Professional Documents
Culture Documents
1
الغزالي
مدخل عن حياة اإلمام الغزال وفلسفته ،وعن مكانة الفلسفة ف إلسالم عنده ،ورده عىل فالسفة اإلسماعيلية،
وكتابه "إحياء علوم الدين"؛ نص رمتجم لد ، .ومنشور عىل (موسوعة ستانفورد للفلسفة) .ننوه بأن رالتجمة ه
ا للنسخة المؤرشفة ف الموسوعة عىل هذا الرابط ،ر
والت قد تختلف قليًل عن النسخة الدارجة للمقالة ،حيث أنه
ّ
نخص بالشكر األختة بعض التحديث أو التعديل من فينة ألخرى منذ تتمة هذه رالتجمة .و ً
ختاما، ر قد يطرأ عىل
ر
والنش عىل مجلة محرري موسوعة ستانفورد ،وعىل رأسهم د .إدوارد زالتا ،عىل تعاونهم ،واعتمادهم رللتجمة
حكمة.
1
Griffel, Frank, "al-Ghazali", The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Summer 2020 Edition), Edward N.
Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/sum2020/entries/al-ghazali/>.
كاف الغزارل ( 1111-1056ـ) أحد أبرز الفالسفة وعلماء الكالـ والفقهاء والصوفية وأكثرىم أتثَتاً
يف اإلسالـ السٍت .فقد كاف نشطاً يف الوقت الذي ٗتطى فيو علم الكالـ مرحلة النضج ،ودخل يف
ٖتدايت شديدة أماـ العقيدة اإلٝتاعيلية الشيعية والًتاث العريب من الفلسفة األرسطية .وقد أدرؾ
وطور ردوداً معقدة ترفض وتُدين بعض التعاليم ،فيما تسمح لو أيضاً بقبوؿ
الغزارل أ٫تية الفلسفة َّ
وتطبيق أخرى .ويُعترب نقد الغزارل لعشرين مسألة من مسائل الفلسفة يف كتابو "هتافت الفالسفة"
الذي تطور الحقاً يف أورواب القرف الرابع عشر .وعلى اٞتانب العريب واإلسالمي ،أدى قبوؿ الغزارل لفن
ٍ
ومنطق وميتافيزقا ٍ
خطاب أكثر تبلوراً ودقة حوؿ نظرية ا١تعرفة، الربىنة ( )apodeixisإذل والدة
أرسطيُت مزىرة .ومع الغزارل ،يبدأ تقدمي األرسطية ،أو ابألحرى السيناوية ،)Avicennism( 2إذل
علم الكالـ اإلسالمي .فبعد فًتة من نقل علوـ اليوانف خالؿ حركة الًتٚتة من اإلغريقية إذل العربية،
والكتاابت الفلسفية وصوالً إذل ابن سينا ( 1037-980تقريباً) ،أُدخلت الفلسفة وعلوـ اليوانف
وكاف لو ،من خالؿ أعماؿ ابن رشد ( )98-1126وا١تلؤلفُت اليهود ،أتثَتاً ضمماً يف التفكَت
.1حياته
املةاجع
أدوات أكادميية
مصادر أخةى على اإلنرتن
حياته .1
يقوؿ ملؤرخو للعصور الوسطى ا١تتأخروف من ا١تسلمُت إف أاب حامد دمحم بن دمحم الغزارل ولد يف 1058
أو ٔ 1059تدينة طوس ( 15ميالً مشاؿ مدينة مشهد اإليرانية اٟتالية) ،لكن إشار ٍ
ات إذل عمره يف
رسائلو وسَتتو الذاتية تُشَت إذل أنو ولد يف 1055أو .)25–23 ,2009 Griffel( 1056
تلقى الغزارل تعليمو ا١تبكر يف مسقط رأسو ،طوس ،مع أخيو أٛتد ( 1123-1060أو 1126
تقريباً) الذي أصبح واعظاً وعا١تاً صوفياً ذائع الصيت .مث درس دمحم على يد اٞتويٍت (،)85-1028
ا١تتكلم األشعري البارز يف ا١تدرسة النظامية ابلقرب من نيسابور ،ما أاتح لو االحتكاؾ ببالط السلطاف
عُت نظاـ ا١تلك الغزارل يف ا١تدرسة النظامية ا١ترموقة ببغداد .وابإلضافة إذل كونو من ا١تقربُت
َّ ،1091
إذل السلطاف السلجوقي وبالطو أبصفهاف ،أصبح اآلف شديد االتصاؿ ببالط ا٠تليفة ببغداد .وكاف بال
شك أكثر ا١تفكرين أتثَتاً يف زمانو حُت ٗتلى يف 1095فجأة عن مناصبو يف بغداد وغادر ا١تدينة.
وٖتت أتثَت الكتاابت الصوفية ،بدأ الغزارل يف تغيَت ٪تط حياتو قبل مغادرتو بعامُت (Griffel
)67 ,2009؛ إذ أدرؾ أف ا١تعايَت األخالقية السامية واٟتياة الدينية الفاضلة ال تتالئم مع خدمة
السالطُت والوزراء وا٠تلفاء .فينضوي االنتفاع من أغنياء اٞتيش والنمبة السياسية على التواطلؤ مع
بغداد يف ، 1095ذىب إذل دمشق والقدس ،وأقسم عند قرب إبراىيم ٔتدينة ا٠تليل أال يعود إذل خدمة
(تدعى زوااي) تقوـ على التربعات ا٠تاصة .وبعد أداء اٟتج يف ،1096عاد الغزارل عرب دمشق وبغداد
إذل مسقط رأسو طوس ،حيث أنشأ مدرسة خاصة صغَتة وخلوة صوفية (خانقاه) .ويف ،1106يف
بداية القرف السادس ا٢تجري ،حنث الغزارل بقسمو وعاد إذل التدريس يف ا١تدرسة النظامية الرٝتية
بنيسابور ،حيث كاف ىو نفسو طالباً يف ا١تاضي .وقد َّبرر خطوتو ىذه ألتباعو بتشوش العقيدة بشكل
.)93–87 ,2000bواعترب الغزارل نفسو أحد ٣تددي (٤تيي) الدين ،الذين أيتوف ،وفقاً للحديث،
على رأس كل قرف جديد .ويف نيسابور ،أاثرت أنشطة الغزارل التعليمية الكثَت من اٞتدؿ ،الذي ٧تم
عن ا١تعارضة آلرائو ،خاصة ا١تذكورة يف أشهر كتبو" :إحياء علوم الدين" ،واهتامو ابلتأثر ابلفلسفة.
على إثر ذلك ،استُدعي الغزارل للدفاع عن نفسو أماـ السلطاف السلجوقي سنجر (تويف يف .)1157
لكن األخَت برأه من ٚتيع التهم وأيده نشاطو التدريسي بنيسابور (–143 :2014 Garden
.) 168ويف ىذه الواقعة ،طلب الغزارل مرة أخرى إعفائو من التزاماتو ٕتاه ا١تدرسة النظامية ،لكن
ُرفض طلبو .وطواؿ ىذا الوقت ،استمر يف التدريس بزاويتو بطوس ،حيث تويف يف ديسمرب/تشرين
بعد أف صنع لنفسو شهرة بوصفو ملؤلفاً ُكفئاً لألعماؿ الفقهية ،نشر الغزارل يف 1095تقريباً عدداً من
الكتب اليت ٖتدث فيها عن التحدايت اليت ٘تثلها الفلسفة والعقيدة اإلٝتاعيلية الشيعية .وقد نتجت
حركة الفلسفة (من الكلمة اليواننية :فيلوصوفيا )philosophíaعن ترٚتة الكتاابت الفلسفية
والعلمية اليواننية إذل العربية بُت القرف الثامن وأوائل القرف العاشر .وكاف الفالسفة العرب َورثة لًتاث
العصور القدٯتة ا١تتأخرة ،اليت فهمت أعماؿ أرسطو بواسطة ا١تصطلحات األفالطونية احملدثة .يف
الفلسفة ،ركز ا١تًتٚتوف من اليواننية إذل العربية على أعماؿ أرسطو ،وعلى الرغم من ترٚتة بعض
النصوص األفالطونية ا١تحدثة إذل العربية ،أبرزىا كتاب أثولوجيا أرسطو الذي ىو اتسوعات أفلوطُت،
ُ
والذي نُسب يف الواقع إذل أرسطو خطأً ،فكانت أبرز ا١تسا٫تات األفالطونية احملدثة اليت وصلت إذل
الفلسفة حركة شارؾ فيها ا١تلؤلفوف ا١تسيحيوف وا١تسلموف ،وحىت الوثنيوف .وبعد القرف الثاين عشر،
ضمت أيضاً ملؤلفُت يهود .وألسباب ستظهر الحقاً ،رَّكز الغزارل تعليقاتو على الفالسفة ا١تسلمُت .يف
َّ
طور الفارايب فلسفة تعٌت بنظاـ الكوف تتحدى قناعات رئيسية لدى ا١تتكلمُت
أوائل القرف العاشرَّ ،
ا١تسلمُت ،أبرزىا ما يتعلق ٓتلق العادل يف الوقت والصفة األصلية للمعلومات اليت يكشفها هللا لألنبياء.
ومتابعاً ألرسطو ،قاؿ الفارايب إف العادل ال أوؿ لو (قدمي) وأف األفالؾ العلوية ،على سبيل ا١تثاؿ،
تعاليمهم ،لكن األنبياء يستمدموف طريقة التمثيل لتسهيل ىذه اٟتكمة على العامة .واتبع ابن سينا
وطور طرحو يف ما وراء الطبيعة والنبوة إذل درجة توفر تفسَتاً شامالً ٞتوىر اإللو وأفعالو،
طريقة الفارايب َّ
إذل جانب النفسية اليت تقدـ رواية تفصيلية لكيفية تلقي األنبياء للمعارؼ وكيف يلؤدوف ا١تعجزات،
على سبيل ا١تثاؿ ،اليت تلؤكد مهمتهم .وتوفر فلسفة ابن سينا تفسَتاً فلسفياً لعقائد رئيسية لدى
.) 61 ,2000bلكن من الصعب تصديق أف الغزارل دل يبدأ يف شغل نفسو ابلفلسفة إال بعد
التدريس يف النظامية ببغداد ،وىي رواية دفاعية وهتدؼ إذل إنكار دعوى منتقديو أنو تعلم الفلسفة قبل
االنتهاء من تعليمو الديٍت .واألرجح أنو تعرؼ على الفلسفة أثناء دراستو على يد اٞتويٍت ،الذي تُظهر
أعمالو ابلفعل أتثراً اببن سينا .ويعد رد الغزارل على األرسطية بكتابو "هتات الفالسفة" ،عمالً ابرزاً
بُت الكتاابت الفلسفية ،الذي رٔتا استغرقت كتابتو عقوداً .كذلك ،قدَّـ الغزارل أعماالً أخرى أورد فيها
نقوالت أمينة لتعاليم الفالسفة ،وصل إلينا اثناف منها .أو٢تما ،عبارة عن نبذة كاملة تقريباً من كتاب
طويل ينسخ الغزارل فيو أو يعيد صياغة مقاطع من أعماؿ الفالسفة ،ويضيف إليها نقل شامل
١تذاىبهم يف ا١تيتافيزيقا ( .)2009 Griffel 2006, al-Akitiوال ٖتمل ىذه النبذة مع األسف
عنواانً .والعمل الثاين" ،مقاصد الفالسفة" ،عبارة عن ترٚتة عربية ُمعدَّلة ألجزاء عن ا١تنطق وا١تيتافيزيقا
والطبيعيات من كتاب "الةسالة العالئية" ("دانِ ْشنَ َامو عالئي") الذي كتبو ابن سينا ابلفارسية
( .)1986 Janssensوكاف ٙتة افًتاض يف السابق أف كتابة "مقاصد الفالسفة" كانت دراسة
الفالسفة" .لكن ال ٯتكن التمسك هبذا االفًتاض بعد اآل ،فكال ٘تهيدية لعملو الرئيسي "هتات
وا١تقاصد مصطلحات ٥تتلفة ،ويعرض األخَت مادتو بطرؽ ال تدعم النقد الذي ينضوي عليو التهافت
( .)45–43 ,2003 Janssensورٔتا كاف "مقاصد الفالسفة" نصاً غَت مرتبط يف البداية
ابلتهافت أو أف صياغتو وضعت بعد أتليف األخَت ،وال يظهر ارتباط ابلتفنيد الذي يف التهافت سوى
يف مقدمتو وشرحو ا١تمتصر ،ومن شبو ا١تلؤكد أف ىذه األجزاء ُكتبت (أو أُضيفت) بعد نشر التهافت
وقد ترجم كتاب "مقاصد الفالسفة" إذل الالتينية يف الربع الثالث من القرف الثاين عشر ،وإذل العربية
مرة يف ،1291ومرتُت أُخرتُت على األقل خالؿ ا٠تمسُت سنة التالية .وحققت ىذه الًتٚتات ٧تاحاً
أكرب بكثَت من األصل العريب .وفيما ههرت عدد من الكتاابت العربية اليت اتبعت ىدؼ عرض النظاـ
الفلسفي لدى ابن سينا (وسريعاً ما عكفت على تطويره أيضاً) ،دل تًُتجم أايً منها إذل الالتينية ،وأُتيح
القليل جداً منها ابلعربية .وكمسلك الًتاث العربي ،طغت الًتٚتات الالتينية لكتاب "مقاصد
الفالسفة" على كتاابت الغزارل األخرى .وأشارت الًتٚتة الالتينية أحياانً إذل " Summa
"Algazelisعلى اعتبار أنو ا١تلؤلَّف الوحيد للغزارل الذي تُرجم خالؿ فًتة انتقاؿ الفلسفة العربية إذل
أورواب ا١تسيحية (وقد ُحرر اٞتزء ا١تتعلق اب١تنطق يف .)1965 Lohrوقد تُرٚتت على يد دومينجو
( 1190ـ) الطليطلي ابلتعاوف مع شمص أشار إليو بػ "ماجستَت يوىانيس" جونديسالبو
(1215ـ) ،وا١تعروؼ أيضاً ابسم يوىانس ىيسبانس (أو ىيسبالينسيس) ،وىو على األرجح مسيحي
متعرب (مستعرب) ،الذي كاف كبَت الكهنة يف كاتدرائية طليطلة بُت 1180وBurnett( 1190
.)1994
ويبدو أف كال ا١تًتٚتُت قد حذفا ا١تقدمة القصَتة واالختصار اللذين يصفاف الكتاب ابعتباره حكاية
مهملة ١تذاىب الفالسفة .ويُظهر عدد ضئيل من ا١تمطوطات الالتينية إشارات إذل أف ىذه الًتٚتة
خضعت للتنقيح خالؿ القرف الثالث عشر ( ،)229 ,1965 Lohrودل تنقل سوى واحدة منها
ا١تتداولة بُت قراء الالتينية تصر٭تات الغزارل االحًتازية ( .)1506 al-Ghazâlîوىكذا أخفى
الكتاب طبيعتو ابعتباره حكاية ١تقاصد ابن سينا ،واعتُرب ملؤلفو اتبعاً ٥تلصاً البن سينا٧ ،تح يف إنتاج
خالصة متقنة لفلسفتو .وخالؿ أواخر القرف الثاين والثالث والرابع عشر ،كاف "مقاصد الفالسفة"
مصدراً رئيسياً ١تذاىب الفالسفة العرب يف كتب ١تلؤلفُت مثل ألربت األكرب ( )1280 .dوتوماس
األكويٍت ( ،)1274 .dوكاف جوىري لتطور مذاىب الفلسفة الالتينية .وهل الكتاب مستمدماً من
حُت آلخر خالؿ القرف ا٠تامس عشر ،بل وحىت يف كثَت من األحياف خالؿ القرف السادس عشر
الغزارل أبنو واحد منهم إذل ٤تدودية معرفة العلماء الالتينيُت ٔتا يتعلق ٔتلؤلفي النصوص اليت يقرؤوهنا.
