل وجه من خالل التَّربية الصَّحيحة والتَّوجيه والتَّذكير‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬ياأَيُّ َها الَّ ِذينَ آ َمنُوا قُوا‬
‫س ُك ْم َوأَ ْهلِي ُك ْم نَاراً‪]﴾ ...‬التحريم‪.[7:‬‬
‫أَ ْنفُ َ‬
‫وترى الباحثة من خالل ما سبق َّ‬
‫أن دور األسرة في تكوين الفرد المسلم يتمثل في ما يلي‪:‬‬
‫‪ .8‬األسرة مؤسسة تربوية مرتبطة مع المؤسسات االجتماعية األخرى كالمدرسة والمسجد‪ ،‬فهما‬
‫يكمالن دور األسرة من التَّنشئة ِّ‬
‫الدينية‪ ،‬واألخالقية والجسمية‪ ،‬واإلرشاد الصَّحيح لهذا َّ‬
‫الدور‪،‬‬
‫ويبقى دور األسرة األهم باعتبارها الوسط االجتماعي األول في حياة الفرد‪ ،‬كما َّ‬
‫أن دورها‬
‫مستمر فهي الحاضنة َّ‬
‫الدائمة(‪.)1‬‬
‫إن الفرد يتعلَّم مظاهر‬
‫‪ .7‬األسرة مؤسسة سلوكية ترتبط بقوة مع الوسط االقتصادي للمجتمع‪ ،‬إذ َّ‬
‫التَّعاون وتقسيم العمل‪ ،‬وتحديد الحقوق والواجبات األُسرية‪ ،‬فينتج شخصا ا‬
‫قادر على االنتاج‬
‫والعمل‪ ،‬وتحمل المسؤولية(‪.)2‬‬
‫‪ .5‬األُسرة مؤسسة اجتماعية‪ ،‬ترسم ألبنائها طريق المعاملة الصَّحيحة مع الجيران والحي‪،‬‬
‫واألقارب واألصدقاء‪ ،‬فالفرد ينشأ في األُسرة السَّليمة متواضعا خلوقا‪ ،‬يحترم الكبير وال‬
‫يعتدي على الصغير‪ ،‬محبوبا بين َّ‬
‫الناس‪ ،‬وهذا ما اعتبره المقياس األساسي لتكوين الفرد‬
‫ون ا ْل َج َّن َة َحتَّى تُ ْؤ ِم ُنوا‪َ ،‬وَال تُ ْؤ ِمنُوا َحتَّى تَ َحابُّوا‪ ،‬أ ََوَال‬‫وبناءه لحديث رسولنا‪َ (:‬ال تَ ْد ُخلُ َ‬
‫(‪)3‬‬

‫الس َال َم َب ْي َن ُك ْم)(‪.)4‬‬


‫شوا َّ‬ ‫ش ْي ٍء إِ َذا فَ َع ْلتُ ُموهُ تَ َح َاب ْبتُ ْم؟ أَ ْف ُ‬
‫أ َُدلُّ ُك ْم َعلَى َ‬

‫ثالثاً‪ :‬دور المسجد في بناء شخصية الفرد المسلم‬


‫للمسجد دور كبير في تكوين شخصية الفرد وخاصة النشء‪ ،‬فالمسجد محضن تربوي‪،‬‬
‫وله أثره العظيم في المحافظة على الفطرة‪.‬‬
‫وترى الباحثة َّ‬
‫أن دور المسجد في تكوين شخصية الفرد كاالتي‪:‬‬
‫‪ .8‬دور المسجد من خالل اختالط الفرد مع اآلخرين في نظام اجتماعي متين يتعامل فيه الفرد‬
‫للنهوض بالمبادئ السَّامية‪ ،‬من خالل التَّرتيب و ِّ‬
‫النظام‪ ،‬و َّ‬
‫النظافة‪،‬‬ ‫بالمشاركة‪ ،‬والتَّعاون ُّ‬

‫)‪ )8‬انظر‪ :‬بيئات التربية اإلسالمية‪ ،‬عباس محجوب‪ ،‬ج‪.812/8‬‬


‫(‪ )7‬المرجع السَّابق‪،‬ج‪881/8‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬المجتمع واألسرة في اإلسالم‪ ،‬الجوابي‪،‬ج‪.77/8‬‬
‫جنة إ َّال ال ُمؤمُنون‪ :62/8،..،‬رقم الحديث‪.32‬‬
‫(‪ )4‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬اإليمان‪ ،‬بيان أَّنه ال يد ُخل ال َّ‬

‫‪20‬‬
‫واطاعة المأمون إلمامه‪ ،‬واحترام الكبير وحسن معاملة الصغير فتترسخ هذه المفاهيم‪،‬‬
‫وتتكون في شخصية الفرد(‪.)1‬‬
‫‪ .7‬دور المسجد في التَّوعية الكبيرة في مبادئ العقيدة اإلسالمية للفرد‪ ،‬وفهم الهدف من الحياة‪،‬‬
‫الدنيا واآلخرة‪ ،‬فهم يتعلَّمون القرآن الكريم ويرتِّلونه‪ ،‬فيجمعون بين َّ‬
‫النمو‬ ‫وما أعده اهلل لهم في ُّ‬
‫الفكري‪ ،‬والتَّطور الحضاري(‪.)2‬‬
‫‪ .5‬دور المسجد في تعزيز أسمى االخالق اإلسالمية من َّ‬
‫العزة باإلسالم ‪ ،‬وحب االنتماء ِّ‬
‫للدين‪،‬‬
‫الرباني‪ ،‬وقوة العزيمة في الوالء هلل تعالى واتباع سنَّته ‪.)3(‬‬ ‫والتَّفاخر بهذا َّ‬
‫النهج َّ‬
‫‪ .2‬دور المسجد في نمو الفرد نموا صحيحا ال مشاكل فيه‪ ،‬وال تعقيدا في حياته‪ ،‬وال رخاوة وال‬
‫اضطراب في شخصيته‪ ،‬يثُبت فيه الفرد على اإليمان ويكون مستعد لمرحلة الحياة القادمة‬
‫وخاصة المراهقة‪ ،‬فالمسجد الحصن الواقي للفرد‪ ،‬والمناخ الطَّيب لتأصيل مجتمع طاهر(‪.)4‬‬

‫رابعاً‪ :‬دور المجتمع في بناء الفرد المسلم‬


‫َّ‬
‫إن دور المجتمع وتأثيره على األفراد يظهر جليا في منهاجه ودستوره‪ ،‬فإن صلح منهاج‬
‫المجتمع ودستوره طاب البلد‪ ،‬وأصاب أهله وأفراده الخير‪ ،‬وان فسد المنهج المجتمعي خبث البلد‬
‫َّ (‪)5‬‬
‫الشر ‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬وا ْلبَلَ ُد الطَّيِّ ُ‬
‫ ُ يَ ْخ ُر ُج نَبَاتُهُ بِإ ِ ْذ ِن َربِّ ِه َوالَّ ِذي َخبُ َ‬
‫ث َّل يَ ْخ ُر ُج‬ ‫وأصاب أفراده‬
‫ش ُك ُرونَ ﴾]األعراف‪.[31:‬‬
‫ت لِقَ ْو ٍم يَ ْ‬ ‫إَِّل نَ ِكدًا َك َذلِكَ نُ َ‬
‫ص ِّرفُ اْليَا ِ‬
‫َّ‬
‫إن العالقة بين المجتمعات واألفراد عالقة قوية‪ ،‬فكلما ح ُسنت حالة المجتمع‪ ،‬وتعاونت مؤسساته‬
‫ظهرت االيجابية في بناء الفرد بناء سليما‪ ،‬واذا شعر الفرد بمسؤوليته تجاه مجتمعه سعى إلى‬
‫تحسين السَّلبيات فيه‪ ،‬وسارع باالهتمام بتغيرها أو إزالتها‪.‬‬

‫أن دور المجتمع في بناء الفرد يتمثل في األدوار التَّالية‪:‬‬


‫وترى الباحثة َّ‬
‫‪ .8‬احترام شخصية اإلنسان‪ ،‬وتكريمه من خالل تبني العالقات المجتمعية‪ ،‬كالقانون والسَّلطة‬
‫واألمن‪ ،‬وحفظ ِّ‬
‫النظام‪ ،‬والمحافظة على المال العام(‪.)6‬‬

‫)‪ (1‬انظر‪ :‬في ظالل القرآن سيد قطب‪،‬ج‪.331/8‬‬


‫(‪(2‬انظر‪ :‬وظيفة المسجد في المجتمع‪ ،‬الخزيم‪ ،‬ج‪.83/8‬‬
‫(‪)3‬انظر‪ :‬المرجع السَّابق‪ ،‬ج‪73/8‬‬
‫(‪)4‬انظر في ظالل القرآن‪ ،‬سيد قطب‪ ،‬ج‪378/8‬‬
‫(‪ )5‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬ج‪.273/87‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬المجتمع واألسرة في اإلسالم‪ ،‬الجوابي‪ ،‬ج‪.56/8‬‬

‫‪22‬‬
‫الروابط االجتماعية واألسرية كروابط األخوة‪ ،‬والمسؤولية تجاه اآلخرين‪ ،‬واحترام‬
‫‪ .7‬تفعيل َّ‬
‫ضا)(‪.)1‬‬ ‫ش ُّد َب ْع ُ‬
‫ض ُه َب ْع ً‬ ‫الغير‪ ،‬من خالل التَّوجيه والمتابعة‪ ،‬قال‪(:‬ا ْل ُم ْؤ ِم ُن لِ ْل ُم ْؤ ِم ِن َكا ْل ُب ْن َي ِ‬
‫ان َي ُ‬
‫‪ .5‬رسم صور المساواة بين أفراد المجتمع اإلسالمي‪ ،‬وعدم التَّفريق بينهم على أساس الجنس أو‬
‫اللون‪ ،‬أو السَّلطة أو المال(‪.)2‬‬
‫‪ .2‬ينهض تكوين الفرد في مجتمع ُيفاضل بين أفراده بالعلم والتَّقوى‪ ،‬والعمل الصَّالح‪ ،‬والمتمثِّل‬
‫في ِّ‬
‫كل ما ينفع النَّاس‪ ،‬كاإلحسان‪ ،‬والبِّر والقضاء على الفساد األخالقي والسِّياسي‬
‫واالجتماعي(‪.)3‬‬
‫‪ .3‬توفير فرص العمل وفتح األبواب أمام الخرجين‪ ،‬وأصحاب الحرف والعقول َّ‬
‫البناءة لممارسة‬
‫أدوارهم في تكوين المجتمع‪ ،‬ورفع طاقته البنائية والعمرانية(‪.)4‬‬
‫‪ .7‬االهتمام بالتنمية االجتماعية بتطوير العمليات االقتصادية‪ ،‬ودعمها بمشاريع زراعية أو‬
‫ويبنى(‪.)5‬‬
‫تجارية أو اقتصادية‪ ،‬وهذا مدعاة للفرد حتى يتطور ُ‬

‫الصحابة الكرام‬
‫بالرسول ‪ ‬و َّ‬
‫خامساً‪ :‬االقتداء َّ‬
‫يرتُ ُك ْم َوأَ ْم َوال ا ْقتَ َر ْفتُ ُموهَا‬ ‫قال تعالى‪﴿:‬قُ ْل إِنْ َكانَ آبَا ُؤ ُك ْم َوأَ ْبنَا ُؤ ُك ْم َوإِ ْخ َوانُ ُك ْم‬
‫َوأَ ْز َو ُ‬
‫اج ُك ْم َوع ِ‬
‫َش َ‬
‫سبِيلِ ِه‬
‫سولِ ِه َو ِج َها ٍد فِي َ‬ ‫َّللاِ َو َر ُ‬ ‫ض ْونَ َها أَ َح َّ‬
‫إِلَ ْي ُك ْم ِمنَ َّ‬
‫ ُ‬ ‫سا ِكنُ ت َْر َ‬ ‫سا َدهَا َو َم َ‬ ‫ارة ت َْخش َْونَ َك َ‬
‫َوتِ َج َ‬
‫اسقِينَ ﴾]التَّوبة‪.[72:‬‬ ‫صوا َحتَّى يَأْتِ َي َّ‬
‫َّللاُ بِأ َ ْم ِر ِه َو َّ‬
‫َّللاُ ََّل يَ ْه ِدي ا ْلقَ ْو َم ا ْلفَ ِ‬ ‫فَتَ َربَّ ُ‬
‫بالرسول ‪ ‬من دواعي اإليمان‪ ،‬وتكوين شخصية الفرد المسلم‪ ،‬وتكون بمحبته‪،‬‬ ‫َّ‬
‫إن االقتداء َّ‬
‫واالقتداء َّ‬
‫بسنته‪ ،‬وطاعته في مأكله ومشربه ويقظته ونومه وعبادته وأخالقه‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬قُ ْل‬
‫َّللاُ َغفُور َر ِحيم﴾‬
‫َّللاُ َويَ ْغفِ ْر لَ ُك ْم ُذنُوبَ ُك ْم َو َّ‬
‫َّللاَ فَاتَّبِ ُعونِي يُ ْحبِ ْب ُك ُم َّ‬
‫إِنْ ُك ْنتُ ْم ت ُِحبُّونَ َّ‬

‫]آل عمران‪.[58:‬‬

‫(‪ )1‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬البِّر وصلة اآلداب‪ /‬تراحم المؤمنين وتوادهم وتعاضهم‪ :8777/2 ،‬رقم‬
‫الحديث‪.7313‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬السِّياسة َّ‬
‫الشرعية في شئون ُّ‬
‫الدستورية والخارجية المالية‪ ،‬خالف‪ ،‬ج‪.27/8‬‬
‫)‪ )3‬انظر‪َّ :‬‬
‫الطريق إلى اإلسالم‪ ،‬الحمد‪ ،‬ج‪.27/8‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬المسلم في عالم االقتصاد‪ ،‬ابن الخضر‪ ،‬تحقيق‪ :‬أشرف ندوة مالك بن نبي‪ ،‬ج‪.817/8‬‬
‫(‪ )5‬المرجع السَّابق‪ ،‬ج‪.17/8‬‬

‫‪23‬‬
‫فهو اإلسالم وشرائعه‪ ،‬والقرآن وأخالقه الَّتي تخلَّق ‪ ‬بها‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬لَقَ ْد َجا َء ُك ْم َر ُ‬
‫سول ِمنْ‬
‫ص َعلَ ْي ُكم بِال ْم ُؤ ِمنِينَ َرؤُوف َّر ِحيم﴾]التوبة‪ "، [1:‬فكان ‪ ‬لينا‪،‬‬ ‫أَ ْنفُ ِ‬
‫س ُك ْم َع ِزيز َعلَ ْي ِه َما َعنِتُّ ْم َح ِريُ ُ‬
‫جابر لقلب من سأله‪ ،‬ال‬
‫ا‬ ‫قريبا من َّ‬
‫الناس‪ ،‬مجيبا لدعوة من دعاه‪ ،‬قاضيا لحاجة من استقضاه‪،‬‬
‫أمر وافقهم عليه‪ ،‬وتابعهم فيه إذا لم يكن فيه‬
‫يحرمه‪ ،‬وال يرده خائبا‪ ،‬واذا أراد أصحابه منه ا‬
‫محذور‪ ،‬وان عزم على أمر لم يستبد به دونهم‪ ،‬بل يشاورهم ويؤامرهم"(‪.)1‬‬
‫لقد كان في نبي اهلل أسوة يتأسى به المسلمون‪ ،‬ويقتدون به‪ ‬حيث بذل نفسه وجهده لنصرة‬
‫دي ن اهلل‪ ،‬فشج وجهه‪ ،‬وكسرت رباعيته‪ ،‬وقتل أصحابه وأقاربه في سبيل اهلل‪ ،‬وجاع بطنه‪ ،‬وترك‬
‫صابر ومحتسبا‪.‬‬
‫ا‬ ‫بلده‪ ،‬ولم يكن اال‬
‫الرسول‪ ‬أُسوة لنا‪ ،‬ينير طريقنا ويسعى لصالحنا نقتدي به في حياتنا وأعمالنا‪ ،‬نبني‬ ‫هكذا كان َّ‬
‫سنَة لِ َمنْ‬ ‫َّللاِ أُ ْ‬
‫س َوة َح َ‬ ‫ول َّ‬ ‫بأخالقه وصفاته‪ ‬أنفسنا ونعتز بها‪ ،‬قال تعالى‪ ﴿:‬لَقَ ْد كانَ لَ ُك ْم فِي َر ُ‬
‫س ِ‬
‫َّللاَ َكثِيراً ﴾]األحزاب‪.[78:‬‬
‫َّللاَ َوا ْليَ ْو َم ْاْل ِخ َر َو َذ َك َر َّ‬
‫كانَ يَ ْر ُجوا َّ‬
‫لقد علَّمنا رسولنا‪ ‬أخالقا عظيمة كثيرة منها حسن الخلق والصَّبر على األذى‪ ،‬فذكر البخاري‬
‫أن أعراب ًيا جذب رداء َّ‬
‫النبي ‪"‬وقال‪(:‬مر لي من مال اهلل الذي عندك‪ ،‬فالتفت‬ ‫في صحيحه" َّ‬
‫ثم أمر له بعطاء)(‪.)2‬‬
‫ثم ضحك‪َّ ،‬‬ ‫إليه رسول ‪َّ ‬‬
‫وكان ‪ ‬إذا آذاه قومه يقول‪(:‬اللهم اغفر لقومي فإنهم ال يعلمون)(‪.)3‬‬
‫األمة إيمانا‪ ،‬وأقرب إلى اهلل‬ ‫ألنهم خير ُّ‬ ‫الرسول ‪ ‬وسلفنا الصَّالح‪ ‬خير قدوة لنا‪َّ ،‬‬ ‫وصحابة َّ‬
‫اس قَ ْرِني‪ ،‬ثُ َّم الَِّذ َ‬
‫ين َيلُوَن ُه ْم‪ ،‬ثُ َّم‬ ‫بسنة رسولنا‪ ،‬علما وتطبيقا‪ ،‬قال‪َ (:‬خ ْير َّ‬
‫الن ِ‬ ‫ُ‬ ‫أعلمنا َّ‬
‫وسيلة‪ ،‬و ُ‬
‫الَِّذ َ‬
‫ين َيلُوَن ُه ْم)(‪.)4‬‬
‫الرسول ‪ ،‬فلهم كامل الفضل‬
‫فكانت حياتهم وجميع أقوالهم تطبيقا للقرآن العظيم‪ ،‬واتباعا لفعل َّ‬
‫الدين ونشره‪ ،‬وحفظه من التَّحريف والضِّياع‪ ،‬حين بذلوا الغالي والثَّمين في سبيل‬
‫في إيصال ِّ‬

‫نصرة رسول اهلل ‪ ‬ودينه‪ ،‬فالقوا أشد العذاب‪ ،‬فصبروا وتحملوا األذى‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬وال َّ‬
‫سابِقُونَ‬

‫الرحمن بن معال اللويحق‪،‬‬


‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان‪ ،‬السَّعدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد َّ‬
‫ج‪.161/8‬‬
‫(‪ )2‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬اللباس‪ /‬األردية‪ ،827/6 ،‬وانظر‪ :‬مختصر منهاج القاصدين‪ ،‬نجم ِّ‬
‫الدين‬
‫المقدسي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد أحمد دهمان‪ ،‬ج‪.837/8‬‬
‫(‪ )3‬المصدر السَّابق ‪ ،‬أحاديث األنبياء‪ /‬حديث الغار‪،‬ج‪ :863/2‬رقم الحديث‪.5266‬‬
‫النبي‪ /‬فضائل أصحاب َّ‬
‫النبي‪ ،‬ج‪ :5/3‬رقم الحديث‪.5738‬‬ ‫(‪ )4‬المصدر نفسه ‪ ،‬أصحاب َّ‬

‫‪29‬‬
‫ضوا َع ْنهُ َوأَ َع َّد‬ ‫ض َي َّ‬
‫َّللاُ َع ْن ُه ْم َو َر ُ‬ ‫ان َر ِ‬
‫س ٍ‬ ‫اج ِرينَ َو ْاْلَ ْن َ‬
‫صا ِر َوالَّ ِذينَ اتَّبَ ُعو ُه ْم بِإ ِ ْح َ‬ ‫ْاْلَ َّولُونَ ِمنَ ا ْل ُم َه ِ‬
‫ت ت َْج ِري ت َْحتَ َها ْاْلَ ْن َها ُر َخالِ ِدينَ فِي َها أَبَدًا َذلِكَ ا ْلفَ ْو ُز ا ْل َع ِظي ُم ﴾ ]التَّوبة‪.[811:‬‬‫لَ ُه ْم َجنَّا ٍ‬
‫لقد تعلَّم الصَّحابة من رسول اهلل‪ ،‬ففهموا وبرعوا في فنون الحياة فكانوا َّ‬
‫كالنجمة المضيئة‪،‬‬
‫الصبر واالبتالء‪.‬‬
‫ضربوا لنا أمثاال من َّ‬
‫الس َّر ِ‬
‫اء‬ ‫ص َب ْرَنا‪ ،‬ثُ َّم ْابتُلِي َنا ِب َّ‬ ‫ول اللَّ ِه ‪ِ ‬بالض َّ ِ‬
‫س ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‪)1‬‬
‫َّراء فَ َ‬ ‫‪ْ (:‬ابتُلي َنا َم َع َر ُ‬ ‫قال عبد الرحمن بن عوف‬
‫ص ِب ْر)(‪.)2‬‬
‫َب ْع َدهُ َفلَ ْم َن ْ‬

‫المطلب الثَّالث‪ :‬صفات ومميزات الفرد المسلم‬


‫ستَقَا ُموا تَتَنَ َّز ُل َعلَ ْي ِه ُم ا ْل َم َالئِ َكةُ أَ ََّّل ت ََخافُوا َو ََّل ت َْح َزنُوا‬ ‫قال تعالى‪﴿:‬إِنَّ الَّ ِذينَ قَالُوا َر ُّبنَا َّ‬
‫َّللاُ ثُ َّم ا ْ‬
‫الحق‪ ،‬واإليمان‬ ‫ِّ‬ ‫ش ُروا بِا ْل َجنَّ ِة الَّتِي ُك ْنتُ ْم تُو َعدُونَ ﴾]فصلت‪ ،[51:‬هي استقامة على الطَّريق‬ ‫َوأَ ْب ِ‬
‫السعي إلى خير األمور(‪.)3‬‬
‫الصالح ‪ ،‬و َّ‬ ‫باهلل واتِّباع َّ‬
‫سنته‪ ،‬والعمل َّ‬

‫أن صفات المسلم تتضح من خالل اآلية الكريمة على النحو التَّالي‪:‬‬
‫وترى الباحثة َّ‬
‫أوالً‪ :‬صفات أخالقية‬
‫‪ .8‬المؤمن الحقيقي إذا تكلَّم صدق‪ ،‬وان فعل أ َّ‬
‫منت على أموالك وعرضك‪ ،‬وحتى أقوالك ألنَّه‬
‫اع للمانات و َّ‬
‫ألنه من أتباع الصَّادق األمين رسولنا ‪ ،‬يحول كلماته‬ ‫حافظ للسِّر كتوم‪ ،‬مر ٍ‬
‫للدين القويم‪ ،‬يبذل َّ‬
‫كل جهده في اغتنام فرص‬ ‫إلى أفعال حقيقية تحقق حسن إسالمه واتباعه ِّ‬
‫اآلخرة‪ ،‬من أداء العبادات واإلخالص فيها‪ ،‬رقيق القلب‪ ،‬إذا صلَّى خشع‪ ،‬واذا صام َّ‬
‫تذكر‬
‫الفقراء والعاجزين‪ ،‬وشعر بالمسؤولية تجاههم(‪.)4‬‬
‫‪ .7‬المؤمن الحقيقي طموح يسعى إلى معالى األمور‪ ،‬يحرص على العلم والمعرفة ِّ‬
‫الدينية‬
‫والحياتية المفيدة له‪ ،‬بعيدا عن إضاعة الوقت بالسَّهر والسَّلبية والالمباالة نشيط يقظ‪ ،‬يبادر‬
‫إلى الهمم بنفسه(‪.)5‬‬

‫الرحمن ب ُن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كالب‪ ،‬اسلم قبل أن يدخل َّ‬
‫النبي دار‬ ‫(‪)1‬عب ُد َّ‬
‫األرقم‪ ،‬انظر‪ :‬الطبقات الكبرى‪ ،‬ابن سعد‪ ،‬ج‪.77/5‬‬
‫(‪ )2‬سنن التِّرمذي‪ ،‬التِّرمذي‪ ،‬صفة القيامة و َّ‬
‫الرقائق والورع‪ :727/2 ،‬رقم الحديث‪ ،7272‬وحسنه األلباني‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬في ظالل القرآن‪ ،‬سيد قطب‪ ،‬ج‪.5871/3‬‬
‫(‪ (4‬انظر‪ :‬منهج التربية اإلسالمية‪ ،‬محمد بن قطب‪ ،‬ج‪786/8‬‬
‫(‪(5‬انظر‪ :‬المجتمع واألسرة في اإلسالم‪ ،‬الجوابي‪ ،‬ج‪.28/8‬‬

‫‪01‬‬
‫شاكر لربِّه والمتفضِّل عليه‬
‫ا‬ ‫وفي مع أصحاب الفضِّل عليه‪،‬‬
‫‪ .5‬المؤمن الحق متواضع مع غيره‪ٌّ ،‬‬
‫يص على أهله وأقاربه(‪.)1‬‬
‫حنون على أوالده وزوجه‪ ،‬حر ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ولنبيه ومرِّبيه‪ ،‬ر ٍ‬
‫اض لوالديه‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫‪ .2‬المؤمن الحقيقي يعفو عن من أساء إليه‪ ،‬متسامح في تعامله‪ ،‬صاف القلب رحيما‪ ،‬ال يحمل‬
‫الضغينة ألحد‪ ،‬أو يستخدم القسوة والعنف تجاه أخاه المسلم(‪.)2‬‬
‫َّ‬
‫‪ .3‬المسلم الحق ليس بالطَّعان الَّذي يطعن أعراض َّ‬
‫الناس‪ ،‬وليس باللَّماز الَّذي يلمز ما يفعله‬
‫الناس‪ ،‬فيشكك في نواياهم‪ ،‬وليس بالمتجسَّس على غيره‪ ،‬المغتاب الَّذي ينهش أعراض‬
‫َّ‬
‫الناس في غيبتهم‪ ،‬وال بالنَّمام الَّذي يفتن َّ‬
‫الناس بعضهم ببعض‪ ،‬بل يكون خلقه القرآن‬ ‫َّ‬
‫وأسوته رسوله‪ ‬والصَّحابة الكرام رضوان اهلل عنهم(‪.)3‬‬
‫البخل‬
‫‪ .7‬المؤمن الحقيقي كريم معطاء‪ ،‬يحب اإلنفاق والبذل في سبيل اهلل تعالى‪ ،‬بعيدا عن ُ‬
‫سخي مع وجيرانه ومحيطه‪ ،‬يتحسس من المحتاجين‪ ،‬ال‬
‫ٌّ‬ ‫و ُّ‬
‫الشح‪ ،‬كريم مع أهله‪ ،‬وضيوفه‪،‬‬
‫ينتظر سؤالهم‪ ،‬سريع َّ‬
‫الشعور بمن حوله من الفقراء(‪.)4‬‬

‫ثانياً‪ :‬صفات اجتماعية‬


‫ويحترم قوانينهُ يحافظ على ممتلكاته وعلى جماله نظيفا‬
‫ُ‬ ‫‪ .8‬المؤمن الجاد يحب وطنه‪ ،‬يفديه‬
‫مزدهرا‪ ،‬يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ‪ ،‬يحرص على إزالة األذى المعنوي والمادي‬
‫عن طريق َّ‬
‫الناس‪ ،‬يبادر للخير بنفسه‪ ،‬كريم في العمل الصَّالح‪ ،‬سخي في المعروف(‪.)5‬‬
‫‪ .7‬المؤمن الحقيقي محترم لآلخرين‪ ،‬محسن لجيرانه‪ ،‬يحترم الكبير وجميل مع الصغير‪ ،‬تظهر‬
‫(‪)6‬‬
‫صالةَ َو ْأ ُم ْر‬ ‫الرضا‪ ،‬متواضعا معتدال ‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬يَا بُنَ َّي أَقِ ِم ال َّ‬ ‫في وجهه صور المحبة و ِّ‬
‫ُص ِّع ْر‬‫اصبِ ْر عَلى َما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ ِمنْ ع َْز ِم ْاْلُ ُمو ِر * َوَّل ت َ‬ ‫َن ا ْل ُم ْن َك ِر َو ْ‬ ‫بِا ْل َم ْع ُر ِ‬
‫وف َوا ْنهَ ع ِ‬
‫شيِ َك‬ ‫ص ْد فِي َم ْ‬ ‫تال فَ ُخو ٍر * َوا ْق ِ‬ ‫ض َم َرحا ً إِنَّ َّ‬
‫َّللاَ َّل يُ ِح ُّ ُ ُك َّل ُم ْخ ٍ‬ ‫ش فِي ْاْلَ ْر ِ‬ ‫َخدَّكَ لِلنَّا ِ‬
‫س َوَّل تَ ْم ِ‬
‫ص ْوتُ ا ْل َح ِمي ِر﴾]لقمان‪.[81،86،87:‬‬ ‫ت لَ َ‬
‫صوا ِ‬ ‫ص ْوتِكَ إِنَّ أَ ْن َك َر ْاْلَ ْ‬
‫ض ِمنْ َ‬ ‫ض ْ‬ ‫َوا ْغ ُ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬المجتمع واألسرة في اإلسالم‪ ،‬الجوابي‪ ،‬ج‪.31/8‬‬


‫ج‪‌.33/8‬‬ ‫)‪‌(2‬انظر‪ :‬المرجع السَّابق‪،‬‬
‫(‪ (3‬انظر‪ :‬سمات المؤمنين في الفتن وتقلب األحوال‪ ،‬آل الشيخ‪،‬ج‪.71/8‬‬
‫(‪ (4‬انظر‪ :‬منهج التربية اإلسالمية‪ ،‬محمد بن قطب‪ ،‬ج‪.777/8‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬سمات المؤمنين في الفتن وتقلب األحوال‪ ،‬آل الشيخ‪،‬ج‪.81/8‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬المجتمع واألسرة في اإلسالم‪ ،‬الجوابي‪ ،‬ج‪.27/8‬‬

‫‪00‬‬
‫ويفرج كرباته‪ ،‬وال يرضى‬
‫‪ .5‬المؤمن الحقيقي متكافل مع أخيه المسلم ويقضي حاجاته‪ ،‬يناصره ِّ‬
‫بالظُّلم الواقع على المسلم يسارع ِّ‬
‫للدفاع عنه و َّ‬
‫الذب عن عرضه‪ ،‬ولو كان ظالما أخذ ينصره‬
‫بالنصح ومنع الظُّلم والعدوان(‪.)1‬‬
‫ُّ‬
‫‪ .2‬المؤمن َّ‬
‫الناجح يفكر بالحلول‪ ،‬ويتفاعل بكل ما عنده من عطاء لمساعدة أبناء مجتمعه في‬
‫مشكالتهم وعقباتهم ِّ‬
‫الدينية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬وينظر للمستقبل بطموح وقوة‬
‫واستم اررية مع اإليمان والعزيمة(‪.)2‬‬
‫ثالثاً‪ :‬صفات دينية‬
‫صفات المسلم ِّ‬
‫الدينية كثيرة‪ ،‬يتصف بها ونلمسها في أقواله‪ ،‬وأفعاله‪ ،‬وأرى َّ‬
‫أن أهم صفتين‬
‫يجب أن يتصف بها الفرد المسلم‪ ،‬وتكون بارزة في شخصيته هما‪:‬‬
‫‪ )0‬حسن العقيدة‪:‬‬
‫هو الجذر األول في تكوين شخصية المسلم‪ ،‬والسِّمة األساسية المحركة لعواطفه والموجهة‬
‫إلرادته‪ ،‬فإن َّ‬
‫صحت عناصر اإليمان في المسلم استقامت األساسيات الكبرى لديه‪ ،‬وكان أطوع‬
‫لالستقامة في الخير والصَّالح وأقدر على التَّحكم بسلوكه‪ ،‬وضبطها َّ‬
‫مما يدفع الضَّرر والمفسدة‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ص ْب َغةً َونَ ْحنُ لَهُ‬ ‫َّللاِ َو َمنْ أَ ْح َ‬
‫سنُ ِمنَ َّ‬
‫َّللاِ ِ‬ ‫ويجلب الخير والمصلحة ‪ ،‬قال تعالى‪ِ ﴿:‬‬
‫ص ْب َغةَ َّ‬

‫عَابِدُونَ ﴾ البقرة‪.[851:‬‬
‫ومن مظاهر صحَّة العقيدة التَّقرب الى اهلل بتطبيق شرعه تعالى‪ ،‬وأداء ما عليه من فرائض‪،‬‬
‫سولِ ِه‬ ‫والقيام بما عليه من واجبات نحو دينه(‪ ،)4‬قال تعالى‪﴿:‬يَا أَيُّ َها الَّ ِذينَ آ َمنُوا آ ِمنُوا بِ َّ‬
‫اَّللِ َو َر ُ‬
‫سولِ ِه﴾]النساء‪.[857:‬‬ ‫َوا ْل ِكتَا ِ‬
‫ب الَّ ِذي نَ َّز َل َعلَى َر ُ‬
‫‪ )7‬البصيرة‪:‬‬
‫ِّ‬
‫الحق والباطل‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬قُ ْل َه ِذ ِه‬ ‫البينة التي يهتدي بها الفرد‪ ،‬وهي أداة التَّمييز بين‬ ‫هي ِّ‬
‫َّللاِ‪[﴾...‬يوسف‪ ،]811:‬فهو نور في‬ ‫ير ٍة أَنَا َو َم ِن اتَّبَ َعنِي َو ُ‬
‫س ْب َحانَ َّ‬ ‫ص َ‬ ‫سبِيلِي أَ ْدعُو إِلَى َّ‬
‫َّللاِ َعلَى بَ ِ‬ ‫َ‬

‫(‪ )3‬انظر‪ :‬المجتمع واألسرة في اإلسالم‪ ،‬الجوابي‪ ،‬ج‪.76/8‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬سمات المؤمنين في الفتن وتقلب األحوال‪ ،‬آل الشيخ ‪ ،‬ج‪71/8‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬العقيدة اإلسالمية‪ ،‬الميداني‪ ،‬ص‪.58‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬العقيدة الصَّحيحة وما يضادها‪ ،‬بن باز‪ ،‬ج‪.3/8‬‬

‫‪00‬‬
‫قلب المسلم ورؤيته الثَّاقبة إلى حقائق األمور‪ ،‬وملكة تحصل للمسلم بتقدير رَّباني(‪ ،)1‬قال‪(:‬إِ َّن‬
‫ٍِ‬ ‫ِ‬ ‫وب َب ِني َ‬
‫اء)‪ ،‬ثَُّم قال‬
‫ش ُ‬‫ث َي َ‬ ‫الر ْح َم ِن‪َ ،‬ك َق ْل ٍب َواحد‪ُ ،‬ي َ‬
‫صِّرفُ ُه َح ْي ُ‬ ‫َصا ِب ِع َّ‬ ‫آد َم ُكلَّ َها َب ْي َن إِ ْ‬
‫ص َب َع ْي ِن م ْن أ َ‬ ‫ُقلُ َ‬
‫اع ِت َك)(‪.)2‬‬
‫ط َ‬
‫وب َنا َعلَى َ‬ ‫ف ُقلُ َ‬‫صِّر ْ‬
‫وب َ‬‫ف ا ْل ُقلُ ِ‬ ‫صِّر َ‬
‫الله َّم ُم َ‬
‫ر ُسو ُل اهلل ‪ُ (:‬‬
‫وترى الباحثة َّ‬
‫أن المؤمن حريص على االبتعاد عن المعاصي‪ ،‬وموطد نفسه عن العمل بالسُّوء‪،‬‬
‫فال يستهين بالخطأ‪ ،‬وأن يحرص أن يكون قلبه متعلقا باهلل في كل وقت يدعوه‪ ،‬ويلتجئ إليه‪،‬‬
‫و َّأال تؤثر فيه المتَّغيرات التِّي تح ُدث من حوله‪ ،‬كالتَّطور التُّكنلوجي واإلنترنت‪ ،‬بحيث يستغل هذه‬
‫الصحيحة والَّتي تخدمه في ُّ‬
‫الدنيا واآلخرة‪.‬‬ ‫الوسائل بالصُّورة َّ‬

‫رابعاً‪ :‬صفات تربوية‬


‫المؤمن من كان له تأثير فيمن حوله في صفاته‪ ،‬فيكون هاديا بدينه وعلمه ومعرفته‪،‬‬
‫اثق بنفسه ومقدرته في اتِّخاذ القرار‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫الحق‪ ،‬و ٌ‬ ‫مهديا في سلوكه وتصرفاته‪ ،‬يسهم في توسيع دائرة‬
‫متوكل على اهلل بعزيمة واخالص‪.‬‬
‫الصفات التَّربوية الَّتي يجب على المسلم امتالكها في شخصيته هي‪:‬‬
‫أهم ِّ‬
‫‪ .8‬أن يرسم المسلم مالمح شخصيته في مجتمعه‪ ،‬فيتعلَّم العمل والسَّعي لطلب ِّ‬
‫الرزق الحالل‪،‬‬
‫الرسل‬ ‫والمحافظة عليه في الخير والمنفعة‪ ،‬فيؤثر بهذا العمل ويتأثر به‪ ،‬وهذا دأب األنبياء و ُّ‬
‫الرزق والتِّجارة ‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬و َما أَ ْر َ‬
‫(‪)3‬‬
‫س ْلنَا‬ ‫في األرض‪ ،‬فهم يحتاجون الى كسب العيش و ِّ‬
‫اق﴾ ]الفرقان‪.[71:‬‬ ‫سلِينَ إِ ََّّل إِنَّ ُه ْم لَيَأْ ُكلُونَ الطَّ َعا َم َويَ ْمشُونَ فِي ْاْلَ ْ‬
‫س َو ِ‬ ‫قَ ْبلَكَ ِمنَ ا ْل ُم ْر َ‬
‫وأخبر اهلل تعالى عن أصفيائه وأنبيائه في األخذ باألسباب والحرف‪ ،‬فالصناعة يكف بها‬
‫(‪)4‬‬
‫الناس‪ ،‬ويدفع بها عن نفسه الضَّرر والبأس ‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬و َعلَّ ْمنَاهُ‬ ‫اإلنسان نفسه عن َّ‬
‫س ُك ْم فَ َه ْل أَ ْنتُ ْم شَا ِك ُرونَ ﴾]األنبياء‪.)11:‬‬
‫صنَ ُك ْم ِمنْ بَأْ ِ‬ ‫ص ْن َعةَ لَبُو ٍ‬
‫س لَ ُك ْم لِت ُْح ِ‬ ‫َ‬
‫‪ .7‬الصَّبر على األقدار‪ ،‬والمتَّغيرات والوسائل الحديثة‪ ،‬واستخدامها استخداما صحيحا بما يخدم‬
‫الدين‪ ،‬كما يكون الصَّبر على العبادات والطَّاعات والمداولة عليها(‪ ،)5‬وصدق سبحانه حين‬ ‫ِّ‬
‫ب ﴾[الزمر‪.]81 :‬‬ ‫قال‪ ﴿:‬إِنَّما يُ َوفَّى ال َّ‬
‫صابِ ُرونَ أَ ْج َر ُه ْم بِ َغ ْي ِر ِحسا ٍ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬فيض القدير شرح الجامع الصغير‪ ،‬تاج العارفين‪ ،‬ج‪ ،577/2‬رقم الحديث‪.3637‬‬
‫(‪ )2‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬القدر‪ /‬تصريف اهلل تعالى القلوب كيف شاء‪ :7123/2 ،‬رقم الحديث‪.7732‬‬
‫(‪ )8‬انظر‪ :‬التيسير الرحمن‪ ،‬السَّعدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحمن بن معال اللويحق‪ ،‬ج‪361/8‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬القرطبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد البردوني‪ ،‬وابراهيم أطفيش‪ ،‬ج‪.578/88‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان‪ ،‬السعدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحمن بن معال‬
‫اللويحق‪،‬ج‪.671/8‬‬

‫‪03‬‬
‫النظافة ومراعاة السََّّنة‬ ‫‪ .5‬تربية الجسد تربية صحيحة‪ ،‬باالهتمام بالطَّعام الجيد‪ ،‬و ِّ‬
‫الرياضة و َّ‬
‫الروح والعمل‪ ،‬وهو الوسيلة لتحقيق‬ ‫َّ‬
‫الشريفة فيه لتقويمه على أفضل صورة فالجسد وعاء ُّ‬
‫أهداف ومتطلَّعات الفرد‪ ،‬ولقد عنى اإلسالم في تكوين اإلنسان الجسدي وما يستدعي له من‬
‫النشاط لتكوين جسد متين‪ ،‬لممارسة فعَّالة في العبادات والطَّاعات‪ ،‬وما يترتب عليه‬
‫القوة و َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫ستَأْ َج ْرتَ ا ْلقَ ِو ُّ‬
‫ي‬ ‫ستَأْ ِج ْرهُ إِنَّ َخ ْي َر َم ِن ا ْ‬ ‫لقوله تعالى‪﴿:‬يَا أَبَ ِ‬
‫ت ا ْ‬ ‫من العمل والعبادة‬
‫َّع ِ‬
‫يف‪،‬‬ ‫اهلل ِم َن ا ْلم ْؤ ِم ِن الض ِ‬
‫ب إِلَى ِ‬
‫َح ُّ‬ ‫اْل ِمينُ ﴾[القصص‪ ،[77:‬وقال‪(:‬ا ْل ُم ْؤ ِم ُن ا ْلقَ ِو ُّ‬
‫ُ‬ ‫ي‪َ ،‬خ ْيٌر َوأ َ‬
‫َوِفي ُك ٍّل َخ ْيٌر)(‪.)2‬‬
‫وكما عنى اإلسالم بكل األسباب الَّتي تزيد من نمو الجسم وسالمته وقوته ونشاطه‪ ،‬واعداد‬
‫قوة بأشكالها العقلية والجسدية ؛ ويتمثل في حب الوطن واالنتماء له‪ ،‬والبدنية من التَّدريب‬
‫ال َّ‬
‫القوة‪ ،‬واالستعدادية في تجهيز العتاد واألسلحة‪ ،‬وكما يتطلب إصرار وقوة في التَّدريب‬
‫و َّ‬
‫(‪)3‬‬
‫والجهاد‪ ،‬واعداد العدة من المجاهدين والفرسان ‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬وأَ ِعدُّوا لَ ُه ْم َما ا ْ‬
‫ستَطَ ْعتُ ْم ِمنْ‬
‫َّللاِ َو َع ُد َّو ُك ْم﴾ ]األنفال‪.[71:‬‬ ‫قُ َّو ٍة َو ِمنْ ِربَ ِ‬
‫اط ا ْل َخ ْي ِل ت ُْر ِهبُونَ بِ ِه َع ُد َّو َّ‬

‫حرِّية الفرد في ضوء القرآن الكريم‪.‬‬


‫الرابع‪ِّ :‬‬
‫المطلب َّ‬
‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫الحرِّية لغة و‬
‫أوًال‪ :‬تعريف ِّ‬
‫الرق‪،‬‬ ‫الحريَّة لغة‪ :‬ما خالف العبودية وبرئ من العيب والنَّقص‪ ،‬والخلوص من َّ‬
‫الشوائب و ِّ‬ ‫أ‪.‬‬
‫الخصلة‪ ،‬فهي أفعال‪ ،‬وأخالق محمودة (‪.)4‬‬
‫الحر وحقيقته ُ‬
‫وهي مصدر َّ‬
‫الحرية اصطالحاً‪ ":‬القدرة على التَّصرف بملء اإلرادة واالختيار"(‪.)5‬‬
‫ِّ‬ ‫ب‪.‬‬

‫‪ (1‬انظر‪ :‬منهج التَّربية اإلسالمية‪ ،‬محمد بن قطب‪ ،‬ج‪.813/8‬‬


‫(‪ )2‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬القدر‪ /‬في األمر بالقوة وترك العجز واالستعانة باهلل وتفويض المقادير هلل‪:7137/2 ،‬‬
‫رقم الحديث‪.7772‬‬
‫الرحمن من معال اللويحق‪ ،‬ج‪.572/8‬‬
‫السعدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد َّ‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬تيسير كريم الرحمن‪َّ ،‬‬
‫السالم محمد هارون‪ ،‬ج‪ ،7/7‬المغرب في ترتيب‬
‫الرازي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد َّ‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬مقاييس اللغة‪ ،‬ابو الحسين َّ‬
‫المعرب‪ ،‬برهان ِّ‬
‫الدين‪ ،‬ج‪ ،881/8‬معجم مقاليد العلوم في الحدود والرسوم‪ ،‬السيوطي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد إبراهيم‬
‫عبادة‪ ،‬ج‪ ،711/8‬رقم الحديث‪.8627‬‬
‫(‪ )5‬معجم لغة الفقهاء‪ ،‬قلعجي‪ -‬القنيبي‪ ،‬ج‪.867/8‬‬

‫‪02‬‬
‫الشخص على التَّصرف في شؤونه في كل‬ ‫بأنها قدرة َّ‬
‫فتعرف‪َّ :‬‬
‫الشخصية َّ‬ ‫الحرّية َّ‬
‫ِّ‬ ‫أما‬
‫ت‪َّ .‬‬
‫مجاالتها‪ ،‬منها ما يتعلق بذاته‪ ،‬آمنا من االعتداء عليه في نفسه‪ ،‬أو عرضه‪ ،‬أو ماله‪ ،‬أو‬
‫أي حق من حقوقه‪ ،‬أو مع غيره‪ ،‬بأن ال يكون في تصرفاته عدوان عليهم لفظيا أو‬
‫جسديا(‪.)1‬‬

‫ويمكن أن ِّ‬
‫نبين حريَّة الفرد في القرآن الكريم من خالل‪:‬‬
‫‪ .0‬حرية االعتقاد‬
‫الدين واالعتقاد‪ ،‬وعقبات تلك الحريَّات‪ ،‬فبعد أن بعث اهلل‬ ‫منح اهلل تعالى لإلنسان حرية ِّ‬
‫نذير للبشرية‪ ،‬وضح لهم مبادئ اإليمان وأركانها الصَّحيحة‪ ،‬والمتمثِّلة بقوله‬ ‫ا‬ ‫بي ‪‬‬ ‫تعالى النَّ َّ‬
‫َي ٍء﴾]األنعام‪ ،[872:‬فالَّرب هو اهلل خالق كل‬ ‫تعالى‪﴿:‬قُ ْل أَ َغ ْي َر َّ‬
‫َّللاِ أَ ْب ِغي َربًا َوه َُو َر ُّب ُك ِّل ش ْ‬
‫ومصلحه(‪.)2‬‬ ‫ومدبره ُ‬‫شيء ومالكه‪ ،‬وله الُّربوبية على جميع خلقه‪ ،‬فهو سيد كل شيء دونه ِّ‬
‫َي ٍء فَا ْعبُدُوهُ َوه َُو َعلَى ُك ِّل ش َْي ٍء‬ ‫وقوله تعالى‪َ ﴿:‬ذلِ ُك ُم َّ‬
‫َّللاُ َر ُّب ُك ْم ََّل إِلَهَ إِ ََّّل ه َُو َخالِ ُ‬
‫ق ُك ِّل ش ْ‬
‫َو ِكيل﴾]األنعام‪ ،[817:‬فالحمد هلل الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لوال أن هدانا اهلل‪ ،‬حيث‬
‫جاءت ِّحريِّة اإليمان بعد هداية اهلل سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫َّللاَ يَ ْه ِدي َمنْ يَشَا ُء َوه َُو أَ ْعلَ ُم بِا ْل ُم ْهتَ ِدينَ ﴾‬
‫وقال تعالى‪﴿:‬إِنَّكَ ََّل تَ ْه ِدي َمنْ أَ ْحبَبْتَ َولَ ِكنَّ َّ‬

‫تحمل المسؤولية‪ ،‬سواء كانت باالهتداء أو عدمه‪ ،‬قال‬


‫]القصص‪ ،[37:‬وما يترتب على ذلك من ُّ‬
‫ازَرةٌ ِو ْزَر أ ْ‬
‫ُخرى﴾[األنعام‪. ]872 :‬‬ ‫تعالى‪َ ﴿:‬وال تَ ِزُر و ِ‬
‫وكما تظهر المسؤولية وعقباتها بإطاعة أمر اهلل تعالى‪ ،‬واالقتداء بنهج حبيبه ‪ ،‬أو اإلع ارض‬
‫َّللاَ ََّل يُ ِح ُّ ُ ا ْل َكافِ ِرينَ ﴾‬
‫سو َل فَإِنْ ت ََولَّ ْوا فَإِنَّ َّ‬ ‫واالستكبار عنهما‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬قُ ْل أَ ِطي ُعوا َّ‬
‫َّللاَ َوال َّر ُ‬
‫]ال عمران‪. [57:‬‬
‫‪ .7‬حِّرِّية َّ‬
‫النفس‬
‫قمة تقديره لنفسه واالهتمام بها‪ ،‬وعبادته هلل وتخلُّصه من‬
‫حرية المسلم تك ُمن في َّ‬ ‫َّ‬
‫إن تمام ِّ‬
‫األهواء و َّ‬
‫الشهوات‪ ،‬واحترامه لما حوله‪ ،‬وموازنة عالقته مع غيره‪.‬‬

‫الشرعية في ُّ‬
‫الشئون ُّ‬
‫الدستورية والخارجية والمالية‪ ،‬خالف‪ ،‬ج‪.51/8‬‬ ‫السياسة َّ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ِّ :‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬ج ‪ ،717/87‬تهذيب اللغة‪،‬‬
‫الهروي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عوض مرعب‪ ،‬ج‪.871/83‬‬

‫‪00‬‬
‫حرية َّ‬
‫النفس تتمثل في أمرين‪:‬‬ ‫وترى الباحثة َّ‬
‫أن ِّ‬
‫‪ )0‬عدم االعتداء على َّ‬
‫النفس بالضَّرر واألذى‬
‫ق‬
‫الذات اإلنسانية مكانة مقدسة‪ ،‬باعتبارها أغلى ما في الوجود‪ ،‬وألنه خل ُ‬‫منح اهلل تعالى َّ‬

‫حي‪ ،‬فاعل متأثر ومؤثر‬‫اهلل وبنائه‪ ،‬فال تستقيم الحياة‪ ،‬وال يدوم الكون َّاال بالحفاظ عليه كإنسان ٍّ‬
‫فيمن حوله‪ ،‬ويكون ذلك بالحفاظ على نفسه‪ ،‬وماله‪ ،‬ودينه(‪ ،)1‬قال تعالى‪َ ﴿:‬و ََّل تُ ْلقُوا بِأ َ ْي ِدي ُك ْم إِلَى‬
‫سنِينَ ﴾]البقرة‪.[873:‬‬
‫َّللاَ يُ ِح ُّ ُ ا ْل ُم ْح ِ‬ ‫التَّ ْهلُ َك ِة َوأَ ْح ِ‬
‫سنُوا إِنَّ َّ‬
‫للنفس من خالل الخطاب اإللهي َّ‬
‫للذات البشرية في قوله تعالى‪﴿:‬يَا أَيُّ َها‬ ‫وتتجسد هذه المكانة َّ‬
‫واح َد ٍة﴾]النساء‪ ،[8:‬فقد جعل اهلل سبحانه وتعالى‬
‫ِ‬ ‫اس اتَّقُوا َربَّ ُك ُم الَّ ِذي َخلَقَ ُك ْم ِمنْ نَ ْف ٍ‬
‫س‬ ‫النَّ ُ‬
‫النفس‪ ،‬وجسدت فيها تقوى اهلل‪ُ ،‬ليقام عليها التَّكاليف األُسرية‪،‬‬
‫األصل في وحدة اإلنسانية هي َّ‬
‫ومن ثم التَّكافل اإلنساني الواحد(‪.)2‬‬

‫السب أو القتل‬ ‫‪ )7‬عدم االعتداء على الغير بالقذف او َّ‬


‫ِ‬
‫الق ﴾]اإلسراء‪ ،[58:‬وقال ‪(:‬إِ َّن د َم َ‬
‫اء ُك ْم َوأ َْم َوالَ ُك ْم‬ ‫شيَةَ إِ ْم ٍ‬ ‫قال تعالى‪َ ﴿:‬وَّل تَ ْقتُلُوا أَ ْوَّل َد ُك ْم َخ ْ‬
‫ش ْه ِرُك ْم َه َذا‪ِ ،‬في َبلَِد ُك ْم َه َذا)(‪.)3‬‬
‫ام َعلَ ْي ُك ْم‪َ ،‬ك ُح ْرَم ِة َي ْو ِم ُك ْم َه َذا ِفي َ‬
‫َح َر ٌ‬
‫شرع‬ ‫الشريعة اإلسالمية حرمة االعتداء على الغير بكل أنواعه وصوره‪ ،‬وانطالقا من ذلك َّ‬ ‫تبيِّن َّ‬

‫سا ِرقَةُ فَا ْقطَ ُعوا‬


‫ق َوال َّ‬ ‫اهلل الحدود‪ ،‬وكفالة حقوق المسلم كقطع يد السَّارق‪ ،‬بقوله تعالى‪َ ﴿:‬وال َّ‬
‫سا ِر ُ‬
‫َّللاُ َع ِزيز َح ِكيم﴾]المائدة‪ ،[51:‬والقصاص من القاتل‪ ،‬قال‬
‫َّللاِ َو َّ‬ ‫أَ ْي ِديَ ُه َما َجزَا ًء بِ َما َك َ‬
‫سبَا نَ َك ًاَّل ِمنَ َّ‬

‫صا ُك ْم بِ ِه لَ َعلَّ ُك ْم تَ ْعقِلُونَ ﴾‬


‫ق َذلِ ُك ْم َو َّ‬
‫َّللاُ إِ ََّّل بِا ْل َح ِّ‬ ‫تعالى‪َ ﴿:‬و ََّل تَ ْقتُلُوا النَّ ْف َ‬
‫س الَّتِي َح َّر َم َّ‬

‫]األنعام‪.[838:‬‬
‫أن األصل في اإلسالم احترام النَّفس الموهوبة من اهلل تعالى‪ ،‬وعدم اإلجازة للغير‬
‫فأرى َّ‬
‫الروح في‬
‫مكرم‪ ،‬يحمل عظمة اهلل تعالى وقدرته في خلقه وبث ُّ‬
‫باالعتداء عليها‪ ،‬ألنه إنسان َّ‬
‫جسده‪ ،‬فال حق ألحد أن يسلب هذه الكرامة‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬حقوق اإلنسان والقضايا الكبرى‪ ،‬الشريف‪،‬ج‪.7/8‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬في ظالل القرآن‪ ،‬سيد قطب‪ ،‬ج‪.365/8‬‬
‫(‪ )3‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬الحج‪ /‬حجة َّ‬
‫النبي ‪ :117/7 ،‬رقم الحديث‪.8781‬‬

‫‪00‬‬
‫الرسول‪ ‬حرمة االعتداء على الغير حتى وان كان غير البشر‪ ،‬فذكر مسلم‬
‫وفي السُّنة بيَّن َّ‬
‫الرحمن ابن عبد اللَّه‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬قال‪ُ :‬كَّنا مع ر ُسول اللَّه ‪ ‬في سف ٍر‪ ،‬فانطلق‬
‫بسنده عن عبد َّ‬
‫ش‪ ،‬فجاء َّ‬
‫النب ُّي ‪‬‬ ‫لحاجته ف أرينا ُحمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها‪ ،‬فجاءت ال ُحمرةُ فجعلت تفر ُ‬
‫فقال‪َ (:‬م ْن فَ َج َع َه ِذ ِه ِب َولَِد َها‪ُ ،‬رُّدوا َولَ َد َها إِلَ ْي َها)(‪.)1‬‬

‫‪ .3‬حرية العقل‬
‫ألن التَّكليف خطاب من اهلل‪ ،‬وال يتلقى ذلك الخطاب إال من‬
‫العقل مناط التَّفكير وأساسه َّ‬
‫أن العقل مفتاح التَّمييز للبشر‪ ،‬وأداة تطوره ومجاالت إدراكه‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬و َعلَّ َم آ َد َم‬
‫يعقل‪ ،‬و َّ‬
‫صا ِدقِينَ ﴾‬ ‫ض ُه ْم َعلَى ا ْل َم َالئِ َك ِة فَقَا َل أَ ْنبِئُونِي بِأ َ ْ‬
‫س َما ِء َهؤ ََُّل ِء إِنْ ُك ْنتُ ْم َ‬ ‫ْاْلَ ْ‬
‫س َما َء ُكلَّ َها ثُ َّم ع ََر َ‬
‫]البقرة‪.[58:‬‬
‫حرية العقل تتمثل باآلتي‪:‬‬
‫ِّ‬
‫العقل أداة التَّميز والفهم واالدراك‪ ،‬فبذلك ميَّز اهلل اإلنسان عن سائر الخلق؛ بأن جعله ا‬
‫حر‬ ‫أ‪.‬‬
‫في عقله وتصرفاته‪ ،‬يجول بفكره ما يشاء لمنفعته‪ ،‬واعمار األرض‪ ،‬واالستفادة من‬
‫خيراتها(‪ ،)2‬تجلى ذلك بقوله تعالى‪َ ﴿:‬ولَقَ ْد َك َّر ْمنَا بَنِي آ َد َم َو َح َم ْلنَا ُه ْم فِي ا ْلبَ ِّر َوا ْلبَ ْح ِر‬
‫يال﴾]اإلسراء‪.[61 :‬‬
‫ض ً‬ ‫َو َر َز ْقنَا ُه ْم ِمنَ الطَّيِّبَا ِ‬
‫ت َوفَ َّ‬
‫ض ْلنَا ُه ْم َعلَى َكثِي ٍر ِم َّمنْ َخلَ ْقنَا تَ ْف ِ‬
‫كرم اهلل بها‬ ‫ب‪ .‬كما َّإنه أداة لالجتهاد والوصول إلى َّ‬
‫الصواب في قضايا الواقع‪ ،‬وهي ميزة أخرى َّ‬
‫(‪)3‬‬
‫االنسان‪ ،‬وجعله مستخلفا في األرض ‪ ،‬وظهر ذلك بقوله تعالى‪َ ﴿:‬ولَقَ ْد َم َّكنَّا ُك ْم فِي ْاْلَ ْر ِ‬
‫ض‬
‫ش ُك ُرونَ ﴾]األعراف‪.[81:‬‬ ‫ش قَلِ ً‬
‫يال َما تَ ْ‬ ‫َو َج َع ْلنَا لَ ُك ْم فِي َها َم َعايِ َ‬
‫ويستنتج ما يتصوره اإلنسان من الكون‪ ،‬ويدرك بها العالقة‬ ‫ت‪ .‬وبالعقل تُعرف حقيقة االشياء ُ‬
‫(‪)4‬‬
‫ت‬
‫اوا ِ‬ ‫بين األسباب والمسببات ‪ ،‬وفي هذا قال تعالى‪﴿:‬إِنِّي َو َّج ْهتُ َو ْج ِه َي لِلَّ ِذي فَطَ َر ال َّ‬
‫س َم َ‬
‫ش ِر ِكينَ ﴾]األنعام‪.[67:‬‬
‫ض َحنِيفًا َو َما أَنَا ِمنَ ا ْل ُم ْ‬
‫َو ْاْلَ ْر َ‬

‫(‪ )1‬سنن أبي داوود‪ ،‬أبو داوود‪ ،‬الجهاد‪ /‬كراهية حرق العدو َّ‬
‫بالنار‪ :33/5 ،‬رقم الحديث‪ ،7763‬صححه‬
‫األلباني‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬الكشاف عن حقائق وغوامض التنزيل‪ ،‬الزمخشري‪،‬ج‪.711/7‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬إرشاد العقل السَّليم إلى مزايا الكتاب العزيز‪ ،‬أبو السُّعود‪،‬ج‪.712/5‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬مفاتيح الغيب‪ ،‬فخر ِّ‬
‫الدين الرازي‪،‬ج‪.57/85‬‬

‫‪02‬‬
‫الحريِّة َّ‬
‫الشخصية واسعة الحدود‪ ،‬وتنتهي إلى قيود وضعها ربُّنا ليح ُكم أفعالنا‪،‬‬ ‫أخير أقول‪ :‬إ َّن ِّ‬
‫و ا‬
‫الحريِّة كاملة‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬ويَا آ َد ُم ا ْ‬
‫س ُكنْ أَ ْنتَ َوزَ ْو ُجكَ ا ْل َجنَّةَ فَ ُك َال‬ ‫أعطى له ِّ‬ ‫‪‬‬ ‫فمنذ خلق أدم‬
‫ش ْئتُ َما‪]﴾...‬األعراف‪ ،[87:‬ولكن قيد الحريات ببعض َّ‬
‫الضوابط اإللهية‪ ،‬بقوله تعالى‪:‬‬ ‫ِمنْ َح ْي ُ‬
‫ث ِ‬
‫حريِّة االنسان‪،‬‬
‫﴿‪َ ...‬و ََّل تَ ْق َربَا َه ِذ ِه الش ََّج َرةَ فَتَ ُكونَا ِمنَ الظَّالِ ِمينَ ﴾]األعراف‪ ،[87:‬والهدف تنظيم ِّ‬
‫الحرَّية المنضبطة لإلنسان تمنح فرصة‬ ‫وتعويده على االنضباط والسَّمع والطَّاعة‪ ،‬كما َّ‬
‫أن ِّ‬
‫الحرِّيات بالسُّوء والظُّلم‪.‬‬
‫لآلخرين بأن يمارسوا حقوقهم وحرياتهم‪ ،‬وأن ال تُمس هذه ِّ‬

‫‪03‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫بناء المجتمع المسلم في القرآن الكريم‬


‫اإلسالم كما َّأنه عقيدة ودين ربَّاني قائم على توحيد اهلل واالنقياد له‪ ،‬فهو نظام اجتماعي‬
‫الصدقة تكاليف فردية َّ‬
‫لكنها‬ ‫يربط المسلم بربِّه وباآلخرين‪ ،‬فالفرائض َّ‬
‫الشرعية كالحج‪ ،‬والصَّالة‪ ،‬و َّ‬
‫حول الطَّاقات المبعثرة للفراد إلى بناء متكامل يسمو بها‬
‫تتجه به نحو بناء مجتمعي متماسك‪ ،‬فتُ ِّ‬
‫المثل العليا لإلنسانية(‪.)1‬‬ ‫َّ‬
‫ويحقق العلم والتقدم والوحدة اإلنسانية بتوجيه سماوي‪ ،‬وفق ُ‬
‫الجميع‪ُ ،‬‬
‫إن المجتمع اإلسالمي يميَّز عن غيره من المجتمعات بعدد من السِّمات جعلته بحق مجتمعا‬ ‫َّ‬
‫فريدا لم تعرف له البشرية مثيل في األمن واالنضباط‪ ،‬و ِّ‬
‫الدين واألخالق‪ ،‬مجتمع جمع في ثنياه‬
‫مما جعل أعداؤها ينقضون عليها لهدم‬ ‫سمات حميدة تباها بها بين باقي األمم و ُّ‬
‫الشعوب‪َّ ،‬‬
‫حضارتها وبنائها العريق بدعوا التَّقدم واالنفتاح ومن واقع الحسد والغيرة(‪ ،)2‬ونلمس ذلك بقوله‬
‫سدًا ِمنْ ِع ْن ِد أَ ْنفُ ِ‬
‫س ِه ْم ِمنْ‬ ‫تعالى‪َ ﴿:‬و َّد َكثِير ِمنْ أَ ْه ِل ا ْل ِكتَا ِ‬
‫ب لَ ْو يَ ُردُّونَ ُك ْم ِمنْ بَ ْع ِد إِي َمانِ ُك ْم ُكفَّا ًرا َح َ‬
‫ق﴾]البقرة‪.[817:‬‬
‫بَ ْع ِد َما تَبَيَّنَ لَ ُه ُم ا ْل َح ُّ‬
‫واذن‪ ..‬فالبناء المجتمعي ال يكون بتقليد حضارات وقيم ُّ‬
‫الدول المتقدمة الغربية‪ ،‬واَّنما أُمتنا تستمد‬
‫النابع أُصوله من الوحي اإللهي‪ ،‬والمتمثِّل في‬ ‫قوتها بتفردها في نظامها االجتماعي المختلف َّ‬
‫القرآن الكريم‪ ،‬والسُّنَّة المشرفة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف مصطلح بناء المجتمع المسلم في القرآن الكريم‬


