You are on page 1of 111

‫جامعة الشهيد حمه لخضر ‪ -‬الوادي‬

‫معهد العلوم اإلسالمية‬


‫قسم الشريعة‬

‫اآلراء األصولية لإلمام الباجي من خالل كتابه‬


‫"إحكام الفصول في أحكام األصول"‬
‫‪ -‬األدلة المختلف فيها أنموذجا ‪-‬‬

‫مذكرة تخرج تدخل ضمن متطلبات الحصول على شهادة الماستر‬


‫في العلوم اإلسالمية ‪ -‬تخصص‪ :‬فقه و أصوله‬

‫المشرف‪:‬‬ ‫الطالب‪:‬‬
‫د‪ .‬محمود باي‬ ‫آسيا فرحات حميدة‬

‫لجنة المناقشة‬

‫الصفة‬ ‫الجامعة‬ ‫الرتبة‬ ‫االسم واللقب‬


‫رئيسا‬ ‫جامعة الشهيد حمه لخضر‪ -‬الوادي‬ ‫أستاذ مساعد أ‬ ‫إدريس ريمي‬
‫مشرفا ومقر ار‬ ‫جامعة الشهيد حمه لخضر‪ -‬الوادي‬ ‫أستاذ محاضر أ‬ ‫د ‪ .‬محمود باي‬

‫ممتحنا‬ ‫جامعة الشهيد حمه لخضر‪ -‬الوادي‬ ‫أستاذا متعاقد‬ ‫محمد زواري أحمد فرحات‬

‫السنة الجامعية‪3418 -3417 :‬ﻫ‪1037 -1036 /‬م‬


‫جامعة الشهيد حمه لخضر ‪ -‬الوادي‬
‫معهد العلوم اإلسالمية‬
‫قسم الشريعة‬

‫اآلراء األصولية لإلمام الباجي من خالل كتابه‬


‫"إحكام الفصول في أحكام األصول"‬
‫‪ -‬األدلة المختلف فيها أنموذجا ‪-‬‬

‫مذكرة تخرج تدخل ضمن متطلبات الحصول على شهادة الماستر‬


‫في العلوم اإلسالمية ‪ -‬تخصص‪ :‬فقه و أصوله‬

‫المشرف‪:‬‬ ‫الطالب‪:‬‬
‫د‪ .‬محمود باي‬ ‫آسيا فرحات حميدة‬

‫لجنة المناقشة‬

‫الصفة‬ ‫الجامعة‬ ‫الرتبة‬ ‫االسم واللقب‬


‫رئيسا‬ ‫جامعة الشهيد حمه لخضر‪ -‬الوادي‬ ‫أستاذ مساعد أ‬ ‫إدريس ريمي‬
‫مشرفا ومقر ار‬ ‫جامعة الشهيد حمه لخضر‪ -‬الوادي‬ ‫أستاذ محاضر أ‬ ‫د ‪ .‬محمود باي‬

‫ممتحنا‬ ‫جامعة الشهيد حمه لخضر‪ -‬الوادي‬ ‫أستاذا متعاقد‬ ‫محمد زواري أحمد فرحات‬

‫السنة الجامعية‪3418 -3417 :‬ﻫ‪1037 -1036 /‬م‬


‫اإلهـداء‬

‫أىدي ىذه الرسالة إىل من أنار الدنيا بوجوده والذي أدى األمانة ونصح األمة إىل نيب‬
‫الرمحة ونور العاملني‪ ....‬سيدنا حممد صلى اهلل عليو وسلم‬
‫وسهرا على‬
‫إىل نبع احلنان أمي وأيب حفظهما اهلل ‪ ،‬الذين كانا سببا يف وجودي وربياين ً‬
‫ذلك وبذلً ما يف وسعها ألجل سعاديت يف الدارين وأعاناين بالدعوات ‪ ،‬فكانا خري عون يل‬
‫صغريا وجيزل هلما العطاء يف الدارين ‪.‬‬
‫فأسال اهلل أن حيفظهما ويرعامها ‪ ،‬ويرحهما كما ربياين ً‬
‫كما أىدي ىذه الرسالة إىل أخي الغايل الذي كان يل سندا يف ىذه احلياة أسال اهلل أن‬
‫حيفظو ويبارك فيو يف زوجو وأبناءه " نور اليقين و سيف الدين و سجود و محمد العيد ‪.‬‬
‫كما أىدي إىل أخوايت العزيزات كل واحدة بامسها ‪ :‬وردة ‪ ،‬سمية و دليلة و وفاء وحنان‬
‫و صبرينة و إىل أبنائهم دنيا والشيخ ودعاء وإيناس ‪...‬‬
‫وإىل مجيع صديقايت وزمياليت يف معهد العلوم اإلسالمية و طلبة العلم أينما حلو ‪ ،‬وإىل من‬
‫عجز القلم عن ذكرىم ولكن القلب بذكرىم لن ينساىم ‪.‬‬

‫وصلى اهلل وسلم على سيدنا حممد وعلى آلو وصحبو أمجعني‪.‬‬
‫شكر وعرفان‬
‫احلمد هلل الذي وفقنا ذلذا ومل نكن لنصل إليو لو ال فضل اهلل علينا‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫أول الشكر وآخره أتقدم بو اىل المنعم عز وجل اهلل سبحانه الذي أحاطين برعايتو اإلذلية‬
‫العظيمة ويسر يل كل عسري وأذلمين الصرب والقوة يف إمتام ىذا العمل ولو ال إعانتو وتوفيقو ‪،‬‬
‫وفتحو وكرمو علي فلو الشكر كل الشكر ‪.‬‬

‫مث أتوجو خبالص التقدير والشكر لإلستاذ ادلشرف محمود باي الذي تفضل علينا بقبول‬
‫اإلشراف على ىذا البحث وأشكره على توجيهاتو ونصائحو الدائمة طيلة البحث وكذلك‬
‫حرصو وتشجيعو للعلم وأىلو أسال اهلل أن حيفظو يبارك فيو ويصلح لو وأىلو وذريتو ‪.‬‬

‫كما ال يفوتين أن أشكر األستاذة سعيدة حمايدياليت أبت إال أن تضع بصمتها يف ىذا‬
‫البحث فلها مين كل اإلحرتام والتقدير وأسأل اهلل أن جيازيها ويبارك فيها ويف من حتب ‪.‬‬

‫وأشكر أيضا إدراة وأساتذة وعمال معهد العلوم اإلسالمية جبامعة الشهيد محو خلضر ‪ ،‬على‬
‫رأسها مدير اجلامعة األستاذ عمر فرحاتي‪ ،‬و مدير ادلعهد األستاذ الدكتور إبراهيم رحماني ‪-‬‬
‫حفظها اهلل تعاىل‪ -‬على توفري يل و لزمالئي الفرصة واجلو ادلالئم للبحث ‪.‬‬

‫كما أتقدم بالشكر اجلزيل للجنة المناقشة على تكرمهم مبناقشة الرسالة واحلكم عليها إن شاء‬
‫اهلل ‪.‬سائلة اهلل العلي القدير أن جيعل ما يبذلونو من جهود يف ميزان حسناهتم ‪.‬‬

‫مث الشكر والتقدير والعرفان دلن أفادين بكلمة أو شارك معي بفكرة ‪ ،‬ودلن ساعدين يف إخراج‬
‫ىذه الرسالة سواء بالنصح واإلرشاد أو ادلساعدة وادلراجعة وأخص بالذكر‬
‫األستاذالدكتورإبراهيمرحماني ‪ -‬حفظو اهلل ‪ -‬أسال اهلل أن يتقبل مين ومنهم وأن جيعلين‬
‫وإياىم من العائدين الفائزين ‪.‬‬

‫‪ .‬وصلى اهلل على حممد وآلو وصحبو ‪.‬‬


‫ملخص‬

‫يتعلق موضوع رسالتنا ىذه باآلراء األصولية لإلمام الباجي اليت ضمنها يف كتابو األصويل‬
‫إحكام الفصول يف أحكام األصول ‪ ،‬وقد تركز اختيارنا على آرائو اليت ذىب إليها يف مسائل‬
‫األدلة املختلف فيها‪ ،‬ومن مثّ حاولنا يف البداية أن نقف على املدونة األصولية املختارة‬
‫لبحثنا‪ ،‬ونتعرف على صاحبها‪ ،‬وقد مت من خالل كل ذلك بيان منهجو األصويل‪ ،‬وذكر‬
‫اسهاماتو الواضحة يف علم أصول الفقو ‪ ،‬ومن تلك اإلسهامات ما يتعلق باألدلة املختلف‬
‫فيها‪ ،‬وعليو انصب اىتمام ىذا البحث يف بيان ومجع وإبراز آراء الباجي األصولية يف ىذه‬
‫األدلة و اليت منها عمل أىل املدينة ‪ ،‬واالستحسان ‪ ،‬وسد الذرائع ‪ ،‬واالستصحاب ‪ ،‬واألخذ‬
‫بأقل ما قيل‪ ،‬ومجلة ىذه املسائل اليت تناوهلا البحث انتهجنا يف طريقة عرضها التعريف باملسألة‪،‬‬
‫وبعد ذلك ذكر حمل النزاع فيها مع اآلراء اليت قيلت فيها‪ ،‬لنصل بعدىا للرأي الذي اختاره‬
‫اإلمام الباجي فيها‪ ،‬مع ذكر األدلة اليت استند عليها إلبراز ىذا الرأي والرد عليو ‪ ،‬مث خنتم‬
‫ذلك مبثال تببيقي على كل املسألة من املسائل املعروضة‪.‬‬
A summary of a the research

The theme of our study is aboute fundamentalist imam


Albaji that including on his book fundamentalist tightening
chapters in the tightening of assets, focused our choice on
his views that he went to in contentious evidence issues,
and then we tried at first to stand on the fundamentalist
code selected for our research, and identify the owner, has
been mentioned during all of this statement method
fundamentalist, said his contributions with regard to the
evidence and from which the work of the people of the
city, and the plaudits and excuses ,immanence and taking
less what was said, and the campaign of these issues
addressed by the research included in the presentation
definition question, and then stated in dispute chosen by
Imam Albaji , with the evidence tpresentedhat was based
on it to highlight this view and respond to it and then
conclude that the example applied to each of the issues
‫قائمة الرموز و االشرات‬
‫معناه‬ ‫الرمز‬
‫صفحة‬ ‫ص‬
‫هجري‬ ‫هـ‬
‫توفي‬ ‫ت‬
‫ميالدي‬ ‫م‬
‫بدون طبعة‬ ‫ط‪.‬م‬
‫دون ذكر التاريخ‬ ‫د‪.‬ت‬
‫دون مكان‬ ‫م‪.‬ال‬
‫مقدمة‬
‫مقدمـة‬

‫مقدمة‬
‫اتَّأ َْع َمالِنَاَّ َم َّْنَّ‬
‫اْلَ ْم ََّدَّلِل َِّوَّ ََْن َم ُدَّهَُّ َونَ ْستَعِينَُّوَُّ َونَ ْستَ ْغ ِف ُرَّهَُّ َونَعُوَّذَُّبِالل َِّوَّ ِم َّْنَّ ُش ُروَِّرَّأَنْ ُف ِسنَاَّ َوِم َّْنَّ َسيِّئَ َِّ‬
‫إنََّّ ْ‬
‫يكَّلََّوَُّ َوأَنََّّ‬ ‫ضلِ َّْلَّفَبلَّ َى ِاد ََّ‬
‫يَّلََّوَُّ َوأَ ْش َه َُّدَّأَ َّْنَّالَّإِلََّوََّإِالَّالل َّوَُّ َو ْح َدَّهَُّالَّ َش ِر ََّ‬ ‫ضلََّّلََّوَُّ َوَم َّْنَّيُ ْ‬ ‫ي ه ِدَّهَِّالل َّوَّفَبلَّم ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫َْ‬
‫ُُمَم ًداَّ َعْب ُدَّهَُّ َوَر ُسولَُّوُ‪َّ .‬‬
‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ [ ال عمران‪:‬‬
‫َّ‬ ‫‪] 201‬‬

‫ّأماَّبعدَّ‪َّ َّ:‬‬
‫التّعريف بالموضوع َّ‬
‫فإنَّعلمَّأصولَّالفقوَّمنَّأجلَّالعلومَّاإلسبلميةَّوأعظمهاَّنفعاَّ‪َّ،‬فهوَّيأخذَّمنَّصفوَّالشرعَّ‬
‫والعقلَّسواءَّ‪َّ،‬فبلَّىوَّيتصرفَّمبحضَّالعقولَّحبيثَّالَّيتلقاهَّالشرعَّبالقبولَّ‪َّ،‬والَّىوَّمبٍتَّعلىَّ‬
‫ُمضَّالتقليدَّالذيَّالَّيشهدَّلوَّالعقلَّبال تأييدَّوالتسديدَّفهوَّمجعَّبُتَّالعقلَّوالسمعَّ‪َّ،1‬فهوَّاآللةَّ‬
‫اليتَّدت َّّكنَّفهمَّالنصوصَّالقرآنيةَّواْلديثيةَّ‪َّ،‬واستنباطَّاألحكامَّالفقهيةَّاليتَّتضبطَّالعبلقاتَّلدىَّ‬
‫املسلمُتَّ‪َّ،‬وقدَّاىتمَّالعلماءَّهبذاَّالعلمَّعربَّالتاريخَّفتطورَّشيئاَّفشيئاَّحىتَّنضجَّوبلغَّأشدهَّيفَّ‬
‫القرنَّاخلامسَّاهلجريَّ‪َّ،‬فربزَّيفَّىذهَّالفًتةَّمجلةَّمنَّالعلماءَّالذينَّكانَّهلمَّباعَّطويلَّيفَّنضجَّ‬
‫‪َّ،‬ومنَّبُتَّىؤالءَّالعلماءَّأبوَّالوليدَّالباجيَّوىوَّمنَّأبرزَّأعبلمَّاملالكيةَّيفَّالفقوَّ‬
‫َّ‬ ‫ىذاَّالعلمَّ‬
‫واألصولَّواْلديثَّوفنَّاملناظرةَّواجلدلَّولوَّعدةَّمؤلفاتَّيفَّىذاَّعلمَّأصولَّالفقوَّ‪َّ،‬ومنَّبُتَّ‬
‫لفاتوَّكتابوَّ(َّإحكامَّالفصولَّيفَّأحكامَّاألصولَّ)َّالذيَّيعتربَّموسوعةَّيفَّعلمَّأصولَّالفقوَّ َّ‬
‫َّ‬ ‫مؤ‬
‫أهمية الموضوع ‪:‬‬
‫اسةَّ‪َّ :‬‬
‫تكمنَّأمهيةَّالدر ّ‬
‫‪-‬يفَّتناوهلاَّأحدََّّجهابذةََّّاملذىبَّاملالكيَّوىوَّاإلمامَّالباجيَّاألصو يَّالفقيوَّوادحمدثَّواملفسرَّ‬
‫‪َّ ...‬‬

‫‪َّ1‬أبوَّحامدَُّممدَّبنَُّممدَّالغزا ي ‪َّ،‬املستصفى‪َّ.‬حتقيقَّ‪َُّ:‬ممدَّعبدَّالسبلمَّعبدَّالشايف(َّط‪َّ1َّ:‬؛َّالَّ‪.‬مَّ‪،‬دارَّالكتبَّالعلميةَّ‬
‫‪1413َّ.‬ى َّ‪1993/‬م)َّص ‪.4‬‬
‫مقدمـة‬

‫اثهمَّكإمامَّالباجيَّرمحةَّاهللَّ‬
‫‪-‬جتليةَّجهوداتَّالعلماءَّالسابقُتََّّيفَّأصولَّالفقو بإحياءَّتر َّ‬
‫عليوَّ‪َّ .‬‬
‫‪ََّّ-‬كشفَّوإبرازَّوبيانَّجهوداتَّواسهاماتَّالباجيَّيفَّأصولَّالفقوَّ‪َّ .‬‬
‫إشكالية البحث‬
‫بناءًاَّعلىَّأمهيةَّاملوضوعَّميكنناَّصياغةَّاإلشكاليةَّالتاليةَّ‪َّ:‬ماىيَّاآلراءَّاألصوليةَّلئلمامَّالباجيَّ‬
‫َّ‬
‫اليتَّتبناىاَّيفََّّكتابوَّإحكامَّالفصولَّيفَّأحكامَّاألصولَّ؟؟؟ َّ‬
‫وعليوَّفهناكَّعدةَّتساؤالتَّتطرحَّنفسهاَّمنهاَّ‪َّ :‬‬
‫‪-1‬ماموقفَّالباجيَّمنَّتلكَّاألدلةَّ؟‪َّ،‬وكيفَّدرسهاَّوعاجلهاَّ؟ َّ‬
‫َّ‪َّ-2‬ماَّموقفَّالباجيَّمنَّآراءَّغَتهَّمنَّاألصوليُتَّ؟ َّ‬
‫‪-3‬كيفَّبرىنَّالباجيَّعلىَّآراءهَّ‪ََّّ،‬وكيفَّناقشَّغَتهَّمنَّاألصوليُتََّّإلثباتَّآراءهَّ؟ َّ‬
‫أهداف البحث‬
‫‪-1‬إبرازَّشخصيةَّأبوَّالوليدَّالباجيَّوجمهوداتوَّيفَّعلمَّأصولَّالفقوَّ‪َّ .‬‬
‫‪-2‬معرفةَّمدىَّإلتزامَّالباجيَّمباَّوعدَّيفَّمقدمةَّكتابوَّ َّ‬
‫‪َّ-3‬مجعَّاآلراءَّاألصوليةَّأليبَّالوليدَّالباجيَّفماَّخيصَّاألدلةَّاملختلفَّفيهاَّ‪َّ .‬‬
‫‪َّ-4‬تسليطَّالضوءَّعلىَّكتابَّإحكامَّالفصولَّيفَّأحكامَّاألصولَّالذيَّىوَّمبثابةَّموسوعةَّيفَّ‬
‫علمَّأصولَّالفقوَّ‪َّ .‬‬
‫‪-5‬اكتسابَّملكةَّأصوليةَّمنَّخبللَّتتبعَّاآلراءَّاألصوليةَّللباجيَّمنَّخبللَّكتابوَّ‪َّ .‬‬
‫أسباب البحث ودوافعه‬
‫يتحَتَّابتداءًاَّيفَّاختيارَّاملوضوعَّالذيَّيكونَّ‬
‫الشكَّأنَّالطالبَّاملبتدىءَّيفَّجمالَّالبحثَّ َّّ‬
‫ يَّأنَّوفقٍتَّ‬
‫عمدةَّدراستوَّ‪َّ،‬فالتجأتَّإىلَّريبَّطالبتَّفتحوَّوإعانتوَّوتسَتَّأمريَّوحسنَّاختيارهَّإ َّّ‬
‫اىلَّاختيارَّعنوانَّالذيَّسوفَّيكونَّموضوعَّمذكريتَّلنيلَّشهادةَّاملاسًتَّيفَّأصولَّالفقوَّوىوَّ‬
‫"اآلراءَّاألصوليةَّلئلمامَّالباجيَّمنَّخبللَّكتابوَّإحكامَّالفصولَّيفَّأحكامَّاألصولَّ–َّاألدلةَّ‬
‫املختلفَّفيهاَّأمنوذجاَّ–" َّ‬
‫ومنَّبُتَّاألسبابَّاليتَّدفعتٍتَّهلذاَّاملوضوعَّ‪َّ :‬‬
‫مقدمـة‬

‫‪َّ-1‬مكانةَّالباجيَّالعلميةَّ‪.‬وىوَّأحدَّجهابذةَّأئمةَّاملذىبَّاملالكيَّ‪َّ .‬‬
‫‪-2‬مكانةَّالكتابَّالذيَّيعتربَّمنَّأىمَّكتبَّأصولَّالفقوَّوأفضلهاَّفهوَّمنَّاملصادرَّاألساسيةَّ‬
‫يفَّأصولَّالفقوَّاملقارنَّ‪َّ،‬وقدَّذكرَّفيوَّمؤلفوََّّآراءَّالعلماءَّمنَّخمتلفَّاملذاىبَّ‪َّ،‬كاْلنفيةَّ‬
‫والشافعيةَّواْلنابلةَّ‪َّ،‬والظاىريةَّيفَّبعضَّاألحيانَّ‪َّ،‬ويدللَّآلرائهمََّّيربزَّرأيَّاملالكية‪َّ .‬‬
‫‪-3‬عباراتَّالكتابَّواضحةَّوالَّحتتاجَّإىلَّعناءَّيفَّفهمهاَّكأنَّاإلمامَّيكتبَّبلغةَّالعصرَّ‪َّ .‬‬
‫‪4‬رغبيتَّيفَّدراسةَّواطبلعَّعلىَّأحدَّجهابذةَّاملذىبَّاملالكيَّوإبرازَّأرائوَّاملعولَّعليهاَّيفَّ‬
‫املالكيَّخاصةَّاجلانبَّاألصو يَّ‪َّ .‬‬
‫‪-5‬براعةَّالباجيَّوذكائوَّيفَّدراسةَّالقضاياَّاألصوليةَّ‪َّ .‬‬
‫الدراسات السابقة‬
‫ذاَّاملوضوعَّقدَّدرسَّ‬
‫َُّ‬ ‫منَّخبللَّاطبلعيَّعلىَّاملوضوعََّّيفَّالشبكةَّالعنكبوتيّةَّ‪َّ،‬وجدتَّأنَّى‬
‫ساب ًَّقاَّمنَّطرفَّأساتذتناَّومشاخيناَّاألفاضلَّ‪َّ.‬فأردتَّأنَّيكونَّلناَّفضلَّاملشاركةَّيفَّىذاَّاملوضوعَّ‬
‫اسةَّاملوضوعَّيفَّاجلانبَّالذيَّملَّيُدرسَّ‪َّ،‬ملاَّدتتَّاملوافقوَّعلىَّاملوضوعَّ‪َّ،‬وبدأتَّ‬
‫َّ‬ ‫‪َّ،‬ورغبةَّمناَّبدر‬
‫يفَّالدراسةََّّولؤلسفَّملََّّيكنَّلناَّالشرفَّأنَّنتحصلَّيفَّالوقتَّاملناسبَّعلىَّتلكَّالدراساتَّ‬
‫ولوَّحىتَّإلكًتونياَّإالَّدراسةَّواحدةَّاليتَّهلاَّصلةَّوثيقةَّباملوضوعَّ‪َّ :‬‬
‫آراءَّأيبَّالوليدَّالباجيَّاألصوليةَّيفَّمعقولَّاألصلَّواألدلةَّاملختلفَّفيهاَّ–َّمعَّدراسةَّتطبيقيةَّ‬
‫علىَّكتابَّالصبلةَّمنَّشرحوََّّاملنتقى‪َّ،َّ-‬أصلهاَّرسالةَّماجستَتَّيفَّأصولَّالفقوَّ‬
‫‪،‬نوقشت‪1411/02/10‬هَّحيثَّلعرفوَّباإلمامَّمثَّدرسَّنشأةَّعلمَّأصولَّالفقوَّومدراسهاَّمثَّ‬
‫ذكرَّآراءَّاالصوليةَّلباجيَّيفَّمعقولَّاألصلَّواألدلةَّاملختلفَّفيهاَّ‪َّ،‬مثَّقامَّبدراسةَّتطبيقيةَّللقواعدَّ‬
‫األصو يَّاليتَّتعرضَّهلاَّيفَّحبثوَّمنَّخبللَّكتابَّاملنتقىَّمقتصراَّعلىَّبابَّالصبلةَّ‪.‬وقدَّاستفدتَّ‬
‫منهاَّكثَتاَّخاصةَّأراءَّاألصوليةَّيفَّاألدلةَّاملختلفَّفيهاَّاليتَّهلاَّعبلقةَّببحثيَّبشكلَّمباشرَّ‪َّ .‬‬
‫الَّأنسَّأنَّأذكرَّالكتابَّالذيَّاستفدتَّمنوَّكثَتاَّوأعانٍتَّيفَّدراسةَّاملوضوعَّىوَّ"معاملَّالفكرَّ‬
‫األصو يَّاملالكيَّمنَّخبللَّالفكرَّالباجيَّاألصو يَّ"َّوماَّيسعناَّإالَّأنَّأشكرَّدكتورَّإبراىيمَّرمحاينَّ‬
‫سخيًاَّيفَّاستعارةَّالكتبَّطيلةَّالبحثَّفجزاهَّاهللَّ‬
‫الذيَّم ّكنناَّمنَّاطبلعَّعليوَّحيثَّكانَّمعناَّ َّ‬
‫خَتاَّونفعناَّاهللَّبعلمو‪َّ .‬‬
‫َّ‬
‫مقدمـة‬

‫الصعوبات التي واجهتني‬


‫منَّالصعوباتَّ‪َّ،‬وأىمَّالصعوباتَّاليتَّواجهتٍتَّيفَّإجنازَّىذهَّاملذكرةَّمنها‪:‬‬
‫َّ‬ ‫َّإنَّلكلَّحبثَّمجلةَّ‬
‫أودَّ‬
‫‪-1‬طولَّاملوضوعَّوالصفحاتَّاملخصصَّ يَّغَتَّكافيةَّلدراسةَّمثلَّىذهَّاملواضيعَّ‪َّ،‬كنتَّ َُّ‬
‫أنَّأدرسَّاملوضوعَّمنَّجانبَّتطبيقيَّحيثَّأخصصَّلوَّمبحثَّمنفصلَّلكنَّألسفَّملَّيتحَّ يَّ‬
‫إالَّّذكرَّمثالَّأوَّمثالُتَّعنَّكلَّرأيَّ‪َّ،‬أسألَّاهللَّتعاىلَّأنَّيتيحَّ يَّيفَّاملستقبلَّدراسةَّاملوضوعَّمنَّ‬
‫جانبوَّالتطبيقي‪َّ .‬‬
‫اساتَّالسابقةَّاليتَّكانتَّتساعدينَّوتسهلَّعليََّّكثَتَّمنَّالعناءَّ َّ‬
‫ّ‬ ‫‪َّ–َّ2‬صعوبةَّاْلصولَّعلىَّالدر‬
‫وماَّعداَّىذاَّفاألجواءَّالبحثَّوالدراسةَّمتاحةَّ يَّوهللَّاْلمدَّواملنة‪َّ .‬‬
‫منهج البحث‬
‫لقدَّاعتمدتََّّيفَّمذكريتَّعلىَّعدةَّمناىجَّوذلكَّمباَّتقتضيوَّطبيعةَّالبحثَّ َّ‬
‫‪ -1‬المنهج التاريخيَّ‪َّ:‬استعملتَّىذاَّاملنهجَّيفَّترمجةَّاإلمامَّالباجيَّوذلكَّمنَّخبللَّماَّ‬
‫ذكرتوَّكتبَّالًتاجمَّ‪َّ،‬وكذلكَّاستخدمتوَّيفَّترمجةَّاألعبلمَّالذينَّقمتَّبًتمجتهمَّيفَّمذكريتَّ‪َّ .‬‬
‫‪-2‬المنهج االستقرائيَّ‪َّ:‬استعملتَّىذاَّاملنهجَّيفَّتتبعََّّومجعَّاآلراءَّاألصوليةَّلئلمامَّالباجيَّ‬
‫صوبَّاألدلةَّاملختلفَّفيهاَّ‪َّ .‬‬
‫‪ -3‬المنهج التحليليَّ‪َّ:‬استخدمتَّىذاَّاملنهجَّمباَّقمتَّباستقراءَّاآلراءَّاألصوليةَّللباجيَّ‬
‫قمتَّبتحليلَّتلكَّاآلراء‪َّ .‬‬
‫‪ -4‬المنهج الوصفيَّ‪َّ:‬استعملتَّىذاَّاملنهجَّيفَّتصويرَّاملسائلَّبعرضَّإبرازَّآراءَّاإلمامَّ‬
‫الباجيَّ‪َّ .‬‬
‫منهجية البحث ‪:‬‬
‫منَّأجلَّكتابةَّمذكريتَّالتزمتَّمبنهجيةَّواحدةَّ‪َّ،‬أذكرَّفيماَّيأيتَّأىمَّعناصرىاَّ َّ‬
‫‪َّ.2‬عندَّدراسةَّرأيَّاإلمامَّ‪َّ،‬قمتَّأو َّالًََّّبتعريفَّالدليلَّ‪َّ،‬مثَّأُحررَُّملَّالنزاعَّيفَّاملسألةَّ‪،‬مثَّ‬
‫أذكرَّبعدَّذلكَّرأيَّاإلمامَّالباجيَّيفَّاملسألةَّ‪َّ،‬مثَّأسوقَّاألدلةَّاليتَّاستندَّإليهاَّاإلمامَّلربىنةَّعلىَّ‬
‫رأيوَّالذيَّاختذهَّوبعدىاَّأقومَّبردَّعلىَّاإلمامََّّ‪َّ،‬مثَّأختمَّذلكَّمبثالَّتطبيقيَّعلىَّكلَّاملسألةَّمنَّ‬
‫املسائلَّاملعروضة‪َّ .‬‬
‫مقدمـة‬

‫‪َّ.1‬عزوَّاآلياتَّيكونَّيفَّاملنتَّويكونَّبالطريقةَّالتاليةَّ(َّاسمَّالسورةَّ‪َّ،‬وَّرقمَّاآليةَّ)َّمعَّ‬
‫وضعهاَّبُتَّرمزينَّومهاَّ‪ََّّ ‬معَّتثخُتَّاخلطَّلتميزىاَّعنَّباقيَّالكبلمَّواثباهتاَّبالرسمَّالعثماينَّ‬
‫بروايةَّحفصَّعنَّعاصمَّ‪َّ .‬‬
‫‪.3‬ختريجَّاألحاديثَّيكونَّيفَّاهلامشَّبالطر‬
‫يقةَّالتاليةَّ‪َّ:‬ذكرتَّصاحبَّاملصنفَّاْلديثيَّ‪َّ،‬‬
‫َّ‬
‫التحقيقَّ‪َّ(َّ،‬معلوماتَّاملصنفَّ)َّ‪َّ،‬الكتابَّ‪َّ،‬البابَّ‪َّ،‬الصفحةَّ‪َّ.‬معَّذكرَّدرجةَّاْلديثَّإذاَّملَّ‬
‫يكنَّيفَّالصحيحُتَّ‪َّ .‬‬
‫‪َّ.4‬ترمجتَّلؤلعبلمَّالذينَّهلمَّصلةَّمباشرةَّبالبحثَّيفَّاملنتَّواهلامشَّ‪َّ،‬يفَّحُتَّملَّأترجمَّبعضَّ‬
‫األعبلمَّإماَّلشهرهتمََّّكالصحابةَّرضوانَّاهللَّعليهمَّوَّاألئمةَّوكذلكَّبعضَّاألعبلمَّالذينَّليسَّهلمَّ‬
‫صلةَّمباشرةَّبالبحثَّ‪َّ .‬‬
‫‪.5‬توثيقَّاملعلوماتَّالواردةَّيفَّاملنتَّيكونَّيفَّاهلامشَّوفقَّالطريقةَّاآلتيةَّ‪:‬اسمَّولقبَّاملؤلفَّ‪َّ،‬‬
‫تاريخَّوفاتوَّإنَّوجد‪َّ،‬عنوانَّالكتابَّ‪َّ.‬حتقيقَّ‪َّ:‬اسمَّادحمققَّ‪َّ،‬اجلزءَّإنَّوجدَّ(َّطبعةَّ‪َّ:‬رقمَّ؛َّاملكانَّ‬
‫‪َّ:‬املطبعةَّأوَّالناشرَّ‪َّ،‬التاريخَّ)َّ‪َّ،‬الصفحةَّوقمهاَّ‪َّ .‬‬
‫‪َّ.6‬إذاَّتكررَّذكرَّالكتابَّاكتفيتَّبذكر‪َّ:‬اسمَّاملؤلفَّخمتصراَّ‪َّ،‬عنوانَّالكتابَّ‪َّ،‬اجلزءَّإنَّوجدَّ‬
‫‪َّ،‬مرجعَّسابقَّ‪َّ،‬رقمَّالصفحةَّ‪َّ .‬‬
‫‪.7‬إذاَّاستعملتَّالكتابَّاألولَّيفَّصفحةَّوالثاينَّيفَّأخرىَّفأنٍتَّأقولَّ‪َّ:‬املصدرَّالسابقَّ‪َّ،‬‬
‫بينماَّإذاَّكانَّذكرَّالكتابَّيفَّنفسَّالصفحةَّملَّيفصلَّبينماَّفإنٍتَّأقولَّ‪:‬املرجعَّنفسوَّواردفوَّبرقمَّ‬
‫اجلزءَّوَّالصفحة‪َّ َّ.‬‬
‫‪.8‬إذاَّكانَّاملرجعَّعلميةَّأكادمييةَّفإنَّالتوثيقَّيكونَّكاآليتَّ‪َّ:‬اسمَّولقبَّالباحثَّ‪َّ،‬عنوانَّ‬
‫البحثَّأوَّالرسالةَّ‪َّ(َّ،‬رسالةَّدكتوارةَّأوَّماجستَتَّأوَّماسًتَّأوَّليسانسَّيفَّختصصَّ)َّالكليةَّ‪َّ،‬‬
‫اجلامعةَّ‪َّ،‬املدينةَّأوَّالدولةَّ‪َّ،‬التاريخَّ‪َّ،‬رقمَّالصفحةَّ)‪َّ .‬‬
‫‪.َّ9‬إذاَّنقلتَّالكبلمَّعنَّقائلوَّباملعٌتَّأوَّتصرفَّفيوَّفأينَّاصدرَّالعزوَّيفَّاهلامشَّبكلمة"َّانظر" َّ‬
‫‪.10‬يفَّهنايةَّكلَّمبحثَّأجعلَّلوَّملخصَّ‪َّ .‬‬
‫خطة البحث ‪:‬‬
‫اعتمدتَّيفَّىذهَّالدراسةَّعلىَّاخلطةَّالتاليةَّ َّ‬
‫مقدمـة‬

‫أوالَّ‪َّ:‬المقدمة‬
‫اشتملتَّعلىَّالتعريفَّباملوضوعَّوبيانَّأمهيتوَّوطرحَّاشكاليتوَّ‪َّ،‬وذكرَّألىدافوَّوعنوانوَّمعَّذكرَّ‬
‫‪َّ،‬واملنهجَّاملتبعَّ‬
‫األسبابَّوالدوافعَّالدراسةَّ‪َّ،‬وأىمَّالدراساتَّالسابقةَّ‪،‬والصعوباتَّاليتَّواجهتٍتَّ َّ‬
‫ومنهجيةَّالبحثَّوأخَتاَّخطةَّالبحثَّ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الموضوع َّ‬
‫تناولَّاملوضوعَّيفَّمبحثُتَّومهاَّكالتا يَّ‪َّ :‬‬
‫المبحث األولَّ‪َّ:‬تناولتَّفيوَّترمجةَّلئلمامَّالباجيَّوتعريفَّبكتابوَّ–َّإحكامَّالفصولَّيفَّ‬
‫أحكامَّاألصولَّ–َّمثَّذكرتَّبعضَّاسهاماتَّالباجيَّيفَّعلمَّأصولَّالفقوَّومنهجوَّاألصو يَّ‪َّ،‬‬
‫حيثَّاشتملَّاملبحثَّعلىَّثبلثةَّمطالبَّوىيَّكماَّيليَّ‪َّ :‬‬
‫المطلب األولَّ‪:‬ترمجةَّأبوَّالوليدَّالباجيَّ َّ‬
‫الشخصيّةََّّوالثاينَّْلياتوَّالعلميّةَّ‪َّ .‬‬
‫َّنتناولَّىذاَّاملطلبَّيفَّفرعُتََّّ؛َّاألولَّْلياتةَّ ّ‬
‫المطلب الثانيَّ‪:‬بعنوانََّّكتابََّّإحكامَّالفصولَّيفَّأحكامَّاألصولَّ َّ‬
‫يفَّبالكتابَّوسببَّتأليفوَّ‪َّ،‬واملنهجَّالتأليفيَّللباجيَّاألصو يَّ‪َّ،‬وأىمَّ‬
‫َّ‬ ‫َّدرستَّفيوَّالتعر‬
‫القضاياَّاليتَّتناوهلاَّالكتابَّ‪َّ .‬‬
‫المطلب الثالثَّ َّ‬
‫‪َّ:‬بعنوانَّمنهجَّالباجيَّاألصو يَّواسهاماتوَّ‪َّ :‬بيّنتَّمنهجَّالباجيَّاألصو يََّّ‬
‫‪،‬وتناولتَّفيوَّاسهاماتوَّيفَّعلمَّأصولَّالفقوَّ‪َّ .‬‬
‫َّ‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬بعنوان اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجيَّ َّ‬
‫تناولتَّىذهَّاآلراءَّيفَّمخسةَّمطالبَّوىيَّ‪َّ :‬‬
‫المطلب األولَّ‪:‬إجماع أهل المدينة َّ‬
‫حقيقةَّإمجاعَّأىلَّاملدينةَّ‪َّ،‬وذكرتَُّملَّالنزاعَّيفَّاملسألةَّ‪،‬وَّاستخرجتَّرأيَّ‬
‫َّ‬ ‫تناولتَّفيوَّبيانَّ‬
‫اإلمامَّيفَّإمجاعَّأىلَّاملدينةَّ‪َّ،‬وفندتَّرأيوَّمثَّذكرتَّاألدلةَّاليتَّاستدلَّهباَّيفَّرأيوَّ‪َّ،‬وختمتوَّبذكرَّ‬
‫مثالَّتطبيقيَّعلىَّرأيوَّ‪َّ َّ.‬‬
‫َّ‬
‫مقدمـة‬

‫َّ‬
‫ََّّالمطلب الثانيَّ‪ :‬االستحسانَّ َّ‬
‫تناولتَّفيوَّأوال؛َّالتعريفَّباالستحسانَّمثَّذكرتَّحتريرَُّملَّالنزاعَّيفَّاملسألةَّوَّبيّنتَّرأيَّ‬
‫الباجيَّيفَّاالستحسانَّ‪َّ،‬مثَّقمتَّبتفنيدَّرأيوَّ‪َّ،‬وَّذكرتَّاألدلةَّاليتَّاستدلَّهباَّالباجيَّعلىَّرأيوَّ‪َّ،‬‬
‫وذكرتَّمثالَّتطبيقيَّحولَّاالستحسانَّعندَّالباجيَّ‪َّ .‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬سد الذرائع‬
‫ذكرتَّرأيَّالباجيَّيفَّسدَّ‬
‫تطرقتَّفيوَّلتعريفَّسدَّالذرائعَّمثَّحررتَُّملَّالنزاعَّيفَّاملسألةَّ‪َّ،‬وَّ َّ‬
‫الذرائعَّمثَّفندتََّّرأيوََّّكماَّذكرتَّاألدلةَّاليتَّاستدلَّهباَّالباجيَّإلثباتَّرأيوَّ‪َّ،‬مثَّذكرتَّمثالَّ‬
‫تطبيقيَّعلىَّرأيو‪َّ .‬‬
‫المطلب الرابع ‪ :‬االستصحـ ـ ـ ـ ـ ــاب‬
‫بيانَّحقيقةَّاالستصحابَّمعَّذكرَّأنواعوَّ‪َّ،‬مثَّحررتَُّملَّالنزاعَّيفَّاملسألةَّ‪َّ،‬‬
‫َّ‬ ‫تناولتَّفيوَّ‬
‫وكذلكَّذكرتَّفيوَّرأيَّالباجيَّفيوَّواألدلةَّاليتَّاستدلَّعليهاَّ‪َّ،‬مثَّذكرتَّمثالَّتطبيقيَّعليوَّ‪َّ .‬‬
‫المطلب الخامس ‪:‬األخذ بأقل ما قيل‬
‫بيّنتَّفيوَّحقيقةَّاألخذَّبأقلَّماَّقيلَّ‪َّ،‬وذكرتَّحتريرَُّملَّالنزاعَّيفَّاملسألةَّ‪َّ،‬وكذلكَّبيّنتَّلرأيَّ‬
‫الباجيَّيفَّاملسألةَّ‪َّ،‬مثَّفندتَّرأيَّالباجيَّيفَّدعوىَّاالمجاعَّيفَّاألخذَّبأقلَّماَّقيلَّ‪َّ .‬‬
‫ثالثا ‪ :‬الخاتمة‬
‫وقدَّاشتملتَّعلىَّأىمَّالنتائجَّاليتَّتوصلتَّإليهاَّمنَّخبللَّالبحثَّ‪َّ،‬ومعَّذكرَّبعضَّ‬
‫التوصياتَّ‬
‫رابعا ‪ :‬الفهارس‬
‫أردفتَّالبحثَّبفهارسَّلآلياتَّالقرآنيةَّواألحاديثَّالنبويةَّّوَّاآلثارَّ‪،‬وكذلكَّاألعبلمَّاملًتجمَّ‬
‫هلمَّ‪َّ،‬واملصادرَّمثَّاملوضوعات ‪.‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬اإلمام أبو الوليد الباجي وكتابه إحكام الفصول في أحكام‬
‫األصول ومنهجه األصولي وإسهامات فيها‬

‫يعترب أبو الوليد الباجي من الشخصيات الفقهية األصولية اليت سامهت يف إثراء املكتبة الفقهية‬
‫‪،‬واألصولية على الوجو العموم ‪،‬واملكتبة الفقهية ‪،‬واألصولية املالكية على وجو اخلصوص ‪ ،‬فهو‬
‫من الذين سخرىم اهلل خلدمة دينو فكان خري سفري لذلك ‪ ،‬حناول يف ىذا املبحث أن نرتجم لو‬
‫و ذلك بذكر مبولده وأسرتو و أصلو وحمنتو ‪ ...‬وكما سنتطرق يف ىذا املبحث لدراسة أحد‬
‫كتبو النفيسة يف علم أصول الفقو «إحكام الفصول يف أحكام األصول» الذي ال غىن لطالب‬
‫العلم عنو ‪،‬و ذلك بتعرف عليو‪ ،‬ومعرفة منهجو التأليفي للكتاب ‪،‬وقيمتو العلمية ‪،‬وغري ذلك‬
‫ومث نعرج اىل ذكر منهج الباجي األصويل و إسهاماتو األصوليّة‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫المطلب األول ‪ :‬ترجمة لإلمام أبي الوليد الباجي‬


‫يعترب أبو الوليد الباجي من جهابذة أئمة اؼبذىب اؼبالكي الذين برعوا يف الفقو كاألصوؿ‬
‫كاغبديث كاللغة كغَت ذلك من العلوـ ؽبذا أردنا يف ىذا اؼبطلب أف نًتجم لو حيث نتناكؿ يف‬
‫ىذا اؼبطلب يف فرعُت ؛ األكؿ غبياتة الشخصية ‪ :‬اظبو كنسبو كمولده‪ ،‬كأصلو ‪،‬كأسرتو‪ ،‬أخالقو‬
‫كؿبنتو ككفاتو كنتكلم يف الفرع الثاين عن حياتو العلمية ‪ :‬رحلتو العلمية‪ ،‬كبعض شيوخو‬
‫كتالميذتو ‪ ،‬كذلك ثناء العلماء عليو كأىم مصنفاتو ‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬حياتو الشخصية‬
‫‪-1‬اسمو ونسبو ‪:‬ىو ‪:‬سليماف بن خلف بن سعد بن أيوب كارث ‪ ،‬التجييب األندلسي‬
‫القرطيب الباجي اؼبالكي ‪ 1‬اؼبكٌت بأيب الوليد‪ 2‬ػ‬
‫الت ِ‬
‫ُّج ِييب نسبة إذل قبيلة « جِذبْيب» العربية الذين كانوا يسكنوف أىلها‪ ،‬احدل الديار‬
‫وس‪. 4»3‬‬
‫باألندلس تسمى ‪« ،‬بَطَْليَ ْ‬

