You are on page 1of 165

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة الموصل‬

‫كلية التربية األساسية‬

‫الدور السٌاسً والفكري للحنابلة فً بغداد‬


‫(;‪<;<- ;7‬هـ‪78;1- 7771/‬م)‬
‫رسالة تقدم بها‬
‫بهاء أحمد محمد الجبوري‬
‫إلى‬
‫مجلس كلٌة التربٌة األساسٌة فً جامعة الموصل‬
‫وهً جزء من متطلبات نٌل شهادة الماجستٌر‬
‫فً‬
‫التارٌخ اإلسبلمً‬
‫بإشراؾ‬
‫األستاذ المساعد الدكتور‬
‫عكاب ٌوسف جمعة الدلٌمً‬

‫ٕٕٓٓم‬ ‫ٕٗٗٔهـ‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫اْل خِرَةَ وَ يَرْ جُو‬ ‫" أ َمَّنْ هُ وَ قَانِت ٌ آن َاء َ اللَّيْل ِ سَا جِ دًا وَ قَا ئِ مًا يَحْ ذَ رُ ْ‬
‫رَ حْمَةَ رَبِّهِ قُ لْ هَ لْ يَسْتَو ِي الَّذ ِينَ يَعْلَم ُون َ وَالَّذ ِين َ ََل يَعْلَم ُون َ إِن َّمَا‬
‫( ‪)7‬‬
‫األ َلْ بَا بِ ""‬
‫يَ تَ ذَكَّرُ أُو لُو ْ‬

‫)ٔ )‬
‫الزمر ‪ ،‬اآلٌة ‪)9( ،‬‬

‫أ‬
‫إقرار المشرف‬

‫أشههد أنّ إدهداد ههال الرسههالة الموسهومة ( الددور السٌاسدً والفكددري للحنابلدة فدً بغددداد (;‪- ;7‬‬
‫<;<ه ‪78;1- 7771/‬م))‪ ،‬جرى تحت إشهرافً فهً مسهم التهارٌخ – كلٌهة التربٌهة األساسهٌة –‬
‫جامعة الموصل ‪ -‬وهً جزء من متطلبات نٌل شهادة الماجستٌر فً التارٌخ اإلسبلمً ‪.‬‬
‫التومٌع ‪:‬‬
‫المشرؾ ‪ :‬أ‪.‬م‪ .‬د‪ .‬دكاب ٌوسؾ جمعه‬
‫‪ٕٕٓٓ /‬‬ ‫التارٌخ ‪/ :‬‬
‫إقرار المقوم اللغوي‬
‫اشهد بؤن هال الرسالة الموسومة (الدور السٌاسً والفكري للحنابلة فً بغداد (;‪<;<- ;7‬ه‬
‫‪78;1- 7771/‬م))تمت مراجعتها من الناحٌة اللؽوٌة وتصحٌح ما ورد فٌها من أخطاء لؽوٌة‬
‫وتعبٌرٌة وبالك أصبحت هال الرسالة مإهلة للمنامشة بقدر تعلق األمر سبلمة وصحة التعبٌر ‪.‬‬
‫التومٌع ‪ :‬سلوى ٌونس‬
‫االسم ‪:‬‬

‫‪ٕٕٓٓ /‬‬ ‫‪/‬‬ ‫التارٌخ ‪:‬‬


‫إقرار رئٌس لجنة الدراسات العلٌا‬
‫بناءً دلى التوصٌة التً تقدم بها المشرؾ أرشح هال الرسالة للمنامشة ‪.‬‬
‫التومٌع ‪:‬‬
‫االسم ‪ :‬أ ‪.‬د ‪ .‬فتحً سالم حمٌدي اللهٌبً‬
‫‪ٕٕٓٓ /‬‬ ‫التارٌخ ‪/ :‬‬
‫إقرار معاون العمٌد لشؤون الدراسات العلٌا والبحث العلمً‬
‫بناءً دلى توصٌات ا لمقدمه من مبل المشرؾ والمقوم اللؽوي وربٌس لجنة الدراسات العلٌا ارشح‬
‫هال الرسالة للمنامشة ‪.‬‬
‫التومٌع ‪:‬‬

‫االسم ‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬محمد توفٌق دثمان‬


‫ٕٕٓٓ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫التارٌخ ‪:‬‬
‫ب‬
‫إقرار لجنة المناقشة‬

‫نشهد نحن أدضاء لجنة التقوٌم والمنامشة اطلعنا دلى هال الرسالة الموسومة (الدور‬
‫السياسي والفكري لمحنابمة في بغداد (‪656- 575‬ه ‪7558- 7779/‬م)) ونامشنا‬
‫الطالب (بهاء أحمد محمد الجبوري) فً محتوٌاتها وفٌما له دبلمة بها بتارٌخ (‬
‫ٖٕ ‪ ، ) ٕٕٓٓ / 9 /‬وإنها جدٌرة لنٌل شهادة الماجستٌر فً التارٌخ اإلسبلمً ‪.‬‬
‫التومٌع‪:‬‬ ‫التومٌع‪:‬‬
‫دضو لجنة المنامشة‬ ‫ربٌس لجنة المنامشة‬
‫االسم‪ :‬أ‪.‬د فابزة حمزة دباس‬ ‫االسم ‪ :‬أ‪.‬د أحمد إسمادٌل دبدهللا‬
‫التومٌع‪:‬‬ ‫التومٌع‪:‬‬
‫دضو لجنة المنامشة(ومشرفاً)‬ ‫دضو لجنة المنامشة‬
‫االسم‪ :‬أ‪.‬م‪.‬د دكاب ٌوسؾ جمعه‬ ‫االسم‪ :‬أ‪.‬م‪.‬د أحمد دبٌد دٌسى‬

‫قرار مجلس الكلٌة‬

‫اجتمع مجلس كلٌة التربٌة األساسٌة فً جامعة الموصل بجلسته( )‪ ،‬المنعقدة‬


‫بتارٌخ ( ‪ )ٕٕٓٓ / /‬ومرر التوصٌة بمنح الطالب شهادة الماجستٌر فً‬
‫اختصاص التارٌخ اإلسبلمً ‪.‬‬
‫التومٌع‬ ‫التومٌع‬
‫دمٌد كلٌة التربٌة األساسٌة‬ ‫مقرر مجلس الكلٌة‬
‫أ‪.‬م‪.‬د صفاء الدٌن دبدهللا سلٌمان‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬محمد توفٌق دثمان‬
‫‪ٕٕٓٓ / /‬‬ ‫‪ٕٕٓٓ / /‬‬

‫ت‬
‫ملخص الرسالة‬
‫الدور السٌاسً والفكري للحنابلة فً بغداد (;‪<;<- ;7‬هـ‪78;1- 7771/‬م)‬
‫المشرف‬ ‫الباحث‬
‫أ ‪.‬م ‪.‬د عكاب ٌوسف جمعه الدلٌمً‬ ‫بهاء أحمد محمد الجبوري‬

‫إن ما درؾ دن دٌننا اإلسبلمً الحنٌؾ من شمولٌة دلى الصعٌد السٌاسً والفكري‬
‫واالجتمادً أن هٌؤ للمدارس الفقهٌة مجاالً واسعا ً للتؤثٌر دلى مجمل األحداث التً مرت بها‬
‫األمة ‪ ،‬الك أن الترابط الوثٌق بٌن الخبلفة العباسٌة وهً نظام حكم إسبلمً وبٌن الشرع ‪،‬‬
‫جعل لعلماء تلك المدارس دبلمة وثٌقة مع الخبلفة العباسٌة ودلى األصعدة كافة ‪ ،‬ومد‬
‫تزاٌدت أهمٌة هال العبلمة خاصة فً العصر العباسً األخٌر الاي شهد تعاظم نفوا الخبلفة‬
‫أمام سلطان المتؽلبٌن وأمراء األطراؾ فً ظل المخاطر الخارجٌة التً هددت األمة‬
‫والمتمثلة بالتحدي الصلٌبً والخطر المؽولً ‪.‬‬

‫ولقد تناولت فً هال الرسالة دور الحنابلة السٌاسً والفكري فً بؽداد (٘‪- ٘7‬‬
‫‪ٙ٘ٙ‬هـ‪ ٕٔ٘1- ٔٔ79/‬م) الاٌن ادتمدوا دلى األساس الدٌنً بصفتهم احد المدارس الفقهٌة ‪،‬‬
‫لالك ف قد كان الهدؾ من هال الدراسة تبٌان أثر هال المدرسة فً المجتمع البؽدادي المتنوع‬
‫المااهب واألفكار‪ ،‬ومعرفة دبلمة هال المدرسة مع الخبلفة العباسٌة ‪ ،‬وهل تؽٌرت نظرة‬
‫المدرسة الحنبلٌة دبر القرون تجال الخبلفة ؟ ‪ ،‬وهل كان لهم دور سٌاسً وفكري واضح فً‬
‫هال المرحلة ؟ ‪ ،‬وما هً أهم إنجازاتهم وومفاتهم إلى جانب الدولة والمجتمع البؽدادي ؟ ‪.‬‬

‫تضم هال الدراسة تمهٌد وثبلثة فصول ٌتفرع دنها ددة مباحث ‪ ،‬تناول التمهٌد‬
‫األوضاع السٌاسٌة والفكرٌة فً بؽداد ‪ ،‬إا تطرمت إلى دور خلفاء بنً العباس فً إدادة‬
‫أمجاد الخبلفة العباسٌة وتخلٌصها من سلطة المحتل ‪ ،‬وتطرمت أٌضا ً إلى اهم الفرق الدٌنٌة‬
‫ومومؾ الخبلفة العباسٌة منها ‪.‬‬

‫أما الفصل األول فقد خصص للحدٌث دن الحنابلة ومكانتهم فً بؽداد من القرن الرابع‬
‫والخامس للهجرة ‪ ،‬فتناولت تعرٌؾ الحنابلة ومراحل نشؤت الماهب الحنبلً ‪ ،‬كما تحدثت‬
‫دن نفوا الحنابلة فً بؽداد ‪ ،‬كما تناولت أبرز دلماء الحنابلة فً القرن السادس حتى احتبلل‬
‫بؽداد ‪،‬ودورهم فً محاربة الفتن الماهبٌة ‪.‬‬

‫أما الفصل الثانً خصص للحدٌث دن الدور السٌاسً للحنابلة فً بؽداد فتطرمت الى‬
‫دبلمة الحنابلة بالخبلفة العباسٌة ومشاركة دلماء الحنابلة فً اخا البٌعة لخلفاء بنً العباس‬
‫كما تحدثت دن دورهم فً الجهاد فً سبٌل هللا ومشاركتهم فً السفارات الرسمٌة للخبلفة‬
‫العباسٌة ‪ ،‬وتحدثت أٌضا ً دن مساهمة دلماء الحنابلة فً تولً الوظابؾ الدٌنٌة والمناصب‬

‫ث‬
‫اإلدارٌة ‪ ،‬كما تناولت ودظ دلماء الحنابلة للخلفاء واألمراء والوزراء وحثهم دلى العدل‬
‫وإدادة الحقوق الى أهلها ‪.‬‬
‫أما الفصل الثالث فقد تناولت الدور الفكري واالجتمادً للحنابلة فً بؽداد ‪ ،‬فتحدثت دن‬
‫المإسسات التعلٌمٌة الحنبلٌة كالمساجد والمدارس ودورها فً خدمة المجتمع ‪ ،‬وتحدثت‬
‫أٌضا ً دن إسهام دلماء الحنابلة فً حماٌة العقٌدة اإلسبلمٌة ‪ ،‬كما تناولت إسهامات هإالء‬
‫العلماء فً التؤلٌؾ والتصنٌؾ فً العلوم الدٌنٌة ‪ ،‬وتناولت أٌضا ً مكانة الحنابلة فً بؽداد‬
‫ودورهم فً خدمة المجتمع من خبلل المساهمة فً مضاء حوابج الناس ‪ ،‬ودورهم فً التكافل‬
‫االجتمادً ‪ ،‬كما تحدثت دن الدور الفعال للحنابلة فً محاربة المنكرات بكل أشكالها ‪ ،‬كما‬
‫تناولت دورهم فً الودظ واإلرشاد وحماٌة المجتمع البؽدادي من التفكك من خلبل تلك‬
‫المجالس ‪.‬‬

‫واٌل البحث بخاتمة اشتملت دلى ابرز النتابج التً توصلت إلٌها الدراسة وأهمها‬
‫إظهار جهود الخلفاء العباسٌٌن فً التقرٌب بٌن المااهب اإلسبلم ٌة السابدة آنااك‪ ،‬وهو جهد‬
‫كبٌر ااا ما مورن مع التناحر الحاد بٌن المااهب اإلسبلمٌة‪ ،‬وأوضحت الدراسة أن الحنابلة‬
‫كانوا بمنؤى دن تولً المناصب الدٌنٌة أو اإلدارٌة للخلفاء العباسٌٌن‪ ،‬ولكنهم اصبحوا أكثر‬
‫ادتداالً والسٌما فً الفترة المتؤخرة من دمر الخبلفة العباسٌة إا تولى ددد كبٌر من دلماء‬
‫الحنابلة الكثٌر من هال المناصب كما توصلت الدراسة إلى تحسن العبلمة بٌن اتباع الماهب‬
‫الحنبلً وبٌن الخبلفة العباسٌة ‪ ،‬ومد استثمر دلماء الحنابلة هال العبلمة فً خدمة دامة‬
‫الناس ‪.‬‬

‫وال ٌسعنً أال أن أتقدم بجزٌل الشكر والعرفان لؤلستاا الفاضل الدكتور دكاب ٌوسؾ‬
‫ألشرافه دلى هال الرسالة و دلى سعة صدرل ودلى ما مدمه من نصابح وتوجٌهات كان لها‬
‫األثر الكبٌر فً إخراج هاا البحث بهال الصورة ‪.‬‬

‫ج‬
‫اإلهداء‬

‫إىل من رحل عن عاملنا وما زال دويُّ نصائحه ووجهين ‪ 000‬والدي‬

‫رمحه اهلل‬

‫إىل اليت فارقتنا جبسدها ولكن روحها مازالت يف مساء حواتي ‪ 000‬والدتي‬

‫رمحها اهلل‬

‫إىل زوجيتَّ وأوالدي وبناتي‪ 000‬حباً‬

‫إىل إخوتي وأخواتي وعوائلهم‪ 000‬إعتزازاً‬

‫إىل مجوع األهل واألصدقاء ‪ 000‬تقدوراً‬

‫أهدي هذا اجلهد املتواضع ‪000‬‬

‫ح‬
‫شكر وعرفان‬

‫بعد أن أكملت هذه الدرادة أجد من الواجب علي أن أقدم الشكر‬


‫والتقدور واالمتنان للدكتور عكاب وودف مجعه لتفضله باإلذراف على رداليت‬
‫‪ ،‬فقد كان له الفضل يف اختوار املوضوع وكان دائم التوجوه واملتابعة دون‬
‫كلل واخذ بودي يف مجوع مراحل إعداد هذه الدرادة ‪ ،‬فله مين الشكر‬
‫واالمتنان ‪.‬‬

‫واقدم ذكري إىل الدكتور فتحي دامل اللهويب وإىل والدكتور أمحد‬
‫وعقوب اجلبوري على ما قدموه من توجوه و مساعدة ‪.‬‬

‫واقدم ذكري اىل رئوس قسم التأروخ يف كلوة الرتبوة األدادوة وإىل كافة‬
‫أداتذة القسم ‪.‬‬

‫وأقدم ذكري اىل زمالئي يف الدرادة ‪ ،‬وإىل كل من داعدني يف إعداد‬


‫هذه الردالة ‪.‬‬

‫خ‬
‫مابمة المحتوٌات‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬


‫أ‬ ‫اآلٌة‬
‫ب‬ ‫اإلهداء‬
‫ج‬ ‫شكر ودرفان‬
‫ح_خ‬ ‫مابمة المحتوٌات‬
‫ٔ ‪1-‬‬ ‫المقدمة ونطاق البحث وتحلٌل المصادر‬
‫‪ٕ7 - 9‬‬ ‫التمهٌد ‪ /‬األوضاع السٌاسٌة والفكرٌة فً بؽداد (٘‪- ٘7‬‬
‫‪ٙ٘ٙ‬هـ‪ٕٔ٘1- ٔٔ79/‬م)‬
‫‪ٕٓ - 9‬‬ ‫األوضاع السٌاسٌة فً بؽداد (٘‪ٙ٘ٙ- ٘7‬هـ‪ٕٔ٘1- ٔٔ79/‬م)‬
‫ٕٔ ‪ٕ7 -‬‬ ‫األوضاع الفكرٌة فً بؽداد (٘‪ٙ٘ٙ- ٘7‬هـ‪ٕٔ٘1- ٔٔ79/‬م)‬
‫‪٘٘ - ٕ1‬‬ ‫الفصل األول ‪ /‬التعرٌؾ بالحنابلة فً بؽداد من القرن السادس إلى‬
‫منتصؾ القرن السابع للهجرة‬
‫المبحث األول ‪ :‬التعرٌؾ بالحنابلة وتطورهم التارٌخً ‪ٗٔ - ٕ1‬‬
‫‪ٕ9 - ٕ1‬‬ ‫التعرٌؾ بالحنابلة‬
‫ٖٓ ‪ٖٕ -‬‬ ‫نشؤة الماهب الحنبلً‬
‫ٕٖ ‪ٗٔ -‬‬ ‫التطور التارٌخً للحنابلة‬
‫ٕٗ ‪٘٘ -‬‬ ‫المبحث الثانً ‪ :‬أبرز دلماء الحنابلة فً بؽداد من القرن السادس‬
‫إلى منتصؾ القرن السابع للهجرة‬
‫ٕٗ ‪٘ٓ -‬‬ ‫أبرز دلماء الحنابلة فً بؽداد‬
‫ٔ٘ ‪ٕ٘ -‬‬ ‫دبلمة دلماء الحنابلة بالمااهب األخرى‬
‫ٖ٘ ‪٘٘ -‬‬ ‫مساهمة دلماء الحنابلة فً محاربة الفتن الماهبٌة‬
‫‪1ٖ - ٘ٙ‬‬ ‫الفصل الثانً ‪ /‬الدور السٌاسً للحنابلة فً بؽداد‬
‫‪ٙٗ - ٘ٙ‬‬ ‫المبحث األول ‪ :‬دبلمة الحنابلة بالخبلفة العباسٌة‬
‫‪٘1 - ٘ٙ‬‬ ‫طبٌعة العبلمة بٌن الحنابلة والخبلفة‬
‫‪ٙٗ - ٘9‬‬ ‫مشاركات دلماء الحنابلة ودورهم فً ‪:‬‬
‫‪٘9 - ٘9‬‬ ‫ٔ ‪ -‬بٌعة الخلٌفة‬
‫ٓ‪ٕٙ - ٙ‬‬ ‫ٕ ‪ -‬السفارات‬

‫د‬
‫ٖ‪ٙٗ - ٙ‬‬ ‫ٖ ‪ -‬ددم نفوا الخبلفة ضد السبلجقة‬
‫ٖ‪7٘ - ٙ‬‬ ‫المبحث الثانً ‪ :‬تولً الوظابؾ الدٌنٌة والمناصب اإلدارٌة‬
‫ٗ‪7ٔ - ٙ‬‬ ‫أوال ‪ :‬المناصب الدٌنٌة‪:‬‬
‫‪ٙ1 - ٙٙ‬‬ ‫ٔ ‪ -‬ماضً القضاة‬
‫‪ٙ9 - ٙ1‬‬ ‫ٕ ‪ -‬دٌوان النظر فً المظالم‬
‫‪7ٓ - ٙ9‬‬ ‫ٖ ‪ -‬دٌوان التركات الحشرٌة‬
‫ٓ‪7ٓ- 7‬‬ ‫ٗ ‪ -‬دٌوان الجوالً‬
‫ٓ‪7ٕ - 7‬‬ ‫٘ ‪ -‬الحسبة‬
‫ٕ‪7ٕ- 7‬‬ ‫‪ - ٙ‬إمامة الصبلة‬
‫ٕ‪7ٖ - 7‬‬ ‫‪ - 7‬الخطابة‬
‫ٖ‪7ٖ - 7‬‬ ‫‪ - 1‬دٌوان األوماؾ‬
‫ٗ‪7٘ - 7‬‬ ‫ثانٌا ‪ :‬المناصب اإلدارٌة ‪:‬‬
‫ٗ‪7٘ - 7‬‬ ‫ٔ ‪ -‬الوزارة‬
‫٘‪7٘ - 7‬‬ ‫ٕ ‪ -‬أستاا دار الخلٌفة‬
‫‪7ٙ- 7ٙ‬‬ ‫ٖ ‪ -‬دٌوان العقار‬
‫‪7ٙ- 7ٙ‬‬ ‫ٗ ‪ -‬ناظر الومؾ‬
‫‪7ٙ - 7ٙ‬‬ ‫٘ ‪ -‬دٌوان العزٌز‬
‫‪77- 77‬‬ ‫‪ - ٙ‬دٌوان الزمام‬
‫‪1ٖ – 71‬‬ ‫المبحث الثالث ‪ :‬الودظ السٌاسً‬
‫ٗ‪ٕٔٓ - 1‬‬ ‫الفصل الثالث ‪ /‬الدور الفكري واالجتمادً للحنابلة فً بؽداد‬
‫ٗ‪ٔٓٓ - 1‬‬ ‫المبحث األول ‪ :‬الدور الفكري للحنابلة ‪:‬‬
‫ٗ‪9٘ - 1‬‬ ‫التدرٌس ‪ :‬المساجد ‪ -‬المدارس‬
‫٘‪91 - 9‬‬ ‫التؤلٌؾ‬
‫‪ٔٓٓ - 91‬‬ ‫الجانب العقدي‬
‫ٔٓٔ ‪ٕٔٓ -‬‬ ‫المبحث الثانً ‪ :‬الدور االجتمادً للحنابلة ‪:‬‬
‫ٔٓٔ ‪ٔٓٙ-‬‬ ‫المكانة االجتمادٌة للحنابلة فً بؽداد ‪:‬‬
‫ٔٓٔ ‪ٔٓٗ -‬‬ ‫مضاء حوابج الناس‬
‫ٗٓٔ ‪ٔٓٙ -‬‬ ‫التكافل االجتمادً‬
‫‪ٖٔٔ - ٔٓ7‬‬ ‫الودظ واإلرشاد‬

‫ا‬
‫ٗٔٔ ٕٓٔ‬ ‫األمر بالمعروؾ والنهً دن المنكر‬
‫ٕٔٔ ‪ٕٖٔ -‬‬ ‫الخاتمة‬
‫ٕٗٔ ‪ٕٔ1 -‬‬ ‫المبلحق‬
‫‪ٔٗ1 - ٕٔ9‬‬ ‫مابمة المصادر والمراجع‬
‫‪ٔ٘ٓ - ٔٗ9‬‬ ‫‪Abstract‬‬

‫ر‬
‫المقدمة‬

‫الحمد هلل الاي دلم بالقلم دلم اإلنسان مالم ٌعلم ‪ ،‬والصبلة والسبلم دلى الهادي البشٌر ‪،‬‬
‫والسراج المنٌر معلم الناس الخٌر ‪ ،‬نبٌنا محمد ودلى آله وصحبه أجمعٌن وبعد ‪:‬‬

‫إن ما درؾ دن دٌننا اإلسبلمً الحنٌؾ من شمولٌة دلى الصعٌد السٌاسً والفكري‬
‫واالجتمادً أن هٌؤ للمدارس الفقهٌة مجاالً واسعا ً للتؤثٌر دلى مجمل األحداث التً مرت بها‬
‫األمة‪ ،‬الك أن الترابط الوثٌق بٌن الخبلفة وهً نظام حكم إسبلمً وبٌن الشرع ‪ ،‬جعل‬
‫لعلماء تلك المدارس دبلمة وثٌقة مع الخبلفة العباسٌة ودلى األصعدة كافة ‪ ،‬ومد تزاٌدت‬
‫أهمٌة هال العبلمة خاصة فً العصر العباسً األخٌر الاي شهد تعاظم نفوا الخبلفة أمام‬
‫سلطان ال متؽلبٌن وأمراء األطراؾ فً ظل المخاطر الخارجٌة التً هددت األمة والمتمثلة‬
‫بالتحدي الصلٌبً والخطر المؽولً‪.‬‬

‫ولقد تناولت هال الدراسة دور أحد أهم المااهب الفقهٌة اإلسبلمٌة وهو الماهب الحنبلً‬
‫من خبلل دور دلماء الماهب ‪ ،‬فجاءت الدراسة بعنوان الدور السٌاسً والفكري للحنابلة فً‬
‫بؽداد (٘‪ٙ٘ٙ- ٘7‬هـ‪ٕٔ٘1- ٔٔ79/‬م) بصفتهم احد المدارس الفقهٌة ‪ ،‬والهدؾ من هال‬
‫الدراسة هو بٌان أثر هال المدرسة فً المجتمع البؽدادي المتنوع المااهب واألفكار‪ ،‬ومعرفة‬
‫دبلمة هال المدرسة مع الخبلفة العباسٌة ‪ ،‬وهل تؽٌرت نظرة المدرسة الحنبلٌة دبر القرون‬
‫تجال الخبلفة ؟ ‪ ،‬وهل كان لهم دور سٌاسً وفكري واضح فً هال المرحلة ؟ ‪ ،‬وما هً أهم‬
‫إنجازاتهم وماهً الخدمات التً مدموها للدولة وللمجتمع البؽدادي ؟ ‪.‬‬

‫أما سبب اختٌاري للموضوع ف ٌعود إلى كون المدرسة الحنبلٌة آخر المدارس الفقهٌة‬
‫ظهوراً كما أن المدرسة الفقهٌة الحنبلٌة اتسع نطامها ‪،‬و بلؽت أوجها خبلل هال الحقبة ‪ ،‬من‬
‫حٌث موة فادلٌتها ‪ ،‬و زخمها ‪ ،‬و كثرت مإسساتها ‪ ،‬وتكامل فقهها ونضج فكرها ‪ ،‬ومن‬
‫خصابص هال المدرسة أنها اات طبٌعة فقهٌة ودقدٌة فً آن واحد ‪.‬‬

‫تمتد حدود الدراسة زمانٌا ً بٌن سنٌن (٘‪ٙ٘ٙ- ٘7‬هـ‪ٕٔ٘1- ٔٔ79/‬م) وهً المدة التً‬
‫درفت ب تمتع الخلفاء باالستقبلل دن سلطة المتؽلبٌن ‪ ،‬ومن ثم فإن دور الحنابلة وتؤثٌرهم‬
‫اصبح أكثرُ وضوحا ً فً هال الفترة من الدور الاي أدال أسبلفهم فً القرون الماضٌة ‪ ،‬فضبلً‬
‫َ‬
‫دن الك فإ ن هال الحقبة تمثل دصر االزدهار فً تارٌخ الماهب الحنبلً الاي برز فٌه خبلل‬
‫هال المرحلة العدٌد من العلماء الاٌن مثلوا المدرسة الحنبلٌة خٌر تمثٌل ‪ ،‬ومد جرى التركٌز‬
‫دلى بؽداد مكانٌا ً ألن بؽداد كما هو معروؾ حاضرة الخبلفة العباسٌة‪ ،‬ومركز مهم للنشاط‬
‫الفكري والعلمً ‪ ،‬ومكان ظهور ونشؤة الماهب الحنبلً ‪.‬‬

‫ٔ‬
‫وحسب معلوماتً المتواضعة فإن هاا الموضوع لم ٌكن مدروسا ً دراسة أكادٌمٌة ‪ ،‬إال أن‬
‫هناك ددداً من الدراسات القرٌبة منه أبرزها ‪ ،‬أُطروحة دكتورال تحت دنوان الحنابلة فً‬
‫بؽداد (‪٘7٘- ٗٗ7‬هـ‪ٔٔ79- ٔٓ٘٘/‬م) مدمها دكاب ٌوسؾ جمعه الدلٌمً إلى كلٌة اآلداب‪/‬‬
‫جامعة الموصل‪ ،‬سنة (ٕٓٓٓ)‪ ،‬ولم تتطرق هال الدراسة الى الحقبة التً هً مٌد الدراسة‪،‬‬
‫وأطروحة دكتورال أخرى تحت دنوان الحركة العلمٌة الحنبلٌة وأثرها فً المشرق اإلسبلمً‬
‫خبلل القرنٌن (‪7- ٙ‬هـ‪ٖٔ- ٕٔ/‬م)‪ ،‬مدمها خالد كبٌر دبلل إلى كلٌة العلوم اإلنسانٌة ‪ /‬جامعة‬
‫الجزابر‪ ،‬سنة(ٕٕٓٓ)‪ ،‬إال أن هال الدراسة ركزت دلى الجانب العلمً فقط ‪ ،‬ولم تركز‬
‫دلى بؽداد بل دلى المشرق اإلسبلمً بصورة دامة ‪ ،‬ورسالة ماجستٌر دنوانها دلماء‬
‫الحنابلة ودورهم فً الحركة الفكرٌة فً العراق فً القرنٌن الثالث والرابع الهجرٌٌن ‪ /‬التاسع‬
‫والعاشر المٌبلدٌٌن ‪ ،‬مدمتها ألق باسل إبراهٌم إلى كلٌة اآلداب‪ /‬جامعة الموصل‪ ،‬سنة‬
‫(‪ ، )ٕٓٔ1‬ومد ركزت هال الدراسة دلى الجانب الفكري فقط ‪ ،‬كما أنها بعٌدة زمانٌا ً دن‬
‫الحقبة مٌد الدراسة ‪ ،‬ومد رجعت الى هال الدراسات واستفدت منها مدر اإلمكان ‪.‬‬

‫ووفقا ً لمنهج البحث التارٌخً الاي ادتمدنال فً البحث فقد مسمت الرسالة إلى تمهٌد‬
‫وثبل ثة فصول ‪ ،‬تناول التمهٌد األوضاع السٌاسٌة والفكرٌة فً بؽداد‪ ،‬ودور خلفاء بنً‬
‫العباس فً إدادة نفوا الخبلفة العباسٌة وتخلٌصها من التسلط األجنبً‪ ،‬كما تناول اهم الفرق‬
‫الدٌنٌة ومومؾ الخبلفة العباسٌة منها ‪.‬‬

‫أما الفصل األول فقد خصص للحدٌث دن الحنابلة ومكانتهم فً بؽداد من القرن السادس‬
‫إلى منتصؾ القرن السابع للهجرة‪ ،‬وتضمن تعرٌؾ الحنابلة ومراحل نشؤة الماهب الحنبلً ‪،‬‬
‫و نفوا الحنابلة فً بؽداد‪ ،‬و أبرز دلماء الحنابلة فً القرن السادس حتى احتبلل بؽداد‬
‫‪،‬ودورهم فً محاربة الفتن الماهبٌة ‪.‬‬

‫وتناول الفصل الثانً الدور السٌاسً للحنابلة فً بؽداد وٌشمل دبلمة الحنابلة بالخبلفة‬
‫العباسٌة ‪ ،‬ومشاركة دلماء الحنابلة فً اخا البٌعة لخلفاء بنً العباس ‪ ،‬ودورهم فً ددم نفوا‬
‫الخبلفة ضد السبلجقة ‪ ،‬ومشاركتهم فً السفارات الرسمٌة للخبلفة العباسٌة ‪ ،‬وتضمن أٌضا ً‬
‫إسهام دلماء الحنابلة فً تولً الوظا بؾ الدٌنٌة والمناصب اإلدارٌة ‪ ،‬وودظ دلماء الحنابلة‬
‫للخلفاء واألمراء والوزراء وحثهم دلى العدل وإدادة الحقوق إلى أهلها ‪.‬‬
‫فً حٌن تضمن الفصل الثالث الدور الفكري واالجتمادً للحنابلة فً بؽداد ‪ ،‬فقد تناول‬
‫المإسسات التعلٌمٌة الحنبلٌة ومنها المساجد والمدارس ودورها فً خدمة المجتمع ‪،‬وتضمن‬
‫أٌضا ً إسهام دلماء الحنابلة فً حماٌة العقٌدة اإلسبلمٌة ‪ ،‬وإسهامات هإالء العلماء فً التؤلٌؾ‬
‫والتصنٌؾ فً العلوم الدٌنٌة ‪ ،‬ومكانة الحنابلة فً بؽداد ودورهم فً خدمة المجتمع من خبلل‬
‫اإلسهام فً مضاء حوابج الناس ‪ ،‬ودورهم فً التكافل االجتمادً ‪ ،‬والدور الفعال للحنابلة‬
‫فً محاربة المنكرات بكل أشكالها ‪ ،‬ودورهم فً الودظ واإلرشاد وحماٌة المجتمع البؽدادي‬
‫من التفكك من خبل ل تلك المجالس ‪ ،‬واٌل البحث بخاتمة تضمنت ابرز النتابج التً توصلت‬
‫إلٌها الدراسة ‪.‬‬

‫ٕ‬
‫وال ٌفوتنً هنا أن أشٌر إلى بعض الصعوبات ال تً واجهتنً خبلل هاا البحث والدراسة‬
‫وفً مقدمتها الوضع االستثنابً الاي داشه البلد بصورة خاصة والعالم بصورة دامة مما‬
‫أنعكس دلى الحٌاة بكل تفاصٌلها‪ ،‬فضبلً دن ملة المصادر وتناثر مادة البحث بٌن ثناٌاها ‪،‬‬
‫وملة المراجع التً تناولت المدرسة الحنبلٌة فً هال المرحلة من تارٌخ بؽداد ‪ ،‬فضبلً دن‬
‫صعوبة الحصول دلى بعض الرسابل والدراسات العربٌة ‪.‬‬

‫ومد ادتمدت هال الدراسة دلى المنهج التارٌخً االستردادي الاي ٌقوم دلى استقراء‬
‫المعلومات التارٌخٌة الواردة فً ثناٌا المصادر والمراجع وتحلٌلها لتكوٌن صورة واضحة‬
‫من شؤنها إظهار الدو ر الاي أدال دلماء الحنابلة وفق موادد وأصول البحث التارٌخً ‪.‬‬

‫تحلٌل ألهم المصادر والمراجع المعتمدة فً الدراسة‬

‫أ ‪ -‬كتب الفرق والعقابد اإلسبلمٌة ‪:‬‬

‫مههن أهههم كتههب الفههرق والعقابههد اإلسههبلمٌة التههً أفههادتنً فههً إدههداد هههال الرسههالة هههو كتهههاب‬
‫الفهههرق بهههٌن الفهههرق ألبهههً منصهههور دبهههد القهههاهر البؽهههدادي (ت ‪ٕٗ9‬ههههـ‪ٖٔٓ7 /‬م) وههههو أٌضههها ً‬
‫اشعري تتلما دلهى شهٌوخ المهاهب الشهافعً ‪ .‬وٌسهتعرض كتهاب (الفهرق بهٌن الفهرق) أصهول كهل‬
‫فرمهة مههن الفههرق اإلسههبلمٌة‪ ،‬وٌههاكر البؽههدادي أ ن مههن بهٌن أسههباب تؤلٌفههه لهههاا الكتههاب هههو لٌحقههق‬
‫مطالب تبلمٌال فً أن ٌبٌن لهم معالم الفرمة الناجٌة وسماتها ‪.‬‬

‫وكتهههاب الملهههل والنحهههل لمحمهههد بهههن دبهههد الكهههرٌم الشهرسهههتانً (ت ‪٘ٗ1‬ههههـ‪ٖٔٔ٘ /‬م) وههههو‬
‫اشعري‪ ،‬وكتابه ههاا مهن افضهل كتهب الفهرق اإلسهبلمٌة ‪ ،‬والهك لشهموله ألؼلهب الفهرق والمهااهب‬
‫اإلسههبلمٌة وتبوٌبههه الممتههاز وتحقٌقههه الجٌههد الههاي مههام بههه السههٌد محمههد سههٌد كٌبلنههً ‪ .‬وٌسههتعرض‬
‫الك تهاب األُسههس الفكرٌهة والعقابدٌههة والفقهٌهة ألؼلههب الفهرق اإلسههبلمٌة ‪ .‬فهبل ؼنههاء ألي باحهث فههً‬
‫الفكر اإلسبلمً وتؤرٌخه دن كتاب الشهرستانً ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬كتب التوارٌخ العامة‪:‬‬

‫لكتهب التههوارٌخ العامههة فوابهد مٌمههة ‪ ،‬ألنههها تتنهاول موضههودات دههدة ولهم تكههن مقتصههرة دلههى‬
‫األحهههداث السٌاسهههٌة بشهههكل دههههام ‪ ،‬لكنهههها تشهههمل أحٌانههها ً دلههههى تهههراجم بعهههض العلمهههاء وسههههٌرهم‬

‫ٖ‬
‫وشهههرتهم العلمٌههة ‪ ،‬كمهها اطلعتنهها دلههى معلومههات مهمههة دههن مشههاركتهم فههً الوظههابؾ اإلدارٌههة‬
‫وأههههم الوظهههابؾ التهههً تقلهههدوها ‪ ،‬فضهههبلً دهههن معلومهههات دهههن العلمهههاء الهههاٌن اسههههموا فهههً تقهههدٌم‬
‫المسهههاددة للنهههاس مهههن خهههبلل الومهههوؾ ‪ ،‬ومضهههاء حهههوابجهم ‪ ،‬وتهههولً المههههن والعمهههل بالتجهههارة‬
‫والجهههود التههً بهههالوها للحفههاظ دلههى وحهههدة المجتمههع وتماسههكه ‪ ،‬ومقاومهههة البههدع والمفاسههد التهههً‬
‫انتشرت فً بؽداد ‪ ،‬ومن أهم ههال الكتهب كتهاب المنهتظم فهً تهارٌخ الملهوك واألمهم البهن الجهوزي‬
‫(ت‪٘97‬هههـ‪ٕٔٓٓ/‬م)‪ ،‬وهههو مههن كتههب الحولٌههات والهههاي ٌنتهههً فههً تههدوٌن التههارٌخ حتههى سهههنة‬
‫(ٗ‪٘7‬هههـ‪ٔٔ71/‬م)‪ ،‬والعههالم ابههن الجههوزي أحههد العلمههاء المعاصههرٌن لحقبههة الدراسههة ‪ ،‬وكههان لههه‬
‫دور فههً مٌههادٌن الحٌههاة المختلفههة ‪ ،‬وكههان أكثههر العلمههاء تصههنٌفا ً للكتههب‪ ،‬وتنههاول فههً كتابههه أههههم‬
‫األحههداث السٌاسهههٌة فهههً موضهههوع الدراسهههة فضهههبلً دهههن بعهههض الوظهههابؾ اإلدارٌهههة التهههً تقلهههدها‬
‫العلمهاء‪ ،‬مههع ترجمههه لهههم وشههرتهم العلمٌههة‪ ،‬وال ؼنههى للبههاحثٌن دههن ههاا الكتههاب كونههه مههن كتههب‬
‫التوارٌخ العامة ‪ ،‬ودلى الرؼم من أنهه سهابق لفتهرة البحهث إال أنهه رفهد البحهث وفهً فصهوله كافهة‬
‫بالكثٌر من المعلومات الضرورٌة‪.‬‬

‫كمها أن لكتههاب الكامهل فههً التهارٌخ البههن األثٌهر(تٖٓ‪ٙ‬هههـ‪ٕٖٕٔ/‬م)‪،‬أهمٌهه فههً ههال الرسههالة‬
‫فقهد اههتم بصههورة ربٌسهة باألحهداث السٌاسههٌة وأههم العلمهاء الههاٌن كانهت لههم إسهههامات فهً الحٌههاة‬
‫السٌاسههٌة ‪ ،‬مههع إبههراز بعههض الجوانههب اإلدارٌههة فههً حقبههة البحههث ودور العلمههاء فههً تههولً تلههك‬
‫المههام اإلدارٌهة ‪،‬وأفهادنً فههً جمٌهع الفصهول ‪ ،‬وهههو مهن المعاصهرٌن لحقبههة البحهث‪ ،‬لهالك كانههت‬
‫مههههههادة الكتههههههاب تتمٌههههههز بالدمههههههة والشههههههمول‪ ،‬وكتابههههههه هههههههاا مههههههدون ألحههههههداث التههههههارٌخ حتههههههى‬
‫سههنة(‪ٕٙ1‬هههـ‪ٕٖٔٓ/‬م)‪ .‬وٌقههول ابههن األثٌههر دههن كتابههه بؤنههه لههم ٌؤخهها إال مههن الكتههب المشهههورة إا‬
‫مال‪(( :‬ولم أكن كالخابط فً ظلماء اللٌالً وال كمن ٌجمع الحصبا والآللا))‪.‬‬

‫وكتها ب العسهجد المسهبوك والجهوهر المحكهوك فهً طبقهات الخلفهاء والملهوك‪ ،‬لمإلفهه األشههرؾ‬
‫الؽسههانً (ت ٗ٘‪ٙ‬ههههـ‪ٕٔ٘ٙ/‬م)‪ ،‬الهههاي ٌبهههدأ تارٌخهههه مههن تهههولى الخلٌفهههة الناصهههر لهههدٌن هللا سهههنة‬
‫(٘‪٘7‬هههـ‪ٔٔ79/‬م) وٌنتهههً بنهاٌههة الخبلفههة سههنة (‪ٙ٘ٙ‬هههـ‪ٕٔ٘1/‬م)‪ ،‬إا مههدم معلومههات إدارٌههة‪،‬‬
‫وسٌاسهٌة‪ ،‬واجتمادٌهة وافٌهه أفههادت معظهم مباحهث الرسهالة والههك الهتمامهه بتهدوٌن التعٌٌنهات فههً‬
‫الوظابؾ مما ٌفٌد كثٌراً فً رصد التطور اإلداري الاي حصل فً الدولة آنااك ‪.‬‬

‫وكتههاب مههرآة الزمههان فههً تههارٌخ األدٌههان لمإلفههه سههبط ابههن الجههوزي (تٗ٘‪ٙ‬هههـ‪ٕٔ٘ٙ/‬م)‬
‫الههاي ٌُعهه ّد سههجبلً ألحههداث الخبلفههة فههً بؽههداد‪ ،‬إا أورد بعههض األحههداث التههً شههاهدها بنفسههه‪ ،‬أو‬
‫نقلههها دهههن شهههود دٌهههان ال سههٌما جهههدل ابهههن الجههوزي (ت‪٘97‬ههههـ‪ٕٔٓٓ/‬م) وخالههه محٌهههً الهههدٌن‬
‫ٌوسهههؾ ابههههن الجههههوزي (ت‪ٙ٘ٙ‬ههههـ ‪ٕٔ٘1/‬م)‪ ،‬إا اكههههر فٌههههه حهههوادث نهاٌههههة القههههرنٌن الخههههامس‬
‫والسادس الهجرٌٌن دلى طرٌقة الحولٌات‪ ،‬مهددما ً دراسهته بوفٌهات كهل سهنة‪ ،‬إا أفهاد الرسهالة فهً‬
‫كل فصولها ‪.‬‬

‫ٗ‬
‫وكتههاب الحهههوادث الجامعههة والتجهههارب النافعههة فهههً المابههة السهههابعة المنسههوب البهههن الفهههوطً‬
‫(تٖٕ‪7‬ههـ‪ٖٕٖٔ /‬م) وتفهرد هههاا الكتهاب بمعلومهات مهمههة دهن الشخصهٌات العلمٌههة التهً تقلههدت‬
‫وظههابؾ إدارٌههة لههم تههاكر ها أكثههر المصههادر التارٌخٌههة‪ ،‬كمهها تضههمن هههاا الكتههاب معلومههات دههن‬
‫المهدارس والههربط المنتشههرة فهً بؽههداد ‪ ،‬دلمهها أن المههدة التهً اشههتمل دلٌههها الكتهاب تمتههد مههن سههنة‬
‫(‪ٕٙٙ‬هههـ ‪7ٓٓ -‬ل‪ٕٕٔ1 /‬م ‪ٖٔٓٓ-‬م)‪ ،‬وأفادنهها هههاا الكتههاب فههً جمٌههع فصههول الرسههالة وخاصههة‬
‫فً الفصلٌن الثانً والثالث‪.‬‬

‫وكتههاب تههارٌخ اإلسههبلم للههاهبً (ت‪7ٗ1‬ل‪ٖٔٗ7/‬م)‪ ،‬الههاي ٌعههد موسههودة للتههارٌخ اإلسههبلمً‬
‫الحتوابههه دلههى معلومههات شههاملة سٌاسههٌة‪ ،‬وإدارٌههة‪ ،‬ودلمٌههة‪ ،‬وتههراجم دههن العلمههاء والشخصههٌات‬
‫المإثرة فً التارٌخ‪ ،‬وأفادنا هاا الكتاب فً كل فصول الرسالة ‪.‬‬

‫وكههالك كتهههاب البداٌهههة والنهاٌهههة البهههن كثٌهههر(تٗ‪77‬ههههـ‪ٖٔ7ٕ/‬م)‪ ،‬وههههو دلهههى شهههاكلة كتهههاب‬
‫الكامههل فههً التههارٌخ وأفادنهها فههً المعلومههات التههً تخههص دور العلمههاء السٌاسههً ‪ ،‬مثههل الوفههادات‬
‫السٌاسهههٌة وإمامهههة العلمههههاء للخلفهههاء فههههً الصهههبلة ‪ ،‬وترجمههههة للعلمهههاء الههههاٌن اشهههتهروا بههههالودظ‬
‫واإلرشاد دند أهل بؽهداد وههو مهن اههم كتهب التهوارٌخ العامهة وأفهادنً فهً جمٌهع فصهول الرسهالة‬
‫‪.‬‬

‫د ‪ -‬كتب التراجم والطبقات‪:‬‬

‫تعههد هههال الكتههب مههن المصههادر المهمههة فههً إنجههاز هههال الدراسههة ‪ ،‬وال ؼنههى للبههاحثٌن دنههها ‪،‬‬
‫لكونههها تتنههاول سههٌر العلمههاء وتههراجمهم ‪ ،‬والشخصههٌات التارٌخٌههة بمختلههؾ اختصاصهههاتهم‪ ،‬وال‬
‫ٌمكهههن أن نسهههتخلص النتهههابج الحقٌقٌهههة ألحهههداث التهههارٌخ اإلسهههبلمً مههها لهههم نهههدرس الشخصهههٌات‬
‫التارٌخٌة ال سٌما التهً تتمتهع بنفهوا وشههرة واسهعة فهً العهالم اإلسهبلمً ومهن أ ههم ههال الكتهب ههو‬
‫كتههاب وفٌههات األدٌههان لمإلفههه ابههن خلكههان (تٔ‪ٙ1‬هههـ‪ٕٔ1ٕ/‬م)‪ ،‬الههاي تمٌههزت تراجمههه بالدمهههة‬
‫واألمانهة ‪ ،‬كمها أنهها ؼٌهر مختصهرة واسههب فهً تراجمهه للعلمهاء واألدٌهان وخاصهة دلمهاء بؽهداد‪،‬‬
‫واشههتمل هههاا الكتهههاب دلههى تههراجم العلمهههاء واألدبههاء والخلفههاء والهههوزراء وأفههادنً فههً الفصهههلٌن‬
‫األول والثانً ‪.‬‬

‫وكتابههها سهههٌر أدهههبلم النهههببلء وتهههاكرة الحفهههاظ للهههاهبً (ت‪7ٗ1‬ههههـ‪ٖٔٗ7/‬م)‪ ،‬اللهههاان تنهههاوال‬
‫أدداداً كثٌرة مهن العلمهاء واالطهبلع دلهى نتاجهاتهم وأههم أدمهالهم ‪ ،‬وأفادتنها ههال الكتهب فهً جمٌهع‬
‫فصول الرسالة ‪.‬‬

‫٘‬
‫وكتهاب اٌهل طبقهات الحنابلهة البهن رجههب الحنبلهً (ت٘‪79‬ههـ‪ٖٔ9ٕ/‬م)‪ ،‬الهاي اطلعنها دلههى‬
‫معلومهات مهمههة دههن العلمههاء الحنابلهة وأهههم إنجههازاتهم فههً مختلهؾ جوانههب الحٌههاة ‪ ،‬إا تمٌههز هههاا‬
‫الكتهاب بمعلومهات مهمههة دهن أشهههر دلمهاء المههاهب الحنبلهً وأفههادنً دلهى طههول الرسهالة ‪ ،‬التههً‬
‫ال تكاد تخلو ورمة من أورامها إال وفٌها اكر لهاا الكتاب ‪.‬‬

‫وكتهههههاب المقصهههههد األرشهههههد فهههههً اكهههههر أصهههههحاب اإلمهههههام أحمهههههد البهههههن مفلهههههح‪( ،‬المتهههههوفى‪:‬‬
‫ٗ‪11‬هـ‪ٔٗ79/‬م)‪ ،‬ومد أفدت من هاا الكتاب فً جمٌع فصول الرسالة ‪.‬‬

‫وكتهههاب المهههنهج األحمهههد فهههً تهههراجم أصهههحاب اإلمهههام احمهههد ‪،‬للعلٌمهههً (ت‪9ٕ1‬ل‪ٕٔ٘ٔ/‬م )‪،‬‬
‫تهرجم فٌههه للحنابلهة مههن القهرن الثالههث الهجهري إلههى دصههرل ‪.‬لهاا فههإن كتابهه ٌعههد مهن أوسههع كتههب‬
‫تراجم الحنابلة‪ ،‬ومد أفادنً فً جمٌع فصول البحث‪.‬‬

‫وكتههههههاب شهههههههارات الهههههههاهب فهههههههً أخبهههههههار مهههههههن اههههههههب لمإلفهههههههه ابهههههههن العمهههههههاد الحنبلهههههههً‬
‫(ت‪ٔٓ19‬ههههـ‪ٔٙ71/‬م)‪ ،‬فؤنهههه دلهههى الهههرؼم مهههن تهههؤخرل إال أنهههه أفهههاد الدراسهههة بهههبعض التهههراجم‬
‫لشخصٌات هال الحقبة‪.‬‬

‫هـ‪ :‬كتب النظم والسٌاسة الشردٌة ‪:‬‬

‫وهههً الكتهههب التهههً ركهههزت دلهههى دراسههة الجانهههب اإلداري والهههنظم فهههً الدولهههة اإلسهههبلمٌة‪،‬‬
‫والتههً ٌقههع فههً مقههدمتها كتههاب األحكههام السههلطانٌة والوالٌههات الدٌنٌههة وكتههاب مههوانٌن الههوزارة‬
‫وسٌاسهههة الملههههك لمإلفههههها المهههاوردي (تٓ٘ٗهههههـ‪ٔٓ٘1/‬م)‪ ،‬إا أفههههاد كتهههاب األحكههههام السههههلطانٌة‬
‫الرسالة فً التعرٌؾ بالمصطلحات اإلدارٌهة ‪ ،‬أمها بالنسهبة إلهى مهوانٌن الهوزارة فقهد أفهاد الرسهالة‬
‫فهههً الحههههدٌث دهههن الههههوزارة ‪،‬وكتههههاب معهههالم القربههههة فهههً أحكههههام الحسههههبة لمإلفهههه ابههههن األخههههوة‬
‫(ت‪7ٕ9‬ههـ‪ٖٕٔ1/‬م)‪ ،‬الهاي أفهاد الرسهالة فهً الفصههلٌن الثهانً والثالهث ‪ ،‬وكتهاب صهبح األدشههى‬
‫فههً صههنادة األنشههها لمإلفههه القلقشهههندي (تٕٔ‪1‬هههـ‪ٔٗٔ1/‬م)‪ ،‬وٌعهههد مههن الكتهههب اإلدارٌههة التهههً‬
‫أفادتنً فً جوانب ددٌدة من الرسالة ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬كتب الجؽرافٌة والرحبلت‪:‬‬


‫وكهان لهههال الكتههب فابههدة كبٌههرة لمهها مدمتههه مهن معلومههات مهمههة دههن بعههض المههدن‪ ،‬وموامعههها‪،‬‬
‫وأهمٌتها‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫كتهاب الرحلههة البههن جبٌههر (تٗٔ‪ٙ‬هههـ‪ٕٔٔ7 /‬م)‪ ،‬وههو أحههد المصههادر المهمههة واطلعنهها دلههى‬
‫وضههههع مدٌنهههههة بؽهههههداد وأحوالههههها االجتمادٌهههههة واالمتصهههههادٌة ‪ ،‬دنهههههد زٌارتههههه إلهههههى بؽهههههداد سهههههنة‬

‫‪ٙ‬‬
‫(ٓ‪٘1‬هـ‪ٔٔ1ٗ/‬م)‪ ،‬ونقل لنها إسههامات بعهض العلمهاء فهً مجهالس الهودظ واإلرشهاد ‪ ،‬وأفادنها فهً‬
‫الفصل الثالث دن أهم العلماء الاٌن اشتهروا فً تلك المجالس ‪.‬‬

‫وكتههاب معجهههم البلهههدان لمإلفههه ٌهههاموت الحمهههوي (ت‪ٕٙٙ‬ههههـ‪ٕٕٔ1/‬م)‪ ،‬الههاي ٌعهههد مهههن أبمهههة‬
‫الجؽههرافٌٌن ومههن العلمههاء العههارفٌن باللؽههة واألدب‪ ،‬إا بههدأ حٌاتههه نسههاخا ً ورحههل فههً طلههب العلههم‬
‫وسهههجل خهههبلل رحلتهههه تفاصهههٌل دهههن المهههدن واألمهههالٌم التهههً زارهههها‪ ،‬فهههدون موامعهههها وأحوالهههها‬
‫االمتصههادٌة واالجتمادٌههة‪ ،‬وأسههتقى معلوماتههه هههال مههن مشههاهداته أثنههاء رحبلتههه وتجوالههه‪ ،‬فكانههت‬
‫معلومات ٌوثق بها المتٌازها بالدمة‪ ،‬ومد أفادنً فً مواضع كثٌرة من الرسالة ‪.‬‬

‫ح ‪ :‬المعاجم اللؽوٌة‪:‬‬

‫أمها هههال المصههادر فههبل ٌمكهن االسههتؽناء دنههها فههً البحههث الحتوابهها دلههى مههادة مهمههة أفههادت‬
‫فههً تفسههٌر بعههض المصهههطلحات اللؽوٌههة الههواردة فهههً الرسههالة ومههن ههههال الكتههب‪ :‬كتههاب لسهههان‬
‫العهرب لمإلفهه ابههن منظهور (تٔٔ‪7‬ههـ‪ٖٔٔٔ/‬م)‪ ،‬وهههو مهن المعهاجم المهمههة فهً اللؽهة‪ ،‬لتفسههٌرل‬
‫الكثٌههر مههن المصههطلحات والمفههردات اللؽوٌههة‪ ،‬فض هبلً دههن تفسههٌرل لههبعض المصههطلحات ضههمن‬
‫بعض محاور الرسالة ‪.‬‬
‫وكتههاب تههاج العههروس لمإلفههه الزبٌههدي (تٕ٘ٓٔهههـ‪ٔ79ٓ/‬م)‪ ،‬وٌعههد مههن المعههاجم اللؽوٌههة‬
‫المهمة فً تفسهٌر الكثٌهر مهن المصهطلحات‪ ،‬والهاي أفهاد الرسهالة فهً المبحهث الثهانً مهن الفصهل‬
‫الثانً‪.‬‬

‫كمهها ادتمههدنا فههً هههال الرسههالة دلههى العدٌههد مههن المراجههع الحدٌثههة ومههن أهمههها ‪ :‬كتاب(تههارٌخ‬
‫العراق فً العصر العباسهً األخٌهر) لبهدري محمهد فههد‪ .‬وكتهاب (الحٌهاة السٌاسهٌة فهً العهراق فهً‬
‫العصهههر العباسهههً األخٌر)لمإلفهههه محمهههد صهههالح القههههزاز‪ .‬وكتهههاب (تهههارٌخ العهههراق فهههً العصههههر‬
‫السلجومً) لمإلفه حسٌن أمٌن‪.‬‬

‫كمها أفهاد الرسهالة العدٌهد مهن االطهارٌح والرسهابل الجامعٌهة ‪ ،‬فضهبلً دهن الهدورٌات والبحههوث‬
‫التهً تهم اكرهها أٌض ها ً فهً نهاٌهة الرسهالة والتههً احتهوت دلهى معلومهات مهمههة أفهادت الرسهالة مههن‬
‫خبلل ما جاءت به من استنتاجات مفٌدة للبحث‪.‬‬

‫وال ٌسهههعنً إال أن أتقههههدم بجزٌهههل الشههههكر والعرفهههان لؤلسههههتاا الفاضهههل الههههدكتور دكهههاب ٌوسههههؾ‬
‫ألشهرافه دلههى هههال الرسهالة ودلههى سههعة صهدرل ودلههى مهها مدمهه مههن نصههابح وتوجٌههات كههان لههها‬
‫األثر الكبٌر فً إخراج هاا البحث بهال الصورة ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ولقد بالت ما أستطٌع من جهد من خبلل ما توفر لً من مصادر فً دراسة الموضوع‬
‫ولم أدخر جهداً فً البحث ‪ ،‬وال أحسبُ أنً مد أوفٌت الموضوع حقه ‪ ،‬فهاا هو جهدي‬
‫ومقدار دلمً‪ ،‬كما أننً واثق بؤنً مد فاتنً الكثٌر ولكنً أحسب أنً طرمت بابا ً فً دراسة‬
‫دور دلماء هال المدرسة الفقهٌة ‪ ،‬وأنا ال اددً هنا بؤنً أمدم دمبلً كامبلً‪ ،‬ألنً باحث مبتدأ‬
‫وأ ن الكمال هلل وحدل جل شؤنه‪ ،‬ولكنً آمل أن تكون دثرا تً أمل مما تومعت ‪ ،‬وال ٌسعنً إال‬
‫أن أمول‪ " :‬ربنا ال تإاخانا إن نسٌنا أو أخطؤنا "‬

‫وهللا من وراء القصد ‪.‬‬

‫الباحث‬

‫بهاء أحمد محمد الجبوري‬

‫‪1‬‬
‫التمهٌد‬
‫األوضاع السٌاسٌة والفكرٌة فً بغداد (;‪<;<- ;7‬هـ‪78;1- 7771/‬م)‬

‫أوال ً ‪ :‬األوضاع السياسية في بغداد (‪656- 575‬هـ‪7551- 7771/‬م)‬

‫ؽ‪ٙ‬ذد اٌخالفخ اٌؼجبع‪١‬خ فزشح أؾالي ‪ٚ‬مؼف أصٕبء ع‪١‬طشح ثٕ‪ ٟ‬ث‪- ٖٖٗ( ٗ٠ٛ‬‬
‫‪٘ٗٗ4‬ـ‪ٚ )َٔٓ٘٘- 6ٖٙ/‬وزٌه أصٕبء اٌغ‪١‬طشح اٌغٍغ‪ٛ‬ل‪١‬خ (‪٘٘6ٓ- ٗٗ4‬ـ‪،)َٔٔ6ٖ- ٔٓ٘٘/‬‬
‫‪ٚ‬لذ أز‪ٙ‬ظ خٍفبء ثٕ‪ ٟ‬اٌؼجبط ‪ِٕٚ‬ز ثذا‪٠‬خ اٌمشْ اٌخبِظ اٌ‪ٙ‬غش‪ /ٞ‬اٌؾبد‪ ٞ‬ػؾش ِ‪١‬الد‪ ٞ‬ع‪١‬بعخ‬
‫ر‪ٙ‬ذف اٌ‪ ٝ‬رخٍ‪١‬ـ ِئعغخ اٌخالفخ ِٓ اٌغ‪١‬طشح األعٕج‪١‬خ ‪ٚ‬لذ عبػذد ثؼل األؽذاس اٌذاخٍ‪١‬خ‬
‫‪ٚ‬اٌخبسع‪١‬خ اٌخٍفبء اٌؼجبع‪ ٓ١١‬ف‪ ٟ‬رٕف‪١‬ز ٘زٖ اٌغ‪١‬بعخ‪ٌٚ ،‬ؼً اثشص ٘زٖ األؽذاس ‪ٚ‬فبح اٌغٍطبْ‬
‫ِغؼ‪ٛ‬د ثٓ ِؾّذ ثٓ ٍِىؾبٖ ( ٔ)‪ ،‬عٕخ (‪٘٘ٗ4‬ـ‪ٚ ،)َٕٔٔ٘/‬لذ ‪ٚ‬فف اثٓ األص‪١‬ش ‪ٚ‬فبرٗ ثم‪: ٌٗٛ‬‬
‫" فمذ ِبرذ ِؼٗ عؼبدح اٌج‪١‬ذ اٌغٍغ‪ٛ‬ل‪ ٌُٚ، ٟ‬رمُ ٌ‪ ُٙ‬ثؼذٖ سا‪٠‬خ ‪٠‬ؼزذ ث‪ٙ‬ب " ( ٕ) ِب ‪٠‬ؼٕ‪ ٟ‬ثذا‪٠‬خ‬
‫ٔ‪ٙ‬ب‪٠‬خ اٌزغٍو اٌغٍغ‪ٛ‬ل‪ ٟ‬ف‪ ٟ‬ثغذاد ‪.‬‬

‫وّب ؽ‪ٙ‬ذد عٕخ (‪٘٘ٙ4‬ـ‪ ،)َٔٔ4ٔ /‬ػ‪ٛ‬دد اٌخطجخ ٌٍخالفخ اٌؼجبع‪١‬خ ف‪ِ ٟ‬قش ثؼذ‬
‫اٌمنبء ػٍ‪ ٝ‬اٌذ‪ٌٚ‬خ اٌفبهّ‪١‬خ ( ٖ) ‪ ،‬ار اعزّشد اٌخطجخ ٌٍفبهّ‪ ٓ١١‬ثّقش ؽ‪ٛ‬اٌ‪ ٟ‬صالصخ لش‪ْٚ‬‬
‫‪ٚ‬لذ ر‪ ٌٝٛ‬اٌؾىُ ف‪ ٟ‬اٌّذح اٌّّزذح ِٓ عٕخ (٘‪٘٘4‬ـ‪ )َٔٔ46/‬اٌ‪ ٝ‬عٕخ (‪٘ٙ٘ٙ‬ـ‪)َٕٔ٘1/‬‬
‫اسثؼخ خٍفبء ػجبع‪ ،ٓ١١‬اعزؼبدد اٌخالفخ ف‪ ٟ‬ػ‪ٙ‬ذ أ‪ٚ‬ي ٘ئالء اٌخٍفبء ٘‪١‬جز‪ٙ‬ب ‪ ،‬ف‪ ٟ‬ؽ‪ ٓ١‬ؽ‪ٙ‬ذ‬
‫ؽىُ آخش ٘ئالء اٌخٍفبء اؽزالي ثغذاد ِٓ لجً اٌّغ‪ٛ‬ي ‪ٚ‬أز‪ٙ‬بء اٌؾىُ اٌؼجبع‪ ٟ‬ف‪ ٟ‬ثغذاد ار‬
‫اعزّش ؽىّ‪ ُٙ‬اوضش ِٓ خّغخ لش‪٘ٚ ، )ٗ ( ْٚ‬ئالء اٌخٍفبء ُ٘ ‪:‬‬

‫)ٔٔ) ؼٌاث الدٌن أبو الفتوح مسعود بن السلطان ملكشال السلجومً ‪ ،‬استق ل بالسلطنة سنة(‪ٕ٘1‬هـ‪ٖٔٔٗ/‬م)‪،‬‬
‫وكان من أحسن السبلطٌن سٌرة ‪ ،‬الاهبً‪ ،‬شم س الدٌن أبو دبدهللا محمد بن احمد بن دثمان ‪ ،‬سٌر أدبلم‬
‫النببلء ‪ ،‬تحقٌق مجمودة من المحققٌن بؤشراؾ الشٌخ شعٌب األرناإوط‪ ،‬ط ٖ ‪ ،‬مإسسة الرسالة‬
‫(د‪.‬م‪،)ٔ91٘،‬جٕٓ‪،‬ص٘‪. ٖ1‬‬
‫)ٕ) أبو الحسن دلً بن أبً المكارم الشٌبانً‪ ،‬الكامل فً التارٌخ‪ ،‬تحقٌق دمر دبد السبلم تدمري‪،‬طٔ‪ ،‬دار‬
‫الكتاب العربً ‪(،‬بٌروت‪،)ٔ997،‬ج‪،9‬ص‪. ٔ1ٙ‬‬
‫)ٖ) ابن الجوزي‪ ،‬أ بو الفرج جمال الدٌن دبد الرحمن بن دلً ‪،‬المنتظم فً تارٌخ الملوك واألمم‪ ،‬تحقٌق‬
‫محمد دبد القادر دطا ومصطفى دبد القادر دطا‪ ،‬طٔ ‪،‬دار الكتب العلمٌة (بٌروت‪،)ٔ99ٕ،‬ج‪،ٔ1‬ص‪ٔ9ٙ‬‬
‫‪ٓ.‬‬
‫)ٗ) مدحات ‪ ،‬محمد دبدهللا ‪،‬مراسٌم تولٌة الخلفاء ووالة دهودهم فً العصر العباسً األخٌر ‪ ،‬مجلة اآلداب‬
‫والعلوم االجتمادٌة ‪ ،‬العدد‪،)ٕٓٔ٘(،ٔ1‬ص٘ ‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫اٌخٍ‪١‬فخ إٌبفش ٌذ‪ ٓ٠‬هللا (٘‪ٕٕ٘ٙ- ٘4‬ـ‪ ،)َٕٕٔ٘- ٔٔ1ٓ/‬أث‪ ٛ‬اٌؼجبط اثٓ اٌّغزن‪ٟ‬ء‬
‫ثؤِش هللا ( ٔ) ‪ ،‬خطت ٌٗ ث‪ٛ‬ال‪٠‬خ اٌؼ‪ٙ‬ذ ف‪ َٛ٠ ٟ‬اٌغّؼخ اٌضبٔ‪ٚ ٟ‬اٌؼؾش‪ ِٓ ٓ٠‬ؽ‪ٛ‬اي‬
‫عٕخ(٘‪٘٘4‬ـ‪ٚ ، )ٕ ( )َٔٔ46/‬لذ ث‪٠ٛ‬غ ثبٌخالفخ ثؼذ ‪ٚ‬فبح اٌخٍ‪١‬فخ اٌّغزن‪ٟ‬ء(‪- ٘ٙٙ‬‬
‫‪٠‬ز‪ٛ‬ي اٌخالفخ ِٓ ثٕ‪ ٟ‬اٌؼجبط أه‪ٛ‬ي ِذح ِٕٗ ( ٖ) ‪ٌٚ ،‬مذ ارجغ‬
‫َ‬ ‫٘‪٘٘4‬ـ‪ٌُٚ ،)َٔٔ46- ٔٔ4ٓ/‬‬
‫اٌخٍ‪١‬فخ إٌبفش ع‪١‬بعخ داخٍ‪١‬خ رّ‪ ً١‬اٌ‪ ٝ‬اٌؾغُ ‪ٚ‬فشك اٌغ‪١‬طشح ‪ٚ‬األِٓ ِغ اإلفالػ ‪،‬‬
‫‪ٚ‬اٌغٕ‪ٛ‬ػ ٔؾ‪ ٛ‬اٌّشوض‪٠‬خ ‪ٚ ،‬ع‪١‬بعخ خبسع‪١‬خ رّ‪ ً١‬اٌ‪ ٝ‬فشك ٘‪١‬جخ اٌخالفخ ‪ٚ‬رؾم‪١‬ك ِقبٌؾ‪ٙ‬ب‬
‫ثىبفخ اٌ‪ٛ‬عبئً ( ٗ) ‪.‬‬

‫‪ٚ‬لذ اعّغ اٌّئسخ‪ ْٛ‬ػٍ‪ ٝ‬أْ اٌخٍ‪١‬فخ إٌبفش لذ ٔغؼ ف‪ ٟ‬اداسح د‪ٌٚ‬زٗ ِٓ خالي ؽشفٗ‬
‫ػٍ‪ ٝ‬عؼً صِبَ األِ‪ٛ‬س ث‪١‬ذٖ ‪ٚ ،‬اهالػٗ ػٍ‪ِ ٝ‬ب ‪٠‬غش‪ ٞ‬ثٕفغٗ ‪ٚ‬ؽضِٗ ف‪ِ ٟ‬ؾبعجخ اٌّمقش‪، ٓ٠‬‬
‫ع‪ٛ‬اء ف‪ ٟ‬ثغذاد أ‪ ٚ‬ف‪ ٟ‬األلبٌ‪ ُ١‬األخش‪ٚ ، ٜ‬رٌه‬‫ً‬ ‫فنالً ػٓ ا٘زّبِٗ ثّب ‪٠‬غش‪ ٞ‬ف‪ ٟ‬اٌغش ‪ٚ‬اٌؼالٔ‪١‬خ‬
‫الػزّبدٖ ػٍ‪ ٝ‬ع‪ٙ‬بص اعزخجبس‪ ٞ‬دل‪١‬ك‪ِّ ،‬ب أد‪ ٜ‬اٌ‪ ٝ‬اعزمشاس اٌجالد ‪ٚ‬اصد‪٠‬بد ٘‪١‬جخ اٌذ‪ٌٚ‬خ ( ٘) ‪،‬‬
‫‪ٚٚ‬فف اثٓ اٌطمطم‪ ٟ‬اٌخٍ‪١‬فخ إٌبفش فمبي‪ " :‬وبْ ِٓ أفبمً اٌخٍفبء ‪١ِٙ ...‬جبً ِمذاِبً‪ ،‬ػبسفبً‬
‫ؽغبػبً ‪ِ...‬ز‪ٛ‬لذ اٌزوبء ‪ٚ‬اٌفطٕخ ‪٠ ...‬فب‪ٚ‬ك اٌؼٍّبء ِفب‪ٚ‬مخ لذ‪٠‬ش‪ّ٠ٚ ،‬بسط األِ‪ٛ‬س اٌغٍطبٔ‪١‬خ‬
‫ِّبسعخ ثق‪١‬ش ‪ٚ ...‬اؽت ِجبؽشح أؽ‪ٛ‬اي اٌشػ‪١‬خ ثٕفغٗ ‪ ،‬ؽز‪ ٝ‬وبْ ‪٠‬زّؾ‪ ٝ‬ف‪ ٟ‬اٌٍ‪ ً١‬ف‪ ٟ‬دس‪ٚ‬ة‬
‫ثغذاد ٌ‪١‬ؼشف أخجبس اٌشػ‪١‬خ ‪ِٚ‬ب ‪٠‬ذ‪ٚ‬س ث‪ٚ ، ُٕٙ١‬وبْ وً ‪ٚ‬اؽذ ِٓ أسثبة إٌّبفت ‪ٚ‬اٌشػب‪٠‬ب‬
‫‪٠‬خبفٗ ‪٠ٚ‬ؾبرسٖ‪ٚ ،‬وضشح ع‪ٛ‬اع‪١‬غٗ ‪ٚ‬أفؾبة أخجبسٖ ػٕذ اٌغاله‪ٚ ٓ١‬ف‪ ٟ‬اهشاف اٌجالد " ( ‪. )ٙ‬‬

‫أِب اثٓ ‪ٚ‬افً فمبي ػٓ إٌبفش‪ٚ " :‬وبْ إٌبفش ػظ‪ ُ١‬اٌ‪١ٙ‬جخ ػبٌ‪ ٟ‬اٌ‪ّٙ‬خ ‪ٚ‬افش اٌؼمً‬
‫ؽغٓ اٌغ‪١‬بعخ ِز‪١‬مظبً ال ‪٠‬ف‪ٛ‬رٗ اِش ِّب ‪٠‬غش‪ ٞ‬ف‪ ٟ‬ثالدٖ ‪ٚ‬غ‪١‬ش٘ب ِٓ ثالد اإلعالَ‪ٚ ،‬وبْ ٌٗ‬
‫أفؾبة األخجبس ‪٠‬طبٌؼ‪ ٗٔٛ‬ثّب ‪٠‬ؾذس ‪ِٚ‬ب ‪٠‬ش‪ ِٓ ٗٔٚ‬األِ‪ٛ‬س ف‪ ٟ‬وً فم‪١‬غ‪ٚ ،‬وبْ األٔغبْ ف‪ٟ‬‬
‫اٌؼشاق ال ‪٠‬غغش أْ ‪٠‬غش‪ ٞ‬ف‪ ٟ‬ث‪١‬زٗ ‪ٚ‬خٍ‪ٛ‬رٗ ِب ‪٠‬خبف األٔىبس ِٕٗ ‪ ،‬ؽز‪ ٝ‬وبْ ‪٠‬ز‪ ِٓ ُ٘ٛ‬أً٘‬
‫ث‪١‬زٗ ‪ٚ‬اخـ إٌبط ثٗ أْ ‪ٕ٠‬مً خجشٖ اٌ‪ ٝ‬اٌخٍ‪١‬فخ " ( ‪ )4‬اْ ٘زٖ إٌق‪ٛ‬ؿ رضجذ أْ اٌخٍ‪١‬فخ‬
‫إٌبفش عبء ٌ‪١‬ؼ‪١‬ذ اٌخالفخ اٌ‪ ٝ‬عبثك ػ‪ٙ‬ذ٘ب ِغزف‪١‬ذاً ِٓ ؽٕىزٗ اٌؾخق‪١‬خ ‪ٚ‬إٌظبَ االعزخجبس‪ٞ‬‬

‫)ٔ) ابن كثٌر‪ ،‬أبو الفداء إسمادٌل بن دمر القرٌشً‪ ،‬البداٌة والنهاٌة ‪ ،‬تحقٌق دلً شٌري‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار أحٌاء‬
‫التراث العرب‪(،‬د ‪.‬م ‪ ،)ٔ911،‬جٕٔ‪ ،‬صٗ‪. ٖ7‬‬
‫)ٕ) ابن الدبٌ ثً‪ ،‬أبً دبدهللا محمد بن سعٌد‪ ،‬اٌل تارٌخ مدٌنة السبلم‪ ،‬حققه وضبط نصه ودلق دلٌه بشار‬
‫دواد معروؾ‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الؽرب اإلسبلمً ‪( ،‬بٌروت‪ ،)ٕٓٓٙ ،‬ج ٕ‪،‬صٕٖٕ ‪.‬‬
‫)ٖ) الحسٌنً ‪،‬صدر الدٌن ابو الحسن دلً بن ناصر ‪ ،‬زبدة التوارٌخ أخبار األ مراء والملوك السلجومٌة‪،‬‬
‫تحقٌق محمود نور الدٌن ‪،‬طٔ ‪ ،‬دار امرأ‪(،‬بٌروت‪ ،)ٔ91٘،‬ص ‪ٕ1ٙ‬؛ ابن جبٌر‪ ،‬أبو الحسٌن محمد بنى‬
‫احمد الكنانً ‪ ،‬رحلة ابن جبٌر‪ ،‬د‪.‬ط ‪،‬مإسسة امرأ للنشر‪( ،‬القاهرة‪،)ٕٖٓٔ ،‬صٕٖٓ ‪.‬‬
‫)ٗ) أٌوب ‪،‬محمد شعبان‪ ،‬آخر أٌام العباسٌٌن‪ ،‬طٔ‪،‬مإسسة امرأ للنشر‪( ،‬القاهرل‪ ،)ٕٖٓٔ،‬صٕٖٓ‬
‫)٘) حسن‪ ،‬صالح رمضان ‪ ،‬ا لفتوة فً دهد الخلٌفة الناصر لدٌن هللا(٘‪ٕٕٙ- ٘7‬هـ‪ ٕٕٔ٘- ٔٔ79/‬م) الدوافع‬
‫واأل هداؾ ‪،‬أطروحة دكتورال (ؼٌر منشورل)‪ ،‬كلٌة اآل داب‪ ،‬جامعة الموصل‪،)ٕٓٓٓ( ،‬صٓ‪. ٔٙ‬‬
‫)‪ )ٙ‬محمد بن دلً بن طباطبا‪ ،‬الفخري فً اآل داب السلطانٌة والدول اإل سبلمٌة‪ ،‬تحقٌق دبد القادر محمد‬
‫ماٌو‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار القلم العربً ‪(،‬بٌروت‪ ،)ٔ997 ،‬ص‪ٖٓ1‬‬
‫)‪ )7‬جمال الدٌن محمد بن سالم بن نصرهللا‪ ،‬مفرج الكروب فً أخبار بنً أٌوب‪ ،‬تحقٌق جمال الدٌن الشٌال‪،‬‬
‫د‪.‬ط‪ ،‬دار الكتب والوثابق القومٌة‪( ،‬القاهرة‪،)ٔ9٘7 ،‬جٕ‪ ،‬صٔ‪. 9‬‬
‫ٓٔ‬
‫اٌز‪ ٞ‬اعزؼبْ ثٗ‪ ،‬امبفخ اٌ‪ ٝ‬مؼف اٌغٍطخ اٌغٍغ‪ٛ‬ل‪١‬خ ثؼذ ‪ٚ‬فبح ِغؼ‪ٛ‬د ثٓ ٍِىؾبٖ‪ٚ ،‬دػُ‬
‫اٌّغزّغ اٌجغذاد‪ ،ٌٗ ٞ‬وً رٌه عبػذٖ ف‪ِ ٟ‬ؾب‪ٌٚ‬زٗ ثبٌٕ‪ٛٙ‬ك ثبٌخالفخ اٌؼجبع‪١‬خ ِٓ عذ‪٠‬ذ‪.‬‬
‫وّب ػًّ اٌخٍ‪١‬فخ إٌبفش ػٍ‪ ٝ‬اٌؾذ ِٓ د‪ٚ‬س اٌؾبؽ‪١‬خ ف‪ ٟ‬ثاله اٌخٍ‪١‬فخ ‪ٚ‬الع‪ّ١‬ب أفؾبة‬
‫إٌف‪ٛ‬ر ف‪ ٟ‬اٌؼ‪ٛٙ‬د اٌغبثمخ‪ٚ ،‬اٌز‪ ٓ٠‬وبْ ٌ‪ ُٙ‬رؤص‪١‬ش وج‪١‬ش ػٍ‪ ٝ‬اٌخٍفبء ( ٔ) ‪ ،‬فغّغ اٌخٍ‪١‬فخ أثٕبء‬
‫األعشح اٌؼجبع‪١‬خ ‪ِٕٚ‬ؼ‪ ِٓ ُٙ‬االخزاله ِغ غ‪١‬شُ٘ ‪ٚ‬رٌه ٌ‪ّٕ١‬غ رذخٍ‪ ُٙ‬ف‪ ٟ‬ؽئ‪ ْٚ‬اٌذ‪ٌٚ‬خ‬
‫‪ٚ‬أداس ر‪ٙ‬ب‪ٚ ،‬لذ ‪ٚ‬فف اثٓ عج‪١‬ش رٌه ثم‪ٚ " ٌٗٛ‬عّ‪١‬غ اٌؼجبع‪ِ ٓ١١‬ؼزمٍ‪ ْٛ‬اػزمبالً عّ‪١‬الً ‪ ،‬ال‬
‫( ٕ)‬
‫‪٠‬خشع‪ٚ ْٛ‬ال ‪٠‬ظ‪ٙ‬ش‪ ٌُٙٚ ْٚ‬اٌّشرجبد اٌمبئّخ ث‪" ُٙ‬‬

‫ثذأ إٌبفش ؽىّٗ ثبٌزخٍـ ِٓ ثؼل اٌؾخق‪١‬بد اٌز‪ ٟ‬وبْ ‪٠‬ؼزمذ أٔ‪ٙ‬ب رؾىً خطشاً ػٍ‪ٝ‬‬
‫ؽىّٗ‪ ،‬فؤِش ثؾجظ اثٓ اٌؼطبس( ٖ) ‪ ،‬ألٔٗ وبْ ‪ ً١ّ٠‬اٌ‪ ٝ‬أث‪ٔ ٟ‬قش ف‪ٚ ٟ‬ال‪٠‬خ اٌؼ‪ٙ‬ذ ( ٗ)‪ ،‬وّب أْ‬
‫اثٓ اٌؼطبس ٌُ ‪٠‬ؾنش ِجب‪٠‬ؼخ إٌبفش‪ٚ ،‬اػززس ثبٌّشك‪ ،‬فمجل ػٍ‪٠ ٌُٚ ٗ١‬خشط ِٓ ِؾجغٗ‬
‫اال ِ‪١‬زبً ( ٘) ‪ ،‬صُ لجل إٌبفش ػٍ‪ ٝ‬أعزبر داس( ‪ )ٙ‬اٌخٍ‪١‬فخ ‪ِ ،‬غذ اٌذ‪ ٓ٠‬اثٓ اٌقبؽت ( ‪، )4‬فجؼذ أْ‬
‫أْ لشثٗ اٌخٍ‪١‬فخ رمش‪٠‬جبً صائذاً أخز ‪٠‬زؾىُ ثذاس اٌخالفخ‪ٚ ،‬ثغو ‪٠‬ذٖ ػٍ‪ ٝ‬األِ‪ٛ‬اي‪ٚ ،‬عفه اٌذِبء‪،‬‬
‫‪ٚ‬أصبس اٌفزٓ‪ٚ ،‬ثطش ثطشاً ؽذ‪٠‬ذاً ( ‪ٚ ، )1‬فبس ‪٠ٚ ٌٟٛ٠‬ؼضي‪ِٚ ،‬ب صاي ف‪ ٟ‬اسرمبء‪ ،‬ؽز‪ ٝ‬لُزً‪ ،‬فمذ‬
‫أسعً ثطٍجٗ اٌ‪ ٝ‬داس اٌخالفخ ف‪ٛ‬صت ػٍ‪ ٗ١‬اٌؾؾٕخ ( ‪، )6‬‬

‫)ٔ) القزاز‪ ،‬محمد صالح داوود‪ ،‬الحٌاة السٌاسٌة فً العراق فً العصر العباسً األخٌر(ٕٔ٘ ‪ ٙ٘ٙ-‬هـ)‪ ،‬د‪.‬‬
‫ط ‪ ،‬مطبعة القضاء‪(،‬النجؾ‪،)ٔ97ٔ ،‬صٗ‪. 9‬‬
‫)ٕ) الرحلة‪ ،‬ص ٕٕٓ ‪.‬‬
‫)ٖ) ظهٌر الدٌن أبو بكر منصور بن نصر الحرانً ثم البؽدادي‪ ،‬تدرج بالوظابؾ حتى اصبح وزٌراً‬
‫للمستضًء سنة(ٖ٘٘ )‪ ،‬والك بعد مقتل الوزٌر ابن هبٌرل‪ ،‬الاهبً ‪،‬سٌر‪. ٔ9ٕ/ٔ٘،‬‬
‫)ٗ) الصفدي ‪ ،‬صبلح الدٌن خلٌل بن اٌبك‪ ،‬الوافً بالوفٌات‪ ،‬تحقٌق احمد األرناإوط وتركً مصطفى‪،‬‬
‫د‪.‬ط‪ ،‬دار أحٌاء التراث العربً‪( ،‬بٌروت‪ ،)ٕٓٓٓ ،‬ج‪ ،ٙ‬صٕ‪. ٔ9‬‬
‫)٘) الزركلً‪ ،‬خٌر الدٌن بن محمود بن محمد بن دلً بن فارس‪ ،‬األدبلم‪ ،‬ط ٖ‪ ،‬دار العلم‪(،‬د‪.‬م‪،)ٕٕٓٓ ،‬‬
‫ج‪ ،7‬ص‪. ٖٓٙ‬‬
‫ً‬
‫)‪ )ٙ‬أستاا دار الخبلفة كان اسما لمن ٌرافق الخلٌفة ‪ ،‬ثم توسعت سلطته فً العصر العباسً األخٌر فؤصبح‬
‫من كبار موظفً دار الخبلفة ‪،‬إا أخا ٌتولى األشراؾ دلى شإون الخبلفة ونفقاتها‪ ،‬وأمور األسرة العباسٌة‬
‫المقٌمة فٌها‪ ،‬ودهد إلٌه أحٌانا ً أن ٌكون سفٌراً للخلٌفة ورمٌبا ً دلى الدواوٌن ‪،‬ابن السادً ‪،‬أبو طالب دلً بن‬
‫أنجب‪ ،‬الجامع المختصر فً دنوان التوارٌخ ودٌون السٌر‪ ،‬تحقٌق مصطفى جواد‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬المطبعة السرٌانٌة‬
‫الكاثولٌكٌة‪( ،‬بؽداد ‪،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ج‪، 9‬مقدمة المحقق‪ ،‬ص (ٌب) ؛القلقشندي ‪،‬احمد بن دلً بن احمد‪ ،‬صبح‬
‫األدشى فً صنادة األنشاء‪ ،‬تحقٌق ٌوسؾ دلً طوٌل‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الفكر‪(،‬دمشق‪،)ٔ917،‬ج٘‪،‬ص‪. ٗ٘7‬‬
‫)‪ )7‬هو هبة هللا بن دلً بن هبة هللا بن احمد‪ ،‬ولً حجابة باب النوبً ‪،‬ثم والل المستضًء أستااٌة الدار‪ ،‬فلما‬
‫فلما استخلؾ الناصر أمرل دلى الك وأدنال ‪،‬ورد إلٌه النظر فً أكثر األمور فعلت منزلته إلى أن متل فً‬
‫ربٌع األول سنة(ٖ‪ ٘1‬هـ)‪ ،‬الخطٌب البؽدادي‪ ،‬أبو بكر احمد بن دلً بن ثابت بن احمد بن مهدي‪ ،‬تارٌخ‬
‫بؽداد واٌولها‪ ،‬تحقٌق مصطفى دبد القادر دطا‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪( ،‬بٌروت‪ٔٗٔ7 ،‬هـ)‪،‬‬
‫ج٘ٔ‪،‬ص‪. ٖٙ7‬‬
‫)‪ )1‬الاهبً‪ ،‬شمس الدٌن أبو دبدهللا محمد بن احمد ‪ ،‬تارٌخ اإل سبلم ووفٌات المشاهٌر وإلدبلم ‪،‬تحقٌق دمر‬
‫دب د السبلم تدمري‪ ،‬طٕ‪ ،‬دار الكتاب العربً‪(،‬بٌروت‪،)ٔ99ٖ ،‬جٔٗ‪ ،‬ص‪ ٔٙ‬؛سبط ابن الجوزي ‪،‬شمس‬
‫الدٌن أبو المظفر‪ ،‬مرآة الزمان فً تارٌخ األ دٌان‪ ،‬حققه ودلق دلٌه إبراهٌم الزٌبق‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الرسالة‬
‫العلمٌة ‪(،‬دمشق‪،)ٕٖٓٔ،‬جٕٔ‪ ،‬ص‪. ٕٙ9‬‬
‫)‪ )9‬الشحنة ‪ :‬من الوظابؾ اإل دارٌة والعسكرٌة ‪،‬استحدثها السبلجقة أبان احتبللهم للعراق(‪ٗٗ7‬هـ‪ٔٓ٘٘/‬م)‪،‬‬
‫للعراق(‪ٗٗ7‬هـ‪ ٔٓ٘٘/‬م)‪ ،‬لتحل محل صاحب الشرطة فً مطاردة اللصوص ومعامبة مثٌري الفتن ومتابعة‬
‫ٔٔ‬
‫‪ ،‬فمزٍٗ ( ٕ) ‪ٚٚ ،‬عذ‪ٚ‬ا ف‪ ٟ‬داسٖ ِٓ األِ‪ٛ‬اي ِب ٌُ ‪ٛ٠‬عذ ف‪ ٟ‬د‪ٚ‬س اٌخٍفبء ( ٖ) ‪.‬‬ ‫( ٔ)‬
‫ف‪ ٟ‬دٍ٘‪١‬ض‬

‫أِب ف‪ّ١‬ب ‪٠‬خـ ػاللخ اٌخٍ‪١‬فخ إٌبفش ٌذ‪ ٓ٠‬هللا ِغ اٌغالعمخ فبٔٗ أوًّ ِب ثذأ ثٗ اٌخٍ‪١‬فخ‬
‫اٌّمزف‪ ٟ‬ألِش هللا (ٖٓ٘ ‪٘٘٘٘-‬ـ‪ ،)َٔٔٙٓ- ٖٔٔٙ/‬اٌز‪ ٞ‬اعزطبع أْ ‪٠‬خٍـ اٌؼشاق ِٓ‬
‫اٌغ‪١‬طشح اٌغٍغ‪ٛ‬ل‪١‬خ ( ٗ) ‪ٚ ،‬ػٕذِب ر‪ ٌٝٛ‬اٌغٍطبْ هغشي ثٓ أسعالْ ثٓ هغشي ثٓ ِؾّذ ثٓ‬
‫ٍِىؾبٖ اٌغٍطٕخ (ٖ‪٘٘1‬ـ‪ ،)َ ٔٔ14/‬ؽب‪ٚ‬ي اػبدح ٔف‪ٛ‬ر اٌغالعمخ اٌّفم‪ٛ‬دح‪ ،‬فؤسعً اٌ‪ ٝ‬اٌخٍ‪١‬فخ‬
‫إٌبفش ‪٠ ،‬طٍت ِٕٗ رؼّ‪١‬ش داس اٌغٍطٕخ ( ٘) ‪١ٌ ،‬غىٕ‪ٙ‬ب هغشي ارا ‪ٚ‬فً ثغذاد‪ ،‬اال أْ ٘زا‬
‫اٌشع‪ٛ‬ي سعغ ثذ‪ ْٚ‬ع‪ٛ‬اة‪ٚ ،‬أِش اٌخٍ‪١‬فخ ث‪ٙ‬ذَ داس اٌغٍطٕخ‪ٚ ،‬لذ ادسن اٌخٍ‪١‬فخ ل‪ٛ‬ح هغشي‬
‫‪ٔٚ‬ف‪ٛ‬رٖ‪ ،‬ف‪ٛ‬عذ ٔفغٗ ِنطشاً ٌٍزؾبٌف ِغ اٌخ‪ٛ‬اسصِ‪ ،ٓ١١‬فؤسعً اٌ‪ ٝ‬خ‪ٛ‬اسصَ ؽبٖ ػالء اٌذ‪ٓ٠‬‬
‫رىؼ‪٠ ،‬طٍت ِٕٗ لزبي اٌغالعمخ ِمبثً ؽىُ اٌجالد اٌز‪٠ ٟ‬فزؾ‪ٙ‬ب‪ ،‬فغبس ػالء اٌذ‪ ٓ٠‬ثغ‪ٛ١‬ؽٗ‬
‫‪ٚ‬اٌزم‪ ٝ‬هغشي ف‪ ٟ‬اٌش‪ ٞ‬عٕخ(ٓ‪٘٘6‬ـ‪ٚ ،)َٔٔ6ٗ/‬أز‪ٙ‬ذ اٌّؼشوخ ثّمزً هغشي ‪ٚ‬أسعً سأعٗ‬
‫اٌ‪ ٝ‬ثغذاد ( ‪. )ٙ‬‬

‫‪ٚ‬ثّمزً اٌغٍطبْ اٌغٍ غ‪ٛ‬ل‪ ٟ‬أز‪ٙ‬ذ د‪ٌٚ‬خ اٌغالعمخ ‪ٔٚ،‬غؼ إٌبفش ف‪ ٟ‬اػبدح أِالن اٌخالفخ‬
‫اٌؼجبع‪١‬خ ‪ٚ‬أفجؾذ أِالو‪ٙ‬ب رّزذ ِٓ رىش‪٠‬ذ ف‪ ٟ‬اٌؾّبي اٌ‪ ٝ‬ػجبداْ ػٍ‪ ٝ‬اٌخٍ‪١‬ظ ف‪ ٟ‬اٌغٕ‪ٛ‬ة‬
‫‪ ِٓٚ‬اٌش‪ٚ ٞ‬أفف‪ٙ‬بْ ف‪ ٟ‬اٌؾشق اٌ‪ ٝ‬ؽذ‪٠‬ضٗ ‪ٚ‬ػبٔٗ ف‪ ٟ‬اٌغشة ‪ٚ‬ع‪١‬طش ػٍ‪ ٝ‬الٍ‪ ُ١‬خ‪ٛ‬صعزبْ‬
‫‪ٍِٚ‬ه ّ٘زاْ ‪ٚ‬أفف‪ٙ‬بْ ( ‪٠، )4‬م‪ٛ‬ي اثٓ ‪ٚ‬افً ‪ٚ ":‬فزؼ ف‪ ٟ‬أ‪٠‬بِٗ فز‪ٛ‬ؽبد وض‪١‬شح‪ٚ ،‬ارغغ ٍِىٗ‬
‫‪ٚ‬اعز‪ ٌٝٛ‬ػٍ‪ ٝ‬خ‪ٛ‬صعزبْ ‪ٚ‬اٌغجً ‪ٚ‬فزؼ وض‪١‬شاً ِٓ ثالد اٌؼغُ‪ٚٚ ،‬فٍذ اٌذ‪ٌٚ‬خ اٌؼجبع‪١‬خ ف‪ ٟ‬أ‪٠‬بِٗ‬
‫ِب ٌُ رقٍٗ اال ف‪ ٟ‬اٌضِٓ اٌمذ‪. )1 ( " ُ٠‬‬

‫‪ٚ‬لذ وبٔذ ع‪١‬بعخ إٌبفش اٌذ‪١ٕ٠‬خ ع‪١‬بعخ ر‪ٛ‬ف‪١‬م‪١‬خ‪ٚ ،‬ثّب أْ اٌخٍ‪١‬فخ ٘‪ ٛ‬ؽبِ‪ ٟ‬اإلعالَ وٍٗ‬
‫ثغّ‪١‬غ ِزا٘جٗ ‪ ،‬فؤْ ع‪١‬بعخ إٌبفش وبٔذ ف‪ٛ‬ق اٌّزا٘ت ‪ٚ‬اٌّ‪ٛ١‬ي ‪ٚ‬االرغب٘بد‪ ،‬فٍُ ‪٠‬ظ‪ٙ‬ش رّ‪١١‬ضاً‬
‫ٌّز٘ت ػٍ‪ ٝ‬آخش‪ٚ ،‬ؽب‪ٚ‬ي عب٘ذاً اٌز‪ٛ‬ف‪١‬ك ث‪ ٓ١‬أساء اٌّزا٘ت اٌّخزٍفخ‪ٚ ،‬لذ خذِذ ٘زٖ اٌغ‪١‬بعخ‬

‫الخارجٌن دن النظام ومبلحقتهم ورددهم إلشادة األمن واالستقرار‪ ،‬ابن السادً ‪،‬المصدر‬
‫السابق‪،‬ج‪، 9‬مقدمة المحقق ‪،‬ص(ٌب) ؛فهد ‪،‬بدري محمد‪ ،‬العامة ببؽدا د فً القرن الخامس الهجري‪ ،‬د‪.‬ط‬
‫‪،‬مطبعة اإلرشاد ‪(،‬بؽداد‪،)ٔ9ٙ7،‬ص‪. ٖ7‬‬
‫)ٔ) الدهلٌز كلمة فارسٌة وتعنً حفرة او سرداب تحت االرض بٌن الباب والدار ‪ ،‬ابن منظور ‪،‬محمد بن‬
‫مكرم بن دلً‪ ،‬لسان العرب ‪،‬طٖ‪ ،‬دار صادر‪(،‬بٌروت‪ٔٗٔٗ،‬هـ)‪،‬ج٘‪،‬ص‪. ٖٗ9‬‬
‫)ٕ) الاهبً‪ ،‬سٌر‪. ٔٙ٘/ٕٔ،‬‬
‫)ٖ) سبط ابن الجوزي‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٕ٘/ٕٔ ،‬‬
‫)ٗ) العجمً‪ ،‬دبدهللا معٌض محمد ‪،‬الخلٌفة العباسً الناصر لدٌن هللا وسٌاسته من خبلل المصادر التارٌخٌة‬
‫والدراسات الحدٌثة ‪،‬رسالة ماجستٌر( ؼٌر منشورة)‪،‬كلٌة اآل داب والعلوم اإلنسانٌة ‪ ،‬جامعة آل‬
‫البٌت‪،)ٕٓٔ7(،‬ص ٖٔ ‪.‬‬
‫)٘) ابن كثٌر ‪،‬المصدر السابق‪ ٗٓ/ٔٓ،‬؛ دار السلطنة‪ :‬تقع هال الدار فً محلة المخرم وهً من محبلت‬
‫بؽداد القدٌمة فً الجانب الشرمً‪ ،‬ومد اتخاها السبلطٌن السبلجقة المتؤخرٌن مقراً لهم أثناء مكوثهم فً‬
‫بؽداد‪ٌ ،‬نظر جواد‪ ،‬مصطفى وأحمد سوسه‪ ،‬دلٌل خارطة بؽداد المفصل فً خطط بؽداد مدٌما ً وحدٌثا ً‪،‬‬
‫مطبعة المجمع العلمً العرامً‪(،‬بؽداد‪،)ٔ9٘1،‬ص ٕ٘ٔ ‪.‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن كثٌر ‪،‬المصدر السابقٓٔ‪. ٕٔ1/‬‬
‫)‪ )7‬الحسٌنً ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪ ٖٔ7‬؛ ابن واصل‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔ7ٓ/ٗ ،‬‬
‫)‪ )1‬المصدر نفسه‪. 9ٔ/ٕ،‬‬
‫ٕٔ‬
‫٘ذف اٌخٍ‪١‬فخ إٌبفش ف‪ ٟ‬رؾم‪١‬ك االٔغغبَ ‪ٚ‬اٌ‪ٛ‬ؽذح لذس اٌّغزطبع ث‪ ٓ١‬فئب د اٌّغزّغ ( ٔ)‪ ،‬وّب‬
‫وبْ أؽ‪١‬بء اٌخٍ‪١‬فخ إٌبفش ٌٕظبَ اٌفز‪ٛ‬ح عضءاً ِٓ ع‪ٛٙ‬دٖ ف‪ ٟ‬أػالء ٘‪١‬جخ اٌخالفخ ‪ٚ‬ل‪ٛ‬ر‪ٙ‬ب‪ٚ ،‬أْ‬
‫‪ٕٙ٠‬ل ث‪ٙ‬ب ِٓ ػ‪ٛ‬اًِ االٔؾالي اٌز‪ ٟ‬رغشثذ اٌ‪ ٝ‬عغّ‪ٙ‬ب‪ ،‬وّب أ ٔٗ وبْ ‪ٙ٠‬ذف ِٓ خالي ٘زا‬
‫إٌظبَ اٌ‪ ٝ‬ر‪ٛ‬ؽ‪١‬ذ فف‪ٛ‬ف أثٕبء األِخ ‪ ٌُٚ‬ؽٍّ‪ٙ‬ب ٌخذِخ اٌذ‪ٚ ٓ٠‬اٌذ‪ٌٚ‬خ ( ٕ) ‪.‬‬

‫أِب ِب ‪٠‬خـ ع‪١‬بعخ إٌبفش االلزقبد‪٠‬خ فب ٔٗ ‪ِٕٚ‬ز أْ اعزٍُ اٌؾىُ‪ ،‬أصاي اٌّى‪ٛ‬ط ( ٖ)‪،‬‬
‫اٌّفش‪ٚ‬مخ ػٍ‪ ٝ‬اٌزغبس اٌ‪ٛ‬اسد‪ ٓ٠‬اٌ‪ ٝ‬ثغذاد‪ ،‬فؼّشد اٌجالد ‪ٚ‬وضشد األسصاق ( ٗ)‪ٚ ،‬سخقذ‬
‫األعؼبس ‪،‬فىبٔذ أ‪٠‬بِٗ ػذالً ‪ٚ‬ه‪١‬ت ػ‪١‬ؼ‪ٚ ،‬وضشد األدػ‪١‬خ ألِ‪١‬ش اٌّئِٕ‪ ِٓ ٓ١‬فغبس اٌؼبِخ‬
‫‪ٚ‬وجبس٘ب ( ٘)‪ ،‬وّب رّىٓ اٌخٍ‪١‬فخ إٌبفش ِٓ مشة دٔبٔ‪١‬ش خبفخ ثٗ ثؼذ رخٍ‪١‬قٗ ٌذاس مشة‬
‫إٌم‪ٛ‬د ِٓ إٌف‪ٛ‬ر اٌغٍغ‪ٛ‬ل‪ ، ٟ‬فمذ اؽز‪ٛ‬د إٌم‪ٛ‬د اٌّنش‪ٚ‬ثخ عٕخ (ٓ‪٘٘6‬ـ‪ ،)َٔٔ6ٖ/‬ػٍ‪ٝ‬‬
‫( ‪)ٙ‬‬
‫ػجبساد رخٍذ ٔقش اٌخٍ‪١‬فخ ػٍ‪ ٝ‬أػذائٗ اٌغالعمخ‬

‫‪٠ٚ‬جذ‪ٌٕ ٚ‬ب ِّب رمذَ أْ ِئعغخ اٌخالفخ ف‪ ٟ‬ػ‪ٙ‬ذ اٌخٍ‪١‬فخ إٌبفش لذ اعزؼبدد ٘‪١‬جز‪ٙ‬ب اٌّفم‪ٛ‬دح‬
‫وّب أٔ‪ٙ‬ب اعزطبػذ أْ ر‪ٛ‬عغ ٔف‪ٛ‬ر٘ب‪ ،‬اال أْ ع‪ٛٙ‬د اٌخٍ‪١‬فخ ٌُ رغزّش ثبٌم‪ٛ‬ح ‪ٚ‬االٔذفبع ٔفغٗ‪،‬‬
‫( ‪)4‬‬
‫‪ٚ‬رٌه ثغجت رمذِٗ ف‪ ٟ‬اٌغٓ ‪ٚ‬أفبثزٗ ف‪ ٟ‬آخش صالس عٕ‪ٛ‬اد ِٓ ؽىّٗ ثبٌىض‪١‬ش ِٓ األِشاك‬
‫األِشاك( ‪ٚ )4‬لذ ر‪ٛ‬ف‪ ٟ‬اٌخٍ‪١‬فخ إٌبفش ‪ َٛ٠‬األؽذ آخش أ‪٠‬بَ ؽ‪ٙ‬ش سِنبْ ِٓ عٕخ‬
‫(ٕٕ‪٘ٙ‬ـ‪ٚ ،)َٕٕٔ٘/‬وبْ ػّشٖ رغغ ‪ٚ‬عز‪ ٓ١‬عٕخ ( ‪ٚ ، )1‬لذ ألبَ ف‪ ٟ‬اٌؾىُ ِب ٌُ ‪٠‬مُ أؽذ ِٓ‬
‫أً٘ ث‪١‬زٗ‪ ،‬فمذ داَ ؽىّٗ عجؼبً ‪ٚ‬أسثؼ‪ ٓ١‬عٕخ اال ؽ‪ٙ‬شاً ( ‪ ٛ٘ٚ ،)6‬أه‪ٛ‬ي ثٕ‪ ٟ‬اٌؼجبط خالفخ ف‪ٟ‬‬
‫ثغذاد ( ٓٔ) ‪.‬‬

