You are on page 1of 38

‫التبيان‬

‫‪1‬‬
‫التبيان‬

‫التّبْيَانُ‬
‫لبعض أحكام شهر شعبان‬
‫اجلزء األول‬

‫وكانت بتأريخ ‪/٦‬شعبان‪ ١٤٤٢/‬للهجرة‬

‫يف مسجد املغرية بن شعبة‪.‬‬

‫فرغها‬

‫أبو عبد هللا زايد املليكي‬

‫‪2‬‬
‫التبيان‬

‫اخلطبة األول‬

‫[آل عمران‪]١0٢ :‬‬ ‫{يَا أَيُّ هَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}‬

‫{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِريًا‬

‫[النساء‪]١ :‬‬ ‫وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}‬

‫ُصَ َلِلْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ويَِْفِلْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ‬


‫سَ َدِيدًا ‪ )70‬ي ْ‬
‫{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا َ‬

‫[األحزاب‪]7١ ،70 :‬‬ ‫يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}‬

‫أما بعد‪:‬‬
‫اعلموا أن خري احلديث كتاب هللا وخري اهلدي هدي حممد ص ل ل ل لللو هللا علي وآل وس ل ل ل للل‬
‫وشر األمور حمداثهتا وكل حمدثة بدعة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫التبيان‬

‫سَلٍ ‪ )2‬إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا‬


‫صَلِ ‪ )1‬إِنَّ الْإِنسََانَ لَفِ خُ ْ‬
‫يقول سللبنان واعايف يف كتاب الكرم‪{ :‬وَالْعَ ْ‬

‫‪[ })3‬العصر‪.]٣-١:‬‬ ‫وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْلِ‬

‫فأقس ل ل ربنا ‪ -‬س ل للبنان واعايف‪ -‬ابلعص ل للر والعص ل للر هو الزمان‪ ،‬وعص العص ل للر واملراد ب‬
‫الوقت املعلوم الذي هو آخر أوقات النهار‪ ،‬واملراد ابلعصل ل للر يف هذر السل ل للورة هو الزمان‬
‫أبكمل ‪ ،‬فأقس ل ل هللا ‪ -‬سل للبنان واعايف‪ -‬ب ‪ ،‬فإن الزمان هو حمل أعمال العباد من خري‬
‫ومن شل للر‪ ،‬وربنا ‪ -‬سل للبنان واعايف‪ -‬يف آايت كثرية من كتاب الكرم يقس ل ل ابألزمان ال‬
‫هي حمل ألعمال العباد من خري ومن شر‪ ،‬يقول سبنان واعايف يف كتاب الكرم‪{ :‬وَاللَّيْلِ‬

‫‪ [})4‬الليل‪-١:‬‬ ‫إِذَا يَِْشَىٰ ‪)1‬وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ ‪)2‬وَمَا خَلَقَ الذَّكَلَ وَالْأُنثَىٰ ‪)3‬إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ‬
‫‪.]٤‬‬

‫فأقس ‪ -‬سبنان واعايف‪ -‬ابلليل إذا يغشو األرض بظالم ‪ ،‬وأقس هللا ‪ -‬سبنان واعايف‬
‫‪ -‬ابلنهار إذا جتلو فظهر ضلياه ‪ ،‬وأقسل هللا ‪ -‬سلبنان واعايف‪ -‬ابلذكر واألنثو واملقسل‬
‫علي إن سل ل ل ل للعيك لشل ل ل ل ل ‪ ،‬أي أعمال خمتلفة كاختالف الليل والنهار‪ ،‬وكاختالف الذكر‬
‫واألنثو‪ ،‬إن سعيك لش ‪.‬‬

‫َُحَااَا ‪ )1‬وَالْقَمَلِ إِذَا تَلَااَا ‪ )2‬وَالنَّهَارِ إِذَا‬


‫شَمْسِ وَ ُ‬
‫وهكذا يقول هللا س للبنان واعايف‪{ :‬وَال ّ‬

‫[الشمس‪.]٤-١:‬‬ ‫جَلَّااَا ‪ )3‬وَاللَّيْلِ إِذَا يَِْشَااَا ‪})4‬‬

‫‪ -‬فأقس ل ل هللا ‪ -‬س ل للبنان واعايف‪ -‬أبنواع من األزمنة‪ ،‬فأقس ل ل ‪ -‬س ل للبنان واعايف‪-‬‬
‫ابلشمس وضناها والضنو هو أول النهار بعد ارافاع الشمس‪.‬‬
‫‪ -‬وأقس هللا ‪ -‬سبنان واعايف‪ -‬ابلنهار أذا جال األرض وكشفها بضياه ‪.‬‬
‫‪ -‬وأقس ‪ -‬سبنان واعايف‪ -‬ابلليل إيف غطو األرض بظالم ‪.‬‬

‫وهذر أزمان العبادات‪ ،‬أزمان األعمال من خري ومن شر‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫التبيان‬

‫‪[ })18‬التكوير‪-١7:‬‬ ‫لصَ بْلِ إِذَا تَنَفَّسَ‬ ‫َسَ عَسَ ‪ )17‬وَا َُّ‬ ‫وقال سل ل للبنان واعايف‪{ :‬وَاللَّيْلِ إِذَا ع َْ‬
‫‪.]١٨‬‬

‫عسعس قال بعض العلماء‪ :‬أقبل بظالم ‪ ،‬وقال آخرون‪ :‬أدبر بظالم ‪.‬‬

‫والصبح إذا انفس‪ :‬أي انتشر ضياؤر‪.‬‬

‫‪ -‬فأقس ‪ -‬سبنان واعايف‪-‬أيضا ابلليل والنهار‪.‬‬

‫سَفَلَ ‪ )34‬إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَلِ‬


‫صَبْلِ إِذَا أَ ْ‬
‫وهكذا يقول سلبنان واعايف‪{ :‬وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَلَ ‪ )33‬وَال ُّ‬

‫[املدثر‪.]٣٥-٣٣:‬‬ ‫‪})35‬‬

‫‪ -‬فأقس ‪ -‬سبنان واعايف‪ -‬ابلليل إذا أدبر بظالم ‪.‬‬


‫‪ -‬وأقس ‪ -‬سبنان واعايف‪ -‬ابلنهار إذا أسفر‪ :‬أي كشف األرض بضياه ‪ ،‬واإلسفار‬
‫هو الكشف‪ ،‬أسفرت املرأة عن وجهها مبعىن كشفت وجهها‪.‬‬

‫إهنا إلحدى الكرب‪ :‬إما السل ل ل ل للاعة وإما غري ذلع ما ذكرر علماء التفسل ل ل ل للري‪ ،‬إهنا إلحدى‬
‫الكرب‪ :‬أو املراد ب القرآن‪ ،‬أو غري ذلع ما ذكرر علماء التفسري‪.‬‬

‫‪ -‬فأقسل هللا ‪ -‬سللبنان واعايف‪ -‬أيضللا يذين الزمناب ابلليل والنهار‪ ،‬وأعمال العباد‬
‫إما أن اكون يف ليل‪ ،‬وإما أن اكون يف هنار‪.‬‬

‫لضَحَى ‪ )1‬وَاللَّيْلِ إِذَا سََ جَى ‪ )2‬مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ‬


‫وقال سل للبنان واعايف يف كتاب الكرم‪{ :‬وَا ُّ‬

‫‪[ })3‬الضنو‪.]٣-١:‬‬ ‫وَمَا قَلَى‬

‫‪ -‬فأقسل هللا‪ -‬سللبنان واعايف‪ -‬بزمن من األزمان وهو الضللنو والضللنو هو أول‬
‫النهار بعد ارافاع الشمس‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫التبيان‬

‫والضللنو والليل إذا سللجو‪ :‬أي غطو األرض بظالم ‪ ،‬يقال اسللل الرجل بثوب إذا اغطو‬
‫ب ل ‪ ،‬والظالم إذا أقب للل ف للإن ل يغطي األرض بظالم ل ‪ ،‬اللي للل إذا أقب للل ف للإن ل يغطي األرض‬
‫بظالم ‪.‬‬

‫ما ودعع ربع وما قلو‪ :‬أي أن ربع ‪ -‬سل ل ل للبنان واعايف‪ -‬ما فارقع واركع‪ ،‬وكان هذا‬
‫بعد انقطاع الوحي عن رس للول هللا‪ -‬علي الص للالة والس للالم‪ -‬فرتة من الزمن‪ ،‬فوجد النيب‬
‫‪ -‬علي الصل ل للالة والسل ل للالم‪ -‬يف نفسل ل ل شل ل للي ا من انقطاع الوحي‪ ،‬فقال سل ل للبنان واعايف‪:‬‬
‫{وَالضُّحَى ‪ )1‬وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ‪ )2‬مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ‪})3‬‬

‫ما ودعع ابلتشل ل للديد من التوديع كتوديع املسل ل للافر‪ ،‬فإن املسل ل للافر مفارن و ر ملن كان‬
‫مع ‪ ،‬فاهلل ‪ -‬سللبنان واعايف‪ -‬ما ودعع وما قال أي ما أبغضللع‪ ،‬وقرهت ابلتخفيف ما‬
‫ودعلع أي ملا اركلع‪ ،‬واملعنيللان متقللارابن‪ ،‬غري أن التشل ل ل ل ل للديلد فيل املبللالغللة يف الرت فلإن‬
‫املسل للافر إذا ودعا فإن يرت ويفارن وهذا أبل من ارد الرت ‪ ،‬وعلو كل ربنا ‪ -‬سل للبنان‬
‫واعايف‪ -‬أقس يذر األزمن‪.‬‬

‫لشَفْعِ وَالْوَتْلِ‬
‫َشَ لٍ ‪ )2‬وَا َّ‬ ‫وهكذا يقول س ل للبنان واعايف يف كتاب الكرم‪{ :‬وَالْفَجْلِ ‪ )1‬ولَيَالٍ ع َْ‬

‫‪[ })4‬الفجر‪.]٤-١:‬‬ ‫‪ )3‬وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْلِ‬

