Professional Documents
Culture Documents
[اخلصوصيّة والكونيّة]
جذاذة مراجعة
اخلصوصيّة و الكونيّة
" نشدان العاملية يف اجملال الثقايف ،كما يف غريه من اجملاالت ،طموح مشروع ،ورغبة يف
نبتش
األخذ والعطاء ،يف التعارف واحلوار والتالقح ،إنها طريقة األنا للتعامل مع اآلخر بوصفه
أنا ثانية ،طريقها جلعل اإليثار حيل حمل األثرة ،أما العوملة فهي طموح ،بل إرادة
الخرتاق اآلخر وسلبه خصوصيته ،وبالتالي نفيه من العامل .العاملية إغناء للهوية
حممد عابد اجلابري الثقافية ،أما العوملة فهي اخرتاق هلا ومتييع". إعداد :الصّحيب بوقرة
نبتش
إحراجات املسألة: دواعي اإلهتمام
▪ كيف ميكن للخصوصيّة أن تنفتح على الكونية دون أن تفقد خصوصيتها؟ أال ميكن النظر إىل الكونية ▪ ما يسم الواقع اإلنساني من تعدد وتنوّع واختالف ،مبا هو
مبا هي احلفاظ على اخلصوصية؟ أال ميكن للكونية أن تكون أفق اخلصوصية؟ مؤشرّ على الكثرة وما مييّز اإلنساني من نزوع حنو
▪ أم هل علينا أن خنتار ما بني اخلصوصية والكونية؟ أال ترتجم هذه الثنائيات عن رؤية اختزالية تنتهي عادة الكوني ،وما ميثلّ القاسم املشرتك يف الفضاء اإلنساني مبا
إىل االنتصار لقطب والتضحية باآلخر؟ هو مؤشرّ على الوحدة ،أو الوجود النوعي لإلنسان.
▪ إذا اعتربنا أن الكوني قيمة نوعية فهل علينا اليوم أن ننقذ الكوني من خماطر الفراغ األنطولوجي الذي قد ▪ ما اقرتن به واقع االختالف من صراع أو صدام وعنف مورس
تولده الدعوات املدافعة عن اخلصوصية أم علينا أن ننقذ أنفسنا من كوني ال يفيد إال صورة جمرّدة للعدم؟ حتت شعارات خمتلفة ،فحرب اآلهلة أو احلرب باسم الدفاع
▪ أال ينبغي أن منيزّ بني كوني ينبغي إنقاذه وبني كوني ينبغي أن ننقذ أنفسنا منه؟ وبأي معنى ميكن أن عن حقوق اإلنسان أو من أجل نشر قيم احلق أو الدفاع عن
ندافع عن اخلصوصية ونعيشها دون القطع مع الكونية؟ الكرامة اإلنسانية أو باسم مقاومة اإلرهاب.
▪ إذا افرتضنا الطابع املركب للهوية أي هوية تتحدد على ضوء عوامل خمتلفة ومتعددة ،أال تفهم الكونية ▪ ظهور أقليات تدافع عن حقّها يف االختالف واالعرتاف بها مبا
على أنها أفق اخلصوصية ،فبأي معنى نفهم الكونية أفقا للخصوصية؟ وهل يعين ذلك إمكان جتاوز القول هي وجود أو كيان مستقلّ ،له هويّته املميزة
بالكونية مبا هي نفي للخصوصيات؟ ▪ يبدو قبول اإلختالف مستعصيا على أذهان البشر خاصة حني
▪ لكن ما داللة الكوني وما مشروعية القول بالكوني أو الدفاع عنه؟ وهل من إمكانية للتمييز بني يغدو العنصر املميّز هلذه اجلماعة أو تلك مقدّسا ومثال
الكوني والكلي؟ اعلى ،مما يدعونا للتفكري يف إيتيقا جديدة تتسعّ
▪ أال ميكننا أن نقارب الكوني من مناذج تفكري خمتلفة كأن نقاربه من جهة الطبيعة ومن جهة الوظيفة؟ إلختالف تبقيه إختالفا..