لكن افًتاض أف "مقاصد الفالسفة" ليس ٣ترد حكاية ١تذاىب الفالسفة ،وإ٪تا ٦تثالً آلراء الغزارل
اٟتقيقية يف الفلسفة ،دل يقتصر على الًتاث الالتيٍت .فثمة ٥تطوطات عربية تعزي نصاً مشاهباً لػ"مقاصد
الفالسفة" إذل الغزارل دوف ذكر أف التعاليم ا١تذكورة فيها ٣ترد حكاية مهملة .وقد أُنتجت أقدـ ىذه
ا١تمططات يف بداية القرف الثالث عشر ٔتدينة ا١تر ِاغو ،وىي مركز علمي مهم بشماؿ غرب إيراف،
ارتباطًا وثي ًقا ابلغزارل حىت يف الًتاث العريب .ورٔتا ترجع جذور الظن أبف الغزارل كاف اتبعاً البن سينا
القراء العرب ١تلؤلفات الغزارل ،الذين اعتربوه اتبعاً أقرب للفالسفة منو الٕتاىات
إذل موقف بعض َّ
ويف العديد من اإلصدارات العربية ،كاف "مقاصد الفالسفة" للغزارل (ٖتت عنواف De’ôt ha-
إسحاؽ البالغ ،معتنق ا١تدرسة الرشدية وا١تًتجم اليهودي ألوؿ إصدار عربي عاـ ،1292مقدمتو
ومالحظاتو ا١تسهبَة على النص ( .)1960 Vajdaفجذب ىذا -إذل جانب الًتٚتتُت العربيتُت
ُ
الشَّراحٔ ،تا فهيم موسى انربوين (ا١تتوىف سنة ،)1362والذي كاف نشطاً يف
األخرتُت -عدداً كبَتاً من ُ
.)25–1:311 ,1893وهل كتاب الغزارل نصاً مشهوراً حىت القرف السادس عشر ،وما تزاؿ أكثر
من ٥ 75تطوطة من الًتٚتات العربية موجودة (.)289 :2015 Eran 2007, Harvey
ورأى بعض العلماء اليهود ،مثل عادل القرف الرابع عشر ىاسداي كريسكاس ،يف ىذا النص السيناوي
مرحباً بو آلراء ابن رشد ا١تنتشرة بنفس القدر ( ;Harvey and Harvey 2002
بديالً َ
.)302–300 :2015 Harveyويف اٟتقيقة ،رٔتا يكوف اإلصدار العربي من "مقاصد
الفالسفة" قد حل ْتلوؿ القرف ا٠تامس عشر ٤تل ابن رشد يف اعتباره ا١تصدر األشهر بُت اليهود
العريب السائد .فعلى سبيل ا١تثاؿ ،أاتحت الًتٚتة العربية على نطاؽ واسع ترٚتة لنص منسوب للغزارل،
٬تيب فيو ا١تلؤلف على أسئلة حوؿ الفلك والكونيات إبجاابت بعيد ًة جداً عن ا١تذىب األشعري
وأقرب إذل األرسطية ( .)2011 Langermannويوجد ىذا النص العربي واسع االنتشار نسبياً
(احملرر وا١تًتجم يف ،)1896 al-Ghazâlîالذي يُشار إليو ابسم "األسئلة واألجوبة" (تيشوفوت
ُ
شلؤالوت) أو بعد ذلك ابسم "األجوبة العربية" ( ،)Hebrew Ajwibaيف ٥ 11تطوطة عربية
( .)298 :2015 Harveyوال يُعرؼ أصلو العريب إال من عدد قليل جداً من ا١تمطوطات ،من
بينها ٥تطوطات ا١تر ِاغو ( .)99–63 ,2002 Pourjavadyوتنتشر الرواايت القائلة إف الغزارل
َد َّرس ا١تذاىب الفلسفية اليت أداهنا بوضوح يف "هتافت الفالسفة" بشكل كبَت نسبياً يف الًتاث العربي
( .)24–422 ,410 ,1935 Marxفعلى سبيل ا١تثاؿ ،اعتقد موسى انربوين أف الغزارل
استمدـ حيلة لتدريس الفلسفة يف وقت كاف ذلك ،وفقاً لناربوين٤ ،تظوراً رٝتياً .ومن خالؿ التظاىر
ابلرد على الفلسفة يف "التهافت" ،أمكنو تربير كتابة "ا١تقاصد" .وابلتارل ،يظن انربوين أف "مقاصد
الفالسفة" ٣ترد أساس إلضفاء الفالسفة" ىو عمل الغزارل الرئيسي يف الفلسفة ،فيما كاف "هتات
الشرعية على ا١تنشور السابق عليو من خالؿ ادعاء أف بياف فساد شيء ٬تب أف يعتمد على اإلحاطة
هبذا الشيء ( .)7–6 ,2 Chertoff 1952, partوأدى ميل بعض ا١تلؤلفُت العربيُت إذل إبعاد
الغزارل عن انتقاد الفلسفة الذي عرب عنو يف "التهافت" إذل نقل أبراىاـ جافيسوف ،العادل اليهودي
اٞتزائري (الذي عاش يف القرف السادس عشر) ،خطأً أف الغزارل كاف ملؤلف ٍ
كل من "التهافت" ونقده
"هتات الهاات " الذي كتبو ابن رشد ( .)Gavison 1748, fol. 135aوإذل جانب مقاصده
وهتافتو ،ا١تًتٚتُت يف 1411والنص ا١تعروؼ ابسم "األسئلة واألجوبة" (ا١تشكوؾ يف نسبتو إذل
الغزارل) ،تُرجم عمالف آخراف للغزارل على األقل إذل العربية ،و٫تا :مشكاة األنوار وميزاف العمل
يصف الغزارل كتاب "هتات الفالسفة" أبنو "رد" على اٟتركة الفلسفية ( Ghazâlî 1959a, 18
،)61 ,= 2000bوىو ما ساىم يف االفًتاض ا٠تاطئ أبنو يعارض األرسطية ويرفض آراءىا .لكن
التهافت من اقتناع الفالسفة أبف طرؽ معرفتهم ا١تبنية على "الربىاف" أرقى من ا١تعرفة الدينية ا١تأخوذة
من طريق الوحي وتفسَته ا١تنطقي .وأف ىذه القناعة أغرت "طائفة" من الفالسفة ا١تسلمُت ،فتجاىلوا
اإلسالـ ورفضوا الشعائر والشريعة .ويناقش يف التهافت عشرين مسألة رئيسية ويرفض دعوى أف ىذه
ا١تسائل العشرين تفي اب١تعايَت ا١تعرفية السامية للربىاف اليت وضعها الفالسفة ألنفسهم ،وإ٪تا تعتمد
اٟتجج الداعمة لتلك ا١تسائل العشرين على فرضيات غَت مثبتة يقبلها الفالسفة ،لكنها غَت مثبتة
اب١تنطق .وإبههار أبف ىذه اآلراء قائمة على ٣ترد حجج جدلية ،يهدؼ الغزارل إذل ىدـ ما اعتربه
غطرسة معرفية من جان ب الفالسفة .ويف التهافت ،يرغب الغزارل يف إههار أف الفالسفة يدورف يف
فلك التقليدٔ ،تعٌت تكرار ىذه اآلراء اليت وضعها ملؤسسي حركتهم دوف اختبارىا بشكل انقد
(.)2005 Griffel
تركز اٟتجة األوذل يف التهافت على الضرورايت والطبيعة ا١تثبتة يف للحجج ا١تدحوضة فيو .وفيما ِّ
يعرج
الكتاب أيضاً صدؽ ىذه ا١تعارؼ ،يدحض العديد من اآلراء اليت يقر الغزارل بصواهبا أو اليت أيدىا ىو
نفسو يف أعمالو التالية .وهبذا ،يرغب الغزارل يف إههار أنو فيما تعترب بعض ا١تعارؼ الفلسفية ا١تعينة
سليمة وصحيحة ،فهي غَت ُمثبتة .وا١تصدر النهائي ١تعارؼ الفالسفة عن طبيعة الصانع أو الروح أو
األفالؾ العلوية ،على سبيل ا١تثاؿ ،ىو الوحي الذي تلقاه األنبياء ا١تتقدمُت كإبراىيم وموسى .ووصلت
معارفهم إذل كتب الفالسفة القدماء الذين ادعوا زوراً اكتساهبا عن طريق العقل وحده.
ومن بُت العشرين مسألة يف التهافت ،كاف ست عشرة منها حوؿ مذاىب الفلسفة يف ما وراء الطبيعة
(اإل٢تيات) وأربع تبدو حوؿ العلوـ الطبيعية (الطبيعيات) .وسيأيت تفصيل النقاش الذي دار يف القرف
السابع عشر حوؿ السببية فيما بعد .أما أطوؿ وأىم نقاش ،فهو األوؿ الذي يتعامل مع ُحجج ابن
سينا والفارايب ا١تدافعة على قِ َدـ العادل ( .)1959 Hourani 1958, Marmuraويرفض
الغزارل إمكانية إثبات ىذا ا١تذىب ابلربىاف ويستعُت ْتجج طورىا نُػقَّاد سابقُت ٥تالفُت ألرسطو ،مثل
ا١تسيحي جوف فيلوبونوس السكندري (٭تِت النحوي 570-490ـ) .فقد دخلت حجج فيلوبونوس،
وأ٫تها تلك اليت ترفض إمكانية وجود حوادث ال أوؿ ٢تا يف األزؿ ،إذل التنظَت العربية يف مسألة خلق
العادل يف وقت أبكر خالؿ القرف التاسع (–366 ,116–86 ,56–55 ,1987 Davidson
.)75
يف هناية التهافت يتساءؿ الغزارل عما إذا كانت ا١تسائل العشروف اليت نوقشت يف الكتاب تتعارض مع
أحكاـ الشريعة .ويقوؿ إف معظمها خطأ ،ومع ذلك ال تعترب مشاكل خطَتة يف نظر الدين ،حيث
٬تب اعتبارىا "بدع" (ٚتع بدعة) .وتُعترب ٣تموعة صغَتة من مذاىبهم خاطئة وم ِ
شكلة أيضاً من ُ
الناحية الدينية .وىذه ا١تذاىب الثالث من فلسفة ابن سينا ،وىي ( )1أف العادل ليس حاداثً ودل ٮتلق
يف وقت ما ) 2( ،وأف علم هللا يشمل أنواع ا١تملوقات (الكليات) وال ٘تتد معرفتو إذل األشماص
الفردية وعوارضها (اٞتزئيات) )3( ،وأنو بعد ا١توت لن تعود أرواح البشر إذل اٞتسد مرة أخرى.