‫‪ -1‬أبو بكر أضبد بن علي بن ثابت بن أضبد بن مهدم اػبطيب البغدادم ( ت‪ 463 :‬ىػ ) ‪ ،‬تاريخ بغداد كذيولو ‪.‬‬
‫ربقيق ‪ :‬مصطفى عبد القادر عطا ‪ ،‬ج ‪ ( 21‬ط‪ :‬؛ بَتكت ‪ :‬دار الكتب العلمية ‪ 1417 ،‬ىػ ) ص ‪ .92‬أبو الفضل‬
‫القاضي عياض بن موسى ‪( ،‬ت ‪544 :‬ىػ) ترتيب اؼبدارؾ كتقريب اؼبسالك ‪.‬ربقيق ‪ :‬سعيد أضبد أعراب ‪ ،‬ج ‪ ( 8‬ط‪:‬‬
‫‪1‬؛ اؼبغرب ‪ :‬مطبعة فضالة ‪1983-1981 ،‬ـ ) ص ‪ .117‬شهاب الدين أبو عبد اهلل ياقوت بن عبد اهلل الركمي‬
‫اغبموم (ت‪626 :‬ىػ ) معجم األدباء ‪ ،‬ج‪ (3‬ط ‪ 1 :‬؛ بَتكت ‪ :‬دار الغرب اإلسالمي ‪ 1414 ،‬ىػ ‪1993/‬ـ ) ص‬
‫‪. 1387‬أبو العباس مشس الدين أضبد بن ؿبمد بن أيب بكر ابن خلكاف (ت ‪681 :‬ىػ) ‪ ،‬كفيات األعياف كأنباء أبناء‬
‫الزماف ‪.‬ربقيق ‪ :‬إحساف عباس ‪ ،‬ج‪ (2‬ال‪ .‬ط ؛ بَتكت ‪ ،‬دار صادر‪1900 ،‬ـ) ص ‪ .408‬مشس الدين أبو عبد اهلل‬
‫ؿبمد بن أضبد بن عثماف بن قَ ْادياز الذىيب (ت ‪748 :‬ىػ) ‪ ،‬سَت أعالـ النبالء ‪ .‬ربقيق ‪ :‬ؾبموعة من احملققُت بإشراؼ‬
‫الشيخ شعيب األرناؤكط ‪ ،‬ج‪ (18‬ط‪ 3:‬؛ ال‪ .‬ف ‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪ 1405 ،‬ىػ ‪ 1985 /‬ـ) ص ‪.536‬‬
‫‪- 2‬عمر بن أضبد بن ىبة اهلل بن أيب جرادة العقيلي‪ ،‬كماؿ الدين ابن العدمي (ت‪660 :‬ىػ) ‪ ،‬بغية الطلب يف تاريخ حلب‬
‫‪.‬ربقيق ‪ :‬سهيل زكار‪ ،‬ج‪ (10‬ال‪ .‬ط ؛ ال‪ .‬ف ‪ :‬دار الفكر ‪ ،‬د‪.‬ت ) ص ‪.4648‬‬
‫‪- 3‬بطليوس ‪ :‬اسم مدينة كبَتة باألندلس ‪ (.‬شهاب الدين أبو عبد اهلل ياقوت بن عبد اهلل الركمي اغبموم‪ ،‬معجم البلداف‬
‫‪.‬ج‪ ، 4‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.).447‬‬
‫‪ -4‬شهاب الدين أبو عبد اهلل ياقوت بن عبد اهلل الركمي اغبموم (ت ‪ 626 :‬ىػ )‪ ،‬معجم البلداف ‪.‬ج ‪ (2‬ط‪ 2 :‬؛‬
‫بَتكت ‪ :‬دار صادر ‪ 1995 ،‬ـ) ص ‪ .16‬عمر بن رضا بن ؿبمد راغب بن عبد الغٍت كحالة الدمشق (ت ‪1408 :‬ىػ)‬
‫‪ ،‬معجم قبائل العرب القددية كاغبديثة ‪.‬ج ‪ (1‬ط ‪7 :‬؛ بَتكت ‪:‬مؤسسة الرسالة ‪ 1414 ،‬ىػ ‪ 1994 -‬ـ) ص ‪.116‬‬

‫‪1‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫كىي موطن أجداد أيب الوليد الباجي ‪.1‬‬


‫كاألندلسي فنسبة إذل جزيرة باألندلس اليت افتتحها اؼبسلموف بقيادة موسى ابن نصَت كطارؽ‬
‫بن زياد يف أياـ الوليد بن عبد اؼبلك ‪ ،‬كأقاموا فيها حضارة مزدىرة دامت قرابة شبانية قركف‪. 2‬‬
‫إما القرطيب ‪ :‬فنسبة اذل قرطبة كىي مدينة عظيمة باألندلس ‪ ،‬كقد نسب إليو ؛ ألف أسرتو‬
‫انتقلت من باجة ‪3‬كسكنت قرطبة‪.4‬‬
‫كالباجي‪ :‬فنسبة اذل باجة كىي أقدـ مدف األندلس ‪ ،‬كقد نسب إليها ‪ ،‬ألف أجداده‬
‫انتقلوا من بطليوس إليها حيث استقركا هبا مدة معينة ‪. 5‬‬
‫‪ -2‬والدتو ‪ :‬اختلف اؼبتأخركف يف كالدة أبو الوليد الباجي اذل قولُت فمنهم من قاؿ أنو‬
‫كلد يوـ الثالثاء ‪15‬من ذم القعدة سنة ‪403‬كىو قوؿ اعبمهور‪ 6‬كبينما ذكر ابن عساكر أنو‬

‫‪- 1‬أبو الوليد الباجي سليماف بن خلف الباجي (ت ‪474 :‬ىػ )‪، ،‬إحكاـ الفصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪.‬ربقيق ‪ :‬عمراف‬
‫علي أضبد العريب ‪.‬ج ‪ (1‬ط‪ 1 :‬؛ بَتكت ‪ :‬دار ابن حزـ ‪ 1430،‬ىػ ‪ ) 2009-‬ص‪.46‬‬
‫‪ - 2‬شهاب الدين أبو عبد اهلل ياقوت بن عبد اهلل الركمي اغبموم ‪ ،‬معجم قبائل العرب القددية كاغبديثة ‪ .‬ج‪، 1‬مرجع‬
‫سابق ‪ ،‬ص ‪ .262‬أبو عبد اهلل ؿبمد بن عبد اهلل بن عبد اؼبنعم اغبِمَتل (ت ‪900 :‬ىػ) ‪ ،‬صفة جزيرة األندلس منتخبة‬
‫من كتاب الركض اؼبعطار ‪ (.‬ط‪2 :‬؛ بَتكت ‪ :‬دار اعبيل ‪ 1408 ،‬ىػ ‪ 1988 -‬ـ) ص‪. 2‬‬
‫‪- 3‬باجة ‪ :‬تطلق على طبس مدف كىي‪-1 :‬باجة القمح‪ ،‬كىي مدينة قريبة من تونس‪ -2 .‬باجة الزيت بإفريقية‪-3.‬‬
‫باجة من نواحي مصر‪ ،‬يف منطقة الفيوـ ‪ -4.‬باجة الصُت‪ ،‬كىي مدينة على ضفة هنر الصُت‪ -5.‬ػ باجة األندلس الواقعة‬
‫غرب األندلس بنواحي «ماردة» كىي اليت ينتسب إليها صاحب الًتصبة أبو الوليد ‪ (. (.‬شهاب الدين أبو عبد اهلل ياقوت‬
‫بن عبد اهلل الركمي اغبموم‪ ،‬معجم البلداف ‪.‬ج‪ ، 4‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ .315-314‬أبو عبد اهلل ؿبمد بن عبد اهلل بن‬
‫عبد اؼبنعم اغبِمَتل (ت ‪900 :‬ىػ) ‪ ،‬الركض اؼبعطار يف خرب األقطار ‪.‬ربقيق ‪ :‬إحساف عباس ‪ ( ،‬ط‪ 2 :‬؛ بَتكت ‪:‬‬
‫مؤسسة ناصر للثقافة ‪ 1980 ،‬ـ) ص ‪)75‬‬
‫‪ - 4‬أبو الفضل القاضي عياض بن موسى اليحصيب ‪ ،‬ترتيب اؼبدارؾ كتقريب اؼبسالك ‪ .‬ج ‪ 8‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‬
‫‪ .118‬شهاب الدين أبو عبد اهلل ياقوت بن عبد اهلل الركمي اغبموم‪ ،‬معجم البلداف ‪.‬ج‪ ، 4‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 324‬‬
‫‪ -5‬أبو عبد اهلل ؿبمد بن عبد اهلل بن عبد اؼبنعم اغبِمَتل ‪ ،‬صفة جزيرة األندلس منتخبة من كتاب الركض اؼبعطار ‪ ،‬مرجع‬
‫سابق ‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪ -6‬شهاب الدين أبو عبد اهلل ياقوت بن عبد اهلل الركمي اغبموم‪ ،‬معجم البلداف ‪.‬ج‪ ،3‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪ .1388‬أبو‬
‫العباس مشس الدين أضبد بن ؿبمد بن إبراىيم بن أيب بكر ابن خلكاف ‪ ،‬كفيات األعياف كأنباء أبناء الزماف ‪.‬ج ‪ ،2‬مرجع‬
‫سابق ‪.402‬‬

‫‪2‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫كلد سنة ‪404‬ق ‪ 1‬الراجح قوؿ اعبمهور حيث قاؿ أبو علي لغساين ‪ 2‬احد تالميذ الباجي‬
‫كمالزمُت لو قاؿ ‪" :‬ظبعت أبا الوليد الباجي يقوؿ ‪ :‬مولدم يف ذم القعدة سنة ثالث‬
‫كأربعمائة "‪.3‬‬
‫ؿبمد بن أيب اػبَت ػ شيخنا رضبو اهلل ػ قاؿ‪:‬‬
‫ما ركاه ابن بشكواؿ قاؿ‪« :‬قرأت خبط القاضي َّ‬
‫‪4‬‬
‫«… ككلد يوـ الثالثاء يف النصف من ذم القعدة سنة ثالث كأربعمائة بطليوس »‬
‫كما ركاه زغلوؿ قاؿ‪« :‬رأيت تاريخ ميالده خبط ِّأمو ػ ككانت فقيهة ػ ‪ :‬كلد أيب سليماف يف‬
‫‪5‬‬
‫ذم اغبجة سنة ثالث كأربعمائة»‬
‫‪ -3‬أصلو ‪:‬أصل أبو الوليد الباجي من بطليوس ‪ ،‬مث انتقل أجداده اذل باجة باألندلس مث‬
‫سكنوا قرطبة كاستقر أبو الوليد بشرؽ األندلس ‪ ،‬ككاف كثَت تردد بشرؽ األندلس ما بُت‬
‫َسَرقج ْسطَةج‪6‬ك بَػلَْن ِسيَةج ‪ 7‬ك كذلك بُت جم ْرِسيَةج‪1‬ك دانِيةج‪. 2‬‬

‫‪-1‬ؿبمد بن مكرـ بن على‪ ،‬أبو الفضل‪ ،‬صباؿ الدين ابن منظور االنصارم (ت ‪711 :‬ىػ) ‪ ،‬ـبتصر تاريخ دمشق البن‬
‫عساكر‪ .‬ربقيق‪ :‬ركحية النحاس‪ ،‬رياض عبد اغبميد مراد‪ ،‬ؿبمد مطيع ‪.‬ج ‪ (10‬ط‪1 :‬؛ دمشق ‪ : :‬دار الفكر للطباعة‬
‫كالتوزيع كالنشر ‪ 1402 ،‬ىػ ‪1984 -‬ـ ) ص ‪.115‬‬
‫‪- 2‬الغساين ‪:‬أبو علي اغبسُت بن ؿبمد بن أضبد الغساين‪ ،‬األندلسي‪ ،‬اعبياين كلد سنة( ت ‪ 427 :‬ىػ ) االماـ احملدث‬
‫من علماء االندلس ككصف باغبفظ كالنباىة كالصيانة كمن مؤلفاتو ‪ :‬تقييد اؼبهمل كسبييز اؼبشكل ضبط فيو كل لفظ يقع‬
‫فيو اللبس من رجاؿ الصحيحُت‪ ،‬كما أقصر فيو‪ ،‬كىو يف جزأين حيث ‪ ،‬تويف ‪ 498 :‬ىػ ‪ .‬ابن خلكاف ‪ ،‬كفيات األعياف‬
‫كأنباء أبناء الزماف ج‪ .180/2‬الذىيب ‪ ،‬سَت أعالـ النبالء ج‪. )102 /19‬‬
‫‪- 3‬أبو القاسم خلف بن عبد اؼبلك بن بشكواؿ (ت ‪ 578 :‬ىػ) ‪ ،‬الصلة يف تاريخ أئمة األندلس ‪ (.‬ط‪ ، 2 :‬ال‪.‬ف ‪:‬‬
‫مكتبة اػباقبي ‪ 1374 ،‬ىػ ‪ 1955 -‬ـ)‪ ،‬ص ‪.198‬‬
‫‪- 4‬أبو العباس مشس الدين أضبد بن ؿبمد بن إبراىيم بن أيب بكر ابن خلكاف ‪ ،‬كفيات األعياف كأنباء أبناء الزماف ‪.‬ج ‪،2‬‬
‫مرجع سابق ‪.409‬‬
‫‪ -5‬ؿبمد بن مكرـ بن على‪ ،‬أبو الفضل‪ ،‬صباؿ الدين ابن منظور االنصارم ‪ ،‬ـبتصر تاريخ دمشق البن عساكر‪ .‬ج ‪10‬‬
‫‪ ،‬مرجع سابق ‪.115‬‬
‫‪َ -6‬سَرقج ْسطَةج‪ :‬بلدة مشهورة باألندلس‪ ( .‬شهاب الدين أبو عبد اهلل ياقوت بن عبد اهلل الركمي اغبموم‪ ،‬معجم البلداف‬
‫‪.‬ج‪ ،2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.212‬‬
‫‪ -7‬بلنسية ‪ :‬مدينة تقع شرؽ األندلس‪( .،‬أبو عبد اهلل ؿبمد بن عبد اهلل بن عبد اؼبنعم اغبِمَتل ‪ ،‬صفة جزيرة األندلس‬
‫منتخبة من كتاب الركض اؼبعطار ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.)47‬‬

‫‪3‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫‪-4‬أسرتو ‪ :‬ينتسب أبو الوليد الباجي إذل أسرة علم كتقول كنباىة كنبل كحسن تديُّن‪،‬‬
‫كحيث قاؿ القاضي عياض "بيتو بُت علم كنباىة" ‪ 3‬حيث كاف كالده خلف بن سعد بن‬
‫أيوب بن كارث التجييب من أىل الصالح كالتقول كالزىد ‪،‬كثَت التعبد بالصوـ كاالعتكاؼ‬
‫اىدا يف الدنيا ‪ 4‬ؿببا للعلم أىلو كدل سبنعو مهنتو ( التجارة ) من ؾبالسة أىل العلم‬
‫كالتهجد ز ن‬
‫حيث كاف حيظر غبلقات أبو بكر مشاح كتعجبو طريقتو ‪ ،‬فكاف يقوؿ‪ :‬تجرل أرل رل ابنا مثلك؟‬
‫فلما أكثر من ذلك القوؿ قاؿ ابن مشاح‪ :‬إف أحببت أف ترزؽ ابنان مثلي فاسكن بقرطبة‪ ،‬كالزـ‬
‫أبا بكر ؿبمد بن عبد اهلل القربم اؼبشهور باغبصار‪ 5‬العادل الفقيو ‪،‬فأخذ برأيو فألزـ القربم‬
‫فأعجب بو فزكجو ابنتو كىي الفقيهة حيث أخذت من أبيها العلم الوفَت ‪ ،6‬أما خالو فهو‬
‫‪8‬‬
‫شاكر عبد الواحد بن ؿبمد بن موىب اؼبعركؼ بابن القربم ‪ 7‬كىو احد مشاخيو ‪.‬‬

‫‪ - 1‬جم ْرِسيَةج‪ :‬مدينة باألندلس كىي ذات أشجار كحدائق ؿبدقة هبا‪ (( .‬شهاب الدين أبو عبد اهلل ياقوت بن عبد اهلل‬
‫الركمي اغبموم‪ ،‬معجم البلداف ‪.‬ج‪ ،5‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪)107‬‬
‫‪- 2‬دانِيةج‪ :‬مدينة بشرقي األندلس‪( .‬أبو عبد اهلل ؿبمد بن عبد اهلل بن عبد اؼبنعم اغبِمَتل ‪ ،‬صفة جزيرة األندلس منتخبة‬
‫من كتاب الركض اؼبعطار ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪)76‬‬
‫‪ -3‬أبو الفضل القاضي عياض بن موسى اليحصيب ‪ ،‬ترتيب اؼبدارؾ كتقريب اؼبسالك ‪.‬ج ‪ ، 8‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪126‬‬
‫‪ -4‬أبو الوليد الباجي سليماف بن خلف الباجي ‪ ،‬النصيحة الولدية ‪ .‬ربقيق ‪ :‬ابراىيم باجس عبد اجمليد ‪ ( ،‬ط‪ 1 :‬؛‬
‫بَتكت ‪ :‬دار ابن حزـ ‪ 1421 ،‬ىػ ‪2000 -‬ـ ) ص ‪.15‬‬
‫‪- 5‬أبو بكر ؿبمد بن موىب التجييب اغبصار القرطيب ‪ :‬من العلماء الزىاد الفضالء ‪،‬من مصنفاتو ‪ ":‬شرح رسالة شيخو‬
‫أيب ؿبمد ابن أيب زيد رضبهما اهلل" تويف سنة ‪ 406:‬ىػ (أبو الفضل القاضي عياض بن موسى اليحصيب ‪ ،‬ترتيب اؼبدارؾ‬
‫كتقريب اؼبسالك ‪ .‬ج ‪ 8‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.191/188‬‬
‫‪ -6‬ؿبمد بن مكرـ بن ابن منظور االنصارم ‪ ،‬ـبتصر تاريخ دمشق البن عساكر‪ .‬ج ‪ ، 10‬مرجع سابق ‪.116/115‬‬
‫‪ -7‬ابن القربم ‪:‬عبد الواحد بن ؿبمد بن موىب ا لتجييب اؼبعركؼ بابن القربم ‪ ،‬كلد سنة ‪ 377‬ىػ الفقيو احملدث اؼبتكلم‬
‫الشاعر األديب ‪،‬تويف ‪ 456‬ىػ (أبو الفضل القاضي عياض بن موسى اليحصيب ‪ ،‬ترتيب اؼبدارؾ كتقريب اؼبسالك ‪.‬ج ‪8‬‬
‫‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.145/144‬‬
‫‪ -8‬أبو الفضل القاضي عياض ‪ ،‬ترتيب اؼبدارؾ كتقريب اؼبسالك ‪.‬ج ‪ ، 8‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.144‬‬

‫‪4‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫ككاف لو ابناف نبا ‪ :‬أضبد ككنيتو أبو القاسم كاف من أىل الدين ك الفضل غلب عليو علم‬
‫األصوؿ كاػبالؼ كتفقو على يد أبيو كخلفو يف ؾبلسو العلمي ‪ ،1‬كاآلخر ؿبمد ككنيتو أبو‬
‫‪2‬‬
‫اغبسن تويف يف حياة أبيو بسرقسطة‪ ،‬ككاف نبيال ذكيا مرجوا‪ ،‬فرثاه أبوه دبراثي شجية‪.‬‬
‫أما أخوتو ‪ :‬فهم أربعة أخوة ‪ ،‬علي ‪،‬كعمر ‪ ،‬كؿبمد ‪ ،‬إبراىيم عرفوا بالصالح كاعبهاد كقد‬
‫كصفهما الباجي يف كصيتو لولديو " فلم يكن يف أعمامكما إال مشهور باغبج كاعبهاد ‪،‬‬
‫كالصالح كالعفاؼ " ‪.3‬‬
‫‪4‬‬
‫كلو ثالثة أعماـ ىم ‪ :‬سليماف ‪ ،‬كعبد الرضباف ‪ ،‬أضبد ‪ ،‬ككانوا من أىل اػبَت كالصالح ‪.‬‬
‫يصا على الصالح‬ ‫‪-5‬أخالقو ‪:‬كاف أبو الوليد الباجي متواضعا‪ ،‬كقورا كرعا‪ ،‬تقينا حر ن‬
‫كالطاعة حىت أنشد ‪:‬‬
‫يع َحيَ ِات َك َس َ‬
‫اع ْو‬ ‫بِأ َّ ِ‬
‫َف َصب َ‬ ‫ت أ َْعلَ جم ِع ْل نما يَِقيننا‬
‫إِذَا جكْن ج‬
‫ضنِيننا ِهبَا‬ ‫ِ‬
‫َج َعلج َها ِيف َ‬
‫‪5‬‬
‫اع ْو‬
‫ص َالح كطَ َ‬ ‫َكأ ْ‬ ‫فَل ْم َال أَ جكو جف َ‬
‫‪6‬‬
‫أحدا على ىيئتو‬
‫كقاؿ أبو علي ابن سكرة ‪ :‬ما رأيت مثل أيب الوليد الباجي‪ ،‬كما رأيت ن‬
‫كظبتو كتوقَت ؾبلسو‪ ،‬كؼبا كنت ببغداد قدـ كلده أبو القاسم‪ ،‬فسرت معو إذل شيخنا قاضي‬
‫القضاة الشاشي‪ ،‬فقلت لو‪ :‬أداـ اهلل تعاذل عزؾ‪ ،‬ىذا ابن شيخ األندلس‪ ،‬فقاؿ‪ :‬لعلو ابن‬
‫‪7‬‬
‫الباجي‪ ،‬فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬فأقبل عليو‪.‬‬

‫‪ - 1‬إبراىيم بن علي بن ؿبمد‪ ،‬ابن فرحوف (ت ‪799 :‬ىػ) ‪ ،‬الديباج اؼبذىب يف معرفة أعياف علماء اؼبذىب ‪.‬ربقيق ‪:‬‬
‫ؿبمد األضبدم أبو النور ‪ ( ،‬ال‪.‬ط ؛ القاىرة ‪ : :‬دار الًتاث ‪ ،‬د‪.‬ت ) ص ‪.183‬‬
‫‪ -2‬أبو الفضل القاضي عياض ‪ ،‬ترتيب اؼبدارؾ كتقريب اؼبسالك ‪.‬ج ‪ ، 8‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.126‬‬
‫‪-3‬أيب الوليد الباجي سليماف بن خلف الباجي ‪ ،‬النصيحة الولدية ‪ .‬ربقيق ‪ :‬إبراىيم باجس عبد اجمليد‪ (.‬ط‪ ، 3:‬ال‪ .‬ـ‬
‫‪:‬ال‪ .‬ف ‪1421،‬ق ‪2000/‬ـ ) ص ‪.15‬‬
‫‪ -4‬أبو الوليد الباجي ‪، ،‬إحكاـ الفصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪.‬ج ‪ ، 1‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.46‬‬
‫‪ -5‬أبو الفضل القاضي ‪ ،‬ترتيب اؼبدارؾ كتقريب اؼبسالك ‪.‬ج ‪ ، 8‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.125‬‬
‫‪ -6‬ابن سكرة ‪ :‬اغبسُت بن ؿبمد بن فَتة بن حيوف أبو علي الصديف اؼبعركؼ بابن سكرة أصلو سرقسطة إماـ اغبديث‬
‫كالقفو ( مرجع الدين خليل أبيك ‪ ،‬الوايف الوفيات ج ‪ ، 14‬مرجع سابق ‪.68/67‬‬
‫‪- 7‬شهاب الدين أضبد بن ؿبمد اؼبقرم التلمساين (ت ‪1041 :‬ىػ)‪ ،‬نفح الطيب من غصن األندلس الرطيب ‪.‬ربقيق ‪:‬‬
‫إحساف عباس ‪،‬ج ‪ (2‬ط‪ 1 :‬؛ بَتكت ‪ :‬إحساف عباس ‪1968 ،‬ـ ) ص ‪.67‬‬

‫‪5‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫كتب كصية لو َلديْو حيثهما‬


‫كمن تلكم الوصايا ما سطره اإلماـ أبو الوليد الباجي‪ ،‬حيث َ‬
‫الرصينة؛ حرصا منو‬ ‫فيها على التخلُّق بالعلم كآدابو‪ ،‬كالتحلِّي بالفضائل كالشَّمائل اإلسالميَّة َّ‬
‫على تثبيت مَتاث العلم كاألدب ‪،‬كدعوهتما اذل أف يسلكا هنج السلف الصاحل كاالعتزاؿ عند‬
‫‪1‬‬
‫الفتنة كزىد يف الدنيا كصرب على أذل الناس ‪...‬‬
‫‪ -6‬محنتو ‪ :‬ؼبا تكلم الباجي كصرح بأف النيب ‪ ‬قد ارتفعت أميتو بعد البعثة ‪ ،‬كأنو‬
‫كتب حقيقة بيده يوـ اغبديبية ‪ 2‬كذلك أخذ بظاىر اغبديث ما ركاه مسلم من حديث الرباء‬
‫يف صلح اغبديبية أف النيب ‪‬قاؿ لعلي‪«« ":‬اكتب الشرط بيننا‪ ،‬بسم اهلل الرضبن الرحيم‪ ،‬ىذا‬
‫ما قاضى عليو ؿبمد رسوؿ اهلل»‪ ،‬فقاؿ لو اؼبشركوف‪ :‬لو نعلم أنك رسوؿ اهلل تابعناؾ‪ ،‬كلكن‬
‫اكتب ؿبمد بن عبد اهلل‪ ،‬فأمر عليا أف ديحيها‪ ،‬فقاؿ علي‪ :‬ال كاهلل‪ ،‬ال أؿبيها‪ ،‬فقاؿ رسوؿ اهلل‬
‫صلى اهلل عليو كسلم‪« :‬أرين مكاهنا»‪ ،‬فأراه مكاهنا فمحاىا‪ ،‬ككتب ابن عبد اهلل "‪.3‬‬
‫فتعرض غبملة شرسة كثارت عليو ثائرة الفقهاء ككفره بعضهم كحىت قاؿ قائل منهم ‪:‬‬
‫برئت فبن شرل دنيا بآخرة ‪ ...‬كقاؿ‪ :‬إف رسوؿ اهلل قد كتبا ‪.4‬‬
‫أنكر عليو أبو بكر بن الصائغ ككفره بإجازتو الكتابة على "النيب صلى اهلل عليو كسلم"‬
‫كتكلم يف ذلك من دل يفهم الكالـ حىت أطلقوا عليو اللعن فلما رأل ذلك ألف رسالتو اؼبسماة‬
‫بتحقيق اؼبذىب بُت فيها اؼبسألة ؼبن يفهمها كأهنا ال تقدح يف اؼبعجزة كما ال تقدح القراءة يف‬
‫ذلك فوافقو أىل التحقيق بأسرار العلم ككتب هبا لشيوخ صقلية فأنكركا على ابن الصائغ‬
‫ككافقوا أبا الوليد على ما ذكره ‪.5‬‬
‫كبياف ذلك يضيق يف ىذا اؼبقاـ ‪ ،‬ؼبن أراد التفصيل يف ذلك يرجع اذل " بتحقيق اؼبذىب "‪.‬‬

‫‪- 1‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬النصيحة الولدية ‪ .‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.45/40/13‬‬
‫‪ -2‬ؿبمد بن مكرـ بن ابن منظور االنصارم ‪ ،‬ـبتصر تاريخ دمشق البن عساكر‪ .‬ج ‪ ، 10‬مرجع سابق ‪.116‬‬
‫‪- 3‬أخرجو مسلم (ت ‪261 :‬ىػ) ‪ ،‬صحيح مسلم ‪.‬ربقيق ‪ :‬ؿبمد فؤاد عبد الباقي ‪.‬ج‪(3‬ال‪ :‬ط ؛ بَتكت ‪ :‬دار إحياء‬
‫الًتاث العريب ‪ ،‬د‪.‬ت ) كتاب اعبهاد كالسَت ‪ ،‬باب صلح اغبديبية يف اغبديبية ‪،‬ص ‪.1410‬‬
‫‪ -4‬الذىيب ‪ ،‬سَت أعالـ النبالء ‪ .‬ج ‪ ، 14‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.57‬‬
‫‪ -5‬ابن فرحوف ‪ ،‬الديباج اؼبذىب يف معرفة أعياف علماء اؼبذىب ‪ .‬ج‪ ،1‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.381/380‬‬

‫‪6‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫‪ -7‬وفاتو ‪ :‬كفاتو ؿبل خالؼ بُت اؼبؤرخُت حيث ذىب صاحب معجم األدباء ياقوت بن‬
‫عبد اهلل الركمي اغبموم كابن فرحوف أنو تويف سنة‪494‬ق كأرجح أنو باؼبرية ليلة اػبميس بُت‬
‫العشاءين تاسعة عشرة رجب سنة أربع كسبعُت كأربعمائة‪ ،‬كدفن يوـ اػبميس بعد صالة العصر‬
‫بالرباط على ضفة البحر‪ ،‬كصلى عليو ابنو القاسم ‪.1‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬حياتو العلمية‬
‫‪-1‬رحلتو العلمية‪ :‬نشأ أبو الوليد الباجي يف بيئة علمية بُت أحضاف كالدتو الفقيهة بنت‬
‫ب‪ ،‬كنبتو يف طلب العلم عالية ‪،‬فبدأ رحلتو العلمية‬ ‫فش َّ‬
‫أيب بكر ؿبمد بن موىوب القربم‪َ ،‬‬
‫نظما كنثرا‪ .‬ك قاؿ ابن بساـ ‪« :‬نشأ أبو الوليد ىذا ِكنبَّتو‬
‫بدارسة األدب كفنونو حىت برع فيها ن‬
‫يف العلم تأخذ بأعناف السماء‪ ،‬كمكانو من النثر كالنظم يسامي مناط اعبوزاء‪ ،‬كبدأ يف األدب‬
‫فربز يف ميادينو‪ ،‬كاستظهر أكثر دكاكينو‪ ،‬كضبل لواء منثوره كموزكنو»‪ 2‬مث اذبو اذل العلوـ الدينية‬
‫حيث بدأ دراستو من علماء األندلسيُت فتفقو علي يد ابن الرحوم ‪ 3‬درس على يد أيب‬
‫ؿبمد مكي‪ 4‬التفسَت كعلوـ القرآف كأخذ من القاضي يونس بن مغيث‪ 5‬اللغة كالنحو كاغبديث‬

‫‪- 1‬شهاب الدين أبو عبد اهلل ياقوت بن عبد اهلل الركمي اغبموم ‪ ،‬معجم البلداف ‪.‬ج ‪3‬مرجع سابق ‪.1388‬ابن فرحوف‬
‫‪ ،‬الديباج اؼبذىب يف معرفة أعياف علماء اؼبذىب ‪ .‬ج‪ ،1‬مرجع سابق ص ‪.385‬‬
‫‪ -2‬أبو اغبسن علي بن بساـ (ت ‪542 :‬ىػ)‪ ،‬الذخَتة يف ؿباسن أىل اعبزيرة ‪ .‬ربقيق ‪:‬إحساف عباس ‪ ،‬ج‪(3‬ط‪ 1:‬؛‬
‫ليبيا ‪ /‬تونس ‪ :‬الدار العربية للكتاب ‪1978 ،‬ـ ) ص ‪.93‬‬
‫‪ -3‬ابن الرحوم ‪ :‬خلف بن أضبد بن خلف‪ ،‬أبو بكر األنصارم الرحوم ‪ ،‬من فقهاء طليطة ‪ ،‬تويف سنة (ت ‪ 420:‬ىػ)‬
‫(الذىيب ‪ .،‬ج‪ ، 9‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪).486‬‬
‫‪-4‬أبو ؿبمد مكي‪ :‬أبو ؿبمد مكي بن أيب طالب بن ـبتار ضبوش كلد سنة (ت ‪ 355 :‬ىػ) أصلو من القَتكاف ‪ ،‬كاف‬
‫فقها كأديبا كمقرئا ‪ ،‬من مصنفاتو ‪ ":‬اؽبداية إذل بلوغ النهاية " " التبصر يف القراءات" تويف ‪ 437 :‬ىػ‪ ( .‬ابن خلكاف ‪،‬‬
‫كفيات األعياف كأنباء أبناء الزماف ‪.‬ج ‪ ،5‬مرجع سابق ‪ .681‬الذىيب ‪،‬سَت أعالـ النبالء ‪.‬ج ‪ ، 13‬مرجع سابق‬
‫ص‪.)233‬‬
‫‪ -5‬يونس بن مغيث ‪ :‬أبو الوليد؛ يونس بن عبد اهلل بن ؿبمد بن مغيث بن ؿبمد بن عبد اهلل ابن الصفار القرطيب ‪ ،‬كلد‬
‫سنة (ت‪ 338:‬ىػ) شيخ االندلس إمامها كفقيها برع يف االدب كالنحو اغبديث ‪ ،‬كمن مصنفاتو ‪" :‬كتاب ؿببة اهلل"‪،‬‬
‫ككتاب "اؼبستصرخُت باهلل"‪ ،‬ككتاب "اؼبتهجدين" تويف ‪ 429‬ىػ ‪ (.‬القاضي عياض ‪ ،‬ترتيب اؼبدارؾ كتقريب اؼبسالك ‪.‬ج‬
‫‪ ، 8‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪، .16‬ابن فرحوف‪ ،‬الديباج اؼبذىب يف معرفة أعياف علماء اؼبذىب ‪ .‬ج‪ ،2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‬
‫‪.374‬‬

‫‪7‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫‪ ،‬مث بدأ رحلتيو اؼبشرقية حيث عكف على طلب العلم ‪ 13‬سنة بُت عواصم العلم آنذاؾ (‬
‫اغبجاز كالعراؽ ‪ ،‬الشاـ ‪ ،‬مصر ) فأقاـ يف اغبجاز ؾباكرا ثالثة أعواـ مالزما للحافظ أيب ذر‬
‫اؽبركم‪ 1‬احملدث خيدمو كيسمع منو‪ ،‬كحج أربع حجج‪ ،‬فأخذ عنو الفقو كعلم الكالـ‪ ،‬كتعلم‬
‫على يديو علم اغبديث‪.‬‬
‫مث توجو اذل بغداد فأقاـ هبا ثالثة أعواـ حيث تتلمذ على جهابذة علمائها منهم ‪:‬‬
‫أيب الطيب الطربم ‪ 2‬مفيت الشافعية حيث أخذ منو الفقو كاألصوؿ كما أخذ من أيب‬
‫إسحاؽ‬
‫الشَتازم‪ 3‬الشافعية األصوؿ كاعبدؿ كاؼبناظرة كتأثر بو كثَتا ‪ ،‬كأخذ من أيب عبد اهلل‬
‫الدامغاين‪ 4‬فقو اغبنفية ككذلك فن اعبدؿ كاؼبناظرة كمن الصيمرم ‪ 5‬فقو اغبنفية كأصوؽبم ‪.‬‬

‫‪ -1‬اؽبركم ‪ :‬عبد بن أضبد بن ؿبمد أبو ذر اؽبركم كلد سنة(ت‪ 355 :‬ىػ ) ؿبدث كفقيو مالكي ‪ ،‬من مصنفاتو ‪" :‬‬
‫الكبَت يف اؼبسند الصحيح‪ ،‬اؼبخرج على البخارم كمسلم " "كتاب اعبامع" "كتاب مسانيد اؼبوطآت" تويف سنة‬
‫‪435:‬ىػ ‪ (.‬أبو الفضل‪ ،‬ابن منظور ‪ ،‬ـبتصر تاريخ دمشق البن عساكر‪ .‬ج‪ ،37‬مرجع سابق ‪ . 390‬اػبطيب البغدادم‬
‫‪ ،‬تاريخ بغداد ‪ .‬ج‪ ،11‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.140‬‬
‫‪-2‬أبو الطيب الطربم ‪ :‬أبو الطيب طاىر بن عبد اهلل بن طاىر بن عمر الطربم‪ ،‬كلد سنة (ت‪ 348:‬ىػ) القاضي الفقيو‬
‫كأصورل الشافعي ‪ ،‬من مصنفاتو ‪ " :‬التعليقة "الكربل يف الفركع " ‪ .‬تويف سنة (ت‪ 450 :‬ىػ ) ابن خلكاف ‪ ،‬كفيات‬
‫األعياف كأنباء أبناء الزماف ‪.‬ج ‪ ،2‬مرجع سابق ‪.515 /512،‬‬
‫‪-3‬الشَتازم ‪ :‬إبراىيم بن علي بن يوسف الشيخ أبو إسحاؽ الشَتازم ‪ ،‬كلد سنة ( ت‪ 393:‬ىػ) الفقيو األصورل‬
‫الشافعي ‪ ،‬من مصنفاتو ‪" :‬اؼبهذب " "اؼبعونة يف اعبدؿ" " اؼبلخص يف أصوؿ الفقو " تويف سنة (ت‪ 467:‬ىػ) ‪ (.‬ابن‬
‫خلكاف ‪ ،‬كفيات األعياف كأنباء أبناء الزماف ‪.‬ج ‪ ،6‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.42‬‬
‫‪ -4‬الدامغاين ‪:‬ؿبمد بن علي بن أضبد بن علي بن ؿبمد بن علي الدامغاين‪ ،‬كلد سنة(ت‪398 :‬ىػ ) فقيو حنفي ‪ ،‬تويف‬
‫‪479‬ىػ (اػبطيب البغدادم ‪ ،‬تاريخ بغداد ‪ .‬ج ‪24‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ .195‬ىبة اهلل بن أضبد بن ؿبمد بن ىبة اهلل‪،‬‬
‫أبو ؿبمد‪ ،‬ابن األكفاين (ت ‪524 :‬ىػ) ‪ ،‬ذيل ذيل تاريخ مولد العلماء ككفياهتم ‪.‬ربقيق ‪ :‬عبد اهلل بن أضبد بن سلماف‬
‫اغبمد ‪.‬ج ‪ (62‬ط‪ 1:‬؛ الرياض ‪ :‬دار العاصمة ‪ 1409 ،‬ىػ ) ص ‪.53‬‬
‫‪ -5‬الصيمرم ‪ :‬أبو عبد اهلل؛ اغبسُت بن علي بن ؿبمد‪ ،‬الصيمرم اغبنفي من كبار الفقهاء اؼبناظرين ‪ ،‬تويف سنة ‪436 :‬‬
‫ىػ ‪ (.‬الذىيب ‪ ،‬سَت أعالـ النبالء ‪ .‬ج ‪ ،13‬مرجع سابق ص ‪.) 247‬‬

‫‪8‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫مث دخل اؼبوصل فأقاـ هبا عاما كالزـ السمناين‪ 1‬أخذ عنو الفقو كأصوؿ كعقليات مث دخل‬
‫بعدىا الشاـ فسمع من ابن السمسار‪ 2‬كطبقتو‪.‬‬
‫كيف مصر من أيب ؿبمد بن الوليد‪ 3‬كغَت كاحد ‪.‬‬
‫ىكذا كانت رحلتو حيث برع يف الفقو كاغبديث كالنظر كاألصوؿ عاد اذل األندلس بعلم‬
‫‪4‬‬
‫غزير فذاع صيتو ‪ ،‬كعال شأنو يف اؼبشرؽ كاؼبغرب ‪ ،‬كأصبحت لو مكانة فبركقة‪.‬‬
‫‪ -2‬أىم شيوخو ‪ :‬فبا يبُت منزلة العادل كسعة علمو كتنوعو‪ ،‬كثرة الشيوخ كمكانتهم‬
‫العلمية‪ ،‬كتنوع زبصصاهتم ‪،‬فقد تتلمذ الباجي على أيدم علماء أجالء كثر يف االندلس‬
‫كاؼبشرؽ نذكر بعض منهم ‪ ،‬بذكرىم حسب تاريخ كفاهتم تصاعديا‪.‬‬
‫‪-‬أبو بكر خلف بن أضبد األنصارم اؼبعركؼ بالرحوم (ت ‪430 :‬ىػ)‪. 5‬‬
‫‪-‬يونس بن عبد اهلل بن ؿبمد بن مغيث بن ؿبمد بن عبد اهلل ابن الصفار(ت‪ 429:‬ىػ) ‪.6‬‬
‫‪-‬عبد بن أضبد بن ؿبمد أبو ذر اؽبركم (ت ‪435:‬ىػ) ‪.7‬‬

‫‪- 1‬السمناين ‪:‬ؿبمد بن ؿبمد بن ؿبمود‪ ،‬أبو جعفر القاضي السمناين كلد سنة ‪ 360‬ىػ فقهيو كمتكلم ‪ ،‬تويف ‪ 466‬ىػ‬
‫(اػبطيب البغدادم ‪ ،‬تاريخ بغداد ‪ .‬ج‪ 1‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.372‬‬
‫‪ -2‬السمسار ‪:‬علي بن موسى بن اغبسُت أبو اغبسن بن السمسار كلد سنة (ت‪ 343:‬ىػ) ‪ .‬كاف فيو تساىل يف اغبديث‬
‫يذىب إذل التشيع ‪ ،‬تويف سنة ‪ 433‬ىػ( ابن عساكر‪ .‬ج ‪ ، 43‬تاريخ دمشق ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.256‬‬
‫‪-3‬أبو ؿبمد بن الوليد ‪ :‬أبو ؿبمد بن الوليد بن سعد بن بكر األنصارم‪ ،‬الفقيو اؼبالكي االندلسي (‪ .‬القاضي عياض ‪،‬‬
‫ترتيب اؼبدارؾ كتقريب اؼبسالك ‪.‬ج‪ ، 7‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.)238‬‬
‫‪ -4‬أبو اغبسن علي بن بساـ الذخَتة يف ؿباسن أىل اعبزيرة ‪، .‬ج ‪ ، 3‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪، 95/94‬القاضي عياض ‪،‬‬
‫ترتيب اؼبدارؾ كتقريب اؼبسالك ‪.‬ج ‪ ، 8‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪ .118‬ياقوت بن عبد اهلل الركمي اغبموم‪ ،‬معجم االدباء‬
‫‪.‬ج‪ ،3‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪ .1388‬ابن فرحوف ‪ ،‬الديباج اؼبذىب يف معرفة أعياف علماء اؼبذىب ‪ .‬ج‪ ،1‬مرجع سابق‬
‫ص ‪.378‬‬
‫‪- 5‬الذىيب ‪ .‬ج‪ ، 9‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.486‬‬
‫‪- 6‬القاضي عياض ‪ ،‬ترتيب اؼبدارؾ كتقريب اؼبسالك ‪.‬ج ‪ ، 8‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪ ، .16‬ابن فرحوف ‪ ،‬الديباج اؼبذىب‬
‫يف معرفة أعياف علماء اؼبذىب ‪ .‬ج‪ ،2‬مرجع سابق ص ‪.374‬‬
‫‪- 7‬أبو الفضل ‪ ،‬ـبتصر تاريخ دمشق البن عساكر‪ .‬ج‪ ،37‬مرجع سابق ‪ . 390‬اػبطيب البغدادم ‪ ،‬تاريخ بغداد‬
‫‪.‬ج‪ ،11‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ .140‬القاضي عياض ‪ ،‬ترتيب اؼبدارؾ كتقريب اؼبسالك ‪.‬ج ‪ ، 7‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪229‬‬
‫‪.233/‬‬