‫‪ -‬فأقس ‪ -‬سبنان واعايف‪ -‬ابلفجر وهذا زمن من األزمنة‪.‬‬


‫‪ -‬وأقس ‪ -‬سبنان واعايف‪-‬ابليال العشر وهذر أزمنة‪.‬‬
‫‪ -‬وأقس ‪ -‬سبنان واعايف‪ -‬ابلليل إذا يسر إذا انتشر ظالم علو وج األرض‪.‬‬

‫وكل هذر أزمنة أقسل ل ل هللا ‪ -‬س ل للبنان واعايف‪ -‬يا‪ .‬فالزمان هو حمل عمل العباد من خري‬
‫أو من ش ل للر‪ ،‬فلهذا ربنا ‪ -‬س ل للبنان واعايف‪ -‬يقس ل ل ب يف موا ن متعددة واألزمنة ختتلف‬
‫فهنالع أزمنة مباركة جعل هللا ‪ -‬سل ل ل للبنان واعايف‪ -‬فيها بركات عظيمة‪ ،‬وهنالع ما دون‬
‫ذللع‪ ،‬وكلل الزملان حملل لعبلادة هلل ‪ -‬عزوجلل‪ -‬غري أن األزملان متفلاوالة‪ ،‬فهنلاللع أزملان‬

‫‪6‬‬
‫التبيان‬

‫ختتص ببعض العبادات وببعض الطاعات وفيها ما فيها من الربكات كش ل للهر رمض ل للان مثال‬
‫وكالعش ل ل ل ل للر األول من ش ل ل ل ل للهر ذي احلجة وهنالع ما دون ذلع من األزمان وحنن يف هذا‬
‫الش ل للهر يف ش ل للهر ش ل للعبان زمن من األزمنة ‪،‬في الليل والنهار ‪،‬وفي أعمال العباد من خري‬
‫ومن ش للر‪ ،‬وهذا الش للهر باب يدي رمض للان من حرص علو اخلري في وفق هللا ‪ -‬س للبنان‬
‫واعايف‪ -‬علو اخلري يف شللهر رمضللان فإن احلسللنة ادعو أختها كما أن السللي ة ادعو أختها‬
‫فمن عمل ص للاحلا فإن هللا‪ -‬س للبنان واعايف‪ -‬يوفق إيف االس للتمرار علي ‪ ،‬ومن أس للاء فإن‬
‫السي ة ادعو أختها‪.‬‬

‫وكان نبينا‪ -‬علي الصل للالة والسل للالم‪ -‬حريصل للا علو هذا الشل للهر‪ ،‬وكان ‪ -‬علي الصل للالة‬
‫والسللالم‪ -‬يكثر من الصلليام يف شللهر شللعبان‪ ،‬فشللعبان مع رمضللان كالراابة مع الفريضللة‪،‬‬
‫كالراابة القبلية للفراهض‪.‬‬

‫وهنالع من الفراهض ما فيها راابة قبلية وراابة بعدية كص للالة الظهر فيها راابة قبلية وراابة‬
‫بعدية‪ ،‬وهنالع من الصل ل للالة ما فيها راابة قبلية كصل ل للالة الفجر‪ ،‬وهنالع من الصل ل للالة ما‬
‫فيها راابة بعدية كصالة املغرب وكصالة العشاء‪.‬‬

‫ورمضان فيه راتبة قبيلة وراتبة بعدية‪ :‬الراابة القبلية هذا الشهر شهر شعبان‪،‬‬
‫والراابة البعدية صيام الست من شوال‪.‬‬

‫يف مسللل ‪ )١١٦٤‬من حديث أيب أيوب األنصللاري رضللي هللا عن ‪ ،‬عن رسللول هللا علي‬
‫الص ل ل للالة والس ل ل للالم أن قال‪:‬‬
‫)‬

‫فصلليام السللت راابة بعدية‪ ،‬واإلكثار من صلليام شللعبان هي الراابة القبلية لشللهر رمضللان‪،‬‬
‫والرواال يكملل يلا ملا نقص من الفراهض‪ ،‬كملا جلاء عن رس ل ل ل ل للول هللا ‪ -‬عليل الص ل ل ل ل للالة‬
‫والسالم‪-‬‬

‫‪7‬‬
‫التبيان‬

‫روى أبو داود ‪ ،)٨٦٤‬والرتمذي ‪ ،)٤١٣‬والنسللاهي ‪ )٤٦٥‬عن أيب هريلرة رضللي هللا‬
‫عن قال‪َ :‬سعت رس ل لول اَ ص ل للو اَ علي وس ل لل يلقول‪:‬‬

‫)‬

‫وصنن األلباين يف " صنيح سنن الرتمذي "‪.‬‬

‫فإذا حصل للل نقص يف الفريضل للة فإن الراابة ات ذلع النقص كما أخربب بذلع نبينا‪ -‬علي‬
‫الصالة والسالم‪-‬‬

‫فهذر هي فضل الرواا مع الفراهض فيها إمتام للنقص الذي حيصل يف الفراهض‪.‬‬

‫معاشر املسلمني‪:‬‬
‫هذا الشللهر شللهر شللعبان كان النيب ‪ -‬علي الصللالة والسللالم‪ -‬حي أن يصللوم في ‪ ،‬كما‬
‫جاء يف املس ل ل للند وعند أيب داود والنس ل ل للاهي‪ ،‬من حديث عاهش ل ل للة رض ل ل للي هللا عنها قالت‪:‬‬

‫)‬

‫فأح النيب ‪ -‬علي الصللالة والسللالم‪ -‬من الشللهور أن يصللوم هذا الشللهر وكان ‪ -‬علي‬
‫الصالة والسالم‪ -‬يكثر من الصيام يف هذا الشهر‬

‫جاء عند البخاري ‪ )١9٦9‬عن عاهشل لة رضل لي اَ عنلها‪ ،‬قالت‪ :‬كان رس للول اَ صل للو‬
‫هللا علي وس ل ل للل يصل ل ل لوم ح نلقول‪ :‬ال يلفطر‪ ،‬ويلفطر ح نلقول‪ :‬ال يصل ل ل لوم‪ ،‬فما رأيت‬
‫رسلول اَ صللو هللا علي وسلل اسلتكمل صليام شلهر إال رمضلان‪ ،‬وما رأيلت أكثلر صلياما‬
‫من يف شعبان‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫التبيان‬

‫وجاء مسل للل ‪ )١١٥٦‬عن أيب سل للمة قال ‪ :‬سل لألت عاهشل لة رضل لي اَ عنلها عن صل ليام‬
‫رسلول اَ صللو اَ علي وسلل ‪ ،‬فلقالت ‪ :‬كان يصلوم ح نلقول قد صلام ‪ ،‬ويلفطر ح‬
‫نلقول قد أفطر ‪ ،‬وَل أرر صل لاهما من شل لهر قْ أكثلر من صل ليام من شل لعبان ‪ ،‬كان يصل لوم‬
‫شعبان كل ‪ ،‬كان يصوم شعبان إال قليال"‬

‫فكان النيب ‪ -‬علي الصللالة والسللالم‪ -‬يكثر من الصلليام يف شللهر شللعبان أكثر من غرير‪،‬‬
‫وحيرص علو الصيام يف هذا الشهر أكثر من غرير‪،‬‬

‫هذا هو هدي رس ل للول هللا‪ -‬علي الص ل للالة والس ل للالم‪ -‬وكما علمنا أن هذا الش ل للهر ش ل للهر‬
‫شعبان كالراابة مع الفريضة‪ ،‬والرواا هلا شأن علو ما سبق بيان وسبق إيضاح‬

‫هذا وأس ل للأل هللا عزوجل أن يوفقنا وإايك إيف كل خري‪ ،‬وأن يص ل للرف عنا واملس ل لللماب كل‬
‫سوء ومكرور‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫التبيان‬

‫اخلطبة الثانية‬

‫احلمد هلل حنمدر اعايف ونسل للتعين ونسل للتغفرر‪ ،‬ونعوذ ابهلل من شل للرور أنفسل للنا ومن سل للي ات‬
‫أعمالنا‪ ،‬من يهدي هللا فال مضل للل ل ومن يضل لللل فال هادي ل ‪ ،‬وأشل للهد أن ال إل إال هللا‬
‫وحدر ال شريع‪ ،‬وأشهد أن حممدا عبدر ورسول صلو هللا علي وعلو آل وصنب وسل‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫جاء عند النس ل ل للاهي ‪ )٢٢٢١‬من حديث أسل ل ل لامة بن زيد رض ل ل للو هللا عن قال‪ :‬قللت‪ :‬اي‬
‫رسول اَ‪َ ،‬ل أر اصوم من شهر من الشهور ما اصوم من شعبان‪ ،‬قال‪:‬‬

‫)‬

‫فأخرب النيب ‪ -‬علي الص للالة والس للالم‪ -‬عن س للب كثرا وحرصل ل علو الص لليام يف ش للهر‬
‫ش للعبان‪ ،‬أبن هذا الش للهر يغفل عن الناه باب ش للهر رج وباب ش للهر ش للعبان‪ ،‬هنالع من‬
‫الناه من حيرص علو صليام شلهر رج أو األكثر من الصلوم في وَل يكن هذا من هدي‬
‫رس ل ل للول هللا‪ -‬علي الص ل ل للالة والس ل ل للالم‪ -‬وال من هدي اخللفاء الراش ل ل للدين‪ ،‬وال من هدي‬
‫الصنابة ‪ -‬رضي هللا عنه أمجعاب‪-‬‬

‫وإذا ب يفوت الصلوم الذي كان يصلوم النيب‪ -‬علي الصلالة والسلالم‪ -‬وهو صلوم شلعبان‬
‫أو اإلكثار من الص ل للوم يف ش ل للهر ش ل للعبان‪ ،‬وهذا خالف هدي رس ل للول هللا‪ -‬علي الص ل للالة‬
‫والسللالم‪ -‬فالنيب ‪ -‬علي الصللالة والسللالم‪ -‬كان يكثر من الصلليام يف شللهر شللعبان و رب‬
‫أبن هذا الشللهر شللهر غفلة يغفل عن الناه‪ ،‬يغفل الناه عن صلليام ‪ ،‬والعبادة يف أوقات‬
‫الغفالت أعظ من غريهلا‪ ،‬أن يكون العبلد علابلدا هلل ‪ -‬عزوجلل‪ -‬يف وقلت النلاه يف غفللة‬