‫)ٔ) فوزي‪ ،‬فاروق دمر‪ ،‬الخبلفة العباسٌة السقوط واالنهٌار‪ ،‬طٔ‪،‬دار الشروق للنشر والتوزٌع‪(،‬دمان‪،‬‬
‫‪ ،)ٕٓٓ9‬صٕٕٔ ‪.‬‬
‫)ٕ) دبد اللطٌؾ‪ ،‬محمد فهمً‪ ،‬الفتوة اإل سبلمٌة‪ ،‬بحث منشور فً مجلة الرسالة‪ ،‬العدد‪،)ٔ91ٗ(،7٘1،‬‬
‫ص٘ ؛ حسن‪ ،‬الفتول‪ ،‬ص ‪ 97‬وما بعدها ‪.‬‬
‫)ٖ) المكوس‪ ،‬وهً ضرٌبة تإخا من التجار‪ ،‬ومد أنشبت محبلت خاصة لجباٌة هال الضرٌبة من السفن‬
‫الواردة إلى البصرة‪ ،‬الخوارزمً‪ ،‬محمد بن احمد بن ٌوسؾ‪ ،‬مفاتٌح العلوم ‪ ،‬تحقٌق إبراهٌم االبٌاري‪،‬‬
‫طٕ‪ ،‬دار الكتاب العربً‪( ،‬بٌروت‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص ‪ 1ٙ‬؛الدوري‪ ،‬دبد العزٌز‪ ،‬النظم اإلسبلمٌة‪ ،‬طٔ‪ ،‬مركز‬
‫دراسات الوحدة العربٌة‪( ،‬بٌروت‪ ،)ٕٓٓ1 ،‬صٗ٘ٔ ‪.‬‬
‫)ٗ) ابن واصل‪ ،‬المصدر السابق‪. 9ٔ/ٕ ،‬‬
‫)٘) ابن جبٌر‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬صٕ‪. ٔ1‬‬
‫)‪ )ٙ‬دبد الرحمن‪ ،‬هاو كار احمد‪ ،‬دراسة تحلٌلٌه لمسكوكات الخلٌفة الناصر لدٌن هللا‪ (،‬الدنانٌر الاهبٌة ‪،‬‬
‫٘‪ ٕٕٙ - ٘7‬هـ)‪ ،‬بحث منشور فً مجلة دراسات فً التارٌخ وإالثار‪،‬العددٗ‪ ،)ٕٓٔ1( ،ٙ‬ص ‪. ٕٗ9‬‬
‫)‪ )7‬ابن األثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗٓ /ٔٓ ،‬‬
‫)‪ )1‬ابن كثٌر المصدر السابق‪. ٕٔ٘/ٕٔ ،‬‬
‫)‪ )9‬أبو شامه‪ ،‬شهاب الدٌن أبو محمد دبد الرحمن بن إسمادٌل‪ ،‬الاٌل دلى الروضتٌن‪ ،‬تحقٌق محمد زاهد‬
‫بن الحسن الكوثري‪ ،‬طٕ‪ ،‬دار الجلٌل‪(،‬بٌروت‪ ،)ٔ97ٗ ،‬ص ٘ٗٔ ؛ ابن كثٌر ‪ ،‬المصدر السابق‪،‬‬
‫ٕٔ‪ ٕٔ٘/‬؛ ابن األثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗٓٔ/ٔٓ،‬‬
‫)ٓٔ) الاهبً‪ ،‬شمس الدٌن محمد بن احم د بن دثمان‪ ،‬العبر فً خبر من ؼبر تحقٌق أبو هاجر محمد السعٌد‬
‫بن بسٌونً زؼلول‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪(،‬بٌروت‪،)ٔ91٘،‬جٖ‪ ،‬ص ‪. ٔ1ٙ‬‬
‫ٖٔ‬
‫اٌخٍ‪١‬فخ اٌؼجبع‪ ٟ‬اٌظب٘ش ثؤِش هللا‪ٕٖ٘ٙ- ٕٕٙ( ،‬ـ‪ ،)َٕٕٔٙ- ٕٕٔ٘/‬أث‪ٔ ٛ‬قش ِؾّذ ثٓ‬
‫إٌبفش ٌذ‪ ٓ٠‬هللا‪ٌٚ ،‬ذ عٕخ (ٔ‪٘٘4‬ـ‪، )ٔ ( )َٔٔ4٘/‬خطت ٌٗ ث‪ٛ‬ال‪٠‬خ اٌؼ‪ٙ‬ذ عٕخ‬
‫(٘‪٘٘1‬ـ‪ٌٚ ،)َٔٔ16/‬مت ثبٌظب٘ش ثؤِش هللا ( ٕ)‪ٚ ،‬ف‪ ٟ‬عٕخ (ٔٓ‪٘ٙ‬ـ‪ ،)َٕٔٓ٘/‬ػضي اٌخٍ‪١‬فخ‬
‫إٌبفش ‪ٌٚ‬ذٖ أثب ٔقش ػٓ ‪ٚ‬ال‪٠‬خ اٌؼ‪ٙ‬ذ‪ ،‬ثؼذ أْ خطت ٌٗ ػٍ‪ ٝ‬إٌّبثش عجغ ػؾشح عٕخ‪ ،‬ار ِبي‬
‫إٌبفش ٌ‪ٌٛ‬ذٖ ػٍ‪ٚ ٟ‬سؽؾٗ ٌٍخالفخ ‪ ،‬اال أٗ ِشك صُ ر‪ٛ‬ف‪ٚ ،ٟ‬امطش اٌخٍ‪١‬فخ اٌ‪ ٝ‬أػبدح ػ‪ٙ‬ذٖ‬
‫الث‪ٔ ٟ‬قش ( ٖ) ‪ٚ ،‬رٌه ف‪ ٟ‬عٕخ (‪٘ٙٔ1‬ـ‪.)َٕٕٔٓ/‬‬

‫‪ٚ‬ر‪ ٌٝٛ‬اٌظب٘ش اٌخالفخ ثؼذ ‪ٚ‬فبح أث‪ٚ ٗ١‬وبْ ػّشٖ اصٕز‪ٚ ٓ١‬خّغ‪ ٓ١‬عٕخ ( ٗ)‪ٚ ،‬لبي ػٕذ‬
‫ِجب‪٠‬ؼزٗ ‪ ِٓ " :‬فزؼ دوبٔبً ثؼذ اٌؼقش أ‪٠‬ؼ ‪٠‬ىغت "( ٘) ‪ ،‬اؽبسح اٌ‪ ٝ‬ر‪ ٗ١ٌٛ‬اٌخالفخ ‪ ٛ٘ٚ‬وج‪١‬ش ف‪ٟ‬‬
‫اٌغٓ ‪ٚ ،‬لذ اظ‪ٙ‬ش اٌخٍ‪١‬فخ اٌظب٘ش ثؤِش هللا ِٓ اٌؼذي " ِب أػبد ثٗ عٕخ اٌؼّش‪ ،ٓ٠‬فٍ‪ ٛ‬ل‪ ً١‬أٗ ٌُ‬
‫‪ ً٠‬اٌخالفخ ثؼذ ػّش ثٓ ػجذ اٌؼض‪٠‬ض ِضٍٗ ٌىبْ اٌمبئً فبدلبً " ( ‪٠ ٌُٚ ،)ٙ‬ئاخز أؽذاً عؼ‪ ٝ‬ف‪ٟ‬‬ ‫ِ‬
‫خٍؼٗ ‪ٚ ،‬وبْ إٌبط ‪٠‬ظٕ‪ ْٛ‬أ ٔٗ ِؼبلت وً ِٓ ٌُ ‪٠‬مف اٌ‪ ٝ‬عبٔجٗ أ‪ ٚ‬ؽب‪ٚ‬ي خٍؼٗ‪ ،‬اال أٔٗ لبثً‬
‫األعبءح ثبإلؽغبْ ‪ٚ‬اٌزغب‪ٚ‬ص ثبالِزٕبْ ( ‪ ،)4‬وّب أ ٔٗ اهٍك ِٓ وبْ ف‪ ٟ‬اٌغغ‪ِ ْٛ‬ؼزمالً ػٍ‪ٝ‬‬
‫األِ‪ٛ‬اي اٌذ‪ٛ٠‬أ‪١‬خ ‪ٚ،‬اعمو اٌخشاط ػٓ األسام‪ ٟ‬اٌز‪ ٟ‬رؼطٍذ ‪ٚ‬اثطً اٌّى‪ٛ‬ط‪ ،‬فشخقذ‬
‫األعؼبس ف‪ ٟ‬أ‪٠‬بِٗ ‪ٚ‬وبٔذ لجً رٌه ف‪ ٟ‬غب‪٠‬خ اٌغالء ( ‪ٚ ، )1‬وبْ ِٓ ػبدح أث‪ ٗ١‬إٌبفش أْ ‪٠‬شفغ‬
‫اٌ‪ ٗ١‬ؽشاط اٌذس‪ٚ‬ة ف‪ ٟ‬وً فجبػ ثّب وبْ ػٕذُ٘ ف‪ ٟ‬اٌّؾبي ِٓ االعزّبػبد اٌقبٌؾخ‬
‫‪ٚ‬اٌطبٌؾخ‪ ،‬فٍّب ‪ ٌٟٚ‬اٌظب٘ش أِش ثزجط‪ ً١‬رٌه وٍٗ ‪ٚ‬لبي ‪ " :‬أ‪ ٞ‬فبئذح ف‪ ٟ‬وؾف أؽ‪ٛ‬اي إٌبط‬
‫‪٘ٚ‬زه أعزبسُ٘ " ( ‪ٚ )6‬وبْ اٌخٍ‪١‬فخ لذ دخً ‪ِٛ٠‬بً اٌ‪ ٝ‬خضائٓ األِ‪ٛ‬اي فمبي اٌخبدَ ‪ " :‬ف‪ ٟ‬أ‪٠‬بِه‬
‫رّزٍئ‪ ،‬فمبي ٌٗ اٌخٍ‪١‬فخ ِب عؼٍذ اٌخضائٓ ٌزّزٍئ‪ ،‬ثً ٌزفشق ف‪ ٟ‬عج‪ ً١‬هللا " ( ٓٔ) ‪.‬‬

‫اْ لقش ِذح ؽىُ اٌخٍ‪١‬فخ اٌظب٘ش ثؤِش هللا وبٔذ عججبً ف‪ ٟ‬ػذَ أؽذاس رغ‪١١‬ش ف‪ ٟ‬اٌغ‪١‬بعخ‬
‫اٌخبسع‪١‬خ ٌٍخالفخ اٌؼجبع‪١‬خ‪ ،‬اال إٔٔب ‪ّ٠‬ىٓ أْ ٔالؽع ِٓ خالي ِب رمذَ أْ اٌخٍ‪١‬فخ اٌظب٘ش ػًّ‬
‫ػٍ‪ ٝ‬رم‪٠ٛ‬خ اٌغج‪ٙ‬خ اٌذاخٍ‪١‬خ ‪ٚ‬ر‪ٛ‬ؽ‪١‬ذ٘ب‪ٚ ،‬عؼً ِٓ ٘زٖ اٌغج‪ٙ‬خ داػّبً ل‪٠ٛ‬بً ٌٍخالفخ اٌؼجبع‪١‬خ ‪ٚ‬رٌه‬
‫ٌّ‪ٛ‬اع‪ٙ‬خ اٌخطش اٌّغ‪ ٌٟٛ‬اٌز‪ ٞ‬أخز ‪٠‬ضداد ‪ٙ٠ٚ‬ذد اٌخالفخ اٌؼجبع‪١‬خ‪ ،‬ر‪ٛ‬ف‪ ٟ‬اٌخٍ‪١‬فخ اٌظب٘ش ثؤِش‬

‫)ٔ) المصدر نفسه‪. ٔ9ٔ/ٖ،‬‬


‫)ٕ) سبط ابن الجوزي‪ ،‬المصدر السابق‪ ٕ7٘/ٕٕ ،‬؛ أبو شامه‪ ،‬الاٌل دلى الروضتٌن‪ ،‬ص٘ٗٔ ‪.‬‬
‫)ٖ) الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم ٖٗ‪ ٘/‬؛ سبط ابن الجوزي ‪ ،‬المصدر السابق‪ ٕ7٘/ٕٕ،‬؛ ابن كثٌر‪ ،‬المصدر‬
‫السابق‪. ٕٔ٘/ٕٔ،‬‬
‫)ٗ) السٌوطً‪ ،‬دبد الرحمن بن أبً بكر‪ ،‬تارٌخ الخلفاء‪ ،‬تحقٌق حمدي الدمرداشً‪ ،‬طٔ‪ ،‬مكتبة نزار‬
‫مصطفى الباز‪( ،‬د‪.‬م‪ ،)ٕٓٓٗ ،‬صٕٖٗ ‪.‬‬
‫)٘) أبو شامه‪ ،‬الاٌل دلى ا لروضتٌن‪ ،‬ص ٘ٗٔ ‪.‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن األثٌر ‪،‬المصدر السابق‪ ٗٓٔ/ٔٓ،‬؛السٌوطً‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬صٕٖٗ‬
‫)‪ )7‬سبط ابن الجوزي‪ ،‬المصدر السابق‪ ٕ7٘/ٕٕ،‬؛ ابو شامه‪ ،‬الاٌل دلى الروضتٌن‪ ،‬ص٘ٗٔ ‪..‬‬
‫)‪ )1‬ابن واصل‪ ،‬المصدر السابق‪ ٔ7ٔ/ٗ،‬؛ابن كثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪ ٕٔٙ/ٕٔ،‬؛السٌوطً‪ ،‬المصدر‬
‫السابق‪ ،‬صٕٖٗ ‪.‬‬
‫)‪ )9‬ابن كثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٔٙ/ٕٔ،‬‬
‫)ٓٔ) سبط ابن الجوزي ‪ ،‬المصدر السابق‪ ٕ1ٖ/ٕٕ،‬؛ أبو شامه‪ ،‬الاٌل دلى الروضتٌن‪ ،‬ص‪.ٔٗ9‬‬
‫ٗٔ‬
‫هللا ف‪ ٟ‬اٌضبٌش ػؾش ِٓ ؽ‪ٙ‬ش سعت عٕخ(ٖٕ‪٘ٙ‬ـ‪ٚ ،)َٕٕٔٙ/‬وبٔذ ِذح خالفزٗ رغؼخ اؽ‪ٙ‬ش( ٔ) ‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫اٌخٍ‪١‬فخ اٌؼجبع‪ ٟ‬اٌّغزٕقش ثبهلل (ٖٕ‪٘ٙٗٓ- ٙ‬ـ‪ )َٕٕٔٗ- ٕٕٔٙ/‬أث‪ ٛ‬عؼفش ِٕق‪ٛ‬س ثٓ‬
‫اٌظب٘ش ثؤِش هللا‪ ،‬ث‪٠ٛ‬غ ثبٌخالفخ ثؼذ ِ‪ٛ‬د أث‪ ٗ١‬فٕؾش اٌؼذي ف‪ ٟ‬اٌشػب‪٠‬ب ‪ٚ‬ثزي األٔقبف ف‪ٟ‬‬
‫اٌمنب‪٠‬ب ‪ٚ‬لشة أً٘ اٌؼٍُ ‪ٚ‬اٌذ‪ٚ ،)ٕ ( ٓ٠‬عبس ع‪١‬شح أث‪ ٗ١‬ثبٌخ‪١‬ش ‪ٚ‬اإلؽغبْ ( ٖ)‪ٚ ،‬أِش فٕ‪ٛ‬د‪ ٞ‬ف‪ٟ‬‬
‫ثغذاد ِٓ وبْ ٌٗ ؽبعخ أ‪ِ ٚ‬ظٍّخ رمن‪ ٝ‬ؽبعزٗ ‪ٚ‬رىؾف ِظٍّزٗ ( ٗ) ‪ٚ،‬وبْ عذٖ إٌبفش لذ‬
‫عّغ ِب ‪٠‬ؾقً ػٍ‪ ِٓ ٗ١‬ر٘ت ف‪ ٟ‬ثشوخ ف‪ ٟ‬داس اٌخالفخ‪ٚ ،‬وبْ ‪٠‬م‪ٛ‬ي‪ ً٘ " :‬أػ‪١‬ؼ ؽز‪ ٝ‬رّزٍئ‬
‫اٌجشوخ "‪ٌّٚ ،‬ب ‪ ٌٟٚ‬اٌّغزٕقش ‪ٚ‬لف ػٍ‪ ٝ‬ؽبفخ ٘زٖ اٌجشوخ فمبي‪ " :‬أرش‪ ٜ‬أػ‪١‬ؼ ؽز‪ ٝ‬أفم‪ٙ‬ب‬
‫وٍ‪ٙ‬ب " ( ٘)‪ٚ ،‬وبْ ِز‪ٛ‬دداً اٌ‪ ٝ‬إٌبط‪ٚ ،‬وبْ اوضش اٌخٍفبء أفبلبً ػٍ‪ ٝ‬ر‪ ٞٚ‬اٌؾبعبد ( ‪ ،)ٙ‬ػًّ‬
‫ػٍ‪ ٝ‬ثٕبء اٌّذاسط ‪ٚ‬اٌّغبعذ ‪ٚ‬اٌشثو ‪ٚ‬د‪ٚ‬س اٌن‪١‬بفخ ٌٍفمشاء ( ‪ٚ، )4‬ػًّ ػٍ‪ٔ ٝ‬ؾش اٌغٕٓ ‪ٚ‬وف‬
‫اٌفزٓ‪ٚ ،‬وبْ اٌؼٍّبء ‪٠‬غبػذ‪ ٗٔٚ‬ػٍ‪ ٝ‬رٌه ( ‪ٚ، )1‬لذ ر‪ٛ‬صمذ ػاللخ اٌؼٍّبء ثبٌخٍ‪١‬فخ اٌّغزٕقش ثبهلل‬
‫ثبهلل ثغجت ػذَ رؼقجٗ ٌّز٘ت ِؼ‪ٚ، )6 ( ٓ١‬وزٌه ثغجت ثٕبئٗ ٌٍّذسعخ اٌّغزٕقش‪٠‬خ اٌز‪ٟ‬‬
‫اعزمجٍذ ػذداً وج‪١‬شاً ِٓ اٌؼٍّبء ِٓ وً اٌّزا٘ت ( ٓٔ)‪ٚ ،‬وبْ عذٖ إٌبفش ‪ٍ٠‬مجٗ ثبٌمبم‪ٌّ ٟ‬ب‬
‫وبْ ‪٠‬زّ‪١‬ض ثٗ ِٓ د٘بء ‪ٚ‬ؽىّخ ( ٔٔ) ‪ٚ،‬وبْ ِؾجبً ٌٍؼٍ‪ٚ ،َٛ‬لذ أؾؤ خضأخ وزت ف‪ ٟ‬داس اٌخالفخ‬
‫عّغ ف‪ٙ١‬ب أٔ‪ٛ‬اع اٌؼٍ‪، )ٕٔ ( َٛ‬وّب اِش ثجٕبء اٌّذسعخ اٌّغزٕقش‪٠‬خ اٌز‪ ٟ‬رؼذ ِٓ أ ُ٘ أغبصاد‬
‫اٌخٍ‪١‬فخ اٌّغزٕقش ‪.‬‬

‫‪٠‬م‪ٛ‬ي اٌز٘ج‪ " :ٟ‬ؽشػ‪ٛ‬ا ف‪ ٟ‬أعبط اٌّغزٕقش‪٠‬خ ثجغذاد عٕخ عزّبئخ ‪ٚ‬خّظ ‪ٚ‬ػؾش‪" ْٚ‬‬
‫( ٖٔ) ‪ٚ،‬ر‪ ٌٝٛ‬ػّبسر‪ٙ‬ب أعزبر داس اٌخالفخ ِئ‪٠‬ذ اٌذ‪ ٓ٠‬أث‪ ٛ‬هبٌت اٌؼٍمّ‪ٚ ،)ٔ ( ٟ‬وبٔذ ٘زٖ اٌّذسعخ‬

‫)ٔ) ابن الدبٌثً‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬صٕٕٔ ؛ الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم‪ ٔ7/ٗ٘ ،‬؛ الاهبً ‪،‬العبر‪. ٔ9ٔ/ٖ ،‬‬
‫)ٕ) ابن تؽري بردي‪ ،‬أبو المحاسن جمال ال دٌن‪ ،‬النجوم الزاهرة فً ملوك مصر والقاهرة‪ ،‬وزارة الثقافة‬
‫واإلرشاد القومً‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار الكتب‪(،‬مصر‪ ،‬د‪.‬ت)‪،‬ج‪،ٙ‬صٖ٘ٗ ؛السٌوطً‪ ،‬المصدر السابق‪،‬صٕٖ٘‬
‫)ٖ) ابن خلدون‪ ،‬دبدالرحمن بن محمد‪ ،‬العبر ودٌوان المبتدأ والخبر فً تارٌخ العرب والبربر ومن‬
‫داصرهم من اوي الشؤن األكبر‪ ،‬تحقٌق خلٌل شحادل‪،‬طٕ‪ ،‬دار الفكر‪( ،‬بٌروت‪،)ٔ911 ،‬جٖ‪،‬ص ٔ‪ ٙٙ‬؛‬
‫ابن واصل‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔ97/ٗ،‬‬
‫)ٗ) ابن األثٌر ‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗٔٗ/ٔٓ،‬‬
‫)٘) ابن كثٌر ‪ ،‬المصدر السابق‪. 1ٙ/ٖٔٔ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬اال ربلً‪ ،‬دبد الرحمن سنبط منٌتو‪ ،‬خبلصة الاهب المسبوك مختصر من سٌر الملوك‪ ،‬ومؾ دلى‬
‫طبادته وتصحٌحه مكً السٌد جاسم‪ ،‬طٕ‪ ،‬مطبعة القدٌس جاو جٌورس ‪(،‬بٌروت‪ ،)ٔ9ٙٗ ،‬ص‪ ٕ1ٙ‬؛ابن‬
‫كثٌر ‪،‬المصدر السابق‪. ٔ1ٙ/ٖٔ،‬‬
‫)‪ )7‬ابن شاكر ‪ ،‬صبلح الدٌن محمد بن احمد‪ ،‬فوات الوفٌات ‪ ،‬تحقٌق إحسان دباس‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار‬
‫صادر‪(،‬بٌروت‪،)ٔ97ٖ،‬جٗ‪،‬صٓ‪. ٔ7‬‬
‫)‪ )1‬المصدر نفسه‪. ٔ7ٓ/ٗ،‬‬
‫)‪ )9‬سبط ابن الجوزي‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖ7ٙ/ٕٕ،‬‬
‫)ٓٔ) االربلً‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. ٕ17‬‬
‫)ٔٔ) ابن الكازرونً‪ ،‬ظهٌر الدٌن دلً بن محمد‪ ،‬مختصر التارٌخ من أول الزمان إلى منتهى دولة بنً‬
‫العباس‪ ،‬تحقٌق مصطفى جواد‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬المإسسة العامة للصحافة والطبادة ‪(،‬بؽداد‪ ،)ٔ97ٓ ،‬ص‪. ٕ٘9‬‬
‫)ٕٔ) االربلً‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪ ٕ1ٙ‬؛ ابن الكازرونً‪ ،‬مختصر التارٌخ‪ ،‬ص ‪. ٕ٘9‬‬
‫)ٖٔ) الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم ‪.ٕ7/ٕ٘،‬‬
‫٘ٔ‬
‫اٌّذسعخ أ‪ٚ‬ي ِذسعخ رغّغ اٌّزا٘ت اٌفم‪١ٙ‬خ األسثؼخ ف‪ ٟ‬ثٕب‪٠‬خ ‪ٚ‬اؽذح‪ِ ،‬خبٌفخ عّ‪١‬غ اٌّذاسط‬
‫اٌز‪ ٟ‬وبٔذ عبئذح ف‪ ٟ‬رٍه اٌؾمجخ ‪ٚ‬اٌز‪ ٟ‬وبٔذ ال رغّؼ ثذخ‪ٛ‬ي اال أثٕبء اٌّز٘ت اٌز‪ ٞ‬ثٕ‪١‬ذ ِٓ‬
‫أعٍٗ ( ٕ) ‪.‬‬

‫‪ٚ‬ف‪ ٟ‬عٕخ (ٖٔ‪٘ٙ‬ـ‪ ،)َٕٖٔٗ/‬اوزًّ ثٕبء اٌّغزٕقش‪٠‬خ ( ٖ) ‪ٚ ،‬لذ ؽنش افززبػ اٌّذسعخ‬
‫اٌخٍ‪١‬فخ اٌّغزٕقش ثبهلل‪ٚ ،‬ؽنش ِؼٗ األِشاء ‪ٚ‬اٌ‪ٛ‬صساء ‪ٚ‬اٌمنبح ‪ٚ‬ؽنش اٌفم‪ٙ‬بء ‪ٚ‬اٌؾؼشاء ( ٗ)‪،‬‬
‫‪ٚ‬لذ عؼً ف‪ٙ١‬ب خضأخ اٌىزت ‪ٚ‬اؽز‪ٛ‬د ػٍ‪ ٝ‬أفظ اٌىزت ف‪ِ ٟ‬خزٍف أٔ‪ٛ‬اع اٌؼٍ‪ٚ ،َٛ‬لذ ‪ٚ‬فً ِب‬
‫ٔمً اٌ‪ ِٓ ٗ١‬وزت ِبئز‪ٚ ٓ١‬رغؼ‪ ٓ١‬ؽّالً ( ٘)‪ٔٚ ،‬ز‪١‬غخ ٌؾت اٌخٍ‪١‬فخ ٌٍؼٍُ فب ٔٗ ٌُ ‪٠‬غؼً ٘زٖ اٌىزت‬
‫ؽىشاً ػٍ‪ ٝ‬أً٘ ٘زٖ اٌّذسعخ‪ ،‬ثً وبْ ‪٠‬غّؼ ثبخشاط ٘زٖ اٌىزت خبسط اٌّذسعخ ٌّٓ ‪٠‬ش‪٠‬ذ‪ْٚ‬‬
‫االعزفبدح ِٓ ٘زٖ اٌىزت ( ‪ٔٚ ، )ٙ‬ز‪١‬غخ ٌزٌه أفجؾذ ٘زٖ اٌّذسعخ " وؼجخ اٌؼٍُ ‪ِٚ‬ؾو أسثبة‬
‫اٌشغجخ اٌ‪ٚ ٗ١‬االؽزغبي ثٗ " ( ‪٠ٚ ،)4‬زوش أ ؽذ اٌّئسخ‪ ٓ١‬أْ اٌّغزٕقش ثبهلل أ‪ٚ‬ي خٍ‪١‬فخ عّغ ف‪ٟ‬‬
‫آْ ‪ٚ‬اؽذ اٌّزا٘ت اٌفم‪١ٙ‬خ األسثؼخ ‪ٚ ،‬ػٍ‪ َٛ‬اٌمشاْ ‪ٚ‬اٌغٕٗ إٌج‪٠ٛ‬خ ‪ٚ‬ػٍُ اٌطت ‪ٚ‬اٌؼشث‪١‬خ‬
‫‪ٚ‬اٌش‪٠‬بم‪١‬بد ‪ٚ‬اٌفشائل ‪ٚ‬عؼٍ‪ٙ‬ب ف‪ِ ٟ‬ىبْ ‪ٚ‬اؽذ ( ‪ ، )1‬وّب ػًّ اٌخٍ‪١‬فخ اٌّغزٕقش ثبهلل ػٍ‪ٝ‬‬
‫رٕظ‪ ُ١‬اٌّذسعخ اٌّغزٕقش‪٠‬خ رٕظ‪ّ١‬بً ع‪١‬ذاً ِٓ ؽ‪١‬ش اإلداسح‪ٚ ،‬اٌزذس‪٠‬ظ‪ٚ ،‬عؼً ف‪ٙ١‬ب ػذداً وج‪١‬شاً‬
‫ِٓ اٌّ‪ٛ‬ظف‪ ٓ١‬فمذ اؽز‪ٛ‬د ػٍ‪ ٝ‬ػذد ِٓ اٌج‪ٛ‬اث‪ٚ ،ٓ١‬اٌفشاؽ‪ٚ ،ٓ١‬اٌطجبخ‪. )6 ( ٓ١‬‬

‫أِب ػٍ‪ ٝ‬اٌقؼ‪١‬ذ اٌؼغىش‪ ٞ‬فبْ اٌخٍ‪١‬فخ اٌّغزٕقش ػًّ ػٍ‪ ٝ‬ر‪ٛ‬ع‪١‬غ اٌخالفخ‪ ،‬فمذ اعزغً‬
‫اٌخٍ‪١‬فخ اٌؼجبع‪ِٛ ٟ‬د فبؽت اسثً فبسعً ػغبوشٖ ِٓ أعً اٌغ‪١‬طشح ػٍ‪ٙ١‬ب‪ٚ ،‬رُ ٌ‪ ُٙ‬رٌه‬
‫فذخٍ‪٘ٛ‬ب عٕخ (ٖٓ‪٘ٙ‬ـ‪ ،)ٔٓ ( )َٕٖٖٔ/‬وّب أ ٔٗ اسعً ؽٍّخ اٌ‪ ٝ‬ػبٔٗ ‪ٚ‬ع‪١‬طش ػٍ‪ٙ١‬ب عٕخ‬
‫(‪ٖ٘ٙ4‬ـ‪. )ٔٔ ( )َٕٔٗٓ/‬‬

‫‪ٚ‬لذ ػّ ً اٌخٍ‪١‬فخ اٌّغزٕقش ػٍ‪ ٝ‬عّغ اٌغ‪ٛ١‬ػ‪ٚ ،‬االعزؼذاد ٌّ‪ٛ‬اع‪ٙ‬خ اٌّغ‪ٛ‬ي ( ٕٔ) ‪ ،‬اٌز‪ٓ٠‬‬
‫افجؾ‪ٛ‬ا ‪٠‬ؾىٍ‪ ْٛ‬اٌخطش األوجش ػٍ‪ ٝ‬اٌخالفخ اٌؼجبع‪١‬خ‪ ،‬خبفخ ثؼذ عم‪ٛ‬ه اٌذ‪ٌٚ‬خ اٌخ‪ٛ‬اسصِ‪١‬خ‬

‫)ٔ) ابن الفوطً‪ ،‬كمال الدٌن أبو الفضل دبد الرزاق بن أ حمد‪ ،‬الحوادث الجامعة والتجارب النافعة فً المابة‬
‫السابعة‪ ،‬تحقٌق بشار دواد معروؾ ودماد دبد السبلم رإؾ‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار رشٌد للنشر‪(،‬د‪.‬م‪ٖٔ1ٖ ،‬هـ)‪،‬‬
‫صٗٔ ‪ ،‬ابن العلقمً هو محمد بن محمد بن دلً بن أبً طالب‪ ،‬كان مشرؾ دار التشرٌفات ثم تولى أستاا‬
‫دار الخلٌفة المستنصر باهلل‪ ،‬ثم تولى الوزارة فً دهد المستعصم باهلل مدة اربع دشرة سنة‪ ،‬الاهبً‪ ،‬تارٌخ‬
‫إالسبلم‪. 1ٗٔ/ٔٗ،‬‬
‫)ٕ) معروؾ‪ ،‬ناجً‪ ،‬تارٌخ دلماء المستنصرٌة‪ ،‬طٔ‪،‬مطبعة العانً ‪(،‬بؽداد‪ ،)ٔ9٘9 ،‬صٕ؛ االربلً‪،‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. ٕ17‬‬
‫)ٖ) ابن الفوطً‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬ص ٓ‪. 1‬‬
‫)ٗ) ابن كثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٔٙ/ٖٔ،‬‬
‫)٘) االربلً‪ ،‬المصدر السابق ‪،‬ص ‪. ٕ11‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن الكازرونً ‪،‬مختصر التارٌخ ‪،‬ص ٓ‪. ٕٙ‬‬
‫)‪ )7‬المصدر نفسه‪. ٕٙٓ ،‬‬
‫)‪ )1‬معروؾ‪ ،‬تارٌخ دلماء المستنصرٌة‪ ،‬صٖ ‪.‬‬
‫)‪ )9‬بشار الدٌن ‪،‬معروؾ ‪،‬حضارة العراق ‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار الحرٌة‪( ،‬بؽداد‪ ،)ٔ91ٗ ،‬صٓٔٔ ‪.‬‬
‫)ٓٔ) ابن الفوطً‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬صٓ‪. 7‬‬
‫)ٔٔ) المصدر نفسه ‪ ،‬ص ٖٔٔ ‪.‬‬
‫)ٕٔ) الجمٌلً‪ ،‬حسٌ ن حدٌس ‪،‬دصر الخلٌفة المستنصر باهلل (ٖٕ‪ٙ‬هـ‪ٕٕٔٙ/‬م ‪ٙٗٓ-‬هـ‪ٕٕٔٗ/‬م) رسالة‬
‫ماجستٌر(ؼٌر منشورة)‪،‬كلٌة اآل داب‪ ،‬جامعة الموصل‪ ،)ٔ919( ،‬صٗ‪.ٙ‬‬
‫‪ٔٙ‬‬
‫عٕخ (‪ٖ٘ٙ6‬ـ‪ ، )ٔ ( )َٕٕٔٗ/‬وّب ؽب‪ٚ‬ي اٌخٍ‪١‬فخ أْ ‪٠‬قٍؼ ث‪ ٓ١‬أِشاء األهشاف ‪ٚ‬أْ ‪٠‬غّؼ‪ُٙ‬‬
‫رؾذ سا‪٠‬خ اٌخالفخ ٌّ‪ٛ‬اع‪ٙ‬خ اٌخطش اٌّغ‪ ٌٟٛ‬أ‪ ٚ‬أ‪ ٞ‬خطش آخش‪ٚ ،‬لذ فؾً ف‪ ٟ‬رؾم‪١‬ك ٘زٖ اٌّ‪ّٙ‬خ‬
‫‪ِّ ،‬ب دفؼٗ ٌالػزضاي ‪ٚ‬ػذَ اٌخش‪ٚ‬ط اال ٔبدساً ( ٕ) ‪.‬‬

‫ر‪ٛ‬ف‪ ٟ‬اٌخٍ‪١‬فخ اٌّغزٕقش ثبهلل ف‪ ٟ‬عّبد‪ ٞ‬األخش عٕخ(ٓٗ‪٘ٙ‬ـ‪ِٚ ،)َٕٕٔٗ/‬ذح خالفزٗ عجغ‬
‫ػؾشح عٕخ اال ؽ‪ٙ‬شاً ( ٖ) ‪٠ ٌُٚ ،‬ؼ‪ٙ‬ذ ث‪ٛ‬ال‪٠‬خ اٌؼ‪ٙ‬ذ الؽذ‪ٌٚ ،‬ؼٍٗ وبْ ‪٠‬ؾب‪ٚ‬ي أْ ‪ّٙ٠‬ذ اٌظش‪ٚ‬ف‬
‫إلػالْ اٌج‪١‬ؼخ ألخ‪ ٗ١‬اٌخفبع‪ ،ٟ‬اٌز‪ ٞ‬ػشف ثبٌؾ‪ٙ‬بِخ ‪ٚ‬اٌؾغبػخ‪٠ ،‬م‪ٛ‬ي اثٓ ‪ٚ‬افً ػٕٗ‪ :‬أٗ‬
‫ّ‬
‫ألػجشْ ثبٌؼغبوش ٔ‪ٙ‬ش ع‪١‬ؾ‪ٚ ْٛ‬أزضع اٌجالد ِٓ‬ ‫وبْ ‪٠‬م‪ٛ‬ي‪ " :‬اْ ٍِىٕ‪ ٟ‬هللا رؼبٌ‪ ٝ‬أِش األِخ‬
‫أ‪٠‬ذ‪ ٞ‬اٌززبس ‪ٚ‬أعزؤفٍ‪ ُٙ‬لزالً ‪ٚ‬عج‪١‬بً " ( ٗ)‪ ،‬اال أْ اٌّزغٍج‪ ٓ١‬ػٍ‪ ٝ‬اٌخالفخ ٌُ ‪٠‬شغج‪ٛ‬ا رمٍ‪١‬ذٖ اٌخالفخ‬
‫اٌخالفخ خ‪ٛ‬فبً ِٕٗ‪ٚ ،‬آصش‪ٚ‬ا أْ ‪ٙ١ٍ٠‬ب أث‪ ٛ‬اؽّذ ػجذهللا ثٓ اٌّغزٕقش‪ٌّ ،‬ب ‪٠‬ؼٍّ‪ٚ ،ٕٗ١ٌ ِٓ ٗٔٛ‬ثزٌه‬
‫‪٠‬ى‪ ْٛ‬األِش وٍٗ ثؤ‪٠‬ذ‪. )٘ ( ُٙ٠‬‬

‫اٌخٍ‪١‬فخ اٌؼجبع‪ ٟ‬اٌّغزؼقُ ثبهلل (ٓٗ‪٘ٙ٘ٙ- ٙ‬ـ‪ ،)َٕٔ٘1- ٕٕٔٗ/‬أث‪ ٛ‬أؽّذ ػجذهللا ثٓ‬
‫اٌّغزٕقش ثبهلل‪ ،‬ارفمذ أساء أس ثبة اٌذ‪ٌٚ‬خ ػٍ‪ ٝ‬رمٍ‪١‬ذٖ اٌخالفخ ثؼذ ِ‪ٛ‬د أث‪ٌٚ ٗ١‬مج‪ ٖٛ‬ثبٌّغزؼقُ‬
‫ثبهلل ( ‪ٚ، )ٙ‬وبْ ٌٗ ِٓ اٌؼّش صالص‪ ْٛ‬عٕخ ( ‪ٚ ،)4‬وبْ ِزذ‪ٕ٠‬بً ِزّغىبً ثّز٘ت أ ً٘ اٌغٕخ ‪ٚ‬اٌغّبػخ‪،‬‬
‫‪ٚ‬اٌغّبػخ‪ ،‬ػٍ‪ِ ٝ‬ب وبْ ػٍ‪ٚ ٗ١‬اٌذٖ ‪ٚ‬عذٖ ( ‪ٚ ،)1‬وبْ ؽبفظبً ٌٍمشآْ ػبوفبً ػٍ‪ ٝ‬رال‪ٚ‬رٗ‪ِٛ ،‬اظجبً‬
‫ػٍ‪ ٝ‬اٌقالح ف‪ ٟ‬أ‪ٚ‬لبر‪ٙ‬ب ( ‪ٚ ،)6‬وبْ ظب٘ش اٌؾ‪١‬بء فبٌؾبً د‪ٕ٠‬بً ال ‪٠‬زؼشك ثؾ‪ٟ‬ء ِٓ إٌّىش‪،‬‬
‫( ٔٔ)‬
‫ؽش‪٠‬ف إٌفظ وش‪ ُ٠‬اٌطجبع ( ٓٔ)‪ٚ ،‬وبْ فبمالً‪ٚ ،‬وش‪ّ٠‬بً‪ٚ ،‬ؽٍ‪ّ١‬بً‪ ،‬عٍ‪ ُ١‬اٌقذس ؽغٓ اٌ‪١ٙ‬ئخ‬
‫‪.‬‬

‫ا ْ ِب روش ِٓ أخالق ه‪١‬جخ ‪ٚ‬ففبد ؽغٕخ ‪٠‬غّغ ػٍ‪ٙ١‬ب أغٍت اٌّئسخ‪ ٓ١‬ؽز‪ ٝ‬اثٓ‬
‫اٌطمطم‪ ٟ‬اٌز‪ ٞ‬لبي ػٕٗ‪ " :‬وبْ اٌّغزؼقُ سعالً خ‪١‬شاً ِزذ‪ٕ٠‬بً ٌ‪ ٓ١‬اٌغبٔت ع‪ ًٙ‬اٌؼش‪٠‬ىخ ػف‪١‬ف‬

‫)ٔ) الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم ‪. ٗٗ/ٗٙ ،‬‬


‫)ٕ) فوزي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. ٕٗ1‬‬
‫)ٖ) ابن الوردي‪ ،‬دمر بن مظفر بن دمر‪ ،‬تارٌخ ابن الوردي‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة ‪(،‬بٌروت‪،)ٔ99ٙ،‬‬
‫جٕ‪ ،‬ص‪. ٔٙ1‬‬
‫)ٗ) ابن واصل ‪،‬المصدر السابق‪. ٖٔ1/٘،‬‬
‫)٘) المصدر نفسه‪.ٖٔ1/٘ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬أبو الفداء‪ ،‬دماد الدٌن إسمادٌل ‪ ،‬المختصر فً تارٌخ البشر‪،‬طٔ ‪،‬المطبعة الحسٌنٌة ‪ (،‬مصر ‪،‬د‪.‬ت)‪،‬‬
‫جٖ‪ ،‬صٔ‪.. ٔ7‬‬
‫)‪ )7‬ابن كثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪.ٔ11/ٖٔ ،‬‬
‫)‪ )1‬ابن واصل ‪ ،‬المصدر السابق‪ ،ٖٕٔ/٘ ،‬الٌونٌنً‪ ،‬مطب الدٌن أ بو الفتوح ‪،‬اٌل مرآة الزمان ‪ ،‬بعناٌة‬
‫وزارة التحقٌقات الحكمٌة واأل مور الثقافٌة للحكومة الهندٌة‪ ،‬طٕ‪ ،‬دار الكتاب العربً‪(،‬القاهرة ‪،)ٔ99ٕ،‬‬
‫ص٘‪. 1‬‬
‫)‪ )9‬االربلً‪ ،‬المصدر السابق ‪،‬صٔ‪. ٕ9‬‬
‫)ٓٔ) ابن الكازرونً‪ ،‬مختصر التارٌخ ‪ ٕٙ1،‬ص ‪.‬‬
‫)ٔٔ) الاهبً‪ ،‬سٌر ‪. ٔ7٘/ٕٖ ،‬‬
‫‪ٔ7‬‬
‫اٌٍغبْ‪ ،‬ؽًّ وزبة هللا رؼبٌ‪ٚ ،ٝ‬وبْ ع‪ ًٙ‬األخالق‪ٚ ،‬خف‪١‬ف اٌ‪ٛ‬هؤح " ( ٔ)‪ٚ ،‬لذ ِؾذ األِ‪ٛ‬س‬
‫ف‪ ٟ‬أ‪٠‬بِٗ ػٍ‪ ٝ‬اٌغذاد ‪ٚ‬االعزمبِخ ( ٕ) ‪.‬‬
‫فجٕ‪ ٝ‬اٌشثو ‪ٚ‬اٌّذاسط ( ٖ)‪ ،‬وّب أِش ثؤْ رقٍؼ عّ‪١‬غ ا‪٢‬ثبس اٌز‪ ٟ‬ػٍ‪ ٝ‬هش‪٠‬ك اٌؾظ‪ ،‬ثؼذ‬
‫أْ رذِشد ٔز‪١‬غخ ر‪ٛ‬لف اٌؾظ ِٓ عٕخ (ٖٗ‪٘ٙ‬ـ‪ ،)ٗ ( )َٕٖٔ4/‬فمذ افز‪ ٝ‬اٌفم‪ٙ‬بء ف‪٘ ٟ‬زٖ اٌغٕخ‬
‫أٔٗ ا را ارفك اٌؾظ ‪ٚ‬اٌغ‪ٙ‬بد لذَ اٌغ‪ٙ‬بد ػٍ‪ ٝ‬اٌؾظ‪ ،‬فبثطً اٌؾظ ِٓ ٘زٖ اٌغٕخ اٌ‪ٙٔ ٝ‬ب‪٠‬خ خالفخ‬
‫اٌّغزٕقش ثبهلل ( ٘) ‪،‬فنالً ػٓ رٌه فبْ اٌّغزؼقُ ثبهلل أوًّ ع‪ٛٙ‬د ‪ٚ‬اٌذٖ ف‪ ٟ‬ر‪ٛ‬ؽ‪١‬ذ اٌغج‪ٙ‬خ‬
‫اٌذاخٍ‪١‬خ ٌ ٍخالفخ اٌؼجبع‪١‬خ ‪ٚ‬خبفخ ث‪ ٓ١‬اٌؾبِ‪ٚ ٓ١١‬اٌّقش‪. )ٙ ( ٓ١٠‬‬

‫‪ٚ‬ػٍ‪ ٝ‬اٌشغُ ِٓ ِب روشٔبٖ ِٓ ِؾبعٓ اٌخٍ‪١‬فخ اال أْ ِمذسرٗ اٌغ‪١‬بع‪١‬خ ‪ٚ‬وفبءرٗ ف‪ٟ‬‬
‫اٌؾىُ مؼ‪١‬فخ‪ ،‬ف‪١‬م‪ٛ‬ي اثٓ وض‪١‬ش‪ " :‬وبْ ف‪ٚ ٓ١ٌ ٗ١‬ػذَ ر‪١‬مع ‪ِٚ‬ؾجخ ٌٍّبي ‪ٚ‬عّؼٗ " ( ‪ٚ ، )4‬لبي ػٕٗ‬
‫ػٕٗ اثٓ اٌؼجش‪ " :ٞ‬وبْ مؼ‪١‬ف اٌشأ‪، ٞ‬لٍ‪ ً١‬اٌؼضَ‪ ،‬وض‪١‬ش اٌغفٍخ ػّب ‪٠‬غت ٌزذث‪١‬ش اٌذ‪ٚ‬ي " ( ‪، )1‬‬
‫‪ٚ ،‬لبي فبؽت وزبة اٌ‪ٛ‬اف‪ ٟ‬ثبٌ‪ٛ‬ف‪١‬بد‪ :‬ا ٔٗ " لٍ‪ ً١‬اٌّؼشفخ ‪ٚ‬اٌزذث‪١‬ش ‪ٚ‬اٌز‪١‬مع ٔبصي اٌ‪ّٙ‬خ ِ‪ّٙ‬الً‬
‫‪ٚ‬وً أِ‪ٛ‬سٖ اٌىٍ‪١‬بد اٌ‪ ٝ‬غ‪١‬ش األوفبء ‪ٚ‬اًّ٘ ِب ‪٠‬غت ػٍ‪ٗ١‬‬ ‫َ‬ ‫ٌألِ‪ٛ‬س " ( ‪ٚ ، )6‬لبي ػٕٗ االسثٍ‪" :ٟ‬‬
‫ػٍ‪ ٗ١‬ؽفظٗ ‪ٚ‬إٌظش ف‪. )ٔٓ ( " ٗ١‬‬

‫‪٠ٚ‬ش‪ ٜ‬أ ؽذ اٌجبؽض‪ ٓ١‬أْ اٌخٍ‪١‬فخ اٌّغزؼقُ ػغض ػٓ ا‪٠‬غبد ؽً ٌٍزٕبؽشاد اٌغ‪١‬بع‪١‬خ‬
‫‪ٚ‬اٌّز٘ج‪١‬خ ث‪ ٓ١‬أفؾبة إٌف‪ٛ‬ر ف‪ ٟ‬د‪ٌٚ‬زٗ‪ٚ ،‬وبْ ٌزٍه اٌزٕبؽشاد أ صش٘ب اٌغ‪ٟ‬ء ف‪ ٟ‬امطشاة‬
‫األِ‪ٛ‬س‪ٚ ،‬رم‪٠ٛ‬ل عٍطخ اٌخالفخ ( ٔٔ) ‪ ،‬وّب ػًّ ػٍ‪ ٝ‬رمٍ‪١‬ـ ػذد اٌغٕ‪ٛ‬د ٌ‪١‬ذفغ األِ‪ٛ‬اي ٌٍززبس‪،‬‬
‫ؽز‪ ٝ‬أفجؼ رؼذاد اٌفشعبْ ف‪ ٟ‬ع‪١‬ؼ اٌخالفخ اٌؼجبع‪١‬خ ألً ِٓ ػؾش‪ ٓ٠‬اٌف ثؼذ أْ وبْ ف‪ٟ‬‬
‫صِٓ اٌّغزٕقش ثبهلل ِبئخ اٌف فبسط ( ٕٔ)‪ ،‬ا ْ اٌّئ‪٠‬ذ‪ٌ ٓ٠‬غ‪١‬بعخ رمٍ‪ ً١‬ػذد اٌغٕ‪ٛ‬د وبٔ‪ٛ‬ا ‪٠‬م‪ٌْٛٛ‬‬
‫ٌٍخٍ‪١‬فخ‪٘ " :‬زٖ اٌطبئفخ – ‪٠‬مقذ‪ ْٚ‬اٌززبس ‪ -‬لذ ٍِى‪ٛ‬ا ِؼظُ ثالد اإلعالَ ‪٠ ٌُٚ‬مف اؽذ اٌٍّ‪ٛ‬ن‬

‫)ٔ) ابن الطقطقً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٔ7،‬‬


‫)ٕ) ابن كثٌر ‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔ11/ٖٔ ،‬‬
‫)ٖ) ابن الكازرونً‪ ،‬مختصر التارٌخ‪ ،‬ص‪ ٕٙ9‬؛ا لؽسانً‪ ،‬الملك األشرؾ‪ ،‬العسجد المسبوك والجوهر‬
‫المحكوك فً طبقات الخلفاء والملوك‪ ،‬تحقٌق شاكر محمود دبد المنعم‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار التراث‬
‫اإلسبلمً‪(،‬بٌروت‪ ،)ٔ97٘ ،‬ص٘ٓ٘ ‪.ٖ٘ٔ-‬‬
‫)ٗ) ابن الفوطً ‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬صٕٕٓ ‪.‬‬
‫)٘) الاهبً ‪ ،‬تارٌخ إالسبلم‪. ٖ9- ٕٔ/ٗٙ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬المقرٌزي‪ ،‬أ حمد بن دلً بن دبد القادر‪ ،‬السلوك لمعرفة دول الملوك‪ ،‬تحقٌق محمد دبد القادر دطا‪،‬‬
‫طٔ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪(،‬بٌروت‪،)ٔ997 ،‬جٔ‪،‬ص ٕٓٗ ؛ سبط ابن الجوزي‪ ،‬المصدر السابق‪، ٕٖٗ/ٕٕ،‬‬
‫ابو الفداء‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔ9ٓ/ٖ،‬‬
‫)‪ )7‬البداٌة والنهاٌة ‪. ٕٖ1/ٖٔ،‬‬
‫)‪ )1‬ابن العبري‪ ،‬أبو الفرج ٌوحنا ابن هارون‪ ،‬تارٌخ مختصر الدول‪ ،‬تحقٌق انطوان صالحانً الٌسوع‪ ،‬طٖ‪،‬‬
‫طٖ‪ ،‬دار الشرق‪( ،‬بٌروت‪ ،)ٔ99ٕ ،‬ص ٕٗ٘ ‪.‬‬
‫)‪ )9‬ابن شاكر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٖٔ/ٕ ،‬‬
‫)ٓٔ) االربلً‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬صٔ‪. ٕ9‬‬
‫)ٔٔ) طقوش‪ ،‬محمد سهٌل‪ ،‬تارٌخ الدولة العباسٌة‪ ،‬ط‪ ،7‬دار النفابس‪( ،‬بٌروت‪ ،)ٕٓٓ1 ،‬ص ٕٔ٘‬
‫)ٕٔ) أبو الفداء‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔ9ٗ/ ٖ ،‬‬
‫‪ٔ1‬‬
‫لذاِ‪ ُٙ‬فبٌؾضَ ِ‪ٙ‬بدار‪ِٙٚ ُٙ‬بد ٔز‪ٚ ُٙ‬أْ ‪٠‬ؾًّ اٌ‪ ُٙ١‬ف‪ ٟ‬وً عٕخ ِٓ اٌّبي ِب ‪٠‬شم‪١ٌ ُٙ١‬ىف‪ٛ‬ا‬
‫‪ٕ٠ٚ‬ىف‪ٛ‬ا " ( ٔ) ‪.‬‬

‫ا ْ رمٍ‪١‬ـ ػذد اٌغٕ‪ٛ‬د أد‪ ٜ‬اٌ‪ ٝ‬أمؼبف اٌغ‪١‬ؼ ‪ٚ‬صاد ِٓ هّغ اٌّغ‪ٛ‬ي ف‪ ٟ‬اٌغ‪١‬طشح ػٍ‪ٝ‬‬
‫ثغذاد‪ ،‬فنالً ػٓ ِب رُ روشٖ فمذ عبػذد اٌىض‪١‬ش ِٓ األؽذاس األخش‪ ٜ‬ف‪ ٟ‬أمؼبف ِئعغخ‬
‫اٌخالفخ ‪ ِٓٚ‬صُ ػغٍذ ف‪ ٟ‬أ‪١ٙ‬بس٘ب ‪ٚ‬اؽزالي ثغذاد ِٓ لجً اٌززبس ‪ ،‬فمذ وبْ ٌٍى‪ٛ‬اسس اٌطج‪١‬ؼ‪١‬خ‬
‫د‪ٚ‬س ف‪ ٟ‬أمؼبف اٌخالفخ ار ؽ‪ٙ‬ذد ثغذاد اٌىض‪١‬ش ِٓ اٌى‪ٛ‬اسس ‪ٌٚ‬ؼً أوضش٘ب رؤص‪١‬شاً ِب ؽذس عٕخ‬
‫(ٗ٘‪٘ٙ‬ـ‪ ،)َ ٕٔ٘ٙ/‬ؽ‪١‬ش أفبة ثغذاد غشق ػظ‪ ُ١‬فذخً اٌّبء ف‪ ٟ‬داس اٌخٍ‪١‬فخ ‪ٚ‬داس اٌ‪ٛ‬ص‪٠‬ش‬
‫( ٕ)‪ٚ ،‬أ‪ٙ‬ذِذ صالصّبئخ ‪ٚ‬صّبٔ‪ ْٛ‬داس ( ٖ)‪ٙٔٚ ،‬ذَ ِخضْ اٌخٍ‪١‬فخ ‪ٚ‬رؼشك أوضش اٌغالػ اٌّ‪ٛ‬ع‪ٛ‬د‬
‫‪٠‬غش ِضٍٗ ( ٗ) ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫اٌّ‪ٛ‬ع‪ٛ‬د ف‪ٌٍ ٗ١‬زٍف ‪ٚ ،‬عش‪ ٜ‬ؽ‪ٟ‬ء ٌُ‬
‫ً‬
‫وج‪١‬شا فمذ أد‪ ٜ‬اٌ‪ ٝ‬لٍخ اإلٔزبط اٌضساػ‪،ٟ‬‬ ‫ٌمذ وبْ رؤص‪١‬ش رٍه اٌى‪ٛ‬اسس اٌطج‪١‬ؼ‪١‬خ رؤص‪١‬شاً‬
‫( ٘)‬
‫‪ٚ‬غالء األعؼبس ٌٍّ‪ٛ‬اد اٌغزائ‪١‬خ ‪ٚ ،‬ؽذ‪ٚ‬س اٌّغبػبد‪ٚ ،‬أزؾبس األِشاك ‪ ِٓٚ ،‬صُ رؤصِذ‬
‫األ‪ٚ‬مبع االلزقبد‪٠‬خ ‪ٚ‬رذ٘‪ٛ‬سد ‪ِّ،‬ب أد‪ ٜ‬اٌ‪ ٝ‬رذ٘‪ٛ‬س األ‪ٚ‬مبع االعزّبػ‪١‬خ‪ ،‬اٌز‪ ٟ٘ ٟ‬األخش‪ٜ‬‬
‫ٌُ رىٓ ثؾبعخ اٌ‪ِ ٝ‬ب ‪٠‬ض‪٠‬ذ٘ب رؤصِبً‪ ،‬فمذ وبٔذ اٌفزٓ اٌّز٘ج‪١‬خ رؼقف ثجغذاد ث‪ ٓ١‬اٌف‪ٕ١‬خ‬
‫‪ٚ‬األخش‪ٚ ،ٜ‬وبٔذ ف‪ ٟ‬وض‪١‬ش ِٓ األؽ‪١‬بْ ‪٠‬ؾذس ف‪ٙ١‬ب رمبرً‪ٚ ،‬وبٔذ رغزّش أ‪٠‬بَ ػذح ‪ٚ ،‬اغٍت‬
‫٘زٖ اٌفزٓ ال رٕز‪ ٟٙ‬اال ثزذخً ؽؾٕخ ثغذاد‪ ،‬أِب ِ‪ٛ‬لف اٌخالفخ ِٓ ٘زٖ اٌفزٓ ف‪ ٛٙ‬اٌؾ‪١‬بد ‪ٚ‬ػذَ‬
‫االٔؾ‪١‬بص أل‪٠‬خ فئخ ( ‪. )ٙ‬‬

‫‪ٚ‬ػٕذِب رضا‪٠‬ذ خطش اٌّغ‪ٛ‬ي ‪ٚ‬رؾشو‪ٛ‬ا ثبرغبٖ ثغذاد‪ ،‬اسعً اٌخٍ‪١‬فخ اٌّغزؼقُ ؽشف اٌذ‪ٓ٠‬‬
‫اثٓ اٌغ‪ٛ‬ص‪ِٚ ، )4 ( ٞ‬ؼٗ اٌ‪ٙ‬ذا‪٠‬ب ‪ٚ‬اٌّغ‪٘ٛ‬شاد اٌ‪ٛ٘ ٝ‬الو‪ ،ٛ‬اال أْ ِؾب‪ٌٚ‬خ ألٕبع ٘‪ٛ‬الو‪ٛ‬‬

‫)ٔ) ابن واصل‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٕٕ/٘،‬‬


‫)ٕ) ابن تؽري بردي‪ ،‬المصدر السابق‪ ٖ٘/7 ،‬؛ابن العماد الحنبلً‪ ،‬دبد الحً بن احم د بن محمد‪ ،‬شارات‬
‫الاهب فً أخبار من اهب‪ ،‬تحقٌق محمود األرناإوط ‪،‬طٔ‪ ،‬دار ابن كثٌر‪(،‬بٌروت‪ ،)ٔ91ٙ،‬ج‪،7‬ص‬
‫‪.ٗ٘ٙ‬‬
‫)ٖ) الٌونٌنً‪ ،‬المصدر السابق‪ 1/ٔ،‬؛ ابن كثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٕٕ/ٖٔ،‬‬
‫)ٗ) سبط ابن الجوزي‪ ،‬المصدر السبق ‪ ٕٗ7/ٕٕ،‬؛ابن الفوطً ‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬صٖٖٖ ‪.‬‬
‫)٘) فوزي‪ ،‬المرجع السابق‪. ٕ٘٘ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬دن الفتن التً حدثت فً سنة (٘٘‪ ٙ‬هـ)‪ٌ ،‬راجع الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم‪ ٕٖ/ٗ1 ،‬؛ ابن الفوطً‪ ،‬الحوادث‬
‫الحوادث الجامعة‪ ،‬ص‪ٖٖ9‬؛ ابن كثٌر ‪،‬المصدر السابق‪. ٕٕ9/ٖٔ ،‬‬
‫)‪ )7‬هو الفقٌه والعالم الحنبلً شرؾ الدٌن دبدهللا بن محً الدٌن ٌوسؾ بن الجوزي‪ ،‬تولى الحسبة وتركها‬
‫تزهداً‪ ،‬متل دندما دخل التتار بؽداد‪ ،‬ابن رجب‪ ،‬زٌن الدٌن دبد الرحمن بن احمد‪ ،‬اٌل طبقات الحنابلة‪،‬‬
‫تحقٌق دبد الرحمن بن سلٌمان العثٌمٌن‪ ،‬طٔ‪ ،‬مكتبة العبٌكان‪(،‬الرٌاض‪ ،)ٕٓٓ٘،‬جٗ‪ ،‬صٖٓ ؛ ابن كثٌر‪،‬‬
‫المصدر السابق ‪. ٕٗٗ/ٖٔ،‬‬
‫‪ٔ9‬‬
‫ثبألِ‪ٛ‬اي ٌُ رٕغؼ ( ٔ) ‪ٚ ،‬ػٕذِب ػبد سع‪ٛ‬ي اٌخٍ‪١‬فخ اٌ‪ ٝ‬ثغذاد‪ ،‬أخجشُ٘ ثؼضَ ٘‪ٛ‬الو‪ ٛ‬اؽزالي‬
‫ثغذاد ( ٕ) ‪.‬‬
‫‪ٚ‬ثبٌفؼً ٔضي ٘‪ٛ‬الو‪ٚ ٛ‬عٕ‪ٛ‬دٖ ػٍ‪ ٝ‬ثغذاد ف‪ِٕ ٟ‬زقف ؽ‪ٙ‬ش ِؾشَ ِٓ‬
‫عٕخ(‪٘ٙ٘ٙ‬ـ‪ٚ ،)َٕٔ٘1/‬ف‪ ٟ‬اٌضبٔ‪ٚ ٟ‬اٌؼؾش‪ ِٓ ٓ٠‬اٌؾ‪ٙ‬ش ٔفغٗ ثذء اٌمزبي ( ٖ)‪ ٌُٚ ،‬رفٍؼ‬
‫ِؾب ‪ٌٚ‬خ اٌخٍ‪١‬فخ اٌز‪ ٞ‬اسعً اثٓ اٌؼٍمّ‪ٌٍ ٟ‬زفب‪ٚ‬ك ِغ ٘‪ٛ‬الو‪ٚ ،)ٗ (ٛ‬لزً اٌخٍ‪١‬فخ ‪ِ ِٓٚ‬ؼٗ ِٓ‬
‫اٌفم‪ٙ‬بء ‪ٚ‬سعبي اٌذ‪ٌٚ‬خ ( ٘) ‪ٚ ،‬ع‪١‬طش اٌززبس ػٍ‪ ٝ‬ثغذاد‪ ،‬فمزً وً ِٓ ظ‪ٙ‬ش أِبِ‪ٚ ،ُٙ‬اعزّش اٌمزً‬
‫‪ٚ‬إٌ‪ٙ‬ت أسثؼ‪ِٛ٠ ٓ١‬بً ( ‪ٚ ، )ٙ‬ثّمزً اٌخٍ‪١‬فخ اٌّغزؼقُ ثبهلل ف‪ ٟ‬اٌشاثغ ػؾش ِٓ ففش عٕخ‬
‫(‪٘ٙ٘ٙ‬ـ‪ٕ٠ ،)َٕٔ٘1/‬ز‪ ٟٙ‬ؽىُ ثٕ‪ ٟ‬اٌؼجبط ف‪ ٟ‬ثغذاد ( ‪. )4‬‬

‫)ٔ) الهماانً‪ ،‬رشٌد الدٌن فضل هللا ‪ ،‬ج امع التوارٌخ‪ ،‬نقله الى العربٌة محمد صادق نشؤت وفإاد دبد‬
‫المعطً الصٌاد‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار أحٌاء الكتب العربٌة‪ (،‬القاهرة ‘ ٓ‪،)ٔ9ٙ‬جٔ‪ ،‬ص‪. ٕٙ9‬‬
‫)ٕ) الؽسانً‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪. ٕٙٙ‬‬
‫)ٖ) الهماانً ‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕ1ٙ/ٔ ،‬‬
‫)ٗ) الؽسانً ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ٖٓ‪. ٙ‬‬
‫)٘) ابن كثٌر‪ ،‬ا لمصدر السابق‪. ٕٖٗ/ٖٔ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬الٌونٌنً‪ ،‬المصدر السابق ‪،‬ص ‪ 19‬؛ الهماانً‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص٘‪. ٕ9‬‬
‫)‪ )7‬ابن الكازورنً‪ ،‬مختصر التارٌخ‪ ،‬ص ٖ‪ ٕ7‬؛ ابن الفوطً ‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬ص ‪. ٖ٘7‬‬
‫ٕٓ‬
‫ثانيا ً ‪ :‬األوضاع الفكرية في بغداد (‪656- 575‬هـ‪7551- 7771/‬م)‬

‫ؽ‪ٙ‬ذد ٘زٖ اٌؾمجخ رجٍ‪ٛ‬س اٌّزا٘ت اإلعالِ‪١‬خ ‪ٚ‬اعزمشاس٘ب ‪ٚ‬أزؾبس ٔف‪ٛ‬ر٘ب ف‪ ٟ‬األلبٌ‪ُ١‬‬
‫‪ٚ‬وبٔذ اٌؾ‪١‬بح اٌفىش‪٠‬خ ف‪ ٟ‬ثغذاد رؼ‪١‬ؼ ٔؾبهبً ‪ٚ‬اعؼبً‪ٚ ،‬وبْ إٌبط ‪٠‬زّز٘ج‪ٌٍ ْٛ‬ؾبفؼ‪ٚ ٟ‬ألث‪ٟ‬‬
‫ؽٕ‪١‬فخ ‪ٌٚ‬إلِبَ اؽّذ ثٓ ؽٕجً ‪ٌٚ‬غؼفش اٌقبدق‪ ،‬أِب اإلِبَ ِبٌه فٍُ ‪٠‬ىٓ ‪٠‬زّز٘ت ٌٗ ع‪ٜٛ‬‬
‫ثؼل اٌ‪ٛ‬افذ‪ ِٓ ٓ٠‬اٌّغشة ‪ِٚ‬قش( ٔ) ‪.‬‬

‫‪ ِٓٚ‬خالي أؽبد‪٠‬ش رٌه اٌؼقش ف بْ اٌؾٕبثٍخ وبٔ‪ٛ‬ا ‪٠‬ؾىٍ‪ ْٛ‬اٌغبٌج‪١‬خ ث‪ ٓ١‬عىبْ ثغذاد‪ ،‬فمذ‬
‫‪ٚ‬فف اٌغّؼبٔ‪ ٟ‬وضشر‪ ُٙ‬ثم‪ٚ " :ٌٗٛ‬أ ً٘ ثغذاد ‪ٛٔٚ‬اؽ‪ٙ١‬ب ‪ٚ‬اٌغض‪٠‬شح ِٓ أفؾبة اإلِبَ أؽّذ‬
‫ِٓ ال ‪٠‬ذخً رؾذ اٌؾقش ‪ٚ‬اٌؼذ " ( ٕ) ‪،‬اال أ ٔ‪ ُٙ‬لٍ‪ ٍْٛ١‬ف‪ ٟ‬د‪ٚ‬ا‪ ٓ٠ٚ‬اٌذ‪ٌٚ‬خ‪ٚ ،‬رٌه ٌىشا٘‪١‬ز‪ُٙ‬‬
‫اٌؼًّ اٌ‪ ٝ‬عبٔت اٌغٍطخ اٌؾبوّخ‪ ،‬خ‪ٛ‬فبً ػٍ‪ ٝ‬د‪ ُٕٙ٠‬وّب ‪٠‬ؼزمذ‪ ،ْٚ‬ف‪ ٟ‬ؽ‪ ٓ١‬وبْ أغٍت ِ‪ٛ‬ظف‪ٟ‬‬
‫د‪ٚ‬ا‪ ٓ٠ٚ‬اٌخالفخ ِٓ اٌؾبفؼ‪١‬خ صُ ‪٠‬ؤر‪ ٟ‬ثؼذُ٘ االؽٕبف ( ٖ) ‪،‬أِب أفؾبة اٌّز٘ت اٌغؼفش‪ ٞ‬فٍُ‬
‫رىٓ اٌخالفخ اٌؼجبع‪١‬خ رغؼٍ‪ ُٙ‬ف‪ ٟ‬أ‪٠‬خ ‪ٚ‬ظ‪١‬فخ ٌ‪ٙ‬ب ِغبط ثبٌؾشع ‪ِٕٙٚ‬ب اٌمبم‪ٚ ٟ‬اٌّؾزغت‬
‫‪ٚ‬غ‪١‬ش٘ب ِٓ إٌّبفت اٌز‪ ٟ‬رؼزّذ ػٍ‪ ٝ‬اٌؾشع ف‪ ٟ‬أؽىبِ‪ٙ‬ب‪ٌٚ ،‬ىٓ اٌخالفخ ػ‪ٕ١‬ز‪ ُٙ‬ف‪ِٕ ٟ‬بفت‬
‫أداس‪ ٗ٠‬أخش‪ِٕٙٚ ٜ‬ب اٌ‪ٛ‬صاسح ‪ٚ‬أعزبر‪٠‬خ داس اٌخٍ ‪١‬فخ ‪ٚ‬غ‪١‬ش٘ب ِٓ اٌ‪ٛ‬ظبئف اإلداس‪٠‬خ اٌز‪١ٌ ٟ‬ظ ٌ‪ٙ‬ب‬
‫ػاللخ أ‪ ٚ‬رّبط ثبٌؾشع ( ٗ) ‪.‬‬

‫‪ٚ‬ػٍ‪ ٝ‬اٌشغُ ِٓ ‪ٚ‬ع‪ٛ‬د اٌّزا٘ت اإلعالِ‪١‬خ ف‪ ٟ‬ثغذاد لجً رذخً األعبٔت ِٓ ث‪ٓ١١ٙ٠ٛ‬‬
‫‪ٚ‬عالعمخ ف‪ ٟ‬اٌؾ‪١‬بح اٌغ‪١‬بع‪١‬خ اٌذاخٍ‪١‬خ ٌٍخالفخ اٌؼجبع‪١‬خ‪ٌ ،‬ىٓ وبْ رذخً ٘ئالء عججبً ِجبؽشاً ف‪ٟ‬‬

‫)ٔ) فهد‪ ،‬بدري محمد‪ ،‬تارٌخ العراق فً العصر العباسً األخٌر (ٕ٘٘ ‪ٙ٘ٙ-‬هـ‪ٕٔ٘1- ٔٔ٘7/‬م)‪،‬د‪.‬ط‪،‬‬
‫مطبعة اإلرشاد‪(،‬بؽداد‪،)ٔ97ٖ،‬صٖٖٗ ‪.‬‬
‫)ٕ) السمعانً ‪،‬دبد الكرٌم بن محمد بن منصور التمٌمً‪ ،‬األنساب‪ ،‬تحقٌق دبد الرحمن بن ٌحٌى المعلمً‬
‫الٌمانً وؼٌرل‪ ،‬طٔ‪ ،‬دابرة المعارؾ العثمانٌة‪(،‬حٌدر آباد‪،)ٔ9ٕٙ،‬جٗ‪،‬صٓ‪. ٕ1‬‬
‫)ٖ) فهد‪ ،‬تارٌخ العراق‪،‬صٖٗٗ ‪.‬‬
‫)ٗ) المرجع نفسة‪ ،‬صٖٗٗ ‪.‬‬
‫ٕٔ‬
‫اروبء اٌؼقج‪١‬خ اٌّز٘ج‪١‬خ ‪ٚ‬رؾ‪ٌٙٛ‬ب ِٓ خالفبد فىش‪٠‬خ اٌ‪ ٝ‬فزٓ دِ‪٠ٛ‬خ‪ٚ ،‬وبْ اٌ‪ٙ‬ذف ِٓ رٌه‬
‫اهبٌخ أِذ ع‪١‬طشر‪ ُٙ‬ػٍ‪ ٝ‬اٌؼشاق ( ٔ) ‪.‬‬
‫‪ٚ‬وبْ ِٓ ِظب٘ش إٌؾبه اٌفىش‪ٚ ٞ‬اٌؾشوخ اٌفىش‪٠‬خ اؽزذاَ اٌغذاي ث‪ ٓ١‬اٌفشق ‪ٚ‬اٌّزا٘ت‬
‫اإلعالِ‪١‬خ ف‪ ٟ‬اٌّغبئً اٌؼمذ‪٠‬خ ‪ٚ‬اٌفم‪١ٙ‬خ‪ ،‬فٕغذ أْ أغٍت ٘زٖ اٌفشق وبٔذ ف‪ ٟ‬فشاع ِغزّش ِغ‬
‫ثؼن‪ٙ‬ب اٌجؼل‪ ،‬فبٌؾٕبثٍخ وبٔ‪ٛ‬ا ف‪ ٟ‬فشاع ِغ اٌّؼزضٌخ ( ٕ)‪ ،‬ف‪٘ ٟ‬زٖ اٌفزشح‪ ٛ٘ٚ ،‬اعزّشاس‬
‫ٌٍقشاع اٌز‪ ٞ‬ؽقً ث‪ ٓ١‬اٌؾٕبثٍخ ‪ٚ‬اٌّؼزضٌخ أ‪٠‬بَ اٌّؾٕخ ‪ٚ‬اٌم‪ٛ‬ي ثخٍك اٌمشآْ‪ٚ ،‬لذ مؼف‬
‫اٌّؼزضٌخ ‪ٚ‬وغشد ؽ‪ٛ‬وز‪ ُٙ‬ثؼذ أْ رشن أث‪ ٛ‬اٌؾغٓ األؽؼش‪ِ )ٖ ( ٞ‬ز٘ت اٌّؼزضٌخ ثؼذ أْ وبْ‬
‫‪٠‬ؼزمذ ثٗ عٕ‪ٕ١‬بً ه‪ٍ٠ٛ‬خ‪ٚ ،‬اػٍٓ ر‪ٛ‬ثزٗ ( ٗ)‪ٚ ،‬لبي‪ ":‬اؽ‪ٙ‬ذ‪ٚ‬ا ػٍ‪ ٟ‬أ ٔ‪ ٟ‬وٕذ ػٍ‪ ٝ‬غ‪١‬ش د‪ ٓ٠‬اإلعالَ‬
‫‪ٚ‬أ ٔ‪ ٟ‬لذ أعٍّذ اٌغبػخ ‪ٚ‬أ ٔ‪ ٟ‬ربئت ِّب وٕذ ف‪ ِٓ ٗ١‬اٌم‪ٛ‬ي ثبالػزضاي " ( ٘) ‪.‬‬

‫‪ٚ‬لذ ؽبسة األؽؼش‪ ٞ‬اٌّؼزضٌخ ؽشثبً ؽؼ‪ٛ‬اء ثغالؽ‪ٔ ُٙ‬فغٗ أ‪ ٞ‬عالػ إٌّطك ‪ٚ‬اٌفٍغفخ‪،‬‬
‫‪ٚ‬لذ ؽقً ر‪ٛ‬افك ث‪ ٓ١‬األؽؼش‪ٚ ٞ‬اٌؾٕبثٍخ فمذ ر‪ٛ‬ؽذد وٍّخ األؽبػشح ( ‪ٚ ،)ٙ‬اٌؾٕبثٍخ مذ‬
‫اٌّؼزضٌخ ( ‪ ، )4‬فؤمط‪ٙ‬ذ اٌّؼزضٌخ ف‪٘ ٟ‬زٖ اٌفزشح ‪ٚ‬رؼشم‪ٛ‬ا ٌٍىض‪١‬ش ِٓ اٌؾ‪ٛ‬ادس ‪ٚ‬ؽشلذ وزج‪ُٙ‬‬
‫( ‪ ،)1‬وّب اعزخذَ اٌؾٕبثٍخ عالؽبً آخش ف‪ ٟ‬ؽشث‪ِ ُٙ‬غ اٌّؼزضٌخ ‪ ٛ٘ٚ‬االػزمبد اٌمبدس‪ٚ ،)6 ( ٞ‬لذ‬
‫اعزّش اٌؾٕبثٍخ ثبٌغ‪ٙ‬ش ث‪ٙ‬زٖ اٌؼم ‪١‬ذح ه‪ٍ١‬خ أ‪٠‬بَ اٌخٍ‪١‬فخ اٌمبدس ثبهلل (ٔ‪ٕٕ٘ٗ- ٖ1‬ـ‪)َٖٔٓٓ- 66ٔ/‬‬

‫)ٔ) مدح ات‪ ،‬محمد دبدهللا احمد‪ ،‬الحٌاة اال جتمادٌة فً بؽداد فً العصر العباسً األخٌر (٘‪- ٘7‬‬
‫‪ٙ٘ٙ‬هـ‪،)ٕٔ٘1- ٔٔ79/‬د‪.‬ط‪ ،‬دار البشٌر‪(،‬دمان‪. ٖٗ،)ٕٓٓ٘،‬‬
‫)ٕ) المعتزلة اسم ٌطلق دلى أول فرمة كبلمٌة ظهرت فً اإلسبلم فً أواخر القرن األول الهجري ومد نشؤت‬
‫هال الفرمة بسبب الخبلؾ الاي حدث بٌن الحسن البصري المتوفً سنة(ٓٔٔهـ‪7ٕ1/‬م) وبٌن واصل بن‬
‫دطاء المتوفً سنة(ٖٔٔهـ‪ 7ٗ1/‬م) فادتزل واصل مجلس الحسن فقٌل له والتباده معتزلة‪ ،‬البؽدادي‪ ،‬دبد‬
‫القاهر بن طاهر بن محمد‪ ،‬الفرق بٌن الفرق وبٌان الفرمة الناجٌة‪ ،‬طٔن دار األناؾ الجدٌدة‪(،‬بٌروت‪،‬‬
‫‪ ،)ٔ977‬صٕٓ ‪. ٕٔ-‬‬
‫ً‬
‫)ٖ) دلً بن إسمادٌل األشعري صاحب األصول إلٌه تنسب األشعرٌة كان معتزلٌا ثم انقلب دلى المعتزلة‬
‫وماردهم لصالح أ هل السنة‪ ،‬توفً فً بؽداد سنة (ٕٖٗهـ‪9ٖ٘/‬م)‪،‬السمعانً ‪ ،‬إالنساب‪.. ٕٙٙ/ٔ،‬‬
‫)ٗ) السبكً‪ ،‬تاج الدٌن دبد الوهاب‪ ،‬طبقات الشافعٌة الكبرى‪ ،‬تحقٌق محمود محمد الطنامً ودبد الفتاح‬
‫محمد الحلو‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار هجر للطبادة والنشر‪(،‬د‪.‬م‪ٖٔٗٔ ،‬هـ)‪ ،‬جٖٕ‪. ٖٗ7 ،‬‬
‫)٘) ابن دساكر ‪،‬ثقة الدٌن أ بو القاسم دلً بن الحسن‪ ،‬تبٌن كاب المفتري فٌما نسب إلى اإل مام أبً الحسن‬
‫األشعري‪ ،‬طٖ‪ ،‬دار الكتاب العرب‪(،‬بٌروت‪ٔٗٓٗ ،‬هـ)‪ ،‬صٖٕ ‪ٕٗ-‬؛ الشهرستانً‪ ،‬أبو الفتح محمد بن‬
‫دبد الكرٌم بن احمد‪ ،‬الملل والنحل‪ ،‬تحقٌق محمد سٌد كٌبلنً‪ ،‬دار المعرفة‪(،‬بٌروت‪،)ٔ9ٙٔ ،‬ج ٔ‪ ،‬صٗ‪9‬‬
‫‪.‬‬
‫)‪ )ٙ‬فرمة كبلمٌة إسبلمٌة تنسب ألبً الحسن األ شعري الاي خرج دلى المعتزلة‪ ،‬ومد اتخا األشادرة‬
‫البراهٌن والدالبل العقلٌة والكبلمٌة وسٌلة فً محاججة خصومها‪ ،‬الش هرستانً‪ ،‬المصدر نفسه‪. ٔ٘1/ٔ،‬‬
‫)‪ )7‬الصبلبً‪ ،‬دلً محمد محمد‪ ،‬دولة السبلجقة وبروز مشروع إسبلمً لمقاومة التؽلؽل الباطنً والؽزو‬
‫الصلٌبً‪ ،‬طٔ‪ ،‬امرأ للنشر والتوزٌع‪(،‬القاهرة‪ ،)ٕٓٓٙ ،‬ص‪. ٖٕ1‬‬
‫)‪ )1‬ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. ٖٖ٘/ٔ٘،‬‬
‫)‪ )9‬اال دتقاد القادري أو المنشور القادري هو ال منشور الاي كتبه الخلٌفة القادر باهلل وشهد مراءته العلماء‬
‫والزهاد‪ ،‬ومما جاء فٌه ‪ ،‬كل صفات هللا ٌجب أخاها دلى أنها حقٌقة ال مجازٌة وان كلمة هللا ؼٌر مخلومة‬
‫ومن ٌقول الك كافر‪ ،‬وأن أ حسن الخلق محمد (صلى هللا دلٌه وسلم) وخٌر الناس بعدل الخلفاء الراشدون‪،‬‬
‫كما انه احتوى دلى أمور تتعلق بالصبلة واال لتزام بها‪ ،‬ابن الجوزي المنتظم‪ ٕ1ٓ/1 ،‬؛ ٌنظر ملحق رمم (‬
‫ٔ) ‪.‬‬
‫ٕٕ‬
‫( ٔ)‪ ،‬وّب ؽذد اٌخٍ‪١‬فخ اٌمبئُ ثؤِش هللا (ٕٕٗ ‪٘ٗٙ4-‬ـ‪ )َٔٓ4٘- ٖٔٓٔ/‬ػٍ‪٘ ٝ‬زا اٌّؼزمذ ِّب دفغ‬
‫دفغ اٌؾٕبثٍخ اٌ‪ ٝ‬ص‪٠‬بدح اٌنغو ػٍ‪ ٝ‬اٌّؼزضٌخ‪ٔٚ ،‬ز‪١‬غخ ٌ‪ٙ‬زا اٌنغو أزمً اٌّؼزضٌخ اٌ‪ ٝ‬اٌّز٘ت‬
‫اٌؾبفؼ‪ٚ ٟ‬اٌؾٕف‪ ، ٟ‬أِب اٌّزّغى‪ٚ ْٛ‬اٌّزؾذد‪ ْ ٚ‬ثبٌّز٘ت فؤٔ‪ ُٙ‬اعجش‪ٚ‬ا ػٍ‪ ٝ‬رشن ثغذاد‬
‫‪ٚ‬اٌز٘بة اٌ‪ِ ٝ‬قش ار وبْ اٌّؼزضٌخ ‪ّ٠‬بسع‪ِ ْٛ‬ؼزمذار‪ ُٙ‬ثؾش‪٠‬خ ( ٕ) ‪.‬‬

‫أِب ػٓ ػاللخ األؽبػشح ثبٌؾٕبثٍخ فب ٔ‪ٙ‬ب وبٔذ ع‪١‬ذح ِٓ ثذا‪٠‬خ اٌمشْ اٌشاثغ اٌ‪ِٕ ٝ‬زقف‬
‫اٌمشْ اٌخبِظ اٌ‪ٙ‬غش‪ ،ٞ‬فؾىٍذ ٘بربْ اٌفشلزبْ ل‪ٛ‬ح ٌٍذفبع ػٓ اٌّز ٘ت اٌغٕ‪ٚٚ ٟ‬لف‪ٛ‬ا ث‪ٛ‬عٗ‬
‫اٌّؼزضٌخ ‪ٚ‬اٌفشق األخش‪ ،ٜ‬اال أْ رٌه ٌُ ‪٠‬غزّش خبفخ ثؼذ ِغ‪ٟ‬ء اثٓ اٌمؾش‪ٚ ،)ٖ ( ٞ‬ظ‪ٛٙ‬سٖ‬
‫ػٍ‪ ٝ‬عبؽخ األؽذاس‪ ،‬فمذ وبْ ِزؼقجبً ٌألؽبػشح اٌ‪ ٝ‬ؽذ اٌغٍ‪ِ ، ٛ‬ؾ‪ٛ‬الً ِب وبْ ث‪ ٓ١‬اٌؾٕبثٍخ‬
‫‪ٚ‬األؽبػشح ِٓ رفبُ٘ ‪ٚ‬أغغبَ اٌ‪ ٝ‬ؽمبق ‪ٚ‬رٕبصع ( ٗ) ‪.‬‬

‫صُ ؽىً األؽبػشح ‪ٚ‬اٌؾبفؼ‪١‬خ اٌّذػ‪ ِٓ ْ ِٛٛ‬اٌ‪ٛ‬ص‪٠‬ش اٌغٍغ‪ٛ‬ل‪ٔ ٟ‬ظبَ اٌٍّه ( ٘) ‪ ،‬عج‪ٙ‬خ‬
‫‪ٚ‬اؽذح ٌّ‪ٛ‬اع‪ٙ‬خ اٌؾٕبثٍخ‪ٌ ،‬مذ وبْ ٔظبَ اٌٍّه ؽبفؼ‪١‬بً ٍِزضِبً‪ٌٚ ،‬ؼً رٌه ِٓ أعجبة ألذاِٗ ػٍ‪ٝ‬‬
‫أٔؾبء اٌّذاسط إٌظبِ‪١‬خ اال أْ خط‪ٛ‬ح اٌ‪ٛ‬ص‪٠‬ش ألٔؾبء ٘زٖ اٌّذاسط ‪ٚٚ‬لف‪ٙ‬ب ػٍ‪ ٝ‬اٌّز٘ت‬
‫اٌؾبفؼ‪ ٌُ ٟ‬رٍكَ اٌمج‪ٛ‬ي ‪ٚ‬اٌشمب ِٓ ػّ‪ َٛ‬سعبالد اٌذ‪ٌٚ‬خ اٌغٍغ‪ٛ‬ل‪١‬خ اٌز‪ ٓ٠‬وبٔ‪ٛ‬ا ‪٠‬زجؼ‪ْٛ‬‬
‫اٌّز٘ت اٌؾٕف‪ ،ٟ‬اٌز‪ ٞ‬وبْ ف‪ ٟ‬اٌ‪ٛ‬لذ ٔفغٗ اٌّز٘ت اٌشعّ‪ٌٍ ٟ‬ذ‪ٌٚ‬خ اٌؼجبع‪١‬خ ( ‪. )ٙ‬‬

‫‪ٚ‬ثغل إٌظش ِٓ أْ ٔظبَ اٌٍّه وبْ ؽبفؼ‪١‬بً أؽؼش‪٠‬بً ( ‪ ،)4‬فبٔٗ وبْ ‪ٙ٠‬ذف ِٓ أؾبئٗ‬
‫ٌٍّذسعخ إٌظبِ‪١‬خ ف‪ ٟ‬ثغذاد اٌ‪ِ ٝ‬ؾبسثخ اصؤس إٌف‪ٛ‬ر اٌج‪ ٟٙ٠ٛ‬ف‪ ٟ‬ثغذاد أصٕبء فزشح ع‪١‬طشر‪ ُٙ‬ػٍ‪ٝ‬‬
‫اٌجالد‪ ،‬فؼًّ ٔظبَ اٌٍّه ػٍ‪ ٝ‬دػُ اٌّزا٘ت اٌفم‪١ٙ‬خ اٌز‪ ٟ‬ؽبسث‪ٙ‬ب اٌج‪ٚ ْٛ١ٙ٠ٛ‬رؼض‪٠‬ض٘ب أِبَ‬
‫اٌّزا٘ت اٌز‪ٔ ٟ‬بفش٘ب اٌج‪ ، )1 ( ْٛ١ٙ٠ٛ‬وّب وبْ ِٓ أ٘ذاف اٌّذسعخ إٌظبِ‪١‬خ ف‪ ٟ‬ثغذاد ا‪٠‬غبد‬

‫)ٔ) ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪ ٔٓ9/ٔ٘ ،‬؛ آل بابطٌن ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬صٔ‪. ٔ9‬‬
‫)ٕ) ابن الجوزي المنتظم‪. 9ٓ/ٔٙ ،‬‬
‫)ٖ) ابن القشري‪ :‬أبو نصر دبد الرحٌم بن دبد الكرٌم بن هوازن القشري‪ ،‬من أبمة نٌسابور‪ ،‬شافعً‬
‫اشعري‪ ،‬اشتهر بالودظ والكبلم‪ ،‬مدم بؽداد سنة (‪ٗٙ9‬هـ‪ ٔٓ9ٙ/‬م) وودظ بالمدرسة النظامٌة‪ ،‬وكان شدٌد‬
‫التعصب دلى الحنابلة وٌام دقٌدتهم فً ودظه‪ ،‬حتى حدثت فتنة فً بؽداد بٌن الحنابلة واألشادرة بسببه‬
‫فؤدٌد إلى نٌسابور‪ ،‬ابن دساكر‪ ،‬تبٌٌن كاب المفتري‪ ،‬ص ‪ ٖٓ9 - ٖٓ1‬؛ السمعانً‪ ،‬إالنساب‪. ٕٓ7/ٖ،‬‬
‫)ٗ) الصبلبً ‪ ،‬دولة السبلجقة‪ ،‬صٖٖٓ ‪.‬‬
‫)٘) نظام الملك هو أبو دلً الحسن بن د لً بن سحاق العوسً‪ ،‬ولد فً بلدة مرٌبة من طوس سنة‬
‫(‪ٗٓ1‬هـ‪ٔٓٔ1/‬م)‪ ،‬وتفقه دلى ماهب الشافعً‪ ،‬تولى الوزارة السلجومٌة بعد مقتل الوزٌر الكندري ‪،‬كانت‬
‫سٌاسته اتجال الخبلفة أ كثر مرونة من سلفه‪ ،‬السبكً‪ ،‬المصدر السابق‪ ٖٓ9/ٗ ،‬وما بعدها ‪.‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن األثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔٓ٘/1 ،‬‬
‫)‪ )7‬ما ٌإكد أن نظام الملك كان شافعٌا ً أشعرٌا ً هو تؤلٌؾ اإل مام الجوٌنً أمام الحرمٌن كتابا ً سمال العقٌدة‬
‫النظامٌة‪ ،‬ومد ضمنّ هاا الكتاب أمور العقابد دلى الماهب األشعري‪ ،‬وضمنه أركان اإلسبلم دلى الماهب‬
‫الشافعً‪ ،‬بدوي‪ ،‬دبد المجٌد أبو الفتوح ‪ ،‬التارٌخ السٌاسً والفكري للماهب السنً فً المشرق اإلسبلمً‬
‫من القرن الخامس الهجري حتى سقوط بؽداد‪،‬طٕ‪،‬دار الوفاء للطبادة والنشر‪(،‬القاهرة‪ ،) ٔ911،‬هامش‬
‫صفحةٗ‪. ٔ1‬‬
‫)‪ - )1‬الحسٌنً ‪،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ٕٗٔ ‪ ،‬فهد ‪ ،‬تارٌخ العراق‪ ،‬ص ٖ٘ٗ ‪.‬‬
‫ٖٕ‬
‫هبئفخ ِٓ اٌفم‪ٙ‬بء اٌز‪٠ ٓ٠‬ؤخز‪ ْٚ‬ػٍ‪ ٝ‬ػب رم‪ ُٙ‬رذس‪٠‬ظ اٌّز٘ت اٌغٕ‪ ،ٟ‬وزٌه ا‪٠‬غبد هبئفخ ِٓ‬
‫اٌّ‪ٛ‬ظف‪ ٓ١‬اٌّئٍ٘‪ٌ ٓ١‬ز‪ ٌٟٛ‬إٌّبفت اإلداس‪٠‬خ ‪ٚ‬رغ‪١١‬ش ِئعغبد اٌذ‪ٌٚ‬خ ‪ٚ‬اداسح د‪ٚ‬ا‪ٕٙ٠ٚ‬ب ( ٔ) ‪.‬‬
‫‪ٚ‬ػٍ‪ ٝ‬اٌشغُ ِٓ أّ٘‪١‬خ ٘زٖ األ٘ذاف اال إٔٔب ٔالؽع اٌىض‪١‬ش ِٓ اٌّظب٘ش اٌغٍج‪١‬خ اٌز‪ٟ‬‬
‫رشرجذ ٔز‪١‬غخ ٌظ‪ٛٙ‬س ٔظبِ‪١‬خ ثغذاد‪ِٕٙ ،‬ب أْ اٌذساعخ ف‪ ٟ‬اٌّذسعخ إٌظبِ‪١‬خ الزقشد ػٍ‪ٝ‬‬
‫اٌؼٍ‪ َٛ‬اٌذ‪١ٕ٠‬خ ‪ٚ‬اٌٍغ‪٠ٛ‬خ‪ٚ ،‬أٍّ٘ذ ثبل‪ ٟ‬اٌؼٍ‪ َٛ‬اٌؼمٍ‪١‬خ ‪ِٕٙٚ‬ب اٌطت ‪ٚ‬اٌ‪ٕٙ‬ذعخ ‪ٚ‬اٌش‪٠‬بم‪١‬بد‬
‫‪ٚ‬غ‪١‬ش٘ب ( ٕ)‪ٔٚ ،‬ز‪١‬غخ ٌزٌه وبْ إٌزبط اٌفىش‪٠ ٞ‬شوض ػٍ‪ ٝ‬األِ‪ٛ‬س اٌذ‪١ٕ٠‬خ‪ ،‬فبٔؾغً اٌّئٌف‪ْٛ‬‬
‫ثزؤٌ‪١‬ف اٌىزت اٌز‪ ٟ‬رذافغ ػٓ ِز٘ت ِؼ‪ٚ ٓ١‬رؾب‪ٚ‬ي أْ رمًٍ ِٓ أّ٘‪١‬خ اٌّزا٘ت األخش‪. ٜ‬‬

‫‪ِٚ‬غ أْ ٔظبَ اٌٍّه وبْ ‪ٙ٠‬ذف ِٓ أٔؾبء إٌظبِ‪١‬بد اٌ‪ ٝ‬ر‪ٛ‬ؽ‪١‬ذ اٌّزا٘ت اٌغٕ‪١‬خ ‪ٚ‬ػٍ‪ٝ‬‬
‫اٌشغُ ِٓ ِؾب‪ٌٚ‬زٗ ِؼبٍِخ اٌّزا٘ت اٌّخزٍفخ ف‪ ٟ‬ثغذاد ثبٌؼذي ‪ٚ‬اٌّغب‪ٚ‬اح ( ٖ)‪ ،‬اال أْ ؽ‪١‬ئبً ِٓ‬
‫رٌه ٌُ ‪٠‬ؾذس‪ ،‬فمذ أع‪ّٙ‬ذ ٔظبِ‪١‬خ ثغذاد ف‪ ٟ‬ثش اٌفشلخ ث‪ ٓ١‬اٌّزا٘ت ‪ٚ‬ػّمذ اٌخالف ث‪ٓ١‬‬
‫اٌؾ‪ٛ‬افغ ‪ٚ‬األؽبػشح اٌز‪ ٓ٠‬أ‪ٚ‬لفذ اٌّذسعخ إٌظبِ‪١‬خ ٌ‪ٔ ُٙ‬ظشاً ‪ٚ‬رذس‪٠‬غبً ِٓ ع‪ٙ‬خ‪ٚ ،‬وً ِٓ‬
‫اٌؾٕبثٍخ ‪ٚ‬االؽٕبف ِٓ ع‪ٙ‬خ أخش‪ ، )ٗ ( ٜ‬وّب أْ ٔظبَ اٌٍّه اظ‪ٙ‬ش أؾ‪١‬بصٖ ‪ٌٍ ٍٗ١ِٚ‬ؾبفؼ‪١‬خ‪ٚ ،‬لذ‬
‫ظ‪ٙ‬ش رٌه ػٕذِب صاس ثغذاد‪ ،‬فمذ هٍت ٔظبَ اٌٍّه اٌزؾذس اٌ‪ ٝ‬ثؼل اٌؾٕبثٍخ ٌ‪١‬زؤوذ ارا وبٔ‪ٛ‬ا‬
‫ِغغّخ ( ٘)‪ ،‬أَ ال‪ ،‬فٕ‪ٙ‬ل اثٓ ػم‪ٚ ً١‬فٕذ ٘زا االدػبء ( ‪. )ٙ‬‬

‫أِب ػٓ ػاللخ اٌؾٕبثٍخ ‪ٚ‬ا الؽٕبف ‪،‬ف‪١‬جذ‪ ٚ‬أْ ػاللز‪ ُٙ‬وبٔذ ع‪١‬ذح ف‪٘ ٟ‬زٖ اٌؾمجخ ‪ ،‬ثذٌ‪ً١‬‬
‫ػذَ ؽذ‪ٚ‬س لزبي ف‪ّ١‬ب ث‪ٚ ،)4 ( ُٕٙ١‬ف‪ّ١‬ب وبْ اٌقشاع ث‪ ٓ١‬اٌؾٕبثٍخ ‪ٚ‬اٌّؼزضٌخ فشاػبً را هبثغ‬
‫د‪ ،ٟٕ٠‬فبْ فشاػ‪ ُٙ‬مذ األؽؼش‪٠‬خ وبْ رؼج‪١‬شاً ػٓ اٌقشاع ث‪ ٓ١‬اٌخالفخ اٌؼجبع‪١‬خ ‪ٚ‬اٌغٍطخ‬
‫اٌغٍغ‪ٛ‬ل‪١‬خ ‪ ،‬ار ‪ٚ‬لفذ اٌخالفخ اٌ‪ ٝ‬عبٔت اٌؾٕبثٍخ‪ ،‬ف‪ّ١‬ب ٔبفش اٌغالعمخ األؽؼش‪٠‬خ ( ‪. )1‬‬

‫‪ٚ‬لذ رىٍُ أث‪ٛ٠ ٛ‬عف اٌمض‪ ، )6 ( ٟٕ٠ٚ‬ثىالَ أِبَ ٔظبَ اٌٍّه ٌخـ ف‪ ٗ١‬اٌزٕبؽش ث‪ ٓ١‬اٌّزا٘ت‪،‬‬
‫اٌّزا٘ت‪ ،‬فج‪ّٕ١‬ب وبْ ٔظبَ اٌٍّه عبٌغبً ِغ أث‪ِ ٟ‬ؾّذ اٌزّ‪ ٛ٘ٚ،)ٔٓ ( ّٟ١‬ؽٕجٍ‪ِٚ ٟ‬ؼٗ فم‪ٗ١‬‬

‫)ٔ) بدوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. ٔ79‬‬


‫)ٕ) آل ٌاسٌن‪ ،‬محمد مفٌد الحٌاة الفكرٌة فً العراق فً القرن السابع‪ ،‬طٔ‪ ،‬الدار العربٌة للطبادة‪(،‬بؽداد‪،‬‬
‫‪ ،)ٔ979‬ص‪. ٕ1‬‬
‫)ٖ) سعادل ‪،‬صفٌه ‪ ،‬من تارٌخ بؽداد اال جتمادً فً الفترة البوٌهٌة والسلجومٌة‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار أمواج‪(،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،)ٔ911‬صٕ‪. 1‬‬
‫)ٗ) مدحات ‪ ،‬الحٌاة االجتمادٌة فً بؽداد‪ ،‬صٖٗ ‪.‬‬
‫)٘) المجسمة‪ :‬التجسٌم والتشبٌه‪ ،‬هو القول‪ :‬بؤن هلل أدضا ًء وجسما ً‪ ،‬وهو بالك ٌشبه األنسان‪ ،‬الشهرستانً‪،‬‬
‫المصدر السابق‪. ٔٓ1/ٔ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. ٘1/ٔ٘ ،‬‬
‫)‪ )7‬سعادل‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص‪7ٙ‬‬
‫)‪ )1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪. 71‬‬
‫)‪ )9‬أبو ٌوسؾ القزوٌنً‪ :‬هو أبو ٌوسؾ دبد السبلم بن محمد بن ٌوسؾ القزوٌنً‪ ،‬وهو احد شٌوخ‬
‫المعتزلة‪ ،‬ولد سنة(ٖ‪ٖ9‬هـ‪ ٕٔٓٓ/‬م)‪ ،‬مال دنه أبو الوفاء بن دقٌل‪ :‬كان طوٌل اللسان ٌعلم تارة وٌسفه‬
‫أخرى‪ ،‬توفً فً بؽداد سنة(‪ٗ11‬هـ‪ٔٓ9٘ /‬م)‪ ،‬الاهبً‪ ،‬سٌر‪ ٙٔٙ/ٔ1 ،‬؛ ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. ٕٔ/ٔ7،‬‬
‫)ٓٔ) أبو محمد التمٌمً‪ :‬هو أبو الفرج رزق هللا بن دبد العزٌز‪ ،‬الشٌخ اإل مام والمعمر الوادظ ربٌس ا لحنابلة‬
‫فً بؽداد‪ ،‬جمع دلوم القرآ ن والفقه والحدٌث والودظ‪ ،‬وكانت له حلقة للودظ واإلفتاء فً جامع المنصور‪،‬‬
‫ثم انتقل إ لى دار الخبلفة بباب المراتب‪ ،‬توفً فً بؽداد سنة(‪ٗ11‬هـ‪ٔٓ9٘/‬م)‪ ،‬ودفن فً دارل بباب‬
‫ٕٗ‬
‫أؽؼش‪ ،ٞ‬دخً أث‪ٛ٠ ٛ‬عف ‪ٚ‬لبي‪ " :‬أ‪ ٗ٠‬اٌقذس لذ اعزّغ ػٕذن سإ‪ٚ‬ط أً٘ إٌبس‪ ،‬فمبي‪ :‬و‪١‬ف؟‪،‬‬
‫فمبي‪ :‬أٔب ِؼزضٌ‪٘ٚ ٟ‬زا ِؾجٗ ‪ٚ‬رٌه اؽؼش‪ٚ ٞ‬ثؼنٕب ‪٠‬ىفش ثؼنبً " ( ٔ) ‪.‬‬
‫‪ٚ‬ػٍ‪ ٝ‬اٌشغُ ِٓ أْ رٌه اٌؼقش وبْ اٌزؼقت اٌّز٘ج‪ ٟ‬عّخ ِٓ عّبرٗ اٌجبسصح‪ ،‬اال أٔٗ‬
‫ػشف أ‪٠‬نبً ثظب٘شح رغ‪١١‬ش اٌّزا٘ت ( ٕ) ‪٠ٚ ،‬جذ‪ ٚ‬أْ أزمبي اٌؾٕبثٍخ اٌ‪ ٝ‬اٌّز٘ت اٌؾبفؼ‪ ٟ‬وبْ‬
‫أِشاً وض‪١‬ش اٌؾذ‪ٚ‬س اٌ‪ ٝ‬دسعخ أصػغذ أؽذ أئّز‪ ٛ٘ٚ ُٙ‬أث‪ ٛ‬اٌ‪ٛ‬فبء ثٓ‬
‫ػم‪(ً١‬دٖٔ٘٘ـ‪ ،)َٔٔٔ6/‬ار لبي‪ٚ " :‬لذ سأ‪٠‬ذ أوضش أػّبي إٌبط ال ‪٠‬مغ اال ٌٍٕبط اال ِب‬
‫ػقُ هللا "( ٖ)‪ ،‬أ‪ ٞ‬أْ اغٍت إٌبط ال ‪٠‬جزغ‪ ِٓ ْٛ‬ػٍّ‪ٚ ُٙ‬عٗ هللا‪ ،‬ثً ‪٠‬ؾب‪ ٌْٛٚ‬اٌزمشة ِٓ‬
‫ر‪ ٞٚ‬إٌف‪ٛ‬ر ‪ٚ‬اٌغٍطخ هّؼبً ف‪ ٟ‬اٌذٔ‪١‬ب ‪.‬‬

‫أِب اٌغجت اٌشئ‪١‬ظ اٌز‪ ٞ‬دفغ ثؼل اٌفم‪ٙ‬بء ٌزغ‪١١‬ش ِزا٘ج‪ ٛ٘ ُٙ‬هّ‪ٛ‬ػ ثؼن‪ ُٙ‬ف‪ً١ٔ ٟ‬‬
‫اٌّشاوض اٌّ‪ّٙ‬خ اٌز‪ ٌُ ٟ‬رّىٕ‪ِ ُٙ‬زا٘ج‪ٍٙ١ٔ ِٓ ُٙ‬ب‪ ِٓٚ ،‬اٌّؼٍ‪ َٛ‬أْ ثؼل اٌّذاسط وبٔذ‬
‫رخنغ ٌؾش‪ٚ‬ه ‪٠‬نؼ‪ٙ‬ب اٌ‪ٛ‬الف ‪ ،‬فبٌّذسعخ إٌظبِ‪١‬خ ف‪ ٟ‬ثغذاد ِذسعخ ؽبفؼ‪١‬خ ال ‪٠‬غّؼ ٌّٓ‬
‫‪٠‬ذسّ ط ف‪ٙ١‬ب أ‪٠ ٚ‬ؼًّ ف‪ٙ١‬ب ِٓ اٌّ‪ٛ‬ظف‪ ٓ١‬اال أْ ‪٠‬ى‪ ْٛ‬ؽبفؼ‪١‬بً‪ِٚ ،‬ذسعخ أث‪ ٟ‬ؽٕ‪١‬فخ ال ‪٠‬ذسط ث‪ٙ‬ب‬
‫اال اٌؾٕف‪١‬خ ‪٘ٚ‬ىزا ( ٗ) ‪.‬‬

‫اْ ظب٘شح رغ‪١١‬ش اٌّزا٘ت ٌُ رغٍُ ِٓ أزمبد اٌؾؼشاء فؼٕذِب رؾ‪ٛ‬ي اثٓ اٌّجبسن‬
‫اٌ‪ٛ‬اعط‪ )٘ (ٟ‬ػٓ ِز٘ت اؽّذ اٌ‪ِ ٝ‬ز٘ت أث‪ ٟ‬ؽٕ‪١‬فخ صُ اٌ‪ِ ٝ‬ز٘ت اٌؾبفؼ‪ٔ ،ٟ‬ظُ اٌّئ‪٠‬ذ اثٓ‬
‫اٌزىش‪٠‬ز‪ ٟ‬ف‪ ٟ‬ؽمٗ أث‪١‬بربً لبي ف‪ٙ١‬ب ‪:‬‬

‫اٌ‪ِ ٛ‬ع‪ِ َٗ ْ١‬س َعب ٌَ ًخ ‪ِ َٚ ...‬ا ْْ َوبَْ الَ رُغْ ِذ‪َ ٌَ ٞ‬ذ‪ ِٗ ْ٠‬اٌ َّش َعب ِئ ًُ‬ ‫َ‪ُِ ْٓ َِ ٚ‬جْ ٍِغٌ ػَ ِّٕ‪َ ٟ‬‬
‫بْ ثَؼْ َذ اثٓ َؽْٕجَ ًٍ ‪َ َٚ ...‬رٌِهَ ٌَ َّّب أَ ْػ َ‪َ ٛ‬صرْه اٌّآ ِو ًُ‬ ‫ْذ ٌٍُِّٕ َ‬
‫ؼّْ ِ‬ ‫رَ َّ ْزَ٘ج َ‬
‫بف ًُ‬‫‪ ٜٛٙ‬اٌ َّ ِز‪َ َٛ ُ ٘ ٞ‬ؽ ِ‬ ‫شد َسأْ‪ ٞ‬اٌؾَّبفِ ِؼ ّ‪ِ ٟ‬د‪َ٠‬بَٔخً ‪ِ ٌََٚ ...‬ىٕ َّ َّب رَ َ‬ ‫اخزَ َ‬ ‫َ‪َِ ٚ‬ب ْ‬
‫( ‪)ٙ‬‬
‫فبئِ ٌش ‪ِ ...‬اٌَ‪َِ ٝ‬بٌِ ٍه فَبفْطَ ْٓ ٌِ َّب أََٔب لَبئِ ًُ‬ ‫ه َ‬ ‫ذ الَ َؽ َّ‬‫َ‪ٚ‬ػَ َّّب لٍَِ‪ ًٍْ ١‬أَْٔ َ‬

