You are on page 1of 7

‫الرموز االخالقية فى تأويالت فيلون السكندرى للتوراة‬

‫محمد أحمد محمود ابراهيم‬

‫ملخص‪:‬‬

‫تهدف هذه الدراسة الى التعرف على بعض الرموز األخالقية في تأويالت‬
‫فيلون السكندري‪ ،‬أحد أهم فالسفة اليهود في مرحلة ما بعد أرسطو المتأخرة من تاريخ الفلسفة‬
‫اليونانية‪ ،‬وطرحت الدراسة تساؤًال محوريًا هو‪ :‬ما الرموز األخالقية التي تمثلت في تأويالت‬
‫فيلون السكندري للنص التوراتي؟ ومن ثم تطرقت الدراسة الى أهم مبادئ وآليات التأويل‬
‫الرمزي عند فيلون‪ ،‬والتركيز على بعض التأويالت ذات العالقة بموضوع الدراسة‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬الرمز – األخالق – التأويل – فيلون السكندرى‬

‫‪:Summary‬‬

‫‪This study aims to identify some moral symbols in the‬‬


‫‪interpretations of Philo of Alexandria, one of the most important‬‬
‫‪Jewish philosophers in the late post-Aristotle stage of the history of‬‬
‫‪Greek philosophy. The study raised a central question: What are the‬‬
‫‪moral symbols represented in Philo of Alexandria's interpretations of‬‬
‫‪the biblical text? In addition to clarifying the most important‬‬
‫‪principles and mechanisms of symbolic interpretation in Philon and‬‬
‫‪.focusing on some interpretations related to the subject of the study‬‬

‫مقدمــة‪:‬‬
‫يعتبر الفيلسوف الهلنستي فيلون السكندري (‪ 20‬ق‪.‬م‪ 50-‬م) من أبرز الفالسفة‬
‫اليهود الذين اهتموا بدراسة النص التوراتي‪ ،‬وفق مبادئ وآليات معينة لتأويلة‪ ،‬ولكن ما يميزه‬
‫افالطونيتة‪ ،‬وتأثره الشديد باالتجاه الرواقي واألرسطي ولفيثاغورث في الفلسفة اليونانية‪،‬‬
‫وحضور هذه الفلسفات في تأويالته وأعماله مثل‪ :‬شرح سفر التكوين‪ ،‬أسفار موسى الخمسة‪،‬‬
‫شريعة موسى‪ ،‬حياه التأمل‪ ،‬ضد فالكيوس‪ ،‬التساؤالت‪ ،‬وغيرها من األعمال‪)Carrier, 2014, p. 364( .‬‬
‫وإذا كانت الفلسفة اليونانية حاضرة في تأويالت فيلون النظرية للنص التوراتي‪ ،‬فهي في‬
‫الواقع مثلت أداة ووسيلة للدفاع عن الحقائق الدينية اليهودية وتبريرها‪ ،‬وبالرغم من ذلك‬
‫رفض فيلون من الفلسفة اليونانية ما يتعارض مع النص الديني التوراتي‪& ,Howell, Carl Sigiegfried( .‬‬

‫‪ )Jacob Lauterbach‬وفى تأويالت فيلون نجد حضورًا للرموز األخالقية‪ ،‬والتي ال ُتخفى أهميتها‬
‫على المستوى الديني أو الفلسفي أو على مستوى الحياة اليومية للمجتمعات اإلنسانية‪ ،‬باعتبار‬
‫أنها " تمثالت لمجموعة من القيم والمعايير األخالقية والمبادئ التي تحدد ما الخير أو الشر‪،‬‬
‫أو ما الفضيلة أو الرذيلة‪ ،‬وتشير الى بعض األشياء أو األحداث بأنها انتهاك للمعايير المقبولة‬
‫اجتماعيًا" (‪ ،).britannica.com/morl code, n.d‬من هنا كانت هذه الدراسة لإلجابة على تساؤل أساسي هو‪:‬‬
‫ما الرموز األخالقية الماثلة في تأويالت فيلون السكندري؟ ولإلجابة على هذا التساؤل‪ ،‬تبنت‬
‫الدراسة منهج العرض والتحليل‪.‬‬