‫‪9‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫‪ -‬أبو عبد اهلل؛ اغبسُت بن علي بن ؿبمد‪ ،‬الصيمرم (ت‪436 :‬ىػ) ‪.1‬‬
‫‪ -‬أبو ؿبمد مكي بن أيب طالب بن ـبتار ضبوش (ت‪ 437:‬ىػ) ‪. 2‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-‬ؿبمد بن أضبد بن أضبد بن ؿبمد بن ؿبمود‪ ،‬أبو جعفر القاضي السمناين (ت‪444 :‬ىػ)‬
‫‪-‬أبو الطيب طاىر بن عبد اهلل بن طاىر بن عمر الطربم(ت‪450 :‬ىػ) ‪.4‬‬
‫‪-‬ؿبمد بن إظباعيل بن فورتش‪ ،‬أبو عبد اهلل (ت‪453 :‬ىػ)‪.5‬‬
‫‪-‬عبد الواحد بن ؿبمد بن موىب ا لتجييب اؼبعركؼ بابن القربم (ت‪456 :‬ىػ)‪.6‬‬
‫‪ -‬إبراىيم بن علي بن يوسف الشيخ أبو إسحاؽ الشَتازم (ت‪ 459:‬ىػ)‪. 7‬‬
‫‪-‬ؿبمد بن علي بن أضبد بن علي بن ؿبمد بن علي الدامغاين (ت‪478 :‬ىػ) ‪.8‬‬
‫‪ -3‬تالميذه ‪:‬استفاد الباجي من رحلتو اذل اؼبشرؽ لطلب العلم فعاد اذل األندلس بعلم جم‬
‫يف ـبتلف العلوـ ‪،‬ليستقر هبا كيدرس كيعلم‪ ،‬كقد اجتمع عليو ما ال يعد من طلبة العلم‬
‫خصوصا بعد تفوقو على ابن حزـ‪.‬‬
‫كىنا ال يسعنا يف ىذه الوريقات َّإال اإلشارة بصورة موجزة ػإذل أىم تالميذه الذين تفقَّهوا‬
‫دبصاحبتو كانتفعوا بعلمو كتأثركا بو‪ ،‬فمن ىؤالء‪:‬‬

‫‪ - 1‬الذىيب ‪ ،‬سَت أعالـ النبالء ‪ .‬ج ‪ ،13‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.247‬‬


‫‪ -2‬ابن خلكاف ‪ ،‬كفيات األعياف كأنباء أبناء الزماف ‪.‬ج ‪ ،5‬مرجع سابق ‪ .681‬الذىيب ‪،‬سَت أعالـ النبالء ‪.‬ج ‪، 13‬‬
‫مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.233‬‬
‫‪ -3‬اػبطيب البغدادم ‪ ،‬تاريخ بغداد ‪ .‬ج‪ 1‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 372‬‬
‫‪ - 4‬ابن خلكاف ‪ ،‬كفيات األعياف كأنباء أبناء الزماف ‪.‬ج ‪ ،2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.515 /512‬‬
‫‪ -5‬ؿبمد بن إظباعيل بن فورتش‪ ،‬أبو عبد اهلل كلد سنة (ت‪ 381 :‬ىػ ) كىو الفقيو كقاضي سرقسطة ‪ ،‬تويف سنة (ت‬
‫‪ 453:‬ىػ) (ابن بشكواؿ ‪ ،‬الصلة يف تاريخ أئمة األندلس ‪ .‬ج ‪ ، 9‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ . 508‬الذىيب ‪ ،‬سَت أعالـ‬
‫النبالء‪ .‬ج‪، 10‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.46‬‬
‫‪ -6‬أبو الفضل القاضي عياض ‪ ،‬ترتيب اؼبدارؾ كتقريب اؼبسالك ‪.‬ج ‪ ، 8‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.145/144‬‬
‫‪- 7‬ابن خلكاف ‪ ،‬كفيات األعياف كأنباء أبناء الزماف ‪.‬ج ‪ ،6‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪42‬‬
‫‪ - 8‬البغدادم ‪ ،‬تاريخ بغداد ‪ .‬ج ‪،24‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ .195‬ابن األكفاين ‪ ،‬ذيل ذيل تاريخ مولد العلماء ككفياهتم‬
‫‪.‬ج ‪62‬؛ مرجع سابق ‪،‬ص ‪.53‬‬

‫‪11‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫‪-‬أبو عبد اهلل ؿبمد بن أيب نصر بن فتوح األسدم اؼبعركؼ باغبميدم األندلسي‪ ،‬كلد سنة‬
‫‪ :420‬ىػ ؿبدث اغبافظ األديب مؤرخ ‪،‬من مصنفاتو ‪ " :‬اعبمع بُت الصحيحُت " " اعبذكة‬
‫اؼبقتبس " تويف سنة ‪ 448‬ىػ ‪.1‬‬
‫‪-‬أضبد بن سليماف الباجي أبو القاسم كىو ابن الباجي حيث ركل عن أبيو كثَتا كخلفو يف‬
‫حلقتو فربع يف األصوؿ كالكالـ من مصنفاتو "العقيدة يف اؼبذاىب السديدة " " معيار النظر "‬
‫‪2‬‬
‫تويف سنة ‪493‬ق‪.‬‬
‫‪-‬أبو علي اغبسُت بن ؿبمد بن أضبد الغساين اعبياين األندلسي‪ ،‬كلد سنة ‪ 427‬ىػ من‬
‫علماء اغبديث كاللغة ك من مصنفاتو "تقييد اؼبهمل" سبييز اؼبشكل يف رجاؿ الصحيحُت "تويف‬
‫سنة‪ 498 :‬ق‪3‬ػ‬
‫‪ -‬أبو بكر ؿبمد بن الوليد بن ؿبمد بن خلف بن سليماف بن أيوب الفهرم اؼبعركؼ‬
‫بالطرطوشي كيعرؼ بابن أيب رندقة كصحب الباجي بسرقسطة كأخذ عنو مسائل اػبالؼ‬
‫ككاف دييل إليها كتفقو عليو كظبع منو كأجاز لو ‪ ،‬مث رحل اذل اؼبشرؽ كأخذ من علمائها‪ ،‬تويف‬
‫سنة ‪520:‬ق ‪.4‬‬
‫‪ -‬أبو العباس أضبد بن عبد اؼبلك بن موسى بن أيب صبرة األموم ‪ ،‬ؿبدث بارع ‪ ،‬تويف سنة‬
‫‪5‬‬
‫‪ 533 :‬ق‪.‬‬

‫‪- 1‬ؿبمد بن ؿبمد بن عمر بن علي ابن سادل ـبلوؼ (ت ‪1360 :‬ىػ)‪ ،‬شجرة النور الزكية يف طبقات اؼبالكية ‪.‬ج‪(1‬‬
‫ط‪1 :‬؛ لبناف ‪ :‬دار الكتب العلمية ‪ 1424 ،‬ىػ ‪2003/-‬ـ ) ص ‪.180‬‬
‫‪- 2‬الذىيب ‪ ،‬سَت أعالـ النبالء ‪ .‬ج‪ ، 18‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.546‬‬
‫‪ - 3‬ابن خلكاف ‪ ،‬كفيات األعياف كأنباء أبناء الزماف ‪.‬ج ‪ ،2‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪ ،180‬صالح الدين خليل بن أيبك‬
‫(ت‪764 :‬ىػ) ‪ ،‬الوايف بالوفيات ‪ .‬ربقيق ‪:‬أضبد األرناؤكط كتركي مصطفى ‪.‬ج‪( 13‬ال‪ .‬ط ؛ بَتكت ‪ :‬دار إحياء الًتاث‬
‫‪1420:‬ىػ‪ )2000 /‬ص ‪.21‬‬
‫‪ -4‬ابن فرحوف ‪ ،‬الديباج اؼبذىب يف معرفة أعياف علماء اؼبذىب ‪ .‬ج‪ ،2‬مرجع سابق ص ‪.248 / 244‬‬
‫‪ -5‬الذىيب ‪ ،‬سَت أعالـ النبالء ‪ .‬ج ‪ ، 14‬مرجع سابق ص ‪.457‬‬

‫‪11‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫‪-‬ػأبو بكر عبد اهلل بن طلحة اليابرم اإلشبيلي ‪ ،‬كلد سنة ‪ 511‬ق الفقيو األصورل اؼبفسر ‪،‬‬
‫ركل عن الباجي ‪ ،‬من مصنفاتو ‪ ":‬شرح رسالة ابن زيد القَتكاين ""كتاب الرد على ابن حزـ "‬
‫استوطن مصر كتويف سنة‪ 598‬ق ‪.1‬‬
‫‪-‬اغبسُت بن ؿبمد بن فَتة بن حيوف أبو علي الصديف اؼبعركؼ بابن سكرة أصلو سرقسطة‬
‫إماـ اغبديث ك الققو‪. 2‬‬
‫‪-4‬ثناء العلماء عليو ‪:‬إذا أحب اهلل عبدان يسر لو جسبل اؽبداية ك التوفيق منذ الصغر‪ ،‬فقد‬
‫ظهرت عالمات النبوغ كالذكاء ككاف صاحب نبو ‪ ،‬حىت قاؿ عنو ابن بساـ ‪« :‬نشأ أبو الوليد‬
‫ىذا ِكنبَّتو يف العلم تأخذ بأعناف السماء "‬
‫قد زادت مكانتو بعد أف تنقل بُت عواصم العلم كأخذ من جهابذة علمائها ‪ ،‬كزبلق‬
‫متكلما مناظرا‬
‫ن‬ ‫بأخالقهم كأدل دبختلف العلوـ كالفنوف ‪ ،‬إذ كاف أديبا شاعرا أديبا فقهينا أصولينا‬
‫‪ ...‬كقد حظي بطيب ذكر بُت العلماء ‪ ،‬كما سنذكره إال غيض من فيض كلو دل تكن إال‬
‫شهادة ابن حزـ لكفتو ‪ ،‬حيث قاؿ يف شأنو ‪« :‬دل يكن للمالكية بعد القاضي عبد الوىاب‬
‫مثل أيب الوليد الباجي ‪ ،‬رضبو اهلل» ‪. 3‬‬
‫أحدا على ظبتو‬
‫قاؿ القاضي أبو علي الصديف‪" :‬ما رأيت مثل أيب‪ ،‬الوليد الباجي‪ ،‬كما رأيت ن‬
‫كىيئة كتوفَت ؾبلسو " ‪.4‬‬
‫قاؿ القاضي عياض عنو " كاف أبو الوليد رضبو اهلل‪ ،‬فقيهان نظاران ؿبققان راكية ؿبدثان‪ ،‬يفهم‬
‫صيغة اغبديث كرجالو‪ ،‬متكلمان أصوليان فصيحان شاعران مطبوعان‪ ،‬حسن التأليف "‪. 5‬‬

‫‪ - 1‬علي ابن سادل ـبلوؼ ‪ ،‬شجرة النور الزكية يف طبقات اؼبالكية ‪ .‬ج ‪،1‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.191/190‬‬
‫‪ - 2‬صالح الدين خليل بن أيبك ‪،‬الوايف بالوفيات ‪.‬ج‪ ، 13‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.68 /67‬‬
‫‪ -3‬بن بساـ الشنًتيٍت ‪ ،‬الذخَتة يف ؿباسن أىل اعبزيرة ‪ .‬ج‪، 3‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ ،96‬أبو الفضل القاضي عياض ‪،‬‬
‫ترتيب اؼبدارؾ كتقريب اؼبسالك ‪.‬ج ‪ ، 8‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.118‬‬
‫‪- 4‬ابن فرحوف ‪ ،‬الديباج اؼبذىب يف معرفة أعياف علماء اؼبذىب ‪ .‬ج‪ ،1‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.380‬‬
‫‪- 5‬أبو الفضل القاضي عياض ‪ ،‬ترتيب اؼبدارؾ كتقريب اؼبسالك ‪.‬ج ‪ ، 8‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.119‬‬

‫‪12‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫كقاؿ عنو اؼبقرم ‪ ":‬برع يف اغبديث كعللو كرجالو‪ ،‬كيف الفقو كغوامضو كخالفو‪ ،‬كيف الكالـ‬
‫‪1‬‬
‫كمضايقو‪ ...‬كرجع إذل األندلس بعد ثالث عشرة سنة بعلم جم حصلو مع الفقر كالتعفف‪.‬‬
‫قاؿ السيوطي ‪ ":‬الفقيو‪ ،‬األصورل‪ ،‬اؼبتكلم‪ ،‬اؼبفسر‪ ،‬األديب‪ ،‬الشاعر"‪. 2‬‬
‫بينما قاؿ صاحب كتاب (شجرة النور الزكية يف طبقات اؼبالكية) ‪ ":‬الفقيو اغبافظ النظار‬
‫العادل اؼبتفنن اؼبؤلف اؼبتقن اؼبتفق على جاللتو علمان كفضالن كدينان"‪. 3‬‬
‫‪ -5‬مصنفاتو ‪ :‬كاف الباجي ن‬
‫فقيها فذ عاؼبا حاذؽ فال عجب أف يًتؾ آثار علمية متنوعة‬
‫نظرا لتلقيو العلم من جهابذة علماء االندلس كاؼبشرؽ ‪ ،‬كمكانتو‬ ‫كـبتلفة يف صبيع اجملاالت ن‬
‫العلمية اليت كاف يتمتع هبا ‪ ،‬ما يسعنا ىنا إال أف نذكر بعض آثاره منها ‪:‬‬
‫‪-1‬اؼبنتقى شرح اؼبوطأ ‪ :‬ىو كتاب يف شرح اؼبوطأ اختصر فيو الباجي كتاب االستفاء ‪،‬‬
‫كقاؿ الباجي أنو ‪" :‬أف الكتاب الذم ألفت يف شرح اؼبوطأ اؼبًتجم بكتاب االستيفاء يتعذر‬
‫‪5‬‬
‫على أكثر الناس صبعو كيبعد عنهم ‪ "....4‬مث اختصر الباجي من اؼبنتقى كتاب ظباه اإلدياء ‪.‬‬
‫‪-2‬فصوؿ األحكاـ ‪ :‬قاؿ ؿبققو يندرج كتاب « فصوؿ األحكاـ كبياف ما مضى عليو‬
‫العمل عند الفقهاء كاغبكاـ » ‪ ،‬لصاحبو « أيب الوليد سليماف بن خلف الباجي األندلسي ‪،‬‬
‫فبا دفعو لتحقيق فيو أف ىذا الكتاب مرجعا ميسر للقضاة كاحملامُت كالكليات كاؼبعاىد كالقضاء‬
‫‪6‬‬
‫الشرعي ‪...‬‬
‫‪-3‬اغبدكد ‪ :‬ىو كتاب صغَت بُت فيو الباجي االلفاظ األصولية اليت تدكر بُت اؼبتناظرين‬

‫‪- 1‬اؼبقرم التلمساين ‪ ،‬نفح الطيب من غصن األندلس الرطيب (ت‪1041 :‬ىػ)‪ .‬ربقيق ‪ :‬إحساف عباس ‪.‬ج ‪ (.2‬ط ‪1:‬‬
‫؛ بَتكت ‪ :‬دار صادر ‪1997 ،‬ـ ) ص ‪.71‬‬
‫‪ -2‬عبد الرضبن بن أيب بكر‪ ،‬جالؿ الدين السيوطي (ت ‪911 :‬ىػ) ‪ ،‬طبقات اؼبفسرين العشرين ‪.‬ربقيق ‪ :‬علي ؿبمد‬
‫عمر‪ (،‬ط‪ 1:‬؛ القاىرة ‪ :‬مكتبة كىبة ‪1396،‬ـ ) ص ‪.53‬‬
‫‪- 3‬علي ابن سادل ـبلوؼ ‪ ،‬شجرة النور الزكية يف طبقات اؼبالكية ‪ .‬ج‪،1‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.178‬‬
‫‪ -4‬سليماف بن خلف بن سعد التجييب ( ت‪474 :‬ق)‪ ،‬اؼبنتقى شرح اؼبوطأ ‪.‬ج ‪ (1‬ط ‪ 1 :‬ح؛ مصر ‪ :‬مطبعة السعادة‬
‫‪ 1332،‬ىػ ) ص ‪.2‬‬
‫‪ -5‬أبو الفضل القاضي عياض ‪ ،‬ترتيب اؼبدارؾ كتقريب اؼبسالك ‪.‬ج ‪ ، 8‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.124‬‬
‫‪ -6‬سليماف بن خلف بن سعد التجييب ( ت‪474 :‬ق)‪ ،‬فصوؿ األحكاـ كبياف ما مضى عليو العمل عند الفقهاء‬
‫كاغبكاـ ‪.‬ربقيق ‪:‬ؿبمد ابو األجفاف ‪ (.‬ط ‪ :‬؛ بَتكت ‪ :‬دار ابن حزـ ‪ 1422 ،‬ىػ ‪2002 /‬ـ ) ص ‪.8‬‬

‫‪13‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫‪-4‬تفسَت اؼبنهاج يف طريق اغبجاح ‪ :‬كىو كتاب يف علم اعبدؿ ‪.‬‬


‫‪-5‬اعبرح كالتعديل ‪ :‬كىو كتاب يف علم رجاؿ اغبديث ‪.‬‬
‫‪-6‬إحكاـ الفصوؿ يف أحكاـ األصوؿ ‪:‬كىو كتاب يف أصوؿ الفقو حقق أكثر من مرة‬
‫كسوؼ نتطلق إليو بتفصيل يف اؼببحث الثاين بإذف هلل تعاذل ‪.‬‬
‫من كتبو اليت دل يتمها الباجي ‪ " :‬التفسَت ‪ ،‬السراج يف عمل اغبجاج يف مسائل اػبالؼ ‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫اؼبقتبس من علم مالك ابن أنس ‪...‬‬

‫‪ -1‬القاضي عياض ‪ ،‬ترتيب اؼبدارؾ كتقريب اؼبسالك ‪.‬ج‪ ، 8‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ ،124‬ابن خلكاف الربمكي ‪ ،‬كفيات‬
‫األعياف كأنباء أبناء الزماف ‪ .‬ج‪ ،2‬ص ‪ ، 409‬الذىيب ‪ ،‬سَت أعالـ النبالء ‪.‬ج‪ ،14‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪ ،56‬صالح الدين‬
‫‪ ،‬فوات الوفيات ‪.‬ج‪ ، 15‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.230‬‬

‫‪14‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬كتاب إحكام الفصول في أحكام األصول‬


‫يعترب كتاب إحكاـ الفصوؿ يف أحكاـ األصوؿ خالصة فكر األصورل للباجي خاصة‬
‫كللفكر األصورل عامة ‪ ،‬لذلك خصصنا ىذا اؼبطلب لدراستو ‪ ،‬حيث سنتناكؿ يف ىذا‬
‫اؼبطلب يف ثالثة فركع ؛ فاألكؿ ‪ :‬تعريف بالكتاب كسبب تأليفو كذكر بعض اؼبالحظات عنو‪،‬‬
‫كأما الفرع الثاين نتكلم فيو بذكر منهج التأليف األصورل للمؤلف يف الكتاب ‪ ،‬بينما الثالث‬
‫نتكلم فيو على أنبية الكتاب كالقضايا اليت يعاعبها‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬تعريف بالكتاب وسبب تأليفو‬
‫‪ -1‬تعريف بالكتاب ‪:‬كىو كتاب يف أصوؿ الفقو على الطريقة اعبدلية أك اؼبنهجية‬
‫التشريعية‪ ،1‬برع فيو أبو الوليد الباجي من حيث التقسيم كالبناء كحشد اؼبعلومة ؛فقسم متنو اذل‬
‫‪2‬‬
‫فصوؿ كأحكم تبويبها كنسجها كعرضها فأتى بكتاب بناؤه مثبتان كمنسقان تنسيقان ؿبكمان ‪.‬‬
‫يتكوف الكتاب من جزئُت ‪ ،‬قد مت ربقيقو أكثر من ‪:‬‬
‫عبد اجمليد تركي ‪ .‬الطبعة ‪ :‬األكذل سنة ‪ 1407 :‬ىػ ‪ 1986 /‬ـ أما الطبعة ‪ :‬الثانية‬
‫‪ 1415‬ىػ ‪ 1995 /‬ـ ‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي ‪،‬بَتكت ‪.‬كىي اؼبتعمدة يف الدراسة ‪.‬‬
‫عبد اهلل ؿبمد اعببورم ‪ .‬الطبعة‪ :‬األكذل ‪.‬سنة ‪1409 :‬ىػ‪1989/‬ـ مؤسسة الرسالة ‪،‬‬
‫بَتكت‪.‬‬
‫عمراف علي العريب ‪.‬الطبعة ‪ :‬األكذل ‪.‬سنة ‪ 1430 :‬ىػ ‪2009 /‬ـ‪.‬دار ابن حزـ ‪ ،‬بَتكت ‪.‬‬
‫‪ -2‬بعض مالحظات العامة حول الكتاب ‪:‬‬
‫‪ -1‬فالكتاب جاء بعرض مسهب ؼبختلف اآلراء الفقهية اػبالفية كخاصة‬
‫منها اؼبالكية ‪ ،‬قبل أف يكوف ذب عن اؼبذىب أك ـبتصر على صناعة اعبدؿ ‪.3‬‬

‫‪ - 1‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ األصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ .‬ربقيق ‪ :‬عبد اجمليد تركي ‪ .‬ج( ط‪ 2:‬؛‪1‬بَتكت ‪ :‬دار‬
‫الغرب اإلسالمي ‪1415 ،‬ق ‪1995/‬ـ ‪ ،‬ص‪.9‬‬
‫‪ -2‬اؼبرجع نفسو ‪.‬ج‪، 1‬ص ‪.192‬‬
‫‪ -3‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ج‪ ، 1‬ص ‪.132‬‬

‫‪15‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫‪ -2‬الكتاب كتاب فقو كأصوؿ الفقو معا‪. 1‬‬


‫‪ -3‬إف صاحب الكتاب دل يكن متحيزا ؼبذىبو بل كاف أكثر ربرر يف‬
‫اؼبسائل كنبو الوحيد ىو الوصوؿ اذل حقيقة دكف ربيز اذل مذىبو بل كاف ينقل‬
‫بأمانة كموضوعية كل اآلراء الصاغبة حوؿ القضايا‪. 2‬‬
‫‪ -4‬تسمية الكتاب تشبو من حيث تسمية اذل كتابُت أحدىا البن حزـ‬
‫الظاىرم " اإلحكاـ يف أصوؿ األحكاـ" كاآلخر سيف الدين اآلمدم ‪ ،‬ك كذلك‬
‫يالحظ على الكتاب أف اؼبناظرات بُت الباجي كابن حزـ يغلب الظن أهنا أثرت‬
‫يف تأليفو‪.3‬‬
‫‪ -3‬سبب تأليفو ‪ :‬ذكر االماـ ‪ -‬رضبو اهلل‪ -‬يف مقدمة كتابو سبب التأليف فقاؿ ‪« :‬أما‬
‫بعد‪ :‬فإنك قد سألتٍت أف أصبع لك كتابان يف أصوؿ الفقو يشتمل على صبل أقواؿ اؼبالكيُت‪،‬‬
‫كحييط دبشهور مذىبهم‪ ،‬كدبا يعزل من ذلك إذل مالك كبياف حجة كل طائفة‪ ،‬كنصرة اغبق‬
‫الذم أذىب إليو‪ ،‬كأعوؿ يف االستدالؿ عليو‪ ،‬مع اإلعفاء من التطويل اؼبضجر‪ ،‬كاالختصار‬
‫‪4‬‬
‫اجملحف‪ ،‬فأجبت سؤالك امتثاال ألمره تعاذل بالتبيُت للناس‪ ،‬ككشف الشبو كااللتباس»‬
‫الباعث األكؿ‪ :‬ىو االستجابة لطلب من طلبو أف يألف يف ىذا اجملاؿ ‪ .‬كما فيو من منفعة‬
‫لطلبة العلم كامتثاال ألمر هلل تعاذل بالتبيُت للناس‪ ،‬ككشف الشبو كااللتباس‪.‬‬
‫الباعث الثاين‪ :‬صبع كتاب يف أصوؿ الفقو يشتمل على أقواؿ اؼبالكيُت‪ ،‬كبياف حجة كل‬
‫طائفة كنصر اغبق كاستدالؿ عليو ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬منهج الـتأليف األصولي عند الباجي في الكتاب‬
‫اعتمد الباجي يف تأليفو لكتابو على منهجية سديدة كزبطيطا ؿبكما كتصورا كاضحا‬
‫ؼبوضوعو ‪ ،‬حيث اعتمد على ثالثة ؿباكر أساسية أذكرىا فما يلي ‪:‬‬

‫‪ -1‬اؼبصدر السابق ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.135‬‬


‫‪ -2‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.137‬‬
‫‪ -3‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.138‬‬
‫‪- 4‬مقدمة الباجي يف كتابو إحكاـ األصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ .‬ج‪ ، 1‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.147‬‬

‫‪16‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫أوال‪ :‬مدخل استهاللي ‪ :‬يتضمن ىذا اؼبدخل على ثالث نقط ‪:‬‬
‫‪-1‬االستهالل لموضوع الكتاب ‪ :‬قد سلك الباجي يف ىذا االستهالؿ مسلكا رائعا ‪،‬‬
‫حبيث استطاع – بعد البسملة كالتصلية – أف يصوغ افتتاحيتو يف إطار اغبمد كالثناء على اهلل‬
‫عز كجل ‪ ،‬بطريقة فنية رائعة ‪،‬مكنتو من اإلشارة كالتلميح اللطيفُت ‪،‬اذل صبيع ؿباكر اؼبوضوع‬
‫الذم يعتزـ الكتابة فيو ‪ ،‬أال كىو أصوؿ الفقو ؛ فأشار اذل الكتاب أكال ‪ ،‬فالسنة ‪ ،‬فاإلصباع ‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫فالقياس ‪،‬كأخَتا االجتهاد ‪.‬‬
‫‪ -2‬دواعي الــتأليف ‪ :‬ذكر الباجي يف مقدمة كتابو الدكافع اليت دفعتو لػتأليف كتابو ‪.‬‬
‫‪-3‬منهج الدراسة ‪ :‬ذكر الباجي يف مقدمتو اؼبنهج الذم سوؼ ينتهجو يف كتابو‪.‬‬
‫ككال من دكاعي التأليف كمنهج الدراسة موضحة يف مقدمة كتابو اليت سبق ذكرىا ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬المقدمة ‪ :‬تتضمن اؼبقدمة على فصلُت ‪:‬‬
‫احداىما ‪ :‬بياف اغبدكد اليت حيتاج إليها اجملتهد يف معرفة األصوؿ ‪ ،‬حيث يعرؼ الباجي‬
‫كل حد تعريفا موجزا مثل ذلك ‪ :‬اغبد ‪ :‬ىو اللفظ اعبامع اؼبانع ‪ .‬ككذلك حد العلم ‪ :‬معرفة‬
‫اؼبعلوـ على ما ىو بو ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ثانيهما ‪ :‬يف بياف اغبركؼ اليت تدكر حوؿ اؼبتناظرين ‪ :‬مثل " ما ك من كأم ‪ ،‬كأـ ‪...‬اخل‬
‫ثالثا ‪ :‬الموضوع ‪:‬‬
‫‪-1‬منهجية تقسيم الموضوع عند الباجي ‪ :‬سبتاز منهجية الباجي التألفيو يف كتاباتو‬
‫األصولية كالفقهية برباعة التقسيم كدقة التفريع ؛ فهو يصوغ اإلشكاؿ صياغة كلية ‪ ،‬مث يبدأ‬
‫عملية التفريع كالتجزيئة للموضوع ‪ ،‬من الكل كبو اعبزء ‪ ،‬كفق تقسيم ينطلق ثالثيا كينتهي‬
‫ثنائيا غالبا ‪ ،‬كإال فإف منطلق التقسيم يسَت حسب طبيعة اؼبوضوع كمناط التقسيم ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ؿبمد بن ؿبمد رفيع ‪ ،‬معادل الفكر األصورل اؼبالكي من خالؿ فكر الباجي األصورل ‪ (.‬ط‪ ، 1 :‬األردف ‪ :‬عادل‬
‫الكتب اغبديث ‪1432 ،‬ىػ ‪2009/‬ـ ) ص‪.296‬‬
‫‪ -2‬انظر ‪ :‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ األصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ .‬ج‪ ،1‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.145‬‬

‫‪17‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫بعد عملية تفكيك اؼبوضوع كذبزيئو‪ ،‬يعود الباجي ليفصل الكالـ على كل قسم على حدة ‪،‬‬
‫يف إطار كحدات صغرل يطلق عليها مسائل كفصوؿ ‪.1‬‬
‫التطبيق العملي لمنهجية التقسيم في الكتاب ‪ :‬قسم الباجي كتابو بتقسيم إصبارل حيث‬
‫قسم األدلة اذل ثالثة أقساـ ‪ :‬أصل ك معقوؿ أصل ‪ ،‬كاستصحاب ‪ .‬فأما األصل فهو الكتاب‬
‫كالسنة كاإلصباع ‪.‬كأما اؼبعقوؿ األصل فعلى أربعة أقساـ ‪ :‬غبن اػبطاب‪ 2‬كفحول اػبطاب‪ 3‬ك‬
‫‪4‬‬
‫اغبصر كمعٌت اػبطاب ‪.‬كأما استصحاب فهو استصحاب حاؿ العقل ‪.‬‬
‫بعد ىذا التقسيم األفقي اإلصبارل للموضوع ؛ يعود الباجي من جديد ليستأنف تقسيمو‬
‫من حيث انتهى يف كل قسم ‪ ،‬لكن على كتَتة ثنائية عمودية ىذه اؼبرة ‪.‬‬
‫كىكذا قسم الباجي كتابو اذل حقيقة كؾباز ‪ ،‬مث قسم اغبقيقة اذل مفصل كؾبمل ‪ ،‬كاؼبفصل‬
‫اذل غَت ؿبتمل كؿبتمل ‪ ،‬كىذا األخَت اذل عموـ كظاىر ‪ ،‬كالظاىر اذل نواىي ك أكامر ‪ ،‬كاألمر‬
‫اذل كاجب كمندكب إليو كقسم النواىي اذل هني ربرمي ككراىة ‪.‬‬
‫كعند حديثو عن أحكاـ العموـ كـبصصاتو عرج اذل االستثناء ‪....‬كقسمو اذل ما يقع بو‬
‫التخصيص كما يقع بو ‪ ،‬كقسم األكؿ اذل استثناء من اعبنس كاستثناء من اعبملة ‪ ،‬كاستثناء من‬
‫‪5‬‬
‫غَت اعبنس ‪.‬‬
‫مث ختم اغبديث عن قسم اؼبفصل ىذا بالكالـ على اؼبطلق كاؼبقيد التصاؽبما بالعاـ كاػباص‬
‫؛ مث لينتقل بعد ذلك اذل اغبديث عن قسم اجململ ‪.‬‬

‫‪ -1‬ؿبمد بن ؿبمد رفيع ‪ ،‬معادل الفكر األصورل اؼبالكي من خالؿ فكر الباجي األصورل ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.298‬‬
‫‪- 2‬غبن اػبطاب ‪ :‬فهو الضمَت الذم ال يتم الكالـ إِال بو‪ ،‬كىو مأخوذ من اللَّ ْحن‪ ،‬كىو ما يبدك يف عرض الكالـ ‪ (.‬ابو‬
‫الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ الفصوؿ يف أحكاـ األصوؿ ‪.‬ج ‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ . 513‬ؿبفوظ بن أضبد بن اغبسن (ت‬
‫‪ 510 :‬ىػ) ‪ ،‬التمهيد يف أصوؿ الفقو ‪ .‬ربقيق ‪ :‬مفيد ؿبمد أبو عمشة كؿبمد بن علي بن إبراىيم ‪ .‬ج‪ (1‬ط‪ 1 :‬؛‬
‫جامعة أـ القرل ‪ :‬مركز البحث العلمي كإحياء الًتاث اإلسالمي ‪ 1406 ،‬ىػ ‪1985 -‬ـ ) ص ‪.19‬‬
‫‪ - 3‬فحول اػبطاب ‪ :‬ما يفهم من نفس اػبطاب من قصد اؼبتكلم بعرؼ اللغة ‪ (. (.‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ‬
‫الفصوؿ يف أحكاـ األصوؿ ‪.‬ج ‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.514‬‬
‫‪ - 4‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ األصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ .‬ج‪ ،1‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.146‬‬
‫‪ -5‬ؿبمد بن ؿبمد رفيع ‪ ،‬معادل الفكر األصورل اؼبالكي من خالؿ فكر الباجي األصورل ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.299‬‬

‫‪18‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫يف التقسيم الثاين من أقساـ األصل ‪،‬ضمن التقسيم الثالثي اإلصبارل ‪ ،‬يقسم الباجي السنة‬
‫التقسيم األصورل اؼبعتاد ‪ :‬أقواؿ كأفعاؿ كإقرار ‪....‬حيث قسم السنة الفعلية اذل ‪ :‬ما ىو بياف‬
‫للمجمل ‪ ،‬كما ىو ابتدائي مستقل ‪،‬كقسم ىذا األخَت اذل‪ :‬ما ىو فيو قربة ‪ ،‬كماال قربة فيو ‪...‬‬
‫أما اإلقرار فقد كبدث عنو بصفة موجزة كقسمو اذل نوعُت ‪ :‬ما فعل حبضرة الرسوؿ ‪ ‬دكف‬
‫نكَت منو ‪ ،‬كما فعل يف زمنو كاشتهر كال خيفى كدل ينكره ‪1‬‬
‫كيف باب األخبار ‪...‬قسم اػبرب اذل متواتر كآحاد كىذا األخَت قسمو اذل مسند كمرسل ‪،‬‬
‫كبُت أحكاـ كل قسم ‪.‬‬
‫كؼبا انتقل اذل القسم الثالث من أقساـ األصل‪ ،‬كىو اإلصباع ‪ ،‬كدل ينس أف يقسمو بدكره اذل‬
‫إصباع العامة كاػباصة ‪ ...‬إصباع الصحابة ‪ ،‬كإصباع علماء كل عصر ‪ ،‬كقسم إصباع اؼبدينة‬
‫الذم خصص لو فصال خاصا ‪..‬‬
‫مث انتقل الباجي اذل احملور الثالث كاألخَت من ـبططو اإلصبارل ‪ ،‬أال كىو استصحاب اغباؿ‬
‫‪...‬كارتأل أف ديهد حملور االستصحاب بقضايا أخرل ‪ ،‬كمنها ماؽبا عالقة باالستصحاب‬
‫‪2‬‬
‫كحكم األشياء يف األصل ‪ ،‬كمنها ما ليست كذلك كاالستحساف كاؼبنع من الذرائع ‪.‬‬
‫كؼبا تناكؿ بالكالـ استصحاب اغباؿ ‪ :‬قسمو اذل استصحاب حاؿ العقل‪ ،‬كاستصحاب‬
‫حاؿ اإلصباع ‪ ،‬مث ختم الكتاب دبحورين ‪ :‬احدنبا يف االجتهاد ك التقليد كاآلخر يف‬
‫‪3‬‬
‫الًتجيحات ‪.‬‬
‫بعض مالحظات حول التقسيم الباجي ‪:‬‬
‫_حرص الباجي على ذبنب التكرار ما أمكن ‪.‬فمثال عندما خاض يف القسم الثاين من أدلة‬
‫الشرع ‪ :‬الكالـ يف األصل ‪:‬باب أحكاـ أفعاؿ النيب ‪ :‬السنة الواردة عن النيب ‪ ‬على‬

‫‪ -1‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ص ‪.300‬‬


‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.301‬‬
‫‪ -3‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ص‪.302‬‬

‫‪19‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫ثالثة أضرب ‪ :‬أقواؿ كأفعاؿ كإقرار ‪.‬فأما القوؿ فقد تقدـ القوؿ فيها مع القوؿ الكتاب‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬كالكالـ ىنا يف األفعاؿ ‪.‬‬
‫‪-‬استطع الباجي يف كتابو أف يقدـ لنا فيو أقصى ما ديكن تقدديو من التفريعات كالتقسيمات‬
‫‪2‬‬
‫كالتبويبات كالتجزئات كالتفاصيل كاالستشهادات‪ ،‬كذلك خاصة يف باب القياس‪.‬‬
‫‪-‬كال ينس الباجي أف يذكرنا كلما انتقل من قسم اذل قسم دبسَتة التقسيم يف ؾبملها ‪،‬‬
‫ك‪:‬كأنو ينبو القارلء على ضركرة مواكبة التسلسل الفكرم كاؼبنطقي لعملية التقسيم ‪ ،‬فهو‬
‫يقوؿ مثال ‪ ،‬ؼبا انتقل على قسم اجململ بعد أف أهنى الكالـ على قسم اؼبفصل ‪ :‬قد ذكرت أف‬
‫‪3‬‬
‫اغبقيقة على ضربُت ‪ :‬مفصل كؾبمل‪ ،‬كقد مضى الكالـ يف اؼبفصل كالكالـ ىهنا يف اجململ‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬قيمة الكتاب والقضايا التي فيو‬
‫‪ _1‬قيمة الكتاب ‪:‬‬
‫يتعرب كتاب « إحكاـ الفصوؿ يف أحكاـ األصوؿ» من الكتب القيمة النفيسة يف علم‬
‫أصوؿ الفقو ‪ ،‬فهو ال غٌت لباحث عنو ‪ ،‬السيما فيما يتعلق بأصوؿ اؼبذىب اؼبالكي ‪.‬فقد جاء‬
‫شامال عبميع أقواؿ األئمة اؼبذىب اؼبالكي فبن عرفوا باإلجادة كاإلتقاف يف ىذا الفن ‪،‬دل ربظ‬
‫كتبهم بالطباعة كالنشر ‪،‬مثل أيب إسحاؽ إظباعيل بن إسحاؽ ا) أضبد بن القصار( ‪397‬‬
‫ىػ)‪...‬كالقاضي أيب بكر ؿبمد بن طيب الباقالين (ت ‪403:‬ق )‪ ...‬كالقاضي أيب ؿبمد عبد‬
‫الوىاب بن نصر البغدادم‪.....‬‬
‫لذلك قاؿ ؿبققو (عمراف علي العريب) ‪ :‬أعظم موسوعة يف أصوؿ الفقو ديكن االعتماد‬
‫عليها فيما نسب اذل اؼبالكية من قوؿ اؼبسائل األصولية اليت تناكؽبا بالبحث ‪ ،‬كمع عدـ إغفاؿ‬
‫الشافعية ‪ ،‬كاغبنفية ‪ ،‬كالظاىرية ‪ ،‬كاؼبعتزلة كالشيعة ‪.4‬‬
‫َ‬ ‫آلراء علماء اؼبذاىب األخرل من‬

‫‪ - 1‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ األصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ .‬ج‪ ،1‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.146‬‬
‫‪ -2‬اؼبرجع نفسو ‪،‬ج‪ ، 1‬ص ‪.149‬‬
‫‪- 3‬انظر ‪ :‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ج‪ ، 1‬ص ‪ ،147‬ؿبمد بن ؿبمد رفيع ‪ ،‬معادل الفكر األصورل اؼبالكي من خالؿ فكر الباجي‬
‫األصورل ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.300‬‬
‫‪ -4‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ األصوؿ يف أحكاـ األصوؿ ‪ .‬ج‪ 1‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.189‬‬

‫‪21‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫‪ -2‬القضايا التي في الكتاب ‪:‬‬


‫‪ - 1‬اغبدكد اليت حيتاج إليها يف معرفة األصوؿ كقد أتى يف حديثو يف اؼبقاـ بتعريف أىم‬
‫األلفاظ كاؼبصطلحات اليت ترد يف علم أصوؿ الفقو‪ 1‬كننبو يف ىذا اؼبقاؿ أنو خصص كتاب‬
‫اظبو اغبدكد ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ - 2‬فصل اغبديث على القرآف الكرمي كدالالت ألفاظو كأقوالو كأنواعو ‪....‬اخل‬
‫‪ -3‬ربدث عن السنة النبوية ‪ :‬األقواؿ كاألفعاؿ كاإلقرار كاؼبتواترات ك أحادىا كفصل‬
‫اغبديث عن اػبرب اآلحاد‪.3‬‬
‫‪- 4‬خصص فصل يف أحكاـ النسخ ( الناسخ كاؼبسوخ ) ‪.4‬‬
‫‪ - 5‬فصل يف القوؿ يف اإلصباع ‪ ،‬حقيقة كحجبتو كتطرؽ اذل إصباع أىل اؼبدينة‪. 5‬‬
‫‪ – 6‬فصل يف معقوؿ األصل كأنواعو ‪ :‬كىو على أربعة أقساـ ‪:‬غبن اػبطاب كفحول‬
‫‪6‬‬
‫اػبطاب كاالستدالؿ باغبصر كمعٌت اػبطاب ‪.‬‬
‫‪ - 7‬فصل الباجي " حكم األشياء يف األصل "‪.7‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ -8‬عقد فصل ربدث فيو عن حكم االجتهاد يف الشريعة اإلسالمية‬
‫العادل ِ‬
‫لعادل‬ ‫‪ -9‬مث عقد فصال ربدث فيو عن التقليد يف الشرع فقسمو إذل قسمُت‪ :‬تقليد ِ‬
‫آخر كتقليد العامي ِ‬
‫لعادل ‪ ،‬ذكر فيو أقواؿ العلماء فيهما ‪.9‬‬
‫‪ -11‬فصل فيما يقع بو الًتجيح من االخبار‪.10‬‬

‫‪-1‬انظر ‪ :‬اؼبصدر السابق ‪:‬ج ‪ ، 1‬ص ‪.174‬‬


‫‪ -2‬اؼبرجع نفسو ‪ :‬ج ‪ ،1‬ص ( ‪193‬اذل ‪. )312‬‬
‫‪ - 3‬اؼبرجع نفسو ‪ :‬ج‪، 1‬ص ( ‪ 315‬اذل ‪.)395‬‬
‫‪ -4‬اؼبرجع نفسو ‪ :‬ج ‪، 2‬ص (‪ 395‬اذل ‪. )437‬‬
‫‪ -5‬اؼبرجع نفسو ‪،‬ج‪ ،2‬ص ( ‪439‬اذل ‪. )510‬‬
‫‪- 6‬اؼبرجع نفسو ‪،‬ج‪ ،2‬ص ( ‪513‬اذل ‪.)683‬‬
‫‪- 7‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪687‬اذل ‪.)709‬‬
‫‪ -8‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ج‪ ،2‬ص( ‪713‬اذل ‪.)728‬‬
‫‪- 9‬اؼبرجع نفسو ‪،‬ج‪ ،2‬ص ( ‪ 728‬اذل ‪.)739‬‬
‫‪10‬‬
‫‪-‬اؼبرجع نفسو ‪،‬ج‪، 2‬ص (‪ 739‬اذل ‪.)776‬‬

‫‪21‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬منهج الباجي األصولي واسهاماتو‬


‫ساىم علماء اؼبالكية يف علم أصوؿ الفقو اسهامات كبَتة‪ ،‬كمن بُت ىؤالء العلماء أبو‬
‫الوليد الباجي الذم عرؼ بتميز منهجو األصورل كؼبعرفة اسهاماتو كمنهجو خصصنا ىذا‬
‫اؼبطلب ‪ ،‬حيث نتناكؿ ىذا اؼبطلب يف فرعُت ‪ ،‬نتكلم يف الفرع األكؿ على اؼبنهج الباجي‬
‫األصورل ‪ ،‬مث لبصص الفرع الثاين بتكلم على اسهامات الباجي يف علم أصوؿ الفقو ‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬منهج الباجي األصولي‬
‫اؼبنهج الذم انتهجو الباجي يف كتابو‪ -‬إحكاـ الفصوؿ يف أحكاـ األصوؿ‪ : -‬ىو أقرب‬
‫متكلما حاذقنا‬
‫ن‬ ‫إذل طريقة الفقهاء منها إذل اؼبتكلمُت‪ ،‬كيقوؿ عبد اجمليد تركي "كإف كاف الباجي‬
‫على طريقة األشاعرة فطريقتو يف إحكاـ الفصوؿ يف أحكاـ األصوؿ مثال تبدكا أقرب إذل طريقة‬
‫الفقهاء منها إذل طريقة اؼبتكلمُت"‪. 1‬‬
‫كذلك اعتمادا على قوؿ ابن خلدكف يف مقدمتو أف طريقة الفقهاء " أمس بالفقو كأليق‬
‫بالفركع لكثرة األمثلة منها كالشواىد ‪ ،‬كبناء اؼبسائل فيها على النكت الفقهيو ‪."2‬‬
‫كما يدؿ على ذلك كثرة األمثلة الفقهية اليت يوردىا لالستدالؿ كاالحتجاج ‪.‬فبعد أف‬
‫يستهل اؼبسألة األصولية بتقرير القضية اؼبطركحة بسببها أك اإلشكالية ‪ ،‬مث ينتقل اذل التذكَت‬
‫دبختلف اآلراء اليت قدمت كطريقة غبلها يف أكساط اؼبالكية ‪ ،‬كاغبنفيَّة ‪ ،‬كالشافعيَّة ‪ ،‬كأحيانا‬
‫الظاىرية حىت الشيعة كاؼبعتزلة كاػبوارج ‪.‬مث حياكؿ نصرة مذىبو كاالستدالؿ ؼبا خيتاره من أقواؿ‬
‫معتمدا على األمثلة الفقهية مستشهدا هبا بعد أف يكوف قد دعمو بآيات قرآنية أك أحاديث‬
‫نبوية أك أقواؿ الصحابة كالتابعُت‪.3‬‬
‫كيقوؿ الدكتور ؿبمد العركسي ‪ " :‬كدل يشذ عن ىذا اؼبنهج ( منهج اؼبتكلمُت ) إال من‬
‫اشتهر باغبديث كالفقو كأيب الوليد الباجي ‪ "..‬كيضيف أيضا أنو صنف كتابو إحكاـ‬