‫أِب ِ‪ٛ‬لف اٌخالفخ اٌؼجبع‪١‬خ ِٓ ٘زٖ اٌّزا٘ت‪ ،‬فىبْ ِزجب‪ً ٕ٠‬ب‪ ،‬فجؼل اٌخٍفبء اٌؼجبع‪ ٓ١١‬دػُ‬
‫أ ؽذ ٘زٖ اٌّزا٘ت ػٍ‪ ٝ‬ؽغبة اٌّزا٘ت األخش‪ٌٚ ،ٜ‬ىٓ اغٍت اٌخٍفبء اٌؼجبع‪ ٓ١١‬ارجغ ع‪١‬بعخ‬
‫اٌؾ‪١‬بد ‪ٚ‬ػذَ االٔؾ‪١‬بص ٌّز٘ت د‪ ْٚ‬ا‪٢‬خش ‪.‬‬

‫فبٌخٍ‪١‬فخ اٌّغزن‪ٟ‬ء ثؤِش هللا (‪٘٘4٘- ٘ٙٙ‬ـ‪ ،)َٔٔ1ٓ- ٔٔ4ٓ/‬رمشة ِٓ اٌؾٕبثٍخ ‪ٚ‬لذ‬
‫لشة اٌ‪ ٗ١‬اٌىض‪١‬ش ِٓ فم‪ٙ‬بء اٌؾٕبثٍخ اثشصُ٘ أث‪ ٛ‬اٌفشط ػجذاٌشؽّٓ اثٓ اٌغ‪ٛ‬ص‪ٞ‬‬

‫المراتب‪ ،‬ثم نقل إ لى مقبرة اإلمام أحمد‪ ،‬ابن أبً ٌعلى‪ ،‬أبو الحسٌن محمد بن محمد‪ ،‬طبقات الحنابلة‪ ،‬تحقٌق‬
‫محمد حامد الفقً‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار المعرفة‪(،‬بٌروت‪ ،‬د‪.‬ت)‪،‬جٕ‪،‬ص ٕٔ٘ ؛ الاهبً‪ ،‬سٌر‪. ٙٔٓ/ٔ1 ،‬‬
‫)ٔ) ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪ ٕٕ/ٔ7 ،‬؛ سبط ابن الجوزي‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗ7ٔ/ٔ9 ،‬‬
‫)ٕ) بدوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. ٔ1ٙ‬‬
‫)ٖ) ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. ٕ٘/ٔ7 ،‬‬
‫)ٗ) فهد‪ ،‬تارٌخ العراق‪ ،‬ص ‪. ٖٗ1‬‬
‫)٘) ابن المبارك‪ :‬هو وجٌه الدٌن أبو بكر المبارك بن المبارك الواسطً‪ ،‬ولد فً واسط (ٕٖ٘هـ‪ٖٔٔ1/‬م)‬
‫مدم إلى بؽداد مع والدل‪ ،‬كان شدٌد الاكاء كثٌر الحفظ‪ ،‬مضطلع بعلوم كثٌرة ومنها النحو واللؽة والتفسٌر‬
‫وؼٌرل‪ ،‬توفً فً بؽداد سنة(ٕٔ‪ٙ‬هـ‪ٕٔٔ٘/‬م)‪،‬الاهبً ‪ ،‬سٌر‪. 11/ٕٕ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬المصدر نفسه‪. ٔ1/ٕٕ،‬‬
‫ٕ٘‬
‫(د‪٘٘64‬ـ‪ ،)َٕٔٓٓ/‬ار أرْ ٌٗ اٌخٍ‪١‬فخ اٌغٍ‪ٛ‬ط ثجبة ثذس فىبْ ‪٠‬ؼمذ ِغبٌظ ‪ٚ‬ػظٗ ( ٔ) ‪ٚ‬وبْ‬
‫اثٓ اٌغ‪ٛ‬ص‪٠ ٞ‬غزمً ٘زٖ اٌّغبٌظ ٌٍذػب‪٠‬خ ٌٍخٍ‪١‬فخ‪ ،‬وّب أْ اٌخٍ‪١‬فخ وبْ ‪٠‬ؾشؿ ػٍ‪ ٝ‬ؽن‪ٛ‬س‬
‫٘زٖ اٌّغبٌظ ( ٕ) ‪ ،‬وّب أْ اثٓ اٌغ‪ٛ‬ص‪ ٞ‬رمشة اٌ‪ ٝ‬اٌخٍ‪١‬فخ ثزؤٌ‪١‬ف وزبث‪ّ٘ ٓ١‬ب(اٌّقجبػ اٌّن‪ٟ‬ء‬
‫ف‪ ٟ‬خالفخ اٌّغزن‪ٟ‬ء‪ٚ ،‬إٌقشح ػٍ‪ِ ٝ‬قش) ثؼذ اٌمنبء ػٍ‪ ٝ‬اٌذ‪ٌٚ‬خ اٌفبهّ‪١‬خ ف‪ِ ٟ‬قش ( ٖ) ‪.‬‬

‫ٌُ ‪٠‬مزقش دػُ اٌخٍ‪١‬فخ اٌّغزن‪ٟ‬ء ػٍ‪ ٝ‬اثٓ اٌغ‪ٛ‬ص‪ ٞ‬فمو‪ ،‬ثً ػًّ ػٍ‪ ٝ‬دػُ اٌؾٕبثٍخ‬
‫ثق‪ٛ‬سح ػبِخ فمذ اِش اٌخٍ‪١‬فخ عٕخ(ٗ‪٘٘4‬ـ‪ ،)َٔٔ41/‬ثؼًّ ٌ‪ٛ‬ػ ٔقت ػٍ‪ ٝ‬لجش اإلِبَ أؽّذ‬
‫ثٓ ؽٕجً‪ ،‬وزت ف‪ٚ ٟ‬عطٗ " ٘زا لجش ربط اٌغٕخ ‪ٚ‬ؽ‪١‬ذ األِخ اٌؼبٌ‪ ٟ‬اٌ‪ّٙ‬خ‪ ،‬اٌؼبٌُ اٌؼبثذ اٌفم‪ٗ١‬‬
‫اٌضا٘ذ اإلِبَ أث‪ ٟ‬ػجذهللا أ ؽّذ ثٓ ِؾّذ ثٓ ؽٕجً اٌؾ‪١‬جبٔ‪ ٟ‬سؽّٗ هللا " ( ٗ)‪ ،‬وّب اِش اٌخٍ‪١‬فخ أْ‬
‫أْ رجٕ‪ ٝ‬دوخ ثغبِغ اٌمقش ٌٍؾ‪١‬خ أث‪ ٟ‬اٌفزؼ اثٓ إٌّ‪ ٝ‬اٌؾٕجٍ‪ِّ ٟ‬ب أصبس عخو اٌّزا٘ت األخش‪ٜ‬‬
‫( ٘) ‪٠ٚ ،‬م‪ٛ‬ي اثٓ اٌغ‪ٛ‬ص‪ ٞ‬ػٓ ِ‪ ً١‬اٌخٍ‪١‬فخ ٌٍؾٕبثٍخ‪ " :‬عؼً إٌبط ‪٠‬م‪٘ ٌٟ ٌْٛٛ‬زا ثغججه‪ ،‬فؤٔٗ ِب‬
‫ِب اسرفغ ٘زا اٌّز٘ت ػٕذ اٌغٍطبْ ؽز‪ِ ٝ‬بي اٌ‪ ٝ‬اٌؾٕبثٍخ اال ثغّبع والِه‪ ،‬فؾىشد هللا رؼبٌ‪ٝ‬‬
‫ػٍ‪ ٝ‬رٌه " ( ‪. )ٙ‬‬
‫أِب اٌخٍ‪١‬فخ إٌبفش ٌذ‪ ٓ٠‬هللا فب ٔٗ ارجغ ع‪١‬بعخ ر‪ٛ‬ف‪١‬م‪١‬خ ث‪ ٓ١‬ارجبع اٌّزا٘ت اٌّخزٍفخ‪ٚ ،‬اٌذٌ‪ً١‬‬
‫ػٍ‪٘ ٝ‬زٖ اٌغ‪١‬بعخ ‪ ،‬ا ٔٗ وبْ ‪٠‬ذػ‪ ٛ‬ؽ‪١‬خ اٌؾٕبثٍخ اثٓ اٌغ‪ٛ‬ص‪ٌ ٞ‬ؼمذ ِغٍظ ‪ٚ‬ػظٗ ثجبة ثذس‬
‫ٌ‪١‬غزّغ ٘‪ٚ ٛ‬أٍ٘ٗ ٌّ‪ٛ‬اػظٗ ( ‪ٚ ،)4‬رؤو‪١‬ذاً ٌ‪ٙ‬زٖ اٌغ‪١‬بعخ فبْ اٌخٍ‪١‬فخ إٌبفش عؼً ِؾ‪ٙ‬ذ ِ‪ٛ‬ع‪ٝ‬‬
‫اٌىبظُ إِٓبً ٌّٓ الر ثٗ ( ‪ٚ ،)1‬ف‪ ٟ‬عٕخ (‪٘ٙٓ1‬ـ‪ ،)َٕٔٔٔ/‬أِش اٌخٍ‪١‬فخ أْ ‪٠‬مشأ ِغٕذ اإلِبَ‬
‫رمل ػٍ‪ ٝ‬اٌفزٓ ثق‪ٛ‬سح ٔ‪ٙ‬بئ‪١‬خ‬
‫ِ‬ ‫اؽّذ ف‪ ٟ‬اٌّؾ‪ٙ‬ذ ٔفغٗ ( ‪ٚ ،)6‬ػٍ‪ ٝ‬اٌشغُ ِٓ أْ ٘زٖ اٌغ‪١‬بعخ ٌُ‬
‫ٔ‪ٙ‬بئ‪١‬خ اال أٔ‪ٙ‬ب اعزطبػذ أْ رؾذ ِٕ‪ٙ‬ب ‪.‬‬

‫أِب اٌخٍ‪١‬فخ اٌّغزٕقش ثبهلل فمذ ‪ٚ‬لف ػٍ‪ ٝ‬أعجبة ٘زٖ اٌفزٓ ‪ٚ‬اٌقشاػبد اٌّز٘ج‪١‬خ‬
‫‪ٚ‬د‪ٚ‬افؼ‪ٙ‬ب ‪ ،‬فؼًّ ػٍ‪ٚ ٝ‬أد٘ب ‪ٚ‬اٌمنبء ػٍ‪ٙ١‬ب ‪ٚ‬رٌه ثؤٔؾبئٗ ٌٍّذسعخ اٌّغزٕقش‪٠‬خ ثبٌمشة ِٓ‬
‫اٌّذسعخ إٌظبِ‪١‬خ ‪ٚ‬عؼٍ‪ٙ‬ب ‪ٚ‬لفبً ػٍ‪ ٝ‬أفؾبة اٌّزا٘ت األسثؼخ ( ٓٔ) ‪.‬‬

‫‪ٚ‬ف‪ ٟ‬عٕخ (ٖٖ‪٘ٙ‬ـ‪ ،)َٕٖٔ٘/‬أِش اٌخٍ‪١‬فخ اٌّغزٕقش أْ ‪ٛ٠‬صع اٌف د‪ٕ٠‬بس ػٍ‪ ٝ‬فمشاء‬
‫ِؾ‪ٙ‬ذ اٌؾغ‪( ٓ١‬ػٍ‪ ٗ١‬اٌغالَ) ( ٔٔ)‪ٚ ،‬ف‪ ٟ‬عٕخ (ٖٗ‪٘ٙ‬ـ‪ ،)َٕٖٔٙ/‬صاس اٌخٍ‪١‬فخ اٌّغزٕقش ثبهلل‬

‫)ٔ) ابن رجب ‪،‬المصدر السابق ‪. ٗٓٗ/ٔ ،‬‬


‫)ٕ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗٓٗ/ٔ،‬‬
‫)ٖ) المصدر نفسه‪. ٗٓٗ/ٔ،‬‬
‫)ٗ) ابن الجوزي‪،‬المنتظم‪ ٕٗ9 /ٔ1،‬؛ ابن كثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪ ٕ٘1/ٔٙ،‬؛ الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم‪،‬‬
‫ٕٔ‪. ٗٙ9/‬‬
‫)٘) الاهبً‪ ،‬المصدر نفسه‪. 11/ٕٔ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬المنتظم‪. ٕٗ9/ٔ1 ،‬‬
‫)‪ )7‬ابن جبٌر‪ ،‬المصدر السابق ‪،‬ص ‪. ٔ7ٙ‬‬
‫)‪ )1‬الاهبً‪ ،‬تارٌخ إالسبلم‪. ٗٙ9/ٕٔ،‬‬
‫)‪ )9‬المصدر نفسه‪. ٖ٘/ٖٗ ،‬‬
‫)ٓٔ) بدوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬صٕٕٓ ‪.‬‬
‫)ٔٔ) الؽسانً‪ ،‬المصدر السابق ‪،‬ص ٓ‪. ٗ7‬‬
‫‪ٕٙ‬‬
‫ِؾ‪ٙ‬ذ ِ‪ٛ‬ع‪ ٝ‬ثٓ عؼفش ‪ٚ‬اِش أْ رقشف صالصخ االف د‪ٕ٠‬بس ػٍ‪ ٝ‬اٌؼٍ‪ ٓ٠ٛ‬اٌّم‪ ٓ١ّ١‬ف‪ِ ٟ‬ؾب٘ذ‬
‫ػٍ‪ ٟ‬ثٓ أث‪ ٟ‬هبٌت(سم‪ ٟ‬هللا ػٕٗ)‪ِٚ ،‬ؾ‪ٙ‬ذ اٌؾغ‪ِٚ ٓ١‬ؾ‪ٙ‬ذ ِ‪ٛ‬ع‪ ٝ‬ثٓ عؼفش ( ٔ) ‪.‬‬

‫‪ٚ‬لذ ارجغ اٌخٍ‪١‬فخ اٌّغزؼقُ ثبهلل اٌغ‪١‬بعخ ٔفغ‪ٙ‬ب اٌز‪ ٟ‬ارجؼ‪ٙ‬ب عٍفٗ فىبْ ‪٠‬ؾشؿ ػٍ‪ ٝ‬ص‪٠‬بسح‬
‫اٌّؾب٘ذ ‪٠ٚ‬شػ‪ ٝ‬فمشاء٘ب ( ٕ) ‪ ،‬وّب أٗ أِش أْ ‪٠‬ؼبد رشِ‪ ُ١‬ع‪ٛ‬س ِؾ‪ٙ‬ذ ِ‪ٛ‬ع‪ ٝ‬ثٓ عؼفش اٌز‪ٞ‬‬
‫وبْ لذ غشق ف‪ ٟ‬عٕخ (‪٘ٙٗ4‬ـ‪. )ٖ ()َٖٔٗ6/‬‬

‫ِٓ خالي ِب روشٔبٖ عبثمبً ‪ّ٠‬ىٓ اٌم‪ٛ‬ي أْ اٌخٍفب ء وبٔ‪ٛ‬ا ِٓ ‪ٚ‬ع‪ٙ‬خ ٔظش ؽشػ‪١‬خ ال ‪ٍْٛ١ّ٠‬‬
‫اٌ‪ ٝ‬أ‪ِ ٞ‬ز٘ت ؽشفبً ػٍ‪ ٝ‬اٌ‪ٛ‬ؽذح ‪ٚ‬ػذَ اٌزفشلخ ‪ٚ‬أ‪ ُٙ‬أئّخ ٌغّ‪١‬غ اٌّغٍّ‪ٚ ٓ١‬سػبح ٌّقبٌؼ‬
‫ثالد اإلعالَ لبهجخً ‪.‬‬

‫)ٔ )‬
‫ابن الفوطً‪ ،‬الحوادث الجامعة‪،‬ص٘‪. 9‬‬
‫)ٕ )‬
‫مدحات ‪،‬الحٌاة االجتمادٌة فً بؽداد‪ ،‬ص ٖ٘ ‪.‬‬
‫)ٖ )‬
‫ابن الفوطً‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬صٖٖٕ ‪.‬‬
‫‪ٕ7‬‬
‫الفصل األول‬
‫التعرٌف بالحنابلة فً بغداد من القرن السادس إلى منتصف القرن السابع‬
‫للهجرة‬
‫المبحث األول‬
‫التعرٌف بالحنابلة وتطور مذهبهم‬

‫التعرٌف بالحنابلة‬

‫ٌنسب الحنابلة إلى المحدث الفقٌه اإلمام أحمد بن حنبل (ٗ‪ٕٗٔ- ٔٙ‬هـ‪1٘٘- 71ٓ/‬م)‬
‫( ٔ) ‪ ،‬ومد برز الدور الكبٌر لؤلمام أحمد بٌن أوساط العامة والخاصة من خبلل ما مدمه من‬
‫أفكار وآراء سٌاسٌة ودٌنٌة واجتمادٌة وأصبحت من بعدل من القوادد والمبادئ األساسٌة‬
‫المهمة التً سار دلٌها أصحابه‪ ،‬فقد مامت من خبللها وبجهود تبلمٌال وأصحابه رابع‬
‫المدارس الفقهٌة اإلسبلمٌة التً دادت بؤثار إٌجابٌة دلى مستوى الفكر والسٌاسة والمجتمع‬
‫( ٕ) ‪.‬‬

‫ومن األمور التً أدت إلى ظهور الحنا بلة فً ومت مبكر هو دور اإلمام أحمد فً أٌام‬
‫المحنة ( ٖ) ‪ ،‬فكان انتصارل دلى القابلٌن بخلق القرآن الدور الكبٌر فً بروز نجمه حتى أصبح‬

‫)ٔ) الاهبً‪ ،‬سٌر‪. ٖ٘٘/ٔٔ ،‬‬


‫)ٕ) الدلٌمً‪ ،‬دكاب ٌوسؾ جمعة‪ ،‬الحنابلة فً بؽداد(‪ٗٗ7‬هـ ‪٘7٘-‬هـ‪ٔٓ٘٘/‬م ‪ ٔٔ79-‬م)‪،‬أطروحة دكتورال‬
‫(ؼٌر منشورة)‪ ،‬كلٌة اآل داب‪ ،‬جامعة الموصل‪ ،)ٕٓٓٓ(،‬ص‪. ٕ9‬‬
‫ً‬
‫)ٖ) موضوع المحنة ماكور بإسهاب فً كتب التارٌخ والكتب التً ترجمت لئلمام أحمد‪ ،‬انظر مثبل ابن‬
‫الجوزي ‪ ،‬أبً الفرج دبد الرحمن بن دلً بن محمد‪ ،‬منامب اإلمام أحمد‪ ،‬تحقٌق دبدهللا بن دبد المحسن‬
‫‪ٕ1‬‬
‫رمزاً من رموز أهل السنة ( ٔ) ‪ ،‬بل وصؾ بؤنه " الناصر للدٌن والمناضل دن السنة‬
‫والصابر فً المحنة " ( ٕ) ‪.‬‬
‫ومد ظهرت مكانة اإلمام االجتمادٌة دند وفاته‪ ،‬فحٌن توفً اإلمام ٌوم الجمعة (ٕٔ‬
‫ربٌع األول سنة (ٕٔٗهـ‪ ، )ٖ ( )1٘٘/‬فقد ضامت الشوارع المحٌطة بمسكنه بالناس ( ٗ)‪ ،‬ومد‬
‫حضر ؼسله نحواً من مبة من بٌت الخبلفة من بنٌن هاشم‪ ،‬فجعلوا ٌقبلونه بً دٌنٌه وٌددون‬
‫له وٌترحمون دلٌه ( ٘) ‪،‬‬

‫وخرج الناس بنعشه والخبلبق حوله ال ٌعلم دددها إال هللا ( ‪ ،)ٙ‬ومد وصؾ ابن كثٌر‬
‫كثرة الناس حول الجنازة بقوله‪ " :‬لو جمعهم سلطان ماهر ودٌوان حاصر لما بلؽو هال الكثرة‬
‫التً أجتمعوها فً جنازته " ( ‪ ، )7‬ولم ٌستطٌعوا دفنه إال بعد العصر من شدة الزحام ( ‪. )1‬‬

‫إن دظم هال الجنازة تإكد ما ماله اإلمام أحمد بن حنبل‪ " :‬مولوا ألهل البدع بٌننا وبٌنكم‬
‫الجنابز حٌن تمر " ( ‪ ، )9‬ومد مال المتوكل لمحمد بن دبد هللا بن طاهر( ٓٔ)‪ ،‬الاي صلى دلى‬
‫جنازة اإلمام أحمد‪ " :‬طوبى لك صلٌت دلى أحمد بن حنبل " ( ٔٔ)‪ ،‬وٌقول ابن كثٌر‪ " :‬ما‬
‫بلؽنً أن جمعا ً فً الجاهلٌ ة وال فً اإلسبلم اجتمعوا فً جنازة اكثر من الجمع الاي اجتمع‬
‫دلى جنازة أحمد بن حنبل " ( ٕٔ) ‪.‬‬

‫تركً‪ ،‬طٕ‪(،‬الرٌاض‪ ٔٗٓ9،‬هـ)‪ ،‬ص٘‪ٖ17- ٖ1‬؛ وابن كثٌر البداٌة والنهاٌة‪ٖ7ٓ/ٔٓ،‬؛ أبو زهرل‪ ،‬أحمد‬
‫بن حنبل‪ ،‬ص ‪ ٗٙ‬وما بعدها ‪.‬‬
‫)ٔ) الدلٌمً‪ ،‬الحنابلة فً بؽداد‪ ،‬ص‪. ٕٙ‬‬
‫)ٕ) السمعانً ‪ ،‬إالنساب‪. ٕ1ٓ/ٗ،‬‬
‫)ٖ) الاهبً‪ ،‬سٌر‪. ٖ٘٘/ٔٔ،‬‬
‫)ٗ) التركً‪ ،‬دبدهللا بن دبد المحسن ‪ ،‬الماهب الحنبلً دراسة فً تارٌخه وسماته واشهر أدبلمه ومإلفاته‪،‬‬
‫طٔ‪ ،‬مإسسة الرسالة‪(،‬بٌروت‪ ،)ٕٕٓٓ ،‬ج‪ ،‬صٓ‪ 9‬؛ آل بابطٌن ‪ ،‬دلً بن محمد باخٌّل ‪ ،‬مٌراث األزمنة‬
‫الصعبة سنوات الحنابلة فً بؽداد ‪ ،‬د‪.‬ط (د‪.‬م‪ٕٔٗ٘ ،‬هـ) ‪ ،‬ص٘٘ ‪.‬‬
‫)٘) العلٌمً‪ ،‬محً الدٌن أبً الٌمن دبد الرحمن بن محمد‪ ،‬المنهج األحمد فً تراجم أصحاب اإلمام أحمد‪،‬‬
‫حقق هاا الجزء ودلق دلٌه محمود األرناإوط‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار صادر‪(،‬بٌروت‪،)ٔ997 ،‬جٔ‪ ،‬ص٘ٔٔ ‪.‬‬
‫)‪ )ٙ‬المصدر نفسه‪. ٔٔٙ/ٔ ،‬‬
‫)‪ )7‬البداٌة والنهاٌة‪. ٔ٘1/ٔٗ،‬‬
‫)‪ )1‬الاهبً‪ ،‬سٌر‪. ٖٖ٘/ٔٔ ،‬‬
‫)‪ )9‬ابن كثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔ٘1/ٔٗ،‬‬
‫)ٓٔ) ٌقول صالح بن أحمد بن حنبل‪ :‬اردنا أن نصلً دلى أبً فجاءنا محمد بن دبدهللا بن طاهر نابب بؽداد‬
‫ودزانا فلما تقدمت مسك ؼلمان أبً طاهر بٌدي فقاال –األمٌر – فنحٌانً‪ ،‬وصلى هو‪ ،‬الاهبً‪ ،‬سٌر‪،‬‬
‫ٔٔ‪ ، ٖٖ1/‬وهناك ما ٌإكد صحة ما مام به نابب بؽداد فقد اخرج الحاكم فً المستدرك‪ ،‬من طرٌق أبً‬
‫حازم‪ ،‬مال‪ :‬انً لشاهد ٌوم مات الحسن بن دلً‪ ،‬فرأٌت الحسٌن بن دلً ٌقول لسعٌ د بن العاص وٌطعن فً‬
‫دنقه وٌقول ‪( :‬تقدم فلوال أنها سنة ما مدمتك)‪ ،‬وسعٌد أمٌر دلى المدٌنة ٌومبا وبٌنهما شًء‪ ،‬الحاكم‪ ،‬أبو‬
‫دبدهللا محمد بن دبدهللا‪ ،‬المستدرك دلى الصحٌحٌن‪ ،‬تحقٌق مصطفى دبد القادر دطا‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمٌة‪(،‬بٌروت‪ ،)ٔ99ٓ،‬جٖ‪،‬ص ‪. ٔ17‬‬
‫)ٔٔ) العلٌمً ‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔٔ٘/ٔ،‬‬
‫)ٕٔ) البداٌة والنهاٌة‪. ٖ7ٙ/ٔٓ،‬‬
‫‪ٕ9‬‬
‫أما مخالفول الاٌن وصفهم اإلمام بالمبتددة والقابلٌن بخلق القرآن فلم تكن لهم جنابز‬
‫مشهودل‪ ،‬فهاا القاضً أحمد بن أبً دإاد ( ٔ) ‪ ،‬لم تكن له جنازة تاكر إال القلٌل من أدوان‬
‫ٌصل دلٌه إال طابفة ٌسٌرة جداً ( ٗ) ‪ ،‬إن‬
‫ِ‬ ‫السلطان ( ٕ)‪ ،‬وكالك بشر بن ؼٌاث المرٌسً ( ٖ) ‪،‬لم‬
‫إن هإالء وأمثالهم من أهل البدع الاٌن سٌطروا لفترة طوٌلة دلى المناصب المهمة وسٌطروا‬
‫بالك دلى الساحة االجتمادٌة‪ ،‬وكان الناس ٌخافونهم فٌسكتون دن ضبللهم حتى ظن هإالء‬
‫أن لهم منزلة دند الناس‪ ،‬فقال لهم اإلمام أحمد هال المقولة الشهٌرة التً ترجمة وامعٌا ً فً‬
‫جنازته رحمه هللا تعالى‪.‬‬

‫نشأة المذهب الحنبلً‬

‫رصد المهتمون بتارٌخ الماهب الحنبلً أبرز الجهود التً بالت لتدوٌن المسابل الفقهٌة‬
‫لئلمام أحمد وتوثٌقها ودراستها ونشرها حتى تكاملت مسابل الماهب‪ ،‬فكان بالك آخر‬
‫المااهب الفقهٌة األربعة‪ ،‬ومد نشؤ هاا الماهب دبر مراحل ددة ‪:‬‬

‫المرحلة األولى ‪ :‬مرحلة نشوء الماهب وددم التدوٌن‪ ،‬فقد كان اإلمام أحمد بن حنبل شدٌد‬
‫الكراهٌة لتصنٌؾ الكتب التً تشتمل دلى التفرٌع والرأي‪ ،‬كما أنه كان ٌكرل أن ٌكتب كبلمه‬
‫( ٘)‪ ،‬حتى مال‪ " :‬بلؽنً أن الكوسج( ‪ٌ )ٙ‬روي دنً مسابل اشهدوا أنً مد رجعت دنها "‪ ،‬وبلػ‬
‫وبلػ الكوسج ما ماله اإلمام أحمد فوضع تلك المسابل فً جراب وحمله دلى دنقه إلى بؽداد‪،‬‬
‫ً‬
‫ثانٌة ( ‪. )7‬‬ ‫فدخل دلى اإلمام أحمد فعرض تلك المسابل دلٌه‪ ،‬فؤدجبه الك وامر له بها‬
‫وسبب رفض اإلمام تدوٌن كبلمه‪ ،‬هو من أجل أن ٌتمسك باألثر‪ ،‬فعلى الرؼم من دلم‬
‫اإلمام وجمعه للسنة النبوٌة وتفسٌرل لكتاب هللا‪ ،‬إال أنه لم ٌإلؾ كتابا ً فً الفقه‪ ،‬كما فعل فً‬

‫)ٔ) أحمد بن أبً دإاد‪ ،‬من كبار دلماء المعتزلة‪ ،‬تقرب من الخلٌفة المؤمون حتى والل مضاء القضاة‪،‬‬
‫واستمر فً هاا المنصب فً زمن المعتصم والواثق‪ ،‬ثم دزل فً دهد المتوكل‪ ،‬الزركلً‪ ،‬المصدر‬
‫السابق‪. ٕٔٗ/ٔ ،‬‬
‫)ٕ) ابن كثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔ٘1/ٔٗ،‬‬
‫)ٖ) بشر بن ؼٌاث المرٌسً العدوي‪ ،‬من كبار المعتزلة ومصنفٌهم‪ ،‬وكان متكلما ً ومناظراً ودادٌا ً إلى القول‬
‫بخلق القرآ ن من زمن هارون الرشٌد‪ ،‬توفً سنة (‪ٕٔ1‬هـ‪ 1ٖٖ/‬م)‪ ،‬الاهبً‪ ،‬سٌر‪. ٕٕٓ- ٔ99/ٔٓ ،‬‬
‫)ٗ) ابن كثٌر ‪،‬المصدر السابق‪. ٖ7ٙ/ٔٓ ،‬‬
‫)٘) ابن الجوزي‪ ،‬منامب اإلمام أحمد ‪،‬ص ٖ‪. ٔ9‬‬
‫)‪ )ٙ‬الكوسج هو إسحاق بن منصور بن بهرام أبو ٌعقوب المرواي ولد بمرو ورحل فً طلب العلم إلى‬
‫العراق والحجاز والشام‪ ،‬وهو احد أبمة الحدٌث‪ ،‬كان فقٌها ً دالماً‪ ،‬اسند دن اإلمام أحمد وروى دنه واخرج‬
‫دنه البخاري ومسلم ‪ ،‬سبط ابن الجوزي‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕ9ٕ /ٔ٘ ،‬‬
‫)‪ )7‬الخطٌب البؽدادي‪ ،‬المصدر السابق‪ ٖ1٘/7 ،‬؛ ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪ ٔ٘/ٕٔ ،‬؛ ابن الجوزي‪ ،‬منامب‪،‬‬
‫صٖ‪. 7ٗ- 7‬‬
‫ٖٓ‬
‫الحدٌث‪ ،‬وكان ؼاٌة ما كتب فً الفقه رسالة فً الصبلة كتبها إلى أمام صلى وراءل فؤساء فً‬
‫صبلت ه‪ ،‬ومع ددم رؼبته فً التدوٌن إال أن هللا مدر أن ٌدون ماهبه وٌنتشر ( ٔ) ‪.‬‬

‫ومن أوابل الاٌن نقلو فقه اإلمام أحمد ومسابله هو أحمد بن حمٌد أبو طالب ( ٕ)‪ ،‬ومد نقل‬
‫مسابل لم ٌنقلها ؼٌرل ( ٖ)‪ ،‬وكالك مهنا بن ٌحٌى الشامً ( ٗ)‪ ،‬من أصحاب اإلمام أحمد ومد‬
‫ثبلثة وأربعٌن سنة‪ ،‬ومد كتب دنه دبدهللا بن أحمد بن حنبل بضعة دشر جزءاً‬ ‫ً‬ ‫الزمه مهنا‬
‫( ٘)‬
‫‪ ،‬ومن هإالء أبو بكر المرواي‬ ‫من مسابل لم تكن دند دبدهللا دن أبٌه‬
‫( ‪(،)ٙ‬ت٘‪ٕ7‬هـ‪ 119/‬م)‪ ،‬كان من أجل أصحاب اإلمام أحمد‪ ،‬وكان اإلمام ٌقول له إاا بعثه فً‬
‫فً حاجة‪ " :‬كلما تقول فهو مولً ودلى ل سانً "‪ ،‬وهو الاي تولى إؼماض اإلمام وتؽسٌله‬
‫لما مات( ‪ ،)7‬وكالك دبد الملك المٌمونً ( ‪()1‬تٗ‪ٕ7‬هـ‪111‬م)‪،‬الاي الزم أحمد بن حنبل مرابة‬
‫مرابة الثبلثة دقود‪ ،‬وكان كل هال المدة ٌكثر األسبلة دلى اإلمام وٌستفتٌه‪ ،‬فكسب بالك تفوما ً‬
‫دن ؼٌرل بالماهب الحنبلً‪ ،‬حتى كتب ستة دشر جزءاً من مسابل اإلمام أحمد ( ‪. )9‬‬

‫)ٔ) دهٌش‪ ،‬دبد الملك بن دبدهللا‪ ،‬المنهج الفقهً العام لعلماء الحنابلة ومصطلحاتهم فً مإلفاتهم‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار‬
‫خضر‪(،‬مكة المكرمة‘ٕٓٓٓ)‪ ،‬ص ٖ‪ 7ٗ- 7‬؛ الحدٌدي ‪ ،‬ألق باسل إبراهٌم محمود ‪ ،‬دلماء الحنابلة‬
‫ودورهم فً الحركة الفكرٌة فً القرنٌن الثالث والرابع للهجرة‪ /‬التاسع والعاشر المٌبلدٌٌن ‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستٌر (ؼٌر منشورل) ‪ ،‬كلٌة اآلداب‪ ،‬جامعة الموصل ‪ ، )ٕٓٔ1(،‬ص ‪. ٕ1- ٕ7‬‬
‫)ٕ) أحمد بن حمٌد أبو طالب المشكانً‪ ،‬صاحب اإلمام أحمد‪ ،‬فقد نقل دن اإلمام أحمد مسابل تفرد بها‪،‬‬
‫وكان اإلمام ٌكرمه وٌعظمه‪ ،‬وكان فقٌراً صبوراً دلى فقرل‪ ،‬تعلم من اإلمام أحمد القنادة‪ ،‬الخطٌب‬
‫البؽدادي‪ ،‬المصدر السابق‪ ٔ91/٘،‬؛ سبط ابن الجوزي‪ ،‬المصدر السابق‪ ٔٗٙ/ٔ ،‬؛ الاهبً‪ ،‬تارٌخ‬
‫اإلسبلم‪ 991/٘،‬؛ السمعانً‪ ،‬إالنساب‪. ٕ1ٔ/ٕٔ،‬‬
‫)ٖ) الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم‪. ٕٔ7/ٙ،‬‬
‫)ٗ) مهنا بن ٌحٌى أبو دبدهللا الشامً الدمشقً ثم البؽدادي‪ ،‬من كبار أصحاب اإلمام أحمد‪ ،‬وكان ٌتجرأ دلى‬
‫دلى أبً دبدهللا وٌسؤله دن كبار المسابل‪ ،‬ومسابله اكثر من أن تحد‪ ،‬ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪ ٖٕٔ/ٔٙ،‬؛‬
‫سبط ابن الجوزي‪ ،‬المصدر السبق‪ ٕٕٗ/ٔ9،‬؛ الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم‪ ٕٔ7/ٙ ،‬؛ السمعانً‪ ،‬األنساب‪،‬‬
‫ٗ‪. ٗ1/‬‬
‫)٘) الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم‪. ٕٔ7/ٙ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬أحمد بن محمد بن الحجاج المرواي‪ ،‬المقدم من أصحاب اإلمام أحمد‪ ،‬كان أماما ً فً الفقه والحدٌث‪ ،‬وله‬
‫وله الكثٌر من التصانٌؾ‪ ،‬وروى دن اإلمام أحمد مسابل كثٌرة وأسند دنه األحادٌث‪ ،‬مات فً بؽداد سنة‬
‫(٘‪ٕ7‬هـ‪ 119/‬م)‪ ،‬ودفن بالقرب من مبر اإلمام أحمد‪ ،‬الخطٌب البؽدادي‪ ،‬المصدر السابق‪ ٔٗٓ/ٙ ،‬؛‬
‫الاهبً‪ ،‬العبر‪ ٖ9ٙ/ٔ ،‬؛ ابن العماد الحنبلً ‪،‬المصدر السابق‪. ٖٖٔ/ٖ،‬‬
‫)‪ )7‬سبط ابن الجوزي‪ ،‬المصدر السابق‪ ٖٔٔ/ٔٙ ،‬؛ أبو زهرل ‪ ،‬محمد ‪ ،‬ابن حنبل حٌاته ودصرل ‪-‬آراإل‬
‫وفقهه ‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار الفكر العربً‪(،‬د‪.‬م ‪ ،)ٔ9ٗ7،‬ص‪. ٔ79‬‬
‫)‪ )1‬المٌمونً‪ ،‬أبو الحسن دبد الملك بن دبد الحمٌد بن مهران المٌمونً‪ ،‬دالم الرمة ومفتٌها‪ ،‬كان اإلمام‬
‫أحمد ٌكرمه وٌحترمه‪ٌ ،‬قول أبو الحسن‪ :‬صحبت اإلمام أحمد من سنة(ٕ٘ٓ ‪ ٕٕ7-‬هـ)‪ ،‬وبعدها كنت اخرج‬
‫وامدم إلٌه بٌن الفٌنة واألخرى‪ ،‬ابن مفلح ‪،‬برهان الدٌن إبراهٌم بن مح مد بن دبدهللا‪ ،‬المقصد األرشد فً‬
‫اكر أصحاب اإلمام أحمد‪ ،‬تحقٌق دبد الرحمن بن سلٌمات العثٌمٌن‪ ،‬طٔ‪ ،‬مكتبة الرشد‪ (،‬الرٌاض‪،‬‬
‫ٕٓٓٓ)‪ ،‬جٕ‪ ،‬صٕٗ ؛ العلٌمً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٔٗ/ٕ ،‬‬
‫)‪ )9‬ابن أبً ٌعلى ‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٔ/ٔ،‬‬
‫ٖٔ‬
‫ومنهم أٌضاً‪ ،‬أبو ٌعقوب النٌسابوري ( ٔ) (ت ٘‪ٕ7‬هـ‪119/‬م)‪ ،‬الاي خدم اإلمام أحمد‬
‫وهو ابن تسع سنٌن والزمه إلى أن مات‪ ،‬وكان أحمد بن حنبل اختفى دندل أٌاما ً فً دهد‬
‫الخلٌفة الواثق باهلل‪ ،‬وكان اإلمام ٌزورهم فً دارل‪ ،‬وٌنبسط فً منزله‪ ،‬وتظهر الصلة‬
‫الواضحة بٌنه وبٌن اإلمام من خبلل المسابل التً نقلها دنه والتً كتبت فً ستة أجزاء ( ٕ) ‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫المرحلة الثانٌة‪ :‬مرحلة الجمع والتدوٌن‪ ،‬وهً مرحلة جمع المسابل واالدتناء بها‬
‫وتدوٌنها‪ ،‬وابرز رجال هال المرحلة أبو بكر الخبلل ( ٖ) (تٖٔٔهـ‪9ٕٗ/‬م)‪ ،‬الاي ٌعد من‬
‫اشهر رجال الماهب الحنبلً فً تلك الفترة ( ٗ)‪ ،‬فقد صرؾ دناٌته وجهدل لجمع دلوم اإلمام‬
‫اإلمام أحمد‪ ،‬فطاؾ الببلد لٌجتمع مع أصحاب اإلمام‪ ،‬وكتب ما روى دنه باإلسناد ‪،‬وبعد‬
‫جمعه لهال الرواٌات اخا ٌدرسها لتبلمٌال فً بؽداد ‪،‬ثم صنؾ الخبلل كتابا ً من تلك الرواٌات‬
‫اسمال (الجام ع)‪ ،‬وٌحتوي دلى أكثر من دشرٌن مجلداً فؤخا الناس ٌتناملونه وٌدرسونه بعد‬
‫أن كان رواٌات منثورة ورسابل منتشرة فً األمالٌم وفً صدور الرجال ( ٘) ‪.‬‬
‫ومن رجال هال المرحلة أٌضا ً دمر بن الحسٌن الخرمً( ‪( )ٙ‬تٖٖٗهـ‪9ٗ٘/‬م)‪ ،‬فقد برع‬
‫برع فً ماهب اإلمام أحمد وكان من أوابل من وضع المتون فً الماهب الحنبلً‪ ،‬ومد الؾ‬
‫كتابا ً سمال (مختصر الخرمً) ( ‪ ، )7‬ومد اشتمل هاا الكتاب دلى أؼلب مسابل الفقه‪ ،‬ولهاا ٌعد‬
‫الخرمً دبلمة بارزة فً تارٌخ الماهب الحنبلً ( ‪ ، )1‬والرجل اآلخر فً هال المرحلة هو‬
‫ؼبلم الخبلل ( ‪(،)9‬تٖ‪ٖٙ‬هـ‪97ٗ/‬م)‪ ،‬الاي كان أحد أهل العلم موثوما به‪ ،‬متسع الرواٌة‬
‫مشهور الدٌانة‪ ،‬كان معظما ً فً النفوس‪ ،‬متقدما ً دند الدولة‪ ،‬باردا ً فً ماهب اإلمام أحمد‬
‫‪.‬‬

‫)ٔ) أبو إسحاق إبراهٌم بن هانا النٌسابوري األصل البؽدادي السكن‪ ،‬خدم اإلمام أحمد منا صبال‪ ،‬مال اإلمام‬
‫اإلمام أحمد البن إسحاق‪ :‬لست أطٌق ما ٌطٌق أبوك من العبادة‪ ،‬كان اإلمام أحمد اختبؤ فً بٌته ثبلثة أٌام‪،‬‬
‫الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم‪ ٕٓٓ/ٕٓ،‬؛ العلٌمً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٗ1/ٔ ،‬‬
‫)ٕ) العلٌمً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٗ1/ٔ،‬‬
‫)ٖ) أبو بكر الخبلل هو أحمد ب ن محمد بن هارون‪ ،‬الفقٌه الاي افنى دمرل فً جمع مسابل ماهب اإلمام‬
‫أحمد وتصنٌفه‪ ،‬فسافر ألجلها وجمع منها ما لم ٌجمعه احد‪ ،‬وكل من ٌتبع هاا الماهب ٌؤخا منه‪ ،‬ابن‬
‫الجوزي‪ ،‬المنتظم‪ ٕٕٓ/ٖٔ ،‬؛ الاهبً‪ ،‬العبر‪. ٗٙٔ/ٔ ،‬‬
‫)ٗ) الؽامدي ‪،‬اٌاب بن سعد‪ ،‬معالم الما هب الحنبلً‪ ،‬طٔ‪(،‬مكة المكرمة‪ٖٔٗٙ ،‬هـ)‪ ،‬ص‪ ٖٔ1‬؛ أبو زهرل‪،‬‬
‫ابن حنبل ‪،‬ص ٔ‪. ٔ1ٕ- ٔ1‬‬
‫)٘) دهٌش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ٗ‪. 7‬‬
‫)‪ )ٙ‬الخرمً دمر بن الحسٌن بن دبد هللا أبو القاسم الخرمً‪ ،‬كان له الكثٌر من المصنفات‪ ،‬دلى ماهب‬
‫اإلمام أحمد‪ ،‬إال أنها لم تظهر ألنه خرج من بؽداد لما ظ هر سب الصحابة‪ ،‬فاودع كتبه فً دارل فاحترمت‬
‫هال الدار وما فً داخله‪ ،‬الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم‪. 17/ٖٔ ،‬‬
‫)‪ )7‬الؽامدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ٘‪ 7‬؛ الحدٌدي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. ٕ9‬‬
‫)‪ )1‬دهٌش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ٘‪. 7‬‬
‫)‪ )9‬ؼبلم الخبلل هو دبد العزٌز بن جعفر بن أحمد البؽدادي‪ ،‬الشٌخ و اإلمام والعبلمة‪ ،‬شٌخ الحنابلة‪ ،‬ولد‬
‫سنة(٘‪ٕ1‬هـ‪191/‬م)‪ ،‬تت لما دلى ٌد أبً بكر الخبلل وكان أ مرب الناس إلٌه‪ ،‬حتى لقب بهاا اللقب‪ٌ ،‬قول‬
‫دنه الاهبً ‪ ":‬من نظر فً كتابه الشافً درؾ محله من العلم"‪ ،‬الاهبً‪ ،‬سٌر‪. ٔٗٗ/ٔٙ ،‬‬
‫)ٓٔ) التركً‪ ،‬المرجع السابق ‪. ٕٔٔ/ٔ،‬‬
‫ٕٖ‬
‫المرحلة الثالثة‪ :‬مرحلة االستقرار واالنتشار‪ ،‬شهدت هال المرحلة استقرار الماهب فً‬
‫بؽداد ومن ثم انتشارل خارج بؽداد( ٔ)‪ ،‬وأن أنتشار الماهب خار ج بؽداد ٌدل دلى موته ومبول‬
‫ومبول الناس له ‪ ،‬وترجٌحه دلى ؼٌرل ( ٕ) ‪.‬‬

‫التطور التارٌخً للحنابلة‬

‫ٌمكن أن نبلحظ أن البوادر األولى للحنابلة ظهرت دندما ساند العامة اإلمام أحمد‬
‫بن حنبل سنة (‪ٕٔ1‬هـ‪1ٖٖ/‬م)‪ ،‬إبان المحنة التً تعرض لها ( ٖ)‪ ،‬ولو تتبعنا حركة الحنابلة‬
‫ونشاطهم نجد أنها بدأت بالظهور منا ومت مبكر‪ ،‬وبدأ واضحا ً مومؾ العامة منها واندفادهم‬
‫وراء الحنابلة وحركتهم داخل المجتمع البؽدادي والك بسبب الصراع مع المعتزلة (ٕٖٕ ‪-‬‬
‫ٕ٘ٗهـ‪1٘9- 1ٗٙ/‬م)‪ ،‬حٌث أخا هاا الصراع بتحرٌك الرأي العام ( ٗ) ‪.‬‬

‫فكانت أول إشارة للحنابلة فً دهد الخلٌفة المتوكل (ٕٖٕ ‪ٕٗ7-‬هـ‪1ٙٔ- 1ٗٙ/‬م)‪،‬من‬
‫خبلل الوشاٌة التً وصلت إلى الخلٌفة‪ ،‬والتً تقول‪ " :‬إن أصحاب أحمد ٌؤتون دلى أهل‬
‫البدع حتى ٌكون بٌنهما الشر" فكان جواب الخلٌفة لمن أوصل هاا الخبر‪ " :‬ال ترفع إلً من‬
‫خبرهم شٌبا ً وشد دلى أٌدٌهم فإنهم وصاحبهم من سادات محمد صلى هللا دلٌه وسلم " ( ٘) ‪.‬‬

‫وهناك حادثة أخرى تإكد مٌل الخلٌفة المتوكل للحنابلة‪ ،‬فقد اكر ابن أبً ٌعلى أن‬
‫الخلٌفة المتوكل كان له ولدان فضرب احدهما اآلخر فقال‪ " :‬خاها منً وأنا الهاشمً‬
‫العباسً "‪ ،‬ثم ضربه اآلخر ومال‪ " :‬خاها منً وأنا الؽبلم الحنبلً "‪ ،‬فنال بهاا القول أدجاب‬
‫الخلٌفة وامطعه ( ‪ ، )ٙ‬وهال اإلشارات خٌر دلٌل دلى مومؾ الخلٌفة المتوكل الدادم للحنابلة‬
‫ومنهجهم‪ ،‬كما أن الخلٌفة أراد أن ٌستعٌن بالحنابلة لددم سٌاسته فً إدارة شإون الخبلفة‬
‫العباسٌة‪ ،‬خاصة بعد أن خرج الحنابلة منتصرٌن دلى المعتزلة ‪.‬‬

‫ومد سار الخلٌفة المعتضد (‪ٕ19- ٕ79‬هـ‪ ،)9ٕٓ- 19ٕ/‬فً ددمه للحنابلة سٌرة سلفه‪،‬‬
‫فقد أمر فً بداٌة حكمه أن ٌنادى فً بؽداد " أن ال ٌعقد دلى الطرٌق وال فً المسجد الجامع‬
‫ماص وال صاحب نجوم وال زاجر‪ ،‬وحلؾ الورامٌن إال ٌبٌعوا كتب الكبلم والجدل والفلسفة "‬
‫( ‪ ،)7‬وٌبدو أن الخلٌفة المعتضد درؾ مسببات الجدل الماهبً والاي ؼالبا ً ما كان ٌنتهً‬

‫)ٔ )‬
‫ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔٙ- ٔ٘/ٔ،‬‬
‫)ٕ )‬
‫التركً‪ ،‬المرجع السابق‪. ٕٖ1/ٔ ،‬‬
‫)ٖ )‬
‫ابن األثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. 1ٓ/7 ،‬‬
‫)ٗ )‬
‫الدلٌمً‪ ،‬الحنابلة فً بؽداد ‪ ،‬ص‪. ٕ9‬‬
‫)٘ )‬
‫ابن أبً ٌعلى ‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔ٘/ٔ ،‬‬
‫)‪) ٙ‬‬
‫المصدر نفسه ‪. 7٘/ٕ ،‬‬
‫)‪) 7‬‬
‫ابن األثٌر ‪،‬المصدر السابق‪. ٗٙ1/ٙ ،‬‬
‫ٖٖ‬
‫بصرادات وفتن ماهبٌة‪ ،‬كما أنه أراد من هال اإلجراءات إرضاء الحنابلة الاٌن كانوا ٌمثلون‬
‫السواد األدظم من سكان بؽداد ‪.‬‬
‫وٌاكر أحد المإرخٌن فً حوادث سنة (ٖ‪ٕ1‬هـ‪19ٙ/‬م)‪ ،‬أن الخلٌفة المعتضد باهلل كتب‬
‫إلى جمٌع البلدان " أن ٌرد الفاضل من سهام الموارٌث إلى اوي األرحام "‪ ،‬وأبطل دٌوان‬
‫الموارٌث ( ٔ) ‪ ،‬فصارت منا الك الومت تقسم الموارٌث دلى مستحقٌها كما كانت تقسم فً‬
‫دهد رسول هللا(صلى هللا دلٌه وسلم) ( ٕ)‪ ،‬وهاا أٌضا ً وفق ماهب اإلمام أحمد ( ٖ)‪.‬‬

‫وفً مطلع ا لقرن الرابع الهجري ‪ /‬العاشر المٌبلدي ضادؾ الحنابلة جهودهم من أجل‬
‫نشر أفكارهم ‪ ،‬والتصدي لمعارضٌهم ‪ ،‬األمر الاي جعلهم ٌصطدمون مع العامة ‪،‬فحدثت‬
‫بٌنهم العدٌد من الفتن ‪ ،‬ومن هال الفتن ما اكرل ا بن األثٌر فً أحداث سنة (‪ ٖٓٙ‬هـ) ‪ ،‬إا مال‪:‬‬
‫ت فِ ْت َنة ِب َب ْؽدَ اد َبٌ َْن الْ َعامَّ ِة َوالْ َح َن ِابلَةِ‪َ ،‬فؤ َ َخ َا الْ َخلٌِ َف ُة َج َم َ‬
‫اد ًة مِ ْنهُ ْم َو َسٌ ََّر ُه ْم ِإلَى‬ ‫" َوفٌِ َها َو َم َع ْ‬
‫الْ َب َ‬
‫( ٗ)‬
‫‪ ،‬ودلى الرؼم من أنه لم ٌاكر سبب هال الفتنة ‪ ،‬إال أنها كانت كبٌرة‬ ‫صْر ِة َفحُ ِبسُوا "‬
‫األمر الاي دفع الخلٌفة المقتدر بن المعتضد (٘‪ٕ9‬هـ ‪ٖٕٓ-‬هـ‪9ٓ1/‬م ‪9ٖٕ-‬م) إلى التدخل‬
‫إلنهاء هال الفتنة ‪.‬‬

‫كما حدثت فتنة أخرى سنة (‪ٖٔ7‬هـ‪9ٕ9/‬م) بٌن جمادة أبً بكر المروزي وبٌن العامة‬
‫ُودا " ( ٘) ‪،‬‬ ‫‪ ،‬وكان سبب هال الفتنة هو تفسٌر موله تعالى‪َ " :‬د َسى أَنْ ٌَب َْع َث َك َرب َ‬
‫ُّك َم َقامًا َمحْ م ً‬
‫فكان الحنابلة ٌقولون ‪ :‬إن تفسٌر هال اآلٌة هو ان هللا دز وجل ٌجلس رسوله (دلٌه الصبلة‬
‫والسبلم) دلى العرش ‪،‬ومال اآلخرون‪ :‬إن المقام المحمود هو الشفادة العظمى للرسول ٌوم‬
‫القٌامة ‪ ،‬فنشب متال بٌن الجمادتٌن متل فٌها ددد كبٌر من الطرفٌن ( ‪. )ٙ‬‬

‫ودلى الرؼم من أن الحنابلة كانوا سببا ً فً حدوث الكثٌر من الفتن فً بؽداد إال أن‬
‫نشاطهم لم ٌكن موجها ً ضد الخبلفة العباسٌة ‪ ،‬ولم ٌحاولوا اإلطاحة بها ‪ ،‬بل كان هدفهم‬
‫االنتصار لماهبهم وادتقادهم ‪ ،‬دلى العكس من الحركات والفرق األخرى كالخوارج الاٌن‬
‫ثاروا دلى العباسٌٌن وحاولوا إسقاط دولتهم ( ‪. )7‬‬

‫)ٔ) ابن األثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪ ٗ9ٗ/ٙ ،‬؛ النوٌري‪ ،‬شهاب الدٌن أحمد بن دبد الوهاب‪ ،‬نهاٌة األرب فً‬
‫فنون األ دب‪ ،‬تحقٌق دبد المجٌد ترحٌنً‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪( ،‬بٌروت‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬جٕٕن صٕ٘٘ ؛‪.‬‬
‫)ٕ) أورد الترماي حدٌثا ً دن الرسول (صلى هللا دلٌه وسلم) انه مال‪(( :‬هللا ورسوله مولى من ال مولى له‪،‬‬
‫والخال وارث من ال وارث له))‪ ،‬الترماي‪ ،‬محمد بن دٌسى‪ ،‬سنن الترماي‪ ،‬تحقٌق بشار دواد معروؾ‪،‬‬
‫د‪.‬ط‪ ،‬دار الؽرب اإلسبلمً‪(،‬بٌروت‪،)ٔ991،‬جٖ‪،‬صٕ‪. ٗ9‬‬
‫)ٖ) ابن األثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪ ٗ9ٗ/ٙ،‬؛الاهبً‪ ،‬سٌر‪. ٖ٘1/ٔٗ،‬‬
‫)ٗ) الكامل فً التارٌخ ‪. ٙٙٓ/ٙ ،‬‬
‫)٘) سورة اإلسراء ‪ :‬اآلٌة (‪. )79‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن أبً ٌعلى ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ٔٓ/ٕ ،‬؛ أبو الفداء ‪ ،‬المصدر السابق ‪ 9ٗ/ٖ ،‬؛ دبلل ‪ ،‬خالد كبٌر ‪،‬‬
‫صفحات من تارٌخ أهل السنة والجمادة فً بؽداد (ٕٓٓ ‪٘ٓٓ-‬هـ‪ٔٔٓٙ- 1ٔ٘/‬م) ‪ ،‬د‪.‬ط ‪ ،‬مطبعة‬
‫هومة‪(،‬الجزابر ‪،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص ٘ٓٔ ‪.‬‬
‫)‪ )7‬دبلل ‪ ،‬صفحات من تارٌخ ‪ ،‬ص‪. ٔٓ7‬‬
‫ٖٗ‬
‫وفً القرن الرابع زاد نفوا الحنابلة فً بؽداد وظهر تؤثٌر حركتهم‪ ،‬وكان لهم صوت‬
‫مسموع لدى الخبلفة والعامة دلى حد سواء ( ٔ)‪ ،‬فقد بال الحنابلة جهداً كبٌراً فً هال المرحلة‬
‫والك من أجل تطبٌق تعالٌم إمامهم وآرابه الفكرٌة‪ ،‬خاصة فً دهد شٌخهم البربهاري ( ٕ)‪،‬‬
‫فكانت دبلم ته مع الخبلفة العباسٌة تمثل دبلمة الحنابلة مع الخبلفة‪ ،‬فضبلً دن الك كان له‬
‫دور مإثر فً تارٌخ الحنابلة فً بؽداد‪ ،‬والك من خبلل ددوته للتمسك بالسنة ومحاربة‬
‫البدع‪ ،‬واألمر بالمعروؾ والنهً دن المنكر ‪ ،‬حتى صار له هٌبة ونفوا لدى الخبلفة‬
‫والمجتمع ( ٖ)‪.‬‬

‫ومد اس تمر دور الحنابلة فً بؽداد وواصلوا منهجهم فً األمر بالمعروؾ والنهً دن‬
‫المنكر‪ ،‬ومد ومؾ بجانبهم العامة ألنهم وجدوا فٌهم الثورة دلى سوء األوضاع السٌاسٌة‬
‫واالمتصادٌة التً شهدتها بؽداد من تسلط تركً‪ ،‬وانتشار الفساد وكثرت االضطرابات التً‬
‫أدت إلى الؽبلء ( ٗ) ‪،‬وما ٌ دل دلى تنامً نفوا الحنابلة وازدٌاد موتهم فً هال الفترة هو أنهم‬
‫صاروا موة ال ٌستهان بها فً أثناء الفتن واالضطرابات‪ ،‬ففً سنة (‪ٕ9ٙ‬هـ‪9ٓ1/‬م)‪ ،‬وأثناء‬
‫فتنة ابن المعتز ومحاولته خلع الخلٌفة المقتدر باهلل‪ ،‬حدث متال بٌن الطرفٌن‪ ،‬ودندما أدرك‬
‫ابن المعتز أن كفة المقتدر هً الراجحة فً هاا القتال‪ ،‬حاول استمالة الحنابلة إلى جانبه ‪،‬‬
‫فؤمر ؼبلمه أن ٌنادي " ٌا معشر العامة اددوا لخلٌفتكم السنً البربهاري " ( ٘) ‪،‬إن هاا ٌدل‬
‫دلى الدور الكبٌر الاي ادال الحنابلة فً تلك الفترة‪ ،‬وأٌضا ً ٌدل دلى المكانة الكبٌرة‬
‫للبربهاري‪ ،‬اا وصفه ابن األثٌر بؤنه " مقدم الحنابلة والسنه من العامة " ( ‪. )ٙ‬‬

‫وما ٌإكد مكانة البربهاري وسعة نفوال دند العامة ما اكرل ابن أبً ٌعلى دن ابن بطة‬
‫مال‪ " :‬سمعت البربهاري ٌقول‪ :‬لما أخا الحاج ‪ -‬من مبل القرامطة ‪ٌ -‬ا موم إن َك َ‬
‫ان ٌحتاج ‪ -‬أي‬
‫الخلٌفة ‪ -‬إلى معاونة بمابة ألؾ دٌنار ومابة ألؾ دٌنار ومابة ألؾ دٌنار ‪ -‬خمس مرات ‪-‬‬
‫صلها من الناس " ( ‪. )7‬‬
‫داونته َما َل ابْن بطة‪ :‬لَ ْو أرادها لح ّ‬

‫وأشار ابن األثٌر فً أحداث سنة (ٖٕٖهـ‪9ٖٗ/‬م)‪ ،‬إلى ما وصل إلٌه الحنابلة من موة‬
‫ونفوا بقوله‪ " :‬وفٌها دظم امر الحنابلة ‪ ،‬وموٌت شوكتهم‪ ،‬وصاروا ٌكبسون دور القواد‬
‫والعامة وان وجدوا نبٌااً أرامول‪ ،‬وان وجدوا مؽنٌة ضربوها وكسرو آلة الؽناء‪ ،‬وادترضوا‬

‫)ٔ) إسمادٌل‪ ،‬شٌماء ٌونس‪ ،‬البربهاري(ت‪ٖٕ9‬هـ‪ ،)/ 9ٗٓ/‬ودبلمته بالخبلفة العباسٌة‪ ،‬مجلة التربة والتعلٌم‬
‫‪،‬العدد ٗ‪ ،‬مجلد ٕٓ‪ ،)ٕٖٓٔ(،‬صٗ‪. 9‬‬
‫)ٕ) البربهاري‪ :‬هو أبو محمد الحسن بن دلً بن خلؾ‪ ،‬العالم الزاهد ‪ ،‬كان مواال بالحق وال ٌخاؾ فً هللا‬
‫لومة البم ‪ ،‬شٌخ الحناب لة فً ومته‪ ،‬ومتقدمهم فً اإلنكار دلى أ هل البدع والمباٌنة لهم بالٌد واللسان ‪ ،‬وكان‬
‫له صٌت دند السلطان ومدم دند األصحاب‪ ،‬وكان أحد األ بمة العارفٌن‪ ،‬والحفاظ لؤلصول المتقٌن؛ ابن أبً‬
‫ٌعلى ‪ ،‬المصدر السابق‪ ٔ1/ٕ ،‬؛ ابن كثٌر ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ٕٓٔ/ٔٔ،‬؛ الاهبً ‪ ،‬سٌر ‪. 9ٓ/ٔ٘،‬‬
‫)ٖ) الدلٌمً‪ ،‬الحنابلة فً بؽداد‪ ،‬ص‪. ٖٙ‬‬
‫)ٗ) ابن األثٌر ‪ ،‬المصدر السابق‪. ٙ9/ٙ ،‬‬
‫)٘) مسكوٌه ‪ ،‬أبو دلً أحمد بن محمد بن ٌعقوب‪ ،‬تجارب األمم وتعامب الهمم‪ ،‬تحقٌق أبو القاسم أمامً‪،‬‬
‫طٕ‪ ،‬دار سروش‪( ،‬طهران‪ ،)ٕٓٓٓ ،‬ج٘‪ ،‬صٕ٘ ؛ آل بابطٌن ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ٓٓٔ ‪ٔٓٔ-‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن األثٌر ‪،‬المصدر السابق‪. ٘7ٔ/ٙ ،‬‬
‫)‪ )7‬طبقات الحنابلة ‪. ٖٗ/ٕ ،‬‬
‫ٖ٘‬
‫فً البٌع والشراء‪ ،‬ومشً الرجال مع النساء والصبٌان‪ ،‬فإاا رأوا الك سؤلول دن الاي معه‬
‫من هو‪ ،‬فؤخبرهم وإال ضربول وحملول إلى صاحب الشرطة وشهدوا دلٌه بالفاحشة‪ ،‬فؤرهبوا‬
‫بؽداد " ( ٔ) ‪.‬‬

‫ونتٌجة لهال المحاوالت اإلصبلحٌة ا لتً مام بها الحنابلة بعد أن ضعفت سلطة الخبلفة‬
‫العباسٌة فكثرت مظاهر الفساد‪ ،‬نادى صاحب الشرطة " إال ٌجتمع منهم اثنان وال ٌتناظرون‬
‫فً ماهبهم‪ ،‬وال ٌصلً منهم أمام إال ااا جهر ببسم هللا الرحمن الرحٌم‪ ،‬فً صبلة الصبح‬
‫والعشاءٌن " ( ٕ) ‪ ،‬إال أن الك لم ٌمنع الحنابلة من االستمرار فً إنكارهم للمنكرات‪،‬‬
‫ومحاربتهم لمظاهر اللهو والفساد ‪.‬‬

‫وبعد دخول البوٌهٌٌن إلى بؽداد وسٌطرتهم دلى الخبلفة العباسٌة‪ ،‬زاد نفوا الحنابلة‪،‬‬
‫خاصة بعد تشجٌع البوٌهٌٌن لبلدتزال ومٌلهم إلٌه ‪ ،‬حتى أ ن الكثٌر من البوٌهٌٌن تماهبوا‬
‫بماهب االدتزال ( ٖ) ‪ ،‬ونتٌجة لهاا التقارب بٌن البوٌهٌٌن والمعتزلة فان الخلٌفة المطٌع باهلل‬
‫(ٖٖٗ ‪ٖٖٙ-‬هـ‪ ،) 97ٗ- 9ٗٙ/‬تقرب من الحنابلة ودمل دلى استرضابهم‪ ،‬فٌاكر ابن الجوزي‬
‫أن الخلٌفة المطٌع التؾ حوله ددد كبٌر من الحنابلة فؤراد أن ٌكسب ثقتهم فقال‪ " :‬سمعت‬
‫شٌخً ابن بنت منٌع ٌقول‪ :‬سمعت أحمد بن حنبل ٌقول‪ :‬ااا مات أصدماء الرجل ال " ( ٗ) ‪.‬‬

‫وبما أن الحنابلة كانوا ال ٌتوانون دن إنكار المنكر بكافة أشكاله وبكل الطرق وفً كل‬
‫الظروؾ ‪ ،‬فقد دملوا دلى محاربة الفرق الضالة من خبلل التؤلٌؾ أو من خبلل الحلقات‬
‫العلمٌة ‪ ،‬فكانوا ٌحارون الناس خطورة تلك الفرق دلى العقٌدة والمجتمع ‪ ،‬فكان أبو بكر‬
‫أحمد بن النجاد( ٘) (ت‪ٖٗ1‬هـ‪9٘9/‬م) ‪ ،‬له حلقتان فً جامع المنصور ‪ ،‬الحلقة األولى مبل‬
‫صبلة الجمعة وكانت مخصصة للفتوى دلى ماهب اإلمام أحمد‪ ،‬أما الحلقة الثانٌة فكانت بعد‬
‫صبلة الجمعة وكانت مخصصة ألمبلء الحدٌث دلى طلبة العلم ( ‪ ، )ٙ‬كما ألؾ أبو القاسم‬
‫الساجً ( ‪( )7‬ت‪ٖ79‬هـ‪919/‬م)‪ ،‬مصنفا ً كبٌراً هو( البٌان دلى من خالؾ القرآن وما جاء فٌه‬
‫من صفات الرحمن وما مامت دلٌه أدلة البرهان)‪ ،‬ودنوان الكتاب ٌدل دلى إسهام صاحبه‬
‫فً التصدي لبلنحراؾ الفكري الاي كان شابعا ً فً الك العصر ( ‪. )1‬‬

‫)ٔ) الكامل فً التارٌخ‪. ٗٓ/7 ،‬‬


‫)ٕ) ابن األثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗٓ/7،‬‬
‫)ٖ) الاهبً‪ ،‬سٌر‪. ٖٙٗ/ٔ٘ ،‬‬
‫)ٗ) ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. ٗٙ/ٔٗ،‬‬
‫)٘) أبو بكر النجاد ‪:‬هو أبو بكر أحمد بن سلمان بن إسرابٌل ا لبؽدادي الحنبلً ‪ ،‬شٌخ العراق ‪ ،‬الفقٌه‬
‫المحدث‪ ،‬سمع من أبً داود السجستانً وروى دنه كتاب الناسخ ‪ ،‬وصنؾ دٌوانا ً كبٌراً فً السنن وكتابا ً فً‬
‫الفقه و االختبلؾ ‪ ،‬الاهبً ‪ ،‬سٌر ‪. ٘ٓ٘- ٖ٘ٓ/ٔ٘ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن أبً ٌعلى ‪ ،‬المصدر السابق ‪. 7/ٕ ،‬‬
‫)‪ )7‬أبو القاسم الساجً‪ :‬هو ابو القاسم إبراهٌم بن جعفر ‪ٌ،‬عرؾ با بن الساجً ‪ ،‬الفقٌه العالم ‪ ،‬توفً فً‬
‫جمادي األول سنة (‪ٖ79‬هـ‪919/‬م) ودفن فً مقبرة دبد العزٌز بالجانب الؽربً من بؽداد ‪ ،‬ابن أبً ٌعلى ‪،‬‬
‫المصدر السابق ‪ ٔٗٓ/ٕ،‬؛ كحاله ‪ ،‬دمر بن رضا بن محمد راؼب بن دبد العزٌز ‪ ،‬معجم المإلفٌن ‪ ،‬د‪.‬ط‬
‫‪ ،‬دار إ حٌاء التراث العربً ‪(،‬بٌروت ‪ ،‬د‪.‬ت) ‪،‬ج ٔ ‪ ،‬ص‪. ٔ1‬‬
‫)‪ )1‬ابن ابً ٌعلى ‪ ،‬المصدر السابق ‪. ٔٗٓ/ٕ ،‬‬
‫‪ٖٙ‬‬
‫ومن الحنابلة الاٌن ادوا دوراً فً هاا المجال العالم أبو دلً محمد بن أحمد بن أبً‬
‫موسى الهاشمً (ت ‪ٕٗ1‬هـ‪ٖٔٓ7 /‬م)‪ ،‬الاي وصؾ بؤنه " دالً القدر سامً الاكر ل ُه القدم‬
‫العالً والحظ الوافً دند اإلمامٌن القادر باهلل والقابم بؤمر هللا " له الكثٌر من المصنفات منها‬
‫اإلرشاد فً الماهب‪ ،‬كما أنه شرح كتاب مختصر الخرمً‬

‫وكانت له حلقة دلمٌة فً جامع المنصور مخصصة للفتوى دلى ماهب اإلمام أحمد ( ٔ) ‪،‬‬
‫وروي دنه أنه كان ٌقول‪ " :‬وأن نتولى أصحاب محمد (صلى هللا دلٌه وسلم) بؤسرهم وال‬
‫نبحث دن اخت بلفهم فً أمرهم ‪ ،‬ونمسك دن الخوض فً اكرهم إال بؤحسن الاكر " ( ٕ) ‪،‬‬
‫كما كان ألبً طالب أحمد بن دبدهللا بن سهل المعروؾ بابن البقال (ت ٓٗٗهـ‪ٔٓٗ1/‬م)‬
‫حلقة دلمٌة بجامع المنصور لتعلٌم الناس السنة النبوٌة الصحٌحة والتصدي لبلنحراؾ الاي‬
‫حصل لعقٌدة العامة ( ٖ) ‪.‬‬

‫ٌمض القرن الرابع إال والحنابلة لهم دور واضح وبارز فً الحٌاة االجتمادٌة‪ ،‬كما‬ ‫ِ‬ ‫ولم‬
‫أن منهجهم اصبح هو السابد‪ ،‬حتى أن الخلٌفة القادر باهلل (ٔ‪ٕٕٗ- ٖ1‬هـ‪ٖٔٓٓ- 99ٔ/‬م)‪،‬‬
‫ادجب بمنهج الحنابلة ومبادبهم ‪ ،‬والؾ كتابا ً فً األصول اكر فٌه فضابل الصحابة والرد‬
‫دلى القابلٌن بخلق ا لقرآن‪ ،‬وأصحاب البدع والفتن ومرأ الكتاب دلى العامة كما أنه كان ٌقرأ‬
‫كل ٌوم جمعه فً جامع المهدي ( ٗ)‪ ،‬كما أن الخلٌفة أمر سنة (ٖ‪ٖ1‬هـ‪99ٖ/‬م)‪ ،‬بتعمٌر مسجد‬
‫مسجد الحربٌة‪ ،‬وهو فً منطقة كان الحنابلة ٌشكلون فٌها األؼلبٌة ( ٘)‪ ،‬ونتٌجة لتلك الموامؾ‬
‫فإن الحنابلة ومفوا إلى جانب الخلٌفة القادر باهلل والتزموا بالمنشور القادري‪ ،‬وددوا المااهب‬
‫األخرى إلى العمل بموجبه‪ ،‬بوصفه منهجا ً دقدٌا ً وفكرٌا ً ( ‪. )ٙ‬‬

‫ولم ٌكن العصر السلجومً ٌختلؾ دن سابقه‪ ،‬إا إن هاا العصر شهد العدٌد من المشاكل‬
‫السٌاسٌة والفتن الماهبٌة‪ ،‬واالستبداد بالحكم‪ ،‬والس ٌطرة دلى جمٌع مقدرات الخبلفة‪ ،‬فضبلً‬
‫دما تبعه من مساوئ امتصادٌه واجتمادٌة‪ ،‬ودلى الرؼم من إظهار السبلجقة احترامهم‬
‫للخبلفة العباسٌة‪ ،‬واحترام مكانتها الدٌنٌة فً أكثر من مومؾ ومناسبة‪ ،‬ولكن دندما تقتضً‬
‫مصالحهم كانوا ٌتجاوزون دلى الخبلفة‪ ،‬ابتداءً من دصر السلطان األول طؽرل بك (‪- ٗٗ7‬‬
‫٘٘ٗهـ‪ٖٔٓٙ- ٔٓ٘٘/‬م)‪ ،‬ومن أدقبه من سبلطٌن السبلجقة ( ‪. )7‬‬

‫كما أن مظاهر اللهو والفساد‪ ،‬نحو شرب الخمور‪ ،‬وكثرة المؽنٌات‪ ،‬واتخاا دور‬
‫البؽاء‪ ،‬انتشرت بشكل واسع وخطٌر وبتشجٌع من بعض السبلطٌن السبلجقة ( ‪ ،)1‬ونتٌجة‬

‫)ٔ) ابن ابً ٌعلى ‪ ،‬المصدر السابق ‪. ٔ1٘/ٕ ،‬‬


‫)ٕ) المصدر نفسه ‪. ٔ1ٓ/ٕ ،‬‬
‫)ٖ) المصدر نفسه ‪. ٔ9ٓ/ٕ ،‬‬
‫)ٗ) ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم ‪. ٖٖ٘/ٔٗ ،‬‬
‫)٘) المصدر نفسه‪. ٖٙ٘/ٔٗ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬الدلٌمً‪ ،‬الحنابلة فً بؽداد ‪ ،‬ص ٓ‪. 1‬‬
‫)‪ )7‬الراشدي‪ ،‬اٌمن هادي فتحً دلً‪ ،‬الدور السٌاسً للعامة فً بؽداد(‪ٙ٘ٙ- ٗٗ7‬هـ‪ٕٔ٘1- ٔٓ٘٘/‬م)‪،‬‬
‫رسالة ماجستٌر (ؼٌر منشورة)‪،‬كلٌة اآل داب‪ ،‬جامعة الموصل‪ ،)ٕٖٓٔ(،‬ص ٖٔٔ ‪.‬‬
‫)‪ )1‬ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. 1ٖ/ٔٙ ،‬‬
‫‪ٖ7‬‬
‫لتلك األوضاع المضطربة برز دور الحنابلة مرة أخرى‪ ،‬كما سعت الخبلفة إلى رداٌتهم‬
‫وددمهم‪ ،‬والك النهم فرضوا وجودهم ونفواهم‪ ،‬إا شهدت تلك الفترة دلو مكانتهم وزٌادة‬
‫موتهم وهٌبتهم دلى المستوٌٌن الرسمً والشعبً ‪،‬وبدأ تفادلهم مع األحداث فكرٌا ً وسٌاسٌا ً‬
‫( ٔ) ‪ ،‬حتى وصؾ احد المإرخٌن الحنابلة بقوله‪ " :‬ال قى هللا دز وجل فً ملوب الخلق من هٌبة‬
‫أصحابه ‪ٌ -‬قصد اإلمام أحمد – ومحبٌه واهل ماهبه ومخالصٌه‪ ،‬فلهم التعظٌم واإلكبار‪،‬‬
‫والمعروؾ واإلنكار‪ ،‬والمصالح واألدمال ‪ ،‬والمقال واألفعال بسطتهم سامٌة وسطوتهم‬
‫دالٌة‪ ،‬فالموافق التقً ٌكرمهم دٌانة ورٌاسة‪ ،‬والمنافق الشقً ٌعظمهم رداٌة وسٌاسة " ( ٕ) ‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫لقد استعانت الخبلفة العباسٌة بالحنابلة لددم نفواها وتنفٌا برنامجها السٌاسً والفكري‪،‬‬
‫وأبدى الحنابلة تعاونهم مع الخبلفة أٌضاً‪ ،‬وال ٌعنً الك أن الخبلفة اتبعت سٌاسة ماهبٌة‬
‫معٌنة‪ ،‬بل أن تركٌز الخبلفة دلى الحنابلة جاء بسبب توافق ما ددت إلٌه الخبلفة مع منهج‬
‫الحنابلة‪ ،‬كما أن الحنابلة كانوا فً طلٌعة المااهب السنٌة التً تصدت للفرق الضالة‬
‫والمنحرفة‪ ،‬فضبلً دن موة الحنابلة ونفواهم فً بؽداد‪ ،‬ونجاحهم فً استقطاب العامة وأثارة‬
‫كرههم للتٌارات الماهبٌة األخرى ( ٖ) ‪.‬‬

‫ومن الشخصٌات الحنبلٌة المهمة والتً كان لها دور بارز فً هال الفترة‪ ،‬أبو جعفر‬
‫دبد الخالق الهاشمً ( ٗ) (تٓ‪ٗ7‬هـ‪ٔٓ77/‬م)‪ ،‬فقد ماد الحنابلة للتصدي للتٌارات الدٌنٌة‬
‫والسٌاسٌة المناهضة للخبلفة العباسٌة كالباطنٌة ( ٘)‪ ،‬التً انتشرت وبقوة فً العصر‬
‫السلجومً‪ ،‬والمعتزلة الاٌن استعادوا نشاطهم فً هال الفترة دلى ٌد شٌخهم أبً دلً بن‬
‫الولٌد ( ‪( )ٙ‬ت‪ٗ٘ٙ‬هـ‪ٖٔٓٙ/‬م)‪ ،‬فتصدى الحنابلة لهاتٌن الفرمتٌن ( ‪ ،)7‬كما أن أبا جعفر افتى‬
‫بؤن ٌجري دلى السبلجقة ما ٌجري دلى مطاع الطرق من أحكام‪ ،‬والك نتٌجة لما دملوا من‬

‫)ٔ) الراشدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬صٖٔٔ ‪.‬‬


‫)ٕ) ابن أبً ٌعلى ‪ ،‬المصدر السابق‪ٔ٘/ٔ ،‬‬
‫)ٖ) الدلٌمً‪ ،‬الحنابلة فً بؽداد‪ ،‬ص ٕ‪. 1‬‬
‫)ٗ) الشرٌؾ أبو جعفر الهاشمً‪ :‬دبد الخالق بن دٌسى الهاشمً‪ٌ ،‬نتهً نسبه إلى البٌت العباسً‪ ،‬شٌخ‬
‫الحنابلة وفقٌههم فً دصرل‪ ،‬كان دالما ً زاهداً‪ٌ ،‬ؤمر بالمعروؾ وٌنهى دن المنكر وله منزلة كبٌرة دند‬
‫الخبلفة والعامة‪ ،‬وكان ٌدرّ س بمسجدل بباب البصرة‪ ،‬وبجامع المنصور‪ ،‬اشتهر بحسن المناظرات والكبلم‪،‬‬
‫الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم‪ 11/ٕٔ ،‬؛الاهبً‪ ،‬سٌر‪ ٘ٗٙ/ٔ1،‬؛ ابن كثٌر ‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔٗ٘/ٕٔ ،‬‬
‫)٘) الباطنٌة‪ :‬هً احدى الفرق الدٌنٌة الهدامة‪ ،‬وهً فرع من فروع الد دوة الفاطمٌة‪ ،‬زاد نفوا هال الفرمة‬
‫بعد أن تولى زدامتها الحسن الصباح‪ ،‬وسٌطروا دلى ملعة الموت التابعة لؽزوٌن‪ ،‬وكانوا ٌؤخاون ددمهم‬
‫من ا لدولة الفاطمٌة بمصر‪ ،‬وكانت هال الفرمة سببا ً فً تزاٌد االضطرابات فً جمٌع أرجاء العالم‬
‫اإلسبلم ً‪ ،‬ومن الاي متلوا دلى ٌد انصار ها ل الفرمة الخلٌفة المسترشد وابنه الراشد والوزٌر السلجومً ‪،‬‬
‫ابن حزم‪ ،‬ابو محمد دلً بن أحمد بن سعٌد‪ ،‬الفصل فً الملل و األ هواء والنحل‪ ،‬طٔ‪ ،‬مكتبة الخانجً ‪(،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬جٕ‪ ،‬ص ٖٖ ؛ االربلً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖ71/ٕ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬أبو دلً بن الولٌد‪ :‬محمد بن أحمد بن دبدهللا بن أحمد‪ ،‬شٌخ المعتزلة فً بؽداد فً دصرل‪ ،‬اخا دلم‬
‫الكبلم دن أبً الحسٌن البصري‪ ،‬درّ س اال دتزال والمنطق‪ ،‬دفن فً ا لشونٌزٌه إلى جانب مبر أستاال أبً‬
‫الحسٌن ‪ ،‬الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم‪. ٕٗٔ/ٔٓ ،‬‬
‫)‪ )7‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖ1/ٔ ،‬‬
‫‪ٖ1‬‬
‫أدمال مشابهة ألدمال مطاع الطرق‪ ،‬فقد نشروا الفوضى وتعدوا دلى أموال الناس‬
‫وممتلكاتهم ( ٔ) ‪.‬‬
‫ودندما كثر الفساد فً بؽداد اجتمع أبو جعفر ومعه الحنابلة فً جامع القصر وادخل‬
‫معه أبا إسحاق الشٌرازي ( ٕ) ‪ ،‬وأصحابه‪ ،‬وطلبوا من الدولة ملع المواخٌر( ٖ)‪ ،‬وتتبع المفسدٌن‬
‫المفسدٌن وبادة النبٌا‪ ،‬ومد تحققت تلك المطالب‪ ،‬فكبست الدور وأرٌقت الخمور وهرب‬
‫المفسدون ( ٗ) ‪.‬‬

‫ودلى الرؼم من أن الحنابلة خسروا بوفاة أبً جعفر أحد أبرز مادتهم فً تلك الحقبة ‪،‬‬
‫إال أن روح المقاومة لم تضعؾ دند الحنابلة ‪ ،‬واستمروا فً مواجهة تلك الفرق المنحرفة ‪،‬‬
‫وظلت اللهجة الحادة منهم مسمودة فً بؽداد‪ ،‬وما ٌإكد الك ما اكرل ابن رجب " انه لما‬
‫توفً ابن الزوزنً‪ ،‬وحضرل أصحاب الشافعً ‪ -‬دلى طبقاتهم وجمودهم ‪ -‬فً فورة أٌام‬
‫القشٌري وموتهم بنظام الملك حضر الشٌخ طاهر بن الحسٌن ‪ ،‬فلما بلػ األمر إلى تلقٌن‬
‫تنح حتى ألقنه أنا‪ ،‬فهاا كان دلى ماهبنا‪ ،‬ثم َما َل‪ٌ :‬ا دبد هللا وابن أمته‪،‬‬
‫الحفار َما َل له الشٌخ‪َ :‬‬
‫ُ‬
‫رضٌت باهلل ربا‪،‬‬ ‫إاا نزل دلٌك ملكان فظان ؼلٌظان‪ ،‬فبل تجزع وال تُ َرعْ ‪ ،‬فإاا سؤالك فقل‪:‬‬
‫وباإلسبلم دٌنا ال أشعري وال معتزلً بل َحنبلً ُسنًِّ‪ .‬فلم ٌتجاسر أحد أن ٌتكلم بكلمة " ( ٘) ‪.‬‬

‫وفً القرن السادس الهجري‪ /‬الثانً دشر المٌبلدي استمر الح نابلة فً تعزٌز نفواهم فً‬
‫بؽداد‪ ،‬ومن ابرز الشخصٌات الحنبلٌة التً ظهرت دلى ساحة األحداث فً هال الحقبة ابن‬
‫هبٌرة( ‪ ، )ٙ‬الاي لم ٌكن حنبلٌا ً متحمسا ً فحسب بل أنه كان مسانداً للخبلفة العباسٌة ودادما ً لها‬
‫لها ضد التسلط السلجومً ( ‪، )7‬كما أنه دمل جاهداً ومن خبلل الوظابؾ التً توالها‪ ،‬دلى‬
‫إدادة هٌبة الخبلفة المسلوبة ‪ ،‬وكان له الكثٌر من الموامؾ التً زادته مربا ً من الخبلفة ‪.‬‬

‫ومن هال الموامؾ‪ ،‬أن الخلٌفة المقتفً ألمر هللا ‪ ،‬أمر ابن هبٌرل ‪ -‬وكان ٌتولى دٌوان‬
‫الزمام ( ‪ ، )1‬أن ٌكتب للسلطان السلجومً مسعود شكوى دلى شحنة بؽداد الاي لم ٌكن دلى‬

‫)ٔ) المصدر نفسه‪. ٕ٘- ٕٗ/ٔ ،‬‬


‫)ٕ) أبو إسحاق الشٌرازي‪ :‬جمال الدٌن إبراهٌم بن دلً بن ٌوسؾ (ت‪ٗ7ٙ‬هـ‪ ٔٓ1ٖ/‬م)‪ ،‬إمام الشافعٌة فً‬
‫بؽداد كان ٌحظى بمنزلة كبٌرة دند السلطة السلجومٌة والخبلفة العباسٌة‪ ،‬رفض التدرٌس بالنظامٌة ثم مبل‬
‫بعد إلحاح نظام الملك‪ ،‬الاي مال دندما سمع بخبر وفاة الشٌرازي‪ ،‬كان من الواجب أن تؽلق المدرسة سنة‬
‫من أجله‪ ،‬ابن خلكان‪ ،‬المصدر السابق‪ ٕ9/ٔ ،‬؛ االربلً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖ7/ٕ ،‬‬
‫)ٖ) المواخٌر‪ :‬هً بٌوت الخمارٌن‪ ،‬وتعرؾ ببٌوت الرٌبة ومجالس الفسق ‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬المصدر السابق‪،‬‬
‫ٕ‪. ٕٙ/‬‬
‫)ٗ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٙ/ٔ ،‬‬
‫)٘) ابن رجب ‪ ،‬المصدر السابق ‪ 11 - 17/ٔ ،‬؛ آل بابطٌن‪ ،‬المرجع السابق ‪. ٕٕ9،‬‬
‫)‪ - )ٙ‬ابن هبٌرة‪ :‬دون الدٌن ٌحٌى بن هبٌرة‪ ،‬ولد بقرٌة مرب بؽداد‪ ،‬رحل بصبال إ لى بؽداد‪ ،‬وجالس العلماء‬
‫والفقهاء واألدباء‪ ،‬ومرأ القرآ ن بالرواٌات المختلفة‪ ،‬سمع الحدٌث وتعمق بدراسة الفقه بصفة خاصة‪ ،‬تدرج‬
‫بوظابؾ الدولة حتى تقلد الوزارة فً دهد المقتفً والمستنجد‪ ،‬إ لى أن توفً سنة (ٓ‪٘ٙ‬هـ‪ٔٔٙٗ/‬م)‪ ،‬ابن‬
‫خلكان‪ ،‬المصدر السابق‪ ٕٖ9 – ٕٖٓ/ٙ ،‬؛ابن رجب المصدر السابق‪. ٕ٘ٔ/ٔ ،‬‬
‫)‪ )7‬ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. ٔٙ7/ٔ1 ،‬‬
‫)‪ )1‬دٌوان الزمام‪ :‬هو دٌوان مركزي ٌشرؾ دلى دمل دواوٌن الدولة ومرامبة النواحً ا لمالٌة بصورة‬
‫خاصة‪ ،‬الدوري‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص ٖ‪. ٔ7‬‬
‫‪ٖ9‬‬
‫وفاق مع الخلٌفة وأساء األدب مع الخبلفة‪ ،‬فكتب ابن هبٌرة رسالة طوٌلة للسلطان مسعود‪،‬‬
‫اكر فٌها ما درؾ دن سبلطٌن السبلجقة من حسن الطادة والتؤدب مع الخلفاء‪ ،‬والحرص‬
‫دلى الدفاع دنهم ممن ٌحاول النٌل منهم‪ ،‬ثم شكى ابن هبٌرة من شحنة بؽداد واخبر السلطان‬
‫بم ا مام به‪ ،‬فكان لرسالة ابن هبٌرة األثر الكبٌر فً نفس السلطان‪ ،‬فكتب للخلٌفة رسالة ٌعتار‬
‫له وٌستنكر ما فعله الشحنة‪ ،‬ففرح الخلٌفة بما مام به ابن هبٌرة وزاد تقدٌرل له ( ٔ) ‪.‬‬

‫أما المومؾ اآلخر فهو دندما مدم مجمودة من األمراء السبلجقة الاٌن خرجوا دلى‬
‫السلطان مسعود‪ ،‬فخرج أهل بؽداد لقتالهم فطلب السبلجقة من الخلٌفة المقتفً ثبلثٌن الؾ‬
‫دٌنار لٌعودوا‪ ،‬فشاور الخلٌفة رجال دولته فؤشاروا دلٌه جمٌعا ً بدفع المال إال ٌحٌى بن‬
‫هبٌرة‪ ،‬فإنه مال‪ " :‬إن كان البد أن تنفق هال األموال فاجعلها فً ادداد جٌش ٌدفع هإالء‬
‫المعتدٌن " فقبل الخلٌفة رأٌه‪ ،‬فجهز الخلٌفة جٌشا ً وخرج إلٌهم وهزمهم ( ٕ)‪ ،‬إن تعامل ابن‬
‫هبٌرة مع هال األحداث بحنكة هو الاي دفع الخلٌفة إلى استددابه وتولٌته الوزارة سنة‬
‫(ٗٗ٘هـ‪ٔٔٗ9/‬م) ( ٖ)‪ ،‬ولقبه دون الدٌن ( ٗ) ‪.‬‬
‫ولم ٌكن لٌ تم هاا التفوق للحنابلة دون أثارة المعارضٌن لهم‪ ،‬الاٌن اخاوا ٌثورون نتٌجة‬
‫االهتمام بالمدرسة الحنبلٌة ( ٘)‪ ،‬ومن هإالء المعارضٌن مرجان الخادم ( ‪ ،)ٙ‬الاي وصفه ابن‬
‫ابن الجوزي بؤنه كان ددواً للماهب الحنبلً والبن الجوزي بالاات‪ ،‬فٌقول ابن الجوزي‪" :‬‬
‫وناصبنً دون الكل وبلؽنً انه كان ٌقول‪ :‬مقصودي ملع هاا الماهب " ( ‪. )7‬‬

‫وفً زمن الخلٌفة المستضًء أصبح الحنابلة متسٌدٌن المشهد دلى الصعٌدٌن الدٌنً‬
‫والسٌاسً‪ ،‬وكان ابن الجوزي دلى رأس هإالء الحنابلة‪ ،‬فقد كان خصما ً دنٌدا لكل الفرق‬
‫المبتددة‪ ،‬كما كانت صلته بالخلٌفة موٌة‪ ،‬فكان ٌتردد دلى مجالس ودظ ابن الجوزي‪ ،‬وكان‬
‫ٌوفر حماٌة لهال المجالس ( ‪. )1‬‬

‫ومع هال العبلمة الوثٌقة بالخلفاء والوزراء‪ ،‬إال أنه كان زاهداً بالمناصب مع كثرة‬
‫اإللحاح دلٌه بتولٌها‪ ،‬إال أنه وجد أن طرٌق العلم ابقى من طرٌق السٌؾ والحكم ( ‪ ،)9‬وكان‬

‫)ٔ) ابن خلكان‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٖٕ- ٕٖٔ/ٙ،‬‬


‫)ٕ) المصدر نفسه‪. ٕٖٕ/ٙ ،‬‬
‫)ٖ) ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. 7ٔ/ٔ1 ،‬‬
‫)ٗ) ابن خلكان‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٖٕ/ٙ ،‬‬
‫)٘) ‪Laoust: Le Hanbalism sous caliphat in Baghdad(241-656), R.E.I. ,Paris,1959,‬‬
‫‪P:114.‬‬
‫)‪ )ٙ‬مرج ان الخادم‪ ،‬فقٌه شافعً‪ ،‬مرأ القرآ ن بالقراءات المختلفة‪ ،‬كان شدٌد البؽض للحنابلة ‪ ،‬وكان ابن‬
‫الجوزي ٌخاؾ منه‪ ،‬توفً سنة(ٓ‪٘ٙ‬هـ‪ٔٔٙ٘/‬م)‪،‬ففرح ابن الجوزي لموته فرحا ً شدٌداً‪ ،‬ابن األثٌر‪،‬‬
‫المصدر السابق‪. ٕ7ٗ/ٙ ،‬‬
‫)‪ )7‬السبتً‪ ،‬انتصار لطٌؾ‪ ،‬والطابً‪ ،‬دالٌة ٌحٌى‪ ،‬مظاهر األوضاع اال جتمادٌة فً بؽداد فً القرنٌن‬
‫الخامس والسادس من خبلل كتاب المنتظم البن الجوزي‪ ،‬مجلة جامعة كرببلء‪ ،‬المجلد الخامس‪ ،‬العدد‬
‫األول‪ (،‬آاار‪ ،)ٕٓٓ7 ،‬ص٘٘ ‪.‬‬
‫)‪ )1‬ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. ٕٖٓ/ٔ1 ،‬‬
‫)‪ )9‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٖٗ/ٔ ،‬‬
‫ٓٗ‬
‫ابن الجوزي شدٌد التعصب لماهبه الحنبلً‪ ،‬ومد لمع هاا الماهب كثٌراً فً زمانه‪ ،‬من خبلل‬
‫الدور الكبٌر الاي ادال ابن الجوزي فً نشرل ببؽداد‪ ،‬خاصة فً دهد الخلٌفة المستضًء‬
‫بؤمر هللا الاي درؾ بحبه للحنابلة والمٌل لهم‪ ،‬حتى أصبح ابن الجوزي ممثبلً دن الحنابلة‬
‫( ٔ) ‪ ،‬كما كان له الدور الكبٌر فً نشر الماهب الحنبلً وارتفاع شؤنه ( ٕ)‪ ،‬ولالك ارتفعت‬
‫مكانته بٌن الخاصة والعامة‪ ،‬وأصبحت المدارس موموفة دلى أصحاب اإلمام أحمد‪ ،‬وفوض‬
‫أمر تسلٌمها إلى ابن الجوزي ( ٖ) ‪.‬‬

‫ودلى الرؼم من أن الناصر لدٌن هللا اتبع سٌاسة دٌنٌه توفٌقٌه ولم ٌتحٌز لماهب دون‬
‫آخر إال أن الك لم ٌضع حداً لنشاط الحنابلة‪ ،‬فقد استمر الحنابلة فً تولً المناصب فً دهد‬
‫الناصر كما استطادت الحركة الحنبلٌة أن تشق طرٌقها دون دقبات فً زمن الخلٌفة‬
‫المستنصر باهلل والخلٌفة المستعصم باهلل ( ٗ) ‪.‬‬

‫ودلى الرؼم من ظهور بعض الشخصٌات التً مادت الحركة الحنبلٌة فً النصؾ األول‬
‫من القرن السابع الهجري إال أن هال الشخصٌات ال ٌمكن مقارنتها مع الشخصٌات التً‬
‫ظهرت فً القرون السابقة‪ ،‬إال أنها استطادت أن تقود هال الحركة وأن تترك نتابجا ً متمٌزة‪،‬‬
‫كم أنهم مارسوا نشاطا ً سٌاسٌا ً ال ٌمكن تجاهله‪ ،‬ودلى الرؼم من أن هال الحركة لم تستطع‬
‫ادداء التفوق والرجحان إال أنها حازت دلى مركز ٌضاهً المدارس السنٌة الثبلث الكبرى‪،‬‬
‫من حٌث مإسساتها واهتماماتها الرسمٌة ( ٘) ‪.‬‬

‫ومن خبلل ما تقدم ٌمكن القول‪ :‬إن الحركة الحنبلٌة حركة دٌنٌة واجتمادٌة‪ ،‬تظهر‬
‫أدوارها بوضوح كلما حدثت اضطرابات وكلما ظهرت المفسدات والبدع‪ ،‬كالك دندما تظهر‬
‫الفرق الدٌنٌة المن حرفة‪ ،‬إال أن هال الحركة الدٌنٌة ال تخلو من أبعاد ونشاطات سٌاسٌة والك‬
‫دندما تكون الخبلفة العباسٌة بحاجة إلى هال الحركة وإلى ددمها‪ ،‬وهاا ٌحدث دادة دندما‬
‫تسٌطر القوى األجنبٌة دلى الخبلفة العباسٌة ‪.‬‬

‫وٌمكن القول أٌضاً‪ :‬إن الحنابلة برز دورهم الدٌنً والسٌاسً واالجتمادً بالقرنٌن‬
‫الخامس والسادس‪ ،‬حٌن تجلى مومفهم الدادم للخبلفة والمناهض للحركات الدٌنٌة التً أدت‬
‫إلى حدوث الكثٌر من الفتن الدٌنٌة والماهبٌة‪ ،‬ومحاربة المنكرات ومظاهر الفساد دلى نحو‬
‫ما سٌؤتً اكرل فً الفصول البلحقة ‪.‬‬

‫)ٔ) ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. ٕٖ1/ٔ1 ،‬‬


‫)ٕ) ‪Laoust:. P :117.‬‬
‫)ٖ) ‪ibid , pp:117-118 .‬‬
‫)ٗ) ‪Laoust: , p : 116.‬‬
‫)٘)‪ibid , p : 116 .‬‬
‫ٔٗ‬
‫المبحث الثانً‬
‫أبرز علماء الحنابلة فً بغداد من بداٌة القرن السادس‬
‫إلى منتصف القرن السابع للهجرة‬

‫شهدت الحقبة التارٌخٌة مٌد الدراسة الكثٌر من دلماء الحنابلة الاٌن ادوا دوراً كبٌراً‬
‫سواءً فً الناحٌة الدٌنٌة والسٌاسٌة واالجتمادٌة والعلمٌة‪ ،‬وهم كثر وال ٌمكن اكرهم جمٌعهم‬
‫ولك ن سوؾ ناكر أصحاب التؤثٌر األكبر فً هال الفترة‪ ،‬وٌؤتً فً مقدمتهم ‪:‬‬
‫ٔ_ أبو الوفاء بن دقٌل ‪:‬‬

‫هو دلً بن محمد بن دقٌل بن أحمد البؽدادي الظفري ( ٔ)‪ ،‬المقرئ الفقٌه األصولً‪،‬‬
‫الوادظ المتكلم‪ ،‬أحد األبمة األدبلم وشٌخ اإلسبلم ( ٕ)‪ ،‬ولد سنة (ٖٔٗهـ‪ٔٓٗٓ/‬م)‪ ،‬وتفقه فً‬
‫سن مبكر( ٖ) ‪ ،‬اخا دلمه من الكثٌر من العلماء ابرزهم‪ ،‬القاضً أبو ٌعلى‪ ،‬وأبو إسحاق‬
‫الشٌرازي( ٗ) ومد وصؾ الاهبً ابن دقٌل بقوله‪ " :‬كان ٌتومد اكاءً ‪ ،‬وكان بحر معارؾ وكنز‬

‫)ٔ) ‪ -‬الاهبً‪ ،‬السٌر‪. ٖٗٗ/ٔ9 ،‬‬


‫)ٕ) ‪ -‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٔٙ/ٔ ،‬‬
‫)ٖ) ‪ -‬المصدر نفسه‪. ٖٔ7/ٔ9 ،‬‬
‫)ٗ) ‪ -‬الاهبً‪ ،‬سٌر‪. ٗٗ٘/ٔ9 ،‬‬
‫ٕٗ‬
‫فضابل‪ ،‬لم ٌكن له فً زمانه نضٌر " ( ٔ) ‪ ،‬وٌقول ابن دقٌل دن نفسه‪ " :‬دصمنً هللا فً‬
‫شبابً بؤنواع من العصمة‪ ،‬ومصر محبتً دلى العلم‪ ،‬وما خالطت لعابا ً مط‪ ،‬وال داشرت إال‬
‫أمثالً من طلبة العلم ‪ ،‬وأنا فً دمر الثمانٌن اجد من الحرص دلى العلم اشد مما كنت أجدل‬
‫وانا ابن دشرٌن " ( ٕ) ‪.‬‬

‫ومد نقم أصحاب ابن دقٌل دلٌه لترددل دلى ابن الولٌد‪ ،‬أحد شٌوخ المعتزلة‪ ،‬كما أنهم‬
‫وجدوا فً كتبه تعظٌما ً للمعتزلة وترحما ً دلى شٌوخهم‪ ،‬وزاد ضؽط أصحابه دلٌه حتى ادلن‬
‫توبته وبراءته من المعتزلة‪ ،‬وماهبهم ( ٖ) ‪ ،‬توفً أبو الوفاء بن دقٌل ٌوم الجمعة من شهر‬
‫جمادي األولى سنة (ٖٔ٘هـ‪ٔٔٔ9/‬م)‪ ،‬ودفن فً دكة اإلمام أحمد‪ ،‬وكان الجمع فً جنازته‬
‫ٌفوق اإلحصاء ( ٗ) ‪.‬‬

‫ٕ ‪ -‬ابن الجوزي ‪:‬‬


‫هو أبو الفرج جمال الدٌن دبد الرحمن بن أبً الحسن دلً بن محمد بن دلً بن دبٌد‬
‫هللا بن دبدهللا بن حمادي بن أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي بن دبدهللا بن القاسم‪ ،‬القرشً‬
‫التمٌمً البكري الحنبلً‪ٌ ،‬رجع نسبه إلى محمد بن أبً بكر(رضً هللا دنه) ( ٘)‪ ،‬ومد درؾ‬
‫ابن الجوزي بهاا االسم نسبة إلى جدل جعفر الجوزي‪ ،‬والجوزي نسبة إلى فرضة من فرض‬
‫البصرة ٌقال لها جوزة ( ‪ ، )ٙ‬ومٌل‪ :‬كان فً دارل جوزة لم ٌكن فً واسط سواها ( ‪ ،)7‬وٌلقب‬
‫أحٌانا ً بالصفار ألن أهله دملوا فً تجارة النحاس ( ‪. )1‬‬

‫ولد ابن الجوزي فً بؽداد بدرب حبٌب ( ‪ ، )9‬ولم تتفق المصادر التارٌخٌة دلى تارٌخ‬
‫والدته إال أن ابن الجوزي كان ٌقول‪ " :‬مات والدي فً سنة أربعة دشر وخمسمابة‪ ،‬ومالت‬
‫الوالدة كان لك من العمر نحو ثبلث سنٌن "‪ ،‬ودلى هاا القول ٌكون مولدل سنة (ٔٔ٘هـ‪/‬‬

‫)ٔ) ‪ -‬المصدر نفسه‪. ٗٗٙ/ٔ9 ،‬‬


‫)ٕ) ‪ -‬المصدر نفسه‪. ٗٗٙ/ٔ9 ،‬‬
‫)ٖ) ‪-‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٕٕ/ٔ ،‬‬
‫)ٗ) ‪ -‬المصدر نفسه‪. ٖ٘٘/ٔ ،‬‬
‫)٘) ‪ -‬النعّ ال‪ :‬محمد بن األ نجب ابن أبً دبدهللا‪ ،‬مشٌخة النعال‪ ،‬تحقٌق ناجً معروؾ‪ ،‬وبشار دواد معروؾ‪،‬‬
‫طٕ‪ ،‬مطبعة المجمع العلمً‪(،‬بؽداد‪ ،)ٔ99ٖ،‬صٓٗٔ ؛ الاهبً‪ ،‬سٌر‪ ٖٙٙ/ ٕ،‬؛ ابن رجب‪ ،‬المصدر‬
‫السابق‪ٕٗٙ/ٕ،‬؛ ابن خلكان‪ ،‬المصدر السابق‪ ٕٔٗ/ٖ ،‬؛ الاهبً‪ ،‬العبر‪ ٔٔ9- ٔٔ1/ٖ،‬؛ ابن كثٌر‪،‬‬
‫المصدر السابق‪ ٕ1/ٖٔ،‬؛ ابن العماد الحنبلً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖ٘7/ٙ،‬‬
‫)‪ - )ٙ‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗٙٔ/ٕ ،‬‬
‫)‪ )7‬الاهبً‪ ،‬سٌر‪. ٖ7ٕ/ٕٔ ،‬‬
‫)‪ )1‬سبط ابن الجوزي‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗ1ٔ/1 ،‬‬
‫)‪ )9‬المصدر نفسه‪ ٗ1ٔ/1 ،‬؛ودرب حبٌب محله ؼرب بؽداد دلى نهر المعلى‪ ،‬الحموي‪ ،‬شهاب الدٌن ابو‬
‫دبدهللا‪ ،‬معجم البلدان‪،‬طٕ‪،‬دار صادر‪(،‬بٌروت‪ٕ٘ٙ/ٕ ،)ٔ99٘ ،‬‬
‫ٖٗ‬
‫‪ٔٔٔ7‬م) ( ٔ)‪ ،‬وبعد أن توفً والدل‪ ،‬كفلته امه ودمته‪ ،‬ثم أهملته امه وتركته فً رداٌة دمته‬
‫( ٕ) ‪ ،‬فلما تردرع حملته دمته إلى أبً ناصر (تٓ٘٘هـ‪ٔٔ٘٘/‬م)‪ ،‬فادتنى به واسمعه‬
‫الحدٌث ( ٖ) ‪ٌ ،‬قول ابن الجوزي فً أحداث سنة (ٕٓ٘هـ‪ٕٔٔ٘/‬م)‪ " :‬حُملت إلى أبً القاسم‬
‫دلً بن ٌعلى العلوي وأنا صؽٌر السن فلقننً كلمات من الودظ والبسنً ممٌصا ً من الفوط‬
‫‪...‬ورمانً إلى المنبر فؤوردت الكلمات " ( ٗ) ‪.‬‬