‫اصطالحا‬
‫ً‬ ‫أوًال‪ :‬المجتمع لغة و‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ .8‬المجتمع لغة‪" :‬هو موضع االجتماع والجماعة من النَّاس"‬
‫الناس تربطهم روابط ومصالح مشتركة وعادات وتقاليد‬ ‫اصطالحا‪ ":‬هو جماعة من َّ‬ ‫ً‬ ‫‪ .7‬المجتمع‬
‫(‪)4‬‬
‫وقوانين واحدة" ‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬يَا أَ ُّي َها النَّ ُ‬
‫اس إِنَّا َخلَ ْقنَا ُك ْم ِمنْ َذ َك ٍر َوأُ ْنثَى َو َج َع ْلنَا ُك ْم ُ‬
‫ش ُعوبًا‬
‫َّللاَ َعلِيم َخبِير﴾ ]الحجرات‪.[85:‬‬
‫َّللاِ أَ ْتقَا ُك ْم إِنَّ َّ‬
‫َوقَبَائِ َل لِتَ َعا َرفُوا إِنَّ أَ ْك َر َم ُك ْم ِع ْن َد َّ‬

‫(‪ (1‬انظر‪ :‬المجتمع واألسرة في اإلسالم‪ ،‬الجوابي‪.61 – 73/8،‬‬


‫(‪ (2‬انظر‪ :‬المرجع السَّابق‪.‬‬
‫(‪ )3‬المعجم الوسيط‪َّ ،‬‬
‫الزيات وآخرون‪ ،‬ج‪.857/8‬‬
‫(‪ )4‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬مختار‪ ،‬ج‪.577/8‬‬

‫‪09‬‬
‫أخير يمكن تعريف "بناء المجتمع المسلم"‪َّ :‬‬
‫بأنه البناء الذي ينشأ أفراد مجتمعه فيه على أخالق‬ ‫و ا‬
‫فيكون المحضن‬ ‫‪‬‬ ‫الرسول‬
‫وتقاليد‪ ،‬ومنهج وسلوك العقيدة اإلسالمية‪ ،‬يتمثل منهاج تفكيره منهاج َّ‬
‫ويداخل كل جيل في الجيل الَّذي قبله والجيل الذي يليه(‪.)1‬‬ ‫َّ‬
‫الداعم لكل جيل‪ُ ،‬‬
‫فأرى َّ‬
‫أن المجتمع المسلم مجتمع إنساني أخالقي متوازن‪ ،‬ينطبق فيه الجانب القانوني من حدود‬
‫وعقوبات‪ ،‬وجانب أخالقي تُجمله اآلداب اإلسالمية‪ ،‬وتهيمن عليها القيم اإللهية‪ ،‬وتحكمه‬
‫التَّ َّشريعات اإلسالمية‪.‬‬
‫الرسول ‪ ‬إلى المدينة‪ ،‬فقد حرص‪ ‬على أنشاء مجتمع‬
‫وهذا ما كان واضحا عند هجرة َّ‬
‫مستقل‪ ،‬يتمكن فيه من إظهار عقائد اإلسالم وشرائعه‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أسس بناء المجتمع المسلم في القرآن الكريم‬


‫يتفوق به على‬
‫القوة واالزدهار ما َّ‬ ‫َّ‬
‫إن للمجتمع المسلم أُسس ُيبنى عليها تجعله من َّ‬
‫األُسس‪‌:‬‬ ‫المجتمعات األخرى ويسمو به‪ ،‬ومن هذه‬
‫األساس األول‪ :‬األرض‬
‫ِّ‬
‫وبكل جوانبها وعلمها‬ ‫لقد َّ‬
‫سخر اهلل تعالى األرض لإلنسان واستعمره فيها‪ ،‬لينتفع بها‪،‬‬
‫وكنوزها‪ ،‬وليسيِّر أمر اهلل سبحانه وتعالى في كونه‪ ،‬وليستخلف اإلنسان فيها‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬وإِ ْذ‬
‫ض َخلِيفَةً ﴾]البقرة‪.[51:‬‬
‫قَا َل َربُّكَ لِ ْل َم َالئِ َك ِة إِنِّي َجا ِعل فِي ْاْلَ ْر ِ‬

‫وتظهر أهمية األرض كأساس في بناء المجتمع المسلم من خالل التَّوجيهات التَّالية‪:‬‬
‫ثم المنزلة‬
‫إن مشيئة اهلل تعالى في الكشف ما في هذه األرض من قوى وطاقات وكنوز‪َّ ،‬‬ ‫‪َّ .8‬‬
‫العظيمة الَّتي جعلها اهلل للكائن المستخلف فيها‪ ،‬ثم جعل العمل المنتج المثمر‪ ،‬واستخدام‬
‫كل مقدرات األرض وخاماتها وفق منهج اهلل وشريعته‪ ،‬فضل عظيم في تكوين المجتمعات‬
‫(‪)2‬‬
‫ض َم َددْناها َوأَ ْلقَ ْينا‬ ‫وبنائها‪ ،‬وامتدادها على طول األرض وعرضها ‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿ :‬و ْاْلَ ْر َ‬
‫ستُ ْم لَهُ‬ ‫ون * َو َج َع ْلنا لَ ُك ْم فِيها َمعايِ َ‬
‫ش َو َمنْ لَ ْ‬ ‫س َي َوأَ ْنبَ ْتنا فِيها ِمنْ ُك ِّل ش ْ‬
‫َي ٍء َم ْو ُز ٍ‬ ‫فِيها َروا ِ‬
‫بِرا ِزقِينَ ﴾ ]الحجر‪.[71-87:‬‬

‫(‪ )1‬منهج التَّربية اإلسالمية‪ ،‬محمد قطب‪ ،‬ج‪.786/8‬‬


‫(‪)2‬انظر‪ :‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان‪ ،‬السَّعدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحمن بن معال‬
‫اللويحق‪،‬ج‪.117/8‬‬

‫‪01‬‬
‫‪ .7‬كما يبرز دور اإلنسان في األرض كخليفة فيها من خالل عمارتها‪ ،‬وتتجلى عمارة األرض‬
‫الشدائد‪ ،‬والرضى بحكم اهلل(‪،)1‬‬ ‫الصبر على َّ‬ ‫في صور مختلفة‪ ،‬كحفظ األرض والعرض‪ ،‬و َّ‬
‫ت‬ ‫ت َو َما فِي ْاْلَ ْر ِ‬
‫ض َج ِمي ًعا ِم ْنهُ إِنَّ فِي َذلِكَ َْليَا ٍ‬ ‫اوا ِ‬ ‫قال تعالى‪َ ﴿:‬و َ‬
‫س َّخ َر لَ ُك ْم َما فِي ال َّ‬
‫س َم َ‬
‫لِقَ ْو ٍم يَتَفَ َّك ُرونَ ﴾]الجاثية‪.[85:‬‬
‫ثم التَّمكين من اهلل بإعطائنا زمام‬ ‫ُّ‬
‫وحب االنتماء إليها والعيش فيها‪َّ ،‬‬ ‫‪ .5‬االعتزاز باألرض‪،‬‬
‫عظمى األحكام من تحكيم شرع اهلل من إقامة الصَّالة‪ ،‬وتطبيق األحكام َّ‬
‫الشرعية كاملة‪،‬‬
‫األمة وسائر األمم الى الخير وهو‬
‫واستغالل خيرات األرض وتوزيعها عدال‪ ،‬ودعوة هذه َّ‬
‫النهي عن غير ذلك‪ ،‬وهو بذلك عمل وسعي‪ ،‬ال إرشاد وتعليم‬ ‫اإلسالم‪ ،‬وااللتزام به‪ ،‬و َّ‬
‫(‪)2‬‬
‫ص َالةَ َوآتَ ُوا ال َّز َكاةَ َوأَ َم ُروا‬ ‫فقط ‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬الَّ ِذينَ إِنْ َم َّكنَّا ُه ْم فِي ْاْلَ ْر ِ‬
‫ض أَقَا ُموا ال َّ‬
‫َن ا ْل ُم ْن َك ِر َو ِ ََّّللِ عَاقِبَةُ ْاْلُ ُمو ِر﴾]الحج‪.[28:‬‬ ‫بِا ْل َم ْع ُر ِ‬
‫وف َونَ َه ْوا ع ِ‬

‫األساس الثَّاني‪ :‬اإلنسان‬


‫لقد كرم اهلل تعالى اإلنسان‪ ،‬وتفضل عليه بإحسانه الذي ال يقف عنده حدود‪ ،‬حيث‬
‫الرسل واألنبياء‪ ،‬وانزال الكتب‪ ،‬وجعل‬
‫كرمه بجميع وجوه اإلكرام‪ ،‬فكرمهم بالعلم والعقل وارسال ُّ‬
‫منهم األولياء واألصفياء وأنعم عليهم بنعمه الظَّاهرة والباطنة(‪ ،)3‬قال تعالى‪َ ﴿:‬ه ْل أَتى َعلَى‬
‫شاج نَ ْبتَلِي ِه‬ ‫ش ْيئا ً َم ْذ ُكوراً * إِنَّا َخلَ ْقنَا ْ ِ‬
‫اإل ْنسانَ ِمنْ نُ ْطفَ ٍة أَ ْم ٍ‬ ‫سان ِحين ِمنَ ال َّد ْه ِر لَ ْم يَ ُكنْ َ‬ ‫اإل ْن ِ‬ ‫ِْ‬
‫سبِي َل إِ َّما شا ِكراً َوإِ َّما َكفُوراً﴾]اإلنسان‪.[8،7،5:‬‬ ‫صيراً * إِنَّا َه َد ْيناهُ ال َّ‬ ‫فَ َج َع ْلناهُ َ‬
‫س ِميعا ً بَ ِ‬

‫وترى الباحثة َّ‬


‫أن دور األنسان كأساس مجتمعي يك ُمن في ما يلي‪:‬‬
‫‪ .8‬يعتبر األنسان أساس بارز في تكوين المجتمع من خالل مكانه المحوري‪ ،‬وفي أدواره‬
‫الرئيسية والثَّانوية المختلفة والمؤثرة في تكوين نظام اجتماعي هادف فللب دوره واألم‬
‫واالبن‪ ،‬والطالب‪ ،‬والرئيس‪ ،‬والقاضي‪ ،‬والكهل‪ ،‬و َّ‬
‫الشاهد‪ ،‬وهذه األدوار تتصف بالتَّأثير‬
‫المباشر في المجتمع سواء على المدى البعيد أو القريب‪ ،‬وحسب الوسائل المتاحة(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬في ظالل القرآن‪ ،‬سيد قطب‪ ،‬ج‪.71-37/8‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬روح البيان‪ ،‬أبو الفداء‪ ،‬ج‪ ،28/7‬تفسير المنار‪ ،‬الحسيني‪ ،‬ج‪.38/2‬‬
‫الرحمن بن معال اللويحق‪ ،‬ج‪.275/8‬‬
‫السعدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد َّ‬
‫الرحمن‪َّ ،‬‬
‫(‪ )3‬تيسير الكريم َّ‬
‫)‪ (4‬انظر‪ :‬حقوق االنسان والقضايا الكبرى‪َّ ،‬‬
‫الشريف‪ ،‬ج‪.6/8‬‬

‫‪00‬‬
‫‪ .7‬يعتبر األنسان هو األساس َّ‬
‫الدائم في ثبات المعايير اإلنسانية واألخالقية‪ ،‬والمتمثلة في‬
‫يحب ربَّه خالقه‪ ،‬ومدبر شؤونه‪ ،‬فهو الَّذي‬
‫ُّ‬ ‫روابط ِّ‬
‫الدين واألرض واالعتزاز بهما‪ ،‬فاإلنسان‬
‫َّ‬
‫مكنه في أرضه‪ ،‬وهيئ له جميع فرص الحياة من َّ‬
‫حب األرض واالعتزاز بها وتدبيرها‬
‫واصالحها(‪.)1‬‬
‫األساس الثَّالث‪ :‬الروابط االجتماعية‬
‫الرحمة‬ ‫لقد خلق اهلل تعالى اإلنسان ليعيش في األرض في جماعات إنسانية‪َّ ،‬‬
‫وبث بينهم َّ‬
‫والمؤدة و ِّ‬
‫الحب‪ ،‬وربطهم بروابط تزيد األلفة بينهم وتقوي الغريزة عندهم‪ ،‬ليمكنوا من إعمار‬
‫األرض والعيش فيها‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬يَا أَيُّ َها النَّ ُ‬
‫اس إِنَّا َخلَ ْقنَا ُك ْم ِمنْ َذ َك ٍر َوأُ ْنثَى َو َج َع ْلنَا ُك ْم ُ‬
‫ش ُعوبًا‬
‫َّللاَ َعلِيم َخبِير﴾]الحجرات‪ ،[85:‬فتتجه اآليات‬
‫َّللاِ أَ ْتقَا ُك ْم إِنَّ َّ‬
‫َوقَبَائِ َل لِتَ َعا َرفُوا إِنَّ أَ ْك َر َم ُك ْم ِع ْن َد َّ‬

‫الكريمة إلى تكوين واقامة األسر والبيوت‪ ،‬من خالل الفطرة التي تبني اإلنسان في نظام‬
‫اجتماعي على المنهج الَّذي أقامه اهلل للكون كلَّه(‪.)2‬‬
‫العامة‪ ،‬والتَّألف بين قلوب أفراد المجتمع المسلم من أبرز الوسائل‬
‫َّ‬ ‫وترى الباحثة َّ‬
‫أن العبادات‬
‫الروابط االجتماعية بين أبناء المجتمع الواحد‪ ،‬فإذ نظرنا إلى فرائض اهلل‬
‫التي تعين على تقوية َّ‬
‫في األرض نرى َّإنها ال تتحقق إال بالجماعة‪ ،‬فالصَّالة ال تقوم كما يريد اإلسالم إال بمسجد فيه‬
‫إمام ومصلين‪ ،‬ومؤذن وخطيب يخطبهم‪ ،‬ومعلم يعلمهم وهذا ينظمه المجتمع ويقويه‪ ،‬بقوله‬

‫ص َالةَ َوآتَ ُوا ال َّز َكاةَ َوأَ َم ُروا بِا ْل َم ْع ُر ِ‬


‫وف َونَ َه ْوا َع ِن‬ ‫تعالى‪﴿:‬الَّ ِذينَ إِنْ َم َّكنَّا ُه ْم فِي ْاْلَ ْر ِ‬
‫ض أَقَا ُموا ال َّ‬
‫ا ْل ُم ْن َك ِر َو ِ ََّّللِ عَاقِبَةُ﴾]الحج‪.[28:‬‬
‫الروابط االجتماعية ما يلي‪:‬‬ ‫مما سبق َّ‬
‫أن من أسباب تقوية َّ‬ ‫ويتبيَّن َّ‬
‫‪ .8‬دعوة اإلسالم الى التَّخلق بأخالقه‪ ،‬والمتمثلة بأخالق َّ‬
‫الرسول‪ ،‬مثل الصَّبر والعفة‪،‬‬
‫والصِّدق و َّ‬
‫النظافة‪ ،‬والكرم‪ ،‬والمسامحة والحياء وغيرها كثير(‪.)3‬‬
‫الدينية الَّتي تحقق‬
‫‪ .7‬تشريع العبادات الجماعية؛ كصالة الجمعة والعدين والجنازة‪ ،‬والممارسات َّ‬
‫اجتماع المسلمين وتؤلف قلوبهم(‪.)4‬‬

‫(‪ )8‬انظر‪ :‬حقوق االنسان والقضايا الكبرى‪َّ ،‬‬


‫الشريف‪،‬ج‪.81/8‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬في ظالل القرآن‪ ،‬سيد قطب‪ ،‬ج‪.753/8‬‬
‫(‪ (3‬انظر‪ :‬منهج التَّربية اإلسالمية‪ ،‬ج‪.771/8‬‬
‫(‪ )4‬المرجع السَّابق‪ ،‬ج ‪.777/8‬‬

‫‪00‬‬
‫‪ .5‬تشريع اإلسالم للواجبات االجتماعية الخاصة مثل‪ُّ :‬بر الوالدين‪ ،‬وصلة األرحام‪ ،‬واإلحسان‬
‫إلى الجار‪ ،‬وتجنب إيذائهم‪ ،‬واالحترام المتبادل بين َّ‬
‫الزوجين‪ ،‬واحترام العمل والعاملين‬
‫ومعرفة حقوقهم(‪.)1‬‬
‫‪ .2‬دعوة اإلسالم الى أسباب التآلف االجتماعي العام‪ ،‬مثل إفشاء السَّالم‪ ،‬واجابة َّ‬
‫الدعوة‪،‬‬
‫النفقات الواجبة والصَّدقات التَّطوعية(‪.)2‬‬
‫وعيادة المريض‪ ،‬و َّ‬
‫‪ .3‬معرفة المشكالت االجتماعية الَّتي تواجه المسلمين‪ ،‬وسبل الوقاية منها وعالجها‪ ،‬كانحراف‬
‫الشباب‪ ،‬واإلعالم المضلِّل‪ ،‬وانتشار الفواحش األخالقية‪ ،‬كتعاطي السُّموم‪ ،‬والمخدرات‪،‬‬
‫َّ‬

‫كالربا(‪.)3‬‬
‫كالرشوة‪ ،‬والقروض المحرمة ِّ‬
‫وفساد العالقات االجتماعية َّ‬

‫المطلب الثالث‪ :‬خصائص المجتمع المسلم في القرآن الكريم‬


‫ص َالةَ َوآتَ ُوا ال َّز َكاةَ َوأَ َم ُروا بِا ْل َم ْع ُر ِ‬
‫وف َونَ َه ْوا‬ ‫قال تعالى‪ ﴿:‬الَّ ِذينَ إِنْ َم َّكنَّا ُه ْم فِي ْاْلَ ْر ِ‬
‫ض أَقَا ُموا ال َّ‬
‫َن ا ْل ُم ْن َك ِر َو ِ ََّّللِ عَاقِبَةُ ْاْلُ ُمو ِر ﴾]الحج‪.[28:‬‬
‫ع ِ‬
‫للمجتمع اإلسالمي خصائص نادرة ِّ‬
‫تميزه عن غيره‪ ،‬فقوانينه إلهية‪ ،‬وتشريعاته سامية‪ ،‬تسمو‬
‫بالعنصر البشري‪ ،‬وتوفر له أسباب التَّمكين واإلقامة في األرض‪ ،‬ومن هذه الخصائص ما‬
‫نذكرها على النحو التَّالي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬يحتكم الى َّ‬
‫الشريعة اإلسالمية‬
‫أتمها وأكملها‪ ،‬وأن الواجب االنقياد‬
‫من المعلوم أن حكم اهلل هو خير األحكام وأعدلها‪ ،‬و َّ‬
‫الرضا والتَّسليم‪ ،‬يقول سبحانه وتعالى‪َ ﴿:‬و َمنْ أَ ْح َ‬
‫سنُ ِمنَ َّ‬
‫َّللاِ ُح ْك ًما لِقَ ْو ٍم‬ ‫لها‪ ،‬مع ِّ‬
‫يُوقِنُونَ ﴾[المائدة‪ ،]31 :‬وأ َّن تنفيذ َّ‬
‫الشريعة ليس من باب المستحسن والمستحب‪ ،‬بل من باب‬
‫(‪)4‬‬ ‫الفرض والواجب واألدلة َّ‬
‫الشرعية ثابتة في ذلك ‪ ،‬قال تعالى آمار بتنفيذ حدوده‪ُ ﴿:‬‬
‫سو َرة أَ ْنزَ ْلنَاهَا‬
‫ت لَ َعلَّ ُك ْم تَ َذ َّك ُرونَ ﴾] َّ‬
‫النور‪ ،[8:‬وقال تعالى‪﴿:‬يَا أَيُّ َها الَّ ِذينَ آ َمنُوا‬ ‫ضنَاهَا َوأَ ْنزَ ْلنَا فِي َها آيَا ٍ‬
‫ت بَيِّنَا ٍ‬ ‫َوفَ َر ْ‬
‫أَ ْوفُوا بِا ْل ُعقُو ِد‪]﴾...‬المائدة‪.[8:‬‬

‫(‪ (1‬انظر‪ :‬المجتمع واألسرة في اإلسالم‪ ،‬الجوابي‪ ،‬ج‪.76/8‬‬


‫(‪ (2‬انظر‪ :‬سمات المؤمنين في الفتن وتقلب األحوال‪ ،‬آل ِّ‬
‫الشيخ‪.87/8 ،‬‬
‫(‪ (3‬انظر‪ :‬المجتمع واألسرة في اإلسالم‪ ،‬الجوابي‪ ،‬ج‪.13-63/8‬‬
‫اليوسف‪‌.71-87/8،‬‬ ‫(‪ (4‬انظر‪ :‬وجوب تطبيق الحدود َّ‬
‫الشرعية‪،‬‬

‫‪03‬‬
‫كفلها اهلل للجميع في ِّ‬
‫ظل هذا ِّ‬
‫النظام‪ ،‬للمحافظة على فكر‬ ‫الدينية قد َّ‬
‫فالحريات السِّياسية و ِّ‬
‫شرع اهلل من التَّشريعات ما يصونها‬ ‫َّ‬
‫الناس‪ ،‬وأعراضهم‪ ،‬وأموالهم‪ ،‬ودمائهم ونسلهم ودينهم‪ ،‬فقد َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫سو ُل فَ ُخ ُذوهُ َو َما نَ َها ُك ْم َع ْنهُ فَا ْنتَ ُهوا﴾]الحشر‪ ،[6:‬ثم‬
‫ويحفظها ‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬و َما آتَا ُك ُم ال َّر ُ‬
‫الرزق‪ ،‬والتَّلذذ بحياة رغدة‪ ،‬بقوله‬
‫من بركات تطبيق شرع اهلل‪ ،‬وااللتزام به‪ ،‬رضى اهلل وكثرة ِّ‬
‫ض َولَ ِكنْ َك َّذبُوا‬
‫س َما ِء َو ْاْلَ ْر ِ‬ ‫تعالى‪َ ﴿:‬ولَ ْو أَنَّ أَ ْه َل ا ْلقُ َرى آ َمنُوا َواتَّقَ ْوا لَفَت َْحنَا َعلَ ْي ِه ْم بَ َر َكا ٍ‬
‫ت ِمنَ ال َّ‬
‫سبُونَ ﴾]األعراف‪.[77:‬‬
‫فَأ َ َخ ْذنَا ُه ْم بِ َما َكانُوا يَ ْك ِ‬
‫أظن أن لن تصلح أحوالنا وأحوال المسلمين‪ ،‬ويرفع تسلَّط األعداء علينا سياسيا وفكريا إال إذا‬
‫و ُّ‬
‫عدنا إلى اهلل سبحانه وتعالى‪ ،‬وسلكنا سبيله المستقيم الَّذي رضيه لعباده‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬إِنَّ َما َكانَ‬
‫ط ْعنَا َوأُولَئِكَ ُه ُم‬
‫س ِم ْعنَا َوأَ َ‬
‫سولِ ِه لِيَ ْح ُك َم بَ ْينَ ُه ْم أَنْ يَقُولُوا َ‬ ‫قَ ْو َل ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ إِ َذا ُدعُوا إِلَى َّ‬
‫َّللاِ َو َر ُ‬
‫أما إذا سرنا على حكم غير ديننا‪ ،‬ونهجنا منهج الغرب في حياتنا فقد‬
‫ا ْل ُم ْفلِ ُحونَ ﴾]النور‪َّ ،[38:‬‬
‫ضللَّنا عن الحق‪ ،‬وفسدت أفكارنا‪ ،‬وصدق سبحانه إذ يقول‪َ ﴿:‬و َمنْ أَع َْر َ‬
‫ض عَنْ ِذ ْك ِري فَإِنَّ لَهُ‬
‫ش ُرهُ يَ ْو َم ا ْلقِيَا َم ِة أَ ْع َمى﴾]طه‪ ،[872:‬وقوله تعالى‪َ ﴿:‬و َمنْ لَ ْم يَ ْح ُك ْم بِ َما أَ ْنزَ َل‬ ‫شة ً َ‬
‫ض ْن ًكا َونَ ْح ُ‬ ‫َم ِعي َ‬
‫َّللاُ فَأُولَئِكَ ُه ُم ا ْل َكافِ ُرونَ ﴾]المائدة‪.[22:‬‬
‫َّ‬

‫الجدية في المجتمع‬
‫ِّ‬ ‫ثانيا‪:‬‬
‫ً‬
‫المجتمع اإلسالمي جاد في معتقداته‪ ،‬وأعماله‪ ،‬وال مجال للعبثية‪ ،‬واالنشغال بصغائر‬
‫األُمور من خالل حرصه على العلم النَّافع‪ ،‬والعمل المستمر‪ ،‬ويمكن أن ِّ‬
‫نبين جديِّة المجتمع‬
‫المسلم من خالل اآلتي‪:‬‬
‫‪ .0‬حرصه على العلم َّ‬
‫النافع‬
‫لقد ذكر اهلل تعالى فضل العلماء وأهل العلم‪ ،‬ودعا إلى ذلك فوجب أن يكونوا أفضل َّ‬
‫الناس‬
‫ت ﴾[ال ُمجادلة‪ ،]88 :‬وكما‬ ‫بقوله تعالى‪ ﴿:‬يَ ْرفَ ِع َّ‬
‫َّللاُ الَّ ِذينَ آ َمنُوا ِم ْن ُك ْم َوالَّ ِذينَ أُوتُوا ا ْل ِع ْل َم د ََرجا ٍ‬
‫ثم يعرف‬
‫عز وجل‪َّ ،‬‬ ‫عنى بتحصيل العلم َّ‬
‫الشرعي‪ ،‬وهو ما يتفقه به العبد من العلم في دين اهلل َّ‬
‫الدنيوي فينتفع به المسلم وينفع به غيره‪ ،‬كالطِّب‬
‫به هدى اهلل في شؤون حياته‪ ،‬أو العلم ِّ‬
‫والهندسة‪ ،‬والصِّناعة وغيرها من العلوم(‪ ،)2‬وفي كال األمرين يجب على المسلم‪:‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬وجوب تحكيم الى شرع اهلل ونبذ ما خالفه‪ ،‬بن باز‪.86-87/8،‬‬
‫(‪ (2‬انظر‪ :‬التَّرغيب والتَّرهيب‪ ،‬قوام السُّنة‪ ،‬تحقيق‪ :‬أيمن بن صالح بن شعبان‪ ،‬ج‪.17/5‬‬

‫‪02‬‬
‫النفس بالخير والمنفعة‪ ،‬في دنياه وبعد‬ ‫النافع‪ ،‬والَّذي ي ُعود على َّ‬ ‫أ‪ .‬أن‌ يجتهد في انتقاء العلم َّ‬
‫ارَي ٍة‪ ،‬أ َْو‬
‫ص َدقَ ٍة َج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ان ا ْنقَطَ َع َع ْنهُ َع َملُهُ إَِّال م ْن ثََال ثَة‪ :‬إَِّال م ْن َ‬
‫س ُ‬ ‫موته‪ ،‬قال ‪(:‬إِ َذا َم َ‬
‫ات ِْ‬
‫اإل ْن َ‬
‫صالِ ٍح َي ْد ُعو لَ ُه)(‪.)1‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬
‫ع ْلم ُي ْنتَفَعُ ِبه‪ ،‬أ َْو َولَد َ‬
‫الشعوذة‪ ،‬قال‬ ‫الشرك والضَّاللة‪ ،‬وايذاء اآلخرين كالسِّحر و َّ‬ ‫يبتعد عن العلم الذي يوقعه في ِّ‬ ‫ب‪‌ .‬‬

‫ص َالةٌ أ َْرَب ِع َ‬
‫ين لَ ْيلَ ًة)(‪.)2‬‬ ‫رسولنا‪ (:‬م ْن أَتَى ع َّارفًا فَسأَلَ ُه ع ْن َ ٍ‬
‫ش ْيء‪ ،‬لَ ْم تُ ْق َب ْل لَ ُه َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الرزق‬
‫السعي لطلب ِّ‬ ‫‪ .7‬حرصه على العمل و ِّ‬
‫إن اهلل تعالى خلق العباد لعبادته ولم يخلقهم عبثا أو تسلية‪ ،‬وليتبيِّن الخبيث من الطَّيب‪،‬‬
‫َّ‬
‫فاهلل ال ينظر إلى صورنا وأجسامنا واَّنما ينظر إلى أعمالنا‪ ،‬فأمرنا أن نسير في األرض‬
‫ونبحث في خيراتها وكنوزها بما ينفع َّ‬
‫الناس‪ ،‬وأن نعمل ونجتهد في طلبه ليتحقق لنا السَّعادة‪،‬‬
‫ولعلَّي اذكر بعض اآليات ال َّدالة على ذلك‪:‬‬
‫قال تعالى‪َ ﴿:‬منْ َع ِم َل َ‬
‫صالِ ًحا ِمنْ َذ َك ٍر أَ ْو أُ ْنثَى َوه َُو ُم ْؤ ِمن فَلَنُ ْحيِيَنَّهُ َحيَاةً طَيِّبَةً َولَنَ ْج ِزيَنَّ ُه ْم‬ ‫أ‪.‬‬
‫الدنيا‪ ،‬والعمل والقناعة‬ ‫الرزق الطَّيب في ُّ‬ ‫س ِن َما َكانُوا يَ ْع َملُونَ ﴾]النحل‪ ،[76:‬هي ِّ‬ ‫أَ ْج َر ُه ْم بِأ َ ْح َ‬
‫طيبة‪ ،‬فال‬ ‫فيها‪ ،‬فاإلنسان حريص على أن يأكل حالال‪ ،‬ويلبس حالال ليحي حياة سعيدة ِّ‬
‫ويتوكل على اهلل ‪ ،‬ويخلص هلل العمل(‪.)3‬‬ ‫َّ‬ ‫يجلس ويجوع واَّنما يسعى في رزقه‬
‫ض َذلُ ً‬
‫وَّل فَا ْمشُوا فِي َمنَا ِكبِ َها َو ُكلُوا ِمنْ ِر ْزقِ ِه َوإِلَ ْي ِه‬ ‫ب‪ .‬وقال تعالى‪﴿:‬ه َُو الَّ ِذي َج َع َل لَ ُك ُم ْاْلَ ْر َ‬
‫للرزق والعمل‪ ،‬ومن خالل‬
‫النُّشُو ُر﴾]الملك‪ ،[83:‬فامشوا في نواحيها وجوانبها‪ ،‬طلبا ِّ‬
‫استغالل خيرات األرض بما يرضي اهلل وبما ينفع العباد(‪.)4‬‬
‫َّللاِ َو ْاذ ُك ُروا َّ‬
‫َّللاَ‬ ‫ض َوا ْبتَ ُغوا ِمنْ فَ ْ‬
‫ض ِل َّ‬ ‫ص َالةُ فَا ْنت َِش ُروا فِي ْاْلَ ْر ِ‬
‫ت ال َّ‬ ‫ت‪ .‬وقال تعالى‪ ﴿:‬فَإ ِ َذا قُ ِ‬
‫ضي َ ِ‬
‫َكثِي ًرا لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْفلِ ُحونَ ﴾]الجمعة‪ ،[81:‬يدل على سمو ال َّشريعة اإلسالم‪ ،‬وعلى سماحتها‬
‫ويسرها‪ ،‬وجمعها السَّوي بين مطالب الدنيا ومطالب اآلخرة‪ ،‬فهي رخصة من اهلل البتغاء‬
‫الرزق وابتغاء فضل اهلل فيه(‪.)5‬‬
‫ِّ‬

‫(‪ )1‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬الوصية‪/‬ما يلحق االنسان من الثَّواب بعد وفاته‪ :8733/5 ،‬رقم الحديث‪.8758‬‬
‫(‪ )2‬المصدر السَّابق‪ ،‬السَّالم‪ /‬تحريم الكهانة وايتاء الكهان‪ :8638/2 ،‬رقم الحديث‪.7751‬‬
‫(‪)3‬انظر‪ :‬المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز‪ ،‬ابن عطية‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السَّالم عبد َّ‬
‫الشافي‪ ،‬ج‪.287/5‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬ابن كثير‪ ،‬تحقيق‪ :‬سامي بن محمد سالمة‪،‬ج‪.867/1‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬التَّفسير الوسيط‪ ،‬سيد طنطاوي‪ ،‬ج‪.516/82‬‬

‫‪00‬‬
‫ثالثًا‪ :‬مجتمع آمن‬
‫سوا إِي َمانَ ُه ْم بِظُ ْل ٍم أُولَئِكَ لَ ُه ُم ْاْلَ ْمنُ َو ُه ْم ُم ْهتَدُونَ ﴾‬
‫قال تعالى‪﴿:‬الَّ ِذينَ آ َمنُوا َولَ ْم يَ ْلبِ ُ‬
‫سا يَ ْغشَى طَائِفَةً ِم ْن ُك ْم﴾‬
‫]األنعام‪ ،[17:‬فاألمن ضد الخوف‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪ ﴿:‬أَ َمنَةً نُ َعا ً‬
‫]ال عمران‪ ،[832:‬وقيل األمن من استأمن إليه أي دخل في أمانه(‪.)1‬‬
‫وكما جعل اهلل تعالى األمن من أسماءه ليحقق بذلك أهميته‪ ،‬وضروريته‪ ،‬بقوله تعالى‪ ﴿:‬ا ْل ُم ْؤ ِمنُ‬
‫ش ِر ُكونَ ﴾]الحشر‪.[75:‬‬ ‫ا ْل ُم َه ْي ِمنُ ا ْل َع ِزي ُز ا ْل َجبَّا ُر ا ْل ُمتَ َكبِّ ُر ُ‬
‫سبْحانَ َّ‬
‫َّللاِ َع َّما يُ ْ‬
‫وال يتحقق كمال المجتمع المسلم َّاال باألمن واألمان‪ ،‬فجاء اإلسالم بالعقوبات َّ‬
‫للزجر عن التَّهاون‬

‫َهلَ َك الَِّذ َ‬
‫ين قَ ْبلَ ُك ْم‪ ،‬أ ََّن ُه ْم َكا ُنوا‬ ‫الرسول ‪ ‬قال‪(:‬إِ َّن َما أ ْ‬ ‫الشريعة‪ ،‬ويتضح ذلك في حديث َّ‬ ‫في تطبيق َّ‬

‫الحدَّ‪َ ،‬و ْاي ُم اللَّ ِه لَ ْو أ َّ‬


‫َن‬ ‫ِ‬
‫اموا َعلَ ْيه َ‬ ‫يف أَقَ ُ‬ ‫َّع ُ‬‫ق ِفي ِهم الض ِ‬
‫ُ‬ ‫س َر َ‬
‫يف تََرُكوهُ‪َ ،‬وِا َذا َ‬ ‫ق ِفي ِه ُم َّ‬
‫الش ِر ُ‬ ‫س َر َ‬ ‫إِ َذا َ‬
‫ت َي َد َها)(‪.)2‬‬ ‫ط ْع ُ‬‫س َرقَ ْت لَقَ َ‬ ‫ٍ‬ ‫فَ ِ‬
‫اط َم َة ِب ْن َ‬
‫ت ُم َح َّمد َ‬
‫بالرزق من دونه قال ‪(:‬م ْن أَصبح ِم ْن ُكم معافًى ِفي جس ِد ِه‪ِ ،‬‬
‫آم ًنا‬ ‫وباألمن تعرف الحياة فال َّلذة ِّ‬
‫َ َ‬ ‫ْ َُ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬
‫الد ْن َيا)(‪.)3‬‬ ‫وت َي ْو ِم ِه‪ ،‬فَ َكأ ََّن َما ِح َ‬
‫يز ْت لَ ُه ُّ‬ ‫ِفي ِس ْرِب ِه‪ِ ،‬ع ْن َدهُ قُ ُ‬
‫الناس على‬ ‫النهب‪ ،‬وال يأمن َّ‬ ‫وبدون األمن تضيع الحقوق وتنتهك األعراض ويحصل السَّلب و َّ‬
‫أنفسهم وأموالهم‪ ،‬وخالف األمر ف َّ‬
‫أن األمن وقيامه في البلد‪ ،‬وانتشاره بين أفراد المجتمع من‬
‫مقومات االزدهار االقتصادي والعمراني(‪ ،)4‬قال تعالى‪﴿:‬أَ َولَ ْم نُ َم ِّكنْ لَ ُه ْم َح َر ًما آ ِمنًا يُ ْجبَى إِلَ ْي ِه‬
‫َي ٍء ِر ْزقًا ِمنْ لَ ُدنَّا﴾]القصص‪.[36:‬‬
‫ثَ َم َراتُ ُك ِّل ش ْ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬لسان العرب‪ ،‬أبو الفضل‪ ،‬ج‪.77/85‬‬


‫(‪ )2‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬أحاديث األنبياء‪ /‬حديث الغار‪ :863/2 ،‬رقم الحديث‪.5263‬‬
‫(‪ )3‬سنن ابن ماجه‪ ،‬ابن ماجه‪ُّ ،‬‬
‫الزهد‪ /‬القناعة‪ :8516/7 ،‬رقم الحديث‪،2828‬وحسنه األلباني‪.‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬المجتمع واألسرة في اإلسالم‪ ،‬الجوابي‪،‬ج‪.35/8‬‬

‫‪00‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫توازن العالقة بين مسؤولية الفرد في نفسه ومسؤوليته في المجتمع‬

‫المطلب األول‪ :‬مسؤولية الفرد في نفسه‬


‫أوالً‪ :‬تعريف مسؤولية الفرد‬
‫"هي المقدرة على إلزام المرء نفسه أوال‪ ،‬ثم القدرة على أن يفي بالتزامه بوساطة جهوده الخاصة‪،‬‬
‫وتحمل نتائج األفعال"(‪.)1‬‬
‫ثم تحمل الجزاء أو‬ ‫بأنها‪ :‬المسؤولية ِّ‬
‫الدينية‪ ،‬والتزام اإلنسان بأوامر اهلل ونواهيه‪َّ ،‬‬ ‫ويمكن القول َّ‬
‫العقاب على فعله(‪.)2‬‬
‫عما اكتسب وعمل‪ ،‬والفؤاد ُيسأل عما فكر فيه‬ ‫السؤال‪ ،‬أي ُيسئل كل فرد َّ‬
‫وقيل هو بمعنى ُّ‬
‫(‪)3‬‬
‫ص َر َوا ْلفُؤَا َد ُك ُّل‬ ‫واعتقد‪ ،‬والسَّمع والبصر عما شهد من ذلك وسمع ‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬إِنَّ ال َّ‬
‫س ْم َع َوا ْلبَ َ‬
‫ُوَّل﴾]اإلسراء‪.[57:‬‬
‫سئ ً‬‫أُولَئِكَ َكانَ َع ْنهُ َم ْ‬
‫وترى الباحثة من خالل التَّعريفات السَّابقة َّ‬
‫أن مسؤولية الفرد تعني‪ :‬المسؤولية األخالقية‪ ،‬واإلرادة‬
‫التي يمتلكها اإلنسان نحو السُّلوك المستقيم‪ ،‬بأن يحمل نفسه ما في صالحها‪ ،‬وسموها‪ ،‬وبعدها‬
‫عن القبائح‪ ،‬فمن اجتهد وتقرب الى اهلل حتى اهتدى بهداية القرآن‪ ،‬وانتهى عما نهاه عنه‪ ،‬فثوابه‬
‫نسان أَ ْلزَ ْمناهُ طائِ َرهُ فِي ُعنُقِ ِه﴾[اإلسراء‪.]85 :‬‬
‫ٍ‬ ‫لنفسه‪ ،‬أو عاقبته عليه‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬و ُك َّل إِ‬

‫ويمكن إبراز أهم مسؤوليات اإلنسان نحو نفسه من خالل‪:‬‬


‫‪ .0‬مسؤولية المسلم في إداء العبادات ومنها‪:‬‬
‫الصبر على الطَّاعات‪ ،‬وترك المعاصي من خالل الثَّقة باهلل ‪ ،‬وتقدير عظم المسؤولية‪،‬‬ ‫َّ‬
‫فيكون صادقا في عبادته مخلصا لها من صالة وزكاة وصدقة‪ ،‬ومن ذكر واستغفار ونافلة‪،‬‬
‫صا لَهُ ِدينِي﴾]الزمر‪ ،[82:‬ومن‬ ‫يسمو بها على أعظم وجه(‪ ،)4‬قال تعالى‪ ﴿:‬قُ ِل َّ‬
‫َّللاَ أَ ْعبُ ُد ُم ْخلِ ً‬
‫ٍ‬
‫بعمل ال‬ ‫خالل استغالل الوقت بما يرضي اهلل‪ ،‬وليس بإضاعته في التَّرف المنكر أو االنشغال‬

‫(‪ )1‬دستور األخالق في القرآن‪ ،‬دراز‪ ،‬ج‪.856/8‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬المرجع السَّابق‪ ،‬ج‪.821/8‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬القرطبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد البردوني‪ ،‬وابراهيم أطفيش‪ ،‬ج‪.737/81‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل‪ ،‬الزمخشري‪ ،‬ج‪.881/2‬‬

‫‪02‬‬
‫ِ ِ‬ ‫القي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َع ْن ُع ُم ِره ف َ‬
‫يما أَ ْف َناهُ‪،‬‬ ‫َل‬
‫سأ َ‬‫امة َحتَّى ُي ْ‬‫يخدم المسلم بمنفعة‪ ،‬قال ‪َ (:‬ال تَُزو ُل قَ َد َما َع ْبد َي ْوَم َ َ‬
‫ِ‬ ‫س ِم ِه‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫يم أ َْب َالهُ)(‪.)1‬‬
‫فَ‬ ‫يم أَ ْنفَقَ ُه‪َ ،‬و َع ْن ِج ْ‬ ‫ِ‬
‫س َب ُه َوف َ‬
‫يم فَ َع َل‪َ ،‬و َع ْن َماله م ْن أ َْي َن ا ْكتَ َ‬
‫َو َع ْن ع ْلمه ف َ‬
‫‪ .7‬مسؤولية المسلم في طلب العلم وااللتفات حول العلماء وأهل الدِّين‬
‫الناس في دينهم ودنياهم فينتفعون بهم ‪ ،‬وأهل إصالح لهم‪ ،‬وألهلهم وأوالدهم‬ ‫العلماء عماد َّ‬
‫وألمورهم الحياتية والَّتربوية‪ ،‬إذ ال يعلِّمون َّإال بعد علمهم‪ ،‬ودراستهم بما يعلِّمون(‪ ،)2‬قال تعالى‪:‬‬
‫سونَ ﴾]ال عمران‪.[67:‬‬ ‫﴿ َولَ ِكنْ ُكونُوا َربَّانِيِّينَ بِ َما ُك ْنتُ ْم تُ َعلِّ ُمونَ ا ْل ِكت َ‬
‫َاب َوبِ َما ُك ْنتُ ْم تَ ْد ُر ُ‬
‫الناس‪ ،‬وفضل الفقه في ِّ‬
‫الدين على سائر العلوم‪ ،‬وثبت‬ ‫وفضَّل اهلل تعالى العلماء على سائر َّ‬
‫فضَّله في القرآن والسََّّنة‪ ،‬ألنه يقود إلى خشية اهلل‪ ،‬والتزام طاعته‪ ،‬وتجنب معاصيه(‪ ،)3‬قال ‪:‬‬
‫ُم ُة قَ ِائ َم ًة‬
‫ال َه ِذ ِه األ َّ‬
‫اس ٌم َواللَّ ُه ُي ْع ِطي‪َ ،‬ولَ ْن تََز َ‬
‫قَ ِ‬ ‫ين‪َ ،‬وِانَّ َما أََنا‬ ‫( َم ْن ُي ِرِد اللَّ ُه ِب ِه َخ ْي ًار ُيفَقِّ ْه ُه ِفي ِّ‬
‫الد ِ‬
‫أ َْم ُر اللَّ ِه)(‪،)4‬‬‫ض ُّرُه ْم َم ْن َخالَفَ ُه ْم‪َ ،‬حتَّى َيأ ِْت َي‬
‫َعلَى أ َْم ِر اللَّ ِه‪ ،‬الَ َي ُ‬
‫‪ .3‬مسؤولية المسلم نحو االهتمام بصحة جسمه‪.‬‬
‫يعتبر اهتمام اإلسالم بحق الجسد تأكيد لشمولية َّ‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وليؤكد وظيفة اإلنسان‬
‫في إعمار األرض على أكمل وجه‪ ،‬وترى الباحثة َّ‬
‫أن من صور االهتمام بالجسد ما يلي‪:‬‬
‫العناية بطعامه وشرابه‪ ،‬فال يدخل عليه ما يؤذيه‪ ،‬وال يشرب ما يضره‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬و ُكلُوا‬
‫‌‬ ‫أ‪.‬‬
‫س ِرفِينَ ﴾]األعراف‪.[58:‬‬
‫س ِرفُوا إِنَّهُ ََّل يُ ِح ُّ ُ ا ْل ُم ْ‬
‫َواش َْربُوا َو ََّل تُ ْ‬
‫المحافظة على نظافة الجسد وقوته‪ ،‬وفي ذات الوقت راحته‪ ،‬قال ‪(:‬ا ْل ُم ْؤ ِم ُن ا ْلقَ ِو ُّ‬
‫ي‪َ ،‬خ ْيٌر‬ ‫ب‪‌ .‬‬
‫َّع ِ‬
‫يف)(‪.)5‬‬ ‫اهلل ِم َن ا ْلم ْؤ ِم ِن الض ِ‬
‫ب إِلَى ِ‬
‫َح ُّ‬
‫ُ‬ ‫َوأ َ‬
‫الصحة‪ ،‬واَّنما األخذ باألسباب‬ ‫االهتمام بالجسد واالعتناء به بالتَّداوي والعالج وعدم إهمال ِّ‬ ‫ت‪‌ .‬‬
‫مع التَّوكل على اهلل‪.‬‬

‫(‪ )1‬سنن الترمذي‪ ،‬الترمذي‪ ،‬القيامة‪ :787/2 ،‬رقم الحديث‪ ،7286‬وصححه األلباني‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬ج‪.323/7‬‬
‫خير‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬شرح صحيح البخاري‪ ،‬ابن بطال‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبو تميم ياسر بن إبراهيم‪ ،‬العلم‪ /‬باب من يرد اهلل به ا‬
‫يفقهه في الدين‪ ،‬ج‪.832/8‬‬
‫خير يفقه في ِّ‬
‫الدين‪ :73/8،‬رقم الحديث‪.68‬‬ ‫(‪ )4‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬العلم‪/‬من يرد اهلل به ا‬
‫(‪ )5‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬القدر‪ /‬في األمر بالقوى وترك العجز‪ :7137/2 ،‬رقم الحديث‪.7772‬‬

‫‪03‬‬
‫‪ .4‬مسؤولية المسلم نحو اتِّخاذ األصحاب واالقران قدوة‬
‫المسلم مطالب بحسن اختيار األصحاب واألقران‪ ،‬ألنَّهم رفقاؤه في َّ‬
‫السراء و َّ‬
‫الضراء‬
‫فمودتهم باقية إلى يوم القيامة‪ ،‬فقد كان اجتماعهم على الهدى والصَّالح‪ ،‬وتناصحهم على الخير‬
‫ض َعد ٌُّو إِ ََّّل ا ْل ُمتَّقِينَ ﴾‬ ‫(‪)1‬‬
‫فكان عاقبتهم إلى َّ‬
‫النجاة ‪ ،‬قال تعالى‪ْ ﴿:‬اْلَ ِخ َّال ُء يَ ْو َمئِ ٍذ بَ ْع ُ‬
‫ض ُه ْم لِبَ ْع ٍ‬
‫[ ُّ‬
‫الزخ ُرف‪.]76 :‬‬
‫ق الَّ ِذينَ اتَّقَ ْوا َربَّ ُه ْم إِلَى ا ْل َجنَّ ِة ُز َمراً َحتَّى إِذا جاؤُها َوفُتِ َحتْ أَ ْبوابُها َوقا َل‬ ‫وقوله تعالى‪َ ﴿:‬و ِ‬
‫سي َ‬
‫سالم َعلَ ْي ُك ْم ِط ْبتُ ْم فَاد ُْخلُوها خالِ ِدينَ ﴾]الزمر‪ ،[65:‬هم المتقين فرحين مستبشرين‬
‫لَ ُه ْم َخزَ نَتُها َ‬
‫بإخوانهم‪ ،‬وسيرهم معهم‪ ،‬فهم أصحاب متصاحبين فيه على زمرتهم وجماعاتهم في َّ‬
‫الجنة‪ ،‬كما‬
‫البر والخير‪ ،‬يؤنس بعضهم بعضا‪ ،‬ويفرح بعضهم ببعض(‪.)2‬‬ ‫كانوا في ُّ‬
‫الدنيا جماعات على ِّ‬
‫أما من اتَّخذ شيطان اإلنس والجن حبيبا وصاحبا‪ ،‬وعاد أنصح َّ‬
‫الناس له‪ ،‬وأبرهم به ‪ ،‬ووالى‬ ‫و َّ‬
‫الدنيا واآلخرة‪ ،‬فما جزاءه َّاال الحسرة‬ ‫عدو اإلنسان الَّذي لم تفد واليته إال َّ‬
‫الشقاء والخسارة في ُّ‬
‫الندامة(‪ ،)3‬قال تعالى‪﴿:‬يَا َو ْيلَتى لَ ْيتَنِي لَ ْم أَتَّ ِخ ْذ فُالنا ً َخلِيالً﴾]الفرقان‪ ،[71:‬ولعل اتِّخاذ الصُّحبة‬
‫و َّ‬
‫مهمة دقيقة وحرجة‪ ،‬فليس كل من أعرفه صاحب‪.‬‬
‫الرسول‪ ‬وكان نعم األخ والصَّاحب‪،‬‬
‫ومثال لخير األصحاب أبو بكر الصديق‪ ،‬عندما ساند َّ‬
‫كان القوة الَّتي استند إليها ‪ ‬بعد اهلل تعالى‪ ،‬قال تعالى‪ ﴿:‬ثَانِ َي ا ْثنَ ْي ِن إِ ْذ ُه َما فِي ا ْل َغا ِر إِ ْذ يَقُو ُل‬
‫َّللاَ َم َعنَا ﴾]التوبة‪.[21:‬‬
‫احبِ ِه ََّل ت َْحزَ نْ إِنَّ َّ‬
‫ص ِ‬‫لِ َ‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مسؤولية الفرد في المجتمع‬


‫أوال‪ :‬تعريف مسؤولية الفرد تجاه مجتمعه‪:‬‬
‫هو مدى التَّفاعل اإليجابي لإلنسان تجاه مجتمعه من خالل تطبيق القوانين َّ‬
‫الشرعية‪،‬‬
‫ومن خالل التزام العادات والتَّقاليد المجتمعية السَّليمة‪ ،‬وأدوار الفرد االجتماعية تتمثل في أداء‬
‫الواجبات االجتماعية‪ ،‬وما يترتب عليها من حقوق عامة‪ ،‬وواجبات فردية(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬في ظالل القرآن‪ ،‬سيد قطب‪ ،‬ج‪.5718/3‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬التَّفسير القيم‪ ،‬ابن القيم‪ ،‬تحقيق‪ :‬مكتب الدراسات والبحوث العربية واإلسالمية‪ ،‬ج‪.27/8‬‬
‫الرحمن بن معال اللويحق‪ ،‬ج‪.318/8‬‬
‫السعدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد َّ‬
‫الرحمن‪َّ ،‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬تيسير الكريم َّ‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬الطَّريق الى اإلسالم‪ ،‬الحمد‪ ،‬ج‪.28/8‬‬

‫‪09‬‬
‫ثانيا‪ :‬المعاملة اإلسالمية وأثرها في العالقات االجتماعية‬
‫ً‬
‫ويمكن أن نذكر مسؤولية الفرد في مجتمعه من خالل المعاملة اإلسالمية‪ ،‬وأثرها في‬
‫العالقات االجتماعية‪.‬‬
‫فالمعاملة‪" :‬هو الموقف الحسن الثابت الصادق الذي يتخذه المؤمن أثناء تعامله مع اآلخرين في‬
‫سائر المعامالت على ما يكفل الرفق بالمتعاملين"(‪.)1‬‬
‫النشاط المتكرر الَّذي يقوم به الفرد في مجتمعه‪ ،‬وتشترط‬
‫وأقول َّأنها السُّلوك اليومي المتعدد‪ ،‬و َّ‬
‫في هذه المعامالت أن تكون موافقة ألخالق َّ‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وكثير ما نجدها في معامالتنا‬
‫كالبيع و ِّ‬
‫الشراء‪ ،‬ورعاية حقوق الوالدين‪ ،‬وتربية األوالد‪ ،‬ومعاملة الجار‪ ،‬وغيرها ‪.‬‬
‫س َعلَ ْي ِه أ َْم ُرَنا فَ ُه َو َرٌّد)(‪،)2‬‬ ‫ِ‬
‫الرسول‪ ‬قال‪َ (:‬م ْن َعم َل َع َم ًال لَ ْي َ‬ ‫وعن عائشة رضى اهلل عنها َّ‬
‫أن َّ‬
‫فمسؤولية الفرد تكمن في إنجازها على الوجه الحالل‪ ،‬مستوفيا لجميع شروطه وأركانه‪ ،‬ولعلي‬
‫اذكر بعض هذه المعامالت وآدابها‪:‬‬
‫‪ .0‬في العالقات العامة‬
‫لقد نادى اإلسالم منذ بعثة ِّ‬
‫نبينا ‪ ‬على تأسيس عالقة حسنة تقام بين المؤسسات‬
‫والجمهور‪ ،‬ابتداء من العالقات اإلنسانية وانتهاء بالعالقات العامة‪.‬‬
‫ومن األمثلة على بعض هذه العالقات‪:‬‬
‫في البيع و ِّ‬
‫الشراء‬ ‫أ‪.‬‬
‫الشراء لغة‪ ":‬صفقة تتم بموجبها مبادلة المال بمال أو بسلعة على سبيل التَّملك عن‬
‫‪ ‬البيع و ِّ‬
‫تراض‪ ،‬وركناه اإليجاب والقبول"(‪.)3‬‬
‫‪ ‬البيع و ِّ‬
‫الشراء شر ًعا‪ :‬البيع الصَّحيح‪" :‬ما كان مشروعا بأصله‪ ،‬ووصفه‪ ،‬وهو البيع الجائز‪،‬‬
‫المشروع ذات ووصفا"(‪.)4‬‬
‫الربا﴾] البقرة ‪.[763:‬‬ ‫‪ ‬ودليل مشروعيته ‪ :‬قوله تعالى‪َ ﴿:‬وأَ َح َّل َّ‬
‫َّللاُ ا ْلبَ ْي َع َو َح َّر َم ِّ‬

‫الرسول الكريم‪ ،‬ابن حميد‪.8775/3 ،‬‬ ‫(‪ )1‬نضرة َّ‬


‫النعيم في مكارم أخالق َّ‬
‫(‪ )2‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬االقضية‪ /‬نقض االحكام الباطلة‪ :8525/5 ،‬رقم الحديث‪.8681‬‬
‫(‪ )3‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬مختار‪ ،‬ج‪.765/8‬‬
‫(‪ )4‬القاموس الفقهي‪ ،‬أبو حبيب‪ ،‬ج‪.23/8‬‬

‫‪21‬‬
‫ب‪ .‬أداب البيع‪:‬‬
‫ويمكن ذكر بعض أداب البيع من وجهة نظر الباحثة بما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬أن يكون البائع صادقا أمينا‪ ،‬فال يغش في البيع‪ ،‬بأن يخدع أخاه المسلم بالحلف والكذب‪،‬‬
‫ت فَ ُق ْل الَ ِخالَ َب َة )(‪.)1‬‬
‫وستر عيوب السِّلعة‪ ،‬أو يبخس في الميزان قال ‪ (:‬إِ َذا َب َاي ْع َ‬
‫الدخان والمخدرات‪ ،‬وبيع‬ ‫‪ ‬أن يبتعد عن الكسب الحرام‪ ،‬والذي يؤذي أخاه المسلم‪ ،‬كالخمر و ُّ‬
‫ش َما ظَ َه َر ِم ْن َها َو َما بَطَنَ ﴾‬ ‫الربا وما أشبه ذلك‪ ،‬لقوله تعالى‪َ ﴿:‬وَّلَ تَ ْق َربُوا الفَ َو ِ‬
‫اح َ‬ ‫ِّ‬
‫[األنعام‪]838 :‬‬
‫‪ ‬أن يحسن تعامله مع َّ‬
‫الناس باألدب وحسن القول‪ ،‬فال يسب وال يلعن‪ ،‬وال يتكلم بما ال‬
‫يرضي اهلل‪.‬‬
‫‪ .7‬في العالقات الخاصة‬
‫المتمثلة في مسؤولية الفرد تجاه أسرته‬ ‫أ‪.‬‬
‫الرجل وأهل بيته‪ ،‬وقيل وهي جماعة يربطها أمر‬
‫األسرة‪ :‬هي الدرع الحصين‪ ،‬وعشيرة َّ‬
‫مشترك‪ ،‬فهي قاعدة الحياة البشرية‪ ،‬وأساس التَّكوين اإلنساني‪ ،‬وتوفير السِّتر والوقاية للمسلم‬
‫(‪)2‬‬
‫ق ِم ْنها‬
‫واح َد ٍة َو َخلَ َ‬
‫س ِ‬ ‫والمسلمة ‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬يَاأَيُّ َها النَّ ُ‬
‫اس اتَّقُوا َربَّ ُك ُم الَّ ِذي َخلَقَ ُك ْم ِمنْ نَ ْف ٍ‬
‫زَ ْو َجها﴾[ ِّ‬
‫النساء‪.]8:‬‬
‫النسل من األبناء والَّذي يهدف لتقوية األسرة‪ ،‬واستمرار‬
‫ومن عظمة هذه الشريعة‪ :‬وجود َّ‬
‫النفسي لهذه األسرة‪ ،‬وتوقير شأنها(‪ ،)3‬قال تعالى‪َ ﴿:‬و ِمنْ آياتِ ِه‬ ‫الحياة اإلنسانية‪ ،‬واالستقرار َّ‬
‫ت‬ ‫س ُك ْم أَ ْزواجا ً لِتَ ْ‬
‫س ُكنُوا إِلَ ْيها َو َج َع َل بَ ْينَ ُك ْم َم َو َّدةً َو َر ْح َمةً إِنَّ فِي ذلِكَ َْليا ٍ‬ ‫ق لَ ُك ْم ِمنْ أَ ْنفُ ِ‬
‫أَنْ َخلَ َ‬
‫لِقَ ْو ٍم يَتَفَ َّك ُرونَ ﴾]النساء‪.[78:‬‬
‫كما تهدف األسرة إلى تحمل المسؤولية لكل من الرجل والمرأة‪ ،‬و ُّ‬
‫النهوض بهذه األمة من‬
‫أما عن أهم مسؤوليات الوالدين واألبناء‬ ‫خالل التَّنشئة الصَّحيحة في ِّ‬
‫ظل اإلسالم‪ ،‬و َّ‬
‫فنحصرها بما يلي‪:‬‬

‫(‪ )1‬ال خالبة‪ :‬ال خديعة‪ ،‬انظر صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬البيوع ‪ /‬ما يكره من الخداع في البيع ج‪ :73/5‬رقم‬
‫الحديث‪.7886‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬المعجم الوسيط‪ِّ ،‬‬
‫الزيات وآخرون‪ ،‬ج‪.86/8‬‬
‫الرازي‪،‬ج‪.877/6‬‬ ‫(‪ )3‬انظر‪ :‬مفاتيح الغيب‪ ،‬فخر ِّ‬
‫الدين َّ‬

‫‪20‬‬
‫ثم حسن معاملته لها‪ ،‬في جميل الخطاب معها‪ ،‬والقيام‬ ‫‪ ‬أن يحسن َّ‬
‫الزوج في اختياره لزوجه َّ‬
‫الزوجة تطيع زوجها‪ ،‬وتؤدي حقوق َّ‬
‫الزوج‬ ‫ثم َّ‬
‫بالواجبات الملقاة عليه كمسؤول ما استطاع‪َّ ،‬‬
‫َهلِي)(‪.)2‬‬
‫َهلِ ِه‪َ ،‬وأََنا َخ ْي ُرُك ْم ِأل ْ‬
‫عليها ما استطاعت ‪ ،‬قال ‪َ (:‬خ ْي ُرُك ْم َخ ْي ُرُك ْم ِأل ْ‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ ‬أن يكون األب القدوة األساسية في رؤية األبناء‪ ،‬واألم المعلمة الفاضلة لهم‪ ،‬قال ‪ُ (: ‬كلُّ ُك ْم‬
‫َهلِ ِه َو ُه َو‬
‫اع ِفي أ ْ‬ ‫سئُو ٌل َع ْن َرِعي َِّت ِه‪َ ،‬و َّ‬
‫الر ُج ُل َر ٍ‬ ‫اع َو َم ْ‬
‫ام َر ٍ‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫س ُئو ٌل َع ْن َرعيَّته‪ ،‬اإل َم ُ‬‫اع‪َ ،‬و ُكلُّ ُك ْم َم ْ‬
‫َر ٍ‬
‫س ُئولَ ٌة َع ْن َرِعي َِّت َها)(‪ ،)3‬ويتحقق ذلك‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الم ْأرَةُ َراع َي ٌة في َب ْيت َز ْو ِج َها َو َم ْ‬
‫ِ ِِ‬
‫س ُئو ٌل َع ْن َرعيَّته‪َ ،‬و َ‬ ‫َم ْ‬
‫بأمور أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬الحرص على وقاية األبناء من أفات المجتمع والتَّطورات المتكررة من حولهم‪ ،‬والتزام التَّذكير‬
‫س ُك ْم َوأَ ْهلِي ُك ْم نَا ًرا﴾]التحريم‪،[7:‬فتبعة المؤمن في‬
‫بقوله تعالى‪﴿:‬يَا أَيُّ َها الَّ ِذينَ آ َمنُوا قُوا أَ ْنفُ َ‬
‫نفسه وفي أهله تبعة ثقيلة رهيبة‪َّ ،‬‬
‫فالنار هناك‪ ،‬وهو متعرض لها هو وأهله‪ ،‬وعليه أن يحول‬
‫دون نفسه وأهله ودون هذه َّ‬
‫النار(‪.)4‬‬
‫‪ -‬متابعتهم في مجاالت الحياة‪ ،‬من تعليم وارشاد ونصح‪ ،‬والصَّبر على سلوك األبناء والُّلطف‬
‫(‪)5‬‬
‫َن ا ْل ُم ْن َك ِر َو ْ‬
‫اصبِ ْر َعلَى َما‬ ‫وف َوا ْنهَ ع ِ‬ ‫لقوله تعالى‪﴿:‬يَا بُنَ َّي أَقِ ِم ال َّ‬
‫ص َالةَ َو ْأ ُم ْر بِا ْل َم ْع ُر ِ‬ ‫بهم‬
‫صابَكَ إِنَّ َذلِكَ ِمنْ ع َْز ِم ْاْلُ ُمو ِر﴾]لقمان‪.[86:‬‬
‫أَ َ‬
‫‪ -‬زرع األلفة والمحبة في قلوبهم تجاه بعضهم البعض‪ ،‬والحرص على المساواة في التَّعامل‬
‫اع ِدلُوا َب ْي َن أ َْوالَِد ُك ْم)(‪.)7‬‬
‫بينهم ‪ ،‬قال ‪(:‬فَاتَّقُوا اللَّ َه َو ْ‬
‫(‪)6‬‬

‫ب‪ .‬مسؤولية المسلم تجاه والديه‪:‬‬


‫وتظهر مسؤولية المسلم تجاه والديه من خالل قوله تعالى‪َ ﴿:‬وقَضى َر ُّبكَ أََّلَّ تَ ْعبُدُوا إَِّلَّ إِيَّاهُ‬
‫َوبِا ْلوالِ َد ْي ِن إِ ْحسانا ً إِ َّما يَ ْبلُ َغنَّ ِع ْندَكَ ا ْل ِكبَ َر أَ َح ُدهُما أَ ْو ِكالهُما فَال تَقُ ْل لَ ُهما أُفٍّ َوَّل تَ ْن َه ْرهُما َوقُ ْل‬

