Professional Documents
Culture Documents
1
الفكر التطوري قبل داروين
الت
فلسف شامل حول الفكر التطوري قبل داروين ،يبحث يف األسس المبكرة لألفطار التطورية ،والتحولت ي ي مدخل
طرأت يف فت يت األنوار والقرن التاسع عش؛ نص متجم لد .فيليب صلون ،ومنشور عىل (موسوعة ستانفورد
ا
والت قد تختلف قليًل عن النسخة
ه للنسخة المؤرشفة يف الموسوعة عىل هذا الرابط ،ي للفلسفة) .ننوه بأن التجمة ي
األختة بعض التحديث أو التعديل من فينة ألخرى منذ تتمة هذه التجمة. ر الدارجة للمقالة ،حيث أنه قد يطرأ عىل
خص بالشكر محرري موسوعة ستانفورد ،وعىل رأسهم د .إدوارد زالتا ،عىل تعاونهم ،واعتمادهم للتجمة ً
وختاما ،ن ّ
1Sloan, Phillip, "Evolutionary Thought Before Darwin", The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Winter 2019 Edition),
Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/win2019/entries/evolution-before-darwin/>.
) مالحظة احملرر :ظهر الكثري من احملتوى يف املدخل التايل يف األصل يف املدخل بعنوان مفهوم التطور/
The Concept of Evolutionإىل عام .1872مت تقسيم األخري إىل مدخلني
منفصلني).
يشري مصطلح "التطور" يف املناقشات املعاصرة إىل نظرية تغيري األنواع العضوية مبرور الوقت .فقبل
حصري-
ً النصف الثاين من القرن التاسع عشر ،كان املصطلح يُستخدم يف املقام األول -إن مل يكن
أيضا
ابملعىن اجلنيين ،لإلشارة إىل تطور اجلنني الفردي .حتيط أوجه الغموض نفسها يف االستخدام ً
ابملصطلح األملاين " "Entwicklungsgeschichteالذي استخدم يف األصل يف سياق علم
األجنة .Embryologicalيف عام ،1852استخدم الفيلسوف اإلجنليزي هربرت سبنسر
)1903-1820( Herbert Spencerهذا املصطلح لإلشارة إىل التغريات الكونية والبيولوجية
من "التجانس" إىل "عدم التجانس" ،وحتدث هناك عن "نظرية التطور" .بينما يف ستينيات القرن التاسع
عشر ،مت استخدام املصطلح يف بعض السياقات لإلشارة إىل تغري األنواع .iمل يستخدم داروين نفسه هذا
يقدم هذا املدخل مراجعة اترخيية واسعة للموضوع حىت "الثورة الداروينية" .سيتم التعامل مع الفرتة
الداروينية يف املدخل املنفصل :داروين :من أصل األنواع إىل أصل اإلنسانDarwin: From /
سيتم األخذ بمصطلح التحولية ،حيث تعبر عن فكرة النظرية أفضل من كلمة التطفّر ،التي ربما ت ُحدِث لغط مع مصطلح "الطفرة" ،والتي هي نظرية أحدث منها .المترجم.
الفهرسة
الفهرسة 3 ................................................................................
• املراجع
• أدوات أكادميية
• مصادر أخرى على اإلنرتنت
• مداخل ذات صلة
الذرة يف الكتاب اخلامس من كتابه "حول طبيعة األشياء" ،iiكان هناك مصدر متاح يف العصور القدمية
وهو وضع نظرية حساب األصل التدرجيي للكائنات احلية من فوضى ذرية أولية ،ومن خالل عملية غري
موجهة ،تقوم بفرز أفضل األشكال املالئمة ،وإزالة تلك اليت ال تناسب ظروفها.
ومع ذلك ،قوبلت الروايت التخمينية للذرات األوائل على عدة مستويت من التقاليد الفلسفية السائدة
التالية ،كاألفالطونية ،واألرسطية ،واألفالطونية اجلديدة ،والرواقية .فقد قدمت كتاابت أفالطون Plato
( 327-427قبل امليالد) ،وال سيما أسطورة اخللق الطويلة ،حماورة تيموس-احملاورة األفالطونية الوحيد
للحجج ضد التقليد الذري .تُعد مؤثرا غري كتايب ُ
مصدرا ً
ً املتاحة ابستمرار يف التقليد الغريب الالتيين-
هذه احملاورة مبثابة املوضع الكالسيكي ملفهوم األصل -املفروض خارجيًا -للكائنات احلية من خالل
عامل حريف ذكي ،الذي أيمر مبسألة متصورة ريضيًا يف كون عقالين ،يتضمن الكائنات احلية وف ًقا ِ
لألمناط البدائية األبدية أو املُثل ،اليت تَد ِرك من خالل هذا النشاط كال من الغايت اجلمالية والعقالنية.