‫تلقى ابن الجوزي دلومه فً بؽداد دلى ٌد نخبة من دلمابها ومن زارها من العلماء‪ ،‬إا‬
‫كانت بؽداد دار الخبلفة ومقر العلم ومبلة العلماء ( ٘) ‪ ،‬ولالك لم ٌرحل ابن الجوزي فً طلب‬
‫العلم ( ‪ ،)ٙ‬فقد أخا دلمه من ددد كبٌر من العلماء سواءً كانوا حنابلة أو شافعٌة أو احناؾ‪ ،‬فقد‬
‫فقد أجمعت المصادر التارٌخٌة أن شٌوخ ابن الجوزي اكثر من ثمانٌن شٌخا ً ( ‪ ،)7‬فقد درس‬
‫فً بداٌة حٌاته دلى ٌد أبً الحسن دلً بن دبد الواحد بن أحمد بن العباس الدٌنوري‪،‬‬
‫(تٕٔ٘هـ‪ٕٔٔٙ/‬م) ( ‪ ،)1‬ثم صحب أبً العز أحمد بن دبٌد هللا بن محمد الشافعً الكعبري‬
‫(ت‪ٕ٘ٙ‬هـ‪ٖٔٔٔ/‬م)‪ ،‬وأخا العلم منه‪ٌ ،‬قول ابن الجوزي‪ " :‬أجاز لً جمع مسموداته " ( ‪،)9‬‬
‫ثم صحب أبا الحسن الزؼوانً (ت‪ٕ٘7‬هـ‪ٖٕٔٔ/‬م)‪ ،‬وأخا دنه الودظ والفقه‪ ،‬وبعد وفاته‬
‫مرأ الفقه والخبلؾ والجدل واألصول دلى أبً بكر الدٌنوري (تٕٖ٘هـ‪ٖٔٔ7/‬م)‪ ،‬ومرأ‬
‫األدب دلى أبً منصور الجوالٌقً (تٓٗ٘هـ‪ٔٔٗ٘/‬م)‪ ،‬فقرأ دلٌه كتاب المعرب وسمع منه‬
‫الكثٌر من االحادٌث ( ٓٔ) ‪.‬‬

‫كما سمع ابن الجوزي كتاب المسند من أبً القاسم بن حصٌن (تٕ٘٘هـ‪ٖٔٔٓ/‬م)‬
‫وسمع الجامع الترماي من أبً الفتح الكروخً (ت‪٘ٗ1‬هـ‪ٔٔ٘ٔ/‬م)‪ ،‬وسمع صحٌح البخاري‬
‫دلى أبً الومت السجزي (تٖ٘٘هـ‪ٔٔ٘ٙ/‬م)‪ ،‬كالك سمع منه صحٌح مسلم بتصنٌؾ بن‬

‫)ٔ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٗٙ/ٕ ،‬‬


‫)ٕ) ابن الجوزي‪ ،‬جمال الدٌن أبو ال فرج دبدالرحمن بن دلً ‪ ،‬صٌد الخاطر‪ ،‬تحقٌق حسن المساحً‬
‫سوٌدان‪ ،‬طٔ ‪ ،‬دار العلم‪(،‬دمشق‪ ،)ٕٓٓٗ ،‬صٕ‪. ٔ9‬‬
‫)ٖ) سبط ابن الجوزي‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗ1ٔ/1 ،‬‬
‫)ٗ) المنتظم‪. ٕٖٙ/ٔ7 ،‬‬
‫)٘) ابن الجوزي‪ ،‬صٌد الخاطر‪ ،‬ص ٕٖ؛ ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪ٕٓ/ٔ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗ/ٔ ،‬‬
‫)‪ )7‬أبو شامه‪ ،‬أ بو القاسم شهاب الدٌن دبد الرحمن‪ ،‬الروضتٌن فً أخبار الدولتٌن النورٌة والصبلحٌة‬
‫‪،‬تحقٌق إبراهٌم الزٌبق‪ ،‬طٔ‪،‬مإسسة الرسالة‪(،‬بٌروت‪،)ٔ997،‬ج ٕ‪،‬صٖٗ ‪.‬‬
‫)‪ )1‬أبو شامه ‪،‬الروضتٌن‪ ٖٗ/ٕ ،‬؛ الاهبً‪ ،‬العبر‪ ٔٔ9/ٖ ،‬؛ ابن العماد الحنبلً‪ ،‬المصدر السابق ‪/ٙ ،‬‬
‫‪. ٖ٘7‬‬
‫)‪ )9‬ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. ٕ7ٖ/ٔ7 ،‬‬
‫)ٓٔ) سبط ابن الجوزي‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗ1ٕ- ٗ1ٔ/1 ،‬‬
‫ٗٗ‬
‫أبً الدنٌا ( ٔ) ‪ ،‬كما سمع من ابن زرٌق األصفهانً الحنفً (تٖ٘٘هـ‪ٔٔ٘ٙ/‬م)‪ ،‬سمع منه‬
‫وروى دنه االحادٌث ( ٕ) ‪.‬‬
‫لم ٌصل ابن الجوزي إلى ما وصل إلٌه من دلو الشؤن لوال انه كان مجداً فً طلب العلم‬
‫منكبا ً دلى تحصٌله دون تضٌٌع أي ومت‪ ،‬ولقد مال ابن الجوزي دن نفسه‪ " :‬ولقد كنت فً‬
‫حبلوة طلبً للعلم القى من الشدابد ما هو دندي احلى من العسل ألجل ما اطلب وأرجو‪،‬‬
‫كنت فً زمن الصبا آخا معً أرؼفة ٌابسة‪ ،‬فاخرج فً طلب الحدٌث وامعد دلى نهر‬
‫دٌسى‪ ،‬فبل امد ر دلى أكلها إال دند الماء‪ ،‬فكلما أكلت لقمة شربت دلٌها‪ ،‬ودٌن همتً ال‬
‫ترى إال لاة تحصٌل العلم " ( ٖ) ‪.‬‬

‫كان ابن الجوزي مهتما ً بكل العلوم‪ ،‬وحاول تحصٌلها جمٌعها ‪ ،‬فحاول التبحر فً كل‬
‫العلوم‪ ،‬وكان ٌقول‪ " :‬إنً رجل حبب إلً العلم من زمن الطفولة فتشاؼلت به‪ ،‬ثم لم ٌحبب‬
‫إلً فن واحد‪ ،‬بل فنون العلم كلها‪ ،‬ثم ال تقتصر همتً فً فن دلى بعضه بل أروم استقصاءل‬
‫" ( ٗ)‪.‬‬

‫إن ما أدان ابن الجوزي للوصول إلى ما ٌصبو إلٌه من العلم ‪ ،‬هو اهتمامه الكبٌر بعدم‬
‫أضادة الومت حتى أنه كان ٌمٌل للعزلة وال ٌخالط اآلخرٌن ‪،‬‬

‫فقد مال دنه ا بن كثٌر‪ " :‬كان وهو صبً دٌنا ً مجمودا ً دلى نفسه ال ٌخالط أحد‪ ،‬وال ٌؤكل‬
‫ما فٌه شبهة‪ ،‬وال ٌخرج من بٌته إال للجمعة‪ ،‬وكان ال ٌلعب مع الصبٌان " ( ٘) ‪.‬‬

‫وٌرى ابن الجوزي أن العزلة لكل زاهد ولكل دالما ً دابد‪ ،‬حتى أنه كان ٌرى أن ٌقوم‬
‫العالم الاي ٌرٌد أن ٌنفع الن اس بتحدٌد ومت معٌن لهم فكان ٌقول‪ " :‬ال ٌصفو التعبد والتزهد‪،‬‬
‫واالشتؽال باآلخرة إال باالنقطاع الكلً دن الخلق‪ ،‬بحٌث ال ٌبصرهم وال ٌسمع كبلمهم إال‬
‫فً ومت ضرورة‪ ...‬وان كان دالما ً ٌرٌد نفعهم وددهم ومتا ً معروفاً‪ ،‬واحترز فً الكبلم‬
‫معهم " ( ‪. )ٙ‬‬

‫ومد كان البن الجوزي أدداء وحاسدون كثر‪ ،‬ومد دفع هإالء نحو القبض دلى ابن‬
‫الجوزي وادتقاله ومد اتخاوا من حضور ابن الجوزي لمحاكمة ركن الدٌن دبد السبلم بن‬
‫دبد الوهاب بن دبد القادر الجٌلً ارٌعة للتنكٌل به‪ ،‬فقد وجد فً مدرسة ركن الدٌن كتبا ً فً‬
‫الفلسفة ودبادة النجوم ورأي األوابل ( ‪ ، )7‬ولما تولى الوزارة ابن القصاب‪ ،‬وشى ركن الدٌن‬

‫)ٔ) ابن نقطه‪ ،‬محمد بن دبد الؽنً بن ابً بكر بن شجاع‪ ،‬التقٌد لمعرفة رواة السنن والمسانٌد‪ ،‬تحقٌق كمال‬
‫ٌوسؾ الحوت‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪(،‬بٌروت‪،)ٔ911،‬ص ٖٖٗ ‪.‬‬
‫)ٕ) السمعانً‪ ،‬دبد الكرٌم بن محمد بن منصور التمٌمً‪ ،‬التجبٌر فً المعجم الكبٌر‪ ،‬تحقٌق ناجً سالم‪ ،‬طٔ‪،‬‬
‫طٔ‪ ،‬رباسة الومؾ السنً‪ (،‬بؽداد‪ ، )ٔ97٘ ،‬جٔ‪ ،‬ص‪. ٖ71‬‬
‫)ٖ) صٌد الخاطر‪ ،‬ص ٔٔ؛ المنتظم‪. ٔ٘/ٔ ،‬‬
‫)ٗ) ابن الجوزي ‪ ،‬صٌد الخاطر‪ ،‬ص ٔ٘ ‪.‬‬
‫)٘) البداٌة والنهاٌة‪. ٕ٘/ٕٔ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن الجوزي‪ ،‬صٌد الخاطر‪ ،‬ص ٔ٘ ‪.‬‬
‫)‪ )7‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٘ٓٗ/ٕ ،‬‬
‫٘ٗ‬
‫بابن الجوزي دند الوزٌر‪ ،‬فاصر أن ٌقبض دلٌه‪ ،‬وأحرمت بعض كتب ابن الجوزي وختم‬
‫دلى بقٌتها ( ٔ) ‪ ،‬ونفً إلى واسط وداش فً النفً خمس سنوات‪ ،‬من سنة (ٓ‪٘9‬هـ‪ٔٔ9ٗ/‬م)‬
‫إلى سنة (٘‪٘9‬هـ‪ٔٔ99/‬م) ( ٕ) ‪.‬‬

‫وسبب اإلفراج دن اب ن الجوزي هو أن ولدل محً الدٌن توسط دند أم الخلٌفة‬


‫الناصر‪ ،‬والتً كانت تتعصب البن الجوزي‪ ،‬فشفعت فٌه دند ابنها الناصر حتى امر بإدادته‬
‫إلى بؽداد فعاد وخلع دلٌه وجلس دند تربة أم الخلٌفة للودظ فؤنشد ماببلً ‪:‬‬

‫شقٌنا بالنوى زمنا فلما ‪ ...‬تبلمٌنا كؤنا ما شقٌنا‬


‫سخطنا دندما جنت اللٌالً ‪ ...‬فما زالت بنا حتى رضٌنا‬
‫سعدنا بالوصال وكم شقٌنا ‪ ...‬بكاسات الصدود وكم َفنٌِنا‬
‫( ٖ)‬
‫فمن لم ٌحٌى بعد الموت ٌوما ‪ ...‬فإنا بعد ما متنا حٌٌنا‬

‫ول م ٌزل ابن الجوزي دلى دادته فً الودظ ونشر العلم إلى أن مات فً شهر رمضان من‬
‫سنة (‪٘97‬هـ‪ٕٔٓٓ/‬م)‪ ،‬وكان ٌوما ً مشهوداً ( ٗ) ‪.‬‬

‫ٖ ‪ -‬جبلل الدٌن ابن ٌونس‪:‬‬

‫الوزٌر جبلل الدٌن أبو المظفر دبٌد هللا بن ٌونس بن أحمد بن دبٌد هللا بن هبة هللا‬
‫البؽدادي األزجً ( ٘)‪ ،‬تفقه دلى أبً حكٌم النهروانً (ت‪٘٘ٙ‬هـ‪ٔٔٙٔ/‬م) ( ‪ ،)ٙ‬ومرأ األصول‬
‫األصول والكبلم دلى أبً الفرج صدمة بن الحسٌن البؽدادي (ت‪٘٘7‬هـ‪ٕٔٔٙ/‬م) ( ‪ ،)7‬وسمع‬
‫وسمع الحدٌث من أبً الومت دبد األول بن دٌسى‪( ،‬تٖ٘٘هـ‪ٔٔ٘7/‬م)‪ ،‬وابن البطً محمد‬
‫ابن دبد البامً (تٗ‪٘ٙ‬هـ‪ٔٔٙ9/‬م)( ‪ ،)1‬ورحل فً طلب العلم إلى هماان فقرأ بعض‬
‫الرواٌات دلى الحافظ أبً العبلء محمد بن نصر (ت ٕٔ٘هـ‪ٔٔٔ1/‬م) ( ‪. )9‬‬

‫)ٔ) ابن كثٌر ‪ ،‬المصدر السابق‪. ٘٘/ٖٔ ،‬‬


‫)ٕ) ‪Laoust : Le Hanbalism :p : 115 .‬‬
‫)ٖ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪ ٘ٓٗ/ٕ ،‬؛ ابن الجوزي‪ ،‬صٌد الخاطر ‪،‬ص ‪ ٔ1‬؛ العلٌمً‪ ،‬المصدر‬
‫السابق‪. ٖ٘/ٗ ،‬‬
‫)ٗ) أبو شامه‪ ،‬الاٌل دلى الروضتٌن‪ ،‬ص ٕ٘ ‪.‬‬
‫)٘) الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم‪ ٔٓٓٔ/ٕٔ ،‬؛ الاهبً‪ ،‬سٌر‪ ٕٕٗ/ٔ٘ ،‬؛ ابن رجب ‪ ،‬المصدر السابق‪ٖٖٗ/ٕ ،‬‬
‫؛ ابن مفلح‪ ،‬المصدر السابق‪ 7٘/ٕ ،‬؛العلٌمً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٕٖ/ٖ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬الاهبً‪ ،‬سٌر‪. ٕٕٗ/ٔ٘ ،‬‬
‫)‪ )7‬الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم‪. ٔٓٓٔ/ٕٔ ،‬‬
‫)‪ )1‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٗٗ/ٕ،‬‬
‫)‪ )9‬العلٌمً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٕ٘/ٖ ،‬‬
‫‪ٗٙ‬‬
‫ومد برع أبو المظفر فً دلم الفرابض والحساب والهندسة‪ ،‬وصنؾ كتابا ً فً أوهام أبً‬
‫الخطاب الكلواانً فً الفرابض والوصاٌا‪ ،‬وكتاب فً أصول الدٌن ( ٔ)‪ ،‬ومدحه أحد تبلمٌال‬
‫وبالػ فً مدحه فقال‪ " :‬جمع فٌه خصال‪ ،‬الخصلة منهن تكون فً الرجل فٌكون من الكاملٌن‬
‫" ( ٕ)‪ ،‬توفً ابن ٌونس سنة (ٖ‪٘9‬هـ‪ٔٔ97 /‬م) ( ٖ) ‪.‬‬

‫ٗ ‪ -‬القاضً أبو صالح الجٌلً ‪:‬‬

‫هو نصر بن دبد الرزاق بن دبد القادر بن أبً صالح‪ ،‬اإلمام العالم ماضً القضاة‬
‫دماد الدٌن‪ ،‬الحافظ الزاهد أبً بكر الجٌلً ثم البؽدادي األزجً الحنبلً ( ٗ)‪ ،‬ولد فً سنة‬
‫(ٗ‪٘ٙ‬هـ‪ ٔٔٙ9/‬م)‪ ،‬ومرأ القرآن فً صبال وسمع الحدٌث من والدل ودمه دبد الوهاب (ت‬
‫ٖ‪٘9‬هـ‪ٔٔ97/‬م)‪ ،‬وأبً هاشم دٌسى بن أحمد الدوشانً (ت٘‪٘7‬هـ‪ٔٔ79/‬م)‪ ،‬واشتؽل بالفقه‬
‫دلى والدل ودلى أبً الفتح بن المنى (تٖ‪٘1‬هـ‪ٔٔ17/‬م) ( ٘)‪ ،‬ومرأ الخبلؾ ودلم النظر‪،‬‬
‫وبرع فً الفقه وناظر وتكلم دلى المسابل الخبلفٌة وأجاد الكبلم‪ ،‬وكان اا فصاحة وجودة‬
‫دبارة‪ ،‬وافتى وتولى مدرسة جدل‪ ،‬وكان ٌدرّ س وٌعظ ( ‪. )ٙ‬‬

‫وكان ٌملً الحدٌث من حفظه والناس ٌكتبون‪ ،‬وكان دظٌم القدر‪ ،‬بعٌد الصٌت معظم‬
‫دند الخاصة والعامة‪ ،‬مبلزما ً طرٌق النسك والعبادة‪ ،‬وكان محبا ً للعلم مكرما ً ألهله ( ‪ ،)7‬توفً‬
‫توفً نصر بن دبد الرزاق فً السادس دشر من شوال سنة (ٖٖ‪ٙ‬هـ‪ٕٖٔ٘/‬م)‪ ،‬وصلً دلٌه‬
‫بجامع القصر وحضرل خلق كثٌر من الوالة واألدٌان والعوام‪ ،‬وازدحم المكان وضاق‬
‫بالناس‪ ،‬وكان ٌوما ً مشهوداً‪ ،‬ودفن بباب حرب ( ‪. )1‬‬

‫٘ ‪ -‬دفٌؾ الدٌن بن دلؾ ‪:‬‬

‫دبد العزٌز بن دلؾ بن أبً طالب بن دلؾ بن القاسم البؽدادي ( ‪ ،)9‬ولد فً سنة‬
‫(ٔ٘٘هـ‪ٔٔ٘ٙ/‬م) ( ٔ) ‪ ،‬الخازن العدل المقرئ‪ ،‬مرأ القرآن بالقراءات دلى الشٌخ أبً الحسن‬

‫)ٔ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٗ٘/ٕ،‬‬


‫)ٕ) العلٌمً ‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٕ٘/ٖ ،‬‬
‫)ٖ) الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم‪. ٔٓٓٔ/ٕٔ ،‬‬
‫)ٗ) الاهبً‪ ،‬سٌر‪ ٕ1ٕ/ٔٙ ،‬؛ العلٌمً‪ ،‬المصدر السابق‪ ٕٓٙ- ٕٓ٘/ٗ ،‬؛ ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪،‬‬
‫ٖ‪. ٗٔٔ/‬‬
‫)٘) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗٔٔ/ٖ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬المصدر نفسه‪. ٗٔٔ/ٖ،‬‬
‫)‪ )7‬العلٌمً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٓٙ/ٗ ،‬‬
‫)‪ )1‬ابن رجب ‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٗٔ/ٖ ،‬‬
‫)‪ )9‬البردي‪ ،‬صالح بن دبد العزٌز بن دلً‪ ،‬تسهٌل السابلة لمرٌد معرفة الحنابلة‪ ،‬تحقٌق بكر بن دبدهللا أبو‬
‫زٌد‪ ،‬طٔ‪ ،‬مإسسة الرسالة‪(،‬بٌروت‪ ،)ٕٓٓٔ ،‬جٕ‪ ،‬ص٘ٓ‪ 1‬؛ ابن مفلح‪ ،‬المصدر السابق‪ ٕٔ9/ٕ ،‬؛‬
‫الاهبً‪ ،‬شمس الدٌن أبو دبدهللا محمد بن أحمد بن دثمان‪ ،‬معرفة القراء الكبار دلى الطبقات و اإلدصار‪،‬‬
‫‪ٗ7‬‬
‫دلً بن دساكر البطابحً (تٕ‪٘7‬هـ‪ٔٔ7ٙ/‬م)‪ ،‬ودلى أبً الحارث أحمد بن سعٌد بن‬
‫العسكري(تٓٓ‪ٙ‬هـ‪ٕٖٔٓ/‬م)‪ ،‬وأبً محمد ٌعقوب بن ٌوسؾ الحربً (ت‪٘17‬هـ‪ٔٔ9ٔ/‬م)‬
‫( ٕ) ‪ ،‬كان ددالً ثقة أماما ً صالحا ً خٌراً مستعبداً‪ ،‬له مكانة كبٌرة دند اوي السلطة‪ ،‬وفٌه النفع‬
‫للناس ( ٖ)‪ ،‬وكان أحد الشهود العدول ( ٗ)‪ ،‬دند القاضً الزنجانً ( ٘) (ت‪ٙ٘ٙ‬هـ‪ٕٔ٘1/‬م)‪ ،‬كما‬
‫أنه تولى خزانة كتب التربة الشرٌفة لوالدة الناصر( ‪. )ٙ‬‬

‫وكان ابن دلؾ مساردا ً فً مضاء حوابج الناس والتشفع لهم دند السلطان‪ ،‬لما درؾ له من‬
‫مكانة كبٌرة دند السلطان ( ‪ ، )7‬توفً ابن دلؾ لٌلة االثنٌن السادس والعشرون من صفر سنة‬
‫(ت‪ٖٙ7‬هـ‪ٕٖٔ9/‬م) ‪.‬‬

‫‪ - ٙ‬إسحاق العلثً ‪:‬‬

‫هو إس حاق بن أحمد بن محمد بن ؼانم العلثً الحنبلً ( ‪ ،)1‬الفقٌه الزاهد‪ ،‬القدوة شٌخ‬
‫العراق والقابم باإلنكار دلى الفقهاء والفقراء فٌما ترخصوا به ( ‪ ،)9‬أماراً بالمعروؾ ناهٌا ً دن‬
‫المنكر‪ ،‬ال ٌخاؾ أحداً إال هللا‪ ،‬وال تؤخال فً هللا لومة البم ( ٓٔ)‪ ،‬وله رسابل كثٌرة إلى األدٌان‬
‫باإلنكار دلٌهم والنصح لهم ( ٔٔ)‪ ،‬كان شٌخا ً فاضبلً‪ ،‬حسن التبلوة للقرآن‪ ،‬مجٌداً ألدابه دالما ً‬
‫بوجول القراءات وطرمها وتعلٌلها وإدرابها‪ ،‬بصٌراً بالنحو واللؽة العربٌة ( ٕٔ)‪ ،‬مرأ دلٌه‬
‫الخلٌفة الظاهر والوزٌر ابن النامد‪ ،‬فلما ولً الخلٌفة الظاهر اكرمه وأجله ( ٖٔ)‪ ،‬ولما ولً‬
‫الوزارة ابن النامد دخل الشٌخ إسحاق العلثً فنهض الوزٌر وأجلسه إلى جانبه ومال‪ " :‬هاا‬

‫تحقٌق طٌار التً موالج‪ ،‬طٔ‪ ،‬مركز البحوث اإلسبلمٌة‪ (،‬إستنبول‪ ،)ٔ99٘ ،‬ص‪ ٖٖ7‬؛ الاهبً‪ ،‬سٌر‪،‬‬
‫‪ ٖٓ1/ٔٙ‬؛ العلٌمً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٖٗ/ٗ ،‬‬
‫)ٔ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪ ٗ7ٔ/ٖ ،‬؛ العلٌمً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٖ٘/ٗ،‬‬
‫)ٕ) الطرٌقً ‪ ،‬المرجع السابق‪. ٖ1ٖ/ٗ ،‬‬
‫)ٖ) الاهبً‪ ،‬سٌر‪. ٖٓ1/ٔٙ ،‬‬
‫)ٗ) الشهود العدول‪ :‬هم جمادة من الناس ٌتم اختٌارهم من أجل مساددة القضاة فً دملهم‪ ،‬شرط أن‬
‫ٌتصفون بالدٌن واالستقامة فً حٌاتهم اال جتمادٌة‪ ،‬فهد‪ ،‬بري محمد‪ ،‬تارٌخ الشهود‪ ،‬مجلة كلٌة الشرٌعة‪،‬‬
‫العدد ٖ‪( ،‬بؽداد‪ ،)ٔ9ٙ7 ،‬ص ‪. ٕ1‬‬
‫)٘) الزنجانً‪ ،‬أبو المنامب شهاب الدٌن محمد بن أحمد بن محمود‪ ،‬شٌخ الشافعٌة‪ ،‬تفقه وبرع فً الماهب‬
‫حتى ااع صٌته‪ ،‬درّ س فً النظامٌة والمستنصرٌة‪ ،‬تولى القضاء سنة (ٖٕ‪ٙ‬هـ‪ ٕٕٔٙ/‬م)‪ ،‬الاهبً‪ ،‬سٌر‪،‬‬
‫ٖٕ‪. ٖٗ٘/‬‬
‫)‪ )ٙ‬العلٌمً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٖ٘/ٗ ،‬‬
‫)‪ )7‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗ7ٖ/ٗ ،‬‬
‫)‪ )1‬ابن العماد الحنبلً‪ ،‬المصدر السابق‪ ٕ٘1/7 ،‬؛ ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗ7ٔ/ٖ ،‬‬
‫)‪ )9‬ابن رجب‪ ،‬المصدر نفسه‪. ٗٗ٘/ٖ ،‬‬
‫)ٓٔ) ابن العماد الحنبلً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕ1ٙ/7 ،‬‬
‫)ٔٔ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗ٘ٗ/ٖ ،‬‬
‫)ٕٔ) المصدر نفسه‪. ٗ٘ٗ/ٖ ،‬‬
‫)ٖٔ) المصدر نفسه‪. ٗ٘ٗ/ٖ،‬‬
‫‪ٗ1‬‬
‫شٌخً مرأت القرآن دلٌه "‪ ،‬وكان الوزٌر ٌعظمه وٌكرمه ( ٔ)‪ ،‬وكان العلثً ٌدخل دلى‬
‫الخلٌفة المستنصر باهلل وٌقربه القرآن‪ ،‬وكان للجهة بنفشا ( ٕ)‪،‬فٌه دقٌدل فمرض فجاءته تعودل‬
‫تعودل ( ٖ) ‪ ،‬توفً إسحاق فً شهر ربٌع األول سنة(ت ٖٗ‪ٙ‬هـ‪ٕٖٔ7/‬م) ( ٗ) ‪.‬‬

‫‪ - 7‬محً الدٌن ابن الجوزي‪:‬‬

‫أبو المظفر ٌوسؾ بن دبد الرحمن بن دلً بن محمد بن الجوزي القرٌشً البكري‬
‫البؽدادي الحنبلً ( ٘)‪ ،‬ولد سنة (ٓ‪٘1‬هـ‪ٔٔ1ٗ/‬م) ( ‪ ،)ٙ‬تفقه دلى ماهب اإلمام أحمد وسمع من‬
‫من أبٌه أبً الفرج ابن الجوزي ( ‪ ،)7‬كان إماما ً كبٌراً وصدراً دظٌما ً كثٌر المعرفة كثٌر‬
‫الحفظ‪ ،‬ملٌح الودظ حلو العبارات ( ‪ ، )1‬وافر الجبللة اا سمة وهٌبة ودبارة فصٌحة‪ ،‬محمود‬
‫الطرٌقة‪ ،‬محببا ً إلى الردٌة ( ‪ )9‬درّ س وافتى وصنؾ ‪ ،‬ورسل به إلى الملوك وأمراء‬
‫األطراؾ‪ ،‬ورأى من العز واالحترام واإلكرام شٌبا ً كثٌراً ( ٓٔ)‪ ،‬اشتؽل بالفقه والخبلؾ‬
‫واألصول وبرع فً الك‪ ،‬وكان امهر من أبٌه فٌه‪ ،‬فعبل أمرل ودظم شؤنه‪ ،‬حتى أن الملك‬
‫الكامل مع دظم سلطانه وارتفاع مكانه مال دنه‪ " :‬كل أمرئ ٌعوزل زٌادة دقل إال محً‬
‫الدٌن ابن الجوزي فإنه ٌعوزل نقص دقل " ( ٔٔ)‪ ،‬ومد كان الخلٌفة الناصر ٌمٌل إلٌه وأوصى‬
‫الخلٌفة أن ٌؽسله محً الدٌن دند موته ( ٕٔ)‪ ،‬ودندما أراد الناصر تعٌنه محتسبا ً دلى بؽداد‬
‫كتب له " حسن السمت ولزوم الصمت أكسباك ٌا ٌوسؾ مع حداثة سنك ما لم ٌترق إلٌه‬
‫أمثالك‪ ،‬فدم دلى ما أنت بصددل ومن بورك فً شًء فلٌلزمه والسبلم " ( ٖٔ) ‪.‬‬

‫)ٔ) المصدر نفسه‪. ٗ٘ٗ/ٖ ،‬‬


‫)ٕ) الجهة بنفشه ‪ :‬هً بنفشا بنت دبدهللا جارٌة الخلٌفة المستضًء ‪ ،‬تركٌة األصل كان لها منزلة دالٌة دند‬
‫دند المستضًء ‪ ،‬وكانت كثٌرة الصدمات دلى الفقراء‪ ،‬أبو شامه‪ ،‬الاٌل دلى الروضتٌن‪ ،‬ص ‪. ٕ9‬‬
‫)ٖ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗ٘ٗ/ٖ،‬‬
‫)ٗ) ابن العماد الحنبلً‪ ،‬المصدر السابق‪ٕ1ٙ/7 ،‬‬
‫)٘) الٌونٌنً ‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬صٕٖٖ ؛ ابن مفلح‪ ،‬المصدر السابق‪ ٔ7ٖ/ٖ ،‬؛ ابن رجب‪ ،‬المصدر‬
‫السابق‪ ٕٓ/ٗ ،‬؛ البردي‪ ،‬المصدر السابق‪ 1ٖٗ/ٕ ،‬؛ العلٌمً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕ7ٖ//ٗ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬الاهبً‪ ،‬سٌر‪. ٖ7ٖ/ٕٖ ،‬‬
‫)‪ )7‬الٌونٌنً ‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬صٕٖٖ ‪.‬‬
‫)‪ )1‬الاهبً ‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم‪. . 1٘ٗ/ٔٗ ،‬‬
‫)‪ )9‬الاهبً‪ ،‬سٌر ‪. ٖ7ٖ/ٕٖ،‬‬
‫)ٓٔ) الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم‪. 1٘ٗ/ٔٗ ،‬‬
‫)ٔٔ) الدمش قً‪ ،‬دبد القادر بن محمد النعٌمً ‪ ،‬الدارس فً تارٌخ المدارس‪ ،‬تحقٌق إبراهٌم شمس الدٌن ‪ ،‬ط ٔ‬
‫‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪( ،‬بٌروت‪ ،)ٔ99ٓ،‬جٕ ‪،‬ص‪. ٗ9‬‬
‫)ٕٔ) العلٌمً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕ7٘/ٗ ،‬‬
‫)ٖٔ) المصدر نفسه‪. ٕ7٘/ٗ ،‬‬
‫‪ٗ9‬‬
‫ومد أكتسب محً الدٌن نتٌجة ألسفارل الكثٌرة‪ ،‬الكثٌر من األموال فؤنشؤ مدرسة فً‬
‫دمشق وومؾ دلٌها الوموؾ‪ ،‬كما انشؤ داراً لحفظ القران فً بؽداد فً محلة الحربٌة ( ٔ)‪،‬‬
‫وانشؤ مدفنا ً ( ٕ)‪ ،‬ولم ٌزل محً الدٌن فً ترق إلى أن متل شهٌداً بسٌؾ الكفار دند دخول‬
‫هوالكو بؽداد فً صفر من سنة(‪ٙ٘ٙ‬هـ‪ٕٔ٘1/‬م) ( ٖ)‪ ،‬واستشهد معه أوالدل الثبلثة وهم‬
‫جمال الدٌن أبو الفرج دبد الرحمن بن محً الدٌن‪ ،‬كان فاضبلً وباردا ً ( ٗ)‪ ،‬وكان ٌعظ مكان‬
‫أبٌه وجدل بباب بدر ( ٘)‪ ،‬وح ّدث فً بؽداد ومصر متل مع أبٌه وأخوته دندما دخل هوالكو‬
‫بؽداد ( ‪ ، )ٙ‬وله دٌوا ن شعر‪ ،‬ومن شعرل فً النبً محمد (صلى هللا دلٌه واله وسلم) ‪:‬‬

‫فضل النبٌٌن الرسول م َُحمَّد ‪ ...‬شرفا ٌَ ِزٌد‪ ،‬وزادهم تعظٌما‬


‫هللا ج َل جبلل ُه ‪ ...‬آوى‪َ ،‬ف َقا َل‪ " :‬أَلَ ْم ٌَ ِج ْد َك ٌَتٌِمًا "‬ ‫ٌَكفٌ ِه أَن َّ‬
‫الآللا َما ٌَ ُكونُ ٌتٌما‬ ‫ِ‬ ‫درُّ ٌتٌم فًِ الفخار‪ ،‬وإ َنما ‪ ...‬خٌرُ‬
‫ولقد سما الرسُل الكرام فكلهم ‪َ ...‬م ْد سلموا لجبلل ِه َتسلٌما‬
‫( ‪)7‬‬
‫كرامة ‪ ...‬صلوا َدلَ ٌْ ِه وسلّموا َتسلٌما‬ ‫ً‬ ‫وهللا ُ مد صلَّى َدلَ ٌْ ِه‬

‫ومتل معه ابنه شرؾ الدٌن دبدهللا بن محً الدٌن ( ‪ ،)1‬كان من نببلء الرجال‪ ،‬كثٌر‬
‫التبلوة‪ ،‬دالما ً بالفقه واألصول ( ‪ ،)9‬ولً الحسبة سنة (ٕٗ‪ٙ‬هـ‪ٕٔٗٗ/‬م)‪ ،‬ولكنه تزهد دنها‬
‫وتركها لٌدرس بالمدرسة البشٌرٌة ( ٓٔ) ‪،‬وثالث أوالدل الاٌن متلوا معه هو تاج الدٌن دبد‬
‫الكرٌم بن محً الدٌن ‪،‬درس بالمدرسة الشاطبٌة ( ٔٔ) ‪ ،‬وتولى الحسبة ولم ٌبلػ من العمر‬
‫العشرٌن سنة ( ٕٔ) ‪.‬‬

‫)ٔ) محلة الحربٌة‪ :‬هً محلة تنسب إلى دبدهللا البلخً أحد مادة ا لخلٌفة أبو جعفر المنصور ومتولً شرطته‪،‬‬
‫وهً مما ٌلً جامع المنصور‪ ،‬وهً منطقة ٌنسب إلٌه ا الكثٌر من العلماء والفقهاء‪ ،‬الحموي معجم البلدان‪،‬‬
‫ٕ‪. ٕٖ7- ٕٖٙ/‬‬
‫)ٕ) ابن الفوطً‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬ص ٖٔ ؛ العلٌمً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕ7٘/ٗ ،‬‬
‫)ٖ) البردي‪ ،‬المصدر السابق‪. 1ٗ٘/ٕ ،‬‬
‫)ٗ) ابن الفوطً‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬ص ٖٕٔ ‪.‬‬
‫)٘) ابن رجب ‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٙ/ٗ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن الفوطً‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬ص ٗ‪. 1‬‬
‫)‪ )7‬ابن رجب المصدر السابق‪. ٕ9/ٗ ،‬‬
‫)‪ )1‬ابن رجب ‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٓ/ٗ ،‬‬
‫)‪ )9‬الاهبً‪ ،‬سٌر‪. ٕ7ٗ /ٖ ،‬‬
‫)ٓٔ) ‪-‬ابن رجب ‪ ،‬المصدر السابق‪ ٖٓ/ٗ ،‬؛ الم درسة البشٌرٌة ‪ :‬بنٌت هال المدرسة فً الجانب الؽربً من‬
‫بؽداد ابتدأ بنابها سنة (‪ٙٗ9‬هـ‪ ٕٕٔ٘/‬م)‪ ،‬امرت ببنابها حظٌة الخلٌفة المستعصم وأم ولدل المعروفة(بباب‬
‫بشر)‪ ،‬وجعلتها ومفا ً دلى المااهب األربعة‪ ،‬دلى ماددة المدرسة المستنصرٌة‪ ،‬ابن الفوطً‪ ،‬الحوادث‬
‫الجامعة‪ ،‬ص ٖٕٖ ‪ ٖٕٗ-‬؛ معروؾ‪ ،‬ناجً‪ ،‬نشؤة المدارس المستقلة فً اإلسبلم‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬مطبعة األزهر‪،‬‬
‫(بؽداد‪ ،)ٔ9ٙٙ ،‬ص ‪. ٔ7‬‬
‫)ٔٔ) المدرسة الشاطبٌة‪ :‬وتعرؾ أٌضا ً بمدرسة بنفشه‪ ،‬بنتها للحنابلة السٌدة بنفشه زوجة الخلٌفة المستضًء‪،‬‬
‫بباب األزج فً الجانب ا لشرمً من بؽداد‪ ،‬وسلمت مفاتٌحها إلى ابً جعفر أبن الصباغ‪ ،‬وبعد أٌام أدطت‬
‫مفاتٌحها لعبد الرحمن ابن الجوزي‪ ،‬بنٌت هال المدرسة سنة (ٓ‪٘7‬هـ‪ ٔٔ7ٗ/‬م)‪ ،‬معروؾ‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص ٕٔ ؛ معروؾ‪ ،‬مدارس بؽداد‪ ،‬ص ٗ‪. ٔ1‬‬
‫)ٕٔ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٓ/ٗ ،‬‬
‫ٓ٘‬
‫عالقة علماء الحنابلة بالمذاهب األخرى‬

‫من المعروؾ أن سٌاسة المح تل األجنبً تهدؾ إلى أضعاؾ الخبلفة العباسٌة وهدم‬
‫النسٌج االجتمادً البؽدادي المتجانس‪ ،‬لالك دمل البوٌهٌون طوال فترة سٌطرتهم دلى‬
‫الخبلفة العباسٌة ل بلنحٌاز لفبة دون أخرى من فبات المجتمع بهدؾ أحداث تناحر بٌن أبناء‬
‫المجتمع الواحد‪ ،‬وهال السٌاسة سار دلٌها السبلجقة أٌضا ً ‪.‬‬
‫لقد أدت هال السٌاسة إلى حدوث الكثٌر من الفتن الماهبٌة ‪ ،‬كما أن ضعؾ الخبلفة‬
‫العباسٌة فً بعض الفترات أدى إلى حدوث هال الفتن‪ ،‬وٌمكن القول‪ :‬إن لؤلوضاع‬
‫االمتصادٌة دوراً فً حدوثها ‪ ،‬فضبلً دن أن بعضها تحدث نتٌجة للكوارث الطبٌعٌة التً‬
‫كانت تحدث فً بؽداد ( ٔ) ‪.‬‬

‫)ٔ )‬
‫ابن األثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗٓٓ/9،‬‬
‫ٔ٘‬
‫ومن هال الفتن ما حدث سنة (‪٘79‬هـ‪ٔٔٙ1/‬م)‪ ،‬دندما كان الوادظ رضً الدٌن‬
‫القزوٌنً ( ٔ) ‪ ،‬مدرس النظامٌة‪ٌ ،‬جلس للودظ فسبل دن لعن معاوٌة وٌزٌد‪ ،‬وكان القصد من‬
‫هاا السإال هو أحداث الفوضى واالضطرابات فً بؽداد‪ ،‬ودندما رفض القزوٌنً اإلجابة‬
‫دن هاا السإال ه م بعض العوام دلى متله‪ ،‬فاضطرب المجلس وحمل القزوٌنً إلى أحد‬
‫بٌوت الفقهاء‪ ،‬وكانت هال الفتنة سببا ً فً دودة الشٌخ القزوٌنً إلى دٌارل ( ٕ) ‪.‬‬

‫وحدثت فتنة أخرى فً بؽداد سنة (ٕ‪٘1‬هـ‪ٔٔ1ٙ/‬م)‪ ،‬فقد احٌى بعض أهالً بؽداد ٌوم‬
‫داشوراء ودظموا بعض الشخصٌات التً لها مكانة دظٌمة فً اإلسبلم‪ ،‬وطعنوا فً‬
‫شخصٌات أخرى ( ٖ) ‪،‬وكان هإالء مد حصلوا دلى ددم من احد رجاالت الدولة ( ٗ) ‪.‬‬

‫إال أن اشد هال الفتن هً الفتنة التً حدثت سنة (٘٘‪ٙ‬هـ‪ٕٔ٘7/‬م)‪ ،‬فقد استمرت هال‬
‫الفت نه أٌام ددٌدل‪ ،‬ومتل فٌها ددد كبٌر من الناس‪ ،‬ونهبت األسواق‪ ،‬وأؼلقت المحال ( ٘)‪،‬‬
‫ودلى الرؼم من كل هال الفتن إال أن أبناء بؽداد ما ٌلبثوا بعد كل فتنه أن ٌعودوا إلى‬
‫وحدتهم‪ ،‬مدركٌن أن موتهم فً وحدتهم ( ‪. )ٙ‬‬

‫ودلى الرؼم من إشارة بعض المإرخٌن إلى أن الخبلؾ بٌن أتباع مااهب السلؾ من‬
‫أهل السنة ٌعد شكلٌا ً أاا ما مورن بخبلؾ مااهب أهل السنة مع الشٌعة ‪ ،‬إال أن النصوص‬
‫تشٌر إلى أن ما كان ٌحدث بٌن أتباع مااهب أهل السنة كان خبلفا ً حاداً ٌتسم بالعنؾ وددم‬
‫التسامح ( ‪. )7‬‬

‫وتتحدث المصادر التارٌخٌة دن الكثٌر من هال الومابع بٌن اتباع المااهب السنٌة فً‬
‫بؽداد ‪ ،‬وكانت أبرز هال التناحرات تحدث بٌن الح نابلة واألشادرة ومن هال الفتن ما حدث‬
‫سنة (٘‪ٗ9‬هـ‪ٕٔٔٓ/‬م)‪ ،‬وسبب هال الفتنة أن الوادظ دٌسى الؽزنوي ( ‪ ،)1‬لما مدم إلى بؽداد‬

‫)ٔ) هو األمام والمفسر و الفقٌه الشافعً أ حمد بن إسمادٌل بن ٌوسؾ القزوٌنً‪ ،‬درّ س فً المدرسة النظامٌة‬
‫وتوفً فً مزوٌن سنة(‪٘97‬هـ‪ ٕٔٓٓ/‬م)‪ ،‬ابن دماد الحنبلً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٗ7/ٔٔ ،‬‬
‫)ٕ) األٌوبً ‪ ،‬أبو المعالً محمد بن دمر المظفر‪ ،‬مضمار الحقابق وسر الخبلبق‪ ،‬تحقٌق حسٌن حبشً‪،‬‬
‫د‪.‬ط‪ ،‬دالم الكتب‪( ،‬القاهرة‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬صٕٓٔ ‪.‬‬
‫)ٖ) دبلل‪ ،‬خالد كبٌر‪ ،‬التعصب الماهبً فً التارٌخ اإلسبلمً‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار المحتسب‪(،‬الجزابر‪،)ٕٓٓ1 ،‬‬
‫صٓ٘ ‪.‬‬
‫)ٗ) المرجع نفسه‪،‬ص‪. ٗ7‬‬
‫)٘) ابن كثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٕ9/ٖٔ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬الحصونه ‪ ،‬رابد حمود ‪،‬والعٌساوي‪ ،‬دبلء كامل‪ ،‬أثار االحتبلل السلجومً للعر اق دلى األوضاع‬
‫االجتمادٌة فً بؽداد‪٘9ٓ- ٗٗ7(،‬هـ)‪،‬بحث منشور فً مجلة آداب البصرة‪ ،‬العدد ‪ ،)ٕٓٔٔ(،٘7‬ص‪ٕٔٙ‬‬
‫‪.‬‬
‫)‪ )7‬معتوق ‪ ،‬رشاد دباس ‪ ،‬الحٌاة العلمٌة فً العراق فً العصر البوٌهً ٖٖٗ ‪ٗٗ7-‬هـ‪ٔٓ٘٘- 9ٗ٘/‬م ‪،‬‬
‫أطروحة دكتورال (ؼٌر منشورة)‪ ،‬كلٌة الشرٌعة والدراسات العلٌا ‪ ،‬جامعة أم القرى ‪ ، )ٔ99ٓ(،‬ص ٘‪ٔٙ‬‬
‫‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫هو دٌسى بن دبدهللا بن القاسم أبو المإٌد الؽزنوي‪ ،‬كان وادظا وشادرا‪ ،‬ناصرا للماهب األشعري‬ ‫)‪) 1‬‬

‫‪،‬ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. 9ٖ/ٔٙ،‬‬


‫ٕ٘‬
‫ومكث فٌها أكثر من دام‪ ،‬ودظ فً احد األٌام فً جامع المنصور وأظهر الماهب األشعري‬
‫فادترضه الحنابلة داخل المسجد ونشب بٌنهم دراك ( ٔ) ‪.‬‬
‫وحدثت فتنة أخرى بٌن الحنابلة واألشادرة سنة (‪ٖ٘1‬هـ‪ٖٔٔٗ/‬م)‪ ،‬فقد كان الوادظ‬
‫أبو الفتوح االسفراٌٌنً ( ٕ) ‪ ،‬مد جعل شعارل إظهار الماهب األشعري‪ ،‬حتى بالػ فً الك‪ ،‬مما‬
‫مما أدى إلى حدوث تصادم بٌن األشادرة والحنابلة‪ ،‬اخرج االسفراٌٌنً دلى اثرها من بؽداد‬
‫( ٖ)‪ ،‬ثم داد بعد مدة وا خا ٌثٌر الفتن وٌبث ادتقادل وٌام الحنابلة‪ ،‬فؤخرج من بؽداد والزم‬
‫اإلمامة فً بلدل ( ٗ) ‪.‬‬

‫وكان التعصب الماهبً دلى اشدل بٌن المااهب السنٌة إلى حد وصل فٌه الحنابلة إلى‬
‫منع دفن احد دلماء الشافعٌة فً مقبرة األمام ابن حنبل‪ ،‬ومد أدى الك إلى حدوث فتنة‪ ،‬لم‬
‫تنت ِه إال بتدخل الخلٌفة العباسً المقتفً ألمر هللا (ٖٓ٘ ‪٘٘٘-‬هـ‪ٔٔٙٓ- ٖٔٔٙ/‬م) ( ٘) ‪.‬‬

‫وكان لهال الفتن بٌن مختلؾ فبات المجتمع البؽدادي ومااهبه أثر كبٌر دلى أوضاع‬
‫بؽداد‪ ،‬فكانت سببا ً فً أؼبلق األسواق واشتداد الؽبلء‪ ،‬فضبلً دن الك جعلت هال الفتن من‬
‫أحٌاء بؽداد مقسمة دلى أساسا ً ماهبً‪ ،‬فكانت الرصافة لماهب والكرخ للماهب اآلخر ( ‪. )ٙ‬‬

‫مساهمة علماء الحنابلة فً محاربة الفتن المذهبٌة‬

‫شهدت الخبلفة العباسٌة ومنا سٌطرة العناصر األجنبٌة دلٌها الكثٌر من األحداث والفتن‬
‫الماهبٌة‪ ،‬والتً كانت تإدي فً كثٌر من األحٌان إلى انعدام األمن واالستقرار وارتفاع‬
‫األسعار‪ ،‬والؽبلء وحدوث األزمات االمتصادٌة‪ ،‬وكل الك ٌإثر تؤثٌراً مباشراً دلى حٌاة‬
‫الناس ومعٌشتهم‪ ،‬لالك نجد أن الكثٌر من دلماء الحنابلة انبروا لمواجهة تلك الفتن‬
‫ومثٌرٌها‪ ،‬والقضاء دلى مسبباتها‪ ،‬ودملوا جاهدٌن من أجل شٌوع االستقرار وتوحٌد‬
‫صفوؾ المجتمع ‪.‬‬

‫)ٔ) المصدرنفسه‪ 79/ٔ1،‬؛ ابن كثٌر ‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔ99/ٕٔ،‬‬


‫)ٕ) أبو الفتوح االسفراٌٌنً‪ :‬محمد بن الفضل‪ ،‬من أ هل اسفراٌٌن دالم ووادظ ومتكلم‪ ،‬ومتصوؾ دلى‬
‫الماهب األشعري‪ ،‬كان من أبمة دصرل وله مصنفات ددة‪ ،‬دخل بؽداد سنة(٘ٔ٘هـ‪ ٕٔٓٓ/‬م)‪ ،‬وودظ بها ‪،‬‬
‫ابن دساكر‪ ،‬تبٌٌن‪ ،‬ص ‪ٖٕ1‬؛ الاهبً‪ ،‬سٌر‪ٕٔٗ- ٖٔ9/ٕٓ،‬؛ السبكً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔ7ٖ- ٔ7ٓ/ٙ،‬‬
‫)ٖ) ابن الجوزي‪،‬المنتظم‪. 79/ٔ1،‬‬
‫)ٗ) المصدر نفسه ‪ 79/ٔ1،‬؛ ابن كثٌر ‪،‬المصدر السابق‪. ٕٗٗ/ ٔ ،‬‬
‫)٘) دبلل‪ ،‬التعصب الماهبً‪ ،‬صٖ٘ ‪.‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. 1ٔ/ٔ1،‬‬
‫ٖ٘‬
‫ومن هإالء العلماء دون الدٌن ابن هبٌرة الحنبلً‪ ،‬فقد اشتهر بمجالسه العلمٌة والتً‬
‫كانت ملتقى للعلماء والفقهاء وأهل اللؽة واآلدب‪ ،‬ولم ٌكن مجلسه خاصا ً بماهب معٌن بل‬
‫كان فٌه دلماء من كل المااهب‪ ،‬فكان سببا ً فً تخفٌض حدت التوترات الماهبٌة ( ٔ)‪ ،‬فكان‬
‫مجلسه دامراً بكل المااهب‪ ،‬ال فرق دندل بٌن ماهب وآخر ‪ ،‬لالك دبل نجمه وااع صٌته‬
‫وبقً اكرل‪ ،‬مال دنه ابن كثٌر‪ " :‬لقد اختفى أهل البدع فً دهدل وظهرت أمور منكرة بعد‬
‫وفاته " ( ٕ) ‪.‬‬

‫كالك البن الجوزي دور بارز فً محاربة الفتن الماهبٌة‪ ،‬والك من خبلل مجالس‬
‫الودظ التً كان ٌحضرها أدداد ؼفٌرة من الناس‪ ،‬ومن تلك الموامؾ‪ ،‬دندما ومع نزاع بٌن‬
‫السنة والشٌعة فً المفاضلة بٌن ابً بكر ودلً (رضً هللا دنهما) فرضً الطرفان بما‬
‫ٌجٌب دنه الشٌخ ابن الجوزي‪ ،‬فقام شخص فسؤله دن الك وهو دلى الكرسً فً مجلس‬
‫الودظ‪ ،‬فقال‪ " :‬افضلهم ا من كانت ابنته تحته "‪ ،‬ونزل الشٌخ فً الحال حتى ال ٌراجع فً‬
‫الك‪ ،‬فقال أهل السنة‪ :‬هو أبو بكر( رضً هللا دنه) ألن بنته دابشة(رضً هللا دنها) تحت‬
‫رسول هللا (صلى هللا دلٌه وسلم) ‪ ،‬ومال الشٌعة‪ :‬هو دلً( رضً هللا دنه) ألن فاطمة بنت‬
‫الرسول ( صلى هللا دلٌه وسلم)‪ ،‬تحته‪ ،‬ورضً السنة والشٌعة بهاا الجواب ( ٖ)‪ٌ ،‬قول ابن‬
‫خلكان دن هاا الجواب‪ " :‬وهاا من لطابؾ األجوبة ولو حصل بعد الفكر التام وإمعان النظر‬
‫كان فً ؼاٌة الحسن فضبلً دن البدٌهٌة " ( ٗ)‪.‬‬

‫ومنهم أٌضا ً األدٌب واللؽوي ابن منصور النمٌري ( ٘)‪(،‬ت ‪٘11‬هـ‪ٔٔ9ٔ/‬م)‪ ،‬الاي كان‬
‫كان له دور فً محاربة الفتن بشعرل‪ ،‬إا ٌقول فً احدى مصابدل ‪:‬‬

‫الشٌخٌن فضلُ التق ُد ِم‬


‫ِ‬ ‫وال اجح ُد‬ ‫أُحبُ دلٌا ً والبتو َل وولدهِا‬

‫ُلجم ( ‪. )ٙ‬‬ ‫ابن م ِ‬


‫والء ِ‬
‫ِ‬ ‫كما ابرأ ُ مِ ن‬ ‫وابرأ ُ مما نا َل د َ‬
‫ُثمان باألاى‬

‫ومد ساهم الكثٌر من العلماء فً هاا الجانب حتى أصبحت هال الفترة األكثر استقرار ًا‪،‬‬
‫فكان حدوث الفتن ملٌبلً جداً‪ ،‬وساد التسامح بٌن المااهب وما ٌدل دلى الك هو أن العلماء‬

‫)ٔ) أبو شامة ‪ ،‬الروضتٌن‪. ٖ77/ٔ ،‬‬


‫)ٕ) البداٌة والنهاٌة‪. ٗٔٓ/ٕٔ ،‬‬
‫)ٖ) ابن الجوزي‪ ،‬أبو الفرج دبد الرحمن بن دلً القرشً‪ ،‬الموضودات‪ ،‬تحقٌق دب د الرحمن محمد دثمان‪،‬‬
‫طٔ ‪ ،‬المكتبة السلفٌة ‪(،‬المدٌنة المنورة‪ ،)ٔ9ٙٙ،‬ص ٕٔ ؛ السٌوطً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٔ9 ،‬‬
‫)ٗ) ‪-‬وفٌات األدٌان‪. ٕٔٗ/ٖ ،‬‬
‫)٘) ابن منصور النمٌري ‪ :‬هو نصر بن منصور النمٌري ‪ ،‬المحدث واللؽوي واألدٌب‪ ،‬اشتؽل بحفظ القران‬
‫ومصاحبة الصالحٌن‪ ،‬وله دٌوان شع ر كبٌر‪ ،‬دفن فً باب حرب‪ ،‬ابن كثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٗ9/ٕٔ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖ9ٖ/ٕ ،‬‬
‫ٗ٘‬
‫اخاوا ٌشاركون فً جنابز دلماء المااهب األخرى‪ ،‬فقد حضر ؼسل اإلمام ابن الجوزي‬
‫ضٌاء الدٌن بن سكٌنة الشافعً ( ٔ)‪(،‬ت‪ٙٓ7‬هـ‪ ،)ٕٔٔٓ/‬وحضر معه الشٌخ ض ٌاء الدٌن بن‬
‫الجبٌر ( ٕ)‪(،‬ت ‪ٙٓ7‬هـ‪ٕٔٔٓ/‬م)‪ ،‬وشاركا فً تشٌٌعه ( ٖ)‪ ،‬وٌدل الك دلى أن الصرادات‬
‫الماهبٌة خفت حدتها‪ ،‬وخاصة بٌن المااهب السنٌة األربعة ‪.‬‬

‫إن مساهمة العلماء الحنابلة فً أدمال الخٌر ورفع الظلم وإدادة الحقوق إلى أهلها‬
‫أكسبتهم حب الناس لهم واصبحوا ٌ حظون بمكانة متمٌزة دند العامة‪ ،‬ولٌس ادل دلى هال‬
‫المكانة من مشاركة العامة فً تشٌٌع جنابز هإالء العلماء‪ ،‬فهاا الوزٌر العادل ابن هبٌرة‬
‫ٌر‬
‫الحنبلً شارك العامة فً جنازته وؼلقت أسواق بؽداد ٌومبا‪ ،‬وخرج مع جنازته جمع لم َ‬
‫( ٗ) ‪.‬‬
‫مثله لمخلوق مط‪ ،‬كل الك ٌدل دلى مكانته ودلى ما كان ٌفعله من البر ومساددة الناس‬
‫‪.‬‬

‫كما تبع الناس جنازة الشٌخ أبً الفرج ابن الجوزي‪ ،‬ومد صلى دلٌه الناس فً جامع‬
‫المنصور وضاق بهم ولم ٌحتوٌه جمعهم‪ ،‬كما ضامت بهم الشوارع‪ ،‬وكان الك الٌوم ٌوما ً‬
‫مشهوداً ولم ٌصل إلى حفرته دند مبر اإلمام أحمد بن حنبل إلى ومت صبلة الجمعة‪ ،‬وحزن‬
‫الناس حزنا ً شدٌداً‪ ،‬وبكوا دلٌه بكاءً كثٌراً وباتوا دند مبرل طول شهر رمضان ٌختمون‬
‫الختمات ( ٘) ‪.‬‬
‫إن مشاركة الناس بهاا الشكل لدلٌل دلى حبهم للعلماء ودلى دظم مكانتهم فً المجتمع‪،‬‬
‫فقد أدى هإالء العلماء دوراً إٌجابٌا ً فً الحٌاة االجتمادٌة لٌس فقط فً النصح واإلرشاد‬
‫والتوجٌه بل تعدا األمر الك‪ ،‬حتى أصبح العلماء وسطاء بٌن الناس وأرباب الدولة‪،‬‬
‫وأصبحوا ٌتحدثون باسم العامة وأدادوا لهم حقومهم المؽتصبة‪ ،‬لالك حظو باحترام الناس‬
‫وتقدٌرهم ‪.‬‬

‫)ٔ) ضٌاء الدٌن بن سكٌنة‪ :‬هو أبو أ حمد ضٌاء الدٌن دبد الوهاب بن منصور بن سكٌنة البؽدادي الشافعً‪،‬‬
‫اإلمام العالم المحدث الثقة الفقٌه الكبٌر شٌخ اإلسبلم‪ ،‬درؾ بؤبن سكٌنة دلى اسم والدة أبٌه ‪ ،‬السبكً‪،‬‬
‫المصدر السابق‪ ٖٕٗ/1 ،‬؛ الاهبً‪ ،‬سٌر‪. ٕ٘ٓ/ٕٔ ،‬‬
‫)ٕ) ضٌاء الدٌن بن الجبٌر‪ :‬هو ٌحٌى بن المظفر بن نعٌم بن دلً البؽدادي البدري‪ ،‬الفقٌه الزاهد اإلمام‬
‫العالم تفقه دلى ماهب اإلمام احمد‪ ،‬توفً سنة(‪ٙٓ7‬هـ‪ ٕٔٔٓ/‬م)‪ ،‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٘ٓ1/ٕ ،‬‬
‫)ٖ) ابن رجب ‪ ،‬المصدر نفسه‪ ٘ٓ1/ٕ ،‬؛ ابن العماد الحنبلً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٖ٘/ٔٔ ،‬‬
‫)ٗ) ابن رجب ‪ ،‬المصدر نفسه‪. ٔ77/ٕ ،‬‬
‫)٘) ابن رجب ‪ ،‬المصدر السابق ‪. ٘ٓ1/ٕ،‬‬
‫٘٘‬
‫الفصل الثانً‬
‫الدور السٌاسً للحنابلة فً بغداد‬
‫المبحث األول‬
‫عالقة الحنابلة بالخالفة العباسٌة‬

‫طبٌعة العالقة بٌن الحنابلة والخالفة‬


‫أكتسب العلماء بصورة دامة والحنابلة بصورة خاصة مكانة ممٌزة دند الخبلفة‬
‫العباسٌة وكان لهم دور كبٌر فً إصبلح المجتمع بما تعلمول من دلوم شردٌة ‪ ،‬ومد رفع هللا‬
‫شى اللَّ َو ِم ْن‬
‫مكانة العلماء إا ورد اكرهم فً الكثٌر من اآلٌات ‪ ،‬ومنها موله تعالى‪ " :‬إِنَّ َما يَ ْخ َ‬

‫‪٘ٙ‬‬
‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫عَباده الْعُلَ َماءُ إِ َّن اللَّ َو َع ِز ٌ‬
‫( ‪)7‬‬
‫ين ََل يَ ْعلَ ُمو َن‬ ‫سَت ِوي الذ َ‬
‫ين يَ ْعلَ ُمو َن َوالذ َ‬ ‫ور" ‪ ،‬وقوله تعالى‪ " :‬قُ ْل َى ْل يَ ْ‬ ‫يز غَ ُف ٌ‬
‫اب " ( ‪. )8‬‬ ‫إِنَّ َما يَتَ َذَّك ُر أُولُو ْاْلَلَْب ِ‬

‫ومد حظً هإالء العلماء بعناٌة الخلفاء العباسٌٌن ‪ ،‬وكانوا موضع احترامهم ‪ ،‬ال ٌردون‬
‫لهم مطلبا ً وٌنزلوهم منازلهم وٌقربونهم إلٌهم ‪ ،‬وٌولّونهم الوالٌات الرفٌعة والمهمة فً الدولة‬
‫لٌكونوا دونا ً لهم فً إدارتها ‪ ،‬ولكً ٌواجهو ا القوى المعارضة والمعادٌة ‪،‬سواء كانت‬
‫سٌاسٌة أو دٌنٌة ( ٖ) ‪.‬‬

‫ومما زاد فً أهمٌة العلماء دند الخبلفة العباسٌة ‪ ،‬إدراك الخلفاء مكانة العلماء فً‬
‫المجتمع فهم ٌشكلون حلقة وصل بٌن العامة والسلطة ‪ ،‬وهاا ما ٌجعل العلماء أكثر تؤثٌراً‬
‫دلى العامة ‪ ،‬ومن ث َّم فإن ال خلفاء ال ٌستطٌعون التخلً دن دور العلماء ‪ ،‬وخاصة فً توجٌه‬
‫المجتمع وكسب تؤٌٌدل ( ٗ) وكان لعلماء الحنابلة دبلمة وطٌدة مع الخبلفة العباسٌة السٌما‬
‫خبلل هال الحقبة ‪،‬ومد اكد الحنابلة ومن خبلل فكرهم السٌاسً دلى شردٌة الخبلفة العباسٌة‬
‫ووجوب طادتها وددم نفواها ( ٘) ‪.‬‬

‫ومد بٌن الحنابلة مومفهم فً دبلمتهم مع الخبلفة العباسٌة من خبلل آراء إمامهم أحمد‬
‫بن حنبل ‪ ،‬فعلى الرؼم مما تعرض له أٌام المحنه من حبس وتعاٌب إال أنه لم ٌدعُ للخروج‬
‫دلى خلفاء بنً العباس الاٌن مالوا بخلق القرآن الكرٌم بل دلى العكس كان ٌددو للخلفاء‬
‫وٌح ار من الخروج دلٌهم وكان ٌقول‪ " :‬وال تنكث بٌعة فمن فعل الك فهو مبتدع مخالؾ‬
‫مفارق للجمادة‪ ،‬وان أمرك السلطان بؤمر هو هلل معصٌة فلٌس لك أن تطٌعه البته‪ ،‬ولٌس لك‬
‫أن تخرج دلٌه وال تمنعه حقه "( ‪،)ٙ‬‬

‫ودلى الرؼم من ددوة اإلمام أحمد وتحاٌرل من الخروج دلى السلطان‪ ،‬إال أنه كان‬
‫ٌحار من مجالسة السبلطٌن ومخالطتهم ‪ ،‬وكان ٌقول‪ " :‬ثبلث ال تبلون نفسك بهن‪ ،‬ال تدخل‬
‫دلى السلطان وان ملت آمرل بطادة هللا‪ ،‬وال تدخلن دلى امرأة وان ملت ادلمها كتاب هللا‪،‬‬
‫وال تصؽٌن سمعك لاي هوى فإنك ال تدري ما ٌعلق بقلبك منه " ( ‪. )7‬‬

‫)ٔ) سورة فاطر‪ ،‬اآلٌة (‪. )ٕ1‬‬


‫)ٕ) سورة الزمر ‪،‬اآلٌة (‪. )9‬‬
‫)ٖ) محٌمٌد‪ ،‬أنور رحٌم‪ ،‬إسهامات العلم اء فً الحٌاة العامة فً بؽداد (ٓٓ٘هـ ‪ٔٔٓٙ -‬م‪ٙ٘ٙ /‬هـ ‪ٕٔ٘1 -‬م‬
‫)‪ ،‬أطروحة دكتورال (ؼٌر منشورة)‪ ،‬كلٌة التربٌة للعلوم اإلنسانٌة ‪ ،‬جامعة تكرٌت‪ ،)ٕٓٔٗ(،‬ص ٕٓ ‪.‬‬
‫)ٗ) المرجع نفسه‪ ،‬ص ٕٔ ‪.‬‬
‫)٘) الدلٌمً‪ ،‬الحنابلة فً بؽداد‪ ،‬ص ٕ‪. ٙ‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن بدران‪ ،‬دبد القادر بن أحمد بن مصطفى‪ ،‬ا لمدخل إلى ماهب اإلمام أحمد‪ ،‬تحقٌق دبدهللا بن دبد‬
‫المحسن تركً‪ ،‬طٕ ‪ ،‬مإسسة الرسالة‪ (،‬بٌروت‪ٔٗٓٔ ،‬هـ)‪ ،‬ص ‪. 19‬‬
‫)‪ )7‬ابن حنبل‪ ،‬صالح بن اإلمام أحمد بن محمد الشٌبانً‪ ،‬سٌرة اإلمام أحمد‪ ،‬تحقٌق فإاد دبد المنعم أحمد‪،‬‬
‫طٕ‪ ،‬دار الددوة‪ (،‬اإلسكندرٌة‪ٔٗٓٗ ،‬هـ)‪ ،‬ص ٔ٘ ؛ الجزري‪ ،‬مجد الدٌن أبو السعادات المبارك بن‬
‫محمد‪ ،‬المختار من منامب االختٌار‪ ،‬تحقٌق دبد القادر دطا‪ ،‬د‪.‬ط ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪ (،‬بٌروت‪،)ٔ97ٔ ،‬‬
‫جٖ‪ ،‬ص ‪.ٕٕٙ‬‬
‫‪٘7‬‬
‫وكان سبب ها ا التحاٌر هو الخشٌة من أن ٌُفتن العالم بإؼراءات السلطان ومن ث َّم فإنه‬
‫ال ٌستطٌع أن ٌإدي النصح للسلطان‪ ،‬وال ٌستطٌع أن ٌؤمرل بمعروؾ أو ٌنهال دن المنكر‪،‬‬
‫ونتٌجة لالك فقد تجنب الكثٌر من دلماء الحنابلة تولً المناصب فً الخبلفة العباسٌة‪ ،‬ومد‬
‫انتقد ابن دقٌل‪ ،‬هإالء العلماء الاٌن كانوا ٌرفضون تولً المناصب الدٌنٌة أو اإلدارٌة فقال‪:‬‬
‫" هاا الماهب إنما ظلمه أصحابه‪ ،‬ألن أصحاب ابً حنٌفة والشافعً ااا برع واحد منهم فً‬
‫العلم تولى القضاء وؼٌرل من الوالٌات‪ ...‬فؤما أصحاب أحمد فإنه م َّل فٌهم من تعلق بطرؾ‬
‫من العلم إال وٌخرجه الك إلى التعبد والتزهد ‪ ،)ٔ ( "...‬وٌمكن القول‪ :‬إن ددم تولً المناصب‬
‫فً الخبلفة العباسٌة كان سببا ً فً ضعؾ انتشار الماهب الحنبلً بصورة دامة ‪.‬‬

‫وفً نهاٌة القرن الخامس الهجري وبداٌة القرن السادس الهجري تؽٌرت هال الحالة‬
‫نتٌجة لتؽٌر الظروؾ السٌاسٌة واالجتمادٌة‪ ،‬وأصبح من الضروري مخالطة السبلطٌن‬
‫واألمراء والجلوس معهم إلٌصال مطالب الناس إلى اوي الشؤن ‪.‬‬

‫وٌمكن القول‪ :‬إن دبلمة ابن الجوزي وأبنابه بالخبلفة العباسٌة أنمواجا ً لعبلمة الحنابلة‬
‫بالخبلفة فبعد أن استقرت األوضاع السٌاسٌة ‪ ،‬وملت الفتن الماهبٌة‪ ،‬تطورت دبلمة الحنابلة‬
‫بالخبلفة وتولى العدٌد منهم المناصب الرفٌعة‪ ،‬ومد حظً ابن الجوزي باحترام الخلفاء‬
‫العباسٌٌن‪ ،‬ألنه داصر الكثٌر منهم‪ ،‬ومن هإالء الخلفاء المستنجد باهلل ‪ ،‬الاي ادرك مكانة‬
‫ابن الجوزي دند المجتمع وما ٌملكه من دلم ‪ ،‬فسمح له الخلٌفة أن ٌعقد مجالس الودظ فً‬
‫جامع القصر وكان الك فً سنة (٘٘٘هـ‪ٔٔٙٓ/‬م) ( ٕ)‪.‬‬

‫وفً دصر الخلٌفة المستضًء فقد تطورت دبلمة الحنابلة تطوراً ملحوظا ً ‪ ،‬فقد ادتنى‬
‫الخلٌفة بعلماء الحنابلة دناٌة كبٌرة‪ ،‬فكان ٌواظب دلى حضور مجالس الودظ الخاصة بابن‬
‫الجوزي‪ ،‬كما مام بالكثٌر من األدمال التً تدل دلى مٌله للحنابلة ( ٖ) ‪.‬‬

‫وفً دصر الخلٌفة الناصر ودلى الرؼم مما حدث البن الجوزي من امتحان إال أنه‬
‫ٌمكن القول‪ :‬إن الخلٌفة كانت دبلمته جٌدة مع الحنابلة بصورة دامة ومع ابن الجوزي‬
‫بصورة خاصة‪ ،‬فكان هو اآلخر ٌهتم بمجالس الودظ الخاصة بابن الجوزي وٌحضرها من‬
‫خلؾ حجاب ‪ ،‬وما ٌإكد موة هال العبلمة ما اكرل الاهبً فً أحداث سنة (ٔ‪٘1‬هـ)‪ ،‬أن‬
‫الخلٌفة الناصر لدٌن هللا منع جمٌع الوداظ أن ٌعقدوا مجالسهم فً بؽداد إال ابن الجوزي فقد‬
‫أان له بالك ( ٗ) ‪ ،‬كما أن ابن الجوزي الؾ كتابٌن دن الخلٌفة الناصر هما كتاب (الفاخر فً‬
‫أٌام الناصر)‪ ،‬وكتا ب (األداصر فً اكر اإلمام الناصر) ( ٘) ‪.‬‬

‫)ٔ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السبق‪. ٕٗ1 /ٔ ،‬‬


‫)ٕ) المصدر نفسه ‪. ٕٓٗ/ٔ ،‬‬
‫)ٖ) ٌنظر صفحه (ٕ٘ ‪ ) ٕٙ-‬من هال الرسالة ‪.‬‬
‫)ٗ) تارٌخ اإلسبلم‪. ٘ /ٗٔ ،‬‬
‫)٘) سبط ابن الجوزي‪ ،‬المصدر السابق‪. 97/ٕٕ ،‬‬
‫‪٘1‬‬
‫ودلى الرؼم مما حصل البن الجوزي من نفٌه ومصادرة كتبه إال أن الك لم ٌإثر دلى‬
‫دبلمته بالخلٌفة الناصر‪ ،‬فعند دودة ابن الجوزي إلى بؽداد خلع دلٌه الخلٌفة‪ ،‬وأان له فً‬
‫الودظ دلى دادته دند التربة الشرٌفة‪ ،‬واستمر الخلٌفة بحضور تلك المجالس( ٔ) ‪.‬‬

‫ومد استمرت دبلمة الحنابلة بالخبلفة العباسٌة فً دهد الخلٌفة المستنصر باهلل ‪ ،‬حتى أن‬
‫الخلٌفة امر سنة ( ٖٗ‪ ٙ‬هـ ‪ٕٖٔٙ /‬م) بعمل مزملة بالقرب من مبر اإلمام أحمد ألجل الزوار‬
‫الواردٌن فلما تكامل هاا البناء دٌن دلٌه من ٌقوم بمصالحه ‪ ،‬فنظم الشعراء فً الك مصابد ‪،‬‬
‫منها ما ماله الشادر جعفر بن مهدوٌه ‪:‬‬
‫َ‬
‫زٌنت من ُه مبانٌ ِه‬ ‫َ‬
‫طرّزت حِلٌت ُه ‪ ...‬بِحلٌة‬ ‫ومبرُ أحمدَ مد‬
‫الحوض سامٌ ِه‬ ‫ِ‬ ‫أنك ٌو َم‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫اتخات لنا فٌ ِه مزملة ‪ ...‬تدلُ َ‬‫َ‬ ‫ث َّم‬
‫( ٕ)‬
‫الحق من مد ض َل فً التٌ ِه‬ ‫ِ‬ ‫فدتك الرداٌا ٌا إما َم هُدى ‪ ...‬تهدي إلى‬
‫َ‬ ‫َفاسلم‬

‫وظلت دبلمة الخلفاء العباسٌٌن فً تطور حتى دخول المؽول بؽداد ‪ ،‬وتتلخص دبلمة‬
‫الحنابلة بالخبلفة من خبلل المظاهر اآلتٌة ‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬دور علماء الحنابلة فً بٌعة الخلٌفة‬

‫دلى الرؼم من أن اختٌار اإلمام وتنصٌبه مسؤلة سٌاسٌة‪ ،‬إال أنها تؤخا شكبلً دٌنٌاً‪ ،‬بسبب‬
‫مشاركة العلماء فً اخا بٌعة اإلمام ( ٖ)‪ ،‬ومد أدطً العلماء دوراً كبٌراً فً أخا البٌعة للخلفاء‪،‬‬
‫والك بسبب ما ٌحظى به العلماء من مكانة دند الخاصة والعامة‪ ،‬فكان الخلفاء ٌحرصون‬
‫دلى أخا تؤٌٌد العلماء ومباٌعتهم أثناء تولٌتهم للخبلفة ( ٗ) ‪.‬‬

‫ودلى ا لرؼم من أن اختٌار الخلفاء لوالة العهد أثناء حٌاتهم مد اضعؾ من دور العلماء‬
‫فً اختٌار الخلٌفة ‪ ،‬إال أن دور العلماء فً اخا البٌعة للخلٌفة ظل مستمراً ( ٘)‪ ،‬ومد شارك‬

‫)ٔ) ابن كثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٓ /ٖٔ ،‬‬


‫)ٕ) ابن الفوطً ‪ ،‬الحوادث الجامعة ‪ ،‬صٕٔٔ‪.‬‬
‫)ٖ) أبو ٌعلى ‪ ،‬األحكام السلطانٌة ‪،‬ص ٖٕ ‪.‬‬
‫)ٗ) الماوردي‪ ،‬األحكام السلطانٌة‪. ٔٙ- ٔ٘ ،‬‬
‫)٘) الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم ‪. ٘ٙ/ٖٙ ،‬‬
‫‪٘9‬‬
‫دلماء الحنابلة فً اخا البٌعة للخلفاء ‪ ،‬والك لمكانتهم االجتمادٌة فقد شارك العالم الحنبلً أبو‬
‫الوفاء بن دقٌل فً اخا بٌعة الخلٌفة المستظهر باهلل ( ٔ) ‪.‬‬
‫ودندما بوٌع الخلٌفة المسترشد باهلل بالخبلفة كان شدٌد الحرص دلى حضور ابن دقٌل‬
‫ومشاركته ‪ ،‬خاصة أنه كان ابرز دلماء بؽداد فً تلك الفترة ‪ ،‬فكان الخلٌفة ٌدرك أهمٌته‬
‫ومكانته لالك ارسل فً طلبه ثبلث مرات ‪ٌ ،‬قول ابن دقٌل‪ " :‬فلما صرت بالحضرة مال لً‬
‫ماضً القضاة وهو مابم بٌن ٌدٌه‪ :‬طلبك موالنا أمٌر المإمنٌن ثبلث مرات فقلت الك من‬
‫فضل هللا دلٌنا ودلى الناس ‪،‬ثم مددت ٌدي فبسط ٌدل الشرٌفة فصافحته بعد سبلم وباٌعته‬
‫فقلت ‪ :‬أباٌع سٌدنا وموالنا أمٌر المإمنٌن المسترشد باهلل دلى كتاب هللا وسنة رسوله وسنة‬
‫الخلفاء الراشدٌن ‪ ،‬ما أطاق واستطاع ‪ ،‬وله الطادة منً " ( ٕ) ‪.‬‬

‫وشارك محً الدٌن ٌوسؾ ابن الجوزي فً أخا بٌعة الخلٌفة الظاهر باهلل ( ٖ) ‪ ،‬كما‬
‫شارك محً الدٌن فً اخا بٌعة الخلٌفة المستعصم ‪ ،‬وأورد فضبلً ٌشتمل دلى دزاء بوفاة‬
‫المس تنصر باهلل وهناء بتولٌة المستعصم بالخبلفة ( ٗ) ‪.‬‬

‫ثانٌا ً ‪ :‬إسهام الحنابلة فً السفارات‬

‫ٌشكل العلماء فً السفارات دنصراً أساسٌا ‪ ،‬فبل تكاد تخلو سفارة من دالم ‪ ،‬وؼالبا ً ما‬
‫كانت السفارة تتكون من رجال ٌكون ددة أحدهم من دلماء الدٌن واآلخر من رجال القلم‬
‫والثالث من رجال السٌؾ ‪ ،‬ولكل من هإالء مهمه ال ٌخرج دنها بؤي حال من األحوال ( ٘)‪،‬‬
‫ومد أدى دلماء الحنابلة دوراً بارزاً فً الكثٌر من المهام الحكومٌة ‪ ،‬فقد جعلهم الخلفاء دلى‬

‫)ٔ) ابن الجوزي ‪ ،‬المنتظم ‪. 9ٗ/ ٔ٘ ،‬‬


‫)ٕ) ابن شطً ‪ ،‬محمد جمٌل بن دمر البؽدادي ‪ ،‬مختصر طبقات الحنابلة ‪ ،‬دراسة فواز أحمد زمرلً ‪ ،‬ط ٔ‬
‫‪ ،‬دار الكتاب العربً (بٌروت ‪ ، )ٔ91ٙ ،‬ص‪. ٖٙ‬‬
‫)ٖ) الاهبً ‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم ‪. ٔٔ/ٗ٘ ،‬‬
‫)ٗ) ابن الفوطً ‪ ،‬الحوادث الجامعة ‪. ٔ9ٔ ،‬‬
‫)٘) حسٌن‪ ،‬داال إبراهٌم ‪ ،‬بعض سفارات العلماء فً دصر الحروب الصلٌبٌة من خبلل كتاب تارٌخ‬
‫دمشق البن دساكر للفترة( ٓ‪٘7ٔ- ٗ9‬هـ‪ ٔٔ7٘- ٔٓ9ٙ /‬م)‪ ،‬مجلة جمعة تكرٌت للعلوم اإلنسانٌة‪ ،‬المجلد‬
‫‪ ،ٔ9‬العدد ٓٔ‪ ،)ٕٕٓٔ(،‬ص ٓ‪. ٖٙ‬‬
‫ٓ‪ٙ‬‬
‫رباسة الوفود السٌاسٌة ‪ ،‬سواء أكانت سفارات داخلٌة أي للوالٌات التابعة للخبلفة العباسٌة ‪،‬‬
‫أم سفارات خارجٌة للبلدان المجاورة ‪.‬‬
‫ومبل الحدٌث دن تلك السفارات ٌجب أن نشٌر إلى الصفات التً ٌجب أن ٌتمتع بها‬
‫هإالء السفراء ‪ ،‬خاصة وأنهم سوؾ ٌمثلون دولة وٌتحدثون بلسان الخلٌفة وربما دقدوا‬
‫االتفامٌات نٌابة دن الخلٌفة ‪ ،‬لالك ٌجب دلى السفٌر أن تتوفر فٌه خصابص تإهله لٌكون‬
‫سفٌراً ‪ ،‬ومد ألؾ أحد دلماء الحنابلة كتابا ً فً من ٌصلح للرسالة والسفارة وهو كتاب ( رسل‬
‫الملوك ومن ٌصلح للرسالة والسفارة ) ‪ ،‬ومد اكر فٌه الصفات التً ٌجب أن ٌتمٌز بها‬
‫السفٌر ‪ ،‬ومن هال الصفات ٌجب أن ٌكون " حصٌفا ً بلٌؽا ً ملٌل الؽفلة منتهز الفرصة ‪ ،‬اا‬
‫رأي جزل ‪ ،‬ومول فصل ‪ ،‬ولسان سلٌط وملب حدٌد ‪ ...‬جامعا ً َ‬
‫مع هاا العلم بالفرابض‬
‫والسنن ‪ ،‬واألحكام والسٌر " ( ٔ) ‪.‬‬

‫وكان الملوك أاا أرادوا اختٌار سفٌراً لهم ‪ٌ ،‬ختبرونه ‪ ،‬والك بإرساله إلى أشخاص‬
‫مقربٌن من الملك ‪ ،‬ثم ٌجعلون دلٌه أدٌن ترامبه دون أن ٌشعر ‪ ،‬فااا أدى الرسول رسالته‬
‫داد إلى الملك فإن تطابق ما ماله الرسول مع ما ٌاكرل من كان ٌرامبه ‪ ،‬صار من المقربٌن‪،‬‬
‫ووجهه لمهامه ( ٕ)‪ ،‬وكان الملوك ٌرسلون من ٌؤمنون خٌانته‪ ،‬ممن ال ٌُؽرٌه ترؼٌب المال‬
‫ٌرهبه تهدٌد القوة‪ٌ ،‬قول الهروي‪ :‬دلى المرسل أن ٌختبر رسوله " فإن وجد له مٌبلً إلى‬
‫الدنٌا وطمعا ً فً جمع المال فبل ٌؤمنه دلى سرل وال ٌعتمد دلٌه فً أمرل‪ ،‬وال ٌكون الرسول‬
‫ممن ٌخاؾ السلطان فإنه من خاؾ شرل افسد أمرل‪ ،‬بل ٌكون ممن ٌخاؾ هللا تعالى وٌرجو‬
‫األخرة وال ٌركن إلى الدنٌا‪ ،‬وٌتبع الحق وٌعمل بالشرع وٌعدل دن الباطل " ( ٖ) ‪.‬‬

‫وٌمكن القول‪ :‬إن جمٌع دلماء الحنابلة الاٌن ارسلوا بصفة سفٌر للخبلفة العباسٌة فً‬
‫الحقبة موضوع الدراسة كانوا ٌتصفون بما اكرنال من صفات‪ ،‬ومدموا خدمتهم للخبلفة‬
‫العباسٌة دلى أتم وجه‪ ،‬دون تقصٌر أو إهمال‪ ،‬ومن أهم هال السفارات ‪:‬‬

‫أرسل الخلٌفة الناصر لدٌن هللا العالم الحنبلً ضٌاء الدٌن دبد الوهاب بن سكٌنه ( ٗ)‪ ،‬إلى‬
‫صبلح الدٌن األٌوبً(ت‪٘19‬هـ‪ٔٔ9ٖ/‬م) لٌبارك له ما حققه من انتصارات دلى الصلٌبٌٌن‬
‫واسترجاع بٌت المقدس بعد معركة حطٌن سنة (ٖ‪٘1‬هـ‪ٔٔ17/‬م)‪ ،‬ودند دودتهم ارسل‬
‫معهم السلطان صبلح الدٌن بعض الهداٌا وبعض اسرى اإلفرنج إلى الخلٌفة الناصر‪ ،‬كما‬
‫ارسل معهم تاج ملك اإلفرنج ( ٘)‪ ،‬كما أُرسل العالم دبد الرحمن بن ٌحٌى رسوالً إلى ؼزنه‬

‫)ٔ) أ بو ٌعلى‪ ،‬محمد بن الحسٌن بن محمد بن خلؾ‪ ،‬رسل الملوك ومن ٌصلح للرسالة والسفارة‪ ،‬تحقٌق‬
‫صبلح الدٌن المنجد‪ ،‬طٕ‪ ،‬دار الكتاب الجدٌد‪(،‬بٌروت‪ ،)ٔ97ٕ،‬صٖٕ ‪. ٕٗ-‬‬
‫)ٕ) القلقشندي‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔٔٙ/ٔ ،‬‬
‫)ٖ) دلً بن أبً بكر التاكرة الهدٌه فً الحٌل الحربٌة ‪ ،‬تحقٌق مطبع المرابط ‪،‬د‪.‬ط ‪،‬منشورات وزارة‬
‫‪(،‬دمشق ‪،)ٔ97ٕ،‬ص ٘‪.7‬‬
‫)ٗ) ضٌاء الدٌن أبو أحمد دبد الوهاب بن أبً منصور دلً بن دبٌد هللا بن سكٌنه ‪،‬الشٌخ والمقرئ والمحدث‬
‫‪،‬كان كثٌر الحج ‪،‬ال ٌخرج من بٌته أال لصبلة الجمعة ‪،‬وال ٌخالط أبناء الدنٌا ‪،‬الاهبً ‪،‬سٌر ‪. ٕ٘ٓ/ٕٔ،‬‬
‫)٘) المقرٌزي ‪،‬السلوك ‪. ٕٔ/ٔ،‬‬
‫ٔ‪ٙ‬‬
‫( ٗ)‬
‫‪.‬‬ ‫( ٔ)‪ ،‬وخوارزم ( ٕ)‪ ،‬وفً أثناء دودته توفً فً منطقة أران ( ٖ)‪ ،‬سنة (ٕٓ‪ٙ‬هـ‪ٕٔٓ٘/‬م)‬

‫كما ارسل الخلٌفة الناصر العالم أبو الفتوح محمد بن المبارك الجبلجلً سنة‬
‫(ٖٔ‪ٙ‬هـ‪ٕٔٔٙ/‬م)‪ ،‬إلى الملك العادل ( ٘)‪،‬وارسل الخلٌفة الظاهر بؤمر هللا سنة‬
‫(ٖٕ‪ٙ‬هـ‪ٕٕٔٙ/‬م) ‪ ،‬العالم محً الدٌن ٌوسؾ ابن الشٌخ جمال الدٌن ابن الجوزي رسوالً إلى‬
‫الملك المعظم ( ‪ )ٙ‬حامبلً معه الخلع والتشارٌؾ والتقلٌد ألوالد العادل ‪ ،‬أما مضمون الرسالة‬
‫الرسالة فهو طلب الخلٌفة من الملك بعدم مواالة جبلل الدٌن خوارزم شال ( ‪ ،)7‬والك لما‬
‫ٌمثله جبلل الدٌن من تهدٌد للخبلفة ‪ ،‬ومحاوالته المستمرة لمهاجمة بؽداد كما استطاع محً‬
‫الدٌن أن ٌصلح بٌن أبناء الملك العادل بعد أن نشب بٌنهم خبلؾ ( ‪ ، )1‬وفً سنة‬
‫(‪ٕٙ7‬هـ‪ ٕٕٔ9/‬م)‪ ،‬ارسل الخلٌفة المستنصر باهلل الشٌخ محً الدٌن إلى صاحب مدٌنة اربل‬
‫( ‪. )9‬‬

‫وفً سنة (ٖٗ‪ٙ‬هـ‪ٕٖٔٙ/‬م) حاصر ملك الروم مدٌنة آمد ( ٓٔ) ‪ ،‬وضٌق دلى أهلها‬
‫الحصار حتى ملت األرزاق ‪ ،‬فارسل صاحبها إلى الخلٌفة المستنصر باهلل ٌستنجدل ‪،‬فارسل‬
‫الخلٌفة محً الدٌن ٌوسؾ اب ن الجوزي إلى ملك الروم ‪ ،‬ومد استطاع محً الدٌن أمناع ملك‬
‫الروم بالكؾ دن مدٌنة آمد وسحب جنودل من حولها ( ٔٔ)‪ ،‬وفً سنة (‪ٖٙٙ‬هـ‪ٕٖٔ1/‬م)‪ ،‬أوفد‬
‫الخلٌفة المستنصر باهلل العالم محً الدٌن بن ٌوسؾ إلى مصر والشام ‪،‬والك ألجراء الصلح‬

‫)ٔ) ؼزنه ‪ :‬وهً مدٌنه دظٌمه ووالٌة واسعه تقع فً اطراؾ خراسان وهً الحد الفاصل بٌن الهند‬
‫وخراسان ‪ٌ،‬اموت الحموي ‪،‬المصدر السابق ‪. ٕٓٔ/ٗ،‬‬
‫)ٕ) خوارزم‪ ،‬مدٌنة تقع فً منطقة آسٌا الوسطى وتتبع إلملٌم خراسان ‪ ،‬وهً واحة من اشهر المدن فً‬
‫المنطقة‪ ،‬و كانت مركز للعلم ومسقط رأس كوكبة من العلماء‪ٌ ،‬اموت الحموي‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕ9ٙ/ٕ ،‬‬
‫)ٖ) آرا ن ‪ :‬هً منطقة بٌن أاربٌجان و أرمٌنٌة ‪ ،‬تحتوي دلى ددد كبٌر من المدن والقرى ‪ ،‬القطٌعً‪ ،‬دبد‬
‫المإمن بن دبد الحق‪ ،‬مراصد االطبلع دلى أسماء األمكنة والبقاع‪ ،‬تحقٌق دلً محمد البجاوي‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار‬
‫الجٌل‪(،‬بٌروت‪ٖٔٗٔ ،‬هـ)‪،‬جٔ‪ ،‬صٓ٘ ‪.‬‬
‫)ٗ) الصفدي‪ ،‬الوافً بالوفٌات ‪. ٔ1ٔ/ٔ1،‬‬
‫)٘) أبو شامة‪ ،‬الروضتٌن‪، ٕٔ٘/٘ ،‬والملك العادل هو أ بو بكر بن محمد بن أٌوب اخو السلطان صبلح‬
‫الدٌن األٌوبً خطب له فً مصر والشام سنة( ‪٘9ٙ‬هـ‪ ٔٔ99/‬م)‪ ،‬وفً الٌمن سنة(ٕٔ‪ٙ‬هـ‪ٕٔٔ٘/‬م)‪،‬‬
‫ودرؾ دنه انه كان ملكا ً حازماً‪ ،‬وافر العقل‪ ،‬مكرما ً للعلماء‪ ،‬توفً سنة(٘ٔ‪ٙ‬هـ‪ٕٔٔ1 /‬م)‪ ،‬ابن خلكان‪،‬‬
‫المصدر السابق‪. 7٘- 7ٕ/٘ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬الملك المعظم هو شرؾ الدٌن دٌسى ابن الملك العادل‪ ،‬كان دالً الهمة حازما ً شجادا ً ولد‬
‫سنة(‪٘71‬هـ‪ٔٔ1ٕ/‬م)‪ ،‬وتوفً سنة(ٕٗ‪ٙ‬هـ‪ٕٕٔ7/‬م)‪ ،‬ابن خلكان‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗ9ٗ/ٖ ،‬‬
‫)‪ )7‬خوارزم شال هو محمد بن تكش بن السلطان دبلء الدٌن‪ ،‬كان ملك جلٌبلً‪ ،‬واسع الملك كثٌر الحروب‪،‬‬
‫دانت له الملوك‪ ،‬والت له األمم‪ ،‬توفً سنة(‪ٕٙ1‬هـ ‪ٕٖٔٓ/‬م)‪ ،‬ابن كثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪ ٔ٘ٗ/ٖٔ،‬؛ ابن‬
‫العماد الحنبلً‪ ،‬المصدر السابق‪. 7٘/٘ ،‬‬
‫)‪ )1‬أبو شامة‪ ،‬الاٌل دلى الروضتٌن‪ ،‬ص ‪ ٔٗ1‬؛الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم‪. ٖٔ/ٗ٘ ،‬‬
‫)‪ )9‬ابن الفوطً‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬ص ‪ ٖ9‬؛ أربل وهً مدٌنة تقع شمال العراق كانت من أدمال‬
‫ا لموصل‪ ،‬فٌها ملعة كبٌرة وسور دال ‪ ،‬مام بعمارته وبناء سورها األمٌر مظفر الدٌن كوكري‪ٌ ،‬اموت‬
‫الحموي‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٔ1/ٔ ،‬‬
‫)ٓٔ) آمد وهً احدى مدن األناضول‪ ،‬تض م العدٌد من األسوار والقبلع‪ ،‬وتحتوي دلى الكثٌر من دٌون‬
‫الماء والبساتٌن‪ٌ ،‬اموت الحموي‪ ،‬المصدر السابق‪٘ٙ/ٔ ،‬‬
‫)ٔٔ) ابن الفوطً‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬صٕٓٔ ‪.‬‬
‫ٕ‪ٙ‬‬
‫( ٕ)‬
‫‪ ،‬ملك مصر ‪ ،‬واستطاع محً‬ ‫بٌن الملك الصالح ( ٔ)‪ ،‬ملك دمشق وأخٌه الملك الكامل‬
‫الدٌن أن ٌحقق الصلح بٌن المتخاصمٌن ( ٖ) ‪.‬‬
‫كما بعث الخلٌفة المستعصم باهلل الشٌخ محً الدٌن بن ٌوسؾ بن الجوزي رسوالً إلى‬
‫ملك سبلجقة الروم ‪،‬واجتمعا فً مدٌنة نصٌبٌن ( ٗ)‪ ،‬وكان الك فً سنة (ٔٗ‪ٙ‬هـ‪ٕٖٔٗ/‬م)‬
‫( ٘)‪ ،‬وفً سنة (٘٘‪ٙ‬هـ‪ ٕٔ٘7/‬م)‪ ،‬ارسل الخلٌفة المستعصم باهلل العالم الحنبلً شرؾ الدٌن‬
‫دبدهللا بن ٌوسؾ بن الجوزي‪ ،‬إلى هوالكو لٌبٌن له األسباب التً دفعت الخلٌفة لعدم‬
‫الحضور إلى هوالكو‪ ،‬إال أن الك االدتاار كان متؤخراً‪ ،‬فقد كانت جٌوش هوالكو مد‬
‫استعدت الحتبلل بؽداد ( ‪.)ٙ‬‬

‫من خبلل ما تم اكرل ٌمكن القول‪ :‬إن السفارات والوفود كانت متنودة ‪ ،‬منها ما كانت‬
‫تحمل الخلع والهداٌا للملوك وحكام الببلد اإلسبلمٌة‪ ،‬ومنها ما كان ٌهدؾ ألجراء الصلح بٌن‬
‫المتنازدٌن‪ ،‬وتوحٌد الصؾ واالستعداد لمواجهة األخطار الخارجٌة‪ ،‬ومنها ما كان ٌهدؾ‬
‫إلى أمناع العدو بعدم جدوى خوض حروب بٌن الطرفٌن‪ ،‬وٌمكن القول‪ :‬إن دلماء الحنابلة‬
‫أدوا دوراً بارزاً فً هال السفارات والوفود ‪ ،‬وأدوا مهمتهم بنجاح‪ ،‬وحققوا األهداؾ التً‬
‫أرادتها الخبلفة من خبلل معظم تلك السفارات ‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬دور الحنابلة فً دعم نفوذ الخالفة ضد السالجقة‬

‫شهدت الح قبة موضوع الدراسة مٌام الخبلفة العباسٌة بإرسال الكثٌر من الحمبلت‬
‫العسكرٌة ‪ ،‬والك من أجل توسٌع رمعة الخبلفة أو إدادة المدن التً خرجت دن سٌطرتها‬
‫إبان فترة الضعؾ واالنحبلل ( ‪ ، )7‬وشهد دصر الخلٌفة الناصر الكثٌر من هال الحمبلت‬
‫ومنها ‪ ،‬الحملة التً مادها العالم الحنبلً الوزٌر ابن ٌونس ‪.‬‬

‫)ٔ) الملك الصالح هو نجم الدٌن أٌوب بن الملك الكامل‪ ،‬ولد فً القاهرة سنة(ٕٓ‪ٙ‬هـ‪ٕٔٓٙ/‬م)‪ ،‬وتوفً‬
‫سنة(‪ٙٗ7‬هـ‪ٕٔٗ9/‬م)‪ ،‬ابن خلكان‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗ9ٗ/ٖ ،‬‬
‫)ٕ) الملك الكامل هو أبو المعالً محمد بن الملك العادل‪ ،‬ملك الدٌار المصرٌة اردٌن سنة‪ ،‬وحرر دمٌاط من‬
‫من الصلٌبٌٌن( توفً سنة(ٖ٘‪ٙ‬هـ‪ ٕٖٔ7/‬م)‪ ،‬الصفدي‪ ،‬الوافً بالوفٌات‪. ٔ٘ٔ/ٔ ،‬‬
‫)ٖ) ابن الفوطً‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬ص ٗٗٔ ‪.‬‬
‫)ٗ) نصٌبٌن وهً م ن مدن الجزٌرة الفراتٌة‪ ،‬درفت بكثرة أنهارها وبساتٌنها‪ ،‬وكانت تقع دلى طرق‬
‫القوافل التجارٌة بٌن الموصل وببلد الشام‪ ،‬الٌعقوبً‪ ،‬أحمد بن إسحاق بن وهب‪ ،‬البلدان‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمٌة‪(،‬بٌروت‪ٕٕٔٗ ،‬هـ)‪ ،‬ص ٕٗٓ ؛ ٌاموت الحموي‪ ،‬المصدر السابق‪ ٖ11/٘ ،‬؛‪.‬‬
‫)٘) ابن الفوطً‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬ص ٖٕٔ ‪.‬‬
‫)‪ )ٙ‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪. ٖٗ9‬‬
‫)‪ )7‬ابن األثٌر ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ٔٔٔ- ٔٓ1/ٕٔ ،‬؛ االربلً ‪ ،‬المصدر السابق ‪. ٔ9ٔ ،‬‬
‫ٖ‪ٙ‬‬
‫ودندما أراد الخلٌفة الناصر القضاء دلى نفوا السبلجقة ودفع خطرهم دن بؽداد وإبعاد‬
‫نفواهم دن دار الخبلفة ‪ ،‬فقد استؽل الخلٌفة الناصر الصراع بٌن مزل أرسبلن ( ٔ)‪ ،‬وبٌن‬
‫طؽرل الثالث آخر سبلطٌن السبلجقة‪ ،‬وبعد أن ارسل مزل أرسبلن سنة (ٖ‪٘1‬هـ‪ٔٔ17/‬م)‬
‫‪،‬كتاب إلى الخلٌفة الناصر ٌعلن فٌه الطادة وٌطلب منه النجدة والمساددة ‪ ،‬وٌحارل من‬
‫طؽرل ( ٕ)‪ ،‬الاي ارسل هو اآلخر رسوالً إلى الخلٌفة الناصر ٌؤمرل أن ٌعٌد بناء دار السلطنة‬
‫فً بؽداد وان ٌخطب له دلى منابرها ‪ ،‬فؤمر الخلٌفة بهدم دار السلطنة وإخراج الرسول دون‬
‫جواب ( ٖ) ‪ ،‬ولم ٌرد الناصر تفوٌت الخبلؾ الحاصل بٌن مزل وطؽرل ‪ ،‬فعمل دلى إضعاؾ‬
‫السبلجقة وضربهم ببعضهم ‪ ،‬فارسل وزٌرل ابن ٌونس دلى رأس جٌش الخبلفة لنجدة مزل‬
‫‪ ،‬فسار ابن ٌونس سنة (ٗ‪٘1‬هـ‪ٔٔ11/‬م) متوجها ً إلى مبتؽال ‪ ،‬إال أن طؽرل دلم بنواٌا‬
‫الناصر ‪ ،‬فادترض جٌش الخبل فة دند هماان ‪ ،‬أي مبل أن ٌلتقً جٌش الخبلفة العباسٌة‬
‫بجٌش مزل ‪ ،‬ودارت معركة بٌن موات الخبلفة وموات طؽرل انتهت بانتصار طؽرل وأسر‬
‫الوزٌر ابن ٌونس ( ٗ) ‪ ،‬وكان سبب هزٌمة ابن ٌونس هو أن المعركة حدثت مبل أن تتوحد‬
‫مواته وموات مزل أرسبلن أي مبل أن تُستكمل خطة ابن ٌونس ( ٘)‪ ،‬فضبلً دن الك ملة خبرة‬
‫ابن ٌونس العسكرٌة مقارنة مع ما ٌمتلكه طؽرل من خبرات ( ‪. )ٙ‬‬

‫ومد اتُهم ابن ٌونس بؤنه تسبب بانكسار جٌش الخبلفة وتشتته وانه اظهر موت الخلٌفة‬
‫وهو حً ‪ ،‬وهً التهمة التً اكرها ابن فضبلن ( ‪ ، )7‬ومد ضمّن هال التهمة إن فعل هاا ٌباح‬
‫ٌباح دمه ( ‪ ، )1‬وهاا االدداء ؼٌر صحٌح ‪ ،‬والدلٌل دلى براءة ابن ٌونس هو أن الخلٌفة‬
‫الناصر والل بعد دودته من االسر الكثٌر من الوظابؾ منها آمر المخزن ‪ ،‬وأستاا دار‬
‫الخلٌفة ‪ ،‬وهال الوظابؾ ال ٌمكن أن تعطى لرجل مشكوك فً والبه للخلٌفة ‪.‬‬

‫ودلى الرؼم من فشل ها ل الحملة إال أنها تإكد المكانة التً وصل إلٌها العالم الحنبلً‬
‫ابن ٌونس ‪ ،‬فقد أوكل إلٌه الخلٌفة الناصر الوزارة وجعله دلى رأس جٌشه فً هال الحملة ‪.‬‬

‫)ٔ) مزل أرسبلن هو بن دثمان بن شمس الدٌن اٌلد كز ‪ ،‬مإسس اتابكة أاربٌجان ‪ ،‬تولى حكمه سنة‬
‫(ٕ‪٘1‬هـ‪ ٔٔ1ٙ/‬م) ‪ ،‬وتوفً سنة (‪٘17‬هـ‪ٔٔ9ٔ/‬م) ‪ ،‬ابن األثٌر المصدر السابق ‪ 7٘/ٕٔ ،‬؛ الصفدي ‪،‬‬
‫الوافً ‪. ٕ9/ٕ ،‬‬
‫)ٕ) الؽسانً ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬صٕٕٓ‪.‬‬
‫)ٖ) المصدر نفسه ‪،‬ص ٕٕٓ ؛ ابن العماد ‪ ،‬المصدر السابق ‪. ٖٓٔ/ٗ ،‬‬
‫)ٗ) ابن خلدون ‪ ،‬تارٌخ ‪. ٕ٘9/ٖ ،‬‬
‫)٘) المصدر نفسه ‪. ٕ٘9/ٖ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن األثٌر ‪ ،‬المصدر السابق ‪. ٕ٘/ٕٔ ،‬‬
‫)‪ )7‬ابن فضبلن ‪ :‬هو الفقٌه جمال الدٌن أبو القاسم ٌحٌى بن الواثق المعروؾ بابن فضبلن‪ ،‬شٌخ الشافعٌة‬
‫ببؽداد‪ ،‬كان إمام ا فً الفقه واألصول والخبلؾ والجدل‪ ،‬كما كان احد مدرسً نظامٌة بؽداد‪ ،‬توفً سنة (‬
‫٘‪٘9‬هـ‪ٔٔ91/‬م) ‪،‬الاهبً‪ ،‬سٌر‪ ٕ٘7/ٕٔ،‬؛ الاهبً‪ ،‬المختصر المحتاج‪. ٕٗٙ/ٖ ،‬‬
‫)‪ )1‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪ٖ9ٗ/ٔ ،‬‬
‫ٗ‪ٙ‬‬
‫المبحث الثانً‬
‫تولً المناصب الدٌنٌة اإلدارٌة‬

‫اكرنا سابقا ً مومؾ اإلمام أحمد من تولً المناصب‪ ،‬وكٌؾ كان ٌددو إلى ددم مخالطة‬
‫السبلطٌن‪ ،‬ومد اتبع الحنابلة هاا المومؾ وتمسكوا به‪ ،‬إال أن الك تؽٌر خاصة فً الحقبة‬
‫موضوع الدراسة‪ ،‬فقد انخرط الكثٌر من دلماء الحنابلة فً سلك وظابؾ الدولة الدٌنٌة‬

‫٘‪ٙ‬‬
‫واإلدارٌة‪ ،‬وسواء كان السبب فً تولً هال المناصب والوظابؾ وخاصة الدٌنٌة منها هو‬
‫لتطبٌق التعالٌم اإلسبلمٌة‪ ،‬ورفع الظلم والحٌؾ دن الناس‪ ،‬أومن أجل أثبات أحقٌة هاا العالم‬
‫أو ااك فً تولً المنصب‪ ،‬أو ألن هال المناصب تشكل دخبلً جٌداً ٌجعل صاحبه فً وضع‬
‫معٌشً جٌد‪ ،‬كما أنها تمنح صاحب المنصب مكانة اجتمادٌة ممٌزة ( ٔ)‪ ،‬كل الك أدى إلى‬
‫تولً دلماء الحنابلة تللك الوظابؾ والمناصب ‪.‬‬