‫(‪ (1‬انظر‪ :‬المجتمع واألسرة في اإلسالم‪ ،‬الجوابي‪،‬ج‪.76/8‬‬


‫(‪ )2‬سنن ابن ماجه‪ ،‬ابن ماجه‪ ،‬حسن معاشرة النساء‪ :75/8،‬رقم الحديث‪ ،8766‬وصححه األلباني‪.‬‬
‫(‪ )3‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬النكاح‪ /‬قوا أنفسكم وأهليكم نا ار‪ ،‬ج‪ :77/6‬رقم الحديث‪.7811‬‬
‫(‪ )4‬في ظالل القرآن‪ ،‬سيد قطب‪ ،‬ج‪.5781/7‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬التربية اإلسالمية أصولها وتطورها في البالد العربية‪ ،‬مرسي‪،‬ج‪.877/8‬‬
‫(‪ (6‬انظر‪ :‬المرجع السَّابق‪ ،‬ج‪.711/8‬‬
‫(‪ )7‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬الهبة وفضلها والتَّحريض عليها‪ /‬اإلشهاد في الهبة‪ ،‬ج‪ :831/5‬رقم‬
‫الحديث‪.7316‬‬

‫‪20‬‬
‫ار َح ْمهُما َكما َربَّيانِي‬
‫ب ْ‬ ‫ناح ُّ‬
‫الذ ِّل ِمنَ ال َّر ْح َم ِة َوقُ ْل َر ِّ‬ ‫ض لَ ُهما َج َ‬ ‫لَ ُهما قَ ْوَّلً َك ِريما ً * َو ْ‬
‫اخفِ ْ‬
‫ص ِغيراً﴾]اإلسراء‪.[72-75:‬‬ ‫َ‬
‫وأقول في بر الوالدين‪ :‬هو الصِّدق واإلخالص في طاعتهما‪ ،‬مع تقوى اهلل فيهما‪ ،‬ثم اإلحسان‬
‫إليها وبرهما لفضلهما‪ ،‬ولمزيد األجر والثَّواب من اهلل‪.‬‬
‫ت‪ .‬مسؤولية المسلم تجاه جاره‪:‬‬
‫سانًا َوبِ ِذي ا ْلقُ ْربَى َوا ْليَتَا َمى‬
‫ش ْيئًا َوبِا ْل َوالِ َد ْي ِن إِ ْح َ‬
‫ش ِر ُكوا بِ ِه َ‬ ‫قال تعالى‪َ ﴿:‬وا ْعبُدُوا َّ‬
‫َّللاَ َو ََّل تُ ْ‬
‫ ُ﴾]النساء‪.[57:‬‬ ‫ين َوا ْل َجا ِر ِذي ا ْلقُ ْربَى َوا ْل َجا ِر ا ْل ُجنُ ِ‬ ‫َوا ْل َم َ‬
‫سا ِك ِ‬
‫الجار ذي القربى‪ :‬هو الجار القريب والَّذي له حق القربى‪ ،‬وحق الجوار‪ ،‬والجار الجنب‪ :‬جارك‬
‫من غير قومك‪ ،‬وتعهد إليه بالهداية والصَّدقة و َّ‬
‫الدعوة(‪.)1‬‬
‫السؤال عنهم في‬ ‫ومن مظاهر مسؤولية المسلم تجاه جاره؛ حسن المعاملة‪ ،‬من التَّلطف معهم‪ ،‬و ُّ‬
‫يني ِج ْب ِري ُل ِبا ْل َج ِ‬
‫ار‪،‬‬ ‫وص ِ‬
‫ال ي ِ‬ ‫السراء و َّ‬
‫الضراء‪ ،‬وعدم االعتداء عليهم باألفعال واالقوال‪ ،‬قال‪َ (:‬ما َز َ ُ‬ ‫َّ‬
‫س ُي َوِّرثُ ُه)(‪ ،)2‬ففيه بيان أفضلية اإلحسان إلى الجار‪ ،‬حتى أنَّه سيرث مع األبناء‬ ‫ت أَنَّ ُه َ‬ ‫َحتَّى َ‬
‫ظ َن ْن ُ‬
‫شدد تعالى ورسوله‪ ‬في حفظ حقوق الجار‬ ‫واألزواج‪ ،‬أو كأحد األقرباء‪ ،‬وذلك من كثِّرة ما َّ‬
‫واإلحسان إليه(‪.)3‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬العالقة بين مسؤولية الفرد في نفسه وفي مجتمعه‬


‫ينظم اإلسالم تعاليم شخصية واجتماعية كثيرة‪ ،‬فنجد التَّوازن في األحكام التَّشريعية‪،‬‬
‫والمسؤوليات والواجب‪ ،‬إذ ال تكليف دون موازنة وتكامل‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬ولَ ْو َكانَ ِمنْ ِع ْن ِد َغ ْي ِر َّ‬
‫َّللاِ‬
‫اختِ َالفًا َكثِي ًرا﴾]النساء‪.[17:‬‬
‫لَ َو َجدُوا فِي ِه ْ‬
‫فال تعارض بين مسؤولية الفرد في نفسه وعالقته بمجتمعه‪ ،‬وهذا العالقة يمكن أن نبحثه من‬
‫خالل بندين‪:‬‬
‫‪ .0‬التَّوازن ليس فطرة اإلنسان وحده‪ ،‬وانَّما قائم على َخ ْلق الكون بأكمله متوازًنا‪:‬‬
‫(‪)4‬‬
‫أن اهلل أحكم خلقه‪ ،‬وأحكم كل شيء خلقه ‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬وت ََرى ا ْل ِجبَا َل ت َْح َ‬
‫سبُ َها َجا ِم َدةً‬ ‫أ‪.‬‬
‫َي ٍء إِنَّهُ َخبِير بِ َما تَ ْف َعلُونَ ﴾]النمل‪،[11:‬‬
‫َّللاِ الَّ ِذي أَ ْتقَنَ ُك َّل ش ْ‬
‫ص ْن َع َّ‬
‫ب ُ‬ ‫َو ِه َي تَ ُم ُّر َم َّر ال َّ‬
‫س َحا ِ‬

‫الرحمن بن معال اللويحق‪ ،‬ج‪ ،866/8‬الكليات‪ ،‬أبو‬


‫الرحمن‪ ،‬السَّعدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد َّ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تيسير الكريم َّ‬
‫البقاء‪ ،‬تحقيق‪ :‬عدنان درويش‪ ،‬ج‪.533/8‬‬
‫(‪ )2‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬األدب‪ /‬الوصاة في الجار‪ :81/1 ،‬رقم الحديث‪.7182‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬المجتمع واألُسرة في اإلسالم‪ ،‬الجوابي‪ ،‬ج‪.65/8‬‬
‫(‪ (4‬انظر‪ :‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪ ،‬ج‪.317/87‬‬

‫‪23‬‬
‫متقوم يضطر إليه العباد والبالد‪ ،‬ما بين نخيل وأعناب‪ ،‬وثمار وأصناف‬ ‫ب‪َّ .‬‬
‫إن خلق اهلل نافع ِّ‬
‫ون﴾]الحجر‪.[87:‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫األشجار و َّ‬
‫النبات ‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬وأَ ْنبَ ْتنَا فِي َها ِمنْ ُك ِّل ش ْ‬
‫َي ٍء َم ْو ُز ٍ‬
‫ت‪ .‬اإلنسان كائنا في أحسن ما يكون من التقويم والتَّعديل في أحسن صورة ومعنى‪ ،‬حيث خلقه‬
‫اهلل تعالى مستوي القامة متناسب األعضاء واألطراف‪ ،‬متصفا بالحياة والعلم والقدرة واإلرادة‬
‫والتَّكلم والسَّمع واإلبصار فتبارك اهلل أحسن الخالقين(‪.)2‬‬
‫ومن كرم اهلل وفضَّله على اإلنسان أنه خلقه على فطرة قويمة جاهزة للخير والصَّالح إذا‬
‫لكنها تنحدر عن التَّوازن اإللهي إلى االنحطاط و َّ‬
‫الرذيلة بإتباع‬ ‫سمعت نداء اإليمان والهداية‪َّ ،‬‬
‫س ِن‬ ‫سانَ فِي أَ ْح َ‬ ‫الشهوات ‪ ،‬فالحذر كل الحذر يا أيها المؤمن‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬لَقَ ْد َخلَ ْقنَا ْ ِ‬
‫اإل ْن َ‬
‫(‪)3‬‬ ‫َّ‬
‫ت فَلَ ُه ْم أَ ْجر َغ ْي ُر‬ ‫صالِ َحا ِ‬ ‫سافِلِينَ * إِ ََّّل الَّ ِذينَ آ َمنُوا َو َع ِملُوا ال َّ‬ ‫يم * ثُ َّم َر َد ْدنَاهُ أَ ْ‬
‫سفَ َل َ‬ ‫تَ ْق ِو ٍ‬
‫ون﴾‬
‫َم ْمنُ ٍ‬
‫]التين‪.[7-2:‬‬
‫الرجل والمرأة‪ ،‬وكلُّهم سواء عند اهلل‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬ ‫ث‪ .‬كما وتتوازن الحياة َّ‬
‫بالذكر واألنثى‪ ،‬و َّ‬
‫واجا﴾]النبأ‪ ،[1:‬فكل واحد منهما له مكانته اإللهية التي ُوضعت له‪ ،‬وميزته‬
‫﴿ َو َخلَ ْقنا ُك ْم أَ ْز ً‬
‫فالرجل بما اتَّصف به من صفات القوة والصَّالبة في مالقاة‬
‫العظيمة عن باقي الخلق‪َّ ،‬‬
‫العدو‪ ،‬والتَّأني وحسن التَّدبير في األمور‪ ،‬كلَّها صفات تجعله َّ‬
‫قوام في مكانه(‪ ،)4‬قال‬
‫ض َوبِما أَ ْنفَقُوا ِمنْ‬
‫ض ُه ْم عَلى بَ ْع ٍ‬ ‫ض َل َّ‬
‫َّللاُ بَ ْع َ‬ ‫تعالى‪ِّ ﴿:‬‬
‫الرجا ُل قَ َّوا ُمونَ َعلَى النِّسا ِء بِما فَ َّ‬
‫أَ ْموالِ ِه ْم﴾]النساء‪.[52:‬‬
‫الرحمة والصَّبر‪ ،‬والتَّربية الحسنة‪ ،‬ورعاية البيت‪،‬‬
‫والمرأة بما اتَّصفت من صفات العطف و َّ‬
‫كلها صفات يرضى عنها اهلل تعالى ويؤتها األجر والثَّواب(‪ ،)5‬قال تعالى‪َ ﴿:‬ولَ ُهنَّ ِم ْث ُل الَّ ِذي‬
‫وف﴾]البقرة‪.[771:‬‬
‫َعلَ ْي ِهنَّ بِا ْل َم ْع ُر ِ‬

‫الرحمن بن معال اللويحق‪ ،‬ج‪.251/8‬‬


‫السعدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد َّ‬
‫الرحمن‪َّ ،‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تيسير الكريم َّ‬
‫السعود‪ ،‬ج‪.863/7‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬إرشاد العقل السليم الى مزايا القرآن العزيز‪ ،‬أبو َّ‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬تفسير مجاهد‪ ،‬مجاهد‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد السَّالم أبو النيل‪ ،‬ج‪.656/8‬‬
‫الرحمن بن معال اللويحق‪،‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان‪ ،‬السَّعدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد َّ‬
‫ج‪.866/8‬‬
‫الصالحين‪ ،‬العثيمين‪ ،‬ج‪.831/5‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬شرح رياض َّ‬

‫‪22‬‬
‫وهم بذلك متساوون في أداء واجباتهم أمام اهلل تعالى‪ ،‬ويتحقق ذلك بقوله سبحانه‪﴿:‬إِنَّ‬
‫صا ِدقَا ِ‬
‫ت‬ ‫صا ِدقِينَ َوال َّ‬ ‫ت َوال َّ‬ ‫ت َوا ْلقَانِتِينَ َوا ْلقَانِتَا ِ‬ ‫ت َوا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ َوا ْل ُم ْؤ ِمنَا ِ‬‫سلِ َما ِ‬ ‫سلِ ِمينَ َوا ْل ُم ْ‬ ‫ا ْل ُم ْ‬
‫صائِ ِمينَ‬ ‫ت َوال َّ‬ ‫َص ِّدقَا ِ‬
‫َص ِّدقِينَ َوا ْل ُمت َ‬ ‫ت َوا ْل ُمت َ‬ ‫اش ِعينَ َوا ْل َخ ِ‬
‫اش َعا ِ‬ ‫ت َوا ْل َخ ِ‬ ‫صابِ َرا ِ‬
‫صابِ ِرينَ َوال َّ‬ ‫َوال َّ‬
‫ت أَ َع َّد َّ‬
‫َّللاُ لَ ُه ْم‬ ‫َّللاَ َكثِي ًرا َو َّ‬
‫الذا ِك َرا ِ‬ ‫ت َو َّ‬
‫الذا ِك ِرينَ َّ‬ ‫وج ُه ْم َوا ْل َحافِظَا ِ‬‫ت َوا ْل َحافِ ِظينَ فُ ُر َ‬ ‫صائِ َما ِ‬ ‫َوال َّ‬
‫َم ْغفِ َرةً َوأَ ْج ًرا ع َِظي ًما﴾]االحزاب‪.[53:‬‬
‫هؤالء الذين تتجمع فيهم صفات بناء َّ‬
‫الشخصية المسلمة الكاملة‪ ،‬صفة المسلم والمسلمة‪،‬‬
‫ومقومات شخصيتهما‪.‬‬

‫‪ .7‬الموازنة من خالل التَّرغيب والتَّرهيب‬


‫أوالً‪ :‬معنى التَّرغيب والتَّرهيب‪:‬‬

‫التَّرغيب‪ :‬أسلوب رَّباني ِّ‬


‫يشوق المسلم الى قبول الحق والخير‪ ،‬والعمل به‪ ،‬واإلخالص له‪ ،‬وهو‬
‫ثم األجر والثَّواب على ذلك(‪.)1‬‬
‫بذلك دعوة من اهلل للمسلم للخضوع واطاعة اهلل‪َّ ،‬‬
‫أما التَّرهيب‪ :‬فهو الوعد والوعيد الذي ينذر به تعالى عباده العاصين عن أمره‪ ،‬ولربَّما الغافلين‬
‫َّ‬
‫(‪)2‬‬
‫ُون َّ‬
‫َّللاِ َولِ ٌّي َو ََّل‬ ‫س لَ َها ِمنْ د ِ‬
‫سبَتْ لَ ْي َ‬ ‫عن ذلك ‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬و َذ ِّك ْر بِ ِه أَنْ تُ ْب َ‬
‫س َل نَ ْفس بِ َما َك َ‬
‫شفِيع﴾ [األنعام‪. ]61:‬‬
‫َ‬

‫ثانيا‪ :‬أهم اآليات واألحاديث الَّتي أراها تجمع بين التَّرغيب والتَّرهيب بهدف المحافظة على‬
‫ً‬
‫توازن المسلم‪:‬‬
‫ض ُو ُجوه َوتَ ْ‬
‫س َو ُّد ُو ُجوه‬ ‫الرجاء‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬يَ ْو َم تَ ْبيَ ُّ‬ ‫‪ .8‬التَّرغيب والتَّرهيب الموجب للخوف و َّ‬
‫ذاب بِما ُك ْنتُ ْم تَ ْكفُ ُرونَ * َوأَ َّما‬ ‫س َودَّتْ ُو ُجو ُههُ ْم أَ َكفَ ْرتُ ْم بَ ْع َد إِيمانِ ُك ْم فَ ُذوقُوا ا ْل َع َ‬
‫فَأ َ َّما الَّ ِذينَ ا ْ‬
‫َّللاِ ُه ْم فِيها خالِدُونَ ﴾]آل عمران ‪،[816-817‬‬ ‫ت َّ‬ ‫ضتْ ُو ُجو ُه ُه ْم فَفِي َر ْح َم ِ‬ ‫الَّ ِذينَ ا ْبيَ َّ‬
‫فالتَّرغيب هي ألهل السَّعادة والخير‪ ،‬أهل االئتالف واالعتصام بحبل اهلل والتَّرهيب هي ألهل‬
‫الشقاوة و َّ‬
‫الشر‪ ،‬أهل الفرقة واالختالف‪ ،‬هؤالء اسودت وجوههم بما في قلوبهم من الخزي‬ ‫َّ‬

‫والهوان‪ ،‬وأولئك ابيضت وجوههم‪ ،‬لما في قلوبهم من البهجة(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬التَّرغيب والتَّرهيب‪ ،‬قوام السَُّّنة‪ ،‬تحقيق‪ :‬أيمن بن صالح بن شعبان‪ ،‬ج‪.33/8‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬التَّرغيب والتَّرهيب‪ ،‬قوام ُّ‬
‫السَّنة‪ ،‬تحقيق‪ :‬أيمن بن صالح بن شعبان‪ ،‬ج‪..33/8‬‬
‫الرحمن بن معال اللويحق‪ ،‬ج‪827/8‬‬
‫السعدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد َّ‬
‫الرحمن‪َّ ،‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬تيسير الكريم َّ‬

‫‪20‬‬
‫‪ .7‬يتضمن موازنة إلهية بين العالم العابد وغيره‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬قُ ْل َه ْل يَ ْ‬
‫ستَ ِوي الَّ ِذينَ يَ ْعلَ ُمونَ‬
‫َوالَّ ِذينَ ََّل يَ ْعلَ ُمونَ ﴾[ ُّ‬
‫الزمر‪ ،]7 :‬فالذي يعبد اهلل عن علم‪ ،‬وينفع َّ‬
‫الناس وينتفع بعلمه‪ ،‬أفضل‬
‫عند اهلل من يعبده عن جهل ودون إدراك(‪.)1‬‬
‫للناس‪ ،‬قال ‪َ ((:‬مثَ ُل َما‬ ‫الرسالة التي حملها َّ‬ ‫الرسول‪ ‬و ِّ‬ ‫‪ .5‬الموازنة الواقعية والمتمثلة في صفة َّ‬
‫ان ِم ْن َها َن ِقيَّ ٌة‪ ،‬قَ ِبلَ ِت‬
‫ضا‪ ،‬فَ َك َ‬ ‫اب أ َْر ً‬
‫َص َ‬‫ير أ َ‬ ‫الع ْلِم‪َ ،‬ك َمثَ ِل ال َغ ْي ِث ال َك ِث ِ‬
‫بعثَِني اللَّ ُه ِب ِه ِم َن اله َدى و ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ََ‬
‫اء‪ ،‬فَ َنفَ َع اللَّ ُه ِب َها‬ ‫شب ال َك ِثير‪ ،‬و َكا َن ْت ِم ْنها أَج ِادب‪ ،‬أَم ِ‬ ‫ِ‬
‫الم َ‬
‫س َكت َ‬ ‫َ َ ُ ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫الع ْ َ‬
‫اء‪ ،‬فَأَ ْن َبتَت ال َك ََلَ َو ُ‬ ‫الم َ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َص َاب ْت ِم ْن َها طَ ِائفَ ًة أ ْ‬
‫اء‬
‫ان الَ تُ ْمس ُك َم ً‬ ‫يع ٌ‬‫ُخ َرى‪ ،‬إِ َّن َما ه َي ق َ‬ ‫ش ِرُبوا َو َ‬
‫سقَ ْوا َو َزَر ُعوا‪َ ،‬وأ َ‬ ‫اس‪ ،‬فَ َ‬ ‫َّ‬
‫الن َ‬
‫ين اللَّ ِه‪َ ،‬وَنفَ َع ُه َما َب َعثَِني اللَّ ُه ِب ِه فَ َعلِم َو َعلَّ َم‪َ ،‬و َمثَ ُل‬‫ت َك ََلً‪ ،‬فَ َذلِ َك َمثَ ُل َم ْن فَقُ َه ِفي ِد ِ‬ ‫َوالَ تُْن ِب ُ‬
‫ت ِب ِه)(‪.)3())2‬‬ ‫ْسا‪َ ،‬ولَ ْم َي ْق َب ْل ُه َدى اللَّ ِه الَِّذي أ ُْر ِس ْل ُ‬ ‫ِ‬
‫َم ْن لَ ْم َي ْرفَ ْع ِب َذل َك َأر ً‬
‫ستَ ِوي ا ْلقَا ِعدُونَ‬ ‫النصر‪ ،‬قال تعالى‪ََّ ﴿:‬ل يَ ْ‬ ‫للنهوض بشأن األمة وتحقيق سبل َّ‬ ‫‪ .2‬إعداد العدة ُّ‬
‫ض َل َّ‬
‫َّللاُ‬ ‫َّللاِ بِأ َ ْم َوالِ ِه ْم َوأَ ْنفُ ِ‬
‫س ِه ْم فَ َّ‬ ‫يل َّ‬‫سب ِ ِ‬‫ض َر ِر َوا ْل ُم َجا ِهدُونَ فِي َ‬ ‫ِمنَ ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ َغ ْي ُر أُولِي ال َّ‬
‫ض َل َّ‬
‫َّللاُ‬ ‫سنَى َوفَ َّ‬ ‫س ِه ْم َعلَى ا ْلقَا ِع ِدينَ د ََر َجةً َو ُك ًال َو َع َد َّ‬
‫َّللاُ ا ْل ُح ْ‬ ‫ا ْل ُم َجا ِه ِدينَ بِأ َ ْم َوالِ ِه ْم َوأَ ْنفُ ِ‬
‫ا ْل ُم َجا ِه ِدينَ َعلَى ا ْلقَا ِع ِدينَ أَ ْج ًرا ع َِظي ًما﴾]النساء‪ ،[73:‬وذلك بتكريم المجاهدين في سبيل‬
‫عما سواهم من القاعدين بالتَّرغيب بالجهاد في سبيله(‪.)4‬‬
‫ثم تفضيلهم َّ‬
‫اهلل‪ ،‬ومن َّ‬
‫ثم التَّرهيب باالستهانة بالصَّالة والتَّهاون بها‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬فَ َو ْيل لِ ْل ُم َ‬
‫صلِّينَ * الَّ ِذينَ ُه ْم عَنْ‬ ‫‪َّ .3‬‬
‫ساهُونَ ﴾]الماعون‪َّ ،[3-2:‬إنه ترهيب ووعيد بالهالك للمصلين الَّذين يؤدون‬
‫ص َالتِ ِه ْم َ‬
‫َ‬
‫حركات الصَّالة‪ ،‬وينطقون بأدعيتها‪ ،‬ولكن قلوبهم ال تعيش معها‪ ،‬وال تعيش بها ال‬
‫ثم ساهون عن أدائها في وقتها(‪.)5‬‬
‫يستحضرون حقها‪ ،‬ومن َّ‬

‫الرازي‪ ،‬ج‪.211/7‬‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مفاتيح الغيب‪ ،‬فخر ِّ‬


‫الدين َّ‬
‫(‪ )2‬األرض ثالثة أقسام‪ :‬قسم رياض‪ :‬قبلت الماء‪ ،‬وأنبتت العشب الكثير والزرع‪ ،‬فانتفع الناس بها‪ ،‬فهو العالم‬
‫الفقيه بعلمه‪ ،‬والمعلم َّ‬
‫للناس‪ ،‬وآخر قيعان – أرض مستوية‪ -‬أمسكت الماء وانتفع الناس به فاسقوا منه ورووا‬
‫منه‪َّ ،‬‬
‫لكنه لم يفقه من علمه شيئا‪ ،‬وأرض سبخة؛ ابتلعت الماء ولم تنبت الكل‪ ،‬عالم حمل العلم لكنه لم يفقه ولم‬
‫الناس بعلمه‪ ،‬انظر‪ :‬شرح رياض الصالحين‪ ،‬محمد العثيمين‪ :‬آداب عامة‪ /‬األمر بالمحافظة على السَُّّنة‬
‫ينتفع َّ‬
‫وآدابها‪ ،‬ج‪.772/7‬‬
‫(‪ )3‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬العلم‪ /‬فضل من علم وعلم‪ :76/8 ،‬رقم الحديث‪،67‬‬
‫(‪ (4‬انظر‪ :‬الكشاف عن حقائق غوامض التَّنزيل‪ ،‬الزمخشري‪ ،‬ج‪.332 -335/8‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬في ظالل القرآن‪ ،‬سيد قطب‪ ،‬ج‪.3175/7‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ .7‬الجمع بين التَّرغيب التَّرهيب للموعظة والتَّذكير‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬وقُ ِل ا ْع َملُوا فَ َ‬
‫سيَ َرى َّ‬
‫َّللاُ َع َملَ ُك ْم‬
‫ ُ َوالشَّها َد ِة فَيُنَبِّئُ ُك ْم بِما ُك ْنتُ ْم تَ ْع َملُونَ ﴾‬
‫ستُ َردُّونَ إِلى عالِ ِم ا ْل َغ ْي ِ‬
‫سولُهُ َوا ْل ُم ْؤ ِمنُونَ َو َ‬
‫َو َر ُ‬
‫[التوبة‪ ، ]813:‬من المعلوم إن هذا القول اإللهي جامع بين التَّرغيب والتَّرهيب‪ ،‬فاإلنسان‬
‫الرزق‪ ،‬معلق قلبه باهلل وبعبادته وطاعته‪ ،‬يستحضر دائما‬
‫يعمل ويكافح ويسعى في أبواب ِّ‬
‫أن اهلل تعالى يراه فيخشاه ويلتزم حدوده(‪.)1‬‬
‫َّ‬

‫(‪ )1‬انظر تفسير القرآن العظيم‪ ،‬ابن كثير‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد حسين شمس ِّ‬
‫الدين‪ ،‬ج‪.257/6‬‬

‫‪22‬‬
‫‌‬

‫‌‬

‫الفصل الثالث‬

‫دور المسجد في بناء الفرد والمجتمع في‬


‫ضوء القرآن الكريم والسنة‬

‫‪23‬‬
‫المبحث األول‬

‫دور المسجد في بناء الفرد في القرآن الكريم والسنة‬


‫الصرح العظيم الَّذي اعتنى به اإلسالم‪َّ ،‬‬
‫ألنه بيوت اهلل في األرض‪،‬‬ ‫المسجد هذا ِّ‬
‫ٍ‬
‫متكامل روحيا وأخالقيا‪،‬‬ ‫فرد ٍ‬
‫سليم‬ ‫الدين‪ ،‬وقدرته على بناء ٍ‬‫ومحضن المسلم‪ ،‬ومنارة العلم و ِّ‬
‫وباعتباره القاعدة الَّتي يبني عليها المسلم حياته في جميع المجاالت‪ ،‬ومنه نشق طريق الحياة‬
‫بالنُّور والهداية‪ ،‬وقد كان دوما ومنذ عهد رسولنا‪ ‬الموجه األول والمنبر لشؤونهم‪ ،‬والمدرسة‬
‫اإللهية‪ ،‬فهو مؤسسة‪ ،‬إسالمية وعلمية وتعليمية واجتماعية وجهادية وسياسية‪ ،‬وهو الخطوة‬
‫األولى في بناء الفرد‪ ،‬فإن ُبنى على منهاج الحق وبأيدي صادقة‪ ،‬نشأوا رجال ونساء وأطفال‬
‫صالحين(‪.)1‬‬
‫وفي المسجد كان الصَّحابة يقومون الَّليل‪ ،‬ويتدارسون القرآن‪ ،‬وفي َّ‬
‫النهار فرسانا يحملون‬
‫الدين‪ ،‬فحضارة اإلسالم ال تقوم َّاال على المسجد‪ ،‬وال ترتفع َّاال‬
‫األمانة‪ ،‬وجنودا يخدمون ِّ‬
‫بالمسجد‪ ،‬وال يكون لها نور َّاال به‪ ،‬وهذا ما أكده رسولنا ‪ ‬عندما بنى مسجد َّ‬
‫النبوي كخطوة‬
‫أولى في بداية نهضة المسلمين‪ ،‬إمامه َّ‬
‫النبي‪ ،‬وتالميذه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي‬
‫والصَّحابة الكرام ‪.)2(‬‬
‫ومن هذا المنطلق فللمسجد أدوار كثيرة لها تأثيرها على الفرد‪ ،‬ترمي بظاللها عليه بالخير والنُّور‬
‫وهذه األدوار منها ما كان تعبديا‪ ،‬أو تعليميا وهي على النحو التَّالي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الدَّور التَّعبدي ( ُّ‬


‫الروحي) للمسجد‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬تعريف التَّعبد‬
‫التَّعبد ‪ :‬الطَّاعة والتَّذلل وطلب العبادة هلل(‪.)3‬‬
‫وقيل‪ :‬ما انفرد العبد بالعبادة والطَّاعة لربَّه على وجه التَّعظيم(‪.)4‬‬
‫أن التَّعبد‪ :‬فعل المكلف طلب التَّقرب إلى اهلل‪ ،‬والتَّنسُّك ألوامره تعالى على‬
‫ومنه ترى الباحثة َّ‬
‫خالف هوى نفسه‪ ،‬تعظيما لربِّه مع االستعانة به في عبادته‪ ،‬وهو يجمع كمال المحبة والخضوع‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬األثر التَّربوي للمسجد‪ ،‬السِّدالن‪ ،‬ج‪2/8‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬عمارة المسجد المعنوية وفضلها‪ ،‬الحميدي‪ ،‬ج‪.21/8‬‬
‫الرزي‪ ،‬تحقيق‪ :‬يوسف ِّ‬
‫الشيخ محمد‪ ،‬ج‪.871/8‬‬ ‫(‪ )3‬انظر‪ :‬مختار الصحاح‪ ،‬زين ِّ‬
‫الدين َّا‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬المعجم الوسيط‪ِّ ،‬‬
‫الزيات وغيره‪ ،‬ج‪.367/7‬‬

‫‪29‬‬
‫والتذلَّل‪ ،‬قال تعالى‪ ﴿:‬إِيَّاكَ نَ ْعبُ ُد َوإِيَّاكَ نَ ْ‬
‫ستَ ِعينُ ﴾ ]الفاتحة‪ ،[3:‬وقال تعالى‪ ﴿:‬قُ ْل إِنَّ َ‬
‫ص َالتِي‬
‫ب ا ْل َعالَ ِمينَ ﴾ ]االنعام‪.[877:‬‬
‫اي َو َم َماتِي ِ ََّّللِ َر ِّ‬ ‫َونُ ُ‬
‫س ِكي َو َم ْحيَ َ‬
‫مكان و ٍ‬
‫احد‪ ،‬واَّنما األرض كلها موضع عبادة وذكر‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫والعبادة لإلنسان ال تتركز على‬
‫ص ِّل)(‪ ،)1‬فاإلسالم‬ ‫ُم ِتي أ َْد َرَكتْ ُه َّ‬
‫الصالَةُ َف ْل ُي َ‬ ‫ُّما َر ُج ٍل ِم ْن أ َّ‬
‫ورا‪َ ،‬وأَي َ‬
‫ضمِْ‬
‫سج ًدا َوطَ ُه ً‬
‫ِ ِ‬
‫( َو ُجعلَ ْت لي األ َْر ُ َ‬
‫وخصص المسجد بالعبادة‬‫يريد من اإلنسان أن يكون في جميع حركاته‪ ،‬ومجاالت حياته متعبدا‪ُ ،‬‬
‫الذكر ألنه مركزها‪ ،‬وفيه تشحن األنفس والقلوب بالطَّاقة والهمم‪ ،‬وكما َّ‬
‫أن المسجد محل راحة‬ ‫و ِّ‬

‫الروحانيات‪ ،‬وتعلو العزيمة‪،‬‬


‫النيات‪ ،‬وتتصفى ُّ‬ ‫َّ‬
‫وتتزكى ِّ‬ ‫المسلم َّ‬
‫النفسية‪ ،‬فيه تطمئن القلوب‪،‬‬
‫وتتسامى إرادة العبادة والعمل‪ ،‬وكما َّ‬
‫أن اإلنسان ضيف كريم عند ربِّه سبحانه‪ ،‬تتنزل عليه‬
‫سحائب مغفرته ورحمته‪ ،‬ويكرمه اهلل بجزيل الثَّواب و ِّ‬
‫النعم(‪.)2‬‬
‫وكان الصَّحابة‪ ‬حين تنزل بهم نازلة أو يقع عليهم ضيق‪ ،‬يسارعون إلى مساجدهم‪ ،‬يدعون اهلل‬
‫لكشف ضرهم ورحمهم‪ ،‬فهو عنوان للمان‪ ،‬واالطمئنان‪ ،‬المكان الَّذي ُيذ ُكر فيه ويرفع فيه اسم‬

‫اهلل وأسمائه الحسنى؛ فهو مكان التَّوحيد الخالص ‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬وأَنَّ ا ْل َم ِ‬
‫(‪)3‬‬
‫ساج َد ِ ََّّللِ فَال تَ ْدعُوا َم َع‬
‫للدعاء والتَّضرع بين يديه سبحانه‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬وأَقِي ُموا ُو ُجو َه ُك ْم‬
‫َّللاِ أَ َحداً﴾[الج ِّن‪ ،]81 :‬ومكان ُّ‬
‫َّ‬

‫صينَ لَهُ الدِّينَ ﴾]األعراف‪.[77:‬‬


‫س ِج ٍد َوا ْدعُوهُ ُم ْخلِ ِ‬
‫ِع ْن َد ُك ِّل َم ْ‬
‫روحيا من خالل المالحظات التَّالية واآليات الدَّالة عليها‪:‬‬
‫ً‬ ‫ثانياً‪ :‬دور المسجد‬
‫‪ )8‬المسجد ُيرِّبي الفرد المسلم على التَّقوى والعبادة‪ ،‬بقوله تعالى‪ِ ﴿:‬ر َجال ََّل تُ ْل ِهي ِه ْم تِ َج َ‬
‫ارة َو ََّل‬
‫صا ُر﴾‬ ‫وب َو ْاْلَ ْب َ‬
‫ ُ فِي ِه ا ْلقُلُ ُ‬ ‫ص َال ِة َوإِيتَا ِء ال َّز َكا ِة يَ َخافُونَ يَ ْو ًما تَتَقَلَّ ُ‬
‫َّللاِ َوإِقَ ِام ال َّ‬
‫بَ ْيع عَنْ ِذ ْك ِر َّ‬
‫]النور‪ ،[56:‬أي ال تشغلهم ُّ‬
‫الدنيا ومتاعها وزينتها عن حضور بيوت اهلل‪ ،‬وتعظيمها بالصَّالة‬
‫المكتوبة أو ِّ‬
‫الذكر واالستغفار(‪.)4‬‬
‫س َعلَى التَّ ْق َوى ِمنْ أَ َّو ِل‬
‫س َ‬ ‫‪ )7‬المسجد ُيرِّبي المسلم على التَّقوى والطَّهارة‪ ،‬بقوله تعالى‪﴿:‬لَ َم ْ‬
‫س ِجد أُ ِّ‬
‫َّللاُ يُ ِح ُّ ُ ا ْل ُمطَّ ِّه ِرينَ ﴾]التوبة‪،[811:‬‬ ‫ق أَنْ تَقُو َم فِي ِه فِي ِه ِر َجال يُ ِحبُّونَ أَنْ يَتَ َ‬
‫ط َّه ُروا َو َّ‬ ‫يَ ْو ٍم أَ َح ُّ‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬الصَّالة‪ /‬جعلت لي األرض مسجدا وطهورا‪ :8،73 ،‬رقم الحديث‪.251‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬عمارة المسجد المعنوية وفضلها‪ ،‬الحميدي‪ ،‬ج‪.55/8‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬وظيفة المسجد في المجتمع‪ ،‬الخزيم‪ ،‬ج‪.51/8‬‬
‫(‪ (4‬انظر‪ :‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان‪ ،‬السَّعدي‪ ،‬ج‪.377/8‬‬

‫‪31‬‬
‫بمعنى التَّطهر من ُّ‬
‫الذنوب والمعاصي‪ ،‬وكما تعني طهارة القلوب بعد طهارة االجساد‪ ،‬وهذا‬
‫ما يحققه المسجد بالتَّقرب إلى اهلل‪ ،‬واستحقاق ثوابه(‪.)1‬‬
‫‪ )5‬المسجد ُيرِّبي المسلم على االطمئنان بذكر اهلل والتَّوجه إليه‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬الَّ ِذينَ آ َمنُوا‬
‫الرعد‪ ،]71:‬األمن واألمان واطمئنانيه‬ ‫وب﴾[ َّ‬ ‫َّللاِ أََّل بِ ِذ ْك ِر َّ‬
‫َّللاِ تَ ْط َمئِنُّ ا ْلقُلُ ُ‬ ‫َوتَ ْط َمئِنُّ قُلُوبُ ُه ْم بِ ِذ ْك ِر َّ‬
‫القلوب مرتبطة بذكر اهلل تعالى‪ ،‬وهو دأب العابدين في بيوت اهلل(‪.)2‬‬
‫للدعوات‪ ،‬ومنسكا للعمال الصَّالحة(‪ ،)3‬قال‬ ‫الرحمات واستجابة َّ‬ ‫‪ )2‬المسجد موضع تن ُّزل َّ‬
‫ص ِّدقًا بِ َكلِ َم ٍة‬
‫ش ُركَ بِيَ ْحيَى ُم َ‬ ‫ب أَنَّ َّ‬
‫َّللاَ يُبَ ِّ‬ ‫تعالى‪﴿:‬فَنَا َد ْتهُ ا ْل َم َالئِ َكةُ َوه َُو قَائِم يُ َ‬
‫صلِّي فِي ا ْل ِم ْح َرا ِ‬
‫َّللاِ﴾]ال عمران‪.[57:‬‬ ‫ِمنَ َّ‬
‫يعود المسلم على أفضل الطَّاعات‪ ،‬وأكملها وذلك عند ارتياد المساجد والتَّعبد فيها‪،‬‬ ‫‪ )3‬المسجد ِّ‬
‫ثم‬
‫الذاريات‪ ،]37:‬أي آلمرهم بالعبادة‪َّ ،‬‬‫ُون﴾[ َّ‬ ‫بقوله تعالى‪َ ﴿:‬وما َخلَ ْقتُ ا ْل ِجنَّ َو ْ ِ‬
‫اإل ْن َ‬
‫س إِ ََّّل لِيَ ْعبُد ِ‬
‫أُجبها عليهم‪ ،‬فاإلنسان خلق للعبادة والتَّعبد‪ ،‬وهذا شأن العابدين في المساجد الحريصين‬
‫على ارتيادها(‪.)4‬‬
‫‪ )7‬فيه تكريم من اهلل تعالى‪ ،‬وتشريفا للمصلي باستجابة أمره سبحانه‪ ،‬قال تعالى‪ ﴿:‬يَاأَيُّ َها الَّ ِذينَ‬
‫الرحمن‬ ‫صابِ ِرينَ ﴾ ]البقرة‪ ،[835:‬فهذا نداء اهلل َّ‬ ‫صال ِة إِنَّ َّ‬
‫َّللاَ َم َع ال َّ‬ ‫ستَ ِعينُوا بِال َّ‬
‫ص ْب ِر َوال َّ‬ ‫آ َمنُوا ا ْ‬
‫للمؤمنين‪ ،‬وتشريفا ل ِّلذين استجابوا لنداء بيوت اهلل تعالى‪ ،‬وتوجهوا بأجسادهم وقلوبهم إلى‬
‫المساجد‪ ،‬وأدوا الصَّالة‪ ،‬فرضا ونافلة‪ ،‬فقد فازوا بشهادة اهلل تعالى في الصَّبر على العبادات‬
‫وأدائها(‪.)5‬‬
‫‪ )6‬دور المساجد في التَّعبد والتَّقرب من اهلل َّ‬
‫بالنوافل‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬أَنْ طَ ِّه َرا بَ ْيتِ َي لِلطَّائِفِينَ‬
‫س ُجو ِد﴾]البقرة‪ ،[873:‬االعتكاف‪ :‬بمعنى لزوم المسجد والمكث فيه بنية‬ ‫َوا ْل َعا ِكفِينَ َو ُّ‬
‫الر َّك ِع ال ُّ‬
‫تقرب المؤمن من ربِّه سبحانه بالتَّفرغ للعبادة‪ ،‬وذكره سبحانه‪ ،‬واالستغفار وقراءة القرآن‪،‬‬
‫الناس واالنشغال بالطَّاعة وتحقيقا لدور المسجد التَّعبدي(‪.)6‬‬
‫واالنقطاع عن َّ‬

‫الرازي‪ ،‬ج ‪.821/87‬‬


‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مفاتيح الغيب‪َّ ،‬‬
‫الرحمن بن عمال اللويحق‪،‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان‪ ،‬السَّعدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد َّ‬
‫ج‪.286/8‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬المساجد ‪ -‬مفهوم‪ ،‬وفضائل‪ ،‬وأحكام‪ ،‬وحقوق‪ ،‬وآداب في ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬القحطاني‪ ،‬ج‪.7/8‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز‪ ،‬ابن عطية‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السَّالم عبد َّ‬
‫الشافي‪ ،‬ج ‪.787/5‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬المسجد وبيت المسلم‪ ،‬الجزائري‪ ،‬ص‪.852‬‬
‫الرصاع‪ ،‬ج‪.71/8‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬شرح حدود ابن عرفة‪َّ ،‬‬

‫‪30‬‬
‫أن التَّعبد غاية الخضوع والتَّوجه هلل‪ ،‬واالستمرار عليه‪ ،‬مع الصَّبر على‬
‫ومما سبق تبيَّن َّ‬
‫َّ‬
‫الطَّاعات‪ ،‬واإلخالص لها‪ ،‬ويكون بأرق المشاعر وأطهرها‪ ،‬مع إحساس الفرح والبهجة عند‬
‫الوقوف بين يدي اهلل تعالى‪ ،‬وهذا أفضل ما يكون في المساجد‪.‬‬

‫في أحاديث كثيرة دور المساجد في خلوص التَّعبد هلل‪ ،‬وشحن‬ ‫‪‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬وقد بيَّن رسولنا الكريم‬
‫الرحمة نذكر منها‪:‬‬ ‫السكينة و َّ‬ ‫األنفس انزل َّ‬
‫ِ‬ ‫وت اللَّ ِه تَعالَى‪ ،‬ي ْتلُ َ ِ‬ ‫اجتَمع قَوم ِفي ب ْي ٍت ِم ْن بي ِ‬
‫سوَن ُه‬‫اب اللَّه َوَيتَ َد َار ُ‬
‫ون كتَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬ ‫أ‪ .‬قال رسولنا‪َ (:‬ما ْ َ َ ْ ٌ‬
‫يم ْن‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫الس ِكي َن ُة‪َ ،‬و َغ ِش َيتْ ُه ُم َّ‬
‫َب ْي َن ُه ْم‪ ،‬إَِّال َن َزلَ ْت َعلَ ْي ِه ُم َّ‬
‫الر ْح َم ُة‪َ ،‬و َحفتْ ُه ُم ا ْل َم َال ئ َك ُة‪َ ،‬وَذ َك َرُه ُم الل ُه ف َ‬
‫تتنزل عليهم‬ ‫الذكر‪َّ ،‬‬ ‫أن الَّذين تطيب قلوبهم بذكر اهلل‪ ،‬وال يسأموا من مجالس َّ‬ ‫ِع ْن َدهُ)(‪َّ ،)1‬‬
‫الذكر وخاصة في المساجد‪ ،‬وأفضلية التَّوجه‬ ‫وتطمئن قلوبهم‪ ،‬وفيه بيان أفضلية ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫رحمة اهلل‬
‫إليه للتَّقرب‪ ،‬وطلب رضاه سبحانه(‪.)2‬‬

‫اض الجَّنة‪ ،‬قال‪ِ (:‬حلَ ُ‬


‫ق‬ ‫ِ‬
‫الج َّنة فَ ْارتَ ُعوا) قالُوا‪ :‬وما ري ُ‬
‫اض َ‬‫ب‪ .‬وقال رسولنا ‪(:‬إِ َذا َم َرْرتُ ْم ِب ِرَي ِ‬
‫ِّ‬
‫الذ ْك ِر)(‪.)3‬‬
‫ات)‪ ،‬قالُوا بلى يا‬ ‫ت‪ .‬وقال رسولنا‪(:‬أََال أ َُدلُّ ُكم ع َلى ما يمحو اهلل ِب ِه ا ْل َخطَايا‪ ،‬ويرفَع ِب ِه الدَّرج ِ‬
‫ََ‬ ‫َ َ َْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ َ َْ ُ‬
‫الص َال ِة‬
‫اج ِد‪َ ،‬وا ْن ِتظَ ُار َّ‬
‫س ِ‬‫ارِه‪َ ،‬و َكثَْرةُ ا ْل ُخطَا إِلَى ا ْل َم َ‬
‫ضو ِء َعلَى ا ْل َم َك ِ‬ ‫ر ُسول اهلل قال‪(:‬إِ ْ‬
‫س َباغُ ا ْل ُو ُ‬
‫الرَباطُ)(‪ ،)4‬أي أن يقصد اإلنسان المساجد‪ ،‬حيث شرع اهلل له إتيانهن‪،‬‬ ‫الص َال ِة‪ ،‬فَ َذِل ُك ُم ِّ‬
‫َب ْع َد َّ‬
‫والقيام بفريضة الصَّالة‪ ،‬فإن اإلنسان إذا توضأ في بيته وأسبغ الوضوء‪ ،‬ثم خرج منه إلى‬
‫المسجد‪ ،‬لم يخط خطوة واحدة إال رفع اهلل له بها درجة‪ ،‬وحط عنه خطيئة(‪.)5‬‬
‫شأَ‬
‫اب َن َ‬ ‫الع ِاد ُل‪َ ،‬و َ‬
‫ش ٌّ‬ ‫ام َ‬ ‫ِ َّ َِّ ِ ُّ ِ‬ ‫َّ ِ ِ ِّ ِ‬ ‫ِ ُّ‬
‫س ْب َع ٌة ُيظل ُه ُم الل ُه في ظله‪َ ،‬ي ْوَم الَ ظل إال ظل ُه‪ :‬اإل َم ُ‬
‫ث‪ .‬وقال رسولنا ‪َ (:‬‬
‫اج ِد)(‪ ،)6‬المساجد بيوت اهلل‪ ،‬ومكان إلداء‬ ‫س ِ‬ ‫الم َ‬
‫ق في َ‬
‫اد ِة رِّب ِه‪ ،‬ورج ٌل َق ْلب ُه معلَّ ٌ ِ‬
‫ُ َُ‬ ‫ََُ‬
‫ِ ِ‬
‫في ع َب َ َ‬
‫العبادات‪ ،‬وميدان العلم والتَّعلم وصفاء القلب‪ ،‬وحب التَّوجه هلل ‪ ،‬والتَّقرب منه بزيارة بيوته‪،‬‬

‫(‪ )1‬سنن أبي داوود‪ ،‬أبو داوود‪ ،‬تفريع أبواب الوتر‪ :68/7 ،‬رقم الحديث‪ ،8233‬صححه األلباني‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬فيض القدير‪ ،‬زين ِّ‬
‫الدين‪ ،‬ج‪ :211/3‬رقم الحديث‪.6667‬‬
‫(‪ )3‬سنن التَّرمذي‪ ،‬التَّرمذي‪ ،‬أبواب َّ‬
‫الدعوات‪ :357/3 ،‬رقم الحديث‪ ،5381‬وحسنه األلباني‪.‬‬
‫(‪ )4‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬الطهارة‪/‬إسباغ الوضوء على المكاره‪ :787/8،‬رقم الحديث‪.738‬‬
‫الصالحين‪ ،‬محمد العثيمين ج‪.813/7‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬رياض َّ‬
‫(‪ )6‬البخاري‪ :‬صحيح البخاري‪ ،‬اآلذان‪ /‬من جلس في المسجد‪ ،‬وفضل المساجد‪ :855/8،‬رقم الحديث‪.771‬‬

‫‪30‬‬
‫ممن يظلَّهم اهلل في‬ ‫بعيدا عن المنكرات‪ ،‬ورغبات ُّ‬
‫الدنيا‪ ،‬قريبا إلى اهلل‪ ،‬فيستحق أن يكون َّ‬
‫ظلِّه تحت عرشه(‪.)1‬‬
‫ت‬
‫ضُ‬ ‫إِلَ َّي ِم َّما افْتََر ْ‬
‫ب‬
‫َح َّ‬
‫ش ْيء أ َ‬
‫ج‪ .‬وقال رسولنا‪(: ‬إ َّن اللَّه قال‪ ...:‬وما تَقََّرب إِلَ َّي ع ْب ِدي ِب َ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫س ْم َع ُه الَِّذي‬
‫ت َ‬ ‫َّه‪ ،‬فَِإ َذا أ ْ‬
‫ُك ْن ُ‬
‫َح َب ْبتُ ُه‪:‬‬ ‫النو ِاف ِل حتَّى أ ِ‬
‫ُحب ُ‬ ‫َ‬ ‫ب إِلَ َّي ِب َّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َعلَ ْيه‪َ ،‬و َما َي َاز ُل َع ْبدي َيتَقََّر ُ‬
‫َي ْم ِشي ِب َها‪،)2()...‬‬
‫ش ِب َها‪َ ،‬و ِر ْجلَ ُه الَِّتي‬ ‫ص ُر ِب ِه‪َ ،‬وَي َدهُ الَِّتي َي ْب ِط ُ‬‫يسمع ِب ِه‪ ،‬وبصره الَِّذي ي ْب ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ ََُ‬ ‫َ َْ ُ‬
‫فمن األعمال الَّتي يتقرب بها المسلم من ربِّه بعد الصَّالة المكتوبة‪ ،‬صالة َّ‬
‫النوافل‬
‫كالكسوف والخسوف‪ ،‬وصالة العيدين‪ ،‬ومنها االعتكاف ولزوم بيت اهلل للعبادة‪ ،‬كما ُذكر‬
‫وغيرها من األعمال الَّتي يؤديها المسلم في المسجد واحياء لدور المسجد الحقيقي(‪.)3‬‬

‫وترى الباحثة من خالل ما سبق أ َّن دور المسجد في عبادة المسلم تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬المسجد مركز العبادة‪ ،‬يحافظ فيه اإلنسان على فطرته في عبادة اهلل‪.‬‬
‫النشأ بربِّه منذ اإلدراك والتَّميز من خالل تعويده على َّ‬
‫الذهاب إلى المسجد‬ ‫‪ ‬المسجد يربط َّ‬
‫والمكوث فيه‪.‬‬
‫‪ ‬القضاء على الفواحش وانحسارها بين المسلمين‪ ،‬باعتبار المسجد منارة المسلم ومدرسته‬
‫الروحية‪.‬‬
‫ُّ‬
‫القرن في المساجد‪.‬‬
‫‪ ‬األمن واألمان للجالسين في حلقات العلم وتالوة آ‬

‫المطلب الثَّاني‪ :‬دور المسجد في التَّربية اإلسالمية‬


‫المنوعة والَّتي تضيف على وظيفة‬ ‫يمتاز المسجد بأدواره وأهدافه التَّعليمية المتعددة‪ ،‬و َّ‬
‫المسجد ال ُّشمولية والتَّكامل في تربية المسلم في جميع مجاالته ُّ‬
‫الدنيوية وأُمور اآلخرة‪ ،‬فلقد كانت‬
‫األمة اإلسالمية كلها تدار من داخل المسجد‪ ،‬يتعلم فيه المسلمين فنون الحرب‪ ،‬واتِّخاذ‬
‫سياسة ُّ‬
‫بالشورى‪ ،‬كما كان المسجد مأوى الفقراء وعابري السَّبيل‪ ،‬يتعلَّم المسلم من‬
‫الق اررات الصَّحيحة ُّ‬
‫أن فيها معرفة الثَّواب والجزاء في اآلخرة‪ ،‬وكيف‬‫خالله كيف يكفل اليتامى ويعطف عليهم‪ ،‬كما َّ‬
‫يستعد اإلنسان لهذا اللِّقاء(‪.)4‬‬

‫الصالحين‪ ،‬العثيمين‪،‬ج‪.277/8‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬شرح َّ‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬المرجع السَّابق‪ ،‬الرقاق‪ /‬التَّواضع‪ :813/1 ،‬رقم الحديث‪.7317‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬فتح البارئ شرح صحيح البخاري‪ ،‬ابن حجر‪ ،‬ج‪.525/88‬‬
‫‪ )4‬انظر‪ :‬التربية اإلسالمية أصولها وتطورها في البالد العربية‪ ،‬محمد مرسي‪،‬ج‪.715/8‬‬

‫‪33‬‬
‫فإن الذي ال يعرف طريق المسجد ال‬ ‫إن لتربية المسجد ضرورة أساسية في إدارة مجاالت الحياة‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫س‬ ‫(‪)1‬‬
‫للدين سبيل ‪ ،‬قال تعالى‪ ﴿:‬أَفَ َمنْ أَ َّ‬
‫س َ‬ ‫الشرف مكانة‪ ،‬وال يعرف ِّ‬ ‫للحق‪ ،‬واألمانة‪ ،‬و َّ‬ ‫ِّ‬ ‫يعرف‬
‫ف هَا ٍر فَا ْن َه َ‬
‫ار بِ ِه فِي‬ ‫شفَا ُج ُر ٍ‬
‫س بُ ْنيَانَهُ َعلَى َ‬ ‫ان َخ ْير أَ ْم َمنْ أَ َّ‬
‫س َ‬ ‫ض َو ٍ‬ ‫بُ ْنيَانَهُ َعلَى تَ ْق َوى ِمنَ َّ‬
‫َّللاِ َو ِر ْ‬
‫َّللاُ ََّل يَ ْه ِدي ا ْلقَ ْو َم الظَّالِ ِمينَ ﴾]التَّوبة‪.[817:‬‬
‫نَا ِر َج َهنَّ َم َو َّ‬
‫والمساجد أعظم مراكز التَّربية في العصور اإلسالمية السَّالفة‪ ،‬فكان الصَّحابة‪ ‬يحضرون‬
‫مسجد رسول اهلل‪ ‬يتعلمون كل ما يحتاجونه‪ ،‬بل كل ما تحتاج إليه البشرية‪ ،‬يسألون في أمور‬
‫منبر واشعاعا للبشرية جمعاء‪ ،‬رسمت طريق ِّ‬
‫الدين في ربوع‬ ‫دينهم ودنياهم ‪ ،‬فأصبحت المساجد ا‬
‫العالم كلِّه‪ ،‬وبدأت حلقات العلم والتَّعليم في المساجد تأخذ موضعها على طول الفترة الماضية‪،‬‬
‫رمز يصعد إليها‬
‫وخ َّرجت المساجد العلماء األجالء والقادة العظماء‪ ،‬واصبحت منابر المساجد ا‬
‫درر من العلم والمعرفة‪ ،‬تطير القلوب‬ ‫األئمة األعالم المتقنون في العلوم اإلنسانية‪ ،‬حيث ُيلقون ا‬
‫به‪َّ ،‬‬
‫وتزكى نفوسهم(‪ ،)2‬وهذا له أثره في بناء األمة‪ ،‬ورفع قيمتها‪ ،‬قال أبو َّ‬
‫الدرداء(‪ )3‬البنه‪َ (:‬يا‬

‫وت ا ْل ُمتَّ ِق َ‬
‫ين)(‪.)4‬‬ ‫س ِ‬
‫اج َد ُب ُي ُ‬ ‫س ِج َد‪ ،‬فَِإ َّن ا ْل َم َ‬
‫ُب َن َّي‪ ،‬ال َي ُكوَن َّن َب ْيتُ َك إِال ا ْل َم ْ‬
‫أن دور المساجد يتمثل في التَّربية اإلسالمية على النحو التَّالي‪:‬‬ ‫وترى الباحثة َّ‬
‫أوًال‪ :‬المسجد ودوره في تربية المسلم‬
‫الديني‪ ،‬ومنطلق التَّعليم واالكتساب المعرفي والتَّربوي‪،‬‬
‫مركز لإلشعاع الثقافي و ِّ‬
‫ا‬ ‫يعتبر المسجد‬
‫الدور المحوري في إيصال التَّعاليم اإلسالمية بكافة بنودها وانماطها‬
‫للدين لما يمثله من َّ‬
‫ومنبر ِّ‬
‫ا‬
‫للناس‪ ،‬ويمكن أن نوضح ذلك من خالل االدوار التَّالية‪:‬‬
‫َّ‬

‫‪ .8‬المسجد ودوره في التَّربية من خالل َّ‬


‫الصلوات الواجبة‪:‬‬
‫من حسن األداء‪،‬‬ ‫‪‬‬ ‫الرسول‬
‫الصَّلوات الخمس صورة حقيقية لتربية صحيحة على منهج َّ‬
‫والقيام واإلخالص في العبادة‪ ،‬ومن التَّواضع والمساواة بااللتفاف صفوفا‪ ،‬و َّ‬
‫النظام‪ ،‬وحفظ الوقت‬
‫بالحضور في وقتها‪ ،‬والطَّهارة والتَّطهر عند حضور الصَّالة(‪.)5‬‬

‫(‪)1‬انظر‪ :‬وظيفة المسجد في المجتمع‪ ،‬الخزيم‪ ،‬ج‪.6/8‬‬


‫(‪)2‬انظر‪ :‬المرجع السَّابق‪ ،‬ج‪.87/8‬‬
‫(‪ُ (3‬عويمر بن عامر بن زيد بن قيس بن أُميَّة بن عامر بن عدي‪ ،‬األنصاري‪ ،‬انتقل إلى َّ‬
‫الشام ومات بها سنة‬
‫اثنتين وثالثين في خالفة عثمان ‪ ‬وقبره بدمشق‪ ،‬انظر‪ :‬الثقات‪ ،‬ابن حبان‪ ،‬ج‪ ،713/5‬رقم ‪.773‬‬
‫(‪ )4‬تاريخ بغداد‪ ،‬البغدادي‪ ،‬تحقيق‪ :‬بشار عواد معروف‪ ،‬ج‪.771/7‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬عمارة المساجد المعنوية وفضلها‪ ،‬الحميدي‪ ،‬ج‪.82/8‬‬

‫‪32‬‬
‫ونذكر بعض فوائد الصَّالة الواجبة وأدائها جماعة في المساجد‪:‬‬
‫ص َالةَ تَ ْن َهى ع ِ‬
‫َن‬ ‫تعتبر الصَّالة مدرسة سلوكية تعالج السُّلوك‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬وأَقِ ِم ال َّ‬
‫ص َالةَ إِنَّ ال َّ‬ ‫‌‬ ‫أ‪.‬‬
‫ا ْلفَ ْحشَا ِء َوا ْل ُم ْن َك ِر﴾]العنكبوت‪ ،[23:‬والصَّالة تصل بنظامها الحركي والتَّعبدي الفرد إلى‬
‫اطمئنان َّ‬
‫النفس واستقرارها العاطفي والوجداني‪ ،‬واالبتعاد عن المنكر والحفظ من الفحشاء(‪.)1‬‬
‫َح ِد ُك ْم َي ْغتَ ِس ُل ِم ْن ُه ُك َّل‬ ‫َن َن ْه ار ِب َب ِ‬
‫اب أ َ‬ ‫َر َْيتُ ْم لَ ْو أ َّ ً‬
‫الصَّالة تطهر المسلم وتزكيه‪ ،‬قال رسولنا‪ (:‬أ َأ‬ ‫ب‪‌ .‬‬
‫ش ْي ٌء) قالُوا‪ :‬ال يبقى من درنه شي ٌء‪ ،‬قال‪ ( :‬فَ َذِل َك‬ ‫ات‪َ ،‬ه ْل َي ْبقَى ِم ْن َد َرِن ِه َ‬ ‫يوٍم َخمس م َّر ٍ‬
‫ْ َ َ‬ ‫َْ‬
‫س‪َ ،‬ي ْم ُحو اهللُ ِب ِه َّن ا ْل َخطَ َايا)(‪.)2‬‬
‫ات ا ْل َخ ْم ِ‬‫الصلَو ِ‬
‫َمثَ ُل َّ َ‬
‫الرجوع إلى اهلل‪ ،‬والخوف من معصيته‪ ،‬وطلب عفوه‬ ‫النفس على التَّوبة‪ ،‬و ُّ‬ ‫فالصَّالة تربي َّ‬
‫ورضاه تعالى‪ ،‬وذلك من خالل طهارة الجسم بالوضوء‪ ،‬وطهارة القلب عند الوقوف بين يدي‬
‫اهلل تعالى في بيت من بيوت اهلل‪ ،‬ومتوجها إلى قبلته(‪.)3‬‬
‫س ِج ٍد﴾‬ ‫ت‪ .‬التَّ‌طيب والتَّزين ِّ‬
‫لكل صالة‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬يَا بَنِي آ َد َم ُخ ُذوا ِزينَتَ ُك ْم ِع ْن َد ُك ِّل َم ْ‬
‫]األعراف‪ ،[58:‬فهي دعوة إلهية إلى التَّطيب والطهارة والتَّزين للصَّالة‪ ،‬ألن اإلنسان يقف‬
‫بين يدي اهلل في بيوت اهلل‪ ،‬فوجب أن يكون المسلم على أفضل حال(‪.)4‬‬
‫دور الصَّالة في تعويد المسلم على التَّعامل الحسن مع َّ‬
‫الناس‪ ،‬ويظهر ذلك بقوله تعالى‪:‬‬ ‫ث‪‌ .‬‬
‫ص َالةَ﴾]النساء‪ ،[66:‬فلها دور كبير في‬
‫﴿أَلَ ْم ت ََر إِلَى الَّ ِذينَ قِي َل لَ ُه ْم ُكفُّوا أَ ْي ِديَ ُك ْم َوأَقِي ُموا ال َّ‬
‫تحلِّى المسلم بالتَّواضع‪ ،‬واالبتعاد عن التَّكبر واالنانية‪ ،‬واحترام األخرين وعدم إيذائهم قوال أو‬
‫يتم عند الوقوف بين يدي اهلل متذلال هلل مع أخيه المسلم جنبا إلى جنبا‪ ،‬اجتمعوا‬
‫فعال‪ ،‬وهذا ُّ‬
‫على عبادة مشتركة تتراص فيها الصُّفوف‪ ،‬وتتوحد فيها القلوب(‪.)5‬‬
‫صالةُ‬
‫ت ال َّ‬ ‫الرزق‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬فَإِذا قُ ِ‬
‫ضي َ ِ‬ ‫ِّ‬
‫الحث على العمل والسَّعي لطلب ِّ‬ ‫دورها في‬
‫ج‪‌ .‬‬
‫الج ُمعة‪ ،]81 :‬فالصَّالة الجماعية تمنح المسلم‬
‫َّللاِ﴾[ ُ‬ ‫فَا ْنت َِش ُروا فِي ْاْلَ ْر ِ‬
‫ض َوا ْبتَغُوا ِمنْ فَ ْ‬
‫ض ِل َّ‬

‫(‪(1‬انظر‪ :‬عمارة المساجد المعنوية وفضلها‪ ،‬الحميدي‪ ،‬ج‪.76/8‬‬


‫(‪ )2‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬المساجد ومواضع الصَّالة‪ /‬المشي إلى الصَّالة تمح به الخطايا‪ ،‬وترفع به‬
‫َّ‬
‫الدرجات‪ :275/8،‬رقم الحديث‪.771‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬المجتمع واألسرة في اإلسالم‪ ،‬الجوابي‪ ،‬ج‪55/8‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬مفاتيح الغيب‪ ،‬الرازي‪ ،‬ج‪.771/82‬‬
‫(‪ )5‬انظر في ظالل القرآن‪ ،‬سيد قطب‪،‬ج‪.377/8‬‬