‫‪10‬‬
‫التبيان‬

‫هذر العبادة هلا ش ل ل ل للأن عظي عند هللا ‪ -‬عزوجل‪ -‬ويذا كان ص ل ل ل للالة الليل من أفض ل ل ل للل‬
‫التطوعات بل كما قال النيب ‪ -‬علي الص ل للالة والس ل للالم‪ -‬وأفض ل للل التطوع بعد الفريض ل للة‬
‫صالة الليل‪ ،‬وذلع أن ذلع الوقت من أوقات الغفالت‪.‬‬

‫النلاه يف نومه فمن قلام لعبلادة ربل ‪ -‬س ل ل ل ل للبنلانل واعلايف‪ -‬كلان لل األجر العظي والثواب‬
‫الكبري من رب العاملاب‪ -‬س ل للبنان واعايف‪ -‬ألن عبد رب يف وقت غفلة الناه‪ ،‬وهكذا يف‬
‫مس ل ل للل ‪ )٢9٤٨‬من حديث معقل بن يس ل ل للار رض ل ل للي هللا عن ‪ ،‬عن النيب علي الص ل ل للالة‬
‫)‬ ‫والسالم أن قال‪:‬‬

‫اهلرج‪ :‬الفتنلة واختال أمور النلاه‪ ،‬فلإذا ملا هلاجلت الفأ يف أوس ل ل ل ل للا النلاه فلإن النلاه‬
‫منشلغلون مبا ه في من أمور الفتنة واهلرج‪ ،‬فإذا أقبل العبد علو رب ‪ -‬سلبنان واعايف‪-‬‬
‫يف وقت غفلة الناه عن عبادة هللا‪ ،‬وانشغاهل ابلفأ‪ ،‬فهو كاملهاجر إيف رسول هللا‪ -‬علي‬
‫الصالة والسالم‪ -‬العبادة يف اهلرج كهجرة إيل‪ ،‬وملا صلو النيب ‪ -‬علي الصالة والسالم‪-‬‬
‫أبص للناب أو ملا خر ي يف ص للالة العش للاء أخرها يف بعض األوقات كما يف الص للنيناب‬
‫من حديث أيب موسو األشعري مث خرج النيب علي الصالة والسالم عليه فقال هل النيب‬
‫علي الصالة والسالم‪:‬‬
‫) أو كما قال النيب‬
‫‪ -‬علي الصالة والسالم‪.-‬‬

‫فبش ل للره النيب ‪ -‬علي الص ل للالة والس ل للالم‪ -‬يذر البش ل للارة أن الناه علو وج األرض يف‬
‫غفلة عن هذر الص ل ل للالة‪ ،‬غري النيب‪ -‬علي الص ل ل للالة والس ل ل للالم‪ -‬ومن مع من الص ل ل للنابة‬
‫الكرام‪ -‬رضي هللا عنه أمجعاب‪-‬‬

‫وكلانلت األرض يف ذللع الزمن بعيلدة عن اإلس ل ل ل ل للالم‪ ،‬وواقعلة يف أنواع الكفر والعيلاذ ابهلل‪،‬‬
‫وكان املؤمنون مع رس للول هللا‪ -‬علي الص للالة والس للالم‪ -‬يف املدينة يص لللون مع ‪ ،‬فأخربه‬
‫النيب ‪ -‬علي الصلالة والسلالم‪ -‬أن أهل األرض يف غفلة عن هذر الصلالة‪ ،‬وليس هنالع‬

‫‪11‬‬
‫التبيان‬

‫علو وج األرض من يصل ل ل ل لللي هذر الصل ل ل ل للالة يف هذا الوقت غريه ‪ -‬رضل ل ل ل للي هللا عنه‬
‫أمجعاب‪ -‬فكانت الع الص ل ل ل ل للالة يف وقت غفلة اخللق‪ ،‬فكان هلا ش ل ل ل ل للأن عظي عند هللا‪-‬‬
‫عزوجل‪-‬‬

‫فهكذا العبادة يف أوقات الغفالت هلا ش ل ل للأن عظي وهذا الش ل ل للهر كما أخربب النيب‪ -‬علي‬
‫الصللالة والسللالم‪ -‬أبن شللهر يغفل عن الناه باب رج ورمضللان‪ ،‬وأيضللا شللهر ارفع في‬
‫األعمال الصاحلة‪ ،‬فأح النيب ‪ -‬علي الصالة والسالم‪ -‬أن يرفع العمل وهو صاه ‪.‬‬

‫وقال بعض العلماء‪:‬‬

‫كان النيب ‪ -‬علي الصل للالة والسل للالم‪ -‬يصل للوم شل للعبان اعظيما لرمضل للان‪ ،‬غري أن احلديث‬
‫الذي ورد يف ذلع ال يثبت جاء عند أيب ش ل ل ل ل لليبة وعند البزار وعند أيب يعلو وعند غريه‬
‫من حديث أنس أن النيب علي الصل ل للالة والسل ل للالم سل ل ل ل عن أي الصل ل لليام أفضل ل للل؟ قال‪:‬‬
‫) غري أن حديث ض للعيف ال يثبت عن رس للول هللا علي‬
‫الصالة والسالم‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬كان النيب ‪ -‬علي الص للالة والس للالم‪ -‬رمبا يفوا بعض الص لليام يف س للاهر الس للنة من‬
‫صلليام ثالثة أايم من كل شللهر‪ ،‬فكان يؤدي ذلع يف شللهر شللعبان‪ ،‬والصللنيح يف ذلع ما‬
‫أخرب عن النيب ‪ -‬علي الصللالة والسللالم‪ -‬أن شللهر يغفل عن الناه باب رج ورمضللان‪،‬‬
‫وشللهر ارفع في األعمال الصللاحلة‪ ،‬فكان النيب ‪ -‬علي الصللالة والسللالم‪ -‬حي أن يرفع‬
‫عمل إيف رب ‪ -‬سبنان واعايف ‪ -‬وهو صاه ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫التبيان‬

‫أسللأل هللا عزوجل أبَساه احلسللىن وصللفاا العال أن يغفر لنا ذنوبنا أمجعاب‪ ،‬الله اغفر لنا‬
‫ذنوبنا أمجعاب‪ ،‬الله أرمحنا برمحتع اي أرح الرامحاب‪ ،‬الله وفقنا للعمل الص ل للا يف هذا‬
‫الشلهر ويف شلهر رمضلان ويف غرير من أشلهر السلنة إنع علو كل شليء قدير‪ ،‬الله اغفر‬
‫لنا ذنوبنا كل دق وجل وأوهلا وآخرها وعالنيتها وسلرها‪ ،‬الله إب نسلألع اجلنة وما قرب‬
‫اليهلا من قول وعملل ونعوذ بلع من النلار وملا قرب إليهلا من قول وعملل‪ ،‬ربنلا إننلا ظلمنلا‬
‫أنفس ل ل للنا ظلما كثريا وإن ال يغفر الذنوب إال أنت فاغفر لنا مغفرة من عند وارمحنا إنع‬
‫أنت الغفور الرحي ‪ ،‬ربنا آانا يف الدنيا حسنة ويف اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار‬

‫واحلمد هلل رب العاملاب‪.‬‬

‫فرغها أبو عبد هللا زايد املليكي‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫التبيان‬

‫التّبْيَانُ‬
‫لبعض أحكام شهر شعبان‬
‫اجلزء الثاين‬

‫وكانت بتأريخ ‪/١٢‬شعبان‪ ١٤٤٢/‬للهجرة‬

‫يف مسجد املغرية بن شعبة‪.‬‬

‫فرغها‬

‫أبو عبد هللا زايد املليكي‬


‫‪14‬‬
‫التبيان‬

‫اخلطبة األول‬

‫[آل عمران‪]١0٢ :‬‬ ‫{يَا أَيُّ هَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}‬

‫{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِريًا‬

‫[النساء‪]١ :‬‬ ‫وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}‬

‫ُصَ َلِلْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ويَِْفِلْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ‬


‫سَ َدِيدًا ‪ )70‬ي ْ‬
‫{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا َ‬

‫[األحزاب‪]7١ ،70 :‬‬ ‫يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}‬

‫أما بعد‪:‬‬
‫اعل أن خري احلديث كتاب هللا وخري اهلدي هدي حممد صلللو هللا علي وآل وسللل وشللر‬
‫األمور حمداثهتا وكل حمدثة بدعة‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫التبيان‬

‫يقول س ل ل ل ل للبنللان ل واعللايف يف كتللاب ل الكرم‪{ :‬الْيَوْمَ أَكْمَ ْلَُُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَ ْمَُُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِ‬

‫[املاهدة‪.]٣:‬‬ ‫وَرَُِيُُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}‬

‫هذر اآلية املباركة نزلت علو رس للول هللا علي الص للالة والس للالم وهو واقف يف عرفة علو‬
‫بقت يف يوم مجعة‪ ،‬يف ذلع املشهد العظي ‪ ،‬ويف ذلع اليوم املبار ‪ ،‬نزلت هذر اآلية علو‬
‫رسللول هللا علي الصللالة والسللالم‪{ :‬الْيَوْمَ أَكْمَلُُْ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمُُْ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِ وَرََُِيُُ‬

‫لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [املاهدة‪.]٣:‬‬

‫فاليوم الذي أكمل هللا س ل للبنان واعايف ب الدين هو يوم عرفة‪ ،‬أكمل هللا س ل للبنان واعايف‬
‫ب الدين فص ل ل للار الدين كامال من حيث الفراهض ‪ ،‬ومن حيث املس ل ل للتنبات‪ ،‬وغري ذلع‬
‫من أحكلام الش ل ل ل ل لريعلة‪ ،‬فليس يف دين اإلس ل ل ل ل للالم أي نقص بوجل من الوجور‪ ،‬فقلد أكملل‬
‫العلي اخلبري وهو رب العاملاب س ل للبنان واعايف‪ ،‬اليوم أكملت لك دينك ‪ ،‬وأض ل للاف هللا‬
‫س ل ل ل ل للبنللان ل واعللايف الللدين إيف املؤمناب ‪،‬وذلللع أن املؤمناب ه القللاهمون ب ل العللاملون ب ل‬
‫املتمسلكون ب ‪ ،‬وإن كان الدين أيضلا يضلاف إيف رب العاملاب سلبنان واعايف‪ ،‬ألن هللا هو‬
‫الذي ش للرع ‪ ،‬فالدين دين هللا‪ ،‬ويض للاف إيف املؤمناب إلهن ه القاهمون ب ‪ ،‬وه العاملون‬
‫ب ‪ ،‬وربنا سللبنان واعايف قال‪{ :‬الْيَوْمَ أَكْمَلُُْ لَكُمْ دِينَكُمْ } وذكر ربنا سللبنان واعايف الالم‬