‫ودلى الرؼم من تعاون الكثٌر من دلماء الحنابلة مع الخبلفة العباسٌة‪ ،‬إال أننا نجد أن‬
‫هناك من العلماء مد رفض تولً المناصب وبعضهم ترك الوظٌفة بعد تولٌها بفترة وجٌزة لِما‬
‫وجد فٌها من حرج‪ ،‬فقد رفض العالم نجم الدٌن بكرس ( ٕ)‪(،‬تٕ٘‪ٙ‬هـ‪ٕٔ٘ٗ/‬م)‪ ،‬تولً‬
‫منصب ماضً القضاة بعد أن درض دلٌه الخلٌفة المستنصر باهلل الك ‪ ،‬كما دزل القاضً‬
‫محً الدٌن الجٌلً ( ٖ) ‪ ،‬نفسه بعد أن والل والدل ماضً القضاة نصر بن دبد الرزاق الجٌلً‬
‫القضاء والحكم فً دار الخبلفة‪ ،‬إال أنه لم ٌجلس فً مجلس الحكم سوى مجلسا ً واحداً‪ ،‬ثم‬
‫دزل نفسه ( ٗ) ‪.‬‬
‫وٌمكن القول‪ :‬إن رفض دلماء الحنابلة تولً تلك المناصب ‪ ،‬أو دزل أنفسهم دنها ال‬
‫ٌعنً أن هاا العالم ال ٌعتقد بشردٌة هاا الخلٌفة ‪ ،‬بل السبب فً الك هو حالة الزهد التً‬
‫درؾ بها دلماء الحنابلة‪ ،‬ومد انتقد ابن دقٌل دلماء الماهب الح نبلً بسبب رفضهم تولً‬
‫المناصب‪ ،‬وانشؽالهم بالتعبد والتزهد ( ٘) ‪ ،‬ودلى الرؼم من الك فقد تولى العدٌد من دلماء‬
‫الحنابلة بعض هال الوظابؾ ‪،‬ومنها ما ٌؤتً ‪:‬‬

‫أوال ً ‪ :‬المناصب الدٌنٌة‬

‫ٔ ‪ -‬ماضً القضاة ‪ :‬وهو ارفع المناصب القضابٌة فً الدولة العباسٌة‪ ،‬وال ٌتوالل إال كبار‬
‫ا لعلماء‪ ،‬وبتعٌٌن من الخلٌفة مباشرة ( ‪ ،)ٙ‬وهو ركن من أركان اإلدارة فً الدولة العباسٌة‪،‬‬
‫وٌمثل أدلى درجة ٌصل إلٌها القاضً‪ ،‬فإن ماضً القضاة ؼالبا ً ما كان ٌبدأ ماضٌا ً فً منطقة‬

‫)ٔ) المولى‪ ،‬محمد دبدهللا أحمد ‪ ،‬دبلمة العلماء بالخبلفة العباسٌة فً العصر العباسً األخٌر‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستٌر(ؼٌر منشورة)‪ ،‬كلٌة اآلداب‪ ،‬جامعة الموصل‪ ،)ٕٖٓٓ(،‬ص ٖ‪. 1‬‬
‫)ٕ) نجم الدٌن بكرس هو أبو الفضابل نجم الدٌن التركً‪ ،‬مولى الخلٌفة الناصر لدٌن هللا‪ ،‬كان فقٌها ً دارفا ً‬
‫باألصول‪ ،‬وله الكثٌر من المصنفات‪ ،‬الصفدي‪ ،‬الوافً بالوفٌات‪ ٔ7ٗ/1 ،‬؛ ابو الفداء‪ ،‬زٌن الدٌن ابو العدل‬
‫ماسم‪ ،‬تاج التراجم‪ ،‬تحقٌق محمد خٌر رمضان ٌوسؾ‪ ،‬طٔ ‪،‬دار القلم‪ (،‬دمشق‪ ،)ٔ99ٕ،‬صٖٗٔ ‪. ٔٗٗ-‬‬
‫)ٖ) محً الدٌن الجٌلً هو محمد بن نصر بن دبدالرزاق الجٌلً‪ ،‬كان فقٌها ً ووردا ً وزاهداً درّ س فً مدرسة‬
‫مدرسة جدل‪ ،‬ثم تولى القضاء ودزل نفسه‪ ،‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗ٘/ٗ ،‬‬
‫)ٗ) المصدر نفسه‪. ٗ٘/ٗ ،‬‬
‫)٘) المصدر نفسه‪. ٖٗ1/ٔ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬األنباري‪ ،‬دبد الرزاق‪ ،‬منصب ماضً القضاة فً الدولة العباسٌة‪ ،‬طٔ‪ ،‬الدار العربٌة‬
‫للموسودات‪(،‬بٌروت‪ ،)ٔ917،‬ص ٔ‪. 9ٕ- 9‬‬
‫‪ٙٙ‬‬
‫من مناطق العراق‪ ،‬ثم ٌترمى إلى أن ٌصل مرتبة ماضً القضاة ( ٔ)‪ ،‬ومد وصؾ القلقشندي‬
‫هاا المنصب بقوله ‪ " :‬أرفع الوظابؾ الدٌنٌة‪ ،‬وأدبلها مدراً‪ ،‬وأجلها رتبة " ( ٕ) ‪.‬‬
‫ومهمة ماضً القضاة تتمثل باإلشراؾ دلى إدارة القضاء فً الدولة ( ٖ)‪ ،‬وٌقوم بتعٌٌن‬
‫القضاة وٌمنحهم السلطات القضابٌة ( ٗ)‪ ،‬وله النظر فً جمٌع األوماؾ العامة‪ ،‬وٌعٌن وُ ّالة‬
‫الوموؾ بها ( ٘)‪ ،‬و نظراً ألهمٌة هاا المنصب فإنه نادراً ما ٌترك شاؼراً لفترة طوٌلة‪ ،‬فكان‬
‫البد من تواجد ماضً القضاة فً مجلس القضاء ( ‪ ،)ٙ‬ومقرل فً بؽداد ( ‪ ،)7‬وكان لقاضً‬
‫القضاة رسم خاص به‪ ،‬وهو أن ٌحمل ؼاشٌة دلى الكتؾ فً موكبه إاا سار( ‪ ،)1‬وكانت‬
‫الكفاءة وحسن السٌرة والفقه والنزاهة هً المعٌار األكثر ادتباراً فً تولً هاا المنصب ( ‪. )9‬‬

‫‪.‬‬
‫وكان ماضً القضاة ٌشارك فً بٌعة الخلٌفة‪ ،‬فلما ولً الناصر لدٌن هللا الحكم كان‬
‫ماضً القضاة ممن باٌعه بٌعة الخاصة ( ٓٔ) ‪ ،‬كما شارك فً مراسٌم تعٌٌن الوزراء‪ ،‬فكان‬
‫ماضً القضاة ٌحضر إلى جانب كبار رجال الدولة إلى دٌوان الخلٌفة دندما ٌولً الخلٌفة‬
‫إلى الوزٌر الك المنصب ( ٔٔ) ‪.‬‬

‫ولم ٌتو َّل منصب ماضً القضاة من الحنابلة فً هال الحقبة سوى أبو صالح نصر بن‬
‫دبد الرزاق الجٌلً‪ ،‬فعندما تولى الخلٌفة الظاهر ملد الجٌلً ماضٌا ً للقضاة فً جمٌع مملكته‪،‬‬
‫إال أنه لم ٌوافق دلى هاا المنصب إال بشرط أن ٌورث اوو األرحام ( ٕٔ)‪ ،‬أي اهاب أموال‬
‫من ال وارث له إلى أمربابه واوي رحمه وال تاهب أمواله إلى الومؾ‪ ،‬وهاا دلى ماهب‬
‫اإلمام ‪ ،‬أحمد ‪ ،‬وهاا ٌعنً أنه أشترط الحكم دلى الماهب الحنبلً فً القضاء ‪ ،‬فقال له‬
‫تتق أحداً سوال " وأمرل أن ٌوصل إلى كل من‬‫الخلٌفة‪ " :‬أدط كل اي حق حقه‪ ،‬واتق هللا وال ِ‬

‫)ٔ) فهد‪ ،‬تارٌخ العراق‪ ،‬ص ٗ‪. ٔ1‬‬


‫)ٕ) صبح األدشى‪. ٖٗ/ٗ ،‬‬
‫)ٖ ) األنباري‪ ،‬دبد الرزاق دلً‪ ،‬النظام القضابً فً بؽداد فً العصر العباسً ٘ٗٔ ‪ ٙ٘ٙ -‬هـ‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬مطبعة‬
‫النعمان‪ (،‬النجؾ األشرؾ‪ ،)ٔ97٘ ،‬ص ٔٓٔ ‪.‬‬
‫)ٗ) العلً‪ ،‬صالح أحمد‪ ،‬مضاة بؽد اد فً العصر العباسً‪ ،‬مجلة المجتمع العلمً العرامً‪ ،‬مجلد ‪(،ٔ1‬بؽداد ‪،‬‬
‫‪ ،)ٔ9ٙ9 ،‬ص ‪. ٔ٘ٙ‬‬
‫)٘) المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪. ٔ٘ٙ‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. ٖٔٓ/ٔٓ ،‬‬
‫)‪ )7‬األنباري‪ ،‬منصب ماضً القضاة‪ ،‬ص ‪ ٖٔ9‬؛ حسن ‪،‬دلً إبراهٌم‪ ،‬التارٌخ اإلسبلمً العام‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار‬
‫النهضة المصرٌة‪(،‬القاهرة‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص ‪. ٘ٙ1‬‬
‫)‪ )1‬فهد‪ ،‬تارٌخ العراق‪ ،‬ص ‪. ٔ17‬‬
‫)‪ )9‬الاهبً‪ ،‬العبر ‪. ٕٔ1/ٖ ،‬‬
‫)ٓٔ) أبو شامة‪ ،‬الاٌل دلى الروضتٌن‪ ،‬ص ٘ٔ ‪.‬‬
‫)ٔٔ) الؽسانً ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ٘ٔ ‪.‬‬
‫)ٕٔ) ابن مفلح‪ ،‬المصدر السابق‪ ٘7/ٖ ،‬؛ ابن الفوطً‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬ص ‪ ٕ1ٙ‬؛ ‪Laoust : Le‬‬
‫‪Hanblism …p117 .‬‬
‫‪ٙ7‬‬
‫ٌثبت له حق بطرٌق شردً حقه من ؼٌر مراجعته ( ٔ)‪ ،‬فكان الجٌلً ٌصدر األحكام دون‬
‫مراجعة الخلٌفة‪ ،‬إال أن تلك األحكام تسجل باسم الخلٌفة ( ٕ)‪ ،‬ومد ارسل أبو صالح إلى الخلٌفة‬
‫الخلٌفة الظاهر رسالة ٌشكرل فٌها وٌقول‪ " :‬العبد ٌرجو من هللا تعالى العون دلى القٌام‬
‫بؤدباء تكلٌفه " ( ٖ) ‪ ،‬ومد أومؤ بالك إلى مول النبً (صلى هللا دلٌه وسلم)‪ٌ " :‬ا دبد الرحمن‬
‫ال تسؤل اإلمارة فإنك إن أُدطٌتها دن مسؤلة وُ كلت دلٌها ‪ ،‬وأن أُدطٌتها دن ؼٌر مسؤلة‬
‫أُدنت دلٌها " ( ٗ)‪ ،‬فقد ُكلؾ أبو صالح بمهام كثٌرة وكبٌرة‪ ،‬فضبلً دن منصبه بوصفه‬
‫ماضً مضاة الخبلفة العباسٌة كلها‪ ،‬فقد ُكلؾ بمهام أخرى‪ ،‬ومنها النظر فً جمٌع الوموؾ‬
‫العامة‪ ،‬ووموؾ المدارس الحنفٌة والشافعٌة‪ ،‬وجامع السلطان‪ ،‬وجامع ابن المُطلب‪ ،‬وكان‬
‫ٌولً وٌعزل فً جمٌع المدارس حتى المدرسة النظامٌة ( ٘) ‪.‬‬
‫ودلى الرؼم من تولٌه ُك َّل تلك المناصب إال أنه كان متواضعاً‪ ،‬وكان ٌإان فً مجلس‬
‫حكمه‪ ،‬وكان ٌخرج إلى الجامع راجبلً‪ ،‬وكان ٌلبس القطن‪ ،‬كما أنه كان مهتما ً بواجباته ؼٌر‬
‫متهاون‪ ،‬وكان متحرٌا ً فً القضاء موي النفس ددٌم المحاباة والتكلؾ ( ‪.)ٙ‬‬
‫ولما توفً الخلٌفة الظاهر بؤم ر هللا‪ ،‬أمرل الخلٌفة المستنصر باهلل دلى منصبه‪ ،‬إال أنه لم‬
‫ٌحكم فٌها حتى مال للخلٌفة‪ " :‬ولٌتنً ما وآلنً والدك " فصرح له الخلٌفة بالتولٌة ( ‪ ،)7‬إال أنه‬
‫أنه لم ٌستمر طوٌبلً فً هاا المنصب‪ ،‬فقد تم دزله فً سنة (ٖٕ‪ٙ‬هـ‪ٕٕٔٙ/‬م) ( ‪ ،)1‬ومد ارتاح‬
‫ارتاح لهاا العزل وشكر الخلٌفة دلى الك ومال أبٌاتا ً من الشعر منها ‪:‬‬

‫ض ِاء‬
‫من الْ َق َ‬ ‫ِ‬
‫بالخالص َ‬ ‫لما ‪ ...‬قضى لي‬ ‫َح ِم ُ‬
‫دت اللَّ َو َع َّز َو َج َّل ّ‬
‫ِ ( ‪)9‬‬
‫معتاد ال ُدعاء‬
‫صور أشكُر ‪ ...‬وأدعو فَ ْو َق َ‬ ‫وللمستنص ِر ال َْم ْن ُ‬
‫ُ‬

‫وهناك منصب نابب ماضً القضاة ٌتم اختٌارل من مبل ماضً القضاة‪ ،‬وؼالبا ً ما ٌكون‬
‫من أمرباء ماضً القضاة‪ ،‬وكان ٌبقى فً والٌته مادام ماضً القضاة بها‪ ،‬ومن مهامه أن‬

‫)ٔ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗٔ7/ٖ ،‬‬


‫)ٕ) ابن الفوطً‪ ،‬كمال الدٌن أبو الفضل دبد الرزاق بن أحمد‪ ،‬مجمع اآلداب فً مجمع األلقاب‪ ،‬تحقٌق‬
‫محمد كاظم ‪،‬طٔ‪ ،‬مجمع أحٌاء الثقافة اإلسبلمٌة‪(،‬طهران‪ٔٗٔٙ،‬هـ)‪ ،‬ج٘‪ ،‬ص‪. ٗٔٙ‬‬
‫)ٖ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗٔ7/ٖ ،‬‬
‫)ٗ) ابن حنبل‪ ،‬أبو دبدهللا أحمد بن محمد‪ ،‬مسند أحمد بن حنبل‪ ،‬تحقٌق أبو المعاطً النوري‪ ،‬طٔ‪ ،‬دالم‬
‫الكتب‪( ،‬بٌروت‪،)ٔ991،‬ج ٘‪ ،‬صٕ‪. ٙ‬‬
‫)٘) العلٌمً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٓ7/ٗ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬المصدر نفسه‪. ٕٓ7/ٗ ،‬‬
‫)‪ )7‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗٔ7/ٖ ،‬‬
‫)‪ )1‬ابن الفوطً‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬صٕ٘ ‪.‬‬
‫)‪ )9‬ابن العماد ا لحنبلً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕ1ٖ/7 ،‬‬
‫‪ٙ1‬‬
‫ٌقوم بما ٌكلؾ به من أدمال‪ ،‬كالحكم فً بعض األمور ولٌس فً جمٌعها ( ٔ)‪ ،‬ومن الاٌن‬
‫تولوا هاا المنصب من الحنابلة محً الدٌن محمد بن نصر بن دبد الرزاق الجٌلً( ٕ) ‪.‬‬

‫ٕ ‪ -‬دٌوا ن النظر فً المظالم ‪ :‬درؾ الماوردي دٌوان المظالم بقوله‪ " :‬مود المُتظالمٌن إلى‬
‫التناصؾ بالرهبة وزجر المتنازدٌن دن التجاحد بالهٌبة " ( ٖ)‪ ،‬كما درفها ابن خلدون بقوله‪:‬‬
‫بقوله‪ " :‬وهً وظٌفة ممتزجه من سطوة السلطنة ونصفة القضاء ‪ ،‬وتحتاج إلى دلو ٌد‬
‫ودظٌم رهبة تقمع الظالم من الخصمٌن وتزجر المعتدي ‪ ،‬وكؤنه ٌمضً ما دجز القضاة دن‬
‫إمضابه‪. )ٗ ( "...‬‬
‫وهً مإسسة إدارٌة ظهرت مكملة لعمل القضاء ‪ ،‬والك ألهمٌتها فً تحقٌق العدالة بٌن‬
‫الناس ( ٘) ولم ٌكن للمظالم ماض خاص بها ‪ ،‬ولكن ٌعٌن دلٌها شخص ٌطلق دلٌه صاحب‬
‫المظالم ‪،‬أو ناظر المظالم ‪ ،‬ومهمته رفع القضاٌا إلى الخلٌفة لٌطلع دلٌها ‪ ،‬فؤما أن ٌنظر بها‬
‫أو أن ٌكلؾ بها أحد القضاة ( ‪، )ٙ‬ومن مهامه أٌضا ً مرامبة القضاة وكبار رجال الدولة‪ ،‬لمنع‬
‫جور الوالة وظلم العتاة ( ‪ ، )7‬لالك تعد هال الوظٌفة من الوظابؾ اإلدارٌة المهمة فً الدولة‬
‫لما لصاحبها من دور ف ً مواجهة القضاٌا المهمة فً الدولة ‪ ،‬كما كان ٌلجؤ إلٌه المتظلمٌن‬
‫من مبل أصحاب الجال والحسب والنفوا ( ‪. )1‬‬

‫ونظر ًا لعظم مهمة صاحب المظالم فإنه ٌجب أن ٌتصؾ بالصفات التً تإهله إلى هاا‬
‫المنصب‪ ،‬ومد اكر أبو ٌعلى هال الصفات بقوله‪ " :‬ومن شروط الناظر فٌها أن ٌكون جلٌل‬
‫القدر نافا األمر دظٌم الهٌبة ظاهر العفة ملٌل الطمع كثٌر الورع " ( ‪. )9‬‬

‫ودلى الرؼم من أن العمل فً المظالم صار معطبلً فً فترة ضعؾ الخبلفة إال أن‬
‫الخلٌفة الناصر أداد العمل به ‪ ،‬وبدأ ٌدمق مضاٌال بنفسه ( ٓٔ)‪ ،‬ومد تولى هاا المنصب من‬

‫)ٔ) فهد‪ ،‬تارٌخ العراق‪ ،‬ص ‪. ٔ19‬‬


‫)ٕ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗ٘/ٗ ،‬‬
‫)ٖ) األحكام السلطانٌة ‪ ،‬صٖٓٔ ‪.‬‬
‫)ٗ) المقدمة ‪ ،‬ص ‪. ٔٔٙ‬‬
‫)٘) حسون‪ ،‬محمد ضاٌع‪ ،‬الخبلفة العباسٌة دراسة فً األحوال السٌاسٌة واإلدارٌة واالمتصادٌة (ٖٓ٘ ‪-‬‬
‫٘‪٘7‬هـ‪ٔٔ79- ٖٔٔ٘/‬م)‪ ،‬رسالة ماجستٌر (ؼٌر منشورل)‪ ،‬كلٌة اآلداب‪ ،‬جامعة بؽداد‪ ،)ٔ911(،‬ص ٖ‪. 7‬‬
‫)‪ )ٙ‬التنوخً ‪ ،‬المحسن بن دلً بن محمد ‪ ،‬نشوار المحاضرة وأخبار المااكرة ‪ ،‬تحقٌق دواد الشالجً ‪،‬‬
‫د‪.‬ط‪ ،‬دار صادر‪( ،‬بٌروت ‪ ،)ٔ97ٔ ،‬جٕ‪ ،‬ص ‪. ٔ1‬‬
‫)‪ )7‬أبً ٌعلى ‪،‬األحكام السلطانٌة‪ ،‬ص ٖ‪. 7‬‬
‫)‪ )1‬األن باري‪ ،‬دبد الرزاق دلً ‪ ،‬المحكمة العلٌا فً اإلسبلم والنظر فً مظالم الردٌة ‪ ،‬مجلة المإرخ‬
‫العربً ‪ ،‬العدد ٕٗ ‪( ،‬بؽداد ‪ ،)ٔ91ٗ ،‬ص‪. ٙٙ‬‬
‫)‪ )9‬األحكام السلطانٌة ‪ ،‬ص ٖ‪. 7‬‬
‫)ٓٔ) الصفدي ‪ ،‬نكث أ لهمٌان ‪ ،‬ص ‪. ٖٙ‬‬
‫‪ٙ9‬‬
‫الحنابلة الشٌخ دبد الوهاب الجٌلً ( ٔ)‪(،‬ت ٖ‪٘9‬هـ‪ٔٔ97/‬م)‪ ،‬إا والل الخلٌفة الناصر دٌوان‬
‫المظالم سنة (ٖ‪٘1‬هـ‪ٔٔ17/‬م) ( ٕ) ‪.‬‬

‫ٖ ‪ -‬دٌوان التركات الحشرٌة ‪ :‬وهو الدٌوان الاي ٌشرؾ دلى أموال التركات التً ال وارث‬
‫لها ‪ ،‬والتً تتحول ملكٌتها لبٌت مال المسلمٌن ( ٖ)‪ ،‬وٌسمى صاحب هاا الدٌوان بناظر‬
‫التركات ( ٗ)‪ ،‬وهاا الدٌوان ؼالبا ً ما ٌتوالل دلماء الدٌن‪ ،‬بسبب تبعٌة مهام هال الوظٌفة للشرع‬
‫للشرع اإلسبلمً ( ٘) ‪ ،‬وبسبب أهمٌة هاا الدٌوان فإن الخلٌفة هو المسإول دن تعٌٌن ناظر‬
‫الدٌوان ودزله ( ‪. )ٙ‬‬

‫ومهمة صاحب هاا الدٌوان تدوٌن أسماء أصحاب األموال التً ال وارث لها ( ‪ ،)7‬وتولى‬
‫وتولى هاا الدٌوان فً زمن الخلٌفة الناصر لدٌن هللا‪ ،‬الفقٌه الحنبلً أحمد بن اكمل‬
‫(تٖٗ‪ٙ‬هـ‪ٕٖٔٙ/‬م)‪ ،‬دون أن نعرؾ متى تولى هاا المنصب‪ ،‬لكنه ظل ناظراً فً هاا‬
‫الدٌوان إلى أن توفً الخلٌفة الناصر ( ‪ ، )1‬وولً هاا الدٌوان فً دهد الخلٌفة الظاهر بؤمر هللا‬
‫هللا العالم هبة هللا بن الحسن المعروؾ باألشقر( ‪( ،)9‬تٖٗ‪ٙ‬هـ ‪ٕٖٔٙ/‬م) ( ٓٔ)‪.‬‬

‫وفً دصر الخلٌفة المستنصر باهلل ولً هاا الدٌوان الفقٌه الحنبلً دبد العزٌز بن دلؾ‪،‬‬
‫فسار فٌها سٌرة حسنه ‪ ،‬ورد الكثٌر من التركات إلى أصحابها‪ ،‬ومن جملة هال التركات‬
‫تركة رجل من هماان مات فً بؽداد فتصرؾ دٌوان التركات فً أمواله بناءً دلى أنه ال‬
‫وارث له‪ ،‬ثم بعد سنة أثبت ابن دمه نسبه واستحقامه للتركة دند الحاكم ابن دلؾ‪ ،‬فؤداد‬
‫التركة إلٌه بموجب الشرع ( ٔٔ) ‪ ،‬إال أنه لم ٌستمر فً هاا المنصب مدة طوٌلة‪ ،‬فتزهد دنه‬

‫)ٔ) دبد الوهاب الجٌلً هو أبو دبدهللا دبد الوهاب بن دبد القادر بن أبً صالح الجٌلً‪ ،‬العالم والفقٌه‬
‫الحنبلً‪ ،‬مرأ الفقه وبرع به ودرّ س نٌابة دن والدل فً مدرسته ‪ ،‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪، ٕٗ7/ٕ ،‬‬
‫)ٕ) المصدر نفسه ‪. ٕٗ1/ٕ ،‬‬
‫)ٖ) ابن السادً‪ ،‬المصدر السابق‪ ٔٓ7/9 ،‬؛ فهد‪ ،‬تارٌخ العراق‪ ،‬ص ‪. ٔٗ9‬‬
‫)ٗ) ابن الفوطً‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬ص ‪. ٕٙ9‬‬
‫)٘) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٓٔ/ٕ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬المصدر نفسه‪. ٕٕٓ/ٕ ،‬‬
‫)‪ )7‬ابن السادً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔٓ7/9 ،‬‬
‫)‪ )1‬أحمد بن اكمل ‪ ،‬هو أحمد اكمل بن أحمد بن مسعود بن دبد الواحد بن مطر البؽدادي‪ ،‬ولد سنة‬
‫(ٓ‪٘7‬هـ‪ ٔٔ7٘/‬م)‪ ،‬ولً الخطابة فً جامع السلطان فً زمن الخلٌفة الناصر‪ ،‬ورتب ناظر فً أمور‬
‫الحرمٌن الشرٌفٌن فضبلً دن دٌوان التركات الحشرٌة‪ ،‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗٗٓ/ٕ ،‬‬
‫)‪ )9‬المصدر نفسه‪. ٗٗٓ/ٕ ،‬‬
‫)ٓٔ) هبة هللا بن الحسٌن ‪ ،‬هو هبة هللا بن الحسٌن بن أحمد البؽدادي‪ ،‬رتبه الخلٌفة الظاهر إماما ً فً باب بدر‬
‫ومشرفا ً دٌوان التركات الحشرٌ ة ‪ ،‬وأدطال بؽلة أبٌه الناصر‪ ،‬وكان ٌدخل دلى الخلٌفة المستنصر ٌقربه‬
‫القرآ ن‪ ،‬ولم ٌكن ٌُقبل األرض ااا دخل دلى الخلٌفة‪ ،‬وكان ٌقول‪" :‬ال ٌنبؽً الك أال هلل" ‪ ،‬ولما مرض‬
‫مرضه األخٌر ‪ ،‬جاءته أم الخلٌفة تزورل‪ ،‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٗ٘/ٗ ،‬‬
‫)ٔٔ) ابن مفلح‪ ،‬المصدر السابق‪. 7ٗ/ٖ ،‬‬
‫ٓ‪7‬‬
‫( ٔ) ‪ ،‬فجعل الخلٌفة دلى هاا الدٌوان دمر بن دبد العزٌز بن دلؾ‪ ،‬الاي سار سٌرة أبٌه فً‬
‫هاا المنصب ( ٕ) ‪.‬‬

‫ٗ ‪ -‬دٌوان الجوالً ‪ :‬وهو الدٌوان الاي ٌختص بشإون أهل الامة ‪ ،‬وصاحب هاا الدٌوان هو‬
‫المسإول دن أخا الجزٌة المقررة دلٌهم كل سنة ( ٖ) ‪ ،‬ومد استمر العلماء بشؽل هاا المنصب‬
‫لكونهم ادلم من ؼٌرهم بالجزٌة المقررة دلى أهل الامة ( ٗ)‪ ،‬وكان صاحب هاا الدٌوان‬
‫ٌفرض دلى رإساء أهل الامة بكتابة ما دند كل منهم من الجزٌة المستحصلة من اتبادهم ‪،‬‬
‫وما استجد من األمور الطاربة فً مللهم‪ ،‬فٌكتبون من اهتدى منهم لئلسبلم ‪ ،‬والموالٌد‬
‫الجدٌدة ومن هلك بالموت ‪ ،‬وٌكتبون أسماء أهل الامة القادمٌن من خارج الببلد ( ٘)‪ ،‬ومد‬
‫تولى هاا الدٌوان من دلماء الحنابلة محً الدٌن ٌوسؾ بن الجوزي ‪ ،‬ثم دزل دنه سنة‬
‫(‪ٕٙٙ‬هـ‪ٕٕٔ1 /‬م) ( ‪. )ٙ‬‬

‫٘ ‪ -‬الحسبة ‪ :‬الحسبة لؽة هً من االحتساب ‪ ،‬وهو طلب األجر من هللا تعالى ( ‪ ،)7‬وٌقال‪:‬‬
‫الرجل حاسب أي أنه ٌقوم بعمله دون أجر احتسابا ً هلل دز وجل ( ‪. )1‬‬

‫أما اصطبلحا ً فقد درفها ابن خلدون بقوله‪" :‬هً وظٌفة دٌنٌة من باب األمر بالمعروؾ‬
‫والنهً دن المنكر الاي هو فرض دلى القابم بؤمر المسلمٌن ‪ٌ ،‬عٌن لالك من ٌرال أهبل له‬
‫‪ ...‬وٌبحث دن المنكرات وٌعزر وٌإدب دلى مدرها ‪ ،‬وٌحمل الناس دلى المصالح العامة‬
‫فً المدٌنة "( ‪ ، )9‬وهً وظٌفة ٌعرؾ متولٌها بالمحتسب وهو المسإول دن مرامبة األسواق‬
‫واآلداب العامة ( ٓٔ) ‪.‬‬

‫ونظراً ألهمٌة هال الوظٌفة فإن اختٌار من ٌتوالها هو من صبلحٌة الخلٌفة ( ٔٔ)‪ ،‬ومد‬
‫ٌفوض أمر تعٌٌنه إلى ماضً القضاة ( ٔ)‪ ،‬أو إلى الوزٌر ( ٕ)‪ ،‬وٌجب أن ٌكون المحتسب فقٌها ً‬

‫)ٔ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗ7ٖ/ٗ ،‬‬


‫)ٕ) المصدر نفسه ‪. ٗ7ٖ/ٗ ،‬‬
‫)ٖ) القلقشندي‪ ،‬المصدر السابق ‪. ٕٗٙ/ٔ ،‬‬
‫)ٗ) ابن الفوطً ‪ ،‬الحوادث الجامعة ‪ ،‬ص ٗ‪. ٔ7‬‬
‫)٘) محٌمٌد ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. ٔٔ9‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن الفوطً ‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬ص ٕٗ ‪.‬‬
‫)‪ )7‬الزبٌدي‪ ،‬محمد بن مح مد دبد الرزاق‪ ،‬تاج العروس‪ ،‬تحقٌق مجموده من المحققٌن‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار‬
‫الهداٌة‪(،‬بٌروت ‪،‬د‪.‬ت)‪. ٕ7٘/ٕ ،‬‬
‫)‪ )1‬ابن منظور ‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٙٓ/ٔ ،‬‬
‫)‪ )9‬ابن خلدون ‪ ،‬المقدمة ‪. ٕ٘٘ /ٔ ،‬‬
‫)ٓٔ) الجبوري‪ ،‬حسٌن خالد مصلح‪ ،‬اإلدارة فً بؽداد فً العصر العباسً األخٌر (٘‪٘7‬هـ‪ٔٔ79/‬م –‬
‫‪ٙ٘ٙ‬هـ‪ ٕٔ٘1 /‬م)‪ ،‬رسالة ماجستٌر (ؼٌر منشورل)‪ ،‬كلٌة التربٌة‪ ،‬جامعة تكرٌت‪ ،)ٕٓٓ1(،‬ص ‪. 77‬‬
‫)ٔٔ) ابن األخوة ‪ ،‬محمد بن محمد بن أحمد القرشً‪ ،‬معالم القربة فً أحكام الحسبة ‪ ،‬ادتنا به روبن لٌومً‪،‬‬
‫د‪.‬ط ‪ ،‬مطبعة دار الفنون‪ (،‬كٌمبرج‪ ،)ٔ9ٖ7 ،‬ص‪. 7‬‬
‫ٔ‪7‬‬
‫فقٌها ً دارفا ً بؤحكام الشرٌعة‪ ،‬لٌعلم ما ٌؤمر به وٌنهى دنه ( ٖ) ‪ ،‬وأن ٌكون حراً بالؽا ً دامبلً ‪،‬‬
‫اا رأي وصرامة وخشونة فً الدٌن ( ٗ)‪ ،‬وأن ٌكون دفٌفا ً دن أموال الناس متوردا ً دن مبول‬
‫الهدٌة من المتعٌشٌن وأرباب الصنادات ‪ ،‬وٌجب أن ٌلزم المحتسب ؼلمانه وأدوانه بما التزم‬
‫به من هال الشروط ( ٘)‪.‬‬

‫ومد منح المحتسب الكثٌر من الصبلحٌات‪ ،‬ومنها أن المحتسب ٌحق له الدخول إلى‬
‫مجالس القضاء وحثهم دلى العدل وتخوٌفهم من الظلم ‪،‬كما ٌمكنه الدخول دلى الوالة‬
‫لٌؤمرهم بالمعروؾ وٌنهاهم دن المنكر‪ ،‬وٌحثهم دلى الرحمة واإلحسان للردٌة وٌحارهم‬
‫من ا لرشوة وضررها دلى صاحبها فً الدنٌا واآلخرة ( ‪ ،)ٙ‬كما ٌحق له أن ٌتدخل فً تحدٌد‬
‫األسعار فً حال ارتفادها بشكل كبٌر ( ‪ ، )7‬كما كان ٌرامب أهل البدع وٌرددهم ( ‪ ،)1‬ومد‬
‫جرت العادة أن المحتسب ٌشهد دند القاضً ‪ ،‬وبعد مبول شهادته ٌتم تزكٌته وٌصبح مإهبلً‬
‫( ‪)9‬‬
‫‪.‬‬ ‫لتولً الحسبة‬

‫وأول من تولى الحسبة من الحنابلة فً هال الحقبة هو أبو سنٌنة السامري‬


‫‪(،‬ت‪ٙٔٙ‬هـ‪ٕٔٔ9/‬م) ( ٓٔ) ‪ ،‬الاي تولى الحسبة فً بؽداد فً زمن الخلٌفة الناصر لدٌن هللا‬
‫سنة (٘‪٘1‬هـ‪ٔٔ19/‬م)‪ ،‬واستمر فً هاا المنصب إلى أن دزل سنة ( ٔ‪٘9‬هـ‪ٔٔ9٘/‬م)‬
‫( ٔٔ)‪ ،‬كما تولى محً الدٌ ن ٌوسؾ ابن الجوزي الحسبة بجانبً بؽداد والك فً سنة‬
‫(ٗٓ‪ٙ‬هـ‪ٕٔٓ7/‬م)‪ ،‬ثم دزل دنها سنة (‪ٙٓ9‬هت‪ٕٕٔٔ /‬م) ( ٕٔ)‪ ،‬ثم أدٌد إلى الحسبة سنة‬
‫(٘ٔ‪ٙ‬هـ‪ ٕٔٔ1/‬م)‪ ،‬واستمر فً منصبه إلى أن توفً الخلٌفة الناصر‪ ،‬ثم أمرل الخلٌفة الظاهر‬
‫دلى ما كان دلٌه فً زمن أبٌه الناصر ( ٖٔ)‪ ،‬كما تولى محً الدٌن الحسبة فً دهد الخلٌفة‬
‫المستنصر باهلل إال أنه لم ٌستمر طوٌبلً فً هاا المنصب ( ٗٔ) ‪.‬‬

‫)ٔ) ابن السادً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٖٔ / 9 ،‬‬


‫)ٕ) الؽزالً ‪،‬أبو حامد محمد بن محمد بن أحمد ‪ ،‬أحٌاء دلوم الدٌن ‪،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار المعارؾ ‪( ،‬بٌروت‪ ،‬د‪.‬ت)‪،‬‬
‫ص‪.7‬‬
‫)ٖ) ابن بسام ‪ ،‬محمد بن أحمد‪ ،‬نهاٌة الرتبة فً طلب الحسبة‪ ،‬تحقٌق محمد حسن و أحمد فرٌد المزٌدي ‪،‬طٔ‬
‫‪ ،‬دار الكتب العلمٌة ‪(،‬بٌروت‪ ،)ٕٖٓٓ ،‬ص ٖ‪. ٕ9‬‬
‫)ٗ) ابن األخوة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 1- 7‬‬
‫)٘) الشٌزري ‪ ،‬دبد الرحمن بن نصر بن دبدهللا‪ ،‬نهاٌة الرتبة الظرٌفة فً طلب الحسبة الشرٌفة‪ ،‬د‪.‬ط ‪،‬‬
‫مطبعة لجنة التؤلٌؾ والترجمة ‪( ،‬القاهرة ‪ ،)ٔ9ٗٙ ،‬ص ٓٔ ‪.‬‬
‫)‪ )ٙ‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ٔٔ ‪.‬‬
‫)‪ )7‬الؽسانً ‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ٖ٘‪. ٙ‬‬
‫)‪ )1‬ابن الفوطً‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬ص ٖ‪. ٔ1‬‬
‫)‪ )9‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ٖٕٔ ‪.‬‬
‫)ٓٔ) ابن سنٌنة هو ابو دبدهللا محمد بن دبدهللا بن الحسٌن السامري الحنبلً‪ ،‬كان شاهداً دند ماضً القضاة‬
‫دلً بن أحمد الدامؽانً ‪ ،‬ثم تولى الحسبة ودزل دنها ثم رتب مشرفا ً بالدٌوان العزٌز ‪ ،‬ابن رجب‪،‬‬
‫المصدر السابق‪ٖ19/ٔ ،‬‬
‫)ٔٔ) ابن الدبٌثً ‪،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪. ٖ19‬‬
‫)ٕٔ) ابن السادً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٖ7/9،‬‬
‫)ٖٔ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٕٓٔ/ٗ ،‬‬
‫)ٗٔ) ابن خلكان ‪ ،‬المصدر السابق ‪. ٕٔٗ/ٖ،‬‬
‫ٕ‪7‬‬
‫وفً دصر الخلٌفة المستعصم تولى الحسبة ابناء محً الدٌن الثبلثة وأولهم أبو الفرج‬
‫دبدالرحمن بن ٌوسؾ بن الجوزي‪ ،‬الاي تولى الحسبة دون أن ٌشهد دند القاضً‪ ،‬ولم ٌعلم‬
‫احد تولى الحسبة دون أن ٌشهد دند القاضً سوال ( ٔ) ‪ ،‬كما تولى هاا المنصب شرؾ الدٌن‬
‫دبدهللا ابن ٌوسؾ ‪ ،‬إال أنه لم ٌستمر فٌه طوٌبلً فقد تزهد وترك الحسبة ( ٕ) ‪،‬فتوالها أخول‬
‫تاج الدٌن دبد الكرٌم بن ٌوسؾ ‪ ،‬الاي ظل فٌها إلى أن متل شهٌداً دند دخول هوالكو إلى‬
‫بؽداد ( ٖ) ‪.‬‬

‫‪ - ٙ‬إم امة الصبلة ‪ :‬كان خلفاء بنً العباس األوابل ٌؤمّون الناس بالصبلة‪ ،‬لما لها من تعظٌم‬
‫فً نفوس الخلفاء‪ ،‬ثم أخا الخلفاء ٌقلدونها لؽٌرهم ( ٗ)‪ ،‬ولالك نجد أن اإلمامة خاضعة لسلطة‬
‫الخلٌفة‪ ،‬إال أن هال السلطة كانت مقتصرة دلى المساجد الجامعة‪ ،‬فبل ٌجوز اختٌار إمام‬
‫للصبلة إال بعد موافقة الخلٌفة ( ٘)‪ ،‬ومن أهم جوامع بؽداد هً جامع المنصور وجامع القصر‬
‫وجامع السلطان والرصافة وهال الجوامع كانت تحظى باهتمام الخلفاء ( ‪ ،)ٙ‬ومد رتب الخلٌفة‬
‫الخلٌفة الظاهر بؤمر هللا الفقٌه الحنبلً هبة هللا بن الحسن إماما ً بباب بدر‪ ،‬وكان الخلٌفة‬
‫ٌصلً خلفه‪ ،‬كما أنه أ َّم الناس بمسجد حمدي وؼٌرل من مساجد بؽداد ( ‪. )7‬‬

‫‪ - 7‬الخطابة ‪ :‬كان خطباء المساجد ٌمثلون الخلٌفة‪ ،‬وٌقومون بالخطبة نٌابة دنه‪ ،‬وكانت‬
‫الخطب تتضمن الدداء للخلٌفة وهً إحدى دبلمات التبعٌة والوالء السٌاسً والروحً له ‪،‬‬
‫ودلى هاا فإن جمٌع خطباء األمصار التابعٌن لنفوا الخبلفة ٌددون للخلٌفة العباسً ( ‪. )1‬‬

‫وكانت الخطبة تقام لكل خلٌفة جدٌد من خلفاء بنً العباس‪ ،‬ووظٌفة الخطٌب تقوم دلى‬
‫أساس مخاطبة الناس واستمالتهم إلى دمل الخٌر ‪ ،‬كما كان الخطٌب ٌمثل أحد وسابل الخلفاء‬
‫فً إدبلن توجٌهاتهم فً الشإون السٌاسٌة وفً الددوة للجهاد ( ‪ ،)9‬ونتٌجة لالك نجد أن‬

‫)ٔ) ابن الفوطً‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬ص ٖٕٔ ‪.‬‬


‫)ٕ) ابن رجب ‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٓ/ٗ ،‬‬
‫)ٖ) المصدر نفسه ‪. ٖٓ/ٗ ،‬‬
‫)ٗ) أبً ٌعلى ‪ ،‬األحكام السلطانٌة‪ ،‬صٗ‪، 9‬‬
‫)٘) العلً ‪ ،‬صالح أحمد ‪،‬معالم بؽداد اإلدارٌة والعمرانٌة‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الشإن الثقافٌة العامة‪( ،‬بؽداد‪،)ٔ911 ،‬‬
‫ص ‪. 97‬‬
‫)‪ )ٙ‬ا لمرجع نفسه ‪ ،‬ص ٔٓٔ ‪.‬‬
‫)‪ )7‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٗ٘/ٖ ،‬‬
‫)‪ )1‬العلً‪ ،‬معالم بؽداد ‪ ،‬ص ‪. 91 - 79‬‬
‫)‪ )9‬المولى ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. ٙ7‬‬
‫ٖ‪7‬‬
‫الخلفاء العباسٌٌن هم المسإولون دن تعٌٌن الخطباء ( ٔ)‪ ،‬ولم تقتصر سلطات الخلٌفة دلى‬
‫تعٌٌن خطباء المساجد الجامعة فحسب‪ ،‬بل امتدت إلى جامع المدرسة المستنصرٌة ( ٕ) ‪.‬‬
‫وهناك مساجد رسمٌة ٌعٌن خطباإها من مبل الخلٌفة ومن دلماء الحنابلة الاٌن دٌنوا‬
‫للخطبة فً هال المساجد الفقٌه الحنبلً أحمد بن اكمل كان خطٌبا ً بجامع السلطان ‪ ،‬والك فً‬
‫دصر الخلٌفة الناصر لدٌن هللا ( ٖ) ‪.‬‬

‫‪ - 1‬دٌوان األوماؾ ‪ :‬وهاا الدٌوان ٌُعنى باألمبلك التً ٌومفها أصحابها للحرمٌن الشرٌفٌن‬
‫(مكة المكرمة والمدٌنة المنورة )‪ ،‬أو للمنفعة العامة‪ ،‬وهو من الدواوٌن المهمة والقدٌمة‪ ،‬ومد‬
‫استمر إلى نهاٌة العصر العباسً ( ٗ) ‪ ،‬وكان ٌتولى هاا المنصب الفقهاء والمعدلون‪ ،‬والك من‬
‫من أجل االدتماد دلى استقامتهم والثقة بهم‪ ،‬فقد كانت هال األوماؾ تدر أمواالً كثٌرة لخزانة‬
‫الدولة‪ ،‬وبالك فهً درضة للسر مة والتبلدب ااا لم تسلم إلى أٌادي أمٌنة ( ٘)‪ ،‬وتولى هاا‬
‫الدٌوان من الحنابلة أحمد بن أكمل ( ‪. )ٙ‬‬

‫ثانٌا ً ‪ :‬المناصب اإلدارٌة‬

‫ٔ ‪ -‬الوزارة ‪ :‬وهً من الوظابؾ اإلدارٌة المهمة فً الدولة ‪ ،‬إا ٌقوم صاحبها بحمل العبء‬
‫دن الخلٌفة ( ‪ ، )7‬ألن الخلٌفة أو الملك أو السلطان ٌلجؤ إلى رأي وزٌرل وتدبٌرل فً األمور‬

‫)ٔ) العلً‪ ،‬معالم بؽداد ‪ ،‬ص‪. 97‬‬


‫)ٕ) معروؾ‪ ،‬ناجً ‪ ،‬دلماء المستنصرٌة‪ ،‬مجلة كلٌة اآلداب‪ ،‬جامعة بؽداد‪ ،‬العدد ٔ‪( ،‬بؽداد‪ ،)ٔ9٘9 ،‬ص‬
‫ٕٕٖ‪.‬‬
‫)ٖ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗٗٓ/ٖ ،‬‬
‫)ٗ) فهد‪ ،‬تارٌخ العراق‪ ،‬ص ٕ‪. ٔٙ‬‬
‫)٘) المرجع نفسه‪ ،‬ص ٖ‪. ٔٙ‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن مفلح‪ ،‬المصدر السابق‪. 71/ٔ ،‬‬
‫)‪ )7‬الماوردي‪ ،‬األحكام السلطانٌة‪. ٖٓ- ٕ٘ ،‬‬
‫ٗ‪7‬‬
‫السٌاسٌة والمالٌة ( ٔ) ‪ ،‬ووظٌفة الوزارة لم تظهر إال فً العصر العباسً‪ٌ ،‬قول الطقطقً‪" :‬‬
‫والوزارة لم تتمهد مواددها وتقرر موانٌنها إال فً دولة بنً العباس ‪ ،‬فؤما مبل الك فلم تكن‬
‫مقننة القوادد‪ ،‬وال مقررة القوانٌن ‪ ...‬فلما ملك بنو العباس تقررت موانٌن الوزارة ‪ ،‬وسمً‬
‫الوزٌر وزٌراً ‪ ،‬وكان مبل الك ٌسمى كاتبا ً أو مشٌراً " ( ٕ) ‪.‬‬

‫أما الشروط والصفات الواجب توفرها فً الشخص الاي ٌتولى الوزارة فقد اكرها‬
‫الماوردي بقوله ‪ " :‬رجبلً جامعا ً لخصال الخٌر‪ ،‬اا دفة فً خبلبقه واستقامة فً طرابقه مد‬
‫هابته اآلداب ‪ ،‬وأحكمته التجارب‪ ،‬إن أوتمن األسرار مام بها‪ ،‬وإن ملد مهمات األمور نهض‬
‫فٌها‪ٌُ ،‬سكنه الحلم وٌنطقه العلم ‪ ،‬وتكفٌه اللحظة وتؽنٌه اللمعة ‪ ،‬له صولة األمراء وأناة‬
‫الحكماء وتواضع العلماء وفهم الفقهاء‪ ،‬إن أُحسن إلٌه شكر‪ ،‬وإن ابتلً باإلساءة صبر " ( ٖ) ‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫أما صبلحٌات الوزٌر فإنها لم تكن محددة ومعروفة فً البداٌة‪ ،‬فكان الوزٌر مجرد‬
‫وسٌط بٌن الخلٌفة والردٌة والوالة ‪ ،‬ومنفااً ألوامر الخلٌفة ‪ ،‬وٌقدم له النصح واإلرشاد‪ ،‬ثم‬
‫نمت هال الصبلحٌات وتطورت فٌما بعد حتى اتخات صورتها المتكاملة‪ ،‬وأصبح الوزٌر‬
‫ٌشرؾ دلى ا لشإون المالٌة ودلى الدواوٌن والجٌش ( ٗ)‪ ،‬وكان الوزٌر ٌقوم بتبلٌػ القضاة‬
‫بقرار تولٌتهم الصادر من الخلٌفة ( ٘) ‪ ،‬كما أصبح الوزٌر ٌنوب دن الخلٌفة فً بعض‬
‫المناسبات‪ ،‬ومنها استعراض الجٌش وؼٌرها من المناسبات ( ‪ ،)ٙ‬كما كان الوزٌر ٌجمع بٌن‬
‫رٌاستً السٌؾ والقلم‪ ،‬والك من خبلل ممعه للفتن واالضطرابات وحركات التمرد التً‬
‫تحصل فً األمالٌم التابعة للخبلفة العباسٌة ( ‪ ، )7‬كما كان الوزٌر ٌستقبل األمراء والرسل‬
‫الوافدٌن من البلدان المجاورة‪ ،‬فضبلً دن اشرف ِه دلى ضٌافتهم وتودٌعهم ( ‪. )1‬‬

‫وملة من العلماء من تولى منصب الوزارة ‪ ،‬ألنها وظٌفة إدارٌة بحته ‪ ،‬ومن تولى من‬
‫الماهب هاا المنصب من الحنابلة هو الوزٌر جبلل الدٌن أبو المظفر دبٌد هللا بن ٌونس ‪،‬‬
‫الاي مُلد منصب الوزارة فً خبلفة الناصر لدٌن هللا‪ ،‬والك فً سنة (ٖ‪٘1‬هـ‪ٔٔ17/‬م) ( ‪، )9‬‬

‫)ٔ) الماوردي ‪ ،‬أبو الحسن دلً بن محمد بن حبٌب‪ ،‬موانٌن الوزارة وسٌاسة الملك‪ ،‬تحقٌق رضوان السٌد ‪،‬‬
‫ط ٔ‪ ،‬دار الطلٌعة‪(،‬بٌروت‪ ،)ٔ979 ،‬ص ‪. ٖٔ7‬‬
‫)ٕ) الفخري فً اآلداب السلطانٌة‪ ،‬ص ٖ٘ٔ ‪.‬‬
‫)ٖ) الماوردي ‪ ،‬موانٌن الوزارة ‪ ،‬ص ‪ ٔٙ٘- ٔ٘9‬؛ الماوردي‪ ،‬األحكام السلطانٌة‪ ،‬ص ٔ٘ ؛ مارن مع ابو‬
‫ٌعلى ‪ ،‬األحكام السلطانٌة ‪،‬صٖٔ ‪.‬‬
‫)ٗ) ؼوستاؾ ‪،‬لوبون‪ ،‬حضارة العرب‪ ،‬نقله إلى العربٌة دادل زدٌتر‪ ،‬طٗ‪ ،‬مطبعة دٌسى البابً الحلبً‬
‫وشركابه‪( ،‬دمشق‪ ،)ٔ9ٙٗ ،‬ص ٖ‪. ٔ7‬‬
‫)٘) ابو ٌعلى ‪ ،‬األحكام السلطانٌة ‪ ،‬ص ٖٔ ‪.‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن السادً ‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗ7/9 ،‬‬
‫)‪ )7‬ابن الطقطقً‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ٕٖٗ ‪.‬‬
‫)‪ )1‬ابن السادً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٖٙ- ٕٙٓ/9 ،‬‬
‫)‪ )9‬ابن األثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕ٘ٙ/ٔٔ ،‬‬
‫٘‪7‬‬
‫وأسند إلٌه الخلٌفة مٌادة الجٌش لمحاربة طؽرل بن أرسبلن‪ ،‬لكنه خسر المعركة وومع فً‬
‫األسر‪ ،‬فاستبدل الخلٌفة وزٌراً بمكانه ( ٔ) ‪.‬‬

‫ٕ ‪ -‬أستاا الدار ‪ :‬وهً وظٌفة مهمتها إدارة أمور الخبلفة بما تحتوٌه من الخدم والقٌام‬
‫بؤمورها كافة ‪ ،‬بما فً الك من األشراؾ دلى حراستها لٌبلً ونهاراً‪ ،‬والقابم دلى هال‬
‫الوظٌفة ٌقوم باألشراؾ دلى بعض ا لدواوٌن‪ ،‬وٌتابع اآلداب فً دار الخبلفة ( ٕ)‪ ،‬ومد أجمل‬
‫ابن جبٌر دور أستاا الدار بقوله‪ " :‬مٌم دلى جمٌع الدٌار العباسٌة وأمٌن دلى سابر الحرم‬
‫البامٌات ‪ ...‬ودلى جمٌع ما تضمه الحرمة الخبلفٌة " ( ٖ)‪ ،‬وكانت هال الوظٌفة بمثابة همزة‬
‫وصل بٌن الوزارة وبقٌة الوظابؾ‪ ،‬ونظراً ألهمٌة هاا المنصب فإن صاحبه ٌترمى أحٌانا ً‬
‫لٌتولى منصب الوزارة ( ٗ) ‪.‬‬

‫ومد ساهم العلماء فً أشؽال هال الوظٌفة لكونها من الوظابؾ الدٌوانٌة المهمة‪ ،‬إا إن‬
‫دمل صاحب هال الوظٌفة دابما ً مرب الخلٌفة‪ ،‬بحكم دمله فً مصور الخبلفة‪ ،‬وٌجب دلى‬
‫صاحبها أن ٌتحلى بالصدق واألمانة والعفة والعلم الوافر‪ ،‬لالك حرص الخلفاء دلى اختٌار‬
‫العلماء لتولً هال الوظٌفة ( ٘) ‪.‬‬

‫وتولى هال الوظٌفة من الحنابلة ابن ٌونس‪ ،‬إا تولى هال الوظٌفة سنة(‬
‫‪٘17‬هـ‪ٔٔ9ٔ/‬م)‪ ،‬واستمر فٌه إلى أن دزل سنة ( ٓ‪٘9‬هـ‪ٔٔ9ٖ/‬م) ( ‪ ،)ٙ‬وتوالها محً الدٌن‬
‫ٌتسن لنا معرفة المدة التً مضاها فً هاا‬
‫َ‬ ‫الدٌن ٌوسؾ بن الجوزي فً خبلفة الناصر‪ ،‬ولم‬
‫المنصب ( ‪ ، )7‬وفً خبلفة المستعصم تولى محً الدٌن هاا المنصب من سنة (‬
‫( ‪. )1‬‬
‫ٕٗ‪ٙ‬هـ‪ٕٔٗٗ/‬م)‪ ،‬واستمر فٌه إلى أن دخل هوالكو بؽداد‬

‫ٖ ‪ -‬دٌوان العقار ‪ :‬وتتمثل مهمة هاا الدٌوان بالعناٌة باألبنٌة الخاصة بالخبلفة ‪ ،‬ومنها ترمٌم‬
‫وبناء األسوار والحصون‪ ،‬وبناء األبنٌة الجدٌدة ( ‪ ، )9‬ومد تولى إدارة هاا الدٌوان العالم الفقٌه‬
‫إسمادٌل بن دلً بن حسٌن الحنبلً ( ٓٔ)‪ ،‬فضبلً دن تولٌه النظر فً دقارات الخلٌفة الخاصة‬

‫)ٔ) ابن الطقطقً‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ٖٕٖ ‪.‬‬


‫)ٕ) القلقشندي ‪ ،‬المصدر السابق ‪. ٗ1ٔ/ٖ ،‬‬
‫)ٖ) الرحلة ‪ ،‬ص ٕٕٓ ‪.‬‬
‫)ٗ) الاهبً‪ ،‬سٌر‪. ٔٓ1/ٕٖ ،‬‬
‫)٘) القلقشندي ‪ ،‬المصدر السابق ‪. ٔٙ7/ٔٔ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬الاهبً‪ ،‬سٌر‪ 99/ٕٔ ،‬؛ ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖ9ٗ/ٔ ،‬‬
‫)‪ )7‬الٌونٌنً ‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٖٗ/ٔ ،‬‬
‫)‪ )1‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕ٘1/ٕ ،‬‬
‫)‪ )9‬األٌوبً‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ٓ‪. ٔ7‬‬
‫)ٓٔ) هو محً الدٌن أبو محمد إسمادٌل بن دلً بن الحسٌن الحنبلً البؽدادي‪ ،‬درؾ بالعدٌد من األلقاب‬
‫منها ابن الوفاء و ابن الماشطة‪ ،‬إال أن أشهر هال األلقاب ‪ ،‬هو ؼبلم ابن المنى‪ ،‬ولد سنة‬
‫‪7ٙ‬‬
‫( ٔ) ‪ ،‬كما تولى هاا الدٌوان دبٌد هللا بن ٌونس‪ ،‬فً زمن الخلٌفة الناصر لدٌن هللا ‪ ،‬والك مبل‬
‫أن ٌتولى الوزارة‪ ،‬إا أمرل الخلٌفة الناصر أن ٌشرؾ دلى ترمٌم المدرسة النظامٌة سنة (‬
‫ٓ‪٘1‬هـ‪ٔٔ1ٗ/‬م) ( ٕ) ‪.‬‬

‫ٗ ‪ -‬ناظر الومؾ ‪ :‬وهو الموظؾ المسإول دن أموال الومؾ العٌنٌة والنقدٌة‪ ،‬والومؾ‬
‫نودان‪ :‬ومؾ دام تشرؾ دلٌه الخبلفة‪ ،‬وومؾ خاص لؤلفراد ال تشرؾ دلٌه الخبلفة‪،‬‬
‫واألوماؾ العامة ٌدٌرها ناظر أو اكثر ( ٖ) ‪ ،‬وكان الخلٌفة ٌختار لهاا المنصب العلماء األتقٌاء‪،‬‬
‫فقد اختار الخلٌفة الناصر لدٌن هللا العالم الحنبلً محً الدٌن ٌوسؾ لٌتولى هال الوظٌفة ( ٗ) ‪.‬‬

‫٘ ‪ -‬الدٌوان العزٌز ‪ :‬وهو الدابرة الربٌسٌة فً حاضرة الخبلفة الع باسٌة ببؽداد ‪ ،‬والتً تظم‬
‫بامً الدواوٌن وٌسمى أحٌانا ً دٌوان الخبلفة ‪ ،‬وكان ٌرأسه الوزٌر أحٌانا ً أو نابب الوزٌر أو‬
‫ٌرأسه صاحب هاا الدٌوان ( ٘)‪ ،‬وٌتم تعٌنه من مبل الخلٌفة ( ‪ ،)ٙ‬وكان صاحب هاا الدٌوان‬
‫دلى تواصل مستمر مع الخلٌفة ( ‪ ،)7‬ودلى الرؼم من أن هال الوظٌفة من المناصب اإلدارٌة‬
‫إال أن العدٌد من العلماء شؽلوا هاا المنصب‪ ،‬أما من تولى هاا المنصب من الحنابلة فهم كل‬
‫من دبٌد هللا بن ٌونس ( ‪ ، )1‬والفقٌه محمد بن دبدهللا بن الحسٌن المعروؾ بابن سنٌنة ( ‪.)9‬‬

‫‪ - ٙ‬دٌوان الزمام ‪ :‬وهو دٌوان مركزي ٌشرؾ دلى دمل الدواوٌن األخرى ‪ ،‬وٌرامب األمور‬
‫المالٌة للدولة ( ٓٔ) ومد وصؾ ابن الكازرونً صاحب هاا الدٌوان بقوله‪ " :‬هو صدر صدور‬
‫اإلسبلم‪ ،‬وخالصة اإلمام ‪ ،‬وسٌد أصحاب األمبلم وصاحب الببلد والمإتمن دلى الطارؾ‬
‫شؤول( ٔٔ) أصحاب‬
‫والتبلد‪ ،‬الحاكم فً السهل والجبل‪ ،‬المطاع األمر إن مال أو فعل ال ٌدرك َ‬

‫(‪٘ٗ9‬هت‪ ٔٔ٘ٗ/‬م)‪،‬وكان حسن الكبلم جٌد العبارة له تصانٌؾ فً الخبلؾ والجد ل‪ ،‬توفً سنة‬
‫(ٓٔ‪ٙ‬هـ‪ٕٔٔٗ/‬م)‪ ،‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔٗٓ/ٖ ،‬‬
‫)ٔ) المصدر نفسه‪. ٙٙ/ٕ ،‬‬
‫)ٕ) فهد‪ ،‬تارٌخ العراق‪ ،‬صٔ‪. ٔٙ‬‬
‫)ٖ) دٌمو بٌن‪ ،‬مورٌس جود‪ ،‬النظم اإلسبلمٌة‪ ،‬ترجمة فٌصل السامر وصالح الشماع‪ ،‬ط ٔ‪ ،‬مطبعة‬
‫الزهراء‪( ،‬د‪.‬م‪ ،)ٔ9ٕ٘ ،‬ص‪ٔ9ٙ‬‬
‫)ٗ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪ٕ٘1/ٕ ،‬‬
‫)٘) فهد‪ ،‬تارٌخ العراق‪ ،‬ص ٔٗٔ ‪.‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن الفوطً‪ ،‬مجمع اآلداب‪. ٔ٘1/ٗ ،‬‬
‫)‪ )7‬ابن الكازرونً‪ ،‬ظهٌر الدٌن‪ ،‬مقامة فً موادد بؽداد فً الدولة العباسٌة‪ ،‬تحقٌق كوركٌس دواد ومٌخابٌل‬
‫دواد‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬مطبعة اإلرشاد‪ (،‬بؽداد‪ ،)ٔ9ٕٙ ،‬ص ٕٕ ‪.‬‬
‫)‪ )1‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٙٗ/ٕ ،‬‬
‫)‪ )9‬ابن العماد الحنبلً‪ ،‬المصدر السابق‪. 7ٓ/٘ ،‬‬
‫)ٓٔ) الدوري‪ ،‬المرجع السابق‪. ٔ7ٖ ،‬‬
‫)ٔٔ )‬
‫شؤول ُ ‪ :‬ال تصلون ما وصل إلٌه من فضل ‪ ،‬ابن منظور ‪ ،‬المصدر السابق ‪. ٕٖ /1 ،‬‬ ‫َ‬
‫‪77‬‬
‫الم راتب‪ ،‬وال ٌنال درجته أرباب المناصب‪ ،‬لقربه من الخلٌفة‪ ،‬ومثوله دند السدة الشرٌفة‪،‬‬
‫فً حالتً السفر والحضر‪ ، )ٔ ( " ...‬ومنا تولً الخلٌفة الناصر لدٌن هللا إلى احتبلل بؽداد‪،‬‬
‫اصبح مصطلح الدٌوان ٌطلق دلى دٌوان الزمام‪ ،‬وفً الحقٌقة أن هاا الدٌوان مد فقد هوٌته‬
‫بوصفه دٌو انا ً للسٌطرة والمرامبة واتخا له وظٌفة أخرى‪ ،‬إا حل محل دٌوان الخراج‪ ،‬وهو‬
‫ٌعنى بتقدٌر المداخل والمصروفات الحكومٌة ( ٕ)‪ ،‬وتولى دبٌد هللا بن ٌونس دٌوان الزمام‬
‫سنة ( ٕ‪٘1‬هـ‪ٔٔ1ٙ/‬م)‪ ،‬ولقب جبلل الدٌن ( ٖ) ‪ ،‬كما تولى هاا الدٌوان العالم والفقٌه الحنبلً‬
‫محمد بن دبد هللا السامري‪ ،‬ولقب أٌام والٌته دلى هاا الدٌوان بلقب معظم الدٌن ( ٗ) ‪.‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫وعظ الخاصة‬

‫الودظ لؽة‪ :‬وردت كلمة ودظ فً المعاجم العربٌة القدٌمة والحدٌثة‪ٌ ،‬قول ابن فارس‪" :‬‬
‫الودظ تعنً التخوٌؾ ‪ ،‬والعظة االسم منه‪ ،‬وهو التاكٌر بالخٌر وما ٌرق له القلب " ( ٘)‪،‬‬

‫)ٔ) ابن الكازرونً‪ ،‬مقامة فً موادد بؽداد‪ ،‬ص ٕٔ ‪. ٕٕ-‬‬


‫)ٕ) الجبوري‪ ،‬اإلدارة فً بؽداد‪ ،‬ص ‪ 1ٙ‬نقبلً دن‬
‫‪Abdul Munim Rashid . the Abbasid caliphat . 575/1179-656/1258 . University Of‬‬
‫‪London .1963 PH. D.P. 224-226 .‬‬
‫)ٖ) ابن الدبٌثً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٘ٗ9/ٖ ،‬‬
‫)ٗ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕ٘ٓ/ٖ ،‬‬
‫)٘) ابن فارس‪ ،‬أبو الحسن أحمد ‪ ،‬معجم مقاٌٌس اللؽة‪ ،‬تحقٌق دبد السبلم محمد هارون‪ ،‬طٖ ‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪(،‬القاهرة‪ ،)ٔ91ٔ ،‬ج‪ ،ٙ‬ص ‪ ٕٔٙ‬؛ ملعجً‪ ،‬محمد رواس ومنٌبً‪ ،‬حامد صادق‪ ،‬معجم لؽة الفقهاء‪،‬‬
‫طٕ‪ ،‬دار النفابس للطبادة‪ (،‬بٌروت‪ ،)ٔ911 ،‬ص ‪ ٘ٓٙ‬؛ مختار‪ ،‬أحمد‪ ،‬معجم اللؽة العربٌة المعاصرة‪،‬‬
‫طٔ‪ ،‬دالم الكتب‪ (،‬بٌروت‪ ،)ٕٓٓ1 ،‬جٖ‪ ،‬ص ‪. ٕٗٙ1‬‬
‫‪71‬‬
‫والودظ النصح والتاكٌر بالعوامب لئلنسان إما إلى الجنة‪ ،‬أو إلى النار‪ ،‬وهو تاكٌرك لئلنسان‬
‫بما ٌلٌن ملبه من ثواب ودقاب‪ ،‬فٌفعل األنسان الخٌر وٌبتعد دن الشر ‪ ،‬وٌخضع ملبه‬
‫اءهُ َم ْو ِعظَةٌ ِم ْن َربِِّو فانتهى فَ لَوُ َما‬ ‫( ٔ)‬
‫وجوارحه ألوامر هللا تعالى ‪ ،‬وجاء فً موله تعالى " فَ َم ْن َج َ‬
‫يها َخالِ ُدو َن" ( ٕ)‪ ،‬وروي دن رسول هللا‬
‫اب النَّا ِر ُى ْم فِ َ‬
‫ص َح ُ‬ ‫ف َوأَ ْم ُرهُ إلى اللَّ ِو َوَم ْن َع َ‬
‫اد فَأُولَئِ َ‬
‫ك أَ ْ‬ ‫َسلَ َ‬
‫فاكرهن وودظهن‬ ‫(صلى هللا دلٌه وسلم) أنه " خطب فرأى أنه لم ٌُسمع النساء فؤتاهن ّ‬
‫وأمرهن بالصدمة ‪ ،)ٖ ("..‬ودلى ما س بق فالودظ هو تاكٌر وتخوٌؾ ونصح وإرشاد وترمٌق‬
‫للقلب ‪.‬‬

‫الودظ اصطبلحاً‪ :‬هو نصح الناس وإصبلحهم وتهاٌب سلوكهم فً ضوء ما جاء فً‬
‫القرآن الكرٌم والسنة النبوٌة والخضوع ألوامر هللا ونواهٌه موالً وفعبلً واالبتعاد دن‬
‫المعآصً المسخطة هلل سجانه وتعالى والتعرض لعقابه ومجاهدة النفس فً الك ( ٗ) ‪.‬‬

‫والودظ السٌاسً موجه ال صحاب السلطة من خلفاء وأمراء ووزراء‪ ،‬وكان الهدؾ منه حث‬
‫هإالء دلى العدل وااللتزام بما جاء به القرآن والسنة‪ ،‬وودِ ظ الخلٌفة دمر بن الخطاب(‬
‫رضً هللا دنه) من مبل بعض الصحابة‪ ،‬إا ارسلوا له رسالة جاء فٌها " فإنا دهدناك وشؤن‬
‫نفسك لك مهم وأصبحت ومد ولٌت أمر هال األمة أسودها واحمرها ‪ٌ ،‬جلس بٌن ٌدٌك‬
‫الشرٌؾ والوضٌع والصدٌق والعدو ولكل حصته من العدل فانظر كٌؾ أنت دن الك ٌا‬
‫دمر‪ ،‬وأنا نحارك مما حارت األمم مبلك‪ ...‬وأنا كتبنا إلٌك نصٌحة والسبلم " ( ٘)‪ ،‬وطلب‬
‫الخلٌفة دلً بن أبً طالب رضً هللا دنه من احد األسامفة بعد إسبلمه أن ٌعظه فقال له‪" :‬‬
‫ٌا أمٌر المإمنٌن إن كان هللا دلٌك فمن ترجو فقال‪ :‬دلً أحسنت فزدنً فقال‪ :‬األسقؾ إن‬
‫كان هللا معك فمن تخاؾ‪ ،‬مال أحسنت فزدنً ‪،‬فقال‪ :‬احسب أن هللا مد ؼفر انب المانبٌن‬
‫ألٌس مد فاتهم ثواب المحسنٌن‪ ،‬مال الخلٌفة دلً بن أبً طالب‪ :‬حسبً حسبً وبكى " ( ‪. )ٙ‬‬

‫وودظ أبو بكرل ( ‪ ، )7‬الخلٌفة معاوٌة بن أبً سفٌان مودظة مال فٌها‪ " :‬اتق هللا ٌا معاوٌة‬
‫معاوٌة وأدلم أنك فً كل ٌوم ٌخرج دنك وفً كل لٌل ٌؤتً دلٌك ال تزداد من الدنٌا إال بعداً‬

‫)ٔ) ابن منظور‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗٙٙ/7 ،‬‬


‫)ٕ) سورة البقرة‪ ،‬اآلٌة (٘‪. )ٕ7‬‬
‫)ٖ) اإلمام مسلم‪ ،‬صحٌح مسلم‪. ٕٙٓ/ٕ ،‬‬
‫)ٗ) الطرطوشً‪ ،‬أبو بكر محمد بن محمد‪ ،‬سراج الملوك‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬من أوابل المطبودات العربٌة‪ (،‬مصر‪،‬‬
‫ٕ‪ ،)ٔ17‬ص ‪ ٔٗ9‬؛ الصمٌددً‪ ،‬خوله محمود محمد دلً‪ ،‬الودظ الدٌنً فً العصر العباسً األول‬
‫(دراسة تارٌخٌة)(ٕٖٔ ‪ٗٗ7-‬هـ‪ 1ٙٔ- 7ٗ9/‬م)‪ ،‬رسالة ماجستٌر(ؼٌر منشورة)‪ ،‬كلٌة اآلداب ‪ ،‬جامعة‬
‫الموصل‪ ،)ٕٓٓ٘(،‬ص ‪. 1‬‬
‫)٘) الؽزالً‪ ،‬أبو حامد محمد بن محمد‪ ،‬فضابح الباطنٌة‪ ،‬تحقٌق دبد الرحمن بدوي ‪،‬د‪.‬ط‪ ،‬مإسسة دار‬
‫الكتب الثقافٌة‪(،‬الكوٌت‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص ٕٕٓ ‪.‬‬
‫)‪ )ٙ‬الطرطوشً‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 9‬‬
‫)‪ )7‬أبو بكرل‪ ،‬هو نفٌع بن الحارث بن كلدل بن دمرو بن دبلج بن أبً سلمه‪ ،‬وهو صحابً روى دن‬
‫الرسول (صلى هللا دلٌه وسلم) توفً (سنة ٓ٘ هجرٌه)‪ ،‬العسقبلنً‪ ،‬أبو الفضل أحمد بن دلً‪ ،‬تهاٌب‬
‫التهاٌب‪ ،‬طٔ‪ ،‬مطبعة دابرة المعارؾ النظامٌة‪ (،‬الهند‪ٖٕٔٙ ،‬هـ)‪ ،‬جٓٔ‪ ،‬ص ‪. ٗٙ9‬‬
‫‪79‬‬
‫ومن األخرة إال مربا ً " ( ٔ)‪ ،‬وودظ ٌزٌد الرماشً ( ٕ)‪ ،‬دمر بن دبد العزٌز مودظة طوٌلة‬
‫جعلته ٌسقط مؽشٌا ً دلٌه ‪. )ٖ ( ...‬‬

‫ومد اتبع دلماء الحنابلة أسلوبا ً خاصا ً فً ودظهم للخلفاء والسبلطٌن واألمراء‪ ،‬فالعمماء‬
‫الوعاظ كانوا سياسيين وحكماء ‪ ،‬وكانوا ٌددون إلى ربهم بالحكمة والمودظة الحسنة‪ ،‬وكانوا‬ ‫ّ‬
‫ٌعظون بالقول الرمٌق واألسلوب العاب‪ ،‬وأحٌانا ً بالشدة والترهٌب‪ ،‬فكانت الكلمة البلٌؽة‬
‫والقول الحسن مودظة لمن ٌددوا إلى الطرٌق السوي ( ٗ)‪ ،‬لالك كان لعلماء الحنابلة دور‬
‫بارز ومإثر فً ودظ الخلفاء والسبلطٌن ‪ ،‬ومد ركزت هال الموادظ دلى إزالة المنكرات‬
‫التً انتشرت فً المجتمع البؽدادي ‪ ،‬كما ركزت دلى ضرورة نشر العدل والتحاٌر من‬
‫مخاطر الظلم ودوامبه ‪ ،‬وتقدٌم المساددة للفقراء والمحتاجٌن ‪.‬‬

‫وحرص بعض دلماء الحنابلة دلى تقدٌم المودظة للخلفاء جهار ًا وإمام الناس‪ ،‬فهاا‬
‫الشٌخ دبد القادر الجٌلً‪ ،‬الاي درؾ بالشجادة فً مول الحق ومواجهة الخلفاء بالودظ‬
‫والتاكٌر‪ ،‬ففً دام (ٔٗ٘هـ‪ٔٔٗٙ/‬م)‪ ،‬ولى الخلٌفة المقتفً باهلل ٌحٌى بن سعٌد المعروؾ‬
‫بابن المرجم القضاء‪ ،‬فمضى األخٌر فً ظلم الرداٌا ومصادرة األموال وأخا الرشاوي‪ ،‬ولم‬
‫ٌستطع احد أن ٌجهر بمعارضته‪ ،‬ودندما كان الشٌخ دبد القادر دلى المنبر فً مجلس‬
‫الودظ‪ ،‬اؼتنم وجود الخلٌفة فً المسجد فودظ الخلٌفة وأنكر دلٌه تولٌة احد الظلمة فً‬
‫القضاء‪ ،‬فقال مخاطبا ً الخلٌفة‪ " :‬ولٌت دلى المسلمٌن أظلم الظالمٌن‪ ،‬وما جوابك ؼداً دند‬
‫رب العالمٌن " ‪ ،‬فارتعد الخلٌفة من هال المودظة وأمر بعزل القاضً ( ٘) ‪.‬‬

‫ومن أشهر دلماء الحنابلة الاٌن ودظوا السبلطٌن هو العالم دبد الرحمن ابن الجوزي‪،‬‬
‫فكان ٌحضر مجالس ودظه الملوك والخلفاء والوزراء ( ‪ ،)ٙ‬وكانت هال المجالس مناسبة لٌقدم‬
‫لٌقدم بها ابن الجوزي النصح ألصحاب السلطة وكان ٌقول‪ " :‬وأول من أهدٌت إلٌه النصابح‬
‫السلطان دام دزل‪ ،‬ألن فً صبلحه صبلح الخلق كله " ( ‪ ،)7‬والمتتبع لكتب الودظ التً ألفها‬

‫)ٔ) ابن دربً‪ ،‬محً الدٌن محمد بن دلً ‪ ،‬محاضرة األسرار ومسامرة األخٌار فً األدبٌات والنوادر‬
‫واألخبار‪ ،‬تحقٌق محمد دبد الكرٌم النمري‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪ (،‬بٌروت‪،)ٔ97ٔ ،‬جٔ‪ ،‬ص ٖ‪. ٕٙ‬‬
‫)ٕ) ٌزٌد الرماشً‪ ،‬هو ٌزٌد بن أبً الرماشً أبو دمرو البصري القاص الزاهد‪ ،‬روى دن أبٌه ودن أنس‬
‫مالك وآخرون‪ ،‬وروي دنه الكثٌر‪ ،‬توفً سنة(ٓٓٔ هجرٌة)‪ ،‬العسقبلنً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٓ9/ٔٔ ،‬‬
‫)ٖ) الطرطوشً‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ٕٔ ‪.‬‬
‫)ٗ) الخولً ‪،‬محمد دبد العزٌز‪ ،‬إصبلح الودظ الدٌنً‪ ،‬ط‪ ،7‬دار المعرفة للطبادة والنشر‪(،‬بٌروت‪،)ٔ9ٙ9،‬‬
‫والنشر‪(،‬بٌروت‪ ،)ٔ9ٙ9،‬ص ٖٔ ‪.‬‬
‫)٘) سبط ابن الجوزي‪ ،‬المصدر السابق ‪. ٕٙ٘/1 ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖ9٘/ٔ ،‬‬
‫)‪ )7‬ابن الجوزي‪ ،‬جمال الدٌن أبو الفرج دبدالرحمن دلً‪ ،‬المصباح المضًء فً خبلفة المستضًء‪ ،‬تحقٌق‬
‫تحقٌق ناجً دبدهللا إبراهٌم‪ ،‬طٔ‪ ،‬شركة المطبودات للتوزٌع والنشر‪ (،‬بٌروت‪ ،)ٕٓٓٓ ،‬ص ٕ‪. ٔٙ‬‬
‫ٓ‪1‬‬
‫ابن الجوزي ( ٔ) ‪ٌ ،‬جد أنه رسم للخلٌفة الطرٌق الاي من خبلله ٌستطٌع الخلٌفة إدارة شإون‬
‫الخبلفة ودلى األصعدة كافة ‪.‬‬
‫ومد تناول ابن الجوزي فً ودظه مواضٌع ددة منها شإون الحكم وسٌاسة الردٌة ‪،‬‬
‫فكان ٌحث الخلٌفة المس تضًء دلى العدل بٌن الردٌة والنصح لهم ‪ ،‬ومن الك موله‪ " :‬فإن‬
‫أدظم اللوازم االهتمام بالرداٌا ‪ ،‬والبحث دن أحوالهم والنظر فً مصالحهم " ( ٕ) ‪ ،‬ومال‬
‫أٌضا ً " ولٌعلم السلطان أن نصحه للرداٌا وددله ٌإثر فً األرض خصباً‪ ،‬وأن ؼشه لهم‬
‫وجورل ٌإثر جدبا ً " ( ٖ) ‪.‬‬

‫وكان ا بن الجوزي ٌطلب من الخلٌفة أن ٌظهر للناس بٌن الحٌن واآلخر ‪ ،‬وأن ٌسمح‬
‫للناس بالدخول إلٌه‪ ،‬فقال‪ " :‬وتسهٌل األان احفظ شًء للمملكة وأدون دلى العدل‪ ،‬وشدة‬
‫الحجاب بالعكس‪ ،‬ألن الردٌة ااا وثقت بسهولة الحجاب احجم العمال دن ظلم الرداٌا‪،‬‬
‫والعكس بالعكس " ( ٗ)‪ ،‬وبما أن العلماء ٌحرسون مقومات األمة الروحٌة حراسة الجٌش‬
‫لؤلرضٌن ( ٘) ‪ ،‬فقد حث ابن الجوزي الخلٌفة المستضًء دلى ضرورة مجالسة العلماء فقال‬
‫" وٌنبؽً للسلطان أن ال ٌخلً مجلسه من كبار العلماء " ( ‪. )ٙ‬‬

‫ومد تناول الشٌخ ابن الجوزي فً موادظه مواضٌع شتى فً أركان الشرٌعة اإلسبلمٌة‬
‫نحو العبادات والزهد وفً التاكٌر والنصح والترؼٌب فً طلب العلم وكان ٌحار من الظلم‬
‫وأخا حقوق الناس دون وجه حق ‪ ،‬كما تناول فً موادظه األمر بالمعروؾ والنهً دن‬
‫المنكر ( ‪ ،)7‬وؼٌرها الكثٌر ‪.‬‬

‫ضب الخلٌفة المقتفً باهلل دلى احد أفراد حاشٌته وأراد أن‬ ‫ومن هال الموادظ‪ ،‬دندما َؼ ِ‬
‫ٌعامبه‪ ،‬هرب هاا الرجل وادتقل أخال بدالً منه وصودرت أمواله ولم ٌسمحوا له بؤخاها إال‬
‫بعد أن ٌؤتً بؤخٌه‪ ،‬فاهب الك الرجل المظلوم إلى الشٌخ ابن الجوزي طالبا ً منه المساددة‪،‬‬
‫وبعد أن شرح له مصته‪ ،‬مال له الشٌخ‪ :‬ااا انقضى مجلس ودظً فقم إمامً حتى تاكرنً‪،‬‬
‫وكان الخلٌفة ٌسمع مجلس ابن الجوزي من خلؾ ستار‪ ،‬ولما انقضى مجلس الودظ مام الك‬
‫الرجل حتى رآل ابن الجوزي فؤنشد ماببلً ‪:‬‬

‫ُلب الفإاد‬
‫بانبِ الطرؾ ل َّم س َ‬ ‫أخبرٌنا ٌا سُعاد‬
‫مفً ث َّم ِ‬
‫جنى ِزٌد ب ِه َدمر ٌُقاد‬ ‫وايُّ َمضٌة َح َ‬
‫كمة إاا ما‬

‫)ٔ) ومن هال المإلفات المطبودة‪ ،‬المصباح المضًء‪ ،‬رإوس القوارٌر‪ ،‬المدهش وتاكرة الخواص‬
‫والقصاص والماكرٌن ‪.‬‬
‫)ٕ) ابن الجوزي‪ ،‬المصباح المضًء‪ ،‬ص ٖٖٕ ‪.‬‬
‫)ٖ) المصدر نفسه‪ ،‬ص ٕ٘ٗ ‪.‬‬
‫)ٗ) المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪. ٕٗ7- ٕٗٙ‬‬
‫)٘) الدلٌمً‪ ،‬الحنابلة فً بؽداد‪ ،‬ص ٖٗٔ ‪.‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن الجوزي‪ ،‬المصباح المضًء‪ ،‬ص ‪. ٕٔٙ‬‬
‫)‪ )7‬ابن الجوزي‪ ،‬صٌد الخاطر‪ ،‬ص ٖ‪. 97- 1‬‬
‫ٔ‪1‬‬
‫ومد ٌُستحسنُ الشًُ ء المُعاد‬ ‫ٌُعا ُد َحدٌثُكم َفٌزٌ ُد حُسنا ً‬

‫فسمع الخلٌفة مول ابن الجوزي ودلم المؽزى من الك ‪ ،‬فؤمر أن ٌعاد الحق إلى أهله‪،‬‬
‫فؤدٌد مال الرجل وفرح بالك ( ٔ) ‪.‬‬

‫إن توجه الرجل إلى ابن الجوزي ٌإكد مكانته دند الناس وٌإكد أٌضا ً ثقة الناس به وأنه‬
‫مادر دلى مضاء حوابج الناس وإدادة حقومهم‪ ،‬كما أن استجابة الخلٌفة السرٌعة لمطالب ابن‬
‫الجوزي تإكد دلو مكانته دند الخلٌفة ‪.‬‬

‫وٌقول ابن الجوزي دن أحد موادظه للخلٌفة المستضًء‪ " :‬تكلمت ٌوما ً تحت المنظرة‬
‫وأمٌر المإمنٌن حاضر‪ ،‬فبالؽت فً ودظه وملت ٌا أمٌر المإمنٌن أن تكلمت خفت منك وأن‬
‫سكت خفت دلٌك‪ ،‬فؤنا امدم خوفً دلٌك دلى خوفً منك لمحبتً لدوام أٌامك‪ ،‬إن مول القابل‬
‫اتق هللا خٌراً من مول القابل أنكم أهل بٌت مؽفور لكم "‪ ،‬ومد استشهد بقول الحسن البصري‬
‫( ٕ) ‪ " ،‬ل بن تصحب أمواما ً ٌخوفونك حتى تبلػ المؤمن خٌر من أن تصحب أمواما ً ٌإمنونك‬
‫حتى تبلػ المخاوؾ " ( ٖ) ‪.‬‬

‫وودظ الخلٌفة ٌوما ً ماببلً‪ٌ " :‬ا أمٌر المإمنٌن كان ٌوسؾ دلٌه السبلم ال ٌشبع فً زمان‬
‫مرمر أن شبتِ أوال‬
‫ِ‬ ‫القحط لببل ٌنسى الجٌاع ‪ ،‬وكان دمر ٌضرب بطنه دام الرمادة وٌقول‬
‫تقرمر ‪ ،‬فو هللا ال شبعت والمسلمون جٌاع "‪ ،‬فتصدق الخلٌفة المستضًء بصدمات كثٌرة‬ ‫ِ‬
‫( ٗ)‬
‫‪ ،‬وفً ٌوم داشوراء من سنة (ٗ‪٘7‬هـ‪ٔٔ71 /‬م)‪ ،‬كان‬ ‫واشبع الجٌاع واطلق المحبوسٌن‬
‫ابن الجوزي فً مجلس ودظ وكان الخلٌفة المستضًء حاضراً فودظه الشٌخ ومال له‪ٌ " :‬ا‬
‫أمٌر المإمن ٌن كن هلل سبحانه وتعالى مع حاجتك إلٌه ‪ ،‬كما كان لك فً ؼنال دنك ‪ ،‬إنه لم‬
‫ترض أن ٌكون أحد أشكر له منك " ( ٘) ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ٌجعل أحداً فومك فبل‬
‫إن موادظ ابن الجوزي ٌمكن د ّدها موادد وأصول ٌمكن أن ٌستنٌر بها الحكام فً حل‬
‫المشكبلت التً ٌواجهونها فً حكم الببلد‪ ،‬ألنه أخا تلك الموادظ من القرآن الكرٌم والسنة‬
‫النبوٌة ( ‪ ، )ٙ‬وكانت تحقق تلك الموادظ ؼاٌاتها ‪ ،‬فتإثر فً نفس الحاكم والسلطان ‪.‬‬
‫ودلى الرؼم من أن دلماء الحنابلة كانوا ٌعظون الخلفاء بطرٌقة مباشرة ‪ ،‬إال أن‬
‫بعضهم كان ٌعض بطرٌقة ؼٌر مباشرة ومن هإالء‪ ،‬العالم الحنبلً دبد المؽٌث بن زهٌر‬

‫)ٔ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗ1ٔ/ٕ ،‬‬


‫)ٕ) الحسن البصري‪ ،‬هو الحسن بن ابً الحسن البصري‪ ،‬ابو سعٌد مولى زٌد بن ثابت‪ ،‬ومٌل مولى جابر‬
‫بن دبدهللا‪ ،‬اإلمام الفقٌه المشهور‪ ،‬احد التابعٌن الكبار و إمام اهل البصرة توفً سنة (ٓٔٔهـ‪7ٕ9/‬م)‪ ،‬ابن‬
‫كثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٖٓ- ٕٕٗ/9 ،‬‬
‫)ٖ) سبط ابن الجوزي ‪ ،‬المصدر السابق ‪.ٖٔٓ/ٕٕ ،‬‬
‫)ٗ) المصدر نفسه‪. ٖٔٓ/ٕٕ ،‬‬
‫)٘) ابن الجوزي ‪ ،‬المنتظم‪.ٕٖٗ/ٔ1 ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن الجوزي‪ ،‬المصباح المضًء‪ ،‬المقدمة‪ ،‬ص ٖٔ ‪.‬‬
‫ٕ‪1‬‬
‫الحربً ( ٔ)‪( ،‬ت ٖ‪٘1‬هـ‪ٔٔٗ7/‬م) ‪ ،‬كان من الصالحٌن‪ ،‬زارل الخلٌفة الناصر لدٌن هللا‬
‫الشٌخ ولم ٌُعلم الخلٌفة أنه ٌعرفه‪ ،‬فسؤله الخلٌفة دن ٌزٌد ٌُلعن أم ال ‪ ،‬فقال الشٌخ ال أسوغ‬
‫لعنه ‪ ،‬ألنً لو فتحت هاا الباب ألفضى الناس إلى لعن خلٌفتنا ‪ ،‬فقال الخلٌفة ولِ َم ‪ ،‬مال الشٌخ‬
‫ألنه ٌفعل أشٌاء منكرة كثٌرة منها كاا وكاا ‪ ،‬ثم أخا ٌعدد دلى الخلٌفة أفعاله القبٌحة وما ٌقع‬
‫( ٕ)‬
‫منه من المنكر لٌنزجر دنها ‪ ،‬فتركه الخلٌفة وخرج من دندل ومد أثر كبلمه فٌه وانتفع به‬
‫‪.‬‬

‫ومن هإالء أبو سعد المعمر بن البقال ( ٖ)‪( ،‬ت‪٘ٓٙ‬هـ‪ٕٔٔٔ/‬م)‪ ،‬كان له الكثٌر من‬
‫الموادظ البلٌؽة‪ ،‬وكان ٌحصل بودظة نفعا ً كثٌراً‪ ،‬فقد ودظ أبو سعد الخلٌفة المستظهر باهلل‬
‫( ٗ)‬
‫(‪ٕ٘ٔ- ٗ17‬هـ‪ٔٔٔ1- ٔٓ9ٗ/‬م)‪ ،‬فقال له‪ " :‬أهون ما دندل أن ٌجعل لك أبواب العرابص‬
‫توابٌت "‪ ،‬وبعد ما ودظه طلب منه أزالة المنكرات فوافق الخلٌفة دلى مطالبه ( ٘)‪ ،‬وودظ‬
‫أبو سعد الوزٌر السلجومً نظام الملك بجامع المهدي‪ ،‬فقال له‪ " :‬لما تقلدت أمور الببلد‬
‫وملكة أزمة العباد‪ ،‬اتخات األبواب والبواب والحِجاب والحُجّاب لٌصدوا دنك القاصد‪،‬‬
‫وٌردوا دنك الوافد‪ ،‬فؤدمر مبرك كما دمرت مصرك‪ ،‬وأنتهز الفرصة ما دام الدهر ٌقبل‬
‫دارك " ( ‪ ، )ٙ‬ثم اكرل بعدل بعض ملوك األرض وهم دلى ؼٌر دٌن اإلسبلم وكٌؾ كانوا‬
‫ٌؤخاون الحق للمظلوم وٌحاسبون الظالم‪ ،‬ومال‪ " :‬وأنت ٌا صدر اإلسبلم احق بهال المؤثرة‬
‫وأولى بهال وأحرى‪ ،‬فؤدد جوابا ً لتلك المسؤلة فإن السابل هللا تعالى " ( ‪ ،)7‬فلما سمع نظام‬
‫الملك هال المودظة رق ملبه وبكى بكاءً شدٌداً‪ ،‬وأمر له بمابة دٌنار فرفض الك المال‪ ،‬ومال‪:‬‬
‫" أنا فً ضٌافة أمٌر المإمنٌن ‪ ،‬ومن ٌكن فً ضٌافة أمٌر المإمنٌن ٌقبح دلٌه أن ٌؤخا‬
‫دطاء ؼٌرل "‪ ،‬ثم طلب منه الوزٌر أن ٌفرق هال األموال دلى فقراء المسلمٌن فرفض الك‬
‫أٌضا ً ومال‪ " :‬هم دلى بابك أكثر منهم دلى بابً " ( ‪. )1‬‬

‫ودلى الرؼم من حرص السبلطٌن السبلجقة دلى ترسٌخ العبلمة وإدامتها مع دلماء‬
‫الحنابلة والتودد والتقرب إلٌهم‪ ،‬إال أن هإالء العلماء لم ٌكونوا من المداهنٌن فً أمر الردٌة‬

‫)ٔ) دبد المؽٌث بن زهٌر بن دلوي الحربً‪ ،‬المحدث الزاهد أبو العز بن أبً حرب ‪ ،‬ولد سنة‬
‫(ٓٓ٘هـ‪ٔٓ7ٕ/‬م)‪ ،‬وله مصنؾ فً فضل ٌزٌد بن معاوٌة أتى فٌه بالؽرابب والعجابب‪ ،‬ابن رجب‪ ،‬المصدر‬
‫السابق‪. ٖٓٗٙ- ٖٗ٘/ٕ ،‬‬
‫)ٕ) ابن كثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪ ٖٕ1/ٕٔ ،‬؛ ومد أورد ابن رجب رواٌة أخرى ٌقول فٌها‪ :‬إن الخلٌفة الناصر‬
‫سؤل دبد المؽٌث مال له‪ " :‬أنت الذي صنف مناقب ٌزٌد‪ ،‬فقال‪ :‬معاذ هللا أن أقول له مناقب‪ ،‬ولكن من‬
‫مذهبً أن الذي هو خلٌفة المسلمٌن أذا طرأ علٌه فسق ال ٌوجب خلعه‪ ،‬فقال الناصر‪ :‬أحسنت ٌا حنبلً "‬
‫‪ ،‬واستحسن منه هاا الكبلم وادجب به ؼاٌة األدجاب‪ ،‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٗٙ- ٖٗ٘/ٕ،‬‬
‫)ٖ) أبو سعد المعمر هو المعمر بن دلً بن المعمر بن أبً دمامة البقال البؽدادي‪ ،‬المعروؾ برٌحانة بؽداد‪،‬‬
‫الفقٌه والوادظ‪ ،‬ولد سنة (‪ٕٗ9‬هـ‪ ٖٔٓ1/‬م)‪ ،‬سمع من أبً ؼٌبلن‪ ،‬وأبً محمد الخبلل والجوهري وؼٌرهم‪،‬‬
‫ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٗ9/ٔ ،‬‬
‫)ٗ) العرابص ‪ :‬هو الخشب الاي ٌوضع دلى ا لبٌت درضا ً إاا أرادوا تسقٌفه ‪ ،‬ابن منظور ‪ ،‬المصدر السابق‬
‫السابق ‪. ٕ٘/7 ،‬‬
‫)٘) ابن رجب ‪،‬المصدر السابق‪. ٕٗ1/ٔ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬المصدر نفسه‪. ٕ٘ٔ/ٔ ،‬‬
‫)‪ )7‬ابن العماد الحنبلً‪ ،‬المصدر السابق ‪. ٕ٘/ٙ ،‬‬
‫)‪ )1‬ابن العماد الحنبلً ‪،‬المصدر السابق‪ٕ٘/ٙ ،‬‬
‫ٖ‪1‬‬
‫وحقومهم‪ ،‬بل دلى العكس‪ ،‬كلما تقرب السبلطٌن منهم ازدادوا شدة فً ودظهم وتنبٌههم ‪،‬‬
‫ومن الك ما اكرل الاهبً‪ ،‬أن السلطان مسعود لما دخل بؽداد كان ٌحب زٌارة العلماء‬
‫والصالحٌن‪ ،‬فؤرسل إلى الشٌخ أحمد بن أبً ؼالب المعروؾ بابن الطبلٌة‬
‫(ت‪٘ٗ1‬هـ‪ٖٔٔ٘/‬م)‪ٌ ،‬طلبه ( ٔ) ‪ ،‬ومد كان الشٌخ ابن الطبلٌة كثٌر العبادة ‪ ،‬وكان متقلل من‬
‫الدنٌا حتى مٌل فٌه‪ :‬أنه لم ٌكن فً زمنه ادبد منه ( ٕ)‪ ،‬فرفض الشٌخ الاهاب إلى السلطان‪،‬‬
‫فقال مسعود‪ " :‬أنا أولى بالمشً إلٌه " فزارل فوجدل ٌصلً وكان ٌطٌل فً صبلته‪ ،‬ودندما‬
‫اخبرل الخادم بوجود السلطان‪ ،‬مال الشٌخ‪ٌ " :‬ا مسعود اددل واددو لً " ودلى الرؼم من‬
‫بساطة هال الكلمات إال أنها كان لها ومع فً ملب السلطان مسعود‪ ،‬فؤمر بإلؽاء المكوس‬
‫والضرابب وتاب توبة صادمة ( ٖ) ‪.‬‬
‫كما كان أبو الفرج دبد الرحمن بن ٌوسؾ بن الجوزي من الوداظ‪ ،‬ومد حضر األمٌر‬
‫سلٌمان ابن نظام الملك مجلس أبً الفرج ‪ ،‬فودظه الشٌخ مودظة جعلته ٌخرق ثٌابه وٌكشؾ‬
‫رأسه ‪ ،‬ومام وأشهد الوادظ والجمادة أنه مد ادتق جمٌع ما ٌملكه من رمٌق ‪ ،‬وومؾ أمبلكه‬
‫وخرج من جمٌع ما ٌملكه ( ٗ) ‪.‬‬

‫إن دلماء الحنابلة أدوا دوراً كبٌراً ومإثراً فً ودظهم للخلفاء‬ ‫مما سبق ٌمكن القول‪:‬‬
‫كان من نتابج الك الودظ أن أُدٌُدت الكثٌر من الحقوق ألهلها ‪،‬‬ ‫والوزراء والسبلطٌن ‪ ،‬ومد‬
‫فً مضاء حوابج الناس ‪ ،‬وتقدٌم المساددة لهم ‪ ،‬وأنصاؾ‬ ‫فكان هإالء العلماء سببا ً‬
‫المظلومٌن وأحقاق الحقوق ‪.‬‬

‫الفصل الثالث‬
‫الدور الفكري واالجتماعً للحنابلة فً بغداد‬
‫المبحث األول‬
‫الدور الفكري للحنابلة فً بغداد‬
‫)ٔ )‬
‫تارٌخ اإلسبلم ‪. ٗ9٘ /ٖ7 ،‬‬
‫)ٕ )‬
‫ابن ا لعماد الحنبلً‪ ،‬المصدر السابق‪. 9ٗٔ/ٙ ،‬‬
‫)ٖ )‬
‫الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم ‪ ٗ9٘/ٖ7 ،‬؛ محٌمٌد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ٕ‪. ٔ7‬‬
‫)ٗ )‬
‫ابن الفوطً‪ ،‬الحوادث الجامعة ‪ ،‬ص ٖ٘ٔ ‪.‬‬
‫ٗ‪1‬‬
‫شهدت بؽداد فً هال الحقبة صرادا ً فكرٌا ً بٌن مختلؾ المااهب اإلسبلمٌة ‪ ،‬ومد دمل‬
‫أصحاب كل ماهب من تلك المااهب دلى الظهور بصفتهم األكثر شعبٌة ‪ ،‬وأصحاب الٌد‬
‫الطولى فً بؽداد ‪ ،‬ومد استخدم هإالء الجانب العلمً من أجل التروٌج ألفكارهم ونشرها ‪ ،‬فقد‬
‫ركزت جمٌع تلك المااهب دلى المإسسات التعلمٌة منها المساجد والمدارس ‪ ،‬وادتمدوا أٌضا ً‬
‫دلى التؤلٌؾ فً سبٌل تحقٌق أهدافهم ونشر ماهبهم ‪ ،‬ولم ٌكن دلماء الحنابلة بمنؤى دن الك‬
‫ً‬
‫خاصة بعد أن أصبح لهم مإسساتهم التعلٌمٌة الخاصة بهم والتً كان لها تؤثٌر كبٌر‬ ‫الصراع‬
‫دلى الحٌاة الفكرٌة فً بؽداد ‪ ،‬ومن مظاهر النشاط العلمً والفكري لعلماء الحنابلة ‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬التدرٌس فً المساجد‬


‫كان المسجد هو األنمواج األمثل للمإسسة التعلٌمٌة فً اإلسبلم وأدظمها تقدٌر ًا وارفعها‬
‫منزلة ( ٔ) ‪ ،‬فقد جمع بٌن دبادة الصبلة ومهمة التعلٌم طوال التارٌخ اإلسبلمً ( ٕ) وهو المركز‬
‫الاي انطلقت منه الحركة الفكرٌة اإلسبلمٌة مبل ظهور المدارس وبعد ظهورها ( ٖ)‪ ،‬ودلى الرؼم‬
‫من أن بعض الباحثٌن اهبوا إلى أن المسجد انحسر دورل فً الفترة التً أدقبت ظهور‬
‫المدارس‪ ،‬أي فً النصؾ الثانً من القرن الخامس الهجري‪/‬العاشر مٌبلدي‪ ،‬بل أن بعضهم مال‪:‬‬
‫إن حلقات الدرس انتقلت إلى المدارس بحجة أن اتساع تلك الحلقات واألصوات المنطلقة منها‬
‫بسبب المنامشات والحوارات القابمة بٌن اهل العلم أصبحت تإاي المصلٌن وتمنع العبادة ( ٗ)‪،‬‬
‫وبحسب رأي هإالء فهاا هو السبب الاي أدى إلى نقل حلقات العلم من المسجد إلى المدرسة‪،‬‬
‫وهاا الرأي خاطا ‪ ،‬ألن التعلم وجلوس العلماء للدرس فً المساجد الجامعة أو المساجد الخاصة‬
‫لم ٌكن ٌجري فً ومت إمامة الصبلة ( ٘) ‪ ،‬والك الن األساتاة وطلبتهم ٌشتركون فً الصبلة ومن‬
‫ؼٌر المعقول استمرارهم بالدرس أثناء الصبلة ‪.‬‬
‫وبخصوص الفرق بٌن المدرسة والمسجد بوصفهما مإسستٌن تعلٌمٌتٌن ٌقول‪ :‬مقدسً إن‬
‫ا لمدرسة دلى خبلؾ المسجد كانت موجهة للدراسات الفقهٌة ‪ ،‬أما المواد األخرى نحو الحدٌث‬
‫والنحو ودلوم القرآن األخرى فلم تكن إال مواد تكمٌلٌة ( ‪ ، )ٙ‬ومد اكر ابن الحاج األسباب التً‬
‫دفعت العلماء إلى تفضٌل المساجد للتدرٌس فقال‪ " :‬ال ٌخلو موضع التدرٌس من ثبلثة أحوال ‪:‬‬
‫إما أن ٌكون بٌتا ً أو مدرسة أو مسجداً‪ ،‬وأفضل مواضع التدرٌس المسجد ‪ ،‬ألن الجلوس‬
‫للتدرٌس إنما فابدته أن تظهر به سنة أو تخمد به بددة أو ٌتعلم به حكم من أحكام هللا دلٌنا‪،‬‬

‫)ٔ) مقدسً ‪ ،‬جورج ‪ ،‬نشؤة الكلٌات ومعاهد العلم دند المسلمٌن وفً الؽرب‪ ،‬نقله إلى العربٌة محمود سٌد محمد‪،‬‬
‫طٔ‪ ،‬مدارات لؤلبحاث والنشر‪( ،‬مصر‪ ،) ٕٓٔ٘ ،‬ص ٗ‪. 1‬‬
‫)ٕ) دبلل‪ ،‬خالد ك بٌر ‪ ،‬الحركة العلمٌة الحنبلٌة وأ ثرها فً المشرق اإلسبلمً خبلل القرنٌن السادس والسابع‬
‫الهجرٌٌن ‪ٖٔ- ٕٔ/‬م‪ ،‬د‪.‬ط ‪ ،‬مإسسة الوراق للنشر والتوزٌع‪(،‬االردن‪ ،)ٕٓٔٙ،‬ص‪. ٔ1‬‬
‫)ٖ) األلوسً‪ ،‬محمود شكري‪ ،‬تارٌخ مساجد بؽداد وأثارها‪ ،‬تهاٌب محمد بهجت األثري‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬مطبعة دار‬
‫اإلسبلم‪(،‬بؽداد ‪ٖٔٗٙ،‬هـ)‪ ،‬ص ٕٗ ‪.‬‬
‫)ٗ) فكري‪ ،‬أحمد ‪ ،‬مساجد القاهرة ومدارسها ‪،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار المعارؾ‪(،‬مصر‪ ،)ٔ9ٙ٘ ،‬جٕ‪ ،‬صٗ٘ٔ ‪.‬‬
‫)٘) الخطٌب البؽدادي ‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕ٘ٙ/ٖٔ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬نشؤة الكلٌات‪ ،‬ص٘‪1‬‬