‫‪30‬‬
‫قوة‪ ،‬ونشاط وقيمة للعمل الَّذي يقوم به‪َّ ،‬‬
‫ألنها عودته على االنضباط والخشوع واإلخالص‬
‫ثم التَّحلِّي بالصَّبر(‪.)1‬‬
‫ومن َّ‬
‫دورها في تعويد المسلم على تنظيم الوقت وحضور الصَّالة في مواقيتها‪ ،‬لقوله تعالى‪﴿:‬إِنَّ‬
‫ح‪‌ .‬‬
‫إن في حضور الصَّالة أول‬ ‫صالةَ كانَتْ َعلَى ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ ِكتابا ً َم ْوقُوتًا ﴾[ ِّ‬
‫النساء‪ ،]815 :‬ف َّ‬ ‫ال َّ‬
‫قيامها وأدائها في سكينة وطمأنينة ‪ ،‬ودوره في تعويد المسلم على احترام الوقت وااللتزام‬
‫بمواعيد العمل والحرص عليه(‪.)2‬‬
‫الصَّالة فيها دعوة إلى االستقامة والصَّالح‪ ،‬لقوله تعالى‪َ ﴿:‬وأَ ْو َح ْينَا إِلَ ْي ِه ْم فِ ْع َل ا ْل َخ ْي َرا ِ‬
‫ت َوإِقَا َم‬ ‫خ‪‌ .‬‬
‫ص َال ِة ﴾]األنبياء‪ ،[65:‬وذلك من خالل إقامة الصَّالة‪ ،‬وخاصة في المساجد والمداومة‬
‫ال َّ‬
‫عليها‪ ،‬بما ينعكس عليه من فعل الخير االجتماعي‪ ،‬والعمراني واألخالقي واالقتصادي‪ ،‬ومن‬
‫خالل العمل واإلخالص فيه(‪.)3‬‬
‫سنًا َوأَقِي ُموا‬ ‫دور الصَّالة في التَّربية األخالقية المسلمة‪ ،‬لقوله تعالى‪َ ﴿:‬وقُولُوا لِلنَّا ِ‬
‫س ُح ْ‬ ‫‌‬ ‫د‪.‬‬
‫ص َالةَ﴾]البقرة‪ ،[15:‬فجاءت الصَّالة لتربي المسلم على األخالق الحميدة‪ ،‬فال يتكلم اال‬
‫ال َّ‬
‫بالصِّدق‪ ،‬وال يلمح اال بالحق‪ ،‬يسعى بين النَّاس باإلصالح والخير‪ ،‬وهذا يتحقق عندما يلتقي‬
‫مع أخيه المسلم خمس مرات يوميا‪ ،‬يسأل عن حالهم‪ ،‬ويتفقد شؤونهم وأوضاعهم(‪.)4‬‬
‫س ُجدُوا َوا ْعبُدُوا َربَّ ُك ْم‬ ‫اإلشارة إلى أهمية الصَّالة‪ ،‬لقوله تعالى‪﴿:‬يَاأَ ُّي َها الَّ ِذينَ آ َمنُوا ْ‬
‫ار َك ُعوا َوا ْ‬ ‫‌‬ ‫ذ‪.‬‬
‫َوا ْف َعلُوا ا ْل َخ ْي َر لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْفلِ ُحونَ ﴾]الحج‪ ،[66:‬ففيه إشارة إلى أهمية الصَّالة والمداومة عليها في‬
‫صحة الجسد‪ ،‬وما تُنشئ فيه من نشاط بدني أثناء حركاتها من ركوع وسجود وقيام‪،‬‬
‫وتخلص الجسم من الخمول والكسل(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان‪ ،‬السعدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحمن بن معال‬
‫اللويحق‪،‬ج‪.871/8‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬المرجع السَّابق‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل‪ ،‬الزمخشري‪ ،‬ج‪.876/5‬‬
‫(‪ (4‬انظر‪ :‬المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز‪ ،‬ابن عطية‪ ،‬ج‪.865/8‬‬
‫(‪ (5‬انظر‪ :‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان‪ ،‬السَّعدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحمن بن معال‬
‫اللويحق‪،‬ج‪.327/8‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ .7‬المسجد ودوره في التَّربية بالقرآن‬
‫وتامة‪ ،‬وواضحة يتربى بها المسلم‬
‫عامة‪َّ ،‬‬
‫يعتبر القرآن الكريم جامعة تربوية متكاملة‪َّ ،‬‬
‫يتعود على قرأته ودراسته وحفظه(‪ ،)1‬قال تعالى‪ ﴿:‬إِنَّ َه َذا ا ْلقُ ْرآنَ يَ ْه ِدي‬
‫الدين‪َّ ،‬‬ ‫على ِّ‬
‫كل جوانب ِّ‬
‫ت أَنَّ لَ ُه ْم أَ ْج ًرا َكبِي ًرا﴾ ]اإلسراء‪.[7:‬‬ ‫لِلَّتِي ِه َي أَ ْق َو ُم َويُبَ ِّ‬
‫ش ُر ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ الَّ ِذينَ يَ ْع َملُونَ ال َّ‬
‫صالِ َحا ِ‬
‫معنى القرآن الكريم‪:‬‬ ‫أ‪.‬‬
‫وحيا بواسطة جبريل ‪ ،‬المكتوب في‬ ‫‪‬‬ ‫المنزل على رسوله محمد‬
‫القرآن الكريم‪ ":‬كالم اهلل ُ‬
‫ويقسَّم إلى ‪ 51‬جزءا‪ ،‬وهو المصدر‬
‫المصاحف والمحفوظ في الصُّدور‪ ،‬عدد سوره ‪ 882‬سورة‪ُ ،‬‬
‫األول من مصادر التَّشريع اإلسالمي"(‪.)2‬‬
‫َّ‬
‫ليتم به دينه ويصدق به وعده‪ ،‬وقد‬ ‫والقرآن آخر الكتب السَّماوية َّ‬
‫المنزلة كاملة‪ ،‬أنزله اهلل تعالى َّ‬
‫ِّ‬
‫الذ ْك َر َوإِنَّا لَهُ‬ ‫نَ َّز ْلنَا‬ ‫تكفل اهلل سبحانه بحفظه‪ ،‬وتواتره‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬إِنَّا نَ ْحنُ‬
‫وهو في غار حراء يتعبَّد‪ ،‬في شهر‬ ‫‪‬‬ ‫لَ َحافِظُونَ ﴾]الحجر‪ ،[7:‬بدأ نزول القرآن الكريم على َّ‬
‫النبي‬
‫القوة وا ِّلدين‬ ‫رمضان في ليلة القدر‪ ،‬فعلَّم القرآن‪ ،‬وبلَّغ ِّ‬
‫الرسالة حتى بلغت ما بلغت عليه من َّ‬
‫س َال َم ِدينًا﴾‬ ‫والتَّمكين‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬ا ْليَ ْو َم أَ ْك َم ْلتُ لَ ُك ْم ِدينَ ُك ْم َوأَ ْت َم ْمتُ َعلَ ْي ُك ْم نِ ْع َمتِي َو َر ِ‬
‫ضيتُ لَ ُك ُم ْ ِ‬
‫اإل ْ‬
‫في االعتناء بالقرآن ورفع‬ ‫‪‬‬ ‫الرسول‬
‫ثم تمسَّك به الصَّحابة‪ ،‬وساروا على نهج َّ‬
‫]المائدة‪َّ ،[5:‬‬
‫شأنه‪ ،‬ومن خلفهم التَّابعين رضوان اهلل عليهم(‪.)3‬‬
‫ب‪ .‬مكانة القران الكريم عند اهلل وعند رسوله‪ ‬وعند المسلمين‬
‫إن فضل القرآن العظيم ومكانته‪ ،‬أمر ال جدال فيه‪ ،‬فهو كتاب اهلل خالق العالمين‪ ،‬فيه نبأ‬
‫ما قبلنا‪ ،‬وخبر ما بعدنا‪ ،‬وحكم ما بيننا‪ ،‬حبل اهلل المتين‪ ،‬وصراطه المستقيم‪ِّ ،‬‬
‫الذي ال تزيغ به‬
‫القلوب‪ ،‬وال يشبع منه العلماء‪ ،‬مؤنس العابد‪ ،‬وشافي المريض‪ ،‬نور اهلل في األرض‪ ،‬وصدق اهلل‬
‫شفَاء َو َر ْح َمة لِ ْل ُم ْؤ ِمنِينَ ﴾]اإلسراء‪.[13:‬‬ ‫سبحانه إذ قال تعالى‪َ ﴿:‬ونُنَ ِّز ُل ِمنَ ا ْلقُ ْر ِ‬
‫آن َما ه َُو ِ‬
‫‪ -‬مكانة القرآن الكريم في كتاب اهلل العزيز‬
‫وتبرز مكانة القرآن الكريم في كتابه تعالى من خالل آيات نذكرها‪:‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬عقيدة التَّوحيد‪ ،‬ملكاوي‪ ،‬ج‪.3/8‬‬


‫(‪ )2‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬مختار‪ ،‬ج‪.8617/5‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬اإليمان بالقرآن الكريم والكتب السَّماوية‪ ،‬الص َّ‬
‫َّالبي‪ ،‬ج‪.1-3/8‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ ‬قال تعالى‪َ ﴿:‬و َرتِّ ِل ا ْلقُ ْرآنَ ت َْرتِيالً ﴾]المزمل‪ ،[2 :‬الترتيل‪ :‬إرسال الكلمة القرآنية من الفم‬
‫ولفظها بسهولة واستقامة‪ ،‬مع رعاية مخارج الحروف‪ ،‬وحفظ الوقوف(‪ ،)1‬فيستلزم من المسلم‬
‫أن يعود نفسه على حسن تالوته‪ ،‬واالستزادة بعلمه‪.‬‬
‫الوتِ ِه أُولئِكَ يُ ْؤ ِمنُونَ بِ ِه﴾ ]البقرة‪،[871:‬‬ ‫‪ ‬وقال تعالى‪ ﴿:‬الَّ ِذينَ آتَ ْيناهُ ُم ا ْل ِك َ‬
‫تاب يَ ْتلُونَهُ َح َّ‬
‫ق تِ َ‬
‫حق الكتاب العظيم أن تعظَّم تالوته؛ من إخراج الحروف من مخارجها واعطاءها حقها‬
‫الصفات‪ ،‬وتجميلها بالمعاني واألحكام(‪.)2‬‬ ‫ومستحقها من ِّ‬
‫ب إِنَّ قَ ْو ِمي اتَّ َخ ُذوا َه َذا ا ْلقُ ْرآنَ َم ْه ُجو ًرا﴾ ]اإلسراء‪،[51:‬‬ ‫‪ ‬وقال تعالى‪َ ﴿:‬وقَا َل ال َّر ُ‬
‫سو ُل يَا َر ِّ‬
‫تنبيه رَّباني إلى التَّمسك بالقرآن تالوة وعمل وتعليم‪ ،‬وعدم هجرانه‪ ،‬واالنشغال عنه في أمور‬
‫أمة(‪.)3‬‬ ‫ُّ‬
‫تضل معه َّ‬ ‫الدنيا‪ ،‬فإنه الحق المستقيم الَّذي ال‬
‫ُّ‬
‫يال﴾[اإلسراء‪،]817 :‬‬
‫ث َونَ َّز ْلناهُ تَ ْن ِز ً‬ ‫‪ ‬وقال تعالى‪َ ﴿:‬وقُ ْرآنا ً فَ َر ْقناهُ لِتَ ْق َرأَهُ َعلَى النَّا ِ‬
‫س عَلى ُم ْك ٍ‬
‫بمعنى التَّلبث واألناة في قرأته وتعليمه‪ ،‬مع الحرص على أحكامه وعلومه وبما أنزله اهلل‬
‫تعالى(‪.)4‬‬
‫‪ ‬وقال تعالى‪﴿:‬فَإ ِ َذا قَ َر ْأنَاهُ فَاتَّبِ ْع قُ ْرآنَهُ﴾ ]القيامة‪ ،[81:‬يأمرنا سبحانه وتعالى على وجوب‬
‫قراءة القرآن وجمع آيات اهلل بعضها على بعض‪ ،‬وحسب ما ثبَّته اهلل في قلب نبيه محمد‬
‫كرر تالوته وتعليمه حتى يكون بالمكانة العظيمة الَّتي وضعها اهلل له ليزداد رسخا‬
‫ثم ِّ‬
‫‪َّ ،‬‬
‫في قلوب َّ‬
‫الناس فيعملوا(‪.)5‬‬
‫لذ ْك ِر فَ َه ْل ِمنْ ُم َّد ِك ٍر﴾[القمر‪ ،]77 :‬يا لعظمة هذا القرآن‬ ‫‪ ‬وقال تعالى‪َ ﴿:‬ولَقَ ْد يَ َّ‬
‫س ْرنَا ا ْلقُ ْرآنَ لِ ِّ‬

‫الَّذي يسره اهلل للقارئين والحافظين‪ ،‬وهي دعوة ربَّانية على الحرص على القرآن من تعلُّمه‬
‫وتعليمه(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ُّ ،‬‬


‫الزبيدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬مجموعة من المحققين‪ ،‬ج‪.55/77‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬غاية المريد في علم التَّجويد‪ ،‬نصر‪ ،‬ج‪.57/8‬‬
‫(‪ (3‬انظر‪ :‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان‪ ،‬السَّعدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحمن بن معال اللويحق‪،‬‬
‫ج‪.317/8‬‬
‫(‪ (4‬انظر‪ :‬غاية المريد في علم التجويد‪ ،‬نصر‪ ،‬ج‪.53/8‬‬
‫(‪ (5‬انظر‪ :‬التفسير الكبير‪ ،‬الرازي‪ ،‬ج‪.771/7‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن العظيم‪ ،‬أبو السُّعود‪ ،‬ج‪.861/1‬‬

‫‪33‬‬
‫الس َّنة َّ‬
‫الشريفة‬ ‫‪ -‬أهمية القرآن في ُّ‬
‫نبينا ‪ ‬في قلبه ‪ ،‬وعمل به‬ ‫ِّ‬
‫الحق والباطل‪ ،‬حمله ِّ‬ ‫القرآن نور اهلل في األرض وميزان‬
‫نبينا‪ ‬أحاديث كثيرة َّ‬
‫تبين فضل القرآن‪ ،‬وفضل‬ ‫بين َّ‬
‫الناس‪ ،‬وأوصى به من بعده‪ ،‬ولقد ذكر ِّ‬
‫تعلُّمه في المساجد نذكر بعضها كاالتي‪:‬‬
‫ق‪ ،‬فَ َيأ ِْت َي‬‫ان‪ ،‬أ َْو إِلَى ا ْل َع ِقي ِ‬
‫َي ْغ ُد َو ُك َّل َي ْوٍم إِلَى ُب ْط َح َ‬ ‫َن‬
‫ب أْ‬ ‫ُي ِح ُّ‬ ‫‪ ‬قال رسولنا ‪ ‬ألصحابه‪(:‬أ َُّي ُك ْم‬
‫ب ذلك‪،‬‬ ‫قَ ْط ِع َر ِحٍم)(‪ ،)1‬ف ُقلنا‪ :‬يا ر ُسول اهلل ُنح ُّ‬ ‫إِثٍْم‪َ ،‬وَال‬ ‫ِم ْن ُه ِب َناقَتَ ْي ِن َك ْو َم َاوْي ِن ِفي َغ ْي ِر‬
‫اب ِ‬ ‫آيتَ ْي ِن ِم ْن ِكتَ ِ‬ ‫قال‪(:‬أَفَ َال ي ْغ ُدو أَح ُد ُكم إِلَى ا ْلم ِ‬
‫اهلل َع َّز َو َج َّل‪َ ،‬خ ْيٌر‬ ‫س ِجد فَ َي ْعلَ ُم‪ ،‬أ َْو َي ْق َأرُ َ‬
‫َ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫َع َد ِاد ِه َّن ِم َن‬
‫ث َخ ْيٌر لَ ُه ِم ْن ثََال ٍث‪َ ،‬وأَْرَبعٌ َخ ْيٌر لَ ُه ِم ْن أ َْرَب ٍع‪َ ،‬و ِم ْن أ ْ‬ ‫لَ ُه ِم ْن َناقَتَ ْي ِن‪َ ،‬وثََال ٌ‬
‫اإل ِب ِل )(‪.)2‬‬
‫ِْ‬

‫ب‪َ ،‬والَِّذي الَ‬ ‫يح َها طَ ِّي ٌ‬‫ب‪َ ،‬و ِر ُ‬


‫ِ‬ ‫‪ ‬وقال رسولنا ‪َ (:‬مثَ ُل الَِّذي َي ْق َأرُ القُ ْر َ‬
‫آن‪َ :‬كاألُتُْرجَّة طَ ْع ُم َها طَ ِّي ٌ‬
‫آن‪َ :‬ك َمثَ ِل‬‫اج ِر الَِّذي َي ْق َأرُ القُ ْر َ‬ ‫يح لَ َها‪َ ،‬ومثَ ُل الفَ ِ‬
‫َ‬ ‫ب َوالَ ِر َ‬ ‫آن‪َ :‬كالتَّ ْم َرِة طَ ْع ُم َها طَ ِّي ٌ‬ ‫َي ْق َأرُ القُ ْر َ‬
‫الح ْنظَلَ ِة‬
‫آن‪َ :‬ك َمثَ ِل َ‬ ‫اج ِر الَِّذي الَ َي ْق َأرُ القُ ْر َ‬ ‫ب‪َ ،‬وطَ ْعم َها مٌّر‪َ ،‬ومثَ ُل الفَ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ِ‬
‫الرْي َحا َنة ِر ُ‬
‫يح َها طَ ِّي ٌ‬ ‫َّ‬
‫يح لَ َها(‪.)4())3‬‬ ‫ط ْع ُم َها ُمٌّر‪َ ،‬والَ ِر َ‬‫َ‬
‫آن ويتَتَعتَع ِف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪ ‬وقال رسولنا ‪ (:‬ا ْلم ِ‬
‫يه‪،‬‬ ‫السفَ َرِة ا ْلك َرام ا ْل َب َرَرِة‪َ ،‬والَّذي َي ْق َأرُ ا ْلقُ ْر َ َ َ ْ ُ‬‫آن َم َع َّ‬ ‫اه ُر ِبا ْلقُ ْر ِ‬ ‫َ‬
‫َو ُه َو َعلَ ْي ِه َ‬
‫(‪)5‬‬
‫َج َران) ‪.‬‬ ‫شاقٌّ‪ ،‬لَ ُه أ ْ‬
‫َص َحا ِب ِه)(‪.)6‬‬ ‫ش ِف ِ‬
‫يعا أل ْ‬ ‫امة َ ً‬
‫آن فَِإ َّن ُه يأ ِْتي يوم ا ْل ِقي ِ‬
‫َ َْ َ َ َ‬ ‫‪ ‬وقال رسولنا ‪ (:‬اق َْرُءوا ا ْلقُ ْر َ‬

‫(‪( )1‬بطحان) اسم موضع قرب المدينة (العقيق) واد بالمدينة (كوماوين) الكوماء‪ :‬اإلبل العظيمة السنام‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬صالة المسافرين وقصرها‪ /‬فضل قراءة القرآن في الصَّالة وتعلمه‪ ،‬شرح عبد الباقي‪،‬‬
‫ج‪ :337/8‬رقم الحديث‪.115‬‬
‫(‪ )2‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬صالة المسافرين وقصرها‪ /‬فضل قراءة القرآن في الصَّالة وتعلمه‪ :337/8،‬رقم‬
‫الحديث ‪.115‬‬
‫(‪ )3‬األترجة‪ :‬نوع من ثمار الحمضيات جميل المنظر طيب الطعم والنكهة‪ ،‬والريحانة‪ :‬نوع من النبات‪ ،‬الحنظلة‬
‫من ثمار أشجار الصحراء التي ال تؤكل‪ ،‬انظر معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬مختار‪،‬ج‪ ،36/8‬المخصص‪،‬‬
‫سيده المرسي‪ ،‬تحقيق‪ :‬خليل إبراهيم جفال‪ ،‬ج‪.777/5‬‬
‫(‪ )4‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬فضائل القرآن‪ /‬فضل القرآن على سائر الكالم‪ :871/7 ،‬رقم الحديث‪،3171‬‬
‫(‪ )5‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬صالة المسافرين وقصرها‪ /‬فضل الماهر في القرآن ويتعتع فيه‪ :327/8،‬رقم‬
‫الحديث‪.671‬‬
‫(‪ )6‬المصدر السَّابق‪ ،‬صالة المسافرين وقصرها‪ /‬فضل قراءة القرآن‪ ،‬ج‪ :335/8‬رقم الحديث‪.112‬‬

‫‪39‬‬
‫ضعُ ِب ِه آ َخ ِر َ‬
‫ين)(‪.)1‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬وقال رسولنا ‪ (:‬إ َّن اهللَ َي ْرفَعُ ِب َه َذا ا ْلكتَاب أَق َْو ً‬
‫اما‪َ ،‬وَي َ‬
‫‪ -‬مكانة القرآن الكريم عند المسلمين‬
‫إن مكانة القرآن العظيم في نفوس المسلمين تتجلى بقوله تعالى‪﴿:‬إِنَّ الَّ ِذينَ اتَّقَ ْوا إِذا‬ ‫َّ‬
‫ص ُرونَ ﴾[األعراف‪ ،]718:‬هذا التَّوجيه َّ‬
‫الرباني‬ ‫طان تَ َذ َّك ُروا فَإِذا ُه ْم ُم ْب ِ‬
‫ش ْي ِ‬
‫س ُه ْم طائِف ِمنَ ال َّ‬
‫َم َّ‬
‫الرجوع إليه في تدابير حياتنا‪ ،‬فالمسلم يتذكر شرع اهلل ومنهاجه‬ ‫لضرورة التَّمسك بالقرآن الكريم و ُّ‬
‫العظيم‪ ،‬يرجع إليه كلَّما مسَّه من ِّ‬
‫الشيطان نزغ فيبصر الحق‪ ،‬ويحكم بما حكمه اهلل تعالى في‬
‫كتابه العزيز(‪.)2‬‬
‫ولقد اهتم السَّلف الصَّالح قبلنا بالقرآن وأخلصوا العبادة به‪ ،‬واالعتناء به وانشغلوا بحفظه‪،‬‬
‫ودراسته‪ ،‬وتعليمه‪ ،‬وما زالوا على ذلك حتى اتشر هذا التَّشريع اإللهي مشارق األرض مغاربها‪،‬‬
‫وتبرز مكانة القرآن الكريم في نفوس صحابة رسول اهلل‪ ،‬والتَّابعين ‪ ‬من خالل المواقف‬
‫التَّالية‪:‬‬
‫لما سمع قوله‬
‫َّ‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ‬كان الصَّحابة‪ ‬إذا نزل القرآن فرحوا‪ ،‬وسارعوا يعملون به‪ ،‬فهذا الصِّديق‬
‫س َع ِة أَنْ يُ ْؤتُوا أُولِي ا ْلقُ ْربى َوا ْل َمسا ِكينَ َوا ْل ُم ِ‬
‫هاج ِرينَ‬ ‫تعالى‪َ ﴿:‬وَّل يَأْت َِل أُولُوا ا ْلفَ ْ‬
‫ض ِل ِم ْن ُك ْم َوال َّ‬
‫َّللاُ َغفُور َر ِحيم﴾]النور‪،[77:‬‬ ‫صفَ ُحوا أََّل ت ُِحبُّونَ أَنْ يَ ْغفِ َر َّ‬
‫َّللاُ لَ ُك ْم َو َّ‬ ‫َّللاِ َو ْليَ ْعفُوا َو ْليَ ْ‬
‫يل َّ‬‫سب ِ ِ‬
‫فِي َ‬
‫النفقة إلى مسطح بن أثاثة‪ ،‬وهو قريبه‪ ،‬مع َّإنه قد أذى ابنته عائشة‪ ‬في حادثة‬
‫عندها أعاد َّ‬
‫اإلفك‪ ،‬فقال أبو بكر‪ (:‬بلى واهلل إني ألحب أن يغفر اهلل لي)(‪.)3‬‬
‫‪ ‬وذاك زيد بن الحارثة(‪ ،)4‬عندما نزل قوله تعالى‪ ﴿:‬لَنْ تَنَالُوا ا ْلبِ َّر َحتَّى تُ ْنفِقُوا ِم َّما تُ ِحبُّونَ ﴾‬
‫[آل عمران‪ ،]77:‬جاء بفرس له كان يحبها‪ ،‬فقال يا رسول اهلل هذه في سبيل اهلل‪ ،‬فأعطاها‬
‫ص َدقَتُ َك)(‪.)5‬‬ ‫رسول اهلل ‪ ‬البنه أسامة‪ ،‬فوجد زيد في نفسه‪ ،‬فقال ‪(:‬قَ ْد قُِبلَ ْت َ‬
‫‪ ‬وعندما زوج معقل بن يسار أخته لرجل‪ ،‬فطلَّقها َّ‬
‫(‪)6‬‬
‫الرجل‪ ،‬فندم وأراد إرجاعها‪ ،‬فرفض‬
‫معقل‪ ،‬وهي راغبة فيه‪ ،‬فنزل قوله تعالى‪َ ﴿:‬وإِ َذا طَلَّ ْقتُ ُم النِّ َ‬
‫سا َء فَبَلَ ْغنَ أَ َجلَ ُهنَّ فَ َال تَ ْع ُ‬
‫ضلُوهُنَّ‬

‫(‪‌)1‬المصدر‌نفسه‪‌،‬صالة‌المسافرين‌وقصرها‪‌/‬فضل‌من‌يقوم‌بالقرآن‪‌،‬ج‪‌:009/0‬رقم‌الحديث‪‌.302‬‬

‫الرزي‪ ،‬ج‪.61/8‬‬ ‫(‪ (2‬انظر‪ :‬مفاتيح الغيب‪ ،‬فخر ِّ‬


‫الدين َّا‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬في ظالل القرآن‪ ،‬سيد قطب‪ ،‬ج‪.7276/2‬‬
‫(‪ )4‬زيد بن الحارثة الكلبي مولى ر ُسول اهلل ‪ ،‬قتل يوم ُمؤتة في حياة َّ‬
‫النبي ‪ ،‬معرفة الثقات‪،‬‬
‫العجلي‪،‬ج‪ ،566/8‬رقم اآلثر‪.372‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬جامع البيان عن تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬ج‪.367/3‬‬
‫(‪ (6‬معقل بن يسار المزني من مزينة مضر‪ ،‬أُبو يسار‪ ،‬كان من أصحاب َّ‬
‫الشجرة‪ ،‬سكن البصرة مات فيها‪ ،‬إليه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫نسب َّ‬
‫النهر المعقلي ونهر معقل بالبصرة‪ ،‬انظر‪ :‬الثقات‪ ،‬ابن حبان‪ ،‬ج‪.577/5‬‬

‫‪91‬‬
‫وف ﴾]البقرة‪ ،[757:‬قال معقل‪( :‬فَ َكفَّْر ُ‬
‫ت َع ْن‬ ‫أَنْ يَ ْن ِك ْحنَ أَ ْز َو َ‬
‫اج ُهنَّ إِ َذا ت ََر َ‬
‫اض ْوا بَ ْينَ ُه ْم بِا ْل َم ْع ُر ِ‬
‫يني َوأَ ْن َك ْحتُ َها إِيَّاهُ )(‪.)1‬‬‫ي ِم ِ‬
‫َ‬
‫‪ ‬ومنزلة القرآن تتجلى في قلوب الصَّحابيات‪ ،‬وأمهات المؤمنين‪ ،‬فما زلنا يحببن القرآن‬
‫ويتسابقن للتَّقرب إلى اهلل تعالى بإطاعة أوامره‪ ،‬وما رواه البخاري في صحيحه عن‬
‫اجر ِ‬
‫ات األ َُو َل‪ ،‬لَ َّما أَ ْن َز َل اللَّ ُه‪َ ﴿:‬وْل َي ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ِرْب َن ِب ُخ ُم ِرِه َّن‬ ‫الم َه َ‬ ‫اء ُ‬ ‫عائشة ‪ ‬قالت‪َ ( :‬ي ْر َح ُم اللَّ ُه ن َ‬
‫س َ‬
‫اختَ َم ْر َن ِب َها)(‪.)2‬‬‫شقَّ ْق َن ُم ُروطَ ُه َّن فَ ْ‬
‫َعلَى ُج ُيوِب ِه َّن﴾[النور‪َ ،]58:‬‬
‫يه ِع ْل َم األ ََّولِ َ‬
‫آن؛ فَِإ َّن ِف ِ‬
‫اد ا ْل ِع ْل َم َف ْل ُيثَِّو ِر ا ْلقُ ْر َ‬
‫(‪)3‬‬
‫ين‬ ‫‪ ‬وقال عبد اهلل بن مسعود ‪َ (:‬م ْن أ ََر َ‬
‫و ِ‬
‫اآلخ ِر َ‬
‫ين)(‪.)4‬‬ ‫َ‬
‫الرجل أن ال يسأل عن نفسه إال القرآن فإن كان يحب القرآن فإنه يحب‬
‫وقال‪ ( :‬ال يضر َّ‬
‫)(‪.)5‬‬ ‫‪‬‬ ‫اهلل ورسوله‬

‫السؤال المهم اآلن ‪ :‬هل أثر القرآن الكريم في حياتنا‪ ،‬كما فعل السَّلف الصَّالح؟‬
‫و ُّ‬
‫لقد جعلوا غاية هدفهم فهم كالم ربِّهم الَّذي أحبوه بصدق‪ ،‬وتفانوا في سبيل التَّقرب إلى اهلل‬
‫(‪)6‬‬
‫ربهم فكانوا يتدبرونها‬
‫بالقرآن‪ ،‬قال الحسن البصري ‪(:‬وان من كان قبلكم‪ ،‬رأوه رسائل من ِّ‬
‫بالليل وينفذونها َّ‬
‫بالنهار)(‪.)7‬‬
‫همنا وغاية علمنا‪ ،‬غفلنا عن القرآن‪ ،‬وغفلنا عن عظمة بيوت اهلل ودورها‪،‬‬ ‫ولما جعلنا ُّ‬
‫الدنيا أكبر ِّ‬ ‫َّ‬
‫فصرفت قلوبنا عن الحق‪ ،‬وجعلت أمتُنا تنهار بين أيدي الَّذين ال يفقهون شيئا من كتاب اهلل‪.‬‬
‫ُ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬جامع البيان عن تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬ج‪.881/2‬‬
‫(‪ )2‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬تفسير القران‪﴿ ،‬وليضربن ب ُخ ُمره َّن على ُجُيوبه َّن﴾[النور‪ :817/7 ،]58 :‬رقم‬
‫الحديث‪.2631‬‬
‫(‪ )3‬عبد اهلل بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي‪ ،‬من أكار الصحابة فضال وعقال‪ ،‬وقربا من رسول اهلل ‪‬‬
‫وهو من أهل مكة‪ ،‬ومن السابقين إلى اإلسالم‪ ،‬وأول من جهر بقراءة القرآن بمكة‪ .‬وكان خادم رسول اهلل ‪‬‬
‫األمين‪ ،‬فقيه وحبر األمة‪ ،‬انظر‪ :‬سير أعالم النبالء‪ ،‬الذهبي‪ ،‬ج‪.711/5‬‬
‫(‪ )4‬سلسلة اآلثار الصحيحة‪َّ ،‬‬
‫الداني‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد اهلل بن صالح العبيالن‪ :838/8 ،‬رقم حديث األثر‪.825‬‬
‫(‪ )5‬سلسلة اآلثار الصحيحة‪َّ ،‬‬
‫الداني‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد اهلل بن صالح العبيالن‪ :838/8 ،‬رقم الحديث‪.822‬‬
‫(‪ )6‬الحسن بن يسار البصري‪ ،‬تابعي‪ ،‬كان إمام أهل البصرة‪ ،‬وحبر األمة في زمنه‪ ،‬وهو أحد العلماء الفقهاء‬
‫وشب في كنف علي بن أبي طالب‪ ،‬انظر‪ :‬األعالم‪َّ ،‬‬
‫الزركلي‪،‬ج‪.777/7‬‬ ‫َّ‬ ‫الفصحاء الشجعان‪ ،‬ولد بالمدينة‪،‬‬
‫(‪ )7‬إحياء علوم ِّ‬
‫الدين‪ ،‬الغزالي‪ ،‬ج‪.763/8‬‬

‫‪90‬‬
‫تعظيم كتاب اهلل‬ ‫ت‪.‬‬
‫َّ‬
‫إن من مكانة القرآن في قلوب المسلمين تعظيم كتاب اهلل تعالى ورفع شأنه‪ ،‬وترى الباحثة إتمام‬
‫ذلك من خالل ما يأتي‪:‬‬
‫‪ ‬إحضار القارئ قلبه عند قراءة القرآن‪ ،‬والتَّفكر في معانيه‪ ،‬واستشعار َّأنه مخاطب بكل آية‬
‫(‪)1‬‬
‫ت ر ُسول ‪ ‬يقُو ُل‪:‬‬ ‫من القرآن ‪ ،‬فذكر البخاري بسنده عن أبي سعيد الخدري‪ :‬قال‪ :‬سمع ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫( َي ْخ ُر ُج ِفي ُك ْم قَ ْوٌم تَ ْح ِق ُر َ‬
‫ام ُك ْم َم َع ص َيام ِه ْم‪َ ،‬و َع َملَ ُك ْم َمعَ‬
‫صالَ ت ِه ْم‪َ ،‬وص َي َ‬
‫صالَ تَ ُك ْم َم َع َ‬‫ون َ‬
‫اوُز َح َنا ِج َرُه ْم)(‪.)2‬‬
‫آن الَ ُي َج ِ‬
‫ون القُ ْر َ‬ ‫َع َملِ ِه ْم‪َ ،‬وَي ْق َرُء َ‬
‫‪ ‬عدم هجرانه‪ ،‬والمالزمة على قراته وحفظه والتَّثبت منه‪ ،‬وعدم تركه وأثر الغبار عليه(‪،)3‬‬
‫ب إِنَّ قَ ْو ِمي‬ ‫وحتى ال ينطبق علينا شكوى رسولنا‪ ‬فيه‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬وقَا َل ال َّر ُ‬
‫سو ُل يَا َر ِّ‬
‫اتَّ َخ ُذوا َه َذا ا ْلقُ ْرآنَ َم ْه ُجو ًرا ﴾]اإلسراء‪.[51:‬‬
‫‪ ‬تعظيم كتاب اهلل بعدم قطع القراءة لكالم َّ‬
‫الناس حتى الفروغ من اآلية‪ ،‬أو حتى إتمام‬
‫آن لَ ْم َيتَ َكلَّ ْم َحتَّى َي ْف ُر َ‬
‫الرسول‪ ‬قال‪ (:‬إِ َذا قَ َأرَ القُ ْر َ‬
‫(‪)4‬‬
‫غ‬ ‫المعنى ‪ ،‬فعن اب ُن ُعمر ‪،‬عن َّ‬
‫(‪)5‬‬
‫ِم ْن ُه)‪.‬‬
‫‪ ‬تنظيف الفم عند قراءة القرآن بالسواك أو المضمضة أو ما شابه‪ ،‬نية التَّقرب إلى اهلل(‪ ،)6‬قال‬
‫صالَ ٍة)(‪،)7‬‬ ‫اس َألَمرتُهم ِب ِّ ِ‬
‫الس َواك َمعَ ُك ِّل َ‬ ‫َّ‬ ‫ق علَى أ َّ ِ‬
‫ُمتي أ َْو َعلَى الن ِ َ ْ ُ ْ‬ ‫ش َّ َ‬
‫َن أَ ُ‬
‫رسولنا‪ (:‬لَ ْوالَ أ ْ‬
‫وقراءة القرآن جزء من الصَّالة‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬غاية المريد في علم التجويد‪ ،‬نصر‪ ،‬ج‪.83/8‬‬


‫(‪ )2‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬فضائل القرآن‪ /‬أثم من راءى بقراءة القرآن أو َّ‬
‫تأكل به‪ ،‬أو فخر به‪:876/7 ،‬‬
‫رقم الحديث‪.3131‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬في ظالل القرآن‪ ،‬سيد قطب‪،‬ج‪.7378/3‬‬
‫(‪ (4‬انظر‪ :‬فتح البارئ على صحيح البخاري‪ ،‬أمالي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد بدر عالم االلميرتهي‪ ،‬ج‪ ،787/7‬رقم‬
‫‪‌.2377‬‬ ‫الحديث‬
‫ث ل ُكم فأتُوا حرث ُكم أَّنى شئتُم وق ِّد ُموا ألنفُس ُكم﴾‬
‫اؤ ُكم حر ٌ‬
‫(‪ )5‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬تفسير القرآن‪ ﴿/‬نس ُ‬
‫[البقرة‪ :77/7 ،[775 :‬رقم الحديث‪.2377‬‬
‫(‪)6‬انظر‪ :‬غاية المريد في علم التجويد‪ ،‬نصر‪ ،‬ج‪.82/8‬‬
‫الحديث‪‌.116‬‬ ‫السواك يوم الجمعة‪ :2/7 ،‬رقم‬
‫(‪ )7‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬الجمعة‪ِّ /‬‬

‫‪90‬‬
‫ث‪ .‬إحياء دور المسجد في تعليم القرآن وحفظه‬
‫أن دور المسجد يتحقق من خالل التَّوجيهات التَّالية‪:‬‬
‫وترى الباحثة َّ‬
‫كل مسجد من تحفيظ القرآن‪ ،‬ومن تعليم قراءته بالصُّورة الصَّحيحة‪،‬‬ ‫‪ ‬إنشاء حلقات َّ‬
‫الذكر في ِّ‬
‫من خالل مدرسين أكفَّاء في أحكام تجويد القرآن وسبل تدريسه‪.‬‬
‫الدعوة إلى ضرورة االلتحاق بحلقات ِّ‬
‫الذكر‪ ،‬وحفظ القرآن‪ ،‬وتشجيع األطفال‬ ‫‪ ‬أساليب التَّوعية و َّ‬
‫الرسالة من بعد‪.‬‬ ‫األمة ِّ‬
‫الذين سيحملون ِّ‬ ‫إلى ذلك ألنهم رجال المستقبل‪ ،‬وقادة َّ‬
‫‪ ‬ربط المسجد وأدواره في تعليم القرآن باألسرة والمدرسة‪ ،‬والمؤسسات األخرى‪ ،‬بحيث تكون‬
‫حلقة مرتبطة بعضها ببعض‪.‬‬
‫‪ ‬إحياء دوره من خالل النَّشاطات َّ‬
‫الدعوية المقامة المسجد‪ ،‬وتكريم الحفظة‪ ،‬والمتميزين في‬
‫القرآن‪.‬‬
‫األئمة َّ‬
‫للناس في المساجد أهم وسيلة إلحياء دور المسجد‪،‬‬ ‫‪ ‬تعتبر حسن معاملة المعلمين و َّ‬
‫النصح وطيب الجانب‪ ،‬وعدم التَّوبيخ و َّ‬
‫الزجر‪ ،‬وأسلوب طرد األطفال من المساجد‬ ‫من خالل ُّ‬
‫بذريعة توسيخ المسجد‪ ،‬وازعاج المصلين‪ ،‬حتى أمست مساجدنا مهجورة‪ُ ،‬يؤتى لها للصَّالة‬
‫فقط‪.‬‬
‫‪ ‬توعية أولياء األُمور إلى ضرورة تعظيم المساجد عند أوالدهم من خالل تعويدهم على ارتياد‬
‫المساجد‪ ،‬وتعلُّم ِّ‬
‫الدين من مكانه الصَّحيح المنوط له‪.‬‬
‫كل الحرص على تحبيب المرأة ارتياد المساجد لتعليمها أمور ِّ‬
‫الدين والقرآن‬ ‫‪ ‬الحرص َّ‬
‫اج َد اللَّ ِه )(‪ ،)1‬باعتبارها المعلِّم األول للطفل‬
‫س ِ‬ ‫ِ‬
‫اء اللَّه َم َ‬
‫وتثقيفها‪ ،‬قال رسولنا‪ (:‬الَ تَ ْم َن ُعوا إِ َم َ‬
‫الرجل‪.‬‬‫فإن صلحت صلح أبناءها من بعدها‪ ،‬وألنها المسؤولة عن بناء األسرة مع َّ‬
‫الرقي بأدوارها‪ ،‬اهتمام المسؤولين في و ازرة األوقاف‪،‬‬ ‫‪ ‬و ُّ‬
‫الدور األهم في إحياء المساجد وسبل ُّ‬
‫مما ذكرناه سابقا ولكي‬ ‫الدور‪ ،‬من خالل توفير ِّ‬
‫كل ما يلزم ِّ‬ ‫الدينية األخرى بهذا َّ‬
‫والمؤسسات ِّ‬
‫يقوم المسجد بدوره ‪.‬‬

‫المطلب الثَّالث‪ :‬دور المساجد في صناعة ِّ‬


‫الرجال‬
‫المسجد الثَّكنة العسكرية األولى في اإلسالم‪ ،‬يحشد المقاتلين فيه‪ ،‬ويتعلمون فيه الثَّبات‬
‫الرسول ‪ ‬منطلق الغزوات‪ ،‬ينتصر المسلمون‪ ،‬ويعودون‬
‫في القتال‪ ،‬ولقد كان المسجد في عهد َّ‬

‫الج ُمعة ُغسل من ِّ‬


‫النساء والصِّبيان وغيرهم‪،‬‬ ‫(‪ )1‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬الجمعة‪ /‬هل على من لم يشهد ُ‬
‫‪ :7/7‬رقم الحديث‪.711‬‬

‫‪93‬‬
‫وي َّغسل شهداءهم‪ ،‬قال تعالى‪ِ ﴿:‬منَ ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ ِرجال َ‬
‫ص َدقُوا َما عا َهدُوا‬ ‫للمسجد تداوى جراحهم ُ‬
‫َّللاَ َعلَ ْي ِه فَ ِم ْن ُه ْم َمنْ قَضى نَ ْحبَهُ َو ِم ْن ُه ْم َمنْ يَ ْنتَ ِظ ُر َوما بَ َّدلُوا تَ ْب ِديالً﴾]األحزاب‪ ،[75:‬فهم رجال‬
‫َّ‬

‫عمار المساجد‪ ،‬الَّتي هي بيوت اهلل في‬


‫بهممهم السَّامية‪ ،‬ونياتهم وعزائمهم العالية‪ ،‬صاروا بها َّ‬
‫األرض‪ ،‬ومواطن عبادته وشكره‪ ،‬وتوحيده وتنويهه(‪.)1‬‬
‫س ُه ْم َوأَ ْموالَ ُه ْم بِأَنَّ لَ ُه ُم ا ْل َجنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي َ‬
‫سبِي ِل‬ ‫شتَرى ِمنَ ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ أَ ْنفُ َ‬ ‫وقال تعالى‪﴿:‬إِنَّ َّ‬
‫َّللاَ ا ْ‬
‫آن َو َمنْ أَ ْوفى بِ َع ْه ِد ِه ِمنَ َّ‬
‫َّللاِ‬ ‫يل َوا ْلقُ ْر ِ‬ ‫َّللاِ فَيَ ْقتُلُونَ َويُ ْقتَلُونَ َوعْداً َعلَ ْي ِه َحقًا فِي التَّ ْورا ِة َو ْ ِ‬
‫اإل ْن ِج ِ‬ ‫َّ‬
‫ش ُروا بِبَ ْي ِع ُك ُم الَّ ِذي بايَ ْعتُ ْم بِ ِه َوذلِكَ ه َُو ا ْلفَ ْو ُز ا ْل َع ِظي ُم * التَّائِبُونَ ا ْلعابِدُونَ ا ْلحا ِمدُونَ‬ ‫فَا ْ‬
‫ستَ ْب ِ‬
‫َن ا ْل ُم ْن َك ِر َوا ْلحافِظُونَ لِ ُحدُو ِد‬
‫وف َوالنَّاهُونَ ع ِ‬ ‫اجدُونَ ْاْل ِم ُرونَ بِا ْل َم ْع ُر ِ‬ ‫س ِ‬
‫سائِ ُحونَ ال َّرا ِك ُعونَ ال َّ‬ ‫ال َّ‬
‫ش ِر ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ ﴾]التَّوبة‪.[887-888:‬‬ ‫َّللاِ َوبَ ِّ‬ ‫َّ‬
‫اعلم أيها المسلم ال قوة للمسلمين اال عندما يعودون لمساجدهم‪ ،‬ينطلقون منها كما انطلق‬
‫الرجولة هو‬ ‫السَّلف األولون لينشروا الهدى والحق و ُّ‬
‫النور في كل مكان‪ ،‬فاإلسالم يعتبر ميدان ُّ‬
‫الدنيوية‪ ،‬والزامها المحضن األول في التَّربية‬
‫النفس وكبح جماحها‪ ،‬وتطلعاتها َّ‬ ‫االنتصار على َّ‬
‫أمة عريقة‬ ‫وهو المسجد‪ ،‬فما يعلِّمه المسجد‪ ،‬وما يتعلَّمه المسلم في بيوت اهلل جدير أن يبني َّ‬
‫الهامة‪ ،‬عظيمة الشأن(‪.)2‬‬
‫َّ‬
‫الرجل في القرآن الكريم‬
‫أوالً‪ :‬معنى ُّ‬
‫اصطالحا‬
‫ً‬ ‫الرجل لغة و‬
‫‪ .0‬تعريف َّ‬
‫الشخص‪ ،‬إذا ركب رجليه في حاجته‬ ‫الرجل من التَّرجل‪ ،‬يقال ارتجل َّ‬
‫الرجل لغة‪َّ :‬‬
‫تعريف َّ‬ ‫أ‪.‬‬
‫الذات في وصول‬‫بالدابة‪ ،‬أو ما شابه‪ ،‬وهذا يعني االعتماد على َّ‬
‫ومضى‪ ،‬ودون االستعانة َّ‬
‫الهدف‪ ،‬والغاية المطلوبة(‪.)3‬‬
‫القوة َّ‬
‫للذكر‬ ‫المميزة من َّ‬
‫الشجاعة و َّ‬ ‫ِّ‬ ‫الصفات‬
‫الرجل باعتبار كمال ِّ‬
‫الرجل في االصطالح‪َّ :‬‬
‫ب‪َّ .‬‬
‫البالغ من بني آدم(‪.)4‬‬
‫الرجولة تعني قوة َّ‬
‫الشخصية‪ ،‬وكمال اإلرادة‪ ،‬والتَّوكل على اهلل مع‬ ‫وكما تضيف الباحثة‪َّ :‬‬
‫أن ُّ‬
‫كبير أو شابا‪ ،‬يسمو بشخصيته في‬
‫ا‬ ‫ذكر أو أنثى‬
‫مضاء األمر‪ ،‬يتصف به المسلم سواء أكان ا‬
‫ِّ‬
‫الحق ال يهاب الخوف أو الموت ‪.‬‬ ‫وجه المنكر ويدافع بقوة عن‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬ابن كتير‪ ،‬تحقيق‪ :‬سامي بن محمد سالمة‪ ،‬ج‪.76/7‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬عمارة المساجد المعنوية وفضلها‪ ،‬الحميدي‪.77/8،‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬تهذيب اللغة‪ ،‬الهروي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عوض مرعب‪ ،‬ج‪.72/88‬‬
‫(‪ )4‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬مختار‪ ،‬ج‪.177/7‬‬

‫‪92‬‬
‫الرجولة‪:‬‬
‫الرجل و ُّ‬
‫ثانياً‪ :‬القول القرآني في صفة َّ‬
‫للرجولة منها‪:‬‬ ‫أتى القرآن بصفات كثيرة ُ‬
‫الرجال ال يؤثر‬ ‫َّللاِ﴾[ ُّ‬
‫النور‪ ،]56:‬فهم ِّ‬ ‫‪ .8‬قوله تعالى‪ِ ﴿:‬رجال ََّل تُ ْل ِهي ِه ْم تِ َ‬
‫جارة َوَّل بَ ْيع عَنْ ِذ ْك ِر َّ‬

‫على عبادة رِّبهم دنياهم‪ ،‬ال لذات‪ ،‬وال للتِّجارة ومكاسب‪ ،‬فهؤالء ِّ‬
‫الرجال‪ ،‬وان باعوا‪ ،‬واشتروا‪،‬‬
‫يقدموها ويؤاثروها على ذكر اهلل‪ ،‬فيسعوا إلى بيوته بالصَّالة والتَّسبيح والذكر‪ ،‬ويجعلوا‬
‫فال ِّ‬
‫طاعة اهلل تعالى وعبادته غاية آمرهم‪ ،‬ونهاية مقصدهم(‪.)1‬‬
‫حرر‬
‫فالرجل‪ ،‬هو من َّ‬
‫َّللاَ َعلَ ْي ِه‪]﴾..‬األحزاب‪َّ ،[75:‬‬ ‫‪ .7‬وقال تعالى‪ِ ﴿:‬رجال َ‬
‫ص َدقُوا ما عا َهدُوا َّ‬
‫(‪)2‬‬
‫عقله من الضَّالل‪ ،‬ونقى روحه من الكدر‪ ،‬وسلم قلبه ولسانه من الميل‬
‫سى إِنَّ ا ْل َم ََلَ يَأْتَ ِم ُرونَ بِ َك‬‫س َعى قَا َل يَا ُمو َ‬
‫صى ا ْل َم ِدينَ ِة يَ ْ‬‫‪ .5‬قال تعالى‪َ ﴿:‬و َجا َء َر ُجل ِمنْ أَ ْق َ‬
‫تحمل المسؤولية في الدفاع‬ ‫اص ِحينَ ﴾]القصص‪ ،[71:‬فهي ُّ‬ ‫لِيَ ْقتُلُوكَ فَ ْ‬
‫اخ ُر ْج إِنِّي لَكَ ِمنَ النَّ ِ‬
‫الدفاع عن أولياء اهلل‪ ،‬والسَّعي لذلك(‪.)3‬‬ ‫النصح هلل‪ ،‬و ِّ‬‫الدين والتَّوحيد‪ ،‬و ُّ‬
‫عن ِّ‬
‫‪ .2‬وقال تعالى‪َ ﴿:‬وقَا َل َر ُجل ُم ْؤ ِمن ِمنْ ِ‬
‫آل فِ ْرع َْونَ يَ ْكتُ ُم إِي َمانَهُ أَتَ ْقتُلُونَ َر ُج ًال أَنْ يَقُو َل َربِّ َي َّ‬
‫َّللاُ‬
‫القوة والثَّبات‬
‫الرجولة بقول الحق‪ ،‬و َّ‬
‫ت ِمنْ َربِّ ُك ْم﴾ ]غافر‪ ،[71:‬فهي ُّ‬
‫َوقَ ْد َجا َء ُك ْم بِا ْلبَيِّنَا ِ‬
‫عنده(‪.)4‬‬
‫ ُ ا ْل ُمطَّ ِّه ِرينَ ﴾]التوبة‪ ،[811:‬يا أيها‬ ‫‪ .3‬وقال تعالى‪﴿:‬فِي ِه ِر َجال يُ ِحبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّ ُروا َو َّ‬
‫َّللاُ يُ ِح ُّ‬
‫الرسالة‪ ،‬ويؤدوا‬
‫الرجال في مساجد اهلل‪ُ ،‬يصنعون على أعين اهلل‪ ،‬فيحملوا ِّ‬
‫الذين آمنوا مكان ِّ‬
‫األمانة(‪.)5‬‬
‫الرجولة‪:‬‬‫الرسول الكريم‪ ‬في معنى ُّ‬ ‫ثالثاً‪ :‬ما ذكره َّ‬
‫س‪َ (:‬ما َأر ُْي َك ِفي َه َذا) فقال‪ :‬رُج ٌل من أشراف َّ‬
‫الناس‪ ،‬هذا واللَّه‬ ‫النبي‪ ‬لرُج ٍل عندهُ جال ٍ‬
‫‪ .8‬قال َّ‬
‫ي إن خطب أن ُينكح‪ ،‬وان شفع أن ُيشفَّع‪ ،‬فسكت ر ُسو ُل اللَّه ‪ ‬ثَُّم م َّر رُج ٌل آخ ُر‪ ،‬فقال‬ ‫حر ٌّ‬
‫ي‬
‫المسلمين‪ ،‬هذا حر ٌّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫لهُ ر ُسو ُل ‪َ (:‬ما َأر ُْي َك في َه َذا) فقال‪ :‬يا ر ُسول الله‪ ،‬هذا رُج ٌل من فُقراء ُ‬

‫(‪ )1‬انظر تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان‪ ،‬السَّعدي‪ ،‬ج‪.377/8‬‬
‫(‪ )2‬التَّفسير القرآني للقرآن‪ ،‬الخطيب‪ ،‬ج‪.711/88‬‬
‫الرازي‪ ،‬ج‪775/77‬‬ ‫(‪ )3‬انظر‪ :‬مفاتيح الغيب‪ ،‬فخر ِّ‬
‫الدين َّ‬
‫(‪ (4‬انظر‪ :‬في ظالل القرآن‪ ،‬سيد قطب‪ ،‬ج‪.5176/3‬‬
‫(‪ (5‬انظر‪ :‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬ابن كثير‪ ،‬تحقيق‪ :‬سامي بن محمد سالمة‪ ،‬ج‪.787/2‬‬

‫‪90‬‬
‫إن خطب أن ال ُينكح‪ ،‬وان شفع أن ال ُيشفَّع‪ ،‬وان قال أن ال ُيسمع لقوله‪ ،‬فقال ر ُسو ُل اللَّه‬
‫ض ِم ْث َل َه َذا)(‪.)1‬‬
‫‪َ (:‬ه َذا َخ ْيٌر ِم ْن ِم ْل ِء األ َْر ِ‬
‫ِّد ُبردة لهُ في ظ ِّل الكعبة ف ُقلنا‪ :‬أال‬
‫ت ‪ ،‬قال‪ :‬شكونا إلى ‪ ‬و ُهو ُمتوس ٌ‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ .7‬عن خبَّاب بن األر ِّ‬
‫الر ُج ُل فَ ُي ْحفَُر لَ ُه ِفي األ َْر ِ‬
‫ض‪،‬‬ ‫ان َم ْن قَ ْبلَ ُك ْم‪ُ ،‬ي ْؤ َخ ُذ َّ‬
‫تستنص ُر لنا‪ ،‬أال تد ُعو لنا‪ ،‬فقال‪(:‬قَ ْد َك َ‬
‫اط الح ِد ِ‬
‫يد‪،‬‬ ‫ش ِ‬
‫شطُ ِبأ َْم َ‬
‫صفَ ْي ِن‪َ ،‬وُي ْم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫شِ‬ ‫اء ِبا ْل ِم ْن َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫وضعُ َعلَى َأرْسه فَ ُي ْج َع ُل ن ْ‬ ‫ار فَ ُي َ‬ ‫يها‪ ،‬فَ ُي َج ُ‬
‫فَ ُي ْج َع ُل ف َ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ما ُد َ ِ ِ‬
‫ير‬‫صدُّهُ َذل َك َع ْن دينه‪َ ،‬والله لَ َيت َّم َّن َه َذا األ َْم ُر‪َ ،‬حتَّى َيس َ‬ ‫ون لَ ْحمه َو َع ْظمه‪ ،‬فَ َما َي ُ‬ ‫َ‬
‫ب َعلَى َغ َن ِم ِه‪َ ،‬ولَ ِك َّن ُك ْم‬ ‫اف إَِّال اللَّ َه‪ ،‬و ِّ‬
‫الذ ْئ َ‬ ‫َ‬ ‫ت‪ ،‬الَ َي َخ ُ‬ ‫اء إِلَى َح ْ‬
‫ض َرَم ْو َ‬ ‫ص ْن َع َ‬
‫اك ِ‬
‫ب م ْن َ‬
‫َّ ِ‬
‫الر ُ‬
‫ستَ ْع ِجلُ َ‬
‫ون)(‪.)3‬‬ ‫تَ ْ‬
‫الرجولة الَّتي عنى بها اهلل تعالى و َّ‬
‫الرسول ‪:‬‬ ‫نبين بعض سمات ُّ‬ ‫ومما سبق يمكن أن ِّ‬ ‫َّ‬
‫للرجل في تاريخ‬ ‫الدنيا وزخرفها‪ ،‬والتَّمسك َّ‬
‫بالدور الحقيقي َّ‬ ‫السمة األولى‪ :‬التَّعالي عن الحياة ُّ‬
‫ِّ‬
‫الدنيا نعيمها‪ ،‬والتَّوازن الجاد بين حياة‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬والتَّنبه إلى سمة ُّ‬
‫الرجولة مهما بسطت لنا ُّ‬
‫المسلم وآخرته(‪.)4‬‬
‫الشدة والعزيمة‪ ،‬مع الخوف من اهلل‪ ،‬ال يخضع وال يستسلم َّاال هلل‬
‫السمة الثَّانية‪ :‬اإلرادة‪ ،‬و ِّ‬
‫ِّ‬
‫الرجال لتداعى عليها األُمم‪ ،‬وتتطاول‬
‫األمة وهي بحاجة ِّ‬ ‫تعالى‪ ،‬والغيرة على ِّ‬
‫الدين فال تترك َّ‬
‫عليها األلسن‪ ،‬ولهذا أحرى للمسلم أن يكون آمنا‪ ،‬ممتلئا بأصول العقيدة من الوالء هلل والبراء من‬
‫األعداء(‪.)5‬‬
‫السمة الثَّالثة‪ :‬التَّطهر والتَّزكية ُّ‬
‫الروحية والجسمية‪ ،‬ومغالبة النَّفس‪ ،‬واستغالل األوقات بالصَّالح‬ ‫ِّ‬
‫وانتهاز فرص العلم(‪.)6‬‬

‫الرقاق‪ /‬فضل الفقر‪ :73/1 ،‬رقم الحديث‪.7226‬‬


‫(‪ )1‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬كتاب ِّ‬
‫(‪ )2‬خباب بن األرت بن جندلة بن سعد التميمي‪ ،‬صحابي‪ ،‬من السابقين‪ ،‬قيل أسلم سادس ستة‪ ،‬وهو أول من‬
‫أظهر إسالمه‪ .‬كان في الجاهلية يعمل السيوف بمكة‪ ،‬ولما أسلم عذبوه المشركين ليرجع عن دينه فصبر‪ ،‬حتى‬
‫هاجر‪ ،‬شهد المشاهد كلها ‪ ،‬نزل الكوفة فمات فيها وهو ابن ‪ 65‬سنة‪ ،‬انظر‪ :‬األعالم‪ ،‬الزركلي‪ ،‬ج ‪.518/7‬‬
‫(‪ )3‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬اإلكراه‪ ،‬من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر‪ :71/7 ،‬رقم‬
‫الحديث‪.7725‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬من أخالق الَّداعية‪ ،‬العودة‪ ،‬ج‪.36/8‬‬
‫(‪(5‬انظر‪ :‬مقومات َّ‬
‫الداعية َّ‬
‫الناجح في ضوء الكتاب والسُّنة‪ ،‬القحطاني‪،‬ج‪.52/8‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬دليل َّ‬
‫الداعية‪ ،‬السُّلطان‪ ،‬ج‪.25/8‬‬

‫‪90‬‬
‫فالرجل في المفهوم القرآني‪ ،‬إيجابي مع األخرين‪ ،‬متفاعل‬
‫الرابعة‪ :‬اإليجابية والفاعلية‪َّ ،‬‬
‫السمة َّ‬
‫ِّ‬
‫الشعور بقيمته َّ‬
‫الشخصية‪،‬‬ ‫للمة واالرتقاء بها‪ ،‬وا َّما ُّ‬
‫وتطوير َّ‬
‫ا‬ ‫إما استجابة هلل ورسوله‪،‬‬
‫معهم‪َّ ،‬‬
‫والعلو بها(‪.)1‬‬
‫السمة الخامسة‪ :‬االبتعاد عن ُرجولة الجاهلية‪ُ ،‬رجولة القوة العضلية‪ ،‬وحب التَّباهي باألموال‬‫ِّ‬
‫البنين‪ ،‬جاهلية التَّسلط والخداع ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫و ِّ‬
‫رابعاً‪ :‬دور المسجد في بناء رجولة المسلم‬
‫وترى الباحثة َّ‬
‫أن دور المسجد في بناء رجولة المسلم يمكن أن يختصر بما يلي‪:‬‬
‫مما ينعكس على سلوكهم‬
‫‪ .8‬يسهم المسجد في ترسيخ أثر العبادة في قلوب مرتاديه‪َّ ،‬‬
‫وتصرفاتهم‪ ،‬ويتمثل في جميع صور العبادة وطرق التَّنشئة عليها‪ ،‬وما يرسمه المسجد‬
‫للمسلم‪ ،‬ويربيه عليه من آداب دخوله‪ ،‬ومن احترام المصلين‪ ،‬وعدم رفع الصَّوت والجدال‪،‬‬
‫ومن االنضباط والتَّنظيف والتَّطهر والتَّطيب ِّ‬
‫للرجال وغيرها‪ ،‬وربط هذا السُّلوك الحسن‬
‫بالمؤسسات األخرى كاألسرة‪ ،‬والعمل‪ ،‬والمرافق العامة‪ ،‬وهو بذلك يحدد هويته َّ‬
‫الشخصية‬
‫الرسول‪‬‬
‫جسدنا فعل َّ‬
‫والمتمثلة بصورة المسجد‪ ،‬فإذا تكلم وجدنا آيات اهلل في ألفاظه‪ ،‬واذا َّ‬
‫فيه‪ ،‬فإذا تعامل مع النَّاس لمسنا لين الجانب‪ ،‬وخاصة مع أهل بيته وأزواجه(‪،)3‬‬

‫قال ‪َ (:‬خ ْي ُرُك ْم َخ ْي ُرُك ْم ِأل ْهلِ ِه‪َ ،‬وأ َنا َخ ْي ُرُك ْم أل ْ‬
‫َهلِي)(‪.)4‬‬
‫أن المسجد يقوي بنية المسلم وشخصيته ِّ‬
‫الدينيَّة‪ ،‬ويسهم في وصول‬ ‫‪ .7‬ومما ال شك فيه َّ‬
‫الجنة َّإال من سلك‬
‫حب اهلل ورسوله‪ ،‬فال طريق إلى َّ‬
‫اإلنسان إلى كمال اإليمان والمتمثل في ِّ‬
‫الرسول‪ ،‬وسار على نهجه واستنن بسنَّته(‪.)5‬‬
‫خلف َّ‬
‫الرسول من أقوله وأفعاله ‪ ‬معهم‪ ،‬ومن عطفه عليهم‪ ،‬فكان‬ ‫وقد تعلَّم الصَّحابة‪ ‬محبة َّ‬
‫خلقه القرآن يلتفون حوله يستمعون إليه‪ ،‬ففدوه بآبائهم وأمهاتهم‪ ،‬وقاتلوا دونه‪ ،‬رفعوا رايته‪،‬‬
‫سنته‪ ،‬ونصروا شريعته‪ ،‬فذكر البخاري بسنده عن عبد اهلل بن هشام قال‪ُ :‬كَّنا مع‬ ‫وأغروا َّ‬
‫ب إل َّي من‬‫النب ِّي ‪ ‬و ُهو آخ ٌذ بيد ُعمر بن الخطَّاب‪ ،‬فقال لهُ ُعم ُر‪ :‬يا ر ُسول اللَّه‪ ،‬ألنت أح ُّ‬
‫َّ‬

‫(‪ (1‬انظر‪ :‬مقومات َّ‬


‫الداعية ا َّلناجح في ضوء الكتاب والسُّنة‪ ،‬القحطاني‪ ،‬ج‪.768/8‬‬
‫(‪ (2‬انظر‪ :‬دليل َّ‬
‫الداعية‪ ،‬السُّلطان‪ ،‬ج‪.37/8‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬وظيفة المسجد في المجتمع‪ ،‬الخزيم‪ ،‬ج‪.77/8‬‬
‫(‪ )4‬سنن الترمذي‪ ،‬الترمذي‪ ،‬المناقب‪ /‬فضل أزواج َّ‬
‫النبي ‪ :877/7 ،‬رقم الحديث‪ ،5173‬حكم االلباني‪:‬‬
‫حسن صحيح‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬في ظالل القرآن‪ ،‬سيد قطب‪ ،‬ج‪.5653/7‬‬