‫منهج فيلون السكندري في التأويل‪:‬‬


‫اعتمد فيلون على منهج التأويل الرمزي في تفسير النص التوراتي‪ ،‬والذى‬
‫يتمثل فى صرف المعنى السطحي للنص الى معنى كامن الخفي محتمل (الجرجانى‪ ،‬صفحة ‪ )33‬داخل‬
‫طبقات النص‪ ،‬والذى يمكن الوصول اليه بالنحت في طبقات النص‪ ،‬حيث كان فيلون يعمل‬
‫على" اخراج داللة النص من الداللة الحقيقية التي تمثل ظاهر النص الى الداللة الرمزية التي‬
‫تمثل باطن النص" (صليبا‪ ،1984 ،‬صفحة ‪ )234‬وهذا المنهج استخدمه فيلون في تأويالته للنص التوراتي‪،‬‬
‫بقصد التوفيق بين الفلسفة والدين‪ ،‬جعل الشريعة اليهودية شريعة عالمية صالحة لكل زمان‬
‫ومكان‪ ،‬وللتخلص من التأويالت الحرفية الظاهرية األسطورية للنص التوراتي في سفر‬
‫التكوين حيث قال" ان العنصر األسطوري فيما يختص بالحية هو الذى نتخلص منه بالتأويل‬
‫الرمزي " (بريهييه‪ ،1954 ،‬صفحة ‪)96‬‬

‫وهذا التأويل الفيلوني يتأسس على عدة مبادئ منها‪ :‬أوًال‪ :‬أن الشريعة والفلسفة هما‬
‫المصدران األساسيان في عملية التأويل فمنبع الفلسفة وحقائق الكتاب المقدس واحد وهو هللا‬
‫وكالهما آ ى الشريعة الموسوية والفلسفة يقودان الى معرفة هللا‪ ،‬حيث طريق المعرفة الروحية‬
‫هلل يكون عبر بوابة الفلسفة ثانيًا‪ :‬ضرورة اال يكون التأويل الرمزي سببًا للوصول الى معنى‬
‫يهدم أحد أركان الدين‪ ،‬وأن يحافظ على الشعائر والتقاليد الدينية للشريعة الموسوية (النشار‪،1995 ،‬‬

‫صفحة ‪. )58‬ثالثًا‪ :‬الرمز الديني يخاطب العامة والخاصة بلغه رمزية مجازية وباألمثال لتقريب‬
‫الحقائق الى اذهان الناس‪ ،‬فالعامة يفهمون من النص ظاهرة‪ ،‬أما الخاصة يرون في النص‬
‫عالمات ودالالت فيعملون على تأويلها للوصول الى الحقائق الكامنة وراء االلفاظ والعبارات‪.‬‬
‫(بريهييه‪ ،1954 ،‬صفحة ‪)2‬‬
‫وباستقراء تأويالت فيلون السكندري سنرى انه اعتمد على قواعد وآليات معينه في‬
‫تأويالته الرمزية للنص التوراتي منها‪:‬‬

‫أوًال‪ :‬تقسيمة للتأويل الى ثالث مستويات‪ :‬التأويل الحرفي البسيط‪ ،‬والتأويل الحرفي‬
‫ذي الغرض‪ ،‬والتأويل الرمزي‪ ،‬ويمثل التأويل الرمزي أساس التأويل عند فيلون وهو كائن‬
‫حي له جسم وروح‪ ،‬فتأويل المعنى الحرفي السطحي يشبه الجسم ويمثله األوامر والنواهي‬
‫الحرفية‪ ،‬بينما المعنى الكامن والخفي في النص هو الروح‪ ،‬ومن ثم رؤية األمور الخفية من‬
‫خالل األشياء المرئية (بريهييه‪ ،1954 ،‬صفحة ‪ ،)98،84‬فكأن عملية التأويل الرمزي تمثل قفزة أو وثبه تبدأ‬
‫من المعنى السطحي للنص الى الغوص في طبقات النص المتعددة للوصول الى المعنى‬
‫الباطني العميق المراد‪ ،‬بهدف االرتقاء بمعنى النص المادي الى معنى يسمو ويتعالى على‬
‫المعنى السطحي للنص‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬التدليل بالنص الحرفي ثم تجاوزه الى التأويل الرمزي للرد على التأويالت‬
‫األسطورية للتوراة لدى بعض السابقين عليه‪ ،‬ومثال ذلك تعمدهم الربط والتوحيد بين تضحية‬
‫النبي إبراهيم(ع) بابنه اسحق واألسطورة اإلغريقية الخاصة بالتضحية باألطفال‪ ،‬فأعتبر‬
‫فيلون ان هذه التأويالت تمثل تأويل حرفي ساذج يجب تجاوزه الى التأويل الرمزي (بريهييه‪،1954 ،‬‬
‫الصفحات ‪.)96-97‬‬