‫٘‪1‬‬
‫والمسجد الاي ٌحصل فٌه هاا الفرض متوفر ألنه موضع الناس رفٌعهم ووضٌعهم ودالمهم‬
‫وجاهلهم‪ ،‬بخبل ؾ البٌت فؤنه محجور دلى الناس إال من أبٌح له الك ألناس مخصوصٌن‪ ،‬وان‬
‫كان العالم مد أباح بٌته لكل من أتى لكن جرت العادة أن البٌوت تحترم وتهاب‪ ،‬فكان المسجد‬
‫أولى ألنه أهم فً توصٌل األحكام وتبلٌؽها إلى األمة‪ ،‬وأن المدرسة ال ٌدخلها فً الؽالب أال‬
‫( ٔ)‬
‫آحاد الناس بالنس بة للمسجد‪ ،‬الن لٌس كل الناس ٌقصد المدرسة و أنما ٌقصد أدمهم المسجد "‬
‫( ٕ)‬
‫‪ ،‬كما أن حرٌة التعلٌم فً المساجد خاصة العامة منها شجعت العلماء دلى دقد مجالسهم فٌها‬
‫‪،‬أما المساجد الجامعة فٌوجد فٌها نوع من التقٌٌد‪ ،‬وٌقول ابن خلدون بهاا الصدد‪ " :‬وللمدرس‬
‫االنتصاب ل تعلٌم العلم وبثه والجلوس لالك فً المساجد فإن كانت من المساجد العظام التً‬
‫للسلطان الوالٌة دلٌها أو النظر فً أبمتها ‪...‬فبلبد من استباا نه فً الك ‪ ،‬وان كانت من مساجد‬
‫العامة فبل ٌتومؾ الك دلى أان ‪ ،‬دلى أنه ٌنبؽً أن ٌكون لكل احد من المفتٌن والمدرسٌن‬
‫زاجر من نفسه ٌمنعه من التصدي لما لٌس له بؤهل ‪ ،‬فٌدل به المستهدي وٌظل به المسترشد "‬
‫( ٖ) ‪.‬‬
‫كما أن للتعلم فً المساجد فوابدَ ددٌد ًة للعالم والمتعلم‪ ،‬فالعالم ٌستطٌع أن ٌدرس ما ٌشاء وما‬
‫ٌرال ضرورٌاً‪ ،‬كما أن معظم العلماء ٌجلسون فً المساجد تقربا ً هلل تعالى‪ ،‬أما طلبة العلم فلهم‬
‫حرٌة اختٌار العالم والحلقة التً ٌرٌدونها‪ ،‬لالك كانوا ٌتنقلون من حلقة إلى أخرى ومن مسجد‬
‫إلى آخر ( ٗ) ‪ ،‬ومد أكدت المصادر التارٌخٌة أن ددد الاٌن تلقوا دلومهم فً المدارس كانوا ملة‬
‫ملٌلة مٌاسا ً بالاٌن تلقوا دلومهم فً المساجد‪ ،‬وهاا ما اكرل أحمد شلبً فً موله‪ :‬إن ددد‬
‫طبلب الحلقة فً المسجد كان دلى العموم أكثر من دددهم فً المدرسة ‪،‬إا كان المسجد مفتوحا ً‬
‫للجمٌع وكان ددد طبلب الحلقة فٌه ؼٌر محدد‪ ،‬ومن هنا كانت حلقات المشاهٌر من الشٌوخ‬
‫تشمل مبات من الطبلب ‪ ...‬وان تركنا المسجد واهبنا إلى المدرسة وجدنا أمام المدرسة ددداً‬
‫معٌنا ً من الطبلب ‪ ...‬ملٌبلً جداً بالقٌاس إلى ددد الطبلب فً حلقات المسجد ( ٘) ‪.‬‬
‫فضبلً دن الك هناك سبب آخر جعل المساجد تستقبل أددادا أكبر من المدارس وهو أن‬
‫المدارس التً ظهرت فً النصؾ الثانً من القرن الخامس ومنها المدرسة النظامٌة ومدرسة‬
‫أبً حنٌفة ‪،‬كا نت مدارس خاصة بمااهب معٌنة‪ ،‬فالنظامٌة تدرس الماهب الشافعً فً الفقه‬
‫وأصول الفقه‪ ،‬وشرط من شروط أساتاتها أن ٌكون شافعٌا ً وكالك المدرسة الحنفٌة فان من‬
‫شروطها تدرٌس الماهب الحنفً دون ؼٌرل من المااهب‪ ،‬وهاا من األسباب التً دفعت طلبة‬
‫العلم للتوجه للمساجد التً ال ت تقٌد بتدرٌس ماهب معٌن ( ‪ ،)ٙ‬وٌمكن االستدالل دلى ما اكرنال ان‬
‫ان شرط نظام الملك دلى من ٌدرس فً المدرسة النظامٌة أن ٌكون شافعٌا ً من خبلل ما اكرل‬
‫ابن الجوزي فً موله‪ " :‬وفً كتاب شرطه أنها ومؾ دلى أصحاب الشافعً أصبلً وفرداً‪،‬‬

‫)ٔ) محمد بن محمد بن الحاج ‪ ،‬مدخل الشرع الشرٌؾ ‪ ،‬مخطوط إدارة المخطوطات والمكتبات اإلسبلمٌة‬
‫بوزارة األوماؾ الكوٌتٌة ‪ ،‬رمم (‪ ، )٘ٔ7‬نسخة مكتبة تشستر بٌتً ‪ ،‬الورمة ( ‪. )ٕ9‬‬
‫)ٕ) هونكه‪ ،‬زٌؽرٌد‪ ،‬شمس العرب تسطع دلى الؽرب (اثر الحضارة العربٌة فً اوربه)‪ ،‬نقله دن األلمانٌة‬
‫فاروق بٌضون وكمال ادسومً‪ ،‬ط‪ ، 1‬دار الجٌل ودار األفاق الجدٌدة‪(،‬بٌروت‪ ،)ٔ99ٖ،‬ص‪. ٖ97‬‬
‫)ٖ) المقدمة‪. ٔ1ٓ/ٕ ،‬‬
‫)ٗ) األصفهانً‪ ،‬األؼانً ‪ ٕٗ٘/٘،‬؛هونكه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. ٖ917‬‬
‫)٘) شلبً‪ ،‬أحمد ‪ ،‬التربٌة اإلسبلمٌة‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار الكشاؾ للنشر والطبادة‪(،‬القاهرة‪ ،)ٔ9٘ٗ ،‬ص‪. 11‬‬
‫)‪ )ٙ‬مقدسً‪ ،‬جور ج‪ ،‬اإلسبلم الحنبلً‪ ،‬ترجمة سعود المولى‪،‬طٔ ‪ ،‬الشبكة العربٌة لؤلبحاث والنشر‪(،‬بٌروت‪،‬‬
‫‪ ،)ٕٓٔ7‬صٗ٘ ‪.‬‬
‫‪1ٙ‬‬
‫وكالك األمبلك الومفٌة دلٌها شرط فٌها أن ٌكون دلى أصحاب الشافعً أصبلً وفرداً‪ ،‬وكالك‬
‫شرط فً المدرس الاي ٌكون بها والوادظ الاي ٌعظ بها ومتولً الكتب " ( ٔ)‪ ،‬وهاا النص ٌإكد‬
‫أن المدارس فً بدء نشؤتها كانت متخصصه بنوع من فروع العلم وهو الفقه‪ ،‬ودلى الطلبة‬
‫الملتحقٌن بالمدارس النظامٌة أن ٌدرسوا دلوما ً أخرى وٌتقنوا أصولها ومواددها السٌما اللؽة‬
‫العربٌة والقرآن ( ٕ) ‪ ،‬وهال العلوم مكانها فً المساجد التً ال ٌقتصر التدرٌس فٌها دلى مدرس‬
‫واحد أو ماهب واحد‪ ،‬إا تتعدد فٌها الحلقات العلمٌة لمختلؾ العلوم والمعارؾ ( ٖ) ‪.‬‬
‫ودلى هاا األساس د ّد أحد الباحثٌن أن األثر العلمً للمدرسة ٌعد امتداداً لدور المسجد‪ ،‬بل‬
‫تداخل وظٌفة المدرسة أول ظهورها ولفترة تصل إلى مرن ونصؾ بوظٌفة المسجد ( ٗ)‪ ،‬الك أن‬
‫مثل هكاا تجربة حضارٌة جدٌدة البد لها أن تمر بطور من النمو واالرتقاء والتطور‪ ،‬فٌتطلب‬
‫األمر فترة زمنٌة حتى ٌكتمل هٌكلها العام ومواددها التً تقوم دلٌه‪ ،‬كما ٌظهر هاا التداخل‬
‫واضحا ً من خبلل نظام التدرٌس الاي ادتمدت دلٌه المدارس النظامٌة فً بؽداد‪ ،‬إا ادتمدت‬
‫دلى نظام الدرس الموجود فً المسجد (الحلقة) وكان هاا النظام سابداً فً مدارس بؽداد كافة‬
‫( ٘)‪ ،‬وظل مطبقا ً فً الدراسة إلى ما بعد العصر العباسً‪ ،‬إا وصؾ ابن بطوطة نظام التدرٌس‬
‫فً المدرسة المستنصرٌة دندما زارها فً النصؾ األول من القرن الثامن الهجري‪ /‬الرابع‬
‫دشر مٌبلدي‪ ،‬فقال دنها‪ " :‬إن المدرس ٌجلس دلى كرسً ودلى ٌمٌنه وٌسارل معٌدان ٌعٌدان‬
‫ما ٌملٌه دلى طلبته وهم ٌتحلقون حوله " ( ‪ ،)ٙ‬وهاا ٌإكد أثر المسجد الواضح بالنسبة للمدرسة‬
‫ونشاطها الفكري‪ ،‬مما ٌدل دلى سٌادة دور المسجد واستمرارل بوصفه مركزاً دلمٌا ً أساسٌا ً‬
‫مهما ً ‪.‬‬
‫وكان الحنابلة كبامً المااهب اإلسبلمٌة األخرى لهم مساجدهم الخاصة بهم فً بؽداد والتً‬
‫كان لها دور إٌجابً فً محاربة األفكار المنحرفة ونشر ماهب االدتدال والوسطٌة خاصة فً‬
‫القرنٌٌن السادس والسابع الهجرٌٌن ‪ ،‬ومن هال المساجد ‪:‬‬
‫ٔ ‪ -‬مسجد ابن جردل‪:‬ـ هو المسجد الاي بنال أبو دبدهللا بن جردة ( ‪( )7‬ت‪ٗٙ7‬هـ‪ٔٓ1ٖ/‬م)‪ ،‬وهو‬
‫ممن اشتهر فً بناء المساجد ‪ٌ ،‬قول الدبٌثً‪ " :‬بنى مساجد وومؾ دلٌها وموفا ً كثٌرة " ( ‪ ،)1‬ومد‬
‫اشت مل هاا المسجد دلى مجمودة من الدور الصؽٌرة‪ ،‬حتى بدت كؤنها محلة مابمة بااتها‪ ،‬ومد‬
‫وصفها ابن الجوزي بقوله‪ " :‬كانت تشتمل دلى ثبلثٌن داراً ودلى بستان‪ ،‬وحمام ‪ ،‬ولها بابان "‬

‫)ٔ) المنتظم‪. ٖٓٗ/ٔٙ ،‬‬


‫)ٕ) الزرن وجً‪ ،‬برهان اإلسبلم‪ ،‬تعلٌم المتعلم طرق التعلٌم‪ ،‬تحقٌق محمد دبد القادر أحمد‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬مطبعة‬
‫السعادة‪ (،‬القاهرة‪ ،)ٔ91ٙ ،‬ص ‪. ٔٗ9‬‬
‫)ٖ) فكري‪ ،‬المرجع السابق‪. ٔ٘٘/ٕ ،‬‬
‫)ٗ) رإوؾ‪ ،‬مدارس بؽداد‪ ،‬صٓٔ‬
‫)٘) المرجع نفسه‪ ،‬صٕٓ ‪ٕٔ -‬‬
‫)‪ )ٙ‬محمد بن دبدهللا بن محمد بن إبراهٌم‪ ،‬رحلة ابن بطوطة المسماة تحفة الناظر فً ؼرابب األمصار ودجابب‬
‫ودجابب األسفار‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬أكادٌمٌة المملكة المؽربٌة‪(،‬الرباط‪ٔٗٔ7 ،‬هـ)‪ ،‬جٕ‪ ،‬صٗ‪. ٙ‬‬
‫)‪ )7‬ابن جرد ة هو أبو نصر بن أبً دبدهللا بن جردة‪ ،‬واصله من دبكرا ‪ ،‬كان من المٌسورٌن ببؽداد درؾ دنه‬
‫كثرة الصدمة ‪ ،‬وإلٌه ٌنسب مسجد ابن جردة وخرابة ابن جردة‪ ،‬ابن األثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٗ9/1 ،‬‬
‫)‪ )1‬اٌل تارٌخ بؽداد‪. 1ٓ/ٖ ،‬‬

‫‪17‬‬
‫( ٔ)‪ ،‬وله مسجد آخر بنهر المعلى ( ٕ) ‪ ،‬ومد اشتهر ابن جردة بعلمه‪ ،‬فقد كان ٌدرّ س فٌه دلم‬
‫القراء ات‪ ،‬وختم فٌه آالؾ الطبلب القرآن الكرٌم ( ٖ)‪ ،‬ومد أم فً هاا المسجد ثبلثة من كبار مراء‬
‫مراء الحنابلة‪ ،‬أولهم سبط ابن منصور الخٌاط(تٔٗ٘هـ‪ٔٔٗٙ/‬م)‪ ،‬إا أمرى فٌه القرآن الكرٌم‬
‫بضعا ً وخمسٌن سنة ( ٗ) ‪ ،‬والثانً أبو المظفر أحمد بن أحمد(ت ‪٘7ٙ‬هـ‪ٔٔ1ٓ/‬م)‪ ،‬ومد مصدل‬
‫الناس لسماع مراءته فً صبلة التراوٌح ( ٘) ‪ ،‬والثالث فخر الدٌن أبو الفوارس حماد بن‬
‫مزٌد(ت‪٘9ٙ‬هـ‪ٔٔ99/‬م)‪ ،‬كان دالما ً بالقراءات‪ ،‬وكان حسن الصوت والتجوٌد ( ‪. )ٙ‬‬
‫ودلى الرؼم من أن المصادر التارٌخٌة لم تحدد سنة بناء هاا المسجد إال أنه ٌمكن ادراك‬
‫دور هاا المسجد فً الحركة الفكرٌ ة من خبلل الكتب النادرة التً حوتها المكتبة والتً ٌعود‬
‫الفضل فً وجودها إلى دلً بن الحسٌن بن هبة هللا المعروؾ بابن دساكر(تٔ‪٘7‬هـ‪ٔٔ7٘/‬م)‬
‫صاحب تارٌخ دمشق‪ ،‬الاي أومؾ كتبه فً هاا المسجد ( ‪ ،)7‬ونظراً لؤلهمٌة العلمٌة لمصنفات ابن‬
‫ابن دساكر ومإلفاته الكثٌرة فً مختلؾ العلوم والتً نالت شهرة واسعة بٌن العلماء ( ‪ٌ ،)1‬مكن‬
‫ادراك القٌمة العلمٌة لمكتبة ابن جردة‪ ،‬وانعكاسها دلى دور المسجد فً الحركة الفكرٌة الحنبلٌة‬
‫فً بؽداد ‪.‬‬
‫ٕ ‪ -‬مسجد ابن شافع ‪:‬ـ وهو من مساجد الحنابلة المهمة بنال الفقٌه الحنبلً أبو جعفر بن أبً‬
‫موسى العباسً(تٓ‪ٗ7‬هـ‪ٌ ،)ٔٓ7٘/‬قع هاا المسجد بسكة الخرمً بباب البصرة بالجانب الؽربً‬
‫من بؽداد ( ‪ ، )9‬وبعد وفاة أبً جعفر تولى هاا المسجد أبو المعالً صالح بن شافع‬
‫الجٌلً(تٖٗ٘هـ‪ ،)ٔٔٗ1/‬وظل ٌإ ُّم الناس فٌه حتى نسب إلٌه ( ٓٔ)‪ ،‬وح ّدث فً هاا المسجد وأ َّم‬
‫فٌه محمد بن أحمد الجٌلً(ت‪ٕٙ7‬هـ‪ ،)ٕٕٔ9/‬واستمر فً هاا المسجد إلى آخر دمرل ( ٔٔ) ‪.‬‬
‫ٖ ‪ -‬مسجد أبً المظفر ‪:‬ـ بنال للحنابلة أبو المظفر محمد بن أحمد العباسً(ت٘٘٘هـ‪ٔٓٙٓ/‬م)‪،‬‬
‫كان مسجداً جامعا ً خطب فٌه صاحبه ( ٕٔ) ‪.‬‬
‫ٗ ‪ -‬مسجد ابن حمدي‪:‬ـ اخا هاا المسجد اسمه من اسم أمامه األول أبً الفرج بن حمدي‬
‫البؽدادي(ت‪ٖ٘ٙ‬هـ‪ٕٔٔٗ/‬م)‪ ،‬الاي الزم هاا المسجد إلى أن توفً ( ٖٔ)‪ ،‬كما تولى إمامة هاا‬

‫)ٔ) المنتظم‪. ٕٖٖ/ٔٙ ،‬‬


‫)ٕ) نهر المعلى‪ :‬هً اشهر محلة من محال بؽداد وفٌها دار الخبلفة المعظمة‪ٌ ،‬اموت الحموي‪ ،‬معجم البلدان‪،‬‬
‫٘‪. ٖٕٗ/‬‬
‫)ٖ) ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪ ٔٓ/9 ،‬؛ابن مفلح‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٗ٘/ٕ ،‬‬
‫)ٗ) الاهبً‪ ،‬سٌر‪. ٖٔٔ/ٕٓ ،‬‬
‫)٘) الاهبً‪ ،‬المختصر المحتاج إلٌه‪ ،‬ص ‪. 99‬‬
‫)‪)ٙ‬ابن مفلح ‪،‬المصدر السابق‪. ٖٗ٘/ٕ ،‬‬
‫)‪ )7‬ابن كثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪.ٖٙٗ/ٕٔ ،‬‬
‫)‪ )1‬لمعرفة المزٌد دن مإلفات ابن دساكر ٌنظر دواد ‪ ،‬كوركٌس‪ ،‬مإلفات ابن دساكر‪ ،‬بحث منشور فً ندول‬
‫بمناسبة االحتفال باكرى مرور تسعمابة دام دلى والدة ابن دساكر‪ ،‬مطبعة السبلم‪(،‬دمشق‪ ،)ٔ97٘ ،‬صٕٔٗ‬
‫وما بعدها‬
‫)‪ )9‬ابن العماد الحنبلً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٗ7/٘ ،‬‬
‫)ٓٔ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٔٗ- ٕٖٔ/ٔ ،‬‬
‫)ٔٔ) المصدر نفسه‪ ٕٔٗ/ٔ ،‬؛ دبلل ‪ ،‬الحركة العلمٌة‪ ،‬صٓ‪. ٔ1‬‬
‫)ٕٔ) العلٌمً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕ77/ٕ ،‬‬
‫)ٖٔ) ابن الفوطً‪ ،‬مجمع اآلداب‪. ٔٗ/ٖ ،‬‬

‫‪11‬‬
‫المسجد أبو محمد بن الصٌقل(تٔٓ‪ٙ‬هـ‪ٕٔٓٗ/‬م)‪ ،‬ومد أمام فٌه مجالسا ً للودظ واإلرشاد‪ ،‬والك‬
‫بعد أن كان ٌإ ُّم الناس فً مسجد الواسطً وٌعقد مجالس ودظه‪ ،‬ثم بعد أن ضاق هاا المسجد‬
‫بالمصلٌن انتقل إلى مسجد ابن حمدي ( ٔ) ‪ ،‬وهاا ٌدل دلى أن هاا المسجد من المساجد الكبٌرة ‪.‬‬
‫٘ ‪ -‬مسجد ابن طبلٌه ‪:‬ـ ٌقع هاا المسجد فً الجانب الؽربً من بؽداد فً محلة الحربٌة‪ ،‬بنى هاا‬
‫المسجد المقرئ أحمد بن أبً ؼالب الوراق المعروؾ بابن الطبلٌة (ت‪٘ٗ1‬هـ‪ٖٔٔ٘/‬م)‪ ،‬ومد‬
‫الزم ابن الطبلٌة هاا المسجد أكثر من دشرٌن سنة وكان ٌقرئ الناس القرآن الكرٌم ( ٕ)‪.‬‬
‫‪ - ٙ‬مسجد صدمة ابن الحداد ‪:‬ـ بنى هاا المسجد الفقٌه المتكلم صدمة بن الحسٌن بن‬
‫الحداد(تٖ‪٘7‬هـ‪ٕٕٔ9/‬م)‪ ،‬إا سكن فً هاا المسجد وأ َّم فٌه الناس ودقد فٌه حلقات العلم بكل‬
‫( ٖ)‬
‫فروده نحو سبعٌن سنة‬
‫‪ - 7‬مسجد ابن بكروس ‪:‬ـ بنى هاا المسجد للحنابلة أحمد بن محمد بن المبارك بن بكروس‬
‫(تٖ‪٘7‬هـ‪ٔٔ77/‬م)‪ ،‬وكان إماما لهاا المسجد وٌدرس فٌه ( ٗ)‪ ،‬وبعد وفاته تولى هاا المسجد أبو‬
‫أبو العباس أحمد بن ؼالب بن شٌخون(تٗ‪٘7‬هـ‪ٔٔ71/‬م)‪ ،‬وهو أحد تبلمٌا ابن بكروس ( ٘) ‪.‬‬
‫‪ - 1‬مسجد أبً الفتح بن المنى ‪:‬ـ اخا هاا المسجد اسمه من اسم صاحبه ( ‪ ،)ٙ‬المتوفً‬
‫سنة(ٖ‪٘1‬هـ‪ٔٔ17/‬م)‪ ،‬ومد كان هاا المسجد دامراً بالفقهاء والقراء‪ ،‬وتفرغ فٌه صاحبه‬
‫للتدرٌس ( ‪ ، )7‬ثم تولى هاا المسجد بعد وفاة صاحبه احد تبلمٌال وهو ؼبلم ابن‬
‫المنى(تٔٔ‪ٙ‬هـ‪ٕٔٓ٘/‬م)‪ ،‬وظل فً هاا المسجد حتى نسب إلٌه ( ‪ ،)1‬ثم تولى المسجد دبدالمنعم‬
‫الباجسرابً ( ‪. )9‬‬
‫‪ - 9‬مسجد أبً منصور ‪:‬ـ بنال للحنابلة أبو منصور بن الخٌاط(ت ‪٘9ٙ‬هـ‪ٔٔ99/‬م)‪ٌ ،‬قع هاا‬
‫المسجد فً محلة الشمعٌة ببؽداد‪ ،‬كان أبو منصور ٌإم الناس بهاا المسجد وٌقربهم القرآن ( ٓٔ) ‪.‬‬
‫ٓٔ ‪ -‬مسجد أبً بكر بن ؼنٌمة ‪:‬ـ وهو المسجد الاي بنال الفقٌه الزاهد دماد الدٌن أبو بكر‬
‫الحبلوي(تٔٔ‪ٙ‬هـ‪ٕٔٔٗ/‬م)‪ ،‬ومد الزم هاا المسجد وتفرغ فٌه للعلم‪ ،‬فكان ٌقرئ القرآن الكرٌم‬
‫دون أجر ( ٔٔ) ‪.‬‬

‫)ٔ) ابن الدبٌثً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٖٗ/ٕ ،‬‬


‫)ٕ) ابن العماد الحنبلً‪ ،‬المصدر السابق‪ ٔٗ٘/ٗ،‬؛دبلل ‪،‬الحركة العلمٌة‪ ،‬صٕ‪. ٔ1‬‬
‫)ٖ) ابن رجب ‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٖ9/ٔ ،‬‬
‫)ٗ) الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم‪. ٗ1/ٕٔ ،‬‬
‫)٘) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٔٔ/ٕ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬أبو الفتح بن المنى هو نصر بن فتٌان بن مطر النهروانً ثم البؽدادي الحنبلً‪ ،‬ناصح اإلسبلم وشٌخ الحنابلة‬
‫دلى األطبلق‪ ،‬كان وردا ً زاهداً متعبداً‪ ،‬تخرج دلى ٌدل الكثٌر من أدبلم الحنابلة منهم الوزٌر ابن هبٌرة‬
‫ودبدالرحمن ابن الجوزي‪ ،‬ابن العماد الحنبلً‪ ،‬المصدر السابق‪ ٗ٘٘/ٙ،‬؛ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪ٕٗ9/ٔ ،‬‬
‫)‪ )7‬دبلل ‪ ،‬الحركة العلمٌة‪ ،‬ص ٔ‪. ٔ1‬‬
‫)‪ )1‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔٙٙ- ٔٙٗ/ٖ ،‬‬
‫)‪ )9‬المصدر نفسه‪. ٔٙٙ/ٖ ،‬‬
‫)ٓٔ) ابن رجب ‪،‬المصدر السابق‪. ٗ٘ٓ/ٕ ،‬‬
‫)ٔٔ) المصدر نفسه‪. 77 /ٕ ،‬‬

‫‪19‬‬
‫كما بنى الخلٌفة المستضًء بؤمر هللا مسجداً للحنابلة ( ٔ) فً الجانب الشرمً من بؽداد فً‬
‫منطقة تعرؾ بعقد الحدٌد فً سوق الخبازٌن ( ٕ)‪ ،‬ومدم فٌه دبد الوهاب العٌنً( ٖ)‪ ،‬فكان ٌإم‬
‫الناس ثم مدم ابن الجوزي فً رمضان فصلى فً الناس صبلة التراوٌح‪ ،‬فازدحم المسجد‬
‫بالمصلٌن مع دظمته‪ ،‬حتى حسد أصحاب المااهب األخرى الحنابلة الن هاا المسجد لهم ( ٗ)‪.‬‬
‫إن اهتمام الخبلفة العباسٌة ببناء المساجد وومفها للح نابلة ٌإكد ددم الخبلفة للجهد التعلٌمً‬
‫والفكري للحنابلة من مبل الخبلفة ‪.‬‬
‫ومد استمرت هال المساجد فً تقدٌم العلم لطالبٌه حتى بعد ظهور المدارس ‪،‬والتً ظهرت‬
‫نتٌجة توسع الحلقات العلمٌة وازدٌاد أددادها وأدداد طلبتها‪ ،‬ومد أدت كثرة هال الحلقات إلى‬
‫المزٌد من الم نامشات والمناظرات والحوارات والجدل‪ ،‬والتً كانت تنتهً أحٌانا ً بالتصادم‪ ،‬وهاا‬
‫جعل المسجد ٌبتعد دن أداء مهمته األساسٌة وهً العبادة ‪.‬‬

‫ثانٌاً‪ :‬التدرٌس فً المدارس‬


‫إن المتتبع لحركة بناء المدارس فً بؽداد سوؾ ٌبلحظ أن البوادث التً أدت إلى ظهور‬
‫المدارس فً الق رن الخامس الهجري‪ ،‬وهً الوموؾ بوجه الحركات والعقابد التً ازدهرت‬
‫نتٌجة اتباع البوٌهٌٌن لسٌاسة التفرٌق الماهبً ( ٘)‪ ،‬وهً البوادث نفسها التً ساددت المدارس‬
‫دلى االستمرار ‪ ،‬بل وأنشاء مدارس أخرى فً القرنٌن السادس والسابع الهجرٌٌن‪ ،‬فالخبلفة‬
‫العباسٌة وهً تواجه التحد ي الفاطمً كان البد أن تعمل من أجل رداٌة ماهب أهل السنة وأن‬
‫تإسس المدارس لنشر الماهب والرد دلى دداوى الفاطمٌٌن الدٌنٌة والسٌاسٌة ( ‪ ،)ٙ‬وحتى مع‬
‫انحسار الخطر الفاطمً فً النصؾ الثانً من القرن السادس الهجري إال أن بناء المدارس ظل‬
‫متواصبلً‪ ،‬وما شجع دلى الك هو ددم الخلفاء العباسٌٌن لهال الحركة العمرانٌة‪ ،‬ألدراكهم الدور‬
‫الفكري الكبٌر الاي تإدٌه هال المدارس من أجل نصرة الدٌن والخبلفة دلى ً‬
‫حد سواء‪ ،‬فقد بنى‬
‫الخلٌفة الناصر لدٌن هللا المدارس ( ‪ ، )7‬وكالك فعل الخلٌفة المستنصر باهلل ( ‪ ،)1‬والمستعصم باهلل‬
‫باهلل ( ‪ ،)9‬ولم تقتصر مهمة ب ناء المدارس دلى الخلفاء‪ ،‬فقد كان لنساء الخلفاء نصٌب فً الك‪،‬‬

‫)ٔ) ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. ٕٖ9/ٔ1 ،‬‬


‫)ٕ) ابن النجار‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔ91/ٔ ،‬‬
‫)ٖ) العٌنً هو أبو الفتح دبد الوهاب بن بزؼش بن دبدهللا العٌنً صهر ابن الجوزي‪ ،‬كان حسن المعرفة‬
‫بالقراءات ملٌح التبلوة حسن األداء طٌب النؽمة‪ ،‬له معرفة بالودظ‪ ،‬ابن النجار‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔ91/ٔ ،‬‬
‫)ٗ) ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪ ٕٕ9/ٔ1 ،‬؛ سمانً‪ ،‬حسن‪ ،‬مدارس دمشق فً العهد األٌوبً‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار‬
‫اإلرشاد‪(،‬بٌروت‪،)ٔ919،‬صٔٔ‪.‬‬
‫)٘) رإوؾ‪ ،‬مدارس بؽداد‪ ،‬صٕٔ ؛ معروؾ‪ ،‬ناجً‪ ،‬دلماء النظامٌات ومدارس الشرق اإلسبلمً‪ ،‬ط ٔ‪،‬‬
‫مطبعة اإلرشاد‪(،‬بؽداد‪ ،)ٔ97ٖ ،‬صٗٔ ‪.‬‬
‫)‪ )ٙ‬دمر‪ ،‬فاروق‪ ،‬الخبلفة العباسٌة فً دصورها المتؤخرة(ٖٖٗهـ ‪9ٗٙ-‬م‪ٙ٘ٙ/‬هـ ‪ٕٔ٘1-‬م)‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار‬
‫الخلٌج‪(،‬الشارمة‪ ،)ٔ91ٖ ،‬ص‪. 99‬‬
‫)‪ )7‬سبط ابن الجوزي‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٙ7/1 ،‬‬
‫)‪ )1‬السٌوطً‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪. ٖٙ1‬‬
‫)‪ )9‬الومؾ ‪ :‬هو حبس مال ٌمكن االنتفاع به مع بقاء دٌنه بقطع التصرؾ فً رمبته دلى مصرؾ مباح‪ ،‬أبو‬
‫زهرل‪ ،‬محمد ‪ ،‬محاضرات فً الومؾ‪ ،‬طٕ‪ ،‬دار الفكر العربً‪(،‬القاهرة‪ ،)ٔ97ٕ،‬ص‪ ٖ9‬؛الشربٌنً‪ ،‬شمس‬
‫ٓ‪9‬‬
‫فهال زمرد خاتون(ت‪٘99‬هـ‪ٕٕٔٓ/‬م)‪ ،‬أنشؤت مدرسة وأومفت دلٌها األوماؾ ( ٔ)‪،‬الكثٌرة ( ٕ)‪،‬‬
‫كما أنشؤت زوجة الخلٌفة المستعصم باهلل مدرسة درفت باسمها ( ٖ) ‪.‬‬
‫ولم تعد مهمة إنشاء المدارس من مهام الدولة فحسب ب ل شارك فً إنشابها المٌسورون من‬
‫األمراء واألدٌان والتجار وأومفوا دلٌها األوماؾ‪ ،‬لضمان دٌمومة هال المإسسة‪ ،‬وأن العامل‬
‫الدٌنً هو الاي دفع هإالء إلنشاء المدارس‪ ،‬فكان هإالء ٌرجون الثواب من هللا‪ ،‬فضبلً دن‬
‫طبٌعة النفس البشرٌة التً تسعى إلى الشهرة والمٌل إلى تخلٌد الاكر بعد الموت ( ٗ) ‪.‬‬
‫وإلى جانب الوظٌفة التعلٌمٌة للمدارس فقد مدمت خدمات اجتمادٌة تمثلت بتوفٌر السكن‬
‫للطبلب والعلماء والمدرسٌن‪ ،‬وخاصة القادمٌن من مناطق بعٌدة ( ٘)‪ ،‬فقد جرت العادة ومنا دهد‬
‫نظام الملك ببناء الؽرؾ والبٌوت الخاصة بسكن المدرسٌن والطبلب والمعٌدٌن وسابر الموظفٌن‬
‫فً المدرسة نفسها‪ ،‬وكان الطلبة ٌتنافسون فً سبٌل اإلمامة بالمدارس لما توفرل لهم من دلم‬
‫مٌسر وخلوة وانقطاع للدرس وجراٌات حسنة ( ‪ ،)ٙ‬وكانت تلك الؽرؾ تنقسم دإلى مسمٌن‪ ،‬القسم‬
‫السفلً ٌخصص للمدرسٌن ؼالبا ً لضعفهم وكبر سنهم‪ٌ ،‬قول ابن جماده‪ " :‬وأما الضعٌؾ‬
‫والمتهم ومن ٌقصد الفتٌا واالشتؽال دلٌه فالمساكن السفلٌة أولى بهم " ‪ ،‬والؽرؾ العلوٌة تكون‬
‫لسكن الطلبة من الشبان‪ " ،‬والمساكن العالٌة لمن ال ٌضعؾ دند الصعود " ( ‪. )7‬‬
‫ومد اهتمت هال المدارس اهتماما ً كبٌراً فً دراسة العلوم الدٌنٌة نحو دلوم القرآن والحدٌث‬
‫والفقه‪ ،‬ثم دخلت العلوم األخرى بعد الك نحو اللؽة والنحو وؼٌرها من العلوم إلى المدارس‬
‫اإلسبلمٌة ( ‪ ، )1‬ومد اسهم التنافس والصراع الماهبً إلى ظهور المدارس الماهبٌة‪ ،‬فقد كان‬
‫لبلزمة العقٌدٌة بٌن الحنابلة واألشادرة فً هال الحقبة أثر كبٌر فً ظهور المدارس‪ ،‬فؤصبح‬
‫لكل ماهب مدارس ُه وطبلب ُه وشٌوخهُ‪ٌُ ،‬درّ س فٌها الماهب أصوالً وفرودا ً ( ‪. )9‬‬
‫لالك فقد كان االهتمام بالتعلٌم ومإسساته أمراً ضرورٌا ً دند الحنابلة ووسٌلة مهمة لتكوٌن‬
‫ماهبهم ونمول والدفاع دنه‪ ،‬واللحاق بمصاؾ المااهب الفقهٌة األخرى‪ ،‬الحنفٌة والشافعٌة‬
‫والما لكٌة‪ ،‬التً كانت مد مطعت شوطا ً بعٌداً وحققت انتشاراً واسعا ً فً األمالٌم اإلسبلمٌة ( ٓٔ)‪،‬‬

‫الدٌن محمد بن أحمد الحطٌب‪ ،‬مُؽنً المحتاج إلى معرفة معانً ألفاظ المنهاج‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمٌة‪(،‬بٌروت‪ ،)ٔ99ٗ،‬جٕ‪ ،‬ص‪. ٖ7ٙ‬‬
‫)ٔ) ابن الفوطً‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬ص‪. ٖٓ7‬‬
‫)ٕ) ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪، ٕٔٗ/1 ،‬؛ ابو شامه‪ ،‬الاٌل دلى الروضتٌن‪ ،‬صٖٖ ٓ‬
‫)ٖ) ابن الفوطً‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬ص ‪ٓ ٖٓ7‬‬
‫)ٗ) مدحات‪ ،‬الحٌاة ا الجتمادٌة فً بؽداد‪ ،‬ص ٘‪ٓ ٕ7‬‬
‫)٘) شمس الدٌن‪ ،‬دبد األمٌر‪ ،‬الماهب التربوي دند ابن جماده‪ ،‬طٕ‪ ،‬دار امرأ‪(،‬بٌروت‪ ،‬دٓت)‪ ،‬ص ٔٗ‬
‫)‪ )ٙ‬رإوؾ‪ ،‬مدارس بؽداد‪ ،‬صٕ٘ ‪.‬‬
‫)‪ )7‬بدر الدٌن أبو دبدهللا محمد بن إبراهٌم‪ ،‬تاكرة السامع والمتكلم فً آداب العالم والمتعلم‪ ،‬ادتنا به محمد بن‬
‫مهدي العجمً‪ ،‬طٖ ‪ ،‬دار البشابر اإلسبلمٌة‪( ،‬بٌروت‪ ،)ٕٕٓٔ ،‬ص ‪. ٙ9‬‬
‫)‪ )1‬أمٌن‪ ،‬حسٌن‪ ،‬المدارس اإلسبلمٌة فً العصر العباسً واثرها فً تطور التعلم‪ ،‬المإرخ العربً بؽداد‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،)ٔ971( ،7- ٙ‬ص ‪. 9‬‬
‫)‪ )9‬الدلٌمً‪ ،‬دكاب ٌوسؾ جمعه‪ ،‬المدارس الحنبلٌة فً بؽداد وأثرها فً الفكر الدٌنً أبان العصر السلجومً‬
‫‪٘9ٓ- ٗٗ7‬هـ‪ ،‬مجلة ‪ ،ENTELEKTUEL HAYHT‬العدد ٗ‪،)ٕٓٔٔ(،‬ص ٘‪ ٖٙ‬؛ دبلل‪ ،‬خالد كبٌر‪ ،‬األزمة‬
‫العقٌدٌة بٌن األشادرة واهل الحدٌث خبلل القرنٌن٘ ‪ ٙ-‬الهجرٌٌن‪ ،‬طٔ‪(،‬الجزابر‪ ،)ٕٓٓ٘،‬صٕٖٔ ‪.‬‬
‫)ٓٔ) الدلٌمً‪ ،‬المدارس الحنبلٌة‪ ،‬ص‪. ٖٙ91‬‬

‫ٔ‪9‬‬
‫وتعد بؽداد أول مدٌنة ظهرت فٌها المدارس الحنبلٌة وبلػ ددد هال المدارس اربع دشرة مدرسة‬
‫( ٔ)‪ ،‬فٌما ٌؤتً اكرها‪:‬‬
‫ٔ ‪ -‬مدرسة أبً سعد المخرمً ‪:‬ـ وهً أمدم مدارس الحنابلة فً بؽداد وأدظمها شؤناً‪ ،‬وأكثرها‬
‫أومافا وأطولها دمراً ( ٕ) ‪ ،‬بناها للحنابلة بباب األزج أبو سعد المبارك بن دلً المخرمً‬
‫(تٖٔ٘هـ‪ٔٔٔ9/‬م)‪ ،‬فً أوابل القرن السادس الهجري فً الجانب الشرمً من بؽداد ( ٖ)‪ ،‬اكرها‬
‫اكرها ابن الجوزي فً أحداث سنة(ٔ‪ ٘ٙ‬هـ) فقال‪ " :‬وكان أبو سعد مد بنى مدرسة لطٌفة بباب‬
‫األزج ففوضت إلى دبد القادر فتكلم دلى الناس بلسان الودظ وظهر له صٌت بالزهد وكان له‬
‫سمت وصمت فضامت مدرسته بالناس " ( ٗ) ‪،‬وبعد أن فوضت هال المدرسة إلى دبد القادر‬
‫الجٌلً تلمٌا الشٌخ أبً سعد‪ ،‬مام بتوسعتها وأضٌفت إلٌها من الدور حتى بلؽت ضعؾ ما كانت‬
‫دلٌه من االتساع‪ ،‬ومد أسهم األؼنٌاء من العلماء فً دمارتها‪ ،‬ومد فرؼوا من الك سنة‬
‫(‪ٕ٘1‬هـ‪ٖٖٔٔ/‬م)‪ ،‬وتصدر للتدرٌس فٌها‪ ،‬وجلس للودظ ومصدل طبلب العلم من األفاق ( ٘)‪،‬‬
‫وتولى التدرٌس فٌها من بعدل أبناإل وأحفادلُ إلى أن أخات من حفٌدل دبد السبلم بن دبد الوهاب‬
‫الجٌلً (تٔٔ‪ٙ‬هـ‪ٕٔٔٗ/‬م)‪ ،‬دندما اتهم بامتبلكه كتب فٌها الزندمة ودبادة النجوم‪ ،‬وأدطٌت‬
‫هال المدرسة البن الجوزي ودرس فٌها مدة ثم أخات منه دندما نفً إلى واسط‪ ،‬و أدٌدت إلى‬
‫دبد الوهاب الجٌلً‪ ،‬ثم أخات منه وأدطٌت إلى نصر بن دبد الرزاق الجٌلً ( ‪. )ٙ‬‬
‫ومد احتوت هال المدرسة دلى خزانة كتب نفٌسة‪ ،‬فٌها النادر من المإلفات والمصنفات‪ ،‬ومد‬
‫ومؾ هال المكتبة أبو سعد صاحب هال المدرسة‪ ،‬ثم أضاؾ إلٌها العلماء الكثٌر من الكتب حتى‬
‫أصبحت من اكبر المكتبات ( ‪ ، )7‬ومد درفت هال المدرسة بالعدٌد من األسماء‪ ،‬منها مدرسة‬
‫الشٌخ دبد القادر الجٌلً‪ ،‬ودرفت أٌضا بالمدرسة القادرٌة‪ ،‬كما درفت بالمدرسة الجٌلٌة ( ‪،)1‬‬
‫وتؤتً أهمٌة هال المدرسة واثرها الفكري من خبلل مكانة مدرسٌها العلمٌة ومنهجهم الدٌنً‪،‬‬
‫سواءً مإسس هال المدرسة أو من توالها من بعدل‪ ،‬ومن خبلل كبار العلماء الاٌن تخرجوا منها‬
‫ونشروا دلمهم وفكرهم فً األمالٌم وهم كثر( ‪. )9‬‬
‫ٕ ‪ -‬مدرسة أبً شجاع ‪:‬ـ بناها للحنابلة بهرام بن بهرام المعروؾ بابن‬
‫شجاع(تٕٓ٘هـ‪ٕٔٔٙ/‬م) ( ٓٔ) فً محلة باب األزج دند باب كلوااى‪ ،‬وومؾ مطعة من أمبلكه‬

‫)ٔ) دبلل‪ ،‬الحركة العلمٌة‪ ،‬ص ‪. ٔ91‬‬


‫)ٕ) رإوؾ‪ ،‬مدارس بؽداد‪ ،‬ص ٓٗٔ ‪.‬‬
‫)ٖ) معروؾ‪ ،‬المدارس الشرابٌه‪ ،‬ص ٕٕٔ ‪.‬‬
‫)ٗ) المنتظم‪ ٔ7ٖ/ٔ1 ،‬؛ ابن رجب ‪،‬المصدر السابق‪ٔ9ٓ/ٕ ،‬‬
‫)٘) المناري‪ ،‬دبد العظٌم بن دبد القوي‪ ،‬التكملة لوفٌات النقلة‪ ،‬تحقٌق بشار دواد معروؾ‪ ،‬طٖ‪ ،‬مإسسة‬
‫الرسالة‪(،‬بٌروت‪،)ٔ91٘،‬جٕ‪ ،‬ص ٔ‪ 91‬؛ ابن السادً ‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٔٗ/9 ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪ 7ٖ- 7ٕ/ٕ ،‬؛ دبلل ‪ ،‬الحركة العلمٌة‪ ،‬ص ٕٓٓ ‪. ٕٓٔ-‬‬
‫)‪ )7‬ابن كثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪ ٗ11 /7 ،‬؛ رإوؾ‪ ،‬مدارس بؽداد‪ ،‬صٖ٘ٔ ‪.‬‬
‫)‪ )1‬معروؾ‪ ،‬المدارس الشرابٌه‪ ،‬صٕٕٔ ‪.‬‬
‫)‪ )9‬الدلٌمً‪ ،‬المدارس الحنبلٌة‪ ،‬ص ٕ‪. ٖ7٘- ٖ7‬‬
‫)ٓٔ) ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪ ٕٗٓ/ٔ7 ،‬؛ رإوؾ‪ ،‬مدارس بؽداد‪ ،‬ص٘٘ٔ ؛ معروؾ‪ ،‬المدارس الشرابٌه‪،‬‬
‫ص ‪. ٕٔ7‬‬
‫ٕ‪9‬‬
‫دلى الفقهاء وسبل الخٌر ( ٔ) ‪ ،‬ولم ٌتم تحدٌد تارٌخ تؤسٌسها‪ ،‬والمعلومات دنها ملٌلة‪ ،‬وٌبدو أنها‬
‫ثانً مدرسة بنٌت للحنابلة فً بؽداد ( ٕ) ‪.‬‬
‫ٖ ‪ -‬م درسة االبرادي ‪:‬ـ تقع هال المدرسة فً الجانب الشرمً من بؽداد ( ٖ)‪ ،‬كانت فً األصل‬
‫داراً بالبدرٌة للفقٌه الحنبلً أحمد ابن االبرادي(تٖٔ٘هـ‪ٖٔٔ7/‬م) ( ٗ)‪ ،‬ثم جعلها مدرسة وومفها‬
‫وومفها دلى الحنابلة ( ٘) ‪.‬‬
‫ٗ ‪ -‬مدرسة ابن الشمحل ‪:‬ـ وهً المدرسة التً بناها ل لحنابلة أبو القاسم ابن الشمحل‬
‫(تٔ‪٘ٙ‬هـ‪ ٔٔٙٙ/‬م)‪ ،‬تقع هال المدرسة فً محلة المؤمونٌة فً الجانب الشرمً من بؽداد ومد‬
‫افتتحت سنة(‪٘٘ٙ‬هـ‪ٔٔٙٔ/‬م) ( ‪ ، )ٙ‬ورتب للتدرٌس فٌها أبو الحكٌم النهروانً‬
‫(ت‪٘٘ٙ‬هـ‪ ٔٔٙٔ/‬م)‪ٌ ،‬قول ابن رجب فً ترجمته البً حكٌم‪ " :‬وفً اخر دمرل فوضت إلٌه‬
‫( ‪)7‬‬
‫دَرسوا فً هال المدرسة هو‬
‫المدرسة التً بناها ابن الشمحل بالمؤمونٌة " ‪،‬ومن ابرز الاٌن َ‬
‫اإلمام ابن الجوزي إا ٌقول‪ " :‬مرأت دلٌه القرآن والماهب والفرابض " ( ‪ ،)1‬ثم دمل ابن‬
‫الجوزي معٌداً لدرس أبً الحكٌم‪ ،‬ثم تولى التدرٌس فً هال المدرسة بعد شٌخه النهروانً‪ٌ ،‬قول‬
‫ابن الجوزي‪ ":‬وسلمت بعدل إلً فجلست فٌها للتدرٌس " ( ‪. )9‬‬
‫٘ ‪ -‬مدرسة ابن دٌنار ‪:‬ـ وتعرؾ أٌضا بمدرسة أبً حكٌم‪ ،‬تقع هال المدرسة بباب األزج بالجانب‬
‫الشرمً من بؽداد‪ ،‬وهً من مدارس الحنابلة ( ٓٔ) ‪ ،‬أنشؤها إبراهٌم بن دٌنار أبو حكٌم النهروانً‪،‬‬
‫فكان ٌدرس فٌها وٌقٌم فٌها أٌضا ً ( ٔٔ)‪ ،‬ومبل وفاته اسندها إلى تلمٌال ابن الجوزي ( ٕٔ) ‪.‬‬
‫‪ - ٙ‬مدرسة ابن البل ‪:‬ـ تقع هال المدرسة فً الجانب الشرمً من بؽداد فً محلة الرٌان‪ ،‬وهً من‬
‫المدارس الحنبلٌة القلٌلة الاكر البسٌطة الشؤن ( ٖٔ)‪ ،‬بناها هبة هللا بن الحسٌن المعروؾ بابن‬
‫البل( ٗٔ)‪ ،‬فً النصؾ األول من القرن السادس الهجري ( ٘ٔ)‪ ،‬وفوض أمرها إلى القاضً دماد‬
‫الدٌن بن أبً حازم الفراء(تٓ‪٘ٙ‬هـ‪ٔٔٙٗ/‬م)‪،‬درّ س فٌها الفقٌه الحنبلً ابو العباس أحمد بن‬
‫دمر القطٌعً ( ‪.)ٔٙ‬‬

‫)ٔ) ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. ٕٗٓ/ٔ7 ،‬‬


‫)ٕ) دبلل‪ ،‬الحركة العلمٌة‪ ،‬صٕٔٓ ‪.‬‬
‫)ٖ) معروؾ‪ ،‬نشؤة المدارس ‪ ،‬صٕٔ ‪.‬‬
‫)ٗ) ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. ٖٕ٘/ٔ7 ،‬‬
‫)٘) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٖٗ/ٔ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. ٔٗ7/ٔ1 ،‬‬
‫)‪ )7‬اٌل طبقات الحنابلة‪. 1ٖ/ٕ ،‬‬
‫)‪ )1‬المنتظم‪. ٔٗ9/ٔ1 ،‬‬
‫)‪ )9‬المصدر نفسه‪. ٔٗ9/ٔ1 ،‬‬
‫)ٓٔ) معروؾ‪ ،‬المدارس الشرابٌه‪ ،‬صٕٕٔ ‪.‬‬
‫)ٔٔ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. 1ٗ/ٕ ،‬‬
‫)ٕٔ) ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. ٔٗ9/ٔ1 ،‬‬
‫)ٖٔ) رإوؾ‪ ،‬مدارس بؽداد‪ ،‬ص ‪. . ٔٙ1‬‬
‫)ٗٔ) ابن الدبٌثً ‪ ،‬المصدر السابق ‪9ٓ/٘ ،‬‬
‫)٘ٔ) رإوؾ ‪ ،‬مدارس بؽداد ‪ ،‬ص ‪. ٔٙ1‬‬
‫)‪ )ٔٙ‬العلٌمً ‪ ،‬المصدر السابق ‪. ٕ1ٗ/ٕ ،‬‬

‫ٖ‪9‬‬
‫‪ - 7‬مدرسة ابن هبٌرة ‪:‬ـ بناها للحنابلة الوزٌر دون الدٌن بن هبٌرة‪ ،‬فً باب البصرة فً الجانب‬
‫الؽربً من بؽداد ( ٔ)‪ ،‬ومد اكتمل بناإها سنة(‪٘٘7‬هـ‪ٕٔٔٙ/‬م) ( ٕ)‪ ،‬ومد رتب فٌها أبو الحسن‬
‫البراندٌسً للتدرٌس ( ٖ) ‪ ،‬ودرّ س فٌها بعدل الفقٌه سراج الدٌن بن المبارك (تٖٔ‪ٙ‬هـ‪ٕٖٖٔ/‬م)‬
‫( ٗ) ‪ ،‬ومد دفن فً هال المدرسة الوزٌر ابن هبٌرة ( ٘) ‪ ،‬ولم تستمر هال المدرسة فترة طوٌلة‪ ،‬إا‬
‫ٌقول سبط ابن الجوزي‪ " :‬ثم ُخرّ بت بعد الوزٌر واهبت أومافها " ( ‪ ،)ٙ‬وما ٌإكد اندثار هال‬
‫المدرسة هو أن ابن جبٌر الاي زار بؽداد سنة( ٓ‪٘1‬هـ‪ٔٔ1ٗ/‬م)‪ ،‬لم ٌاكر هال المدرسة‪ ،‬فقد‬
‫مال‪ " :‬والمدارس بها نحو الثبلثٌن وهً كلها بالشرمٌة " ( ‪ ،)7‬وهو ما ٌإكد اندثار المدرسة مبل‬
‫مدوم ابن جبٌر إلى بؽداد ‪.‬‬

‫‪ - 1‬مدرسة ابن بكروس ‪:‬ـ تنسب هال المدرسة لصاحبها أحمد بن محمد بن المبارك بن‬
‫بكروس(تٖ‪٘7‬هـ‪ٔٔ77/‬م) ( ‪ ، )1‬تقع هال المدرسة فً محلة درب القٌارة فً الجانب الشرمً‬
‫من بؽداد ( ‪ ، )9‬درّ س فً هال المدرس بعد وفاة صاحبها أبو الحسن دلً بن بكروس‬
‫( ٔٔ)‬
‫(ت‪٘7ٙ‬هـ‪ٔٔ1ٓ/‬م) ( ٓٔ)‪ ،‬ودرّ س بها بعدل إبراهٌم بن دلً بن بكروس(تٔٔ‪ٙ‬هـ‪ٕٔٔٗ/‬م)‬
‫‪.‬‬
‫‪ - 9‬مدرسة ابن الجوزي ‪:‬ـ تقع هال المدرسة فً محلة درب دٌنار فً الجانب الشرمً من بؽداد‪،‬‬
‫بناها الشٌخ أبو الفرج ابن الجوزي لنفسه‪ ،‬افتتحت هال المدرسة سنة(ٓ‪٘7‬هـ‪ٔٔ7ٗ/‬م)‪ٌ ،‬قول‬
‫ابن الجوزي فً أحداث هال السنة‪ " :‬ابتدأت بإلقاء الدرس فً مدرستً بدرب دٌنار فاكرت‬
‫ٌومبا أربعة دشر درسا ً من فنون العلوم " ( ٕٔ)‪ ،‬وٌقول أٌضا ً فً أحداث سنة(ٗ‪ " :)٘7‬وتكلمت‬
‫ٌوم السبت مفتتح رمضان فً مدرستً بدرب دٌنار فكان الزحام خارجا ً دن الحد " ( ٖٔ) ‪.‬‬
‫ٓٔ ‪ -‬المدرسة الشاطبٌة ‪:‬ـ وهً المدرسة التً بنتها السٌدة بنفشه (ت ‪٘91‬هـ‪ٕٔٓٔ/‬م)‪ ،‬زوجة‬
‫الخلٌفة المستضًء‪ ،‬تقع هال المدرسة بباب المراتب دلى شاطا دجلة بباب األزج وتم افتتاح‬
‫هال المدرسة(ٓ‪٘7‬هـ‪ٔٔ7ٗ/‬م) ( ٗٔ) ‪ ،‬وهً فً األصل دار للوزٌر ابن جهٌر وزٌر الخلٌفة‬
‫المستضًء‪ ،‬ولما دزل سنة(ٕٗ٘هـ‪ٔٔٗ7/‬م)‪ ،‬وصلت ملكٌة الدار إلى السٌدة بنفشه فجعلتها‬

‫)ٔ) ابن العماد الحنبلً ‪ ،‬المصدر السابق ‪. ٖٕ7/ٙ ،‬‬


‫)ٕ) ابن الجوزي ‪ ،‬المنتظم ‪. ٖٔ٘/ٔ1 ،‬‬
‫)ٖ) ابن رجب ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ٖٙ7/ٕ ،‬؛ ابن كثٌر ‪ ،‬المصدر السابق ‪،ٖٓ٘/ٕٔ ،‬‬
‫)ٗ) الاهبً‪ ،‬سٌر ‪ ٖ٘1/ٕٕ ،‬؛ دبلل الحركة العلمٌة‪ ،‬ص ٕٕٓ ‪.‬‬
‫)٘) ابو الفداء ‪ ،‬المصدر السابق ‪. ٕٗ/ ٖ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬مرآة الزمان‪. ٕٙ/ٕٔ ،‬‬
‫)‪ )7‬الرحلة‪ ،‬صٕ٘ ‪.‬‬
‫)‪ )1‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪ ٖٓٔ/ٕ ،‬؛ رإوؾ‪ ،‬مدارس بؽداد‪ ،‬ص ٔ‪ ٔ7‬؛ معروؾ‪ ،‬المدارس المستقلة‪،‬‬
‫ص ٕٕ ‪.‬‬
‫)‪ )9‬ابن العماد الحنبلً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗٓٙ/ٙ ،‬‬
‫)ٓٔ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٗ1/ٔ ،‬‬
‫)ٔٔ) ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪، ٕٔٔ/ٔ1 ،‬‬
‫)ٕٔ) ابن الجوزي ‪ ،‬المنتظم‪. ٕ٘ٓ/ٔ1 ،‬‬
‫)ٖٔ) المصدر نفسه‪. ٕٔٗ/ٔ1 ،‬‬
‫)ٗٔ) سبط ابن الجوزي‪ ،‬المصدر السابق ‪. ٕٕ٘/ٕٔ ،‬‬

‫ٗ‪9‬‬
‫مدرسة وسلمتها إلى أبً جعفر ابن الصباغ‪ ،‬ولم ٌستمر كثٌراً فً هال المدرسة‪ ،‬فقد أخات‬
‫السٌدة بنفشه مفتاح المدرسة منه وسلمته إلى ابن الجوزي الاي مال دن الك‪ " :‬وسلمت ُه إلً من‬
‫ؼٌر طلب كان منً‪ ،‬و ُكتب فً كتاب الومؾ أنها ومؾ دلى أصحاب أحمد‪ ،‬وتقدم إلً‪ ...‬باكر‬
‫الدرس فٌها فحضر ماضً القضاة وحاجب الباب وفقهاء بؽداد ‪ ،)ٔ ( " ...‬وفً سنة‬
‫(ٔ‪٘7‬هـ‪ٔٔ7٘/‬م)‪ ،‬كتب دلى حابط هال المدرسة " ومفت هال المدرسة المٌمونة الجهة المعظمة‬
‫الشرٌفة الرحٌمة بدار الرواشنً فً أٌام سٌدنا وموالنا اإلمام المستضًء بؤمر هللا أمٌر المإمنٌن‬
‫دلى أصحاب اإلمام أحمد بن حنبل وفوضت التدرٌس بها إلى ناصر السنة أبً الفرج ابن‬
‫الجوزي " ( ٕ) ‪ ،‬ودرّ س بعد ابن الجوزي فً هال المدرسة دبد السبلم بن دبد القادر الجٌلً ( ٖ)‪،‬‬
‫( ٖ) ‪ ،‬ومد أومفت السٌدة بنفشه دلى هال المدرسة الكثٌر من األوماؾ‪ ،‬ومن هال األوماؾ مرٌة‬
‫بكاملها ( ٗ)‪ ،‬إن هال التوجهات من مبل الخبلفة تشٌر إلى ددمها للماهب الحنبلً ودلمابه ‪.‬‬

‫ٔٔ ‪ -‬مدرسة ابن العطار‪:‬ـ شٌدل للحنابلة أبو القاسم نصر بن منصور بن‬
‫العطار(ت٘‪٘9‬هـ‪ٔٔ99/‬م)‪ ،‬تقع هال المدرس بدرب القٌارل بشرق بؽداد ( ٘)‪ ،‬ومد سلمت هال‬
‫المدرسة إلى أحمد بن محمد بن المبارك بن بكروس فكان ٌدرس الفقه والقراءات ‪ ،‬وتخرج من‬
‫هال المدرسة ددد كبٌر من طلبة العلم ( ‪. )ٙ‬‬
‫ٕٔ ‪ -‬المدرسة المجاهدٌة ‪:‬ـ وهً المدرسة التً أنشؤها مجاهد الدٌن اٌبك(ت‪ٙ٘ٙ‬هـ‪ٕٔ٘1/‬م)‪،‬‬
‫فً سنة (‪ٖٙ7‬هـ‪ٕٖٔ9/‬م) ( ‪ ،)7‬وأومفت للحنابلة‪ ،‬ولم ٌومؾ دلٌها شٌبا ً من األوماؾ‪ ،‬وتعد هال‬
‫المدرسة من أكبر مدارس بؽداد‪ ،‬كما أنها احتوت دلى خزانة كتب كبٌرة تجمعت كتبها مما‬
‫ومؾ دلٌها العلماء ( ‪. )1‬‬
‫ٖٔ ‪ -‬المدرسة القرآنٌة ‪:‬ـ بنٌت هال المدرسة فً محلة الحربٌة فً الجانب الؽربً من بؽداد‪،‬‬
‫بناها محً الدٌن ٌوسؾ ابن الجوزي‪ ،‬وبنا فٌها مدفنا ً وومؾ هال المدرسة دلى أصحاب اإلمام‬
‫أحمد ( ‪ ،)9‬وتعرؾ أٌضا ً بالمدرسة الجوزٌة ( ٓٔ) ‪.‬‬
‫ٗٔ ‪ -‬المدرسة المستعصمٌة ‪:‬ـ وهً من المدارس ملٌلة الاكر‪ ،‬بنٌت بؤمر الخلٌفة المستعصم‬
‫باهلل‪ ،‬ومد بقٌت هال المدرسة إلى ما بعد احتبلل بؽداد‪ ،‬وال ٌوجد ما ٌشٌر إلى وضع هال‬
‫( ٔٔ)‬
‫المدرسة‬

‫)ٔ) ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. ٕٔٗ/ٔ1 ،‬‬


‫)ٕ) المصدر نفسه‪. ٕٕٓ/ٔ1 ،‬‬
‫)ٖ) ابن الفوطً‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬ص٘ٔٔ ‪.‬‬
‫)ٗ) سبط ابن الجوزي‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٕ٘/ٕٔ ،‬‬
‫)٘) رإوؾ‪ ،‬مدارس بؽداد‪ ،‬ص ٖ‪. ٔ9‬‬
‫)‪ )ٙ‬الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم‪. ٔٔٙ/ٗٓ ،‬‬
‫)‪ )7‬رإوؾ‪ ،‬مدارس بؽداد‪ ،‬ص٘‪. ٔ9‬‬
‫)‪ )1‬ابن الفوطً‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬ص ‪. ٔ٘7‬‬
‫)‪ )9‬العلٌمً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٘7ٗ/ٗ ،‬‬
‫)ٓٔ) معروؾ‪ ،‬نشؤة المدارس‪ ،‬ص ٗٔ ‪.‬‬
‫)ٔٔ) رإوؾ ‪ ،‬مدارس بؽداد ‪ ،‬صٖٕٓ ‪.‬‬

‫٘‪9‬‬
‫وٌمكن القول‪ :‬إن اؼلب مدارس ا لحنابلة تقع فً الجانب الشرمً من بؽداد الاي ٌشكل فٌه‬
‫الحنابلة األؼلبٌة العظمى من السكان‪ ،‬ومد استمر بعضها فً تقدٌم العلم حتى بعد احتبلل بؽداد‪،‬‬
‫مثل مدرسة دبد القادر الجٌلً‪ ،‬ومد كان لهال المدارس األثر الفكري الكبٌر فً تلك الحقبة‪،‬‬
‫نظراً لما اشتهر به مدرسو تلك ا لمدارس من العلم أمثال ابن الجوزي وابن المنى وؼٌرهم ‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬التؤلٌؾ‬
‫دناٌة كبٌر ًة فً دراسة العلوم الدٌنٌة لكونها من العلوم المهمة التً‬ ‫ً‬ ‫ادتنى الحنابلة‬
‫استخرجت من القرآن الكرٌم والسنة النبوٌة ومن ثم فإنها ترتبط ارتباطا ً وثٌقا ً فً دقٌدة‬
‫المسلمٌن‪ ،‬ومد كان لعلماء الحنابلة إنجازات دلمٌة ال تقل شؤنا ً دن ما مدمه دلماء بقٌة المااهب‪،‬‬
‫إا مدم الحنابلة روابع المإلفات وفً مختلؾ الفنون‪ ،‬وسوؾ نتناول اهم إنجازاتهم فً مجال‬
‫العلوم الدٌنٌة فً تلك الحقبة‬

‫أوالً‪ :‬دلوم القرآن الكرٌم‬


‫أ‪:‬دلم القراءات ‪ :‬وهو العلم الاي ٌتناول كٌفٌة النطق بؤلفاظ القرآن الكرٌم ( ٔ)‪ ،‬وبما أن القرآن‬
‫كبلم هللا تعا لى والمصدر األول للتشرٌع فقد بال دلماء الحنابلة جهوداً حثٌثة فً الحفاظ دلى‬
‫مبادئ العلم النافع الاي أوصت به الشرٌعة اإلسبلمٌة من حٌث القراءة الصحٌحة وخاصة بعد‬
‫انتشار اإلسبلم خارج الجزٌرة العربٌة ودخول كثٌر من الناس فٌه‪ ،‬ومد أدى الك إلى االختبلؾ‬
‫فً مراءة القرآن وضبط ألفاظه ( ٕ) ‪ ،‬ومد انبرى ددد من العلماء األكفاء والمشهود لهم بالعلم‬
‫والصبلح باختٌار القراءات الصحٌحة‪ ،‬ووضعوا موادد وشروط ألصح القراءات حتى صارت‬
‫منهجا ً متبعا ً دند المسلمٌن ( ٖ) ‪.‬‬
‫ومن هإالء العلماء أبو الحسن ابن الزاؼونً(ن‪ٕ٘7‬هـ‪ٖٕٔٔ/‬م)‪ ،‬كان دالما ً بالقراءات حتى‬
‫وصؾ بؤنه كان شٌخ القراء فً ومته ( ٗ)‪ ،‬ومنهم أٌضا ً الشٌخ سبط أبو منصور الخٌاط‬
‫البؽدادي(تٔٗ٘هـ‪ ٔٔٗٙ/‬م)‪ ،‬كان من دلماء القراءات وله الكثٌر من المإلفات فً هاا المجال‬
‫منها (دلم القراءات)‪،‬و (المبهج فً القراءات)‪ ،‬و(اإلٌجاز فً السبعة والموضحة فً العشرة)‪،‬‬
‫و(االختٌار فً القراءات العشرة) ( ٘) ‪ ،‬ومنهم الشٌخ ٌحٌى بن دٌسى أبو البركات األنباري(ت‬

‫)ٔ) التهانوي‪ ،‬محمد بن دلً بن محمد حامد‪ ،‬كشاؾ اصطبلحات الفنون والعلوم‪ ،‬تحقٌق دلً دحروج‪ ،‬طٔ‪،‬‬
‫مكتبة لبنان ناشرون‪ (،‬بٌروت‪ ،)ٔ99ٙ ،‬ص‪. ٖ7‬‬
‫)ٕ) ماجد‪ ،‬دبد المنعم‪ ،‬تارٌخ الحضارة اإلسبل مٌة فً العصور الوسطى‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرٌة‪(،‬‬
‫القاهرة‪ ،)ٔ9ٖٙ ،‬ص ‪. ٔٙ1‬‬
‫)ٖ) داشور‪ ،‬سعٌد دبد الفتاح وآخرون‪ ،‬تارٌخ الحضارة اإلسبلمٌة العربٌة‪ ،‬طٕ‪ ،‬دار اات السبلسل‪ (،‬الكوٌت‪،‬‬
‫‪ ،)ٔ91ٙ‬ص ٖٔ ‪.‬‬
‫)ٗ) الاهبً‪ ،‬العبر‪. 1ٙ/ٕ ،‬‬
‫)٘) ابن مفلح‪ ،‬المصدر السابق‪ ٖٗ٘/ٕ ،‬؛ ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. ٔٓ/9 ،‬‬

‫‪9ٙ‬‬
‫ٕ٘٘هـ‪ ٔٔ٘7/‬م)‪ ،‬كان أحد ابرز القراء‪ ،‬وكان ٌعلم الناس القراءة الصحٌحة‪ ،‬حتى إن زوجته‬
‫كانت تعلم النساء القراءة ( ٔ) ‪ ،‬وكان البً الفرج دبدالرحمن بن الجوزي مصنفات مهمه فً هاا‬
‫العلم ومن ابرزها (دلوم القرآن) و(فنون األفنان فً دلوم القرآن) ( ٕ)‪ ،‬وكان العالم زٌد بن‬
‫الحسن بن زٌد الكندي(تٖٔ‪ٙ‬هـ‪ٕٔٔٙ/‬م)‪ ،‬كان من الاٌن بردوا فً دلم القراءات ‪ ،‬حتى‬
‫وصؾ بؤنه أدلم أهل األرض ( ٖ) ‪.‬‬
‫ب‪:‬دلم التفسٌر ‪ :‬وهو العلم الاي ٌعرؾ به فهم معانً القرآن الكرٌم وتفسٌرل وبٌانه واستنباط‬
‫أحكامه والعمل به دلى الوجه الصحٌح ( ٗ) ‪ ،‬ودلم التفسٌر هو الفرع الثانً من الدراسات المتعلقة‬
‫بالقرآن الكرٌم‪ ،‬وكان اهتمام العلماء بعلوم التفسٌر ٌقوم دلى توضٌح معانً القرآن الكرٌم‬
‫وأسباب نزوله وشرح األحكام المتعلقة به ( ٘) ‪.‬‬
‫وبما أن القرآن الكرٌم نزل بلؽة العرب فإن الكثٌر من آٌاته لم تكن مفهومة المعنى دند‬
‫المسلمٌن‪ ،‬وهاا ما دفع دلماء المسلمٌن لتوضٌح أحكامه وألفاظه ومعانٌه وإرشاداته وأسباب‬
‫نزول آٌاته وناسخه ومنسوخه وؼٌرها من دلوم التفسٌر( ‪ ،)ٙ‬ومن اشهر دلماء الحنابلة الاٌن‬
‫برزوا فً دلم التفسٌر هو الشٌخ أبو الفرج ابن الجوزي‪ ،‬الاي ٌُعد من اشهر المفسرٌن‪ ،‬ومن‬
‫الاٌن ٌشار إلٌهم بالبنان فً تلك الحقبة‪ ،‬وللشٌخ مإلفات كثٌرة فً هاا العلم من ابرزها (زاد‬
‫المسٌر فً دلم التفسٌر)‪ ،‬وٌُعد ابن الجوزي العالم الوحٌد الاي فسر القرآن الكرٌم كامبلً دلى‬
‫المنبر والك أثناء دقدل لمجالس الودظ ( ‪ ، )7‬كما كان محب الدٌن أبو البقاء العكبري من الاٌن‬
‫اشتهروا فً دلم التفسٌر وله كتاب ( تفسٌر القرآن) ( ‪. )1‬‬

‫ثانٌاً‪ :‬دلم الحدٌث‬


‫ٌعد الحدٌث النبوي المصدر الثانً للتشرٌع بعد القرآن الكرٌم‪ ،‬إا إن األحكام الشردٌة مبنٌة‬
‫دلٌهما ومستنبطة منهما ( ‪ ، )9‬وٌعرؾ دلم الحدٌث دند جمهور المحدثٌن بؤنه ٌطلق دلى أموال‬
‫النبً وفعله وتقرٌرل ( ٓٔ) ‪ ،‬ادتنى العلماء المسلمون بعلم الحدٌث منا تدوٌنه ودملوا دلى تنقٌته‬
‫وتمٌٌز صحٌحه من سقٌمه وضعٌفه من ؼرٌبه‪ ،‬و تطور هاا العلم حتى تفردت منه دلوم أخرى‬
‫مثل دلم الرجال والناسخ والمنسوخ ودلم األسناد‪ ،‬وأطلق دلى المشتؽلٌن به اسم المحدثٌن‬
‫والحفاظٌن ( ٔٔ) ‪.‬‬

‫)ٔ) العلٌمً‪ ،‬المصدر السابق‪ٔٓٔ/ٖ ،‬‬


‫)ٕ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٘ٓٓ - ٗ1٘/ٕ ،‬‬
‫)ٖ) العلٌمً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٗٓ/ٔ ،‬‬
‫)ٗ) الزركشً‪ ،‬محمد بن دبدهللا‪ ،‬البرهان من دلوم القرآن‪ ،‬تحقٌق محمد ابو الفضل إبراهٌم‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار إحٌاء‬
‫الكتب العربٌة‪ (،‬مصر‪ ،)ٔ9٘7 ،‬جٔ‪. ٖٔ ،‬‬
‫)٘) محٌمٌد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ٖ‪. ٔ9‬‬
‫)‪ )ٙ‬المرجع نفسه‪. ٔ9ٖ ،‬‬
‫)‪ )7‬سبط ابن الجوزي‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗ9ٙ/1 ،‬‬
‫)‪ )1‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٖ7/ٖ،‬‬
‫)‪ )9‬محٌمٌد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ٗ‪. ٔ9‬‬
‫)ٓٔ) ابن كثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔ9ٖ/9 ،‬‬
‫)ٔٔ) داشور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ٔ٘ ‪. ٖ٘-‬‬

‫‪97‬‬
‫ومد نشطت الدراسات الدٌنٌة فً دلم الحدٌث خبلل هال الحقبة إا كانت بؽداد منارة العلم‬
‫والعلماء وٌقصدها دلماء الحدٌث وطبلبه من شتى أنحاء العالم اإلسبلمً لسماع الحدٌث من‬
‫دلمابها الاٌن كانت لهم دناٌة واهتمام خاصٌن بهاا العلم حتى فاق الكثٌر من العلوم‪ ،‬لما له‬
‫أهمٌة فً حٌاة المسلمٌن ( ٔ) ‪ ،‬ومن ابرز دلماء الحنابلة الاٌن برزوا فً دلم الحدٌث العالم أبو‬
‫ؼالب بن البناء الحنبلً(ت ‪ٕ٘7‬هـ‪ٖٕٔٔ/‬م)‪ ،‬كان له معرفة بؤهل السند‪ ،‬وكان مسند العراق فً‬
‫دصرل ( ٕ)‪ ،‬والعالم أحمد بن دبد الوهاب أبو البركات الاي كان محدثا ً ثقة ٌقرأ للناس الحدٌث‪،‬‬
‫كما كان ٌعلم أوالد الخلٌفة المستظهر باهلل الحدٌث ( ٖ)‪ ،‬وكان للعالم ابن الزاؼوانً مجالس لتعلٌم‬
‫الحدٌث حتى مصدل النا س من كل الببلد لما درؾ دنه من صدق ومعرفة فً األسناد ( ٗ)‪ ،‬كما‬
‫كان العالم ٌحٌى ابن هبٌرة من العلماء الاٌن كان لهم إسهامات واضحة فً دلم الحدٌث‪ ،‬فكانت‬
‫مجالسه دامرة بعلماء الحدٌث فضبلً دن طلبة العلم‪ ،‬كما كانت له مإلفات فً هاا المجال منها‬
‫(اإلفصاح فً معانً الص حاح) شرح فٌه الصحٌحٌن فً نحو دشرة مجلدات‪ ،‬وله كتاب (شرح‬
‫صحٌح البخاري)‪ ،‬وكتاب (شرح صحٌح مسلم) ( ٘) ‪ ،‬كما كان العالم دبد المؽٌث بن زهٌر من‬
‫كبار المحدثٌن‪ ،‬وكان ٌقرأ الحدٌث دلى المشاٌخ الكبار ( ‪ ،)ٙ‬كما كان ابن الجوزي من كبار‬
‫دلماء الحنابلة الاٌن برزوا فً دلم الحدٌث‪ ،‬وله الكثٌر من المإلفات فً هاا العلم لعل ابرزها‬
‫(العلل المتناهٌة فً االحادٌث الواهٌة)‪ ،‬وكتاب (التحقٌق فً مسابل التعلٌق)‪ ،‬وكتاب (جامع‬
‫المسانٌد بؤلخص األسانٌد)‪ ،‬وكتاب (التحقٌق فً أحادٌث التعلٌق)‪ ،‬وؼٌرها من الكتب ( ‪. )7‬‬

‫ثالثاً‪ :‬دلم الفقه‬


‫الفقه فً ال لؽة ٌعنً العلم بالشًء والفهم له‪ ،‬أما فً االصطبلح فٌعنً العلم باألحكام‬
‫الشردٌة المكتسبة من أدلتها التفصٌلٌة( ‪ ،)1‬ووضع العلماء أسسا للفقه وجعلول دلى أربعة أصول‪،‬‬
‫أصول‪ ،‬األصل األول القرآن الكرٌم‪ ،‬والثانً السنة النبوٌة‪ ،‬والثالث اإلجماع‪ ،‬والرابع االجتهاد‬
‫( ‪ ،)9‬ومد ادتنى العلماء دناٌة ممٌز ًة بعلم الفقه‪ ،‬ولو القٌنا نظرة إلى كتب التراجم وفهارس الكتب‬
‫الكتب لوجدنا أن دلماء الفقه أكثر نسبة من ؼٌرل‪ ،‬وحتى العلماء الاٌن بردوا فً العلوم األخرى‬
‫نجدهم ٌؤخاون من الفقه ودلمه ( ٓٔ) ‪.‬‬

‫)ٔ) المرجع نفسه‪ ،‬صٔ٘ ‪،‬‬


‫)ٕ) الٌافعً‪ ،‬المصدر السابق‪، ٔ9ٕ/ٖ ،‬‬
‫)ٖ) ابن كثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗ9ٙ/7 ،‬‬
‫)ٗ) المصدر نفسه‪. ٗٓ/1 ،‬‬
‫)٘) ابن العماد الحنبلً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔ1/ٔٓ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن مفلح‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٔ7/ٕ ،‬‬
‫)‪ )7‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٘ٓٓ- ٗ1٘/ٕ ،‬‬
‫)‪ )1‬ابن منظور‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕ٘1/ٖٔ ،‬‬
‫)‪ )9‬ابن مٌم الجوزٌة‪ ،‬شمس الدٌن محمد بن أبً بكر‪ ،‬إدبلم المومعٌن دن رب العالمٌن‪ ،‬مراجعة طه دبد‬
‫الرإؾ سعد‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار الرسالة‪ (،‬بٌروت‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬جٔ‪،‬صٗٔ ‪.‬‬
‫)ٓٔ) محٌمٌد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. ٔ91‬‬

‫‪91‬‬
‫وهناك العدٌد من الفقهاء الحنابلة الاٌن كانت لهم إسهاما ت فً الفقه منهم‪ ،‬العالم ٌحٌى بن‬
‫هبٌرة الاي كان مهتما ً بعلم الفقه حتى إن مجالسه كانت ملتقى للفقهاء‪ٌ ،‬تدارسون وٌتناظرون فٌه‬
‫‪ ،‬كما أنه كان له كتاب فً الفقه هو كتاب (اإلفصاح دن معانً الصحاح) ( ٔ)‪ ،‬ومنهم أٌضا‬
‫محمد بن دبدهللا السامري‪ ،‬الاي كان له مإلفات ددٌدل فً الفقه لعل ابرزها (المستودب) إا كان‬
‫هاا الكتاب اجمع كتاب فً الفقه الحنبلً‪ ،‬فقد ضم ددة مصنفات فقهٌة مشهورة (كمختصر‬
‫الخرمً)‪ ،‬وكتاب (الهداٌة البً خطاب)‪ ،‬وله أٌضا ً كتاب (الفُروق) ( ٕ)‪ ،‬ومنهم أٌضا ً الشٌخ أبو‬
‫الفرج ابن الجوزي الاي كان له العدٌد من الكتب فً الفقه أهمها كتاب (أحكام النساء) وكتاب‬
‫(أسباب الهداٌة ألرباب البداٌة)‪ ،‬وكتاب (العبادات الخمس)‪ ،‬وكتاب (دمدة الدالبل فً مشتهر‬
‫المسابل)‪ ،‬وله أٌضا ً ا(النتصار فً المسابل الخبلفٌة)‪ ،‬وؼٌرها من المصنفات ( ٖ) ‪.‬‬
‫من خبلل ما اكرنال سابقا ً ٌمكن القول‪ :‬إن دلماء الحنابلة كان لهم دور فً العلوم الدٌنٌة‬
‫سواءً من خبلل المجالس العلمٌة ومن خبلل التدرٌس فً المساجد والمدارس أو من خبلل‬
‫المإلفات الكثٌرة وفً مختلؾ أنواع العلوم ‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬الجانب العقدي‬

‫بعد أن تعددت الفرق الدٌنٌة ودخلت مسابل العقٌدة حٌز الجدل والنقاش ودخول المناهج‬
‫الكبلمٌة هاا الحٌز منا زمن محنة خلق القرآن ( ٗ) ‪ ،‬اخا دلماء الحنابلة دلى داتقهم التصدي لتلك‬
‫لتلك الفرق من أجل حماٌة العقٌدة‪ ،‬ومد انطلق الحنابلة من منطلق التوافق بٌن آراء الخبلفة‬
‫العباسٌة ومنهجها وبٌن آراء الماهب الحنبلً ودقٌدته‪ ،‬ومد تعزز الك التوافق بالمنشور القادري‬
‫الاي حددت فٌه الخبلفة العباسٌة مومفها من مضاٌا الك العصر‪ ،‬فؤكد أن كبلم هللا ؼٌر مخلوق‬
‫وان أخبار الصفات تمر كما جاءت وحار من الجدل فً الك ( ٘) ‪.‬‬
‫ودلى الرؼم من أن بعض الحنابلة تؤثروا بالمااهب األخرى ومنهم أبو الوفاء بن دقٌل‬
‫الاي درس دلم الكبلم وتوسع به حتى أتقنه‪ ،‬إال أنه انقلب دلى الك الماهب وؼٌر مومفه منه‪،‬‬
‫وأخا ٌحار الناس وٌنفرهم منه ( ‪ ، )ٙ‬كما أن الشٌخ دبد القادر الجٌلً حار الناس من دراسة دلم‬
‫الكبلم والك لما سوؾ ٌنهً به صاحبه المتوسع فٌه ( ‪ ،)7‬وحارب الشٌخ دبد الرحمن ابن‬
‫الجوزي هاا الماهب وحار الناس من خطرل ‪ ،‬وأن دلم الكبلم ٌوصل أؼلب أصحابه إلى‬

‫)ٔ) ابن العماد الحنبلً‪ ،‬المصدر السابق ‪. ٔ1/ٔٓ ،‬‬


‫)ٕ) المصدر نفسه‪. 7ٓ/٘ ،‬‬
‫)ٖ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪ٗ9٘/ٕ ،‬‬
‫)ٗ) الدلٌمً‪ ،‬الحنابلة فً بؽداد‪ ،‬ص ٗ٘ٔ ‪.‬‬
‫)٘) ابن الجوزي ‪ ،‬المنتظم‪. ٔٔٔ- ٔٓ9/ٔٙ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬الدلٌمً‪ ،‬الحنابلة فً بؽداد‪ ،‬ص ٗ٘ٔ ‪.‬‬
‫)‪ )7‬الاهبً‪ ،‬سٌر‪. ٗ1ٗ/ٕٓ ،‬‬

‫‪99‬‬
‫اإللحاد‪ ،‬وأشار إلى أن الفقهاء المتقدمٌن لم ٌتركوا هاا العلم دجزاً منهم‪ ،‬وإنما تركول ألنه ال‬
‫ٌشفً دلٌبلً وال ٌروي ؼلٌبلً‪ ،‬فتركول وحاروا الناس من الخوض به ( ٔ) ‪.‬‬
‫وأما فً ما ٌخص تؤوٌل الصفات اإللهٌة فقد حار دلما ء الحنابلة من الك مقتدٌن بإمامهم‬
‫أحمد بن حنبل‪ ،‬ودلى الرؼم من الك فقد تؤثر بعض دلماء الحنابلة بتؤوٌل الصفات ودلى‬
‫رأسهم الشٌخ دبدالرحمن ابن الجوزي‪ ،‬حتى أنكر دلٌه طابفة من دلماء الحنابلة مٌله للتؤوٌل فً‬
‫بعض كبلمه‪ ،‬فقد أرسل إسحاق العلثً رسالة طوٌلة إلى ابن الجوزي ٌنكر دلٌه فٌما ٌقع من‬
‫كبلمه من المٌل إلى أهل التؤوٌل مال فٌها‪ " :‬من دبدهللا إسحاق بن أحمد بن محمد بن ؼانم‬
‫العلثً إلى دبد الرحمن بن الجوزي ‪ -‬حمانا هللا وإٌال من االستكبار دن مول النصابح ووفقنا‬
‫رب مُبلػ أودى من سامع‬ ‫وإٌال التباع السلؾ الصالح‪ ...‬ال ٌؽرك كثرت اطبلدك دلى العلوم ف َ‬
‫ورب بحر كدر ونهر صاؾ‪ ،‬فلست بؤدلم من الرسول حٌث مال له‬ ‫َ‬ ‫ورب حامل فقه ال فقه له‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫اإلمام دمر اتصلً دلى ابن أبً‪ ،‬أفما نزل القرآن(وال تصلً دلى أحد منهم)‪ ،‬ولو كان ال ٌنكر‬
‫من مل دلمه دلى من كثر دلمه اااً لتعطل األمر بالمعروؾ وصرنا كبنً إسرابٌل حٌث مال‬
‫اه ْو َن َع ْن ُم ْن َك ٍر َف َعلُوهُ) " ( ٕ) ‪ ،‬ثم ترك ابن الجوزي ما كان دلٌه من التؤوٌل‪ ،‬وأدرك‬
‫تعالى( َكانُوا ََل يََت َن َ‬
‫أن الطرٌق السلٌم هو أثبات الصفات هلل دلى ما وردت به األثار واألخبار من ؼٌر تفسٌر‪ ،‬وال‬
‫بحث دما لٌس فً موة البشر إدراكه ( ٖ)‪ ،‬ودمل بعد الك دلى محاربة أهل التؤوٌل والتحاٌر‬
‫منهم ( ٗ) ‪.‬‬
‫كما دمل دلماء الحنابلة دلى مواجهة أصحاب األهواء واآلراء الضالة من خبلل تصنٌؾ‬
‫الكتب التً تإكد ضرورة الحفاظ دلى الدٌن والرد دلى المخالفٌن‪ ،‬وٌبدو أن اكثر من صنؾ فً‬
‫هاا المجال هو ابن الجوزي الاي كان من أكثر العلماء تصنٌفاً‪ ،‬ومن جملة ما ألؾ فً هاا‬
‫المجال كتاب (تلبٌس إبلٌس) الاي أكد فٌه ضرورة لزوم السنة والجمادة ومواجهة أهل البدع‬
‫وأصحاب الفرق الضالة والمنحرفٌن ( ٘) ‪ ،‬كما الؾ كتاب (القرامطة) والك إلدراكه ما ٌمثله‬
‫القرامطة من خطر دلى العقٌدة‪ ،‬كما اكر فٌه امتعاضه من انشؽال المسلمٌن بدنٌاهم وأن هاا‬
‫هو الاي أدى إلى تسلط أدداء المسلمٌن دلٌهم‪ ،‬كما بٌن فً هاا الكتاب تسمٌات ددة للقرامطة‬
‫منها اإلسمادٌلٌة والباطنٌة‪ ،‬كما وضح ما ٌتظاهرون به من زهد ودبادة واددابهم الحب‬
‫والددوة ألهل البٌت ( دلٌهم السبلم)‪ ،‬وبٌن معتقدهم فً اإلله ٌات‪ ،‬وأن معتقدهم هو معتقد‬
‫الفبلسفة ( ‪. )ٙ‬‬
‫وفً االتجال نفسه ألؾ الشٌخ ابن وضاح الشهربانً (تٕ‪ٙ7‬هـ‪ٕٔ7ٖ /‬م)‪ ،‬كتابا ً‬
‫سمال(الدلٌل الواضح فً امتفاء نهج السلؾ الصالح)‪ ،‬وكتاب آخر هو(الرد دلى أهل اإللحاد) ( ‪،)7‬‬

‫)ٔ) ابن الجوزي‪ ،‬جمال الدٌن أ بو الفرج دبد الرحمن بن دلً‪ ،‬تلبٌس إبلٌس‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الفكر‪(،‬بٌروت‪،)ٕٓٓٔ ،‬‬
‫ص ‪. ٔ91‬‬
‫)ٕ) ابن رجب ‪ ،‬المصدر السابق‪ ٗٗ7- ٗٗ٘/ٖ ،‬؛ العلٌمً‪ ،‬المصدر السابق‪ ٕٕٖ/ٔٗ ،‬؛ ٌنظر ملحق رمم (ٕ )‪.‬‬
‫)ٖ) ابن الجوزي‪ ،‬تلبٌس إبلٌس‪ ،‬ص ٕٓٔ ‪،‬‬
‫)ٗ) ابن الجوزي‪ ،‬صٌد الخاطر‪ ،‬ص‪. ٗ7ٙ‬‬
‫)٘) ابن الجوزي‪ ،‬تلبٌس إبلٌس‪ ،‬ص ٔٔ ‪. ٕ٘-‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن الجوزي‪ ،‬جمال الدٌن أ بو الفرج دبد الرحمن بن دلً‪ ،‬القرامطة‪ ،‬تحقٌق محمد الصباغ‪ ،‬طٕ‪ ،‬المكتبة‬
‫اإلسبلمٌة‪(،‬د‪.‬م ‪ ،)ٔ9ٙ1،‬ص‪. 7ٓ- ٖٙ‬‬
‫ٓٓٔ‬
‫( ٔ) ‪ ،‬كما حارب دلماء الحنابلة ومن خبلل جهودهم الفكرٌة الفبلسفة بوصؾ أن هإالء ٌشكلون‬
‫خطراً دلى العقٌدة اإلسبلمٌة‪ ،‬كما انهم الددامة التً ٌعتمد دلٌه الكثٌر من اهل الهوى‪ ،‬ومدخبلً‬
‫لمن ٌدخل من العلماء فً البدع ( ٕ) ‪ ،‬فقد انتقد ابن الجوزي من خبلل كتابه تلبٌس إبلٌس هإالء‬
‫الفبلسفة وبٌن خطرهم دلى األمة والعقٌدة ( ٖ) ‪.‬‬
‫و خبلصة القول‪ :‬إن دلماء الحنابلة كان لهم دور واضح فً حماٌة العقٌدة اإلسبلمٌة والاود‬
‫دنها‪ ،‬ومحاربة الفرق الضالة والمنحرفة والتً حاولت نشر أفكارها الظالة وتشوٌه العقٌدة‬
‫االسبلمٌة ‪.‬‬

‫المبحث الثانً‬
‫الدور االجتماعً للحنابلة فً بغداد‬

‫أوال ً ‪ :‬المكانة االجتماعٌة للحنابلة فً بغداد‬


‫إن ما حظً به دلماء الحنابلة من أهمٌة ومكانة رفٌعة فً المجتمع‪ ،‬كان من خبلل الدور‬
‫الاي أدال هإالء العلماء‪ ،‬فً بؽداد فً بناء مجتمعهم وإصبلحه‪ ،‬ألن صبلح المجتمع بصبلح‬

‫)ٔ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪ ٕ1ٖ/ٕ ،‬؛ ابن الفوطً الحوادث الجامعة‪ ،‬ص ‪. ٖٙ7‬‬
‫)ٕ) ابن الجوزي‪ ،‬صٌد الخاطر‪ ،‬ص‪. ٕٕٙ‬‬
‫)ٖ) ص ٘ٗ ‪. ٘ٓ-‬‬

‫ٔٓٔ‬
‫دلمابه ( ٔ)‪ ،‬والك ألن العلماء كان لهم دور فادل فً المجتمع‪ ،‬فلم ٌقتصر دورهم دلى تعلٌم‬
‫الناس وتوجٌه المجتمع بل تعدال إلى أبعد من الك فكان العلماء مكلفٌن بالددوة إلى هللا ‪ ،‬واألمر‬
‫بالمعروؾ‪ ،‬والنهً دن المنكر‪ ،‬وإصبلح اات البٌن‪ ،‬ونصرة المظلوم والدفاع دن الحق‬
‫واالهتمام بشإون المجتمع ومصالحه ( ٕ)‪ ،‬وٌكفً بٌان شرفهم ودظم مسإولٌاتهم وأهمٌة دورهم‪،‬‬
‫ما وصفهم هللا به فً مواضع من كتابه العزٌز‪ ،‬بالخشٌة والرفعة واألمر بالرجوع إلٌهم ( ٖ) ‪.‬‬
‫إن ادراك دظم المكانة التً احتلها العلماء وأهمٌتها وحاجة األمة إلٌهم ٌبٌن لنا خطر ؼٌاب‬
‫دورهم أو تؽٌٌبه ( ٗ)‪ ،‬وال ٌمكن تق ٌٌم دور العلماء ادتماداً دلى مستواهم العلمً وددد مإلفاتهم‬
‫وتبلمٌاهم‪ ،‬بل البد من تسلٌط الضوء دلى دورهم االجتمادً‪ ،‬كونهم شرٌحة اجتمادٌة تعٌش‬
‫وسط مجتمع مد تسودل االضطرابات والخبلفات‪ ،‬مما أوجب دلٌهم مسإولٌات سٌاسٌة‬
‫واجتمادٌة‪ ،‬بوصفهم حملة العلم والتشرٌع‪ ،‬فهم ٌم ثلون الفبة الوادٌة المدركة لمجرٌات األمور‪،‬‬
‫فكان البد أن ٌإثروا فً المجتمع وٌتؤثروا به وٌتفادلوا معه ( ٘) ‪.‬‬
‫لقد لجؤ الناس إلى العلماء لثقتهم بهم وحاجتهم إلٌهم فً حل مشكبلتهم‪ ،‬وإلدراك الناس دظم‬
‫المكانة التً حظً بها العلماء دند الدولة ‪ ،‬وأن كلمتهم مسمودة دند الخلفاء والسبلطٌن‪ ،‬ومد‬
‫لعب دلماء الحنابلة وفقهابهم دوراً كبٌراً فً خدمة المجتمع‪ ،‬وفً مجاالت ددة دلى نحو ما‬
‫سٌؤتً اكرها ‪.‬‬

‫أ ‪ :‬مساهمة دلماء الحنابلة فً مضاء حوابج الناس‬


‫كان العلماء دلى دبلمة وثٌقة مع أفراد المجتمع البؽدادي خاصة طبقة العامة ‪ ،‬فكثٌراً ما‬
‫ساند دلماء الحنابلة العامة وومفوا إلى جانبهم ‪ ،‬ورفعوا الظلم والحٌؾ دنهم ‪ ،‬حتى صارت‬
‫مساددتهم للعامة الركٌزة التً ارتكزوا دلٌها فً بناء مكانتهم‪ ،‬حتى أكثر من ادتمادهم دلى ما‬
‫امتلكول من دلم وثروات ومناصب كبٌرل فً الدولة‪ ،‬حتى اصبح هإالء العلماء لسان حال كل‬
‫محتاج ومظلوم دند السلطة‪ ،‬وصاروا ٌتحدثون نٌابة دنهم بصورة دامة ( ‪ ،)ٙ‬فنجد هإالء‬
‫العلماء المبادرٌن دند حدوث المظالم والتً ؼالبا ً ما كانت تإثر دلى أحوال الناس المعٌشٌة‪،‬‬
‫نحو فرض الضرابب والمكوس الباهظة ‪ ،‬أو مصادرة أموال الناس دون وجه حق‪ ،‬فنجد العلماء‬
‫فً مقدمة المدافعٌن دن حقوق الناس‪ ،‬ونجدهم فً مقدمة الوفود التً تصل إلى الخلٌفة من أجل‬

‫)ٔ) الراجحً‪ ،‬جٌهان سعٌد‪ ،‬األوضاع االجتمادٌة فً بؽداد من بداٌة القرن السادس الهجري حتى سقوط بؽداد‬
‫سنة ‪ٙ٘ٙ‬هـ ‪ٕٔ٘1-‬م‪ ،‬رسالة ماجستٌر(ؼٌر منشورة)‪ ،‬كلٌة ال شرٌعة والعلوم اإلسبلمٌة‪ ،‬جامعة أم‬
‫القرى‪ ،)ٕٓٓٙ(،‬ص ٘‪. ٔ1‬‬
‫)ٕ) المرجع نفسه‪. ٔ1٘ ،‬‬
‫)ٖ) سورة فاطر‪ ،‬آٌة (‪ )ٕ1‬؛ سورة المجادلة ‪ ،‬آٌة (ٔٔ) ‪.‬‬
‫)ٗ) الراجحً‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص٘‪. ٔ1‬‬
‫)٘) المرجع نفسه‪ ،‬ص٘‪. ٔ1‬‬
‫)‪ )ٙ‬كارال‪ ،‬آل كبلوسنر‪ ،‬دراسة فً اإلدارة المدنٌة فً العصر العباسً الوزارة انمواجا ً (‪ٗٗ7‬هـ ‪-‬‬
‫٘٘ٓٔم‪٘9ٓ/‬هـ ‪ٔٔ9ٗ-‬م)‪ ،‬ترجمة وتعلٌق دبد الجبار ناجً‪ ،‬طٔ‪ ،‬بٌت الحكمة‪( ،‬بؽداد‪ ،)ٕٓٓٔ ،‬ص٘٘ ‪.‬‬
‫ٕٓٔ‬
‫درض ما ومع دلى العامة من ظلم أو أزمات‪ ،‬طالبٌن من الخبلفة مد ٌد العون وحل المشاكل‬
‫( ٔ) ‪.‬‬
‫ورفع الظلم‬
‫وومؾ دلماء الحنابلة وفقهابهم بوجه كل من حاول مصادرة أموال الناس وحقومهم ومنها‪:‬‬
‫مصادرة أموال الموارٌث التً ال وارث لها‪ ،‬ووضعها فً خزٌنة الدولة ‪ ،‬واألصح هو أن اوي‬
‫األرحام من أمرباء المتوفى أحق بهال األموال‪ ،‬فعندما طلب الخلٌفة الظاهر من الشٌخ صالح‬
‫الجٌلً أن ٌتولى منصب ماضً القضاة‪ ،‬رفض الشٌخ الك الطلب‪ ،‬وجعل موافقته مشروطة‬
‫بت ورٌث اوي األرحام‪ ،‬فقال الخلٌفة‪ " :‬أدطِ كل اي حق حقه‪ "...‬فكان الشٌخ ٌعٌد الحقوق‬
‫الشردٌة إلى أصحابها دون أن ٌرجع إلى الخلٌفة ( ٕ)‪ ،‬كما أداد الشٌخ دبد العزٌز بن دلؾ الكثٌر‬
‫من التركات إلى أصحابها والك دندما تولى دٌوان التركات الحشرٌة‪ ،‬ومن جملة هال التركات‪،‬‬
‫تركت رجل من هماان مات فً بؽداد فتصرؾ دٌوان الزكاة فً أمواله بناءً دلى انه ال وارث‬
‫له‪ ،‬ثم بعد سنه اثبت ابن دمه نسبه واستحقامه للتركة دند الحاكم ابن دلؾ‪ ،‬فؤداد التركة إلٌه‬
‫بموجب الشرع ( ٖ) ‪.‬‬
‫لم ٌكن دور العلماء فً إرجادهم لحقوق العامة المؽتصبة مقتصراً دلى الخبلفة العباسٌة بل‬
‫تعدى الك حتى وصل إلى سبلطٌن السبلجقة‪ ،‬فبعد أن أصبحت الضرابب والمكوس تثقل كاهل‬
‫الناس من الفقراء وتإثر دلى معٌشتهم‪ ،‬اشتكى بعضهم دند الشٌخ الزاهد‬
‫أحمد بن أبً ؼالب ( ٗ)‪( ،‬ت‪٘ٗ1‬هـ‪ٖٔٔ٘/‬م)‪ ،‬وطلبوا منه مساددتهم فً التخلص من هاا‬
‫العبء فودظ الشٌخ أحمد السلطان السلجومً مسعود مودظة دظٌمة‪ ،‬حتى رق ملبه وظهر دلٌه‬
‫الخشوع‪ ،‬وبعد أن انتهى الشٌخ من ودظه طلب من السلطان مسعود إبطال الضرابب والمكوس‬
‫( ٘) ‪.‬‬

‫)ٔ) المسعودي‪ ،‬مروج الاهب‪ ٔٗٓ/ٕ ،‬؛ امتصرت المصادرات فً بداٌة أمرها دلى مصادرة أموال الوالة‬
‫والموظفٌن ومن له صلة بالدولة‪ ،‬إال أنه ا خرجت دن الك وأصبحت شبه ضرٌبة وسٌاسة مالٌة متبعة من مبل‬
‫الدولة حتى شملت أبن اء الوزراء والقضاة والموظفٌن الكبار فً الدولة وحاشٌتهم‪ ،‬وحتى أصحاب الموارٌث‪،‬‬
‫لبلطبلع أكثر ٌنظر‪ ،‬تحسٌن ‪،‬حمٌد مجٌد‪ ،‬المصادرات فً العراق فً القرنٌن الثالث والرابع الهجري طبٌعتها‬
‫واثرها السٌاسٌة واالمتصادٌة‪ ،‬أطروحة دكتورال(ؼٌر منشورل)‪ ،‬كلٌة اآلداب‪ ،‬جامعة بؽداد‪، )ٔ91ٓ(،‬ص ٖٗٔ‬
‫وما بعدها ‪.‬‬
‫)ٕ) ابن رجب ‪،‬المصدر السابق‪ ٗٔ7/ٖ ،‬؛ ٌبدو أن هناك محاوالت كثٌرل من مبل المتنفاٌن فً الدولة للسٌطرة‬
‫دلى تركات األؼنٌاء بحجة أ ن ال وارث لهم‪ ،‬ومنا دهد الخلٌفة المعتمد دلى هللا وضعت الضرٌبة دلى‬
‫الموارٌث وألول مرة وانشؤ لالك دٌوان الموارٌث‪ ،‬وملد العمال فً بداٌة األمر من أجل مصادرة األموال من‬
‫هال التركات ا لتً ال وارث لها من دصبه‪ ،‬وٌبدو أن مما شجع الدولة دلى هاا العمل أن هناك من العلماء‬
‫والفقهاء من ٌرى أن بٌت المال احق من األبادد من اوي األرحام‪ ،‬أي أنها استندت إلى أساس شردً فً ومت‬
‫كانت الدولة بؤمس الحاجة لؤلموال لتؽطٌة العجز الحاصل فً مٌزانٌتها؛ ٌنظر درٌب القرطبً‪ ،‬ابن سعد صلة‬
‫تارٌخ الطبري‪ ،‬منشور ضمن الجزء الحادي دشر من تارٌخ الرسل والملوك‪ ،‬طٕ‪ ،‬دار التراث ‪ (،‬بٌروت‪،‬‬
‫‪ٖٔ17‬هـ)‪ ،‬ص ٔٔ ‪. ٔٓٓ -‬‬
‫)ٖ) العلٌمً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٗ٘/ٗ ،‬‬
‫)ٗ) أحمد بن أبً ؼالب بن أحمد بن دبدهللا بن محمد الوراق المعروؾ بابن الطبلٌة‪ ،‬كان شٌخا ً صالحا ً زاهداً‬
‫كثٌر العبادة‪ ،‬توفً سنة(‪٘ٗ1‬هـ‪ٖٔٔ٘/،‬م)‪ ،‬ودفن بباب حرب‪ ،‬ابن الدمٌاط‪ ،‬المستفاد ‪ ٗٗ/ٔ ،‬؛الصفدي‪ ،‬الوافً‬
‫بالوفٌات ‪ ٔ1ٔ/7 ،‬؛ الاهبً‪ ،‬سٌر‪ ٕٙٔ/ٕٓ ،‬؛ ابن األثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٔٓ/9 ،‬‬
‫)٘) الٌافعً ‪ ،‬أبو محمد دفٌؾ الدٌن دبدهللا بن اسعد‪ ،‬مرآة الجنان ودبرة الٌقظان فً معرفة ما ٌعتبر من‬
‫حوادث الزمان‪ ،‬تحقٌق خلٌل منصور‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪(،‬بٌروت‪ ،)ٔ997 ،‬جٖ‪ ،‬ص‪. ٕٔ9‬‬
‫ٖٓٔ‬
‫لم ٌقتصر إسهام دلماء الحنابلة ودورهم فً إرجاع الحقوق والدفاع دن المظلومٌن فحسب‬
‫بل دملوا دلى مساددة ال ناس من خبلل االهتمام بشإونهم ومضاء حوابجهم‪ ،‬فقد إدوا دوراً‬
‫بارزاً فً هاا المجال‪ ،‬وخاصة أولبك العلماء الاٌن تولوا مناصب إدارٌة أو دٌنٌة فً الدولة‪ ،‬بل‬
‫وحتى الاٌن كانوا دلى دبلمة طٌبة مع الخبلفة العباسٌة ومع أرباب الدولة‪ ،‬ومن هإالء الوزٌر‬
‫دون الدٌن ابن هبٌرة‪ ،‬فقد سادد الكثٌر من الناس خاصة بعد أن تولى الوزارة‪ ،‬فقد خصص‬
‫جزءاً من ومته لقضاء حوابج الناس والنظر فً المظالم‪ ،‬ونصرة المظلومٌن حتى اصبح من‬
‫خٌرة الوزراء وأكثرهم ددالً وصبلحا ً وحرمة ( ٔ) ‪.‬‬
‫كما كان الشٌخ دبد العزٌز بن دلؾ مساردا ً إلى مضاء حوابج الناس والسعً بنفسه إلى‬
‫دور األكابر فً الشفادات‪ ،‬واطبلق سراح المعتقلٌن ( ٕ)‪ ،‬وكان ٌفعل الك مع الؽرٌب والقرٌب‬
‫والبعٌد وبصدر منشرح‪ ،‬وملب طٌب‪ ،‬وكان محبا ً إلٌصال الخٌر إلى الناس ودفع الضرر دنهم‪،‬‬
‫وكان كثٌر الصدمة والمعروؾ‪ ،‬والمواساة بماله حال فقرل وحال ؼنال‪ ،‬وكان ال ٌمل من‬
‫الشفادات ومضاء حوابج الناس‪ ،‬حتى لو مٌل‪ :‬إنه لم َ‬
‫ٌبق فً بؽداد من ؼنً وفقٌر إال مضال‬
‫حاجة لكان حق ( ٖ) ‪.‬‬
‫وكان الفقٌه دبدالوهاب بن دبد القادر الجٌلً ( ٗ)‪( ،‬تٖ‪٘9‬هـ‪ٔٔ9ٙ/‬م)‪ٌ ،‬قضً حوابج‬
‫الناس والك من خبلل درض طلباتهم لدى الخلٌفة الناصر لدٌن هللا لقضابها‪ ،‬كما كان ٌتابع‬
‫شإونهم والسعً فً مصالحهم لما له من مكانة كبٌرة دند الخلٌفة( ٘)‪،‬وكان البن النٌار ( ‪،)ٙ‬‬
‫(ت‪ٙ٘ٙ‬هـ‪ٕٔ٘1/‬م)‪ ،‬دور فً ددم العامة والوموؾ إلى جانبهم‪ ،‬وكان متابعا ً لشإون الناس‬
‫سادٌا ً فً مضاء حوابجهم دند أرباب الدولة‪ ،‬فكان ٌحمل الرماع الكثٌرة والتً فٌها طلبات الناس‬
‫لحل مشاكلهم ومضاء حوابجهم دند الخلٌفة ( ‪. )7‬‬