‫‪92‬‬
‫ب إِلَ ْي َك ِم ْن‬
‫َح َّ‬ ‫النب ُّي ‪(:‬الَ‪َ ،‬والَِّذي َن ْف ِسي ِب َي ِد ِه‪َ ،‬حتَّى أَ ُك َ‬
‫ون أ َ‬ ‫ُك ِّل شي ٍء إ َّال من نفسي‪ ،‬فقال َّ‬
‫اآلن َيا‬
‫النب ُّي ‪َ (:‬‬ ‫ب إل َّي من نفسي‪ ،‬فقال َّ‬ ‫َن ْف ِس َك) فقال لهُ ُعم ُر‪ :‬فإَّنهُ اآلن‪ ،‬واللَّه‪ ،‬ألنت أح ُّ‬
‫ُع َم ُر)(‪.)1‬‬
‫وأقول فالمسلم كلَّما زاد ًّ‬
‫حبا هلل تعالى زاد حبا لرسوله‪ ،‬وهذا ميزانه مكابحة النَّفس والتَّرفع‬
‫الذكر‪ ،‬والتحاق بصفوف المصلين في بيوت اهلل‬ ‫بها‪ ،‬والمحافظة على الجماعة ‪ ،‬وحلقات ِّ‬
‫وتشتد رجولته‪ ،‬فيكون اهلل ورسوله غايته مهما‬ ‫َّ‬ ‫تعالى‪ ،‬فتُقوى شخصية المسلم‪ ،‬وتُعظم إرادته‪،‬‬
‫اشتدت المصائب واألذى‪ ،‬فال حق َّاال حق اهلل‪ ،‬وال دين َّاال دينه تعالى‪ ،‬وال راية تعلو َّاال‬
‫َّ‬
‫راية رسولنا‪.‬‬
‫ي‪ ‬تخلَّف عن َّ‬
‫النب ِّي ‪‬‬ ‫ولقد ذكر البخاري بسنده عن سلمة بن األكوع ‪ ،‬قال‪ :‬كان عل ٌّ‬
‫النب ِّي ‪،‬‬ ‫ف عن ر ُسول اللَّه ‪ ،‬فخرج عل ٌّي فلحق ب َّ‬ ‫في خيبر‪ ،‬وكان به رم ٌد‪ ،‬فقال‪ :‬أنا أتخلَّ ُ‬
‫ُع ِط َي َّن َّ‬
‫الر َاي َة َغ ًدا‬ ‫اء اللَّيلة الَّتي فتحها في صباحها‪ ،‬فقال ر ُسو ُل اللَّه ‪َ ):‬أل ْ‬ ‫فل َّما كان مس ُ‬
‫سولَ ُه‪َ ،‬ي ْفتَ ُح اللَّ ُه َعلَ ْي ِه )‪ ،‬فإذا نح ُن بعل ٍّي‬
‫ب اللَّ َه َو َر ُ‬‫ال‪ُ :‬ي ِح ُّ‬ ‫َر ُج ٌل ُي ِحب ُ‬
‫ُّه اللَّ ُه َو َر ُ‬
‫سولُ ُه‪ ،‬أ َْو قَ َ‬
‫وما نرُجوهُ‪ ،‬فقالُوا‪ :‬هذا عل ٌّي‪ ،‬فأعطاهُ ر ُسو ُل اللَّه ‪ ،‬ففتح اللَّهُ عليه(‪.)2‬‬
‫الذكر منذ بداية إسالمه مع أصحاب رسول اهلل ‪ ،‬فكان‬ ‫لقد تعلَّم علي على مائدة القرآن و ِّ‬
‫ٌ‬
‫من السَّباقين لإلسالم وحضور تجمعات المسلمين‪ ،‬فتربى على الصَّبر وتحمل األذى‪ ،‬ففدى‬
‫الرسول‪ ‬عند هجرته ‪ ‬إلى المدينة‪ ،‬إنه الحب الَّذي‬
‫نفسه هلل ورسوله عندما نام في فراش َّ‬
‫مل قلوب الصَّحابة‪ ،‬فامتلت ُّ‬
‫الدنيا به‪ ،‬وأصبحوا رجاال يحبهم اهلل ورسوله(‪ ،)3‬قال تعالى‪:‬‬
‫س َّجدًا يَ ْبتَ ُغونَ‬ ‫شدَّا ُء َعلَى ا ْل ُكفَّا ِر ُر َح َما ُء بَ ْينَ ُه ْم ت ََرا ُه ْم ُر َّك ًعا ُ‬ ‫َّللاِ َوالَّ ِذينَ َم َعهُ أَ ِ‬
‫سو ُل َّ‬ ‫﴿ ُم َح َّمد َر ُ‬
‫س ُجو ِد َذلِكَ َمثَلُ ُه ْم فِي التَّ ْو َرا ِة َو َمثَلُ ُه ْم‬ ‫سي َما ُه ْم فِي ُو ُجو ِه ِه ْم ِمنْ أَثَ ِر ال ُّ‬ ‫ض َوانًا ِ‬ ‫َّللاِ َو ِر ْ‬‫ض ًال ِمنَ َّ‬ ‫فَ ْ‬
‫الز َّرا َع لِيَ ِغيظَ‬ ‫ ُ ُّ‬ ‫سوقِ ِه يُ ْع ِج ُ‬ ‫ستَ َوى َعلَى ُ‬ ‫ستَ ْغلَظَ فَا ْ‬ ‫ش ْطأَهُ فَآزَ َرهُ فَا ْ‬‫ع أَ ْخ َر َج َ‬ ‫يل َكز َْر ٍ‬ ‫اإل ْن ِج ِ‬
‫فِي ْ ِ‬
‫ت ِم ْن ُه ْم َم ْغفِ َرةً َوأَ ْج ًرا ع َِظي ًما﴾]الفتح‪.[77:‬‬ ‫صالِ َحا ِ‬ ‫َّللاُ الَّ ِذينَ آ َمنُوا َو َع ِملُوا ال َّ‬
‫ار َو َع َد َّ‬ ‫بِ ِه ُم ا ْل ُكفَّ َ‬
‫والمواقف اإليمانية من الصِّديق أبو بكر‪ ‬خير شاهد على صالبة رجال اإلسالم ‪ ،‬فلقد‬
‫الرسول‪ ،‬وأعلمهم بمقاصده ‪ ،‬فلما بلغ العرب وفاة‬
‫كان من أكثر الصَّحابة تعظيما ألمر َّ‬

‫النذور‪ /‬كيف كانت يمين َّ‬


‫النبي‪ :877/1 ،‬رقم الحديث‪.7757‬‬ ‫(‪ )1‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬اإليمان و ُّ‬
‫(‪ )2‬المصدر السَّابق‪ ،‬الجهاد والسِّير‪ /‬ما قيل في لواء َّ‬
‫النبي‪ :32/2 ،‬رقم الحديث‪.7767‬‬
‫(‪)3‬انظر‪ :‬سيرة َّ‬
‫النبوية‪ ،‬ابن هشام‪ ،‬تحقيق‪ :‬مصطفى السقا وآخرون‪ ،‬ج‪.215/8‬‬

‫‪93‬‬
‫رسول اهلل ‪ ،‬وارتد من ارتد عن اإلسالم‪ ،‬قال أبو بكر ألسامة(‪ :)1‬انفذ وجهك الذي وجهك‬
‫فيه رسول اهلل ‪ ،‬فشق ذلك على كبار الصَّحابة األولين‪ ،‬وخافوا أن يتفرق الجيش‪ ،‬فال‬
‫الرجال وسار‬ ‫تأمن المدينة‪ ،‬فأبى أبو بكر‪َّ ‬إال استنفاذ أمر َّ‬
‫الرسول‪ ،‬وظهرت عظمة ِّ‬
‫الجيش وقضى مهمته‪ ،‬ومن جهة أخرى قاتل أبو بكر‪ ‬المرتدين‪ ،‬ودفعوا َّ‬
‫الزكاة‪ ،‬وقُتل من‬
‫(‪)2‬‬
‫الرجل الصِّديق أبو بكر‪ ،‬لقد قال فيه ‪ ‬في يوم وفاته ‪:‬‬
‫منعها‪ ،‬وظهر أمر اهلل ‪ ،‬نعم َّ‬
‫ْت أ ََبا َب ْك ٍر‬ ‫ت ُمتَّ ِخ ًذا َخلِ ً‬
‫يال َال تَّ َخذ ُ‬ ‫ص ْح َب ِت ِه أ َُبو َب ْك ٍر‪َ ،‬ولَ ْو ُك ْن ُ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اس َعلَ َّي في َماله َو ُ‬ ‫الن ِ‬‫(إِ َّن أَم َّن َّ‬
‫َ‬
‫س ِج ِد َخ ْو َخ ٌة إَِّال َخ ْو َخ َة أَِبي َب ْك ٍر) ‪.‬‬
‫(‪)4‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫ِ‬ ‫اإل ِ‬ ‫ِ‬ ‫َخلِ ً‬
‫يال‪َ ،‬ولَك ْن أُ ُخ َّوةُ ِْ ْ‬
‫س َالم‪َ ،‬ال تُْبقَ َي َّن في ا ْل َم ْ‬
‫تم صناعتهم في المساجد‪ ،‬كانوا دائما على مستوى المسؤولية‪،‬‬ ‫الرجال الَّذين َّ‬ ‫أن ِّ‬ ‫‪ .5‬وقد ثبت َّ‬
‫يحبون التَّعفف‬
‫السريرة‪ ،‬ووفاء بالعهد‪ُّ ،‬‬
‫صدقا في الكالم‪ ،‬وطهارة في القلب‪ ،‬ونقاء في َّ‬
‫(‪)5‬‬
‫سو َء َوا ْلفَ ْحشَا َء إِنَّهُ ِمنْ‬ ‫واالستعفاف‪ ،‬وحفظ البصر ‪ ،‬قال سبحانه‪َ ﴿:‬ك َذلِكَ لِنَ ْ‬
‫ص ِرفَ َع ْنهُ ال ُّ‬

‫صينَ ﴾]يوسف‪ ،[72:‬يتحلُّون بالقناعة‪ ،‬يصبرون على ضعف العيش‪ ،‬وضيق‬


‫ِعبَا ِدنَا ا ْل ُم ْخلَ ِ‬

‫ض ْربا ً فِي‬
‫ست َِطي ُعونَ َ‬ ‫يل َّ‬
‫َّللاِ* َّل يَ ْ‬ ‫سب ِ ِ‬
‫ص ُروا فِي َ‬ ‫الحياة‪ ،‬قال سبحانه وتعالى‪﴿:‬لِ ْلفُقَرا ِء الَّ ِذينَ أُ ْح ِ‬
‫سئَلُونَ النَّ َ‬
‫اس‬ ‫سيما ُه ْم َّل يَ ْ‬ ‫ف* تَ ْع ِرفُ ُه ْم بِ ِ‬‫سبُ ُه ُم ا ْلجا ِه ُل أَ ْغنِيا َء ِمنَ التَّ َعفُّ ِ‬ ‫ْاْلَ ْر ِ‬
‫ض*يَ ْح َ‬
‫إِ ْلحافا ً﴾]البقرة‪.[765:‬‬
‫وهذا أمثلة ممن تربوا في المساجد‪:‬‬
‫فهذا سعيد بن زيد‪ ،‬أحبه اهلل وتعالى‪َّ ،‬‬
‫فقدر أن يتربى على يد سيدنا محمد‪ ،‬يوحد اهلل‬ ‫أ‪.‬‬
‫ويقوى عوده‪ ،‬جمع بين مبادئه المشرقة‪ ،‬وبسالته في سبيل اهلل‪ ،‬فقد شهد جميع الغزوات مع‬
‫رسول اهلل ‪َّ ‬اال غزوة بدر‪ ،‬عاش مجاهدا في سبيل اهلل‪ ،‬داعيا إلى دينه تعالى(‪.)6‬‬

‫(‪ (1‬أسامة بن زيد بن حارثة مولى رسول اهلل ‪‌‬أمره ‪ ‬أن يغير على أهل مؤتة فجهز الجيش لكنه خرج ثقلة‬
‫لمرض الرسول‪ ‬فعسكر في الجرف وانتظر‪ ،‬انظر‪ :‬سير أعالم النبالء‪ ،‬الذهبي‪ ،‬ج‪.558/7‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬المغازي‪ ،‬الواقدي‪( ،‬ج ‪ ،)8878/5‬السِّيرة النبوية وأخبار الخلفاء‪ ،‬ابن حبان‪ ،‬تحقيق‪ :‬السَّيد عزيز‬
‫بك وآخرون‪ ،‬ج ‪.276/7‬‬
‫(‪ )3‬الخوخة هي الباب الصغير بين البيِّتيِّن أو َّ‬
‫الدارين‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،8132/2 ،‬شرح محمد فؤاد‪.‬‬
‫الصديق‪ :8132/2 ،‬رقم الحديث‪.7517‬‬
‫(‪ )4‬المصدر السَّابق‪ ،‬فضائل الصَّحابة‪ /‬فضائل أبو بكر ِّ‬
‫(‪ (5‬انظر‪ :‬األثر التَّربوي للمسجد‪ ،‬السِّدالن‪ ،‬ج‪.76/8‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬تاريخ األمم ‪َّ ،‬‬
‫الذهبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عمر عبد السَّالم تدمري‪ ،‬ج‪.777/2‬‬

‫‪99‬‬
‫لو سألت نخيل يثرب وسهولها لحدثنك عن‬ ‫رسولنا‪‬‬ ‫ب‪ .‬ونموذج أخر ممن تربُّوا في مسجد‬
‫فعرف بصدقه وحضور بديهته‪ ،‬كان كاتم سر‬
‫صدق حذيفة بن اليمان‪ ،‬أخلص هلل ورسوله‪ُ ،‬‬
‫رسول اهلل‪ ،‬أختاره‪ ‬يوم الخندق في مهمة فبرع‪ ،‬وظهرت شجاعته‪ ،‬كان واسعا للمعرفة‬
‫محبا للعبادة ‪ ،‬متواضعا زاهدا في دنياه(‪.)1‬‬
‫ش ِري نَ ْف َ‬
‫سهُ ا ْبتِ َغا َء‬ ‫ت‪ .‬وهذا بطل آخر من أبطال اإلسالم‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬و ِمنَ النَّا ِ‬
‫س َمنْ يَ ْ‬
‫َّللاُ َر ُءوف بِا ْل ِعبَا ِد﴾ ]البقرة‪ ،[716:‬نزلت في صهيب بن سنان النميري قال‬
‫َّللاِ َو َّ‬
‫ت َّ‬ ‫ضا ِ‬
‫َم ْر َ‬
‫السباقين لإلسالم‪ ،‬نشأ في‬
‫فيه ‪ :‬ربح البيع يا أبا يحيى‪ ،‬ربح البيع يا أبا يحيى‪ ،‬كان من َّ‬
‫ِّ‬
‫الحق في كل مكان‪ ،‬أحبه عمر لحسن‬ ‫أحضان رسول اهلل ‪ ،‬فأصبح مقاتال ومجاهدا عن‬
‫الظن به(‪.)2‬‬
‫خلقه‪ ،‬وكان يحسن َّ‬
‫هكذا تُربي المساجد‪ ،‬وتلك نماذج صناعتها‪ ،‬فيها رجال يحبون أن يطهروا‪ ،‬فيها رجال‬
‫صدقوا ما عاهدوا اهلل عليه‪ ،‬فيها تربى الصَّحابة والتَّابعين ‪ ،‬وفيها يتربى األبطال حاملي‬
‫الراية صناع القرار‪.‬‬
‫َّ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تاريخ األمم ‪َّ ،‬‬


‫الذهبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عمر عبد السَّالم تدمري ‪ ،‬ج‪.272/5‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬جامع البيان عن تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬ج‪ ،727/2‬المنتظم في تاريخ‬
‫الملوك واألمم‪ ،‬الجوزي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد القادر عطا وآخرون‪ ،‬ج‪.837/3‬‬

‫‪011‬‬
‫المبحث الثَّاني‬

‫دور المسجد في بناء المجتمع في القرآن الكريم والسنة‬


‫يع ُّد المسجد مركز دعوة وتبليغ ومنبر توجيه وارشاد‪ ،‬ينور القلوب ِّ‬
‫ويعمر األفئدة‪ ،‬يزيل‬
‫عنها غبش ومعاصي الجاهلية‪ ،‬فمن المسجد النَّبوي انطلقت دعوة رسولنا ‪ ‬تهز مكة بقوة‬
‫ألفاظها وكلماتها وجمال معانيها‪ ،‬وتأثيرها في األعماق‪ ،‬رسمت في قلوب المسلمين عدة قيم‬
‫الناس ما ُنِّزل على سيد المرسلين‪،‬‬ ‫الدعوة وتبليغ َّ‬ ‫وأهداف الستكمال رسالة َّ‬
‫الشريعة‪ ،‬ومن أبرزها َّ‬
‫ص َد ْع بِ َما‬ ‫(‪)1‬‬
‫ِّ‬
‫بالحق قال تعالى‪﴿:‬فَا ْ‬ ‫النبوة‪ ،‬والجهر َّ‬
‫بالدعوة‪ ،‬والصَّدع‬ ‫ولما جاء أمر اهلل بإعالن ُّ‬
‫ش ِر ِكينَ ﴾[الحجر‪.]72 :‬‬
‫َن ا ْل ُم ْ‬ ‫ت ُْؤ َم ُر َوأَ ْع ِر ْ‬
‫ضع ِ‬
‫النبوي‪ ،‬مسجد الخطب و َّ‬
‫الدعوة‬ ‫الدعوة والهداية إلى المدينة المنورة حيث المسجد َّ‬‫ثم انتقل منبر َّ‬ ‫َّ‬
‫الشرعي وبثَّه بين المسلمين‪ ،‬وهكذا كانوا‬
‫الدنيا‪ ،‬ونشر العلم َّ‬
‫إلى اهلل والتَّحاب فيه‪ ،‬والتَّنفير من ُّ‬
‫األمة‬
‫َّ‬ ‫الراشدين واألئمة الصَّالحين من بعده مرشدين وموجهين‪ ،‬ومتتبعين حاجة‬
‫الخلفاء َّ‬
‫اإلسالمية لما ينفعها ويصلحها(‪.)2‬‬
‫وانطلقت األجيال المؤمنة تستخدم منابر المساجد لإلرشاد والتَّوجيه‪ ،‬وغرس عقيدة اإلسالم في‬
‫قلوب المسلمين وتكوين أهم القيم والمعاني اإلسالمية الجميلة‪ ،‬ويحذرون من سوء العاقبة‬
‫النفس وعيوب التُّكنولوجيا‬
‫ثم عالج المجتمع من أمراض َّ‬
‫باإلنذار وبيان األحكام الصَّحيحة‪َّ ،‬‬
‫واستئصال الحقد والحسد‪ ،‬والحث على المنهج السَّليم‪ ،‬والسُّلوك السَّوي المستقيم حتى يعيش‬
‫يحث بعضه بعضا(‪ ، )3‬قال تعالى‪َ ﴿:‬وا ْل ُم ْؤ ِمنُونَ َوا ْل ُم ْؤ ِمنَاتُ‬ ‫مجتمعنا المسلم متراحما‪ ،‬متعاطفا‪ُّ ،‬‬
‫َن ا ْل ُم ْن َك ِر﴾]التوبة‪.[68:‬‬ ‫ض يَأْ ُم ُرونَ بِا ْل َم ْع ُر ِ‬
‫وف َويَ ْن َه ْونَ ع ِ‬ ‫ض ُه ْم أَ ْولِيَا ُء بَ ْع ٍ‬
‫بَ ْع ُ‬

‫المطلب األول‪ :‬دور المسجد في الدَّعوة والتَّبليغ‬


‫أوًال‪ :‬الدَّعوة والتَّبليغ‬
‫اصطالحا‬
‫ً‬ ‫‪ .0‬معنى الدَّعوة لغة و‬
‫ودعاء(‪ ،)4‬مع اإلطالة والتَّرغيب في َّ‬
‫الدعاء‪،‬‬ ‫الدَّعوة لغة‪َّ :‬‬
‫الدعو‪ :‬مصدر دعا يد ُعو دعوا ُ‬ ‫أ‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬التَّربية اإلسالمية أصولها وتطورها في البالد العربية‪ ،‬محمد مرسي‪،‬ج‪.713/8‬‬
‫(‪ (2‬انظر‪ :‬وظيفة المسجد في المجتمع‪ ،‬الخزيم‪ ،‬ج‪.87/8‬‬
‫(‪ (3‬انظر‪ :‬التَّربية اإلسالمية أصولها وتطورها في البالد العربية‪ ،‬محمد مرسي‪،‬ج‪.217/8‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬جمهرة اللغة‪ ،‬األزدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬رمزي منير بعلبكي‪ ،‬ج‪.71/77‬‬

‫‪010‬‬
‫َع ِط ِني‪ ،‬فَِإ َّن اهللَ َال‬ ‫الله َّم إِ ْن ِش ْئ َ‬
‫ت فَأ ْ‬ ‫قال‪(:‬إِ َذا َدعا أَح ُد ُكم َف ْليع ِزم ِفي الد ِ‬
‫ُّعاء‪َ ،‬وَال َي ُق ْل‪ُ :‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ َْ ْ‬
‫ستَ ْك ِرهَ لَ ُه)(‪.)1‬‬
‫ُم ْ‬
‫اصطالحا‪ :‬بمعنى توحيد اهلل‪ ،‬والتَّقرب إليه بشهادة أن ال إله إال اهلل‪ ،‬وطلب اإليمان‬
‫ً‬ ‫ب‪ .‬الدَّعوة‬
‫الدعوة المحمدية الَّتي تحث على اإلسالم والَّتي جاء بها نبينا محمد‪.)2(‬‬‫به‪ ،‬ومنه َّ‬
‫بأنها تعني‪ :‬التَّرغيب و َّ‬
‫الدعوة إلى اإليمان باهلل تعالى‪ ،‬وما جاءت به‬ ‫َّ‬ ‫(‪)3‬‬
‫وذكر ابن تيمية‬
‫الدعوة إلى َّ‬
‫الشهادتين‪،‬‬ ‫رسله‪ ‬من تصديقهم بما اخبروه به‪ ،‬وطاعتهم بما أمروا به من َّ‬
‫واقامة الصَّالة‪ ،‬وايتاء َّ‬
‫الزكاة‪ ،‬وصوم رمضان‪ ،‬وحج البيت من استطاع إليه سبيال(‪.)4‬‬

‫الناس في طاعة اهلل تعالى‬ ‫أن َّ‬


‫الدعوة تعني‪ :‬طلب دخول َّ‬ ‫ومن خالل ما سبق يمكن القول َّ‬
‫نبينا إبراهيم‪ ‬الَّذي اختاره اهلل سبحانه‪ ،‬قال‬
‫ورسوله‪ ،‬وااللتزام بشرائعه‪ ،‬والتَّدين بدين ِّ‬
‫ش ِر ِكينَ ﴾] َّ‬
‫النحل‪.[875:‬‬ ‫تعالى‪ ﴿:‬ثُ َّم أَ ْو َح ْينَا إِلَ ْيكَ أَ ِن اتَّبِ ْع ِملَّةَ إِ ْب َرا ِهي َم َحنِيفًا َو َما َكانَ ِمنَ ا ْل ُم ْ‬
‫‪ .7‬التَّبليغ لغة و‬
‫اصطالحا‬
‫ً‬
‫بالشكل المطلوب‪ ،‬وقيل‪:‬‬ ‫التَّبليغ لغة‪ :‬بمعنى اإليصال‪ ،‬أو ما ُيبلَّغ به وايصاله إلى غايته َّ‬ ‫أ‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫ص ُح لَ ُك ْم َوأَ ْعلَ ُم ِمنَ‬
‫ت َربِّي َوأَ ْن َ‬ ‫كفاية ما ُيتوصل به إلى الغاية ‪ ،‬قال تعالى‪ ﴿:‬أُبَلِّ ُغ ُك ْم ِر َ‬
‫س َاَّل ِ‬
‫َّللاِ َما ََّل تَ ْعلَ ُمونَ ﴾]األعراف‪.[77:‬‬
‫َّ‬

‫بأنه عرض وايصال التَّشريع‬


‫اصطالحا‪ :‬ويمكن القول مستوحيا من المعنى اللغوي‪َّ :‬‬
‫ً‬ ‫ب‪ .‬التَّبليغ‬
‫بالجنة‪ ،‬وترهيبهم بالعقاب َّ‬
‫بالنار‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫اإلسالمي والتَّعاليم اإللهية إلى البشر‪ ،‬مع تبشيرهم باألجر‬

‫الدعاء والتَّوبة واالستغفار‪ /‬العزم ُّ‬


‫بالدعاء وال يقل إن شئت‪ :7175/2 ،‬رقم‬ ‫(‪ )1‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬الذكر و ُّ‬
‫الحديث‪.7761‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬المحكم والمحيط األعظم‪ ،‬المرسى‪ ،‬ج‪ ،573/7‬تاج العروس‪ ،‬الزبيدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬مجموعة من‬
‫المحققين‪ ،‬ج‪.26/51‬‬
‫(‪ )3‬أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم بن عبد اهلل النميري الدمشقي الحنبلي‪ ،‬تقى ِّ‬
‫الدين تيمية االمام شيخ‬
‫االسالم ولد في حران وانتقل الى دمشق مع أبوه فنبغ واشتهر وطلب إلى مصر فقصدها ثم عاد إلى دمشق‬
‫ومات معتقال في قلعتها وله مؤلفات كثيرة منها (الفتاوى)‪ ،‬انظر‪ :‬موسوعة األعالم‪ ،‬موقع و ازرة األوقاف‬
‫المصرية‪ ،‬ج‪.11/8‬‬
‫الرحمن بن محمد بن القاسم‪ ،‬ج‪.836/83‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوي‪ ،‬ابن تيمية‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد َّ‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬ج‪ ،287/1‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬مختار‪ ،‬ج‪.727/8‬‬

‫‪010‬‬
‫ثانيا‪ :‬حكم الدَّعوة والتَّبليغ في اإلسالم‬
‫ً‬
‫‪ .0‬حكم الدَّعوة والتَّبليغ في ضوء القرآن الكريم‬
‫الدعوة والتَّبليغ بصور متعددة نذكر بعضها‪:‬‬
‫صور القرآن الكريم َّ‬
‫لقد َّ‬
‫بكل ما أمره َّ‬
‫الشرع وأجازه‪ ،‬ال‬ ‫المؤمنون والمؤمنات كاليد الواحدة من التَّعاضد والتَّناصر ِّ‬
‫‌‬ ‫أ‪.‬‬
‫يحابون أحدا في المنكر‪ ،‬يتعاونون على العبادات والطَّاعات للوصول إلى درجة الكمال في‬
‫(‪)1‬‬
‫ض يَأْ ُم ُرونَ بِا ْل َم ْع ُر ِ‬
‫وف‬ ‫صفاتها ‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬وا ْل ُم ْؤ ِمنُونَ َوا ْل ُم ْؤ ِمنَاتُ بَ ْع ُ‬
‫ض ُه ْم أَ ْولِيَا ُء بَ ْع ٍ‬
‫سولَهُ﴾]التَّوبة‪.[68:‬‬ ‫َن ا ْل ُم ْن َك ِر َويُقِي ُمونَ ال َّ‬
‫ص َالةَ َويُ ْؤتُونَ ال َّز َكاةَ َويُ ِطي ُعونَ َّ‬
‫َّللاَ َو َر ُ‬ ‫َويَ ْن َه ْونَ ع ِ‬
‫الشرعية لغاية التَّبليغ واإلنذار للَّذين ال يعلمون‪ ،‬والتَّذكير واإلرشاد‬
‫وجوب تعلُّم األحكام َّ‬
‫ب‪‌ .‬‬
‫للمسلمين‪ ،‬فتكون هي غاية سعيهم‪ ،‬وأسمى مرماهم‪ ،‬والهدف منه قيادة المجتمع اإلسالمي‬
‫وتوجيهه‪ ،‬وتوعيته(‪ ،)2‬قال تعالى‪َ ﴿:‬و َما َكانَ ا ْل ُم ْؤ ِمنُونَ لِيَ ْنفِ ُروا َكافَّةً فَلَ ْو ََّل نَفَ َر ِمنْ ُك ِّل فِ ْرقَ ٍة‬
‫ِّين َولِيُ ْن ِذ ُروا قَ ْو َم ُه ْم إِ َذا َر َج ُعوا إِلَ ْي ِه ْم لَ َعلَّ ُه ْم يَ ْح َذ ُرونَ ﴾‬
‫ِم ْن ُه ْم طَائِفَة لِيَتَفَقَّ ُهوا فِي الد ِ‬
‫]التَّوبة‪.[877:‬‬
‫إيقاظ الفطرة والعقل‪ ،‬وتذكير اإلنسان وترغيبه في الوصول إلى غاية خلقه من خالل التَّعليم‬ ‫ت‪‌ .‬‬
‫والتَّزكية‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿:‬و ْلتَ ُكنْ ِم ْن ُك ْم أُ َّمة يَ ْدعُونَ إِلَى ا ْل َخ ْي ِر َويَأْ ُم ُرونَ بِا ْل َم ْع ُر ِ‬
‫وف َويَ ْن َه ْونَ ع ِ‬
‫َن‬
‫ا ْل ُم ْن َك ِر َوأُولَئِكَ ُه ُم ا ْل ُم ْفلِ ُحونَ ﴾]آل عمران‪ ،[812:‬فهذا إرشاد اإللهي للمؤمنين أن يكون‬
‫متصدية َّ‬
‫للدعوة إلى سبيل اهلل‪ ،‬وارشاد الخلق إلى دين اإلسالم‪ ،‬كالعلماء‬ ‫ِّ‬ ‫ُمة‬
‫منهم أ َّ‬
‫والقائمين على أمر النَّاس ومن الحكماء وأهل الوعظ الذين يدعون إلى دين اهلل تعالى‪،‬‬
‫الرباني‪ ،‬وغير‬
‫الناس وال ازمهم بالتشريع َّ‬ ‫وتوجيه َّ‬
‫الشباب إلى استقاموا أحوالهم‪ ،‬وتفقد أحوال َّ‬
‫ذلك من شرائع اإلسالم كتفقد المكاييل والموازين‪ ،‬وتفقد األسواق ومعامالت أهلها‪ ،‬ومنعهم‬
‫من الغش‪ ،‬وغير ذلك من المعامالت(‪.)3‬‬
‫فيها استجابة لنداء اهلل تعالى‪ ،‬ونصر دينه‪ ،‬والثَّبات عليه‪ ،‬لقوله تعالى‪﴿:‬يا أَيُّ َها الَّ ِذينَ آ َمنُوا‬
‫ث‪‌ .‬‬
‫َّللاِ‪[﴾ ...‬الصف‪ ،]82:‬ويك ُمن النَّصر بنصر دين اهلل‪ ،‬ونشر ش ارئعه‪ ،‬والثَّبات‬ ‫ُكونُوا أَ ْن َ‬
‫صار َّ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬نظم ُّ‬


‫الدرر في تناسب اآليات والسُّور‪ ،‬البقاعي‪ ،‬ج‪.322/1‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬في ظالل القرآن‪ ،‬سيد قطب‪ ،‬ج‪.8687/5‬‬
‫الرحمن بن معال اللويحق‪،‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان‪ ،‬السَّعدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد َّ‬
‫ج‪.827/8‬‬

‫‪013‬‬
‫عليه بالصَّبر على األذى‪ ،‬والجهاد في سبيله بأن يكونوا أعوان اهلل بالسَّيف على‬
‫األعداء(‪.)1‬‬
‫الس َّنة َّ‬
‫الشريفة‬ ‫‪ .7‬حكم الدَّعوة والتَّبليغ في ضوء َّ‬
‫الدعوة والتَّبليغ في مواقف كثيرة أذكر منها‪:‬‬
‫لقد أوضحت السَُّّنة المشرفة فضل َّ‬
‫الناس منها‪ ،‬وتكون أزر حسن له في اآلخرة‪َ (: ،‬م ْن َد َعا‬ ‫الد‌عوة تبقى للعبد بعد موته ينتفع َّ‬ ‫َّ‬ ‫أ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ان لَ ُه ِم َن ْاأل ْ ِ‬
‫ورِه ْم َ‬
‫ش ْي ًئا) ‪.‬‬ ‫ُج ِ‬ ‫ور َم ْن تَِب َع ُه‪َ ،‬ال َي ْنقُ ُ‬
‫ص َذل َك م ْن أ ُ‬ ‫ُج ِ‬
‫َج ِر م ْث ُل أ ُ‬ ‫إِلَى ُه ًدى‪َ ،‬ك َ‬
‫(‪)3‬‬
‫ومما ال شك‬ ‫ب‪َّ .‬إن ‌ها سبب ِّ‬
‫لحب اهلل‪ ،‬والفوز برضاه‪ ،‬قال ‪(:‬أحب الناس إلى اهلل أنفعهم) ‪َّ ،‬‬
‫الناس تصحيح معتقداتهم‪ ،‬ورفع مستوى اإليمان بزيادة معرفتهم بدينهم‪ ،‬واصالح‬ ‫أن أنفع َّ‬ ‫فيه َّ‬
‫الشهوات واألباطيل الَّتي تعترضهم(‪.)4‬‬ ‫سلوكهم‪ ،‬ومحاربة َّ‬
‫س َالِم‬ ‫س َّن ِفي ِْ‬
‫اإل ْ‬ ‫الناس‪ ،‬وانقاذهم من النَّار يوم القيامة‪ ،‬قال‪َ (:‬م ْن َ‬ ‫ت‪َّ .‬إن ‌ها سبب في مساعدة َّ‬
‫ورِه ْم‬ ‫ِ‬ ‫َج ُر َم ْن َع ِم َل ِب َها َب ْع َدهُ‪ِ ،‬م ْن َغ ْي ِر أ ْ‬
‫ُج ِ‬
‫ص م ْن أ ُ‬ ‫َن َي ْنقُ َ‬ ‫َج ُرَها‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫س َّن ًة َح َ‬
‫س َن ًة‪َ ،‬فلَ ُه أ ْ‬ ‫ُ‬
‫(‪)5‬‬
‫ش ْي ٌء) ‪.‬‬ ‫َ‬
‫كالسرقة والمخدرات‪ ،‬وكما َّ‬
‫أن‬ ‫َّ‬ ‫الناس و َّ‬
‫الشباب من االنحراف‬ ‫الدعوة والتَّبليغ حفظ َّ‬
‫إن‌ في َّ‬
‫ث‪َّ .‬‬
‫اإلرشاد يضبط األمن واالطمئنان من خالل الوعظ والتَّنبيه ألخطار ترك ذلك واشاعته بين‬
‫حرم اهلل‪ ،‬بعد ضعف اإليمان‪ ،‬وبعدهم عن‬ ‫المجتمع‪َّ ،‬‬
‫ألن أصحاب األهواء انصرفوا لما َّ‬
‫هدى المصطفى ‪،)6)‬‬
‫َضاء ْت ما حولَها جع َل ا ْلفَر ُ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اب‬
‫َّو ُّ‬‫اش َو َهذه الد َ‬ ‫َ‬ ‫استَ ْوقَ َد َن ًارا‪َ ،‬فلَ َّما أ َ َ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫قال ‪َ (:‬مثَلي َك َمثَ ِل َر ُج ٍل ْ‬
‫ال فَ َذلِ ُك ْم َمثَلِي َو َمثَلُ ُك ْم‪،‬‬
‫يها‪ ،‬قَ َ‬ ‫ار يقَع َن ِفيها‪ ،‬وجع َل ي ْحج ُزُه َّن وي ْغلِ ْب َن ُه فَيتَقَح ِ‬
‫َّم َن ف َ‬
‫َ ْ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ ََ َ ُ‬ ‫الَِّتي ِفي َّ‬
‫الن ِ َ ْ‬
‫يها)(‪.)7‬‬ ‫ار فَتَ ْغلِبوِني تَقَحَّم َ ِ‬ ‫ار‪َ ،‬هلُ َّم َع ِن َّ‬
‫الن ِ‬ ‫ار‪َ ،‬هلُ َّم َع ِن َّ‬
‫الن ِ‬ ‫أََنا ِ‬
‫آخ ٌذ ِب ُح َج ِزُكم َع ِن َّ‬
‫الن ِ‬
‫ون ف َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬

‫الرحمن بن معال‬
‫(‪ (1‬انظر‪ :‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان‪ ،‬السَّعدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد َّ‬
‫اللويحق‪،‬ج‪.171/8‬‬
‫سنة َّ‬
‫حسنة‪ :7171/2 ،‬رقم الحديث‪.7762‬‬ ‫(‪ )2‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬العلم‪/‬من سن َّ‬
‫(‪ )3‬صحيح الجامع الصغير وزيادته‪ ،‬األلباني‪ :76/8 ،‬رقم الحديث‪.863‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬فيض القدير شرح الجامع الصَّغير‪ ،‬زين العابدين‪ ،‬ج‪ ،862/8‬رقم الحديث‪.786‬‬
‫(‪ )5‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪َّ :‬‬
‫الزكاة‪ /‬الحث على الصَّدقة ولو بشق تمرة‪ :612/7 ،‬رقم الحديث‪.8186‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬الدعوة اإلسالمية في عهدها المكي‪ ،‬شلبي‪،‬ج‪.371/8‬‬
‫مما يضرهم‪ :8617/2 ،‬رقم الحديث‪.7712‬‬
‫أمته وتحذيرهم َّ‬
‫(‪ )7‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ :‬الفضائل‪ /‬شفقته ‪ ‬على َّ‬

‫‪012‬‬
‫ثالثًا‪ :‬صفات أهل الدَّعوة والتَّبليغ‬
‫إن دعوة النَّاس وتبليغهم بالهدى وظيفة األنبياء و ُّ‬
‫الرسل وأتباعهم من بعدهم‪ ،‬قال‬ ‫َّ‬
‫ير ٍة أَنَا َو َم ِن اتَّبَ َعنِي﴾]يوسف‪ ،[811:‬وهذا مقام‬
‫ص َ‬ ‫تعالى‪﴿:‬قُ ْل َه ِذ ِه َ‬
‫سبِيلِي أَ ْدعُو إِلَى َّ‬
‫َّللاِ َعلَى بَ ِ‬
‫شريف‪ ،‬ومرتبة عالية لمن وفقه اهلل سبحانه للقيام بها على ما يرضيه سبحانه وتعالى‪ ،‬حيث‬
‫سلِ ِمينَ ﴾]فصلت‪.[55:‬‬ ‫قال‪َ ﴿:‬و َمنْ أَ ْح َ‬
‫سنُ قَ ْوَّلً ِم َّمنْ دَعا إِلَى َّ‬
‫َّللاِ َو َع ِم َل صالِحا ً َوقا َل إِنَّنِي ِمنَ ا ْل ُم ْ‬
‫الناس‪ ،‬ونستخلص أهم صفات‬ ‫الرسول‪ ‬في رحلته َّ‬
‫الدعوية وهداية َّ‬ ‫ولعلي أذكر بعض صفات َّ‬
‫الداعي المسلم ونجعلها صفات َّ‬
‫الداعي إلى اهلل ورسوله‪ ،‬وكما وصفه تعالى بقوله‪﴿:‬إِنَّا أَ ْر َ‬
‫س ْلناكَ‬ ‫َّ‬
‫شيراً َونَ ِذيراً ﴾]فاطر‪.[72:‬‬ ‫بِا ْل َح ِّ‬
‫ق بَ ِ‬
‫السمو األخالقي‪ ،‬والتَّوافق مع رسالة القرآن‬
‫‪ُّ .0‬‬
‫ويتضح ذلك من خالل‪:‬‬
‫يت َعلَى‬ ‫إجابة السَّيدة خديجة ‪ ‬لنبيِّنا‪ ‬إذ قال لها بعد اللِّقاء مع األول جبريل‪ (:‬لَقَ ْد َخ ِش ُ‬ ‫‌‬ ‫أ‪.‬‬
‫الر ِح َم‪َ ،‬وتَ ْح ِم ُل ال َك َّل(‪،)1‬‬ ‫يك اللَّ ُه أَب ًدا‪ ،‬إِ َّن َك لَتَ ِ‬
‫ص ُل َّ‬ ‫َ‬ ‫َن ْف ِسي)‪ ،‬فقالت خديجةُ‪َ (:‬ك َّال َواللَّ ِه َما ُي ْخ ِز َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ق)‬ ‫ين َعلَى َن َو ِائ ِب ال َح ِّ‬ ‫ف‪َ ،‬وتُِع ُ‬ ‫وم‪َ ،‬وتَ ْق ِري الض ْ‬
‫َّي َ‬ ‫الم ْع ُد َ‬
‫ب َ‬
‫ِ‬
‫َوتَ ْكس ُ‬
‫فكان رسولنا‪ ‬قبل بعثته يحسن إلى قرابته‪ ،‬ويعين الضَّعيف المنقطع‪ ،‬ويكسب المال‬
‫ثم يجود به وينفقه في ُو ُجوه المكارم‪ ،‬ويكرم ضيفه‪،‬‬
‫ويصيب منهُ ما يعجز غيره عن تحصيله َّ‬
‫النوازل الخير منها و َّ‬
‫الشر(‪.)3‬‬ ‫ويعين على َّ‬
‫‪‬‬ ‫في دعوته‪ ،‬ورأفته بمن قبله من النَّاس‪ ،‬ذلك ما رواه البخاري بسنده عن أنس‬ ‫‪‬‬ ‫رحمته‬
‫ب‪‌ .‬‬
‫ودهُ‪،‬‬ ‫ض‪ ،‬فَأَتَاهُ َّ‬
‫الن ِب ُّي ‪َ ‬ي ُع ُ‬ ‫ي َي ْخ ُدم َّ‬
‫الن ِب َّي ‪ ،‬فَ َم ِر َ‬ ‫ان ُغالَم َي ُه ِ‬
‫ود ٌّ‬ ‫الرسول‪ ‬قال‪َ ( :‬ك َ‬ ‫عن َّ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫َطع أَبا القَ ِ‬
‫اسِم‬ ‫ِ‬ ‫يه َو ُه َو ِع ْن َدهُ‪ ،‬فَقَ َ‬
‫ال لَ ُه‪( :‬أَسلِم)‪ ،‬فَ َنظَر إِلَى أَِب ِ‬ ‫ْس ِه‪ ،‬فَقَ َ‬
‫فَقَع َد ِع ْن َد أر ِ‬
‫ال لَ ُه‪ :‬أ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)4‬‬
‫ار) ‪.‬‬ ‫الح ْم ُد لِلَّ ِه الَِّذي أَ ْنقَ َذهُ ِم َن َّ‬
‫الن ِ‬ ‫َسلَم‪ ،‬فَ َخر َج َّ‬
‫الن ِب ُّي ‪َ ‬و ُه َو َيقُو ُل‪َ (:‬‬ ‫َ‬ ‫‪ ،‬فَأ ْ َ‬

‫(‪ )8‬أصله الثِّقل وكما قال تعالى‪﴿:‬وهو ك ٌل على مواله﴾]النحل‪ ،[67:‬ويدخل فيها اإلنفاق على الضعيف والفقير‬
‫النووي‪ ،‬ج‪.718/8‬‬ ‫والعيال‪ ،‬انظر‪ :‬شرح النووي على مسلم‪َّ ،‬‬
‫(‪ )2‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬بدء الوحي‪ /‬كيف كان بدء الوحي إلى رسول اهلل‪ :6/8 ،‬رقم الحديث‪.5‬‬
‫(‪ )3‬عمدة القارئ شرح صحيح البخاري‪ ،‬العيني‪ ،‬ج‪.38/8‬‬
‫(‪ )4‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬الجنائز‪ /‬إذا مات الصبي عليه‪ ،‬وهل يعرض على الصَّبي اإلسالم‪ :72/7 ،‬رقم‬
‫الحديث‪.8537‬‬

‫‪010‬‬
‫الرسالة في الصَّالح‪ ،‬فمن ذلك ما يرويه أنس بن‬ ‫الدعوة وتبليغ ِّ‬ ‫الكرم والجود وأثره في َّ‬ ‫ت‪‌ .‬‬
‫س َالِم َ‬
‫ش ْي ًئا إَِّال أ ْ‬ ‫اهلل ‪َ ‬علَى ِْ‬ ‫مالك‪ ،‬عن أبيه‪ ‬قال‪ (:‬ما س ِئ َل رسو ُل ِ‬
‫اءهُ‬
‫ال‪ :‬فَ َج َ‬ ‫َعطَاهُ‪ ،‬قَ َ‬ ‫اإل ْ‬ ‫َ ُ َ ُ‬
‫َسلِ ُموا‪ ،‬فَِإ َّن ُم َح َّم ًدا ُي ْع ِطي‬‫ال‪َ :‬يا قَ ْوِم أ ْ‬ ‫طاهُ َغ َن ًما َب ْي َن َج َبلَ ْي ِن‪ ،‬فَ َر َجعَ إِلَى قَ ْو ِم ِه‪ ،‬فَقَ َ‬
‫َع َ‬
‫َر ُج ٌل فَأ ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫شى ا ْلفَاقَ َة) ‪.‬‬‫اء َال َي ْخ َ‬
‫ط ً‬
‫َع َ‬
‫الناس‪ ،‬إذا وعد بشيء لم يخلف فهو الصَّادق األمين في‬ ‫عامة َّ‬ ‫صدقه مع رِّبه وصدقه مع َّ‬ ‫ث‪‌ .‬‬
‫(‪)2‬‬
‫َّللاِ يَ ْج َحدُونَ ﴾‬
‫ت َّ‬ ‫أقواله وأفعاله ‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬فَإِنَّ ُه ْم َّل يُ َك ِّذبُونَكَ َول ِكنَّ الظَّالِ ِمينَ بِآيا ِ‬
‫]األنعام‪.[55:‬‬
‫الدعاة‪ ،‬ويكسبه‬ ‫كان النبي‪ ‬إمام المتواضعين‪ ،‬يأمر به وينهى عنه‪ ،‬فهو أساس نجاح ُّ‬ ‫ج‪‌ .‬‬
‫س ِان ِه‬ ‫ِ‬ ‫الرج ِ ِ‬
‫ال الَّذي َيتَ َخلَّ ُل ِبل َ‬
‫ض ِ ِ‬
‫حبا واحتراما‪ ،‬وقبوال لكالمه‪ ،‬قال ‪(:‬إِ َّن اللَّ َه َي ْب َغ ُ َ‬
‫البليغَ م َن ِّ َ‬
‫الناس وهدايتهم‪.‬‬ ‫البقَ َرةُ(‪ ،)4() )3‬فهي دعوة بعدم التكبر والخيالء في ابالغ ِّ‬ ‫َك َما تَتَ َخلَّ ُل َ‬
‫الرسول‪َّ ‬‬
‫الدعويِّة‪:‬‬ ‫مر علينا من صفات َّ‬ ‫أن من مميزات أهل َّ‬
‫الدعوة كما َّ‬ ‫وترى الباحثة َّ‬
‫‪ -‬أهل َّ‬
‫الدعوة هم األتقياء من األنبياء والصَّالحين‪ ،‬خصهم اهلل تعالى بهذه الميزة ليكونوا حاملي‬
‫الراية‪ ،‬ومتصدري المواجهة‪ ،‬والقادة عند اتِّخاذ الق اررات‪.‬‬
‫َّ‬
‫إن ألهل َّ‬
‫الدعوة صفات أخالقية‪ ،‬وسلوكية متميزة تنبع من قلوبهم لتنير طريق النَّاس‪ ،‬وتقود‬ ‫‪َّ -‬‬
‫الضالة‪ ،‬وتقف بموازاة التَّطور‬
‫الرغبات َّ‬
‫الشهوات و َّ‬ ‫الشباب إلى ِّبر األمان لمواجهة حقيقية مع َّ‬
‫َّ‬
‫بالنصح واالرشاد والتَّذكير‪.‬‬
‫الهائل في العلم والتُّكنولوجيا ُّ‬
‫الدعوة هم أهل العلم وقاصديه‪ ،‬يجولون لطلبه ويتحرون أفضله‪ ،‬وأكثره فائدة للفرد‬ ‫‪ -‬أهل َّ‬
‫والمجتمع‪ ،‬يجتهدون فيه ويخلصون في تعلُّمه وتعليمه‪.‬‬
‫‪ .7‬الثَّبات على الدِّين‪ ،‬و َّ‬
‫الصبر في الدَّعوة‬
‫لقد اثبت لنا رسولنا‪ ‬ثباته على دينه وصبره على أذى أهله من المشركين‪ ،‬وكيف انعكس‬
‫ذلك في دعوته‪ ،‬ولعلي ابيِّن ذلك من خالل ما يلي‪:‬‬

‫(‪ )1‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬الفضائل‪ُ /‬سئل ر ُسو ُل اهلل ‪ ‬شيئا قطُّ فقال ال وكثرةُ عطائه‪ :8117/2 ،‬رقم‬
‫الحديث‪.7587‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد أحمد شاكر‪ ،‬ج‪.557/88‬‬
‫(‪ )3‬الذي يتشدق بكالمه ويلفه كما تلف البقرة الكل بلسانها‪ ،‬انظر‪ :‬دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين‪،‬‬
‫البكري‪ ،‬ج‪.337/1‬‬
‫(‪ )4‬سنن التِّرمذي‪ ،‬التِّرمذي‪ ،‬األدب‪ /‬ما جاء في الفصاحة والبيان‪ :828/ 3،‬رقم الحديث‪ ،7135‬وصححه‬
‫األلباني‪.‬‬

‫‪010‬‬
‫الو ِكي ُل‪ ( ،‬قَالَ َها‬ ‫س ُب َنا اللَّ ُه َوِن ْع َم َ‬‫َّاس‪َ ،‬ح ْ‬ ‫كمال اإليمان وحسن التَّوكل على اهلل‪ ،‬عن ابن عب ٍ‬ ‫‌‬ ‫أ‪.‬‬
‫ين قَالُوا‪ ﴿:‬إِنَّ النَّ َ‬
‫اس قَ ْد َج َم ُعوا لَ ُك ْم‬ ‫ار‪َ ،‬وقَالَ َها ُم َح َّم ٌد ‪ِ ‬ح َ‬ ‫ين أُْل ِقي ِفي َّ‬
‫الن ِ‬
‫َ‬ ‫يم ‪ِ ‬ح َ‬ ‫ِ ِ‬
‫إ ْب َراه ُ‬
‫الو ِكي ُل﴾ [آل عمران‪.)1()]865 :‬‬ ‫سبُنَا َّ‬
‫َّللاُ َونِ ْع َم َ‬ ‫اخش َْو ُه ْم فَزَا َد ُه ْم إِي َمانًا* َوقَالُوا‪َ :‬ح ْ‬‫فَ ْ‬
‫ض ُعوا‬ ‫الشدة‪َ (:‬يا َع ُّم‪َ ،‬واَللَّ ِه لَ ْو َو َ‬ ‫الرسول‪ ‬ورباطة جأشه‪ ،‬وثباته في الحق وقت ِّ‬ ‫قوة نفس َّ‬ ‫ب‪‌ .‬‬
‫َهلِ َك‬
‫َن أَتُْر َك َه َذا ْاأل َْم َر َحتَّى ُي ْظ ِه َرهُ اللَّ ُه‪ ،‬أ َْو أ ْ‬‫اري َعلَى أ ْ‬ ‫سِ‬ ‫ِ‬ ‫الشم ِ ِ ِ‬
‫س في َيميني‪َ ،‬وا ْلقَ َم َر في َي َ‬ ‫َّ ْ َ‬
‫يه‪َ ،‬ما تََرْكتُ ُه)(‪.)2‬‬‫ِف ِ‬
‫ت‪ .‬د ‌وامه على الطَّاعات والمالزمة عليها تأس رسول اهلل ‪ ‬وصحابته الكرام‪ ،‬عن عائشة‪،‬‬
‫صلَّى‬ ‫ض‪َ ،‬‬ ‫ام ِم َن اللَّْي ِل‪ ،‬أ َْو َم ِر َ‬ ‫اهلل ‪ ‬إِ َذا َع ِم َل َعم ًال أَثْ َبتَ ُه‪َ ،‬و َك َ ِ‬
‫ان إ َذا َن َ‬ ‫َ‬
‫ان رسو ُل ِ‬
‫قالت‪َ (:‬ك َ َ ُ‬
‫ار ِث ْنتَ ْي َع ْ‬
‫ش َرةَ َرْك َع ًة)(‪.)3‬‬ ‫ِم َن َّ‬
‫الن َه ِ‬
‫الشباب‪ ،‬روى الطبراني عن شداد بن‬ ‫العزيمة في سبل الهداية‪ ،‬والسَّعي لتثبيته في قلوب َّ‬ ‫ث‪‌ .‬‬
‫الذهب والفضَّة‪،‬‬ ‫الناس قد اكتنزوا َّ‬ ‫أوس(‪ )4‬إذا رأيت َّ‬ ‫ٍ‬ ‫الرسول‪ ‬قال‪(:‬يا شداد بن‬ ‫أوس عن َّ‬
‫الرشد‪ ،‬وأسألك‬ ‫ِ‬
‫األمر‪ ،‬والعزيمة على ُّ‬ ‫فأكثر هؤالء الكلمات؛ اللهم إني أسألك الثَّبات في‬
‫ِ‬
‫نعمتك‪ ،‬وحسن عبادتك‪ ،‬وأسألك قلباً‬ ‫موجبات رحمتك‪ ،‬وعزائم مغفرتك‪ ،‬وأسألك شكر‬
‫أستغفرك‬
‫ُ‬ ‫شر ما تعلم‪ ،‬و‬
‫سليماً‪ ،‬ولساناً صادقاً‪ ،‬وأسألك من خير ما تعلم‪ ،‬وأعوُذ بك من ِّ‬
‫عالم الغيوب)(‪.)5‬‬
‫تعلم‪ ،‬إنك أنت ُ‬ ‫لما ُ‬
‫الصَّبر على التَّبليغ‪ ،‬والصَّبر على األذى‪ ،‬صفات الزمت َّ‬
‫الرسول أثناء دعوته‪ ،‬هذا ما قاله‬ ‫ج‪‌ .‬‬
‫اهلل ‪ ‬ي ْح ِكي َن ِبيًّا ِم َن ْاألَ ْن ِبي ِ‬ ‫ول ِ‬ ‫س ِ‬
‫ض َرَب ُه قَ ْو ُم ُه‪َ ،‬و ُه َو‬
‫اء َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ابن مسعود‪َ (:‬كأ َِّني أَ ْنظُُر إِلَى َر ُ‬
‫ون ))(‪.)6‬‬ ‫ب ا ْغ ِف ْر لِقَ ْو ِمي فَِإ َّن ُه ْم َال َي ْعلَ ُم َ‬
‫َّم َع ْن َو ْج ِه ِه‪َ ،‬وَيقُو ُل‪َ (:‬ر ِّ‬
‫س ُح الد َ‬
‫َي ْم َ‬

‫إن َّ‬
‫الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم"]ال عمران‪:57/7 ،[865:‬‬ ‫(‪ )1‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬تفسير القرآن‪َّ " /‬‬
‫رقم الحديث‪.2375‬‬
‫الدين‪ ،‬تحقيق‪ :‬مصطفى السقا وآخرون‪ ،‬ج‪.777/8‬‬ ‫النبوية البن هشام‪ ،‬جمال ِّ‬
‫(‪ )2‬ال ِّسيرة َّ‬
‫(‪ )3‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬صالة المسافرين وقصرها‪ /‬جامع صالة الَّليل‪ ،‬من نام عنها أو مرض‪ :383/8 ،‬رقم‬
‫الحديث‪.627‬‬
‫(‪ )4‬ش َّداد بن أوس بن ثابت الخزرجي األنصاري‪ ،‬صحابي‪ ،‬من األمراء‪ .‬واله عمر إمارة حمص‪ ،‬ولما قتل‬
‫عثمان اعتزل‪ ،‬وعكف على العبادة‪ ،‬كان فصيحا حليما حكيما‪ ،‬نزل بيت المقدس ومات بها‪ ،‬انظر‪ :‬المزي‪،‬‬
‫ج‪.571/87‬‬
‫(‪ )5‬سلسلة األحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها‪ ،‬األلباني‪ ،‬ج‪ :773/6‬رقم الحديث ‪.5771‬‬
‫(‪ )6‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬الجهاد والسير‪/‬غزوة أحد‪ :8286/5 ،‬رقم الحديث‪.8677‬‬

‫‪012‬‬
‫الدعية إلى اهلل ورسوله المبلِّغ للتَّشريع اإلسالمي بالصِّفات التَّالية(‪:)1‬‬
‫ومما سبق يمكن أن نصف َّ‬
‫َّ‬
‫النية هلل تعالى‪ ،‬بأن يكون َّ‬
‫الداعية تقيا يبغي وجه اهلل‪ ،‬مخلصا لما يعطي‪،‬‬ ‫‪ ‬التَّجرد واخالص ِّ‬
‫الرسالة الَّتي يحملها‪.‬‬ ‫متذكر لفضل وأهمية َّ‬
‫الدعوة و ِّ‬ ‫ا‬
‫‪ ‬أن يكون َّ‬
‫الداعية القدوة الحسنة َّ‬
‫للناس فيما يدعوهم إليه من أقوال وأفعال وسلوك‪ ،‬يستمد‬
‫قوته من كتاب اهلل َّ‬
‫وسنة نبيه‪ ،‬وأفعال الصحابة‪.‬‬ ‫َّ‬
‫الدعوة والتَّبليغ‪ ،‬سواء في الوقت‬
‫الدعاة‪ ،‬والموجهين السَّابقين في نشر َّ‬
‫‪ ‬االستفادة من خبرات ُّ‬
‫المناسب أو المكان المناسب أو الطَّريقة المناسبة‪.‬‬
‫‪ ‬الجدة واإلبداع من خالل التَّثقف في ِّ‬
‫الدين واالستزادة منه‪ ،‬واإلعداد العلمي الجيد‪ ،‬والعمل‬
‫الناجح ال ُيشعر المستمعين بالنَّقص‪ ،‬فيحدثهم بلغة العلم البسيط الَّذي‬ ‫بهذا العلم‪ ،‬و َّ‬
‫الداعية َّ‬
‫يفهمونه فيبسط الحقائق المعقدة من خالل الوعظ واألمثال والقصص‪ ،‬والفكاهة َّ‬
‫الذكية‬
‫الرصينة الَّتي تقوي االنتباه وتعزز الفكرة‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪ ‬أن يكون َّ‬
‫الداعي على بصيرة فيما يدعو إليه‪ ،‬من أمور تنفع النَّاس‪ ،‬عالم بحال المدعو‬
‫الدعوة والتَّوجيه‪.‬‬
‫الدينية‪ ،‬واالجتماعية والسِّياسية حتى يقدم له ما يناسبه‪ ،‬عالما بكيفية َّ‬
‫ِّ‬

‫ابعا‪ :‬دور المسجد في الدَّعوة إلى اهلل‬


‫رً‬
‫‪ .0‬دور المسجد في الدَّعوة من خالل دروس الوعظية وتشمل‪:‬‬
‫الخطب و َّ‬
‫الندوات‪:‬‬ ‫أ‪.‬‬
‫الخطبة‪ :‬هي كالم منثور‪ ،‬يتكلم به الخطيب ُيلقى على جمع من َّ‬
‫الناس يذكر فيه البسملة‬ ‫‪ُ -‬‬
‫والحمدلة‪ ،‬والثَّناء على اهلل تعالى‪ ،‬والصَّالة والسَّالم على النَّبي ‪ ،‬وذكر الحاجة من‬
‫الخطبة(‪.)2‬‬
‫أما َّ‬
‫الندوات‪ :‬فهي اجتماع مجموعة من المتخصصين بأمر معين في مكان محدد‪ ،‬ووقت‬ ‫‪َّ -‬‬
‫محدد؛ لمناقشة موضوع محدد سابقا‪ ،‬يتناول كل فرد من المجتمعين من زاوية معينة‪ ،‬ويبيِّن‬
‫الناس من الخير والمنفعة‪ ،‬وقد ُيفتح بعد ذلك باب التَّعليق‬
‫كل منهم رأيه بما يعود على َّ‬

‫الدعوة له أهميته‬ ‫السؤال من جانب المستمعين‪ ،‬و َّ‬


‫الندوة أسلوب جيد من أساليب َّ‬ ‫والمناقشة و ُّ‬
‫وفوائده (‪.)3‬‬

‫الدعاة‪ ،‬بن باز‪ ،‬ج‪ ،21 – 25/8‬مقومات َّ‬


‫الداعية َّ‬
‫الناجح في ضوء الكتاب‬ ‫الدعوة إلى اهلل وأخالق ُّ‬
‫(‪ )1‬انظر‪َّ :‬‬
‫والسُّنة‪ ،‬القحطاني‪ ،‬ج‪.811 -71/8‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬معجم لغة الفقهاء‪ ،‬القلعجي‪ ،‬ج‪ ،876/8‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬ج‪.571/8‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬مختار‪ ،‬ج‪.7817/5‬‬

‫‪013‬‬
‫ويتحقق دور المسجد في إبراز أهمية الخطب و َّ‬
‫الندوات من خالل‪:‬‬
‫اء كانت خطبة‬
‫وقوتها من حيث األداء والموضوع‪ ،‬وسو ٌ‬ ‫‪ ‬المحافظة على الخطب َّ‬
‫الدعوية َّ‬
‫ُّ‬
‫تفض المشاكل‪ ،‬وتقطع الخصومات‪ ،‬تبين‬ ‫جمعة أو غيرها‪ ،‬لما لها ثمرات كثيرة‪ ،‬فهي‬
‫ُّ‬
‫وتحث عليه‪ ،‬وتُنفر من المنكرات وتحذر من آذاه‪ ،‬وخاصة وسائل التُّكنولوجيا‬ ‫الحالل‬
‫والتَّطور إذا استخدمت لغير موقعها‪ ،‬كما َّ‬
‫إن الخطب ترفع الحق‪ ،‬وتخفض الباطل‪ ،‬وتقيم‬
‫العدل‪ ،‬صوت المظلومين‪ ،‬تثير الحمية في المجاهدين وتدفعهم للقتال و َّ‬
‫الذود عن تراب‬
‫الوطن(‪.)1‬‬
‫‪ ‬تقديم ُّ‬
‫الدعاة المهرة على غيرهم الستخالص أكبر فائدة ونتيجة‪ ،‬كما َّ‬
‫إن أعداد الجو المناسب‬
‫الشرح واللَّوحات لالستعانة بها في التَّوضيح‪،‬‬
‫للندوات من تهيئة المكان‪ ،‬واستخدام وسائل َّ‬
‫َّ‬
‫إليصال الفكرة الكاملة للمستمعين(‪.)2‬‬
‫ب‪ .‬المنشورات الدِّينية‬
‫الدينية من الوسائل المهمة في َّ‬
‫الدعوة وايصال الفكرة َّ‬
‫للناس بصورة‬ ‫تعتبر المنشورات ِّ‬
‫مقروءة‪ ،‬أو بالمشاهدة لرسومات وأشكال توضيحية معبرة كالقدس واألقصى‪.‬‬
‫الدعاة على استخدام هذا األُسلوب من َّ‬
‫الدعوة لما لها تأثير مستمر ومتجدد‬ ‫وقد حرص ُّ‬
‫للمسلم‪ ،‬وتشمل المنشورات دعوات بسيطة‪ ،‬ومؤثرة في ُّ‬
‫النفوس‪ ،‬تذكر المسلم ببعض األمور‬
‫الدينية‪ ،‬أو بعض األحاديث ًّ‬
‫الشريفة التَّربوية(‪.)3‬‬
‫أن المنشورات الجدارية تلَّعب دور كبير في َّ‬
‫الدعوة‪ ،‬والتَّبليغ‪ ،‬وهي تحتاج‬ ‫ومما ال شك فيه َّ‬
‫َّ‬
‫في نفس الوقت إلى بعض المهرات كوضوح الفكرة المنشورة‪ ،‬واستخدام خطوط واضحة‬
‫ومقروءة‪ ،‬واستغالل الجانب المناسب في المسجد لمشاهدة أكبر‪.‬‬
‫ت‪ .‬التَّرفيه والمسابقات‬
‫المسلم بطبعه البشري يحتاج إلى بعض التَّرفيه‪ ،‬واللَّعب وخاصة األطفال‪ ،‬فمن واجب‬
‫ُّ‬
‫الدعاة والمعلمين القائمين على المساجد استغالل بعض الوقت في عمل أنشطة رياضية‬
‫الروح والجسد باإلضافة إلى مسابقات دعوية هدفها إيصال الفكرة المطلوبة‪ ،‬وتشجيع‬ ‫ِّ‬
‫تنشط ُّ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الخطابة‪ ،‬مناهج الجامعة المنورة‪ ،‬ج‪.51/8‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬المرجع السَّابق‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬التوجيه اإلسالمي للنمو اإلنساني عند طالب التعليم العالي‪ ،‬الزيد‪،‬ج‪.323/8‬‬