‫ثالثًا‪ :‬االعتماد على ثالثة مصادر أساسية ساهمت في بلورة منهجه الرمزي فى تأويل‬
‫النصوص التوراتية وهي‪ :‬االلهام‪ ،‬والبحث الذاتي االعتقادي والمأثور الذي يمثل التأويالت‬
‫الرمزية السابقة عن فيلون‪ ،‬والذي أعاد استعمالها بنفس الداللة والرمز كمرجعية لمنهجه‬
‫التأويلي وبخاصة عند اليهودي أرستوبول (بريهييه‪ ،1954 ،‬صفحة ‪)76،73‬‬

‫الرموز األخالقية في تأويالت فيلون‪:‬‬


‫ان الموضوع الجوهري في تأويالت فيلون‪ ،‬هو اكتشاف الرموز األخالقية و‬
‫القصة الداخلية للروح‪ ،‬وتحويل أشخاص وأحداث التوراة التي ال يمكن تفسيرها إذا أخذت‬
‫على معنى النص السطحي‪ ،‬اال بوصفهم انعكاسًا لحاالت النفس الداخلية‪ ،‬فسفر التكوين يعتبر‬
‫رمزا لتقلب وتبدل النفس اإلنسانية من الحالة الال أخالقية الى الحالة األخالقية أي حالة‬
‫النفس فى عدم اكتراثها باألخالق ونزوعها نحو الرذيلة‪ ،‬ثم وصولها تدريجيا نحو الفضيلة‬
‫والكماالت االنسانية‪ ،‬فقصة الخلق تحكى عن كل مرحلة وحالة من هذه المراحل والحاالت‪،‬‬
‫وطبقًا لفيلون كل مرحلة ممثلة بشخصية من شخصيات التوراة ترمز الى حالة أخالقية من‬
‫حاالت ومراحل النفس اإلنسانية‪ ،‬فهو يؤول( آدم) عليه السالم بالنفس أو العقل وهو ال الى‬
‫الفضيلة وال الى الرذيلة و(حواء) رمزًا للحس المادي واللذة و (الحية) كرمز للغواية‪،‬‬
‫و(قابيل) كرمز للُعجب‪ ،‬و(هابيل) كرمز للخير‪ ،‬و(أنوش) رمز لألمل والرجاء‪ ،‬و(ادريس)‬
‫رمز للندم‪ ،‬و(نوح) رمزًا للعدالة والتطهر(بريهييه‪ ،1954 ،‬صفحة ‪ )77،70،69،‬والنبي(إبراهيم) رمزًا‬
‫للمعرفة و(يعقوب) رمزًا للمجاهدة والزهد الصوفى‪ ،‬و(اسحق) رمز للحكمة الفطرية الطبيعية‬
‫وطريق األنبياء الذى يحبه هللا ويمنحه لمن يشاء من البشر‪( .‬برهيية‪ ،1988 ،‬صفحة ‪)252‬‬
‫‪ ،‬و(النبي موسى) مصدر كل الحكمة‪ ،‬ان فيلون السكندري يبحث في سفر التكوين عن القصة‬
‫الكامنة وراء النص الظاهر‪ .‬حواء التي تمثل الحس الغير عقالني‪ ،‬أغوتها الحية‪ ،‬التي ترمز‬
‫الى اللذة لألكل من الشجرة‪ ،‬وجرت آدم ‪ ،‬العنصر العقالني‪ ،‬الى الهالك بنزوله الى األرض ‪،‬‬
‫وتلد النفس قابيل المعجب بذاته‪ ،‬فيقتل هابيل الذى يمثل الخير والمحب هلل (‪,T.Runia‬‬
‫‪ )pp. 1-18 ,1990‬ليصور لنا القصة على غرار التراجيديا اليونانية في الصراع القائم بين‬
‫العقل والحس والغواية والشر والخير‪ ،‬و رمزية المعرفة والمجاهدة الصوفية والفضيلة‬
‫الطبيعية تمثل عند فيلون مصادر ثالثة لمعرفة هللا المؤدية للحكمة والكماالت الروحانية‬
‫اإلنسانية‪.‬‬