‫يف قول ‪{ :‬لكم} الدالة علو االختص ل ل ل للاص‪ ،‬أي أن هذا الدين اختصل ل ل ل ل هللا لك دون‬
‫غريك من األم ‪ ،‬فهو للمس لللماب‪ ،‬هذا الدين وهو دين اإلس للالم اختص ب أهل اإلس للالم‬
‫دون ساهر األم {الْيَوْمَ أَكْمَلُُْ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمُُْ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِ } فذكر هللا سبنان واعايف‬
‫أن نعمت علو عبادر املؤمناب مة والشيء التام هو الذي ال نقص في بوج من الوجور‬

‫‪16‬‬
‫التبيان‬

‫{وَأَتْمَ ْمَُُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِ }وهللذا إيفللاء لوعللدر س ل ل ل ل للبنللانل واعللايف يف قولل ‪{ :‬وَلَِأُتِمَّ نِعْمَتِ‬

‫عَلَيْكُمْ}‪ ،‬فقد وعده هللا سللبنان واعايف قبل ذلع بسللناب أن سللوف يت هل النعمة‪ ،‬مث‬

‫أوىف هل ري س ل ل ل ل للبنان واعايف ما وعده ب ‪{ ،‬وَأَتْمَمُُْ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِ } وجاء بعلو ال‬
‫ادل علو العلو‪ ،‬أي أن النعمة علت عليه فش ل للملته مجيعا‪ ،‬فكانت نعمة س ل للابغة علو‬
‫املؤمناب‪.‬‬

‫‪ -‬النعمة املطلقة‪:‬‬

‫هي النعمة ال اشل ل للمل الدارين‪ ،‬اشل ل للمل الدنيا واآلخرة‪ ،‬وقد جعلها هللا سل ل للبنان واعايف‬
‫للمؤمناب‪ ،‬فلأهلل اإلنلان أ هللا س ل ل ل ل للبنلانل واعلايف هل النعملة يف اللدنيلا ويف اآلخرة‪ ،‬ابلنعملة‬
‫املس ل ل ل للتمرة يف الدنيا واآلخرة‪ ،‬وهل يف الدنيا حس ل ل ل للنة وهل يف اآلخرة حس ل ل ل للنة‪ ،‬فهي نعمة‬
‫مسل ل للتمرة ح ينتقلوا إيف ري سل ل للبنان واعايف‪ ،‬مث ينتقلوا إيف أ النعي وإيف أكمل النعي‬
‫وهي نعي اآلخرة‪.‬‬

‫‪ -‬وهنالع نعمة مقيدة‪:‬‬

‫وهي نعمة الصل ل للنة والعافية‪ ،‬ونعمة الرزن‪ ،‬نعمة املأكل واملشل ل للرب‪ ،‬وهذر النع يشل ل للرت‬
‫فيهلا املس ل ل ل ل لللمون مع غريه من الكلافرين‪ ،‬أملا النعملة املطلقلة فهي خمتص ل ل ل ل للة أبهلل اإلنلان‬
‫{الْيَوْمَ أَكْمَلُُْ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمُُْ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِ وَرَُِيُُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}‬

‫هذا الدين رض ل ل للي هللا س ل ل للبنان واعايف ب لنا‪ ،‬فكيف ال نرض ل ل للو ب ‪ ،‬وقد رض ل ل للي لنا رب‬
‫العاملاب س للبنان واعايف‪ ،‬إن من الرض للا يذا الدين أن يتمس للع اإلنس للان ب ظاهرا واب نا‪،‬‬
‫وينقاد ألحكام فال يتناك إيف غري اإلس للالم‪ ،‬وال يعمل بغرير‪ ،‬يتمس للع ب يف ظاهرر ويف‬
‫اب نة‪ ،‬ورضيت لك اإلسالم دينا‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫التبيان‬

‫معاشر املسلمني‪:‬‬
‫إن ربنلا س ل ل ل ل للبنلانل واعلايف يف هلذر اآليلة باب أن دينل قلد كملل ‪،‬فال نقص فيل بوجل من‬
‫الوجور‪ ،‬فإذا احتاج العبد إيف أي أمر من األمور املتعلقة ابلدين فعلي بكتاب هللا ‪ ،‬وعلي‬
‫بسلنة رسلول هللا علي الصلالة والسلالم‪ ،‬فإن الدين قد كمل ‪،‬فإذا كان الدين قد كمل فال‬
‫ص أبي نوع من أنواع العبللادات ليس هلللا وجود يف كتللاب هللا وال يف س ل ل ل ل لنللة النيب عليل‬
‫الصللالة والسللالم‪ ،‬فإنع إن ج ت بعبادة ليس ل وجود يف كتاب هللا‪ ،‬وال يف سللنة رسللول‬
‫الكرم علي الصل للالة والسل للالم‪ ،‬فلسل للان حالع كأنع اقول إن الدين َل يكمل وقد فاات‬
‫هذر العبادة وَل اذكر ال يف كتاب هللا‪ ،‬وال يف سل للنة النيب علي الصل للالة والسل للالم‪ ،‬ولسل للان‬
‫حلاللع أنلع اكلذب رب العلاملاب س ل ل ل ل للبنلانل واعلايف يف قولل ‪{ :‬الْيَوْمَ أَكْمَلَُُْ لَكُمْ دِينَكُمْ }‬
‫وادعي أن الدين مازال بقصل ل للا‪ ،‬وأنت اريد أن اكمل ببعض العبادات وببعض األعمال‪،‬‬
‫فلهذا ومن أجل هذا حذر نبينا علي الصالة والسالم التنذير البال من البدع واحملداثت‬
‫يف مجيع خطبل أو يف جلهلا‪ ،‬وكلان يقول‪:‬‬

‫)‪.‬‬

‫معاشر املسلمني‪:‬‬
‫حنن يف هذر الش للهر يف ش للهر ش للعبان‪ ،‬وقد قربنا أن ننتص للف من ‪ ،‬ويف النص للف من ش للهر‬
‫ش للعبان أحدث كثري من اجلاهلاب بدعا‪ ،‬ليس هلا مس للتند ال يف كتاب هللا عز وجل‪ ،‬وال يف‬
‫سنة رسول الكرم علي الصالة والسالم‪:‬‬

‫‪ -‬من هذر البدع الذي أحدثها اجلاهلون ما يتعلق بتخصيص يوم النصف من شعبان‬
‫ابلصل لليام بصل لليام هذا اليوم ‪ ،‬و صل للون ابلصل لليام ويدعون أن بذلع فضل للال علو‬

‫‪18‬‬
‫التبيان‬

‫س للاهر األايم‪ ،‬وليس هذا من هدي رس للول هللا علي الص للالة والس للالم‪ ،‬وكان هدي‬
‫رسلول هللا علي الصلالة والسلالم يف شلهر شلعبان ما سلبق إيضلاح يف خطبة ماضلية‬
‫أن كان يصوم أكثر الشهر ويرت األايم القالهل من ‪.‬‬

‫هذا هدي رسللول هللا علي الصللالة والسللالم‪ ،‬أما ختصلليص النصللف من للصلليام فل عت‬
‫بذلع حديث ص ل ل للنيح عن رس ل ل للول هللا علي الص ل ل للالة والس ل ل للالم‪ ،‬وإ ا جاءت أكاذي ‪،‬‬
‫أحاديث موض ل للوعة مكذوبة علو رس ل للول هللا علي الص ل للالة والس ل للالم‪ ،‬ابافان أهل العل ‪،‬‬
‫ابافلان العلملاء‪ ،‬ليس بينه نزاع أبهنلا من األحلاديلث املكلذوبلة املفرتات علو رس ل ل ل ل للول هللا‬
‫علي الصالة والسالم‪.‬‬

‫وأجود من ذلع النهي عن الص لليام يف هذا الوقت‪ ،‬وإن كان احلديث معل لكن أجود من‬
‫الع املوض للوعات وهو ما جاء يف املس للند وعند أهل الس للنن من حديث أيب هريرة رض للي‬
‫هللا عن رس ل ل للول هللا علي الص ل ل للالة والس ل ل للالم أن قال‪:‬‬
‫) أخرج ل أبو داود ‪ )٢٣٣7‬واللفظ ل ل ‪ ،‬والرتمللذي ‪ ،)7٣٨‬وابن مللاج ل‬
‫‪.)١٦٥١‬‬

‫وقللد حص ل ل ل ل ل للل النزاع باب أهللل العل يف ثبوا ل ويف اعليل ل وإن كللان األظهر هو أن ل من‬
‫األحاديث املعلة لكن أثبت وأص للح من الع األحاديث املوض للوعة املكذوبة علو رس للول‬
‫هللا علي الصالة والسالم ال فيها احلث علو صيام النصف من شعبان‪.‬‬

‫فهلذا الص ل ل ل ل ليلام من احمللداثت‪ ،‬واألمر احمللدث ال أجر فيل ‪ ،‬وإ لا فيل اآلاثم العظيملة‪ ،‬فلإن‬
‫احملداثت من أكرب الكباهر ومن األمور العظام‪.‬‬

‫معاشر املسلمني‪:‬‬

‫‪19‬‬
‫التبيان‬

‫‪ -‬وإن ما أحدث بعض الناه يف النص ل للف من ش ل للعبان اس ل للتنباب ص ل للالة األلفية يف‬
‫النص للف من ش للعبان‪ ،‬يف ليلة النص للف من ش للعبان يس للتنبون ص للالة األلفية وهي‬
‫عبارة عن ماهة ركعة يقرأ يف كل ركعة سورة اإلخالص ماهة مرة‪.‬‬