‫‪019‬‬
‫الديني والتَّثقف في مجاالت الحياة‪ ،‬من خالل مسابقات‬
‫رواد المساجد على التَّحصيل ِّ‬
‫الرحالت التَّرفيهية‪ ،‬و ِّ‬
‫الدينية لها قرعها في قلوب‬ ‫ترفيهية‪ ،‬وجوائز تشجعيه‪ ،‬كما َّ‬
‫إن إقامة ِّ‬
‫از لمركزه ِّ‬
‫الديني ولمعلمه الفاضل(‪.)1‬‬ ‫الناشئة‪ ،‬فهي تجدد َّ‬
‫النشاط‪ ،‬وتكسب الطفل حبَّا واعتز ا‬ ‫َّ‬
‫ث‪ .‬الِّزيارات االجتماعية والتَّكافل االجتماعي‬
‫الريادي مؤسسة اجتماعية تحضن جميع الطبقات المجتمعية‪ ،‬فقد تتجه انظار‬‫المسجد بدوره ِّ‬
‫الديني‪ ،‬أو تعاني مشاكل عائلية أو صحية‪،‬‬ ‫الدعاة إلى األُسر الَّتي تعاني ضعفا في الوازع ِّ‬
‫ُّ‬
‫فتحاول لجان دعوية تعاونية خاصة بالمسجد في تخفيف من بعض مشاكلهم ومعاناتهم‬
‫االقتصادية من خالل جمع التَّبرعات والمساعدات‪ ،‬كما تسعى إلى تطوير األعمال الخيرية الَّتي‬
‫(‪)2‬‬
‫تقام في المساجد كاإلفطار الجماعي‪ ،‬وتوفير السَّلة الغذائية لكل أسرة فقيرة‬
‫الزيارات االجتماعية بمثابة ملتقى يتبادل فيه أهل الحي الحديث عن بعض قضايا‬‫وقد تكون تلك ِّ‬
‫حب االنتماء لمسجدهم‪ ،‬الَّذي يعتبر الحاضنة ِّ‬
‫الدينية‬ ‫الحي‪ ،‬فيحيي في نفوس النَّاس ُّ‬
‫ِّ‬ ‫المسجد أو‬
‫واالجتماعية لهم‪.‬‬
‫السياسية‪.‬‬
‫ج‪ .‬لقاءات مع مؤسسات الدَّولة التربوية و ِّ‬
‫إن المسجد بجميع كوادره ملكا لجميع أطياف المجتمع لذلك البد من التَّركيز على اشتمال‬
‫َّ‬
‫الديني‪ ،‬والتَّذكير المستمر‪ ،‬بدور اإلنسان المسلم‬
‫المؤسسات الحكومية واألهلية لحمالت الوعي ِّ‬
‫تجاه نفسه وتجاه ربَّه وتجاه مجتمعه من خالل دروس وكتيبات‪ ،‬ومحاضرات توعي المسلم‬
‫وتحدد اتِّجاهه الفكري‪ ،‬وترسم معايير ثابتة لالنضباط والمسؤولية(‪.)3‬‬
‫السجون‪ ،‬والدوائر العاملة األخرى‪،‬‬
‫ومن أبرز هذه المؤسسات المدرسة‪ ،‬ورياض األطفال‪ ،‬ودوائر ُّ‬
‫النساء ُّ‬
‫الدعاة تُلقى عليهم نفس المسؤولية الجهادية في نشر‬ ‫الرجال و ِّ‬ ‫والجدير ِّ‬
‫بالذكر هنا أن ِّ‬
‫الناجح لدى َّ‬
‫الناس‪.‬‬ ‫تعاليم ِّ‬
‫الدين‪ ،‬وتوسيع اإلطار المعرفي والسُّلوكي َّ‬

‫المطلب الثَّاني‪ :‬دور المسجد في نشر العلوم والمعارف‬


‫َّ‬
‫إن لإلسالم تصور شامل لإلنسان والحياة والكون‪ ،‬فتتضح هذا الصُّورة وتتشكل بجوانبها‬
‫المتعددة من خالل العلوم والمعارف الَّتي يحصل عليها المسلم‪ ،‬فيمضي بطريقه الصَّحيح الَّذي‬
‫أكتسبه من مراكز َّ‬
‫الدعوة ومن أهل العلم واالختصاص ألداء دوره المطلوب‪ ،‬ويعتبر المسجد‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تنشئة الطفل وسبل الوالدين في معاملته ومواجهة مشكالته‪ِّ ،‬‬
‫الشربيني وغيرهم‪ ،‬ج‪.713/8‬‬
‫(‪ (2‬انظر‪ :‬وظيفة المسجد في المجتمع‪ ،‬الخزيم‪ ،‬ج‪.77/8‬‬
‫ج‪‌.716/8‬‬ ‫(‪‌(3‬انظر‪‌:‬المرجع‌السَّابق‪،‬‬

‫‪001‬‬
‫المدرسة الَّتي يقصدها العالم بمفهومها َّ‬
‫الشامل الغائب عن كثير من أبناء أمتنا‪ ،‬فهو نقطة التقاء‬
‫األمة وتوحيدها‪ ،‬والمظهر العملي لوحدتها‪ ،‬استاذها األول سيدنا محمد‪ ‬والمدرسة األولى‬
‫المتمثِّل بالمسجد َّ‬
‫النبوي(‪.)1‬‬
‫الصحيحة والمعامالت األساسية‪ ،‬فالبد أن‬ ‫وبما َّ‬
‫أن العلم في اإلسالم أساسي في أداء العبادات َّ‬
‫يقوم المسجد بدوره في نشر العلوم فيكون عندئذ منارة ومقصدا علميا‪.‬‬
‫الرجال في طلبه وتلقيه من‬ ‫وقد قام المسجد بدوره التَّعليمي منذ أيامه األولى‪ ،‬ونافست ِّ‬
‫النساء ِّ‬
‫النبوي‪ ،‬ولقد ذكر البخاري في صحيحه بسنده عن أبي سعيد الخدري‪‬‬ ‫الرسول‪ ‬في المسجد َّ‬ ‫َّ‬
‫اج َع ْل لَ َنا َي ْو ًما ِم ْن َن ْف ِس َك‪ ،‬فَ َو َع َد ُه َّن َي ْو ًما‬
‫الر َجا ُل‪ ،‬فَ ْ‬ ‫عن النبي‪ ‬قال‪ :‬قالت َّ‬
‫النساء‪َ (:‬غلَ َب َنا َعلَ ْي َك ِّ‬
‫فإنما يدل على فتح المسجد صدره لطلب العلم‪،‬‬ ‫دل ذلك ِّ‬ ‫ظه َّن وأَمرُه َّن)(‪ ،)2‬وان َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫لَق َي ُه َّن فيه‪ ،‬فَ َو َع َ ُ َ َ َ‬
‫الرجل المرأة في إعمار بيوت اهلل‪ ،‬وحرصهما على طلب العلم‪ ،‬وقد أعجبت السِّيدة‬ ‫ومشاركة َّ‬
‫النس ِ‬ ‫ِ‬
‫صِ‬
‫ار لَ ْم َي ْم َن ْع ُه َّن‬ ‫اء األَ ْن َ‬
‫س ُ‬ ‫عائشة أم المؤمنين إقبال األنصاريات على العلم‪ ،‬فقال‪ ):‬ن ْع َم ِّ َ ُ‬
‫اء ن َ‬
‫َن َيتَفَقَّ ْه َن ِفي الد ِ‬
‫ِّين)(‪.)3‬‬ ‫اء أ ْ‬
‫الح َي ُ‬
‫َ‬
‫أوًال‪ :‬تعريف العلم والمعرفة‬
‫‪ .0‬تعريف العلم‬
‫أ‪ .‬العلم لغة‪ :‬ضد الجهل‪ ،‬صفة راسخة تدرك بها الكليات والجزئيات‪ ،‬بمعنى وصول‬
‫(‪)4‬‬
‫النفس إلى معنى ِّ‬
‫الشيء‬ ‫َّ‬
‫اصطالحا‪ :‬هو االعتقاد الجازم المطابق له في الواقع‪ ،‬وحصول صورة ِّ‬
‫الشيء‬ ‫ً‬ ‫ب‪ .‬العلم‬
‫الشيء على ما هو به‪ ،‬وزوال الخفاء من المعلوم‪ ،‬وقيل‬ ‫ومطابقتها في العقل‪ ،‬أو إدراك َّ‬
‫هو اعتقاد الشيء على ما هو به على سبيل الثِّقة(‪.)5‬‬
‫‪ .7‬تعريف المعرفة‬

‫إدراك البسائط والجزئيات(‪.)6‬‬ ‫أ‪ .‬المعرفة لغة‪:‬‬

‫(‪ )8‬انظر‪ :‬أثر العلماء في تحقيق رسالة المسجد‪ ،‬العقل‪.83/8 ،‬‬


‫للنساء يوما على حدة للعلم‪ :57/8 ،‬رقم الحديث‪.818‬‬ ‫(‪ )2‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬العلم‪ /‬هل يجعل ِّ‬
‫الدين‪ ،51/8 ،‬قال ُمجاه ٌد‪ (:‬ال يتعلَّ ُم العلم ُمستح ٍي وال ُمستكبٌر)‪.‬‬
‫(‪ )3‬المصدر السَّابق‪ ،‬العلم‪ /‬الحياء في ِّ‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬مختار‪ ،‬ج‪.8328/7‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬التَّعريفات‪ ،‬علي الجرجاني‪ ،‬تحقيق‪ :‬جماعة من العلماء بإشراف َّ‬
‫الناشر‪ ،‬ج‪ ،833/8‬معجم الفروق‬
‫اللغوية‪ ،‬العسكري‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشيخ بيت اهلل بيات‪ ،‬ومؤسسة النشر اإلسالمي ج‪.568/8‬‬
‫(‪ )6‬معجم الفروق اللغوية‪ ،‬العسكري‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشيخ بيت اهلل بيات‪ ،‬ومؤسسة النشر اإلسالمي (ج‪.)318/8‬‬

‫‪000‬‬
‫اصطالحا‪ :‬اإلدراك والتَّفكر واكتساب المعلومات وتدبر أثره‪ ،‬عن طريق فهم‬
‫ً‬ ‫ب‪ .‬المعرفة‬
‫الحقائق‪ ،‬وطبيعة األشياء‪ ،‬وارتبطت بتطور الذات والسَّعي لالكتشاف(‪.)1‬‬
‫كل ٍ‬
‫علم ينتفع به المسلم يؤثر في نفسه أو‬ ‫بأنه ُّ‬
‫‪ .3‬ويمكن تعريف العلم والمعرفة في اإلسالم‪َّ :‬‬
‫الناس‪ ،‬قال‬ ‫الناس‪ ،‬ويكون ذلك سببا في تقدم المجتمعات‪ ،‬واصالحا بين َّ‬ ‫ينتفع به غيره من ًّ‬
‫ٍِ‬ ‫ان ا ْنقَطَع ع ْن ُه عملُ ُه إَِّال ِم ْن ثََال ثَ ٍة‪ :‬إَِّال ِم ْن ص َدقَ ٍة ج ِ ٍ‬ ‫‪(:‬إِ َذا َم َ‬
‫ات ِْ‬
‫ارَية‪ ،‬أ َْو ع ْلم ُي ْنتَفَعُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫س ُ‬ ‫اإل ْن َ‬
‫صالِ ٍح َي ْد ُعو لَ ُه)(‪.)2‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ِبه‪ ،‬أ َْو َولَد َ‬

‫ثانيا‪ :‬مكانة العلم والمعرفة في اإلسالم‬ ‫ً‬


‫النور واإلدراك‪ ،‬يدعو إلى العلم‬ ‫الحق والبصيرة‪ ،‬دين ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫اإلسالم دين العلم والمعرفة‪ ،‬دين‬
‫ويحث عليه‪ ،‬يميز بين العالم والجاهل ويفاضل بينهما‪ ،‬يأمر بالقراءة والتَّدبر في خالق‬ ‫ُّ‬
‫(‪)3‬‬
‫ق‪ .‬ا ْق َر ْأ َو َربُّ َك‬
‫سانَ ِمنْ َعلَ ٍ‬
‫اإل ْن َ‬
‫ق ِ‬ ‫ق‪َ .‬خلَ َ‬ ‫األكوان ‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬ا ْق َر ْأ بِا ْ‬
‫س ِم َربِّكَ الَّ ِذي َخلَ َ‬
‫وحث عليه الرسول‪ ‬في مواطن‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫اْلَ ْك َر ُم﴾[العلق‪ ،]7:‬وألهمية العلم ذكره اهلل في آيات كثيرة‪،‬‬
‫نذكر أبرزها‪:‬‬
‫‪ .0‬العلم والمعرفة وأهميتهما في القرآن الكريم‬
‫يع ُّد العلم السَّمة الَّتي يتفاخر بها اإلسالم ويسعى للوصول إلى أعلى مراتب فيها‪ ،‬و َّأنه‬
‫سبحانه خلق اإلنسان وزوده بأدوات العلم والمعرفة وهي العقل‪ ،‬والسَّمع‪ ،‬والبصر‪ ،‬ليدرك ويتعلَّم‬
‫(‪)4‬‬
‫صار َو ْاْلَ ْفئِ َدةَ قَلِيالً َما‬ ‫بها ‪ ،‬قال تعالى‪﴿:‬قُ ْل هُ َو الَّ ِذي أَ ْنشَأ َ ُك ْم َو َج َع َل لَ ُك ُم ال َّ‬
‫س ْم َع َو ْاْلَ ْب َ‬
‫ش ُك ُرونَ ﴾]الملك‪.[75:‬‬
‫تَ ْ‬
‫وتظهر أهمية العلم في القرآن حسب رأي الباحثة من خالل المالحظات التَّالية‪:‬‬
‫أ‪ .‬العلم من أفضل األعمال الصَّالحة‪ ،‬وأفضل العبادات التَّطوعية‪ ،‬فهو نوع من الجهاد(‪ ،)5‬قال‬
‫ِ ِ ِِ‬
‫شى اللَّ َه م ْن عباده ا ْل ُعلَ ُ‬
‫ماء﴾[فاط ٍر‪. ]71:‬‬ ‫تعالى‪﴿:‬إِنَّما َي ْخ َ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تاج العروس‪ُّ ،‬‬


‫الزبيدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬مجموعة من المحققين‪ ،‬ج‪ ،855/72‬القاموس الفقهي‪ ،‬سعدي أبو‬
‫حبيب‪ ،‬ج‪.727/8‬‬
‫(‪ )2‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬الوصية‪ /‬ما يلحق اإلنسان من الثَّواب بعد وفاته‪ :8733/5 ،‬رقم الحديث‪.8758‬‬
‫(‪ )3‬الكشاف عن حقائق وغوامض التنزيل‪ ،‬الزمخشري‪ ،‬ج‪.667/2‬‬
‫(‪ (4‬انظر‪ :‬إرشاد العقل السَّليم إلى مزايا الكتاب الكريم‪ ،‬أبو السُّعود‪.7/7 ،‬‬
‫الرحمن بن معال‬
‫(‪ (5‬انظر‪ :‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان‪ ،‬السَّعدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد َّ‬
‫اللويحق‪،‬ج‪877/8‬‬

‫‪000‬‬
‫الصواب(‪ ،)1‬وهذا ما دعا إليه‬ ‫ب‪ .‬من أفضليات العلم والتَّعلم معرفة الحق والباطل والخطأ و َّ‬
‫اجدًا َوقَائِ ًما يَ ْح َذ ُر ْاْل ِخ َرةَ َويَ ْر ُجو َر ْح َمةَ‬ ‫س ِ‬ ‫سبحانه وتعالى بقوله‪﴿:‬أَ َّمنْ ه َُو قَانِت آنَا َء اللَّ ْي ِل َ‬
‫ب﴾]الزمر‪.[71:‬‬ ‫ستَ ِوي الَّ ِذينَ يَ ْعلَ ُمونَ َوالَّ ِذينَ ََّل يَ ْعلَ ُمونَ إِن َّ َما يَتَ َذ َّك ُر أُولُو ْاْلَ ْلبَا ِ‬
‫َربِّ ِه قُ ْل َه ْل يَ ْ‬
‫الدعوة إلى اهلل وعملوا به‪،‬‬‫إن اهلل يرفع أهل العلم في اآلخرة درجات بحسب ما قاموا به من َّ‬
‫ت‪َّ .‬‬
‫وفي ُّ‬
‫الدنيا يرفعهم اهلل بين العباد بحسب ما قاموا به من العلم(‪ ،)2‬قال تعالى‪﴿:‬يَ ْرفَ ِع َّ‬
‫َّللاُ‬
‫ت﴾[ال ُمجادلة‪.]88:‬‬
‫الَّ ِذينَ آ َمنُوا ِم ْن ُك ْم َوالَّ ِذينَ أُوتُوا ا ْل ِع ْل َم د ََرجا ٍ‬
‫وضم‬
‫َّ‬ ‫كرم العلماء وأهل الفضل منهم‪ ،‬فقد استشهدهم من بين سائر الخلق‪،‬‬ ‫ث‪َّ .‬‬
‫إن اهلل تعالى َّ‬
‫شهادتهم إلى شهادته سبحانه وشهادة المالئكة‪ ،‬فهم عدول بإذن اهلل تعالى(‪ ،)3‬قال تعالى‪:‬‬
‫َّللاُ أَنَّهُ ََّل إِلهَ إِ ََّّل ه َُو َوا ْل َمالئِ َكةُ َوأُولُوا ا ْل ِع ْل ِم﴾[آل عمران‪.]81:‬‬ ‫﴿ َ‬
‫ش ِه َد َّ‬
‫إن في العلم سبب لخشية اهلل‪ ،‬فكلَّما تقرب العبد من ربِّه بالمعرفة وتعلَّم دينه عن حق‪،‬‬
‫ج‪َّ .‬‬
‫واستزاد في التَّعمق في آيات اهلل زادته خشية اهلل‪ ،‬وأصبح يرى في ِّ‬
‫كل آية معجزة ترفعه‬
‫درجة في العلم والمعرفة(‪ ،)4‬قال تعالى‪﴿:‬إِن َّ َما يَ ْخشَى َّ‬
‫َّللاَ ِمنْ ِعبَا ِد ِه ا ْل ُعلَ َما ُء﴾]غافر‪.[71:‬‬
‫الس َّنة َّ‬
‫الشريفة‬ ‫‪ .7‬فضل العلم والتَّعلم في َّ‬
‫مكانة العلم في السُّنَّة َّ‬
‫الشريفة عظيمة ونرى هذا واضح في أحاديث كثيرة نذكر منها‪:‬‬
‫ال‪« :‬إِ َذا ُو ِّ‬
‫س َد‬ ‫اعتُ َها؟ قَ َ‬
‫ض َ‬‫ف إِ َ‬
‫ال‪َ :‬ك ْي َ‬
‫اع َة»‪ ،‬قَ َ‬ ‫َما َن ُة فَا ْنتَ ِظ ِر َّ‬
‫الس َ‬
‫قال ‪(:‬فَِإ َذا ُ ِ‬
‫ض ِّي َعت األ َ‬ ‫أ‪‌ .‬‬

‫اع َة)(‪.)5‬‬ ‫َهلِ ِه فَا ْنتَ ِظ ِر َّ‬


‫الس َ‬ ‫األ َْم ُر إِلَى َغ ْي ِر أ ْ‬
‫ظ َو ِاف ٍر‪َ ،‬و َم ْن‬
‫َخ َذ ِب َح ٍّ‬
‫َخ َذهُ أ َ‬ ‫اء‪ ،‬وَّرثُوا ِ‬
‫الع ْل َم‪َ ،‬م ْن أ َ‬ ‫ِ‬
‫اء ُه ْم َو َرثَ ُة األَ ْن ِب َي َ‬ ‫العلَ َم َ‬
‫َن ُ‬ ‫ب‪‌ .‬وقال ‪َ (:‬وأ َّ‬
‫الج َّن ِة)(‪.)6‬‬
‫س َّه َل اللَّ ُه لَ ُه طَ ِريقًا إِلَى َ‬
‫سلَ َك طَ ِريقًا ي ْطلُ ِ ِ‬
‫ب ِبه ع ْل ًما َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫الرب ِ‬
‫َّان ُّي‬ ‫اء)‪ ،‬وُيقا ُل‪َّ (:‬‬ ‫ت‪‌ .‬وقال اب ُن عب ٍ‬
‫اء فُقَ َه َ‬
‫َّاس‪ُ ﴿ :‬كونُوا َربَّانِيِّينَ ﴾[آل عمران‪ُ ( ،]67 :‬حلَ َم َ‬
‫الع ْلِم قَ ْب َل ِك َب ِ‬
‫ارِه )(‪.)7‬‬ ‫ار ِ‬ ‫الناس ِب ِ‬
‫ص َغ ِ‬ ‫ِ‬
‫الَّذي ُي َرِّبي َّ َ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪،‬جج‪.771/78‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم‪ ،‬أبو السُّعود‪ ،‬ج‪.771/1‬‬
‫ج‪‌‌.788/5‬‬ ‫(‪ )3‬انظر‪ :‬الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل‪َّ ،‬‬
‫الزمخشري‪،‬‬
‫( ‪‌)4‬انظر‪ :‬الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل‪َّ ،‬‬
‫الزمخشري‪ ،‬ج‪.788/5‬‬
‫(‪ )5‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬العلم‪ /‬سئل علما وهو منشغل بحديثه‪ :78/8 ،‬رقم الحديث‪.37‬‬
‫(‪ )6‬المصدر السَّابق‪ ،‬العلم‪ /‬العلم قبل القول والعمل‪ ،72/8 ،‬لقول اللَّه تعالى‪﴿ :‬فاعلم أَّنهُ ال إله إ َّال اللَّهُ﴾‪.‬‬
‫(‪ )7‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬العلم‪ /‬العلم قبل القول والعمل‪ ،72/8،‬لقوله تعالى‪﴿:‬فاعلم أَّنهُ ال إله إ َّال اللَّهُ﴾‪.‬‬

‫‪003‬‬
‫إن اهلل َّ‬
‫عز وجل ومالئكته وأهل‬ ‫ث‪‌ .‬وقال ‪ (:‬فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم‪َّ ،‬‬
‫النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم َّ‬
‫الناس‬ ‫السموات واأل رض حتى َّ‬

‫الخير)(‪.)1‬‬
‫‪ .3‬قول العلماء وأهل الفضل في العلم والتَّعلم‬

‫الد ْن َيا‪َ ،‬و ْاآل ِخ َرةَ‬


‫اد ُّ‬ ‫افلَ ِة‪َ ،‬و َم ْن أ ََر َ‬
‫الن ِ‬
‫ص َال ِة َّ‬ ‫الشافعي رحمه اهلل(‪ ":)2‬طَلَب ا ْل ِع ْلِم أَف َ ِ‬
‫ْض ُل م ْن َ‬ ‫ُ‬ ‫قال َّ‬ ‫أ‪‌ .‬‬
‫فَ َعلَ ْي ِه ِبا ْل ِع ْلِم"(‪.)3‬‬
‫ستَ ِط ْع فَ ُك ْن ُمتَ َعلِّ ًما‪َ ،‬وِا ْن لَ ْم‬ ‫ِ‬
‫ت فَ ُك ْن َعال ًما فَِإ ْن لَ ْم تَ ْ‬ ‫ب‪‌ .‬قال عمر بن عبد العزيز ‪ (:‬إِ ِن ْ‬
‫استَطَ ْع َ‬
‫(‪)4‬‬

‫ستَ ِط ْع فَ َال تَ ْب َغ ْ‬
‫ض ُه ْم )(‪.)5‬‬ ‫َّه ْم‪َ ،‬وِا ْن لَ ْم تَ ْ‬
‫ِ‬
‫ستَط ْع فَأَحب ُ‬
‫تَ ِ‬
‫ْ‬

‫ثالثًا‪ :‬أهم العلوم الَّتي ينتفع بها المسلم‬


‫‪ .0‬العلوم َّ‬
‫الشرعية‬
‫الشرعية‪ :‬مجموعة من العلوم الَّتي تختص َّ‬
‫بالشرع اإلسالمي(‪،)6‬وتشمل‪:‬‬ ‫أ‪ .‬تعريف العلوم َّ‬
‫‪ ‬علم العقيدة اإلسالمية‪:‬‬
‫إيمان القلب َّ‬
‫بالشيء‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ -‬العقيدة لغة‪ :‬مأخوذة من العقد‪ ،‬بمعنى ربط َّ‬
‫الشيء وعقده‪ ،‬وهو‬
‫والتَّصديق به(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬صحيح الجامع الصغير وزيادة‪ ،‬األلباني‪ ،‬ج‪ :667/7‬رقم الحديث‪.2781‬‬


‫(‪ )2‬محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان ابن شافع الهاشمي القرشي المطلبي‪ ،‬أبو عبد اهلل أحد األئمة‬
‫األربعة عند أهل السنة‪ ،‬واليه نسبة الشافعية كافة ولد في غزة‪ ،‬وحمل منها إلى مكة وهو ابن سنتين‪ ،‬وزار بغداد‬
‫مرتين‪ ،‬وقصد مصر سنة ‪ 877‬فتوفي بها‪ ،‬وقبره معروف في القاهرة‪ ،‬انظر‪ :‬األعالم‪ ،‬الزركلي‪ ،‬ج‪.77/7‬‬
‫(‪ )3‬سلسلة األثار الصحيحة‪ ،‬أبو عبد اهلل َّ‬
‫الداني‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد اهلل بن صالح العبيالن‪ ،‬ج‪ :552/8‬رقم‬
‫الحديث‪.521‬‬
‫(‪ )4‬أبو حفص‪ ،‬عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أُميَّة بن عبد شمس األموي من‬
‫الراشدين الَّذي أحيى ما أميت قبله من السنن وسلك مسلك ال ُخلفاء األربع ‪ ،‬ولد سنة إحدى وستِّين في‬
‫ال ُخلفاء َّ‬
‫السنة الَّتي قتل فيها ال ُحسين بن علي‪ ،‬ومات سنة إحدى ومائة و ُهو بن تسع وثالثين سنة وستَّة أشهر وكانت‬
‫أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب‪ ،‬انظر‪ :‬الثقات‪ ،‬ابن حبان‪ ،‬ج‪.838/3‬‬
‫(‪ )5‬جامع بيان العلم وفضله‪ ،‬القرطبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبي األشبال الزهيري‪ ،‬ج‪.827/8‬‬
‫(‪ )6‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬مختار‪ ،‬ج‪.8817/7‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬التَّوحيد وبيان ما يضاده من ِّ‬
‫الشرك األكبر واألصغر‪ ،‬الفوزان‪ ،‬ج‪.3/8‬‬

‫‪002‬‬
‫َن تُ ْؤ ِم َن ِب ِ‬
‫اهلل‪،‬‬ ‫‪ -‬العقيدة شر ًعا‪ :‬ويشمل كل ما يتعلق بأركان اإليمان السَّتة لقوله‪(:‬أ ْ‬
‫سلِ ِه‪َ ،‬وتُ ْؤ ِم َن ِبا ْل َب ْع ِث‪َ ،‬وتُ ْؤ ِم َن ِبا ْلقَ َد ِر ُكلِّ ِه)(‪.)1‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِِ ِ ِ‬
‫َو َم َال ئ َكته‪َ ،‬وكتَا ِبه‪َ ،‬ولِقَائه‪َ ،‬وُر ُ‬
‫‪ -‬أهمية العقيدة اإلسالمية‪ :‬اإلسالم دين عقيدة وعمل‪ ،‬وال يصح عمل دون اعتقاد‪ ،‬وال ينفع‬
‫عمل دون عقيدة صحيحة‪ ،‬فهي األساس الَّذي يبني عليه اإلنسان عمله‪ ،‬وبه يزداد المسلم‬
‫الرحيل(‪.)2‬‬
‫خشية من اهلل‪ ،‬واتقان في العمل‪ ،‬واالستعداد ليوم َّ‬
‫‪ ‬علم الفقه اإلسالمي‪:‬‬
‫‪ -‬الفقه لغة‪ :‬العلم ِّ‬
‫بالشيء‪ ،‬وادراكه‪ ،‬والفه ُم له‪ ،‬والفطنةُ به(‪.)3‬‬ ‫ُ‬
‫الشرعية المكتسبة من أدلتها التَّفصيلية وما يتعلق بها‬ ‫اصطالحا‪ :‬هو العلم باألحكام َّ‬
‫ً‬ ‫‪ -‬الفقه‬
‫من الكتاب والسَّنة واالجماع‪ ،‬والقياس‪ ،‬والقواعد الفقهية من فقه المعامالت والمذاهب‬
‫الفقهية(‪.)4‬‬
‫‪ -‬أهمية الفقه اإلسالمي‪ :‬تبرز أهمية الفقه اإلسالمي بشموليته لجوانب الحياة ِّ‬
‫بالنسبة‬
‫لإلنسان‪ ،‬ومتطلباته المتعددة‪ ،‬بما يحقق مصالح َّ‬
‫الناس‪ ،‬ويدرئ المفاسد عنهم‪ ،‬وينظم‬
‫أحوالهم وتقلباتهم(‪.)5‬‬
‫‪ ‬علم التَّفسير‪:‬‬
‫المشكل(‪.)6‬‬
‫المراد عن ُ‬
‫ف ُ‬‫‪ -‬التَّفسير لغة‪ :‬كش ُ‬
‫اصطالحا‪ :‬وهو ما يتعلق بتفسير القرآن الكريم‪ ،‬والعلم بعلومه‪ :‬كالتَّجويد والقراءات‬
‫ً‬ ‫‪ -‬التَّفسير‬
‫و َّ‬
‫الناسخ والمنسوخ(‪.)7‬‬
‫فنتعرف‬
‫َّ‬ ‫‪ -‬أهمية التَّفسير‪ :‬يعتبر علم التَّفسير من أنفع العلوم ألنه يتعلق بكتاب اهلل تعالى‪،‬‬
‫من خالله على معانى القرآن الكريم الَّتي تساعد على االهتداء للعمل َّ‬
‫الصالح‪ ،‬والفوز‬

‫برضى اهلل ونيل جنَّته ‪ ،‬قال ‪َ (:‬خ ْي ُرُك ْم َم ْن تَ َعلَّ َم القُ ْر َ‬


‫آن َو َعلَّ َم ُه)(‪.)9‬‬ ‫(‪)8‬‬

‫(‪ )1‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬اإليمان ‪/‬اإلسالم ما هو وبيان خصاله‪ :21/8،‬رقم الحديث‪.81‬‬
‫(‪ (2‬انظر‪ :‬نبذة في العقيدة اإلسالمية‪ ،‬العثيمين‪ ،‬ج‪.77/8‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬القاموس المحيط‪ ،‬الفيروز أبادي‪ ،‬تحقيق‪ :‬مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة‪ ،‬ج‪.8731/8‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬التَّعريفات‪ ،‬الجرجاني‪ ،‬تحقيق‪ :‬ضبطه وصححه جماعة من العلماء بإشراف الناشر‪ ،‬ج‪.871/8‬‬
‫الرحيلي‪ ،‬ج‪.13/8‬‬ ‫(‪ )5‬انظر‪ :‬طريقك إلى اإلخالص والفقه في ِّ‬
‫الدين‪ِّ ،‬‬
‫(‪ )6‬القاموس المحيط‪ ،‬الفيروز أبادي‪ ،‬تحقيق‪ :‬مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة‪ ،‬ج‪.237/8‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬البرهان في علوم القرآن‪ ،‬الزركشي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬ج‪.7/8‬‬
‫(‪ )8‬انظر‪ :‬التفسير الحديث‪ ،‬عزت‪ ،‬ج‪.76/8‬‬
‫(‪ )9‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬فضائل القرآن‪/‬خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه‪ :877/7 ،‬رقم الحديث‪.3176‬‬

‫‪000‬‬
‫‪ ‬علم الحديث‪:‬‬
‫‪ -‬الحديث لغة‪ :‬الخب ُر القليل والكث ُير(‪.)1‬‬
‫اصطالحا‪ ":‬علم ُيعرف به أقوا ُل َّ‬
‫النبي ‪ ،‬وأفعاله وأحواله "(‪.)2‬‬ ‫ً‬ ‫‪ -‬الحديث‬

‫‪ -‬أهمية الحديث‪ :‬علم الحديث من أجل العلوم وأشرفها‪ ،‬فبه يعرف المراد من قول اهلل تعالى‪،‬‬

‫وبه يطلع المسلم على أحوال نبيه ‪ ‬وشمائله‪ ،‬وعلمه؛ بدايته وسنده وغايته(‪.)3‬‬
‫ب‪ .‬دور المسجد في نشأة وتطوير العلوم َّ‬
‫الشرعية‪:‬‬
‫ارتبط تاريخ التَّعليم في المجتمع اإلسالمي بالمسجد ارتباطا كبيرا؛ فهو المركز الرئيسي‬
‫النبوي مكانا ِّ‬
‫للدراسة‪ ،‬وكان الصَّحابة‬ ‫لنشر العلم والثَّقافة والمعرفة‪ ،‬فاتَّخذ َّ‬
‫الرسول ‪ ‬المسجد َّ‬
‫الراشدون‬ ‫َّ‬
‫وظل الخلفاء َّ‬ ‫الرسول‪ ‬يتعلَّمون أحكام ِّ‬
‫الدين بالقول والعمل‪،‬‬ ‫يجتمعون مع َّ‬
‫الرسول متعاهدون على العلم والتَّعلم‪ ،‬والعهد األموي والخالفة العباسية‬
‫والصَّحابة‪‬على نهج َّ‬
‫الرسول ‪ ‬في إحياء المساجد ودورها في نشر العلوم‪ ،‬وتدارسه في‬
‫ساروا أيضا على نهج َّ‬
‫بيوت اهلل كالجامعات والمعاهد(‪.)4‬‬
‫ويمكن أن ندون بعض شواهد التَّطورات التَّعلمية للعلوم َّ‬
‫الشرعية وغيرها‪ ،‬وازدهارها في المساجد‬
‫النحو التَّالي‪:‬‬
‫النبوي وما تالها على َّ‬
‫في فترة العهد َّ‬
‫‪ ‬كان لرسول اهلل ‪ ‬حلقات ذكر وعلم‪ ،‬يدعو العالم فيها وأصحابه للجلوس في مكان بارز‬
‫في المسجد لتَّرغيب َّ‬
‫الناس‪ ،‬واستحباب االنضمام لهذه الحلقات(‪ ،)5‬ذكر البخاري بسنده عن‬
‫اس معهُ إذ أقبل ثالثةُ نف ٍر‪،‬‬ ‫الن ُ‬ ‫أبي واقٍد اللَّيث ِّي‪ ،‬أ َّن ر ُسول ‪ ‬بينما ُهو جال ٌس في المسجد و َّ‬
‫فأقبل اثنان إلى ر ُسول اللَّه ‪ ‬وذهب واح ٌد‪ ،‬قال‪ :‬فوقفا على ر ُسول اللَّه ‪ ،‬فأ َّما أح ُد ُهما‪:‬‬
‫ث‪ :‬فأدبر ذاهبا‪ ،‬فل َّما‬‫ف أرى فُرجة في الحلقة فجلس فيها‪ ،‬وأ َّما اآلخ ُر‪ :‬فجلس خلفهُم‪ ،‬وأ َّما الثَّال ُ‬

‫الدين الرازي‪ ،‬تحقيق‪ :‬يوسف ِّ‬


‫الشيخ محمد‪ ،‬ج‪.71/8‬‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مختار الصحاح‪ ،‬زين ِّ‬
‫(‪ )2‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬مختار‪ ،‬ج‪.232/8‬‬
‫(‪ (3‬انظر‪ :‬الوسيط في علوم ومصطلح الحديث‪ ،‬أبو شهبة‪ ،‬ج‪.86/8‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬األثر التَّربوي للمسجد‪ ،‬السِّدالن‪ ،‬ج‪.7/8‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬التَّفسير الحديث‪ ،‬عزت‪ ،‬ج‪.213/1‬‬

‫‪000‬‬
‫آواهُ اللَّ ُه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫النفَ ِر الثَّالَ ثَ ِة؟ أ َّ‬ ‫َّ‬
‫َح ُد ُه ْم فَأ ََوى إِلَى اللَّه فَ َ‬
‫َما أ َ‬ ‫ُخ ِبرُكم َع ِن َّ‬
‫فرغ ر ُسو ُل الله ‪ ‬قال‪(:‬أَالَ أ ْ ُ ْ‬
‫ض اللَّ ُه َع ْن ُه)(‪.)1‬‬
‫َع َر َ‬
‫ض فَأ ْ‬ ‫َع َر َ‬
‫اآلخ ُر فَأ ْ‬
‫َما َ‬ ‫استَ ْح َيا اللَّ ُه ِم ْن ُه‪َ ،‬وأ َّ‬
‫استَ ْح َيا فَ ْ‬
‫اآلخ ُر فَ ْ‬
‫َما َ‬‫َوأ َّ‬
‫النبي‪ ‬رغبة في قربه‪ ،‬فأمرهم اهلل بالتفسيح‬ ‫‪ ‬كان الصَّحابة‪ ‬يتنافسون على مجالس َّ‬

‫بالمجالس‪ ،‬الستيعاب أكبر قدر من المسلمين للتَّعلم و ِّ‬


‫الرفعة في ِّ‬
‫الدين‪ ،‬وللمؤلفة والمحبة‬
‫(‪)2‬‬
‫ح‬
‫س ِ‬ ‫س ُحوا يَ ْف َ‬ ‫س فَا ْف َ‬ ‫س ُحوا فِي ا ْل َم َجالِ ِ‬ ‫بينهم ‪ ،‬قال تعالى‪ ﴿:‬يَا أَيُّ َها الَّ ِذينَ آ َمنُوا إِ َذا قِي َل لَ ُك ْم تَفَ َّ‬
‫ت َو َّ‬
‫َّللاُ‬ ‫َّللاُ الَّ ِذينَ آ َمنُوا ِم ْن ُك ْم َوالَّ ِذينَ أُوتُوا ا ْل ِع ْل َم د ََر َجا ٍ‬
‫ش ُزوا يَ ْرفَ ِع َّ‬‫ش ُزوا فَا ْن ُ‬‫َّللاُ لَ ُك ْم َوإِ َذا قِي َل ا ْن ُ‬
‫َّ‬
‫بِ َما تَ ْع َملُونَ َخبِير ﴾]المجادلة‪.[88:‬‬
‫الر ُج ُل ِم ْن َم ْجلِ ِس ِه‬
‫ام َّ‬ ‫النبي‪َّ (:‬إن ُه َن َهى أ ْ‬
‫َن ُيقَ َ‬ ‫وذكر البخاري بسنده عن ابن عمر‪ ‬عن َّ‬
‫س ُعوا)(‪.)3‬‬ ‫يه آ َخ ُر‪َ ،‬ولَ ِك ْن تَفَ َّ‬
‫س ُحوا َوتََو َّ‬ ‫وي ْجلِس ِف ِ‬
‫ََ َ‬
‫ب َّ‬
‫َّللاُ‬ ‫ض َر َ‬ ‫ٍ‬
‫نخل فتال قوله تعالى‪﴿:‬أَلَ ْم ت ََر َكيْفَ َ‬
‫(‪)4‬‬
‫بج َّمار‬ ‫‪ ‬جلس َّ‬
‫النبي‪ ‬بين أصحابه فأتى ُ‬
‫س َما ِء﴾]إبراهيم‪ ،[72:‬فقال‪(:‬إِ َّن ِم َن‬
‫صلُ َها ثَابِت َوفَ ْر ُع َها فِي ال َّ‬‫َمثَ ًال َكلِ َمةً طَيِّبَةً َكش ََج َر ٍة طَيِّبَ ٍة أَ ْ‬
‫اس في شجر‬ ‫سِلِم‪َ ،‬ح ِّدثُوِني َما ِهي)‪ ،‬فوقع َّ‬
‫الن ُ‬ ‫الم ْ‬ ‫َّ‬
‫سقُطُ َو َرقُ َها‪َ ،‬وِان َها َمثَ ُل ُ‬ ‫ش َج َرةً الَ َي ْ‬ ‫َّ‬
‫الش َج ِر َ‬
‫َ‬
‫البوادي‪ ،‬ثَُّم قالُوا‪ :‬ح ِّدثنا ما هي يا ر ُسول اللَّه‪ ،‬قال‪ِ (:‬هي َّ‬
‫الن ْخلَ ُة)(‪َّ ،)5‬إنها مثل المسلم ثابت‬ ‫َ‬
‫الدين‪ ،‬يتعلَّم العلوم والمعرفة‪ ،‬ينفع بعلمه وصالحه في حياته وبعد موته‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫الدين ونشر العلم‪ ،‬و َّ‬
‫الدعوة لذلك‪،‬‬ ‫الناس ِّ‬ ‫وحرص نبينا‪ ‬من خالل حلقات ِّ‬
‫الذكر على تعليم َّ‬ ‫َّ‬ ‫‪‬‬

‫الع ْل َم الَ َي ْهلِ ُك َحتَّى َي ُك َ‬


‫ون‬ ‫الع ْلم‪ ،‬وْلتَ ْجلِسوا حتَّى يعلَّم م ْن الَ يعلَم‪ ،‬فَِإ َّن ِ‬
‫َْ ُ‬ ‫ُ َ َُ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫شوا ِ‬
‫فقال‪َ (:‬وْلتُ ْف ُ‬
‫ِس ًّار)(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬العلم‪ /‬من قعد حيث ينتهي به المجلس‪ :72/8 ،‬رقم الحديث‪.77‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬الطبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬ج‪.725/75‬‬
‫(‪ )3‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬االستئذان‪ /‬واذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا‪ :78/1 ،‬رقم‬
‫الحديث‪.7761‬‬
‫الج َّمار‪ :‬جمع جمارة‪ ،‬وهي قلب النخلة وشحمتها‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬تعليق مصطفى البغا‪ ،‬ج‪.73/8‬‬
‫(‪ُ )4‬‬
‫(‪ )5‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬العلم‪ /‬طرح المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من علم‪ :77/8،‬رقم‬
‫الحديث‪.77‬‬
‫(‪ )6‬المصدر السَّابق‪ ،‬العلم‪ /‬كيف يقبض العلم‪.58/8،‬‬

‫‪002‬‬
‫الصفَّة(‪ )1‬الَّتي‬ ‫النبوي بمسؤولية كبرى في تعلُّم العلوم َّ‬
‫الشرعية ونشرها‪ ،‬ومنها ُّ‬ ‫‪ ‬لقد قام المسجد َّ‬
‫الصامت(‪:)2‬‬ ‫سكنت الجزء َّ‬
‫الشمالي منه‪ ،‬وهم منقطعون للعلم والعبادة والجهاد‪ ،‬قال عبادة بن َّ‬
‫الصفَّة الكتابة والقرآن ))(‪.)3‬‬
‫(علمت ناساً من أهل ُّ‬
‫الرسول ‪ ‬إلى تعليم الصَّغار أحكام الصَّالة‬
‫الصغر‪ ،‬وأرشدهم َّ‬
‫‪ ‬وأهتم المسلمون بالعلم في ِّ‬
‫وتربيتهم عليها‪ ،‬وقد كشف عمر بن الخطاب ‪ ‬عن جانب هام في العلم عندما نصح‬
‫س َّوُدوا)(‪.)5‬‬ ‫لصغر فقال‪( :‬تَفَقَّ ُهوا قَ ْب َل أ ْ‬
‫الناس بالتَّعلم في ا ِّ‬
‫َّ‬
‫(‪)4‬‬
‫َن تُ َ‬
‫‪ ‬وقد نظم أبو الدرداء(‪ )6‬طالبه‪ ،‬وقسمهم ورتبهم في مجموعات لكثرة رواده وصعوبة‬
‫تعليمهم بطريقة مباشرة‪ ،‬وراعى تدرجهم في العلم عند التَّقسيم‪ ،‬فكان يجعلهم عشرة عشرة‪،‬‬
‫السلف في إعمار مساجدهم بالطريقة الصَّحيحة‬
‫وعلى كل عشرة طالب عريفا‪ ،‬فبذلك أهتم َّ‬
‫في إيصال العلم َّ‬
‫الشرعي وغيرها من العلوم(‪.)7‬‬
‫في المسجد َّ‬
‫النبوي طالب كثر‪ ،‬يترددون إليه للقراءة وتعلم القرآن واإلقراء‪ ،‬فأراد‬ ‫(‪)8‬‬
‫‪ ‬كان لنافع‬
‫فلما وصل ُّ‬
‫شق عليه األمر لتزاحم‬ ‫أحد علماء القرآن تعلم القراءة منه فهاجر إليه‪َّ ،‬‬
‫(‪)9‬‬
‫ورش‬

‫الصفَّة‪ :‬موضع مظلل في المسجد كان يأوي إليه الغرباء وفقراء الصحابة رضي اهلل عنهم ومن ليس له‬
‫(‪ُ )1‬‬
‫منزل منهم وكان أبو هريرة رضي اهلل عنه رئيسهم‪ ،‬انظر‪ :‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪.37/5 ،‬‬
‫(‪‌ )2‬عبادة بن الصامت عبادة بن الصامت بن قيس األنصاري الخزرجي‪ ،‬صحابي‪ ،‬من الموصوفين بالورع‪،‬‬
‫وبدر‪ ،‬حضر فتح مصر‪ ،‬وهو أول من ولي القضاء بفلسطين‪ ،‬مات بالرملة‪،‬‬
‫ا‬ ‫شهد العقبة‪ ،‬وكان أحد النقباء‪،‬‬
‫انظر‪ :‬االعالم‪ ،‬الزركلي‪ ،‬ج‪.731/5‬‬
‫الراشدة‪ ،‬أكرم العمري‪ ،‬ج‪.778/8‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬عصر الخالفة َّ‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬تنشئة الطفل وسبل الو َّ‬
‫الدين في معاملته ومواجهة مشكالته‪ ،‬الشيربيني وغيرهم‪ ،‬ج‪.86/8‬‬
‫(‪ )5‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬العلم‪/‬االغتباط في العلم والحكمة‪ ،73/8 ،‬وقال ُعم ُر‪(:‬تفقَّهُوا قبل أن تُس َّوُدوا)‬
‫وبمعنى السِّيادة والمناصب‪ ،‬تعليق مصطفى البغا‪.‬‬
‫(‪‌ )6‬عويمر بن مالك بن قيس بن أمية األنصاري الخزرجي‪ ،‬صحابي من الحكماء واله معاوية قضاء دمشق‬
‫بأمر عم ر بن الخطاب وهو أول قاض بها وهو أحد الذين جمعوا القرآن حفظا على عهد النبي ‪ ‬مات بالشام‪،‬‬
‫انظر‪ :‬موسوعة األعالم‪ ،‬ج‪.711/8‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬عصر الخالفة‪ ،‬أكرم العمري‪ ،‬ج‪.771/8‬‬
‫(‪ )8‬نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي بالوالء المدني‪ ،‬أحد القراء السبعة المشهورين‪ ،‬كان أسود‪ ،‬صبيح‬
‫الوجه‪ ،‬حسن الخلق‪ ،‬فيه دعابة‪ ،‬أصله من أصبهان‪ ،‬اشتهر في المدينة وانتهت إليه رياسة القراءة فيها‪ ،‬وأق أر‬
‫الناس نيفا وسبعين سنة‪ ،‬وتوفي بها‪ ،‬انظر‪ :‬معرفة القراء الكبار على الطبقات واألعصار‪ ،‬الذهبي‪ ،‬ج‪.72/8‬‬
‫(‪)9‬عثمان بن سعيد بن عبد اهلل بن عمرو بن سليمان‪ ،‬ق أر القرآن وتعلَّمه على نافع عدة مرات‪ ،‬لقب بورش لشدة‬
‫بياضه‪ ،‬انظر‪ :‬المرجع السَّابق‪ ،‬ج‪.78/8‬‬

‫‪003‬‬
‫متعلميه‪ ،‬فمكث ينتظر حتى ق أر عليه خمسين أية‪ ،‬وان َّ‬
‫دل ذلك َّ‬
‫فإنما يدل على الصُّورة‬
‫الواضحة عن حلقات العلم‪ ،‬وعظيم شأنها في نفوس المسلمين(‪.)1‬‬
‫‪ .7‬العلوم الحياتية‪:‬‬
‫أ‪ .‬تعريف العلوم الحياتية‪ :‬هي العلوم الَّتي يحتاج إليها اإلنسان ليصلح بها نفسه وحياته‪،‬‬
‫ويعمر به أرضه‪ ،‬ويكتشف ما حوله من خيرات األرض‪ ،‬فمنها علوم الفلك والطِّب‬
‫ِّ‬
‫والكيمياء والنَّبات وغيرها كثير من العلوم الحياتية(‪.)2‬‬
‫ب‪ .‬أهمية العلوم الحياتية‪:‬‬
‫النظم الحضارية‪ ،‬وفتح‬‫رسم اإلسالم المنهج القويم الَّذي يكفل له سبقا عظيما في بناء ُّ‬
‫النفسي‪ ،‬وحثَّهم‬
‫مجاالت االبتكار والتَّحسين فيها والتَّنافس إلشباع رغباتهم وغرائزهم‪ ،‬وميلهم َّ‬
‫إلى جانب ذلك إلى العمل واإلخالص واالنتفاع من كنوز األرض وطاقاتها(‪ ،)3‬قال تعالى‪:‬‬
‫ش ُئ النَّشْأَةَ ْاْل ِخ َرةَ إِنَّ َّ‬
‫َّللاَ َعلَى‬ ‫ض فَا ْنظُ ُروا َكيْفَ بَدَأَ ا ْل َخ ْل َ‬
‫ق ثُ َّم َّ‬
‫َّللاُ يُ ْن ِ‬ ‫﴿قُ ْل ِ‬
‫سي ُروا فِي ْاْلَ ْر ِ‬
‫َي ٍء قَ ِدير ﴾]العنكبوت‪.[71:‬‬ ‫ُك ِّل ش ْ‬
‫ت‪ .‬دور المسجد في نشأة وتطور العلوم الحياتية‬
‫منبر للحضارة والعلم‪ ،‬فقد جاءت السَُّّنة َّ‬
‫النبوية بمجموعة‬ ‫ا‬ ‫لقد كان المسجد منذ تكوينه‬
‫من األحاديث واألفعال النَّبوية الَّتي كانت سبَّاقة في العلم والبناء الكوني‪ ،‬علَّمها رسولنا‪‬‬
‫ألصحابه وأشار إليها في كثير من خطبه‪ ،‬وتوجهاته‪ ،‬نذكر بعضها‪:‬‬
‫ق‬ ‫ث اهللُ إِلَ ْي َها َملَ ًكا‪ ،‬فَ َ‬
‫ص َّو َرَها َو َخلَ َ‬ ‫ون لَ ْيلَ ًة‪َ ،‬ب َع َ‬ ‫الن ْطفَ ِة ِث ْنتَ ِ‬
‫ان َوأ َْرَب ُع َ‬ ‫‪ ‬قال معلِّمنا‪ (:‬إِ َذا م َّر ِب ُّ‬
‫َ‬
‫ُّك َما‬
‫ضي َرب َ‬ ‫ب أَ َذ َكر أَم أُْنثَى؟ فَي ْق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ال‪َ :‬يا َر ِّ ٌ ْ‬ ‫ام َها‪ ،‬ثُ َّم قَ َ‬ ‫ص َرَها َوج ْل َد َها َولَ ْح َم َها َوعظَ َ‬
‫س ْم َع َها َوَب َ‬
‫َ‬
‫ب ا ْل َملَ ُك‪ ،‬ثُ َّم َيقُو ُل‪:‬‬
‫اء‪َ ،‬وَي ْكتُ ُ‬
‫ش َ‬‫َجلُ ُه‪ ،‬فَ َيقُو ُل َرُّب َك َما َ‬ ‫ب أَ‬ ‫ب ا ْل َملَ ُك‪ ،‬ثُ َّم َيقُو ُل‪َ :‬يا َر ِّ‬
‫اء‪َ ،‬وَي ْكتُ ُ‬‫ش َ‬‫َ‬
‫الص ِحيفَ ِة ِفي َي ِد ِه‪ ،‬فََال‬
‫ب ا ْل َملَ ُك‪ ،‬ثُ َّم َي ْخ ُر ُج ا ْل َملَ ُك ِب َّ‬
‫شا َء‪َ ،‬وَي ْكتُ ُ‬ ‫ضي َرُّب َك َما َ‬ ‫ب ِرْزقُ ُه‪ ،‬فَي ْق ِ‬
‫َ‬ ‫َيا َر ِّ‬
‫ص )(‪ ،)4‬وهذا ما أكده العلم الحديث وجاء به العلماء‪ ،‬وتطابق‬ ‫ِ‬ ‫َي ِز ُ‬
‫يد َعلَى َما أُم َر َوَال َي ْنقُ ُ‬
‫بدقة كبيرة مع الصُّور التي تلتقطُ للجنين‪ ،‬وهو في نهاية األسبوع السادس (‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬كيف تق أر القرآن الكريم برواية اإلمام قالون عن نافع المدني‪ ،‬المقروش‪ ،‬ج‪.81/8‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مناهج البحث في العلوم السِّياسية‪ ،‬ربيع‪ ،‬ج‪.88/8‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬الحضارة اإلسالمية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر‬
‫الرحمن ِّ‬
‫الدمشقي‪ ،‬ج‪.75/8‬‬ ‫األمم‪ ،‬عبد َّ‬
‫أمه‪ :7156/2 ،‬رقم الحديث‪.7723‬‬
‫(‪ )4‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬القدر‪ /‬كيفية خلق اآلدمي في بطن ِّ‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬موسوعة اإلعجاز العلمي في القرآن والسَُّّنة‪َّ ،‬‬
‫النابلسي‪ ،‬ج‪.11/8‬‬

‫‪009‬‬
‫س َحاب‬ ‫ت فِي بَ ْح ٍر لُ ِّج ٍّي يَ ْغشَاهُ َم ْوج ِمنْ فَ ْوقِ ِه َم ْوج ِمنْ فَ ْوقِ ِه َ‬ ‫‪ ‬وقال تعالى‪ ﴿:‬أَ ْو َكظُلُ َما ٍ‬
‫ض إِ َذا أَ ْخ َر َج يَ َدهُ لَ ْم يَ َك ْد يَ َراهَا َو َمنْ لَ ْم يَ ْج َع ِل َّ‬
‫َّللاُ لَهُ نُوراً فَ َما لَهُ ِمنْ‬ ‫ق بَ ْع ٍ‬ ‫ض َها فَ ْو َ‬
‫ظُلُ َمات بَ ْع ُ‬
‫نُور﴾[النور‪ ، ]21 :‬فإذا غاص اإلنسان إلى أعماق شديدة حيث الظَّالم على عمق ‪711‬‬
‫فإنه ال يمكنه أن يرى شيئا‪ ،‬أو حتى يبقى حيا نتيجة الظُّلمات المتراكمة الَّتي تتراكم‬ ‫مت ار َّ‬
‫الناشئة نتيجة اختفاء األلوان‪ ،‬وزوالها(‪.)1‬‬ ‫بعضها فوق بعض و َّ‬
‫ب السعير﴾[الملك‪، ]81 :‬‬ ‫‪ ‬وقال تعالى‪َ ﴿:‬وقَالُو ْا لَ ْو ُكن َّا نَ ْ‬
‫س َم ُع أَ ْو نَ ْعقِ ُل َما ُكنَّا في أَ ْ‬
‫ص َحا ِ‬
‫ينطق‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أصم كان أبكم‪ ،‬فالذي ال يسمعُ ال‬ ‫أن الَّذي كان َّ‬ ‫يبيِّن اإلسالم حقيقة علمية؛ وهي َّ‬
‫ف مع المعوقين ًّ‬
‫عقليا‪ ،‬لكن من الذين فقدوا‬ ‫ف عقليًّا‪ ،‬ويصن ُ‬ ‫ينطق متخل ٌ‬ ‫ُ‬ ‫والذي ال يسمعُ‪ ،‬وال‬
‫بصرهم دون سمعهم كانوا قمة في العلم واألدب‪ ،‬وأعالما(‪ ،)2‬وهذا ما علَّمه رسولنا وتدارسه‬
‫الذكر والعلم في مسجده‪.‬‬ ‫صحابته الكرام في حلقات ِّ‬
‫يصف‬
‫ُ‬ ‫صدع﴾ [الطارق‪، ]87-88 :‬‬ ‫ت ال َّرجع * واْلرض َذا ِ‬
‫ت ال َّ‬ ‫‪ ‬وقال تعالى‪﴿:‬وال َّ‬
‫سماء َذا ِ‬
‫العلم‬ ‫اهلل سبحانه وتعالى السَّماء بك ٍ‬
‫أما ُ‬ ‫ت ال َّرجع﴾‪ ،‬و َّ‬
‫سماء َذا ِ‬‫لمة واحدة بقوله تعالى‪﴿:‬وال َّ‬
‫يسير في ٍ‬
‫مدار حول‬ ‫فالقمر ُ‬ ‫ُ‬ ‫دعم هذا الوصف المعجز وتقويه‪،‬‬ ‫حقائق جديدةٌ ت ُ‬ ‫ُ‬ ‫فقد اكتُشف‬
‫مدار حول‬‫لمستقر لها في ٍ‬
‫ٍّ‬ ‫الشمس ايضا تجري‬
‫يذهب‪ ،‬ثم يرجعُ إلى مكانه ‪ ،‬و ُ‬ ‫ُ‬ ‫األرض‪،‬‬
‫بات كذلك‪ ،‬فسبحان اهلل وخالق األكوان‪ ،‬مبلَّغ‬ ‫ٍ‬
‫نجم آخر‪ ،‬وتعود إلى مكانها السَّابق‪ ،‬والمذن ُ‬
‫الرسالت(‪.)3‬‬
‫ضاةٌ لِ َّلر ِّ‬
‫َم ْط َه َرةٌ لِ ْلفَِم َم ْر َ‬
‫‪ ‬قالت عائشة‪ ‬عن النَّب ِّي ‪ِّ (:‬‬
‫(‪)4‬‬
‫َن‬
‫ب) ‪ ،‬وقوله‪(:‬لَ ْوَال أ ْ‬ ‫الس َوا ُك‬
‫للسواك عدةُ منافع؛‬ ‫أن ِّ‬‫ص َال ٍة)(‪ )5‬من المعلوم َّ‬
‫اك ِع ْن َد‬‫السو ِ‬
‫َم ْرتُ ُه ْم ِب ِّ َ‬
‫ُك ِّل َ‬
‫ق علَى أ َّ ِ‬
‫ُمتي َأل َ‬ ‫ش َّ َ‬
‫أَ ُ‬
‫ويصح المعدة‪ ،‬ويصفِّي‬
‫ُّ‬ ‫ويشد اللِّثة‪ ،‬ويمنع البلغم‪ ،‬ويجلو البصر‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ِّب الفم‪،‬‬ ‫فهو يطي ُ‬
‫الصَّوت‪ ،‬ويساعد على هضم الطعام‪ ،‬ويسهِّ ُل مجاري الكالم‪ ،‬وينشطُ للقراءة‪ ،‬و ِّ‬
‫الذكر‪،‬‬
‫ثم أظهرت‬
‫ويكث ُر الحسنات‪َّ ،‬‬
‫ب المالئكة‪ُ ،‬‬
‫ويعج ُ‬
‫ب‪ُ ،‬‬ ‫طرد النَّوم‪ ،‬ويرضي َّ‬
‫الر َّ‬ ‫والصَّالة‪ ،‬وي ُ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬قواعد تتناول اإلعجاز العلمي والطِّبي في السَُّّنة وضوابطه‪ ،‬المصلح‪ ،‬ج‪.51/8‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬موسوعة اإلعجاز العلمي في القرآن والسَُّّنة ‪َّ ،‬‬
‫النابلسي‪ ،‬ج‪.857/8‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬المرجع السَّابق‪ ،‬ج‪.8/7‬‬
‫الرطب واليابس للصائم‪ ،58/5،‬حديث‪(:‬لوال أن أ ُش َّ‬
‫ق على‬ ‫السواك ُّ‬
‫(‪ )4‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬الصَّوم‪ُّ /‬‬
‫ُمتي‪..‬‬
‫أ َّ‬
‫السواك‪ :771/8،‬رقم الحديث‪.737‬‬
‫(‪ )5‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬الطهارة ‪ِّ /‬‬

‫‪001‬‬
‫نفسها التي يحقِّقها‬ ‫اآلثار الَّتي يحققها ِّ‬
‫السواك هي ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫الدراسات العلمية على مزارع الجراثيم‬
‫البنسلين‪ ،‬وهو مادة مضادة للجراثيم(‪.)1‬‬
‫من ذلك يتضح دور المسجد َّ‬
‫النبوي سابقا‪ ،‬والمساجد اإلسالمية الالحقة في نشر العلوم‬
‫الدينية ‪ ،‬والتَّربوية‪ ،‬والهدف األسمى الَّذي يحققه هذا ِّ‬
‫الصرح العظيم في بناء‬ ‫والمعرفة ِّ‬
‫الحضارة اإلسالمية‪ ،‬ورقيها أخالقيا وعلميا‪ ،‬ودينيا‪ ،‬ونشأة مجتمع مثقف واعي‪ ،‬قوي‪،‬‬
‫مكافح‪ ،‬طموح متطلع لغد أفضل بإذن اهلل‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬موسوعة اإلعجاز العلمي في القرآن والسَُّّنة‪َّ ،‬‬


‫النابلسي‪ ،‬ج‪.837/7‬‬

‫‪000‬‬
‫الخاتمة‬
‫من خالل دراسة المساجد ودورها في بناء الفرد والمجتمع خلصت الباحثة إلى جملة من َّ‬
‫النتائج‬
‫والتَّوصيات نذكرها في ما يلي‪:‬‬

‫أوَّل‪ :‬النتائج‬
‫السجود بالنسبة لإلنسان يسجد فيه طوعا على مواضع مخصوصة من بدنه‬
‫‪ .8‬المسجد مكان ُّ‬
‫للصالة والعبادة و ِّ‬
‫الذكر‪.‬‬ ‫ويتخذ َّ‬
‫ُ‬
‫‪ .7‬للمسجد ألفاظ ونظائر تدل على معناه كمكان للعبادة‪ ،‬كالمحراب والبيت والمصلَّى‪ ،‬أو تدل‬
‫للصالة و ِّ‬
‫الذكر دون التقيد بمكان كغار حراء‪ ،‬وبطن الحوت‪،‬‬ ‫على فكرة المسجد بأن ُيتخذ َّ‬
‫والكهف‪.‬‬
‫‪ .5‬إ َّن في السَّعي في بناء المساجد الفضل العظيم واألجر الكريم لما فيه من اشعار لكلمة اهلل‬
‫سنة َّ‬
‫النبي‪.‬‬ ‫تعالى‪ ،‬وتعلم شرائعه‪ ،‬واتباع َّ‬
‫ثم إعمار‬ ‫الصالة و َّ‬
‫الزكاة وخشية اهلل َّ‬ ‫‪ .2‬إ َّن من أولويات اإلنسان اإليمان باهلل تعالى‪ ،‬واقامة َّ‬
‫المساجد‪ ،‬و َّ‬
‫الدعوة إليها‪.‬‬
‫‪ .3‬تتمثل عمارة المساجد بالعمارة المادية‪ ،‬وهي بذلك الجهد والمال من أجل بناء المساجد‬
‫وتنظيفها وانارتها أو عمارة معنوية‪ ،‬تكمن في عبادة المسلم في مسجده واحياءه بالقرآن‬
‫الصالة‪.‬‬ ‫و ِّ‬
‫الذكر و َّ‬
‫‪ .7‬يعتبر المسجد الحرام من أفضل المساجد التي بنيت وأولها‪ ،‬فهو بيت اهلل الحرام‪ ،‬ولكونه‬
‫مرتبط بركن من أركان اإلسالم الحج‪ ،‬كما وتبرز مكانته لوجود الحجر األسود فيه‪ ،‬ومقام‬
‫الصفا والمروة‪ ،‬كما ال يخفى فضل عرفة‪.‬‬
‫إبراهيم‪ ،‬وماء زمزم وجبل َّ‬
‫النبوي ثاني أقدس موقع في اإلسالم منه انطلقت َّ‬
‫الدعوة اإلسالمية وانتشرت في‬ ‫‪ .6‬المسجد َّ‬
‫جميع ربوع العالم‪ ،‬ويبرز فضله لوجوده في المدينة المنورة التي التجأ إليها رسولنا‪ ،‬وضمه‬
‫النبوية‪.‬‬ ‫الروضة َّ‬
‫الشريفة والحجرة َّ‬ ‫أهلها عند بأسه ‪ ،‬فيه منبر َّ‬
‫النبي و َّ‬
‫‪ .1‬المسجد األقصى أولى القبلتين ومسرى نبي االسالم محمد‪ ‬ليلة األسراء والمعراج‪ ،‬وواحد‬
‫الرحال (المسجد الحرام والمسجد َّ‬
‫النبوي والمسجد‬ ‫ُّ‬
‫تشتد إليها ِّ‬ ‫من المساجد الثَّالثة التي‬