‫وفى تأويل فيلون لسفر التكوين االصحاح الرابع اآلية‪ 8-1‬والذى يصف والدة حواء‬
‫لقابيل وهابيل ‪ ،‬رأى فيلون أن النفس الواحدة قد يكون لها رؤى ومعتقدات متعارضة ومتعادية‬
‫و تَم ثلها فى قابيل وهابيل‪ ،‬فاألول يمثل الذاتية واالنانية ويعتبر العقل البشرى علة الواقع‬
‫والخير‪ ،‬والثاني يمثل القناعة والمحبة هلل ويؤمن أن هللا عله الواقع والخير‪ ،‬فقابيل وهابيل‬
‫نموذجان للصراع بين الرؤى والمعتقدات فبينما يمثل هابيل رمزًا لإليمان الديني الشرعي هو‬
‫وذريته‪ ،‬يمثل قابيل القاتل رمزًا لإليمان الال ديني و الشرعي هو وذريته‪ ،‬وقد استحق قابيل‬
‫هذه الحالة بانقطاعه عن التقوى وحب الذات و ابتغائه زوجة لم تكن له‪ ،‬وباعتقاده أن العقل‬
‫هو مقياس كل األشياء‪ )Runia, 2010, pp. 113-129.( .‬فهابيل هنا هو رمز للفضيلة‬
‫بينما قابيل يمثل رمزًا للرذيلة بكل أبعادها الغير أخالقية‪.‬‬

‫وحول ثنائية الروح‪ /‬الجسد‪ ،‬رأى فيلون أن الروح قبل أن تنزل الى األرض وترتدى‬
‫قميص الجسد كانت تتمتع بالكمال األخالقي لخلوها من المحسوسات‪ ،‬ولكن عند نزولها الى‬
‫األرض وانحصارها في قميص الجسد المادي وبمرور الزمن‪ ،‬فقدت الروح نقاوتها ‪،‬‬
‫وهبطت كماالتها األخالقية‪ ،‬وبالرغم من ذلك كانت الروح دائمًا في حالة شوق وتعلق بشيء‬
‫أعلى‪ ،‬فالجسد كما يقول فيلون خطر على الروح ألنه‪ ،‬يجرها الى كل المتعلقات المادية‬
‫وروابط االحساس‪ ،‬والتي تقودها الى األغراء والرغبة في االستمتاع الشهواني بكل ما هو‬
‫حسى‪ ،‬وبالرغم من أنه يمثل ضرورة نفسية‪ ،‬لكنها شر من وجهه النظر األخالقية‪ ،‬ومن ثم‬
‫يدمر الجسد الروح‪ ،‬فالجسد عند فيلون يعد رمزًا لألهواء والرغبات التي تؤدى الى شر‬
‫عظيم‪.‬‬
‫واالنسان يمر فى تطورة األخالقى طبًقا لفيلون بعدة مراحل‪ ،‬تبدأ من حالة الكمون‪،‬‬
‫وهى حالة من الحياد األخالقي أطلق عليها فيلون مصطلح " النوس العاري" أو "وسطى"‬
‫إشارة الى حالة األنسان التي تكون ال الى الفضيلة وال الى الخطيئة‪ ،‬ويسعى األنسان في‬
‫موقفة الوسطى هذا الى التطلع الى الفضيلة‪ ،‬فيقدم له هللا الحكمة والفضيلة األرضية كصورة‬
‫للحكمة السماوية‪ ،‬لكن االنسان سرعان ما يترك حالة الحيادة هذه بمجرد أن يلتقى بالمرأة‬
‫ويرتمى في أحضان الحياة الحسية حيث الشهوات والرغبات‪ ،‬والتي تكون موقظة للروح في‬
‫البداية بفعل المثيرات والملذات الحسية‪ ،‬ولكن سرعان ما تضح حماسها ودوافعها غير‬
‫العقالنية‪ ،‬ويعيش االنسان حياة مضطربة ويدوم االحساس بألم عظيم ناتج عن الفراغ الداخلي‬
‫المستمر لرغبة وشهوة ال تشبع أبدًا‪ ،‬وفى نهاية المطاف تؤدى الرغبة والشهوة الى فساد‬
‫الروح ‪ ،‬وموت كل إحساس بالواجب‪ ،‬فذلك هو الموت األخالقي الناتج عن الجهل الذى يضع‬
‫األشياء الحسية فوق الروحانيات‪.‬‬