‫وهلذا قيل هلا األلفية‪ ،‬وَل عت فيها حديث صلنيح عن رسلول هللا علي الصلالة والسلالم‪،‬‬
‫وإ ا هي أكاذي مفرتات علو رسلول هللا علي الصلالة والسلالم ابافان العلماء‪ ،‬أحاديث‬
‫مفرتات ليس هلا إس للناد اثبت عن رس للول هللا علي الص للالة والس للالم‪ ،‬ونبينا علي الص للالة‬
‫) ‪ ،‬قلالل مرااب‪،‬‬ ‫والس ل ل ل ل للالم يقول‪:‬‬
‫) أخرج البخاري ‪ ،)١0٨‬ومسل للل ‪ )٢‬من‬ ‫وقال مرة‪:‬‬
‫حديث أنس بن مالع رضي هللا عن ‪.‬‬

‫‪ -‬وهكذا بعضل لله يصل لللي صل للالة الرغاه وهي عبارة عن اث عشل للر ركعة‪ ،‬وهكذا‬
‫صل للالة الرغاه ليس هلا أصل للل ال يف نصل للف شل للعبان وال يف أول مجعة من رج ‪،‬‬
‫وكل ذلع من حمداثت األمور ال أحدثها اجلاهلون‬

‫وكلها من األكاذي علو رسللول هللا علي الصللالة والسللالم‪ ،‬واألحاديث املفرتات ال ما‬
‫صنت عن رسول هللا علي الصالة والسالم قْ‪.‬‬

‫‪ -‬وهنالع من أحدث ص للالة يس للموهنا ص للالة بر الوالدين وهذا عج ‪ ،‬وهي عبارة‬


‫عن صالة كصالة املغرب يؤدوهنا بعد صالة املغرب‪ ،‬فإذا قضوا صالة املغرب إذا‬
‫ي يص ل ل ل لللون ص ل ل ل للالة ثالث ركعات بعد ص ل ل ل للالة املغرب يف منتص ل ل ل للف ش ل ل ل للعبان‬
‫ويسموهنا بر الوالدين‪،‬‬

‫كل هذا من احملداثت‪ ،‬بر الوالدين بطاعتهما ابإلحسل ل ل للان إليهما ابلقول اجلميل يف القول‬
‫{وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [اإلسراء‪.]٢٣:‬‬ ‫احلسن خبطايما‬

‫‪20‬‬
‫التبيان‬

‫هلذا اللذي أمر هللا بل {إِمََّا يَبْلَُِنَّ عِنَدَ َ الْكِبَلَ أَحََدُاُمََا أَوْ كِلََااُمََا فَلََا تَقَُل لَّهُمََا أُتَ ولََا تَنْهَلْاُمَا‬

‫[اإلسراء‪.]٢٣:‬‬ ‫وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَلِميًا ‪})23‬‬

‫‪ -‬ومن الناه من يتخذ النصل للف من شل للعبان موَسا من مواس ل ل األفرامل واملس ل لرات‪،‬‬
‫وإظهار الزينة وغري ذلع‪.‬‬

‫وكل هذا من احملداثت‪ ،‬فإن الزينة واألفرامل ما جعل نبينا علي الص ل ل ل للالة والس ل ل ل للالم موَسا‬
‫لذلع غري العيدين‪ ،‬أخرج أبو داود ‪ )١١٣٤‬واللفظ ل ‪ ،‬والنسل ل ل للاهي ‪ ،)١٥٥٦‬وأمحد‬
‫‪ .)١٢00٦‬من حديث أنس بن مالع رض ل للي هللا عن قال‪ :‬قدم رس ل للول اَ ص ل لللو اَ‬
‫) قلالوا‪:‬كنلا‬ ‫عليل وس ل ل ل ل للل امللدينلة وهل يوملان يلعبون فيهملا فقلال‪:‬‬
‫نلعل فيهملا يف اجللاهليلة‪ ،‬فقلال رس ل ل ل ل للول اَ ص ل ل ل ل لللو اَ عليل وس ل ل ل ل للل ‪:‬‬
‫)‬

‫فهما عيدا املسرات والفرمل‪ ،‬وما سوى ذلع إ ا البدع واحملداثت‪.‬‬

‫‪ -‬وهنالع من الناه من جيعل النص للف من ش للعبان موَسا لزايرة القبور وكل هذا من‬
‫األمور احملدثة‪.‬‬

‫زايرة القبور يف أي وقت من األوقات‪ ،‬قال علي الصالة والسالم‪:‬‬


‫)‬

‫أخرج البخاري‪ ،‬كتاب اجلناهز‪ ،‬ابب ااباع النسل ل ل ل للاء اجلناهز‪ ،‬برق ‪ ،)١٢7٨‬ومسل ل ل ل للل ‪،‬‬
‫كتاب اجلناهز‪ ،‬ابب هني النساء عن ااباع اجلناهز‪ ،‬برق ‪.)9٣٨‬‬

‫ويف رويللة عنللد الرتمللذي ‪ )١0٥٤‬واللفظ ل ل ‪ ،‬وأمحللد ‪)٢٣0١٦‬‬


‫)‬

‫‪21‬‬
‫التبيان‬

‫يف أي وقت من األوقات‪ ،‬ال ص اإلنسل ل للان وقت من األوقات لزايرة القبور وإ ا يف أي‬
‫وقت جيد سل ل ل للعة يذه لزايرة القبور الزايرة الشل ل ل للرعية أبن يسل ل ل للل عليه ويتذكر اآلخرة‬
‫وينصرف من الع األماكن ابلسالم واملوعظة وال يزيد شي ا علو ذلع‪.‬‬

‫وك احملداثت واخلرافات ال حيدثها اجلاهلون يف النصف من شعبان‪.‬‬

‫‪ -‬ومن الناه من يعتقد أن ماء زمام يفيض ويكثر يف النص ل ل ل للف من ش ل ل ل للعبان‪ ،‬وكان‬
‫النلاه قلدنلا رمبلا جيتمعون يف ذا املوض ل ل ل ل للع عنلد زمزم ألهن يزعمون أن ملاء زملام‬
‫يفيض ويكثر‪ ،‬وكلان هلذا يف األزملان القلدنلة‪ ،‬ولعلل هلذا األمر قلد انتهو يف مثلل‬
‫هذر األزمان‬

‫يا معاشر املسلمني‪:‬‬

‫من أراد اخلري فعليل ابللدين الكلاملل اللذي أكملل هللا عزوجلل {الْيَوْمَ أَكْمَ َلُُْ لَكُمْ دِينَكُمْ}‬
‫ال ازد أي شليء من عند ‪ ،‬خذ دينع من كتاب ربع سلبنان واعايف‪ ،‬ومن صلنيح سلنة‬
‫نبيع الكرم علي الصالة والسالم‪ ،‬هذا وأستغفر هللا أن هو الغفور الرحي ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫التبيان‬

‫اخلطبة الثانية‬

‫احلمد هلل والصالة والسالم علو رسول هللا وعلو آل وصنب وسل‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫اعلموا معاشللر املسلللماب أن كثريا من اجلاهلاب الذين حيرصللون علو نشللر البدع واخلرافات‬
‫يف أوسلا املسللماب‪َ ،‬سوا ليلة النصلف من شلعبان أبَساء متكاثرة‪ ،‬أكثر من عشلرة أَساء‪،‬‬
‫أرادوا يذا ارغيل اجلاهلاب يف إحيلاههلا‪ ،‬وأرادوا يذا أن يتجل اجلهلال من النلاه إيف التعبد‬
‫فيها بغري ما شل ل للرع رب العاملاب سل ل للبنان واعايف‪ ،‬وما شل ل للرع النيب الكرم علي الصل ل للالة‬
‫والسل للالم‪ ،‬فمنه من يسل للميها الليلة املباركة وحيتل بقول سل للبنان واعايف‪{ :‬إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِ‬

‫[الدخان‪.]٣:‬‬ ‫لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ}‬

‫والليلة املباركة هي ليلة القدر‪ ،‬وليسل للت هي ليلة النصل للف من شل للعبان‪ ،‬فإن ربنا سل للبنان‬
‫واعلايف أخرب أن القرآن أنزلل يف الليللة املبلاركلة‪ ،‬ومعلوم أن القرآن إ لا أنزلل هللا س ل ل ل ل للبنلانل‬
‫واعلايف يف ليللة القلدر‪ ،‬قلال س ل ل ل ل للبنلانل واعلايف‪{ :‬إِنََّا أَنزَلْ َنَاهُ فِ لَيْ َلَةِ الْ َقَدْرِ ‪ )1‬وَمََا أَدْرَا َ مََا لَيْ ََلةُ‬

‫[القدر‪.]٣-١:‬‬ ‫الْقَدْرِ ‪ )2‬لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْلٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْلٍ ‪})3‬‬

‫ضَانَ الَّذِي أُنزِلَ‬


‫شهْلُ رَمَ َ‬
‫وليلة القدر يف شلهر رمضلان‪ ،‬فإن القرآن نزل في ‪ ،‬قال سلبنان ‪ََ { :‬‬