‫‪ 1‬انظر ‪ :‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ الفصوؿ يف أحكاـ األصوؿ ‪ .‬ج‪، 1‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫‪ -2‬ابن خلدكف (ت‪ 808 :‬ىػ)‪ ،‬مقدمة ابن خلدكف ‪.‬ربقيق ‪:‬عبد اهلل الدركيش ‪،‬ج ‪(2‬ط‪ 1:‬؛دمشق ‪ :‬مكتبة اؽبداية ‪،‬‬
‫‪ 1425‬ىػ‪2004/‬ـ ) ص ‪.201‬‬
‫‪ -3‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ الفصوؿ يف أحكاـ األصوؿ ‪ .‬ج‪، 1‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.131‬‬

‫‪22‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫الفصوؿ يف أحكاـ األصوؿ كدل يسلك مسلك اؼبتكلمُت ‪ ،‬كيكاد خيلو كتابو من أرآء كالميو‬
‫إال ماندر ‪.1‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬اسهامات الباجي في أصول الفقو‬
‫سبتع الباجي دبلكة أصولية مكنتو من كضع بصمة يف ىذا الفن حيث ساىم فيو بإسهامات‬
‫عديدة منها مؤلفاتو أصولية النفيسة ككذلك مناظراتو العديدة مثل مناظراتو البن حزـ الظاىرم‬
‫يف القياس كالتعليل كغَتىا من األدلة ‪ ،‬ك كذلك اجتهاداتو كآراءه األصولية اليت خالف فيها‬
‫إمامو مالك ‪ ،‬ككبن يف ىذا الصدد نذكر بعض منها ‪:‬‬
‫أ‪ -‬مؤلفاتو األصولية ‪:‬‬
‫‪-1‬كتاب إحكام الفصول في أحكام األصول‪ :‬كىو كتاب نفيس يف علم أصوؿ الفقو‬
‫كقد ربدثنا عنو سابقا ‪ ،‬كخصصنا لو مطلبا بأكملو كىو موضوع مذكرتنا ىذه‪.‬‬
‫‪-2‬كتاب المنهاج في ترتيب الحجاج‪ :‬كىو كتاب صناعة اعبدؿ يهدؼ اذل بياف أبواهبا‬
‫إصباال مث أقسامها تفريعا ‪،‬مث أسئلتها تفصيال كأخَتا أجوبتها تدقيقا ‪.2‬كيقوؿ اؼبؤلف فيو ‪ :‬أنو‬
‫علم من أرفع‪ .‬العلوـ أجلها قدرا إذ رأل فيو " السبيل اذل معرفة االستدالؿ كسبييز اغبق من‬
‫احملاؿ " كذلك استدالؿ بالكتاب كالسنة كاعتمادا على اإلصباع كالقياس‪. 3‬‬
‫‪-3‬كتاب اإلشارة في معرفة األصول و الوجازة في معنى الدليل‪ :‬كىو كتاب صغَت‬
‫اغبجم غَت أنو مستوعب ؼبعلومات كقواعد أصولية نافعة ‪ ،‬مفيدة للمبتدئ‪ ،‬كال يستغٍت عنها‬
‫‪4‬‬
‫الباحث ال سيما فيما يتعلق بأصوؿ الفقو اؼبالكي ‪.‬‬

‫‪- 1‬ؿبمد العركسي ‪ ،‬اؼبسائل اؼبشًتكة بُت أصوؿ الدين كأصوؿ الفقو ‪ (.‬ال‪ .‬ط ؛ ال‪ .‬ـ ‪،‬ال‪ .‬ف ‪ ،‬د‪.‬ت ) ص ‪.15‬‬
‫‪ - 2‬سليماف بن خلف التجييب أبو الوليد الباجي ‪ ،‬اؼبنهاج يف ترتيب اغبِجاج ‪.‬ربقيق ‪ :‬عبداجمليد تركي ‪.‬ج‪( 1‬ط‪3:‬‬
‫؛بَتكت ‪ :‬دار الغرب اإلسالمي ‪2001،‬ـ) ص ‪.21‬‬
‫‪ -3‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 4‬سليماف بن خلف التجييب ابو الوليد الباجي ‪ ،‬اإلشارة يف معرفة األصوؿ ك الوجازة يف معٌت الدليل ‪ .‬ربقيق ‪ :‬ؿبمد‬
‫علي فركوس ‪.‬ج‪ (1‬ال‪ :‬ط ؛ال‪ :‬ـ‪ :‬اؼبكتبة اؼبكية ‪ /‬دار البشائر اإلسالمية‪ ،‬د‪.‬ت ) ص ‪.7‬‬

‫‪23‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫‪-4‬كتاب الحدود في األصول ‪ :‬كىو كتاب صغَت اغبجم ‪،‬كىو من الكتب اؼبختصة‬
‫‪1‬‬
‫بتعريف األلفاظ اؼبصطلح عليها عند األصوليُت خاصة ‪...‬‬
‫ب‪ -‬مناظراتو البن حزم الظاىري ‪:‬‬
‫ناظر الباجي ابن حزـ الظاىرم يف أدلة االستدالؿ منها ‪ :‬يف السنة كاإلصباع كالقياس‬
‫كأفحمو يف ذلك حيث كاف خَت ؾبادؿ من حيث اغبجة كاألدب فأسكت خصمو الذم عرؼ‬
‫يسَتا من مناظرتو البن حزـ حوؿ القياس‬‫بعلمو كفقهو كحبسن ؾبادلتو ‪ ،‬كىنا نعرض جزءنا ن‬
‫حيث يرفض ابن حزـ العلة الضمنية كال يعترب سول العلة اؼبنصوصة عليها صراحة ككذلك ال‬
‫يسميها قياسا‪ ، 2‬فيجيب عليو الباجي بعدة ردكد كمن بُت ىذه الردكد حيث قاؿ لو "أنا ال‬
‫نسلم أف تعليق اغبكم بصفة األصل طريقو النص ‪ ،‬بل قد تثبت بالنص ‪ ،‬كتارة باالستنباط‬
‫كالبحث ‪ "..3‬كناحية أخرل يقوؿ "إننا لسنا نناظركم يف عُت القياس كعلة فتقولوا لنا ‪ :‬كبمل‬
‫الفرع على األصل يف أال تثبت فيو حكما إال بنص ‪ ،‬كإمبا نناظركم يف كجوب ضبل الفرع على‬
‫األصل يف اعبملة ‪ ،‬فإف سلمتم ذلك انتقلنا اذل أعياف اؼبسائل ككنتم مسلمُت للقياس يف اعبملة‬
‫‪،‬ك منكرين ألنواع منو ‪ ،‬فنحن ال نقوؿ بصحة صبيع القياس ‪ ،‬إمبا نصحح منو دؿ الدليل على‬
‫صحتو‪... 4‬كغَت ذلك من اغبجج ‪.‬‬
‫ج‪-‬القضايا األصولية التي خالف فيها الباجي المذىب المالكي ‪:‬‬
‫‪-1‬دليل الخطاب ‪ :‬دليل خطاب أك مفهوـ اؼبخالفة من القواعد األصولية اؼبعتمدة داخل‬
‫اؼبذىب اؼبالكي ‪ ،‬فقد اعتمد مالك ‪ -‬رضبو اهلل ‪ -‬على ىذا الدليل يف استنباط األحكاـ كما‬
‫أكد ذلك الباجي نفسو‪ ،‬كحيث قاؿ ‪":‬كىذا الذم عليو صبهور اؼبتكلمُت كالفقهاء من‬

‫‪ -1‬سليماف بن خلف التجييب أبو الوليد الباجي ‪ ،‬اغبدكد يف األصوؿ ‪.‬ربقيق ‪ :‬نزيو ضباد ‪ (.‬ط‪ 1:‬؛بَتكت ‪ :‬مؤسسة‬
‫الزعيب ‪ 1493،‬ىػ‪1973/‬ـ) ص ‪.16‬‬
‫‪ - 2‬عبد اجمليد الًتكي ‪ ،‬مناظرات يف أصوؿ الشريعة اإلسالمية بُت ابن حزـ كالباجي ‪.‬ربقيق ‪:‬عبد الصبور شاىُت ‪(.‬‬
‫ط‪ 1:‬؛ بَتكت ‪ :‬دار الغرب اإلسالمي ‪ 1406،‬ىػ‪1986 /‬ـ ) ص ‪.348‬‬
‫‪ -3‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ص‪.349‬‬
‫‪ -4‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.350‬‬

‫‪24‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫أصحابنا كغَتىم "‪ ،1‬كلكن الباجي صرح يف عدة مواضع من مصنفاتو أنو ال حيتج بو يف‬
‫االستدالؿ ‪ ،‬حيث قاؿ يف إحكاـ الفصوؿ ‪":‬كلسنا نقوؿ إذا أنكرنا دليل اػبطاب‪ ،‬إننا نوجب‬
‫للمسكوت عنو حكم اؼبنطوؽ بو كإمبا يكوف دبنزلة من دل يرد ذكر يف الشرع ‪ ،‬فيحتاج يف‬
‫‪2‬‬
‫إثبات حكمو اذل دليل مستأنف "‬
‫‪-2‬تقديم خبر اآلحاد على القياس ‪ :‬ذىب كثَت من اؼبالكية اذل أف ‪-‬مالك رضبو اهلل ‪-‬‬
‫يقدـ القياس على خرب اآلحاد ‪ ،‬فقاؿ القصار‪ -‬رضبو اهلل – ‪":‬كمذىب مالك رضبو اهلل أف‬
‫اػبرب الواحد إذا اجتمع مع القياس ‪ ،‬كدل ديكن استعماؽبا صبيعا قدـ القياس‪" 3‬‬
‫أما الباجي فقاؿ‪ " :‬كالذم عندم أف اػبرب مقدـ على القياس ‪ ،‬كأنو يقف االحتجاج باػبرب‬
‫‪4‬‬
‫إذا عورض بالقياس فإف عورض القياس باػبرب بطل االحتجاج "‬
‫‪-3‬االستحسان ‪ :‬اشتهر اؼبالكية بأخذىم باالستحساف غَت أف الباجي قاؿ عنو أنو ضرب‬
‫من الًتجيح أما تسميتو استحسانا فهي ـبالفة دكف اؼبعٌت‪ 5‬كسوؼ ندرس ىذه اؼبسألة بشيء‬
‫من التفصيل الحقا بإذف هلل ‪.‬‬

‫‪ -1‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ الفصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ ،‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ .515‬ؿبمد بن ؿبمد رفيع ‪،‬‬
‫معادل الفكر األصورل اؼبالكي من خالؿ فكر الباجي األصورل ‪.‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.387‬‬
‫‪ -2‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ج‪، 2‬ص ‪.525‬‬
‫‪- 3‬أبو اغبسن علي بن عمر بن القصار اؼبالكي ‪،‬اؼبقدمة يف األصوؿ البن القصار‪ .‬ربقيق‪ :‬مصطفى ـبدكـ ‪ (.‬ط‪1:‬‬
‫؛الرياض‪ :‬بدار اؼبعلمة للنشر كالتوزيع ‪1420،‬ق‪1996 /‬ـ) ص ‪.267‬‬
‫‪ -4‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ الفصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ ،‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.673‬‬
‫‪- 5‬اؼبرجع نفسو ‪ :‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.695‬‬

‫‪25‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫ملخص المبحث األول‬


‫اإلماـ الباجي ‪،‬ىو ‪:‬سليماف بن خلف بن سعد بن أيوب كارث ‪ ،‬التجييب األندلسي‬
‫القرطيب الباجي اؼبالكي اؼبكٌت بأيب الوليد‪ ،‬كلد سنة ‪403‬ه ‪ ،‬أصلو من بطليوس ‪ ،‬مث انتقل‬
‫إذل باجة باألندلس كسكن قرطبة ‪ ،‬كينتسب إذل أسرة علم كتقول ‪ ،‬نباىة كحسن تدين حيث‬
‫قاؿ القاضي عياض " بيتو بيت علم ونباىة " ‪ ،‬كلقد تلقى العلم على أيدم علماء باألندلس‬
‫‪:‬ابن الرحوي ‪ ،‬و يونس مغيث ‪ ...‬مث بدأ رحلتو اؼبشرقية يتجوؿ بُت عواصم العلم آنذاؾ (‬
‫اغبجاز ‪ ،‬العراؽ ‪ ،‬الشاـ ‪ ،‬مصر ) ‪،‬حيث تتلمذ على كبار علمائها كأبي ذر الهروي ‪ ،‬أبي‬
‫الطيب الطبري ك أبي إسحاق الشيرازي كغَتىم ‪ ،‬حيث دامت ‪13‬سنة مث عاد اذل األندلس‬
‫بعلم جم ليستقر هبا كيجعلم كيجدرس‪ ،‬كقد اجتمع عليو ماال يعد من طلبة العلم كأمثاؿ أبو عبد‬
‫اهلل محمد بن أبي نصر بن فتوح األسدي ك أبو علي الحسين بن محمد بن أحمد‬
‫الغساني الجياني األندلسي كغَتىم كثَت‪ .‬ككذلك لقد ترؾ الباجي آثار علمية متنوعة كـبتلفة‬
‫يف صبيع اجملاالت يف الفقو كاألصوؿ كاغبديث كالتفسَت كاألدب ‪ ،...‬كمن بُت مؤلفاتو األصولية‬
‫كتاب إحكام الفصول في أحكام األصول الذم يعترب من أىم كتب أصوؿ الفقو كأفضلها‬
‫فهو من اؼبصادر األساسية يف أصوؿ الفقو اؼبقارف ‪ ،‬كقد ذكر فيو الباجي آراء العلماء من‬
‫ـبتلف اؼبذاىب ‪ ،‬كاغبنفية كالشافعية كاغبنابلة ‪ ،‬كالظاىرية يف بعض األحياف ‪ ،‬كيدلل آلرائهم‬
‫يربز رأم اؼبالكية ‪ ،‬كانتهج الباجي منهج ىو أقرب إذل طريقة الفقهاء منها إذل طريقة اؼبتكلمُت‬
‫يف تناكؿ اؼبسائل كعرضها يف كتابو ‪.‬‬
‫ساىم الباجي بإسهامات عديدة يف أصوؿ الفقو منها مؤلفاتو (إحكام الفصول في أحكام‬
‫األصول ‪ ،‬المنهاج في ترتيب الحجاج ‪ ،‬الحدود في األصول‪ )...‬ككذلك مناظراتو خاصة‬
‫مناظراتو البن حزـ الظاىرم ككذلك القضايا اليت خالف فيها اؼبذىب اؼبالكي (دليل‬
‫الخطاب ك تقديم خبر اآلحاد على القياس ك االستحسان) كقد تويف رضبو اهلل بالمرية ليلة‬
‫الخميس بين العشاءين تاسعة عشرة رجب سنة أربع وسبعين وأربعمائة‪ ،‬كدفن يوـ اػبميس‬
‫بعد صالة العصر بالرباط على ضفة البحر‪ ،‬كصلى عليو ابنو القاسم‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫ا‬

‫‪27‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلمام أبى الىليد الباجي وكتابه إحكام الفصىل في‬
‫أحكام األصىل ومنهجه األصىلي وإسهاماته فيها‬

‫‪28‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫متيّز شخصية اإلمام الباجي ‪ -‬رمحو اهلل – األصولية يظهر جبالء عمق العقلية الفقهية األصولية‬
‫اليت متيز هبا ىو وأمثالو من أعالم اإلسالم فكانت آراءىم منارات للباحثني فخصصنا ىذا‬
‫املبحث ملعرفة بعض آراءه األصولية يف األدلة املختلف فيها من خالل كتابو ( إحكام الفصول‬
‫يف أحكام األصول ) وكذلك مربزين كيف درس الباجي وعاجل ىذه األدلة وبعرض آراءه‬
‫والربىنة عليها باحلجج و الرباىني مع مقارنتها مع آراء غريه من األصوليني ‪،‬حيث نعرض يف‬
‫ىذا املبحث مخسة مطالب ؛ فاألول بعرض رأيو حول إمجاع عمل أىل املدينة ‪،‬مث نعرج اىل‬
‫ذكر رأيو حول االستحسان مث بعرض رأيو يف الدليل الثالث وىو سد الذرائع‪ ،‬وبعد ذلك منروا‬
‫إىل الدليل الرابع وىو االستصحاب ‪ ،‬مث خنتم ىذا املبحث بدراسة رأيو يف الدليل األخري وىو‬
‫األخذ بأقل ما قيل‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫المطلب األول ‪ :‬إجماع أهل المدينة‬


‫إصباع أىل اؼبدينة من أصوؿ اؼبذىب اؼبالكي كمن أجل معرفة رأم الباجي فيو خصصنا ىذا‬
‫اؼبطلب حيث نتناكلو يف ستة فركع ؛ فالفرع األكؿ نعرؼ فيو بإصباع أىل اؼبدينة لغة كاصطالحا‬
‫‪ ،‬بينما لبصص الفرع الثاين بذكر ربرير ؿبل النزاع‪ ،‬مث نذكر رأم الباجي حوؿ إصباع أىل‬
‫اؼبدينة ‪ ،‬مث نتكلم عن األدلة اليت استدؿ هبا لربىنة على رأيو يف الفرع الرابع ‪ ،‬كمث نعرج يف الفرع‬
‫اػبامس برد على الباجي ‪ ،‬كلبصص الفرع السادس بذكر مثاؿ تطبيقي حوؿ رأم الباجي يف‬
‫اؼبسألة‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬تعريف بإجماع أهل المدينة‬
‫لغة ‪:‬اإلصباع يف اللغة يطلق علي إطالقُت‪:‬‬
‫‪ - 1‬اإلعداد كالعزيبة على األمر أك اإلحكاـ كالعزيبة على الشيء‪ ،‬يقاؿ أصبع فالف على‬
‫كذا أم عزـ ‪ 1‬كمنو "ﭧ ﭨ ﱡ ﱕ ﱖ ﱗ ﱠ [ يونس ‪ ]17‬أم أعزموا عليو‬
‫كقوؿ‪ ":‬من مل هبمع الصياـ قبل الفجر فال صياـ لو ‪. "2‬أم يعزـ عليو‪.3‬‬
‫‪ -2‬االتفاؽ ‪ :‬يقاؿ ‪ :‬أصبع القوـ على كذا ‪ ،‬إذا اتفقوا عليو‪. 4‬‬
‫اصطالحا ‪ :‬اختلف األصوليوف يف تعريف اإلصباع نذكر منها بعضها ‪:‬‬

‫‪ - 1‬ؿبمد بن مكرـ بن على‪ ،‬أبو الفضل ابن منظور (ت‪711 :‬ىػ) ‪ ،‬لساف العرب ‪.‬ج ‪ ( ،8‬ط‪ 3:‬؛ بَتكت ‪ :‬دار‬
‫صادر‪ 1414 ،‬ىػ ) ص ‪ ،57‬ؿبمد بن أضبد أبو منصور (ت‪370 :‬ىػ)‪ ،‬هتذيب اللغة‪ .‬ربقيق ‪ :‬ؿبمد عوض‬
‫مرعب‪.‬ج‪( 1‬ط‪ 1:‬؛ بَتكت ‪ :‬دار إحياء الًتاث العريب‪2001،‬ـ ) ص‪.253‬‬
‫‪- 2‬أخرجو ‪ :‬أبو دكاد (ت‪275 :‬ىػ) ‪ ،‬سنن أيب داكد ‪.‬ربقيق ‪ :‬ؿبمد ؿبيي الدين عبد اغبميد‪.‬ج‪(2‬ال‪ .‬ط ؛بَتكت ‪:‬‬
‫اؼبكتبة العصرية‪ ،‬صيدا ‪ ،‬د‪.‬ت ) كتاب الصوـ ‪ ،‬باب النية يف الصياـ ص ‪.329‬قاؿ بن حجر العسقالين ‪ :‬أضبد كأبو‬
‫داكد ك النسائي ك الًتمذم ك ابن خزيبة يف صحيحو ك ابن ماجو ك الدار قطٍت ك اختلف األئمة يف رفعو ككقفو (ابن حجر‬
‫العسقالين (ت‪852 :‬ق) التلخيص اغببَت يف زبريج أحاديث الرافعي الكبَت ػج‪ (2‬ط‪ 1:‬؛ ال‪ .‬ـ ‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ 1419،‬ىػ‪1989 /‬ـ)ص ‪.407‬‬
‫‪- 3‬ؿبمد بن جرير بن يزيد بن كثَت أبو جعفر الطربم (ت ‪310 :‬ىػ)‪ ،‬جامع البياف يف تأكيل القرآف‪ .‬ربقيق ‪ :‬أضبد ؿبمد‬
‫شاكر ‪.‬ج ‪ (15‬ط‪ 1:‬؛ال‪ .‬ـ ‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ 1420 ،‬ىػ ‪2000 /‬ـ ) ص ‪.147‬‬
‫‪- 4‬ابن منظور ‪ ،‬لساف العرب ‪.‬ج ‪ ،8‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.60‬‬

‫‪82‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫عرفو الغزايل‪" :‬اتفاؽ أمة ؿبمد ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬خاصة على أمر من األمور‬
‫الدينية"‪.1‬‬
‫عرفو اآلمدم ‪ ":‬اتفاؽ صبلة من أىل اغبل كالعقد من أمة ؿبمد صلى اهلل عليو كسلم يف‬ ‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫عصر من األعصار على حكم كاقعة من الوقائع " ‪.‬‬
‫كعرفو الشوكاين ‪":‬اتفاؽ ؾبتهدم أمة ؿبمد صلى اهلل عليو كسلم بعد كفاتو يف عصر من‬ ‫ّ‬
‫‪3‬‬
‫األعصار على أمر من األمور " ‪.‬‬
‫اختلف اؼبال ّكية يف اؼبراد من عمل أىل اؼبدينة ‪ :‬فمنهم من قائل ‪ :‬إف اؼبراد بو اؼبنقوالت‬
‫اؼبستمرة ‪ ،‬كقيل ‪ :‬إف ركايتهم أكىل من ركاية غَتىم ‪ ،‬كقيل ‪ :‬إف إصباعهم أكىل كال سبتنع ـبالفتو‬
‫‪ ،‬كقيل ‪ :‬إمبا أراد ترجيح اجتهادىم على اجتهاد غَتىم ‪ ،‬كقيل ‪ :‬أراد إصباع أىل اؼبدينة من‬
‫الصحابة ‪ ،‬كقيل ‪ :‬بل أراد الصحابة كالتابعُت ‪ ،‬كاختار بعضهم التعميم ‪.4‬‬
‫إصباع أىل اؼبدينة ‪" :‬اتفاؽ ؾبتهدم اؼبدينة يف عصر من العصور على أمر من األمو ر‪.5‬‬
‫عرؼ بأنو " ىو ما اتفق عليو العلماء ك الفضالء باؼبدينة كلهم أك أكثرىم ‪ ،‬يف زمن‬
‫الصحابة كالتابعُت سواء أكاف سنده نقال أـ اجتهادا "‪. 6‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬تحرير محل النزاع‬
‫من أجل ربرير ؿبل النزاع هبب أف نزيل اللبس الذم كقع فيو كثَت من األصوليُت الذم من‬
‫أجلو انتقدكا مالك ‪-‬رضبو اهلل ‪ -‬كمن كافقو يف جعل اصباع عمل أىل اؼبدينة أصل من أصوؿ‬

‫‪- 1‬أبو حامد ؿبمد بن ؿبمد الغزايل الطوسي (ت ‪505 :‬ىػ)‪ ،‬اؼبستصفى ‪.‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.303‬‬
‫‪- 2‬أبو اغبسن سيد الدين بن ؿبمد بن سامل اآلمدم (ت‪631 :‬ىػ)‪ ،‬اإلحكاـ يف أصوؿ األحكاـ‪ .‬ربقيق ‪ :‬عبد الرزاؽ‬
‫عفيفي ج‪( 1‬ال ‪:‬ط ؛ بَتكت ‪ :‬اؼبكتب اإلسالمي ‪ ،‬د‪:‬ت ) ص ‪.262‬‬
‫‪ 3‬ؿبمد بن علي بن ؿبمد الشوكاين (ت ‪1250 :‬ىػ)‪ ،‬إرشاد الفحوؿ إيل ربقيق اغبق من علم األصوؿ ‪ .‬ربقيق ‪:‬‬
‫الشيخ أضبد عزك عناية‪ .‬ج ‪(1‬ط‪ :‬؛ ال‪ .‬ـ ‪ : :‬دار الكتاب العريب ‪1419 ،‬ىػ ‪1999 /‬ـ) ص ‪. 348‬‬
‫‪- 4‬اآلمدم ‪ ،‬اإلحكاـ يف أصوؿ األحكاـ ‪.‬ج‪ ،1‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.320‬‬
‫‪ - 5‬مصطفى ديب البغا ‪ ،‬أثر األدلة اؼبختلف فيها (مصادر التشريع التبعية ) يف الفقو االسالمي‪(:‬رسالة دكتوراه يف أصوؿ‬
‫الفقو ) ‪،‬جامعة األزىر يف القاىرة ‪،‬ص ‪.427‬‬
‫‪- 6‬ؿبمد اؼبدين بوساؽ ‪ ،‬اؼبسائل اليت بناىا اإلماـ مالك على عمل أىل اؼبدينة‪.‬ج‪ ( 1‬ط‪ 1:‬؛ ديب‪ :‬دار البحوث‬
‫للدراسات اإلسالمية كإحياء الًتاث اإلمارات العربية اؼبتحدة ‪1421،‬ق ‪2000/‬ـ ) ص ‪.77‬‬

‫‪82‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫التشريع متمثل يف أمرين أحدنبا ‪ :‬يف زعم بعض أىل األصوؿ أف اإلماـ مالك ع ّد إصباع‬
‫أىل اؼبدينة دبنزلة إصباع األمة ( اؼبصدر الثالث من مصادر التشريع ) كعدـ اعتداده دبا ىبالف‬
‫‪2‬‬
‫إصباعهم ‪ ،1‬حيث قاؿ الشَتازم " قاؿ مالك‪ :‬إذا اجتمع أىل اؼبدينة مل يعتد خبالؼ غَتىم‬
‫" ‪ ،‬ككذلك قاؿ السرخسي ‪" :‬كمن الناس من يقوؿ اإلصباع الذم ىو حجة إصباع أىل اؼبدينة‬
‫‪3‬‬
‫خاصة"‬
‫كىذا ما أكده الباجي حيث قاؿ "" قد أكثر أصحاب مالك يف ذكر إصباع اؼبدينة‬
‫عما ّقرره يف‬
‫كاالحتجاج بو‪ ،‬كضبل ذلك بعضهم على غَت كجهو فتشنّع بو اؼبخالف عليو كعدؿ ّ‬
‫ذلك احملققوف من أصحاب مالك" ‪.4‬‬
‫كثانيهما ‪:‬ما كرد يف رسالة مالك‪ -‬رضبو اهلل‪ -‬اىل الليث من قولو ‪:‬فإمبا الناس تبع ألىل‬
‫اؼبدينة‪ .‬ك قولو أيضا ‪:‬فإذا كاف األمر باؼبدينة ظاىرا معموالن بو مل أر ألحد خالفو‪.‬‬
‫فهذا ال يدؿ على أنو يرل زبصيص اإلصباع هبم ‪ ،‬أك أف إصباعهم ال ذبوز ـبالفتو ‪ ،‬كإمبا‬
‫أكضح مكانة علم أىل اؼبدينة ‪ ،‬كأهنم قدكة لغَتىم ‪ ،‬كال يرل ألحد عذران يف ـبالفة األمر‬
‫عندىم ‪ ،‬إذا كاف ظاىران معموالن بو ‪ ،‬بل غاية ما يدؿ عليو أنو حجة عنده ‪ ،‬كال يلزـ من كونو‬
‫حجة عنده ‪ ،‬أف يكوف إصباعان دبنزلة إصباع األمة ‪.5‬‬
‫الفرع الثالث ‪:‬رأي الباجي‬
‫لقد أرجع الباجي اإلشكاؿ الواقع يف إصباع أىل اؼبدينة ‪ ،‬اىل غياب سالمة النقل عن إماـ‬
‫اؼبذىب ‪ ،‬الذم ترتب عنو التشنيع من اؼبخالفُت حيث قاؿ ‪ " : 6‬قد أكثر أصحاب مالك ‪-‬‬

‫‪- 1‬ؿبمد اؼبدين بوساؽ ‪ ،‬اؼبسائل اليت بناىا اإلماـ مالك على عمل أىل اؼبدينة‪ .‬ج‪ ،1‬مرجع سابق ‪.67 ،‬‬
‫‪- 2‬أبو اسحاؽ الشَتازم ‪ ،‬اللمع يف أصوؿ الفقو ‪ (.‬ط‪ 2:‬؛ ال ‪.‬ـ ‪ :‬دار الكتب العلمية ‪ 1424 ،‬ىػ‪2003/‬ـ‬
‫)ص‪.91‬‬
‫‪- 3‬ؿبمد بن أضبد بن أيب سهل السرخسي (ت ‪483 :‬ىػ)‪ ،‬أصوؿ السرخسي ‪ ( .‬ال ‪.‬ط ؛ بَتكت ‪ :‬دار اؼبعرفة ‪،‬د‪.‬ت‬
‫)ص ‪.314‬‬
‫‪-4‬أبو الوليد الباجي ‪،‬إحكاـ الفصوؿ يف أحكاـ األصوؿ ‪.‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.486‬‬
‫‪ - 5‬أضبد ؿبمد نور سيف‪ ،‬عمل أىل اؼبدينة بُت مصطلحات مالك كآراء األصوليُت‪ (.‬رسالة ماجستَت يف الكتاب كالسنة‬
‫كالسنة ) جامعة اؼبلك عبد العزيز ‪،‬مكة اؼبكرمة ‪ 1421 ،‬ىػ ‪ 2000 /‬ـ) ص ‪.101‬‬
‫‪ - 6‬انظر ‪:‬ؿبمد بن ؿبمد رفيع ‪ ،‬معامل الفكر األصويل اؼبالكي من خالؿ فكر الباجي األصويل ‪.‬مرجع ‪ ،‬ص ‪.210‬‬

‫‪03‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫رضبو اهلل ‪ -‬يف ذكر إصباع أىل اؼبدينة كاالحتجاج بو ‪ ،‬كضبل ذلك بعضو على غَت كجهو ‪،‬‬
‫فشنع بو اؼبخالف كعدؿ عما قرره يف – ذلك – احملققوف ف أصحاب مالك ‪-‬رضبو اهلل "‪.‬‬
‫فإصباع أىل اؼبدينة عند الباجي على ضربُت ‪:‬‬
‫الضرب األكؿ ‪ :‬إصباع أىل اؼبدينة يف ما طريقو النقل كىو الذم يصح نسبتو اىل إماـ مالك‬
‫عوؿ على أقواؿ أك أفعاؿ أىل اؼبدينة كجعلها حجة يف ما طريقو‬ ‫حيث قاؿ "أف مالكا إمبا ّ‬
‫النقل كمسألة األذاف ‪ ،‬كترؾ اعبهر‪ 1‬ببسم اهلل الرضبن الرحيم ‪ ،‬كمسألة الصاع ‪ ،‬كترؾ إخراج‬
‫الزكاة من اػبضراكات ‪ ،‬كغَت ذلك من اؼبسائل اليت طريقها النقل كاتصل العمل هبا يف اؼبدينة‬
‫على كجو ال ىبفى مثلو كنقل نقالن وبج كيقطع العذر" ‪ .‬ىذا نقل أىل اؼبدينة عند مالك حجة‬
‫مقدمة على خرب اآلحاد حيث قاؿ الباجي " فهذا نقل أىل اؼبدينة عنده ‪ -‬مالك رضبو اهلل‪-‬‬
‫" ‪...‬حجة مقدمة على خرب اآلحاد كعلى أقواؿ سائر البالد الذين نقل إليهم اغبكم يف ىذه‬
‫اغبوادث أفراد الصحابة كآحاد التابعُت" ‪.2‬‬
‫أكد الباجي أف االصباع الذم استعملو مالك يف ىذا األصل غَت ذم داللة حقيقة كإمبا فيو‬
‫ذبوز ‪ ،‬كقد يقصد بو أحيانا ترجيح ما يبيل إليو من اؼبذىب ‪ ،‬فقاؿ " كأنو – مالك رضبو اهلل‬
‫–يطلق لفظ االصباع ‪ ،‬كإمبّا يريد ما يبيل إليو اؼبذىب ‪ 3"...‬كما يقصد بو أحيانا كثَتة السنة‬
‫الثابتة اؼبنقولة عن الرسوؿ ‪ ‬اليت ال اختالؼ فيها بُت أىل اؼبدينة ‪.4‬‬
‫الضرب الثاين ‪ :‬من أقواؿ أىل اؼبدينة ما نقلوه من سنن رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم من‬
‫طريق اآلحاد أك ما أدركوه باالستنباط كاالجتهاد ‪ .‬فهذا ال فرؽ فيو بُت علماء اؼبدينة كعلماء‬
‫غَتىم يف أف اؼبصَت منو إىل ما عضده الدليل كالًتجيح ‪ ،‬كلذلك خالف مالك يف مسائل عدة‬
‫أقواؿ أىل اؼبدينة ‪.‬‬

‫‪- 1‬أبو الوليد الباجي ‪،‬إحكاـ الفصوؿ يف أحكاـ األصوؿ ‪.‬ج‪ 2‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.486‬‬
‫‪- 2‬اؼبرجع نفسو ‪،‬ج‪ ، 2‬ص ‪.487‬‬
‫‪- 3‬اؼبرجع نفسو ‪،‬ج‪، 2،‬ص ‪.491‬‬
‫‪- 4‬انظر ‪:‬ؿبمد بن ؿبمد رفيع ‪ ،‬معامل الفكر األصويل اؼبالكي من خالؿ فكر الباجي األصويل ‪.‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‬
‫‪.212‬‬

‫‪03‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫انتقد الباجي الذين قالوا بأف ىذا االصباع حجة وبتج بو حيث قاؿ ‪ ":‬قد ذىب فبن ينتحل‬
‫مذىب مالك فبن مل يبعن النظر كيف ىذا الباب ‪ :‬اىل إصباع أىل اؼبدينة حجة فيما طريقو‬
‫االجتهاد كبو قاؿ أكثر اؼبغاربة ‪.1‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬األدلة‬
‫ضرب لنا الباجي بعض األمثلة اليت استدؿ هبا مالك – رضبو اهلل ‪ -‬يف االحتجاج بعمل‬
‫أىل اؼبدينة كطريقو باؼبدينة طريق التواتر ‪ ،‬فهي دبثابة أخبار متواترة فال يبكن أف تتقدـ على‬
‫أخبار اآلحاد ‪،‬ك نسبها مالك اىل اؼبدينة ألهنا كجودة فيها دكف غَتىا كىي ‪:‬‬
‫إذا أذف مؤذف بأذاف على صفة معُت باألمس كعلم اعبميع أف ىذا األذاف الذم فارقهم‬
‫غَت من شيئا فهذا يدؿ بأف أذانو اليوـ‬
‫عليهم النيب ‪ ‬مث أذف من بالغد كمل ينكر عليو أحد أنو ّ‬
‫كأذانو باألمس ‪ ،‬كلو قالو بعضو أك نطق بو اعبزء األكؿ منهم لكاف تواتر لقطع العلم بو ‪.‬‬
‫ككذلك من دخل اؼبدينة كال علم لو بوضع قرب ‪ ‬فاسًتشد عن اؼبسجد كالقرب ‪ ،‬فأرشده‬
‫رجل أك اثناف اىل القرب ‪ ،‬كمل ينكر عليو ذلك دبحضر صباعة من أىل اؼبدينة فوقع بو العلم بأف‬
‫الذم أرشده إليو ىو قرب النيب ‪.‬‬
‫ككذلك مسألة الصاع اليت استدؿ هبا مالك بعمل أىل اؼبدينة النقلي ‪.2‬‬
‫استدؿ أيضا على الضرب الثاين ‪ :‬أف جعل إصباع أىل اؼبدينة حجة فيما طريقو النقل‬
‫وبتاج لدليل شرعي يدؿ على تصويب كعصمة أىل اؼبدينة دكف غَتىم كما كرد دليل شرعي‬
‫يدؿ على عصمة كتصويب إصباع األمة ‪،‬ككذلك كرد يف الشرع تفضيل الصحابة كعلي بن أيب‬
‫طالب كطلحة كالزبَت كغَتىم كتنزيهم كقد خرجت صباعة منهم من اؼبدينة ‪ ،‬فإف كاف إصباع‬
‫أىل اؼبدينة حجة على ىؤالء ‪ ،‬كاف إصباع ىؤالء أيضا حجة على أىل اؼبدينة كال فرؽ بُت‬
‫اؼبوضعُت‬
‫كذلك مسائل اليت احتج هبا مالك ‪ -‬رضبو اهلل – بإصباع أىل اؼبدينة ال زبرج عن النص‬
‫اؼبتواتر كمناظرتو أليب يوسف على صحة الوقف ‪ ،‬حيث قاؿ ‪" :‬ىذه أكقاؼ رسوؿ ‪‬ك‬

‫‪- 1‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكا ـ الفصوؿ يف أحكا ـ األصوؿ ‪.‬ج‪، 2‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.488‬‬
‫‪ - 2‬اؼبرجع نفسو ‪.‬ج‪، 2‬ص‪.487‬‬

‫‪08‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫صدقاتو ينقلها اػبلف على السلف ‪،‬فرجع أبو يوسف عن موافقتو أيب حنيفة‪ ،‬كمناظراتو أيضا‬
‫يف الصاع‪ ، 1‬حيث رجع أبو يوسف عن موقفو ككافق مالك يف ذلك كمناظرتو أيضا يف مسألة‬
‫األذاف حيث قاؿ ما ادرم ما أذاف يوـ كال أذاف صالة‪ :‬ىذا مسجد رسوؿ اهلل ‪ ‬يؤذف فيو‬
‫من عهده ‪ ‬اىل اليوـ مل وبفظ عن أحد إنكار على مؤذف فيو كال نسبتو اىل تغيَت ‪ ،‬كبذلك‬
‫علم أف آذنو اليوـ كأذنو باألمس ‪،‬ألنو يستحيل أف يغَت اآلذف فيتفق العدد الكثَت كاعبم الغفَت‬
‫على ترؾ اإلنكار عليو ‪.2‬‬
‫ككذلك كضح الغلط الذم كقع فيو الكثَت اؼبتمثلة يف لفظة اإلصباع الواردة يف مصطلح‬
‫إصباع أىل اؼبدينة بسب اشًتاؾ لفظ بينو كبُت إصباع األمة‪ ،‬كحيث ركا لنا ما ركم عن إظباعيل‬
‫بن أيب أكيس عن مالك ‪ -‬رضبهما اهلل – أنو سأؿ مالك عن قولو يف اؼبوطأ "األمر اجملتمع‬
‫عليو عندنا " ك " فقاؿ لو ‪ " :‬أما قويل األمر اجملتمع عليو عندنا الذم ال اختالؼ فيو ‪ ،‬فهو‬
‫ماال اختالؼ فيو قديبا ‪ ،‬كحديثا ‪.‬‬
‫كأما قويل ‪ :‬األمر اجملتمع عليو ‪ :‬فهو الذم اجتمع عليو من أرضى من أىل العلم ‪ ،‬كاقتدم‬
‫بو ‪ ،‬كما اخًتتو كإف كاف فيو بعض اػبالؼ ‪.‬‬
‫كأما قويل ‪ :‬األمر عندنا ‪ ،‬كظبعت بعض أىل العلم ‪ ،‬فهو ‪ :‬قوؿ من أرتضيو ‪ ،‬كأقتدم بو ‪،‬‬
‫كما اخًتتو من قوؿ بعضهم " ‪. 3‬‬
‫الفرع الخامس ‪ :‬الرد على الباجي‬
‫أكال ‪:‬من خالؿ ما كرد يف رسالة مالك _رضبو اهلل _ اىل _الليث رضبو اهلل –نفند رأم‬
‫الباجي من خالؿ ىاتُت العبارتُت يف قوؿ مالك – رضبو اهلل _" فإمبا الناس تبع ألىل اؼبدينة"‪.‬‬
‫ك قولو أيضا ‪":‬فإذا كاف األمر باؼبدينة ظاىرا معموالن بو مل أر ألحد خالفو"‬
‫يف ىاتُت يالحظ اإلنساف العموـ ؛ فإف مال نكا بُت يف العبارة األكىل أف الناس تبع ألىل‬
‫اؼبدينة ‪ ،‬كمل يذكر موضوع التبعية كمل وبدده بنوع خاص ‪ ،‬كذلك على أف الناس عند مالك تبع‬
‫لعمل أىل اؼبدينة أيان كاف نوعو ‪ .‬كيف العبارة الثانية بُت أف األمر إذا كاف ظاىرا معموال بو‬

‫‪ - 1‬اؼبصدر السابق ‪ ،‬ج ‪ ، 2‬ص‪.489‬‬


‫‪- 2‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.490‬‬
‫‪ -3‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ج‪، 2‬ص‪.491‬‬

‫‪00‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫حجة ‪ ،‬كقد أطلق األمر مل يقيده فبا يدؿ على أف العمل بقسميو حجة عند مالك ‪-‬رضبو‬
‫اهلل ‪.1‬‬
‫ثانيا ‪ :‬عبارات اإلماـ مالك ‪ -‬رضبو اهلل – يف موطئو مثل " األمر اجملتمع عليو عندنا ‪ "2‬ك "‬
‫الذم أدركت عليو أىل العلم ببلدنا "‪ 3‬ك " السنة أك األمر الذم ال اختالؼ فيو عندنا "‪ 4‬ك "‬
‫األمر عندنا "‪ 5‬ككبو ذلك من العبارات كاؼبصطلحات اليت اختلف يف داللتها على عمل أىل‬
‫اؼبدينة أك إصباعهم اختالفا كبَتا ‪ ،‬كما ركيت ركايات ـبتلفة يف معٌت ىذه اؼبصطلحات كاؼبراد‬
‫‪6‬‬
‫هبا ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬اختالؼ اؼبالكية أنفسهم باؼبراد بإصباع أىل اؼبدينة عند مالك – رضبو اهلل – لذلك‬
‫أرجع الباجي اإلشكاؿ يف ىذه اؼبسألة عدـ سالمة النقل عن اإلماـ ‪،‬لعدـ كجود ركاية مستندة‬
‫‪7‬‬
‫صحيحة لإلماـ توضح إصباع اؼبسائل اليت اعتمد فيها على إصباع أىل اؼبدينة أك عملهم ‪.‬‬
‫الفرع السادس‪ :‬مثال تطبيقي‬
‫مثال تطبيقي ‪ :7‬صفة األذان واإلقامة‬
‫يقوؿ الباجي يف ذلك ‪ ":‬كىذا كما قاؿ أنو ال يصح يف األذاف كاإلقامة إال ما أدرؾ الناس‬
‫عليو كاتصل العمل بو يف اؼبدينة كىو أصل هبب أف يرجع إليو‪ ...‬كىذا أمر طريقو القطع كالعلم‬
‫كىو أشهر من أف وبتاج فيو إىل االستدالؿ بأخبار اآلحاد اليت مقتضاىا غلبة الظن‪ "8‬كقاؿ‬