يقوؿ الغزارل إنو يف ىذه ا١تسائل الثالثة ،تُشَت تعاليم اإلسالـ ،ا١تعتمدة على الوحي ،إذل العكس،
وابلتارل يرفض دعاوى الفالسفة اليت ال أساس ٢تا .وعالوة على ذلك ،قد تُضل ىذه ا١تذاىب الثالثة
العامة وتدفعهم إذل إ٫تاؿ األحكاـ الشرعية (الشريعة) وابلتارل فهي خطر على اجملتمع (Griffel
.)3–301 ,2000وأداءً لوهيفتو بوصفو فقيهاً مسلماً ،يُػَزيِّل الغزارل التهافت بفتوى ٥تتصرة ويعلن
أف كل من يُل ِّقن ىذه ا١تذاىب الثالثة للعامة كافر ومرتد عن اإلسالـ ُٯتكن قتلو ( al-Ghazâlî
.)226 ,2000a
وتصل جهود الغزارل يف التعامل مع اٟتركة الفلسفية إذل تبيُت حدود التسامح الديٍت يف اإلسالـ.
فعقب التهافت ،ألَّف كتاابً مشاهباً عن اٟتركة اإلٝتاعيلية الشيعية ،ا١تعروفة ابلباطنية ("وىم من يُلؤولوف
اإلسالـ ْتسب ا١تعٌت الباطٍت للقرآف") .ففي البداية ،دعم اإلٝتاعيلية ا٠تالفة الفاطمية ا١تضادة
نصبو.
ابلقاىرة ،وعارضوا السلطة السياسية والدينية للمليفة السٍت ببغداد والسلطاف السلجوقي الذي َّ
لكن خالؿ حياة الغزارل ،أصبحت "الدعوى اٞتديدة" لإلٝتاعيليُت يف العراؽ وإيراف اآلف مستقلة عن
ومن العناصر األساسية يف جهودىم إلقناع الناس ٔتعسكرىم ،اليت دل تكن فاشلة ابلكامل ،نقدىم
لإلدراؾ اٟتسي واٟتجج العقلية ( .)80 ,76 ,al-Ghazâlî 1954, 34; 1964bكاف
الغزارل على دراية وثيقة ّتهود الدعاية اإلٝتاعيلية ،لكنو دل ٯتلك على الدواـ معلومات موثوقة عن
مذاىبهم يف الكونيات وا١تيتافيزيقا .وقد أتثرت مذاىبهم بشدة اب١تفاىيم الكونية يف الًتاث الغنوصي يف
العصور القدٯتة ا١تتأخرة واألفالطونية احملدثة ( .)1995 Walker 1993, de Smetويبدو أف
ا١تعلومات اليت كانت بُت يدي الغزارل كاف قد تلقاىا من الكتاابت الفارسية للفيلسوؼ والداعية
اإلٝتاعيلي انصر خسرو (1057ـ) ،الذي عاش يف اٞتيل ا١تتقدـ على جيل الغزارل ٔتدينة بلخ يف
خرساف ،ويف منطقة جباؿ ابمَت النائية ( .)2017 Andaniلكن الغزارل دل يعرؼ عن فرؽ اٟتركة.
ففي كتابو "تضائح الباطنية" ،ينظر عن كثب يف تلك ا١تذاىب اليت يعرفها ،ويناقش ما يُعد منها خطأً
وحسب وما يُعد كفراً .ويفًتض ،خطأً ،أف الدعاة اإلٝتاعيليُت ينشروف اإلٯتاف إب٢تُت .لكن ىذا ليس
سوء فهم بدرجة كبَتة من انحية الغزارل ،بل تشويو متعمد قائم على خطاب طويل من التنظَت
ا١تناىض لإلٝتاعيليُت ( .)193 :2017 Andaniوتلؤدي ىذه ا١تثنوية ا١تفًتضة وإنكار اإلٝتاعيلية
لبعث األجساد يف اآلخرة إذل شجب الغزارل ٢تم ابلكفر والردة كفَّاراً مرتدين عن اإلسالـ (al-
يف ٤تاولتو لتبيُت حدود اإلسالـٖ ،تدث الغزارل عن عدد ٤تدود من ا١تذاىب اليت خرجت عن اٟتدود
يف رأيو .ويف كتابو "تيصل الهفةقة بني اإلسالم والزندقة" ،ويوضح أف ا١تذاىب اليت تنتهك "أصوؿ
العقيدة" ىي فحسب اليت ٬تب اٟتكم عليها ابلكفر والردة .وتنحصر ىذه ا١تذاىب يف ثالثة:
التوحيد ،ونبوة دمحم ،ووصف القرآف للحياة اآلخرة (,2002 = 195 ,1961 al-Ghazâlî
.)112ويلؤكد على أف كل ا١تذاىبٔ ،تا فيها ا١تذاىب ا١تمطئة أو اليت تعتَرب "بدعة يف الدين" ٬تب
أف تُعامل بتسامح .ومرة أخرى ،يضيف الغزارل أف ا١تذاىب األخرى رٔتا تكوف صحيحةُ ،رغم خلفيتها
الفلسفية ،مثالً ،و٬تب أف يقبلها اجملتمع ا١تسلم .و٬تب اٟتكم على كل رأي على حدة ،وإذا تبينت
صحتو وتوافقو مع الوحي ٬تب تبنيو (–67 ,al-Ghazâlî 1959a, 25–27 = 2000b
.) 70ويفتح ىذا ا١توقف تطبيق واسع النطاؽ للمذاىب األرسطية يف أعماؿ الغزارل يف العقيدة والقيم
اإلسالمية.
كاف لتفنيد الغزارل للفالسفة واإلٝتاعيلية مكوانً سياسياً واضحاً .ففي كلتا اٟتالتُت ،كاف ٮتشى من أف
السنية ،متهمُت إايىا ابلتعسف يف تكهناهتا الدينية وتفسَتاهتا للنصوص .وقالوا إف
سلطة العقيدة ُ
ا١تتكلمُت السنة ُٮت ِضعوف كالـ هللا ألحكاـ تبدو عقلية ،لكنها ٣ترد ىوى ،وإف ىذه حقيقة تظهر
بواضح يف وقوع ا٠تالؼ كثَتاً بُت متكلمي السنة .فال توجد حجة عقلية أقوى من اٟتجة العقلية اليت
تعارضها ،وفق ادعاء اإلٝتاعيلية؛ ألف ٚتيع الرباىُت العقالنية متساوية (تكافلؤ األدلة) .وال ٯتكن تعيُت
اليقُت إال بكلمة اإلماـ الشيعي ا١تعصوـ من هللا ( = al-Ghazâlî 1964b, 76, 80
.)191 ,189 ,2000bورداً على ىذا االنتقاد ،قدَّـ الغزارل فكرة أرسطو عن الربىاف .وقاؿ إف
ا١تتكلمُت السنة ٮتتلفوف مع بعضهم البعض ألهنم غَت معتادين إذل حد كبَت على أسلوب الربىاف.
وابلنسبة للغزارل ،يُستمدـ العقل أبقصى قدر من الوضوح والدقة من خالؿ صياغة حجج برىانية،
ٍ
لتلميذ لو تُ ُدولت الحقاً تصل إذل درجة ال ٯتكن معها الشك يف نتائجها .وكتب يف إحدى رسائلو
ابعتبارىا رسالة مستقلة" :ال يكذب برىاف العقل أصالً" ( .)112-110 :2015 Griffelوىذا
يعٍت أيضاً أف نتائج اٟتجج الصحيحة ال ٯتكن أف تتعارض مع الوحي؛ إذ ال ٯتكن اعتبار ال العقل
وال الوحي خطأً .وإذا أثبتت اٟتجج شيئاً يعارض ا١تعٌت اٟتريف للوحي٬ ،تب على اجملتهد أتويل هاىر
النص وقراءتو ابعتباره ٣تازاً ٟتقيقة أعمق .فثمة ،على سبيل ا١تثاؿ ،حجج صحيحة تثبت أف هللا ال
ٯتكن أف يكوف لو "يد" أو أنو ٬تلس على "عرش" .وىو ما يدفع اجملتهد ا١تسلم إذل تفسَت النصوص
القرآنية ْتيث تظهر ىذه الكلمات بوصفها ٣تازات (= 89–175 ,1961 al-Ghazâlî
.)103–96 ,2002لكن ،ال يُسمح بتأويل الوحي الذي ال ٘تنع اٟتجج الصحيحة معناه الظاىري
وقد تُلقي قانوف الغزارل ٟتل التعارض الظاىري بُت العقل وا١تعٌت اٟتريف للوحي ابلقبوؿ عند كافة
ا١تتكلمُت ا١تسلمُت ا١تتأخرين عنو تقريباً ،خاصة َمن ٯتيلوف للعقالنية .أما ابن تيمية (–1263
،)1328فانتقد قانوف الغزارل من زاوية أثرية .حيث رفض ( )87–1:86 ,1980إشارة الغزارل إذل
تقدمي العقل على النص يف حالة التعارض .والحظ أف حجج الغزارل نفسها اليت ُٖتيل استواء هللا على
العرش ( ،255سورة البقرة ،)4على سبيل ا١تثاؿ ،دل تكن برىانية .ويرفض ابن تيمية بشكل قاطع
إمكانية وقوع التعارض بُت العقل والوحي ،ويلؤكد على أف تصور وقوع مثل ىذا ا٠تالؼ ينتج عن
4
المذكور في اآلية "الكزسي" وهو غيز العزش .واالستواء يكون على العزش ال الكزسي – المتزجم.
من جهة الفالسفة ،قبل ابن رشد قانوف الغزارل للتوفيق بُت تعارضات العقل مع هاىر الوحي ،لكنو
ٮتتلف معو يف ما خلُص إليو حوؿ ما ٯتكن وما ال ٯتكن إثباتو (.)61–437 ,2000 Griffel
الهاات " .وقد تُرجم مرتُت إذل الالتينية يف عاـ وألَّف ابن رشد نقد لتهافت الغزارل أٝتاه "هتات
1328و ،1526وكانت الًتٚتة األخَتة معتمدة على ترٚتة عربية سابقة (Steinschneider
ُ "destructionum
(حررت األخَتة يف .)1961 Averroesوطبعتا طَبعات عديدة خالؿ
القرف السادس عشر وجعلت نقد الغزارل ألرسطو معروفاً لدى متابعي ابن رشد يف عصر النهضة.
فعلى سبيل ا١تثاؿ ،كتب اإليطارل أغسطينو نفو (-1473بعد 1538تقريباً) شرحاً التينياً على
كتاب ابن رشد .وفيما قبل ابن رشد مبدأ أف الربىاف الصحيحة وحده الذي يقوى على تفسَت القرآف
٘تسك أبف أرسطو ٘تكن ابلفعل من إثبات قِدـ العادل ،ما يلؤىلو وفقاً لقانوف الغزارل ألف
بشكل ٣تازيَّ ،
يكوف عقيدة فلسفية وكذلك دينية .ويالحظ ابن رشد أيضاً أنو ال يوجد نص واضح يف القرآف على
حدوث العادل ( .)16 ,2001 Averroesكاف الغزارل مدركاً ٘تاماً ٢تذا ،لكنو افًتض أف ىذه
العقيدة أتسست من خالؿ إٚتاع علماء الكالـ ا١تسلمُت (;30–429 ,278 ,2000 Griffel
.)58 ,2002وحينما أداف الغزارل قدـ العادل يف هناية "هتات الفالسفة" ،دل تكن قضية قِدـ العادل
حاضرة يف كتابو التارل األكثر منهجية عن حدود اإلسالـ" :فيصل التفرقة بُت اإلسالـ والزندقة".