بدأ حساب أفالطون التقليد الطويل من التفكري الذي استمر يف األفالطونية اجلديدة ويف جوانب الرواقية
لتشكيل أساس احلجة القائلة أبن الكائنات العضوية ال ميكن تفسريها بعمليات شبيهة ابلصدفة سواء
يف أصوهلا أو يف تصميمها املعقد .كما مت التطوير بشكل خاص يف الكتاابت املؤثرة للطبيب اليوانين
كلوديوس جالينوس 129 -200( Claudius Galenusقبل امليالد) ،حيث اعتمد الرتاث
الطويل يف علوم احلياة على علم التشريح كدليل على التصميم العقالين .كما تفاعلت تفسريات "التصميم
الغائي" بطرق معقدة مع مفاهيم اخللق اليهودية واملسيحية واإلسالمية .iiiكما أن هنالك معىن شائع لـ
كثريا ما متت مواجهته يف مناقشات التطور منذ داروين -وهو التصميم املفروض خارجيًا "علم الغائية" ً
بواسطة عامل ذكي (خالق الكون املادي ،أو الطبيعة ،أو هللا) على مادة موجودة مسب ًقا -ينشأ يف هذه
املناقشات القدمية وال يتم حتديده بدقة مع املفهوم الكتايب للخلق من العدم Creatio Ex
.ivNihilo
ديميورجوس ،وهي الكلمة باليونانية القديمة Δημιουργόςوتعني حرفيًا ،خالق الكون المادي -المترجم.
التيني.
ففي كتاابت أرسطو 322–384( Aristotleقبل امليالد) البيولوجية األساسية ،مت استبدال الغائية
اخلارجية للمصمم-اخلالق بغاية غائية داخلية مرتبطة ابلفعل اجلوهري لسبب داخلي -يف الكائنات احلية
بروحهم اخلربية "إبسيكي" ،واليت تعمل على أهنا السبب الرمسي والنهائي و َّ
الفعال للحياة .vكما مل يؤيد
vi
كدا بدالً من ذلك على خلود النظام العاملي .على األقل
أيضا مفهوم األصل التارخيي للعامل ،مؤ ً
أرسطو ً
هكذا فُهم يف تقليد الالحقني.vii
أيضا
قضية أخرى عاجلها أرسطو على نطاق واسع ذات صلة مبفهوم األنواع "التطور اجلنيين" .كان هلا ً
آًثر مهمة يف املناقشات الالحقة .ففي التقاليد املدينة بطريقة ما لفلسفة أرسطو الطبيعية ،التوليد اجلنسي
والتطور اجلنيين الالحق للفرد من املادة البدائية ،هي عملية متسلسلة حتدث يف الوقت املناسب حتت
أتثري الروح الغائية (إبسيكي) .يف حساب أرسطو نفسه ،عادة ما يستمد هذا املثل/الروح كما هو من
ُ
األصل ،ويكونوا الذكور ،ولكن ميكن أيضا أن تستمد من مكان اخر ،وميكن حىت من الشمس ،كما
استخدمه يف شرح أصل األشكال اليت ولدت بطريقة عفوية.viii
أساسا ملعىن واحد لكلمة "املثل" "إيدوس"
أيضا ً شكلت نظرية عبور الروح كشكل جوهري يف اجليل ً
ُ
يف أعمال أرسطو البيولوجية -ابعتبارها الشكل الفردي املتناثر الذي يستمر يف التوليد إىل األبد .على
الرغم من ارتباطها بنظرية معقدة للتجريد العقلي ابلعام يف الفكر واللغة ،فإن "املثل" هبذا املعىن البيولوجي
ُ
فردا آخر .ixأمهية هذا املعىن لكلمة "املثل" على
ليست كلية ،ولكنها تسلسل تسلسلي أبدي لفرد يولد ً
ُ
أهنا متميزة عن معىن "األنواع ابعتبارها كلية" هلا أمهية يف العديد من القضاي اليت مت استكشافها يف
القسمني 3.3و 4.3أدانه .تتعلق إحدى القضاي التفسريية يف تفسري مفهوم أرسطو لألنواع مبدى
التزامه بتأكيد أي شيء يتجاوز خلود اجملموعات الرئيسية الثالث (نوع) -النبااتت واحليواانت والبشر-
بدالً من خلود كل نوع فردي (املثل/إيدوس).x
ُ
2.1التنقيحات الدراسية
تنوعت تداعيات فكر أرسطو املعقد للمناقشات الالحقة حول املثل/األنواع ،واليت ولدت من خالل
ُ
استعادة كتاابته يف الغرب الالتيين يف القرنني الثاين عشر والثالث عشر .من انحية ،يبدو أن املطلب
امليتافيزيقي الواضح ألرسطو أبن تكون الروح كشكل (مثل) ًثبتة ،ومستمرة خالل عملية توليد ِ
"مثل ُ
ِمن ِمثل" ،يبدو أن الكثري من التقاليد ترقى إىل إنكار إمكانية أن ميكن أن تتغري األنواع مبرور الوقت يف
نظرا
متاماً .