‫‪000‬‬
‫الرسل وأرضها‬
‫األقصى) كما وتبرز أهميته لمكانه الجغرافي‪ ،‬والديني فهو مهبط األنبياء و ُّ‬
‫ومن حولها مباركة عظيمة‪.‬‬
‫الصخرة‪ ،‬والحرم القدسي‬
‫‪ .7‬القدس أهم الحضارات وأقدسها متمثلة بالمسجد االقصى‪ ،‬وقبة َّ‬
‫والجامع العمري‪ ،‬وحائط البراق‪.‬‬
‫‪ .81‬المسجد األقصى أرض الطائفة المنصورة‪ ،‬ووعد اآلخرة بالتَّمكين والنَّصر على األعداء‬
‫واعالء كلمة اهلل فيه‪.‬‬
‫‪ .88‬أهمية بناء الفرد المسلم من خالل عودة صادقة إلى اهلل سبحانه وتعالى‪ ،‬والتَّطلع إلى مقعد‬
‫الناس بالتَّقوى والعمل‪.‬‬
‫الحياة المتميزة لقيادة َّ‬
‫بالرسول‪ ،‬والصحابة الكرام‪ ،‬وصفاتهم األخالقية‬
‫باالقتداء َّ‬ ‫‪ .87‬تسمو شخصية المسلم‬
‫الدينية والتَّربوية‪.‬‬
‫االجتماعية و ِّ‬
‫‪ .85‬إ َّن تمام حرية المسلم تك ُمن في قمة تقديره لنفسه‪ ،‬واالهتمام بها‪ ،‬وتخلصه من األهواء‬
‫و َّ‬
‫الشهوات واحترام ما حوله‪ ،‬وموازنة ذلك بتحكيم عقله‪ ،‬وسعة إدراكه لفضائل األُمور‪.‬‬
‫‪ .82‬إ َّن المجتمع المسلم مجتمع رَّباني إنساني اخالقي متوازن‪ ،‬يتفق فيه الجانب القانوني من‬
‫حدود وعقوبات‪ ،‬وجانب أخالقي تجمله اآلداب االسالمية‪ ،‬وتهيمن عليه القيم االلهية‪،‬‬
‫وتحكمه التَّشريعات االسالمية‪ُ ،‬يبنى على أُسس صحيحة من االعتزاز باألرض وحسن‬
‫العقيدة‪ ،‬وتطوير االنسان‪.‬‬
‫‪ .83‬للمسجد دور مهم تجاه تربية المسلم فهو مركزه التَّعبدي‪ ،‬فيه راحة المسلم َّ‬
‫النفسية‪ ،‬يطمئن‬
‫قلبه فيه وتتزكى نيته‪ ،‬وتتصفى روحانياته‪ ،‬وتعلو عزيمته‪ ،‬وتتسامى إرادة العبادة والعمل‪،‬‬
‫يتربى فيه المسلم على الطهارة‪ ،‬واالطمئنان فهو روضة من رياض َّ‬
‫الجنة‪.‬‬
‫‪ .87‬المسجد مركز عبادة يحافظ على فطرة اإلنسان يربط النشء برِّبه منذ اإلدراك والتَّميز‪،‬‬
‫يحافظ على المجتمع من االنحراف وانتشار الفواحش باإلرشاد والموعظة‪ ،‬فهو أمان المسلم‬
‫وحضنه َّ‬
‫الدائم‪.‬‬
‫‪ .86‬المسجد مركز تعليمي بأدواره المتعددة والتي تمتاز ُّ‬
‫بالشمولية والتَّكامل في أُمور ُّ‬
‫الدنيا‬
‫واآلخرة فهو المحور التَّعليمي والمدرسة ُّ‬
‫السلوكية‪.‬‬

‫‪003‬‬
‫مركز عظيما إلحياء القرآن الكريم‪ ،‬ومكانته من خالل مراكز الحفظ‪ ،‬وتعليم القرآن‬
‫ا‬ ‫‪ .81‬المسجد‬
‫وتدارسه في حلقات ِّ‬
‫الذكر والتَّفسير لفهم معانيه‪.‬‬
‫‪ .87‬المسجد الثَّكنة العسكرية األولى في االسالم وصناعة ِّ‬
‫الرجال يتربى المجاهدون فيه‬
‫فيتعلمون الثَّبات في القتال‪ ،‬فهو ميدان ُّ‬
‫الرجولة واالنتصارات من خالل ترسيخ أثر العبادة‬
‫في قلوب مرتاديه والوصول إلى كمال اإليمان في حب اهلل تعالى ورسوله‪.‬‬
‫‪ .71‬المسجد بجميع كوادره ملك لجميع أطياف المجتمع‪ ،‬لذلك البد من التَّركيز على اشتمال‬
‫الديني‪ ،‬والتَّذكير‬
‫جميع فئات المجتمع والمؤسسات الحكومية واألهلية لحمالت الوعي ِّ‬
‫المستمر لدور المساجد‪ ،‬واثرها في بناء الفرد والمجتمع‪.‬‬

‫‌‬

‫‪002‬‬
‫ثانيا‪ :‬التَّوصيات‬
‫السر والعلن حتى يكون لنا حافظا‪.‬‬
‫‪ .8‬أوصي نفسي واخواني بتقوى اهلل تعالى‪ ،‬وطاعته في ِّ‬
‫‪ .7‬االهتمام بالمساجد إلعادة دورها األصيل في بناء الفرد والمجتمع‪ ،‬توفير جميع وسائل‬
‫الدينية والتَّربوية و ِّ‬
‫السياسية‪.‬‬ ‫النهوض بدور المسجد الستكمال رسالته ِّ‬
‫ُّ‬
‫‪ .5‬الحرص على تعويد َّ‬
‫الناشئة في ارتياد المساجد‪ ،‬و ُّ‬
‫حب زيارتها والمكوث بها‪.‬‬
‫‪ .2‬توعية المجتمع إلى أهمية المحافظة على المساجد كمؤسسة عامة من خالل عمارتها ماديا‬
‫ومعنويا‪ ،‬والمحافظة على ممتلكاته ونظافته وتعلم آداب زيارته‪.‬‬
‫الصحيحة‪،‬‬
‫الشرعية بصورتها َّ‬ ‫‪ُّ .3‬‬
‫حث المرأة على اإللتزام بمساجد اهلل‪ ،‬وتعلم القرآن واألحكام َّ‬

‫وزيادة وعيها الثَّقافي واالجتماعي من خالل دروس الوعظ واالرشاد‪.‬‬


‫مما‬
‫‪ .7‬يجب اهتمام المؤسسات الحكومية واألهلية بإبراز دور المساجد في تكوين الناشئة اكثر َّ‬
‫ئمة والعاملين فيها‪.‬‬
‫هو عليه من خالل تطوير األ َّ‬
‫‪ .6‬يلزم إبراز دور المسجد المحوري في معالجة قضايا األُمة اإلسالمية وكيفية عودتها إلى‬
‫تحكيم كتاب اهلل في التَّشريعات والقضايا المصيرية‪.‬‬
‫‪ .1‬إعادة تأهيل أئمة المساجد وخطبائها حتى يكونوا أهال لحمل األمانة الصَّعبة والثَّقيلة‪.‬‬

‫‪000‬‬
‫المصادر والمراجع‬

‫‪000‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫‪ .8‬إتحاف فضالء البشر في القراءات األربعة عشر‪ ،‬أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد‬
‫الغني الدمياطي‪ ،‬الشهير بالبناء‪ ،‬المحقق‪ :‬أنس مهرة‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪،5‬‬
‫‪7117‬م ‪8276 -‬هـ ‪.‬‬
‫‪ .7‬األثر التربوي للمسجد‪ ،‬أ‪ .‬د صالح بن غانم بن عبد اهلل بن سليمان بن علي السدالن‪،‬‬
‫(د‪ .‬م)‪( ،‬د‪ .‬ن)‪( ،‬د‪ .‬ط)‪( ،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .5‬أثر العلماء في تحقيق رسالة المسجد‪ ،‬د‪ .‬ناصر بن عبد الكريم العقل‪ ،‬المملكة الربية‬
‫السعودية‪ ،‬و ازرة الشئون اإلسالمية واألوقاف والدعوة واإلرشاد‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪8281‬هـ‪.‬‬
‫‪ .2‬أحكام القرآن‪ ،‬القاضي محمد بن عبد اهلل أبو بكر بن العربي المعافري االشبيلي‬
‫المالكي‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ 8272 ،5‬هـ ‪ 7115 -‬م ‪.‬‬
‫‪ .3‬إحياء علوم الدين‪ ،‬أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار المعرفة‪،‬‬
‫(د‪ .‬ط)‪(،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫الصهيوني في فلسطين‪8721‬م‪8765-‬م‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫‪ .7‬اإلرهاب‬
‫السعودية‪7117 ،‬م‪-‬‬
‫منصور معاضة سعد العمري‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬المملكة العربية َّ‬
‫‪8276‬ه‪.‬‬
‫‪ .6‬أصول الدعوة وطرقها‪ ،‬مناهج جامعة المدينة العالمية‪( ،‬د‪ .‬م)‪ ،‬جامعة المدينة‬
‫العالمية‪(،‬د‪ .‬ط)‪(،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .1‬األعالم‪ ،‬خير ِّ‬
‫الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس‪ ،‬الزركلي الدمشقي‪(،‬د‪ .‬م)‪،‬‬
‫دار العلم للماليين‪ ،‬ط‪ 7117 ،3‬م‪.‬‬
‫‪ .7‬أنوار التَّنزيل وأسرار التَّأويل‪ ،‬ناصر الدين أبو سعيد عبد اهلل بن عمر بن محمد الشيرازي‬
‫البيضاوي‪ ،‬المحقق‪ :‬محمد عبد الرحمن المرعشلي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار إحياء التَّراث العربي ‪،‬‬
‫ط‪ 8281 ،8‬هـ‪.‬‬
‫‪ .81‬اإليمان بالقرآن الكريم والكتب السماوية‪ ،‬علي محمد محمد الصَّالَّبي‪( ،‬د‪ .‬م)‪ ،‬المكتبة‬
‫العصرية للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة األولى‪(،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬

‫‪002‬‬
‫‪ .88‬البرهان في علوم القرآن‪ ،‬أبو عبد اهلل بدر الدين محمد بن عبد اهلل بن بهادر الزركشي‪،‬‬
‫المحقق‪ :‬محمد أبو الفضل إبراهيم‪(،‬د‪ .‬م)‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى‬
‫الحلبي وشركائه‪ ،‬الطبعة األولى‪ 8567 ،‬هـ ‪ 8736 -‬م‪.‬‬
‫‪ .87‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬محمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسيني المرتضى‪،‬‬
‫َّ‬
‫الزبيدي المحقق‪ :‬مجموعة من المحققين‪(،‬د‪ .‬م)‪ ،‬دار الهداية‪(،‬د‪ .‬ط)‪(،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .85‬تاريخ اإلسالم ووفيات المشاهير واألعالم ‪ ،‬شمس الدين أبو عبد اهلل محمد بن أحمد‬
‫بن عثمان بن قايماز الذهبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عمر عبد السالم التدمري‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتاب‬
‫العربي‪ ،‬ط‪ 8285 ،7‬هـ ‪ 8775 -‬م‪.‬‬
‫‪ .82‬تاريخ بغداد‪ ،‬أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي الخطيب البغدادي‪،‬‬
‫المحقق‪ :‬الدكتور بشار عواد معروف‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬ط‪8827 ،8‬هـ ‪-‬‬
‫‪7117‬م‪.‬‬
‫‪ .83‬تاريخ بيت المقدس‪ ،‬جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي‪،‬‬
‫المحقق‪ :‬محمد زينهم محمد عزب‪( ،‬د‪ .‬م)‪ ،‬مكتبة الثقافة الدينية‪(،‬د‪ .‬ط)‪(،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .87‬تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر َّ‬
‫الشريف‪ ،‬محمد بن أحمد‬
‫بن الضياء محمد القرشي العمري المكي الحنفي‪ ،‬بهاء ِّ‬
‫الدين أبو البقاء‪ ،‬المعروف بابن‬
‫ِّ‬
‫الضياء‪ ،‬المحقق‪ :‬عالء إبراهيم‪ ،‬أيمن نصر‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬ط‪،7‬‬
‫‪8272‬هـ ‪7112 -‬م ‪.‬‬
‫النظار في غرائب األمصار وعجائب األسفار‪ ،‬ابن بطوطة‪ ،‬تحقيق‪ :‬ا َّ‬
‫لشيخ‬ ‫‪ .86‬تحفة َّ‬
‫محمد عبد المنعم العريان‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‪ ،‬دار إحياء العلوم‪ ، ،‬ط‪8216 ،8‬ه‪-‬‬
‫‪8716‬م‬
‫‪ .81‬تراجم موجزة عن األعالم‪ ،‬موقع و ازرة األوقاف المصرية‪(،‬د‪ .‬ط)‪(،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .87‬التربية اإلسالمية أصولها وتطورها في البالد العربية‪ ،‬محمد منير مرسي‪( ،‬د‪.‬م)‪ ،‬عالم‬
‫الكتب‪( ،‬د‪ .‬ط) ‪8273‬هـ‪.7113 -‬‬
‫‪ .71‬التربية اإلسالمية أصولها ومنهجها ومعلمها‪ ،‬عاطف السيد‪( ،‬د‪ .‬م)‪( ،‬د‪ .‬ن)‪( ،‬د‪ .‬ط)‪،‬‬
‫(د‪ .‬ت)‪.‬‬

‫‪003‬‬
‫‪ .78‬التَّرغيب والتَّرهيب‪ ،‬إسماعيل بن محمد بن الفضل بن علي القرشي الطليحي التَّيمي‬
‫األصبهاني‪ ،‬أبو القاسم‪ ،‬الملقب بقوام السنة‪ ،‬المحقق‪ :‬أيمن بن صالح بن شعبان‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬ط‪ 8282 ،8‬هـ ‪ 8775 -‬م‪.‬‬
‫‪ .77‬تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم‪ ،‬أبو السعود العمادي‬
‫محمد بن محمد بن مصطفى‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪(،‬د‪ .‬ط)‪(،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .75‬التفسير الحديث‪ ،‬دروزة محمد عزت‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية‪( ،‬د‪ .‬ط)‪،‬‬
‫‪ 8515‬ه‪.‬‬
‫الراغب األصفهاني‪ ،‬أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب‬
‫‪ .72‬تفسير َّ‬
‫األصفهانى‪،‬‬
‫جزء ‪ ،8‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬محمد عبد العزيز بسيوني‪ ،‬كلية اآلداب ‪ -‬جامعة طنطا‪ ،‬ط‪،8‬‬
‫‪ 8271‬هـ ‪ 8777 -‬م‪ ،‬جزء ‪ :5 ،7‬من أول سورة آل عمران ‪ -‬وحتى اآلية ‪ 885‬من‬
‫الرياض‪ ،‬دار الوطن ‪ ،‬ط‪ 8272 ،8‬هـ‬ ‫سورة النساء تحقيق‪ :‬د‪ .‬عادل بن علي ِّ‬
‫الشدي‪ِّ ،‬‬
‫‪ 7115 -‬م ‪.‬‬
‫‪ .73‬تفسير الشعراوي‪ ،‬محمد متولي الشعراوي‪(،‬د‪ .‬م)‪ ،‬مطابع أخبار اليوم‪(،‬د‪ .‬ط)‪،‬‬
‫‪8776‬م‪.‬‬
‫‪ .77‬تفسير القرآن الحكيم = تفسير المنار‪ ،‬محمد رشيد بن علي رضا بن محمد شمس‬
‫الدين بن محمد بهاء الدين بن منال علي خليفة القلموني الحسيني‪(،‬د‪ .‬م)‪ ،‬الهيئة‬
‫المصرية العامة للكتاب‪(،‬د‪ .‬ط)‪ 8771 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .76‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري الدمشقي‪،‬‬
‫المحقق‪ :‬سامي بن محمد سالمة‪(،‬د‪ .‬م)‪ ،‬دار طيبة للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪8271 ،7‬هـ ‪-‬‬
‫‪8777‬م‬
‫‪ .71‬تفسير القرآن الكريم‪ ،‬محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم‬
‫الجوزية ‪ ،‬المحقق‪ :‬مكتب الدراسات والبحوث العربية واإلسالمية بإشراف الشيخ إبراهيم‬
‫رمضان‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار ومكتبة الهالل ‪ ،‬ط‪ 8281 ،8‬هـ‪.‬‬

‫‪009‬‬
‫‪ .77‬التفسير القرآني للقرآن‪ ،‬عبد الكريم يونس الخطيب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الفكر العربي‪(،‬د‪ .‬ط)‪،‬‬
‫(د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .51‬تفسير الماوردي = النكت والعيون‪ ،‬أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب‬
‫السيد ابن عبد المقصود بن عبد‬
‫البصري البغدادي‪ ،‬الشهير بالماوردي‪ ،‬المحقق‪َّ :‬‬
‫الرحيم‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‪ ،‬دار الكتب العلمية‪(،‬د‪ .‬ط)‪(،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .58‬التفسير الوسيط للقرآن الكريم‪ ،‬محمد سيد طنطاوي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار نهضة مصر للطباعة‬
‫و َّ‬
‫النشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،8‬أجزاء ‪ ،8776 ،5 – 8‬جزء ‪ ،8776 ،2‬جزء ‪،8776 ،3‬‬
‫أجزاء ‪ ،8771 ،6 – 7‬أجزاء ‪ ،8771 ،82 – 1‬جزء ‪.8771 ،83‬‬
‫‪ .57‬تفسير مجاهد‪ ،‬أبو الحجاج مجاهد بن جبر التابعي المكي القرشي المخزومي‪،‬‬
‫المحقق‪ :‬الدكتور محمد عبد السالم أبو النيل‪ ،‬مصر‪ ،‬دار الفكر اإلسالمي الحديثة‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ 8281 ،‬هـ ‪ 8717 -‬م‪.‬‬
‫‪ .55‬تنشئة الطفل وسبل الوالدين في معاملته ومواجهة مشكالته‪ ،‬دكتور زكريا الشربينى‪-‬‬
‫دكتورة يسرية صادق‪( ،‬د‪ .‬م)‪ ،‬دار الفكر العربي‪( ،‬د‪ .‬ط)‪( ،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .52‬تهذيب اللغة‪ ،‬محمد بن أحمد بن األزهري الهروي‪ ،‬المحقق‪ :‬محمد عوض مرعب‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬ط‪7118 ،8‬م ‪.‬‬
‫‪ .53‬التَّوجيه اإلسالمي للنمو اإلنساني عند طالب التعليم العالي‪ ،‬عبد الرحمن بن عبد اهلل‬
‫الزيد‪( ،‬د‪ .‬م)‪،‬الجامعة االسالمية بالمدينة المنورة‪(،‬د‪ .‬ط)‪8287 ،‬ه‪8286-‬هـ ‪.‬‬
‫‪ .57‬التَّوقيف على مهمات التَّعاريف‪ ،‬زين الدين محمد المدعو بعبد الرؤوف بن تاج‬
‫العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬عالم الكتب ‪ 51‬عبد الخالق ثروت‬
‫ط‪8281 ،8‬هـ‪8771-‬م‪.‬‬
‫‪ .56‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان‪ ،‬عبد الرحمن بن ناصر بن عبد اهلل‬
‫السعدي‪ ،‬المحقق‪ :‬عبد الرحمن بن معال اللويحق‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪8271 ،8‬هـ ‪-‬‬
‫‪ 7111‬م‪.‬‬

‫‪031‬‬
‫‪ .51‬الثقات‪ ،‬محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن معبد‪ ،‬التميمي‪ ،‬أبو حاتم‪،‬‬
‫البستي‪ ،‬الهند‪ ،‬دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند‪ ،‬ط‪8575 ،8‬ه‬
‫الدارمي‪ُ ،‬‬
‫‪8765 -‬م‪.‬‬
‫‪ .57‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب اآلملي‪ ،‬أبو‬
‫جعفر الطبري‪ ،‬المحقق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪(،‬د‪ .‬م)‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪ 8271 ،8‬هـ ‪-‬‬
‫‪ 7111‬م‬
‫وسننه وأيامه = صحيح‬ ‫‪‬‬ ‫‪ .21‬الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول اهلل‬
‫البخاري‪ ،‬محمد بن إسماعيل أبو عبداهلل البخاري الجعفي‪ ،‬المحقق‪ :‬محمد زهير بن‬
‫ناصر الناصر‪(،‬د‪ .‬م)‪ ،‬دار طوق النجاة‪ ،‬ط‪8277 ،8‬هـ‪.‬‬
‫‪ .28‬جامع بيان العلم وفضله‪ ،‬أبو عمر يوسف بن عبد اهلل بن محمد بن عبد البر بن‬
‫عاصم النمري القرطبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبي األشبال الزهيري‪ ،‬المملكة العربية السُّعودية‪ ،‬دار‬
‫ابن الجوزي‪ ،‬ط‪ 8282 ،8‬هـ ‪ 8772 -‬م ‪.‬‬
‫‪ .27‬الجامع ألحكام القرآن = تفسير القرطبي‪ ،‬أبو عبد اهلل محمد بن أحمد بن أبي بكر بن‬
‫فرح األنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد البردوني وابراهيم أطفيش‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬دار الكتب المصرية ‪ ،‬ط‪8512 ،7‬هـ ‪ 8772 -‬م‬
‫‪ .25‬جمهرة اللغة‪ ،‬أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد األزدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬رمزي منير بعلبكي‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬ط‪8716 ،8‬م ‪.‬‬
‫السبع‪ ،‬الحسين بن أحمد بن خالويه‪ ،‬أبو عبد اهلل‪ ،‬المحقق‪ :‬د‪.‬‬
‫‪ .22‬الحجة في القراءات َّ‬
‫عبد العال سالم مكرم‪ ،‬األستاذ المساعد بكلية اآلداب ‪ -‬جامعة الكويت‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار‬
‫الشروق ط‪8218،2‬هـ ‪.‬‬
‫‪ .23‬حدائق األنوار ومطالع األسرار في سيرة َّ‬
‫النبي المختار‪ ،‬محمد بن عمر بن مبارك‬
‫الحميري الحضرمي َّ‬
‫الشافعي‪ ،‬الشهير بـ بحرق‪ ،،‬تحقيق‪ :‬محمد غسان نصوح عزقول‪،‬‬
‫جدة‪ ،‬دار المنهاج ‪ ،‬ط‪ 8287 ، 8‬هـ‪.‬‬

‫‪030‬‬
‫‪ .27‬الحضارة اإلسالمية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من‬
‫تأثيرها في سائر األمم‪ ،‬عبد الرحمن بن حسن حبَّنكة الميداني الدمشقي‪ ،‬دمشق‪ ،‬دار‬
‫القلم‪ ،‬ط‪8281 ،8‬هـ‪8771-‬م ‪.‬‬
‫‪ .26‬حقوق اإلنسان والقضايا الكبرى‪ ،‬كامل إسماعيل الشريف‪( ،‬د‪ .‬م)‪ ،‬مجلة مجمع الفقه‬
‫اإلسالمي‪(،‬د‪ .‬ط)‪(،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .21‬الخطابة‪ ،‬مناهج جامعة المدينة العالمية‪(،‬د‪ .‬م)‪ ،‬جامعة المدينة العالمية‪( ،‬د‪ .‬ط)‪،‬‬
‫(د‪.‬ت)‪.‬‬
‫‪ .27‬دستور األخالق في القرآن‪ ،‬محمد بن عبد اهلل دراز‪(،‬د‪ .‬م) مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪،81‬‬
‫‪8281‬هـ‪8771 -‬م ‪.‬‬
‫‪ .31‬الدعوة إلى اهلل وأخالق الدعاة‪ ،‬عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز‪ ،‬الرياض ‪ -‬المملكة‬
‫العربية السعودية‪ ،‬رئاسة إدارة البحوث العلمية واإلفتاء‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ 8275 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪7117‬م‬
‫‪ .38‬دليل الداعية‪ ،‬ناجي بن دايل السلطان‪( ،‬د‪ .‬م)‪ ،‬دار طيبة الخضراء‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫(د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .37‬دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين‪ ،‬محمد علي بن محمد بن عالن بن إبراهيم‬
‫البكري الصديقي الشافعي‪ ،‬بيروت – لبنان‪ ،‬دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الطبعة الرابعة‪ 8273 ،‬هـ ‪ 7112 -‬م‬
‫‪ .35‬دور المسجد في الوقاية من االنحرافات دراسة ميدانية على أئمة ومرتادي المساجد‬
‫بشرق الرياض‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬متعب بن علي المشعوف‪ ،‬جامعة نايف‬
‫العربية للعلوم األمنية‪8271 ،‬ه‪7116 -‬م‪.‬‬
‫السياسي في المجتمع العراقي المعاصر دراسة‬
‫‪ .32‬دور المسجد في تحقيق االندماج ِّ‬
‫تحليلية من منظور اجتماعي‪ ،‬حمدان رمضان محمد‪ ،‬مجلة كلية العلوم االسالمية‪،‬‬
‫السابع‪ ،‬العدد الثالث عشر‪7185 ،‬م‪.‬‬
‫المجلد َّ‬
‫‪ .33‬الرحيق المختوم‪ ،‬صفي الرحمن المباركفوري‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الهالل‪ (،‬د‪ .‬ط)‪(،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬

‫‪030‬‬
‫‪ .37‬روح البيان‪ ،‬إسماعيل حقي بن مصطفى اإلستانبولي الحنفي الخلوتي ‪ ،‬المولى أبو‬
‫الفداء‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‪( ،‬د‪ .‬ط)‪( ،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .36‬روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني‪ ،‬شهاب الدين محمود بن عبد اهلل‬
‫الحسيني األلوسي‪ ،‬المحقق‪ :‬علي عبد الباري عطية‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪،8‬‬
‫‪8283‬ه‬
‫الصالحين‪ ،‬أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف َّ‬
‫النووي‪ ،‬المحقق‪ :‬شعيب‬ ‫‪ .31‬رياض َّ‬
‫األرنؤوط‪ ،‬بيروت –لبنان‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪8287 ،5‬هـ‪8771/‬م ‪.‬‬
‫الصحيح المسند من أقوال الصحابة والتابعين‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبو‬
‫الصحيحة أو َّ‬
‫‪ .37‬سلسلة اآلثار َّ‬
‫عبد اهلل الداني بن منير آل زهوي‪(،‬د‪ .‬م)‪ ،‬دار الفاروق للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪،8‬‬
‫‪ 8272‬هـ ‪ 7115 -‬م ‪.‬‬
‫‪ .71‬سمات المؤمنين في الفتن وتقلب األحوال‪ ،‬صالح بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم‬
‫آل الشيخ‪( ،‬د‪ .‬م)‪( ،‬د‪ .‬ط)‪( ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬
‫‪ .78‬سنن ابن ماجه ت األرنؤوط ‪ ،‬ابن ماجة‪ ،‬أبو عبد اهلل محمد بن يزيد القزويني‪،‬‬
‫المحقق‪ :‬شعيب األرنؤوط وآخرون‪(،‬د‪ .‬م)‪ ،‬دار الرسالة العالمية‪ ،‬ط‪ 8251 ،8‬هـ ‪-‬‬
‫‪ 7117‬م‪.‬‬
‫‪ .77‬سنن أ بي داود‪ ،‬أبو داود سليمان بن األشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو‬
‫األزدي السِّجستاني‪ ،‬المحقق‪ :‬محمد محيي الدين عبد الحميد‪ ،‬صيدا – بيروت‪ ،‬المكتبة‬
‫العصرية‪(،‬د‪ .‬ط)‪( ،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .75‬سنن الترمذي‪ ،‬محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك‪ ،‬الترمذي‪ ،‬أبو‬
‫عيسى‪ ،‬تحقيق وتعليق‪ :‬أحمد محمد شاكر (جـ ‪ )7 ،8‬ومحمد فؤاد عبد الباقي (جـ ‪)5‬‬
‫وابراهيم عطوة عوض المدرس في األزهر الشريف (جـ ‪ ،)3 ،2‬مصر‪ ،‬شركة مكتبة‬
‫ومطبعة مصطفى البابي الحلبي ‪ ،‬ط‪ 8573 ،7‬هـ ‪ 8763 -‬م ‪.‬‬
‫الشرعية في ُّ‬
‫الشئون ُّ‬
‫الدستورية والخارجية والمالية‪ ،‬عبد الوهاب خالف‪(،‬د‪ .‬م)‬ ‫السياسة َّ‬
‫‪ِّ .72‬‬
‫دار القلم‪(،‬د‪ .‬ط)‪ 8211 ،‬هـ‪8711 -‬م‪.‬‬

‫‪033‬‬
‫‪ .73‬سير أعالم النبالء‪ ،‬شمس الدين أبو عبد اهلل محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز‬
‫الذهبي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الحديث‪(،‬د‪ .‬ط)‪8276 ،‬هـ‪7117-‬م‬
‫‪ .77‬السيرة النبوية على ضوء القرآن والسُّنة‪ ،‬محمد بن محمد بن سويلم أبو ُشهبة‪ ،‬دمشق‪،‬‬
‫دار القلم ‪ ،‬ط‪ 8276 ،1‬هـ ‪.‬‬
‫‪ .76‬السِّيرة َّ‬
‫النبوية البن هشام‪ ،‬عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري‪ ،‬أبو‬
‫محمد‪ ،‬جمال ِّ‬
‫الدين‪ ،‬تحقيق‪ :‬مصطفى السقا وآخرون‪ ،‬مصر‪ ،‬شركة مكتبة ومطبعة‬
‫مصطفى البابي الحلبي وأوالده‪ ،‬ط‪8563 ،7‬هـ ‪ 8733 -‬م‬
‫‪ .71‬السِّيرة َّ‬
‫النبوية وأخبار الخلفاء‪ ،‬محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن معبد‪،‬‬
‫البستي‪ ،‬بيروت‪ ،‬الكتب الثقافية‪ ،‬ط‪ 8286 ،5‬ه‪.‬‬
‫التميمي‪ ،‬أبو حاتم‪ ،‬الدارمي‪ُ ،‬‬
‫‪ .77‬السِّيرة َّ‬
‫النبوية‪ ،‬أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫النشر والتَّوزيع‪(،‬د‪ .‬ط)‪،‬‬
‫مصطفى عبد الواح‪ ،‬بيروت – لبنان‪ ،‬دار المعرفة للطباعة و َّ‬
‫‪ 8573‬هـ ‪ 8767 -‬م‪.‬‬
‫الرياض‪ ،‬دار الوطن‬
‫الصالحين‪ ،‬محمد بن صالح بن محمد العثيمين‪ِّ ،‬‬
‫‪ .61‬شرح رياض َّ‬
‫للنشر‪(،‬د‪ .‬ط)‪ 8277 ،‬ه‪.‬‬
‫‪ .68‬شرح صحيح البخاري البن بطال‪ ،‬ابن بطال أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬مكتبة الرشد ‪ ،‬ط‪8275 ،7‬هـ ‪7115 -‬م ‪.‬‬
‫تحقيق‪ :‬أبو تميم ياسر بن إبراهيم‪ِّ ،‬‬
‫الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية‪ ،‬أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي‪،‬‬
‫‪ِّ .67‬‬
‫تحقيق‪ :‬أحمد عبد الغفور عطار‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار العلم للماليين‪( ،‬د‪ .‬ط)‪ 8216 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪ 8716‬م ‪.‬‬
‫‪ .65‬صحيح الجامع الصغير وزياداته ‪ ،‬أبو عبد الرحمن محمد ناصر ِّ‬
‫الدين‪ ،‬بن الحاج نوح‬
‫بن نجاتي بن آدم‪ ،‬األشقودري األلباني‪ ،‬المكتب اإلسالمي‪( ،‬د‪ .‬ط)‪( ،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .62‬الطبقات الكبرى‪ ،‬أبو عبد اهلل محمد بن سعد بن منيع الهاشمي بالوالء‪ ،‬البصري‪،‬‬
‫البغدادي المعروف بابن سعد‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد القادر عطا‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬ط‪ 8281 ،8‬هـ ‪ 8771 -‬م ‪.‬‬
‫‪ .63‬الطريق إلى اإلسالم‪ ،‬محمد بن إبراهيم بن أحمد الحمد‪ ،‬دار بن خزيمة ط‪( ،7‬د‪ .‬ت)‪.‬‬

‫‪032‬‬
‫‪ .67‬طريقك الى اإلخالص والفقه في الدين‪ ،‬عبد اهلل بن ضيف اهلل الرحيلي‪( ،‬د‪ .‬م)‪ ،‬دار‬
‫االندلس الخضراء‪ ،‬الطبعة األولى‪8278 ،‬هـ‪7118 -‬م‪.‬‬
‫‪ .66‬عصر الخالفة الراشدة‪ ،‬أكرم بن ضياء العمري‪( ،‬د‪ .‬م)‪ ،‬مكتبة العبيكان‪( ،‬د‪ .‬ط)‪،‬‬
‫(د‪.‬ت)‪.‬‬
‫‪ .61‬العقيدة اإلسالمية وأسسها‪ ،‬عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني‪ ،‬دمشق‪ -‬بيروت‪ ،‬دار‬
‫القلم‪ ،‬ط‪8577 ،7‬ه‪8767-‬م‪.‬‬
‫‪ .67‬عقيدة التوحيد في القرآن الكريم‪ ،‬محمد أحمد محمد عبد القادر خليل ملكاوي‪( ،‬د‪ .‬م)‪،‬‬
‫مكتبة دار الزمان‪ ،‬الطبعة األولى‪8213 ،‬هـ ‪8713 -‬م‪.‬‬
‫‪ .11‬عقيدة التَّوحيد وبيان ما يضادها من الشرك األكبر واألصغر والتعطيل والبدع وغير‬
‫ذلك‪ ،‬صالح بن فوزان بن عبد اهلل الفوزان‪(،‬د‪ .‬م)‪( ،‬د‪ .‬ن)‪(،‬د‪ .‬ط)‪(،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .18‬العقيدة الصحيحة وما يضادها‪ ،‬عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز‪ ،‬المدينة المنورة‪،‬‬
‫الجامعة اإلسالمية‪ ،‬الطبعة السابعة ‪ ،‬محرم ‪ 8573‬هـ‪ /‬يناير ‪ 8763‬م‪.‬‬
‫‪ .17‬علوم القرآن الكتاب‪ :‬مجاز القرآن‪ ،‬أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمى البصري‪،‬‬
‫المحقق‪ :‬محمد فواد سزگين‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة الخانجى‪(،‬د‪ .‬ط)‪ 8518 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .15‬عمارة المساجد المعنوية وفضلها‪ ،‬عبد العزيز عبد اهلل الحميدي‪ ،‬المملكة العربية‬
‫السعودية‪ ،‬و ازرة الشئون اإلسالمية واألوقاف والدعوة واإلرشاد‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪8287‬هـ‪.‬‬
‫‪ .12‬عمدة القاري شرح صحيح البخاري‪ ،‬أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن‬
‫حسين الغيتابى الحنفى بدر الدين العينى‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪( ،‬د‪ .‬ط)‪،‬‬
‫(د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .13‬غاية المريد في علم التجويد‪ ،‬عطية قابل نصر‪ ،‬القاهرة‪( ،‬د‪ .‬ن)‪ ،‬الطبعة السَّابعة‪،‬‬
‫(د‪.‬ت)‪.‬‬
‫‪ .17‬غريب القرآن‪ ،‬أبو محمد عبد اهلل بن مسلم بن قتيبة الدينوري‪ ،‬المحقق‪ :‬أحمد صقر‬
‫َّ‬
‫الناشر‪( ،‬د‪ .‬م)‪ ،‬دار الكتب العلمية‪( ،‬د‪ .‬ط)‪ 8571 ،‬هـ ‪ 8761 -‬م‪.‬‬

‫‪030‬‬
‫‪ .16‬فاتح القسطنطينية السلطان محمد الفاتح‪ ،‬علي محمد محمد الصَّالَّبي‪ ،‬مصر‪ ،‬دار‬
‫التَّوزيع و َّ‬
‫النشر اإلسالمية‪ ،‬ط‪ 8276 ،8‬هـ ‪ 7117 -‬م‪.‬‬
‫‪ .11‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬زين ِّ‬
‫الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن‬
‫الحسن‪ ،‬السالمي‪ ،‬البغدادي‪ ،‬الدمشقي الحنبلي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمود بن شعبان بن عبد‬
‫المقصود‪ ،‬وآخرون‪ ،‬المدينة َّ‬
‫النبوية‪ ،‬مكتبة الغرباء األثرية‪ ،‬ط‪ 8286 ،8‬هـ ‪8777 -‬م‪.‬‬
‫‪ .17‬فتح القدير‪ ،‬محمد بن علي بن محمد بن عبد اهلل الشوكاني اليمني‪ ،‬دمشق‪ -‬بيروت‪،‬‬
‫دار ابن كثير‪ -‬دار الكلم الطيب ‪ ،‬ط‪ 8282 ،8‬هـ‪.‬‬
‫‪ .71‬في ظالل القرآن‪ ،‬سيد قطب إبراهيم حسين الشاربي‪ ،‬بيروت‪ -‬القاهرة‪ ،‬دار الشروق‪،‬‬
‫ط‪ 8287 ،86‬هـ‪.‬‬
‫‪ .78‬فيض الباري على صحيح البخاري‪ ،‬أمالي‪ ،‬محمد أنور شاه بن معظم شاه الكشميري‬
‫الهندي ثم الديوبندي‪ ،‬المحقق‪ :‬محمد بدر عالم الميرتهي‪ ،‬أستاذ الحديث بالجامعة‬
‫اإلسالمية بدابهيل‪ ،‬بيروت – لبنان‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬الطبعة األولى‪ 8277 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪ 7113‬م‪.‬‬
‫‪ .77‬فيض القدير شرح الجامع الصغير‪ ،‬زين ِّ‬
‫الدين محمد المدعو بعبد الرؤوف بن تاج‬
‫العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي المناوي القاهري‪ ،‬مصر‪ ،‬المكتبة التجارية‬
‫الكبرى‪ ،‬ط‪. 8537 ،8‬‬
‫‪ .75‬القاموس الفقهي لغة واصطالحا‪ ،‬د‪ .‬سعدي أبو حبيب‪ ،‬دمشق – سورية‪( ،‬د‪ .‬ن)‪،‬‬
‫ط‪ 8211 ،7‬هـ ‪ 8711 -‬م ‪.‬‬
‫‪ .72‬القاموس المحيط‪ ،‬مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى‪ ،‬تحقيق‪ :‬مكتب‬
‫قسوسي‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‪،‬‬ ‫تحقيق التُّراث في مؤسسة ِّ‬
‫الرسالة بإشراف‪ ،‬محمد نعيم العر ُ‬
‫الرسالة للطباعة والنَّشر والتَّوزيع‪ ،‬ط‪ 8277 ،1‬هـ ‪ 7113 -‬م‪.‬‬
‫مؤسسة ِّ‬
‫‪ .73‬القدس العتيقة مدينة التَّاريخ والمقدسات‪ ،‬عرفة عبدة علي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الهيئة العاملة‬
‫لقصور الثَّقافة‪ ،‬ط‪7116 ،8‬م‪.‬‬

‫‪030‬‬
‫‪ .77‬قواعد تناول اإلعجاز العلمي والطِّبي في ُّ‬
‫السنة وضوابطه‪ ،‬د‪ .‬عبد اهلل بن عبد العزيز‬
‫المصلح‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف‪( ،‬د‪ .‬ط)‪،‬‬
‫(د‪.‬ـت)‪.‬‬
‫‪ .76‬الكامل في التَّاريخ ‪ ،‬أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن‬
‫عبد الواحد َّ‬
‫الشيباني الجزري‪ ،‬عز ِّ‬
‫الدين ابن األثير‪ ،‬تحقيق‪ :‬عمر عبد السالم تدمري‪،‬‬
‫بيروت –لبنان‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬ط‪8286 ،8‬هـ ‪8776 -‬م‪.‬‬
‫‪ .71‬كتاب التَّعريفات‪ ،‬علي بن محمد بن علي الزين َّ‬
‫الشريف الجرجاني‪ ،‬تحقيق‪ :‬ضبطه‬
‫وصححه جماعة من العلماء بإشراف الناشر‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪،8‬‬
‫‪8215‬هـ ‪8715-‬م ‪.‬‬
‫‪ .77‬الكشاف عن حقائق غوامض التَّنزيل‪ ،‬أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد‪،‬‬
‫الزمخشري جار اهلل‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬ط‪ 8216 ،5‬ه‪.‬‬
‫‪ .811‬الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية‪ ،‬أيوب بن موسى الحسيني القريمي‬
‫الكفوي‪ ،‬أبو البقاء الحنفي‪ ،‬المحقق‪ :‬عدنان درويش وآخرون‪ ،‬بيروت‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬
‫(د‪ .‬ط)‪(،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .818‬كيف تق أر القرآن الكريم برواية اإلمام قالون عن نافع المدني‪ ،‬المختار المشري‬
‫المقروش‪(،‬د‪ .‬م)‪ ،‬فاليتا‪ -‬مالطا‪( ،‬د‪ .‬ط)‪.7118 ،5877،‬‬
‫‪ .817‬لسان العرب‪ ،‬محمد بن مكرم بن على‪ ،‬وآخرون‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار صادر‪ ،‬ط‪،5‬‬
‫‪8282‬هـ ‪.‬‬
‫‪ .815‬لطائف اإلشارات = تفسير القشيري‪ ،‬عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري‪،‬‬
‫المحقق‪ :‬إبراهيم البسيوني‪ ،‬مصر‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬ط‪( ،5‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .812‬لمنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج‪ ،‬أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف‬
‫النووي الناشر‪ :‬دار إحياء التراث العربي – بيروت‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪.8577 ،‬‬
‫‪ .813‬المجتمع واألسرة في اإلسالم‪ ،‬محمد طاهر الجوابي‪( ،‬د‪ .‬م)‪ ،‬دار عالم الكتب‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ 8278 ،‬هـ ‪7111 -‬م‪.‬‬

‫‪032‬‬
‫‪ .817‬مجموع الفتاوى‪ ،‬تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني‪،‬‬
‫السعودية‪،‬‬ ‫تحقيق‪ :‬عبد الرحمن بن محمد بن قاسم‪ ،‬المدينة َّ‬
‫النبوية‪ ،‬المملكة العربية ُّ‬
‫مجمع الملك فهد لطباعة المصحف َّ‬
‫الشريف‪( ،‬د‪ .‬ط)‪8287 ،‬هـ‪8773 -‬م‪.‬‬
‫‪ .816‬المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز‪ ،‬أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد‬
‫السالم عبد َّ‬
‫الشافي‪،‬‬ ‫الرحمن بن تمام بن عطية األندلسي المحاربي‪ ،‬المحقق‪ :‬عبد َّ‬
‫بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ 8277 ،8‬هـ‬
‫‪ .811‬المحكم والمحيط األعظم ‪ ،‬أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫عبد الحميد هنداوي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ 8278 ،8‬هـ ‪ 7111 -‬م ‪.‬‬
‫‪ .817‬مختار الصحاح‪ ،‬زين الدين أبو عبد اهلل محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي‬
‫الرازي‪ ،‬المحقق‪ :‬يوسف الشيخ محمد‪ ،‬بيروت‪ -‬صيدا‪ ،‬المكتبة العصرية ‪َّ -‬‬
‫الدار‬
‫َّ‬
‫النموذجية‪ ،‬ط‪8271 ،3‬هـ ‪8777 -‬م ‪.‬‬
‫‪ُ .881‬مختص ُر منهاج القاصدين‪ ،‬نجم الدين أحمد بن عبد الرحمن بن قدامة المقدسي‪،‬‬
‫دمشق‪ ،‬مكتبةُ دار البيان‪(،‬د‪ .‬ط)‪ 8571 ،‬هـ ‪ 8761 -‬م ‪.‬‬
‫‪ .888‬المخصص‪ ،‬أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي‪ ،‬المحقق‪ :‬خليل إبراهم‬
‫جفال‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬ط‪8286 ،8‬هـ ‪8777 -‬م‪.‬‬
‫‪ .887‬المساجد ‪ -‬مفهوم‪ ،‬وفضائل‪ ،‬وأحكام‪ ،‬وحقوق‪ ،‬وآداب في ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬د‪.‬‬
‫سعيد بن علي بن وهف القحطاني‪ ،‬الرياض‪ ،‬مطبعة سفير‪ ،‬الرياض‪(،‬د‪ .‬ط)‪( ،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .885‬المسجد االقصى المبارك اعتداءات ومخاطر‪8776‬م‪7113 -‬م‪ ،‬اللجنة االعالمية‪-‬‬
‫مؤسسة األقصى‪ ،‬فلسطين‪ ،‬مؤسسة االقصى إلعمار المؤسسات االسالمية‪( ،‬د‪ .‬ط)‪،‬‬
‫‪7113‬م‪8277-‬ه‪.‬‬
‫‪ .882‬المسجد وبيت المسلم‪ ،‬أبو بكر جابر الجزائري‪( ،‬د‪ .‬م)‪ ،‬مكتبة لينة‪ ،‬ط‪8287 ،8‬ه‪-‬‬
‫‪8777‬م‪.‬‬
‫‪ .883‬المسلم في عالم االقتصاد‪ ،‬مالك بن الحاج عمر بن الخضر بن نبي‪ ،‬المحقق‪:‬‬
‫إشراف ندوة مالك بن نبي‪ ،‬دمشق سورية‪ ،‬دار الفكر‪( ،‬د‪ .‬ط)‪8271 ،‬هـ ‪7111 -‬م‪.‬‬

‫‪033‬‬
‫‪ .887‬مسند اإلمام أحمد بن حنبل‪ ،‬أبو عبد اهلل أحمد بن محمد بن حنبل بن هالل بن أسد‬
‫الشيباني‪ ،‬المحقق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬ط‪ 8287 ،8‬هـ ‪-‬‬
‫‪8773‬م ‪.‬‬
‫‪ .002‬المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول اهلل ‪ ،‬مسلم بن‬
‫الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري‪ ،‬المحقق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار‬
‫إحياء التراث العربي‪( ،‬د‪ .‬ط)‪(،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫السيرة‪ ،‬محمد بن محمد حسن ُش َّراب‪ ،‬دمشق‪ -‬بيروت‪ ،‬دار‬
‫السنة و ِّ‬
‫‪ .881‬المعالم األثيرة في ُّ‬
‫الدار َّ‬
‫الشامية‪ ،‬ط‪ 8288 ،8‬هـ ‪.‬‬ ‫القلم‪َّ ،‬‬
‫‪ .887‬معاني القرآن واعرابه‪ ،‬إبراهيم بن السري بن سهل‪ ،‬أبو إسحاق الزجاج‪ ،‬المحقق‪ :‬عبد‬
‫الجليل عبده شلبي‪ ،‬بيروت‪ ،‬عالم الكتب ‪ ،‬ط‪ 8211 ،8‬هـ ‪ 8711 -‬م ‪.‬‬
‫‪ .871‬المعجم األوسط‪ ،‬سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي‪ ،‬أبو القاسم‬
‫الطبراني‪ ،‬المحقق‪ :‬طارق بن عوض اهلل بن محمد وآخرون‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الحرمين‪( ،‬د‪.‬‬
‫ط)‪( ،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .878‬معجم الفروق اللغوية‪ ،‬أبو هالل الحسن بن عبد اهلل بن سهل بن سعيد بن يحيى بن‬
‫مهران العسكري‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشيخ بيت اهلل بيات‪( ،‬د‪ .‬م)‪ ،‬مؤسسة َّ‬
‫النشر اإلسالمي‪،‬‬
‫ومؤسسة َّ‬
‫النشر اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين‪ ،‬ط‪8287 ،8‬هـ ‪.‬‬
‫‪ .877‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬د أحمد مختار عبد الحميد عمر‪ ،‬بمساعدة فريق‬
‫عمل‪(،‬د‪ .‬م)‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ط‪ 8277 ،8‬هـ ‪ 7111 -‬م‬
‫‪ .875‬المعجم الوسيط‪ ،‬مجمع اللغة العربية بالقاهرة‪( ،‬إبراهيم مصطفى وآخرون‪ ،‬دار‬
‫الدعوة‪(،‬د‪ .‬ط)‪( ،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .872‬معجم لغة الفقهاء‪ ،‬محمد رواس قلعجي وآخرون‪( ،‬د‪ .‬م)‪ ،‬دار َّ‬
‫النفائس للطباعة‬
‫النشر والتَّوزيع‪ ،‬ط‪ 8211 ،7‬هـ ‪8711 -‬م‪.‬‬
‫و َّ‬
‫‪ .873‬معجم مقاليد العلوم في الحدود والرسوم‪ ،‬عبد الرحمن بن أبي بكر‪ ،‬جالل ِّ‬
‫الدين‬
‫السيوطي‪ ،‬المحقق‪ :‬أ‪ .‬د محمد إبراهيم عبادة‪ ،‬مصر‪ ،‬مكتبة اآلداب‪ -‬القاهرة‪ ،‬ط‪،8‬‬
‫ُّ‬
‫‪8272‬هـ ‪7112 -‬م‪.‬‬

‫‪039‬‬
‫‪ .877‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي‪ ،‬المحقق‪ :‬عبد‬
‫السالم محمد هارون‪( ،‬د‪ .‬م)‪ ،‬دار الفكر‪( ،‬د‪ .‬ط)‪8577 ،‬هـ ‪8767 -‬م‪.‬‬
‫‪ .876‬معرفة القراء الكبار على الطبقات واألعصار‪ ،‬شمس الدين أبو عبد اهلل محمد بن‬
‫أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي‪( ،‬د‪ .‬م)‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ 8286 ،8‬هـ‪-‬‬
‫‪8776‬م ‪.‬‬
‫‪ .871‬المغازي‪ ،‬محمد بن عمر بن واقد السهمي الواقدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬مارسدن جونس‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫دار األعلمي‪ ،‬ط‪8217 ،5‬ه‪ 8717 -‬م‬
‫‪ .877‬المغرب‪ ،‬ناصر بن عبد السيد أبى المكارم ابن على‪ ،‬أبو الفتح‪ ،‬برهان الدين‬
‫المطِّرزى‪( ،‬د‪ .‬م)‪ ،‬دار الكتاب العربي‪( ،‬د‪ .‬ط)‪( ،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫الخوارزمي ُ‬
‫‪ .851‬مفاتيح الغيب = التفسير الكبير‪ ،‬أبو عبد اهلل محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين‬
‫الرازي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار إحياء التُّراث العربي‪ ،‬ط‪،5‬‬ ‫التَّيمي َّ‬
‫الرازي الملقب بفخر ِّ‬
‫الدين َّ‬
‫‪ 8271‬هـ‪.‬‬
‫بالراغب‬
‫‪ .858‬المفردات في غريب القرآن‪ ،‬أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف َّ‬
‫الدار َّ‬
‫الشامية‪ ،‬ط‪،8‬‬ ‫األصفهانى‪ ،‬المحقق‪ :‬صفوان عدنان الداود‪ ،‬بيروت‪ -‬دمشق‪َّ ،‬‬
‫‪ 8287‬هـ‪.‬‬
‫‪ .857‬مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬د‪ .‬سعيد بن علي بن وهف‬
‫القحطاني‪ ،‬الرياض‪ ،‬مطبعة سفير‪( ،‬د‪ .‬ط)‪( ،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .855‬من أخالق الداعية‪ ،‬سلمان بن فهد العودة‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪( ،‬د‪ .‬ن)‪( ،‬د‪.‬‬
‫ط)‪( ،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫المنجَّد في اللغة‪ ،‬علي بن الحسن الهُنائي األزدي أبو الحسن‪ ،‬الملقب بكراع النمل‪،‬‬
‫‪ُ .852‬‬
‫تحقيق‪ :‬دكتور أحمد مختار عمر وآخرون‪ ،‬القاهرة‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ط‪ 8711 ،7‬م ‪.‬‬
‫‪ .853‬منهج التَّربية اإلسالمية‪ ،‬محمد بن قطب بن إبراهيم‪( ،‬د‪ .‬م)‪ ،‬دار ُّ‬
‫الشروق‪ ،‬ط‪،85‬‬
‫(د‪ .‬ت)‪.‬‬

‫‪021‬‬
‫‪ .857‬موجز التَّاريخ اإلسالمي منذ عهد آدم عليه َّ‬
‫السالم (تاريخ ما قبل اإلسالم) إلى‬
‫الرياض‪ ،‬فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية‪،‬‬
‫عصرنا الحاضر‪ ،‬أحمد معمور العسيري‪ِّ ،‬‬
‫ط‪ 8286 ،8‬هـ ‪ 8777 -‬م ‪.‬‬
‫السنة‪ ،‬محمد راتب َّ‬
‫النابلسي‪ ،‬سورية‪ -‬دمشق‪-‬‬ ‫‪ .856‬موسوعة اإلعجاز العلمي في القرآن و ُّ‬
‫الحلبوني‪ -‬جادة ابن سينا‪ ،‬دار المكتبي‪ ،‬ط‪ 8277 ،7‬هـ ‪ 7113 -‬م‪.‬‬
‫‪ .851‬الموسوعة القرآنية‪ ،‬إبراهيم بن إسماعيل األبياري‪( ،‬د‪ .‬م)‪ ،‬مؤسسة سجل العرب‪،‬‬
‫ط‪ 8213 ،8‬هـ‪.‬‬
‫‪ .857‬موسوعة اليهود واليهودية والصُّهيونية‪ ،‬عبد الوهاب المسيري‪( ،‬د‪ .‬م)‪(،‬د‪ .‬ن)‪(،‬د‪.‬‬
‫ط)‪(،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .821‬موقع الجزيرة (‪ 83 ،7183‬سبتمبر)‪،‬ابرز اعتداءات االحتالل على المسجد‬
‫‪7186/88/81‬م‪،‬الموقع‪:‬‬ ‫االطالع‪:‬‬ ‫تاريخ‬ ‫الجزيرة‪،‬‬ ‫موقع‬ ‫االقصى‪،‬‬
‫‪ ،http://www.aljazeera.net/news‬تاريخ‪ 83 ،‬ديسمبر‪7183 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .828‬نبذة في العقيدة اإلسالمية‪ ،‬محمد بن صالح بن محمد العثيمين‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬دار‬
‫الثقة للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ 8287 ،‬هـ ‪ 8777 -‬م‪.‬‬
‫‪ .827‬نزهة األعين النَّواظر في علم الوجوه و َّ‬
‫النظائر‪ ،‬جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن‬
‫الراضي‪ ،‬بيروت‪ ،‬مؤسسة‬
‫علي بن محمد الجوزي‪ ،‬المحقق‪ :‬محمد عبد الكريم كاظم َّ‬
‫الرسالة‪ ،‬ط‪8212 ،8‬هـ ‪8712 -‬م ‪.‬‬
‫الرسول الكريم ‪ ،‬عدد من المختصين بإشراف الشيخ‪/‬‬ ‫‪ .825‬نضرة َّ‬
‫النعيم في مكارم أخالق َّ‬
‫صالح بن عبد اهلل بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي‪ ،‬جدة‪ ،‬دار الوسيلة للنَّشر‬
‫والتَّوزيع‪ ،‬ط‪( ،2‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫الرباط بن علي بن‬ ‫‪ .822‬نظم ُّ‬
‫الدرر في تناسب اآليات والسُّور‪ ،‬إبراهيم بن عمر بن حسن ِّ‬
‫أبي بكر البقاعي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الكتاب اإلسالمي‪( ،‬د‪ .‬ط)‪( ،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ .823‬الهداية الكافية َّ‬
‫الشافية لبيان حقائق اإلمام ابن عرفة الوافية= (شرح حدود ابن عرفة)‪،‬‬
‫الرصاع التُّونسي المالكي‪( ،‬د‪ .‬م) المكتبة العلمية‪ ،‬ط‪،8‬‬
‫محمد بن قاسم األنصاري‪َّ ،‬‬
‫‪8531‬هـ ‪.‬‬

‫‪020‬‬
‫‪ .827‬وجوب تحكيم شرع اهلل ونبذ ما خالفه عبد العزيز بن عبد اهلل بن باز‪( ،‬د‪ .‬م)‪،‬‬
‫الدعوة واإلرشاد إدارة الطبع والتَّرجمة‪،‬‬
‫الرئاسة العامة إلدارات البحوث العلمية واإلفتاء و َّ‬
‫ِّ‬
‫ط‪8217 ،3‬ه‪.‬ـ ‪.‬‬
‫‪ .826‬وجوب تطبيق الحدود َّ‬
‫الشرعية‪ ،‬عبد الرحمن بن عبد الخالق اليوسف‪ ،‬الكويت‪ ،‬مكتبة‬
‫ابن تيمية‪ ،‬ط‪ 8212 ،7‬هـ ‪ 8712 -‬م ‪.‬‬
‫‪ .821‬الوسيط في علوم ومصطلح الحديث‪ ،‬محمد بن محمد بن سويلم أبو ُشهبة‪( ،‬د‪ .‬م)‪،‬‬
‫دار الفكر العربي‪( ،‬د‪ .‬ط)‪(،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫الصالحة وبناء الفرد المسلم كما صورتها سورة‬
‫‪ .827‬الوصايا القرآنية في ضوابط االمة َّ‬
‫السالم إبراهيم مجيد الماجد‪ ،‬مجلة ابحاث‬
‫االسراء من اآلية ‪ -77‬إلى اآلية ‪ ،57‬عبد َّ‬
‫كلية التربية االسالمية‪ ،‬المجلد الرابع‪ ،‬العدد األول‪7117 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .831‬وظيفة المسجد في المجتمع‪ ،‬صالح بن ناصر بن صالح الخزيم‪ ،‬المملكة العربية‬
‫السعودية‪ ،‬و ازرة الشئون اإلسالمية واألوقاف والدعوة واإلرشاد‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪8287‬هـ‪.‬‬

‫‪020‬‬
‫الفهارس العامة‬

‫‪023‬‬
‫فهرس اآليات‬
‫رقم اآلية الصفحة‬ ‫اآلية‬
‫سورة الفاتحة‬
‫‪11‬‬ ‫‪3‬‬ ‫إِيَّاكَ نَ ْعبُ ُد َوإِيَّاكَ نَ ْستَ ِع ُ‬
‫ين‬
‫سورة البقرة‬
‫‪71‬‬ ‫‪51‬‬ ‫ال َربُّكَ لِ ْل َم ََلئِ َك ِة إِنِّي َجا ِع ٌل فِي ْاْلَرْ ِ‬
‫ض خَ لِيفَة‪...‬‬ ‫َوإِ ْذ قَ َ‬

‫‪36‬‬ ‫‪58‬‬ ‫َو َعل َّ َم آ َد َم ْاْلَ ْس َما َء ُكلَّهَا ‪...‬‬

‫‪17‬‬ ‫‪15‬‬ ‫اس ُحسْنا َوأَقِي ُموا الص َََّلةَ‪...‬‬


‫َوقُولُوا لِلنَّ ِ‬

‫‪37‬‬ ‫‪817‬‬ ‫َو َّد َكثِي ٌر ِم ْن أَ ْه ِل ْال ِكتَا ِ‬


‫ب لَوْ يَ ُر ُّدونَ ُك ْم‪...‬‬

‫‪71‬‬ ‫‪882‬‬ ‫ّللاِ أَ ْ ي ُْك َك َر فِيهَا ا ْس ُم ُ ‪...‬‬


‫اج َد َّ‬ ‫َو َم ْن أَ ْ‬
‫ظلَ ُم ِم َّم ْن َمنَ َع َم َس ِ‬

‫‪51،82‬‬ ‫‪873‬‬ ‫صلى‪...‬‬ ‫َواتَّ ِخ ُكوا ِم ْن َمقَ ِام إِب َْرا ِهي َم ُم َ‬
‫‪72‬‬ ‫‪873‬‬ ‫يل أَ ْ طَه َِّرا ‪...‬‬
‫َو َع ِه ْدنَا إِلَى إِب َْرا ِهي َم َوإِ ْس َما ِع َ‬
‫‪18‬‬ ‫‪873‬‬ ‫أَ ْ طَه َِّرا بَ ْيتِ َي لِلطَّائِفِينَ ‪...‬‬
‫‪71‬‬ ‫‪7+877‬‬ ‫قال إِبْرا ِهي ُم َربِّ اجْ َعلْ هَ َكا بَلَدا آ ِمنا ‪...‬‬ ‫َوإِ ْذ َ‬
‫‪76،73،85‬‬ ‫‪876‬‬ ‫َوإِ ْذ يَرْ فَ ُع إِب َْرا ِهي ُم ْالقَ َوا ِع َد ِمنَ ْالبَ ْي ِ‬
‫ت َوإِ ْس َما ِعي ُل ‪...‬‬
‫‪22‬‬ ‫‪871‬‬ ‫َربَّنَا َواجْ َع ْلنَا ُم ْسلِ َمي ِْن لَكَ َو ِم ْن ُذرِّ يَّتِنَا أُ َّمة ُم ْسلِ َمة لَكَ ‪...‬‬
‫‪37‬‬ ‫‪851‬‬ ‫ص ْبغَة ‪...‬‬ ‫ّللاِ ِ‬‫ّللاِ َو َم ْن أَحْ َس ُن ِمنَ َّ‬ ‫ص ْب َغةَ َّ‬
‫ِ‬
‫‪18‬‬ ‫‪835‬‬ ‫صب ِْر َوالصََّل ِة ‪...‬‬ ‫يَاأَيُّهَا الَّ ِكينَ آ َمنُوا ا ْستَ ِعينُوا بِال َّ‬
‫‪51‬‬ ‫‪831‬‬ ‫إِ َّ الصَّفا َو ْال َمرْ َوةَ ِم ْن َشعائِ ِر َّ‬
‫ّللاِ‪...‬‬
‫‪87‬‬ ‫‪813‬‬ ‫ضا َ الَّ ِكي أُ ْن ِز َل فِي ِ ْالقُرْ آ ُ ‪...‬‬ ‫َش ْه ُر َر َم َ‬
‫‪37‬‬ ‫‪873‬‬ ‫َو َل تُ ْلقُوا بَِ َ ْي ِدي ُك ْم إِلَى التَّ ْهلُ َك ِة َوأَحْ ِسنُوا ‪...‬‬
‫‪811‬‬ ‫‪716‬‬ ‫ت َّ‬
‫ّللاِ ‪...‬‬ ‫اس َم ْن يَ ْش ِري نَ ْف َس ُ ا ْبتِغَا َء َمرْ َ‬
‫ضا ِ‬ ‫َو ِمنَ الن َّ ِ‬
‫‪62‬‬ ‫‪771‬‬ ‫َولَه َُّن ِم ْث ُل الَّ ِكي َعلَ ْي ِه َّن بِ ْال َم ْعر ِ‬
‫ُوف‪...‬‬
‫‪78‬‬ ‫‪757‬‬ ‫َوإِ َذا طَلَّ ْقتُ ُم النِّ َسا َء فَبَلَ ْغنَ أَ َجلَه َُّن ‪...‬‬
‫‪77‬‬ ‫‪751‬‬ ‫ت َوالصََّل ِة ‪...‬‬ ‫صلَوا ِ‬ ‫حافِظُوا َعلَى ال َّ‬
‫‪77‬‬ ‫‪765‬‬ ‫يل َّ‬
‫ّللاِ‪...‬‬ ‫صرُوا فِي َسبِ ِ‬ ‫لِ ْلفُقَرا ِء الَّ ِكينَ أُحْ ِ‬
‫‪61‬‬ ‫‪763‬‬ ‫ّللاُ ْالبَ ْي َع َو َح َّر َم الرِّ با‪...‬‬
‫َوأَ َح َّل َّ‬

‫‪022‬‬
‫سورة ال عمران‬
‫‪885‬‬ ‫‪81‬‬ ‫ّللاُ أَنَّ ُ َل إِل َ إِ َّل هُ َو ‪...‬‬‫َش ِه َد َّ‬