بعد فًتة وجيزة من نشر الغزارل لرده على الفالسفة واإلٝتاعيلية ،ترؾ منصبو اب١تدرسة النظامية يف
بغداد .وخالؿ ىذه الفًتة ،بدأ يف كتابة ما يعتربه أغلب علماء ا١تسلمُت أىم أعمالو" :إحياء علوم
الدين" .وىو دليل شامل من عدة ٣تلدات للسلوؾ القومي يف حياة ا١تسلمُت اليومُت (Garden
.) 122–63 :2014وينقسم إذل أربعة أرابع ،٭توي كل منها عشرة كتب .يتناوؿ الربع األوؿ مع
العبادات ،والثاين مع العادات ،والثالث مع ا١تهلكات اليت ٬تب ٕتنُبها ،والرابع مع ا١تنجيات اليت ٬تب
ُ
السعي لتحصيلها .وينتقد الغزارل ضمن الكتب األربعُت من "إحياء علوم الدين" بشدة حب الدنيا.
ويُ َّذكر قارئو أبف حياة اإلنساف ما ىي إال وسيلة ليوـ اٟتساب وأف الثواب أو العقاب ُ٭ت َّ
صل من
خال٢تا .واب١تقارنة بدار ا٠تلود ،تعترب ىذه اٟتياة غَت مهمة على اإلطالؽ تقريباً ،لكنها ٖتدد مصَتان يف
العادل القادـ .ويف سَتتو الذاتية ،كتب الغزارل أف قراءة الًتاث الصويف جعلو يدرؾ أف قناعاتو العقدية
وحدىا ال عالقة ٢تا ابلنجاة يف اآلخرة .فليست معتقداتنا ونواايان الصاٟتة ىي ما يهم ،وإ٪تا ٖتدد
الفضيلة واألعماؿ الصاٟتة مصَتان يوـ القيامة .وقد دفعت ىذه الرؤية الغزارل ٨تو تغيَت أسلوب حياتو
صنَّف كتاابً حوؿ ا١تعامالت أراد بو االبتعاد عن أي تناوؿ معمق للمكاشفات .وىدؼ بو إذل إرشاد
ا١تسلمُت ٨تو السلوؾ القومي الذي سيثيب هللا عليو يف الدنيا واآلخرة (,38–1937 al-Ghazâlî
.)5–1:4
ويف اإلحياء ،يهاجم الغزارل علماء ا١تسلمُت ،مشككاً يف قدراهتم واستقالليتهم الفكرية عالوة على
إخالصهم العمل طمعاً يف الثواب األخروي .وقد َّقرب ىذا الوعي األخالقي ا١تتنامي الغزارل من طريقة
الصوفية ،اليت ستلؤثر بشدة يف أعمالو الالحقة مثل "مركاة األنوار" .وتكشف ىذه األعماؿ التالية
أتثراً فلسفياً واضحاً لدى الغزارل .ويف اإلحياء ،يق ِّدـ السلوؾ القومي ِ
ا١تعتمد على تطور األخالؽ
الشمصية .فعمل العمل الصاحل ا١تستحق للثواب أييت من صفات النفس ا١تستحقة للنجاة يف اآلخرة
اليت تقتصر على االمتثاؿ ألحكاـ الشريعة ،واالقتداء ابلنيب .وترتبط األخالؽ السنية التقليدية بشدة
ابلفقو وتقصر نفسها ،وفقاً للغزارل ،يف تقرير وتعليم أحكاـ الشريعة .وفقهاء السنة التقليديُت ما ىم
إال "علماء دنيا" غَت قادرين على إرشاد ا١تسلمُت إذل الطريق األمثل للفوز يف الدار اآلخرة (al-
ضمن أخالقو ،يلؤكد الغزارل على أف النيب ،خالفاً ألي معلم آخر٬ ،تب أف يكوف ىو الشمص الذي
الصبورة ( .)23 al-Ghazâlî 1937–38, bookوٮتتل توازف طباع القلب بسبب أتثَت
اآلخرين ،و٭تتاج إذل رايضة وتربية مستمرتُت إلبقاء ىذه السمات يف حالة توازف .لكن خلف ىذا
النوع من األخالؽ ،تقف فرضية االستعداد entelechyاألرسطي ،حيث ٯتلك البشر قدرة طبيعي
ِ
صلوف الفضائل .وينبغي على التعليم واألدب والدين والسياسة
على اكتساب العقالنية ،ومن خال٢تا ُ٭ت ّ
الصفات الفضيلة من خالؿ أعماؿ فالسفة مسلمُت مثل مسكويو (ا١تتوىف عاـ )1030والعادل ا١تسلم
الراغب األصفهاين (1025ـ) ،الذي سعى جاىداً ٞتعل مفاىيم الفلسفة متوافقة مع العلوـ اإلسالمية
الشرعية ( .)1974 Madelungونتيجة ذلك ،رفض الغزارل على سبيل ا١تثاؿ فرضية أف على ا١ترء
ٕتربة التملي عن النزعات اليت من شأهنا أف تكوف ُمفسدة ،كالغضب والشهوة اٞتنسية .فتلك الغرائز
جزء من الطبيعة اإلنسانية عند الغزارل ،وال ٯتكن التملص منها .وبدالً عن ذلك ،يلؤدي هتذيب القلب
إذل السيطرة على ىذه الصفات من خالؿ العقل .و٬تب أف يظل القلب ٖتت رايضة دائمة ،و٭تتاج
إذل تدريبو كما يُدَّرب ا١تهر الذي ٭تتاج إذل الًتويض والتأديب وا١تعاٞتة بشكل جيد.
ودل يكشف الغزارل أبداً عن األصوؿ الفلسفية ألخالقو .وقد رأى ىو نفسو عالقة وثيقة بُت األخالؽ
والفلسفة ومفهوـ حياة الفضيلة والزىد يف التصوؼ .ففي اإلحياء ،يدمج ىذين الًتاثُت ِ
القيَميُت يف
مزيج انجح وملؤثر .ويف سَتتو الذاتية ،يقوؿ الغزارل إف أخالؽ الفالسفة وأخالؽ الصوفية واحدة
ومتطابقة .ويضيف أف الفالسفة أخذوا ىذه األخالؽ من الصوفية ،يعٍت هبم ا١تتصوفة الذين كانوا يف
من اٟتقوؿ ا١تهمة اليت قدَّـ فيها الغزارل أفكار ابن سينا إذل علم الكالـ األشعري بطريقة شجعت ىذا
الًتاث يف النهاية على تبنيها ،التفسَت النفسي والعقلي للنبوة (Griffel 2004, al-Akiti
طور ابن
.)2004فاعتماداً على ترٚتة خاطئة جزئياً لنصوص أرسطو (َّ ،)2011 Hansberger
سينا علم نفس يفًتض أتلف الروح من عدة أقساـ منفصلة .وٗتتلف قوة أو ضعف ىذه األقساـ
ابختالؼ البشر .والنبوة مزيج من ثالث أقساـ تكوف يف النيب بقوة خارقة للعادة .وتسمح ىذه
األقساـ أوالً للنيب ابكتساب معرفة نظرية فورية دوف تعلم ،واثنياً بعرض ىذه ا١تعرفة من خالؿ الرموز
واألمثلة وكذلك ابلتنبلؤ ابألحداث ا١تستقبلية ،واثلثاً إبحداث آاثر خارج جسده كإنزاؿ ا١تطر والزالزؿ.
توجد ىذه األقساـ الثالثة يف كل إنساف بقدر ضئيل ،وىي حقيقة أثبتتها ٕتارب سبق الرؤية
(الد٬تافو) ،على سبيل ا١تثاؿ ،وىي هاىرة يُشار إليها يف الًتاث الفلسفي العريب ابسم "ا١تناـ
الصادؽ" .واعتمد الغزارل ىذه ا١تذىب واستغلها ألغراضو ( .)2012 Treigerفبالنسبة إليو،
تفسر أقساـ الروح الثالثة ا١تكونة للنبوة الكشوؼ االستثنائية اليت ترد للصوفية ،ككبار األولياء ،وال
أتيت لغَتىم من البشر .وفيما ٯتلك األنبياء أقساماً روحية قوية وٯتلكها البشر العاديوف بقوة أضعف،
يقف األولياء بُت ا١ترتبتُت .فقد وىبوا اإل٢تاـ ،الذي يشبو النبوة ويعتربه الغزارل أحد أىم مصادر ا١تعرفة
البشرية .وعلى خالؼ ابن سينا ،الذي ٯتكن عنده لألنبياء ورٔتا بعض األفراد ا١توىوبُت (بلغتو:
العارفُت) امتالؾ نفس ا١تعرفة اليت يصل إليها الفالسفة من خالؿ االستدالؿ الربىاين ،يعترب الغزارل أف
إبمكاف األنبياء واألولياء الوصوؿ إذل معرفة تفوؽ ا١تعرفة ا١تتاحة ابلعقل فقط.
ُرغم التأثَت الفلسفي الكبَت على األخالؽ عند الغزارل ،فقد التزاـ يف األحكاـ الفقهية ابلرأي األشعري
القائل إف العقل غَت قادر على اٟتكم على أفعاؿ اإلنساف وال ٯتكنو اٟتكم ابٟتسن أو القبح على فعل
معُت .فعندما يعتقد إنساف ،على سبيل ا١تثاؿ ،أنو يعرؼ أف الكذب قبيح ،فما ٭تدد حكمو ىو نظره
يف ا١تنفعة اليت تعود عليو .ففي خصوص القيم األخالقية٪ ،تيل للملط بُت القيم األخالقية وا١تنفعة.
و٪تيل بشكل عاـ الفًتاض أف النفع العائد على مصاٟتنا العامة يقتضي اٟتسن من الناحية القيمية ،يف
حُت أف ما يلؤذينا بشكل عاـ قبيح .لكن ىذه األحكاـ خاطئة يف النهاية ،وال ٯتكن أف تكوف أساساً
العقاب ( .)1:61 ,07–1904 al-Ghazâlîوال ٯتكن معرفة استحقاؽ أفعاؿ اإلنساف للثواب
أو العقاب األخرويُت إال من خالؿ الوحي (.)69–1968 Hourani 1976, Marmura
ومثل أغلب العلوـ الدينية ،يسعى الفقو إذل تعزيز فرص ا٠تالص يف اآلخرة؛ لذلك ٬تب أف يعتمد
على القرآف وسنة النيب خالؿ استمدامو للمنطق واألدوات العقلية األخرى الستمالص القواعد
العامة.
كاف الغزارل أحد أوائل الفقهاء ا١تسلمُت الذين قدموا اعتبار "ا١تصلحة العامة" إذل الفقو اإلسالمي.