‫‪- 1‬عبد الرضباف بن عبد اهلل الشعالف ‪،‬أصوؿ فقو اإلماـ مالك( أدلتو النقلية )‪(.‬رسالة دكتوراه يف أصوؿ الفقو ) جامعة‬
‫اإلماـ ؿبمد بن سعود اإلسالمية ‪ ،‬الرياض ‪1424،‬ق ‪2003/‬ـ ) ص ‪.1055‬‬
‫‪- 2‬مالك ابن أنس ‪ ،‬اؼبوطأ ‪ .‬ربقيق ‪ :‬ؿبمد فؤاد عبد الباقي ‪.‬ج‪ ( 1‬ط‪ 2 :‬؛بَتكت ‪ :‬دار الفكر ‪1412،‬ق‪ 1992 /‬ـ‬
‫) ص ‪. 271‬‬
‫‪ - 3‬مرجع نفسو ‪ . ،‬ج‪ ، 1‬ص ‪.13‬‬
‫‪ - 4‬مرجع نفسو ‪ ،‬ج‪ ، 1‬ص ‪182‬‬
‫‪ - 5‬مرجع نفسو ‪ ،‬ج‪ ، 1‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 6‬حساف بن ؿبمد حسن فلماف ‪ ،‬خرب الواحد إذا خالف عمل أىل اؼبدينة ‪ (.‬رسالة ماجستَت يف الشريعة اإلسالمية‬
‫)‪.‬جامعة اؼبلك عبد العزيز ‪ ،‬اؼبملكة العربية السعودية ‪1409/25/8 ،‬ـ ) ص ‪86‬‬
‫‪- 7‬انظر‪ :‬أبو الوليد الباجي ‪،‬إحكا ـ الفصوؿ يف أحكا األصوؿ ‪.‬ج‪ ،2‬مرجع سابق ‪،‬ص‪ ، .486‬حساف بن ؿبمد‬
‫حسن فلماف ‪ ،‬خرب الواحد إذا خالف عمل أىل اؼبدينة ‪.86‬‬
‫‪ -8‬أبو الوليد سليماف بن خلف الباجي ‪ ،‬اؼبنتقى شرح اؼبوطأ ‪.‬ج‪ ، 1‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.134‬‬

‫‪03‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫على مسألة اإلقامة ‪ ":‬أف اإلقامة ال تثٌت يف قوؿ مالك‪...‬كالدليل على ما نقولو نقل أىل اؼبدينة‬
‫اؼبتواتر كعلمهم اؼبستفيض"‪.1‬‬
‫مثال تطبيقي ‪:2‬مسألة الصاع‬
‫مسألة اليت ناظر فيها أبو يوسف مالك مطالب مالك بالدليل على قولو فاحتج مالك‬
‫بعمل أىل اؼبدينة النقلي ‪ ،‬فقاؿ أبو الوليد الباجي ‪ ":‬صحة ما ذىب إليو مالك نقل أىل‬
‫اؼبدينة اؼبتصل ركاه خلفهم عن سلفهم ككرثو أبناؤىم عن آبائهم أف ىذا اؼبد ىو مد النيب ‪‬‬
‫كهبذا احتج مالك ‪ -‬رضبو اهلل ‪ -‬على أيب يوسف حبضرة الرشيد‪ ،‬كاستدعى أبناء اؼبهاجرين‬
‫كاألنصار فكل أتى دبد زعم أنو أخذه عن أبيو أك عن عمو أك عن جاره مع إشارة اعبمهور إليو‬
‫كاتفاقهم عليو اتفاقا يوجب العلم كيقطع العذر‪.2‬‬

‫‪- 1‬اؼبصدر السابق ‪ ،‬ج‪،1‬ص ‪.135‬‬


‫‪ - 2‬انظر ‪ :‬اؼبرجع نفسو ‪.‬ج‪ ، 2‬ص‪.186‬‬

‫‪03‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬االستحسان‬


‫اسعا حوؿ االستحساف فأردنا معرفة رأم الباجي فيو لذلك‬ ‫لقد أثار األصوليوف جدالن ك ن‬
‫خصصنا ىذا اؼبطلب حيث نتناكلو يف ستة فركع ؛ فالفرع األكؿ خصصناه لتعريف‬
‫باالستحساف لغة كاصطالحا ‪ ،‬بينما الثاين نذكر فيو ربرير ؿبل النزاع يف اؼبسألة‪ ،‬يف الفرع‬
‫الثالث ‪ :‬نذكر فيو رأم الباجي يف االستحساف ‪ ،‬كيف الفرع الرابع نتكلم عن األدلة اليت‬
‫استدؿ هبا الباجي على بطالف االستحساف ‪،‬مث نغوص يف الفرع قبل األخَت بتكلم فيو برد على‬
‫الباجي يف قولو بأف بعض اغبنفية يأخذكف باالستحساف بغَت حجة ‪ ،‬مث نعرج يف الفرع األخَت‬
‫بذكر مثاؿ تطبيقي حوؿ االستحساف ‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬تعريف االستحسان لغة واصطالحا‬
‫لغة ‪ :‬االستحساف ‪ :‬قاؿ ابن فارس اغباء كالسُت كالنوف أصل كاحد‪ 1 .‬كاالستحساف مشتق‬
‫من اغبسن كىو عد الشيء حسنا اعتقاده حسن ‪ ،‬كاعبمع (ؿباسن) على غَت قياس كأنو صبع‬
‫(ؿبسنا ) كاغبسن ضد القبح ‪ ،‬كيقاؿ رجل حسن كامرأة حسناء أك حسنة‪.2‬‬
‫اصطالحا ‪ :‬اختلف األصوليوف يف تعريف االستحساف‬
‫‪3‬‬
‫عرفو الغزايل‪ :‬ما يستحسنو اجملتهد بعقلو ‪.‬كقاؿ عنو ىو الذم يسبق إىل الفهم‪.‬‬
‫عرفو ابن قدامة اؼبقدسي ‪ :‬أنو العدكؿ حبكم اؼبسألة عن نظائرىا ‪ ،‬لدليل شرعي خاص من‬
‫‪4‬‬
‫كتاب أك سنة ‪.‬‬
‫اشتهر اغبنفية بأخذىم باالستحساف ‪ ،‬تنوعت اعتباراهتم يف تفسَت االستحساف الذم‬
‫قاؿ بو أبو حنيفة ‪ -‬رضبو اهلل – نذكر منها تعريفُت ‪:‬‬

‫‪ -1‬أضبد بن فارس بن زكريا (ت ‪395 :‬ىػ) ‪ ،‬معجم مقاييس اللغة ‪.‬ربقيق ‪ :‬عبد السالـ ؿبمد ىاركف ‪.‬ج‪ (2‬ال‪ .‬ط ؛‬
‫ال‪ .‬ـ ‪ :‬دار الفكر‪1399،‬ىػ‪1979 /‬ـ ) ص ‪.57‬‬
‫‪ -2‬زين الدين أبو عبد اهلل عبد القادر اغبنفي الرازم((ت ‪666 :‬ىػ)‪ ،‬ـبتار الصحاح ‪.‬ربقيق ‪ :‬يوسف الشيخ ؿبمد ‪(.‬‬
‫ط‪ 5:‬؛ بَتكت ‪ :‬اؼبكتبة العصرية ‪1420 ،‬ىػ ‪1999 /‬ـ) ‪.73‬ابن منظور ‪ ،‬لساف العرب‪. ،‬ج‪.13‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪.114‬‬
‫‪- 3‬أبو حامد ؿبمد بن ؿبمد الغزايل الطوسي اؼبستصفى ‪..‬ج‪ ،2‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.477‬‬
‫‪- 4‬أبو ؿبمد موفق الدين عبد اهلل بن ؿبمد بن قدامة اؼبقدسي ‪ ،‬ركضة الناظر كجنة اؼبناظر يف أصوؿ الفقو على مذىب‬
‫اإلماـ أضبد بن حنبل‪.‬ج‪ (2‬ط ‪ 2 :‬؛ ال ‪:‬ف ‪ :‬مؤسسة الرياف ‪1423،‬ىػ ‪2000/‬ـ) ص‪.167‬‬

‫‪03‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫‪1‬‬
‫عرؼ بأنو ‪ :‬دليل ينقدح يف نفس اجملتهد يعسر عليو التعبَت عنو ‪.‬‬
‫عرفو أبو اغبسن الكرخي ‪ :‬العدكؿ باؼبسألة عن حكم نظائرىا اىل حكم آخر ‪ ،‬لوجو‬
‫أقول يقتضي ىذا العدكؿ ‪.2‬‬
‫قاؿ الشيخ ؿبمد أبو زىرة عن ىذا التعريف ‪ :‬ىػذا التعريف أبُت التعريفات غبقيقة‬
‫االستحساف عند اغبنفية ‪ ،‬ألف يشمل كل أنواعو ‪ ،‬كيشَت اىل أساسو كلبو ‪ ،‬إذ أساسو أف‬
‫هبيء اغبكم ـبالفا قاعدة مطردة ألمر هبعل اػبركج عن القاعدة أقرب اىل الشرع من‬
‫االستمساؾ بالقاعدة فيكوف االعتماد عليو أقول استدالال يف اؼبسألة من القياس ‪ ،‬كىذا‬
‫التعريف يصور لنا أف االستحساف كيفما كانت صوره كأقسامو يف مسألة جزئية كلو نسبيا‬
‫يف مقابل قاعدة كلية‪ ،‬فيلجأ إليو الفقيو يف ىذه اعبزئية لكيال يؤدم االغراؽ يف األخذ‬
‫بالقاعدة اليت من القياس اىل االبتعاد عن الشرع ك ركحو كمعناه ‪.3‬‬
‫تعريف الباجي لالستحسان ‪:‬‬
‫كيعترب اؼبالكية كاغبنفية أكثر األصوليُت شهرة بأخذ باالستحساف كالشافعية أكثر نفيا‬
‫كإنكارا ‪ ،‬كقد اشتهر عن الشافعي قولو " من استحسن فقد شرع "‪ 4‬كقاؿ كإمبا‬
‫‪5‬‬
‫االستحساف تلذذ ‪.‬‬
‫مل يرتض الباجي لنفسو أف يسَت كراء اؼبالكية يف إعماؿ االستحساف قبل أف يتبُت دالو‬
‫من مدلولو ‪ ،‬فكانت لو كقفو منهجية دقيقة تتثمل يف النظر اىل االستحساف من جهتُت ‪،‬‬
‫من جهة الداؿ كعالقتو باؼبدلوؿ ‪ ،‬كمن جهة االستدالؿ بو كعالقتو باؼبستند ‪.‬‬
‫فمن اعبهة األكىل درس الباجي ـبتلف تعريفات اؼبالكية لالستحساف ‪ ،‬ككجوه‬
‫استعماالهتم ؽبذا األصل ‪ ،‬فالحظ عدـ الدقة بُت لفظ االستحساف كما استعمل فيو ‪،‬‬

‫‪ - 1‬أبو حامد الغزايل ‪ ،‬اؼبستصفى يف علم االصوؿ ‪،‬ج‪، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ ،483‬الشوكاين ‪ ،‬إرشاد الفحوؿ إيل‬
‫ربقيق اغبق من علم األصوؿ ‪ .‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.181‬‬
‫‪ - 2‬اآلمدم ‪ ،‬اإلحكاـ يف أصوؿ األحكاـ‪ .‬ج‪ ،4‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.193‬‬
‫‪ - 3‬ؿبمد أبو زىرة ‪ ،‬أصوؿ الفقو ‪ (.‬ال‪ :‬ط ‪ ،‬ال‪ :‬ـ ‪:‬دار الفكر العريب ‪ ،‬د‪:‬ت ) ص ‪.262‬‬
‫‪ -4‬أبو حامد ؿبمد بن ؿبمد الغزايل الطوسي (ت ‪505 :‬ىػ)‪ ،‬اؼبستصفى‪.‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.476‬‬
‫‪ -5‬الشافعي أبو عبد اهلل ؿبمد بن إدريس(ت ‪204 :‬ىػ)‪ ،‬الرسالة ‪.‬ربقيق ‪ :‬أضبد شاكر ‪ (.‬ط‪1:‬؛ مصر ‪ :‬مكتبو اغبليب‪،‬‬
‫‪1358‬ىػ‪1940/‬ـ)ص ‪.505‬‬

‫‪03‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫فوجد أف البعض يستعمل االستحساف يف موضوع الًتجيح كأف يتعارض دليالف فيؤخذ‬
‫بأصحهما كأقوانبا تعل نقا باؼبدلوؿ عليو ‪1‬يف تعريف ؿبمد بن خويز منداد‪ 2‬لالستحساف "‬
‫األخذ بأقول الدليلُت"‪.3‬‬
‫كيستعمل البعض اآلخر االستحساف يف موضوع بناء العاـ على اػباص كما يف زبصيص‬
‫بيع العرايا من الرطب بالتمر للسنة الواردة يف ذلك ‪،‬كزبصيص الرعاؼ دكف القيء بالبناء‬
‫للسنة يف ذلك أيضا ‪.‬‬
‫كيستعملو اآلخركف يف موضوع القياس كما يف ‪ :‬ترؾ القياس كالعدكؿ عنو ؼبا يعتقده‬
‫القائس يف الفرع أنو أضعف يف تعلقو باغبكم من األصل ‪ ،‬فيعدؿ لذلك عن إغباقو بو‬
‫ؼبعٌت ىبتص بو من علة كاقفو تضاد القياس‪.‬‬
‫ىناؾ نوع آخر الحظ الباجي أنو يكثر استعمالو عند بعض رموز اؼبذىب ‪ ،‬كىو ـبالفة‬
‫القياس يف بعض اؼبواضع ؼبعٌت ىبتص بو ذلك اؼبوضع من زبفيف أك غَته ‪ ،‬لكوف اطراد‬
‫القياس يؤدم اىل غلو كمبالغة ‪.‬‬
‫خرج الباجي من تلك الدراسة خبالصة مفادىا أف صباع ما يكثر تداكلو من كجوه تلك‬
‫االستعماالت كجهاف ‪:‬‬
‫أحدنبا ‪:‬ترؾ القياس كالعدكؿ عنو ؼبا يعتقده القائس يف الفرع أنو أضعف يف تعلقو‬
‫باغبكم من األصل ‪ ،‬فيعدؿ لذلك عن إغباقو بو ؼبعٌت ىبتص بو من علة كاقفو تضاد‬
‫‪4‬‬
‫القياس‪.‬‬

‫‪-1‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬اغبدكد يف األصوؿ ‪ .‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.119‬‬


‫‪- 2‬ؿبمد خويز ‪ :‬ؿبمد بن أضبد بن عبد اهلل أك ؿبمد بن أضبد بن علي بن إسحاؽ ‪،‬تفقو على يد األهبرم ‪ ،‬من مؤلفاتو‬
‫‪ " :‬كتاب كبَت يف اػبالؼ " ك " كتاب يف أصوؿ الفقو " ك "كتاب يف أحكاـ القرآف ") ( ابن فرحوف ‪ ،‬الديباج‬
‫اؼبذىب يف معرفة أعياف علماء اؼبذىب ‪.‬ج ‪، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.229‬‬
‫‪ -3‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ الفصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ ،‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.694‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬اغبدكد يف األصوؿ ‪.‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.119‬‬

‫‪02‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫ثانيهما ‪ :‬االستحساف يف حكم دكف حكم‪ ،‬كىو أف وبكم يف مسألة دبا يوجب القياس‪،‬‬
‫كيستحسن يف مثلها على غَت ذلك احملكوـ عليو غَت ذلك اغبكم ؼبعٌت يظهر لو يف احملكوـ‬
‫لو كاحملكوـ عليو‪.‬‬
‫كقد قرر الباجي يف هناية اؼبناقشة ‪ ،‬استنادا إىل رؤيتو القياسية الواسعة – اليت يفتقدىا‬
‫أىل االستحساف – أف الصواب أف ينظر اىل القياس على أف فيو القياس منو الصحيح‬
‫كمنو الفاسد‪ ،‬فإذا مل يبنع من األخذ بو مانع‪ ،‬فهو القياس الصحيح‪ ،‬كاألخذ بو كاجب‪،‬‬
‫كال وبل استحساف تركو كاألخذ بغَته‪ .‬كإذا منع من األخذ بو مانع من نص كتاب أك سنة‬
‫أك إصباع أك قياس ىو أكىل منو‪ ،‬فإنو قياس فاسد كتركو كاجب‪ .‬كىذا مقتضى القياس عند‬
‫الباجي ‪ ،‬أما تسمية ذلك استحسانا ‪ ،‬فهي ـبالفة يف اللفظ خالف يف التسمية دكف‬
‫‪1‬‬
‫اؼبعٌت‪.‬‬
‫ىكذا استطاع الباجي أف يعاًف ىذا اإلشكاؿ األصويل معاعبة نقدية متميزة موضوعية‬
‫‪،‬حبيث مل تغره شهرة األخذ باالستحساف يف األكساط اؼبالكية ‪ ،‬فقدـ بذلك خدمة مهمة‬
‫للدراسات األصولية يف جانب ربليل كضبط مفهوـ االستحساف‪ ،‬ككضعو يف نسقو األصويل‬
‫الشرعي‪. 2‬‬
‫تعريف الباجي لالستحساف يف كتاب إحكاـ الفصوؿ يف أحكاـ األصوؿ ‪:‬‬
‫قاؿ ذكر ؾبمد بن خويز منداذ ‪-‬من أصحابنا – أف معٌت االستحساف الذم ذىب‬
‫إليو أصحاب مالك ‪ -‬رضبو اهلل‪ -‬القوؿ بأقول الدليلُت ‪ ،‬مثل زبصيص بيع التمر للسنة‬
‫الواردة يف ذلك كزبصيص الرعاؼ دكف القيء بالبناء للسنة الواردة يف ذلك ‪.‬مث قاؿ ىذا‬
‫الذم ذىب إليو ىو الدليل ‪ ،‬كإف كاف يسميو استحسانا على سبيل اؼبواضعة ‪.3‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬تحرير محل النزاع‬
‫ليس اػبالؼ يف استعماؿ لفظة االستحساف كاطالقاتو ‪ ،‬بل ىي ثابتة بالكتاب كالسنة‬
‫ك أقواؿ اجملتهدين ‪.‬‬

‫‪ -1‬اؼبصدر السابق ‪،‬ج‪ ،2‬ص ‪.120‬‬


‫‪- 2‬ؿبمد بن ؿبمد رفيع ‪ ،‬معامل الفكر األصويل اؼبالكي من خالؿ فكر الباجي األصويل‪ .‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.395‬‬
‫‪ - 3‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ الفصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ ،‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.694‬‬

‫‪02‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫ّأما من القرآف الكرًن ‪:‬‬


‫ﲢﲤﲥ‬
‫ﲝ ﲟﲠﲡ ﲣ‬
‫ﲞ‬ ‫ﭧﭨ ﱡ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ‬

‫ﲦ ﲧ ﱠ [الزمر‪]71 :‬‬

‫ﱠ ﱠ [األعراف ‪. ]741 :‬‬


‫ﱡ‬ ‫ﱝﱞﱟ‬ ‫ﭧﭨ ﱡ‬
‫كأما من السنة ‪:‬‬
‫دبا ركم عن النيب ‪ "‬ما رآه اؼبسلموف حسنا فهو عند اهلل حسن " ‪.1‬‬
‫كمن أقواؿ اجملتهدين ‪:‬‬
‫قاؿ اآلمدم ‪" :‬نقل عن األئمة من استحساف دخوؿ اغبماـ من غَت تقدير عوض للماء‬
‫اؼبستعمل‪ ،‬كال تقدير مدة السكوف فيها‪ ،‬كتقدير أجرتو‪ ،‬كاستحساف شرب اؼباء من أيدم‬
‫السقائُت من غَت تقدير يف اؼباء كعوضو"‪.‬‬
‫ككذلك نقل عن الشافعي أنو قاؿ‪ :‬أستحسن يف اؼبتعة أف تكوف ثالثُت درنبا‪ ،‬كأستحسن‬
‫ثبوت الشفعة للشفيع إىل ثالثة أياـ‪ ،‬كأستحسن ترؾ شيء للمكاتب من قبوـ الكتابة‪ .‬كقاؿ‬
‫يف السارؽ إذا أخرج يده اليسرل بدؿ اليمٌت فقطعت‪ :‬القياس أف تقطع يبناه‪ ،‬كاالستحساف أف‬
‫ال تقطع‪.‬‬
‫فلم يبق اػبالؼ إال يف معٌت االستحساف كحقيقتو‪ ،‬كال شك أف االستحساف قد يطلق على‬
‫ما يبيل إليو اإلنساف كيهواه من الصور كاؼبعاين كإف كاف مستقبحا عند غَته‪ ،‬كىو يف اللغة‬
‫استفعاؿ من اغبسن‪ ،‬كليس ذلك ىو ؿبز اػبالؼ؛ التفاؽ األمة قبل ظهور اؼبخالفُت على‬

‫‪ -1‬أخرجو ‪ :‬أضبد بن حنبل (ت ‪241 :‬ىػ) ‪ ،‬اؼبسند ‪ ،‬ربقيق ‪ :‬شعيب األرنؤكط ‪ -‬عادؿ مرشد‪ ،‬كآخركف ج‪6‬‬
‫(ط‪1:‬؛ال‪.‬ـ ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪ 1421،‬ىػ ‪ 2001 /‬ـ) ص ‪.84‬قاؿ الزيلعي ‪ :‬غريب مرفوعا‪ ،‬كمل أجده إال موقوفا على‬
‫ابن مسعود‪ (.‬صباؿ الدين الزيلعي (ت‪762 :‬ىػ) ‪ ،‬نصب الراية ‪.‬ربقيق ‪ :‬ؿبمد عوامة ‪.‬ج‪ ( 4‬ط‪ 1:‬؛بَتكت ‪ /‬جدة ‪:‬‬
‫مؤسسة الرياف للطباعة كالنشر ‪1418،‬ىػ‪1997/‬ـ) ‪ ،‬كتاب ‪:‬اإلجارات ‪ ،‬باب اإلجارة الفاسدة ‪ .‬ص ‪.133‬‬

‫‪33‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫امتناع حكم اجملتهد يف شرع اهلل تعاىل بشهواتو كىواه‪ ،‬من غَت دليل شرعي‪ ،‬كأنو ال فرؽ يف‬
‫‪1‬‬
‫ذلك بُت اجملتهد كالعامي‪.‬‬
‫فيكوف اػبالؼ يف معٌت االستحساف كحقيقتو ‪ ،‬كسوؼ نعرض لبعض التعريفات اليت‬
‫ذكرناىا سابقان ‪:‬‬
‫إذا نظرنا اىل االستحساف باؼبعٌت الذم عرفو أبو اغبسن الكرخي كما شاهبو من التعاريف ‪،‬‬
‫كجدنا أف العمل بو ؿبل اتفاؽ لدل صبيع األئمة كإف اختلفوا يف التسمية ‪ ،‬كذلك ألننا قبد أف‬
‫االستحساف هبذا ال ىبرج عن األدلة الشرعية اؼبتفق عليها ‪.2‬‬
‫كيؤيد الشيخ أبو حامد الغزايل (رضبو اهلل) تعريف الكرخي بقولو ‪ :‬كىذا فبا ال ينكر كإمبا‬
‫يرجع االستنكار إىل اللفظ كزبصيص ىذا النوع بتسميتو استحسانا من بُت سائر األدلة‪.‬‬
‫قد يظهر اػبالؼ حقيقة االستحساف بأنو "دليل ينقدح يف نفس اجملتهد يعسر عليو التعبَت‬
‫عنو"؛ كيبدك أف ىذا اؼبعٌت كىو أكثر ما كاف يقصده متقدموا اغبنفية ‪ ،‬كيشبو أف يكوف ىو‬
‫مراد اإلماـ أيب حنيفة نفسو ‪.3‬‬
‫يبكن أف يرد على ىذا التعريف حالتُت ‪:‬‬
‫اغبالة األكىل ‪ :‬أف يكوف اجملتهد مثبتا كمطمئننا ؼبا ينقدح يف ذىنو من الدليل ‪ ،‬كال نزاع أف‬
‫عليو يف مثل ىذه اغبالة اليت اطمأف إليها ‪ ،‬كال أثر لعجزه عن التعبَت يف ذلك ‪ ،‬ككونو دليل من‬
‫أدلة الشرع ‪ ،‬كيف حالة ؾبادلة غَته البد لو من إظهاره ‪.‬‬

‫‪ - 1‬اآلمدم ‪ ،‬اإلحكاـ يف أصوؿ األحكاـ‪ .‬ج‪ ، 4‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ .191‬أبو عبد اهلل ؿبمد بن فخر الدين الرازم‬
‫(ت ‪606 :‬ىػ ) ‪ ،‬احملصوؿ ‪.‬ربقيق ‪ :‬الدكتور طو جابر فياض العلواين ‪،‬ج ‪ (6‬ط‪3:‬؛ال‪.‬ـ ‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ 1418،‬ىػ ‪/‬‬
‫‪1997‬ـ) ص‪.127‬‬
‫‪- 2‬مصطفى ديب البغا ‪،‬أثر األدلة اؼبختلف فيها ( مصادر التشريع التبعية ) يف الفقو اإلسالمي ‪.‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‬
‫‪.427‬‬
‫‪- 3‬ؿبمد سعيد رمضاف البوطي‪ ،‬ضوابط اؼبصلحة يف الشريعة اإلسالمية‪ (.‬ط‪ 2:‬؛ ال‪ .‬ـ ‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪ 1393،‬ىػ‬
‫‪1973/‬ـ)ص ‪.238‬‬

‫‪33‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫اغبالة الثانية ‪ :‬أف يكوف اجملتهد كاىم أك شاؾ ؼبا ينقدح يف ذىنو من الدليل ‪ ،‬فال نزاع يف‬
‫كونو باطال كال يصح اعتماد عليو حىت من صاحب الدليل نفسو ‪. 1‬‬
‫فاػبالؼ يف اؼبسألة خالؼ لفظي كما قاؿ عنو بعض األصوليُت‬
‫قاؿ ابن اغباجب ‪ " :‬ال يتحقق استحساف ـبتلف فيو "‬
‫قاؿ األسنوم ‪ :‬كقد تلخص من ىذه اؼبسألة أف اغبق ما قالو ابن اغباجب‪ ،‬كأشار إليو‬
‫اآلمدم "أنو ال يتحقق استحساف ـبتلف فيو" ‪.2‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬رأي الباجي ‪:‬‬
‫ذكر الباجي االستحساف على أنو " القوؿ بأقول الدليلُت" مثل بيع العرايا من بيع الرطب‬
‫بتمر للسنة الواردة يف ذلك ‪ ،‬صرح بأنو استحساف (أف كاف تسميو استحسانا على سبيل‬
‫اؼبواضعة كال يبتنع ذلك يف حق أىػل كػل صناعة ‪،‬أم أف تسميتو استحسانا اصطالح كال‬
‫مشاحة يف االصطالح) كما ىو إال ضرب من الًتجيح ‪ ،‬كىو األخذ دبا ترجح من الدليلُت‬
‫اؼبتعارضُت‪.‬‬
‫كقاؿ كىذا الذم ذكرناه يف االستحساف قوؿ طائفة من أصحاب أيب حنيفة ‪.‬‬
‫كقاؿ يوجد استحساف بغَت دليل حيث قاؿ "كقد ركم عن بعضهم أنو استحساف بغَت‬
‫حجة" كمثاؿ ذلك إذا شهد شهود على رجل بالزىن ككل كاحد منهم شهد أنو كاف يف زاكية‬
‫من البيت غَت الزاكية اليت شهد هبا كل كاحد من الباقُت ‪ ،‬قاؿ أبو حنيفة القياس أال رجم عليو‬
‫‪ ،‬كلكننا نرصبو استحسانا ‪ "....‬ىذا قوؿ أف ضبل على ظاىره منهم ‪ ،‬فهو قوؿ بغَت دليل ‪ ،‬كال‬
‫يصح االحتجاج بو ‪ ،‬كال اغبكم بو ‪ :‬ألنو حكم دبا تشتهيو النفس كسبيل إليو كهتواه – كىذا‬
‫باطل بإصباع األمة ألنو معارضة للقياس بغَت دليل ‪.3‬‬

‫‪ - 1‬اآلمدم ‪ ،‬اإلحكاـ يف أصوؿ األحكاـ‪ .‬ج‪ ، 4‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ .192‬ؿبمد سعيد رمضاف البوطي‪ ،‬ضوابط‬
‫اؼبصلحة يف الشريعة اإلسالمية ‪.‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.238‬‬
‫‪ - 2‬عبد الرحيم بن اغبسن بن علي اإلسنوم (ت ‪772 :‬ىػ)‪ ،‬هناية السوؿ شرح منهاج الوصوؿ‪ (.‬ط‪ 1:‬؛ بَتكت ‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪1420 ،‬ىػ‪1999 /‬ـ ) ص ‪.367‬‬
‫‪- 3‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ الفصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ ،‬ج‪ . 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.695‬‬

‫‪38‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫الفرع الرابع ‪ :‬األدلة‬


‫لعل بعض األمثلة العملية لالستحساف عند أيب حنيفة كأصحابو ضبلت الباجي على إنكار‬
‫االستحساف ‪ ،‬اليت يفهم من ظاىرىا االستحساف دبحض الرأم كبغَت دليل ‪ ،‬ضرب لنا مثال‬
‫حيث قاؿ " كذلك مثل ما ركل عن أيب حنيفة ‪ ،‬كأصحابو يف مسألة اختالؼ شهود الزنا يف‬
‫‪1‬‬
‫مكاف الفعل‬
‫استدؿ على ذلك دبا يلي ‪:‬‬
‫أنو فرؽ بُت استحساف العامي كالطفل كالعامل ىو الدليل ‪ ،‬كقد أصبعنا على أف استحساف‬
‫العامي كالطفل ال هبوز اغبكم بو – ألنو حكم عن غَت دليل ‪ ،‬فكذلك استحساف العامل إذا‬
‫صدر عن غَت دليل ‪.‬‬
‫كرد الباجي على بعض أدلتهم اليت استدلوا هبا على صحة استسحساف الذم يكوف بغَت‬
‫دليل دبايلي ‪:‬‬
‫ﲝ ﱠ [الزمر‪]71 :‬‬
‫ﲞ‬ ‫ﭧﭨﱡ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ‬
‫ّفرد عليهم ‪ :‬أف أحسنو ىو الذم يكوف معو الدليل ‪.‬‬
‫كجاكب أيضا عنو ‪ :‬ىو أنو لو كانت ىذه اآلية ؿبمولة على عمومها ‪ :‬لوجب أف يكوف‬
‫استحساننا لتحرًن القوؿ باؽبول كالشهوة – عليكم – حسنا ‪ ،‬كلوجب اتباعو ‪ ،‬كىذا يبطل‬
‫تعلقكم بو ‪.‬‬
‫دبا ركم عن النيب ‪ " ‬ما رآه اؼبسلموف حسنا فهو عند اهلل حسن "‪.2‬‬
‫ّفرد على ذلك دبا يلي ‪ :‬أف اؼبسلموف إذا رأكا شيئا حسنا ‪ :‬كاف ذلك إصباعا كصوابا –‬
‫لعصمة صبيع اؼبؤمنُت كليس خالفنا معكم يف نفس اغبسن‪ ،‬كإمبا اختلفنا يف جهة االستحساف‬
‫‪ ،‬فعندنا أف األمة على حسن إال عن دليل ‪ ،‬كإال كاف إصباعها خطأ ‪ ،‬فدلوا على أنو أصبعت‬
‫على اغبكم شهوة كميل إليو من غَت دليل ‪.3‬‬

‫‪ - 1‬ؿبمد بن ؿبمد رفيع ‪ ،‬معامل الفكر األصويل اؼبالكي من خالؿ فكر الباجي األصويل ‪ .‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.394‬‬
‫‪ -2‬مت زبرهبو ‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪ -3‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ الفصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ ،‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.696‬‬

‫‪30‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫الفرع الخامس ‪ :‬الرد على الباجي‬


‫(يف قولو دبا يركم عن اغبنفية ‪ :‬أف االستحساف استدالؿ بغَت حجة )‬
‫أكال‪ :‬ال يصح ألحد أف يقوؿ يف شرع هلل بال دليل كال حجة ‪ ،‬ألنو قوؿ باؽبول كالتشهي ‪،‬‬
‫كىو مردكد باتفاؽ العلماء ‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬ال تصح نسبة ىذا القوؿ اىل اغبنفية لعدـ ما يثبت ذلك ‪ ،‬بل العكس كىو‬
‫الصحيح‪.1‬‬
‫ثالثا ‪ :‬من التعريفات اغبنفية لالستحساف ال تدؿ على أنو استدالؿ بغَت حجة ‪ ،‬فمن‬
‫معانيو ىي العدكؿ عن حكم يف اؼبسألة ـبالف لنظائرىا لوجود دليل أقوم منو يقتضي ذلك‬
‫العدكؿ كما عرفو الكرخي‪.‬‬
‫يعترب الغزايل أشد إنكار لالستحساف حيث قاؿ يف مستصفاه ‪ ":‬ذكره الكرخي كبعض‬
‫أصحاب أيب حنيفة فبن عجز عن نصرة االستحساف كقاؿ‪ :‬ليس ىو عبارة عن قوؿ بغَت دليل‬
‫بل ىو بدليل‪ ،‬كىو أجناس‪ :‬منها العدكؿ حبكم اؼبسألة عن نظائرىا بدليل خاص من القرآف‬
‫مثل قولو‪ :‬مايل صدقة هلل أك علي أف أتصدؽ دبايل‪ ،‬فالقياس لزكـ التصدؽ بكل ما يسمى‬
‫الزكاة ﭧ ﭨ ﱡ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﱠ‬ ‫ماال‪ ،‬لكن استحسن أبو حنيفة التخصيص دباؿ‬
‫[التوبة‪ ]701 :‬كمل يرد إال ماؿ الزكاة‪.‬‬
‫كمنها أف يعدؿ هبا عن نظائرىا بدليل السنة كالفرؽ يف سبق اغبدث كالبناء على الصالة‬
‫بُت السبق كالتعمد على خالؼ قياس األحداث‪.‬‬
‫كىذا فبا ال ينكر‪ ،‬كإمبا يرجع االستنكار إىل اللفظ كزبصيص ىذا النوع من الدليل بتسميتو‬
‫‪2‬‬
‫استحسانا من بُت سائر األدلة‪".‬‬

‫‪ - 1‬ؿبمد صديق ؿبمد ‪،‬آراء أيب الوليد األصولية يف معقوؿ األصل كاألدلة اؼبختلف فيها ‪ (.‬ماجستَت يف أصوؿ الفقو )‬
‫‪ ،‬جامعة أـ القرل كلية الشريعة كالدراسات اإلسالمية ‪1415،‬ق ‪1994/‬ـ) ص ‪.266‬‬
‫‪ - 2‬أبو حامد ؿبمد بن ؿبمد الغزايل ‪ ،‬اؼبستصفى‪.‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.485‬‬

‫‪33‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫الفرع السادس ‪ :‬مثال تطبيقي‬


‫يرل الباجي أف االستحساف ما ىو إال ضرب من الًتجيح ككما عرفو يف كتابو " القوؿ‬
‫بأقول الدليلُت " أم كجود دليلُت فيؤخذ بأقول الدليلُت يف اؼبسألة كما ىو موضع يف مثالُت‬
‫‪،‬كإف يسمونو البعض استحسانا على سبيل اؼبواضعة كال يبتنع يف حق أىل صناعة ‪.‬‬
‫مثال تطبيقي ‪ :7‬البناء في الرعاف‬
‫زبصيص الرعاؼ دكف القيء بالبناء يف الصالة ألف ‪ ‬قاؿ " من رعف يف صالتو فلَتجع‬
‫فليتوضأ كلينب على صالتو»‪1 .‬لو مل ترد سنة بالبناء لكاف يف حكم القيء يف أال يصح البناء ‪،‬‬
‫ألف القياس يقتضي تتابع الصالة ‪ ،‬فإذا كردت السنة بًتؾ التتابع يف بعض اؼبواضع صرنا إليها‬
‫كأبقينا على أصل القياس ‪.‬كىذا ذىب إليو ىو الدليل ‪ ،‬كإف كاف يسميو استحسانا على سبيل‬
‫‪2‬‬
‫اؼبواضعة‪.‬‬
‫مثال تطبقي ‪ : 2‬مسألة بيع العرايا‬
‫كىو بيع الرطب بالتمر خبرصها فيما دكف طبسة أكسق أك يف طبسة أكسق أم حوايل‬
‫قنطار كنصف ‪...‬فمقتضى القياس عدـ جوازىا لنهي النيب ‪ " ‬ال تبيعوا الثمر حىت يبدك‬
‫صالحو"‪ 3‬إال أنو ‪ ‬رخص يف بيع العرية خبرصها سبرا‪ 4‬بعد ذلك كمل يرخص يف غَته ىذا‬
‫ما ىو إال األخذ بأقول الدليلُت ‪.5‬‬

‫‪ 1‬أخرجو أبو اغبسن علي البغدادم الدار قطٍت (ت‪385 :‬ىػ) ‪،‬سنن الدار قطٍت ‪.‬كتاب الطهارة ‪ ،‬باب يف الوضوء من‬
‫اػبارج من البدف الرعاؼ كالقيء اغبجامة ككبوه ‪ ،‬ج ‪، 1‬ص ‪ .288‬قاؿ أبو بكر الداىرم‪ :‬عبد اهلل بن حكيم مًتكؾ‬
‫اغبديث‪ (.‬أضبد بن ؿبمد بن الصدِّيق (ت‪ 1380 :‬ىػ)‪ .‬تحقيق عدناف علي شالؽ ‪.‬ج‪(4‬ط ‪ 1:‬؛ بَتكت ‪:‬دار عامل‬
‫الكتب‪ 1407 ،‬ىػ ‪ )1987 /‬ص‪.41‬‬
‫‪ -2‬انظر ‪ :‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ الفصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ ،‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪ ، 695‬أبو الوليد الباجي‬
‫‪ ،‬اؼبنتقى شرح اؼبوطأ ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫‪- 3‬أخرجو مسلم ‪ ،‬صحيح مسلم ‪،‬ج ‪ ،3‬مرجع سابق ‪ ،‬كتاب البيوع ‪،‬باب باب النهي عن بيع الثمار قبل بدك‬
‫صالحها بغَت شرط القطع‪ ،‬ص ‪.1165‬‬
‫‪ -4‬أخرجو مسلم ‪ ،‬صحيح مسلم ‪،‬ج ‪ ،3‬مرجع سابق ‪ ،‬كتاب البيوع ‪ ،‬باب ربرًن بيع الرطب بالتمر إال يف العرايا ‪ ،‬ص‬
‫‪.1169‬‬
‫‪ -5‬انظر ‪ :‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬اؼبنتقى شرح اؼبوطأ ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ ،225‬كىبة الزحيلي ‪ ،‬أصوؿ الفقو ‪ ،‬ج‪، 2‬‬
‫مرجع سابق ص ‪.744‬‬

‫‪33‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬سد الذرائع‬


‫سبيز اؼبالكية بأخذىم لسد الذرائع من أجل معرفة رأم الباجي خصصنا ىذا اؼبطلب حيث‬
‫نتناكلو يف ستة فركع ‪:‬الفرع األكؿ نتطرؽ فيو اىل التعريف بسد الذرائع لغة كاصطالحا ‪،‬ك الفرع‬
‫الثاين ‪ :‬خصصناه لتحرير ؿبل النزاع ‪ ،‬بينما الفرع الثالث نتكلم فيو على رأم الباجي يف سد‬
‫الذرائع ‪ ،‬بينما لبصص الفرع الرابع بتكلم فيو على األدلة اليت استدؿ هبا الباجي لدعم رأيو ‪،‬‬
‫مث نتطرؽ يف الفرع اػبامس بتفنيد رأم الباجي ‪،‬كيف الفرع األخَت نذكر فيو مثاؿ تطبيقي على‬
‫سد الذرائع ‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬تعريف سد الذرائع‬
‫سد الذرائع ‪ :‬مركب إضايف يتكوف من كلمتُت كنبا " سد " ك" الذرائع " من أجل معرفة‬
‫حقيقتو فال بد من تعريف السد كالذرائع كل كاحدة على حد لنصل غبقيقة سد الذرائع ‪.‬‬
‫أوال‪ :‬معنى كلمة سد ‪:‬‬
‫لغة ‪ :‬السد ‪ :‬مصد ر قولك سددت الشي سدا ‪ ،‬كصبعها أسدة ‪ ،‬كيأيت السد بعدة معاين‬
‫كاغباجزﭧﭨﱡ‬ ‫منها ‪:‬االستقامة ‪ :‬يقاؿ سد السهم إذا استقاـ ‪ ،‬ككذلك تأيت معٌت اعببل‬
‫‪1‬‬
‫ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﱠ [سورة الكهف ‪] 31 :‬‬
‫تأيت أيضا دبعٌت اؼبنع ‪ :‬قيل سددت عليو باب الكالـ سدا إذا منعتو منو‪.2‬‬
‫اصطالحا ‪ :‬السد ال يعرؼ اؼبراد بو إال حبسب ما يضاؼ إليو حيث أنو يأيت دبعاف كثَتة‬
‫كما كضح ذلك عند التعريف اللغوم ‪ ،‬كمعناه ىنا ىو اغبسم ‪ ،‬كاؼبنع ‪ ،‬الغلق – أم منع كل‬
‫فعل يؤدم اىل مفسدة ‪.3‬‬

‫‪-1‬أضبد بن فارس بن زكريا‪ ،‬معجم مقاييس اللغة ‪.‬ج‪ ، 3‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ ،66‬ابن منظور ‪ ،‬لساف العرب ‪.‬ج‪، 3‬‬
‫مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.207‬‬
‫‪ - 2‬أضبد بن ؿبمد بن علي الفيومي (ت ‪770 :‬ىػ)‪ ،‬اؼبصباح اؼبنَت يف غريب الشرح الكبَت‪ .‬ج ‪ (1‬ال ‪:‬ط ‪ ،‬بَتكت ‪:‬‬
‫اؼبكتبة العلمية ‪ ،‬د‪.‬ت ) ص ‪.270‬‬
‫‪-3‬إبراىيم بن مهنا بن عبد اهلل اؼبهنا ‪ ،‬سد الذرائع عند شيخ اإلسالـ ابن تيمية‪ ( .‬ط‪ 1:‬؛ال‪ .‬ـ ‪:‬دار الفضيلة ‪1424 ،‬‬
‫ىػ ‪2004 /‬ـ ) ص ‪.27‬‬

‫‪33‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫ثانيا ‪ :‬الذرائع‬
‫لغة ‪ :‬الذرائع ‪ :‬صبع ذريعة ‪ ،‬الذريعة مشتقة من ذرع ‪( :‬ذرع)‪ ،1‬كتستعمل يف الذريعة يف لغة‬
‫عدة استعماالت منها‪:‬‬
‫الوسيلة ‪ :‬يقاؿ قد تذرع فالف بذريعة ‪ ،‬أم توسل بوسيلة ‪.‬ككذلك تأيت دبعٌت السبب ‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫يقوؿ فالف ذريعيت إليك أم سبيب ككصليت الذم أتسبب بو إليك‪.‬‬
‫اصطالحا ‪ :‬عرفها القرايف‪" :‬الذريعة ىي الوسيلة "‪.3‬‬
‫عرفها ابن تيمية ‪ " :‬ما كاف كسيلة كطريقا إىل الشيء"‪.4‬‬
‫تعريف سد الذرائع ‪:‬‬
‫عرفها ابن تيمية ‪ " :‬الفعل الذم ظاىره أنو مباح كىو كسيلة إىل فعل احملرـ "‪.5‬‬
‫عرفها الشاطيب ‪ ":‬التوسل دبا ىو مصلحة إىل مفسدة"‪.6‬‬
‫عرفها الباجي ‪ " :‬اؼبسألة اليت ظاىرىا اإلباحة كيتوصل هبا اىل فعل ؿبظور "‪.‬‬
‫مثالو ‪:‬أف يبيع السلعة دبائة دينارا اىل أجل كيشًتيها خبمسُت نقدا ‪.‬فهذا قد توصل اىل‬
‫سلف طبسُت يف مائة بذكر السلعة‪.7‬‬
‫الفرع الثاني ‪:‬تحرير محل النزاع‬
‫اصبعت األمة على سد كل كسيلة تفضي اىل مفسدة مطلقا ‪ ،‬كحفر اآلبار يف طرؽ‬
‫اؼبسلمُت إلقاء السم يف أطعمتهم ‪،‬كسب األصناـ عند من يعلم من حالو أنو سبو اصنامو‬