‫[البقرة‪.]١٥٨:‬‬ ‫فِيهِ الْقُلْآنُ}‬

‫‪23‬‬
‫التبيان‬

‫إذن أنزل هللا عزوجل القرآن يف شهر رمضان‪ ،‬وأنزل يف ليلة القدر‪ ،‬فالليلة املباركة ليست‬
‫هي ليلة النصل ل للف من شل ل للعبان‪ ،‬وإ ا هي ليلة القدر‪ ،‬ومنه من يسل ل للمي هذر الليلة بليلة‬
‫التقدير وليلة القسلمة‪ ،‬ومنه من يسلميها بليلة الربكة‪ ،‬ومنه من يسلميها بليلة الشلفاعة‪،‬‬
‫ومنه من يس ل ل ل للميها بعيد املالهكة يزعمون أن املالهكة يعيدون يف هذر الليلة‪ ،‬وكل هذر‬
‫من األكللاذي ل ‪ ،‬ومنه من يس ل ل ل ل للميهللا بليلللة احلي لاة ويزعمون أن ملللع املوت باب مغرب‬
‫وعش ل للاء مش ل للغول أبخذ الص ل للكا من رب العاملاب س ل للبنان واعايف ال كت فيها آجال‬
‫الناه‪ ،‬فهو مشللغول عن قبض األروامل باب املغرب والعشللاء يف ليلة النصللف من شللعبان‬
‫فيقول ال نوت أحلد يف ذللع الوقلت النش ل ل ل ل لغلال ملاللع املوت أبخلذ الص ل ل ل ل لكلا من رب‬
‫العاملاب س ل للبنان واعايف‪ ،‬وكل هذر من األكاذي علو رب العاملاب س ل للبنان واعايف‪ ،‬ومن‬
‫األكاذي علو ملع املوت‪ ،‬ومن األكاذي علو رس ل ل للول هللا علي الص ل ل للالة والس ل ل للالم‪،‬‬
‫والكذب أمرر عظي ‪،‬فكيف ابلكذب علو رس ل ل للول هللا علي الص ل ل للالة والس ل ل للالم؟ وكيف‬
‫ابلكذب قبل ذلع علو رب العاملاب سبنان واعايف؟‬

‫معاشر املسلمني‪:‬‬
‫كون ليلة من الليايل فيها شيء من الفضل ال يع أن ختص أبي نوع من أنواع العبادات‪،‬‬
‫فهنالع ليال مباركة بركتها اثبتة أبدلة الكتاب والسللنة الصللنينة‪ ،‬ومع هذا ال جيوز ختص‬
‫أبي نوع من أنواع العبادات‪ ،‬فليلة عرفة ليلة مباركة‪ ،‬ويوم عرفة يوم مبار ‪ ،‬األايم العشللر‬
‫أايم مباركة‪ ،‬والليال العشلر ليال مباركة قال سلبنان واعايف‪{ :‬وَالْفَجْلِ ‪ )1‬ولَيَالٍ عَشَْلٍ ‪)2‬‬

‫[الفجر‪.]٣-١:‬‬ ‫وَالشَّفْعِ وَالْوَتْلِ ‪})3‬‬

‫فليللة الننر وليللة العش ل ل ل ل للر عموملا وليللة عرفلة هلذر الليلال املبلاركلة ومع هلذا ال ختص‪ ،‬ال‬
‫بصلالة الرغاه وال أبلفية وال بغري ذلع‪ ،‬وليلة اجلمعة أيضلا ليلة مباركة‪ ،‬ويوم اجلمعة من‬
‫أايم املباركة‪ ،‬يف مسل ‪)٤٨٢/٤‬‬

‫‪24‬‬
‫التبيان‬

‫من حديث أيب هريرة رضللي هللا عن ‪ ،‬عن رسللول هللا علي الصللالة والسللالم قال‪:‬‬

‫)‪.‬‬
‫ومع هلذا ال ختص هلذر الليللة ال بص ل ل ل ل للالة رغلاهل وال بص ل ل ل ل للالة ألفيلة‪ ،‬جلاء عنلد مس ل ل ل ل للل‬
‫‪ )١١٤٤‬من حديث أيب هريرة رضلي هللا عن ‪ ،‬عن رسلول هللا صللو هللا علي وسلل قال‪:‬‬

‫)‬

‫مع أهنا ليال مباركة وأايم مباركة‪ ،‬ومع هذا هنو النيب علي الصللالة والسللالم بتخصلليصللها‪،‬‬
‫بقيام علو ساهر الليايل‪ ،‬وينهو عن ختصيص يومها بصيام علو ساهر األايم‪.‬‬

‫وهكذا يوم القر وهو يوم احلادي عشلر من شلهر ذي احلجة من األايم العظيمة‪ ،‬جاء عند‬
‫أيب داود ‪ )١7٦٥‬من حديث عبد هللا بن قر رضللي هللا عن ‪ ،‬عن رسللول هللا صلللو هللا‬
‫علي وسل قال‪:‬‬
‫)‬

‫يوم الننر هو اليوم العاشر من ذي احلجة‪.‬‬

‫يوم القر هو احلادي عشللر ألن احلجاج يسللتقرون يف مىن لرمي اجلمرات‪ ،‬فهذر أايم وليال‬
‫مباركة‪ ،‬ومع هذا ال ختص ال بصالة رغاه وال بصالة ألفية وال غري ذلع‪.‬‬

‫فيا معاشر املسلمني‪:‬‬


‫عليك بكتاب ربك سل للبنان واعايف ومتسل للكوا ب ‪ ،‬ففي اخلري واهلداية‪ ،‬وعليك بصل للنيح‬
‫سللنة نبيك الكرم علي الصللالة والسللالم‪ ،‬فتمسللكوا يا فإن فيها اخلري واهلداية ‪،‬وابتعدوا‬
‫عن البدع وحمداثت األمور ال يزينها الش لليطان لكثري من الناه‪ ،‬وجيري وراءر اجلاهلون‪،‬‬

‫‪25‬‬
‫التبيان‬

‫الذين ال عل هل بكتاب هللا‪ ،‬وال بسللنة رسللول الكرم علي الصللالة والسللالم‪ ،‬وإ ا يزين‬
‫الشلليطان البدع وحمداثت األمور ح يصللد الناه عن السللنن فينتقل العباد إيف ري وه‬
‫مفلاليس عن الطلاعلات‪ ،‬قلد بلذلوا جهلده يف البلدع واحمللداثت ال ال ثواب فيهلا بلل فيهلا‬
‫اإلمث العظي ‪ ،‬وقد ضل ل لليعوا أوقاهت وفر وا يف أعماهل برت السل ل للنن الثابتة عن رسل ل للول هللا‬
‫علي الصالة والسالم‪.‬‬

‫أس ل ل ل للأل هللا س ل ل ل للبنان واعايف أن حيفظ علينا ديننا‪ ،‬الله إب نعوذ بع من البدع وحمداثت‬
‫األمور‪ ،‬الله أحيي قلوبنا ابلسل ل ل ل للنة وأحيي جوارحنا بسل ل ل ل للنة نبيع الكرم علي الصل ل ل ل للالة‬
‫والس ل ل ل للالم‪ ،‬الله اغفر لنا ذنوبنا كل دق وجل وأوهلا وآخرها وعالنيتها وس ل ل ل للرها‪ ،‬الله‬
‫اهدب واهدي بنا واجعلنا هداة مهتدين غري ضالاب وال مضلاب‪ ،‬الله يسر علو املعسرين‬
‫واقض الدين عن املديناب وعايف مبتلو املسلماب واشف مرضاه وارح مو ه إنع أنت‬
‫الغفور الرحي ‪ ،‬ربنا إننا ظلمنا أنفس ل للنا ظلما كثريا وإن ال يغفر الذنوب إال أنت فاغفر لنا‬
‫مغفرة من عند وارمحنا إنع أنت الغفور الرحي ‪ ،‬واحلمد هلل رب العاملاب‪.‬‬

‫فرغها أبو عبد هللا زايد املليكي‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫التبيان‬

‫التّبْيَانُ‬
‫لبعض أحكام شهر شعبان‬
‫اجلزء الثالث‬

‫وكانت بتأريخ ‪/٢0‬شعبان‪ ١٤٤٢/‬للهجرة‬

‫يف مسجد اخلري‬

‫فرغها‬

‫أبو عبد هللا زايد املليكي‬


‫‪27‬‬
‫التبيان‬

‫اخلطبة األول‬

‫[آل عمران‪]١0٢ :‬‬ ‫{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}‬

‫{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِريًا‬

‫[النساء‪]١ :‬‬ ‫وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}‬

‫ُصَ َلِلْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ويَِْفِلْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ‬


‫سَ َدِيدًا ‪ )70‬ي ْ‬
‫{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا َ‬

‫[األحزاب‪]7١ ،70 :‬‬ ‫يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}‬

‫أما بعد‪:‬‬
‫اعلموا أن خري احلديث كتاب هللا وخري اهلدي هدي حممد ص ل ل ل لللو هللا علي وآل وس ل ل ل للل‬
‫وشر األمور حمداثهتا وكل حمدثة بدعة‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫التبيان‬

‫جاء يف الص ل للنيناب من حديث عبد هللا بن عباه رض ل للي هللا عنهما‪ ،‬أن قال‪ :‬جاء رجل‬
‫إيف النيب ص للو هللا علي وس للل ‪ ،‬فقال‪ :‬اي رس للول اَ‪ ،‬إن أمي ماات وعليلها ص لوم ش لهر‬
‫)‬ ‫) قال‪:‬‬ ‫أفأقضي عنلها؟ قال‪:‬‬

‫أخرج البخاري ‪ ،)١9٥٣‬ومسل ‪)١١٤٨‬‬

‫)‬ ‫ويف لفظ‬

‫فباب نبينا علي الص ل ل للالة والس ل ل للالم يف هذر احلديث أن دين هللا س ل ل للبنان واعايف هو أويف‬
‫وأحق أن يهت اإلنسلان بقضلاه من دين اخللق‪ ،‬ومعلوم أن من اسلتدان من غرير دينا فإن‬
‫جي علي الوفاء‪ ،‬وجي علي القض ل ل للاء يقض ل ل للي احلق الذي علي ‪ ،‬ويؤدي احلق إيف أهل ‪،‬‬
‫فإن هذا ما هو واج يف شل لريعة اإلس للالم‪ ،‬وقد قال النيب علي الص للالة والس للالم‪:‬‬

‫)‬

‫أخرج البخاري ‪ )٢٣٨7‬من حديث أيب هريرة رضي هللا عن ‪.‬‬

‫فهذا أمر معلوم‪ ،‬وهكذا من ابب أويف إذا كان علو العبد دين لرب سل للبنان واعايف فدين‬
‫هللا أحق أن يقضل ل للو‪ ،‬فدين هللا أحق ابلقضل ل للاء‪ ،‬وهذر املرأة ماات وعليها هذا الدين وهو‬
‫الص ل ل ل لليام واملراد ب ص ل ل ل لليام النذر‪ ،‬فإن من مات وعلي ص ل ل ل لليام نذر فهذا دين يف ذمت ‪،‬‬
‫فأولياؤر يقضون هذا الدين كما جاء يف حديث عاهشة رضي هللا عنها‪ ،‬قالت‪ :‬قال رسول‬
‫)‬ ‫هللا صلو هللا علي وسل ‪:‬‬