وابإلضافة إذل تطوير دليل واضح لكيفية الفوز ابلنجاة يف اآلخرة ،هتدؼ الشريعة أيضاً إذل خلق بيئة
تتيح لكل فرد ٖتصيل السالمة والسعي ٟتياة تتسم ابلفضيلة والتقوى .ويقوؿ إف هللا أوحى ابلشريعة،
وأنو فعل ىذا بقصد صيانة مصلحة اإلنساف يف ىذه الدنيا واآلخرة .و٭تدد الغزارل ٜتسة ضرورايت
للسالمة يف ىذا العادل :الدين والنفس والعقل والنسل وا١تاؿ .وكل ما ٭تمي ىذه "الضرورايت ا٠تمسة"
يعترب مصلحة و٬تب حفظو ،فيما ينبغي ٕتنب ما يضر هبا .وينبغي أف يهدؼ الفقو إذل حفظ ىذه
الضرورايت ا٠تمس من خالؿ أحكامو .ويف سعيو للحث على ذلك ،يشَت الغزارل ابلفعل إذل
على الرغم من إحجامو ا١تعلن عن الدخوؿ يف مناهرات كالمية ،يناقش الغزارل يف اإلحياء مشاكل
فلسفية مهمة تتعلق ابألفعاؿ اإلنسانية .ففي الكتاب ا٠تامس والثالثُت "التوحيد والتوكل" ،يناقش
العالقة بُت عمل اإلنساف وقدرة هللا ا١تطلقة ،كونو خالق العادل .ويف ىذا الكتاب وغَته من كتب
اإلحياء ،يقدـ الغزارل مذىباً جربايً صارماً فيما يتعلق أبحداث الكوف .فاهلل خلق وقدَّر كل شيءٔ ،تا
يف ذلك أعماؿ البشر .وهللا ىو "الفاعل" الوحيد أو "السبب ا١تلؤثر" يف العادل .وكل حدث يف العادل
يتبع خطة ُمقدَّرة سلفاً معلومة أزالً يف علم هللا .وعلم هللا متعارل عن الزماف وال ٭تتوي على "علوـ"
متفرقة كا١تعرفة البشرية .فال يتغَت علم هللا ،على سبيل ا١تثاؿ ،عندما يتغَت موضوعو ،أي :العادل .ومع
أف األحداث الواردة يف علم هللا مرتبة على "قبل" و"بعد" ،فال يوجد ماضي وحاضر ومستقبل؛ إذ
ٖتيط معرفة هللا ابللحظة األوذل من ا٠تلق ٘تاماً كما ٖتيط ابللحظة األخَتة .وىو يعرؼ "منذ األزؿ"،
على سبيل ا١تثاؿ ،ما إذا كاف فرد معُت سينتهي بو ا١تطاؼ يف اٞتنة أو النار (,2009 Griffel
)213–175
وألغراض عملية كثَتة ،من ا١تناسب للبشر افًتاض أف هللا يتحكم يف كل شيء من خالؿ سالسل من
إذل سالسل أطوؿ من األسباب .وإف ٘تكنا من تتبع سلسلة السببية مثل "عابر السبيل متسائل" يتبع
سلسلة من األحداث حىت أصلها ،سنُقاد من خالؿ العمليات السببية إذل الفلك دوف القمري ،وىو
عادل ا١تلْك ،وصوالً إذل األسباب ا١توجودة يف األفالؾ السماوية" ،عادل ا١تلكوت" ،حىت نصل أخَتاً إذل
ُ
أعلى عقل ٝتاوي تسبب فيو ا١توجود الذي وراءه :هللا ( al-Ghazâlî 1937–38,
ىو نقطة البداية ٞتميع السالسل السببية وىو ٮتلق ويتحكم يف ٚتيع العناصر ا١توجودة فيها .فاهلل ىو
ٯتتد القدر اإل٢تي "السبيب" ٞتميع األحداث كذلك ليشمل األفعاؿ البشرية .فكل عمل بشري انتج
عن إرادة الشمص ،اليت يسببها دافع معُت (داعية) .وابلتارل ،ترجع إرادة الشمص ودوافعو إذل قناعاتو
وعلمو .وتنتج ا١تعرفة البشرية من عوامل ٥تتلفة ،كتجربة ا١ترء يف العادل أو معرفتو ابلوحي أو الكتب اليت
يف اثنُت من أعمالو الالحقة الكوف بساعة مائية .وىنا يصف ثالث مراحل إلنشائها .فعلى منشئ
الساعة ا١تائية أوالً أف يضع ٥تططاً ٢تا ،مث اثنياً أف ينفذ ىذا ا١تمطط ويبٍت الساعة ،واثلثاً عليو أف
٬تعل الساعة تعمل بتزويدىا ٔتصدر اثبت للطاقة ،أال وىو تدفق ا١تاء .و٬تب قياس ىذه الطاقة بعناية؛
ألف الكمية ا١تناسبة فقط من الطاقة ىي اليت ستأيت ابلنتيجة ا١ترجوة .ويف خلق هللا للكوف ،تسمى ىذه
ا١تراحل الثالث اٟتُكم ،والقضاء ،والقدر (–12 ,al-Ghazâlî 1971, 98–102; 1964a
.)14كذلك ،صمم صانع الكوف العادلَ ٔتعرفتو األزلية ،وأخرجو إذل حيز الوجود يف نقطة زمنية معينة،
وٯت ّده ٔتدد اثبت و٤تسوب من "الوجود" .فوفقاً لتفسَت ابن سينا للملق ،الذي دل يكن الغزارل يعارضو،
ينتقل "الوجود" من هللا إذل أوؿ ا٠تلق وأعالىم من الناحية الوجودية ،ومنو تنطلق سلسلة من األسباب
الثانوية (الوسائط) ا١تلؤثرة إذل ٚتيع ا١توجودات األخرى .ومع ذلك ،من ا١تهم أف نقر أبف هللا ىو
السبب اٟتقيقي ا١تلؤثر يف ىذه السلسلة .وأنو "الفاعل" الوحيد ،وكل الكائنات األخرى مسمرةٌ
والطبيعة عملية تًتاكب فيها ٚتيع العناصر مع بعضها بشكل متناغم .وٖتدد حركة األفالؾ،
والعمليات الطبيعية ،واألعماؿ البشرية ،وحىت ا٠تالص يف اآلخرة "عن طريق السببية" .وٯتكن فهم أايً
ما سنالقيو يف اآلخرة من نعيم أو عقاب ،يف رأي الغزارل ،على أنو أثر ِعلّي ألعمالنا يف ىذا العادل.
ففي كتابو الثاين والثالثُت من "إحياء علوم الدين" ،يشرح الغزارل كيف أف معرفة القرآف تتسبب يف
اعتقاد ا١ترء أف اإلنساف يُعاقب على السيئات ،وكيف أف ىذا االعتقاد قد يتسبب يف خالص اإلنساف
يف اآلخرة.
...واالعتقاد [أبف بعض البشر سيعاقبوف] سبب إليقاع ا٠توؼ ،وا٠توؼ سبب للتملي عن حب
دار الغرور والزىد فيها .ىذا سبب الوصوؿ إذل القرب من هللا ،وهللا ىو مسبب األسباب ومرتّبها.
وتُيسر ىذه األسباب ١تن قُ ِّدر لو يف األزؿ النجاةْ ،تيث يقوده ترتب األسباب على بعضها إذل اٞتنة
وتتشابو كل ىذه ا١تواقف جداً من مذىب ابن سينا ( .)25–24 ,1992 Frankواتبع الغزارل
كذلك ابن سينا يف اقتناعو أبف ىذا الكوف ىو األفضل بُت ٚتيع العوادل اٞتائزة ،وأنو "ليس يف
.) 50وأدى ىذا إذل إشعاؿ نقاش طويل بُت ا١تتكلمُت ا١تسلمُت الالحقُت حوؿ مقصوده هبذه اٞتملة
وما إذا كاف الغزارل ،يف واقع األمر٤ ،تقاً ( .)1984 Ormsbyومع ذلك٬ ،تب التأكيد على أف
حقيقية ،وأنو عندما ٮتلق ،ٮتتار بُت ا١تمكنات .وال ُٗت ِضع طبيعة اإللو أو ذاتو إرادتَو أبي شكل من
استهدؼ مبحث الكونيات لدى الغزارل حوؿ القدر اإل٢تي وسيطرتو على األحداث يف خلقو من
خالؿ سالسل من األسباب ،أتمُت عقيدة أىل السنة يف مسألة كلية القدرة والقدر اإل٢تي من
انتقادات ا١تعتزلة والشيعة .وٯتلك البشر فقط انطباعاً ابمتالؾ االختيار ،لكنهم يف اٟتقيقة ٣تبوروف على
اختيار ما قُ ِّدر أنو ا٠تَت من بُت ا٠تيارات ا١تمكنة .أما الوجود اٞتربي لدى ابن سينا ،فهو كوف كل
حدث يف العادل ا١تملوؽ جائزاً وحده (٦تكن الوجود بذاتو) لكنو ضرورة بسبب شيء آخر (واجب
الوجود لغَته) ،ما يقدـ تفسَتاً مناسباً للقدر تبناه الغزارل دوف غضاضة على الرغم من عدـ إقراره
بذلك قط وعدـ استمدامو لكلمات ابن سينا قط .فعند ابن سينا ،ٮتلق احملرؾ األوؿ ،وىو هللا ،كل
ا١توجودات واألحداث الضرورية األخرى .وعند الغزارل ،توجب إرادة هللا ،ا١تمتلفة عن ذاتو ،كل
ا١توجودات واألحداث يف العادل .وأدى تكييف ابن سينا لالفًتاضات األساسية يف مبحث الكونيات،
مع القبوؿ شبو الكامل لعلم النفس والنبوات السيناويُت بفرانك ( )86 ,1992إذل استنتاج أف
يف حُت يعترب علم الكونيات اٞتربي لدى الغزارل تفسَتاً راديكالياًػ لكن ٥تلص ،للتفسَت األشعري
للقدر اإل٢تي األزرل ،فالطريقة اليت يكتب هبا الغزارل عنو يف إحياءه وأعمالو الالحقة تنتهك مبادئ
ا١تتبقي من ىذه ا١تقالة حل ا١تشكالت التفسَتية اٟتالية وشرح هنج الغزارل ا١تبتكر يف السببية.
رفض األشعري ( ،) 935-873ملؤسس ا١تدرسة الكالمية اليت ينتمي إليها الغزارل ،الطبع والعالقات
السببية بُت ا١توجودات اٟتادثة .ويف ٤تاولة راديكالية لتفسَت كلية القدرة اإل٢تية ،مزج عدة أفكار طورت
صفات أو اعتبارات ،لكنها ببساطة تعطي للجسم شكلو .وٖتتوي ذرات األجساـ أعراضاً (ٚتع
َعَرض) كالوزف والكثافة واللوف والرائحة ..إخل .ويف علم الكونيات لدى األشعري ،تعترب كل األشياء
غَت ا١تادية "أعراضاً" ٖتل يف "اٞتوىر" .والذرات اليت ٢تا أبعاد متمددة يف الفراغ ىي فقط اليت ٯتكن أف
تكوف جواىر .فمواطر اإلنساف ،على سبيل ا١تثاؿ ،تعترب أعراض ٖتل يف ذرات عقل اإلنساف ،فيما
٭تل عرض اإلٯتاف يف ذرات القلب .لكن ال ٯتكن أل ٍي من األعراض أف يبقى زمنُت .وقاد ىذا إذل
علم كونيات ٮتلق اإللو فيو يف كل ٟتظة لألجساـ أعراضها اليت ٖتل فيها .وعندما تنتهي ٟتظة ،ٮتلق
هللا أعراضاً جديدة .وال توجد عالقة سببية بُت األعراض اليت ُخلقت يف اللحظة الثانية ابليت ُخلقت يف
اللحظة اليت تسبقها .وإذا استمر اٞتسم يف امتالؾ نفس الصفات لزمنُت ،فاهلل ىو الذي خلق عرضُت
متماثلُت َّ
حال يف ىذا اٞتسم يف كل ٟتظة من اللحظتُت ا١تتتاليتُت .وتنتج اٟتركة والتغَت عندما يريد
اإللو تغيَت أوضاع اللحظة السابقة .فحركة الكرة ،مثالً ،ىي حينما توجد ذرات الكرة مرة أخرى يف
الكرة يف ا١تلعب على قفزات متعاقبة ،وكذلك أطراؼ الالعبُت وأجسادىم .وينطبق ذلك كذلك على
ذرات ا٢تواء حُت هتب الريح .ففي كل ٟتظة ،يعيد اإللو ترتيب ٚتيع ذرات العادل وٮتلق أعراضاً
طورىا
واتبع ا١تتكلمُت األشاعرة ٚتيعاً حىت جيل الغزارلٔ ،تا فيهم شيمو اٞتويٍت ،عقيدة العادة اليت َّ
األشعري .مع ذلك ،تُظهر أحد آخر أعماؿ اٞتويٍت ا١تهداة إذل نظاـ ا١تلك ،وىي العقيدة النظامية ،أنو
استكشف ٪تاذج أنطولوجية ٥تتلفة ،خاصة فيما يتعلق أبفعاؿ البشر ( al-Juwaynî 1948,
كيف ٯتكن لإللو ٤تاسبة البشر على أفعا٢تم إف دل يكونوا متسببُت فيها .وابعتباره بديالً مقبوالً
ألنطولوجيا العادة ،أخذ الغزارل يف اعتباره ٪توذج الطبع السيناوي .فعندما يريد اإللو خلق حدث معُت،
يسمر بعضاً من ٥تلوقاتو وسائطاً أو "أسباابً اثنويةً" .وٮتلق اإللو سالسل من األسباب ا١تلؤثرة ،حيث
يتسبب أي عنصر أعلى يف وجود ما أسفل منو .ويلؤكد ابن سينا على استحالة أف تتسلسل أي
سلسلة من األسباب ،من أي نوع من األنواع األربعة لألسباب ،إذل ما ال هناية يف األزؿ .فكل سلسلة
من األسباب وا١تسبَبات ٬تب أف تتكوف من ثالث عناصر على األقل :العنصر األوؿ ،واألوسط،
واألخَت .ويف مثل ىذه السلسلة ،يكوف العنصر األوؿ فقط ىو السبب اب١تعٌت اٟتريف للكلمة ٞتميع
العناصر الالحقة .فهو يسبب العنصر األخَت يف السلسلة ،األثر النهائي ،من خالؿ متوسط واحد أو
أكثر ،ىو العنصر ا١تتوسط يف السلسلة .وعند أتمل سلسلة من األسباب ،يعمل تناىي العلل ابلنسبة
البن سينا أساساً إلثبات وجود اإللو .فتتبع كل األسباب ا١تلؤثرة يف العادل ،سيلؤدي إذل السبب ا١تلؤثر
األوؿ ،الذي ىو يف ذاتو غَت ُمسبَب (احملرؾ الذي ال يتحرؾ) .وعندما يظهر أيضاً أف السبب األوؿ
غَت مادي وواحد من الناحية العددية ،يكوف ا١ترء قد توصل إذل دليل على وجود هللا ( Avicenna
الفالسفة". يقدـ الغزارل فحصاً موجزاً ،وشامالً ،للسببية يف ا١تسألة السابعة عشرة من كتابو "هتات
وال تنطلق ىذه ا١تسألة من أي نوع معارضة للسببية ،بل هتدؼ إذل إجبار خصوـ الغزارل ،أي
الفالسفة ،على االعًتاؼ أبف ٚتيع ا١تعجزات النبوية ا١تذكورة يف القرآف ٦تكن ًة .وإذا وجد اإلقرار
إبمكاهنا ،فعلى الفيلسوؼ ا١تسلم الذي يقبل سطوة الوحي أيضاً قبوؿ أف األنبياء الذين جاءوا بتلك
ِ
ويقسم الغزارل ا١تسألة السابعة عشرة إذل أربعة أقساـ ٥تتلفة.