‫‪ - 1‬أضبد بن فارس بن زكريا‪ ،‬معجم مقاييس اللغة ‪ ، 23.‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.350‬‬
‫‪ - 2‬ابن منظور ‪ ،‬لساف العرب ‪..‬ج‪ ،8‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪ - 3‬العباس شهاب الدين القرايف‪ ،‬الفركؽ ‪.‬ج ‪ ( 2‬ال‪ .‬ط ؛ال‪ .‬ـ ‪ :‬عامل الكتب ‪ ،‬د‪.‬ت ) ص‪.33‬‬
‫‪- 4‬تقي الدين أبو العباس ابن تيمية (ت‪728 :‬ىػ) ‪ ،‬الفتاكل الكربل البن تيمية ‪.‬ج ‪(6‬ط‪ 1:‬؛ ال ‪.‬ـ ‪ :‬الفتاكل‬
‫الكربل البن تيمية‪1408 ،‬ىػ ‪1987 /‬ـ) ص ‪.172‬‬
‫‪ -5‬ابن تيمية (ت‪728 :‬ىػ) ‪ ،‬الفتاكل الكربل البن تيمية‪.‬ج‪ ، 6‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.172‬‬
‫‪- 6‬إبراىيم بن موسى بن ؿبمد الشاطيب (اؼبتوىف‪790 :‬ىػ)‪ ،‬اؼبوافقات ‪.‬ربقيق ‪ :‬أبو عبيدة مشهور بن حسن آؿ‬
‫سلماف‪.‬ج‪( 5‬ط ‪ 1:‬؛ال ‪.‬ـ ‪ :‬دار ابن عفاف‪1417،‬ىػ‪1997 /‬ـ) ص ‪.183‬‬
‫‪ - 7‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ الفصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ ،‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.696‬‬

‫‪33‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫ﭧﭨ ﱡ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲨ‬
‫ﲧ‬ ‫يفضي لسب هلل‬
‫ﱠ [األنعام‪]701 :‬‬
‫كاتفقت األمة أيضا على عدـ سد الوسائل اليت تفضي اىل مفسدة إال نادرا ‪ ،‬كتكوف سبيال‬
‫للخَت كالشر ‪ ،‬لكن فعلها منفعة للناس ‪ ،‬ك ال يكوف فبنوعا كغرس العنب ‪ ، ،‬فأف كاف يؤدم‬
‫اىل عصره كزبمَته ‪،‬كلكن مل يكن غرسو ؽبذا الغرض أصال ‪ ،‬ألف االنتفاع يف زرع العنب أكرب‬
‫من حصوؿ األضرار‪ ،‬فال يًتؾ الحتماؿ ازباذ اػبمر منو ؛ألف العربة للغالب ‪.‬‬
‫كاختلفوا يف الوسائل اليت تكوف الذريعة مًتددة بُت اؼبفسدة كعدمها ‪ ،‬كىي اليت كانت ؿبل‬
‫خالؼ بُت العلماء كتنحصر يف بيوع اآلجاؿ‪. 1‬‬
‫مثالو ‪:‬أف يبيع السلعة دبائة دينارا اىل أجل كيشًتيها خبمسُت نقدا ‪.‬‬
‫حيث يبطل مالك كأضبد ىذا النوع من البيوع كيقوؿ –رضبهما اهلل –" إنو أخرج من يده‬
‫طبسة اآلف كأخذ عشرة آخر الشهر فهذه كسيلة لسلف طبسة بعشرة إىل أجل‪. 2"..‬‬
‫اغبنفية يصححوف العقد األكؿ دكف العقد الثاين ألهنم يركف أف العقد الثاين ىو الذم وبمل‬
‫شبهة الربا ‪ ،‬أما العقد األكؿ صحيح ال شبهة فيو‪.3‬‬
‫كالشافعية وبكموف بصحة كل من عقدين األكؿ كالثاين كيقوؿ الشافعي _ رضبو اهلل –‬
‫"‪ ....‬أف العقود إمبا يثبت بالظاىر عقدىا كال يفسدىا نية العاقدين كانت العقود إذا عقدت‬
‫يف الظاىر صحيحة أكىل أف ال تفسد بتوىم غَت عاقدىا على عاقدىا"‪. 4‬‬

‫‪- 1‬انظر‪ :‬أبو العباس شهاب الدين القرايف‪ ،‬الفركؽ ‪.‬ج ‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪ .32‬إبراىيم بن موسى الشاطيب ‪،‬‬
‫اؼبوافقات‪..‬ج‪ ، 4‬مرجع سابق ص ‪ .66‬أبو عبد اهلل بدر الدين الزركشي ‪( ،‬ت ‪794 :‬ىػ) ‪ ،‬البحر احمليط يف أصوؿ‬
‫الفقو‪ .‬ج‪ ،6‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .83‬الشوكاين إرشاد الفحوؿ إيل من علم األصوؿ ‪.‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.195‬‬
‫‪- 2‬انظر ‪:‬أبو العباس شهاب الدين القرايف‪ ،‬الفركؽ‪ .‬ج ‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪ .32‬أبو ؿبمد موفق الدين ابن قدامة‬
‫اؼبقدسي (ت‪620 :‬ىػ)‪ ،‬اؼبغٍت البن قدامة ‪.‬ج‪ ( 4‬ال‪ .‬ط ؛ ال‪ .‬ـ ‪ :‬مكتبة القاىرة ‪1388،‬ىػ ‪1968/‬ـ) ص ‪132‬‬
‫‪ -3‬انظر ‪ :‬كماؿ الدين ؿبمد بن عبد الواحد بابن اؽبماـ (ت ‪861 :‬ىػ)‪ ،‬فتح القدير ‪.‬ج‪( 6‬ال‪ .‬ط ؛ ال ‪.‬ـ ‪ :‬دار‬
‫الفكر‪ ،‬د‪.‬ت) ص ‪.433‬‬
‫‪ -4‬انظر ‪ :‬الشافعي ‪ ،‬األـ ‪ ،‬ج‪ ، 7‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.312‬‬

‫‪32‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬رأي الباجي‬


‫قاؿ ذىب مالك – رضبو اهلل – اىل اؼبنع من الذرائع ‪....‬كقاؿ أبو حنيفة كالشافعي (ال‬
‫‪1‬‬
‫هبوز اؼبنع من الذرائع )‬
‫يبدك أف الباجي يقوؿ بسد الذرائع ككافق اإلماـ مالك ‪ -‬رضبو اهلل – الذم اشتهر باألخذ‬
‫هبا ‪.‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬األدلة‬
‫ﲪﲬ‬
‫ﲫ‬ ‫ﭧﭨ ﱡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ‬

‫ﲭ ﲮ ﱠ [البقرة ‪]704:‬‬
‫كجو الدليل من اآلية ‪ :‬أنو – تعاىل ‪ : -‬هنى اؼبؤمنُت عن أف يقولوا للنيب ‪ : ‬راعنا ألف‬
‫أىل الكفر كانوا إذا خاطبوا النيب ‪ ‬هبذا اللفظ أردكا بو سبو ‪ ،‬فمنع اؼبؤمنُت أف ىباطبوه هبذا‬
‫اللفظ ‪ ،‬كإف كاف ال يصح أف يريد بو مؤمن شيئا من ذلك ‪.‬‬
‫كىذا معٌت الذريعة ‪ 2.،‬فنهي اؼبسلموف عن قوؽبا؛ سدا لذريعة اؼبشاهبة‪ ،‬كلئال يكوف ذلك‬
‫ذريعة إىل أف يقوؽبا اليهود للنيب ‪ ‬تشبها باؼبسلمُت يقصدكف هبا غَت ما يقصده اؼبسلموف‪.3‬‬
‫ﭧﭨﱡ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ‬
‫ﲰﲲﲳﲴ‬
‫ﲱ‬ ‫ﲦﲧ ﲨﲩﲪﲫﲬﲭﲮﲯ‬
‫ﲵ ﲶ ﱠ[األعراف‪.]761 :‬‬
‫كجو الدليل من ذلك ‪ :‬ما ذكره أىل التفسَت (أيلة ) كاف وبرـ عليهم االصطياد يف يوـ‬
‫السبت‪ ،‬كأبيح ؽبم يف سائر األياـ ‪ ،‬فكانت ترد يف يوـ السبت كال تتمتنع من متناكؿ ‪ ،‬كتدخل‬
‫اؼبواضع احملظورة عليها ‪ ،‬كال تظهر إليهم يف سائر األياـ ‪ ،‬فقاـ رجل منهم فحظر عليها يف يوـ‬
‫السبت حبظَت منعها من الرجوع ‪ ،‬فلما كاف يف يوـ األحد اصطادىا ‪ ،‬كجعل يشويها ‪ ،‬فعرؼ‬

‫‪ - 1‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ الفصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ ،‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪، ،‬ص ‪.695‬‬
‫‪- 2‬الطربم ‪ ،‬اعبامع ألحكاـ القرآف‪ .‬ربقيق ‪ :‬اعبامع ألحكاـ القرآف‪ .‬ج ‪ ، 2‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ -3‬ؿبمد بن أيب بكر بن أيوب ابن قيم اعبوزية (ت‪751 :‬ىػ) ‪ ،‬إعالـ اؼبوقعُت عن رب العاؼبُت ‪.‬ربقيق ‪ :‬ؿبمد عبد‬
‫السالـ إبراىيم ‪.‬ج‪( 5‬ط‪1:‬؛ بَتكت ‪ :‬دار الكتب العلمية ‪1411 ،‬ىػ ‪1991 /‬ـ ) ص‪.6‬‬

‫‪32‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫بو أىل القرية فسألوه من أين ىذا ؟ فأخربىم دبا صنع ‪ ،‬كقاؿ ‪ :‬إمبا حرـ االصطياد يف يوـ‬
‫السبت ‪ ،‬كأنا ال أصطاد يوـ السبت ‪ ،‬كلكٍت أخطر عليها ‪ ،‬ك أتصيدىا يف يوـ األحد فقبل‬
‫‪1‬‬
‫منو قوـ كعملوا دبثل عملو ‪ ،‬فمسخهم اهلل قردة كخنازير ‪.‬‬
‫كىذا ىو الذرائع اليت مبنعها ‪.2‬‬
‫من السنة ‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫قاؿ النيب ‪« ‬لعن اهلل اليهود‪ ،‬حرمت عليهم الشحوـ‪ ،‬فجملوىا‪ ،‬فباعوىا»‬
‫كجو الدليل ‪ :‬أف ربرًن علق على اآلكل ككاف معناه االنتفاع ‪ ،‬فلما باعوىا ك أكلوا أشباهنا ‪:‬‬
‫كاف ذلك دبنزلة أكلها ‪.‬‬
‫ككذلك من باع عشرة دراىم بدينار ابتاع من مبتاعو بعشرين درنبا ‪ :‬كمن باع درىم بعشرين‬
‫درنبا ‪.‬‬
‫كاستدؿ أيضا على قولو ‪« ‬إف اغبالؿ بُت‪ ،‬كإف اغبراـ بُت‪ ،‬كبينهما مشتبهات ال يعلمهن‬
‫كثَت من الناس‪ ،‬فمن اتقى الشبهات استربأ لدينو‪ ،‬كعرضو‪ ،‬كمن كقع يف الشبهات كقع يف‬
‫اغبراـ‪ ،‬كالراعي يرعى حوؿ اغبمى‪ ،‬يوشك أف يرتع فيو‪ ،‬أال كإف لكل ملك ضبى‪ ،‬أال كإف ضبى‬
‫اهلل ؿبارمو‪.4» ..‬‬
‫كعقب الباجي عن ذلك بقولو ‪ :‬كإذا كاف ذلك كذلك كجب أف يًتؾ ما يضارع اغبراـ‬
‫كيتوصل بو إليو ‪.5‬‬
‫كاستدؿ أيضا ‪ :‬أف النيب ‪ ‬استعمل ابن اللتبية على صدقات بٍت سليم فلما جاء اىل‬
‫الرسوؿ ‪ ‬كحاسب قاؿ ‪ « :‬ىذا لكم كىذا أىدم يل» فقاؿ النيب ‪« ‬فهال جلس يف بيت‬
‫أبيو كأمو‪ ،‬فينظر أيهدل لو أـ ال‪ ،‬كالذم نفسي بيده‪ ،‬ال يأيت بشيء إال جاء بو يوـ القيامة‬

‫‪ -1‬الطربم ‪ ،‬اعبامع ألحكاـ القرآف‪ .‬ج ‪ ، 2‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.58‬‬


‫‪- 2‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ الفصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ ،‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.698‬‬
‫‪- 3‬أخرجو مسلم ‪ ،‬صحيح مسلم ‪ .‬ج ‪ ،3‬مرجع سابق ‪،‬كتاب اؼبساقاة ‪ ،‬باب ربرًن بيع اػبمر‪ ،‬كاؼبيتة‪ ،‬كاػبنزير‪،‬‬
‫كاالصناـ ‪،‬ص ‪.1207‬‬
‫‪ - 4‬أخرجو مسلم ‪ ،‬صحيح مسلم ‪ .‬ج ‪ ،3‬مرجع سابق ‪،‬كتاب اؼبساقاة ‪ ،‬باب أخذ اغبالؿ كترؾ الشبهات ‪ ،‬ص‬
‫‪.1219‬‬
‫‪- 5‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ الفصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ ،‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.698‬‬

‫‪33‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫وبملو على رقبتو‪ ،‬إف كاف بعَتا لو رغاء‪ ،‬أك بقرة ؽبا خوار‪ ،‬أك شاة تيعر «‪ ،‬مث رفع يديو حىت‬
‫رأينا عفريت إبطيو» أال ىل بلغت»‪.1‬‬
‫كاستدؿ ما ركل عن عائشة ‪-‬رضى اهلل عنها – أهنا قالت ‪ «:‬أبلغي زيد بن أرقم أف اهلل‬
‫تعاىل أبطل حجو كجهاده مع رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم إف مل يتب»‪.2‬‬
‫كذلك ؼبا باع من أـ كلده عبدا بستمائة نقدا ‪ ،‬ككاف اشًتاه منها بثمامبائة اىل العطاء ‪.‬‬
‫قاؿ النيب ‪ ‬هنى أف يبيع الرجل طعاما حىت يستوفيو‪ ،‬قاؿ‪ :‬قلت البن عباس‪ :‬كيف ذاؾ؟‬
‫‪3‬‬
‫قاؿ‪« :‬ذاؾ دراىم بدراىم‪ ،‬كالطعاـ مرجأ» ‪.‬‬
‫استدؿ باإلصباع أيضا ‪ ،‬كذلك أف عمر قاؿ ‪« :‬أيّها الناس إف النيب ‪‬قبض كمل يفسر لنا‬
‫الربا كالريبة فاتركوا الربا كالريبة »دبحظر أصحاب النيب ‪ ‬كمل ينكر ذلك عليو أحد ‪.‬‬
‫القياس ‪:‬‬
‫استشهد أيضا أف الشريعة ترد شهادة األب ألبنو كاألبن ألبيو ‪ ،‬كالعدك على عدكه كأف كانوا‬
‫بررة أتقياء ؼبا يلحقهم من التهمة كالريبة ‪.‬فقاؿ أف الريبة كاالهتاـ لفعل الربا أظهر فبا ترد بو‬
‫‪4‬‬
‫شهادة الثقة لولده‪.‬‬
‫الفرع الخامس ‪ :‬الرد على الباجي‬
‫قاؿ الشافعي – رضبو اهلل ‪ : -‬ككل ماء ببادية يزيد يف عُت‪ ،‬أك بئر‪ ،‬أك غيل أك هنر بلغ‬
‫مالكو منو حاجتو لنفسو كماشيتو كزرع إف كاف لو فليس لو منع فضلو عن حاجتو من أحد‬
‫يشرب‪ ،‬أك يسقي ذا ركح خاصة دكف الزرع كليس لغَته أف يسقي منو زرعا‪ ،‬كال شجرا إال أف‬

‫‪ -1‬أخرجو البخارم ‪،‬صحيح البخارم ‪.‬ج ‪9‬مرجع سابق ‪ ،‬كتاب ‪ :‬األحكاـ ‪ ،‬باب ىدايا العماؿ ‪،‬ص ‪.70‬‬
‫‪- 2‬أخرجو أبو بكر البيهقي (ت ‪458 :‬ىػ)‪ ،‬السنن الكربل ‪.‬ربقيق‪ :‬ؿبمد عبد القادر عطا ‪ ،‬ج ‪ (5‬ط‪2:‬؛ بَتكت ‪:‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪ 1424 ) ،‬ىػ ‪ 2003/‬ـ )كتاب البيوع ‪ ،‬باب الرجل يبيع الشيء إىل أجل مث يشًتيو بأقل ‪،‬ص ‪.540‬‬
‫قاؿ ‪ :‬أبو عبد الرضبن ؿبمود بن ؿبمد اؼبالح ىذا األثر مشهور كنقل عن ابن أنو قاؿ ىذا االسناد ضعيف عن عائشة‬
‫(أبو عبد الرضبن ؿبمود بن ؿبمد اؼبالح ‪،‬األحاديث الضعيفة كاؼبوضوعة اليت حكم عليها اغبافظ ابن كثَت يف تفسَته ‪(.‬‬
‫ط‪ 1:‬؛ السعودية ‪ :‬مكتبة العلوـ كاغبكم‪ 1431 ،‬ىػ ‪2010 /‬ـ ) ص‪.17‬‬
‫‪ -3‬أخرجو البخارم ‪،‬صحيح البخارم ‪.‬ج ‪ 3‬مرجع سابق ‪ ،‬كتاب البيوع ‪ ،‬باب ما يذكر يف بيع الطعاـ كاغبكرة ‪،‬ص‬
‫‪.68‬‬
‫‪ - 4‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ الفصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ ،‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.700‬‬

‫‪33‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫يتطوع بذلك مالك اؼباء‪ ،‬كإذا قاؿ رسوؿ اهلل ‪«‬من منع فضل اؼباء ليمنع بو الكأل منعو اهلل‬
‫فضل رضبتو»‪ 1‬ففي ىذا داللة إذا كاف الكأل شيئا من رضبة اهلل أف رضبة اهلل رزقو خلقو عامة‬
‫للمسلمُت كليس لواحد منهم أف يبنعها من أحد إال دبعٌت ما كصفنا من السنة كاألثر الذم يف‬
‫معٌت السنة‪ ،‬كيف منع اؼباء ليمنع بو الكأل الذم ىو من رضبة اهلل عاـ وبتمل معنيُت‪:‬‬
‫أحدنبا أف ما كاف ذريعة إىل منع ما أحل اهلل مل وبل‪ ،‬ككذلك ما كاف ذريعة إىل إحالؿ ما‬
‫حرـ اهلل تعاىل‪.2‬‬
‫قاؿ السبكي ‪" :‬الذريعة تعطى حكم الشيء اؼبتوصل هبا إليو كذلك إذا كانت مستلزمة لو‬
‫كمنع اؼباء فإنو مستلزـ ؼبنع الكأل كمنع الكأل حراـ ككسيلة اغبراـ حراـ كالذريعة ىي الوسيلة‬
‫‪3‬‬
‫فهذا القسم كىو ما كاف من الوسائل مستلزما ال نزاع فيو ‪"..‬‬
‫قاؿ الشاطيب – رضبو اهلل – " كأما أبو حنيفة‪ ،‬فإف ثبت عنو جواز إعماؿ اغبيل؛ مل يكن‬
‫من أصلو يف بيوع اآلجاؿ إال اعبواز‪ ،‬كال يلزـ من ذلك تركو ألصل سد الذرائع‪ ،‬كىذا كاضح‬
‫؛إال أنو نقل عنو موافقة مالك يف سد الذرائع فيها‪ ،‬كإف خالفو يف بعض التفاصيل‪ ،‬كإذا كاف‬
‫‪4‬‬
‫كذلك؛ فال إشكاؿ"‬
‫قاؿ القرايف – رضبو اهلل – "إف سد الذرائع ؾبمع عليو "‪. 5‬‬
‫كقاؿ أيضا ‪ ":‬فحاصل القضية أنّا قلنا بسد الذرائع أكثر من غَتنا‪ ،‬ال ّأهنا خاصة بنا" ‪.6‬‬
‫قاؿ أبو زىرة – رضبو اهلل – "إف األخذ بالذرائع كما قررنا ‪ ،‬ثابت من كل اؼبذاىب‬
‫اإلسالمية ‪،‬كإف مل يصرح بو ‪،‬كقد أكثر منو اإلماماف مالك كأضبد ‪ -‬رضبهما اهلل ‪ ، -‬ككاف‬

‫‪ -1‬أخرجو البخارم ‪،‬صحيح البخارم ‪.‬ج ‪ (9‬ط‪ 1:‬؛ ال ‪.‬ـ ‪ :‬دار طوؽ النجاة‪1422 ،‬ىػ) كتاب اغبيل ‪ ،‬باب ما‬
‫يكره من االحتياؿ يف البيوع‪ ،‬كال يبنع فضل اؼباء ليمنع بو فضل الكإل ‪،‬ص ‪.24‬‬
‫‪ - 2‬الشافعي ‪ ،‬األـ ‪.‬ج‪ ، 4‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪-3‬أبو زكريا ؿبيي الدين وبِت بن شرؼ النوكم (ت‪676 :‬ىػ)‪ ،‬اجملموع شرح اؼبهذب‪ .‬ج ‪ (10‬ال‪ .‬ط ؛ ال‪ .‬ـ ‪ :‬دار‬
‫الفكر‪ ،‬د‪.‬ت ) ص ‪.159‬‬
‫‪ -4‬الشاطيب ‪ ،‬اؼبوافقات‪.‬ج‪ ، 4‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.68‬‬
‫‪ -5‬أبو العباس شهاب الدين القرايف‪ ،‬الفركؽ‪ .‬ج ‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪ -6‬شهاب الدين أضبد بن إدريس الصنهاجي القرايف شرح تنقيح الفصوؿ يف علم األصوؿ‪ (.‬رسالة ماجستَت يف‬
‫الدراسات اإلسالمية ) ‪ 1421‬جامعة أـ القرل ىػ ‪ 2000 /‬ـ ج‪، 2‬ص ‪.505‬‬

‫‪38‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫دكهنما يف األخذ بو الشافعي كأبو حنيفة ‪ ،‬كلكنهما مل يرفضاه صبلة ‪ ،‬كمل يعترباه أصال قائما‬
‫بذاتو ‪ ،‬بل كاف داخال يف األصوؿ اؼبقررة عندنبا ‪ ،‬كالقياس كاالستحساف اغبنفي ‪.1"...‬‬
‫الفرع السادس ‪:‬مثال تطبيقي‬
‫مثال تطبيقي‪ : 7‬بيع العينة‬
‫دينارا‬
‫كمثالو أيضا ‪:‬أف يبيع الرجل الثوب دبائة دينار إىل شهر‪ ،‬مث يشًتيو من مبتاعو خبمسُت ن‬
‫نقدا دبائة دينار إىل شهر‪.‬‬
‫دينارا ن‬
‫نقدا‪ .‬فهذا قد توصل بالبيع كاالبتياع إىل أف اقًتض طبسُت ن‬
‫ن‬
‫‪2‬‬
‫كمثل ىذا فبا ال خفاء بو أف ظاىره الفساد‪.‬‬
‫مثال تطبيقي ‪ : 2‬شهادة األصول والفروع‬
‫ترد شهادة األب البنو ك االبن كالعدك على عدكه ‪ ،‬إف كانوا بررة أتقياء فبا يلحقهم من‬
‫متهما يف الشهادة لولده باحملاباة كاؼبيل ‪،‬‬
‫التهمة ك الريبة ‪...‬كذلك سد لذريعة ‪ ،‬لكوف األب ن‬
‫فبا وبملو على شهادة بغَت حق فًتد شهادتو ؼبوضع التهمة‪.3‬‬

‫‪ - 1‬ؿبمد أبو زىرة ‪ ،‬أصوؿ الفقو ‪.‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪294‬‬


‫‪ -2‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬اغبدكد يف األصوؿ ‪.‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 121‬‬
‫‪ -3‬انظر ‪ :‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ الفصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ .‬ج‪ ، 2‬ص ‪ ، 700‬ابن قدامة ‪ ،‬اؼبغٍت ‪ ،‬مرجع‬
‫سابق ‪ .‬ج ‪ ، 10‬ص ‪.700‬‬

‫‪30‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫المطلب الرابع ‪ :‬االستصحـ ـ ـ ـ ـ ــاب‬


‫من أجل معرفة رأم الباجي يف االستصحاب خصصنا ىذا اؼبطلب حيث تناكلو يف سبع‬
‫فركع ؛ األكؿ لتعريف باالستصحاب لغة كاصطالحا كالثاين نعرج فيو للحديث عن أنواع‬
‫االستصحاب ‪ ،‬كبينما الثالث خصصناه لتحرير ؿبل النزاع يف اؼبسألة ‪ ،‬كيف الفرع الرابع نتكلم‬
‫فيو على رأم الباجي ‪ ،‬كأما الفرع اػبامس نذكر فيو األدلة اليت استدؿ هبا الباجي مع ردكده‬
‫على اؼبخالفيو كتفنيد أدلتهم ‪ ،‬كيف الفرع السادس نرد على الباجي ‪،‬مث لبتم اؼبطلب بذكر‬
‫مثاؿ تطبيقي ‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف االستصحاب لغة واصطالحا‬
‫لغة ‪ :‬قاؿ ابن فارس رضبو اهلل يف "معجم اؼبقاييس" مادة (صحب)‪:‬‬
‫" الصاد كاغباء كالباء‪ :‬أصل كاحد يدؿ على مقارنة شيء كمقاربتو‪ ،‬ككل شيء الءـ شيئا‬
‫فقد استصحبو "‪.1‬‬
‫كقيل ‪:‬استصحب الرجل‪ :‬أم دعاه إىل الصحبة‪ .‬كالزمو ‪ ،‬ككل ما الزـ شيئا فقد‬
‫‪2‬‬
‫استصحبو‪.‬‬
‫فيكوف معٌت االستصحاب ىو اؼبالزمة كعدـ اؼبفارقة كاؼبالءمة‪.‬‬
‫اصطالحا ‪:‬‬
‫عرؼ األصوليوف االستصحاب بعدة تعريفات ‪ ،‬كمن بُت ىذه التعريفات ما يلي ‪:‬‬
‫عرفو عالء الدين البخارم ‪-‬رضبو اهلل ‪:"-‬اغبكم بثبوت أمر يف الزماف الثاين بناء على أنو‬
‫‪3‬‬
‫كاف ثابتا يف الزماف األكؿ‪".‬‬

‫‪ -1‬أضبد بن فارس ‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‪ .‬ج ‪ ،3‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪335‬‬
‫‪2‬‬
‫ؿبمد بن عبد الرزاؽ الزبيدم (ت ‪:‬‬
‫‪ -‬ابن منظور ‪ ،‬لساف العرب ‪.‬ج ‪،1‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪ ،520‬ؿبمد بن ّ‬
‫‪1205‬ىػ)‪ ،‬تاج العركس من جواىر القاموس ‪.‬ربقيق ‪ :‬ؾبموعة من احملقيقُت ‪.‬ج ‪ (3‬ال‪ .‬ط ؛ ال‪ .‬ـ ‪ :‬دار اؽبداية ‪ ،‬د‪.‬ت‬
‫) ص ‪.186‬‬
‫‪ -3‬عبد العزيز بن أضبد بن عالء الدين البخارم (ت ‪730 :‬ىػ)‪ ،‬كشف األسرار شرح أصوؿ البزدكم‪.‬ج‪ (3‬ال ‪.‬ط ؛ ال‬
‫‪.‬ـ ‪ :‬دار الكتاب اإلسالمي ‪،‬د‪.‬ت )ص ‪.377‬‬

‫‪33‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫الغزايل ‪ -‬رضبو اهلل –‪" :‬عبارة عن التمسك بدليل عقلي أك شرعي‪ ،‬كليس راجعا إىل عدـ‬
‫العلم بالدليل بل إىل دليل مع العلم بانتفاء اؼبغَت أك مع ظن انتفاء اؼبغَت عند بذؿ اعبهد يف‬
‫البحث كالطلب"‪.1‬‬
‫‪2‬‬
‫ابن القيم – رضبو اهلل – " كىي استدامة إثبات ما كاف ثابتا أك نفي ما كاف منفيا"‬
‫القرايف _ رضبو اهلل _ " اعتقاد كوف الشيء يف اؼباضي أك اغباضر يوجب ظن ثبوتو يف‬
‫اغباؿ أك االستقباؿ"‪.3‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬أنواع االستصحاب‬
‫‪ _1‬استصحاب الرباءة األصلية ‪ :‬استصحاب العدـ األصلي اؼبعلوـ بدليل العقل يف‬
‫األحكاـ الشرعية‪ ،‬كرباءة الذمة من التكاليف حىت يدؿ دليل شرعي على تغيَته‪ 4،‬فاألصل‬
‫براءة الذمة من التكاليف الشرعية كاغبقوؽ اؼبالية حىت يدؿ دليل شرعي على شغلها ‪ 5،‬ك‬
‫مثّل ذلك الباجي بعدـ كجوب صالة الوتر ألف األصل براءة الذمة مثالو ‪ :‬أف يسأؿ‬
‫اغبنفي عن كجوب الوتر فيقوؿ اؼبالكي ‪ :‬ليس بواجب ‪ ،‬فيطالب الدليل فيقوؿ ‪ :‬األصل‬
‫‪6‬‬
‫براءة الذمة ‪.‬‬
‫‪ - 2‬استصحاب ما ّدؿ الشرع على ثبوتو لوجود سببو ‪ :‬فاغبكم بدكاـ ثبوت الزكجية‬
‫بناء على العقد الصحيح شرعا ‪،‬كاؼبلكية يف اؼببيع على عقد البيع الصحيح شرعا حىت‬

‫‪ -1‬أبو حامد الغزايل ‪ ،‬اؼبستصفى‪.‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.419‬‬


‫‪ -2‬ابن قيم اعبوزية ‪ ،‬إعالـ اؼبوقعُت عن رب العاؼبُت‪..‬ج‪ ،3‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.100‬‬
‫‪- 3‬أبو العباس شهاب الدين القرايف ‪ ،‬شرح تنقيح الفصوؿ يف علم األصوؿ‪.‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.498‬‬
‫‪ -4‬انظر ‪ :‬أبو حامد الغزايل ‪ ،‬اؼبستصفى ‪.‬ج‪، 2‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪ .409‬ابن قيم اعبوزية ‪ ،‬إعالـ اؼبوقعُت عن رب‬
‫العاؼبُت‪..‬ج‪ ، 3‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ ،100‬الزركشي ‪ ،‬البحر احمليط ‪.‬ج‪ ،6‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ -5‬انظر ‪:‬عبد العزيز بن عبد الرضبن الربيعة‪ ،‬أدلة التشريع اؼبختلف يف االحتجاج هبا‪ ( .‬ط‪ 2:‬؛ال ‪.‬ـ ‪ ،‬ال‪ .‬ـ ‪1401 ،‬‬
‫ىػ‪1981 /‬ـ) ص ‪.280‬‬
‫‪ -6‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ الفصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ ،‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.700‬‬

‫‪33‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫يوجد ما يغَته فتبقى الذمة مشغولة بالشيء اؼبلتزمو بو اىل أف تثبت براءهتا بإقرار أك‬
‫‪1‬‬
‫بيّنة‬
‫‪-3‬استصحاب العموـ اىل أف يرد زبصيص ‪ ،‬استصحاب النص اىل أف يرد نسخ ‪:‬‬
‫كقد اعًتض كثَت من األصوليُت على كوف ىذا النوع من أنواع االستصحاب ‪،‬كذلك‬
‫ألف ثبوت اغبكم يكوف بالدليل كال باالستصحاب ‪.2‬‬
‫‪- 4‬استصحاب حاؿ اإلصباع ‪ :‬كىو راجع إىل حكم الشرع‪ ،‬بأف يتفق على حكم يف‬
‫حالة مث تتغَت صفة اجملمع عليو كىبتلف اجملمعوف فيو‪ ،‬فيستدؿ من مل يغَت اغبكم‬
‫باستصحاب اغباؿ ‪.3‬‬
‫الفرع الثالث ‪:‬تحرير محل النزاع‬
‫ذكر الزركشي‪ :‬ال خالؼ يف كجود العمل باالستصحاب بالرباءة األصلية كالعدـ األصل‬
‫حيث قاؿ " كىذا ال خالؼ يف كجوب العمل بو ‪،‬اىل أف يثبت معارض لو "‪.4‬‬
‫بينما ذكر ابن القيم ‪ :‬أنو يوجد خالؼ فيو ‪ ،‬فاعبمهور على االحتجاج بو بينما خالف يف‬
‫ذلك كثَت من اغبنفية فقالوا بأف ىذا النوع من االستصحاب حجة يف الدفع دكف اإلثبات ‪،‬‬
‫فالستصحاب ال يصلح إلثبات حكم مبتدأ ‪ ،‬بل يصلح ما كاف على ما كاف اىل أف يثبت‬
‫دليل التغيَت ‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر ‪ :‬أبو حامد الغزايل ‪ ،‬اؼبستصفى ‪.‬ج‪، 2‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪ .409‬ابن قيم اعبوزية ‪ ،‬إعالـ اؼبوقعُت عن رب‬
‫العاؼبُت‪..‬ج‪ ، 3‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ ،100‬الزركشي ‪ ،‬البحر احمليط ‪.‬ج‪ ،6‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ ،20‬حامت بام‪ ،‬األصوؿ‬
‫االجتهادية اليت يبٌت عليها اؼبذىب اؼبالكي‪ (.‬ط‪ :‬؛ الكويت ‪ ،‬ؾبلة الوعي اإلسالمي‪1432 ،‬ق ‪2011/‬ـ ) ص ‪،684‬‬
‫ؿبمد بن ؿبمد رفيع ‪ ،‬معامل الفكر األصويل اؼبالكي من خالؿ فكر الباجي األصويل ‪.‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪،284‬‬
‫‪ -2‬انظر ‪ :‬حسن بن ؿبمد مشاط ‪ ،‬اعبواىر الثمينة يف بياف أدلة اؼبدينة ‪.‬ربقيق ‪ :‬عبد الوىاب بن ابراىيم أبو سليماف‬
‫‪(.‬ط‪ 2:‬؛ بَتكت ‪:‬دار الغرب اإلسالمي ‪1411 ،‬ق‪1990/‬ـ)ص ‪.231‬‬
‫‪ -3‬انظر ‪ :‬الزركشي ‪ ،‬البحر احمليط ‪.‬ج‪ ،6‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ ،21‬حامت بام ‪ ،‬األصوؿ االجتهادية اليت يبٌت عليها‬
‫اؼبذىب اؼبالكي ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.686‬‬
‫‪ -4‬الزركشي ‪ ،‬البحر احمليط ‪.‬ج‪ ،6‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.20‬‬

‫‪33‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫ككذلك ال خالؼ يف كجوب العمل يف نوع الثاين ‪ ،‬كىو ‪-‬استصحاب ما ّدؿ الشرع على ثبوتو‬
‫لوجود سببو‪.1‬‬
‫كأيضا ال خالؼ يف كجوب العمل يف نوع الثالث ‪ ،‬كىو استصحاب العموـ اىل أف يرد‬
‫زبصيص ‪ ،‬استصحاب النص اىل أف يرد نسخ ‪.‬‬
‫أما النوع الرابع ‪ :‬استصحاب حاؿ اإلصباع ‪ ،‬فهو ؿبل خالؼ بُت األصوليُت ‪ ،‬فأكثر‬
‫األصوليُت على عدـ االعتداد بو ‪ ،‬كخالف بعض كدادك الظاىرم كاؼبزين ‪،2‬كأيب بكر الصَتيف‬
‫‪4‬‬
‫كأيب إسحاؽ بن شاقال‪، 3‬اآلمدم فقالو حبجيتو كصلوحيتو لالستدالؿ ‪.‬‬
‫الفرع الرابع ‪:‬رأي الباجي‬
‫ذىب الباجي اىل حجية االستصحاب حاؿ العقل ‪ ،‬حيث قاؿ ‪ ":‬استصحاب حاؿ‬
‫العقل دليل صحيح كهبذا قاؿ صبهور العلماء ‪ ،‬مث قاؿ ‪" :‬كىو عندنا القسم الثالث من األدلة‬
‫الشرعية" ‪.‬‬
‫مثالو ‪ :‬أف يسأؿ اغبنفي عن كجوب الوتر فيقوؿ اؼبالكي ‪ :‬ليس بواجب ‪ ،‬فيطالب الدليل‬
‫فيقوؿ ‪ :‬األصل براءة الذمة ‪ ،‬كطريق ‪ 5‬الوجوب الشرع كقد طلبت يف الشرع فلم أجد موجبا‬
‫‪،‬كلو كاف ‪ :‬لوجدت مع كثر البحث كالنظر ‪ ،‬فأبقى على حكم األصل يف براءة الذمة ‪.‬‬

‫‪ -1‬ابن قيم اعبوزية ‪ ،‬إعالـ اؼبوقعُت عن رب العاؼبُت‪..‬ج‪ ،3‬مرجع سابق ‪.100 ،‬‬
‫‪- 2‬اؼبزين ‪ :‬أبو إبراىيم إظباعيل بن وبِت بن إظباعيل بن عمرك بن إسحاؽ بن مسلم ‪ ،‬كلد سنة ( ت‪175 :‬ق) فقيو‬
‫ؾبتهد‪ ،‬صحب الشافعي كحدث عنو كمن مؤلفاتو ‪ " :‬اعبامع الكبَت "ك "اعبامع الصغَت" ك "كتاب الوثائق" تويف دبصر‬
‫سنة ‪(:‬ت ‪264:‬ق) (عمر بن رضا بن ؿبمد(ت ‪1408 :‬ىػ) ‪ ،‬معجم اؼبؤلفُت ‪.‬ج ‪(2‬ال‪ .‬ـ ؛ بَتكت ‪ :‬مكتبة اؼبثٌت‬
‫‪،‬د‪.‬ت )ص ‪.299‬‬
‫‪- 3‬أبو إسحاؽ بن شاقال‪ :‬إبراىيم بن أضبد بن عمر بن ضبداف بن شاقال أبو إسحاؽ البزار‪ ،‬كاف جليل القدر كثَت الركاية‬
‫حسن الكالـ يف األصوؿ كالفركع ‪،‬تويف سنة( ت ‪369:‬ق) (أبو اغبسُت ابن أيب يعلى (ت ‪526 :‬ىػ)‪ ،‬طبقات اغبنابلة‬
‫‪.‬ربقيق ‪ :‬ؿبمد حامد الفقي ‪.‬ج‪ ( 2‬ال‪ .‬ـ ؛ بَتكت ‪ :‬دار اؼبعرفة ‪ ،‬د‪.‬ت ) ص ‪.128‬‬
‫‪ - 4‬ابن قيم اعبوزية ‪ ،‬إعالـ اؼبوقعُت عن رب العاؼبُت‪..‬ج‪ ، 3‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ ،100‬الزركشي ‪ ،‬البحر احمليط ‪.‬ج‪،6‬‬
‫مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ ، ،20‬األصوؿ االجتهادية اليت يبٌت عليها اؼبذىب اؼبالكي ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.684‬‬
‫‪- 5‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ الفصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ ،‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.700‬‬

‫‪33‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫كذكر أف من خالف ىذا اإلصباع أبو سباـ البصرم ‪ ،‬حيث قاؿ ‪":‬أبو سباـ البصرم ‪ :‬ليس‬
‫دليل" ‪.‬‬
‫كما ذىب الباجي اىل عدـ احتجاج باالستصحاب حاؿ اإلصباع ‪ ،‬حيث قاؿ ‪":‬كىذا‬
‫غلط يف االستدالؿ ‪ ،‬ألف االصباع ال يتناكؿ موضع اػبالؼ "‪.‬‬
‫مثالو ‪ :‬كذلك كبو استدالؿ الداكدم يف بيع أـ الولد ‪ :‬بأننا قد اصبعنا على جواز بيعها قبل‬
‫اغبمل ‪ ،‬فمن ادعى بعد ذلك ربرًن ‪ :‬كجب الدليل ‪ ،‬ألف كالدهتا دبنزلة األمور الطارئة من‬
‫ىبوط الرياح كنزكؿ اؼبطر كغَت فبا ال يبنع بيعها ‪.1‬‬
‫كنسب أف أكثر اؼبالكية ذىبوا على عدـ االستدالؿ بو ‪ ،‬حيث قاؿ "‪...‬ذىب القاضي‬
‫أبوبكر كالقاضي أبو الطيب كالقاضي أبو جعفر كأكثر الناس من اؼبالكيُت ك اغبنفيُت‬
‫كالشافعيُت اىل أنو ليس بدليل "‪.‬‬
‫كذكر أنو يوجد فريق آخر ذىبوا اىل االستدالؿ بو ‪،‬حيث قاؿ ‪ " :‬كقد ذىب إليو اؼبزين ‪،‬‬
‫كأبو داكد ‪ ،‬كالصَتيف كإليو ذىب ؿبمد بن سحنوف من أصحابنا كال أعلم من أصحابنا من قاؿ‬
‫بو غَته ‪.2‬‬
‫الفرع الخامس ‪ :‬األدلة‬
‫إف اإلصباع ال يتناكؿ موضوع اػبالؼ كإمبا يتناكؿ موضوع االتفاؽ ‪ ،‬فال هبوز االحتجاج‬
‫باإلصباع يف اؼبوضع الذم مل يتناكلو ‪ ،‬ألف موضع اػبالؼ غَت موضع اإلصباع ‪،‬ك اإلصباع غَت‬
‫موجود يف اػبالؼ ‪.‬كما كاف حجة فال يصح االحتجاج بو يف اؼبوضع الذم ال يوجد فيو‬
‫‪،‬كألفاظ صاحب الشرع إذا تناكلت موضعا خاصا مل هبز االحتجاج هبا يف اؼبوضع الذم ال‬
‫يتناكلو ‪.‬‬
‫إف استصحاب حاؿ اإلصباع يف ؿبل اػبالؼ ال ينبٍت عليو حكم شرعيا ‪ ،‬ألف غَت مستندؿ‬
‫اىل دليل عقلي كال شرعي ‪،‬كما لو يتقدـ موضع اػبالؼ إصباع ‪،‬ككما أف تفسيق من خالف‬