‫ب‪ :‬دلماء الحنابلة ودورهم فً التكافل االجتمادً‬


‫كان لعلماء الحنابلة دور فً التشجٌع دلى التكافل االجتمادً فً المجتمع والك من خبلل‬
‫انفاق األموال دلى الفقراء والمحتاجٌن‪ ،‬والك من أجل القضاء دلى الفقر وتقلٌل الفوارق‬

‫)ٔ) ‪-‬ابن العمرانً‪ ،‬محمد بن دلً بن محمد‪ ،‬األنباء فً تارٌخ الخلفاء‪ ،‬تحقٌق ماسم السامرابً‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار األفاق‬
‫العربٌة‪( ،‬القاهرة‪ ،)ٕٓٓٔ ،‬ص‪. ٔ٘7‬‬
‫)ٕ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗ7ٖ/ٖ ،‬‬
‫)ٖ) المصدر نفسه‪ ٗ7ٗ/ٖ ،‬؛ ابن الدبٌثً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕ٘ٗ/ٔ ،‬‬
‫)ٗ) دبدالوهاب بن دبد القادر بن أبً صالح الجٌلً أبو دبدهللا بن محمد‪ ،‬الفقٌه الحنبلً‪ ،‬من أهل باب األزج‪،‬‬
‫الفقه دلى والدل حتى برع فٌه‪ ،‬ودرّ س بمدرسة والدل وهو حً نٌابة دنه‪ ،‬ولم ٌكن فً أوالد أبٌه أمٌز منه؛ ابن‬
‫النجار‪ ،‬محب الدٌن أبً دبدهللا محمد بن محمود‪ ،‬اٌل تارٌخ بؽداد‪ ،‬تحقٌق مصطفى دبد القادر دطا‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمٌة‪(،‬بٌروت‪ ،)ٔ997 ،‬جٔ‪ ،‬ص ‪. ٕٓ1‬‬
‫)٘) الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم‪. ٕٕ/٘1 ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن النٌار‪ :‬هو صدر الدٌن أبو الحسن ابن النٌار دمل مإدبا ً لؤلمام الم ستعصم‪ ،‬فلما صارت له الخبلفة رفعه‬
‫ودظمه وصارت له وجاهة دندل‪ ،‬مات متٌبل حٌن دخل هوالكو بؽداد‪ ،‬ابن كثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٔٗ/7 ،‬‬
‫)‪ )7‬الطقطقً‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬صٕٕٔ ‪.‬‬

‫ٗٓٔ‬
‫الطبقٌة بٌن أبناء المجتمع البؽدادي‪ ،‬فقد أسهم هإالء العلماء السٌما األؼنٌاء منهم بشكل كبٌر فً‬
‫مضاء حوابج الناس والتصدق دلى الفقراء‪ ،‬وطبلب العلم والتكفل بمعٌشتهم‪ ،‬ومد أدى الك إلى‬
‫رفع منزلتهم وحصلوا دلى مكانة اجتمادٌة مرمومة‪ ،‬ومن ث َّم استطادوا ممارسة التؤثٌر دلى‬
‫الناس وتوجٌههم التوجٌه الصحٌح ( ٔ)‪ ،‬ولقد تصدق العلماء بهال األموال تقربا ً إلى هللا سبحانه‬
‫وتعالى‪ ،‬فقد رؼب دز وجل دبادل باإلنفاق فً سبٌله ووددهم بمضادفة حسناتهم‪ ،‬وهً ال تقل‬
‫دن الزكاة فً األجر‪ ،‬كما أنها ؼٌر محدودة بمقدار معٌن فالفرد له الحرٌة فً إخراج ما ٌستطٌع‬
‫إخراجه‪ ،‬بمقدار حبه للخٌر وابتؽابه مرضاة هللا تعالى ( ٕ)‪ ،‬ونظراً ألهمٌة الصدمة فؤنها مرنت‬
‫َن تََنالُوا الْبِ َّر َحتَّى تُْن ِف ُقوا ِم َّما تُ ِحُّبو َن َوَما تُْن ِف ُقوا ِم ْن َش ْي ٍء َفِإ َّن اللَّ َو‬
‫باألٌمان والعمل الصالح‪ ،‬مال تعالى‪ " :‬ل ْ‬
‫ت َسبْ َع َسنَابِ َل فِي‬ ‫يل اللَّ ِو َك َمثَ ِل َحبَّ ٍة أَنْبَتَ ْ‬‫ين يُنْ ِفقُو َن أَ ْمَوالَهُ ْم فِي َسبِ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫يم" ‪ ،‬وقوله تعالى‪َ " :‬مثَ ُل الذ َ‬
‫( ‪)9‬‬ ‫ِ ِ‬
‫بِو عَل ٌ‬
‫ِ ِ‬ ‫ف لِ َم ْن يَ َ‬ ‫ضِ‬ ‫كُ ِّل ُس ْنبُلَ ٍة ِمائَةُ َحبَّ ٍة َواللَّوُ يُ َ‬
‫يم " ( ٗ) ‪.‬‬ ‫شاءُ َواللَّوُ َواس ٌع َعل ٌ‬ ‫اع ُ‬

‫وروي دن النبً محمد (صلى هللا دلٌه وسلم)‪ " ،‬ما تصدق أحد بصدمة من طٌب ‪ ،‬وال‬
‫ٌقبل هللا أال الطٌب‪ ،‬أال أخاها الرحمن بٌمٌنه وان كانت تمرة فتربو فً كؾ الرحمن حتى تكون‬
‫أدظم من الجبل‪ ،‬كما ٌربً أحدكم فلول أو فصٌله " ( ٘) ‪.‬‬
‫وٌمكن القول‪ :‬إن ما مام به دلماء الحنابلة من تقدٌم الصدمات وتوزٌعها دلى الفقراء إنما هو‬
‫امتداءً بالنبً (صلى هللا دلٌه وسلم) وبمنهج اإلمام أحمد بن حنبل إمام الماهب الاي درؾ دنه‬
‫( ‪)ٙ‬‬
‫أر الفقٌر فً مجلس أدز منه فً مجلس أبً‬ ‫تقربه للفقراء وحبه لهم فٌقول المرواي‪ " :‬لم َ‬
‫دبدهللا كان ماببل إلٌهم مقصراً دن أهل الدنٌا " ( ‪ ،)7‬فكان دلماء الحنابلة سبامٌن إلى مساددة‬
‫الناس بوصفها من العبادات التً تقرب العبد إلى ربه ومن هإالء العلماء‪ ،‬أحمد بن دبدالوهاب‬
‫( ‪(،)1‬تٗٔ٘هـ‪ ٕٔٔٓ/‬م)‪ ،‬كان كثٌر الصدمات للفقراء والمحتاجٌن‪ ،‬ومتعاهد أهل العلم وٌقضً‬
‫حوابجهم ( ‪ ،)9‬كما اشتهر العالم واألدٌب أبو طالب ٌحٌى بن سعٌد بن زٌادل (ت‬
‫ٗ‪٘9‬هـ‪ ٔٔ91/‬م)‪ ،‬بمساددته للناس ‪ ،‬فكانت له زاوٌة فً بؽداد ٌؤوي إلٌها الفقراء‪ ،‬وكان ٌقدم‬

‫)ٔ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖ1- ٖ٘/ٔ ،‬‬


‫)ٕ) المختار‪ ،‬مهند نافع خطاب‪ ،‬دور العلماء وجهودهم تجال األزمات االمتصادٌة فً العراق فً العصر‬
‫العباسً(ٕٖٔ ‪ٙ٘ٙ-‬هـ‪ ٕٔ٘1- 7ٗ9/‬م)‪ ،‬مجلة آداب الرافدٌن‪ ،‬العدد ‪ ،ٔٙ(،ٙ1‬اٌلول‪ ،)ٕٖٓٔ،‬صٖٖٓ ‪.‬‬
‫)ٖ) سورة آل دمران‪ ،‬آٌة(ٕ‪. )9‬‬
‫)ٗ) سورة البقرة‪ ،‬آٌة (ٔ‪. )ٕٙ‬‬
‫)٘) اإلمام مسلم‪ ،‬أبو الحسٌن مسلم بن الحجاج بن مسلم‪ ،‬صحٌح مسلم‪ ،‬تحقٌق مجمودة محققٌن‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار‬
‫الجٌل‪(،‬بٌروت‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬جٖ‪ ،‬ص٘‪. 1‬‬
‫)‪ )ٙ‬المرواي ‪ :‬هو أحمد بن محمد بن الحجاج‪ ،‬الفقٌه المحدث‪ ،‬كان من اجل أصحاب اإلمام أحمد‪ ،‬ومن كبار‬
‫دلماء بؽداد‪ ،‬اخا من اإلمام أحمد دلما ً كثٌراً وصحبه إلى أن مات‪ ،‬توفً سنة (ت٘‪ٕ7‬هـ‪111/‬م)‪ ،‬الاهبً‪،‬‬
‫العبر‪. ٖ9ٙ/ٔ ،‬‬
‫)‪ )7‬الاهبً ‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم‪. ٖ1ٓ/ٙ ،‬‬
‫)‪ )1‬أحمد بن دبد الوهاب بن هبة هللا بن دبدهللا بن أحمد بن محمد بن السٌبً أبو البركات‪ ،‬كان له معرفة فً‬
‫األدب والشعر‪ ،‬تولى تؤدٌب أوالد المستظهر‪ ،‬وتولى النظر فً المخزن فً والٌة المسترشد فبقً دلٌه إلى ان‬
‫مات‪ ،‬الصفدي‪ ،‬الوافً‪. ٔٓ9/7 ،‬‬
‫)‪ )9‬ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪ ٔ11/ٔ7 ،‬؛ ابن كثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٖٕ/ٕٔ ،‬‬

‫٘ٓٔ‬
‫لهم الصدمات الكثٌرة ( ٔ) ‪ ،‬كالك كان العالم دبد الؽنً بن أبً بكر ( ٕ)‪ٕٙ9(،‬هـ‪ٕٖٕٔ/‬م)‪ ،‬كان‬
‫شٌخا ً كرٌما ً سمحاً‪ ،‬لم ٌكن فً بؽداد فً دصرل مثله‪ ،‬كان زاهداً تقٌا ً ٌحب تقدٌم المساددة‬
‫للناس‪ ،‬فكانت له زاوٌة فً بؽداد ٌؤوي إلٌها الناس من الفقراء والمحتاجٌن‪ ،‬ولم ٌكن ٌبخل دلٌهم‬
‫بشًء‪ ،‬وكان كلما أتال مال فرمه دلى أهل الحوابج‪ ،‬وكان أؼلب الناس الاٌن ٌؤتون إلٌه ال‬
‫ٌملكون أي شًء من متاع الدنٌا‪ٌ ،‬قول الصفدي‪ " :‬كان ٌفتح دلٌه مبل ؼروب الشمس بؤلؾ‬
‫دٌنار فٌفرمها " ( ٖ) ‪.‬‬
‫وكان العالم دبد العزٌز بن دلؾ بن أبً طالب‪ ،‬كثٌر الصدمات كثٌر المروءة‪ ،‬له جال‬
‫وحرمه دند دامة الناس لما كان ٌقدمه من منفعة ومضابه لحوابج الناس ( ٗ)‪ ،‬وكان بعض العلماء‬
‫العلماء ٌجعل مجلسه خاصا ً للفقراء منهم العالم أبو سعد دمر بن البزار‬
‫( ٘)‪(،‬ت‪ٙٓ1‬هـ‪ٕٔٔٔ/‬م)‪ ،‬الاي كان كثٌر اإلحسان دلى الفقراء ( ‪ ،)ٙ‬وكان ابن هبٌرة كثٌر البر‬
‫والصدمات من ماله الخاص‪ ،‬مال دنه ابن الجوزي‪ " :‬كان ٌكثر مجالسة العلماء والفقراء وكانت‬
‫أمواله مباولة لهم وللتدبٌر‪ ،‬فكانت السنة تدور ودلٌه دٌون " ( ‪ )7‬كما أنه ٌقٌم مؤدبة فً رمضان‬
‫لٌفطر دلٌها الفقراء وكان هاا حاله طٌلة أٌام شهر رمضان( ‪ ،)1‬حتى أنه كان ٌقول‪ :‬ما وجبت‬
‫دلً زكاة مط لكثرة ما ٌنفق من أموال دلى الفقراء( ‪ ، )9‬وكالك العالم ابو دبدهللا بن السقا ( ٓٔ)‪،‬‬
‫(تٕ‪٘7‬هـ‪ٔٔٙ7/‬م)‪ ،‬كان رجبلً صالحا ً ٌعلم الناس القراءة وكان ٌستقً الماء وٌحمله إلى بٌوت‬
‫الناس المحتاجة دون أن ٌؤخا منهم شٌبا ً مقابل أتعابه ( ٔٔ) ‪.‬‬
‫ووصؾ الشٌخ دبد القادر الجٌلً ‪( ،‬تٔ‪٘ٙ‬هـ‪ٔٔٙٙ/‬م)‪ ،‬بؤنه كان ٌقؾ مع الصؽٌر وٌومر‬
‫الكبٌر وٌجالس الضعفاء وٌتواضع للفقراء‪ ،‬وكان ٌنفق األموال وٌطعم الطعام دلى الفقراء‬
‫واوي الحاجة‪ ،‬وكان ٌقول‪ " :‬فتشت دن األدمال كلها فما وجدت فٌها افضل من إطعام الطعام‪،‬‬

‫)ٔ) ابن حجر العسقبلنً‪ ،‬أبو الفضل أحمد بن دلً‪ ،‬تبصٌر المنتبه بتحرٌر المشتبه‪ ،‬تحقٌق محمد دلً النجار‪،‬‬
‫د‪.‬ط‪ ،‬المكتبة العلمٌة‪(،‬بٌروت‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬جٕ‪ ،‬ص ‪. ٙٗ7‬‬
‫)ٕ) دبد الؽنً بن أبً بكر‪ :‬هو أبو بكر دبد الؽنً بن أبً بكر بن شجاع البؽدادي الحنبلً المعروؾ بابن نقطه‬
‫ولد سنة(‪٘79‬هـ‪ٕٔٓٔ/‬م)‪،‬صنؾ كتبا ً فً معرفة دلوم الحدٌث واألنساب‪ ،‬كان إماما ً زاهداً‪ ،‬سمً ابن النقطة‬
‫دلى جارٌة ربت جدل شجاع‪ ،‬الاهبً‪ ،‬شمس الدٌن أبو دبدهللا محمد بن أحمد‪ ،‬تاكرة الحفاظ‪ ،‬تحقٌق دبد‬
‫الرحمن بن ٌحٌى المعلمً‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪(،‬بٌروت‪ ،)ٔ991 ،‬جٗ‪ ،‬ص‪. ٖٔ1‬‬
‫)ٖ) الوافً بالوفٌات‪ ٕٖ/ٔ9 ،‬؛ الاهبً‪ ،‬سٌر‪. ٖٗ7/ٕٕ ،‬‬
‫)ٗ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗ7ٖ/ٗ ،‬‬
‫)٘) أبو سعد دمر بن البزار‪ :‬هو أبو سعد دمر بن مسعود أبً العز أبو القاسم البزار البؽدادي‪ ،‬كان من‬
‫الصالحٌن الزاهدٌن ٌجتمع إلٌه الفقراء وٌحسن إلٌهم‪ ،‬ابن األثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕ1ٖ/ٔٓ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬المصدر نفسه‪. ٕ1ٖ/ٔٓ ،‬‬
‫)‪ )7‬ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. ٔٙ7/ٔ1 ،‬‬
‫)‪ )1‬المصدر نفسه‪. ٔ9ٔ/ٔ1 ،‬‬
‫)‪ )9‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٔ٘/ٕ ،‬‬
‫)ٓٔ) أبو دبدهللا بن السقا‪ :‬هو محمد بن دلً بن محمد بن دلً بن محمد بن مهند بن السقا الحرٌمً‪ ،‬المقرئ‪،‬‬
‫كان شٌخا ً صالحا ً زاهداً ٌعلم الناس القراءة الصحٌحة‪ ،‬وكان متعففا ً مسادداً للفقراء وٌقدم لهم الخدمات دون‬
‫مقابل‪ ،‬الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلم‪. ٔٓ7/ٗٓ ،‬‬
‫)ٔٔ) الاهبً‪ ،‬شمس الدٌن محمد بن أحمد بن دثمان ‪ ،‬المختصر المحتاج إلٌه من تارٌخ الحافظ الدبٌثً‪ ،‬تحقٌق‬
‫مصطفى جواد‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪( ،‬بٌروت‪ ،)ٔ91٘ ،‬ج٘ٔ‪ ،‬صٔ٘ ‪.‬‬
‫‪ٔٓٙ‬‬
‫أو ُد لو أن الدنٌا بٌدي ُ‬
‫فؤطعمها الجٌاع " ( ٔ) ‪ ،‬وكان كثٌر األنفاق دلى الفقراء حتى وصؾ حاله‬
‫بقوله‪ " :‬كفً مثقوبة ال تضبط شٌباً‪ ،‬لو جاءنً الؾ دٌنار لم أبٌتها " ( ٕ)‪ ،‬وكان بٌت الشٌخ‬
‫محمود بن النعال ( ٖ)‪( ،‬ت‪ٙٓ9‬هـ‪ٕٕٔٔ/‬م)‪ ،‬مكانا ً ٌجتمع فٌه الفقراء والمحتاجون وطلبة العلم‬
‫الرحالة ( ٗ) ‪.‬‬

‫ثانٌا ً ‪ :‬وعظ العامة‬


‫حث القرآن الكرٌم المسلمٌن دلى سماع الودظ ألهمٌته دلى سلوك المسلمٌن فقال تعالى‬
‫وعظُو َن بِِو لَ َكا َن َخ ْي ًرا ل ُ‬
‫َه ْم َوأَ َش َّد تَثْبِ ًيتا " ( ٘)‪ ،‬وفً آٌة أخرى مال‬ ‫فً محكم التنزٌل‪َ " :‬ول َْو أَنَّ ُه ْم فَ َعلُوا َما يُ َ‬
‫ين" ( ‪ ،)ٙ‬وكان رسول هللا (صلى هللا دلٌه‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مال تعالى‪ " :‬وج ِ ِ ِ‬
‫ْح ُّق َوَم ْوعظَةٌ َوذ ْك َرى ل ْل ُم ْؤمن َ‬‫اء َك في َىذه ال َ‬ ‫ََ َ‬
‫وسلم )‪ ،‬خٌر الوادظٌن ‪ ،‬فكان ٌعظ أصحابه وٌخوفهم وٌحارهم ‪ ،‬ومن الك ما اكرل الصحابً‬

‫)ٔ) العمري‪ ،‬شهاب الدٌن أحمد بن ٌحٌى ‪ ،‬مسالك األبصار فً ممالك األمصار‪ ،‬تحقٌق كامل سلمان الجبوري‪،‬‬
‫د‪.‬ط ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪(،‬بٌروت‪ ،)ٔ97ٔ ،‬ج‪ ،1‬صٕٓٔ ‪. ٕٔٔ-‬‬
‫)ٕ) المصدر نفسه‪. ٕٔٔ/1 ،‬‬
‫)ٖ) الشٌخ محمود بن النعال‪ :‬هو أبو الشكر محمود بن دثمان بن مكارم النعال البؽدادي االزجً الحنبلً‪ ،‬الفقٌه‬
‫الوادظ الزاهد‪ ،‬ولد فً بؽداد سنة(ٖٕ٘هـ‪ٕٔٔ9/‬م)‪ ،‬وصحب الشٌخ دبد القادر الجٌلً‪ ،‬كان فقٌها ً ومفسراً‪،‬‬
‫الصفدي‪ ،‬الوافً بالوفٌات‪. ٖ7ٖ/ٕ ،‬‬
‫)ٗ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪ ٙٗ/ٗ ،‬؛ ابن العماد الحنبلً‪ ،‬المصدر السابق‪. 7ٔ/7 ،‬‬
‫)٘) سورة النساء‪ ،‬اآلٌة‪. )ٙٙ( ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬سورة هود‪ ،‬اآلٌة‪. )ٕٔٓ(،‬‬

‫‪ٔٓ7‬‬
‫العرباض بن سارٌة إا مال‪ " :‬مام فٌنا رسول هللا (صلى هللا دلٌه وسلم )‪ ،‬اات ٌوم فودظنا‬
‫مودظة بلٌؽة وجلت منها القلوب وارفت منها العٌون " ( ٔ) ‪.‬‬
‫عد مجالس الودظ من أهم المظاهر االجتمادٌة التً مٌزت القرن السادس الهجري‪ /‬الثانً‬ ‫وتُ ُّ‬
‫دشر مٌبلدي‪ ،‬فقد كثرت مجالس الودظ والوداظ ببؽداد‪ ،‬وتصدى من العلماء للودظ حتى صار‬
‫من الوداظ من هو لٌس أهبلً للودظ‪ٌ ،‬قول ابن الجوزي‪ " :‬خسبت هال الصنادة فتعرض لها‬
‫الجهال‪ ،‬فبعد دن الحضور دندهم الممٌزون من الناس‪ ،‬وتعلق بهم العوام والنساء فلم ٌتشاؼلوا‬
‫بالعلم وامبلوا دلى القصص‪ ،‬وما ٌُعجب الجهلة‪ ،‬وتنودت البدع فً هاا الفن " ( ٕ) ‪.‬‬
‫لقد ساددت الكثٌر من العوامل دلى ازدٌاد مجالس الودظ واإلمبال دلٌها‪ ،‬ومن هال‬
‫األسباب اضطراب األوضاع السٌاسٌة نتٌجة التسلط األجنبً دلى جوانب الحٌاة العامة فً الك‬
‫العصر ( ٖ)‪ ،‬وما ت رتب دلى الك من انعكاسات سلبٌة دلى وامع الحٌاة االجتمادٌة واالمتصادٌة‬
‫وشٌوع االنحرافات الفكرٌة‪ ،‬وظهور النعرات الطابفٌة وتزاٌد الفتن الماهبٌة ( ٗ)‪ ،‬كما شهدت هال‬
‫هال الفترة انتشار البدع واألهواء التً صارت تمارس أحٌانا ً فً الطرمات العامة بتشجٌع من‬
‫األمراء السبلجقة ( ٘) ‪.‬‬
‫كل هال العوامل أسهمت فً زٌادة مجالس الودظ‪ ،‬وازدٌاد حاجة الناس إلى االستماع لهال‬
‫المجالس‪ ،‬كما دفعت تلك األسباب الفقهاء والعلماء إلى اتخاا الودظ الدٌنً وسٌلة للقٌام بواجبهم‬
‫الدٌنً تجال ما ٌجري من أحداث فً بؽداد فً تلك الحقبة‪ ،‬ونتٌجة لالك فقد ادى الودظ دورٌن‬
‫مهمٌن ‪ ،‬تمثل الدور األول بالددم الساسً للخبلفة العباسٌة من خبلل الددوة إلى الجهاد‪،‬‬
‫ومقاومة المحتل‪ ،‬ومساندة الخبلفة وتقوٌتها تجال المحتل األجنبً ( ‪ ،)ٙ‬أما الدور الثانً فتمثل‬
‫بإسهام هال المجالس بالنهضة الفكرٌة التً شهدتها بؽداد فً تلك الفترة ( ‪. )7‬‬
‫ودلى الرؼم مما اكرنا من نتابج إٌجابٌة للودظ‪ ،‬إال أن هناك نتابج سلبٌة لهال المجالس‬
‫كانت سببا ً فً إصدار الخبلفة أوامر بمنع مجالس الودظ ‪ ،‬فقد كانت هال المجالس سببا ً فً‬
‫حصول الكثٌر من التصادمات الماهبٌة ‪ ،‬كما انتشرت البدع دن طرٌق بعض مجالس الودظ‬
‫مما دفع بالخبلفة إلى منع مجالس الودظ أو تحدٌدها‪ ،‬ومن الك ما حدث سنة‬
‫(ٕ٘٘هـ‪ٔٔ٘7/‬م)‪ ،‬أُاِ َن للوداظ بالجلوس بعد أن منعوا مرابة السنتٌن‪ ،‬بعد اشتداد التناحر‬
‫الماهبً بٌن أصحاب تلك المجالس ( ‪ ،)1‬وفً سنة (ٕ‪٘7‬هـ‪ٔٔ7ٙ/‬م)‪ ،‬صدر أمر بمنع مجالس‬
‫الودظ إال ثبلثة وداظ‪ ،‬وهم ابن الجوزي من الحنابلة‪ ،‬والقزوٌنً من الشافعٌة‪ ،‬وصهر العبادي‬

‫)ٔ) ابن ماجه‪ ،‬ابو دبدهللا محمد بن ٌزٌد‪ ،‬سنن ابن ماجه‪ ،‬تحقٌق محمد فإاد دبد البامً‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار احٌاء الكتب‬
‫العربٌة‪ (،‬د‪.‬م ‪،‬د‪.‬ت)‪ ،‬جٔ‪ ،‬ص٘ٔ ‪.‬‬
‫)ٕ) تلبٌس إبلٌس‪ ،‬صٔٔٔ ؛ الراجحً‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. ٖٖ7‬‬
‫)ٖ) السامرابً‪ ،‬خلٌل إبراهٌم وآخرون‪ ،‬تارٌخ الدولة العربٌة اإلسبلمٌة فً العصر العباسً(ٕٖٔ ‪ٙ٘ٙ-‬هـ‪- 7ٗ9/‬‬
‫‪ٕٔ٘1‬م)‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬المإسسة اللبنانٌة األكادٌمٌة‪(،‬بٌروت‪ ،)ٕٓٔٗ ،‬ص ٔٓٔ ‪.‬‬
‫)ٗ) ابن الجوزي‪ ،‬تلبٌس إبلٌس‪ ،‬ص ٕٖ٘‪. ٕٗٓ ،‬‬
‫)٘) ابن األثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٖٓ/9 ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬السٌوطً‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. ٖٗ1‬‬
‫)‪ )7‬الخطٌب البؽدادي‪ ،‬المصدر السابق‪. 1ٗ/ٖ ،‬‬
‫)‪ )1‬ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. ٔ9ٙ/ٔ1 ،‬‬

‫‪ٔٓ1‬‬
‫( ٔ) ‪ ،‬من الحنفٌة ( ٕ) ‪ ،‬كما صدر مرسوم بمنع جمٌع الودظ فً بؽداد والك فً سنة (٘ٗ‪ٙ‬هت‪/‬‬
‫‪ٕٔٗ7‬م) ( ٖ) ‪.‬‬
‫إن ما اكرنال ٌوضح مدى تؤثر الناس بمجالس الودظ سلبا ً وإٌجاباً‪ ،‬فكانت الخبلفة تشجع‬
‫تلك المجالس وتددمها دندما تكون بحاجة إلى الددم‪ ،‬وتمنعها أو تحد منها ااا كانت سببا ً فً‬
‫وموع الفتن الماهبٌة ‪.‬‬
‫كانت مجالس الودظ فً الك العصر تنقسم دلى مسمٌن‪ ،‬مجالس خصصت لعامة الناس‬
‫اشتهرت هال المجالس بكثرة الحضور وبمختلؾ المستوٌات الفكرٌة والثقافٌة واالجتمادٌة‪،‬‬
‫وكان الهدؾ من ها ل المجالس التودٌة واإلرشاد واألمر بالمعروؾ والنهً دن المنكر‪ ،‬ومن‬
‫هال المجالس مجلس الوادظ رزق هللا بن دبد الوهاب التمٌمً‪ ،‬كان ٌجلس بجامع المنصور‪،‬‬
‫وبجامع القصر وٌجتمع دندل العوام من الناس ووجهاء البلد‪ٌ ،‬ؤخاون منه النصابح‪ ،‬وٌتلااون‬
‫بجمٌل ودظه ( ٗ)‪ ،‬وكالك مجلس الشٌخ دبد القادر الجٌلً‪ ،‬الاي دقد مجالس الودظ لمدة طوٌلة‬
‫من سنة (ٕٔ٘هـ‪ٕٔٔ7/‬م) إلى سنة (ٔ‪٘ٙ‬هـ‪ٔٔٙ٘ /‬م)‪ ،‬وكان الناس ٌحضرون مجالسه بؤدداد‬
‫كبٌرة‪ ،‬فكان ٌحضر مجلسه معظم فبات المجتمع‪ ،‬وٌتوب دندل الكثٌر من أهل الانوب ‪ ،‬وكان‬
‫الناس ٌكتبون ما ٌقوله من ودظ ( ٘) ‪،‬أما القسم الثانً من هال المجالس ‪ ،‬فكانت دلى شكل حلقات‬
‫حلقات الدراسة ٌحضرها طبلب العلم ‪ ،‬ومد تخرج من هال الحلقات ابرز الوداظ وأشهرهم وهو‬
‫ابن الجوزي الاي كان ٌحضر حلقة ابن الزاؼونً بجامع القصر ( ‪ ،)ٙ‬كما أن الوادظ دبدالرحمن‬
‫دبدالرحمن بن دٌسى الٌزوري (تٗٓ‪ٙ‬هـ‪ٕٔٓ7/‬م)‪ ،‬أخا الودظ من حلقة ابن الجوزي التً‬
‫كان ٌعقدها بجامع القصر ( ‪ ، )7‬وهاا ٌإكد أن الودظ كان ٌدرّ س بحلقات دلمٌة دلى أٌدي وداظ‬
‫متخصصٌن‪ ،‬لهم دراٌة ودلم فً هاا الشؤن ‪.‬‬
‫وهناك صفات ٌجب أن ٌتحلى بها الوادظ حتى ٌكون ناجحا ً وٌإثر فً من ٌسمع كبلمه‪،‬‬
‫وابرز هال الصفات هً‪:‬‬
‫ٔ ‪ٌ -‬نبؽً دلى ا لوادظ أن ٌكون ملما ً بكل العلوم‪ ،‬ألنه ٌسؤل دن كل فن من فنون العلم وٌنبؽً‬
‫أن ٌكون مستعداً للجواب‪ ،‬وٌروى أن دلٌا ً بن أبً طالب (رضً هللا دنه) مر بقاص فقال له‪" :‬‬
‫أتعرؾ الناسخ والمنسوخ‪ ،‬فقال ال‪ ،‬مال هلكت وأهلكت " ( ‪. )1‬‬

‫)ٔ) صهر ا لعبادي هو مطب الدٌن ابو منصور المظفر بن اردشٌر العبادي‪ ،‬الوادظ العالم الزاهد‪ ،‬مدِم إلى بؽداد‬
‫سنة (ٓٗ٘هـ‪ٔٔٗ٘/‬م)‪ ،‬رسوالً من السلطان سنجر‪ ،‬وودظ ببؽداد فكان الناس ٌتسابقون إلى مجلسه‪ ،‬البنداري‪،‬‬
‫الفتح بن دلً االصفهانً ‪،‬تارٌخ آل سلجوق‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار األفاق الجدٌد ‪(،‬بٌروت‪ ،)ٔ971 ،‬ص ‪ ٔ91- ٔ97‬؛‬
‫ابن األثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖ1/9 ،‬‬
‫)ٕ) ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. ٕ9٘ /ٔ1 ،‬‬
‫)ٖ) بن الفوطً‪ ،‬الحوادث الجامعة‪ ،‬ص ‪ ٕ٘1‬؛ الؽسانً‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ٔ٘٘ ‪.‬‬
‫)ٗ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪77/ٔ ،‬‬
‫)٘) المصدر نفسه‪ ٕ9ٗ/ٔ ،‬؛ الصبلبً‪ ،‬دلً محمد ‪ ،‬الدولة الزنكٌة ونجاح المشروع اإلسبلمً بقٌادة نور الدٌن‬
‫الدٌن محمود الشهٌد فً مقاومة التؽلؽل الباطنً والؽزو الصلٌبً‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار المعرفة‪(،‬بٌروت‪ ،)ٕٓٓ7،‬ص‬
‫٘‪. ٖٙ‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن العماد الحنبلً‪ ،‬المصدر السابق‪. 1ٔ/ٗ ،‬‬
‫)‪ )7‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٗٔ/ٕ ،‬‬
‫)‪ )1‬ابن الجوزي‪ ،‬الق صاص والماكرٌن‪ ،‬ص ٔ‪. ٔ1‬‬

‫‪ٔٓ9‬‬
‫ٕ ‪ -‬حريٌّ بالوادظ أن ٌكون حافظا ً لحدٌث رسول هللا(صلى هللا دلٌه وسلم) دارفا ً بصحٌحه‬
‫وسقٌمه ومسندل ومقطوده‪ ،‬وأن ٌكون دالما ً بالتوارٌخ وسٌر السلؾ‪ ،‬وأن ٌكون صحٌح اللؽة‬
‫فصٌح اللسان‪ ،‬وان ٌكون من أهل التقوى‪ ،‬فبقدر التقوى ٌقع كبلمه فً القلوب فالمودظة ااا‬
‫خرجت من القلب الصادق ومعت فً القلب السامع ( ٔ) ‪.‬‬
‫ٖ ‪ -‬أ ن ٌتجنب فضول العٌش وٌلبس متوسط الثٌاب لكً ٌكون مدوة‪ٌ ،‬قول ابو الوفاء بن دقٌل‪" :‬‬
‫لكل موم زي ‪ ،‬فكما ال ٌحسن الؽناء إال من الجواري‪ ،‬وال الؽزل إال من داشق‪ ،‬وال النوح إال‬
‫من ثاكل ‪ ...‬فكالك ال ٌعمل الودظ إال من متقشؾ متزهد متورع " ( ٕ) ‪.‬‬
‫ٗ ‪ٌ -‬جب أن ٌمٌل الوادظ إلى التخوٌؾ أكثر من الترؼٌب‪ ،‬والك بسبب ؼلبة الطمع دلى‬
‫القلوب‪ ،‬واشتد التمسك بالدنٌا‪ ،‬وضعؾ الخوؾ‪ ،‬وال بؤس أن ٌستخدم بعض األبٌات التً تددوا‬
‫إلى التزهد‪ ،‬الن من الشعر حكمة ( ٖ) ‪.‬‬
‫٘ ‪ٌ -‬نبؽً للوادظ أن ٌعتزل العوام لٌكون لكبلمه ومع وهٌبه فً النفوس‪ ،‬وٌجب دلٌه ااا حضر‬
‫مج لس الوادظ نسوة ضرب بٌنهن وبٌن الرجال حجاب‪ ،‬وٌجب ودظهن وتخوٌفهن من تضٌٌع‬
‫حق الزوج‪ ،‬ونهٌهن دن التبرج والخروج ( ٗ) ‪.‬‬
‫‪ - ٙ‬وٌجب دلى الوداظ أن ال ٌتطرمون إلى القول بؤن القرآن مخلوق‪ ،‬وان صفات هللا تمر كما‬
‫جاءت ( ٘) ‪.‬‬
‫‪ - 7‬كما ٌنبؽً دلى الوادظ أن ٌوطد دبلمته مع المجتمع‪ ،‬والك من خبلل زٌارته إلى أصحابه‪،‬‬
‫وٌجب أن ٌتفقد أحوال الناس من حوله حتى إن كانوا من ؼٌر مسلمٌن‪ ،‬وٌجب أن ٌكون مطلعا ً‬
‫دلى أحوالهم ( ‪. )ٙ‬‬
‫ولقد انتشرت مجالس الودظ فً بؽداد انتشاراً واسعا ً " فبل ٌكاد ٌخلو ٌوم من أٌام جمعاتهم‬
‫من وادظ ٌتكلم فٌه " ( ‪ ،)7‬ولم تكن هال المجالس مقتصرة دلى المسلمٌن فقط بل كان ٌحضرها‬
‫الامٌون أٌضا‪ ،‬كما أن تلك المجالس لم تقتصر دلى ماهب واحد فقط‪ ،‬فكان ٌحضرها جمٌع‬
‫المااهب السنٌة منها والشٌعٌة‪ ،‬وهاا ٌعكس حرٌة الفكر وسعة األفق فً الك العصر ( ‪. )1‬‬
‫ومن ابرز مجالس الودظ فً الك العصر هو مجلس دبد القادر الجٌلً الاي أسلم دلى ٌدل‬
‫ددد كبٌر من الٌهود والنصارى ( ‪ ، )9‬ودلى الرؼم من انشؽال الشٌخ بالتدرٌس إال أنه لم ٌنقطع‬

‫)ٔ) المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪ ٕ1‬؛ مقدسً‪ ،‬نشؤة الكلٌات‪ ،‬ص ‪. ٖٖ7‬‬
‫)ٕ) ابن الجوزي‪،‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ٗ‪. ٔ1٘- ٔ1‬‬
‫)ٖ) المصدر نفسه‪ ،‬ص٘‪. ٖٙ‬‬
‫)ٗ) المصدر نفسه‪ ،‬ص ٕٗٔ ‪.‬‬
‫)٘) المصدر نفسه‪ ،‬ص ٕٗٔ ‪.‬‬
‫)‪ )ٙ‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ٗ٘ٔ ‪.‬‬
‫)‪ )7‬ابن جبٌر‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ٔ‪. ٔ9‬‬
‫)‪ )1‬مقلٌة‪ ،‬نادٌة بنت دبد الصمد بن دبد الكرٌم‪ ،‬دور العلماء فً الحٌاة العامة فً العراق خبلل العصر‬
‫السلجومً ‪٘9ٓ- ٗٗ7‬هـ‪ٔٔ9ٖ- ٔٓ٘٘/‬م‪ ،‬أطروحة دكتورال(ؼٌر منشورل)‪ ،‬كلٌة الشرٌعة والدراسات‬
‫اإلسبلمٌة‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،)ٕٓٔٗ(،‬ص ‪. ٔٓ7‬‬
‫)‪ )9‬ابن العماد الحنبلً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔ91/ٗ،‬‬

‫ٓٔٔ‬
‫دن مجالس الودظ العامة‪ ،‬والتً كان ٌهدؾ منها إلى إٌصال صوته إلى دامة الناس‪ ،‬وكانت‬
‫موادظه وخطبه مطابقة ألحداث دصرل‪ ،‬فكان ٌتناول شإونهم وما هم فٌه من دلل وأسقام‪،‬‬
‫فكان ٌطٌب ملوبهم بخطبه‪ ،‬وكانت هال الموادظ تجمع بٌن صولة الملوك ورمة الدداة ( ٔ)‪ ،‬وكان‬
‫وكان لمجلس الشٌخ التؤثٌر العظٌم والنفع الكثٌر " لم تكن مجالس سٌدنا الشٌخ دبد القادر ‪...‬‬
‫تخلو ممن ٌسلم من الٌهود والنصارى‪ ،‬وال ممن ٌتوب من مطاع الطرق وماتلً النفس‪ ،‬وؼٌر‬
‫الك من الفساق‪ ،‬وال ممن ٌرجع دن معتقد سًء " ( ٕ)‪ ،‬ولم ٌكن تؤثٌرل دلى المسلمٌن بل تعدى‬
‫الك إلى أهل الكتاب من الٌهود والنصارى " ومد أسلم دلى ٌدي اكثر من خمسة آالؾ من الٌهود‬
‫والنصارى‪ ،‬وتاب دلى ٌدي من العٌارٌن والمسالحة ‪ ،‬أكثر من مبة الؾ وهاا خٌر كثٌر " ( ٖ)‪.‬‬
‫وصار مجلس ودظه من أشهر المجالس فقد تنودت موادظه حتى شملت كل ما ٌُقرب إلى‬
‫ربه‪ ،‬وٌبعدل دن المعاصً‪ ،‬وضرورة اؼتنام الحٌاة مبل زوالها أي الحرص دلى التوبة مبل‬
‫فوات األوان‪ ،‬واستعمل الجٌلً (لؽة المتضادات) فً صٌؽة أوامر هً بمثابة النصابح‪ ،‬كما فً‬
‫موله " ٌا موم ابنوا ما نقضتم‪ ،‬اؼسلوا ما نجستم‪ ،‬اصلحوا ما أفسدتم‪ ،‬صفوا ما كدرتم‪ ،‬ردوا ما‬
‫أخاتم‪ ،‬ارجعوا إلى موالكم دز وجل " ( ٗ) ‪ ،‬وكان الشٌخ ٌحار من الكسل والؽفلة من دبادة هللا‪،‬‬
‫ألنها تقود إلى الهبلك‪ ،‬وكان ٌنبه إلى ضرورة الحٌاء من هللا ألنه طرٌق التوبة‪ ،‬وأكد ضرورة‬
‫االفتقار إلى هللا وأهمٌة ددابه ( ٘) ‪ ،‬وحث الجٌلً الناس دلى ضرورة التعرؾ دلى هللا وشؽل‬
‫القلب به واإلمبال دلى طادته‪ ،‬وبٌن أن الحرص دلى الدنٌا وملااتها ٌبعد المرء دن خشٌة‬
‫خالقه‪ ،‬وٌجب أن ٌعرؾ األنسان أن هللا سبحانه مدر كل شًء وكفل لئلنسان رزمه ودمرل‪ ،‬ومن‬
‫د بارات الجٌلً التحاٌرٌة فً هاا المجال موله‪ " :‬وٌحك الرزق مقسوم ال ٌزٌد وال ٌنقص وال‬
‫ٌتقدم وال ٌتؤخر‪ ،‬أنت شاك فً ضمان الحق دز وجل حرٌص دلى طلب ما لم ٌقسم لك " ( ‪. )ٙ‬‬
‫ولقد تطرق الجٌلً فً موادظه إلى ضرورة أن ٌعمل اإلنسان دلى أداء األوامر واجتناب‬
‫النواهً‪ ،‬و هاا ٌحتاج إلى الصبر دلى االبتبلء والتضرع إلى هللا والتالل بٌن ٌدٌه حتى ٌعٌنه‬
‫دلى الطادة‪ ،‬وكانت موادظه تتسم باأللفاظ البلٌؽة التً كانت تهز النفوس وتستجٌب لها القلوب‬
‫وٌقتنع السامع بودظه‪ ،‬أما لؽته فكانت تلٌن تارة وتشتد تارة أخرى تبعا ً للمقام الاي ٌتحدث دنه‪.‬‬
‫إن ما اكرنال ٌعكس مدى مدرة الشٌخ دبد القادر الجٌلً دلى التؤثٌر واإلمناع‪ ،‬والك واضح‬
‫فً مدرته دلى نشر اإلسبلم بٌن الٌهود والنصارى‪ ،‬كالك فً خطبه وموادظه التً تهدؾ إلى‬
‫إصبلح المجتمع‪ ،‬وددوة الكثٌرٌن ممن ضلوا دن الطرٌق المستقٌم إلى جادة الحق بالتوبة‬
‫والتخلً دن آرابهم وأفكارهم المخالفة للشرع ‪.‬‬

‫)ٔ) الندوي‪ ،‬اب و الحسن دلً الحسٌنً‪ ،‬رجال الفكر والددوة فً اإلسبلم‪ ،‬طٖ‪ ،‬دار ابن كثٌر‪(،‬بٌروت‪،)ٕٓٓ7 ،‬‬
‫ص ٖٖٔ ‪.‬‬
‫)ٕ) التادفً‪ ،‬محمد بن ٌحٌى‪ ،‬مبلبد الجوهر فً منامب دبد القادر‪ ،‬ط ٖ‪ ،‬مطبعة مصطفى البابً الحلبً وأوالدل‪(،‬‬
‫وأوالدل‪ (،‬مصر‪ ،)ٔ9٘ٙ ،‬ص ٕٕ ‪.‬‬
‫)ٖ) التادفً‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ٕٕ ‪.‬‬
‫)ٗ) الجٌ لً‪ ،‬ابو محمد دبد القادر‪ ،‬الفتح الربانً والفٌض الرحمانً‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪(،‬بٌروت‪،‬‬
‫ٖٓٗٔهـ)‪ ،‬ص ‪. ٔ9‬‬
‫)٘) المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪. ٔ9‬‬
‫)‪ )ٙ‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪. ٙ1‬‬

‫ٔٔٔ‬
‫ومن مجالس الودظ المشهورة مجلس ودظ ابن الجوزي الاي كان ٌعقد فً مناطق ددة من‬
‫بؽداد‪ ،‬وكانت بداٌة ابن الجوزي فً سن مبكرل فلما توفً ابن الزاؼونً (ت‪ٕ٘7‬هـ‪ٖٔٔٔ/‬م)‪،‬‬
‫طلب ابن الجوزي حلقته فلم ٌحصل دلٌها لصؽر سنه ‪ ،‬ثم َمدم بٌن ٌدي الوزٌر فؤورد فصبلً فً‬
‫الودظ ‪ ،‬فؤان له الوزٌر بالجلوس فً جامع المنصور ( ٔ)‪ ،‬ومد وصفه ابن جبٌر " بؤنه فارس‬
‫حلبة هال الصنادة والمشهور له بالسبق الكرٌم فً الببلؼة والبرادة ومالك أزمة الكبلم فً‬
‫النظر والنثر‪ ،‬وكؤنه ٌصدع بسر البٌان " ( ٕ) ‪ ،‬وكانت موادظ ابن الجوزي مناسبة لٌعلن التاببون‬
‫توبتهم فٌزداد الخشوع وتكثر الدموع لما فً هال الخطبة من دبر وترؼٌب وترهٌب ولم ٌكن‬
‫مجلسه مقتصراً دلى العامة من الناس بل أن الخلٌفة والوزٌر وكبار العلماء مد حضروا مجلسه‬
‫( ٖ) ‪ ،‬وكانوا ٌحرصون دلى حضورل واالستماع لموادظه ‪ ،‬لحسن خطبه وودظه وطرٌقة إلقابه‬
‫‪ ،‬وكان مجلسه دامراً بالحضور ‪ ،‬إا كان ٌحضرل العدد الكبٌر لسماع ودظه الاي كان ٌتناول‬
‫فٌه مواضٌع شتى فً أركان الشرٌعة اإلسبلمٌة منها العبادات والزهد والتاكٌر والنصح‬
‫والترؼٌب فً العلم واألمر بالمعروؾ والنهً دن المنكر ( ٗ) ‪.‬‬
‫وكان ابن جبٌر مد حضر احد مجالس ودظه فوصفها ماببلً‪ " :‬ثم أتى بعد أن فرغ من‬
‫خطبته برمابق من الودظ وآٌات بٌنات من الاكر طارت لها القلوب اشتٌاما ً ‪ ،‬واابت منها النفوس‬
‫اختراما ً ‪ ،‬إلى أن دبل الضجٌج ‪ ،‬وتردد بشهقاته النشٌج ‪ ،‬وأدلن التاببون توبتهم بالصٌاح ‪،‬‬
‫وتسامطوا دلٌه تسامط الفراش دلى المصباح " ( ٘) ‪.‬‬
‫وٌصؾ ابن جبٌر مجلسا ً آخر من مجالس ودظه فٌقول‪ " :‬فبكرنا لمشاهدته بهاا المجلس‬
‫الماكور ‪،‬ومعدنا إلى أن وصل هاا الحبر المتكلم فصعد المنبر وأرخى طلٌسانه دلى رأسه‬
‫تواضعا ً لحرمة المكان ‪ ،‬ومد تسطر القراء أمامه دلى كراسً موضوده فابتدروا القراءة دلى‬
‫الترتٌب ‪ ...‬وبادرت العٌون بؤرسال الدموع ‪ ...‬ثم سلك سبٌله فً الودظ كل الك بدٌهة ال رإٌة‬
‫‪ ،‬وٌصل كبلمه فً الك باآلٌات المقروءات دلى النسق مرة أخرى فؤرسلت وابلها العٌون‬
‫وأبدت النفوس سر شومها المكنون ‪ ،‬وتطارح الناس دلٌه بانوبهم معترفٌن وبالتوبة معلنٌن ‪...‬‬
‫ثم فً أثناء مجلسه ٌنشد بؤشعار من النسٌب مبرحه التشوٌق برٌعة الترمٌق ‪،" ...‬وكان آخر ما‬
‫انشدل من الك ‪:‬‬
‫وأٌن َملبً فما صحا بعد‬
‫َ‬ ‫أٌن فإادي أااب ُه الوج ُد‬
‫َ‬
‫( ‪)ٙ‬‬
‫َ‬
‫فدٌت ٌا سعد‬ ‫باهلل مُل لً‬ ‫اكرهمُ‬
‫ٌا َسعد زدنً جُ وى بِ ِ‬
‫ودلى الرؼم من أن دمدة مادة الودظ هو القرآن الكرٌم والسنة النبوٌة إال أنهم كانوا‬
‫ٌستعملون الشعر فً موادظهم والك من أ جل إٌصال موادظهم إلى الجماهٌر ‪،‬لالك نجد فً‬

‫)ٔ) سبط ابن الجوزي‪ ،‬المصدر السابق‪ٕٗ1/1 ،‬‬


‫)ٕ) الرحلة‪ ،‬ص ٕ‪ٔ7‬‬
‫)ٖ) ابن الجوزي‪ ،‬جمال الدٌن ابو الفرج دبدالرحمن بن دلً‪ ،‬شا ور العقود فً تارٌخ العهود‪ ،‬دراسة وتحقٌق‬
‫ابً الهٌثم الشهبانً وأحمد دبد الكرٌم نجٌب‪ ،‬طٔ ‪ ،‬مركز نجٌبوٌه للمخطوطات وخدمة التراث‪(،‬د‪.‬م‪،)ٕٓٓٙ،‬‬
‫ص ٖٓٔ ‪.‬‬
‫)ٗ) ابن الجوزي‪ ،‬صٌد الخاطر‪ ،‬ص ٖ‪. 9٘- 9‬‬
‫)٘) الرحلة‪ ،‬ص ‪. ٔ97‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن جبٌر‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. ٔ99‬‬

‫ٕٔٔ‬
‫كتاب من كتب ابن الجوزي ( ٔ)‪ ،‬ما ٌقارب الثبلثة آالؾ بٌت من الشعر استشهد بها فً الودظ‪،‬‬
‫مال فً احدى موادظه‪:‬‬
‫أَ ْنت فًِ دَ ار شتات ‪ ...‬فتؤهب لشتاتك‬
‫الد ْن ٌَا َك ٌَ ْوم ‪ ...‬صمته َدن شهواتك‬
‫اجعل ُّ‬
‫َو َ‬
‫( ٕ)‬
‫َولٌكن فطرك دِ ْند ‪ ...‬هللا فًِ ٌَ ْوم وفاتك‬
‫ومما الشك فٌه إ ن ؼزارة دلم ابن الجوزي وفصاحته وطرٌقة القابه هً التً أهلته لكً ٌحظى‬
‫بهال الشهرة بوصفه أحد الوداظ القادرٌن دلى التؤثٌر بالناس وأثارل مشادرهم الدٌنٌة‪،‬‬
‫وتخوٌفهم من الانوب والمعاصً‪ ،‬وٌحارهم من حب الدنٌا وطول األمل فكان ٌقول‪ٌ " :‬ا من‬
‫أنفاسه محفوظه وأدماله ملحوظه أ ٌنفق العمر النفٌس فً نٌل الهوى الخسٌس " ( ٖ) ‪.‬‬
‫ومن العلماء الوداظ الفقٌه الحنبلً الحسن بن محمد الحسن األوانً (ت ‪٘ٗٙ‬هـ‪ٔٔ٘ٔ/‬م)‪،‬‬
‫كان ٌعقد مجلس ودظه بجامع المنصور وكان من المتقدمٌن وكان له القبول الحسن دند العامة‬
‫والخاصة ( ٗ)‪ ،‬وكان الفقٌه العالم دلً بن إبراهٌم بن نجا الحنبلً (ت ‪٘99‬هـ‪ٕٕٔٓ/‬م)‪ ،‬كان‬
‫ٌعظ بجامع المنصور‪ ،‬وكان ٌجتمع دندل األكابر من الفقهاء‪ ،‬ودبل صٌته بسبب طرٌقته بالودظ‬
‫( ٘)‪ ،‬وكان مجلس ودظ دبد المنعم بن دلً (تٔٓ‪ٙ‬هـ‪ٕٔٓٗ/‬م)‪ ،‬من المجالس المشهورة فكان‬
‫ٌحضرل الخطباء والعلماء واألدباء للتعلم منه واالستماع إلٌه‪ ،‬ومد حصل له القبول التام دند‬
‫دامة الناس ( ‪، )ٙ‬وكان للعالم نصر بن دبد الرزاق بن دبد القادر الجٌلً مجالس ودظ‪ ،‬وكان له‬
‫مبول تام دند الناس وٌحضر مجلسه خلق كثٌر‪ ،‬حتى بنٌت له دكة فً جامع القصر ( ‪ ،)7‬كما كان‬
‫كان للعالم جمال الدٌن ٌوسؾ ابن الجوزي مجالس ودظ فً بؽداد ومصر‪ ،‬ومد برع وأجاد‬
‫وتؤثر الناس بموادظه ( ‪. )1‬‬
‫ومد تعددت األماكن التً كان ٌعقد فٌها العلماء مجالس ودظهم‪ ،‬وكانت المساجد أبرز‬
‫األماكن لٌلقً فٌها الوداظ ودظهم‪ ،‬سواء أكانت هال المساجد خاصة بالعلماء أم أنها مساجد‬
‫دامة كجامع القصر والمنصور‪ ،‬وبعد ظهور المدارس أصبح الوداظ ٌلقون موادظهم فً‬
‫مدارسهم‪ ،‬كما كان بعضهم ٌعقد مجلسه فً الربط وبعضهم ٌعظ فً األسواق العامة‪ ،‬إا ٌتواجد‬
‫ددد كبٌر من الناس بمختلؾ طبقاتهم‪ ،‬وكان الودظ فً األسواق ٌركز دلى األمر بالمعروؾ‬
‫والنهً دن المنكر وتجنب الؽش واالحتكار‪ ،‬كما كان بعضهم ٌعظ فً المقابر والترب‪ ،‬فكان‬

‫)ٔ) ابن الجوزي‪ ،‬جمال الدٌن أبو الفرج دبد الرحمن بن دلً‪ ،‬المدهش‪ ،‬تحقٌق مروان مبانً‪ ،‬طٕ‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمٌة‪(،‬بٌروت‪ ،)ٔ91٘،‬صٕٓٗ ‪.‬‬
‫)ٕ) المصدر نفسه‪ ،‬ص ٕٓٗ ‪.‬‬
‫)ٖ)المصدر نفسه‪ ،‬ص ٕٓٗ ‪.‬‬
‫)ٗ) ابن العماد الحنبلً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٔٗ/ٗ ،‬‬
‫)٘) سبط ابن الجوزي‪ ،‬المصدر السابق‪. ٘٘ٔ/1 ،‬‬
‫)‪)ٙ‬المصدر نفسه‪. ٘٘ٔ/1 ،‬‬
‫)‪ )7‬الاهبً‪ ،‬تارٌخ اإلسبلمً‪ ٔ7ٗ/ٗٙ ،‬؛ابن كثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٔٙ/ٖٔ ،‬‬
‫)‪ )1‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪ ٕ9/ٗ ،‬؛ الٌونٌنً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٔٓ/ٔ ،‬‬

‫ٖٔٔ‬
‫الوادظ رزق هللا بن دبد الوهاب ٌعقد مجالس ودظه فً مقبرة اإلمام أحمد بن حنبل ( ٔ)‪ ،‬كما‬
‫كان ابن الجوزي ٌعقد مجلسه دند تربة أم الخلٌفة الناصر ( ٕ) ‪.‬‬
‫لقد كان لعلماء الحنابلة إسهام ودور مإثر فً الودظ دلى المجتمع البؽدادي‪ ،‬اا كانت هناك‬
‫ظروؾ امتصادٌة وسٌاسٌة واجتمادٌة صعبة ٌعانً منها الناس‪ ،‬ولدت لدٌهم ملقا ً واضطرابا ً‬
‫نفسٌاً‪ ،‬وألجل تجاوز هال الظروؾ وإراحة تلك النفوس اندفع الناس إلى حضور مجالس الودظ‪،‬‬
‫فكان هإالء العلماء ٌزداد ظهورهم كلما ازدادت النكبات االمتصادٌة والسٌاسٌة واالجتمادٌة‪،‬‬
‫وبالمقابل كان المجتمع البؽدادي حرٌصا ً دلى متابعة هال المجالس التً صارت متنفسا ً للناس‬
‫( ٖ) ‪ ،‬وتتفاوت أدداد الحاضرٌن لهال المجالس بمدى تؤثٌر هإالء الوداظ دلى مشادر الناس‪،‬‬
‫وكلما كان الوداظ ٌملكون ثقافة دٌنٌة متنودة وأسلوب خطابً مإثر‪ٌ ،‬زداد الوادظ شهرة بٌن‬
‫النا س‪ ،‬فتزداد شعبٌته وٌتؤثر الناس بكبلمه‪ ،‬فؤصبح للوداظ دور بارز فً المجتمع البؽدادي‪،‬‬
‫وٌمكن أن نطلق دلى تللك الحقبة ( بعصر الوداظ ) ( ٗ) ‪.‬‬
‫ٌبدو مما تقدم أن دلماء الحنابلة كانت لهم جهود كبٌرة فً ودظ الناس وإرشادهم ‪ ،‬وأدو‬
‫أدواراً بارزاً فً حماٌة المجتمع من الفساد‪ ،‬ودملوا دلى إصبلح المجتمع وتوحٌدل‪ ،‬فضبلً دن‬
‫ددم الخبلفة العباسٌة سٌاسٌا ً من أجل التخلص من السٌطرة األجنبٌة ‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬األمر بالمعروف والنهً عن المنكر‬


‫المعروؾ لؽة هو كل ما تعرفه النفس من الخٌر وتطمبن إلٌه ( ٘)‪ ،‬أما المنكر فهو كل ما‬
‫مبحه الشرع وحرمه ( ‪ ، )ٙ‬واألمر بالمعروؾ والنهً دن المنكر فرٌضة ماضٌة فً هال األمة إلى‬
‫إلى ٌوم القٌامة‪ ،‬وهً مٌزة تمٌزت بها األمة المحمدٌة التً مال هللا تعالى فً شؤنها‪ " :‬كُ ْنتُ ْم َخ ْي َر‬
‫ْم ْن َك ِر َوتُْؤِمنُو َن بِاللَّ ِو" ( ‪ ،)7‬وموله تعالى‪َ " :‬ولَْتكُ ْن ِم ْنكُ ْم‬ ‫ِ‬ ‫ت لِلن ِ‬
‫َّاس تَأ ُْم ُرو َن بِال َْم ْع ُروف َوتَ ْن َه ْو َن َع ِن ال ُ‬ ‫أَُّم ٍة أُ ْخ ِر َج ْ‬

‫)ٔ) الاهبً‪ ،‬شارات الاهب‪. ٖ19/ٕ ،‬‬


‫)ٕ) سبط ابن الجوزي‪ ،‬المصدر السابق‪ ٔٔٗ/ٕٕ ،‬؛ ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪٘ٓ7/ٕ ،‬‬
‫)ٖ) القٌسً ‪،‬حسٌن دلً مٌس محمد‪ ،‬طبٌعة المجتمع العرامً فً العصر العباسً المتؤخر‪ ،‬د‪ .‬ط ‪ ،‬طبع فً‬
‫مطابع دار الشإون الثقافٌة العامة ‪(،‬بؽداد‪. ٔ1ٗ- ٔ1ٖ ،)ٕٓٓ7،‬‬
‫)ٗ) القٌسً ‪،‬المرجع نفسه ‪،‬ص ‪ ٔ77‬؛ نشؤة الكلٌات ‪ ،‬ص ‪. ٖٖ7‬‬
‫)٘) ابن منظور‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٖ9 /9 ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬المصدر نفسه‪. ٕٖٖ/٘ ،‬‬
‫)‪ )7‬آل دمران‪ ،‬اآلٌة‪. )ٔٔٓ(،‬‬

‫ٗٔٔ‬
‫ك ُىم ال ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حو َن" ( ٔ)‪ ،‬كما حث الرسول "‬
‫ْم ْفل ُ‬ ‫أَُّمةٌ يَ ْدعُو َن إلى الْ َخ ْي ِر َويَأ ُْم ُرو َن بِال َْم ْع ُروف َويَ ْن َه ْو َن َع ِن ال ُ‬
‫ْم ْن َك ِر َوأُولَئ َ ُ ُ‬
‫صلى هللا دلٌه وسلم " ‪ ،‬فً الكثٌر من األحادٌث دلى ضرورة القٌام بهال المهمة‪ ،‬ومن الك ما‬
‫روال مسلم فً صحٌحه دن أبً سعٌد الخدري " رضً هللا دنه " ‪ ،‬أنه مال‪ ، :‬سمعت رسول هللا‬
‫" صلى هللا دلٌه وسلم " ‪ٌ ،‬قول‪ " :‬من رأى منكم منكراً فلٌؽٌرل بٌدل ‪ ،‬فإن لم ٌستطع فبلسانه ‪،‬‬
‫فؤن لم ٌستطع فبقلبه والك أضعؾ األٌمان " ( ٕ)‪ ،‬وخرج مسلم أٌضا ً من حدٌث ابن مسعود "‬
‫رضً هللا دنه " ‪ ،‬دن النبً " صلى هللا دلٌه وسلم " ‪ ،‬مال‪ " :‬ما من نبً بعثه هللا فً أمة مبلً‬
‫إال كان له من أمته حوارٌون وأصحاب ٌؤخاون بسنتة وٌقتدون بؤمرل ‪ ،‬ثم أنها تخلؾ من بعدهم‬
‫خلوؾ ٌقولون ما ال ٌفعلون ‪ ،‬وٌفعلون ما ال ٌإمرون ‪ ،‬فمن جاهدهم بٌدل فهو مإمن ‪ ،‬ومن‬
‫جاهدهم بلسانه فهو مإمن ‪ ،‬ومن جاهدهم بقلبه فهو مإمن ‪ ،‬ولٌس وراء الك من األٌمان حبة‬
‫خردل " ( ٖ)‪.‬‬
‫وهناك شروط ددٌدل ٌجب أن تتوفر فً من أراد أن ٌنبري لهاا األمر ‪ ،‬ومن اهم هال الشروط‬
‫ما ٌؤتً ‪- :‬‬
‫ٔ ‪ٌ -‬جب أن ٌكون مسلما ً حراً بالؽا ً دامبلً مادراً دلى األمر بالمعروؾ والنهً دن المنكر ( ٗ) ‪.‬‬
‫ٕ ‪ -‬أن ٌكون اا رأي وصرامه وخشونة فً الدٌن ‪ ،‬دارفا ً بؤحكام الشرٌعة لٌعلم ما ٌؤمر به‬
‫وٌنهى دنه ‪ ،‬فإن الحسن ما حسنه الشرع والقبح ما مبحه الشرع ( ٘) ‪.‬‬
‫ٖ ‪ٌ -‬جب دلى اآلمر بالمعروؾ أن ٌقصد بقوله وفعله وجه هللا تعالى وطلب مرضاته خالص‬
‫النٌة‪ ،‬لٌنشر هللا دلٌه رداء القبول والتوفٌق‪ ،‬وٌقاؾ له فً القلوب مهابة وجبللة ومبادرة إلى‬
‫موله بالسمع والطادة ( ‪. )ٙ‬‬
‫ٗ ‪ -‬ومن الشروط الواجب توفرها أٌضا أن ٌكون دفٌفا ً دن أموال الناس‪ ،‬متوردا ً دن مبول‬
‫الهدٌة من المتعٌشٌن وأرباب الص نادات‪ ،‬فإن الك محرم‪ ،‬كما أنه ٌخل بهٌبته وآدابه ( ‪. )7‬‬
‫٘ ‪ٌ -‬جب أن ٌتسم بالرفق ولٌن القول وطبلمة الوجه‪ ،‬وسهولة األخبلق دند أمر الناس ونهٌهم‪،‬‬
‫فؤن الك أبلػ فً استمالة القلوب وحصول المقصود ( ‪. )1‬‬
‫اآلمر بالمعروؾ والناهً دن المنكر فقال‪:‬‬
‫ِ‬ ‫‪ - ٙ‬كما اكر ابن الحاج شروط ددة ٌجب توفرها فً‬
‫" أحدها أن ٌكون دارفا ً بالنهً وبالمنكر ألنه إن لم ٌكن دارفا ً بهما لم ٌصح له أمر وال نهً ‪،‬‬
‫أا ال ٌإمن أن ٌنهى دن المعروؾ وٌؤمر بالمنكر ‪ ،‬والثانً أن ٌؤمن أن ال ٌإدي أنكارل للمنكر‬
‫إلى منكر أكثر منه ‪ ...‬ألنه أاا لم ٌؤمن الك لم ٌجز له أمر وال نهً ‪ ،‬والثالث ‪ ،‬أن ٌعلم أو ٌؽلب‬

‫)ٔ) آل دمران‪ ،‬اآلٌة‪. )ٔٓٗ( ،‬‬


‫)ٕ) مسلم‪ ،‬صحٌح مسلم‪. ٙ9/ٔ ،‬‬
‫)ٖ) المصدر نفسه‪. ٙ9/ٔ ،‬‬
‫)ٗ) ابن األخوة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 7‬‬
‫)٘) المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪. 1‬‬
‫)‪ )ٙ‬المصدر نفسه‪ ،‬صٕٔ ‪.‬‬
‫)‪ )7‬ابن األخوة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬صٗٔ ‪.‬‬
‫)‪ )1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ٗٔ ‪.‬‬

‫٘ٔٔ‬
‫دلى ظنه أن أنكارل المنكر مزٌل له وأن أمرل بالمعروؾ مإثر نافع ‪ ،‬ألنه أاا لم ٌؤمل الك وال‬
‫ؼلب دلى ظنه لم ٌجب دلٌه أمر وال نهً ‪ ،‬والشرطان األول والثانً مشترطان فً الجواز ‪،‬‬
‫والشرط الثالث مشترط بالوجوب ‪ ،‬فإاا ددم الشرط األول والثانً لم ٌجز أن ٌؤمر وال ٌنهى ‪،‬‬
‫( ٔ)‬
‫وإاا ددم الشرط الثالث ووجد الشرطان األول والثانً جاز له أن ٌؤمر وٌنهى "‬
‫ومن أشهر دلماء الحنابلة الاٌن كان لهم دور فً األمر بالمعروؾ والنهً دن المنكر أبو‬
‫جعفر دبد الخالق بن دٌسى بن أحمد الهاشمً(ت ٓ‪ٗ7‬هـ‪ٔٓ71/‬م)‪ ،‬كان ااا بلؽه منكر دظ ُم‬
‫دلٌه جداً‪ ،‬وكان شدٌداً دلى المبتددة‪ ،‬لم تزل كلمته دالٌة دلٌهم إلى أن توفً ( ٕ)‪ ،‬ومال دنه ابن‬
‫ابن مفلح‪ " :‬كان مواالً بالحق‪ ،‬ال ٌحابً أحداً‪ ،‬وال تؤخال فً هللا لومة البم‪ ،‬وكان شدٌد القول‬
‫واللسان دلى أهل البدع‪ ،‬ولم تزل كلمته دالٌة دلٌهم وال ٌرد ٌدل دنهم احد‪ ،‬وكان معظما ً دند‬
‫الخاصة والعامة‪ ،‬زاهداً فً الدنٌا‪ ،‬مابما ً فً أنكار المنكر‪ ،‬مجتهداً فً الك " ( ٖ) ‪.‬‬
‫كما كان أبو بكر أحمد بن دلً العلثً( ٖٓ٘هـ‪ٔٔٓ9/‬م)‪ ،‬شدٌد ًا دلى أهل المنكرات‪ ،‬كان‬
‫ابن العلثً ٌعمل فً صنعة الجص( ٗ)‪ ،‬واالسفٌداج ( ٘)‪ ،‬وكان ٌرفض دمل الصور والنقوش‬
‫وٌنهى الصناع دن الك‪ ،‬وفً اات ٌوم دخل إلى دار احد السبلطٌن مكرها ً مع جملة من‬
‫الصناع‪ ،‬وكان فً البٌت صور من االسفٌداج‪ ،‬فقٌل‪ :‬تعمل فً هاا البٌت فقال‪ :‬نعم‪ ،‬فلما خرجوا‬
‫دنه وظل بنفسه أخا الفؤس وكسر الصور‪ ،‬فلما جاءل العرفاء ورأوا ما فعل استعظموا الك منه‬
‫ومٌل له‪ :‬كٌؾ أمدمت دلى فعل الك فً دار السلطان‪ ،‬ومد انفق ماالً دلى هال الصور‪ ،‬فقال "‬
‫هاا منكر وهللا امر بكسرل واالن مد فعلت ما تعٌن دلً من األنكار " ولما وصل خبرل إلى‬
‫السلطان‪ ،‬ودرؾ أنه رجل مشهور بالدٌانة دفى دنه ( ‪. )ٙ‬‬
‫ومنهم أٌضا ً أبو سعد المعمر بن دلً بن المعمر‪ ،‬كان ممن ٌؤمرون بالمعروؾ وٌنهون دن‬
‫المنكر ومن موامفة الدالة دلى الك انه خرج اات ٌوم فلقً مؽنٌة خرجت من دند أحد بٌوت‬
‫األتراك ‪ ،‬فامسك دودها ومطع أوتارل ( ‪ ، )7‬وأبو الفضل الدرزٌجانً ( ‪( )1‬ت‪٘ٓٙ‬هـ‪ٕٔٔٔ/‬م) ‪،‬‬
‫‪ ،‬كان مواالً بالحق أماراً بالمعروؾ ال تؤخال فً هللا لومة البم ( ‪. )9‬‬
‫وكان أبو الوفاء بن دقٌل ممن ال ٌؤخال فً الحق أحد وال ٌحابِ دلى حساب مبدبه‪ ،‬ومد‬
‫اكر بهاا الخصوص " وتقلبت دلى الدول فما أخاتنً دولة سلطان وال دامة دما ادتقد أنه حق‬
‫" ( ٓٔ) ‪ ،‬كما أنه كان شدٌد اإلنكار دلى السبلطٌن وأرباب الدولة ااا ما رأى منهم منكراً‬
‫وتقصٌراً‪ ،‬ومهما دلت منزلتهم ونفواهم‪ ،‬فؤمر بالمعروؾ ونهى دن المنكر‪ ،‬ألن هال األمور‬

‫)ٔ) مدخل الشرع الشرٌؾ ‪ ،‬ورمه ‪. ٕ7‬‬


‫)ٕ) الاهبً‪ ،‬سٌر‪. ٘ٗ7/ٔ1 ،‬‬
‫)ٖ) المقصد األرشد‪. ٕٔٗ/ٕ ،‬‬
‫)ٗ) الجص‪ :‬هً المادة التً تطلى بها الجدران‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔٓ/7 ،‬‬
‫)٘) االسفٌداج‪ ،‬هو رماد الرصاص واألنك ‪ ،‬الزبٌدي‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖ1/ٙ ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن ابً ٌعلى‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕ٘٘/ٕ ،‬‬
‫)‪ )7‬العلٌمً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٕ٘/ٕ ،‬‬
‫)‪ )1‬ابو الفضل الدرزٌجانً‪ :‬هو أ بو الفضل جعفر بن الحسٌن الدرزٌجانً‪ ،‬نسبة إلى مرٌة من مرى بؽداد تعرؾ‬
‫بدرزٌجان‪ ،‬ابن العماد الحنبلً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔ٘/ٗ ،‬‬
‫)‪ )9‬ابن ابً ٌعلى‪ ،‬المصدر السابق‪ ٕ٘7/ٕ ،‬؛ ابن العماد الحنبلً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔ٘/ٗ ،‬‬
‫)ٓٔ) العلٌمً‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔٔٙ/ٕ ،‬‬

‫‪ٔٔٙ‬‬
‫كانت من أهم واجباته تجال المنكرات التً تظهر من السلطة‪ ،‬فضبلً دن أنه كان شدٌد الحرص‬
‫دلى إصبلح ما ٌمكن إصبلحه‪ ،‬فاكر أن الباطنٌة افسدوا دقٌدة السلطان ملكشال فكتب إلٌه ابن‬
‫دقٌل وردل إلى معتقدل ( ٔ) ‪ ،‬كما أنه أنكر دلى الوزٌر دمٌد الدولة لما بنى سور بؽداد وما نتج‬
‫دن الك من ظهور فساد وانتشار المنكرات فً أثناء اشتؽال الناس بالبناء‪ ،‬كالؽناء واختبلط‬
‫الرجال بالنساء‪ ،‬فارسل رسالة إلى الوزٌر ٌقول فٌها‪ " :‬ترى بؤي وجه تلقى محمد (صلى هللا‬
‫دلٌه وسلم) وأي حرمة تبقى لوجوهنا وأٌدٌنا وألسنتنا دند هللا ااا الجبال ساجدة " ‪ ،‬كما حارل من‬
‫خطورة مدح الشعراء له وإؼفاله دن الفساد والمعاصً والمنكرات‪ ،‬فقال له‪ " :‬والعامل من‬
‫درؾ نفسه وال ٌؽرل مدح من ال ٌخبرها " ( ٕ) ‪.‬‬
‫كما كان البن الجوزي دور فً إ نكار المنكر سواءً فً مجالس الودظ أو من خبلل‬
‫مصنفاته ( ٖ)‪ ،‬وكان ابن الجوزي شدٌداً دلى الؽناء وأهله والك بسبب كثرة انتشار مجالس الؽناء‬
‫الؽناء وإدراكه أن كثرت مبلزمة الناس لهال المجالس تإدي إلى البطالة والتسكع‪ ،‬وفً هاا‬
‫ٌقول‪ " :‬ادلم أن سماع الؽناء ٌجمع شٌبٌن أحدهما أ نه ٌلهً القلب دن التفكٌر فً دظمة هللا‬
‫سبحانه وتعالى‪ :‬والثانً ٌمٌله إلى اللاات العاجلة "‪ ،‬وٌقول أٌضاً‪ " :‬إن الؽناء ٌخرج األنسان من‬
‫االدتدال وٌؽٌر العقل وبٌان هاا أن األنسان ااا طرب فعل ما ٌستقبحه فً حال صحته من‬
‫ؼٌرل‪ ،‬من تحرٌك رأسه وتصفٌق ٌدٌه ودق األرض برجلٌه‪ ،‬إلى ؼٌر الك " ( ٗ) ‪.‬‬
‫وكان ابن الجوزي ٌتطرق فً مجالسه ألهل البدع والمنكرات السٌما فً أومات ظهورها‬
‫فكان ٌقول‪ " :‬وظهر أموام ٌتكلمون بالبدع وٌتعصبون فً الماهب فؤداننً هللا دلٌهم وكانت‬
‫كلمتنا هً العلٌا " ( ٘) ‪ ،‬كما أنه أشار إلى ظاهرة خطٌرة تفوق خطورتها الؽناء وشرب الخمر‪،‬‬
‫وهً ظاهرة تعاطً الحشٌش‪ ،‬والتً خصها بقوله‪ " :‬ومد ابدلوا إزالة العقل بالخمر بشًء سمول‬
‫الحشٌش والمعجون " ( ‪. )ٙ‬‬
‫ومن العادات السٌبة التً ظهرت فً هال الحقبة هً لبس الرجال للحرٌر‪ ،‬فقد تصدى ابن‬
‫الجوزي لهال الظاهرة‪ ،‬سواءً لعامة الناس أو خاصتهم( ‪ ،)7‬كما أنكر أبو دبدهللا محمد بن ٌحٌى‬
‫دلى الوزٌر الزٌنً لبسه للحرٌر والك دندما خلع دلٌه خلعة الوزارة‪ ،‬فدخل دلٌه الناس مهنبٌن‬
‫ودخل دلٌه أبو دبدهللا ومال له‪ " :‬هاا ٌوم دزاء ال ٌوم هناء‪ ،‬فقٌل له‪ :‬ولما؟ مال‪ :‬الهناء دلى‬
‫لبس الحرٌر ؟ " ( ‪. )1‬‬

‫)ٔ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٔٗ9/ٔ ،‬‬


‫)ٕ) المصدر نفسه‪. ٖٖٓ/ٔ ،‬‬
‫)ٖ) ابن الجوزي‪ ،‬جمال الدٌن ابو الفرج دبد الرحمن بن دلً‪ ،‬القصاص والماكرٌن‪ ،‬تحقٌق محمد لطفً‬
‫الصباغ‪ ،‬طٕ‪ ،‬المكتب اإلسبلمً‪ (،‬بٌروت‪ ،)ٔ911 ،‬ص ٔ‪. ٖ7‬‬
‫)ٗ) ابن الجوزي‪ ،‬تلبٌس إبلٌس‪ ،‬ص ٕ٘ٓ ‪. ٕٓٙ -‬‬
‫)٘) ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. ٔ9ٗ/ٔ7 ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابن الجوزي‪ ،‬تلبٌس إبلٌس‪ ،‬ص ‪. ٖٖ9‬‬
‫)‪ )7‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪. ٖٗٙ‬‬
‫)‪ )1‬ابن الجوزي‪ ،‬المنتظم‪. ٔٗ٘/ٔ1 ،‬‬

‫‪ٔٔ7‬‬
‫وحارب العلماء راابل األخبلق والتً كانت لها تؤثٌراتها السلبٌة دلى المجتمع ‪ ،‬ومنها‬
‫الحسد بكل فروده وأشكاله ( ٔ) ‪ ،‬ونتٌجة لما تعرض له أهل هال الصفة الامٌمة من ضؽوط‪ ،‬دمل‬
‫ابن الجوزي دلى تخفٌؾ الضؽوط دنهم بقوله‪ " :‬رأٌت الناس ٌامون الحاسد وٌبالؽون‪،‬‬
‫وٌقولون ال ٌحسد إال شرٌر‪ٌ ،‬عاد ي نعمة هللا‪ ،‬وال ٌرضى بقضابه‪ ،‬وٌبخل دلى أخٌه المسلم‪،‬‬
‫فنظرت فما رأٌت كما ٌقولون‪ ،‬الك أن األنسان ال ٌحب أن ٌرتفع دلٌه أحد‪ ،‬فإاا رأى صدٌقه مد‬
‫دلى دلٌه تؤثر هو‪ ،‬ولم ٌحب أن ٌرتفع دلٌه‪ ،‬وود أن لو لم ٌنل صدٌقه ما نال‪ ،‬أو ٌنال هو ما‬
‫نال الك لببل ٌرتفع دلٌه " ( ٕ)‪ ،‬ومن خبلل هاا النص ٌمكن القول‪ :‬إن لٌس كل حسد هو تمنً‬
‫زوال النعمة دن صاحبها ‪ ،‬وإنما هناك حسد ٌتمنى صاحبه أن ٌصل إلى ما وصل إلٌه ؼٌرل‬
‫دون زوال نعمة اآلخرٌن ‪.‬‬
‫ومد دمل دلماء الحنابلة دلى مواجهة العادات والتقالٌد التً كانت منتشرة فً الك العصر‬
‫ومنها‪ ،‬االحتفا الت المبالػ فٌها باألدراس‪ ،‬والمناسبات المختلفة‪ ،‬كزواج الخلٌفة أو السلطان‪،‬‬
‫والتً كانت تعد من المناسبات العامة‪ ،‬فكانت تعلق الزٌنات ببؽداد‪ ،‬وتضرب الطبول وتخرج‬
‫العامة‪ ،‬وكانت تصاحب هال االحتفاالت الكثٌر من المنكرات فضبلً دن تباٌر األموال‪ ،‬كما‬
‫حدث فً زفاؾ بنت السلطان ملكشال دلى الخلٌفة المستظهر باهلل(ٗٓ٘هـ‪ٔٔٔٓ/‬م) ( ٖ)‪ ،‬كالك‬
‫دندما تزوج السلطان مسعود من ابنة دمٌد الدولة ابن جهٌر سنة(ٕٖ٘هـ‪ٖٔٔ7/‬م)‪ ،‬فقد أمر‬
‫السلطان بؤن تعلق الزٌنات ببؽداد سبعة أٌام‪ ،‬كما ضربت الطبول‪ ،‬فقال ابن الجوزي معلقا َ دلى‬
‫الك‪ " :‬فظهر بالتعالٌق فساد دظٌم بضرب الطبول والزمور وشرب الخمور " ( ٗ)‪ ،‬وفً سنة‬
‫(ٖٗ٘هـ‪ٖٔٔ9/‬م)‪ ،‬ولدت زوجة السلطان مسعود ولداً‪ ،‬فكثرت االحتفاالت فً بؽداد وظهرت‬
‫المنكرات‪ ،‬واستمرت هال االحتفاالت ثمانٌة أٌام‪ ،‬فقال ابن الكلواز‪ " :‬إن أزلتم هاا وأال بتنا فً‬
‫الجوامع وشكونا إلى هللا تعالى "‪ ،‬فؤزالوا التعلٌق( ٘) ‪.‬‬
‫ٌتوان دلماء الحنابلة فً محاربتها هً‬
‫َ‬ ‫ومن المنكرات التً ظهرت فً هال الحقبة والتً لم‬
‫أٌمان الناس بالعرافٌن والمشعواٌن وتصدٌق أموالهم‪ ،‬فقد شادت فً هال الفترة ظاهرت اهاب‬
‫الرجال والنساء إلى العرافٌن والمنجمٌن‪ ،‬ومد مال ابن الجوزي دن هإالء‪ " :‬ومما جروا فٌه‬
‫دلى العادات ادتمادهم دلى مول الكاهن والمنجم والعراؾ‪ ،‬ومد شاع الك بٌن الناس‪ ،‬واستمرت‬
‫به دادات األكابر‪ ،‬فقل أن ترى أحداً منهم ٌسافر أو ٌفصل ثوباً‪ ،‬أو ٌحتجم إال سؤل المنجم ودمل‬
‫بقوله‪ ،‬وال تخلو دورهم من تقوٌم‪ ،‬وكم من دار لٌس فٌه مصحؾ " ( ‪ ،)ٙ‬ومد وردت الكثٌر من‬
‫االحادٌث ( ‪ ، )7‬التً تحرم الاهاب إلى العرافٌن والسحرة والمنجمٌن‪ ،‬والتً تؽلظ دقوبة إتٌان‬
‫الك‪ ،‬وتحرمه أشد تحرٌم ‪.‬‬

‫)ٔ) اكر الؽزالً أن الحسد من نتابج الحقد‪ ،‬والحقد من نتا بج الؽضب‪ ،‬فهو فرع فرده‪ ،‬والؽضب أصله‪ ،‬ثم أن‬
‫للحسد من الفروع الامٌمة ماال ٌكاد ٌحصى‪ ،‬الؽزالً‪ ،‬إحٌاء دلوم الدٌن‪. ٔ1ٙ / ٖ،‬‬
‫)ٕ) ابن الجوزي‪ ،‬صٌد الخاطر‪ ،‬ص ٖٖٗ ‪.‬‬
‫)ٖ) ابن األثٌر‪ ،‬المصدر السابق‪٘1٘/1 ،‬‬
‫)ٗ) المنتظم‪، ٖٕ1 /ٔ7 ،‬‬
‫)٘) المصدر نفسه‪. ٖ/ٔ1 ،‬‬
‫)‪ )ٙ‬تلبٌس إبلٌس‪ ،‬ص ٕٖ٘ ‪.‬‬
‫)‪ )7‬دن أبً هرٌرة رضً هللا دنه أن النبً محمد صلى هللا دلٌه وسلم مال‪ " :‬من أتى كاهنا ً أو درافا ً فصدمه بما‬
‫بما ٌقول فقد كفر بما انزل دلى محمد "‪ ،‬ابن حنبل‪ ،‬مسند أحمد ‪. ٕٗ9 /ٕ ،‬‬
‫‪ٔٔ1‬‬
‫ومن العادات المنكرة التً كانت سابدة النواح دلى المٌت واللطم وتمزٌق الثٌاب‪ ،‬وهً من‬
‫العادات المحرمة‪ ،‬ومد اكر ابن الجوزي الك بقوله‪ " :‬ومن داداتهم اللطم وتمزٌق الثٌاب‬
‫وخصوصا ً النساء " ( ٔ) ‪ ،‬كما أن بعض الناس ااا مات لهم مٌت دفنوا معه بعض حاجاته‬
‫وأؼراضه وأشٌاءل الخاصة‪ ،‬وهً من العادات التً حرمها الشرع‪ ،‬ألن فٌها إضادة األموال‬
‫وتباٌرها ( ٕ) ‪ ،‬ومن العادات المحرمة تخصٌص ٌوم محدد لزٌارة القبور وال ٌزور القبر إال فً‬
‫الك الٌوم‪ ،‬فقد جرت العادة فً تلك الحقبة أن الناس ٌزورون القبور فً لٌلة النصؾ من شعبان‪،‬‬
‫ثم ٌومدون النار دند القبور‪ ،‬وإاا أرادوا العودة أخاوا من تراب القبر للتبرك‪ ،‬ومد تصدى ابن‬
‫هللا تعالى ( ٖ) ‪.‬‬
‫ٌر ِ‬ ‫الجوزي لهال العادة‪ ،‬وحار منها وحار من التوكل دلى ؼ ِ‬
‫كما انكر ابن الجوزي األدمال التً ٌقوم بها العٌارون من إرداب الناس وأخا أموالهم فقال‪:‬‬
‫ون بالفتٌان‪،‬‬
‫ُسم َ‬‫" ومن هاا الفن تلبٌسه ‪-‬أي الشٌطان ‪ -‬دلى العٌارٌن فً أخا أموال الناس‪ ،‬فؤنهم ٌ َ‬
‫وٌقولون الفتى ال ٌزنً وال ٌكاب‪ ،‬وٌحفظ الحُرم‪ ،‬وال ٌه تك ستر أمرال‪ ،‬ومع هاا ال ٌتحاشون‬
‫من اخا أموال الناس‪ ،‬وٌنسون تقلًّ األكباد دلى األموال‪ ،‬وٌسمون طرٌقتهم الفتوّ ة " ( ٗ) ‪.‬‬
‫كما أن ابن الجوزي كان شدٌد ًا حتى دلى أهل الاكر الاٌن ٌإاون النابم وٌإثرون دلى‬
‫المتعبد والمتهجد‪ ،‬فٌقول‪ " :‬إنهم ٌخلطون آاان الفجر بالتاكٌر والتسبٌح والموادظ‪ ،‬وٌجعلون‬
‫األاان وسطا ً فٌختلط‪ ،‬ومد كرل العلماء كل ما ٌضاؾ إلى األاان‪ ،‬ومد رأٌنا من ٌقوم باللٌل كثٌراً‬
‫دلى المنارة فٌعظ وٌاكر‪ ،‬ومنهم من ٌقرأ سوراً من القرآن بصوت مرتفع فٌمنع الناس من‬
‫نومهم وٌخلط دلى المتهجدٌن مراءتهم وكل الك من المنكرات " ( ٘) ‪.‬‬
‫وكان هناك من دلماء الحنابلة من كان ٌطلق دلٌه الشحنة لما كان ٌقوم به من دور كبٌر فً‬
‫محاربة المفاسد والمنكرات‪ ،‬فكان العالم الصالح الزاهد أبو البقاء محمود بن دثمان الحنبلً(ت‬
‫‪ٙٓ9‬هـ‪ ٕٕٔٔ/‬م)‪ ،‬من العلماء الاٌن ٌؤمرون بالمعروؾ وٌنهون دن المنكر‪ ،‬إا دمل هو‬
‫وأصحابه دلى محاربة المفاسد والبدع وارامت الخمور‪ ،‬وكانوا شدٌدٌن فً دٌن هللا تعالى‪ ،‬فكان‬
‫ٌطلق دلى الشٌخ اسم شحنة الحنابلة‪ ،‬لدورل الكبٌر فً إصبلح المجتمع‪ ،‬وكالك لشدته وجرأته‬
‫فً الحق ( ‪. )ٙ‬‬
‫ومد حرص العلماء الاٌن تولوا مناصب مهمة فً الدولة دلى إصبلح المجتمع ومحاربة‬
‫المنكرات التً انتشرت فً بؽداد ففً سنة (‪ٙٔٙ‬هـ‪ٕٔٔ9/‬م)‪ ،‬امر العالم محً الدٌن ٌوسؾ ابن‬
‫الجوزي بإزالة المنكرات والمفاسد ووسابل اللهو ؼٌر المباحة من بؽداد ‪ ،‬وأمر أن تهدم‬
‫المبلهً‪ ،‬ومقاومة المفاسد التً كانت تإدي إلى فساد المجتمع‪ ،‬لالك حرص العلماء دلى‬
‫محاربتها بشدة وبشتى الطرق ( ‪. )7‬‬

‫)ٔ) تلبٌس إبلٌس‪ ،‬ص ٖٖ٘ ‪.‬‬


‫)ٕ) المصدر نفسه‪ ،‬ص ٖٖ٘ ‪.‬‬
‫)ٖ) المصدر نفسه‪ ،‬ص ٖٗ٘ ‪.‬‬
‫)ٗ) المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪. ٖٗ7‬‬
‫)٘) المصدر نفسه‪ ،‬ص ٖٕٔ ‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫)‪ )ٙ‬ابو شامه‪ ،‬الروضتٌن‪ٕٔٙ/٘ ،‬‬
‫)‪ )7‬ابن كثٌر ‪ ،‬المصدر السابق‪. ٖٔٙ/7 ،‬‬

‫‪ٔٔ9‬‬
‫ونتٌجة لما مام به الحنابلة من دور فً محاربة المفاسد والمنكرات‪ ،‬وهو أمر أوجبه الدٌن‬
‫اإلسبلمً‪ ،‬إال أنهم واجهوا الكثٌر من العقبات‪ ،‬حتى صار لهم أدداء ٌتتبعونهم‪ ،‬ومن الك ما‬
‫حصل البن الجوزي الاي صودرت كتبه وأمفلت دارل ونفً س نوات ددٌدل إلى واسط نتٌجة‬
‫لشدته دلى أهل المنكرات والمنجمٌن ( ٔ)‪ ،‬كالك ما حصل لنصر بن دبد العزٌز الاي كان شدٌداً‬
‫دلى أهل المنكرات‪ ،‬فؤُخرج من بؽداد وكادوا ٌضربونه لوال انهم خافوا من العامة الاٌن كانوا‬
‫ٌمٌلون إلٌه ( ٕ) ‪ ،‬إال أن الك لم ٌمنع دلماء الحنابلة من القٌام بواجبهم الدٌنً‪ ،‬فقد دملوا من اجل‬
‫المحافظة دلى المجتمع من المنكرات التً انتشرت فً بؽداد‪ ،‬لما لها من تؤثٌر سلبً ٌإدي إلى‬
‫تفتٌت وحدة المجتمع وضعؾ الوازع الدٌنً‪ ،‬لالك ماوم دلماء الحنابلة هال المفسدات فً‬
‫بطرابق مختلفة ‪.‬‬
‫وٌمكن أن نبلحظ تؽٌراً فً طرٌقة أ نكار المنكر دند الحنابلة خاصة فً المراحل األخٌرة‬
‫من دمر الخبلفة العباسٌة فً بؽداد‪ ،‬وٌمكن أن نعزو الك ألسباب ددة لعل أهمها هو تخلص‬
‫الخبلفة من السٌطرة األجنبٌة‪ ،‬وصبح القرار بٌد الخلفاء العباسٌٌن‪ ،‬ومن ث َّم أصبحوا ٌإٌدون‬
‫الحنابلة فً إنكارهم للمنكر‪ ،‬فكان الحناب لة ٌقومون بهاا األمر بصفة شبه رسمٌة‪ ،‬وهاا ما ظهر‬
‫واضحا ً من خبلل التفوٌض الاي منح البن الجوزي لمحاربة أهل البدع والوموؾ بوجه‬
‫الحركات المناهضة لئلسبلم ( ٖ)‪ ،‬وهاا األمر لم ٌكن موجوداً فً القرون األولى لظهور الحنابلة‪،‬‬
‫فعلى الرؼم من التشابه فً التوجهات الفكرٌة ب ٌن الخبلفة العباسٌة وبٌن الحنابلة فً تلك الحقبة‬
‫إال أن الك لم ٌشفع للحنابلة ولم ٌُعطِ هم الحق فً أنكار المنكر‪ ،‬والك بسبب التسلط األجنبً‪،‬‬
‫وأن الخبلفة كانت مسلوبة الرأي‪ ،‬فكان الحنابلة ٌنكرون المنكر‪ ،‬إال أنهم كانوا ٌواجهون دقوبات‬
‫نتٌجة لالك‪ ،‬ومنها المطاردة ومصادرة األموال والنفً خارج بؽداد ‪.‬‬
‫ومن األسباب المهمة األخرى هو أن الحنابلة اصبحوا أكثر ادتداالً من الفترات السابقة‪،‬‬
‫ففً الومت الاي كان الحنابلة ٌرفضون تولً المناصب الدٌنٌة منها أو اإلدارٌة‪ ،‬أصبح الحنابلة‬
‫فً الحقبة موضوع الدراسة ٌتولون المناصب‪ ،‬حتى أن بعضها أصبح ٌتوالها األب ومن بعدل‬
‫أبناإل ( ٗ) ‪ ،‬وبالك أصبح الحنابلة ٌنكرون المنكر بصفة رسمٌة من خبلل وظٌفة المحتسب التً‬
‫توالها بعض دلماء الحنابلة إا إن من ٌتولى هال الوظٌفة ٌصبح المسإول دن إنكار المنكر‬
‫ومحاربته ‪.‬‬
‫ومن األسباب األخرى هو انخفاض حدة التوترا ت الماهبٌة فً بؽداد خاصة فً دصر‬
‫الخلٌفة الناصر ومن جاء بعدل من الخلفاء‪ ،‬فقد اتبع هإالء الخلفاء سٌاسة مركزٌة تمٌل للشدة‬
‫كما أن خلفاء هال الحقبة اتبعوا سٌاسة الحٌاد وددم المٌل إلى ماهب دون آخر‪ ،‬كما أن بناء‬
‫المدرسة المستنصرٌة أسهم وبشكل ملحوظ فً تقلٌل التناحرات الماهبٌة ‪.‬‬

‫)ٔ) ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪. ٕٗٙ- ٕٗ٘/ٔ ،‬‬


‫)ٕ) المصدر نفسه‪. ٕ٘٘- ٘٘ٔ/ٕ ،‬‬
‫)ٖ) المصدر نفسه‪. ٗٓ7/ٔ ،‬‬
‫)ٗ) فقد تولى الحسبة محً الدٌن ٌو سؾ ابن الجوزي فً دصر الخلٌفة الناصر وامرل الخلٌفة الظاهر ثم‬
‫المستنصر وتوالها أبناإ ل من بعدل حتى احتبلل المؽول لبؽداد‪ ،‬ابن رجب‪ ،‬المصدر السابق‪ ٖٓ- ٕٓ/ٗ ،‬؛‬
‫وٌنظر صفحه (ٔ‪ )7‬من هال الرسالة ‪.‬‬
‫ٕٓٔ‬
‫كل تلك األسباب أدت إلى أن ٌؽٌر الحنابلة منهجهم فً التعامل مع أهل المنكرات‪ ،‬دون أن‬
‫ٌمنعهم من االستمرار بؤداء هال الفرٌضة‪ ،‬فقد شكل الحنابلة ألنفسهم جمادة ممٌزة أخات دلى‬
‫داتقها محاربة المنكر بكل أشكاله وبكل الطرابق‪ ،‬وهاا هو استمرار لدورهم الاي بدء منا مطلع‬
‫القرن الرابع الهجري ‪.‬‬

‫الخاتمة‬

‫وبعد أن االنتهاء من إنجاز هال الرسالة العلمٌة بعون هللا وتوفٌقه ‪ٌ ،‬مكن إبراز أهم‬
‫النتابج التً تم التوصل إلٌها دلى النحو االتً ‪- :‬‬
‫ٔ ‪ -‬اهتمام الخبلفة العباسٌة فً الحفاظ دلى الدٌن اإلسبلمً من البدع واالستعانة بالمنهج‬
‫الحنبلً لمواجهة الحركات الباطنٌة واألفكار الهدامة ‪ ،‬فقد أصدر الخلٌفة القادر باهلل منشورل‬
‫العقابدي المعروؾ بـاالدتقاد القادري حاول من خبلله التوصل إلى مواسم مشتركة متفق‬
‫ٕٔٔ‬
‫دلٌها ألصول الدٌن اإلسبلمً ٌمكن الرجوع إلٌها دندما تتعرض العقٌدة اإلسبلمٌة لطارئ‬
‫أو بددة ‪ .‬فلهاا كان المنشور القادري مرجعا ً للفقهاء دندما ٌرٌدون مٌاس األمور التً‬
‫ٌختلفون دلٌها أو دندما ٌرٌدون من الخبلفة العباسٌة نصرتهم ضد مبتدع أو مخالؾ لعقٌدة‬
‫أهل السنة والجمادة ‪ .‬فكان االدتقاد القادري أول وثٌقة رسمٌة تصدر من الخبلفة اإلسبلمٌة‬
‫ت تعلق بشإون العقٌدة وأصولها ‪ ،‬وكان مرجعا ً لمن جاء بعد القادر للقضاء دلى الفتن‬
‫العقابدٌة ‪.‬‬
‫ٕ ‪ -‬المساهمة الفادلة لعلماء الحنابلة فً القضاء دلى بعض الفتن التً ظهرت فً هال الحقبة‬
‫فً بؽداد‪ ،‬من خبلل إرشاداتهم وتوجٌهاتهم وفتاواهم التً خففت من هال النزادات‬
‫واالحتقان الماهبً‪ ،‬واسهموا فً وحدة المجتمع وتماسكه ‪.‬‬

‫ٖ ‪ -‬دد َم دلماء الحنابلة مإسسة الخبلفة كونها تمثل الرمز الروحً لعامة المسلمٌن‪ ،‬والك‬
‫من خبلل حضورهم مراسٌم تولً منصب الخبلفة وتولٌة العهد ألبناء الخلفاء ومباٌعتهم‬
‫وترجمت تلك العبلمة الطٌبة لعلماء الحنابلة مع الخبلفة العباسٌة ‪ ،‬من خبلل اإلسهامات‬
‫السٌاسٌة التً أسهم بها هإالء دلماء فً تلك الحقبة‪ ،‬تمثلت فً مٌامهم برباسة الوفود إلى‬
‫البلدان اإلسبلمٌة ‪ ،‬و التً تنودت أهدافها فً اإلصبلح بٌن المتنازدٌن من حكام المسلمٌن‬
‫فً ببلد الشام ومصر من أجل توحٌد الصفوؾ ضد الصلٌبٌٌن ‪.‬‬

‫ٗ ‪ -‬لم ٌكن دلماء الحنابلة بمعزل دن الوضع السٌاسً الاي تعٌشه الخبلفة العباسٌة وكانت‬
‫لهم ومفات جرٌبة ضد التسلط السلجومً ‪ ،‬والك من خبلل تقدٌم الموادظ لهم وددم تنفٌا‬
‫أوامرهم ومساندتهم للخبلفة ‪ ،‬وهاا منح العلماء مكانة وحرمة دند السبلطٌن السبلجقة‪،‬‬
‫وحتم د لٌهم مداراتهم وحضور مجالسهم وزٌارتهم إلى بٌوتهم وتقدٌم الهبات والهداٌا لهم ‪.‬‬

‫٘ ‪ -‬دلى الرؼم مما درؾ دن الحنابلة من ملة أمبالهم دلى تولً المناصب لدى الخبلفة‬
‫وددم مداخلتهم للسلطة‪ ،‬إال أن هال الحقبة شهدت حضوراً كبٌراً لعلماء الحنابلة فً‬
‫الوظابؾ الدٌنٌة والسلطانٌة‪ ،‬ومع هاا فإ ن الك لم ٌزح دلماء الشافعٌة دن الصدارة فً‬
‫تولً المناصب اإلدارٌة دند الخبلفة ‪،‬ومد أوكلت للحنابلة وظابؾ كثٌرة فً مإسسات الدولة‬
‫المختلفة ‪ ،‬وتنودت الوظابؾ منها الدٌنٌة ومنها القضاء والحسبة ومشٌخة الشٌوخ والمظالم‬
‫والتركات الحشرٌة وشؽلوا وظابؾ سٌا سٌة مهمة كالوزارة التً تقلدها بعض العلماء كما‬
‫أن دلماء الحنابلة اسهموا بإدارة بعض الدواوٌن إلى جانب إسهام البعض منهم فً إدارة‬
‫بعض الوظابؾ السلطانٌة نحو وظٌفة ماضً القضاة وؼٌرها من الوظابؾ‪ ،‬مما ٌدل دلى‬
‫مكانتهم فً الدولة والمجتمع ‪.‬‬

‫‪ - ٙ‬أسهم دلماء الحنابلة ف ً مجال التؤلٌؾ والتصنٌؾ وفً فنون العلم المختلفة وحفظت لنا‬
‫المصادر التارٌخٌة واألدبٌة تراثا ً مشرما ً دن حجم المصنفات ال تً صنفها العلماء فً تلك‬
‫الحقبة التً أؼنت المكتبة العربٌة اإلسبلمٌة بالكثٌر من المإلفات ‪.‬‬
‫ٕٕٔ‬
‫‪ - 7‬إسهام دلماء الحنابلة فً الجانب اإلنسانً من خبلل إشرافهم دلى الوموؾ المتنودة فً‬
‫بؽداد‪ ،‬مثل المساجد والمدارس والمكتبات والربط ودور العلم واألموال لتإدي دوراً فعاالً‬
‫فً مساددة الناس وإصبلح المجتمع ‪.‬‬

‫‪ - 1‬كما أسهم دلماء الحنابلة فً مجال التدرٌس ودملوا دلى إمامة مجالسهم العلمٌة فً‬
‫المساجد والمدارس والربط و حتى فً بٌوتهم الخاصة من اجل نشر العلم وخدمة المجتمع ‪،‬‬
‫كما نسخوا وصنفوا العدٌد من المصنفات لمختلؾ العلوم واحتفظوا بمكتبات دامرة فً‬
‫بٌوتهم‪ ،‬كان لها األثر الكبٌر فً النهضة العلمٌة إلى جانب حفظهم لتراثنا العربً اإلسبلمً‬
‫‪.‬‬
‫‪ - 9‬شارك دلماء الحنابلة فً حٌاة الناس وومفوا إلى جنبهم فً األزمات والظروؾ التً‬
‫واجهتهم ‪ ،‬ومدموا كل أنواع المساددة لهم من خبلل مضاء حوابجهم وإطعام الفقراء‬
‫والمساكٌن‪ ،‬وتوفٌر السكن ألهل الحاجة وطلبة العلم القادمٌن إلى بؽداد ‪.‬‬
‫ٓٔ ‪ -‬أسهم دلماء الحنابلة فً الحفاظ دلى وحدة المجتمع وتماسكه من خبلل مجالس الودظ‬
‫واإلرشاد التً انتشرت فً بؽداد وجاب العلماء الناس إلى تلك المجالس‪ ،‬لما أبدال هإالء‬
‫العلماء من مقدرة فً كسبهم وتحقٌق مطالبهم وكانت مجالسهم زاخرة بالموادظ والنصابح‬
‫حفاظا ً دلى المجتمع من التفكك وأبعادل دن المفاسد ‪.‬‬
‫ٔٔ ‪ -‬لم تشهد الحقبة موضوع البحث موامؾ معارضة من مبل دلماء الحنابلة ضد الخبلفة‬
‫العباسٌة وٌعزى الك الى أن العلماء استعاضوا دن معارضة الخبلفة باإلنكار دلى الخلفاء‬
‫وتوجٌههم للحق دبر الموادظ واإلرشاد والنصح وؼٌرها من الوسابل التً كان بعض‬
‫العلماء ٌبالونها للخلفاء‬
‫ٗٔ ‪ -‬ودلى الرؼم من الجهود الكبٌرة ال تً مدمها دلماء الحنابلة النتشال الخبلفة من دوامل‬
‫الضعؾ واالنهٌار إ ال أن األخطار الخارجٌة الكبٌرة التً هددت األمة والتً تزامنت مع‬
‫ضعؾ الخبلفة تجاوزت ما مدمه هإالء العلماء من جهود للحٌلولة دون انهٌار الخبلفة أمام‬
‫الزحؾ المؽولً‪.‬‬