‫وفى تأويله أيضًا لسفر التكوين ‪-‬االصحاح الثاني – اآلية ‪ 14-10‬يؤول األنهار‬
‫األربعة التي تخرج من "عدن" تأويًال رمزيًا‪ ،‬حيث األنهار األربعة ترمز الى الفضائل‬
‫األربعة‪ :‬نهر "فيشون" رمز التعقل‪ ،‬و "جيجون" رمز الرزانة وضبط النفس‪ ،‬و "دجلة"‬
‫رمز الثبات والصمود‪ ،‬و "الفرات" رمز العدل‪ ،‬ليضيف الى األمكنة رمزًا أخالقيًا لقدسيتها‪.‬‬

‫وفى تأويالت فيلون نرصد تأويالت لبعض األعداد بوصفها رموزًا أخالقية تمثل‬
‫فضيلة‪ ،‬مستلهمًا في ذلك فلسفة فيثاغورث فيؤول الرقم (‪ )1‬بوصفه رقم هللا شمس الشموس‬
‫عله العلل والخير األعظم (النشار‪ ،1995 ،‬صفحة ‪ )62‬واألساس لجميع األرقام‪ ،‬الرقم (‪)2‬‬
‫هو رقم االنقسام‪ ،‬والذي تم إنشاؤه من الموت‪ ،‬الرقم (‪ )3‬رمز الجسد‪ ،‬الرقم (‪ )4‬رمز الشر‪،‬‬
‫الرقم (‪ )5‬رمز الحواس الخمسة‪ ،‬الرقم (‪ )9‬هو عدد الفتنة‪ ،‬والعدد (‪ )10‬هو رمز الكمال‪.‬‬
‫(‪)Howell, Carl Sigiegfried, & Jacob Lauterbach‬‬

‫ويؤول عبور البحر األحمر على أنه رمزًا لخروج النفس من الحياة الحسية‪ .‬والفصح‬
‫رمز لترك النفس للجسم وشهواته‪ ،‬وشجرة الحياة تمثل أعلى الفضائل أي التقوى والتي بها‬
‫يصير العقل خالدًا واقتران النبي إبراهيم بسارة رمز االتحاد بين الرجل الصالح والفضيلة (‬
‫النشار‪ ،1995 ،‬الصفحات ‪)59-60‬‬