‫‪ -1‬اؼبصدر السابق ‪ ،‬ج‪ ، 2‬ص ‪.701‬‬


‫‪ -2‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.702‬‬

‫‪32‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫يف موضع اإلصباع كتكفَته كال يوجب تفسيق من خالف يف موضع اػبالؼ كتكفَته للحكم‬
‫‪1‬‬
‫دبخالفتو لإلصباع ‪.‬‬
‫كاحتجوا ‪ :‬بأف اإلصباع يقُت ‪ ،‬كاػبالؼ شك ‪ ،‬فال هبوز أف يزاؿ اليقُت بالشك ‪ ،‬حيث‬
‫لقولو‪" ‬إف الشيطاف يأيت أحدكم فينفخ بُت إليتيو فال ينصرؼ حىت يسمع صوتا أك هبد‬
‫روبا "‪.2‬‬
‫فقالوا ‪ :‬فأمر ‪‬بالبقاء على األصل ‪،‬كالبناء على اليقُت ‪.‬ككذلك ىا ىنا ‪.‬‬
‫ّفرد الباجي عليهم يف ىذا من كجهُت‬
‫الوجو األكؿ ‪ :‬كجود ركاية أخرل‪ :‬ذبب عليو الطهارة إذا تيقنها كالشك يف اغبدث ‪.‬‬
‫كلو سلمنا فالفرؽ بينهما قاؿ أف اإلصباع دليل أك صادر عن دليل فهو مقتصر على اؼبوضع‬
‫الذم يتناكلو فقط كال يتعدل اىل موضع ال تعلق لو بو ‪ ،‬فإف ذباكزت موضوع اإلصباع تيقنت‬
‫خلوه من اإلصباع ‪.‬كليس كذلك يف الطهارة ‪ ،‬فإف الطهارة رفع حدث ‪ ،‬كذلك أمر يستداـ‬
‫أكقاتا كثَتة ‪ ،‬كأزمانا يتيقن فيها حكم الطهارة بعد انقضاءىا ‪ .‬فإذا شك يف اغبدث بعد ذلك‬
‫كجب عليو استدامة اليقُت كاطراح الشك ‪ ،‬الطهارة يصح كجودىا مع الشك فيها ‪ ،‬كال هبوز‬
‫اإلصباع على حكم اغبادثة مع اػبالؼ فيها‬
‫الوجو الثاين ‪ :‬إف تونبهم اإلصباع يف موضع اػبالؼ فهو أمر مشكوؾ فيو ‪ ،‬ألنو عنده أف‬
‫يستصحب حاؿ اإلصباع ‪ ،‬كيصح أف يطرأ دليل يبنع من ذلك ‪ ،‬كاػبالؼ أمر متيقن موجود‬
‫اجملوز ‪.‬كىذا‪ 3‬على أصلهم ‪.‬فأما على أصلنا فإننا‬
‫مشاىد كالتعلق باؼبشاىد اؼبوجود أكىل من ّ‬
‫نتيقن تعرل موضع اػبالؼ من اإلصباع ‪ .‬فبطل ما تونبوا بو ‪.‬‬

‫‪ -1‬اؼبصدر السابق ‪ ،‬ج‪ ، 2‬ص ‪.703‬‬


‫‪ -2‬أخرجو شيخاف ‪ :‬البخارم ‪،‬صحيح البخارم ‪.‬كتاب الوضوء ‪ ،‬باب ال يتوضأ من الشك حىت يستيقن ‪.‬ج ‪ ،1‬مرجع‬
‫سابق ‪ ،39،‬ك مسلم ‪ ،‬صحيح مسلم ‪.‬كتاب اغبيض ‪ ،‬باب الدليل على أف من تيقن الطهارة‪ .‬ج‪ 1‬مرجع سابق ‪276،‬‬
‫‪،‬دبعناه ‪.‬‬
‫‪ - 3‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ الفصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ ،‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.703‬‬

‫‪32‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫استدلوا ‪ :‬قالوا أف اإلصباع على حكم معُت ال هبوز فيو الغلط ‪ ،‬كبينما اػبالؼ هبوز فيو‬
‫الغلط ‪،‬فال هبوز تقدًن اػبالؼ على اإلصباع ‪ ،‬كما تقوؿ يف ترؾ اإلصباع بالقياس ك خرب‬
‫اآلحاد ‪.‬‬
‫فرد الباجي عليهم ‪ :‬ال نسلم ؽبم بأف موضع اػبالؼ يتناكلو اإلصباع ‪ ،‬كلو تناكلو ؼبا كاف‬
‫فيو خالؼ كلو كجب القطع بو كتضليل ـبالفيو ‪،‬كلوجب أف ال يطرأ دليل على خالفو برفع‬
‫حكمو ‪ ،‬كما يستحيل ذلك يف موضع ‪،‬كؼبا أصبعنا على أنو هبوز أف يطرأ دليل من خرب ‪ ،‬أك‬
‫غَته يف موضع اػبالؼ بضد ما استصحبوه من حكم اإلصباع لذلك بطل ما علقوا بو ‪.‬‬
‫استدلوا ‪ :‬أف ما ثبت بالعقل من براءة الذمة هبب استصحابو يف موضع اػبالؼ ‪ ،‬فكذلك‬
‫ما ثبت باإلصباع ‪.‬‬
‫فرد الباجي على ذلك ‪ :‬إمبا كجب استصحاب براءة الذمم ‪ ،‬ألف دليل العقل يف براءة‬
‫الذمم قائم يف موضع اػبالؼ فوجب استصحاب حكمو ‪ ،‬كأف يف موضع اػبالؼ ‪ :‬األصل‬
‫براءة الذمة ‪ ،‬كإمبا طريق استعماؽبا الشرع ‪ ،‬كما كاف ذلك يف غَت مسألة اػبالؼ ‪ ،‬ليس‬
‫كذلك فيما عاد اىل مسألتنا فإف اإلصباع ليس موجود يف موضع اػبالؼ ‪ ،‬فوجب طلب‬
‫الدليل على إثبات حكم ما ‪.1‬‬
‫الفرع السادس ‪ :‬الرد على الباجي‬
‫يقوؿ ابن القيم ‪ " :‬فال يلزـ من انتفاء اإلصباع انتفاء اغبكم‪ ،‬بل هبوز أف يكوف باقيا كهبوز‬
‫أف يكوف منتفيا‪ ،‬لكن األصل بقاؤه‪ ،‬فإف البقاء ال يفتقر إىل سبب حادث‪ ،‬كلكن يفتقر إىل‬
‫بقاء سبب ثبوتو‪ ،‬كأما اغبكم اؼبخالف فيفتقر إىل ما يزيل اغبكم األكؿ‪ ،‬كإىل ما وبدث الثاين‪،‬‬
‫كإىل ما ينفيو‪ ،‬فكاف ما يفتقر إليو اغبادث أكثر فبا يفتقر إليو الباقي‪ ،‬فيكوف البقاء أكىل من‬
‫التغَت‪ ،‬كىذا مثل استصحاب حاؿ براءة الذمة فإهنا كانت بريئة قبل كجود ما يظن بو أنو‬
‫‪2‬‬
‫شاغل‪ ،‬كمع ىذا فاألصل الرباءة‪ ،‬كالتحقيق أف ىذا دليل من جنس استصحاب الرباءة‪".‬‬

‫‪ - 1‬اؼبصدر السابق‪ ،‬ج‪ ، 2‬ص‪.704‬‬


‫‪- 2‬ابن القيم ‪ ،‬إعالـ اؼبوقعُت عن رب العاؼبُت ‪ .‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪257‬‬

‫‪33‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫ما ثبت بالعقل من براءة الذمم هبب استصحابو يف مواضع اػبالؼ فكذلك ما ثبت‬
‫باإلصباع كجب كأف يكوف كذلك ىذا ألف اغبكم إذا ثبت بدليل من دالئل الشرع ال هبب‬
‫استدامة الدليل لبقاء اغبكم بل يبقى اغبكم كيدكـ إىل أف يقوـ الدليل على قاطع يقطعو‬
‫كمسقط يسقطة فإذا مل يقم الدليل على سقوطو بقى ثابتا على ما كاف من قبل كمن ادعى‬
‫‪1‬‬
‫سقوطو فعليو الدليل‪"...‬‬
‫الفرع السابع ‪ :‬مثال تطبيقي‬
‫مثال تطبيقي ‪ :‬ال كفارة على قاتل العمد‬
‫ىو أف يستدؿ اؼبالكي على أف قاتل العمد ال كفارة عليو ‪ ،‬ألف األصل براءة الذمة ‪ ،‬كفراغ‬
‫الساحة ‪ ،‬فمن ادعى اشتغاؽبا بالكفارة احتاج اىل دليل ‪ ،‬فإف مل هبد دليل شرعي فيبقى اغبكم‬
‫‪2‬‬
‫على األصل لرباءة الذمة من التكليف ‪.‬‬
‫مثال تطبيقي ‪ :‬ادعاء صالة سادسة أك زكاة غَت الزكاة اؼبعهودة أك صياـ غَت مضاف‬
‫من ادعى كجوب صالة سادسة اك زكاة غَت الزكاة معهودة أك صياـ غَت رمضاف طولب‬
‫بالدليل ألف األصل براءة الذمة كطريق اشتغاؽبا الشرع فمن ادعى شرعا يوجب ذلك فعليو‬
‫بالدليل فإذا مل يوجب فبقاء على حكم األصل لرباءة الذمة من التكليف‪.3‬‬

‫‪ - 1‬أبو اؼبظفر‪ ،‬منصور بن ؿبمد السمعاين(ت ‪489 :‬ىػ) ‪ ،‬قواطع األدلة ‪.‬ربقيق ‪ :‬ؿبمد حسن ؿبمد حسن اظباعيل‬
‫الشافعي ‪.‬ج ‪ (2‬ط‪1 :‬؛ بَتكت ‪ :‬دار الكتب العلمية‪1418،‬ىػ‪1999/‬ـ) ص ‪.37‬‬
‫‪ -2‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬اؼبنهاج يف ترتيب اغبجاج ‪ .‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.244‬‬
‫‪ -3‬انظر‪ :‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ الفصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ ،‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪ ، 701‬أبو الوليد الباجي‬
‫‪،‬اإلشارة يف معرفة األصوؿ ك الوجاز ة يف معٌت الدليل ‪ ،‬مرجع سابق ‪.223 .‬‬

‫‪33‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫المطلب الخامس ‪:‬األخذ بأقل ما قيل‬


‫مسألة األخذ بأقل ما قيل من اؼبسائل األصوؿ اؼبختلف فيها فأردنا أف نعرؼ رأم الباجي‬
‫فيها فخصصنا ىذا اؼبطلب حيث نتناكؿ ىذا اؼبطلب يف ستة فركع ؛األكؿ غبقيقة األخذ‬
‫بأقل ما قيل ‪ ،‬كبينما الثاين خصصناه للكالـ فيو على ربرير ؿبل النزاع يف اؼبسألة ‪ ،‬أما الثالث‬
‫نبُت فيو رأم الباجي يف اؼبسألة ‪،‬كيف الفرع الرابع نذكر أدلة الباجي إف كجدت ‪ ،‬أما اؼبطلب‬
‫اػبامس نتكلم يف بالرد على الباجي يف دعول األصباع يف اؼبسألة ‪ -‬األخذ بأقل ما قيل‪ -‬كيف‬
‫الفرع السادس نذكر مثاؿ تطبيقي على رأيو يف اؼبسألة‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬تعريف باألخذ بأقل ما قيل‬
‫قاؿ الشَتازم ‪" :‬أف ىبتلف الناس يف حادثة على قولُت أك ثالثة فقضى بعضهم فيها بقدر‬
‫كقضى بعضهم فيها بأقل من ذلك القدر"‪.1‬‬
‫قاؿ السمعاين‪" :‬أف ىبتلف اؼبختلفوف يف مقدر باالجتهاد على أقاكيل‪ ،‬فيؤخذ بأقلها عند‬
‫إعواز الدليل" ‪.2‬‬
‫حقيقتو عند الباجي ‪": :‬إذا اختلف العلماء يف إهباب شيء فأكجب بعضهم قدرا ما‪،‬‬
‫كأكجب سائر أكثر منو ‪ :‬كاف ما أكجبو أقلهم ‪ :‬إهبابا ؾبمعا عليو ‪ ،‬كما زاد عليو ـبتلف فيو ‪،‬‬
‫كاألصل براءة الذمة فيجب استصحاب حاؿ األصل ‪ ،‬فيما زاد على اجملمع عليو ‪ ،‬حىت يدؿ‬
‫الدليل على زيادة عليو‪. 3‬‬
‫رجح‬
‫قاؿ الدكتور مصطفى البغا ىو‪" :‬أف توجد أقواؿ يف مسألة‪ ،‬كليس ىناؾ دليل يُ ِّ‬
‫متفقة على قسط معُت فيما بينها ‪ ،‬كىو األقل‪ ،‬كـبتلفة‬ ‫أحدنبا‪ ،‬كتكوف ىذه األقواؿ ضمنا ِ‬
‫فيما زاد عنو‪ ،‬فيتمسك هبذا القسط الذم ىو أقل األقواؿ"‬
‫كيكوف عبارة عن حصيلة االعتماد على دليلُت نبا ‪:‬‬

‫‪- 1‬أبو اسحاؽ إبراىيم الشَتازم (ت ‪476 :‬ىػ)‪ ،‬اللمع يف أصوؿ الفقو ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.123‬‬
‫‪ -2‬السمعاين‪ ،‬قواطع األدلة ‪..‬ج‪ ، 3‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.394‬‬
‫‪ -3‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ الفصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ ،‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.705‬‬

‫‪38‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫األكؿ ‪ :‬اإلصباع يف األقل ‪ ،‬ألف كل كاحد من األقواؿ القائلة دبا زاد عن األقل قائلة بو ‪،‬إذا‬
‫األكثر يستلزـ األقل ‪ ،‬فيكوف يف حكم اجملمع عليو ‪.‬‬
‫الثاين ‪:‬استصحاب الرباءة األصلية ‪ ،‬فإهنا تقتضي عدـ الزيادة ‪ ،‬إذ األصل عدـ الوجوب‬
‫مطلقا ‪ ،‬لكن ترؾ العمل بو يف األقل لإلصباع ‪ ،‬فبقي ما عداه على األصل‪.‬‬
‫أخذ بو اإلماـ الشافعي‪ ،‬كالقاضي أبو بكر الباقالين‪ ،‬قاؿ القاضي عبد الوىاب‪ :‬كحكى‬
‫بعض األصوليُت إصباع أىل النظر عليو‪.1‬‬
‫مثاله ‪ :‬دية الكتابي‬
‫اختلف الفقهاء يف دية الكتايب ‪ ،‬حيث ذىب أبو حنيفة كأصحابو أهنا مثل دية اؼبسلم‪، 2‬‬
‫بينما ذىب مالك كأضبد اىل أهنا نصف دية اؼبسلم‪، 3‬أما الشافعي قاؿ ىي ثلث دية‬
‫اؼبسلم‪.4‬‬
‫الفرع الثاني ‪:‬تحرير محل النزاع‬
‫إذا كانت اؼبسألة اؼبختلف فيها على أقواؿ فيما ىو ثابت يف الذمة‪ ،‬فال يأخذ بأقل ما قيل‬
‫بل بأكثر ما قيل ألف الذمة تربأ بأكثر ك بأقل خالفا‪ ،‬لذلك جعل الشافعي – رضبو اهلل ‪-‬‬
‫اعبمعة تنعقد باألربعُت ‪ ،‬ألف العدد األربعُت تربأ بو الذمة ‪،‬كىذا ليس ؿبل نزاع بُت العلماء‬
‫‪،‬ألف الذمة ال تربأ بالشك ‪،‬كحيث قاؿ السمعاين ‪" :‬أف يكوف فيما ىو ثابت يف الذمة؛‬
‫فاألخذ باألقل ال يكوف دليال؛ الرهتاف الذمة‪ ،‬إذ الذمة ال تربأ بالشك‪ ،‬بل باألكثر إصباعان‬
‫كباألقل خالفا "‪ 5‬ككذلك إذا كانت اؼبسألة اؼبختلف فيها على أقواؿ فيما أصلو براءة الذمة؛‬
‫مع كجود دليل فإنو ال يؤخذ فيها باألقل‪ ،‬كإمبا يؤخذ باألكثر كاختالؼ العلماء يف عدد‬

‫‪ -1‬الزركشي ‪ ،‬البحر احمليط يف أصوؿ الفقو ‪ .‬ج‪،6‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ ،26‬الشوكاين ‪ ،‬إرشاد الفحوؿ إيل ربقيق اغبق‬
‫من علم األصوؿ ‪.‬ج ‪ ، 2‬مرجع ‪ ،‬ص ‪.189‬‬
‫‪ -2‬ابن العابدين (ت‪1252 :‬ىػ)‪ ،‬رد احملتار على الدر اؼبختار‪.‬ج‪ (6‬ط‪2:‬؛ بَتكت ‪ :‬دار الفكر ‪1412 ،‬ىػ‬
‫‪1992/‬ـ) ص‪.574‬‬
‫‪ - 3‬مالك ابن أنس ‪ ،‬اؼبوطأ‪.‬ج‪ ، 1985 2‬مرجع سابق ‪،‬ص‪، 864‬ابن قدامة ‪،‬اؼبغٍت ‪ .‬ج‪ ، 8‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‬
‫‪.398‬‬
‫‪ -4‬الشافعي ‪ ،‬األـ ‪ .‬ج‪ ، 7‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.339‬‬
‫‪ -5‬السمعاين‪ ،‬قواطع األدلة ‪.‬ج‪ 3‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.396‬‬

‫‪30‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫غسل اإلناء من كلوغ الكلب فأخذ الشافعي_ رضبو اهلل‪ -‬بأكثر فهذه اؼبسألة ال نزاع فيها‬
‫التفاؽ العلماء بأخذ بالدليل إف كجد ‪ ،‬حيث قاؿ السبكي ‪" :‬أف ال يكوف ىناؾ دليل داؿ‬
‫على األكثر‪ ،‬فإنو بتقدير ذلك ال يصح أف يتمسك بالرباءة األصلية‪ ،‬فإهنا ليست حبجة مع‬
‫الناقل السمعي"‪ ، 1‬ككذلك إذا مل يوجد يف اؼبسألة أقواؿ مشًتؾ كاختالؼ العلماء يف دية‬
‫الذمي؛ فقيل‪ :‬الثلث‪ ،‬كقيل‪ :‬النصف‪ ،‬كقيل‪ :‬مثل دية اؼبسلم‪ ،‬فلو كاف ىناؾ قوؿ‪ :‬بأف ديتو‬
‫فرس‪ ،‬مل يكن ىناؾ قوؿ باألقل فال يؤخذ بو فال نزاع أيضا يف ىذه اغبالة كال يؤخذ بأقل ما‬
‫قيل‪ ،‬فقاؿ الزركشي "إذا كاف مع األقواؿ دية الكتايب قوؿ يقوؿ بالفرس فال يؤخذ بأقل"‪، 2‬‬
‫بينما يكوف نزاع إذا ما كانت يف اؼبسألة ؾبموع من أقواؿ كعدـ كجود دليل يؤيد القوؿ بأقل‬
‫أك أكثر أك ـبالفتهما ‪3‬كيدؿ على ذلك قاؿ ابن مفلح‪" :‬قاؿ بعض أصحابنا‪ :‬إذا اختلفت‬
‫يبُت أف يف إهباب‬‫البينتاف يف قيمة اؼبتلف؛ فهل هبب األقل‪ ،‬أك نسقطهما ؟ فيو ركايتاف‪ ،‬فهذا ِّ‬
‫األقل هبذا اؼبسلك خالفا"‪. 4‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬رأي الباجي‬
‫ذىب الباجي ‪ -‬رضبو اهلل – اىل األخذ بأقل ما قيل ‪ ،‬حيث قاؿ ‪":‬ىذا – اغبكم بأخذ‬
‫بأقل ما قيل ‪ -‬باب لو تعلق باالصباع ‪،‬كتعلق باستصحاب اغباؿ "‬
‫معٌت األخذ بأقل ما قيل عند الباجي ‪":‬إذا اختلف العلماء يف إهباب شيء فأكجب بعضهم‬
‫قدرا ما‪ ،‬كأكجب سائر أكثر منو ‪ :‬كاف ما أكجبو أقلهم ‪ :‬إهبابا ؾبمعا عليو ‪ ،‬كما زاد عليو‬

‫‪ - 1‬تقي الدين أبو اغبسن علي بن عبد الكايف السبكي (ت ‪ 756 :‬ق ) ‪،‬اإلهباج يف شرح اؼبنهاج‪ ،‬ج‪( 3‬ال‪ .‬ط ؛‬
‫بَتكت ‪ :‬دار الكتب العلمية ‪1416 ،‬ىػ ‪ 1995 -‬ـ) ص ‪.175‬‬
‫‪ -2‬انظر ‪ :‬الزركشي ‪،‬البحر احمليط يف أصوؿ الفقو‪.‬ج‪ ، 6‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.29‬‬
‫‪- 3‬انظر‪ :‬أبو اؼبظفر‪ ،‬منصور بن ؿبمد السمعاين(ت ‪489 :‬ىػ)‪ ،‬قواطع األدلة ‪.‬ج‪ 3‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪ ،396‬الزركشي‬
‫‪،‬البحر احمليط يف أصوؿ الفقو‪.‬ج‪ ، 6‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪ ، 29‬تقي الدين السبكي ‪،‬اإلهباج يف شرح اؼبنهاج‪ ،‬ج‪، 3‬مرجع‬
‫سابق ‪،‬ص ‪.175‬‬
‫‪- 4‬ؿبمد بن مفلح اغبنبلي (ت ‪763 :‬ىػ)‪ ،‬أصوؿ الفقو ‪.‬ربقيق ‪ :‬فهد بن ؿبمد السدحاف‪ .‬ج‪( 2‬ط‪ 1:‬؛ال ‪.‬ـ ‪ :‬مكتبة‬
‫العبيكاف ‪ 1420 ،‬ىػ ‪1999 /‬ـ ) ص‪.452‬‬

‫‪33‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫ـبتلف فيو ‪ ،‬كاألصل براءة الذمة فيجب استصحاب حاؿ األصل ‪ ،‬فيما زاد على اجملمع عليو‬
‫‪1‬‬
‫‪ ،‬حىت يدؿ الدليل على زيادة عليو كىذا ( من باب استصحاب اغباؿ )‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬األدلة‬
‫مل يذكر الباجي األدلة اليت استند عليها إلثبات رأيو يف اؼبسألة ‪.‬‬
‫الفرع الخامس ‪ :‬الرد على الباجي (انكار اإلجماع )‬
‫لقد ذىب اغبنفية اىل إنكار أف يكوف دليال لألحكاـ ‪،‬ككذلك أنكركا صبهور من‬
‫األصوليُت دعول اإلصباع ‪ .‬كقد عاب الغزايل من نسب اىل الشافعي كونو إصباعا ‪ ،‬فقاؿ إنو‬
‫‪2‬‬
‫سوء ضن بالشافعي ‪ ،‬كلو كاف إصباعا لكاـ من موجب الزيادة خارقا لإلصباع ‪.‬‬
‫قاؿ اإلسنوم‪ :‬كقد اعتمد الشافعي على ىذا الدليل يف إثبات األحكاـ إذا كاف األقل جزءا‬
‫من األكثر كمل هبد دليال غَته‪ ،‬هبذا القيد‪ :‬كمل هبد دليال غَته؛ فإف كجد دليال ٍ‬
‫حينئذ ال‬
‫يتمسك باألقل‪ ،‬كلذلك قيل‪ :‬إذا دؿ الدليل على الزيادة أقول من الرباءة األصلية فال يأخذ‬
‫الشافعي باألقل مطلقا‪.‬‬
‫كؽبذا قيل‪ :‬ؼبا اختلف يف العدد الذم تنعقد بو اعبمعة كقيل‪ :‬أربعوف‪ .‬كقيل‪ :‬ثالثة‪ .‬ىل قاؿ‬
‫الشافعي بالثالثة؟ مل يقل بالثالثة؛ لوجود الدليل الداؿ على أربعُت عندىم‪.‬‬
‫أشار ابن تيمية إىل مأخذ آخر لدعول اإلصباع‪ ،‬كىو أف ىذا اإلصباع مل يأت عن اجتهاد‪،‬‬
‫بل جاء اتفاقان من غَت تقدير فقاؿ‪( :‬إف إهباب الثلث أك الربع ككبو ذلك البد أف يكوف لو‬
‫مستند‪ ،‬كال مستند على ىذا التقدير‪ ،‬كإمبا كقع االتفاؽ على كجوبو اتفاقان فهو شبيو باإلصباع‬

‫‪ - 1‬أبو الوليد الباجي ‪ ،‬إحكاـ الفصوؿ يف إحكاـ األصوؿ ‪ ،‬ج‪ ، 2‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.705‬‬
‫‪ - 2‬انظر ‪:‬أبو اؼبظفر‪ ،‬منصور بن ؿبمد السمعاين(ت ‪489 :‬ىػ)‪ ،‬قواطع األدلة ‪.‬ج‪ 3‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪ ،395‬ابو‬
‫حامد الغزايل ‪ ،‬اؼبستصفى ‪ .‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ ،159‬أبو ؿبمد موفق الدين ابن قدامة (ت‪620 :‬ىػ)‪ ،‬ركضة الناظر‬
‫كجنة اؼبناظر يف أصوؿ الفقو على مذىب اإلماـ أضبد بن حنبل‪.‬ج‪ ، 1‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .442‬عالء الدين أبو اغبسن‬
‫اؼبرداكم‪ ،‬التحبَت شرح التحرير يف أصوؿ الفقو‪ .‬ج‪ ( 4‬ط‪ ، 1:‬ال‪ .‬ـ ‪ :‬مكتبة الرشد ‪1421 ،‬ق‪2000/‬ـ )ص‪.1674‬‬

‫‪33‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫اؼبركب‪ ،‬إذا أصبعوا على مسألتُت ـبتلفيت اؼبأخذ‪ ،‬كبعود األمر إىل جواز انعقاد اإلصباع بالبحث‬
‫‪1‬‬
‫كاالتفاقات كإف كاف كل كاحد من اجملمعُت ليس لو مأخذ صحيح‪.‬‬
‫فاإلصباع يتحقق إال أذا استطعنا ضبط صبيع األقواؿ يف اؼبسألة ‪ ،‬ىذا ال سبيل إليو ‪ ،‬لذلك‬
‫قاؿ ابن حزـ الظاىرم ‪ ":‬يكوف ىذا حقا صحيحا لو أمكن ضبط أقواؿ صبيع أىل اإلسالـ يف‬
‫كل عصر كإذ ال سبيل إىل ىذا فتكلفو عناء ال معٌت لو "‬
‫بل حكى قوال باألخذ باألكثر ‪،‬ألنو ـبرج من عهدة التكليف بيقُت ‪ ،‬حيث قاؿ "كمنهم‬
‫من قاؿ بل نأخذ بأكثر ما قيل ألنو ال ىبرج من لزمو فرض عما لزمو إال بيقُت كال يقُت إال‬
‫‪2‬‬
‫بعد أف يستوعب كل ما قيل"‬
‫الفرع السادس ‪ :‬مثال تطبيقي‬
‫مل أعثر على حد اطالعي على مثاؿ كاحد مثّل بو الباجي يف كتبو األصولية ‪ ،‬ككذلك‬
‫حاكلت أف أعبأ اىل كتابو" اؼبنتقى شرح اؼبوطأ " ‪ ،‬كقد حاكلت تكرار كمرار لكن دكف جدكل‬
‫بسبب تقصَتم يف البحث كلضيق الوقت ‪.‬‬

‫‪ -1‬آؿ تيمية (بدأ بتصنيفها اعب ّد‪ :‬ؾبد الدين عبد السالـ بن تيمية (ت‪652 :‬ىػ) ‪ ،‬كأضاؼ إليها األب‪ : ،‬عبد اغبليم‬
‫بن تيمية (ت‪682 :‬ىػ) ‪ ،‬مث أكملها االبن اغبفيد‪ :‬أضبد بن تيمية (‪728‬ىػ) )‪ ،‬اؼبسودة يف أصوؿ الفقو‪ .‬ربقيق ‪ :‬ؿبمد‬
‫ؿبيي الدين عبد اغبميد‪( .‬ال‪ .‬ط ؛ ال‪ .‬ـ ‪ :‬دار الكتاب العريب ‪،‬د‪.‬ت ) ص ‪.490‬‬
‫‪ - 2‬أبو ؿبمد علي بن أضبد الظاىرم (ت‪456 :‬ىػ)‪ ،‬اإلحكاـ يف أصوؿ األحكاـ‪ .‬ربقيق ‪ : :‬الشيخ أضبد ؿبمد‬
‫شاكر‪.‬ج‪( 1‬ال‪ :‬ط ؛ بَتكت ‪ :‬دار اآلفاؽ اعبديدة‪ ،‬د‪.‬ت) ص ‪.632‬‬

‫‪33‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫ملخص المبحث الثاني‬


‫نتناكؿ يف ىذا اؼببحث اآلراء األصولية للباجي يف األدلة اؼبختلف فيها‪ ،‬كقد تناكلنا‬
‫طبسة أدلة لعلّنا يف ىذا اؼبلخص نلم باؼبوضوع حبيث نعرؼ بالدليل مع ذكر رأم الباجي فيو‬
‫كما يلي ‪:‬‬
‫أكال ‪ :‬عمل أىل اؼبدينة ‪ :‬عرؼ بأنو " ىو ما اتفق عليو العلماء ك الفضالء باؼبدينة‬
‫اجتهادا"‬
‫ن‬ ‫كلهم أك أكثرىم ‪ ،‬يف زمن الصحابة كالتابعُت سواء أكاف سنده نقال أـ‬
‫حاكؿ الباجي إزالة اللبس الذم كقع فيو الكثَت من األصوليُت كحىت اؼبالكيُت أنفسهم‬
‫بسبب عدـ سالمة النقل على اإلماـ مالك فعمل الباجي على توضيح مراد مالك ‪-‬رضبو اهلل‬
‫من اصباع أىل اؼبدينة كقاؿ أف إصباع أىل اؼبدينة عند مالك على ضربُت كنبا ‪:‬‬
‫‪ - 1‬إصباع أىل اؼبدينة يف ما طريقو النقل كىو الذم يصح نسبتو إىل اإلماـ مالك‬
‫مثل‪ :‬كمسألة األذاف ‪ ،‬كترؾ اعبهر ببسم اهلل الرضبن الرحيم ‪ ،‬كمسألة الصاع‪ ،‬ك ىذا نقل أىل‬
‫اؼبدينة عند مالك ‪ -‬رضبو اهلل ‪-‬حجة مقدمة على خرب اآلحاد‪.‬‬
‫‪ -2‬من أقواؿ أىل اؼبدينة ما نقلوه من سنن رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم من طريق‬
‫اآلحاد أك ما أدركوه باالستنباط كاالجتهاد ‪ ،‬فهذا ال فرؽ فيو بُت علماء اؼبدينة كعلماء غَتىم‬
‫يف أف اؼبصَت منو إىل ما عضده الدليل كالًتجيح ‪ ،‬كلذلك خالف مالك يف مسائل عدة أقواؿ‬
‫أىل اؼبدينة‪.‬‬
‫ثانيا االستحساف عند الباجي ما ىو إال ضرب من الًتجيح كىو األخذ دبا ترجح من‬
‫الدليلُت اؼبتعارضُت أما تسميتو استحسانا إال على سبيل الواضعة كال يبتنع ذلك يف حق أىػل‬
‫كػل صناعة‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬سد الذرائع ‪ :‬عرفها الباجي ‪ " :‬اؼبسألة اليت ظاىرىا اإلباحة كيتوصل هبا اىل فعل‬
‫ؿبظور" كافق الباجي اإلماـ مالك ‪ -‬رضبو اهلل ‪ -‬بأخذ بسد الذرائع ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬االستصحاب ‪ :‬ما ىو إال ‪ :‬اغبكم بثبوت أمر يف الزماف الثاين بناء على أنو‬
‫كاف ثابتا يف الزماف األكؿ" ذىب الباجي اىل حجية االستصحاب حاؿ العقل كاعتربه دليل‬

‫‪33‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اآلراء األصولية ألبي الوليد الباجي‬

‫صحيح كىو عندنا القسم الثالث من األدلة الشرعية ‪ ،‬كما ذىب الباجي اىل عدـ احتجاج‬
‫باالستصحاب حاؿ اإلصباع ‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬األخذ بأقل ما قيل ‪:‬بُت الباجي حقيقة األخذ بأقل ما قيل حيث قاؿ "إذا‬
‫اختلف العلماء يف إهباب شيء فأكجب بعضهم قدرا ما‪ ،‬كأكجب سائر أكثر منو ‪ :‬كاف ما‬
‫أكجبو أقلهم ‪ :‬إهبابا ؾبمعا عليو ‪ ،‬كما زاد عليو ـبتلف فيو ‪ ،‬كاألصل براءة الذمة فيجب‬
‫استصحاب حاؿ األصل ‪ ،‬فيما زاد على اجملمع عليو ‪ ،‬حىت يدؿ الدليل على زيادة عليو كىذا‬
‫( من باب استصحاب اغباؿ ) ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫خاتمة‬
‫خاتمة‬

‫احلمد هلل الذي بنعمو تتم الصاحلات‪ ،‬والصالة والسالم على من أخرجنا اهلل بو من‬
‫الظلمات اىل النور ‪ ،‬وبعد ‪:‬‬
‫قد ىيأ يل ىذا البحث بطبيعة مباحثو العيش مع عدد من الفنون والعلوم من كتب األصول‬
‫بارعا وسبحت يف حبره حىت‬‫فقيها أصوليًا ً‬
‫واحلديث والفقو‪ ،‬وعشت أيضا مع عامل جليل القدر ً‬
‫خرجت ببعض درره وجواىره ‪ ،‬كل ذلك مع قلة الزاد العلمي وضعف اذلمة والتقصري ‪ ،‬أسال‬
‫اهلل أن يبارك يل يف اليسري وأن يساحمنا يف ىذا التقصري ‪.‬‬
‫ومن ىنا يطيب يل أن أذكر بعض النتائج اليت توصلت إليها‬
‫اسخا ومشاركةً مفيد ًة يف علم أصول الفقو ‪.‬‬
‫علما ر ً‬
‫‪-1‬أن اإلمام الباجي كان لو ً‬
‫‪ -2‬ركز الباجي يف دراستو على القضايا األصولية اليت ينبين عليها فروع عملية وكذلك كان‬
‫ويتحاشى القضايا النظرية اليت ال يوجد ذلا امتداد فقهي ‪.‬‬
‫‪ -3‬براعة الباجي يف دراسة ادلسائل األصولية حيث كان يستسهل ادلسألة بطرحها وشرحها‬
‫مث يستعرض خمتلف اآلراء مث يديل برأيو ‪.‬‬
‫‪ -4‬الباجي مل يكن متحيزاً دلذىبو بل كان أكثر حترر يف ادلسائل ومهو الوحيد الوصول اىل‬
‫احلقيقة بل كان ينقل بأمانة وموضوعيو كل اآلراء الصاحلة حول القضايا ‪.‬‬
‫‪ - 5‬ال خالف بني العلماء يف إمجاع أىل ادلدينة فيما طريقو النقل ‪ ،‬إمنا اخلالف يف أقوال‬
‫أىل ادلدينة يف ما نقلوه من سنن رسول اهلل صلى اهلل عليو وسلم من طريق اآلحاد أو ما‬
‫أدركوه باالستنباط واالجتهاد ‪.‬‬
‫‪-6‬ال خالف بني العلماء يف األخذ باالستحسان وىو األخذ بأقوى الدليلني وكما أخذ‬
‫أيضا ‪.‬‬
‫بو الباجي ً‬
‫‪ -7‬يرى الباجي أن ادلالكية يأخذون بقاعدة سد الذرائع دون غريىم ‪ ،‬لكن يف حقيقة‬
‫األمر األخذ بقاعدة سد الذرائع متفق عليها بني العلماء إمنا اخلالف يف حتقيق ادلناط ‪.‬‬
‫‪ -8‬رأي الباجي حول استصحاب حال االمجاع ال يصح لالستدالل بو لعدم تناولو موضع‬
‫اخلالف ىذا رأي أغلب األئمة من ادلالكيني واحلنفيني والشافعيني‪.‬‬
‫‪ -9‬رأي الباجي بأخذ بأقل ما قيل ما ىو إال من باب استصحاب احلال ‪.‬‬

‫‪07‬‬
‫خاتمة‬

‫توصيات‬
‫عند دراسيت لبعض تطبيقات اآلراء األصولية لإلمام الباجي يف األدلة ادلختلف فيها يف كتابو‬
‫ادلنتقى شرح ادلوطأ الحظت أن الباجي يكثر االستدالل بالقياس دما صعب عليا استخراج‬
‫بعض التطبيقات منو‪ ،‬وىذه ادلالحظة وجدهتا أيضا يف الرسالة" آراء أيب الوليد الباجي األصولية‬
‫يف معقول األصل واألدلة ادلختلف فيها " حملمد الصديق حممد دما أكد ذلك يل‪.‬‬
‫دما أثار تساؤيل ىل الباجي يتبع ذلك يف باقي أجزاء كتابو أم ال؟ وبو أوصي طلبة العلم أن‬
‫جيتهدوا يف البحث إلثبات ىذه النتيجة أو إلغائها ‪.‬‬
‫ويف األخري فما كان من توفيق فمن اهلل وحده ‪ ،‬وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان ‪.‬‬
‫وآخر دعونا أن احلمد هلل رب العادلني ‪.‬‬

‫‪07‬‬
‫فهارس‬
‫أوال‪ :‬فهرس اآليات القرآنية‬

‫ثانيا‪ :‬فهرس األحاديث النبوية واآلثار‬

‫ثالثا‪ :‬فهرس اآلثار‬

‫رابعا‪ :‬فهرس االعالم المترجم لهم‬

‫خامسا‪ :‬قائمة المصادر والمراجع‬

‫سادسا‪ :‬فهرس الموضوعات‬


‫فهـ ـ ــارس‬

‫فهرس اآليات القرآنية‬


‫الصفحة‬ ‫الرقم‬ ‫اآليـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫البقرة‬
‫‪49‬‬ ‫‪401‬‬ ‫ﭐﱡﭐ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ‪ ...‬ﱠ‬
‫آل عمران‬
‫أ‬ ‫‪401‬‬ ‫ﭐﱡﭐ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ‪...‬ﱠ‬

‫األنعام‬

‫‪46‬‬ ‫‪401‬‬ ‫ﭐ‬ ‫ﭐﱡﭐ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ‪ ...‬ﱠ‬

‫األعراف‬

‫‪14‬‬ ‫‪461‬‬ ‫ﭐﱡﭐ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ‬


‫ﭐ‬ ‫ﲠ‪...‬ﱠ‬
‫التوبة‬
‫‪41‬‬ ‫‪401‬‬ ‫ﭐﱡﭐ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﱠ‬
‫األعراف‬
‫‪40‬‬ ‫‪411‬‬ ‫ﱠ ﱠﭐ‬
‫ﱡ‬ ‫ﭐﱡﭐ ﱝ ﱞ ﱟ‬
‫يونس‬
‫‪28‬‬ ‫يونس‬ ‫ﭐﱡﭐ ﱕ ﱖ ﱗ ﱠ‬

‫الكهف‬
‫‪46‬‬ ‫‪41‬‬ ‫ﭐ ﭧﭐﭨﭐﱡ ﭐ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﱠ ﭐ‬
‫الزمر‬

‫‪37‬‬
‫فهـ ـ ــارس‬

‫‪43-40‬‬ ‫‪41‬‬ ‫ﭐﱡﭐ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ‪ ..‬ﱠ‬

‫فهرس األحاديث النبوية‬


‫الصفحة‬ ‫طرف الحديث‬
‫أ‬
‫‪6‬‬ ‫اكتب الشرط بيننا‪ ،‬بسم اهلل الرمحن الرحيم‪..‬‬
‫‪50‬‬ ‫إن احلالل بُت‪ ،‬وإن احلرام بُت‪ ،‬وبينهما مشتبهات‪..‬‬
‫‪59‬‬ ‫إن الشيطان يأيت أحدكم فينفخ بُت إليتيو فال ينصرف حىت يسمع ‪..‬‬
‫ف‬
‫‪10‬‬ ‫فهال جلس يف بيت أبيو وأمو‪ ،‬فينظر أيهدى لو أم ال‬
‫ر‬
‫‪45‬‬ ‫رخص يف بيع العرية خبرصها مترا‬
‫ل‬
‫‪45‬‬ ‫ال تبيعوا الثمر حىت يبدو صالحو‬
‫‪50‬‬ ‫لعن اهلل اليهود‪ ،‬حرمت عليهم الشحوم‪ ،‬فجملوىا‪ ،‬فباعوىا‬
‫م‬
‫‪43-40‬‬ ‫ما رآه ادلسلمون حسنا فهو عند اهلل حسن‬
‫‪45‬‬ ‫من رعف يف صالتو ‪...‬‬
‫‪52‬‬ ‫من منع فضل ادلاء ليمنع بو الكأل منعو اهلل فضل رمحتو‬
‫‪28‬‬ ‫من مل جيمع الصيام قبل الفجر فال صيام لو‬
‫ن‬
‫‪51‬‬ ‫هنى أن يبيع الرجل طعاما حىت يستوفيو‬

‫‪37‬‬
‫فهـ ـ ــارس‬

‫فهرس اآلثـار‬

‫الصفحة‬ ‫الراوي‬ ‫طرف األثر‬


‫‪51‬‬ ‫عائشة أم المؤمنين‬ ‫أبلغي زيد بن أرقم أن اهلل‬
‫تعاىل أبطل حجو وجهاده مع‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليو‬
‫وسلم إن مل يت‬
‫‪14‬‬ ‫عمر رضى اهلل عنه‬ ‫أيّها الناس إن النيب ‪‬قبض‬
‫ومل يفسر لنا الربا والريبة فاتركوا‬
‫الربا والريبة »‬

‫فهرس األعالم المترجم لهم‬

‫الصفحة‬ ‫العلم‬
‫‪57‬‬ ‫إبراىيم بن أمحد بن عمر بن محدان بن شاقال أبو إسحاق البزار ت ‪369‬ه‬
‫‪8‬‬ ‫إبراىيم بن علي بن يوسف أبو إسحاق الشَتازي ت‪ 467‬ىـ‬
‫‪1‬‬ ‫ابو بكر زلمد بن موىب التجييب احلصار القرطيب ت ‪ 406‬ىـ‬
‫‪9‬‬ ‫أبو زلمد بن الوليد بن سعد بن بكر األنصاري‬
‫‪14‬‬ ‫أمحد بن سليمان الباجي أبو القاسم ت ‪493‬ه‬
‫‪14‬‬ ‫أمحد بن عبد ادللك بن موسى بن أيب مجرة األموي ت ‪ 533‬ه‬
‫‪57‬‬ ‫إمساعيل بن حيِت بن إسحاق بن مسلم ادلزين أبو إبراىيم ت‪264‬ه‬
‫‪8‬‬ ‫احلسُت بن علي بن زلمد‪ ،‬الصيمري ت ‪ 436‬ىـ‬
‫‪3‬‬ ‫احلسُت بن زلمد بن أمحد الغساين أبو علي ‪ ،‬األندلسي‪ ،‬اجلياين ت ‪ 427‬ىـ‬
‫‪37‬‬
‫فهـ ـ ــارس‬

‫‪1‬‬ ‫احلسُت بن زلمد بن فَتة بن حيون أبو علي الصديف ادلعروف بابن سكرة‬
‫‪7‬‬ ‫خلف بن أمحد بن خلف‪ ،‬أبو بكر األنصاري الرحوي ت ‪ 420‬ىـ‬
‫‪4‬‬ ‫سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب وارث ‪ ،‬التجييب األندلسي القرطيب الباجي‪474‬ه‬
‫‪8‬‬ ‫طاىر بن عبد اهلل بن طاىر بن عمر الطربي أبو الطيب ت ‪ 450‬ىـ‬
‫‪41‬‬ ‫عبد اهلل بن طلحة أبو بكر اليابري اإلشبيلي ت ‪ 598‬ه‬
‫‪1‬‬ ‫عبد الواحد بن زلمد بن موىب ا لتجييب ادلعروف بابن القربي ت ‪ 456‬ىـ‬
‫‪8‬‬ ‫عبد بن أمحد بن زلمد أبو ذر اذلروي ت ‪ 435‬ىـ‬
‫‪4‬‬ ‫علي بن موسى بن احلسُت أبو احلسن بن السمسار ت‪ 433‬ه‬
‫‪11‬‬ ‫زلمد بن أيب نصر بن فتوح األسدي أبو عبد اهلل احلميدي األندلسي ت‪ 448‬ه‬
‫‪14‬‬ ‫زلمد بن الوليد بن زلمد بن خلف بن سليمان بن أيوب الفهري الطرطوشي ت‪520‬ه‬
‫‪8‬‬ ‫زلمد بن علي بن أمحد بن علي بن زلمد بن علي الدامغاين ت‪479‬ىـ‬
‫‪9‬‬ ‫زلمد بن زلمد بن زلمود‪ ،‬أبو جعفر القاضي السمناين ت ‪ 466‬ىـ‬
‫‪7‬‬ ‫مكي بن أيب طالب بن سلتار محوش أبو زلمد ت‪ 437‬ىـ‬
‫‪7‬‬ ‫يونس بن عبد اهلل بن زلمد بن مغيث بن زلمد بن عبد اهلل ابن الصفار ت‪ 429‬ىـ‬