ا١تعجزات وأف سردية الوحي صادقُتّ .
ويعرض ثالثة مقامات ٠تصومو (ا١تتنوعُت) ويناقشها واحداً تلو اآلخر .وكاف رده على "ا١تقاـ الثاين"،
وىو مذىب ابن سينا ،منقسماً إذل "مسلكُت" ٥تتلفُت .ويعد التقسيم الرابعي للمسألة السابعة عشرة
لالطالع على مناقشة مفصلة لألقساـ األربعة يف ا١تسألة السابعة عشرة٬ ،تب إحالة القارئ إذل
فقط للحجة اإلٚتالية للغزارل .ويف اٞتملة االفتتاحية للمناقشة السابعة عشرة ،يق ِّدـ الغزارل ا١تذىب
الذي يرغب يف دحضو و٭تدد العناصر اليت ٬تب أف تتضمنها التفسَتات البديلة للسببية حىت تكوف
االقًتاف بُت ما يُعت َقد يف العادة سبباً وما يعت َقد مسبِباً ليس ضرورايً عندان .بل كل شيئُت ليس ىذا
ذاؾ وال ذاؾ ىذا ،وال إثبات أحد٫تا متضمن إلثبات اآلخر وال نفيو متضمن لنفي اآلخر ،فليس من
ضرورة وجود أحد٫تا وجود اآلخر ،وال من ضرورة عدـ أحد٫تا عدـ اآلخر ( .)...وإف اقًتاهنا ١تا سبق
من تقدير هللا سبحانو ٮتلقها على التساوؽ ال لكونو ضرورايً يف نفسو غَت قابل للفرؽ(al-
يضع الغزارل أربعة شروط ٬تب أف يفي هبا أي تفسَت مقبوؿ عنده للعمليات الفيزايئية )1( :العالقة
بُت السبب وأثره ليست ضرورية ،و( )2ٯتكن أف يتحقق األثر بدوف ىذا السبب بعينو ("ال لكونو غَت
قابل للفرؽ") ،و( )3ٮتلق هللا حدثُت مقًتنُت جنباً إذل جنب ،و( )4يتبع خلق هللا تقدير سابق.
وللوىلة األوذل ،يبدو للوىلة أف التفسَت العادي للعمليات الفيزايئية وحده ىو الذي يفي هبذه الشروط
األربعة ،وىذه ىي طريقة اليت فُهم هبا ىذا البياف يف الغالب .لكن أشار رودولف (يف
)77–75 ,2000 Perler/Rudolphإذل أف التفسَت العادي ليس الوحيد ،بل ٙتة أنواع
أخرى من التفسَتات اليت تفي أيضاً هبذه ا١تعايَت األربعة .وكاف ا١تطلب الثالث أغمض ،وىو أف هللا قد
٭تتاج إذل خلق األحداث "مقًتنة" .يبدو أف ىذه الكلمات تشَت بشكل خاص إذل فهم ا٠تلق من
منظور العادة ،لكن ٬تب أف يتذكر ا١ترء أف ىذه الصيغة تًتؾ طريقة خلق هللا للحوادث غَت ٤تسومة.
وحىت الفيلسوؼ السيناوي يرى أف هللا ٮتلق السبب مقًتانً بتأثَته ،ويفعل ذلك عن طريق الوسائط.
ومع إشارة ا١تسألة السابعة عشرة من التهافت إذل العادة ابعتبارىا تفسَتاً ٤تتمالً ،فهي تشَت أيضاً إذل
من ا١تهم أف نفهم أف الغزارل ال ينكر وجود عالقة بُت السبب واألثر ،بل ينفي صفة التالزـ عن ىذه
العالقة .ففي ا١تقاـ األوؿ من ا١تناقشة السابعة عشر ،يقدـ الغزارل حجة بقولو إف ا١تالحظة ال ٯتكن أف
تثبت وجود روابط سببية .وٯتكن للمالحظة استنتاج أف السبب وأتثَته ٭تداثف بشكل متزامن فقط:
وا١تشا ىدة تدؿ على اٟتصوؿ عندىا ،وال تدؿ على اٟتصوؿ هبا ،وأنو ال علة لو سواىا (al-
لكن سيكوف من ا٠تطأ استنتاج من ىذا اٟتُجة أف الغزارل ينكر وجود الروابط السببية .فمع أنو ال
ٯتكن إثباهتا من خالؿ ا١تشاىدة (أو من خالؿ أي طريقة أخرى) ،فقد تكوف موجودة أو غَت
موجودة .يف ا١تقاـ األوؿ ،يرفض الغزارل الرأي القائل أف الروابط بُت السبب ا١تلؤثر وأثره ضرورية لذاهتا،
قاصداً أف السبب ا١تباشر وحده ىو ا١تسلؤوؿ ابلكلية عن األثر وأنو ال يوجد شيء آخر ضروري
ٟتدوث األثر .ويف عمل آخر ،يصف ىذا ا١تذىب أبنو مذىب الدىرية الذي ينكروف أف للعادل سبب
أو صانع ( .)61 ,al-Ghazâlî 1959a, 19 = 2000bويقع مذىب التولد عند ا١تعتزلة،
الذي يعٍت أف اإلنساف ىو الفاعل الوحيد ألفعالو وآثرىا ا١تباشرةٖ ،تت ىذا التصنيف أيضاً (al-
.)14–226.13 ,2000 Ghazâlîومثل العالقة بُت األب وابنو ،حيث األب ليس ىو السبب
ا١تلؤثر الوحيد لوجود ابنو ،كذلك قد توجد عالقات سببية ملؤثرة أخرى مشاركة غَت السبب األههر
واألقرب .وقد يكوف السبب ا١تلؤثر القريب ٣ترد العنصر األخَت ضمن سلسلة طويلة من األسباب
ا١تلؤثرة ا١تمتدة عرب العادل السماوي .وعقوؿ األفالؾ السماوية ،اليت يُعتقد أف الوحي يشَت إليها
"اب١تالئكة" ،قد تكوف العناصر الوسيطة أو الوسائل يف السالسل السببية اليت تبدأ ٚتيعاً من اإللو.
ويرفض الغزارل مذىيب الدىرية وا١تعتزلة؛ ألنو ال أيخذ يف اٟتسباف حقيقة أف اإللو ىو السبب ا١تلؤثر
اىد .وقد ٮتلق اإللو ىذا األثر مباشرة أو بواسطة الطبع .ويف نقاشو ١تثاؿ أنو عندما
ا١تش َ
النهائي لألثر َ
تلمس النار كرة من القطن فهي تتسبب يف احًتاقها ،كتب الغزارل عن ا١تقاـ األوؿ القائل أبف النار
وىذا ٦تا ننكره ،بل نقوؿ :فاعل االحًتاؽٓ ،تلق السواد يف القطن والتفرؽ يف أجزائو وجعلو ُحراقاً أو
رماداً ىو هللا تعاذل ،إما بوساطة ا١تالئكة أو بغَت وساطة (al-Ghazâlî 2000a, 167).
والطبع 5خيار مالئم ٯتكن قبولو عند الغزارل .لكنو ال يقبل آراء ابن سينا ،اليت انقشها يف ا١تقاـ الثاين.
إذ ٯتزج ابن سينا الطبع مع الرأي القائل أف العمليات السببية ٖتدث ضرورًة ووفقاً لطبيعة األشياء،
وليس عن طريق قصد واختيار األسباب ا١تلؤثرة .واألثر ا١تلؤثر النهائي يف كونيات تقوـ على الطبع ىو
ابلطبع اإللو .يرى ابن سينا ،ا٠تصم يف ا١تقاـ الثاين ،الطبع إذل جانب أنو يرى أف الروابط السببية أتيت
ابلضرورة من طبيعة ا١توجود األوؿ .وال ُٗتلق عن قصد من اإللو واختيار ،بل ىي أثر ضروري للذات
اإل٢تية.
عندما يكتب الغزارل أف العالقة بُت السبب واألثر ليس ضرورية ،فهو يهاجم الوجود الواجب عند ابن
سينا ال الوسائط اليت يقوؿ هبا .وليس ا٠تالؼ بينهما حوؿ السببية من ىذه الناحية ،بل حوؿ الطبيعة
)2001أف االثنُت بدائ من فرضيات ٥تتلفة ٘تاماً حوؿ الوجوب .فمذىب ابن سينا يف الطبع يتبع
النموذج اإلحصائي ألرسطو ،ويربط إمكاف وجود الشيء بصدقو عرب الزمن (.)1992 Bäck
ف عبارة غَت صحيحة عرب الزمن مثل" :النار تسبب االحًتاؽ للقطن" ٖتتوي على استناد هاىر وخفي
لزمن قو٢تا ابعتباره جزءاً من معناىا .وإذا كانت العبارة صحيحة يف أي زماف تقاؿ فيو ،فهي ابلضرورة
5
الوساطة أو الوسائط ابصطالح اإلماـ الغزارل -ا١تًتجم
صحيحة .وإذا أمكن تغَت صحتها مع الزماف ،فهي ٦تكنة .وإذا كانت ٚتلة ٦تاثلة خطأً يف أي ٍ
زماف
تُقاؿ فيو ،فهي مستحيلة (.)53–149 ,5–103 ,6–84 ,72–63 ,1973 Hintikka
ويف نظرايت اإلمكاف األرسطية ُ ،modal theoriesوضعت مصطلحات اإلمكاف لإلشارة إذل
العادل التارٮتي الواحد والوحيد الذي نعيش فيو .وابلنسبة البن سينا ،تتسبب النار وجوابً يف احًتاؽ
القطن ألف عبارة "النار تسبب احًتاؽ القطن" ،كانت ،وال زالت ،وستظل صحيحة دائماً.
تطور فهم الغزارل لإلمكاف يف سياؽ علم الكالـ األشعري وال يتفق مع النموذج اإلحصائي ألرسطو
وابن سينا .فقد طور علم الكالـ األشعري فهماً أقرب لنظرتنا اٟتديثة لإلمكاف ابعتباره يشَت إذل
حاالت بديلة جائزة للحوادث .ففي النموذج اٟتديث ،يشَت مفهوـ الواجب إذل ما يتحقق يف كل
االحتماالت ،ومفهوـ اٞتواز إذل ما يتحقق يف احتماؿ واحد على األقل ،وا١تستحيل ما ال يتحقق يف
أي حالة متصورة ( .)145 ,1998 Knuuttilaو٭تاوؿ الكالـ األشعري إثبات دعوى أف اإللو
ىو ِ
ا١تمصص لكل األحداث يف العادل ،والذي يقرر ،على سبيل ا١تثاؿ ،مىت تدخل األشياء إذل الوجود
وتتضمن فكرة التمصيص ضمناً فهماً إلمكاف وجود عوادل ٥تتلفة عن ىذا العادل .وٗتتار عملية
التمصيص وقوع و ٍ
احد من بُت عدة احتماالت .ويشرح اٞتويٍت يف العقيدة النظامية فهم األشعري
لإلمكاف .فكل عاقل ٬تد يف نفسو "معرفة جواز جائز ،ووجوب واجب ،واستحالة مستحيل" (al-
فاٞتواز البديهي ،الذي يبتدره العاقل من غَت عرب وفكر ونظر :ىو ما ٭تيط بو العاقل ،إذا رأى بناء
من جواز حدوثو ،فيعلم قطعاً على االرٕتاؿ أف حدوث ذلك البناء من اٞتائزات وكاف ال ٯتتنع يف
يدرؾ العاقل ،أي الشمص الذي يتمتع بقدرة منطقية كاملة ،أف ٚتيع صفات ا١تبٌت ،من ارتفاعو
وعرضو وشكلو وما إذل ذلك ،ىي احتماالت متحققة وكاف ٯتكن أف تكوف ٥تتلفة .واألمر نفسو
ينطبق على الوقت الذي مت فيو البناء .ويقوؿ اٞتويٍت إننا ندرؾ على الفور أف ىناؾ حاالت بديلة
جائزة للمبٌت ا١توجود ابلفعل .وىذا ما نسميو االحتماؿ أو بشكل أدؽ اإلمكاف .وإدراؾ وجود مثل
ىذا االحتماؿ ،جزء مهم من فهمنا" :فال ٮتطر العاقل ابلو شيئاً من أحوالو إال عارضو إمكاف مثلو،
يف ثالثة فقرات على األقل من التهافت ،ينتقد الغزارل فهم ابن سينا لإلمكاف .modalitiesويشَت
ىنا إذل خالؼ آخر وثيق الصلة ،وىو أنو عند ابن سينا توجد ا١تمكنات يف الواقع ،وىي عند الغزارل
وينكر الغزارل فرضية ابن سينا القائلة أبف االحتماؿ ٭تتاج إذل مادة (ىيوذل) .ىذه الفرضية أرسطية،
إهنا أساس مبدأ االستعداد (االنتلميا) ،entelechyأي أف كل األشياء ٢تا قابلية وأهنا مستعدة
لتحقيقها ( ،)7–26 ,2001 Duttonلكن ينقل الغزارلْ ،تسب وصف كوكونُت (,2000
٤ ،)9–488تور افًتاض الوجود الفعلي للشيء من مستوى الواقع الفعلي إذل مستوى التصور العقلي.