خصائصها األساسية ،على الرغم من أن التكيف احمللي يف اخلصائص "العرضية" كان ممكنًا ً
ومثل غري مادي وأبدي ،فإن التمايز
ألن الكائنات الفردية كانت تعترب مركبات ديناميكية لركيزة ماديةُ ،
العرضي للشكل األساسي يف األفراد مل يؤثر على التحمل امليتافيزيقي لألنواع .كما جعل انقراض األنواع
كمثل بشكل متسلسل عرب الزمن عن طريق
مستحيال ميتافيزيقيًا .يف الكائنات احلية ،يتم مترير الروح – ُ
ً
أساسا ميتافيزيقيًا ملفهوم بقاء األنواع دون
للمثل .قُدم هذا ً
فعل التوليد/التكاثر خللق استمرارية أبدية ُ
االعتماد على عامل خالق خارجي.
كلمة التينية -ت ُرجمت بشكل مختلف كمبادئ جينية ،أو سببية ،أو العقل البدائي ،أو العوامل األصلية ،أو األسباب أو الفضائل األساسية ،أو المبادئ الشبيهة بالبذرة ،وهي نظرية الهوتية حول أصل األنواع .إنها العقيدة القائلة بأن هللا
خلق العالم في شكل بذور ،مع بعض اإلمكانات ،والتي تطورت بعد ذلك أو تكشّفت وفقًا لذلك بمرور الوقت .الغرض منه هو التوفيق بين اإليمان بأن هللا خلق كل األشياء ،والحقيقة الواضحة أن األشياء الجديدة تتطور باستمرار.
استعادت عمليات االسرتداد النصية العظيمة يف الغرب الالتيين للعلوم والطب والفلسفة اليواننية من
عموما بتفسريات إسالمية ،هذه النصوص يف القرن الثاين عشر حىت القرن اخلامس عشر ،مصحوبة ً
سياق الهويت مت تعريفه بقوة من قِبل األوغسطينية واألفالطونية اجلديدة .إن التفاعل بني هذا التقليد
املوجود ُمسب ًقا مع وجهات النظر الفلسفية اجلديدة حدد فرتة معقدة من اهلياج الفكري الذي عرف
الكثري من التاريخ الفكري والعلمي الالحق للغرب.xii
تطلبت اجلهود املتواصلة اليت بذهلا كبار املؤيدين ،مثل توما األكويين Thomas Aquinas
( ،)1274-1225جللب جمموعة ضخمة من األعمال األرسطية املستعادة حديثًا إىل حوار مع
األفالطونية اجلديدة املسيحية واألوغسطينية ،رؤى جديدة ملفهوم العالقة بني الروح واجلسد ،استقاللية
النظام الطبيعي ودور األسباب الثانوية يف خلق العامل.