‫أخرج البخاري ‪ ،)١9٥٢‬ومسل ‪.)١١٤7‬‬

‫من مات وعلي صليام صلام عن ولي ‪ :‬وهو وارد يف صليام النذر‪ ،‬فمن مات وعلي صليام ‪،‬‬
‫أي وعلي ص لليام نذر ص للام عن ولي ‪ ،‬فأولياء امليت يصل لومون عن امليت ص لليام النذر فإن‬
‫دين الزم يف ذمت ‪ ،‬وأما صيام الفرض فليس عليه أن يصموا صيام الفرض‪ ،‬وإ ا يطعموا‬

‫‪29‬‬
‫التبيان‬

‫عن عن كل يوم مس للكينا‪ ،‬فإذا مات امليت وكان متمكنا من القض للاء وقد أفطر ش للي ا من‬
‫رمضلان‪ ،‬وكان متمكنا من القضلاء وَل يقض ح جاءر األجل فهنا يطع عن عن كل يوم‬
‫مسلكينا‪ ،‬وأما إن مات وعلي صليام نذر فهذا دين يف ذمت أوجب هو علو نفسل ‪ ،‬فيصلوم‬
‫عن ولي كما أخربب بذلع نبينا علي الصالة و السالم‪.‬‬

‫مع أن النلذر مكرور وقلد هنو عنل رس ل ل ل ل للول هللا ص ل ل ل ل لللو هللا عليل وس ل ل ل ل للل ‪ ،‬كملا جلاء يف‬
‫الص للنيناب من حديث عبدهللا بن عمر ويف حنور من حديث أيب هريرة رض للي هللا عنهما‪،‬‬
‫أن رسول هللا صلو هللا علي وسل ‪:‬‬
‫) أخرج البخاري ‪ )٦٦9٣‬ومسل ل للل‬
‫‪.)١٦٤0‬‬

‫القدر ماض ما كتب هللا سللبنان واعايف فهو ماض‪ ،‬والنذر ال يرد قدرا‪ ،‬فمن ينذر نذرا إن‬
‫شل للفو هللا سل للبنان واعايف مريضل ل فعلي كذا وكذا‪ ،‬أو إن عاد غاهب فعلي كذا وكذا‪ ،‬هذا‬
‫النذر ال حيص للل ب ش للفاء املرض‪ ،‬وال حيص للل ب رد الغاه ‪ ،‬وال حيص للل ب رد أي قدر من‬
‫أقلدار هللا عزوجلل‪ ،‬وإ لا يس ل ل ل ل للتخرج بل من البخيلل أي من كلان خبيال ابلطلاعلات فلإن هللا‬
‫س ل ل للبنان واعايف يس ل ل للتخرج منه الطاعات ابلنذر‪ ،‬فالنذر منهي عن وإن س ل ل للارع في من‬
‫س للارع‪ ،‬ومع هذا فمن نذر ش للي ا فهو دين يف ذمت جي علي الوفاء ماَل ينذر مبعص للية هللا‬
‫عزوجل‪.‬‬

‫يف البخاري ‪ )٦٦9٦‬من حديث عاهشلة رضلي هللا عنها قالت‪ :‬قال رسلول هللا صللو هللا‬
‫علي وسل ل للل ‪:‬‬
‫)‬

‫فأمر النيب علي الصلالة والسلالم ابإليفاء ابلنذر إن كان من قبيل الطاعة‪ ،‬وهنو نبينا علي‬
‫الصالة والسالم عن النذر إن كان من قبيل املعصية‬

‫‪30‬‬
‫التبيان‬

‫ومن َل يف بنلذرر ويفي يلذا اللدين اللذي عليل فهو علو خطر عظي ‪ ،‬ش ل ل ل ل للو عليل من‬
‫عقوبة عظيمة من رب العاملاب سل ل ل للبنان واعايف‪ ،‬كما قال هللا اعايف‪{ :‬وَمِنْهُم مَّنْ عَااَدَ اللَّهَ‬

‫َضََلِهِ بَلِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَّاُم‬


‫لصََالِحِ َ ‪ )75‬فَلَمَّا آتَااُم مِّن ف ْ‬
‫َصََدَّقَنَّ ولَنَكُونَنَّ مِنَ ا َّ‬
‫َضََلِهِ لَن َّ‬
‫لَئِنْ آتَانَا مِن ف ْ‬

‫َُِ َونَ ‪ )76‬فََأَعْقَبَهُمْ نِفََاقًَا فِ قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَ وْمِ يَلْقَوََْنهُ بِمََا أَخْلَفُوا اللََّهَ مََا وَعََدُوهُ وَبِمََا كََانُوا يَكَْذِبُونَ‬
‫مُّعْل ُ‬

‫[التوبة‪.]77-7٥:‬‬ ‫‪})77‬‬

‫فالذي ينلذر نذرا فقلد عاهد هللا رب س ل ل ل ل للبنلان واعلايف بعهلد‪ ،‬فإن َل يفي بنلذرر فقلد كذب‬
‫علو رب س ل ل ل للبنان واعايف فهو علو خطر عظي ‪ ،‬ش ل ل ل للو أن يعاقب رب س ل ل ل للبنان واعايف‬
‫ابلنفان املس ل للتمر ح عاي املوت‪ ،‬وك من مفر يف هذا الدين الذي هو أويف ابلقض ل للاء‬
‫) هكذا يقول‬ ‫وأحق ابلقض ل ل للاء من ديون اخللق‪ ،‬قال‪:‬‬
‫نبيا علي الصللالة والسللالم‪ ،‬فهنالع من ينذر شللهرين متتابعاب فإن حصللل ل ما كان يريد‬
‫إذا ب يبخل علو رب س ل ل ل ل للبنان واعايف وال يفي بنذرر‪ ،‬ويثقل علي هذا الص ل ل ل ل لليام بعد أن‬
‫اقضل ل للو حاجت بقضل ل للاء هللا وقدرر‪ ،‬وإذا ب يتثاقل عن هذا الصل ل لليام ويبنث عن املخارج‬
‫‪،‬هل ل خمرج من هذا الص ل ل ل لليام أو ال؟ كان ينبغي علو العبد ابتداء أن ال ينذر فإن النذر‬
‫قد هنو عن رسل ل للول هللا صل ل لللو هللا علي وسل ل للل ‪ ،‬وكونع أبيت إال النذر فتنمل العواق‬
‫وجي عليع الوفاء مبا جعلت دينا بذمتع لربع سل ل ل للبنان واعايف اقضل ل ل للوا فدين هللا أحق‬
‫ابلقضاء‪.‬‬

‫معاشر املسلمني‪:‬‬
‫) إن كان‬ ‫قول علي الصللالة والسللالم يف هذا احلديث‪:‬‬
‫يف ذمتلع عبلادة من العبلادات فعليلع أن افي يلا وأن ابلادر بقض ل ل ل ل للاههلا‪ ،‬ومن مجللة ذللع‬

‫‪31‬‬
‫التبيان‬

‫قضل للاء ما أفطرر اإلنسل للان من صل لليام رمضل للان يف هذر الشل للهر يف شل للهر شل للعبان‪ ،‬جاء يف‬
‫البخاري ‪)١9٥0‬‬

‫ومس للل ‪ )١١٤٦‬من حديث عاهش للة رض للي هللا عنها قالت‪:‬‬
‫)‬

‫فكانت رمبا اؤخر القضل ل للاء إيف آخر شل ل للعبان وهو آخر فرتة من فرتات القضل ل للاء‪ ،‬فإن من‬
‫أفطر ش للي ا من رمض للان لعذر من األعذار الش للرعية فالواج علي أن يبادر ابلقض للاء باب‬
‫الرمض للاناب‪ ،‬من ش للهر ش للوال وينتهي ذلع ابنتهاء ش للهر ش للعبان‪ ،‬فهذا هو آخر وقت من‬
‫أوقات القضاء‬

‫فمن كان علي صل لليام من ذكر أو أنثو فالواج املبادرة ابلقضل للاء يف هذا الشل للهر‪ ،‬وحيرم‬
‫أن يؤخر القضللاء ح يدخل شللهر رمضللان إال بعذر شللرعي‪ ،‬لعذر من األعذار الشللرعية‪،‬‬
‫وإذا َل يكن هنالع عذر ش ل ل ل للرعي وأخر العبد القض ل ل ل للاء ح دخل علي رمض ل ل ل للان اآلخر‬
‫فيج علي القضل ل للاء بعد ذلع وأن يكفر عن خرير إب عام مسل ل للكاب عن كل يوم وج‬
‫علي من القضاء‬

‫إن كان الذي علي من القضل للاء عشل للرة أايم فالواج علي أن يطع عشل للرة مسل للاكاب مع‬
‫القضلاء‪ ،‬هذا يف حق من أخر القضلاء عمدا من غري عذر شلرعي ح دخل علي رمضلان‬
‫اآلخر‪ ،‬وأما من كان ل علي العذر الشل ل ل للرعي كأن كان مريدا للقضل ل ل للاء مث أصل ل ل للاب مرض‬
‫اسللتمر ب ح دخل علي شللهر رمضللان‪ ،‬أو أصللاب املرأة احلمل فشللق عليها الصلليام أو‬
‫خشلت علو محلها أو علو نفسلها من الصليام بسلب محلها فلها العذر الشلرعي يف خري‬
‫القضل ل ل للاء إيف بعد رمضل ل ل للان اآلخر‪ ،‬وليس علو من كان ل العذر شل ل ل لليء من اإل عام ألن‬
‫معذور‪ ،‬وكالمنا يف غري املعذور‬

‫) كما قال‬ ‫فالواج هو املبادرة للقض ل للاء‪،‬‬


‫نبينا علي الص ل للالة و الس ل للالم‪ ،‬فهذا ما ينبغي املبادرة ل وعدم التهاون يف قض ل للاء هللا عز‬