▪ أال يفيد هذا النظر إىل اخلصوصي مبا هو فضاء الثقافات [الكثرة] والكوني مبا هو فضاء احلضارة [الوحدة]؟ ▪ نعيش اخرتاق ثقافات خلصوصية ثقافات أخرى باسم
▪ أال يبدو استشكال العالقة على ضوء هذا القول بني اخلصوصي والكوني مفتعال وال مربر له؟ الكوني.
▪ أال يثري الواقع اإلنساني مبا يتضمنه من تناقضات مشكل العالقة هذا؟ فهل الكوني من جهة الواقع مبثل ▪ انغالق ثقافات معينة على نفسها دفاعا عن اخلصوصية
النقاء الذي نصوره من جهة املفهوم؟ أال يدفعنا هذا اإلختالف للتمييز بني كوني إيديولوجي وكوني ايتيقي؟ ورفضا للكونية.
فأي معنى للكوني إذا ما قاربناه إيديولوجيا؟ وأي معنى له يف داللته اإليتيقية؟ ▪ قدر اخلصوصيات أن يظلّ لقاء بعضها ببعض متارجحا بني
▪ أال ينبغي أن يفهم من هذا أن الدفاع عن اخلصوصية ال ينبغي أن حيمل على معنى رفض الكوني وإمنا رفض وصل وفصل ،لقاء بقدر ما حنتفي حبدوثه خنشى عواقبه...
كوني اهليمنة أو كوني املوت دفاعا عن كوني احلياة أو كوني كلية اإلنسان ووجوده النوعي؟ ▪ حياصرنا العنف من كلّ صوب لريسم لوحة قامتة لوجود
▪ أليس الكوني يف معناه اإليتيقي ما به نعيش على حدة [خصوصية] ومعا [كونية]؟ أليس كوني احلياة هو أن إنساني توهّم مصلحته يف اإلقتداء بالغالب ال يف السري
حيافظ كلّ منا على خصوصيته دون نفي اآلخر ونفي حقه يف أن يعيش خصوصيته؟ ودون رفض الوقوف على معه...
أرض مشرتكة قوامها قيم كونية ينبغي احرتامها والدفاع عنها ومشاكل كونية جتمع اإلنسانية يف همّ ▪ بني اهلويّة واملقدسّ عالقة قرابة ونسب تغذيه بقدر ما
واحد ومصري واحد؟ تتغذى به وحتميه بقدر ما حتتمي به ،ليكون املقدسّ ما
يوجّه اخلصوصيّة توجيها يرتاوح بني االنغالق واإلنفتاح،
وبني الصدام واحلوار...
https://www.facebook.com/philosophiles/ Les Philosophiles ▪ أصبحت العالقات بني الدول حتددها جغرافيا ثقافية.
[اخلصوصيّة والكونيّة]
اهلويّة ومشكل التعصبّ
حمركة للتحرر +عامل وحدة للجماعة +عنصر متايز وفرادة واختالف +منبّهة للوعي +حمددّا للنضج... اهلويّةّ :
اخلصوصيّة /اهلويّة :يشدّ هذا الثابت املتحوّل بني أطرافه وحدة متكثّرة حتيل على فروقات ولودة ،وكثرة مفتتّة تفيد معنى التفككّ واهلشاشة.
لبّ اهلوية هو انتماء مسئول ومسئولية انتماء.
عدّ الرتاث تاكيد للهويّة :قد تصبح عملية إلغاء "اآلخر" حلظة بناء حامسة للهوية.
يتولّد عن التسليم باهلوية البسيطة أو اجلوهر البسيط املنغلق على ذاته والذي ال حيتاج يف وجوده لغرية ،دفاعا مميتا عن اخلصوصية ،وباسم اخلصوصية ندافع
عن جوهر اهلوية الثقافية يف مواجهة خمتلف الثقافات ،وباسم ذات االنغالق ننظر إىل كل ما هو آت من ثقافة أخرى على أنه غريب وغرييّة تتهددنا ،ينبغي
رفضها وإقامة جدار عازل حيول دونها والتأثري فينا أو غزونا خشية حتولنا عما حنن عليه ،أي خشية أن نفقد مقوماتنا فنفقد هويتنا أو نعيش أزمة هوية.