فيما يتعلق مبسألة ثبات األنواع وأصلها ،تعامل األكويين مع هذا يف حوار مع نظرية أوغسطينوس يف
Summa اخللق املتسلسل .كما يعلق يف مؤلفه الرئيسي" ،اخلالصة الالهوتية
:"Theologiaeاألنواع اجلديدة ،إذا ظهرت ،موجودة مسب ًقا يف بعض القوى النشطة .يقرتح هذا
االدعاء قراءة ألرسطو افرتضت الثبات األساسي لكل ُمثل جوهري ميكن حتديده ،وخلود كل نوع منذ
اخللق .لكن جيب قراءة هذا االستنتاج يف سياق نظرية األكويين املعقدة عن اخللق ،ومناقشات مشكلة
املسلمات يف الفلسفة املدرسية املتأخرة (انظر مدخل :مشكلة القرون الوسطى للمسلمات
.xiii)Medieval Problem Of Universalsمينع هذا السياق أي صورة بسيطة
للفكر املدرسي فيما يتعلق مبسألة دوام األنواع ،وال ميكن االدعاء أبن أرسطو أو الدراسات الالحقة
لألكويين هم املسؤولون عن املوقف "اجلوهري" القوي الذي يُنسب إليهم غالبًا يف األدبيات .xivفكما
هو موضح أدانه ،ميكن القول أبن مفهوم األنواع مل "يتم تقويته" إال يف الفرتة احلديثة املبكرة مع ظهور
الفلسفة امليكانيكية اآللية وعلم األجنة املسبق املصاحب هلا .إن موقف "اجلوهرية القوية" غالبا ما
تُنسب إىل أرسطو والسكوالستسية ،xvحيث هو واضح نتاج التطورات التارخيية يف وقت الحق.xvi
كانت نقطة انطالق جديدة يف التأمالت املنهجية حول أصل األرض والكائنات احلية ،واليت تُظهر
أيضا عن التكهنات الذرية ،وهي تواريخ على وجه التحديد من
بعض التشابه واالختالفات الرئيسية ً
أتليف الفلسفة الطبيعية وامليتافيزيقا اليت وضعها رينيه ديكارت -1596( René Descartes
)1650يف كتابه "املبادىء للفلسفة ( Principia Philosophiaeالتيين)"(طبعة أوىل
،1644طبعة ًثنية .)1647وسعت هذه األطروحة وخلصت القضاي اليت طورها يف وقت سابق يف
"العامل ،أو رسالة على الضوء ( Le Mondeفرنسي)" ،وهو عمل نُشر بعد وفاته فقط يف عام
،1664مع ظهور طبعة حمسنة يف عام .1677
من املهم لفهم االنعكاسات الالحقة على "اتريخ" الطبيعة ،أن ندرك أن هذه التكهنات الديكارتية حول
اتريخ األرض والنظام الشمسي ،قد مت تقدميها يف شكل فرضية معاكسة للحقائق ،سعت صراحةً إىل
جتنب التعارض مع الالهوت املقبول لتفسريات األصل .xviiiيف احلساب االفرتاضي املقدم يف كتابه
املبادىء للفلسفة ،اشتق ديكارت األرض من جنم ابرد "ساب ًقا ...مثل الشمس" .xixوذلك من خالل
تصلبها التدرجيي يف دوامة مساوية كبرية ،حيث تشكلت األرض .ولقد َّ
شكل اجلفاف والتصدع الالحقان
أحواض احمليطات والقارات وسالسل اجلبال.
كانت الثغرة البارزة يف وصف ديكارت ،مع ذلك ،هي فشله يف دمج أصول الكائنات احلية يف قصته
الطبيعية مع اخللق ابلقوانني الطبيعية .على الرغم من أن املخطوطات تعرض الدرجة اليت حاول هبا
ديكارت يف عدة مناسبات إجياد بعض الروابط بني فلسفته الطبيعية العامة والتكوين اجلنيين للكائنات
احلية ،إال أن هذه االنعكاسات مل تظهر يف الطباعة خالل حياته .xxويف كتابه املبادىء ،يتخطى ببساطة
حول قضية حساب طبيعي من أصل احلياة وأصل األنواع الفردية .بدالً من ذلك ،يف اجلزء ،4املكرس
بشكل عام ألصل األرض وخصائصها الفيزيئية ،يقفز (يف القضية )188من مناقشة املغناطيسية إىل
إشارة موجزة إىل اجلزأين 5و 6من كتابه ،واليت ستتعامل مع احليواانت والبشر .xxiلكن املبادئ ال
شبيها بتلك اليت وردت يف تقدم سوى مناقشة موجزة ملختلف احلواس والتفاعل بني اجلسد والروح ً
أطروحته املبكرة غري املنشورة "عن اإلنسان" (الطبعة األوىل ابلالتينية ،1662والطبعة الثانية ابلفرنسية
.)1664فقد أتسست هذه التخمينات على مفهوم آلة التمثال االفرتاضية اليت مت إنشاؤها مباشرة من
خالل الفعل اإلهلي ،ومتتلك على الفور مجيع الوظائف والرتكيبات البشرية.xxii
نقلت تكهنات ديكارت إىل خلفائه قضيتني على األقل تتعلقان أبصل واتريخ األنواع احلية.