‫‪32‬‬
‫التبيان‬

‫وجل‪ ،‬ويف الديون ال يف ذمة اإلنس ل للان لرب العاملاب س ل للبنان واعايف‪ ،‬فإن قض ل للاء الدين‬
‫الذي عليع لربع سبنان واعايف من اعظيمع لربع ومن إجاللع لربع سبنان واعايف‪،‬‬
‫ومن خوفع من رب العاملاب سبنان واعايف‪.‬‬

‫أسأل هللا عزوجل أن يغفر لنا ذنوبنا أمجعاب‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫التبيان‬

‫اخلطبة الثانية‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫جاء يف البخاري ‪ )١9١٤‬مسل للل ‪ )١0٨٢‬أيب هريرة رضل للي هللا عن قال‪ :‬قال رس ل لول‬
‫هللا ص ل لللو هللا علي وس ل للل ‪:‬‬
‫)‬

‫إذا كان هنالع هذا املقدار من آخر شل للهر شل للعبان بقي يوم أو يومان فقد هنو النيب علي‬
‫الصلالة والسلالم عن الصليام يف ذلع الوقت‪ ،‬إال من كان علي صلوم‪ ،‬إال رجال كان علي‬
‫ص للوم فليص للم ‪ ،‬هكذا يقول نبينا علي الص للالة والس للالم‪ ،‬فإذا كان علو اإلنس للان ص للوم‬
‫واج كصل للوم القضل للاء فليصل للم ‪ ،‬ولو بقي هذا املقدار‪ ،‬وهكذا إذا كان علي صل للوم نذر‬
‫فليصل ل للم ‪ ،‬وإن بقي هذا املقدار‪ ،‬وهكذا إذا كان الرجل معتاد علو صل ل لليام النافلة املعينة‬
‫كصيام اإلثناب واخلميس يف كل شهر فصادف اخلميس أو صادف‬

‫يوم اإلثناب أخر شللعبان أي أن بقو يوم أو بقو يومان من انتهاء شللهر شللعبان فليصللم ما‬
‫اعتادر من فرض أو نفل‪ ،‬ومن َل يكن معتادا فال عت إيف هذا الوقت ويشلرع يف الصليام‪،‬‬
‫فإن النيب علي الصلالة والسلالم قد هنو عن ذلع‪ ،‬والنهي عن ذلع سلبب وهللا أعل ح‬

‫‪34‬‬
‫التبيان‬

‫ال يزاد يف الفرض ما ليس من ‪ ،‬فنمو النيب علي الصللالة والسللالم شللهر رمضللان من أول‬
‫ومن آخرر‪ ،‬ح ال يزاد فيل ملا ليس منل ‪ ،‬ح ال يظن اجلهلال ولو بعلد حاب أن ش ل ل ل ل للهر‬
‫رمض للان أكثر ما فرض ل رب العاملاب س للبنان واعايف‪ ،‬فنمو النيب علي الص للالة والس للالم‬
‫هذا الش ل ل ل للهر من أول وهنو عن الص ل ل ل لليام قبل بيوم أو يوماب‪ ،‬ومحو النيب علي الص ل ل ل للالة‬
‫والس للالم ش للهر رمض للان من أخرر فنهو عن ص لليام يوم العيد‪ ،‬جاء يف البخاري ‪)١١97‬‬
‫ومس للل ‪ )١١٣٨‬من حديث أيب س للعيد اخلدري رض للي هللا عن أن رسل لول هللا صل للو هللا‬
‫)‬ ‫علي وسل‬

‫وجاء يف مسللل ‪ )١١٣٨‬عن أيب هريرة رضلي هللا عن ‪:‬‬


‫)‬

‫وجاء يف البخاري ‪ ،)١990‬ومس ل للل ‪ )١١٣7‬عن أيب عبيد‪ ،‬مويف ابن أزهر‪ ،‬أن قال‪:‬‬
‫ش ل للهدت العيد مع عمر بن اخلطاب رضل ل لي هللا عن ‪ ،‬فجاء فص ل لللو‪ ،‬مث انص ل للرف فخط‬
‫الناه‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫)‬

‫وغري ذلع من األدلة املتكاثرة يف الباب‪ ،‬فنهو النيب علي الصل للالة والسل للالم عن الصل لليام‬
‫قبل رمض للان أو بعدر ح ال يزاد يف الفرض ما ليس من ‪ ،‬والزايدة يف الفريض للة ما ال حيب‬
‫هللا عزوجل‪ ،‬وهو حمرم يف دين هللا عزوجل‪ ،‬وكما محو نبينا علي الصل للالة والسل للالم شل للهر‬
‫رمضان محو أيضا صالة الفريضة محو من ذلع من أوهلا ويف أخرها‪.‬‬

‫جاء يف مسللل ‪ )7١0‬من حديث أيب هريرة رضللي هللا عن عن رسللول هللا صلللو هللا علي‬
‫)‬ ‫وسل أن قال‪:‬‬

‫‪35‬‬
‫التبيان‬

‫فإن املؤذن إذا أقام لصللالة الفرض وشللرع حين ذ املصلللي ابلصللالة أي ابتداء الصللالة عند‬
‫اإلقامة رمبا عص بعد حاب من يظن أن ص للالة الفرض زاهدة‪ ،‬وأكثر ما فرض للها رب العاملاب‬
‫سل للبنان واعايف‪ ،‬وشل للاهد نبينا علي الصل للالة و السل للالم كما يف البخاري ‪ )٦٦٣‬ومسل للل‬
‫‪ )7١١‬من حديث عبدهللا بن مالع بن حبينة رضل ل للي هللا عن ‪ :‬أن رسل ل لول اَ صل ل للو هللا‬
‫علي وسلل رأى رجال وقد أقيمت الصلالة يصللي ركعتاب‪ ،‬فللما انصلرف رسلول اَ صللو‬
‫هللا علي وس ل لل الث ب الناه‪ ،‬وقال ل رس ل لول اَ ص ل للو هللا علي وس ل لل ‪:‬‬
‫)‬

‫)‬ ‫ويف لفظ‬

‫هنو عن ذلع ح ال يزاد يف الفرض‪ ،‬وأخرب النيب علي الصالة والسالم أن هذا سينصل‬
‫يف أمت ‪ ،‬وأن هنالع من سلليظن أن الفجر أربع ركعات‪ ،‬يوشللع أحدك أن يصلللي الصللبح‬
‫أربعا‬

‫وهكذا محو نبينا علي الصللالة والسللالم الفرض يف آخرر‪ ،‬فإذا انتهو اإلنسللان من صللالة‬
‫الفرض ال يقوم مباشل للرة ألداء السل للنة كما حال بعض الناه‪ ،‬إذا سل للل من صل للالا إذا ب‬
‫مباشرة ويصلي السنة‪ ،‬فإن هذا ما هنو عن رسول هللا علي الصالة والسالم‪.‬‬

‫جاء يف مسللل ‪ )٨٨٣‬عن معاوية رضللي هللا عن أن بفع بن جبري‪ ،‬أرسلل إيف السلاه ‪،‬‬
‫ابن أخت ر‪ ،‬يسلأل عن شليء رآر من معاوية يف الصلالة‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫)‬

‫‪36‬‬
‫التبيان‬

‫فإذا انتهو اإلنس ل ل للان من فريض ل ل للت إما أن يتكل فيفص ل ل للل باب بفلت وفريض ل ل للت ابلكالم‪،‬‬
‫والكالم إما أن يكون ابألذكار بعد الصل ل لللوات وهذا خري الكالم وأكثر الكالم وأشل ل للرف‬
‫الكالم‪ ،‬وإما أن يتندث اإلنسان مع من هو جبوارر فإذا فصل بكالم ل أن يصلي النافلة‬
‫بعد بذلع ‪،‬أو يفصل للل باب الفريضل للة والنافلة خبروج‪ ،‬إما أن رج من املكان الذي صل لللو‬
‫في الفرض إيف أي موض ل ل للع من أجزاء املس ل ل للجد‪ ،‬وإما أن رج إيف منزل فيص ل ل لللي النافلة‬
‫والسل للنة الراابة يف منزل وهذا أمجل اخلروج وهو هدي رسل للول هللا صل لللو هللا علي وسل للل ‪،‬‬
‫فإن نبينا علي الص للالة و الس للالم كان يص لللي الس للنن الرواا يف بيت غالبا ‪ ،‬فيخرج من‬
‫مسجدر إيف بيت فيصلي السنة الراابة ‪،‬وهذا هو أكمل اخلروجاب‪.‬‬

‫أس ل ل ل ل للأل هللا س ل ل ل ل للبنلانل واعلايف أن يغفر لنلا ذنوبنلا أمجعاب وأن يرمحنلا برمحتل إنل هو الغفور‬
‫الرحي ‪ ،‬الله اغفر لنا ذنوبنا كل دق وجل وأوهلا وآخرها وعالنيتها وس للرها‪ ،‬الله اغفر‬
‫لنا وارمحنا واهدب واهدي بنا وجعلنا هداة مهتدين غري ضل ل للالاب وال مضل ل لللاب‪ ،‬الله اغفر‬
‫ملواو مجيع املس ل لللماب وارمحنا إذا ص ل للرب إيف ما ص ل للاروا إلي إنع أنت الغفور الرحي ‪ ،‬ربنا‬
‫إننلا ظلمنلا أنفس ل ل ل ل لنلا ظلملا كثريا وإنل ال يغفر اللذنوب إال أنلت فلاغفر لنلا مغفرة من عنلد‬
‫وارمحنا إنع أنت الغفور الرحي ‪ ،‬الله إب نسل للألع اجلنة وما قرب اليها من قول او عمل‬
‫ونعوذ بلع من النلار وملا قرب إليهلا من قول وعملل‪ ،‬الله أمنلا يف أو لاننلا‪ ،‬الله من أراد‬
‫بنللا وببالدب س ل ل ل ل للوء ومكرا وكيللدا فللاجعللل كيللدر يف حنرر وجعللل اللدبرير يف اللدمرير واكف‬
‫املسلماب شرر إنع علو كل شيء قدير‪ ،‬واحلمد هلل رب العاملاب‪.‬‬

‫فرغها أبو عبد هللا زايد املليكي‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫التبيان‬

‫‪38‬‬

You might also like