استتباعات مثل هذا املوقف :رفض كلّ تواصل مع اآلخر وإحالل العنف حملّه مبا يعنيه من يأس من اإلنساني أو إدعاء احتكاره أو ادعاء األفضلية واالعرتاف
بضرب واحد من التعامل حيكمه منطق الصراع أو الصدام.
عندها يتحوّل القول باخلصوصية هذيانا أو هوسا عندها ال فرق بني الدفاع عن اهلوية أو السقوط يف اهلاوية؛ وعندما يعوّض اجلنون خطاب العقل والتعقّل،
يستحيل التسامح تهاونا والتهاون خيانة أو هرطقة؛ ويتحوّل املتعصب الناطق الرمسي باسم اهلوية والرتاث وباسم املوت واحلياة؛ وعندما تصاب اهلويةّ بداء
التخشّب والتحجرّ والصدء أو عندما يسكن القول باخلصوصية أروقة الكهوف واملغاور واجلبال ،لن تكون اهلويّة إال الوجه املقنعّ للهاوية.
[اخلصوصيّة والكونيّة]
الكوني وفخّ العوملة
▪ إن الواقع العنيف والصدامي للهوية البسيطة الذي ينتقل بنا من اهلوية إىل اهلاوية ،يقابله واقع كوني إيديولوجي هيمين ،ينتقل بنا من منطق
الصراع اإليديولوجي إىل منطق االخرتاق الثقايف ،مم يدفعنا للتشكيك يف العالقة من جديدة ،ال عالقة اهلوية بالعوملة فحسب ،بل عالقة العوملة
بالكوني ذاته.
▪ يتحرّك الكوني العوملي ضمن أفق العقل األداتي ،أفق املصلحة والنجاعة بدل أفق احلقيقة القيم ،وبقدر ما تشتد أساليب اهليمنة العوملية أو
الكوني العوملي بقدر ما تشتدّ مقاومة اخلصوصيات وتشتدّ مربرّات انغالقها .فالعوملة تطارد اهلوية وتالحقها وحتاصرها وجتهز عليها ،ويف دائرة
هذه املطاردة تعاند اهلوية أسباب الذوبان والفناء.
▪ يف زمن العوملة ربح اإلنسان كلّ شيء ولكنّه خسر ذاته...أصبح إنسانا بال ذاكرة وبالتالي بال هوية .ولكن هل يدعونا بؤس اإلنسان زمن العوملة
للقطع مع الكوني أو اليأس منه؟
▪ ترى العوملة ذات القطب الواحد ،أنه من حقّها تشكيل العامل وفق رؤاها ومصاحلها ،وباسم العاملية استهدفت مقوّمات اخلصوصيّة :املقدّس،اللّغة،
الفكر ،العادات وحتى أمناط العيش والسلوك ،فاألمر يتجاوز االبتزاز االقتصادي واالستعباد السياسي وفرض الشروط والقيود بالقوة إىل االخرتاق
الثقايف وذلك بالعمل على صهر اخلصوصيات ضمن املنظومة الثقافية الغربية عرب ما تنشره تكنولوجيا االتصال من ثقافة استهالكية تؤجج
الرّغبات وتقمعها ،تزرع التنميط وتدّعيه عيشا كرميا ،تصنع الرأي وتدّعيه حرية للفكر ،تعِد “مبجتمع املعرفة” وتسوّق لـ“جمتمع املشهد”،
تدّعي العاملية وتساوم اإلنسان يف إنسانيته ،مما ساهم يف تغريبه وعزله عن قضاياه احلقيقية.