‫ً‬
‫خدمة لدٌننا اإلسبلمً الحنٌؾ وتارٌخه المشرق‪ ،‬فإن‬ ‫وفً الختام أمدم هاا الجهد المتواضع‬
‫ُ‬
‫كنت أخطؤت فمن نفسً وحسبً هللا الؽفور الرحٌم ‪ ،‬وإن كنت أصبت فمن هللا وأرجو فً‬
‫الك أجرل وثوابه ‪ ،‬وله الفضل والمنة إنه نعم المولى ونعم النصٌر ‪ ،‬وآخر ددوانا أن الحمد‬
‫هلل رب العالمٌن ‪.‬‬

‫ٖٕٔ‬
‫ملحق رمم (ٔ)‬

‫رسالة إسحاق العلثً إلى ابن الجوزي‬

‫هللا إِسْ َحاق بْن أَحْ َمد بْن م َُحمَّد بْن ؼانم العلثً‪ ،‬إِلَى َدبْد الرَّ حْ َم ِن بْن الجوزي‪،‬‬
‫من دبٌد َّ‬
‫هللا وإٌال من االستكبار َدن مبول النصابح‪ ،‬ووفقنا وإٌال إلتباع السلؾ الصالح‪ ،‬وبصرنا‬ ‫حمانا َّ‬
‫بالستة السنٌة‪ ،‬وال حرمنا االهتداء باللفظات النبوٌة‪ ،‬وأداانا من االبتداع من الشرٌعة‬
‫هللا لنا الدٌن‪ ،‬وأؼنانا َدن‬ ‫المحمدٌة‪ .‬فبل حاجة ِإلَى َال َِك‪َ .‬ف َق ْد تركنا َدلَى بٌضاء نقٌة‪ ،‬وأكمل َّ‬
‫هللا وسنة رسوله مقنع لكل من رؼب أَ ْو رهب‪ ،‬ورزمنا َّ‬
‫هللا‬ ‫آراء المتنطعٌن‪ ،‬ففً كتاب َّ‬
‫االدتقاد السلٌم‪ ،‬وال حرمنا التوفٌق‪َ ،‬ف ِإ َاا حرمه العبد لَ ْم ٌنفع التعلٌم‪ .‬ودرفنا أمدار نفوسنا‪،‬‬
‫وهدانا الصراط المستقٌم‪ .‬وال حول وال موة إال باهلل العلً العظٌم‪َ ،‬و َف ْو َق ُكل اي دلم دلٌم‪.‬‬
‫هللا سبحانه‪ ،‬والصبلة َدلَى رسوله‪ :‬فبل ٌخفى أن الدٌن النصٌحة‪ ،‬خصوصا للمولى‬ ‫وبعد حمد َّ‬

‫ٕٗٔ‬
‫الكرٌم‪ ،‬والرب الرحٌم‪ .‬فكم َم ْد زل ملم‪ ،‬ودثر مدم‪ ،‬وزلق متكلم‪ ،‬وال ٌحٌطون ِب ِه دلما‪َ .‬ما َل‪:‬‬
‫هللا ِب َؽٌ ِْر دِ لْم َوال هُدىً َوال كتاب مُنٌر "‪.‬‬
‫اس َمنْ ٌُجادلُ فًِ َّ ِ‬ ‫دز من مابل "‪ " ،‬ومِ َن ال َّن ِ‬
‫وأنت ٌا َدبْد الرَّ حْ َم ِن‪َ ،‬ف َما ٌزال ٌبلػ دنك وٌسمع منك‪ ،‬وٌشاهد فًِ كتبك المسمودة‬
‫ان مبلك من الْ ُعلَ َماء بالخطؤ‪ ،‬ادتقادا منك‪ :‬أنك تصدع بالحق من‬ ‫دلٌك‪ ،‬تاكر كثٌرا مِمَّ ن َك َ‬
‫هللا‪ ،‬وإما لتركٌب حجة‬ ‫ؼٌر محاباة‪ ،‬وال بد من الجرٌان فًِ مٌدان النصح‪ :‬إِمَّا لتنتفع إِن هداك َّ‬
‫هللا دلٌك‪ .‬وٌحار ال َّناس مولك الفاسد‪ ،‬وال ٌؽرك كثرة إطبلدك َدلَى العلوم‪ .‬فرب مبلَّػ أودى‬ ‫َّ‬
‫بؤدلم من الرسول‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫فلست‬ ‫من سامع‪ ،‬ورب حامل فقه ال فقه لَهُ‪ ،‬ورب بحر َكدر ونهر صاؾ‪،‬‬
‫إا َما َل لَ ُه اإلمام د َُمر‪ " :‬أتصلً َدلَى ابْن أَ ِبً؟ أنزل الْقُرْ آن " َوال تصلِّ َدلى أَ َحد مِ ْنه ْم " ولو‬
‫ان ال ٌنكر من مل دلمه َدلَى من كثر دلمه ِإ َاا لتعطل األمر بالمعروؾ‪ ،‬وصرنا كبنً‬ ‫َك َ‬
‫ُنكر َف َعلُولُ " ‪َ ،‬بل ٌنكر المفضول َدلَى‬ ‫إسرابٌل إا َما َل َت َعالَى‪ " :‬كانوُ ا الَ ٌَ َت َناه ُْو َن َدنْ م َ‬
‫الفاضل وٌنكر الفاجر َدلَى الولً‪َ ،‬دلَى تقدٌر معرفة الولً‪ .‬وإال فابن التنقا لٌطلب وابن‬
‫السمندل‪ ،‬لٌجلب ‪ِ -‬إلَى أَن مال‪ :‬وادلم أَ َّن ُه َم ْد كثر النكٌر دلٌك من الْ ُعلَ َماء والفضبلء‪،‬‬
‫هاء مقالتك‪ ،‬وحكوا دنك أنك‬ ‫واألخٌار فًِ اآلفاق بمقالتك الفاسدة فًِ الصفات‪َ .‬و َم ْد أبانوا َو َ‬
‫ُ‬
‫أبٌت النصٌحة‪ ،‬فعندك من األموال الَّتًِ ال تلٌق بالسنة َما ٌضٌق الومت َدن اكرها‪ ،‬فاكر‬
‫دنك‪ :‬أنك اكرت فًِ المبلبكة المقربٌن‪ ،‬الكرام الكاتبٌن‪ ،‬فصبل زدمت أَ َّن ُه موادظ‪َ ،‬وه َُو‬
‫هللا ُ َدلَ ٌْ ِه َو َسلَّ َم‪ ،‬وكبلم السلؾ‬
‫صلَّى َّ‬ ‫هللا َ‬‫تشقٌق وتفهٌق‪ ،‬وتكلؾ بشع‪ ،‬خبل أحادٌث َرسُول َّ ِ‬
‫الصالح الَّاِي ال ٌخالؾ سنة‪ ،‬فعمدت وجعلتها مناظرة معهم‪ .‬فمن أان لَك فًِ َال َِك‪َ .‬و ُه ْم‬
‫هللا‪َ .‬و َم ْد مرن شهادته بشهادتهم مبل أولى‬ ‫مستؽفرون للاٌن آمنوا‪ ،‬وال ٌستكبرون َدن دبادة َّ‬
‫ان اآلدمً أفضل مِ ْنهُم أم ال‪ ،‬فتلك مسالة أ ُ ْخ َرى‪.‬‬ ‫العلم َو َما َدلَ ٌْ َنا َك َ‬
‫فشردت تقول‪ِ :‬إ َاا ثارت نار الحسد فمن ٌطفبها؟ َوفًِ الؽٌبة َما فٌِ َها‪َ ،‬م َع َكبلم ؼث‪،‬‬
‫ألٌس منا فُبلن؟ ومنا فُبلن؟ ومنا األنبٌاء واألولٌاء من فعل َه َاا من السلؾ مبلك؟ ولو َما َل لَك‬
‫مابل من المبلبكة‪ :‬ألٌس منكم فردون وهامان؟ ألٌس منكم من اددى الربوبٌة؟ فعمن أخات‬
‫هال األموال المحدثة‪ ،‬والعبارات المزومة‪ ،‬الَّتًِ ال طابل تحتها َو َم ْد شؽلت بها ال َّناس َد ِن‬
‫االشتؽال بالعلم ال َنافِع أح ُدهم َم ْد أنسى الْقُرْ آن َوه َُو ٌعٌد فضل المبلبكة ومناظرتهم‪ ،‬وٌتكلم ِب ِه‬
‫فًِ اآلفاق فؤٌن الودظ والتاكٌر من هال األموال الشنٌعة البشعة‪.‬‬
‫ثُ َّم تعرضت لصفات الخالق َت َعالَى‪ ،‬كؤنها صدرت ال من صدر سكن فٌِ ِه احتشام العلً‬
‫العظٌم‪ ،‬وال أمبلها ملب ملًء بالهٌبة والتعظٌم‪َ ،‬بل من وامعات النفوس البهرجٌة الزٌوؾ‪.‬‬
‫وزدمت أَن طابفة من أهل السنة واألخٌار تلقوها َو َما فهموا‪ .‬وحاشاهم من َال َِك‪َ .‬بل كفوا َد ِن‬
‫هللا ‪َ -‬د ِن الجدال والخصام‪ ،‬وال جهبل بطرق الْ َكبلم‪ .‬وإنما‬ ‫الثرثرة والتشدق‪ ،‬ال دجزا ‪ -‬بحمد َّ‬
‫أمسكوا َد ِن الخوض فًِ َال َِك َدن دلم ودراٌة‪ ،‬ال َدن جهل ودماٌة‪.‬‬
‫والعجب مِمَّ ن ٌنتحل ماهب السلؾ‪ ،‬وال ٌرى الخوض فًِ الْ َكبلم‪ .‬ثُ َّم ٌقدم َدلَى تفسٌر َما‬
‫لَ ْم ٌرل أوال‪َ ،‬و ٌَقُول‪ِ :‬إ َاا ملنا َك َاا أدى ِإلَى َك َاا‪ ،‬وٌقٌس َما ثبت من صفات الخالق َدلَى َما لَ ْم‬
‫نهٌت َد ْنهُ‪ .‬وكٌؾ تنقض دهدك ومولك بقول فُبلن وفبلن من‬ ‫ُ‬ ‫ٌثبت دندل‪ .‬فهاا الَّاِي‬
‫المتؤخرٌن؟ فبل تشمت بنا المبتددة فٌقولون‪ :‬تنسبوننا إِلَى البدع وأنتم أكثر بددا ً منا‪ ،‬أفبل‬
‫تنظرون ِإلَى َم ْول من ادتقدتم سبلمة دقدل‪ ،‬وتثبتون معرفته وفضله‪ .‬كٌؾ أمول ما لم ٌقل‪،‬‬
‫فكٌؾ ٌَجُوز أَن تتبع المتكلمٌن فًِ آرابهم‪ ،‬وتخوض َم َع الخابضٌن فٌما خاضوا فٌِهِ‪ ،‬ثُ َّم تنكر‬
‫َدلٌَ ِْهم‪َ .‬ه َاا من العجب العجٌب‪ .‬ولو أَن مخلوما وصؾ مخلوما مثله بصفات من َؼٌْر رإٌة‬
‫هللا سبحانه بشًء َما ومفتم َدلَى‬ ‫وال خبر صادق‪ .‬لكان كاابا فًِ إخبارل‪ .‬فكٌؾ تصفون َّ‬
‫صحته‪َ ،‬بل بالظنون والوامعات‪ ،‬وتنفون الصفات الَّتًِ رضٌها لنفسه‪ ،‬وأخبر بها رسوله بنقل‬
‫الثقات األثبات‪ٌ ،‬حتمل‪ ،‬وٌحتمل‪.....‬‬

‫ٕ٘ٔ‬
‫وتددً أَن األَصْ َحاب خلطوا فًِ الصفات‪َ ،‬ف َق ْد مبحت أَ ْك َثر مِ ْنهُم‪َ ،‬و َما وسعتك السنة‪ .‬فاتق‬
‫هللا سبحانه‪ .‬وال تتكلم فٌِ ِه برأٌك فهاا خبر ؼٌب‪ ،‬ال ٌسمع إال من الرسول المعصوم‪َ ،‬ف َق ْد‬ ‫َّ‬
‫اإلسْبلم‪.‬‬
‫ٌن نقلوها نقلوا شرابع ِ‬ ‫نصبتم حربا لؤلحادٌث الصحٌحة‪َ .‬والَّاِ َ‬
‫هللا‪َ ،‬م ْد حكى َد ْنهُ‪ :‬أَ َّن ُه تاب بمحضر‬ ‫‪...‬وصار شؽلك نقل األموال فحسب‪ ،‬وابن دقٌل سامحه َّ‬
‫هللا باإلسبلم والسنة ‪َ -‬فه َُو‬ ‫من دلماء ومته من مثل هال األموال‪ ،‬بمدٌنة السَّبلم ‪ -‬دمرها َّ‬
‫بريء ‪َ -‬دلَى َه َاا التقدٌر ‪ -‬مِمَّا ٌوجد بخطه‪ ،‬أَ ْو ٌنسب إِلَ ٌْهِ‪ ،‬من التؤوٌبلت‪ ،‬واألموال المخالفة‬
‫للكتاب والسنة‪.‬‬
‫َ‬
‫وأنا وافدة ال َّناس َوال ُعلَ َماء والحفاظ إلٌك‪ ،‬فإما أن تنتهً َدن هال المقاالت‪ ،‬وتتوب التوبة‬ ‫ْ‬
‫اس أمرك‪ ،‬وسٌروا َال َِك فًِ الببلد وبٌنوا وجه‬ ‫النصوح‪َ ،‬ك َما تاب ؼٌرك‪ ،‬وإال كشفوا لِل َّن ِ‬
‫َ‬
‫األموال الؽثة‪َ ،‬و َه َاا أمر تُشُ ِور فٌِهِ‪ ،‬ومضى بلٌل‪َ ،‬واألرْ ض ال تخلو من مابم هلل حجة‪،‬‬
‫والجرح ال شك مقدم َدلَى التعدٌل‪ ،‬وهللا َدلَى َما نقول وكٌل‪ ،‬ومد أدار من أنار‪.‬‬
‫وإاا تؤولت الصفات َدلَى اللؽة‪ ،‬وسوؼته لنفسك‪ ،‬وأبٌت النصٌحة‪ ،‬فلٌس ه َُو ماهب‬
‫هللا روحه‪ ،‬فبل ٌمكنك االنتساب ِإلَ ٌْ ِه ِب َه َاا‪ ،‬فاختر لنفسك‬ ‫اإلمام الكبٌر أَحْ َمد بْن حنبل مدس َّ‬
‫ماهبا‪ِ ،‬إن مكنت من َال َِك‪َ ،‬و َما زال أَصْ َحابنا ٌجهرون بصرٌح الحق فًِ ُكل ومت ولو‬
‫هللا لومة البم‪ ،‬وال ٌبالون بشنادة مشنع‪ ،‬وال كاب كااب‪،‬‬ ‫ضُربوا بالسٌوؾ‪ ،‬ال ٌخافون فًِ َّ‬
‫َولَهُ ْم من االسم العاب الهنً‪ ،‬وتركهم الدنٌا وإدراضهم َد ْن َها اشتؽاال باآلخرة‪َ :‬ما ه َُو معلوم‬
‫معروؾ‪.‬‬
‫ولقد سودت وجوهنا ب مقالتك الفاسدة‪ ،‬وانفرادك بنفسك‪ ،‬كؤنك جبار من الجبابرة‪ ،‬وال كرامة‬
‫لَك وال نعمى‪ ،‬وال نمكنك من الجهر بمخالفة السنة‪ ،‬ولو استقبل من الرأي َما استدبر‪ :‬لَ ْم ٌحك‬
‫هللا‪َ ،‬و َما شاء فعل‪ ،‬بٌننا وبٌنك كتاب َّ‬
‫هللا‬ ‫دنك َكبلم فًِ السهل‪ ،‬وال فًِ الجبل‪ ،‬ولكن مدر َّ‬
‫"ولَ ْم ٌقل‪ِ :‬إلَى‬
‫هللا َوالرَّ سُول َ‬ ‫رُدولُ ِإلَى َّ ِ‬ ‫ازدْ تُم فًِ َشًْ ءً َف ُّ‬ ‫وسنة رسوله‪َ ،‬ما َل َّ‬
‫هللا َت َعالَى‪ " :‬فإنْ َت َن َ‬
‫ابْن الجوزي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫وترى ُكل من أنكر دلٌك نسبته إِلى الجهل‪ ،‬ففضل هللا أوتٌته وحدك؟ وإاا َجهَّلت الناس‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫فمن ٌشهد لَك أنك دالم؟ ومن أجهل منك‪ ،‬ح ٌث ال تصؽً ِإلَى نصٌحة ناصح؟ وتقول‪ :‬من‬
‫ت ِإ َاا؟ فلقد استراح‬ ‫ٌن وصل العلم إلٌك َد ْنهُم‪ ،‬من أَ ْن َ‬ ‫ان فُبلن‪ .‬من األبمة الَّاِ َ‬ ‫ان فُبلن‪ ،‬ومن َك َ‬‫َك َ‬
‫من خاؾ مقام ربه‪ ،‬وأحجم َد ِن الخوض فٌما ال ٌعلم‪ ،‬لببل ٌندم‪.‬‬
‫هلل األمر من مبل‬ ‫وحسِّن القول والعمل‪َ ،‬ف َق ْد مرب األجل‪ِ َّ ِ ،‬‬ ‫فانتبه ٌا مسكٌن مبل الممات‪َ ،‬‬
‫ومن َبعْد‪ ،‬وال حول وال موة إال باهلل العلً العظٌم‬

‫ابن رجب ‪ ،‬المصدر السابق ‪ٖٗ٘ - ٗٗٙ/ٖ ،‬‬

‫ملحق رقم (‪)8‬‬


‫نص االعتقاد القادري‬

‫‪ٕٔٙ‬‬
‫(( ٌجب دلى اإلنسان أن ٌعلم أن هللا دز وجل وحدل (ال شرٌك له) (لم ٌلد ولم ٌولد‪ .‬ولم ٌكن‬
‫له كفوا احد) (( لم ٌتخا ولداً ولم ٌكن له شرٌك فً الملك )) وهو أول لم ٌزل ‪ ،‬وآخر ال‬
‫ٌزال مادر دلى كل شًء ؼٌر داجز دن شًء (( إنما أمرل ااا أراد شٌبا ً أن ٌقول له كن‬
‫فٌكون )) ؼنً ؼٌر محتاج الى شًء ( ال اله إال هو الحً القٌوم ال تؤخال سنة وال نوم) ٌطعم‬
‫وال ٌطعم ال ٌستوحش من وحدل وٌؤنس بشًْ وهو الؽنً دن كل شًء ال تخلقه الدهور‬
‫األزمان ‪ ،‬وكٌؾ تؽٌرل الدهور واألزمان وهو خالق الدهور واألزمان واللٌل والنهار‬
‫والضوء والظلمة والسموات واألرض وما فٌها من أ نواع الخلق وال بر والبحر وما فٌهما وكل‬
‫شًء حً أو مٌت أو جماد‪ ،‬كان ربنا وحدل ال شًء معه وال مكان ٌحوٌه فخلق كل شًء‬
‫بقدرته وخلق العرش ال لحاجته الٌه فاستوى دلٌه كٌؾ شاء وأراد ال استقرار راحة كما‬
‫ٌسترٌح الخلق وهو مدبر السموات واألرضٌن ومدبر ما فٌهما ومن فً البر والبحر وال مدبر‬
‫ؼٌرل وال حافظ سوال ٌرزمهم وٌمرضهم وٌعافٌهم وٌمٌتهم وٌحٌهم والخلق كلهم داجزون‬
‫والمبلبكة والنبٌون والمرسلون والخلق كلهم أجمعون وهو القادر بقدرة والعالم بعلم أزلً‬
‫ؼٌر مستفاد وهو السمٌع بسمع ‪ ،‬والمبصر ببصر ٌعرؾ صفتهما من نفسه ال ٌبلػ كنههما‬
‫أحد من خلقه‪ ،‬متكلم بكبلم ال بالة مخلومة كالة المخلومٌن ‪ ،‬ال ٌوصؾ إال بما وصؾ به نفسه‬
‫ووصفه به نبٌه دلٌه السبلم ‪ ،‬وكل صفة وصؾ بها نفسه أو وصفه بها رسوله (صلى هللا‬
‫دلٌه وسلم) فهً صفة حقٌقٌة ال مجازٌة ‪ ،‬وٌعلم أن كبلم هللا تعالى ؼٌر مخلوق ‪ ،‬تكلم به‬
‫تكلٌما ً وانزله دلى رسوله (صلى هللا دلٌه وسلم) دلى لسان جبرٌل‪ ،‬بعدما سمعه جبرٌل منه‬
‫فتبلل جبرٌل دلى محمد (صلى هللا دلٌه وسلم) وتبلل محمد دلى أصحابه وتبلل أصحابه دلى‬
‫األمة ولم ٌصر بتبلوة المخلومٌن مخلوما ألنه الك الكبلم بعٌنه الاي تكلم هللا به فهو ؼٌر‬
‫مخلوق‪ ،‬فبكل حال متلواً ومحفوظا ً ومكتوبا ً ومسمودا ً ومن مال إنه مخلوق دلى حال من‬
‫األحوال فهو كافر حبلل الدم بعد أالستتابة منه‪ ،‬وٌعلم أن األٌمان مول ودمل ‪ ،‬ونٌة ومول‬
‫باللسان ودمل باألركان والجوارح وتصدٌق به ٌزٌد وٌنقص ‪ٌ ،‬زٌد بالطادة ‪ ،‬وٌنقص‬
‫بالمعصٌة ‪ ،‬وهو او أجزاء وشعب ‪ ،‬فؤرفع أجزابه ال إله إال هللا‪ ،‬وأدناها إماطة األاى دن‬
‫الطرٌق ‪ ،‬والحٌاء شعبة من األٌمان والصبر من األٌمان بمنزلة الرأس من الجسد ‪ ،‬واألنسان‬
‫ال ٌدري كٌؾ هو مكتوب دند هللا ‪ ،‬وال بمااا ٌختم له‪ ،‬فلالك ٌقول مإمن إن شاء هللا ‪،‬‬
‫وأرجو أ ن أكون مإمنا ً ‪ ،‬وال ٌضرل االستثناء والرجاء‪ ،‬وال ٌكون بهما شاكا ً ‪ ،‬وال مرتابا ً ‪،‬‬
‫ألنه ٌرٌد بالك ما هو مؽٌب دنه دن أمر آخرته وخاتمته ‪ ،‬وكل شًء ٌتقرب به الى هللا‬
‫تعالى وٌعمل لخالص وجهه من أ نواع الطادات فرابضه وسننه وفضابله فهو كله من األٌمان‬
‫‪ ،‬منسوب إلٌه‪ ،‬وال ٌكون لؤلٌمان نهاٌة أبد ًا ‪ ،‬ألنه ال نهاٌة للفضابل ‪ ،‬وال للمتبوع فً‬
‫الفرابض ابداً ‪ ،‬وٌجب أن ٌحب أصحاب النبً (ص لى هللا دلٌه وسلم) كلهم‪ ،‬وٌعلم انهم خٌر‬

‫‪ٕٔ7‬‬
‫الخلق بعد رسول هللا (صلى هللا دلٌه وسلم) ‪ ،‬وان خٌرهم كلهم وافضلهم بعد رسول هللا‬
‫(صلى هللا دلٌه وسلم) ‪ :‬أبو بكر الصدٌق‪ ،‬ثم دمر بن الخطاب‪ ،‬ثم دثمان بن دفان‪ ،‬ثم دلً‬
‫بن ابً طالب (رضً هللا دنهم) ‪ ،‬وٌشهد للعشرة بالجنة وٌترحم دلى أزواج رسول هللا‬
‫(صلى هللا دلٌه وسلم) ‪.‬‬

‫(( ومن سب سٌدتنا دابشة (رضً هللا دنها) فبلحظ له فً اإلسبلم ‪ ،‬وال ٌقول فً‬
‫معاوٌة (رضً هللا دنه) إال خٌر ًا‪ ،‬وال ٌدخل فً شًء شجر بٌنهم ‪ ،‬وٌترحم دلى جمادتهم‪،‬‬
‫مال تعالى ‪ (( :‬والاٌن جاإ من بعدهم ٌقولون ربنا اؼفر لنا وإلخواننا الاٌن سبقونا باإلٌمان‬
‫بل للاٌن آمنوا ربنا إنك رإوؾ رحٌم )) ومال فٌهم‪ ( :‬ونزدنا ما فً‬ ‫وال تجعل فً ملوبنا ؼ ً‬
‫صدورهم من ؼل إخوانا ً دلى سرر متقابلٌن ))‪.‬‬

‫وال ٌكفر بترك شًء من الفرابض ؼٌر الصبلة المكتوبة وحدها ‪ ،‬فإنه من تركها من‬
‫ؼٌر دار‪ ،‬و هو صحٌح فارغ حتى ٌخرج ومت األخرى ‪ ،‬فهو كافر ‪ ،‬وان لم ٌجحدها لقوله‬
‫(صلى هللا دلٌه وسلم) (( بٌن العبد والكفر ترك الصبلة ‪ ،‬فمن تركها فقد كفر‪ ،‬وال ٌزال‬
‫كافر ًا حتى ٌندم و ٌعٌدها ‪ ،‬فإن مات مبل أن ٌندم وٌعٌد ‪ ،‬أو ٌضمر أن ٌعٌد لم ٌصل دلٌه ‪،‬‬
‫وحشر مع فردون وهامان ومارون ‪ ،‬وأبً بن خلؾ )) ‪ ،‬وسابر األدمال ال ٌكفر بتركها‬
‫وإن كان ٌفسق حتى بجحدها ‪ ،‬ثم مال ‪ (( :‬هاا مول أهل السنة والجمادة ‪ ،‬الاي من تمسك به‬
‫كان دلى الحق المبٌن ودلى منهاج الدٌن والطرٌق المستقٌم ‪ ،‬ورجا به النجاة من النار‬
‫ودخول الجنة إن شاء هللا تعالى ‪ ،‬ومال النبً (صلى هللا دلٌه وسلم) ‪ (( :‬الدٌن النصٌحة‪ ،‬مٌل‬
‫‪ :‬لمن ٌا رسول هللا ؟ مال‪ :‬هلل ولكتابه ولرسوله ‪ ،‬وألبمة المسلمٌن ‪ ،‬ولعامتهم )) ‪ ،‬ومال دلٌه‬
‫السبلم ‪ (( :‬أٌما دبد جاءته مودظة من هللا تعالى فً دٌنه فإنها نعمة من هللا سٌقت إلٌه ‪ ،‬فإن‬
‫مبلها ٌشكر‪ ،‬وإال كانت حجة دلٌه من هللا لٌزداد بها إثما ً ‪ ،‬وٌزاد بها من هللا سخطا ً )) ‪،‬‬
‫جعلنا هللا آلالبه من الشاكرٌن ‪ ،‬ولنعمابه ااكرٌن ‪ ،‬وبالسنة معتصمٌن ‪ ،‬وؼفر لنا ولجمٌع‬
‫المسلمٌن )) ‪.‬‬

‫ابن الجوزي ‪ ،‬المنتظم ‪.ٕ1ٓ/ٔ٘،‬‬

‫‪ٕٔ1‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫* القرآن الكرٌم‬
‫أوال ً ‪:‬المصادر المخطوطة‬
‫ابن الحاج ‪ :‬محمد بن محمد بن محمد بن الحاج‬
‫‪ - 7‬مدخل إلى الشرع الشرٌف ‪ ،‬أدارة المخطوطات والمكتبات اإلسبلمٌة بوزارة األوماؾ‬
‫الكوٌتٌة ‪ ،‬رمم ‪. ٘ٔ7‬‬

‫ثانٌاً‪ :‬المصادر األولٌة‬

‫‪ٕٔ9‬‬
‫ابن األثٌر ‪ :‬عز الدٌن أبو الحسن علً بن أبً المكارم الشٌبانً (ت‪<96‬هـ‪7898/‬م)‬
‫ٕ ‪ -‬الكامل فً التارٌخ‪ ،‬تحقٌق دمر دبد السبلم تدمري‪،‬طٔ‪ ،‬دار الكتاب العربً‬
‫‪(،‬بٌروت‪)ٔ997،‬‬
‫ابن األخوة ‪ :‬محمد بن محمد بن احمد القرشً(ت‪781‬هـ‪7981/‬م)‬
‫ٖ ‪ -‬معالم القربة فً أحكام الحسبة ‪ ،‬ادتنا به روبن لٌومً‪ ،‬د‪.‬ط ‪ ،‬مطبعة دار الفنون‪ (،‬كٌمبرج‪،‬‬
‫‪)ٔ9ٖ7‬‬
‫اآلربلً ‪:‬عبد الرحمن سنبط قنٌتو(ت‪777‬هـ‪7977/‬م)‬
‫ٗ ‪ -‬خبلصة الاهب المسبوك مختصر من سٌر الملوك‪ ،‬ومؾ دلى طبادته وتصحٌحه مكً السٌد‬
‫جاسم‪ ،‬طٕ‪ ،‬مطبعة القدٌس جاو جٌورس ‪(،‬بٌروت‪)ٔ9ٙٗ ،‬‬
‫األصفهانً ‪ :‬عماد الدٌن محمد بن محمد (ت‪;17‬هـ‪7867/‬م)‬
‫٘ ‪ -‬تارٌخ آل سلجوق‪ ،‬جمعه الفتح بن دلً البنداري (تٕٗ‪ٙ‬هـ‪ٕٔٗٗ/‬م)‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار األفاق‬
‫الجدٌد ‪(،‬بٌروت‪)ٔ971 ،‬‬
‫أبن بسام ‪ :‬محمد بن احمد (ت<‪<8‬هـ‪7881/‬م)‬
‫‪ - ٙ‬نهاٌة الرتبة فً طلب الحسبة‪ ،‬تحقٌق محمد حسن واحمد فرٌد المزٌدي ‪،‬طٔ ‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمٌة ‪(،‬بٌروت‪)ٕٖٓٓ ،‬‬
‫ابن بطوطه ‪ :‬محمد بن عبدهللا بن محمد بن إبراهٌم (ت‪771‬هـ‪7977/‬م)‬
‫‪ - 7‬رحلة ابن بطوطة المسماة تحفة الناظر فً ؼرابب األمصار ودجابب األسفار‪ ،‬د‪.‬ط‪،‬‬
‫أكادٌمٌة المملكة المؽربٌة‪(،‬الرباط‪ٔٗٔ7 ،‬هـ)‬
‫البغدادي ‪ :‬عبد القاهر بن طاهر بن محمد(ت‪:81‬هـ‪7691/‬م)‬
‫‪ - 1‬الفرق بٌن الفرق وبٌان الفرمة الناجٌة‪ ،‬طٔن دار اآلناؾ الجدٌدة‪(،‬بٌروت‪)ٔ977 ،‬‬
‫الترمذي ‪ :‬محمد بن عٌسى(ت‪871‬هـ‪118/‬م)‬
‫‪ - 9‬سنن الترماي‪ ،‬تحقٌق بشار دواد معروؾ‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار الؽرب اإلسبلمً‪(،‬بٌروت‪)ٔ991،‬‬
‫ابن تغري بردي ‪ :‬جمال الدٌن أبو المحاسن (ت‪17:‬هـ‪7:<1/‬م)‬
‫ٓٔ ‪ -‬النجوم الزاهرة فً ملوك مصر والقاهرة‪ ،‬وزارة الثقافة واإلرشاد القومً‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار‬
‫الكتب‪(،‬مصر‪ ،‬د‪.‬ت)‬
‫التادفً ‪ :‬محمد بن ٌحٌى(ت ‪1<9‬هـ‪7;;</‬م)‬
‫ٔٔ ‪ -‬مبلبد الجوهر فً منامب دبد القادر‪ ،‬ط ٖ‪ ،‬مطبعة مصطفى البابً الحلبً وأوالدل‪ (،‬مصر‪،‬‬
‫‪)ٔ9٘ٙ‬‬
‫ٖٓٔ‬
‫التنوخً ‪ :‬المحسن بن علً بن محمد (ت‪91:‬هـ‪11:/‬م)‬
‫ٕٔ ‪ -‬نشوار المحاضرة وأخبار المااكرة ‪ ،‬تحقٌق دواد الشالجً ‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار صادر‪( ،‬بٌروت ‪،‬‬
‫ٔ‪)ٔ97‬‬
‫التهانوي ‪ :‬محمد بن علً بن محمد حامد‬
‫ٖٔ ‪ -‬كشاؾ اصطبلحات الفنون والعلوم‪ ،‬تحقٌق دلً دحروج‪ ،‬طٔ‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون‪(،‬‬
‫بٌروت‪،)ٔ99ٙ ،‬‬
‫ابن جبٌر‪ :‬أبو الحسٌن محمد بنى احمد الكنانً (ت‪<7:‬هـ‪7877/‬م)‬
‫ٗٔ ‪ -‬رحلة ابن جبٌر‪ ،‬د‪.‬ط ‪،‬مإسسة امرأ للنشر‪( ،‬القاهرة‪)ٕٖٓٔ ،‬‬
‫ابن جماعة‪ :‬بدر الدٌن أبو عبدهللا محمد بن إبراهٌم(ت‪799‬هـ‪7998/‬م)‬
‫٘ٔ ‪ -‬تاكرة السامع والمتكلم فً آداب العالم والمتعلم‪ ،‬ادتنا به محمد بن مهدي العجمً‪ ،‬طٖ ‪،‬‬
‫دار البشابر اإلسبلمٌة‪( ،‬بٌروت‪)ٕٕٓٔ ،‬‬
‫ابن الجوزي ‪ :‬جمال الدٌن أبً الفرج عبد الرحمن بن علً القرشً (ـ‪;17‬هـ‪7867/‬م)‬
‫‪ - ٔٙ‬القرامطة‪ ،‬تحقٌق محمد الصباغ‪ ،‬طٕ‪ ،‬المكتبة اإلسبلمٌة‪(،‬د‪.‬م ‪)ٔ9ٙ1،‬‬
‫‪ - ٔ7‬القصاص والماكرٌن‪ ،‬تحقٌق محمد لطفً الصباغ‪ ،‬طٕ‪ ،‬المكتب اإلسبلمً‪ (،‬بٌروت‪،‬‬
‫‪)ٔ911‬‬
‫‪ - ٔ1‬المدهش‪ ،‬تحقٌق مروان مبانً‪ ،‬طٕ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪(،‬بٌروت‪)ٔ91٘،‬‬
‫‪ - ٔ9‬المصباح المضًء فً خبلفة المستضًء‪ ،‬تحقٌق ناجً دبدهللا إبراهٌم‪ ،‬طٔ‪ ،‬شركة‬
‫المطبودات للتوزٌع والنشر‪ (،‬بٌروت‪)ٕٓٓٓ ،‬‬
‫ٕٓ ‪ -‬المنتظم فً تارٌخ الملوك واألمم‪ ،‬تحقٌق محمد دبد القادر دطا ومصطفى دبد القادر دطا‪،‬‬
‫طٔ ‪،‬دار الكتب العلمٌة (بٌروت‪)ٔ99ٕ،‬‬
‫ٕٔ ‪ -‬تلبٌس إبلٌس‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الفكر‪(،‬بٌروت‪)ٕٓٓٔ ،‬‬
‫ٕٕ ‪ -‬شاور العقود فً تارٌخ العهود‪ ،‬دراسة وتحقٌق ابً الهٌثم الشهبانً وأحمد دبد الكرٌم‬
‫نجٌب‪ ،‬طٔ‪ ،‬مركز نجٌبوٌه للمخطوطات وخدمة التراث‪(،‬د‪.‬م‪)ٕٓٓٙ،‬‬
‫ٖٕ ‪ -‬صٌد الخاطر‪ ،‬تحقٌق حسن المساحً سوٌدان‪ ،‬طٔ ‪ ،‬دار العلم‪(،‬دمشق‪)ٕٓٓٗ ،‬‬
‫ٕٗ ‪ -‬منامب اإلمام احمد‪ ،‬تحقٌق دبدهللا بن دبد المحسن تركً‪ ،‬طٕ‪(،‬الرٌاض‪ ٔٗٓ9،‬هـ)‬
‫ٕ٘ ‪ -‬الموضودات‪ ،‬تحقٌق دبد الرحمن محمد دثمان‪ ،‬طٔ ‪ ،‬المكتبة السلفٌة ‪(،‬المدٌنة‬
‫المنورة‪)ٔ9ٙٙ،‬‬

‫ٖٔٔ‬
‫الجزري ‪ :‬مجد الدٌن أبو السعادات المبارك بن محمد(ت<‪<6‬هـ‪7861/‬م)‬
‫‪ - ٕٙ‬المختار من منامب االختٌار‪ ،‬تحقٌق دبد القادر دطا‪ ،‬د‪.‬ط ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪ (،‬بٌروت‪،‬‬
‫ٔ‪)ٔ97‬‬
‫الجٌلً ‪ :‬ابو محمد عبد القادر (ت‪;<7‬هـ‪77<</‬م)‬
‫‪ - ٕ7‬الفتح الربانً والفٌض الرحمانً‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪(،‬بٌروت‪ٖٔٗٓ ،‬هـ)‬
‫الحاكم ‪ :‬أبو عبدهللا محمد بن عبدهللا (ت;‪:6‬هـ‪767:/‬م)‬
‫‪ - ٕ1‬المستدرك دلى الصحٌحٌن‪ ،‬تحقٌق مصطفى دبد القادر دطا‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمٌة‪(،‬بٌروت‪)ٔ99ٓ،‬‬
‫ابن حجر العسقالنً ‪ :‬أبو الفضل احمد بن علً (‪1;8‬هـ‪7::1/‬م)‬
‫‪ - ٕ9‬تبصٌر المنتبه بتحرٌر المشتبه‪ ،‬تحقٌق محمد دلً النجار‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬المكتبة العلمٌة‪(،‬بٌروت‪،‬‬
‫د‪.‬ت)‬
‫ٖٓ ‪ -‬تهاٌب التهاٌب‪ ،‬طٔ‪ ،‬مطبعة دابرة المعارؾ النظامٌة‪ (،‬الهند‪ٖٕٔٙ ،‬هـ)‬
‫ابن حزم ‪ :‬ابو محمد علً بن احمد بن سعٌد (ت <;‪:‬هـ‪76<:/‬م)‬
‫ٖٔ ‪ -‬الفصل فً الملل واألهواء والنحل‪ ،‬طٔ‪ ،‬مكتبة الخانجً ‪ (،‬القاهرة‪ ،‬د‪.‬ت)‬
‫الحسٌنً ‪ :‬صدر الدٌن ابو الحسن علً بن ناصر(ت بعد‪<88‬هـ‪788;/‬م)‬
‫ٕٖ ‪ -‬زبدة التوارٌخ أخبار األمراء والملوك السلجومٌة‪ ،‬تحقٌق محمود نور الدٌن ‪،‬طٔ ‪ ،‬دار‬
‫امرأ‪(،‬بٌروت‪)ٔ91٘،‬‬
‫الحموي ‪ :‬شهاب الدٌن ابو عبدهللا (ت<‪<8‬هـ‪7881/‬م)‬
‫ٖٖ ‪ -‬معجم البلدان‪،‬طٕ‪،‬دار صادر‪(،‬بٌروت‪)ٔ99٘ ،‬‬
‫ابن حنبل ‪ :‬أبو عبد هللا احمد بن محمد (ت‪8:7‬هـ‪1;;/‬م)‬
‫ٖٗ ‪ -‬مسند األمام احمد بن حنبل‪ ،‬تحقٌق شعٌب األرناإوط ودادل مرشد وآخرون‪ ،‬طٔ ‪،‬‬
‫مإسسة الرسالة‪(،‬بٌروت‪ٕٔٗٔ،‬هـ)‬
‫ابن حنبل ‪ :‬صالح بن األمام احمد بن محمد الشٌبانً (ت<<‪8‬هـ‪171/‬م)‬
‫ٖ٘ ‪ -‬سٌرة األمام احمد‪ ،‬تحقٌق فإاد دبد المنعم احمد‪ ،‬طٕ‪ ،‬دار الددوة‪ (،‬اإلسكندرٌة‪،‬‬
‫ٗٓٗٔهـ)‬
‫الخطٌب البغدادي ‪ :‬أبو بكر احمد بن علً بن ثابت (‪:<9‬هـ‪7677/‬م)‬

‫ٕٖٔ‬
‫‪ - ٖٙ‬تارٌخ بؽداد واٌولها‪ ،‬تحقٌق مصطفى دبد القادر دطا‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪( ،‬بٌروت‪،‬‬
‫‪ٔٗٔ7‬هـ)‬
‫ابن خلدون ‪ :‬عبدالرحمن بن محمد (ت ‪161‬هـ‪7:6</‬م)‬
‫‪ - ٖ7‬العبر ودٌوان المبتدأ والخبر فً تارٌخ العرب والبربر ومن داصرهم من اوي الشؤن‬
‫األكبر‪ ،‬تحقٌق خلٌل شحادل‪ ،‬طٕ‪ ،‬دار الفكر‪( ،‬بٌروت‪)ٔ911 ،‬‬
‫‪ - ٖ1‬مقدمة ابن خلدون‪ ،‬تحقٌق دلً دبد الواحد وافً‪ ،‬طٔ‪ ،‬لجنة البٌان العربً‪(،‬د‪.‬م ‪)ٔ9٘1،‬‬
‫ابن خلكان ‪ :‬ابو العباس شمس الدٌن احمد بن محمد (ت‪<17‬هـ‪7818‬م)‬
‫‪ - ٖ9‬وفٌات األدٌان وأنباء أبناء الزمان‪ ،‬تحقٌق إحسان دباس‪ ،‬دار صادر‪(،‬بٌروت‪ ،‬د‪.‬ت)‬
‫الخوارزمً ‪ :‬محمد بن احمد بن ٌوسف (ت‪917‬هـ‪117‬م)‬
‫ٓٗ ‪ -‬مفاتٌح العلوم تحقٌق إبراهٌم االبٌاري‪ ،‬طٕ‪ ،‬دار الكتاب العربً‪( ،‬بٌروت‪ ،‬د‪.‬ت)‬

‫الدبٌثً ‪ :‬أبً عبدهللا محمد بن سعٌد (ت‪<97‬هـ‪789</‬م)‬


‫ٔٗ ‪ -‬اٌل تارٌخ مدٌنة السبلم‪ ،‬حققه وضبط نصه ودلق دلٌه بشار دواد معروؾ‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار‬
‫الؽرب اإلسبلمً ‪( ،‬بٌروت‪)ٕٓٓٙ ،‬‬
‫الدمشقً ‪ :‬عبد القادر بن محمد النعٌمً (ت‪187‬هـ‪7;87/‬م)‬
‫ٕٗ ‪ -‬الدارس فً تارٌخ المدارس‪ ،‬تحقٌق إبراهٌم شمس الدٌن ‪ ،‬طٔ ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪،‬‬
‫(بٌروت‪)ٔ99ٓ،‬‬
‫الذهبً ‪:‬شمس الدٌن أبو عبدهللا محمد بن احمد (ت‪7:1‬هـ‪7977/‬م)‬
‫ٖٗ ‪ -‬تارٌخ اإلسبلم ووفٌات المشاهٌر وإلدبلم ‪،‬تحقٌق دمر دبد السبلم تدمري‪ ،‬طٕ‪ ،‬دار‬
‫الكتاب العربً‪(،‬بٌروت‪)ٔ99ٖ ،‬‬
‫ٗٗ ‪ -‬سٌر أدبلم النببلء ‪ ،‬تحقٌق مجمودة من المحققٌن بؤشراؾ الشٌخ شعٌب األرناإوط‪ ،‬ط ٖ‬
‫‪ ،‬مإسسة الرسالة (د‪.‬م‪)ٔ91٘،‬‬
‫٘ٗ ‪ -‬معرفة القراء الكبار دلى الطبقات واإلدصار‪ ،‬تحقٌق طٌار التً موالج‪ ،‬طٔ‪ ،‬مركز‬
‫البحوث اإلسبلمٌة‪ (،‬إستنبول‪)ٔ99٘ ،‬‬
‫‪ - ٗٙ‬تاكرة الحفاظ‪ ،‬تحقٌق دبد الرحمن بن ٌحٌى المعلمً‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪(،‬بٌروت‪،‬‬
‫‪)ٔ991‬‬
‫‪ - ٗ7‬المختصر المحتاج الٌه من تارٌخ الحافظ الدبٌثً‪ ،‬تحقٌق مصطفى جواد‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمٌة‪( ،‬بٌروت‪)ٔ91٘ ،‬‬

‫ٖٖٔ‬
‫‪ - ٗ1‬العبر فً خبر من ؼبرن تحقٌق أبو هاجر محمد السعٌد بن بسٌونً زؼلول‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمٌة‪(،‬بٌروت‪)ٔ91٘،‬‬
‫ابن رجب ‪ :‬زٌن الدٌن عبدالرحمن بن احمد (ت‪7;1‬هـ‪79;1/‬م)‬
‫‪ - ٗ9‬اٌل طبقات الحنابلة‪ ،‬تحقٌق دبد الرحمن بن سلٌمان العثٌمٌن‪ ،‬طٔ‪ ،‬مكتبة‬
‫العبٌكان‪(،‬الرٌاض‪)ٕٓٓ٘،‬‬
‫الزبٌدي ‪ :‬محمد بن محمد عبد الرزاق (ت;‪786‬هـ‪7716/‬م)‬
‫ٓ٘ ‪ -‬تاج العروس‪ ،‬تحقٌق مجموده من المحققٌن‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار الهداٌة‪(،‬بٌروت ‪،‬د‪.‬ت)‬
‫الزرنوجً ‪ :‬برهان اإلسالم (ت‪;17‬هـ‪771;/‬م)‬
‫ٔ٘ ‪ -‬تعلٌم المتعلم طرق التعلٌم‪ ،‬تحقٌق محمد دبد القادر احمد‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬مطبعة السعادة‪ (،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪)ٔ91ٙ‬‬
‫الزركشً‪ :‬محمد بن عبدهللا (ت‪71:‬هـ‪7918/‬م)‬
‫ٕ٘ ‪ -‬البرهان من دلوم القران‪ ،‬تحقٌق محمد ابو الفضل إبراهٌم‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار إحٌاء الكتب‬
‫العربٌة‪ (،‬مصر‪)ٔ9٘7 ،‬‬
‫أبن الساعً ‪ :‬أبو طالب علً بن أنجب (ت‪<7:‬هـ‪787;/‬م)‬
‫ٖ٘ ‪ -‬الجامع المختصر فً دنوان التوارٌخ ودٌون السٌر‪ ،‬تحقٌق مصطفى جواد‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬المطبعة‬
‫السرٌانٌة الكاثولٌكٌة‪( ،‬بؽداد ‪،‬د‪.‬ت)‬
‫سبط ابن الجوزي‪ :‬شمس الدٌن ابو المظفر(ت‪<;:‬هـ‪)78;</‬‬
‫ٗ٘ ‪ -‬مرآة الزمان فً تارٌخ األدٌان‪ ،‬حققه ودلق دلٌه إبراهٌم الزٌبق‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الرسالة‬
‫العلمٌة ‪(،‬دمشق‪)ٕٖٓٔ،‬‬
‫السبكً ‪ :‬تاج الدٌن عبد الوهاب (ت‪777‬هـ‪79<1/‬م)‬
‫٘٘ ‪ -‬طبقات الشافعٌة الكبرى‪ ،‬تحقٌق محمود محمد الطنامً ودبد الفتاح محمد الحلو‪ ،‬د‪.‬ط‪،‬‬
‫دار هجر للطبادة والنشر‪(،‬د‪.‬م‪ٖٔٗٔ ،‬هـ)‬
‫السمعانً ‪ :‬عبد الكرٌم بن محمد بن منصور التمٌمً (ت‪;<8‬هـ‪77<7/‬م)‬
‫‪ - ٘ٙ‬األنساب‪ ،‬تحقٌق دبد الرحمن بن ٌحٌى المعلمً الٌمانً وؼٌرل‪ ،‬طٔ‪ ،‬دابرة المعارؾ‬
‫العثمانٌة‪(،‬حٌدر آباد‪)ٔ9ٕٙ،‬‬
‫‪ - ٘7‬التجبٌر فً المعجم الكبٌر‪ ،‬تحقٌق ناجً سالم‪ ،‬طٔ‪ ،‬رباسة الومؾ السنً‪ (،‬بؽداد‪)ٔ97٘ ،‬‬
‫السٌوطً ‪ :‬عبد الرحمن بن أبً بكر (ت‪177‬هـ‪7;6;/‬م)‬

‫ٖٗٔ‬
‫‪ - ٘1‬تارٌخ الخلفاء‪ ،‬تحقٌق حمدي الدمرداشً‪ ،‬طٔ‪ ،‬مكتبة نزار مصطفى الباز‪( ،‬د‪.‬م‪)ٕٓٓٗ ،‬‬
‫أبو شامه ‪ :‬شهاب الدٌن أبً محمد عبد الرحمن بن إ سماعٌل (ت;<<هـ‪78<7‬م)‬
‫‪ - ٘9‬الاٌل دلى الروضتٌن‪ ،‬تحقٌق محمد زاهد بن الحسن الكوثري‪ ،‬طٕ‪ ،‬دار الجلٌل‪(،‬بٌروت‪،‬‬
‫ٗ‪)ٔ97‬‬
‫ٓ‪ - ٙ‬الروضتٌن فً أخبار الدولتٌن النورٌة والصبلحٌة ‪،‬تحقٌق إبراهٌم الزٌبق‪ ،‬طٔ‪،‬مإسسة‬
‫الرسالة‪(،‬بٌروت‪)ٔ997،‬‬
‫الشربٌنً ‪ :‬شمس الدٌن محمد بن احمد الخطٌب (ت‪177‬هـ‪7;<1/‬م)‬
‫ٔ‪ - ٙ‬مُؽنً المحتاج إلى معرفة معانً الفاظ المنهاج‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪(،‬بٌروت‪)ٔ99ٗ،‬‬
‫أبن شطً ‪ :‬محمد جمٌل بن عمر البغدادي‬
‫ٕ‪ - ٙ‬مختصر طبقات الحنابلة ‪ ،‬دراسة فواز احمد زمرلً ‪ ،‬ط ٔ ‪ ،‬دار الكتاب العربً (بٌروت‬
‫‪)ٔ91ٙ ،‬‬
‫الشهرستانً ‪:‬أبو الفتح محمد بن عبد الكرٌم بن احمد (ت‪;:1‬هـ‪77;9/‬م)‬
‫ٖ‪ - ٙ‬الملل والنحل‪ ،‬تحقٌق محمد سٌد كٌبلنً‪ ،‬دار المعرفة‪(،‬بٌروت‪)ٔ9ٙٔ ،‬‬
‫الشٌزري ‪ :‬عبد الرحمن بن نصر بن عبدهللا (ت‪;11‬هـ‪7719/‬م)‬
‫ٗ‪ - ٙ‬نهاٌة الرتبة الظرٌفة فً طلب الحسبة الشرٌفة‪ ،‬د‪.‬ط ‪ ،‬مطبعة لجنة التؤلٌؾ والترجمة ‪،‬‬
‫(القاهرة ‪)ٔ9ٗٙ ،‬‬
‫الصفدي ‪ :‬صالح الدٌن خلٌل بن اٌبك (ت‪7<:‬هـ‪79<9/‬م)‬
‫٘‪ - ٙ‬الوافً بالوفٌات‪ ،‬تحقٌق احمد األرناإوط وتركً مصطفى‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار أحٌاء التراث‬
‫العربً‪( ،‬بٌروت‪)ٕٓٓٓ ،‬‬
‫‪ - ٙٙ‬نكث الهمٌان فً نكت العمٌان ‪ ،‬دلق دلٌه ووضع حواشٌه مصطفى دبد القادر دطا ‪،‬طٔ‬
‫‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪(،‬بٌروت‪)ٕٓٓ7 ،‬‬

‫ابن شاكر ‪ :‬محمد بن احمد (‪7<:‬هـ‪79<9/‬م)‬


‫‪ - ٙ7‬فوات الوفٌات ‪ ،‬تحقٌق إحسان دباس‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار صادر‪(،‬بٌروت‪)ٔ97ٖ،‬‬
‫الطرطوشً ‪ :‬أبو بكر محمد بن محمد (ت‪;86‬هـ‪778</‬م)‬
‫‪ - ٙ1‬سراج الملوك‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬من أوابل المطبودات العربٌة‪ (،‬مصر‪)ٔ17ٕ ،‬‬
‫ابن الطقطقً ‪ :‬محمد بن علً بن طباطبا (ت‪761‬هـ‪7961/‬م)‬

‫ٖ٘ٔ‬
‫‪ - ٙ9‬الفخري فً اآلداب السلطانٌة والدول اإلسبلمٌة‪ ،‬تحقٌق دبد القادر محمد ماٌو‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار‬
‫القلم العربً ‪(،‬بٌروت‪)ٔ997 ،‬‬
‫ابن العبري ‪ :‬أبو الفرج ٌوحنا ابن هارون (ت‪<;1‬هـ‪78<6/‬م)‬
‫ٓ‪ - 7‬تارٌخ مختصر الدول‪ ،‬تحقٌق انطوان صالحانً الٌسوع‪ ،‬طٖ‪ ،‬دار الشرق‪( ،‬بٌروت‪،‬‬
‫ٕ‪)ٔ99‬‬
‫ابن عربً ‪ :‬محً الدٌن محمد بن علً (ت‪<91‬هـ‪78:6/‬م)‬
‫ٔ‪ - 7‬محاضرة األسرار ومسامرة األخٌار فً األدبٌات والنوادر واألخبار‪ ،‬تحقٌق محمد دبد‬
‫الكرٌم النمري‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪ (،‬بٌروت‪)ٔ97ٔ ،‬‬
‫ابن عساكر‪ :‬ثقة الدٌن ابو القاسم علً بن الحسن (ت‪;77‬هـ‪777;/‬م)‬
‫ٕ‪ - 7‬تبٌن كاب المفتري فٌما نسب إلى اإلمام أبً الحسن األشعري‪ ،‬طٖ‪ ،‬دار الكتاب‬
‫العرب‪(،‬بٌروت‪ٔٗٓٗ ،‬هـ)‬
‫العلٌمً ‪ :‬محً الدٌن أبً الٌمن عبد الرحمن بن محمد (ت<;‪1<67:‬م)‬
‫ٖ‪ - 7‬المنهج األحمد فً تراجم أصحاب اإلمام احمد‪ ،‬حقق هاا الجزء ودلق دلٌه محمود‬
‫األرناإوط‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار صادر‪(،‬بٌروت‪)ٔ997 ،‬‬
‫ابن العماد الحنبلً ‪ :‬عبد الحً بن احمد بن محمد (ت‪7611‬هـ‪7<71/‬م)‬
‫ٗ‪ - 7‬شارات الاهب فً أخبار من اهب‪ ،‬تحقٌق محمود األرناإوط ‪،‬طٔ‪ ،‬دار ابن‬
‫كثٌر‪(،‬بٌروت‪)ٔ91ٙ،‬‬
‫ابن العمرانً ‪ :‬محمد بن علً بن محمد (ت‪;16‬هـ‪771:/‬م)‬
‫٘‪ - 7‬األنباء فً تارٌخ الخلفاء‪ ،‬تحقٌق ماسم السامرابً‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار األفاق العربٌة‪( ،‬القاهرة‪،‬‬
‫ٕٔٓٓ)‬
‫العمري ‪ :‬شهاب الدٌن احمد بن ٌحٌى (ت‪7:1‬هـ‪79:1/‬م)‬
‫‪ - 7ٙ‬مسالك األبصار فً ممالك األمصار‪ ،‬تحقٌق كامل سلمان الجبوري‪ ،‬د‪.‬ط ‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمٌة‪(،‬بٌروت‪)ٔ97ٔ ،‬‬
‫الغزالً ‪ :‬أبو حامد محمد بن محمد بن احمد (ت;‪;6‬هـ‪7777/‬م)‬
‫‪ - 77‬أحٌاء دلوم الدٌن ‪،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار المعارؾ ‪( ،‬بٌروت‪ ،‬د‪.‬ت)‬
‫‪ - 71‬فضابح الباطنٌة‪ ،‬تحقٌق دبد الرحمن بدوي ‪،‬د‪.‬ط‪ ،‬مإسسة دار الكتب الثقافٌة‪(،‬الكوٌت‪،‬‬
‫د‪.‬ت)‬
‫الغسانً ‪ :‬الملك األشرف (ت‪16:‬هـ‪7:67/‬م)‬
‫‪ٖٔٙ‬‬
‫‪ - 79‬العسجد المسبوك والجوهر المحكوك فً طبقات الخلفاء والملوك‪ ،‬تحقٌق شاكر محمود دبد‬
‫المنعم‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار التراث اإلسبلمً‪(،‬بٌروت‪)ٔ97٘ ،‬‬
‫ابن فارس‪ :‬أبو الحسن احمد (ت‪766:‬هـ‪7;1;/‬م)‬
‫ٓ‪ - 1‬معجم مقاٌٌس اللؽة‪ ،‬تحقٌق دبد السبلم محمد هارون‪ ،‬طٖ ‪ ،‬دار الفكر‪(،‬القاهرة‪)ٔ91ٔ ،‬‬
‫ابو الفداء ‪ :‬زٌن الدٌن ابو العدل قاسم (ت‪711‬هـ‪7917/‬م)‬
‫ٔ‪ - 1‬تاج التراجم‪ ،‬تحقٌق محمد خٌر رمضان ٌوسؾ‪ ،‬طٔ ‪،‬دار القلم‪ (،‬دمشق‪)ٔ99ٕ،‬‬
‫أبو الفداء ‪ :‬عماد الدٌن إسماعٌل (ت‪798‬هـ‪7998/‬م)‬
‫ٕ‪ - 1‬المختصر فً تارٌخ البشر‪،‬طٔ ‪،‬المطبعة الحسٌنٌة ‪ (،‬مصر ‪،‬د‪.‬ت)‬
‫القرطبً ‪ :‬عرٌب ابن سعد (ت‪9<1‬هـ‪116/‬م)‬
‫ٖ‪ - 1‬صلة تارٌخ الطبري‪ ،‬منشور ضمن الجزء الحادي دشر من تارٌخ الرسل والملوك‪ ،‬طٕ‪،‬‬
‫دار التراث ‪ (،‬بٌروت‪ٖٔ17 ،‬هـ)‬
‫ابن الفوطً ‪ :‬كمال الدٌن أبو الفضل عبد الرزاق بن احمد (ت‪789‬هـ‪7989/‬م)‬
‫ٗ‪ - 1‬الحوادث الجامعة والتجارب النفعة فً المابة السابعة‪ ،‬تحقٌق بشار دواد معروؾ ودماد‬
‫دبد السبلم رإؾ‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار رشٌد للنشر‪(،‬د‪.‬م‪ٖٔ1ٖ ،‬هـ)‬
‫٘‪ - 1‬مجمع اآلداب فً مجمع األلقاب‪ ،‬تحقٌق محمد كاظم ‪،‬طٔ‪ ،‬مجمع أحٌاء الثقافة‬
‫اإلسبلمٌة‪(،‬طهران‪ٔٗٔٙ،‬هـ)‬
‫القطٌعً ‪ :‬عبد المؤمن بن عبد الحق (ت‪7917991‬م)‬
‫‪ - 1ٙ‬مراصد االطبلع دلى أسماء األمكنة والبقاع‪ ،‬تحقٌق دلً محمد البجاوي‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار‬
‫الجٌل‪(،‬بٌروت‪ٖٔٗٔ ،‬هـ)‬
‫القلقشندي ‪ :‬احمد بن علً بن احمد (‪187‬هـ‪7:71/‬م)‬
‫‪ - 17‬صبح األدشى فً صنادة األنشاء‪ ،‬تحقٌق ٌوسؾ دلً طوٌل‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪(،‬دمشق‪)ٔ917،‬‬
‫ابن قٌم الجوزٌة ‪ :‬شمس الدٌن محمد بن ابً بكر (ت‪7;7‬هـ‪79;6/‬م)‬
‫‪ - 11‬أدبلم المومعٌن دن رب العالمٌن‪ ،‬مراجعة طه دبد الرإؾ سعد‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار الرسالة‪(،‬‬
‫بٌروت‪ ،‬د‪.‬ت)‬
‫ابن الكازرونً ‪ :‬ظهٌر الدٌن علً بن محمد (ت‪<17‬هـ‪7817/‬م)‬

‫‪ٖٔ7‬‬
‫‪ - 19‬مختصر التارٌخ من أول الزمان إلى منتهى دولة بنً العباس‪ ،‬تحقٌق مصطفى جواد‪ ،‬د‪.‬ط‪،‬‬
‫المإسسة العامة للصحافة والطبادة ‪(،‬بؽداد‪)ٔ97ٓ ،‬‬
‫ٓ‪ - 9‬مقامة فً موادد بؽداد فً الدولة العباسٌة‪ ،‬تحقٌق كوركٌس دواد ومٌخابٌل دواد‪ ،‬د‪.‬ط‪،‬‬
‫مطبعة اإلرشاد‪ (،‬بؽداد‪)ٔ9ٕٙ ،‬‬
‫ابن كثٌر‪:‬؛ أبو الفداء إسماعٌل بن عمر القرٌشً (‪77:‬هـ‪7978/‬م)‬
‫ٔ‪ - 9‬البداٌة والنهاٌة ‪ ،‬تحقٌق دلً شٌري‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار أحٌاء التراث العرب‪(،‬د ‪.‬م ‪)ٔ911،‬‬
‫ابن ماجه ‪ :‬ابو عبدهللا محمد بن ٌزٌد (ت ‪879‬هـ‪11</‬م)‬
‫ٕ‪ - 9‬سنن ابن ماجه‪ ،‬تحقٌق محمد فإاد دبد البامً‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار احٌاء الكتب العربٌة‪ (،‬د‪.‬م ‪،‬د‪.‬ت)‬
‫الماوردي ‪ :‬أبو الحسن علً بن محمد بن حبٌب (ت‪:;6‬هـ‪76;1/‬م)‬
‫ٖ‪ - 9‬موانٌن الوزارة وسٌاسة الملك‪ ،‬تحقٌق رضوان السٌد ‪ ،‬ط ٔ‪ ،‬دار الطلٌعة‪(،‬بٌروت‪،‬‬
‫‪)ٔ979‬‬
‫ٗ‪ - 9‬األحكام السلطانٌة والوالٌا ت الدٌنٌة ‪ ،‬دار الحدٌث‪(،‬القاهرة‪ ،‬د‪.‬ت)‬
‫مسكوٌه ‪ :‬أبو علً احمد بن محمد بن ٌعقوب (ت‪:87‬هـ‪7696/‬م)‬
‫٘‪ - 9‬تجارب األمم وتعامب الهمم‪ ،‬تحقٌق أبو القاسم أمامً‪ ،‬طٕ‪ ،‬دار سروش‪( ،‬طهران‪،‬‬
‫ٕٓٓٓ)‬
‫اإلمام مسلم ‪ :‬أبو الحسٌن مسلم بن الحجاج بن مسلم (ت‪8<7‬هـ‪17:/‬م)‬
‫‪ - 9ٙ‬صحٌح مسلم‪ ،‬تحقٌق مجمودة محققٌن‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار الجٌل‪(،‬بٌروت‪ ،‬د‪.‬ت)‬
‫ابن مفلح ‪ :‬برهان الدٌن إبراهٌم بن محمد بن عبدهللا (ت‪11:‬هـ‪7:71/‬م)‬
‫‪ - 97‬المقصد األرشد فً اكر أصحاب اإلمام احمد‪ ،‬تحقٌق دبد الرحمن بن سلٌمات العثٌمٌن‪،‬‬
‫طٔ‪ ،‬مكتبة الرشد‪ (،‬الرٌاض‪)ٕٓٓٓ ،‬‬
‫األٌوبً ‪ :‬ابو المعالً محمد بن عمر المظفر (ت‪<77‬هـ‪7886/‬م)‬
‫‪ - 91‬مضمار الحقابق وسر الخبلبق‪ ،‬تحقٌق حسٌن حبشً‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دالم الكتب‪( ،‬القاهرة‪ ،‬د‪.‬ت)‬
‫المقرٌزي ‪ :‬احمد بن علً بن عبد القادر(ت;‪1:‬هـ‪)7::7/‬‬
‫‪ - 99‬السلوك لمعرفة دول الملوك‪ ،‬تحقٌق محمد دبد القادر دطا‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمٌة‪(،‬بٌروت‪)ٔ997 ،‬‬
‫المنذري ‪ :‬عبد العظٌم بن عبد القوي (ت<;<هـ‪78;1/‬م)‬

‫‪ٖٔ1‬‬
‫مإسسة‬ ‫طٖ ‪،‬‬ ‫معروؾ‪،‬‬ ‫دواد‬ ‫بشار‬ ‫تحقٌق‬ ‫النقلة‪،‬‬ ‫ٓٓٔ ‪ -‬التكملة لوفٌات‬
‫الرسالة‪(،‬بٌروت‪)ٔ91٘،‬‬
‫ابن منظور‪ :‬محمد بن مكرم بن علً (ت‪777‬هـ‪7977/‬م)‬
‫ٔٓٔ ‪ -‬لسان العرب ‪،‬طٖ‪ ،‬دار صادر‪(،‬بٌروت‪ٔٗٔٗ،‬هـ)‬
‫ابن النجار ‪ :‬محب الدٌن أبً عبدهللا محمد بن محمود‪( ،‬ت ‪<:9‬هـ‪78:;/‬م)‬
‫ٕٓٔ ‪ -‬اٌل تارٌخ بؽداد‪ ،‬تحقٌق مصطفى دبد القادر دطا‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪(،‬بٌروت‪،‬‬
‫‪)ٔ997‬‬
‫ابن نقطه ‪ :‬محمد بن عبد الغنً بن ابً بكر بن شجاع‪( ،‬ت ‪<81‬هـ‪7897/‬م)‬
‫ٖٓٔ ‪ -‬التقٌد لمعرفة رواة السنن والمسانٌد‪ ،‬تحقٌق كمال ٌوسؾ الحوت‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمٌة‪(،‬بٌروت‪)ٔ911،‬‬
‫النوٌري ‪ :‬شهاب الدٌن احمد بن عبد الوهاب (ت‪798‬هـ‪7997/‬م)‬
‫ٗٓٔ ‪ -‬نهاٌة األرب فً فنون األدب‪ ،‬تحقٌق دبد المجٌد ترحٌنً‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪،‬‬
‫(بٌروت‪ ،‬د‪.‬ت)‬
‫الهروي ‪ :‬علً بن أبً بكر ‪(،‬ت‪<77‬هـ‪787:/‬م)‬
‫٘ٓٔ ‪ -‬التاكرة الهدٌه فً الحٌل الحرب ٌة ‪ ،‬تحقٌق مطبع المرابط ‪،‬د‪.‬ط ‪،‬منشورات وزارت الثقافة‬
‫‪(،‬دمشق ‪)ٔ97ٕ،‬‬
‫الهمذانً ‪ :‬رشٌد الدٌن فضل هللا (ت‪771‬هـ‪7971/‬م)‬
‫‪ - ٔٓٙ‬جامع التوارٌخ‪ ،‬نقله إلى العربٌة محمد صادق نشؤت وفإاد دبد المعطً الصٌاد‪ ،‬د‪.‬ط‪،‬‬
‫دار أحٌاء الكتب العربٌة‪ (،‬القاهرة ‘ ٓ‪)ٔ9ٙ‬‬
‫ابن واصل ‪ :‬جمال الدٌن محمد بن سالم (ت ‪<17‬هـ‪7817/‬م)‬
‫‪ - ٔٓ7‬مفرج الكروب فً أخبار بنً أٌوب‪ ،‬تحقٌق جمال الدٌن الشٌال‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار الكتب‬
‫والوثابق القومٌة‪( ،‬القاهرة‪)ٔ9٘7 ،‬‬
‫ابن الوردي ‪ :‬عمر بن مظفر بن عمر (ت‪7:1‬هـ‪79:1/‬م)‬
‫‪ - ٔٓ1‬تارٌخ ابن الوردي‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة ‪(،‬بٌروت‪)ٔ99ٙ،‬‬
‫الٌافعً ‪ :‬أبو محمد عفٌف الدٌن عبدهللا بن اسعد (ت‪7<1‬هـ‪79<</‬م)‬
‫‪ - ٔٓ9‬مرآة الجنان ودبرة الٌقظان فً معرفة ما ٌعتبر من حوادث الزمان‪ ،‬تحقٌق خلٌل‬
‫منصور‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪(،‬بٌروت‪)ٔ997 ،‬‬

‫‪ٖٔ9‬‬
‫الٌعقوبً ‪ :‬احمد بن إسحاق بن وهب (ت‪818‬هـ‪16;/‬م)‬
‫ٓٔٔ ‪ -‬البلدان ‪،‬طٔ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪(،‬بٌروت‪ٕٕٔٗ ،‬هـ)‬
‫ابن أبً ٌعلى ‪ :‬أبو الحسٌن محمد بن محمد (ت<‪;8‬هـ‪7798/‬م)‬
‫ٔٔٔ ‪ -‬طبقات الحنابلة‪ ،‬تحقٌق محمد حامد الفقً‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار المعرفة‪(،‬بٌروت‪ ،‬د‪.‬ت)‬
‫أبو ٌعلى ‪ :‬محمد بن الحسٌن بن خلف (ت‪:;1‬هـ‪76<</‬م)‬
‫ٕٔٔ ‪ -‬األحكام السلطانٌة‪ ،‬صححه ودلق دلٌه محمد حامد الفقً‪ ،‬طٕ ‪ ،‬دار الكتب العلمٌة‪(،‬‬
‫بٌروت‪)ٕٓٓٓ ،‬‬
‫ٖٔٔ ‪ -‬رسل الملوك ومن ٌصلح للرسالة والسفارة‪ ،‬تحقٌق صبلح الدٌن المنجد‪ ،‬طٕ‪ ،‬دار الكتاب‬
‫الجدٌد‪(،‬بٌروت‪)ٔ97ٕ،‬‬
‫الٌونٌنً ‪ :‬قطب الدٌن أبو الفتوح (ت<‪78‬هـ‪798</‬م)‬
‫ٗٔٔ ‪ -‬اٌل مرآة الزمان ‪ ،‬بعناٌة وزارة التحقٌقات الحكمٌة واألمور الثقافٌة للحكومة الهندٌة‪،‬‬
‫طٕ‪ ،‬دار الكتاب العربً‪(،‬القاهرة ‪)ٔ99ٕ،‬‬

‫ثالثاً‪ :‬المراجع الحدٌثة العربٌة والمعربة‬


‫األلوسً ‪ :‬محمود شكري‬
‫;‪ - 77‬تارٌخ مساجد بغداد وأثارها ‪ ،‬تهاٌب محمد بهجت األثري‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬مطبعة دار‬
‫اإلسبلم‪(،‬بؽداد ‪ٖٔٗٙ،‬هـ)‬
‫أمٌن ‪ :‬حسٌن‬
‫<‪ - 77‬المدارس اإل سالمٌة فً العصر العباسً واثرها فً تطور التعلم‪ ،‬المإرخ العربً بؽداد‪،‬‬
‫العدد ‪)ٔ971( ،7- ٙ‬‬
‫أٌوب ‪ :‬محمد شعبان‬
‫‪ - 777‬آخر أٌام العباسٌٌن‪ ،‬طٔ‪،‬مإسسة امرأ للنشر‪( ،‬القاهرل‪)ٕٖٓٔ،‬‬
‫األنباري ‪ :‬دبد الرزاق دلً‬
‫‪ - 771‬النظام القضائً فً بغداد فً العصر العباسً ;‪<;< - 7:‬هـ‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬مطبعة النعمان‪(،‬‬
‫النجؾ األشرؾ‪)ٔ97٘ ،‬‬
‫العربٌة‬ ‫الدار‬ ‫طٔ‪،‬‬ ‫العباسٌة‪،‬‬ ‫الدولة‬ ‫فً‬ ‫القضاة‬ ‫‪ - 771‬منصب قاضً‬
‫للموسودات‪(،‬بٌروت‪)ٔ917،‬‬

‫ٓٗٔ‬
‫آل بابطٌن ‪ ، :‬دلً بن محمد باخٌّل‬
‫ٕٓٔ ‪ -‬مٌراث األزمنة الصعبة سنوات الحنابلة فً بغداد ‪ ،‬د‪.‬ط (د‪.‬م‪ٕٔٗ٘ ،‬هـ)‬
‫ابن بدران ‪ :‬دبد القادر بن احمد بن مصطفى‬
‫‪ - 787‬المدخل إلى مذهب األمام احمد‪ ،‬تحقٌق دبدهللا بن دبد المحسن تركً‪ ،‬طٕ ‪ ،‬مإسسة‬
‫الرسالة‪ (،‬بٌروت‪ٔٗٓٔ ،‬هـ)‬
‫بدوي ‪ :‬دبد المجٌد أبو الفتوح‬
‫ٕٕٔ ‪ -‬التارٌخ السٌاسً والفكري للمذهب السنً فً المشرق اإلسالمً من القرن الخامس‬
‫الهجري حتى سقوط بغداد ‪،‬طٕ‪،‬دار الوفاء للطبادة والنشر‪(،‬القاهرة‪)ٔ911،‬‬
‫البردي ‪ :‬صالح بن دبد العزٌز بن دلً‬
‫ٖٕٔ ‪ -‬تسهٌل السابلة لمرٌد معرفة الحنابلة‪ ،‬تحقٌق بكر بن دبدهللا أبو زٌد‪ ،‬طٔ‪ ،‬مإسسة‬
‫الرسالة‪(،‬بٌروت‪)ٕٓٓٔ ،‬‬
‫بشار الدٌن ‪ :‬معروؾ‬
‫‪ - 78:‬حضارة العراق ‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار الحرٌة‪( ،‬بؽداد‪)ٔ91ٗ ،‬‬
‫التركً ‪ :‬دبدهللا بن دبد المحسن‬
‫ٕ٘ٔ ‪ -‬المذهب الحنبلً دراسة فً تارٌخه وسماته واشهر أعالمه ومؤلفاته‪ ،‬طٔ‪ ،‬مإسسة‬
‫الرسالة‪(،‬بٌروت‪)ٕٕٓٓ ،‬‬
‫حسن ‪ :‬دلً إبراهٌم‬
‫‪ - ٕٔٙ‬التارٌخ اإلسالمً العام‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار النهضة المصرٌة‪(،‬القاهرة‪ ،‬د‪.‬ت)‬
‫الخولً ‪ :‬محمد دبد العزٌز‬
‫‪ - 787‬إصالح الوعظ الدٌنً‪ ،‬ط‪ ،7‬دار المعرفة للطبادة والنشر‪(،‬بٌروت‪)ٔ9ٙ9،‬‬
‫دهٌش ‪ :‬دبد الملك بن دبدهللا‬
‫‪ - ٕٔ1‬المنهج الفقهً العام لعلماء الحنابلة ومصطلحاتهم فً مؤلفاتهم‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار خضر‪(،‬مكة‬
‫المكرمة‘ٕٓٓٓ)‬
‫الدوري ‪ :‬دبد العزٌز‬
‫‪ - ٕٔ9‬النظم اإلسالمٌة‪ ،‬طٔ‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربٌة‪( ،‬بٌروت‪)ٕٓٓ1 ،‬‬
‫دٌموبٌن ‪ :‬مورٌس جود‬

‫ٔٗٔ‬
‫ٖٓٔ ‪ -‬النظم اإلسالمٌة‪ ،‬ترجمة فٌصل السامر وصالح الشماع‪ ،‬ط ٔ‪ ،‬مطبعة الزهراء‪( ،‬د‪.‬م‪،‬‬
‫ٕ٘‪)ٔ9‬‬
‫الزركلً ‪ :‬خٌر الدٌن بن محمود بن محمد بن دلً بن فارس‬
‫‪ - 797‬األعالم‪ ،‬ط ٖ‪ ،‬دار العلم‪(،‬د‪.‬م‪)ٕٕٓٓ ،‬‬
‫أبو زهرل ‪ :‬محمد‬
‫ٕٖٔ ‪ -‬محاضرات فً الوقف‪ ،‬طٕ‪ ،‬دار الفكر العربً‪(،‬القاهرة‪)ٔ97ٕ،‬‬
‫‪ - 799‬ابن حنبل حٌاته وعصره ‪ -‬آراؤه وفقهه ‪ ،‬دار الفكر العربً (د‪.‬م ‪)71:7،‬‬
‫السامرابً ‪ :‬خلٌل إبراهٌم وآخرون‬
‫ٖٗٔ ‪ -‬تارٌخ الدولة العربٌة اإلسالمٌة فً العصر العباسً(‪<;<- 798‬هـ‪78;1- 7:1/‬م)‪،‬‬
‫د‪.‬ط‪ ،‬المإسسة اللبنانٌة األكادٌمٌة‪(،‬بٌروت‪)ٕٓٔٗ ،‬‬

‫سعادل ‪ :‬صفٌة‬
‫;‪ - 79‬من تارٌخ بغداد االجتماعً فً الفترة البوٌهٌة والسلجوقٌة‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار أمواج‪(،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪)ٔ911‬‬
‫سعد ‪ :‬فهمً‬
‫‪ - ٖٔٙ‬العامة فً بغداد فً القرنٌن الثالث والرابع للهجرة دراسة فً التارٌخ االجتماعً ‪،‬طٔ‬
‫‪ ،‬دار المنتخب‪(،‬بٌروت‪)ٔ99ٖ،‬‬
‫سمانً ‪ :‬حسن‬
‫‪ - ٖٔ7‬مدارس دمشق فً العهد األٌوبً‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار اإلرشاد‪(،‬بٌروت‪)ٔ919،‬‬
‫شلبً ‪ :‬احمد‬
‫‪ - ٖٔ1‬التربٌة اإلسالمٌة‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار الكشاؾ للنشر والطبادة‪(،‬القاهرة‪)ٔ9٘ٗ ،‬‬
‫شمس الدٌن ‪ :‬دبد األمٌر‬
‫‪ - ٖٔ9‬المذهب التربوي عند ابن جماعه‪ ،‬طٕ‪ ،‬دار امرأ‪(،‬بٌروت‪ ،‬دٓت)‪،‬‬
‫الصبلبً ‪ :‬دلً محمد‬
‫‪ - 7:6‬الدولة الزن كٌة ونجاح المشروع اإلسالمً بقٌادة نور الدٌن محمود الشهٌد فً مقاومة‬
‫التغلغل الباطنً والغزو الصلٌبً ‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار المعرفة‪(،‬بٌروت‪)ٕٓٓ7،‬‬
‫‪ - 7:7‬دولة السالجقة وبروز مشروع إسالمً لمقاومة التغلغل الباطنً والغزو الصلٌبً‪ ،‬طٔ‪،‬‬
‫امرأ للنشر والتوزٌع‪(،‬القاهرة‪)ٕٓٓٙ ،‬‬
‫ٕٗٔ‬
‫طقوش ‪ :‬محمد سهٌل‬
‫ٕٗٔ ‪ -‬تارٌخ الدولة العباسٌة‪ ،‬ط‪ ،7‬دار النفابس‪( ،‬بٌروت‪)ٕٓٓ1 ،‬‬
‫العلً ‪ :‬صالح احمد‬
‫‪ - 7:9‬معالم بغداد اإلدارٌة والعمرانٌة‪ ،‬طٔ‪ ،‬دار الشإن الثقافٌة العامة‪( ،‬بؽداد‪)ٔ911 ،‬‬
‫داشور ‪ :‬سعٌد دبد الفتاح وآخرون‬
‫‪ - 7::‬تارٌخ الحضارة اإلسالمٌة العربٌة‪ ،‬طٕ‪ ،‬دار اات السبلسل‪ (،‬الكوٌت‪)ٔ91ٙ ،‬‬
‫دبلل ‪ :‬خالد كبٌر‬
‫٘ٗٔ ‪ -‬الحركة العلمٌة الحنبلٌة واثرها فً المشرق اإلسالمً خالل القرنٌن السادس والسابع‬
‫الهجرٌٌن ‪79- 78/‬م ‪ ،‬د‪.‬ط ‪ ،‬مإسسة الوراق للنشر والتوزٌع‪(،‬االردن‪)ٕٓٔٙ،‬‬
‫<‪- 7:‬األزمة العقٌدٌة بٌن األشاعرة واهل الحدٌث خالل القرنٌن; ‪ <-‬الهجرٌٌن‪،‬‬
‫طٔ‪(،‬الجزابر‪)ٕٓٓ٘،‬‬
‫‪ - 7:7‬التعصب المذهبً فً التارٌخ اإلسالمً‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار المحتسب‪(،‬الجزابر‪)ٕٓٓ1 ،‬‬
‫دمر ‪ :‬فاروق‬
‫‪ - ٔٗ1‬الخالفة العباسٌة فً عصورها المتأخرة(‪99:‬هـ ‪1:<-‬م‪<;</‬هـ ‪78;1-‬م)‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار‬
‫الخلٌج‪(،‬الشارمة‪)ٔ91ٖ ،‬‬
‫‪ - 7:1‬الخالفة العباسٌة السقوط واالنهٌار‪ ،‬طٔ‪،‬دار الشروق للنشر والتوزٌع‪(،‬دمان‪)ٕٓٓ9 ،‬‬
‫الؽامدي ‪ :‬اٌاب بن سعد‬
‫‪ - 7;6‬معالم المذهب الحنبلً‪ ،‬طٔ‪(،‬مكة المكرمة‪ٖٔٗٙ ،‬هـ)‬

‫ؼوستاؾ ‪ :‬لوبون‬
‫ٔ٘ٔ ‪ -‬حضارة العرب‪ ،‬نقله إلى العربٌة دادل زدٌتر‪ ،‬طٗ‪ ،‬مطبعة دٌسى البابً الحلبً‬
‫وشركابه‪( ،‬دمشق‪)ٔ9ٙٗ ،‬‬
‫فكري ‪ :‬احمد‬
‫ٕ٘ٔ ‪ -‬مساجد القاهرة ومدارسها ‪،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار المعارؾ‪(،‬مصر‪)ٔ9ٙ٘ ،‬‬
‫فهد ‪ :‬بدري محمد‬
‫ٖ٘ٔ ‪ -‬العامة ببغداد فً القرن الخامس الهجري‪ ،‬د‪.‬ط ‪،‬مطبعة اإلرشاد ‪(،‬بؽداد‪)ٔ9ٙ7،‬‬

‫ٖٗٔ‬
‫‪ - 7;:‬تارٌخ العراق فً العصر العباسً األخٌر (‪<;<- ;;8‬هـ‪78;1- 77;7/‬م) ‪،‬د‪.‬ط‪،‬‬
‫مطبعة اإلرشاد‪(،‬بؽداد‪)ٔ97ٖ،‬‬
‫مدحات ‪ :‬محمد دبدهللا احمد‬
‫٘٘ٔ ‪ -‬الحٌاة االجتماعٌة فً بغداد فً العصر العباسً األخٌر (;‪<;<- ;7‬هـ‪)78;1- 7771/‬‬
‫‪،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار البشٌر‪(،‬دمان‪)ٕٓٓ٘،‬‬
‫القزاز ‪ :‬محمد صالح داوود‬
‫‪ - ٔ٘ٙ‬الحٌاة السٌاسٌة فً العراق فً العصر العباسً األخٌر(‪<;<- ;78‬هـ)‪ ،‬د‪ .‬ط ‪ ،‬مطبعة‬
‫القضاء‪(،‬النجؾ‪)ٔ97ٔ ،‬‬
‫ملعجً ‪ :‬محمد رواس ومنٌبً حامد صادق‬
‫‪ - 7;7‬معجم لغة الفقهاء‪ ،‬طٕ‪ ،‬دار النفابس للطبادة‪ (،‬بٌروت‪)ٔ911 ،‬‬
‫القٌسً ‪ :‬حسٌن دلً مٌس محمد‬
‫‪ - 7;1‬طبٌعة المجتمع العراقً فً العصر العباسً المتأخر‪ ،‬د‪ .‬ط ‪ ،‬طبع فً مطابع دار‬
‫الشإون الثقافٌة العامة ‪(،‬بؽداد‪)ٕٓٓ7،‬‬
‫كارال ‪ :‬آل كبلوسنر‬
‫‪ - 7;1‬دراسة فً اإلدارة المدنٌة فً العصر العباسً الوزارة انموذجا ً (‪::7‬هـ ‪-‬‬
‫;;‪76‬م‪;16/‬هـ ‪771:-‬م)‪ ،‬ترجمة وتعلٌق دبد الجبار ناجً‪ ،‬طٔ‪ ،‬بٌت الحكمة‪( ،‬بؽداد‪،‬‬
‫ٕٔٓٓ)‬
‫كحاله ‪ :‬دمر بن رضا بن محمد راؼب بن دبد العزٌز‬
‫‪ - 7<6‬معجم المؤلفٌن ‪ ،‬د‪.‬ط ‪ ،‬دار إحٌاء التراث العربً ‪(،‬بٌروت ‪ ،‬د‪.‬ت)‬
‫ماجد ‪ :‬دبد المنعم‬
‫‪ - 7<7‬تارٌخ الحضارة اإلسالمٌة فً العصور الوسطى‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرٌة‪(،‬‬
‫القاهرة‪)ٔ9ٖٙ ،‬‬
‫مختار‪ :‬احمد‬
‫‪ - 7<8‬معجم اللغة العربٌة المعاصرة‪ ،‬طٔ‪ ،‬دالم الكتب‪ (،‬بٌروت‪)ٕٓٓ1 ،‬‬
‫معروؾ ‪ :‬ناجً‬
‫ٖ‪ - ٔٙ‬تارٌخ علماء المستنصرٌة‪ ،‬طٔ‪،‬مطبعة العانً ‪(،‬بؽداد‪)ٔ9٘9 ،‬‬
‫‪ - 7<:‬علماء النظامٌات ومدارس الشرق اإلسالمً‪ ،‬ط ٔ‪ ،‬مطبعة اإلرشاد‪(،‬بؽداد‪)ٔ97ٖ ،‬‬

‫ٗٗٔ‬
‫٘‪ - ٔٙ‬نشأت المدارس المستقلة فً اإلسالم‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬مطبعة األزهر‪( ،‬بؽداد‪)ٔ9ٙٙ ،‬‬
‫مقدسً ‪ :‬جورج‬
‫<<‪ - 7‬نشأت الكلٌات معاهد العلم عند المسلمٌن وفً الغرب ‪ ،‬نقله الى العربٌة محمود سٌد‬
‫محمد‪ ،‬طٔ‪ ،‬مدارات لؤلبحاث والنشر‪( ،‬مصر‪) ٕٓٔ٘ ،‬‬
‫‪ - 7<7‬اإلسالم الحنبلً‪ ،‬ترجمة سعود المولى‪،‬طٔ ‪ ،‬الشبكة العربٌة لؤلبحاث والنشر‪(،‬بٌروت‪،‬‬
‫‪)ٕٓٔ7‬‬
‫الندوي ‪ :‬ابو الحسن دلً الحسٌنً‬
‫‪ - ٔٙ1‬رجال الفكر والدعوة فً اإلسالم‪ ،‬طٖ‪ ،‬دار ابن كثٌر‪(،‬بٌروت‪)ٕٓٓ7 ،‬‬
‫هونكه ‪ :‬زٌؽرٌد‬
‫‪ - 7<1‬شمس العرب تسطع على الغرب(اثر الحضارة العربٌة فً اوربه)‪ ،‬نقله دن األلمانٌة‬
‫فاروق بٌضون وكمال ادسومً‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الجٌل ودار األفاق الجدٌدة‪(،‬بٌروت‪)ٔ99ٖ،‬‬
‫آل ٌاسٌن ‪ :‬محمد مفٌد‬
‫‪ - 776‬الحٌاة الفكرٌة فً العراق فً القرن السابع‪ ،‬طٔ‪ ،‬الدار العربٌة للطبادة‪(،‬بؽداد‪)ٔ979 ،‬‬

‫رابعا ً ‪ :‬الرسائل الجامعٌة‬


‫الحدٌدي ‪ :‬ألق باسل إبراهٌم محمود‬
‫‪ - 777‬علماء الحنابلة ودورهم فً الحركة الفكرٌة فً القرنٌن الثالث والرابع للهجرة‪ /‬التاسع‬
‫والعاشر المٌالدٌٌن ‪ ،‬رسالة ماجستٌر (ؼٌر منشورل) ‪ ،‬كلٌة اآلداب‪ ،‬جامعة الموصل ‪)ٕٓٔ1(،‬‬
‫‪.‬‬
‫حسن ‪ :‬صالح رمضان‬
‫ٕ‪ - ٔ7‬الفتوة فً عهد الخلٌفة الناصر لدٌن هللا(;‪<88- ;7‬هـ‪788;- 7771/‬م) الدوافع‬
‫واألهداف ‪،‬أطروحة دكتورال (ؼٌر منشورل)‪ ،‬كلٌة اآلداب‪ ،‬جامعة الموصل‪)ٕٓٓٓ( ،‬‬
‫العجمً‪ :‬دبدهللا معٌض محمد‬
‫‪ - 779‬الخلٌفة العباسً الناصر لدٌن هللا وسٌاسته من خالل المصادر التارٌخٌة والدراسات‬
‫الحدٌثة ‪،‬رسالة ماجستٌر( ؼٌر منشورة)‪،‬كلٌة اآلداب والعلوم اإلنسانٌة ‪ ،‬جامعة آل‬
‫البٌت‪)ٕٓٔ7(،‬‬
‫الجمٌلً‪ :‬حسٌن حدٌس‬

‫٘ٗٔ‬
‫‪ - 77:‬عصر الخلٌفة المستنصر باهلل (‪<89‬هـ‪788</‬م ‪<:6-‬هـ‪78:8/‬م) رسالة‬
‫ماجستٌر(ؼٌر منشورة)‪،‬كلٌة اآلداب‪ ،‬جامعة الموصل‪)ٔ919( ،‬‬
‫الدلٌمً‪ :‬دكاب ٌوسؾ جمعة‬
‫٘‪ - ٔ7‬الحنابلة فً بغداد(‪::7‬هـ ‪;7;-‬هـ‪76;;/‬م ‪7771-‬م) ‪،‬أطروحة دكتورال (ؼٌر‬
‫منشورة)‪ ،‬كلٌة اآلداب‪ ،‬جامعة الموصل‪)ٕٓٓٓ(،‬‬
‫الراشدي ‪ :‬اٌمن هادي فتحً دلً‬
‫<‪ - 77‬الدور السٌاسً للعامة فً بغداد(‪<;<- ::7‬هـ‪78;1- 76;;/‬م) ‪ ،‬رسالة ماجستٌر‬
‫(ؼٌر منشورة)‪،‬كلٌة اآلداب‪ ،‬جامعة الموصل‪)ٕٖٓٔ(،‬‬
‫الراجحً ‪ :‬جٌهان سعٌد‬
‫‪ - ٔ77‬الحٌاة االجتماعٌة فً بغداد من بداٌة القرن السادس الهجري حتى سقوط بغداد سنة‬
‫<;<هـ ‪78;1-‬م ‪ ،‬رسالة ماجستٌر(ؼٌر منشورة)‪ ،‬كلٌة الشرٌعة والعلوم اإلسبلمٌة‪ ،‬جامعة ام‬
‫القرى‪)ٕٓٓٙ(،‬‬
‫تحسٌن ‪ :‬حمٌد مجٌد‬
‫‪ - 771‬المصادرات فً العراق فً القرنٌن الثالث والرابع الهجري طبٌعتها واثرها السٌاسٌة‬
‫واالقتصادٌة‪ ،‬أطروحة دكتورال(ؼٌر منشورل)‪ ،‬كلٌة اآلداب‪ ،‬جامعة بؽداد‪)ٔ91ٓ(،‬‬
‫محٌمٌد ‪ :‬أنور رحٌم‬
‫‪ - ٔ79‬إسهامات العلماء فً الحٌاة العامة فً بغداد (‪;66‬هـ ‪776< -‬م‪<;< /‬هـ ‪78;1 -‬م ) ‪،‬‬
‫أطروحة دكتورال (ؼٌر منشورة)‪ ،‬كلٌة التربٌة للعلوم اإلنسانٌة ‪ ،‬جامعة تكرٌت‪)ٕٓٔٗ(،‬‬
‫معتوق ‪ :‬رشاد دباس‬
‫ٓ‪ - ٔ1‬الحٌاة العلمٌة فً العراق فً العصر البوٌهً ‪::7- 99:‬هـ‪76;;- 1:;/‬م ‪ ،‬أطروحة‬
‫دكتورال (ؼٌر منشورة) ‪ ،‬كلٌة الشرٌعة والدراسات اإلسبلمٌة ‪ ،‬جامعة أم القرى ‪، )ٔ99ٓ( ،‬‬
‫ص ٘‪. ٔٙ‬‬
‫المولى ‪ :‬محمد دبدهللا احمد‬
‫ٔ‪ - ٔ1‬عالقة العلماء بالخال فة العباسٌة فً العصر العباسً األخٌر ‪ ،‬رسالة ماجستٌر(ؼٌر‬
‫منشورة) ‪ ،‬كلٌة اآلداب‪ ،‬جامعة الموصل‪)ٕٖٓٓ(،‬‬
‫حسون ‪ :‬محمد ضاٌع‬
‫‪ - 718‬الخالفٌة العباسٌة دراسة فً األحوال السٌاسٌة واإلدارٌة واالقتصادٌة (‪- ;96‬‬
‫;‪;7‬هـ‪7771- 779;/‬م) ‪ ،‬رسالة ماجستٌر (ؼٌر منشورل)‪ ،‬كلٌة اآلداب‪ ،‬جامعة‬
‫بؽداد‪)ٔ911(،‬‬
‫‪ٔٗٙ‬‬
‫الجبوري ‪ :‬حسٌن خالد مصلح‬
‫ٖ‪ - ٔ1‬اإلدارة فً بغداد فً العصر العباسً األخٌر (;‪;7‬هـ‪7771/‬م – <;<هـ‪78;1 /‬م) ‪،‬‬
‫رسالة ماجستٌر (ؼٌر منشورل)‪ ،‬كلٌة التربٌة‪ ،‬جامعة تكرٌت‪)ٕٓٓ1(،‬‬
‫الصمٌددً ‪ :‬خوله محمود محمد دلً‬
‫‪ - 71:‬الوعظ الدٌنً فً العصر العباسً األول (دراسة تارٌخٌة)(‪::7- 798‬هـ‪1<7- 7:1/‬م)‬
‫‪ ،‬رسالة ماجستٌر(ؼٌر منشورة)‪ ،‬كلٌة اآلداب ‪ ،‬جامعة الموصل‪)ٕٓٓ٘(،‬‬
‫مقلٌة ‪ :‬نادٌة بنت دبد الصمد بن دبد الكرٌم‬
‫٘‪ - ٔ1‬دور العلماء فً الحٌاة العامة فً العراق خالل العصر السلجوقً ‪- ::7‬‬
‫‪;16‬هـ‪7719- 76;;/‬م‪ ،‬أطروحة دكتورال(ؼٌر منشورل)‪ ،‬كلٌة الشرٌعة والدراسات‬
‫اإلسبلمٌة‪ ،‬جامعة ام القرى‪)ٕٓٔٗ(،‬‬

‫خامساً‪ :‬الدورٌات‬
‫إسمادٌل ‪ :‬شٌماء ٌونس‬
‫‪ - ٔ1ٙ‬البربهاري (ت‪981‬هـ‪ 1:6/‬م)‪ ،‬وعالقته بالخالفة العباسٌة‪ ،‬مجلة التربة والتعلٌم ‪،‬العدد‬
‫ٗ‪ ،‬مجلد ٕٓ‪)ٕٖٓٔ(،‬‬
‫األنباري ‪ :‬دبد الرزاق دلً‬
‫‪ - ٔ17‬المحكمة العلٌا فً اإلسالم والنظر فً مظالم الرعٌة ‪ ،‬مجلة المإرخ العربً ‪ ،‬العدد ٕٗ‬
‫‪( ،‬بؽداد ‪)ٔ91ٗ ،‬‬
‫حسٌن ‪ :‬داال إبراهٌم‬
‫‪ ٔ11‬بعض سفارات العلماء فً عصر الحروب الصلٌبٌة من خالل كتاب تارٌخ دمشق البن‬
‫عساكر للفترة( ‪;77- :16‬هـ‪777;- 761< /‬م) ‪ ،‬مجلة جمعة تكرٌت للعلوم اإلنسانٌة‪ ،‬المجلد‬
‫‪ ،ٔ9‬العدد ٓٔ‪)ٕٕٓٔ(،‬‬
‫الحصونه ‪ :‬رابد حمود والعٌساوي ‪ :‬دبلء كامل‬
‫‪ - 711‬أثار االحتالل السلجوقً للعراق على األوضاع االجتماعٌة فً بغداد‪- ::7(،‬‬
‫‪;16‬هـ)‪،‬بحث منشور فً مجلة آداب البصرة‪ ،‬العدد ‪)ٕٓٔٔ(،٘7‬‬

‫الدلٌمً ‪ :‬دكاب ٌوسؾ جمعه‬


‫ٓ‪ - ٔ9‬المدارس الحنبلٌة فً بغداد واثرها فً الفكر الدٌن إبان العصر السلجوقً ‪- ::7‬‬
‫‪;16‬هـ ‪ ،‬مجلة ‪ ،ENTELEKTUEL HAYHT‬العدد ٗ‪)ٕٓٔٔ(،‬‬

‫‪ٔٗ7‬‬
‫السبتً ‪ :‬انتصار لطٌؾ والطابً ‪ :‬دالٌه ٌحٌى‬
‫‪ - 717‬مظاهر الحٌاة االجتماعٌة فً بغداد فً القرنٌن الخامس والسادس من خالل كتاب‬
‫المنتظم البن الجوزي‪ ،‬مجلة جامعة كرببلء‪ ،‬المجلد الخامس‪ ،‬العدد األول‪ (،‬آاار‪)ٕٓٓ7 ،‬‬
‫دبد الرحمن ‪ :‬هاو كار احمد‬
‫ٕ‪ - ٔ9‬دراسة تحلٌلٌه لمسكوكات الخلٌفة الناصر لدٌن هللا‪ (،‬الدنانٌر الذهبٌة ‪- ;7; ،‬‬
‫‪<88‬هـ) ‪ ،‬بحث منشور فً مجلة دراسات فً التارٌخ واالثار‪،‬العددٗ‪)ٕٓٔ1( ،ٙ‬‬
‫العلً ‪ :‬صالح احمد‬
‫‪ - 719‬قضاة بغداد فً العصر العباسً ‪ ،‬مجلة المجتمع العلمً العرامً‪ ،‬مجلد ‪(،ٔ1‬بؽداد ‪،‬‬
‫‪)ٔ9ٙ9‬‬
‫دواد ‪ :‬كوركٌس‬
‫ٗ‪ - ٔ9‬مؤلفات ابن عساكر ‪ ،‬بحث منشور فً ندول بمناسبة االحتفال باكرى مرور تسعمابة دام‬
‫دلى والدة ابن دساكر‪ ،‬مطبعة السبلم‪(،‬دمشق‪)ٔ97٘ ،‬‬
‫فهد ‪ :‬بدري محمد‬
‫;‪ - 71‬تارٌخ الشهود‪ ،‬مجلة كلٌة الشرٌعة‪ ،‬العدد ٖ‪( ،‬بؽداد‪)ٔ9ٙ7 ،‬‬
‫مدحات ‪ :‬محمد دبدهللا‬
‫<‪ - 71‬مراسٌم تولٌة الخلفاء ووالة عهودهم فً العصر العباسً األخٌر ‪ ،‬مجلة اآلداب والعلوم‬
‫االجتمادٌة ‪ ،‬العدد‪)ٕٓٔ٘(،ٔ1‬‬
‫المختار ‪ :‬مهند نافع خطاب‬
‫‪ - ٔ97‬دور العلماء وجهودهم تجاه األزمات االقتصادٌة فً العراق فً العصر العباسً(‪- 798‬‬
‫<;<هـ‪78;1- 7:1/‬م) ‪ ،‬مجلة ادآب الرافدٌن‪ ،‬العدد ‪ ،ٔٙ(،ٙ1‬اٌلول‪)ٕٖٓٔ،‬‬
‫معروؾ ‪ :‬ناجً‬

‫‪ - ٔ91‬علماء المستنصرٌة‪ ،‬مجلة كلٌة اآلداب‪ ،‬جامعة بؽداد‪ ،‬العدد ٔ‪( ،‬بؽداد‪)ٔ9٘9 ،‬‬

‫خامسا ً ‪:‬المصادر األجنبٌة‬


‫‪199- Laoust: Le Hanbalism sous caliphat in Baghdad(241-656) , R.E.I.‬‬
‫‪Paris,1959.‬‬

‫‪ٔٗ1‬‬
Abstract

What is known about our Islamic religion is the universality of


the political, intellectual and social level, it is an area that
has created the legal schools It is wide to influence the whole
nation's events the close interrelationship between the
Abbasid caliphate, an Islamic system of government, is an

ٔٗ9
Islamic one among Shara, the scholars of those schools
have a close relationship with the caliphate Abbasiya and at
all levels, the importance of this relationship has increased,
especially In the last Abbasid era of increasing caliphate
influence in front of Sultans and the princes of the parties are
astray with external dangers that threatened the nation
represented by the Cruscan challenge and the Mongol
danger
I have addressed the role of political and intellectual
entanesis in this thesis In Baghdad (575-656 Hijri/1179-1258
ad), those who relied on the religious basis as a school of
law. The aim of the study was to reflect the impact of the
school In the varied Baghdadi community, doctrines and
ideas are found and the relationship of these schools is
defined With the Abbasid Caliphate, has the Hanbalism
school's view changed over the centuries toward the
succession and whether they had a clear political and think
role in this stage and what are their most important
achievements and positions, along with the state and
Baghdadi community
This thesis includes a preliminary and three chapters, each
of which is composed of several detectives. The preparation
dealt with the political and intellectual situations in Baghdad.
The Abbasids' role in restoring the glory of the Abbasid
caliphate and freeing it from the occupier was mentioned
also by the religious groups and the position of the Abbasid
caliphate

The first chapter dealt with the talk about Hanbali and their
position in Baghdad during the fourth and fifth centuries of
immigratio
I have mentioned the definition of Hanbali and Hanbali's
origins mentioned as Hanbali's influence in Baghdad
mentioned the most prominent scholars of Hanbali in the

ٔ٘ٓ
sixth century till Baghdad occupation and their role in fighting
sedition
The second chapter was devoted to talking about the political
role of Hanbali In Baghdad, I mentioned Hanbali's relation
with the Abbasid caliphate in Baghdad and participation the
scholars of Hanbali taking the allegiance to Abbais as their
role in Jihad for God and participated in official delegations of
Abbasid succession I also spoke of the contribution of
Hanbali scholars to religious functions And administrative
positions as I mentioned the advice of the scholars of
Hanbali to the successors, princes and ministers and urged
them to be fair and to return rights to their people

The third chapter dealt with the intellectual and social role of
the Hanbali in Baghdad I spoke about Hanbali educational
institutions such as mosques, schools and their role in
service Society I also spoke about the role of the scholars of
the Hanbali in protecting the Islamic faith I also mentioned
their role in writing and classification in religious sciences .I
have also mentioned the status of Hanbali in Baghdad and
their role in serving the community by contributing to the
justice of people's impurities and their role in
interdependence Social society also spoke of the effective
role of Hanbali in fighting the vices In all its forms, it also
dealt with their role in counselling, mentoring and protecting
Baghdadi community from disintegrating through these
councill l

The end of the research included the most prominent


findings of the study, the most important of which was the
collapse of the Abbasid caliphs' efforts to bring the dominant
Islamic doctrines closer together, an effort that, compared to
the sharp incompatibility between Islamic doctrines. The
study clarified that Hanbali are far from holding the
administrative positions of Abbasid successors, but they
ٔ٘ٔ
became more moderate, especially in the late period of
succession, as a big number of the civil scientists held many
of these positions. The study also found an improvement in
the relation between the followers of Hanbali doctrine and
the Abbasid caliphate, and scientists have invested this
relationship in serving people
I can only very much thank and appreciate Dr. Okab Yousef
is looking at this thesis, the good heart and what Introduced
of tips and guidelines that have had a significant impact on
output this search for this imag

ٕٔ٘
Ministry of Higher Education and Scientific Research

University of Mosul

College of Basic Education

The Political and Intellectual Role of the Hanbalis


of Baghdad
(575-656 A.H./1179-1258 A.C.)

A dissertation Submitted by

Bahaa Ahmad Muhammad Al-Juburi

To the Council of the College of Basic Education/ Mosul


University

s a Part of Requirements of M.A. Degree

In

Islamic History

Under supervision of

Assistant Professor

Dr. Ukab Yusuf Jumaa Al –Dulaymi


2020 A.C. 1442 A.H.

You might also like