عندما يقوؿ الغزارل إنو العالقة "عندان" بُت السبب ا١تلؤثر وأثره ليست ضرورية ،فهو يهدؼ إذل إبراز
أف العالقة ٯتكن أف تكوف ٥تتلفة حىت وإف دل ٗتتلف من قبل .لكن ابلنسبة البن سينا ،فحقيقة أف
العالقة دل ٗتتلف قط ولن تكوف ٥تتلفة أبداً يعٍت أهنا ضرورية .ودل يشًتط الغزارل يف أي موضع يف
أعمالو أف تكوف أي عالقة سببية معينة ٥تتلف ًة أو أف ٗتتلف يف ا١تستقبل لكي تُعترب غَت ضرورية.
وسنرى أنو يفًتض ،كابن سينا ،أف العالقة السببية دل تكن قط ٥تتلفة ولن تكوف أبداً ٥تتلفة عما ىي
عليو اآلف .ويلؤكد أهنا ال تزاؿ غَت ضرورية .واالرتباط بُت السبب وأثره ٦تكن؛ ألف ٗتلفو متصور عقالً.
وٯتكننا تصور عادل ال تتسبب فيو النار يف احًتاؽ القطن .أو ١تواصلة قراءة بيانو االبتدائي للمسألة
السابعة عشرة:
بل يف ا١تقدور خلق الشبع دوف األكل ،وخلق ا١توت دوف جز الرقبة ،وإدامة اٟتياة مع جز الرقبة ،وىلم
جرا إذل ٚتيع ا١تقًتانت .وأنكر الفالسفة إمكانو ،وادعوا استحالتو ( al-Ghazâlî 2000a,
166).
وال شك يف أف عا١تاً ال تتسبب فيو النار يف احًتاؽ القطن سيكوف ٥تتلف كلياً عن عا١تنا الذي نعيش
فيو .وتغيَت عالقة سببية واحدة سيقتضي احتماؿ أف تتغَت عالقات كثَتة أخرى كذلك .ومع ذلك،
ٯتكن تصور مثل ىذا العادل عقالً؛ ما يعٍت أنو عادل ٦تكن ،لكن هللا دل ٮتًت خلق مثل ىذا العادل اٞتائز
ويف نفس البياف ،يدعي الغزارل أف "اقًتاف [األسباب وآاثر] من تقدير هللا سبحانو" .وعندما يرد على
ابن سينا أبف ىذه العالقات ليست ضرورية ،يريد الغزارل اإلشارة إذل أف هللا كاف من ا١تمكن أف ٮتتارىا
٥تتلفة عما ىي عليو .ويرفض ابن سينا ذلك؛ فالعادل ىو األثر الضروري لطبيعة اإللو وليس من ا١تتصور
عادل غَته .ويعًتض الغزارل ذلك ويقوؿ إف العادل ىو األثر ا١تمكن إلرادة هللا اٟترة واختياره ا١تقصود من
يف ا١تقاـ الثاين من ا١تسألة السابعة عشر ،يعرض الغزارل مسلكُت ٥تتلفُت للرد على مذىب ابن سينا
أبف لزوـ العالقة بُت السبب ا١توجود واألثر ٕتعل بعض ا١تعجزات يف القرءاف مستحيل ًة .ففي مسلكو
األ وؿ ،ينكر الغزارل وجود الطبائع والعالقات السببية ،ويلؤكد أف هللا ٮتلق كل حدث مباشرة .وىذا ىو
ا١توضع الذي يعرض فيو العادة ابعتبارىا تفسَتاً صاٟتاً ١تا اصطلحنا على اإلشارة إليو ابلسبب ا١تلؤثر.
ففي علم هللا األزرل القدمي ابلفعل أحداث ستقع يف ا٠تلق .وٓتلق االحًتاؽ يف كل مرة تقابل فيها النار
القطن٬ُ ،تري هللا عاد ًة معينة .لكن يف الواقع ،٭تدث االحًتاؽ فقط ابالقًتاف مع مالمسة النار
للقطن ،وليس مالزماً ٢تذا اٟتدث .ويف مسلكو األوؿ يف ا١تقاـ األوؿ من ا١تسألة السابعة عشرة (al-
،)1962يلتزـ الغزارل أبف العمليات السببية قد تكوف ببساطة نتيجة لعادة هللا يف ا٠تلق وأنو ٮتلق ما
يُعترب سبباً وأثره كالً على استقالؿ ومباشرةً .وعندما يريد هللا إيقاع معجزة وأتكيد رسالة أنبياءه ،ٮتلِّف
جداً ١تعجزات الرسل .ودعى مارمورا ( )1981 Marmuraذلك نظرية الطبع عند الغزارل .وىنا
يقبل الغزارل وجود الطبع والعالقات اليت ال تتغَت (التالزـ) بُت األسباب وا١تسببات .ففي نظرية
الوسائط ،يشَت الغزارل فحسب إذل أنو برغم جهد البشر يف العلوـ الطبيعية ،فنحن بعيدوف عن حصر
األسباب والوقوؼ على كنو كل العمليات اليت تقع يف الطبيعة .ووارد أف تكوف اٟتقيقة أف ىذه
ا١تعجزات اليت ينكرىا الفالسفة انٕتة عن استعدادات طبيعية غَت معلومة لنا .فحُت ألقى موسى ،على
سبيل ا١تثاؿ ،العصى وانقلبت ثعباانً ( )26.32 ,20.69 ,7.107 ,Qur’anرٔتا خضعت مادة
العصا ا٠تشبية إذل ٖتوؿ سريع يف األطوار واستحالت حي ًة .فنحن نعلم أف ا٠تشب يتحلل مع الوقت
ويصبح تراابً يغذي النبااتت ويسمدىا .وىذه النبااتت ،بدورىا ،ىي علف اٟتيواانت العاشبة ،اليت
تتغذى عليها اٟتيواانت الالٛتة كالثعابُت .وال ٯتكن للفالسفة إحالة احتماؿ أف تستعجل بعض
األسباب اجملهولة العملية البطيئة اليت يتحوؿ عربىا ا٠تشب إذل ثعباف .وىذه التفسَتات وغَتىا من
التفسَتات ا١تقدمة يف ا١تسلك الثاين ليست سوى أمثلة على كيفيات ٤تتملة ٟتصوؿ ا١تعجزات النبوية
يرفض مارمورا ( )97 ,1981 ;183 ,1965فكرة أف يكوف الغزارل قد اعترب العادة والطبع
تفسَتين يف شكل احتماؿ مزدوج يف الكونيات .ويقبل مرمورا أف يستمدـ الغزارل لغة سببية "أحياانً
ابلطريقة اليت تُستمدـ يف اللغة العربية ا١تعتادة ،وأحياانً بطريقة أرسطية/سيناوية أكثر ٗتصصاً" وأف ىذا
االستمداـ للغة مبتكر يف خطاب ا١تدرسة األشعرية ( .)89 ,1995لكن الغزارل يتلزـ يف كل النقاط
إمكاف ا١تعجزات وخلق أفعاؿ العباد وحرية اإللو يف خلق العادل (–99 ,97–93 ,91 ,1995
.)100ويرى مارمورا أف الغزارل دل ينحرؼ قط عن العادة ،لكنو يعرب أحياانً عن مذاىبو بلغة غامضة
ُٖتاكي األسلوب الفلسفي ،رٔتا من أجل جذب أتباع الفالسفة إذل معسكر العادة األشعري.
أما اعتبار الغزارل للعادة والطبع احتماؿ مزدوج لتفسَت إبداع ا٠تالق ،فمنصوص عليو يف فقرة يف ا١تسألة
العشرين من التهافت ،اليت تناقش موضوع بعث األبداف يف اآلخرة .إذ يدعي الفالسفة أف بعث
األجساد مستحيل؛ ألنو يستلزـ ٖتوؿ عناصر كاٟتديد إذل نسيج ،وىو مستحيل .ويف رده ،يشَت
الغزارل إذل ا١تسلك الثاين من ا١تقاـ الثاين يف ا١تسألة السابعة عشر ،حيث يقوؿ إنو انقش ابلفعل ىذه
مستحيلة .ويقوؿ" :وليس ا١تناقشة فيو .وإ٪تا النظر يف أف الًتقِّي يف ىذه األطوار ٭تصل ٔتجرد القدرة،
وكال٫تا ٦تكناف عندان [كما ذكرانه يف ا١تسألة السابعة عشر] ،وإف ا١تقًتانت يف الوجود ،اقًتاهنا ليس
على طريق التالزـ ،بل العادات ٬توز خرقها ،فيحصل بقدرة هللا تعاذل ىذه األمور دوف وجود أسباهبا
أو بواسطات غريبة .وأما الثاين فهو أف نقوؿ :ذلك يكوف أبسباب ولكن ليس من شرط أف يكوف
السبب ىو ا١تعهود ،بل يف خزانة ا١تقدورات عجائب وغرائب دل يُطلَّع عليها ينكرىا من يظن أف ال
وجود إال ١تا شاىده ،كما ينكر طائفة السحر والنار٧تات والطلسمات وا١تعجزات والكرامات
أبقى الغزارل على موقف مًتدد طواؿ حياتو .وابلنظر إذل حقيقة أنو ال ا١تشاىدة وال أي مصدر آخر
من مصادر ا١تعرفة (ٔتا فيها الوحي) تقدـ حجة برىانية لوجود أو عدـ وجود عالقات بُت األسباب
ومسبباهتا٬ ،تب أف نتوقف يف اٟتكم على ىذه ا١تسألة .فقد ٮتلق هللا من خالؿ توسط أسباب
يسمرىا ،أو مباشرة دوف وسائط .ولألسف ،دل يُشرح ىذا ا١تذىب غَت اٟتاسم بوضوح يف أي موضع
آخر .وغاية ما ٯتكن ،التقاطو من عبارات متفرقة كالعبارة ا١تذكورة أعاله .وحقيقة أنو بعد كتابة
التهافت ،ألَّف الغزارل كتباً ٘تسك فيها ٔتذىب العادة وحده يف الكونيات (،)1962 al-Ghazâlî
وكتباً أخرى استمدـ فيها لغة عليَّة خالصة ،كالكتاب ا٠تامس والثالثُت من "إحياء علوم الدين" أو
كتاب مشكاة األنوار .مع ذلك ،فلم يلزـ نفسو يف أ ٍي من ىذه الكتب ٔتذىب تالزـ السبب
وا١تسبَب .فقد ٮتلق هللا أحد٫تا دوف اآلخر أو قد ٮتلقهما من خالؿ توسط أسباب وسيطة .ويف آخر
ملؤلفاتو ،الذي أهناه قبل أايـ من وفاتو ،يناقش الغزارل ما إذا كاف هللا ٮتلق "بواسطة" من ٥تلوقاتو أـ
ال ،ويتمسك أبف ا١تسألة ال ٯتكن القطع فيها (.)69–68 ,1985 al-Ghazâlî
يف كل ىذا ،يقبل الغزارل الصفة اليت ال ٯتكن أف تتغَت ٢تذا ا٠تلق .فبمجرد اختيار هللا ٠تلق ىذا العادل
دوف غَته من العوادل احملتَ َملة ،اختار أيضاً أال يغَت السنن اليت ٖتكمو .ومع أنو من ا١تتصور وابلتارل من
ا١تمكن أف ٮترؽ هللا عادتو ويتدخل يف الوهيفة ا١توَكلة لألسباب الوسيطة ،فهو ٮتربان يف وحيو أنو لن
يفعل ذلك .ويف الكتاب اٟتادي والثالثُت من "إحياء علوم الدين" ،يقوؿ الغزارل إف هللا ٮتلق كل
الكائنات على التوارل بشكل مرتب .وبعد إيضاح أف ىذا الًتتيب ٯتثل ُسنة هللا ،يستشهد آبية " َولَن
نعتقد أف هللا سيُغَت سنتو أبداً ( .)4:12 ,ibidومعجزات األنبياء ٣ترد أحداث خارقة للعادة تقع
ضمن نظاـ التشغيل الذي ٬تري بصرامة وفقاً للقوانُت العادية لألفعاؿ اإل٢تية ،أو يف نطاؽ "القوانُت
الطبيعية" اليت ٖتكم األسباب الوسيطة .وا١تعجزات جزء من خطة هللا ،إف جاز التعبَت٠ ،تلقو من
البداية وال ُ٘تثل تدخالً مباشراً أو إلغاءً من أي نوع ألفعاؿ هللا اليت ٕتري وفق قانوف ( Frank
.)20 ,1994 ,1992, 59; idemؤتا أننا لن ٩ترؽ عادة هللا ،فلن ٯتكن التفريق أبداً بُت العادل
تثبيت المصطلحات
جتي determinist
ر موقف (positionف كتاب التهافت)
الوسيطة الطبع/الوسائط/األسباب
secondary causality
السببية causality
ر
اقتان connection
ر
مقتنة concomitantly
يسخر employ
إحالة exclude
ر
التاث literature
مادة/الهيول substrate
اإلمكان/الموجهات modalities
قابلية potentialities
:المراجع
Primary Texts
––– 2001, The Book of the Decisive Treatise Determining the Connection Between
Law and Wisdom (Arabic and English Text), C. Butterworth (ed. and trans.),
Provo (Utah): Brigham Young University Press.