▪ لقد سبق لنيتشه أن دعانا يف “ما وراء اخلري والشر” إىل التصدي هلذا “التقدم الذي يصيّر الناس متشابهني أكثر فأكثر ،وعاديني وسذّج وسوقيني”
" إبراز األخر كعدو لنا هي لعبة جد سهلة للعب عوض احلوار .فعال ،تشتبك حرب احلضارات هذه ،ألنه يتم إقناع الناس
من هذا الطرف وذاك بان كل اآلخرين هم ضدنا بأن ليس هناك شخص ميكن التخاطب معه يف اجلانب اآلخر .تايلور
" ميكن أن ينطلق تواصل يف جمتمع متحررّ حقق الرشد ألعضائه ليصل إىل حوار خال من السيطرة" هربماس
"علينا أن نتصور وحدة تضمن التنوّع ومتيّزه ،وأن نتصوّر تنوّعا ينخرط يف وحدة .إن الوحدة املركبة هلي هذا بالضبط... ،
إ.موران إنها وحدة مركبة خالقة"
" إن قطرة املاء تشارك يف عظمة احمليط حتى وإن كانت ال تعي ذلك؛ لكن مبجرّد أن ترغب يف االنفصال جتفّ متاما"
املهامتا غاندي -كلّ البشر إخوة
-
اإلنساني وحدة متكثّرةّ اإلستخالص :يف اخلتام نقول:
من الكوني اإليديولوجي إىل الكوني اإليتيقي
▪ اإلنساني وحدة وكثرة يف آن :وحدة من جهة االنتساب إىل عامل الثقافة وما يقتضيه من
▪ هو كوني القيم أو كوني احلياة الذي نفهمه على أنه كوني مبدع جتديل للطبيعة وانفتاح على الغري وإبداع للرموز وزرع للمعنى ،وكثرة من جهة تنوّع
خالقّ منفتح ،متيّزه قوى الفعل ال قوى االنفعال أو هو كوني إيتيقي؛ اهلويات الثقافية واألنظمة الرمزية وأساليب التفكري واإلبداع وإثبات الكيان.
ال يزال اإلنسان سؤاله بامتياز ،أليس كوني احلياة هو أن يدافع كلّ ▪ ال تعارض بني اخلصوصية والكونية :اخلصوصيات نواة ثقافية إبداعية مبا حتمله من
منا على هويّته دون نفي هوية اآلخر أو نفي حقه يف أن يعيش اختالف وتنوّع وختصيب للحضارة العاملية ،والكونية هي ما ننشد من جُماع للخصوصيات
خصوصيته؟ حبيث تتحقق حكمة العيش معا ،حكمة تنقذ الكوني يف صيغة وحدة :الوحدة املقصودة ليست متاثال وتنميطا يقضي على االختالف ويبتلع
من العوملي وتقتلع اهلوية من اهلاوية. اهلويات ،وإمنا هي الوحدة اليت تعبّر عن التعدّد لتجعل املضمون حيمل بصمة الكلي
▪ جيب أن ندخل يف صراع من أجل عاملية املبادئ ضد عوملة املصاحل أو مع وخياطب اإلنساني فينا حتى يكون االختالف باعثا على معرفة اإلنسان هلويته كإنسان
أنسنة العوملة ض ّد عوملة اإلنسان. ولتكون اهلوية هوية إنسانية ال يُربكها االختالف بل يثريها ويطوّرها.
من املفيد أن نالحظ يف النهاية أن األمم والشعوب تزداد انشغاالً ▪ إ ّن حوار احلضارات هو اآللية األكثر قدرة على جتسيم هذه التطلعات وعلى تكريس احلق
بتارخيها وماضيها وتراثها حني يكون حاضرها مأزوماً ،فاألزمات يف االختالف دون االختالف يف احلق ،نشدانا ملنزلة إنسانية يكون فيها اإلنسان إنسانا
الكربى اليت تطال "أنا" اإلنسان احلاضر تدفع به آليًّا إىل البحث عن حبق .لكن التشخيص النقدي للواقع يؤكد لنا أنّ اإلنسان جيدُ عسرا كبريا يف االلتزام
"األنا" املاضي عرب الغوص والبحث عن مسوغات تارخيية تعيد لذاته بقبول االختالف ويف االعرتاف به حقّا لآلخر ،فهل احرتم نظام العوملة هذه االختالفات؟
املتصدّعة اعتبارها من جديد عرب اجرتار املاضي "اجمليد". وهل متثل العوملة خطرا فعليا على هوية الثقافات؟