‫‪37‬‬
‫فهـ ـ ــارس‬

‫فهرس المصادر والمراجع‬


‫أوال ‪:‬القرآن الكـريم‬

‫ثانيا ‪ :‬الكت ـ ـ ـ ـ ــب‬

‫‪.1‬ابن العدمي ‪ :‬عمر بن أمحد بن ىبة اهلل بن أيب جرادة العقيلي‪ ،‬كمال الدين (ت‪:‬‬
‫‪660‬ىـ) ‪ ،‬بغية الطلب يف تاريخ حلب ‪.‬حتقيق ‪ :‬سهيل زكار‪ ( ،‬ال‪ .‬ط ؛ ال‪ .‬ن ‪ :‬دار الفكر ‪،‬‬
‫د‪.‬ت )‪.‬‬

‫‪.2‬أيب دواد (ت‪275 :‬ىـ) ‪ ،‬سنن أيب داود ‪.‬حتقيق ‪ :‬زلمد زليي الدين عبد احلميد‪( .‬ال‪.‬‬
‫ط ؛بَتوت ‪ :‬ادلكتبة العصرية‪ ،‬صيدا ‪ ،‬د‪.‬ت )‪.‬‬

‫‪.3‬ابن اذلمام‪ :‬كمال الدين زلمد بن عبد الواحد بابن اذلمام (ت ‪861 :‬ىـ)‪ ،‬فتح القدير‪.‬‬
‫(ال‪ .‬ط ؛ ال ‪.‬م ‪ :‬دار الفكر‪ ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬

‫‪.4‬ابن بسام ‪ :‬أبو احلسن علي الشنًتيٍت (ت ‪542 :‬ىـ)‪ ،‬الذخَتة يف زلاسن أىل اجلزيرة ‪.‬‬
‫حتقيق ‪:‬إحسان عباس ‪( ،‬ط‪ 1:‬؛ ليبيا ‪ /‬تونس ‪ :‬الدار العربية للكتاب ‪1978 ،‬م )‪.‬‬

‫‪.5‬السمعاين ‪ :‬أبو ادلظفر‪ ،‬منصور بن زلمد (ت ‪489 :‬ىـ)‪ ،‬قواطع األدلة ‪.‬حتقيق ‪ :‬زلمد‬
‫حسن زلمد حسن امساعيل الشافعي‪ (.‬ط‪1 :‬؛ بَتوت ‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية‪1418،‬ىـ‪1999/‬م)‪.‬‬

‫‪.6‬عبد ادلنعم احلمَتى ‪:‬أبو عبد اهلل زلمد بن عبد اهلل بن عبد ادلنعم احلِمَتى (ت ‪:‬‬
‫‪900‬ىـ) ‪ ،‬صفة جزيرة األندلس منتخبة من كتاب الروض ادلعطار ‪ (.‬ط‪2 :‬؛ بَتوت‪ :‬دار‬
‫اجليل ‪ 1408،‬ىـ‪ 1988/‬م) ‪.‬‬

‫‪.7‬ابن فارس ‪ :‬أمحد بن فارس بن زكريا (ت ‪395 :‬ىـ) ‪ ،‬معجم مقاييس اللغة ‪.‬حتقيق ‪:‬‬
‫عبد السالم زلمد ىارون ‪ ( .‬ال‪ .‬ط ؛ال‪ .‬م ‪ :‬دار الفكر‪1399،‬ىـ‪1979 /‬م )‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫فهـ ـ ــارس‬

‫‪.8‬ابن فرحون ‪ :‬إبراىيم بن علي بن زلمد‪( .‬ت ‪799 :‬ىـ) ‪ ،‬الديباج ادلذىب يف معرفة‬
‫أعيان علماء ادلذىب ‪.‬حتقيق ‪ :‬زلمد األمحدي أبو النور ‪ ( ،‬ال‪ .‬ط ؛ القاىرة ‪: :‬دار الًتاث ‪،‬‬
‫د‪.‬ت ) ‪.‬‬

‫‪.9‬قدامة ‪ :‬أبو زلمد موفق الدين ابن قدامة ادلقدسي (ت‪620 :‬ىـ)‪ ،‬ادلغٍت البن قدامة ‪( .‬‬
‫ال‪ .‬ط ؛ ال‪ .‬م ‪ :‬مكتبة القاىرة ‪1388،‬ىـ ‪1968/‬م) ‪.‬‬

‫‪.10‬كحالة الدمشق ‪:‬عمر بن رضا بن زلمد راغب بن عبد الغٍت كحالة الدمشق (ت ‪:‬‬
‫‪1408‬ىـ) ‪ ،‬معجم قبائل العرب القدمية واحلديثة ‪ (.‬ط ‪7 :‬؛ بَتوت ‪:‬مؤسسة الرسالة ‪،‬‬
‫‪ 1414‬ىـ ‪ 1994 -‬م)‪.‬‬

‫‪.11‬مالك ابن أنس ‪ ،‬ادلوطأ ‪ .‬حتقيق ‪:‬زلمد فواد عبد الباقي ‪ ( .‬ال‪ .‬ط؛ ال‪ .‬م ‪ :‬ر‪:‬‬
‫مصطفى البايب احلليب‪ 1406 ،‬ه‪.) 1985/‬‬

‫‪.12‬إبراىيم بن مهنا بن عبد اهلل ادلهنا ‪ ،‬سد الذرائع عند شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ( .‬ط‪1:‬‬
‫؛ال‪ .‬م ‪:‬دار الفضيلة ‪ 1424 ،‬ىـ ‪2004 /‬م )‪.‬‬

‫‪.13‬ابن خلدون ‪ :‬عبد الرمحن بن زلمد بن خلدون ويل الدين ابن خلدون (ت‪808 :‬‬
‫ىـ)‪ ،‬مقدمة ابن خلدون ‪.‬حتقيق ‪:‬عبد اهلل الدرويش ‪( ،‬ط‪ 1:‬؛دمشق ‪ :‬مكتبة اذلداية ‪،‬‬
‫‪ 1425‬ىـ‪2004/‬م )‪.‬‬

‫‪.14‬ابن سامل سللوف ‪:‬زلمد بن زلمد بن عمر بن علي ابن سامل سللوف (ت ‪:‬‬
‫‪1360‬ىـ)‪ ،‬شجرة النور الزكية يف طبقات ادلالكية ‪ (.‬ط‪1 :‬؛ لبنان ‪:‬دار الكتب العلمية ‪،‬‬
‫‪ 1424‬ىـ ‪2003/‬م ) ‪.‬‬

‫‪.15‬أيب يعلى ‪:‬ابن أيب يعلى‪ ،‬زلمد بن زلمد أبو احلسُت ابن أيب يعلى (ت ‪526 :‬ىـ)‪،‬‬
‫طبقات احلنابلة ‪.‬حتقيق ‪ :‬زلمد حامد الفقي ‪ ( .‬ال‪ .‬م ؛ بَتوت ‪ :‬دار ادلعرفة ‪ ،‬د‪.‬ت ) ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫فهـ ـ ــارس‬

‫‪.16‬أمحد بن حنبل (ت ‪241 :‬ىـ) ‪ ،‬ادلسند ‪ ،‬حتقيق ‪ :‬شعيب األرنؤوط ‪ -‬عادل مرشد‪،‬‬
‫وآخرون (ط‪1:‬؛ال‪.‬م ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪ 1421،‬ىـ ‪ 2001 /‬م)‪.‬‬

‫‪.17‬إمساعيل بن زلمد أمُت بن مَت سليم الباباين البغدادي (ت ‪ 1399 :‬ىـ) ‪ ،‬ىدية‬
‫العارفُت أمساء ادلؤلفُت وآثار ادلصنفُت‪ ( .‬ال‪ :‬ط ؛ بَتوت ‪ :‬دار إحياء الًتاث العريب ‪ ،‬د‪.‬ت )‪.‬‬

‫‪.18‬األسنوي ‪ :‬عبد الرحيم بن احلسن بن علي اإلسنوي (ت ‪772 :‬ىـ)‪ ،‬هناية السول‬
‫شرح منهاج الوصول‪ (.‬ط‪ 1:‬؛ بَتوت ‪ :‬دار الكتب العلمية ‪1420 ،‬ىـ‪1999 /‬م )‪.‬‬

‫‪.19‬ابن األكفاين ‪:‬ىبة اهلل بن أمحد بن زلمد بن ىبة اهلل‪ ،‬أبو زلمد‪( ،‬ت ‪524 :‬ىـ) ‪،‬‬
‫ذيل ذيل تاريخ مولد العلماء ووفياهتم ‪.‬حتقيق ‪ :‬عبد اهلل بن أمحد بن سلمان احلمد ‪ ( .‬ط‪ 1:‬؛‬
‫الرياض ‪ :‬دار العاصمة ‪ 1409 ،‬ىـ ) ‪.‬‬

‫‪.20‬آل تيمية (بدأ بتصنيفها اجل ّد‪ :‬رلد الدين عبد السالم بن تيمية (ت‪652 :‬ىـ) ‪،‬‬
‫وأضاف إليها األب‪ : ،‬عبد احلليم بن تيمية (ت‪682 :‬ىـ) ‪ ،‬مث أكملها االبن احلفيد‪ :‬أمحد‬
‫بن تيمية (‪728‬ىـ) )‪ ،‬ادلسودة يف أصول الفقو‪ .‬حتقيق ‪ :‬زلمد زليي الدين عبد احلميد‪( .‬ال‪.‬‬
‫ط ؛ ال ‪.‬م ‪ :‬دار الكتاب العريب ‪،‬د‪.‬ت )‪.‬‬

‫‪.21‬اآلمدي ‪:‬أبو احلسن سيد الدين بن زلمد بن سامل اآلمدي (ت‪631 :‬ىـ)‪ ،‬اإلحكام‬
‫يف أصول األحكام‪ .‬حتقيق ‪ :‬عبد الرزاق عفيفي (ال‪:‬ط ؛ بَتوت ‪:‬ادلكتب اإلسالمي ‪،‬د‪ :‬ت )‪.‬‬

‫‪.22‬الباجي ‪:‬سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب وارث ‪ ،‬التجييب (ت ‪474 :‬ىـ )‪،‬‬
‫‪،‬إحكام الفصول يف إحكام األصول ‪.‬حتقيق ‪ :‬عمران علي أمحد العريب ‪ ( .‬ط‪ 1 :‬؛ بَتوت ‪:‬‬
‫دار ابن حزم ‪ 1430،‬ىـ ‪) 2009/‬‬

‫‪. 23‬الباجي ‪ :‬سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب وارث ‪ ،‬التجييب ‪ ،‬ادلنتقى شرح ادلوطأ ‪.‬‬
‫( ط ‪ 1 :‬ح؛ مصر ‪ :‬مطبعة السعادة ‪ 1332،‬ىـ )‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫فهـ ـ ــارس‬

‫‪.24‬الباجي ‪ :‬سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب وارث ‪ ،‬التجييب ‪ ،‬اإلشارة يف معرفة‬


‫األصول و الوجازة يف معٌت الدليل ‪.‬حتقيق ‪ :‬زلمد علي فركوس ‪ ( .‬ال‪ :‬ط ؛ال ‪:‬م‪ :‬ادلكتبة‬
‫ادلكية ‪ /‬دار البشائر اإلسالمية‪ ،‬د‪.‬ت )‪.‬‬

‫‪.25‬الباجي ‪ :‬سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب وارث ‪ ،‬التجييب ‪ ،‬احلدود يف األصول‬


‫‪.‬حتقيق ‪ :‬نزيو محاد ‪ (.‬ط‪ 1:‬؛بَتوت ‪ :‬مؤسسة الزعيب ‪ 1493،‬ىـ‪1973/‬م)‪.‬‬

‫‪.26‬الباجي ‪ :‬سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب وارث ‪ ،‬التجييب ‪ ،‬ادلنهاج يف ترتيب‬


‫احلِجاج ‪.‬حتقيق ‪ :‬عبداجمليد تركي ‪( .‬ط‪ 3:‬؛بَتوت ‪ :‬دار الغرب اإلسالمي ‪2001،‬م)‪.‬‬

‫‪.27‬الباجي ‪ :‬سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب وارث ‪ ،‬التجييب ‪ ،‬النصيحة الولدية ‪.‬‬
‫حتقيق ‪ :‬ابراىيم باجس عبد اجمليد ‪ (،‬ط‪ :‬؛ بَتوت‪ :‬دار ابن حزم ‪ 1421 ،‬ىـ ‪2000/‬م ) ‪.‬‬

‫‪.28‬الباجي ‪ :‬سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب وارث « فصول األحكام وبيان ما‬
‫مضى عليو العمل عند الفقهاء واحلكام ‪.‬حتقيق ‪:‬زلمد ابو األجفان‪ (.‬ط ‪ :‬؛ بَتوت ‪ :‬دار ابن‬
‫حزم ‪ 1422 ،‬ىـ ‪2002 /‬م )‪.‬‬

‫‪.29‬البخاري ‪ :‬زلمد بن إمساعيل أبو عبداهلل ‪ ،‬صحيح البخاري ‪ ،‬حتقيق ‪:‬زلمد زىَت بن‬
‫ناصر الناصر‪(.‬ط‪ 1:‬؛ ال‪ .‬م ‪ :‬دار طوق النجاة ‪1422،‬ىـ)‬

‫‪.30‬ابن بشكوال أبو القاسم خلف بن عبد ادللك (ت ‪ 578 :‬ىـ) ‪ ،‬الصلة يف تاريخ أئمة‬
‫األندلس ‪ (.‬ط‪ ، 2 :‬ال‪ .‬ن ‪ :‬مكتبة اخلاجني ‪ 1374 ،‬ىـ ‪ 1955 -‬م)‪.‬‬

‫‪.31‬البوطي ‪:‬زلمد سعيد رمضان البوطي‪ ،‬ضوابط ادلصلحة يف الشريعة اإلسالمية‪ (.‬ط‪ 2:‬؛‬
‫ال‪ .‬م ‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪ 1393،‬ىـ ‪1973/‬م)‪.‬‬

‫‪.32‬البيهقي ‪ :‬أمحد بن احلسُت بن علي بن موسى ابو بكر (ت ‪458 :‬ىـ)‪ ،‬السنن‬
‫الكربى ‪.‬حتقيق‪ :‬زلمد عبد القادر عطا ‪ ( ،‬ط‪2:‬؛ بَتوت ‪:‬دار الكتب العلمية ‪1424 ) ،‬‬
‫ىـ ‪ 2003/‬م )‪.‬‬
‫‪78‬‬
‫فهـ ـ ــارس‬

‫‪.33‬ابن تيمية ‪ :‬تقي الدين أبو العباس أمحد بن عبد احلليم بن عبد السالم بن عبد اهلل‬
‫(ت‪728 :‬ىـ) ‪ ،‬الفتاوى الكربى البن تيمية ‪( .‬ط‪ 1:‬؛ ال ‪.‬م ‪ :‬الفتاوى الكربى البن تيمية‪،‬‬
‫‪1408‬ىـ ‪1987 /‬م)‪.‬‬

‫‪.34‬حامت باي‪ ،‬األصول االجتهادية اليت يبٌت عليها ادلذىب ادلالكي‪ (.‬ط‪ :‬؛ الكويت ‪،‬‬
‫رللة الوعي اإلسالمي‪1432 ،‬ه ‪2011/‬م )‪.‬‬

‫‪.35‬ابن حجر العسقالين‪ :‬أبو الفضل أمحد بن علي بن زلمد بن أمحد بن حجر العسقالين‬
‫(ت‪852 :‬ه) ( ط‪ 1:‬؛ ال‪ .‬م ‪ :‬دار الكتب العلمية‪1419،‬ىـ‪1989/.‬م)‪.‬‬

‫‪.36‬اخلطاب الكلوذاين ‪ :‬زلفوظ بن أمحد بن احلسن أبو اخلطاب ال َك ْل َو َذاين ا (ت ‪510 :‬‬
‫ىـ) ‪ ،‬التمهيد يف أصول الفقو ‪ .‬حتقيق ‪ :‬مفيد زلمد أبو عمشة وزلمد بن علي بن إبراىيم ‪( .‬‬
‫ط‪ 1 :‬؛ جامعة أم القرى ‪ :‬مركز البحث العلمي وإحياء الًتاث اإلسالمي ‪ 1406 ،‬ىـ‬
‫‪1985/‬م )‪.‬‬

‫‪.37‬خلطيب البغدادي‪ :‬أبو بكر أحم د بن علي بن ثابت بن أمحد بن مهدي ( ت‪:‬‬
‫‪ 463‬ىـ ) ‪ ،‬تاريخ بغداد وذيولو ‪ .‬حتقيق ‪ :‬مصطفى عبد القادر عطا ‪ ( ،‬ط‪ :‬؛ بَتوت ‪:‬‬
‫دار الكتب العلمية ‪ 1417 ،‬ىـ ) ‪.‬‬

‫‪.38‬ابن خلكان ‪ :‬أبو العباس مشس الدين أمحد بن زلمد بن أيب بكر ابن خلكان (ت ‪:‬‬
‫‪681‬ىـ) ‪ ،‬وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان ‪.‬حتقيق ‪ :‬إحسان عباس ‪ ( ،‬ال‪ .‬ط ؛ بَتوت ‪،‬‬
‫دار صادر‪1900 ،‬م)‪.‬‬

‫‪.39‬الذىيب ‪:‬مشس الدين أبو عبد اهلل زلمد بن أمحد بن عثمان (ت ‪748 :‬ىـ) ‪ ،‬سَت‬
‫أعالم النبالء ‪.‬حتقيق ‪ :‬رلموعة من احملققُت بإشراف الشيخ شعيب األرناؤوط‪ ( ،‬ط‪ 3:‬؛ ال‪ .‬ن‬
‫‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪ 1405 ،‬ىـ ‪ 1985 /‬م) ‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫فهـ ـ ــارس‬

‫‪.40‬الرازي ‪ :‬أبو عبد اهلل زلمد بن فخر الدين الرازي (ت ‪606 :‬ىـ ) ‪ ،‬احملصول ‪.‬حتقيق ‪:‬‬
‫الدكتور طو جابر فياض العلواين ‪ ( ،‬ط‪3:‬؛ال‪.‬م ‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ 1418،‬ىـ ‪1997 /‬م)‪.‬‬

‫‪.41‬الرومي احلموي‪ :‬أبو عبد اهلل ياقوت بن عبد اهلل الرومي احلموي (ت‪626 :‬ىـ )‬
‫معجم األدباء ‪ (،‬ط ‪ 1 :‬؛ بَتوت ‪ :‬دار الغرب اإلسالمي ‪ 1414 ،‬ىـ ‪1993/‬م ) ‪.‬‬

‫زلمد بن عبد الرزاق الزبيدي (ت ‪1205 :‬ىـ)‪ ،‬تاج العروس من‬


‫‪.42‬الزبيدي ‪:‬زلمد بن ّ‬
‫جواىر القاموس ‪.‬حتقيق ‪ :‬رلموعة من احملقيقُت ‪ ( .‬ال‪ .‬ط ؛ ال‪ .‬م ‪ :‬دار اذلداية ‪ ،‬د‪.‬ت )‪.‬‬

‫‪.43‬زركشي ‪:‬أبو عبد اهلل بدر الدين الزركشي ‪( ،‬ت ‪794 :‬ىـ) ‪ ،‬البحر احمليط يف‬
‫أصول‪ (.‬ط‪ 1:‬؛ ال‪ .‬م ‪ :‬دار الكتيب ‪1414 ،‬ىـ ‪1994/‬م )‪.‬‬

‫‪.44‬أبو زىرة ‪:‬زلمد أبو زىرة ‪ ،‬أصول الفقو ‪ (.‬ال‪ :‬ط ‪،‬ال‪ :‬م ‪:‬دار الفكر العريب ‪ ،‬د‪:‬ت )‪.‬‬

‫‪.45‬الزيلعي ‪:‬مجال الدين الزيلعي (ت‪762 :‬ىـ) ‪ ،‬نصب الراية ‪.‬حتقيق ‪ :‬زلمد عوامة ‪( .‬‬
‫ط‪ 1:‬؛ بَتوت ‪ /‬جدة ‪ :‬مؤسسة الريان للطباعة والنشر ‪1418،‬ىـ‪1997/‬م) ‪.‬‬

‫‪.46‬السبكي ‪:‬تقي الدين أبو احلسن علي بن عبد الكايف بن علي بن متام بن حامد‬
‫‪،‬اإلهباج يف شرح ادلنهاج‪ (.،‬ال‪ :‬ط ‪ ،‬بَتوت ‪ :‬دار الكتب العلمية ‪1416،‬ىـ ‪1995 /‬م )‪.‬‬

‫‪.47‬السرخسي ‪:‬زلمد بن أمحد بن أيب سهل السرخسي (ت ‪483 :‬ىـ)‪ ،‬أصول‬


‫السرخسي‪ (.‬ال ‪.‬ط ؛ بَتوت ‪ :‬دار ادلعرفة ‪،‬د‪.‬ت ) ‪.‬‬

‫‪.48‬السيوطي ‪ :‬عبد الرمحن بن أيب بكر‪ ،‬جالل الدين (ت ‪911 :‬ىـ) ‪ ،‬طبقات ادلفسرين‬
‫العشرين ‪.‬حتقيق ‪ :‬علي زلمد عمر‪ (،‬ط‪ 1:‬؛ القاىرة ‪ :‬مكتبة وىبة ‪1396،‬م )‪.‬‬

‫‪.49‬الشاطيب ‪:‬إبراىيم بن موسى بن زلمد (ت‪790 :‬ىـ)‪ ،‬ادلوافقات ‪.‬حتقيق ‪ :‬أبو عبيدة‬
‫مشهور بن حسن آل سلمان‪( .‬ط ‪ 1:‬؛ال ‪.‬م ‪ :‬دار ابن عفان‪1417،‬ىـ‪1997 /‬م)‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫فهـ ـ ــارس‬

‫‪.50‬الشافعي ‪:‬أبو عبد اهلل زلمد بن إدريس(ت ‪204 :‬ىـ)‪ ،‬الرسالة ‪.‬حتقيق ‪ :‬أمحد شاكر‬
‫‪ (.‬ط‪1:‬؛ مصر ‪ :‬مكتبو احلليب‪1358 ،‬ىـ‪1940/‬م)‬

‫‪.51‬الشوكاين ‪:‬زلمد بن علي بن عبد اهلل الشوكاين (ت ‪1250 :‬ىـ)‪ ،‬إرشاد الفحول إيل‬
‫حتقيق احلق من علم األصول ‪.‬حتقيق ‪ :‬أمحد عزو عناية‪ (،‬ط‪ 2 :‬؛ ال ‪:‬م ‪ :‬دار الكتاب العريب‬
‫‪1419 .‬ىـ ‪1999 /‬م )‪.‬‬

‫‪.52‬الشوكاين ‪:‬زلمد بن علي بن زلمد الشوكاين (ت ‪1250 :‬ىـ)‪ ،‬إرشاد الفحول إيل‬
‫حتقيق احلق من علم األصول ‪ .‬حتقيق ‪ :‬الشيخ أمحد عزو عناية‪( .‬ط‪ :‬؛ ال‪ .‬م ‪ : :‬دار الكتاب‬
‫العريب ‪1419 ،‬ىـ ‪1999 /‬م) ‪.‬‬

‫‪.53‬الشَتازي ‪ :‬أبو اسحاق إبراىيم بن علي ‪ ،‬اللمع يف أصول الفقو ‪ (.‬ط‪ 2:‬؛ ال ‪.‬م ‪:‬‬
‫دار الكتب العلمية ‪ 1424 ،‬ىـ‪2003/‬م )‪.‬‬

‫‪.54‬الطربي ‪ :‬زلمد بن جرير بن يزيد بن كثَت (ت ‪310 :‬ىـ)‪ ،‬جامع البيان يف تأويل‬
‫القرآن‪ .‬حتقيق ‪ :‬أمحد زلمد شاكر ‪ ( .‬ط‪ 1:‬؛ال‪ .‬م ‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ 1420 ،‬ىـ‪/‬‬
‫‪2000‬م)‪.‬‬

‫‪.55‬الظاىري ‪:‬أبو زلمد علي بن أمحد الظاىري (ت‪456 :‬ىـ)‪ ،‬اإلحكام يف أصول‬
‫األحكام‪ .‬حتقيق ‪ : :‬الشيخ أمحد زلمد شاكر‪( .‬ال‪ :‬ط ؛ بَتوت ‪ :‬دار اآلفاق اجلديدة‪،‬‬
‫د‪.‬ت)‪.‬‬

‫‪.56‬ابن عابدين ‪ :‬زلمد أمُت بن عمر بن عبد العزيز عابدين (ت‪1252 :‬ىـ)‪ ،‬رد احملتار‬
‫على الدر ادلختار‪ ( .‬ط‪2:‬؛ بَتوت ‪ :‬دار الفكر ‪1412 ،‬ىـ ‪1992/‬م)‪.‬‬

‫‪.57‬ابن عبد احلمَتى‪ :‬أبو عبد اهلل زلمد بن عبد اهلل‪ .‬الروض ادلعطار يف خرب األقطار‬
‫‪.‬حتقيق ‪ :‬إحسان عباس ‪ ( ،‬ط‪ 2 :‬؛ بَتوت ‪ :‬مؤسسة ناصر للثقافة ‪ 1980 ،‬م) ‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫فهـ ـ ــارس‬

‫‪.58‬أبوعبد الرمحان ‪ :‬زلمود بن زلمد ادلالح ‪،‬األحاديث الضعيفة وادلوضوعة اليت حكم‬
‫عليها احلافظ ابن كثَت يف تفسَته ‪ ( .‬ط‪ 1:‬؛ السعودية ‪ :‬مكتبة العلوم واحلكم‪ 1431 ،‬ىـ‬
‫‪2010/‬م )‪.‬‬

‫‪.59‬عبد العزيز بن عبد الرمحن الربيعة‪ ،‬أدلة التشريع ادلختلف يف االحتجاج هبا‪ ( .‬ط‪ 2:‬؛ال‬
‫‪.‬م ‪ ،‬ال‪ .‬م ‪ 1401 ،‬ىـ‪1981 /‬م)‪.‬‬

‫‪.60‬عبد اهلل احلنفي ‪ :‬زين الدين عبد القادر احلنفي الرازي((ت ‪666 :‬ىـ)‪ ،‬سلتار‬
‫الصحاح ‪.‬حتقيق ‪ :‬يوسف الشيخ زلمد ‪ (.‬ط‪ 5:‬؛ بَتوت ‪ :‬ادلكتبة العصرية ‪1420 ،‬ىـ ‪/‬‬
‫‪1999‬م) ‪.‬‬

‫‪.61‬أبو عبد اهلل ‪:‬أبو عبد اهلل زلمد بن أمحد(ت‪671 :‬ىـ) ‪ ،‬اجلامع ألحكام القرآن‪.‬‬
‫حتقيق ‪ :‬اجلامع ألحكام القرآن‪ .‬ج ‪ (2‬ط‪ 2:‬؛ القاىرة ‪ :‬دار الكتب ادلصرية ‪1384،‬ىـ‬
‫‪1964/‬م ) ص ‪.52‬‬

‫‪.62‬عبد اجمليد الًتكي ‪ ،‬مناظرات يف أصول الشريعة اإلسالمية بُت ابن حزم والباجي ‪.‬حتقيق‬
‫‪:‬عبد الصبور شاىُت ‪ (.‬ط‪ 1:‬؛ بَتوت ‪ :‬دار الغرب اإلسالمي ‪ 1406،‬ىـ‪1986 /‬م )‪.‬‬

‫‪.63‬عالء الدين البخاري ‪ :‬عبد العزيز بن أمحد بن عالء الدين البخاري (ت ‪730 :‬ىـ)‪،‬‬
‫كشف األسرار شرح أصول البزدوي‪.‬ج‪ (3‬ال ‪.‬ط ؛ ال ‪.‬م ‪ :‬دار الكتاب اإلسالمي ‪،‬د‪.‬ت )‪.‬‬

‫‪.64‬عمر بن رضا بن زلمد(ت ‪1408 :‬ىـ) ‪ ،‬معجم ادلؤلفُت ‪( .‬ال‪ .‬م ؛ بَتوت ‪ :‬مكتبة‬
‫ادلثٌت ‪،‬د‪.‬ت )‪.‬‬

‫‪.65‬الغزايل ‪ :‬أبو حامد زلمد بن زلمد الطوسي (ت ‪505 :‬ىـ)‪ ،‬ادلستصفى ‪ .‬حتقيق‪:‬‬
‫زلمد عبد السالم عبد الشايف ‪( .‬ط‪ 1:‬؛ال ‪:‬م دار الكتب العلمية ‪1413 ،‬ىـ ‪1993 /‬م)‪.‬‬

‫‪.66‬الفيومي ‪ :‬أمحد بن زلمد بن علي الفيومي (ت ‪770 :‬ىـ)‪ ،‬ادلصباح ادلنَت يف غريب‬
‫الشرح الكبَت‪ ( .‬ال‪ :‬ط ‪ ،‬بَتوت ‪ :‬ادلكتبة العلمية‪ ،‬د‪.‬ت )‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫فهـ ـ ــارس‬

‫‪.67‬قاضي عياض‪ :‬أبو الفضل ال بن موسى ‪( ،‬ت ‪544 :‬ىـ) ترتيب ادلدارك وتقريب‬
‫ادلسالك ‪.‬حتقيق ‪ :‬سعيد أمحد أعراب ‪ ،‬ج ‪ ( 8‬ط‪1 :‬؛ ادلغرب ‪ :‬مطبعة فضالة ‪،‬‬
‫‪1983/1981‬م )‪.‬‬

‫‪.68‬ابن قدامة ‪:‬أبو زلمد موفق الدين (ت‪620 :‬ىـ)‪،‬روضة الناظر وجنة ادلناظر يف أصول‬
‫الفقو على مذىب اإلمام أمحد بن حنبل‪ ( .‬ط‪ 2:‬؛ ال‪ .‬م ‪ :‬مؤسسة الريّان للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع ‪1423 ،‬ىـ‪2002-‬م )‪.‬‬

‫‪.69‬ابن قدامة ‪:‬أبو زلمد موفق الدين عبد اهلل بن أمحد بن زلمد ‪ ،‬ادلغٍت البن قدامة ‪(.‬ال‪.‬‬
‫ط ؛ ال‪ .‬م ‪ :‬مكتبة القاىرة ‪1388 ،‬ىـ ‪1968 /‬م )‪.‬‬

‫‪ .70‬القصار ‪:‬أبو احلسن علي بن عمر ‪،‬ادلقدمة يف األصول البن القصار ‪.‬حتقيق‪ :‬مصطفى‬
‫سلدوم ‪ (.‬ط‪ 1:‬؛الرياض ‪ :‬بدار ادلعلمة للنشر والتوزيع ‪1420،‬ه‪1996 /‬م)‬

‫‪.71‬ابن قيم ‪ :‬زلمد بن أيب بكر بن أيوب بن سعد مشس الدين (ت‪751 :‬ىـ)‪ ،‬إعالم‬
‫ادلوقعُت عن رب العادلُت‪ (.‬ط‪ 1 :‬؛ ادلملكة العربية السعودية ‪ :‬دار ابن اجلوزي للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪ 1423‬ىـ)‪.‬‬

‫‪.72‬زلمد العروسي ‪ ،‬ادلسائل ادلشًتكة بُت أصول الدين وأصول الفقو‪ (.‬ال‪ .‬ط ؛ ال‪ .‬م ‪،‬ال‪.‬‬
‫ن ‪ ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬

‫‪.73‬زلمد ادلدين بوساق ‪ ،‬ادلسائل اليت بناىا اإلمام مالك على عمل أىل ادلدينة‪ ( .‬ط‪ 1:‬؛‬
‫ديب ‪:‬دار البحوث للدراسات اإلسالمية وإحياء الًتاث اإلمارات العربية ادلتحدة ‪1421،‬ه‬
‫‪2000/‬م‪.).‬‬

‫‪.74‬محد بن زلمد رفيع ‪ ،‬معامل الفكر األصويل ادلالكي من خالل فكر الباجي األصويل ‪(.‬‬
‫ط‪ ، 1 :‬األردن ‪ :‬عامل الكتب احلديث ‪1432 ،‬ىـ ‪2009/‬م )‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫فهـ ـ ــارس‬

‫‪.75‬ادلرداوي ‪ :‬عالء الدين أبو احلسن علي بن سليمان ‪ ،‬التحبَت شرح التحرير يف أصول‬
‫الفقو‪ .‬حتقيق‪ :‬عبد الرمحن اجلربين‪ ،‬عوض القرين ‪ ،‬وآخرون ‪ (.‬ط ‪1:‬؛ الرياض ‪ :‬مكتبة‬
‫الرشد‪1421 ،‬ىـ ‪2000/‬م )‪.‬‬

‫‪.76‬مسلم (ت ‪261 :‬ىـ) ‪ ،‬صحيح مسلم ‪.‬حتقيق ‪ :‬زلمد فؤاد عبد الباقي ‪( .‬ال‪ :‬ط ؛‬
‫بَتوت ‪ :‬دار إحياء الًتاث العريب ‪ ،‬د‪.‬ت ) ‪.‬‬

‫‪.77‬مشاط ‪:‬حسن بن زلمد مشاط ‪ ،‬اجلواىر الثمينة يف بيان أدلة ادلدينة ‪.‬حتقيق ‪ :‬عبد‬
‫الوىاب بن ابراىيم أبو سليمان ‪(.‬ط‪ 2:‬؛ بَتوت ‪:‬دار الغرب اإلسالمي ‪،‬‬
‫‪1411‬ه‪1990/‬م)‪.‬‬

‫‪.78‬مفلح ‪:‬زلمد بن مفلح بن زلمد بن مفرج‪ ،‬أبو عبد اهلل‪ ،‬مشس الدين ادلقدسي الراميٌت‬
‫(ت ‪763 :‬ىـ)‪ ،‬أصول الفقو‪ .‬حتقيق ‪:‬فهد بن زلمد السدحان‪(.‬ط‪ 1:‬؛ال ‪.‬م ‪ :‬مكتبة‬
‫العبيكان ‪ 1420 ،‬ىـ ‪1999 /‬م )‪.‬‬

‫‪.79‬ادلقري ‪ :‬أمحد بن زلمد ادلقري التلمساين (ت ‪1041 :‬ىـ)‪ ،‬نفح الطيب من غصن‬
‫األندلس الرطيب ‪.‬حتقيق ‪ :‬إحسان عباس ‪،‬ج ‪ (2‬ط‪ 1 :‬؛ بَتوت ‪ :‬إحسان عباس ‪،‬‬
‫‪1968‬م ) ‪.‬‬

‫‪.80‬ابن منصور‪ :‬زلمد بن أمحد بن األزىري اذلروي (ت‪370 :‬ىـ)‪ ،‬هتذيب اللغة‪ .‬حتقيق‬
‫‪ :‬زلمد عوض مرعب‪( .‬ط‪ 1:‬؛ بَتوت ‪ :‬دار إحياء الًتاث العريب‪2001،‬م )‪.‬‬

‫‪.81‬ابن منظور ‪ :‬زلمد بن مكرم بن على‪ ،‬أبو الفضل‪ ،‬مجال الدين ابن منظور االنصاري‬
‫(ت ‪711 :‬ىـ) ‪ ،‬سلتصر تاريخ دمشق البن عساكر‪ .‬حتقيق‪ :‬روحية النحاس‪ ،‬رياض عبد‬
‫احلميد مراد‪ ،‬زلمد مطيع ‪ ( .‬ط‪1 :‬؛ دمشق ‪ : :‬دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر ‪1402 ،‬‬
‫ىـ ‪1984 -‬م )‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫فهـ ـ ــارس‬

‫‪.82‬وىبة الزحيلي ‪ ،‬أصول الفقو ‪ ،‬ج‪ ( 2‬ط‪ 1:‬؛ دمشق ‪ :‬دار الفكر ‪ 1402 ،‬ىـ‪/‬‬
‫‪1986‬م )‬

‫ثالثا ‪ :‬الرسائل العلمية‬

‫‪.1‬أمحد زلمد نور سيف‪ ،‬عمل أىل ادلدينة بُت مصطلحات مالك وآراء األصوليُت‪ (.‬رسالة‬
‫ماجستَت يف الكتاب والسنة )جامعة ادللك عبد العزيز ‪،‬مكة ادلكرمة ‪ 142 ،‬ىـ ‪ 2000 /‬م)‪.‬‬

‫‪.2‬البغا ‪:‬مصطفى ديب ‪ ،‬أثر األدلة ادلختلف فيها (مصادر التشريع التبعية ) يف الفقو‬
‫االسالمي‪(:‬رسالة دكتوارة يف أصول الفقو ) ‪،‬جامعة األزىر يف القاىرة‪.‬‬

‫‪.3‬الشعالن ‪:‬عبد الرمحان بن عبد اهلل ‪،‬أصول فقو اإلمام مالك( أدلتو النقلية )‪(.‬رسالة‬
‫دكتوراه يف أصول الفقو ) جامعة اإلمام زلمد بن سعود اإلسالمية ‪ ،‬الرياض ‪1424،‬ه‬
‫‪2003/‬م ‪.‬‬

‫‪.4‬القرايف ‪ :‬شهاب الدين أمحد بن إدريس الصنهاجي القرايف شرح تنقيح الفصول يف علم‬
‫األصول‪ (.‬رسالة ماجستَت يف الدراسات اإلسالمية ) ‪ 1421‬جامعة أم القرى ىـ ‪ 2000 /‬م‪.‬‬

‫‪ .5‬حسان بن زلمد حسن فلمان ‪ ،‬خرب الواحد إذا خالف عمل أىل ادلدينة ‪ (.‬رسالة‬
‫ماجستَت يف الشريعة اإلسالمية )‪.‬جامعة ادللك عبد العزيز ‪ ،‬ادلملكة العربية السعودية ‪،‬‬
‫‪1409/25/8‬م )‪.‬‬

‫‪.6‬زلمد صديق زلمد ‪،‬آراء أيب الوليد األصولية يف معقول األصل واألدلة ادلختلف فيها ‪(.‬‬
‫ماجستَت يف أصول الفقو ) ‪ ،‬جامعة أم القرى كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية ‪1415،‬ه‬
‫‪1994/‬م)‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫فهـ ـ ــارس‬

‫فهرس الموضوعات‬
‫رقم الصفحة‬ ‫ادلوضوع‬ ‫ادلوضوع‬
‫اإلىداء‬
‫شكر وتقدير‬
‫ملخص‬
‫أ‪-‬ح‬ ‫مقدمة‬
‫قائمة الرموز واإلشارات‬
‫ادلبحث األول ‪:‬اإلمام أبو الوليد الباجي وكتابو إحكام الفصول يف أحكام األصول ومنهجو‬
‫األصويل واسهاماتو فيها‬
‫‪1‬‬ ‫المطلب األول ‪:‬ترجمة لإلمام أبي الوليد الباجي‬
‫‪1‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬حياتو الشخصية‬
‫‪7‬‬ ‫الفرع الثاين ‪ :‬حياتو العلمية‬
‫‪15‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬كتاب إحكام الفصول في أحكام األصول‬
‫‪15‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تعريف بالكتاب وسبب تأليفو‬
‫‪16‬‬ ‫الفرع الثاين ‪:‬مهج التأليفي األصويل عند الباجي يف كتابو‬
‫‪20‬‬ ‫الفرع الثالث ‪:‬قيمة الكتاب وقضايا اليت يف الكتاب‬
‫‪22‬‬ ‫المطلب الثالث ‪ :‬منهج الباجي األصولي واسهاماته‬
‫‪22‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬منهج الباجي األصويل‬
‫‪23‬‬ ‫الفرع الثاين ‪ :‬اسهامات الباجي يف أصول الفقو‬
‫‪26‬‬ ‫ملخص ادلبحث األول‬
‫ادلبحث الثاين ‪ :‬اآلراء األصولية أليب الوليد الباجي‬
‫‪28‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬إجماع أهل المدينة‬
‫‪28‬‬ ‫الفرع ‪ :‬تعريف إمجاع أىل ادلدينة لغة واصطالحا‬

‫‪77‬‬
‫فهـ ـ ــارس‬

‫‪29‬‬ ‫الفرع الثاين ‪ :‬حترير زلل النزاع‬


‫‪30‬‬ ‫الفرع الثالث ‪:‬رأي الباجي‬
‫‪32‬‬ ‫الفرع الرابع ‪ :‬األدلة‬
‫‪33‬‬ ‫الفرع اخلامس ‪ :‬الرد على الباجي‬
‫‪34‬‬ ‫الفرع السادس ‪ :‬مثال تطبيقي‬
‫‪36‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬االستحسان‬
‫‪36‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬تعريف االستحسان لغة واصطالحا‬
‫‪39‬‬ ‫الفرع الثاين ‪ :‬حترير زلل النزاع‬
‫‪43‬‬ ‫الفرع اخلامس‪ :‬األدلة‬
‫‪44‬‬ ‫الفرع السادس ‪ :‬الرد على الباجي‬
‫‪45‬‬ ‫الفرع السابع ‪ :‬مثال تطبيقي‬
‫‪46‬‬ ‫المطلب الثالث ‪ :‬سد الذرائع‬
‫‪46‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬تعريف سد الذرائع لغة اصطالحا‬
‫‪47‬‬ ‫الفرع الثاين ‪:‬حترير زلل النزاع‬
‫‪49‬‬ ‫الفرع الثالث ‪ :‬رأي الباجي‬
‫‪49‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬األدلة‬
‫‪51‬‬ ‫الفرع اخلامس ‪ :‬الرد على الباجي‬
‫‪53‬‬ ‫الفرع السادس ‪ :‬مثال تطبيقي‬
‫‪54‬‬ ‫المطلب الرابع ‪ :‬االستصحاب‬
‫‪54‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬تعريف االستصحاب لغة واصطالحا‬
‫‪55‬‬ ‫الفرع الثاين ‪ :‬أنواع االستصحاب‬
‫‪56‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬حترير زلل النزاع‬
‫‪57‬‬ ‫الفرع الرابع ‪ :‬رأي الباجي‬
‫‪58‬‬ ‫الفرع اخلامس ‪ :‬األدلة‬
‫‪77‬‬
‫فهـ ـ ــارس‬

‫‪60‬‬ ‫الفرع السادس ‪ :‬الرد على الباجي‬


‫‪61‬‬ ‫الفرع السابع ‪ :‬مثال تطبيقي‬
‫‪62‬‬ ‫المطلب الخامس ‪ :‬األخذ بأقل ما قيل‬
‫‪62‬‬ ‫الفرع األول ‪:‬تعريف باألخذ بأقل ما قيل‬
‫‪63‬‬ ‫الفرع الثاين ‪:‬حترير زلل النزاع‬
‫‪64‬‬ ‫الفرع الثالث ‪ :‬رأي الباجي‬
‫‪65‬‬ ‫الفرع الرابع ‪ :‬األدلة‬
‫‪65‬‬ ‫الفرع اخلامس ‪ :‬الرد على الباجي‬
‫‪66‬‬ ‫الفرع السادس ‪ :‬مثال تطبيقي‬
‫‪67‬‬ ‫ملخص ادلبحث الثاين‬
‫‪70‬‬ ‫اخلامتة‬
‫‪73‬‬ ‫فهرس اآليات القرآنية‬
‫‪74‬‬ ‫فهرس األحاديث النبوية‬
‫‪75‬‬ ‫فهرس اآلثار‬
‫‪75‬‬ ‫فهرس األعالم ادلًتجم ذلم‬
‫‪77‬‬ ‫ادلصادر وادلراجع‬
‫‪88‬‬ ‫فهرس ادلوضوعات‬

‫‪78‬‬

You might also like