––– 1896, Die Abhandlung des Abû Hâmid al-Gazzâlî. Antworten auf Fragen, die
an ihn gerichtet wurden, H. Malter (ed.) Frankfurt: J. Kauffmann.
––– 1904–07, al-Mustasfâ min ‘ilm al-usûl, 2 vols. Bûlâq: al-Matba’a al-Amîriyya.
Reprint Beirut: Dâr al-Fikr, n.d.
––– 1923, Mîzân al-’amal, M.S. al-Kurdî (ed.), Cairo: al-Matba’a al-’Arabiyya.
––– 1936, Maqâsid al-falâsifa, M.S. al-Kurdî (ed.), Cairo: al-Matba’a al-
Mahmûdiyya al-Tijâriyya.
––– 1937–38, Ihyâ’ ‘ulûm al-dîn, 16 parts, Cairo: Lajnat Nashr al-Thaqâfa al-
Islâmiyya. Reprint Beirut: Dâr al-Kitâb al-’Arabî, n. d. *c.1990].
––– 1959a, al-Munqidh min al-dalâl / Erreur et délivrance, F. Jabre (ed. and
trans.), Beirut: Commission libanaise pour la traduction des chefs-d’oeuvre.
––– 1961, Faysal al-tafriqa bayna l-Islâm wa-l-zandaqa, S. Dunyâ (ed.), Cairo: ‘Îsâ
al-Bâbî al-Halabî.
––– 1962, al-Iqtisâd fî l-i’tiqâd, I.A. Cubukcu and H. Atay (eds.), Ankara: Nur
Matbaasi.
––– 1964a, al-Arba’în fî usûl al-dîn, M.M. Jâbir (ed.), Cairo: Maktabat al-Jundî.
––– 1971, al-Maqsad al-asnâ fi sharh ma’ânî asmâ’ Allâh al-husnâ, F.A. Shehadi
(ed.), Beirut: Dâr al-Mashriq.
––– 1985, Iljâm al-‘awâmm ‘an ‘ilm al-kalâm, M.M. al-Baghâdî (ed.), Beirut: Dâr
al-Kitâb al-‘Arabî.
––– 1998, The Niche of Lights: A Parallel English-Arabic Text, D. Buchman (ed.
and trans.) Provo (Utah): Brigham Young University Press.
––– 2000b, Deliverance from Error. Five Key Texts Including His Spiritual
Autobiography al-Munqidh min al-Dalal, R. McCarthy (trans.), Louisville (Kenn.):
Fons Vitae.
––– 2001, Faith in Divine Unity and Trust in Divine Providence [Book 35 of The
Revival of Religious Sciences], D. Burrell (trans.), Louisville (Kenn.): Fons Vitae.
––– 2002, On the Boundaries of Theological Tolerance in Islam: Abû Hâmid al-
Ghâzalî’s Faysal al-Tafriqa bayna al-Islam wa al-zandaqa. S.A. Jackson (trans.),
Karachi: Oxford University Press.
Ibn Taymiyya, 1980, Dar’ ta’ârud al-‘aql wa-l-naql, M. Rashâd Sâlim (ed.), 11
vols., Beirut: Dâr al-Kunûz al-Adabiyya.
Secondary Literature
––– 2009, “The Good, the Bad, and the Ugly of Falsafa: Al-Ghazâlî’s Madnûn,
Tahâfut, and Maqâsid, with Particular Attention to Their Falsafî Treatment of
God’s Knoweldge of Temporal Events,” in Avicenna and His Legacy: A Golden Age
of Science and Philosophy, Y.T. Langermann (ed.), Turnhout (Bel.): Brepols, pp.
51–100.
d’Alverny, M.T., 1986, “Algazel dans l’occident latin,” in Un trait d’union entre
l’orient et l’occident: al-Ghazzali et Ibn Maimoun. Agadir 27–29 Nov. 1985,
Agadir: Academie Royale du Maroc, pp. 125–46. Reprint in d’Alverny 1994, 3–24.
Davidson, H.A., 1987, Proofs for Eternity, Creation and the Existence of God in
Medieval Islamic and Jewish Philosophy, New York: Oxford University Press.
Eran, A., 2007, “Ghazâlî, Abu Hamid Muhammad ibn Muhammad al-Tûsî, al-”
in Encyclopaedia Judaica, 2nd ed., F. Skolnik (ed.), 22 vols., Detroit: Macmillan
Reference, vol. 7, pp. 571–73.
Frank, R.M., 1992, Creation and the Cosmic System: Al-Ghazâlî & Avicenna,
Heidelberg: C. Winter.
––– 1994, Al-Ghazali and the Ash’arite School, Durham: Duke University Press.
Garden, K., 2014, The First Islamic Reviver. Abû Hâmid al-Ghazâlî and His Revival
of the Religious Sciences, New York: Oxford University Press.
Griffel, F., 2000, Apostasie und Toleranz im Islam. Die Entwicklung zu al-Gazâlîs
Urteil gegen die Philosophen und die Reaktionen der Philosophen, Leiden: Brill.
––– 2002, “The Relationship Between Averroes and al-Ghazâlî as it Presents Itself
in Averroes’ Early writings, Especially in his Commentary on al-Ghazâlî’s al-
Mustasfâ,” in Medieval Philosophy and the Classical Tradition in Islam, Judaism,
and Christianity, J. Inglis (ed.), Richmond: Curzon Press, pp. 51–63.
––– 2006, “MS London, British Library Or. 3126: An Unknown Work by al-Ghazâlî
on Metaphysics and Philosophical Theology,” Journal of Islamic Studies 17: 1–42.
––– 2015, “Al-Ghazâlî at His Most Rationalist: The Universal Rule for Allegorically
Interpreting Revelation (al-Qânûn al-Kullî fî t-Ta’wîl)”, in Islam and Rationality:
The Impact of al-Ghazâlî. Papers Collected on His 900th Anniversarym (Volume
1), G. Tamer (ed.), Leiden: Brill, pp. 89–120.
Hansberger, R., 2011, “Plotinus Arabus Rides Again,” Arabic Sciences and
Philosophy 21: 57–84.
Harvey, S., 2001, “Why Did Fourtheenth Century Jews Turn to Alghazali’s
Account of Natural Science?” Jewish Quarterly Review 91: 359–76.
––– and W.Z. Harvey, 2002, “Yakhasô shel Rabbi Hasdây Kreskas le-Algazâlî
(Rabbi Hasdai Crescas’s Attitude Towards al-Ghazâlî)”, in Ha-Islam we-ʻOlamôt
ha-Shezûrîm bô / The Intertwined Worlds of Islam: Essays in Memory of Hava
Lazarus-Yafeh, N. Ilan (ed.), Jerusalem: Ben-Zvi Institute, pp. 191–210.
Heer, N., 1993, “The Priority of Reason in the Interpretation of Scripture: Ibn
Taymîyah and the Mutakallimûn,” in The Literary Heritage of Classical Islam:
Arabic and Islamic Studies in Honor of James A. Bellamy, M. Mir (ed.), Princeton:
Darvin Press, pp. 181–95.
Hintikka. J., 1973, Time & Necessity: Studies in Aristotle’s Theory of Modalities,
Oxford: Clarendon.
Hourani, G.F., 1958, “The Dialogue Between al Ghazâlî and the Philosophers on
the Origin of the World,” Muslim World 48: 183–191, 308–14.
––– 1976, “Ghazâlî on the Ethics of Action,” Journal of the American Oriental
Society, 96: 69–88. Reprinted in Hourani 1985, pp. 135–66.
Janssens, J., 1986, “Le Dânesh-Nâmeh d’Ibn Sînâ: Un text à revoir?” Bulletin de
philosophie médiévale 28: 163–77.
––– 2003, “Al-Ghazzâlî and his Use of Avicennian Texts,” in Problems in Arabic
Philosophy, M. Maróth (ed.), Piliscaba (Hungary): Avicenna Institute of Middle
East Studies, pp. 37–49.
Knuuttila, S., 1998, “Plentitude, Reason and Value: Old and New in the
Metaphyscis of Nature,” in Nature and Lifeworld: Theoretical and Practical
Metaphysics, C. Bengt-Pedersen and N. Thomassen (eds.), Odense (Denmark):
Odense University Press, pp. 139–51.
Lohr, C.H., 1965, “Logica Algazelis: Introduction and Critical Text,” Traditio 21:
223–90.
Marmura, M.E., 1959, “The Logical Role of the Argument from Time in the
Tahâfut’s Second Proof for the World’s Pre-Eternity,” Muslim World 49: 306–14.
Reprinted in Marmura 2005, pp. 219–27.
––– 1981, “Al-Ghazâlî’s Second Causal Theory in the 17th Discussion of His
Tahâfut,” in Islamic Philosophy and Mysticism, P. Morewedge (ed.), Delmar
(N.Y.): Caravan Books, pp. 85–112.
Marx, A., 1935, “Texts by and About Maimonides,” Jewish Quarterly Review 25:
371–428.
Minnema, A.H. 2014, “Algazel Latinus: The Audience of the Summa Theoricae
Philosophiae, 1150–1600,” Traditio, 69: 153–213.
Opwis, F., 2007, “Islamic Law and Legal Change: The Concept of Maslaha in
Classical and Contemporary Legal Theory”, in Shari’a: Islamic Law in the
Contemporary Context, A. Amanat and F. Griffel (eds.), Stanford (Calif.): Stanford
University Press, pp. 62–82, 203–07.
––– 2010, Maslaha and the Purpose of the Law: Islamic Discourse on Legal
Change from the 4th/10th to 8th/14th century, Leiden: Brill.
Ormsby, E.L., 1984, Theodicy in Islamic Thought. The Dispute over al-Ghazâlî’s
‘Best of All Possible Worlds’, Princeton: Princeton University Press.
Salman, D., 1935, “Algazel et les latins,” Archives d’histoire doctrinale et litteraire
du moyen age 10: 103–127.
Shihadeh, A., 2011, “New Light on the Reception of al-Ghazâlî’s Doctrines of the
Philosophers (Maqâsid al-Falâsifa),” in In the Age of Averroes: Arabic Philosophy
in the Sixth/Twelfth Century. P. Adamson (ed.), London/Turin: Warburg
Institute/Nino Aragno, pp. 77–92.
Steinschneider, M., 1893, Die hebraeischen Übersetzer des Mittelalters und die
Juden als Dolmetscher, 2 vols., Berlin: Kommissionsverlag des Bibliographischen
Bureaus. Reprint Graz: Akademische Druck- und Verlagsanstalt, 1956.
Vajda, G., 1960, Isaac Albalag, averroïste juif, traducteaur et annotateur d’al-
Ghazâlî, Paris: J. Vrin.
Walker, P., 1993, Early Philosophical Shiism. The Ismaili Neoplatonism of Abû
Ya’qûb al-Sijistânî, Cambridge: Cambridge University Press.
أدوات أكاديمية
Preview the PDF version of this entry at the Friends of the SEP Society.
Look up this entry topic at the Internet Philosophy Ontology Project (InPhO).
Enhanced bibliography for this entry at PhilPapers, with links to its database.
al-Farabi | Arabic and Islamic Philosophy, disciplines in: natural philosophy and natural
science | causation: medieval theories of | Duns Scotus, John | future contingents:
medieval theories of | Ibn Rushd [Averroes] | Ibn Sina [Avicenna] | Maimonides: the
influence of Islamic thought on | modality: medieval theories of | Philoponus