‫‪21‬‬ ‫‪58‬‬ ‫قُلْ إِ ْ ُك ْنتُ ْم تُ ِحبُّو َ َّ‬


‫ّللاَ فَاتَّبِعُونِي ‪...‬‬
‫‪33‬‬ ‫‪57‬‬ ‫ُول ‪...‬‬ ‫قُلْ أَ ِطيعُوا َّ‬
‫ّللاَ َوال َّرس َ‬
‫‪23‬‬ ‫‪52‬‬ ‫ضهَا ِم ْن بَع ٍ‬
‫ْض ‪...‬‬ ‫ُذرِّ يَّة بَ ْع ُ‬
‫‪87‬‬ ‫‪56‬‬ ‫كلَّ َما َدخَ َل َعلَ ْيهَا زَ َك ِريَّا ْال ِمحْ َر َ‬
‫اب َو َج َد ِع ْن َدهَا ِر ْزقا‪...‬‬
‫‪61،87،88‬‬ ‫‪57‬‬ ‫صلِّي فِي ْال ِمحْ َرا ِ‬
‫ب ‪...‬‬ ‫فَنَا َد ْت ُ ْال َم ََلئِ َكةُ َوهُ َو قَائِ ٌم يُ َ‬
‫‪885+71‬‬ ‫‪67‬‬ ‫َولَ ِك ْن ُكونُوا َربَّانِيِّينَ ‪...‬‬
‫‪17‬‬ ‫‪77‬‬ ‫لَ ْن تَنَالُوا ْالبِ َّر َحتَّى تُ ْنفِقُوا ِم َّما تُ ِحبُّو َ ‪...‬‬
‫‪77،76،82‬‬ ‫‪77‬‬ ‫اس لَلَّ ِكي بِبَ َّكةَ‪...‬‬
‫ض َع لِلن َّ ِ‬ ‫ت ُو ِ‬ ‫إِ َّ أَ َّو َل بَ ْي ٍ‬
‫‪77‬‬ ‫‪76‬‬ ‫ت ‪...‬‬ ‫اس ِحجُّ ْالبَ ْي ِ‬
‫َو ِ َّّلِلِ َعلَى الن َّ ِ‬
‫‪815،72‬‬ ‫‪812‬‬ ‫َو ْلتَ ُك ْن ِم ْن ُك ْم أُ َّمةٌ يَ ْد ُعو َ إِلَى ْالخَ ي ِْر‪...‬‬
‫‪63‬‬ ‫‪817‬‬ ‫يَوْ َم تَ ْبيَضُّ ُوجُوهٌ َوتَس َْو ُّد ‪...‬‬
‫‪77‬‬ ‫‪832‬‬ ‫أَ َمنَة نُ َعاسا يَ ْغ َشى طَائِفَة ِم ْن ُك ْم‪...‬‬
‫‪816‬‬ ‫‪865‬‬ ‫إ َّن َّ‬
‫الناس قد جم ُعوا ل ُكم فاخشو ُهم‪...‬‬
‫سورة النساء‬
‫‪61،37‬‬ ‫‪8‬‬ ‫يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا َربَّ ُك ُم الَّ ِكي خَ لَقَ ُك ْم ‪...‬‬
‫‪68‬‬ ‫‪78‬‬ ‫ومن آياته أن خلق ل ُكم ِّمن أنفُس ُكم أزواجا‪...‬‬
‫‪62‬‬ ‫‪52‬‬ ‫النساء‪...‬‬ ‫امون على ِّ‬ ‫الرجا ُل ق َّو ُ‬‫ِّ‬
‫‪65‬‬ ‫‪57‬‬ ‫ّللاَ َو َل تُ ْش ِر ُكوا بِ ِ َشيْئا ‪...‬‬ ‫َوا ْعبُ ُدوا َّ‬

‫‪13‬‬ ‫‪66‬‬ ‫يل لَهُ ْم ُكفُّوا أَ ْي ِديَ ُك ْم َوأَقِي ُموا الص َََّلةَ‪...‬‬
‫أَلَ ْم ت ََر إِلَى الَّ ِكينَ قِ َ‬
‫‪65‬‬ ‫‪17‬‬ ‫ّللاِ لَ َو َج ُدوا فِي ِ ْ‬
‫اختِ ََلفا َكثِيرا‬ ‫َولَوْ َكا َ ِم ْن ِع ْن ِد َغي ِْر َّ‬

‫‪67‬‬ ‫‪73‬‬ ‫َل يَ ْست َِوي ْالقَا ِع ُدو َ ِمنَ ْال ُم ْْ ِمنِينَ ‪...‬‬
‫‪17‬‬ ‫‪815‬‬ ‫َت َعلَى ْال ُم ْْ ِمنِينَ ِكتابا َموْ قُوتا‬‫إِ َّ الصََّلةَ كان ْ‬

‫‪37‬‬ ‫‪857‬‬ ‫يَاأَيُّهَا الَّ ِكينَ آ َمنُوا آ ِمنُوا بِ َّ‬


‫اّلِلِ ‪...‬‬
‫سورة المائدة‬
‫‪75‬‬ ‫‪8‬‬ ‫يا أيُّها الَّذين آمُنوا أوفُوا بال ُعقُود‪...‬‬
‫‪82‬‬ ‫‪7‬‬ ‫َو َل آ ِّمينَ ْالبَيْتَ ْال َح َرا َم‪...‬‬

‫‪020‬‬
‫‪16‬‬ ‫‪5‬‬ ‫ت َعلَ ْي ُك ْم ‪...‬‬ ‫ْاليَوْ َم أَ ْك َم ْل ُ‬
‫ت لَ ُك ْم ِدينَ ُك ْم َوأَ ْت َم ْم ُ‬

‫‪57‬‬ ‫‪78‬‬ ‫يا قوم اد ُخلُوا األرض ال ُمق َّدسة‪...‬‬


‫‪37‬‬ ‫‪51‬‬ ‫َّارقَةُ فَا ْقطَعُوا أَ ْي ِديَهُ َما‪...‬‬
‫ق َوالس ِ‬ ‫َّار ُ‬
‫َوالس ِ‬
‫‪72‬‬ ‫‪22‬‬ ‫ّللاُ فََُولَئِكَ هُ ُم ْال َكافِرُو َ‬ ‫َو َم ْن لَ ْم يَحْ ُك ْم بِ َما أَ ْنزَ َل َّ‬

‫‪75‬‬ ‫‪31‬‬ ‫ّللاِ ُح ْكما ‪...‬‬‫َو َم ْن أَحْ َس ُن ِمنَ َّ‬

‫‪77‬‬ ‫‪76‬‬ ‫جعل اللَّهُ الكعبة البيت الحرام‪...‬‬


‫سورة األنعام‬
‫‪817‬‬ ‫‪55‬‬ ‫ت َّ‬
‫ّللاِ يَجْ َح ُدو َ‬ ‫فَإِنَّهُ ْم ل يُ َك ِّكبُونَكَ َول ِك َّن الظَّالِ ِمينَ بِآيا ِ‬
‫‪63‬‬ ‫‪61‬‬ ‫ْس ‪...‬‬ ‫َو َذ ِّكرْ بِ ِ أَ ْ تُ ْب َس َل نَ ْفسٌ بِ َما َك َسبَ ْ‬
‫ت لَي َ‬
‫‪36‬‬ ‫‪67‬‬ ‫ت َو ْاْلَرْ َ‬
‫ض ‪...‬‬ ‫ْت َوجْ ِه َي لِلَّ ِكي فَطَ َر ال َّس َم َ‬
‫اوا ِ‬ ‫إِنِّي َو َّجه ُ‬

‫‪77‬‬ ‫‪17‬‬ ‫الَّ ِكينَ آ َمنُوا َولَ ْم يَ ْلبِسُوا إِي َمانَهُ ْم بِظُ ْل ٍم ‪...‬‬
‫‪33‬‬ ‫‪817‬‬ ‫َذلِ ُك ُم َّ‬
‫ّللاُ َربُّ ُك ْم َل إِلَ َ إِ َّل هُ َو ‪...‬‬
‫‪68+37‬‬ ‫‪838‬‬ ‫ق ‪...‬‬ ‫ّللاُ إِ َّل بِ ْال َح ِّ‬
‫س الَّتِي َح َّر َم َّ‬ ‫َو َل تَ ْقتُلُوا النَّ ْف َ‬
‫‪11‬‬ ‫‪877‬‬ ‫اي َو َم َماتِي ِ َّّلِلِ َربِّ ْال َعالَ ِمينَ ‪...‬‬ ‫ص ََلتِي َونُ ُس ِكي َو َمحْ يَ َ‬ ‫قُلْ إِ َّ َ‬
‫‪33‬‬ ‫‪872‬‬ ‫ّللاِ أَ ْب ِغي َربا ‪...‬‬‫قُلْ أَ َغي َْر َّ‬

‫‪33‬‬ ‫‪872‬‬ ‫واز َرةٌ ِو ْز َر أُ ْخرى‪...‬‬


‫‪َ ...‬ول ت َِز ُر ِ‬
‫سورة األعراف‬
‫‪36‬‬ ‫‪81‬‬ ‫ض ‪...‬‬‫َولَقَ ْد َم َّكنَّا ُك ْم فِي ْاْلَرْ ِ‬
‫‪31‬‬ ‫‪87‬‬ ‫َويَا آ َد ُم ا ْس ُك ْن أَ ْنتَ َو َزوْ جُكَ ْال َجنَّةَ ‪...‬‬
‫‪31‬‬ ‫‪87‬‬ ‫‪َ ...‬و َل تَ ْق َربَا هَ ِك ِه ال َّش َج َرةَ ‪...‬‬
‫‪11،73‬‬ ‫‪77‬‬ ‫َوأَقِي ُموا ُوجُوهَ ُك ْم ِع ْن َد ُكلِّ َمس ِْج ٍد ‪...‬‬
‫‪17،73‬‬ ‫‪58‬‬ ‫يَا بَنِي آ َد َم ُخ ُكوا ِزينَتَ ُك ْم ِع ْن َد ُكلِّ َمس ِ‬
‫ْج ٍد ‪...‬‬
‫‪13+71‬‬ ‫‪58‬‬ ‫ْرفُوا ‪...‬‬ ‫َو ُكلُوا َوا ْش َربُوا َو َل تُس ِ‬
‫‪26‬‬ ‫‪31‬‬ ‫َو ْالبَلَ ُد الطَّيِّبُ يَ ْخ ُر ُج نَبَاتُ ُ بِإ ِ ْذ ِ َربِّ ِ ‪...‬‬
‫‪817‬‬ ‫‪77‬‬ ‫ص ُح لَ ُك ْم ‪...‬‬ ‫ت َربِّي َوأَ ْن َ‬ ‫أُبَلِّ ُغ ُك ْم ِر َس َال ِ‬
‫‪72‬‬ ‫‪77‬‬ ‫َولَوْ أَ َّ أَ ْه َل ْالقُ َرى آ َمنُوا َواتَّقَوْ ا لَفَتَحْ نَا َعلَ ْي ِه ْم ‪...‬‬
‫‪53‬‬ ‫‪856‬‬ ‫َوأَوْ َر ْثنَا ْالقَوْ َم الَّ ِكينَ َكانُوا يُ ْستَضْ َعفُو َ ‪...‬‬
‫‪71‬‬ ‫‪718‬‬ ‫إِ َّ الَّ ِكينَ اتَّقَوْ ا إِذا َم َّسهُ ْم طائِ ٌ‬
‫ف ِمنَ ال َّشيْطا ِ تَ َك َّكرُوا ‪...‬‬

‫‪020‬‬
‫سورة األنفال‬
‫‪82‬‬ ‫‪53‬‬ ‫ت إِل ُم َكاء َوتَصْ ِديَة ‪...‬‬ ‫صَلتُهُ ْم ِع ْن َد ْالبَ ْي ِ‬
‫َو َما َكا َ َ‬
‫‪72‬‬ ‫‪71‬‬ ‫ف إِلَ ْي ُك ْم ‪...‬‬ ‫يل َّ‬
‫ّللاِ ي َُو َّ‬ ‫َو َما تُ ْنفِقُوا ِم ْن َش ْي ٍء فِي َسبِ ِ‬
‫‪32‬‬ ‫‪71‬‬ ‫اط ْال َخي ِْل‪...‬‬
‫َوأَ ِع ُّدوا لَهُ ْم َما ا ْستَطَ ْعتُ ْم ِم ْن قُ َّو ٍة َو ِم ْن ِربَ ِ‬
‫سورة التَّوبة‬
‫‪82‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ْث َو َج ْدتُ ُموهُ ْم‪...‬‬ ‫فَا ْقتُلُوا ْال ُم ْش ِر ِكينَ َحي ُ‬

‫‪27‬‬ ‫‪1‬‬ ‫لَقَ ْد َجا َء ُك ْم َرسُو ٌل ِم ْن أَ ْنفُ ِس ُك ْم ع ِ‬


‫َزي ٌز ‪...‬‬
‫‪78‬‬ ‫‪86‬‬ ‫ّللاِ ‪...‬‬ ‫َما َكا َ لِ ْل ُم ْش ِر ِكينَ أَ ْ يَ ْع ُمرُوا َم َس ِ‬
‫اج َد َّ‬

‫‪78،71‬‬ ‫‪81‬‬ ‫ّللاِ َم ْن آ َمنَ بِ َّ‬


‫اّلِلِ ‪...‬‬ ‫اج َد َّ‬
‫إِنَّ َما يَ ْع ُم ُر َم َس ِ‬
‫‪71‬‬ ‫‪87‬‬ ‫ْج ِد ْال َح َر ِام َك َم ْن آ َمنَ ‪...‬‬
‫ارةَ ْال َمس ِ‬
‫أَ َج َع ْلتُ ْم ِسقَايَةَ ْال َحاجِّ َو ِع َم َ‬
‫‪21‬‬ ‫‪72‬‬ ‫قُلْ إِ ْ َكا َ آبَا ُؤ ُك ْم َوأَ ْبنَا ُؤ ُك ْم ‪...‬‬
‫‪77‬‬ ‫‪21‬‬ ‫ثَانِ َي ْاثنَي ِْن إِ ْذ هُ َما فِي ْالغ ِ‬
‫َار ‪...‬‬
‫‪818‬‬ ‫‪68‬‬ ‫ضهُ ْم أَوْ لِيَا ُء ‪...‬‬ ‫َو ْال ُم ْْ ِمنُو َ َو ْال ُم ْْ ِمن ُ‬
‫َات بَ ْع ُ‬
‫‪31‬‬ ‫‪811‬‬ ‫ار ‪...‬‬
‫ص ِ‬‫اج ِرينَ َو ْاْلَ ْن َ‬ ‫َوالسَّابِقُو َ ْاْلَ َّولُو َ ِمنَ ْال ُمهَ ِ‬
‫‪66‬‬ ‫‪813‬‬ ‫َوقُ ِل ا ْع َملُوا فَ َسيَ َرى َّ‬
‫ّللاُ َع َملَ ُك ْم ‪...‬‬
‫‪77‬‬ ‫‪816‬‬ ‫ض َرارا َو ُك ْفرا ‪...‬‬ ‫ْجدا ِ‬ ‫َوالَّ ِكينَ اتَّخَ ُكوا َمس ِ‬
‫‪11،73،55‬‬ ‫‪811‬‬ ‫ْج ٌد أُس َ‬
‫ِّس َعلَى التَّ ْق َوى ‪...‬‬ ‫لَ َمس ِ‬
‫‪12،73‬‬ ‫‪817‬‬ ‫ّللاِ َو ِرضْ َوا ٍ خَ ْي ٌر‪...‬‬ ‫َّس بُ ْنيَانَ ُ َعلَى تَ ْق َوى ِمنَ َّ‬ ‫أَفَ َم ْن أَس َ‬
‫‪72‬‬ ‫‪888‬‬ ‫ّللاَ ا ْشتَرى ِمنَ ْال ُم ْْ ِمنِينَ أَ ْنفُ َسهُ ْم َوأَ ْموالَهُ ْم ‪...‬‬
‫إِ َّ َّ‬

‫‪73‬‬ ‫‪882‬‬ ‫اج َد َّ‬


‫ّللاِ ‪...‬‬ ‫َو َم ْن أَ ْ‬
‫ظلَ ُم ِم َّم ْن َمنَ َع َم َس ِ‬
‫‪815‬‬ ‫‪877‬‬ ‫َو َما َكا َ ْال ُم ْْ ِمنُو َ لِيَ ْنفِرُوا َكافَّة ‪...‬‬
‫سورة يونس‬
‫‪87‬‬ ‫‪16‬‬ ‫َوأَوْ َح ْينَا إِلَى ُمو َسى َوأَ ِخي ِ أَ ْ تَبَ َّوآ لِقَوْ ِم ُك َما بِ ِمصْ َر بُيُوتا ‪...‬‬
‫سورة هود‬
‫‪71‬‬ ‫‪78‬‬ ‫هُ َو أَ ْن َشَ َ ُك ْم ِمنَ ْاْلَرْ ِ‬
‫ض َوا ْستَ ْع َم َر ُك ْم فِيهَا‪...‬‬
‫سورة يوسف‬
‫‪77‬‬ ‫‪72‬‬ ‫َك َكلِكَ لِنَصْ ِرفَ َع ْن ُ السُّو َء َو ْالفَحْ َشا َء ‪...‬‬
‫‪813+37‬‬ ‫‪811‬‬ ‫ّللاِ ‪...‬‬‫قُلْ هَ ِك ِه َسبِيلِي أَ ْد ُعو إِلَى َّ‬

‫‪022‬‬
‫الرعد‬
‫سورة َّ‬
‫‪23‬‬ ‫‪88‬‬ ‫ّللاَ لَ يُ َغيِّ ُر َما بِقَوْ ٍم َحتَّى يُ َغيِّرُوا ما بَِ َ ْنفُ ِس ِه ْم‪...‬‬
‫إِ َّ َّ‬

‫‪7‬‬ ‫‪83‬‬ ‫ض ‪..‬‬‫ت َو ْاْلَرْ ِ‬ ‫َو ِ َّّلِلِ يَ ْس ُج ُد َم ْن فِي ال َّس َم َوا ِ‬


‫‪18‬‬ ‫‪71‬‬ ‫ّللاِ ‪...‬‬ ‫الَّ ِكينَ آ َمنُوا َوت ْ‬
‫َط َمئِ ُّن قُلُوبُهُ ْم بِ ِك ْك ِر َّ‬

‫سورة إبراهيم‬
‫‪886‬‬ ‫‪72‬‬ ‫ب َّ‬
‫ّللاُ َمثََل َكلِ َمة طَيِّبَة ‪...‬‬ ‫ض َر َ‬ ‫أَلَ ْم ت ََر َك ْيفَ َ‬
‫‪76‬‬ ‫‪56‬‬ ‫ت ِم ْن ُذرِّ يَّتِي بِوا ٍد َغي ِْر ِذي زَ رْ ٍ‬
‫ع‪...‬‬ ‫َربَّنا إِنِّي أَ ْس َك ْن ُ‬

‫‪23‬‬ ‫‪21‬‬ ‫َربِّ اجْ َع ْلنِي ُمقِي َم الص َََّل ِة َو ِم ْن ُذرِّ يَّتِي ‪...‬‬
‫سورة الحجر‬
‫‪16‬‬ ‫‪7‬‬ ‫إِنَّا نَحْ ُن نَ َّز ْلنَا ال ِّك ْك َر ‪...‬‬
‫‪62+71‬‬ ‫‪87‬‬ ‫َوأَ ْنبَ ْتنَا فِيهَا ِم ْن ُكلِّ َش ْي ٍء َموْ ُزو ٍ‬
‫‪818‬‬ ‫‪72‬‬ ‫فَاصْ َد ْع بِ َما تُ ْْ َم ُر ‪...‬‬
‫سورة َّ‬
‫النحل‬
‫‪25‬‬ ‫‪77‬‬ ‫فَََتَى ّللاُ بِ ْنيَتَهُ ْم ِمنَ ْالقَ َوا ِع ِد‪...‬‬
‫‪7‬‬ ‫‪21‬‬ ‫ق َّ‬
‫ّللاُ ِم ْن َش ْي ٍء ‪...‬‬ ‫أَ َولَ ْم يَ َروْ ا إِلَى َما خَ لَ َ‬
‫‪73‬‬ ‫‪76‬‬ ‫صالِحا ِم ْن َذ َك ٍر أَوْ أُ ْنثَى ‪...‬‬ ‫َم ْن َع ِم َل َ‬
‫‪817‬‬ ‫‪875‬‬ ‫ثُ َّم أَوْ َح ْينَا إِلَ ْيكَ أَ ِ اتَّبِ ْع ِملَّةَ إِب َْرا ِهي َم َحنِيفا ‪...‬‬
‫‪81‬‬ ‫‪873‬‬ ‫يل َربِّكَ بِ ْال ِح ْك َم ِة ‪...‬‬‫ع إِلَى َسبِ ِ‬ ‫ا ْد ُ‬
‫سورة اإلسراء‬
‫‪53،77‬‬ ‫‪8‬‬ ‫ُسب َْحا َ الَّ ِكي أَس َْرى بِ َع ْب ِد ِه لَيَْل ‪...‬‬
‫‪21‬‬ ‫‪6‬‬ ‫فَإ ِ َذا َجا َء َو ْع ُد ْاآل ِخ َر ِة لِيَسُو ُءوا ُوجُوهَ ُك ْم ‪...‬‬
‫‪16‬‬ ‫‪7‬‬ ‫إِ َّ هَ َكا ْالقُرْ آ َ يَ ْه ِدي لِلَّتِي ِه َي أَ ْق َو ُم ‪...‬‬
‫‪76‬‬ ‫‪85‬‬ ‫َو ُك َّل إِنسا ٍ أَ ْلزَ ْمناهُ طائِ َرهُ فِي ُعنُقِ ِ‪...‬‬
‫‪65‬‬ ‫‪75‬‬ ‫َوقَضى َربُّكَ أَلَّ تَ ْعبُ ُدوا إِلَّ إِيَّاهُ ‪...‬‬
‫‪77+11‬‬ ‫‪51‬‬ ‫ال ال َّرسُو ُل يَا َربِّ إِ َّ قَوْ ِمي اتَّخَ ُكوا هَ َكا ْالقُرْ آ َ َم ْهجُورا‬
‫َوقَ َ‬
‫‪37‬‬ ‫‪58‬‬ ‫ق‪...‬‬‫وال تقتُلُوا أوالد ُكم خشية إمال ٍ‬
‫‪76‬‬ ‫‪57‬‬ ‫ص َر َو ْالفَُْ ا َد ُكلُّ أُولَئِكَ َكا َ َع ْن ُ َم ْسئُول‬
‫إِ َّ ال َّس ْم َع َو ْالبَ َ‬
‫‪36‬‬ ‫‪61‬‬ ‫َولَقَ ْد َك َّر ْمنَا بَنِي آ َد َم ‪...‬‬

‫‪023‬‬
‫‪57‬‬ ‫‪11‬‬ ‫َوقُلْ َربِّ أَ ْد ِخ ْلنِي ُمدْخَ َل ‪...‬‬
‫‪16‬‬ ‫‪13‬‬ ‫َونُن َِّز ُل ِمنَ ْالقُرْ آ ِ َما هُ َو ِشفَا ٌء َو َرحْ َمةٌ ‪...‬‬
‫‪11‬‬ ‫‪817‬‬ ‫اس عَلى ُم ْك ٍ‬
‫ث ‪...‬‬ ‫َوقُرْ آنا فَ َر ْقناهُ لِتَ ْق َرأَهُ َعلَى النَّ ِ‬
‫سورة الكهف‬
‫‪86‬‬ ‫‪7‬‬ ‫اب ْال َكه ِ‬
‫ْف َوال َّرقِ ِيم ‪...‬‬ ‫أَ ْم َح ِسبْتَ أَ َّ أَصْ َح َ‬
‫‪87‬‬ ‫‪88‬‬ ‫ب ‪...‬‬‫فَخَ َر َج َعلَى قَوْ ِم ِ ِمنَ ْال ِمحْ َرا ِ‬
‫‪86‬‬ ‫‪82‬‬ ‫طنا عَلى قُلُوبِ ِه ْم إِ ْذ قا ُموا فَقالُوا َربُّنا ‪...‬‬ ‫َو َربَ ْ‬

‫‪81‬‬ ‫‪78‬‬ ‫إِ ْذ يَتَنَا َز ُعو َ بَ ْينَهُ ْم أَ ْم َرهُ ْم فَقَالُوا ا ْبنُوا َعلَ ْي ِه ْم بُ ْنيَانا ‪...‬‬
‫سورة مريم‬
‫‪87‬‬ ‫‪88‬‬ ‫فخرج على قومه من المحراب‪...‬‬
‫‪81‬‬ ‫‪65‬‬ ‫ال الَّ ِكينَ َكفَرُوا ‪...‬‬ ‫َوإِ َذا تُ ْتلَى َعلَ ْي ِه ْم آيَاتُنَا بَيِّنَا ٍ‬
‫ت قَ َ‬
‫‪25‬‬ ‫‪73‬‬ ‫َو ُك ُّلهُ ْم آتِي ِ يَوْ َم ْالقِيَا َم ِة فَرْ دا‬
‫سورة طه‬
‫‪77‬‬ ‫‪7-8‬‬ ‫زَلنَا َعلَ ْيكَ ْالقُرْ آ َ لِتَ ْشقَى ‪...‬‬
‫ط * َما أَ ْن ْ‬

‫‪72‬‬ ‫‪872‬‬ ‫َو َم ْن أَ ْع َر َ‬


‫ض ع َْن ِذ ْك ِري فَإ ِ َّ لَ ُ َم ِعي َشة ‪...‬‬
‫‪61،27‬‬ ‫‪857‬‬ ‫َو ْأ ُمرْ أَ ْهلَكَ بِالصََّل ِة َواصْ طَبِرْ َعلَيْها ‪...‬‬
‫سورة األنبياء‬
‫‪57‬‬ ‫‪68‬‬ ‫ض الَّتِي بَ َ‬
‫ار ْكنَا فِيهَا ‪...‬‬ ‫َونَ َّج ْينَاهُ َولُوطا إِلَى ْاْلَرْ ِ‬
‫‪17‬‬ ‫‪65‬‬ ‫َوأَوْ َح ْينَا إِلَ ْي ِه ْم فِع َْل ْالخَ ي َْرا ِ‬
‫ت َوإِقَا َم الص َََّل ِة‪...‬‬
‫‪35‬‬ ‫‪11‬‬ ‫صنَ ُك ْم ‪...‬‬
‫س لَ ُك ْم لِتُحْ ِ‬ ‫َو َعلَّ ْمنَاهُ َ‬
‫ص ْن َعةَ لَبُو ٍ‬
‫‪53‬‬ ‫‪18‬‬ ‫صفَة ‪...‬‬ ‫َولِ ُسلَ ْي َما َ الرِّ َ‬
‫يح عَا ِ‬
‫‪87‬‬ ‫‪16‬‬ ‫َاضبا ‪...‬‬
‫َب ُمغ ِ‬‫َو َذا النُّو ِ إِ ْذ َذه َ‬
‫سورة ِّ‬
‫الحج‬
‫‪76‬‬ ‫‪77‬‬ ‫َوإِ ْذ بَ َّو ْأنا ِ ِِلبْرا ِهي َم َمكا َ ْالبَ ْي ِ‬
‫ت ‪...‬‬
‫‪76‬‬ ‫‪76‬‬ ‫اس بِ ْال َحجِّ ‪...‬‬
‫َوأَ ِّذ ْ فِي النَّ ِ‬
‫‪82‬‬ ‫‪77‬‬ ‫ت ْال َعتِ ِ‬
‫يق‬ ‫َو ْليَطَّ َّوفُوا بِ ْالبَ ْي ِ‬
‫‪71‬‬ ‫‪51‬‬ ‫ت َّ‬
‫ّللاِ فَه َُو خَ ْي ٌر لَ ُ ِع ْن َد َربِّ ِ‪...‬‬ ‫َو َم ْن يُ َعظِّ ْم ُح ُر َما ِ‬
‫‪73،81‬‬ ‫‪21‬‬ ‫ت ‪...‬‬ ‫ْض لَّهُ ِّد َم ْ‬
‫ْضهُ ْم بِبَع ٍ‬ ‫اس بَع َ‬ ‫َولَوْ َل َد ْف ُع َّ‬
‫ّللاِ النَّ َ‬

‫‪029‬‬
‫‪73+81‬‬ ‫‪21‬‬ ‫اج ُد ‪...‬‬ ‫صلَ َو ٌ‬
‫ات َو َم َس ِ‬ ‫ص َوا ِم ُع َوبِيَ ٌع َو َ‬‫ت َ‬ ‫لَهُ ِّد َم ْ‬

‫‪37‬‬ ‫‪28‬‬ ‫ض أَقَا ُموا الص َََّلةَ ‪...‬‬


‫الَّ ِكينَ إِ ْ َم َّكنَّاهُ ْم فِي ْاْلَرْ ِ‬
‫‪75+78‬‬ ‫‪28‬‬ ‫ض أَقَا ُموا الص َََّلةَ ‪...‬‬‫الَّ ِكينَ إِ ْ َم َّكنَّاهُ ْم فِي ْاْلَرْ ِ‬
‫‪17‬‬ ‫‪66‬‬ ‫يَاأَيُّهَا الَّ ِكينَ آ َمنُوا ارْ َكعُوا َوا ْس ُج ُدوا ‪...‬‬
‫سورة المؤمنون‬
‫‪53‬‬ ‫‪31‬‬ ‫َو َج َع ْلنَا ا ْبنَ َمرْ يَ َم َوأُ َّم ُ ‪...‬‬
‫سورة َّ‬
‫النور‬
‫‪75‬‬ ‫‪8‬‬ ‫سورة أنزلناها وفرضناها ‪...‬‬
‫‪71‬‬ ‫‪77‬‬ ‫َول يََْت َِل أُولُوا ْالفَضْ ِل ِم ْن ُك ْم َوال َّس َع ِة ‪...‬‬
‫‪85‬‬ ‫‪76‬‬ ‫ل تَ ْد ُخلُوا بُيُوتا َغي َْر بُيُوتِ ُك ْم‪...‬‬
‫‪88،75،85،72‬‬ ‫‪57‬‬ ‫ّللاُ أَ ْ تُرْ فَ َع َوي ُْك َك َر فِيهَا ا ْس ُم ُ ‪...‬‬
‫ت أَ ِذ َ َّ‬‫فِي بُيُو ٍ‬
‫‪73،11‬‬ ‫‪56‬‬ ‫جارةٌ َول بَ ْي ٌع ع َْن ِذ ْك ِر َّ‬
‫ّللاِ‪...‬‬ ‫ِرجا ٌل َل تُ ْل ِهي ِه ْم تِ َ‬
‫‪887‬‬ ‫‪21‬‬ ‫ت فِي بَحْ ٍر لُجِّ ٍّي ‪...‬‬ ‫أَوْ َكظُلُ َما ٍ‬
‫‪72‬‬ ‫‪38‬‬ ‫إِنَّ َما َكا َ قَوْ َل ْال ُم ْْ ِمنِينَ إِ َذا ُد ُعوا إِلَى َّ‬
‫ّللاِ ‪...‬‬
‫سورة الفرقان‬
‫‪35‬‬ ‫‪71‬‬ ‫َو َما أَرْ َس ْلنَا قَ ْبلَكَ ِمنَ ْال ُمرْ َسلِينَ إِ َّل إِنَّهُ ْم لَيََْ ُكلُو َ ‪...‬‬
‫‪77‬‬ ‫‪71‬‬ ‫يَا َو ْيلَتى لَ ْيتَنِي لَ ْم أَت َّ ِخ ْك فَُلنا خَ لِيَل‬
‫سورة َّ‬
‫النمل‬
‫‪65‬‬ ‫‪11‬‬ ‫وترى الجبال تحسُبها جامدة ‪...‬‬
‫سورة القصص‬
‫‪73‬‬ ‫‪71‬‬ ‫صى ْال َم ِدينَ ِة يَ ْس َعى ‪...‬‬
‫َو َجا َء َر ُج ٌل ِم ْن أَ ْق َ‬
‫‪37‬‬ ‫‪77‬‬ ‫ت ا ْستََْ ِجرْ هُ ‪...‬‬
‫يَا أَبَ ِ‬
‫‪33‬‬ ‫‪37‬‬ ‫إِنَّكَ َل تَ ْه ِدي َم ْن أَحْ بَبْتَ ‪...‬‬
‫‪77‬‬ ‫‪36‬‬ ‫أَ َولَ ْم نُ َم ِّك ْن لَهُ ْم َح َرما آ ِمنا يُجْ بَى إِلَ ْي ِ ثَ َم َر ُ‬
‫ات ‪...‬‬
‫سورة العنكبوت‬
‫‪887‬‬ ‫‪71‬‬ ‫ق ‪...‬‬ ‫ض فَا ْنظُ ُروا َك ْيفَ بَدَأَ ْالخَ ْل َ‬
‫قُلْ ِسيرُوا فِي ْاْلَرْ ِ‬
‫‪13‬‬ ‫‪23‬‬ ‫َوأَقِ ِم الص َََّلةَ إِ َّ الص َََّلةَ تَ ْنهَى ع َِن ْالفَحْ َشا ِء َو ْال ُم ْن َك ِر‪...‬‬
‫‪71‬‬ ‫‪76‬‬ ‫أَ َولَ ْم يَ َروْ ا أَنَّا َج َع ْلنا َح َرما آ ِمنا َويُتَخَ طَّ ُ‬
‫ف النَّاسُ ِم ْن َحوْ لِ ِه ْم ‪﴾..‬‬

‫‪001‬‬
‫سورة الروم‬
‫‪77‬‬ ‫‪78‬‬ ‫ق لَ ُك ْم ِم ْن أَ ْنفُ ِس ُك ْم أَ ْزواجا ‪...‬‬
‫َو ِم ْن آياتِ ِ أَ ْ خَ لَ َ‬
‫سورة لقمان‬
‫‪67+38‬‬ ‫‪87‬‬ ‫ي أَقِ ِم الصََّلةَ َو ْأ ُمرْ بِ ْال َم ْعر ِ‬
‫ُوف‪...‬‬ ‫يَا بُنَ َّ‬
‫سورة األحزاب‬
‫‪27‬‬ ‫‪78‬‬ ‫ّللاِ أُس َْوةٌ ‪...‬‬
‫ُول َّ‬
‫لَقَ ْد كا َ لَ ُك ْم فِي َرس ِ‬
‫‪73+72‬‬ ‫‪75‬‬ ‫ص َدقُوا َما عاهَ ُدوا َّ‬
‫ّللاَ ‪...‬‬ ‫ِمنَ ْال ُم ْْ ِمنِينَ ِرجا ٌل َ‬
‫‪63،23‬‬ ‫‪53‬‬ ‫ت ‪...‬‬‫إِ َّ ْال ُم ْسلِ ِمينَ َو ْال ُم ْسلِ َما ِ‬
‫‪33‬‬ ‫‪67‬‬ ‫ض َو ْال ِجبَ ِ‬
‫ال ‪...‬‬ ‫ت َو ْاْلَرْ ِ‬ ‫إِنَّا ع ََرضْ نَا ْاْلَ َمانَةَ َعلَى ال َّس َم َ‬
‫اوا ِ‬
‫سورة سبأ‬
‫‪85‬‬ ‫‪85‬‬ ‫يل ‪...‬‬‫يب َوتَ َماثِ َ‬ ‫يَ ْع َملُو َ لَ ُ َما يَ َشا ُء ِم ْن َم َح ِ‬
‫ار َ‬
‫‪53‬‬ ‫‪81‬‬ ‫ار ْكنَا فِيهَا قُرى ‪...‬‬‫َو َج َع ْلنَا بَ ْينَهُ ْم َوبَ ْينَ ْالقُ َرى الَّتِي بَ َ‬
‫سورة فاطر‬
‫‪811‬‬ ‫‪72‬‬ ‫إِنَّا أَرْ َس ْلناكَ بِ ْال َح ِّ‬
‫ق بَ ِشيرا َونَ ِكيرا‬
‫‪885+73‬‬ ‫‪71‬‬ ‫آل فِرْ عَوْ َ ‪...‬‬ ‫َوقَ َ‬
‫ال َر ُج ٌل ُم ْْ ِم ٌن ِم ْن ِ‬
‫سورة الصَّافات‬
‫‪86‬‬ ‫‪827‬‬ ‫ُوت َوهُ َو ُملِي ٌم‬‫فَ ْالتَقَ َم ُ ْالح ُ‬

‫‪86+87‬‬ ‫‪825‬‬ ‫فَلَوْ ل أَنَّ ُ َكا َ ِمنَ ْال ُم َسب ِِّحينَ‬


‫سورة ص‬
‫‪85‬‬ ‫‪78‬‬ ‫َوهَلْ أَتَاكَ نَبََ ُ ْالخَصْ ِم إِ ْذ تَ َس َّورُوا ْال ِمحْ َر َ‬
‫اب‬
‫سورة ُّ‬
‫الزمر‬
‫‪67+71‬‬ ‫‪7‬‬ ‫قُلْ هَلْ يَ ْست َِوي الَّ ِكينَ يَ ْعلَ ُمو َ َوالَّ ِكينَ َل يَ ْعلَ ُمو َ ‪...‬‬
‫‪35‬‬ ‫‪81‬‬ ‫إِنَّما ي َُوفَّى الصَّابِرُو َ أَجْ َرهُ ْم بِ َغي ِْر ِحسا ٍ‬
‫ب‬
‫‪76‬‬ ‫‪82‬‬ ‫ّللاَ أَ ْعبُ ُد ُم ْخلِصا لَ ُ ِدينِي‬ ‫قُ ِل َّ‬

‫‪885‬‬ ‫‪71‬‬ ‫ت آنَا َء اللَّي ِْل َسا ِجدا َوقَائِما ‪...‬‬ ‫أَ َّم ْن هُ َو قَانِ ٌ‬

‫‪77‬‬ ‫‪65‬‬ ‫ق الَّ ِكينَ اتَّقَوْ ا َربَّهُ ْم إِلَى ْال َجنَّ ِة ُز َمرا ‪...‬‬
‫َو ِسي َ‬
‫سورة فاطر‬
‫‪887‬‬ ‫‪71‬‬ ‫ّللاَ ِم ْن ِعبَا ِد ِه ْال ُعلَ َما ُء‬
‫إِنَّ َما يَ ْخ َشى َّ‬

‫‪000‬‬
‫سورة فصلت‬

‫‪31‬‬ ‫‪51‬‬ ‫إِ َّ الَّ ِكينَ قَالُوا َربُّنَا َّ‬


‫ّللاُ ‪...‬‬
‫‪813‬‬ ‫‪55‬‬ ‫َو َم ْن أَحْ َس ُن قَوْ ل ِم َّم ْن دَعا إِلَى َّ‬
‫ّللاِ ‪...‬‬
‫سورة ُّ‬
‫الشورى‬
‫‪77‬‬ ‫‪85‬‬ ‫َش َر َع لَ ُك ْم ِمنَ الد ِ‬
‫ِّين َما َوصَّى بِ ِ نُوحا ‪...‬‬
‫سورة ُّ‬
‫الزخرف‬
‫‪77‬‬ ‫‪76‬‬ ‫ْض َع ُد ٌّو إِ َّل ْال ُمتَّقِينَ‬ ‫ْاْلَ ِخ ََّل ُء يَوْ َمئِ ٍك بَ ْع ُ‬
‫ضهُ ْم لِبَع ٍ‬
‫سورة الجاثية‬
‫‪78‬‬ ‫‪85‬‬ ‫ض ‪...‬‬‫ت َو َما فِي ْاْلَرْ ِ‬ ‫َو َس َّخ َر لَ ُك ْم َما فِي ال َّس َم َ‬
‫اوا ِ‬
‫سورة الفتح‬
‫‪71‬‬ ‫‪77‬‬ ‫ّللاِ َوالَّ ِكينَ َم َع ُ أَ ِش َّدا ُء َعلَى ْال ُكفَّ ِ‬
‫ار ‪...‬‬ ‫ُم َح َّم ٌد َرسُو ُل َّ‬

‫سورة الحجرات‬
‫‪77،37‬‬ ‫‪85‬‬ ‫يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَ لَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن َذ َك ٍر َوأُ ْنثَى ‪...‬‬
‫‪22‬‬ ‫‪82‬‬ ‫ت ْاْلَ ْع َرابُ آ َمنَّا قُلْ لَ ْم تُ ْْ ِمنُوا َولَ ِك ْن قُولُوا أَ ْسلَ ْمنَا ‪...‬‬‫قَالَ ِ‬
‫سورة َّ‬
‫الذاريات‬
‫‪18‬‬ ‫‪37‬‬ ‫س إِ َّل لِيَ ْعبُ ُدو ِ‬ ‫ت ْال ِج َّن َو ْ ِ‬
‫اِل ْن َ‬ ‫َوما خَ لَ ْق ُ‬
‫سورة ُّ‬
‫الطور‬
‫‪71‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ت ْال َم ْع ُم ِ‬
‫ور‬ ‫َو ْالبَ ْي ِ‬

‫سورة َّ‬
‫النجم‬
‫‪7‬‬ ‫‪77‬‬ ‫فَا ْس ُج ُدوا ِ َّّلِلِ َوا ْعبُ ُدوا‬

‫سورة القمر‬
‫‪11‬‬ ‫‪77‬‬ ‫َولَقَ ْد يَسَّرْ نَا ْالقُرْ آ َ لِل ِّك ْك ِر فَهَلْ ِم ْن ُم َّد ِك ٍر‬

‫سورة الحديد‬
‫‪78‬‬ ‫‪87‬‬ ‫اّلِلِ َو ُر ُسلِ ِ أُولَئِكَ هُ ُم الصِّ دِّيقُو َ ‪...‬‬
‫َوالَّ ِكينَ آ َمنُوا بِ َّ‬

‫سورة المجادلة‬
‫‪886+885‬‬ ‫‪88‬‬ ‫سحُوا فِي ْال َم َجالِ ِ‬
‫س ‪...‬‬ ‫يَا أَيُّهَا الَّ ِكينَ آ َمنُوا إِ َذا قِ َ‬
‫يل لَ ُك ْم تَفَ َّ‬
‫‪72‬‬ ‫‪88‬‬ ‫ّللاُ الَّ ِكينَ آ َمنُوا ِم ْن ُك ْم َوالَّ ِكينَ أُوتُوا ْال ِع ْل َم د ََرجا ٍ‬
‫ت‬ ‫يَرْ فَ ِع َّ‬

‫‪000‬‬
‫سورة الحشر‬
‫‪72‬‬ ‫‪6‬‬ ‫َو َما آتَا ُك ُم ال َّرسُو ُل فَ ُخ ُكوهُ َو َما نَهَا ُك ْم َع ْن ُ فَا ْنتَهُوا‬
‫‪77‬‬ ‫‪75‬‬ ‫ْال ُم ْْ ِم ُن ْال ُمهَ ْي ِم ُن ْال َع ِزي ُز ْال َجبَّا ُر ْال ُمتَ َكبِّ ُر ‪...‬‬
‫سورة الصَّف‬
‫‪25‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ّللاَ ي ُِحبُّ الَّ ِكينَ يُقاتِلُو َ فِي َسبِيلِ ِ َ‬
‫صفا ‪...‬‬ ‫إِ َّ َّ‬

‫‪815‬‬ ‫‪82‬‬ ‫ّللاِ‪...‬‬ ‫يا أَيُّهَا الَّ ِكينَ آ َمنُوا ُكونُوا أَ ْن َ‬


‫صار َّ‬

‫سورة الجمعة‬
‫‪13+73‬‬ ‫‪81‬‬ ‫ت الص َََّلةُ فَا ْنت َِشرُوا فِي ْاْلَرْ ِ‬
‫ض ‪...‬‬ ‫فَإ ِ َذا قُ ِ‬
‫ضي َ ِ‬
‫سورة التَّحريم‬
‫‪67،27‬‬ ‫‪7‬‬ ‫يا أَيُّهَا الَّ ِكينَ آ َمنُوا قُوا أَ ْنفُ َس ُك ْم َوأَ ْهلِي ُك ْم نَارا‪...‬‬
‫سورة الملك‬
‫‪887‬‬ ‫‪81‬‬ ‫ب السعير‬ ‫َوقَالُ ْ‬
‫وا لَوْ ُكنَّا نَ ْس َم ُع أَوْ نَ ْعقِ ُل َما ُكنَّا في أَصْ َحا ِ‬
‫‪73‬‬ ‫‪83‬‬ ‫هُ َو الَّ ِكي َج َع َل لَ ُك ُم ْاْلَرْ َ‬
‫ض َذلُول فَا ْم ُشوا فِي َمنَا ِكبِهَا ‪...‬‬
‫‪25‬‬ ‫‪77‬‬ ‫أَفَ َم ْن يَ ْم ِشي ُم ِكبا َعلَى َوجْ ِه ِ أَ ْهدَى ‪...‬‬
‫‪887‬‬ ‫‪75‬‬ ‫ْصار َو ْاْلَ ْفئِ َدةَ ‪...‬‬
‫قُلْ هُ َو الَّ ِكي أَ ْن َشَ َ ُك ْم َو َج َع َل لَ ُك ُم ال َّس ْم َع َو ْاْلَب َ‬
‫سورة الجن‬
‫‪87‬‬ ‫‪82‬‬ ‫فَ َم ْن أَ ْسلَ َم فََُولَئِكَ ت ََحرَّوْ ا َر َشدا‬
‫‪11،81‬‬ ‫‪81‬‬ ‫ّللاِ أَ َحدا‬ ‫َوأَ َّ ْال َم ِ‬
‫ساج َد ِ َّّلِلِ فََل تَ ْد ُعوا َم َع َّ‬

‫سورة المزمل‬
‫‪11‬‬ ‫‪2‬‬ ‫َو َرتِّ ِل ْالقُرْ آ َ تَرْ تِيَل‬
‫سورة المدثر‬
‫‪87‬‬ ‫‪7‬‬ ‫يَا أَيُّهَا ال ُم َّدثِّ ُر قُ ْم فََ َ ْن ِكرْ َو َربَّ َ‬
‫ك فَ َكبِّرْ‬
‫سورة القيامة‬
‫‪11‬‬ ‫‪81‬‬ ‫فَإ ِ َذا قَ َر ْأنَاهُ فَاتَّبِ ْع قُرْ آنَ ُ‬
‫سورة اإلنسان‬
‫‪78‬‬ ‫‪8‬‬ ‫ين ِمنَ ال َّد ْه ِر‪...‬‬ ‫هَلْ أَتى َعلَى ْ ِ‬
‫اِل ْنسا ِ ِح ٌ‬
‫سورة َّ‬
‫النبأ‬
‫‪62‬‬ ‫‪1‬‬ ‫َوخَ لَ ْقنا ُك ْم أَ ْزواجا‬

‫‪003‬‬
‫سورة الطَّارق‬
‫‪887‬‬ ‫‪87-88‬‬ ‫ت الرَّجع * واْلرض َذا ِ‬
‫ت الصَّدع‬ ‫والسَّماء َذا ِ‬
‫سورة التِّين‬
‫‪71‬‬ ‫‪5‬‬ ‫َوهَ َكا ْالبَلَ ِد ْاْلَ ِم ِ‬
‫ين‬
‫‪62‬‬ ‫‪3-2‬‬ ‫اِل ْن َسا َ فِي أَحْ َس ِن تَ ْق ِو ٍيم * ثُ َّم َر َد ْدنَاهُ ‪...‬‬
‫لَقَ ْد خَ لَ ْقنَا ْ ِ‬
‫سورة العلق‬
‫‪887‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ا ْق َر ْأ بِاس ِْم َربِّكَ الَّ ِكي خَ لَ َ‬
‫ق‪...‬‬
‫سورة الفيل‬
‫‪71‬‬ ‫‪7-8‬‬ ‫ب ْالفِ ِ‬
‫يل*أَلَ ْم يَجْ َعلْ ‪..‬‬ ‫أَلَ ْم ت ََر َك ْيفَ فَ َع َل َربُّكَ بََِصْ حا ِ‬

‫سورة قريش‬
‫‪72،71‬‬ ‫‪2-5‬‬ ‫ت الَّ ِكي أَ ْ‬
‫ط َع َمهُ ْم ‪...‬‬ ‫فَ ْليَ ْعبُ ُدوا َربَّ ه َكا ْالبَ ْي ِ‬
‫سورة الماعون‬
‫‪67‬‬ ‫‪3-2‬‬ ‫ص ََلتِ ِه ْم َساهُو َ‬ ‫فَ َو ْي ٌل لِ ْل ُم َ‬
‫صلِّينَ * الَّ ِكينَ هُ ْم ع َْن َ‬

‫‪002‬‬
‫فهرس األحاديث‬
‫الصفحة‬ ‫الكتاب‬ ‫الحديث‬
‫‪31‬‬ ‫سنن التِّرمذي‪ ،‬حسن‬ ‫ابتُلينا مع ر ُسول اللَّه ‪ ‬بالض َّ‬
‫َّراء ‪...‬‬
‫‪812‬‬ ‫صحيح الجامع الصغير‬ ‫أحب الناس إلى اهلل أنفعهم‬
‫‪68‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫إذا بايعت ف ُقل ال خالبة‬
‫‪817‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫إذا دعا أح ُد ُكم فليعزم في ُّ‬
‫الدعاء‪...‬‬
‫‪77‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫إذا ق أر القُرآن لم يتكلَّم ‪...‬‬
‫‪887+73‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫ان انقطع عنهُ عملُهُ ‪...‬‬
‫إذا مات اإلنس ُ‬
‫‪887‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫إذا م َّر ب ُّ‬
‫النطفة ثنتان وأرب ُعون ليلة‪...‬‬
‫‪17‬‬ ‫سنن التَّرمذي‪ ،‬حسن‬ ‫إذا مررتُم برياض الجَّنة فارت ُعوا‪...‬‬
‫‪13‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫أ أريتُم لو أ َّن نه ار بباب أحد ُكم ‪...‬‬
‫‪75‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫أعظ ُم النَّاس أج ار في الصَّالة أبع ُد ُهم‪...‬‬
‫‪17‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫اقرُءوا القُرآن فإَّنهُ يأتي يوم القيامة ‪...‬‬
‫‪886‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫النفر الثَّالثة‪...‬‬
‫أال أُخب ُرُكم عن َّ‬
‫‪75‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫أال أ ُدلُّ ُكم على ما يم ُحو اهللُ ‪...‬‬
‫‪81‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫ت أن أس ُجد على سبعة أعظٍُم ‪...‬‬ ‫أُمر ُ‬
‫‪57‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫ت بقري ٍة تأ ُك ُل القُرى‪...‬‬
‫أُمر ُ‬
‫سنن التِّرمذي‪ ،‬صحيح‬ ‫َّ‬
‫‪817‬‬ ‫الرجال ‪...‬‬
‫ض البليغ من ِّ‬‫إ َّن الله يبغ ُ‬
‫‪75‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫إ َّن اهلل يرفعُ بهذا الكتاب أقواما‪...‬‬
‫‪77‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫صحبته‪...‬‬ ‫إ َّن أم َّن َّ‬
‫الناس عل َّي في ماله و ُ‬
‫‪72‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫يح ‪...‬‬ ‫أن تص َّدق وأنت صح ٌ‬
‫يح شح ٌ‬
‫‪883‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫أن تُؤمن باهلل‪ ،‬ومالئكته‪ ،‬وكتابه‪... ،‬‬
‫‪27‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫إ َّن دماء ُكم وأموال ُكم حرٌام علي ُكم‪...‬‬
‫‪35‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫إ َّن ُقلُوب بني آدم ُكلَّها بين إصبعين ‪...‬‬
‫‪886‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫الشجر شجرة ال يسقُطُ ورقُها‪...‬‬ ‫إ َّن من َّ‬
‫‪25‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫إ َّن من خيارُكم أحاسن ُكم أخالقا‬
‫‪71‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫إ َّن هذا البلد ح َّرمهُ اللَّهُ ‪...‬‬
‫‪77‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫إَّنما أهلك الَّذين قبل ُكم‪... ،‬‬

‫‪000‬‬
‫‪886‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫َّإنهُ نهى أن ُيقام َّ‬
‫الرُج ُل من ‪...‬‬
‫‪88‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫أ َّو ُل ما ُبدئ به ر ُسو ُل اللَّه ‪... ‬‬
‫‪55‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫ي مسجٍد ُوضع أ َّول‪ ،‬قال‪( :‬المسج ُد ‪...‬‬ ‫أ ُّ‬
‫‪77‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫ي مسجٍد ُوضع في األرض أ َّوال‪...‬‬ ‫أ ُّ‬
‫‪17‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫ب أن يغ ُدو ُك َّل يوٍم إلى ُبطحان‪...‬‬ ‫أُّي ُكم ُيح ُّ‬
‫‪78‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫ان بضعٌ وسب ُعون ُشعبة‪...‬‬ ‫اإليم ُ‬
‫‪57‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫تُفت ُح اليم ُن‪ ،‬فيأتي قوٌم ُيبسُّون ‪...‬‬
‫‪87‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫ت جواري ‪...‬‬ ‫اء‪ ،‬فل َّما قضي ُ‬ ‫ت في حر ٍ‬ ‫جاور ُ‬
‫‪27‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫الناس قرني‪ ،‬ثَُّم الَّذين يلُونهُم‪...‬‬ ‫خي ُر َّ‬
‫‪67‬‬ ‫سنن التِّرمذي‪ ،‬حسن صحيح‬ ‫خي ُرُكم خي ُرُكم ألهله‪...‬‬
‫‪76‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫خي ُرُكم من تعلم القُرآن وعلمهُ‬
‫‪883،17،‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫سبعةٌ ُيظلُّهُ ُم اللَّهُ في ظلِّه‪... ،‬‬
‫‪15،7‬‬
‫‪871‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫ب‬‫ك مطهرةٌ للفم مرضاةٌ ل َّلر ِّ‬
‫السِّوا ُ‬
‫‪75‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫صالةُ الجميع تزي ُد على صالته ‪...‬‬
‫‪51‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫صالةٌ في مسجدي هذا خيٌر ‪...‬‬
‫‪58‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫صالةٌ فيه أفض ُل من ألف صال ٍة فيما ‪...‬‬
‫‪67‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫فاتَّقُوا اللَّه واعدلُوا بين أوالد ُكم‬
‫‪885‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫ضيِّعت األمانةُ فانتظر السَّاعة‪...‬‬
‫فإذا ُ‬
‫‪51‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫فُرج سقفي وأنا بم َّكة‪... ،‬‬
‫‪882‬‬ ‫الصحيح الجامع‬ ‫فضل العالم على العابد كفضلي على ‪...‬‬
‫‪816‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫يم ‪ ‬حين أُلقي في َّ‬
‫النار‪...‬‬ ‫قالها إبراه ُ‬
‫‪77‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫الرُج ُل فُيحف ُر‪...‬‬
‫قد كان من قبل ُكم‪ُ ،‬يؤخ ُذ َّ‬
‫‪51‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫النب ُّي ‪ ‬فطاف بالبيت سبعا‪...‬‬ ‫قدم َّ‬
‫‪816‬‬ ‫كان ر ُسو ُل اهلل ‪ ‬إذا عمل عمال أثبتهُ‪ ... ،‬صحيح مسلم‬
‫‪813‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫ي يخ ُد ُم َّ‬
‫النب َّي ‪...‬‬ ‫كان ُغال ٌم يهُود ٌّ‬
‫‪23‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫ُمهُ على الفطرة‪...‬‬ ‫ُك ُّل إنس ٍ‬
‫ان تل ُدهُ أ ُّ‬
‫‪67‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫اع‪ ،‬و ُكلُّ ُكم مسُئو ٌل عن رعيَّته‪... ،‬‬
‫ُكلُّ ُكم ر ٍ‬

‫‪000‬‬
‫‪27‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫ال تد ُخلُون الجَّنة حتَّى تُؤمُنوا‪... ،‬‬
‫‪56‬‬ ‫سنن التِّرمذي‪ ،‬حسن صحيح‬ ‫ُمتي قائمة‪...‬‬ ‫ال ت از ُل عصابةٌ من أ َّ‬
‫‪71‬‬ ‫سنن التِّرمذي‪ ،‬صحيح‬ ‫ال ت ُزو ُل قدما عبٍد يوم القيامة ‪...‬‬
‫‪55،57‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫الرحا ُل إ َّال إلى ثالثة مساجد‪...‬‬
‫ال تُش ُّد ِّ‬
‫‪56‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫وم السَّاعةُ حتَّى تُقاتلُوا اليهُود‪...‬‬‫ال تقُ ُ‬
‫‪75‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫ال تمن ُعوا إماء اللَّه مساجد اللَّه‬
‫‪78‬‬ ‫سلسلة اآلثار الصَّحيحة‬ ‫الرجل أن ال يسأل ‪...‬‬ ‫ال يضر َّ‬
‫‪71‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫ال‪ ،‬والَّذي نفسي بيده‪ ،‬حتَّى أ ُكون أح َّ‬
‫ب ‪...‬‬
‫‪71‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫الراية غدا رُج ٌل ُيحبُّهُ اللَّهُ ‪...‬‬
‫ألُعطي َّن َّ‬
‫‪813‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫يت على نفسي‪...‬‬ ‫لقد خش ُ‬
‫‪55‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫اللَّهُ َّم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت ‪...‬‬
‫‪816‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫اللهم اغفر لقومي فإنهم ال يعلمون‬
‫‪35‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫اللهُ َّم ُمصِّرف ال ُقلُوب صِّرف ‪...‬‬
‫‪871،76‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫ُمتي ‪...‬‬ ‫لوال أن أ ُش َّ‬
‫ق على أ َّ‬
‫‪17‬‬ ‫سنن ابي داوود‪ ،‬صحيح‬ ‫ما اجتمع قوٌم في بي ٍت ‪...‬‬
‫‪55‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫ما بين بيتي ومنبري روضةٌ ‪...‬‬
‫‪65‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫ما زال ُيوصيني جبري ُل بالجار‪... ،‬‬
‫‪817‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫ما ُسئل ر ُسو ُل اهلل ‪ ‬على اإلسالم ‪...‬‬
‫‪51‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫ما من يوٍم أكثر من أن ُيعتق اهللُ فيه ‪...‬‬
‫‪17‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫الماه ُر بالقُرآن مع السَّفرة الكرام البررة‪...‬‬
‫‪17‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫مث ُل الَّذي يق أُر القُرآن‪ :‬كاألُت ُرجَّة ‪...‬‬
‫‪67‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫مث ُل ما بعثني اللَّهُ به من الهُدى والعلم‪...‬‬
‫‪812‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫مثلي كمثل رُج ٍل استوقد ن ا‬
‫ار‪...‬‬
‫‪73‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫أتى ع َّرافا فسألهُ عن شي ٍء‪...‬‬ ‫من‬
‫‪77‬‬ ‫سنن ابن ماجه‪ ،‬حسن‬ ‫أصبح من ُكم ُمعافى في جسده‪... ،‬‬ ‫من‬
‫‪72‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫بنى مسجدا للَّه بنى اهللُ ‪...‬‬ ‫من‬
‫‪77‬‬ ‫سنن ابن ماجه‪ ،‬صححه األلباني‬ ‫بنى مسجدا للَّه كمفحص قطا ٍة‪...‬‬ ‫من‬
‫‪812‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫من دعا إلى ُهدى‪ ،‬كان لهُ من األجر ‪...‬‬

‫‪002‬‬
‫‪812‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫من س َّن في اإلسالم ُسَّنة حسنة‪...‬‬
‫‪61‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫من عمل عمال ليس عليه أم ُرنا فهُو رٌّد‬
‫‪75‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫من غدا إلى المسجد وراح‪...‬‬
‫‪31‬‬ ‫سنن أبي داود‪ ،‬صحيح‬ ‫من فجع هذه بولدها‪ُ ،‬رُّدوا ولدها إليها‬
‫‪71‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫من ُيرد اللَّهُ به خي ار ُيفقِّههُ في ِّ‬
‫الدين‪...‬‬
‫‪71،32‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫القويُّ‪ ،‬خيٌر ‪...‬‬ ‫ال ُمؤم ُن‬
‫‪21‬‬ ‫صحيح مسلم‬ ‫لل ُمؤمن ‪...‬‬ ‫ال ُمؤم ُن‬
‫‪51‬‬ ‫سنن التِّرمذي‪ ،‬صححه األلباني‬ ‫نزل الحج ُر األسوُد من الجَّنة‪...‬‬
‫‪77‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫هذا خيٌر من ملء األرض ‪...‬‬
‫‪51‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫ت ربِّي في ثال ٍث‪...‬‬
‫وافق ُ‬
‫‪71‬‬ ‫مسند أحمد‪ ،‬صححه األلباني‬ ‫ت أَّنك خي ُر أرض اهلل‪...‬‬‫واهلل علم ُ‬
‫‪885‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫وأ َّن ُ‬
‫العلماء ُهم ورثةُ األنبياء‪...‬‬
‫‪11،81‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫ور‪...‬‬
‫ض مسجدا وطهُ ا‬ ‫وجعلت لي األر ُ‬ ‫ُ‬
‫‪886‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫ولتُف ُشوا العلم‪ ،‬ولتجل ُسوا ‪...‬‬
‫‪15‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫وما تق َّرب إل َّي عبدي بشي ٍء ‪...‬‬
‫‪83‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫ون الظُّلمةُ والسَّي ُل‪...‬‬ ‫َّ‬
‫يا ر ُسول الله‪ ،‬إَّنها ت ُك ُ‬
‫‪816‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫الناس ‪...‬‬ ‫أوس إذا رأيت َّ‬‫يا شداد بن ٍ‬
‫‪816‬‬ ‫الشمس في يميني‪ ...‬السِّيرة الهاشمية‬ ‫ياع ُّم‪ ،‬واللَّه لو وض ُعوا َّ‬
‫‪77‬‬ ‫صحيح البخاري‬ ‫يخ ُرُج في ُكم قوٌم تحق ُرون ‪...‬‬

‫‪003‬‬
‫فهرس اآلثار‬
‫الصفحة‬ ‫األثر‬
‫‪882‬‬ ‫إن استطعت ف ُكن عالما فإن لم تستطع ف ُكن ُمتعلِّما‪... ،‬‬
‫‪881‬‬ ‫تفقَّهُوا قبل أن تُس َّوُدوا‬
‫‪882‬‬ ‫النافلة‪ ،‬ومن أراد ُّ‬
‫الدنيا‪ ،‬واآلخرة فعليه بالعلم‬ ‫ب العلم أفض ُل من صالة َّ‬ ‫طل ُ‬
‫‪881‬‬ ‫الصفَّة الكتابة والقرآن‬
‫علمت ناسا من أهل ُّ‬
‫‪78‬‬ ‫ت عن يميني وأنكحتُها إيَّاهُ‬ ‫فكفَّر ُ‬
‫‪816‬‬ ‫كأِّني أنظُُر إلى ر ُسول اهلل ‪ ‬يحكي نبيًّا من األنبياء ضربهُ قو ُمهُ‪... ،‬‬
‫‪78‬‬ ‫من أراد العلم فلُيث ِّور القُرآن؛ فإ َّن فيه علم األ َّولين واآلخرين‬
‫‪888‬‬ ‫الدين‬‫اء أن يتفقَّهن في ِّ‬‫اء األنصار لم يمنعهُ َّن الحي ُ‬ ‫اء نس ُ‬ ‫نعم ِّ‬
‫النس ُ‬
‫‪78‬‬ ‫وان من كان قبلكم‪ ،‬رأوه رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل ‪...‬‬
‫‪12‬‬ ‫وت ال ُمتَّقين‬
‫يا ُبن َّي‪ ،‬ال ي ُكون َّن بيتُك إال المسجد‪ ،‬فإ َّن المساجد ُبُي ُ‬

‫‪009‬‬
‫فهرس االعالم‬

‫الصفحة‬ ‫األعالم‬
‫‪12‬‬ ‫أبو الدرداء‪ُ :‬عويمر بن عامر بن زيد بن قيس بن أُميَّة بن عامر األنصاري‪.‬‬
‫‪81‬‬ ‫عبد مناف بن أسد المخزومي‪ ،‬صحابي‪.‬‬
‫األرقم‪ :‬نسبة ل ُ‬
‫‪87‬‬ ‫البقاعي‪ :‬إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي‪.‬‬
‫‪78‬‬ ‫الحسن البصري‪ :‬الحسن بن يسار البصري‪.‬‬
‫‪882‬‬ ‫الشافعي‪ :‬محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان الهاشمي القرشي المطلبي‪.‬‬
‫‪816‬‬ ‫شداد بن أوس‪ :‬ش َّداد بن أوس بن ثابت الخزرجي األنصاري‪.‬‬
‫‪56‬‬ ‫صالح الدين األيوبي‪ :‬يوسف بن أيوب بن شاذي‪ ،‬أبو المظفر‪.‬‬
‫‪73‬‬ ‫الطبري‪ :‬أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري‪.‬‬
‫‪881‬‬ ‫عبادة بن الصامت‪ :‬عبادة بن الصامت بن قيس األنصاري الخزرجي‪.‬‬
‫‪31‬‬ ‫عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث‪ ،‬الزهري القرشي‪.‬‬
‫‪78‬‬ ‫عبد اهلل بن مسعود‪ :‬عبد اهلل بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي‪.‬‬
‫‪83‬‬ ‫عتبان بن مالك‪ :‬عتبان ب ُن مالك بن عمرو بن العجالن األنصاري‪.‬‬
‫‪882‬‬ ‫عمر بن عبد العزيز‪ :‬عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم األموي‪.‬‬
‫‪881‬‬ ‫نافع‪ :‬نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي‪.‬‬
‫‪881‬‬ ‫ورش‪ :‬عثمان بن سعيد بن عبد اهلل بن عمرو بن سليمان‪.‬‬

‫‪001‬‬

You might also like