Professional Documents
Culture Documents
تنظم دار النشر و التوزيع المدارس بالدار البيضاء يوم السبت 22فبراير الجاري ،ابتداء من الساعة الثالثة و النصف
عصرا ،براوقها داخل المعرض الدولي للكتاب و النشر بالدار البيضاء ،حفل توقيع كتاب بركة الولياء :بحث في
المقدس الولوي لمؤلفه عبد الرحيم العطري ،و يشارك في حفل التوقيع الساتذة :محمد الداهي ،ياسين عدنان،
أحمد زنيبر و منتصر حمادة.
يقول الدكتور العطري في تصديره لهذا الكتاب ،بأن مهمته ل تنحصر في البحث عنعقلنة ممكنة لهذه الممارسات
التي تتم في رحاب الضرحة ،و ل التأكد من وجاهتها أو محدوديتها ،و أساسا في جوانب الكرامة و ما يتصل بها من
انخراقق عادةة و إبراةء و تيسيةر و مباركةة .ذلك أن النهمام بحقل النتاج و التدبير الرمزي لحياة المجتمع يندرج في
إطار فهم يعتبر أن رهانات الصراع والتدافع الجتماعي ليست دائما ،و بالضرورة ،اقتصادية ،فهناك جانب مهم من
الحياة الرمزية يكون محور صراع وتنافس شديدين .و بذلك فما يهم بالنسبة للعطري هو السؤال عن الكيفيات
التي تيعاش بها المقدس و تيستثمر و تيستنزل ،يعد ضروريا لدراك وتمثل مفهومه ،فالتجربة التي تتختبر فيها العلقة
بين المقدس و الدنيوي ،تصير مدخل لفهم البعاد الجتماعية لتدبير علقات القوة و المعنى.
جاء الكتاب الصادر ضمن سلسلة المعرفة الجتماعية لدار النشر المدارس في نحو 260صفحة من القطع
المتوسط ،بغلف دال يحمل لوحة تشكيلية لضريح سيدي ششكال المشهور بـ حج المسكين ،فالهدف ليس
الدخول في اشتباك فقهي مع الضرائحية ،و ل البحث عن مسوغات اجتماعية لها ،فالمهم هو ملحقة الرموز و
الطقوس.
في كل الممارسات الضرائحية ،يقول العطري ،يلوح الرمز و تتكثف الدللة و تنكشف و تتحجب المعاني ،و كأننا
في جغرافيا ل نهائية من اليقونات و الستعارات ،التي تتطلب نفسا عميقا للقراءة و الموضعة ،يجعلنا نتذكر ما
قاله موريس غودلييه يوما ،و هو أن على النثروبولوجي أن يبلل قميصه عرقا » lGnthropologu14G doit
« mouiller sa chemiseمن فرط التعب بحثا عن المعنى.
يضيف العطري قائل بأنه غالبا ما يقترن الحديث عن الضرائحية بالشعوذة و تدوير كثير من الصور النمطية،
الشيء الذي يلغي إمكانية التفكير في أبعاد هذه الممارسات و مدلوللتها النثروبولوجية ،من هنا يتقدم الكتاب،
بتواضع كبير ،مقترحا الفهم أول ،للقتراب من الوقائع بعيدا عن الصور النمطية التي تحيط بها .و عليه فالنكتاب،
ليس بحثا في تقويض إيديولوجيا السلم الشعبي ،و ل يقدم متنه على سبيل الشتباك المعرفي مع دفوعات أي
نمط من أنماط التدين المتنافسة في تدواليات الحقل الديني ،فالغاية تتجاوز الشتباك مع السلمات الخرى
المشككة في بركة الولياء ،و المكفرة أحيانا لمن يخطب ودها و يرجو خدمتها و يهفو إلى بركتها .كما أن العمل ،و
هذا هو الهم ،ل يحاول تبرير هذا المسلك العتقادي ،إنه بحث في الديناميات النفسية و الجتماعية و الرموز و
الطقوس النثروبولوجية التي تتواصل في نسق الولية و الصلح.
وعيا بحساسية المقدس و رمزيته الدالة نقترح مدخل للتفكير في انبناءات و اشتغالت الولية و الصلح ،عبر
نموذج مدينة سل التي عرفت تاريخيا بتجذر الظاهرة ،إلى الدرجة التي جعلت توصيفها يلوح في كثير من
المصادر باعتبارها قبلة الصالحين و خلوة الولياء ،بحيث تقول عنها الرواية الشفوية :مين تدخل سل ،طلب
التسليم،راه بين الخلفة و الخلفة كاين ولي)،ما معناه :بين الخطوة و الخرى هناك ولي صالح( .فهذه المدينة
الغارقة في القدم ،كانت قبلة للصلح منذ زمن بعيد ،و إن كان ما وصل إلينا من الصلحاء ينتمي مجملهم إلى ما
بعد القرن الخامس الهجري ،فإن ذلك ل يمنع من القول بتجذر ظاهرة الصلح الوليائي خلل قرون سابقة.
إن مساءلة المقدس الولوي السلوي في حركيته الروحية و امتداداته الجتماعية و الثقافية يفترض فتح نقاش آخر
حول الحضور الزاوياتي ،و أدواره في ضبط أو تسريع هذه الحركية ،خصوصا عندما نلحظ ميدانيا ذلك الحضور
المتواصل لعدد من الزوايا كالناصرية و التيجانية و الدرقاوية و الكتانية ،..أو ذلك الحضور القوي لقبب الولياء
الصالحين التي تلوح في مختلف أزقة و مقابر المدينة )المدينة القديمة أساسا( ،.و هذا ما يطرح سؤال البدء :من
ينتج ظاهرة الصلح؟ هل تنتج من داخل المدينة أو من خارجها؟ و ما ضرورتها؟ و ما آليات اشتغالها؟
إن ما نتغياه ،يقول الباحث ،من البحث في ظاهرة الصلح بمدينة سل يتحدد في محاولة ،لها ما لها و عليها ما
عليها ،ترمي إلى جرد شامل لمختلف الضرحة الواقعة بمدينة سل ،من أجل اكتشاف دينامية هذا المقدس
الولوي و بحث بعض من فعالياته و اشتغالته ،ذلك أن العلقة بالمقدس تعد مدخل مهما لفهم هذا المجتمع و
القيم و المعتقدات و الستراتيجيات التي تتفاعل فيه ،فالمجتمع ،أي مجتمع ،يعيد إنتاج معطياته من خلل
المقدس و المدنس و المجال و الذات والتقابلت أو الزواج .و في ظل هذه التقابلت يتحول المقدس إلى أهم
رهان سياسي ،و بالضبط في مجتمعات يلعب المقدس فيها دورا مهما في استراتيجيات الشرف و العرض و البركة
و الكرامة...ما يهم ليس السقوط في فخ معضد ،و إنما المهم هو فهم الممارسات و تأويلها ،أمل في تحليل و تفسير
استمرارية و رسوخ الخطاطة.