‫ويؤول فيلون األشياء المتعلقة بالنص التوراتي تأويًال يجعلها رموزًا أخالقية للحالة‬
‫الداخلية للنفس‪ ،‬فيؤول‪( :‬التابوت) بوصفة رمزًا لفضائل الروح غير القابلة للفساد وأعمالها‬
‫المرئية‪ ،‬و (آنية الشراب) الموضوعة على المنضدة رمزًا للروح الكاملة التي تفتح ذاتها هلل‪،‬‬
‫و(زنبق الشمعدان) رمزًا للفصل بين األشياء البشرية وااللهية‪ ،‬أو بين الخلود والفناء‪ ،‬و(علو‬
‫التابوت) كرمز لعظمة الروح التي تضحى وتقدم ذاتها قربانًا‪ ،‬و(زيت المصباح) بوصفة‬
‫رمزًا للحكمة‪( .‬بريهييه‪ ،1954 ،‬صفحة ‪)90‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫إذا افترضنا صحة النقل والترجمة عن فيلون يمكن القول أن الرمز األخالقي‬
‫في تأويالت فيلون يمثل استعارة للفلسفة اليونانية‪ ،‬فقد كان واضحًا تأثره في تأويالته بها‬
‫خاصة بأفالطون في حديثة عن الروح والجسد‪ ،‬فنظرية الُم ثل حاضرة وبقوة في هذا التأويل‪،‬‬
‫وبفيثاغورث في تأويلة لألعداد‪ ،‬وبالرواقية في استعارته لرموزها من قبيل مجاهدة النفس‬
‫والقناعة والزهد‪ ،‬وهنا يجدر اإلشارة أنه ال يجوز اطالقًا تحميل النص التوراتي قبليات‬
‫خاصة واسقاطها عليه ‪ ،‬من قبيل األفكار الفلسفية والشخصية‪ ،‬و في هذه التأويالت ال يوجد‬
‫تماثل بين المرموز والمرموز اليه‪ ،‬أو بين الدال والمدلول ‪ ،‬فما العالقة بين آدم والعقل؟ وبين‬
‫حواء واإلدراك الحسي؟ وبين نهر الفرات والعدل؟ فكل ذلك استعارات و ال يوجد سند في‬
‫النص التوراتي أو واقع تاريخي يقول بذلك! كما أن داللة الرمز قد تتبدل أو تتغير‪ ،‬طبًقا‬
‫لزاوية النظر‪ ،‬عمومًا الرمز األخالقي في تأويالته قد ارتكز على بعض الفضائل والرذائل‬
‫األساسية‪ ،‬فمن الفضائل التى ينبغى للنفس ان تتحلى بها للوصول لحالة الكمال‪ :‬الحكمة‪،‬‬
‫العدالة‪ ،‬الخير‪ ،‬مجاهدة النفس‪ ،‬الزهد‪ ،‬القناعة‪ ،‬األيمان‪ ،‬الثبات والصمود‪ ،‬ضبط النفس‪،‬‬
‫التقوى‪ ،‬الكمال‪ ،‬التضحية‪ ،‬ومن الرذائل التى ينبغى للنفس أن تنأى عنها‪ :‬الملذات الحسية‪،‬‬
‫الغواية‪ ،‬الُعجب‪ ،‬الشر‪ ،‬األنانية وحب الذات‪ ،‬الشهوات‪ ،‬األهواء‪ ،‬الفتنه‪ ،‬القتل‪ ،‬وتبدو أهمية‬
‫هذه الرموز كونها تمثل البوصلة التي تحدد للفرد والمجتمع السلوكيات المرغوب فيها‬
‫والسلوكيات غير المرغوب فيها‪ ،‬وروشتة لعالج بعض األمراض المجتمعية التي يكون سببها‬
‫أخالقي ال مادي‪.‬‬

‫محمد أحمد محمود ابراهيم‬


‫المراجع‬

.‫ المطبعة الخيرية‬:‫ القاهرة‬.‫ التعريفات‬.).n.d( .‫ ب‬.‫ ع‬,‫الجرجانى‬

.‫ دار المعارف‬:‫ القاهرة‬.‫ مدرسة األسكندررية الفلسفية بين التراث الشرقى والفلسفة اليونانية‬.)1995( .‫ م‬,‫النشار‬

.‫ دار الطليعة للطباعغة والنشر‬:‫) بيروت‬.Trans ,‫ طرابيشى‬.‫ (ج‬.2‫ تاريخ الفلسفة ج‬.)1988( .‫ ا‬,‫برهيية‬

‫ وزارة‬:‫) القاهرة‬.Trans ,‫ & عبد الحليم النجار‬,‫ موسى‬.‫ ي‬.‫ (م‬.‫ اآلراء الدينية والفلسفية لفيلون السكندرى‬.)1954( .‫ ا‬,‫بريهييه‬
.‫ شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى‬- ‫المعارف العمومية‬
.‫ جريدة المصرى اليوم‬.‫ اليهودية المسالمة‬- ‫ المزيج السكندرى البديع‬.)16 ‫ اكتوبر‬,2010( .‫ ي‬,‫زيدان‬
.‫ دار الكتاب اللبنانى‬:‫ بيروت‬.‫ المعجم الفلسفى‬.)1984( .‫ ج‬,‫صليبا‬

Runia, D. T. (2010). Dogma and Doxa in the allegorical writing of philo of Alexandria, Études.
platoniciennes. pp. 113-129. Retrieved from
https://journals.openedition.org/etudesplatoniciennes/629

.britannica.com/morl code. (n.d.)

.Carrier, R. (2014). on the historicity of jesus sheffield. phonix press

Howell, C., Carl Sigiegfried, & Jacob Lauterbach. (n.d.). Philo Judaeus. Retrieved from www.jewish
encyclopedia.com/articles/12116/philo-judaeus

T.Runia, D. (1990). Philo Alexandrian and Jew,Idem,Exegesis and Philosophy: Studies on Philo of
.Alexandria. pp. 1-18

You might also like