أوالا ،من خالل تقدمي التفسري التارخيي ألصل النظام الشمسي والعامل كفرضية معاكسة ،كوسيلة لفهم
حسااب حقيقيًا حرفيًا .حيث قدَّم
ً اتريخ الطبيعة الذي مت تكييفه مع قيود العقل البشري ،بدالً من اعتباره
ديكارت ِخيار قراءة خيالية حبتة للعلوم التارخيية استمرت حىت القرن التاسع عشر.xxiii
اثنياا ،مل ُُِيل دمج الكائنات احلية يف الفلسفة الطبيعية اجلديدة للمذهب الطبيعي اآليل .إذا كان هناك
أي شيء ،فإن انعكاسات ديكارت قد أبرزت مشكلة تقدمي تفسري طبيعي ألصول الكائنات احلية.
ميكن تتبع تقليدين يف أعقاب انعكاسات ديكارت .بدءًا من De Solido Intra
Solidum Naturaliter Contento Dissertationis Prodromus
التيني -وهي إحدى األطروحات المبكرة التي تحاول شرح حدوث الحفريات في الصخور الصلبة.
أسس التقليد الثاين سلسلة من التأمالت املنشورة يف أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر،
واليت أصبحت تُعرف يف األدبيات الالحقة ابسم "نظرايت األرض" .بدأ هذا التقليد مع Telluris
،Theoria Sacraوكانت الطبعة اإلجنليزية ،1684بواسطة رجل الدين اإلجنليزي توماس
برينت .)1715-1635( Thomas Burnetسعى برينت إىل التوفيق بني حساب اترخيي
مشتق من الديكاريت ألصول األرض مع حساب اخللق لتقليد املوسوي (نسبة إىل موسى كاتب التوراة).
يف حساب برينت ،بدأت األرض من الفوضى األصلية اليت شكلها الفعل اإلهلي إىل األرض احلالية من
خالل سلسلة من التغيريات اليت تضمنت الفصل التدرجيي للقارات ،وعكس القطبني ،وفيضان املوسوي.
لشرح أصل الكائنات احلية ،اعتمد برينت على "اخلصوبة التلقائية لألرض" يف عامل اجلنة (جنة عدن
التوراتية) البدائي ،بدالً من اخللق املباشر لألشكال/املثل من خالل الفعل اإلهلي .xxvمن خالل ربط
ُ
هذا احلساب ابلقصة التوراتية لإلصحاح األول من سفر التكوين ،لقد انفصل برينت عن الواقعية املضادة
مفرتضا لتاريخ تطور الطبيعة على غرار الديكاريت ،والذي
ً تفسريا حرفيًا
الديكارتية ،حيث قدم ألول مرة ً
أيضا أصول األشكال احلية.
تضمن ً
التيني -وتعني النظرية المقدسة لألرض .نُشر الجزء األول عام 1681باللغة الالتينية.
إن األحباث التجريبية الواسعة على جيل من الطيور والثدييات اليت قام هبا وليام هاريف William
،)1657-1578( Harveyواليت نشرت يف وقت متأخر من حياته يف كتابه
"( "Exercitationes De Generatione Animaliumالتيين -ويعين
ت أن تكون قنبلة يف هذه املناقشة .زعمت مالحظات على جيل من احليواانت) يف ،1651وثـَبَ َ
دراسات هاريف الدقيقة أهنا دحضت على أسس جتريبية كل من نظرية املادة-املثل األرسطية للتوليد
ُ
اجلنسي ،وكذلك نظرية" البذور املزدوجة "القائمة على افرتاض وجود السائل املنوي املتكافئ للذكور
واإلانث .وقد مت تبين هذه النظرية األخرية من قبل علماء الذرات القدامى من قِبل جالينيك Galenic
وأبقراط Hippocraticالطبيني ،وأغلبية أطباء عصر النهضة .نظرية البذور املزدوجة مت قبوهلا من
تترجم كلمة Mechanismعادة في العربية باآللية ،لكن هذه الترجمة ال تفي في الحقيقة بالمعنى الدقيق للفظ األجنبي ،فأصل كلمة "آلة" من المص در آل يئول أي انتهى إلى مآل وإلى نهاية ،ومن ثم فاآللية تعني األتوماتيكية أي
ً
ووصوال إلى نتيجة الحركة الذاتية .Outo- Maticأما الماكينة –وهو لفظ امتصته العربية من الالتينية وصار شائع االستعمال -فتتآلف من عدة آليات ،أي من عدة حركات آلية تؤدي كل حركة منها إلى األخر ،ابتدا ًء من حدث معين
بدال من "آلية" كترجمة أوفى وأدق .أنظر كتاب الداروينية واإلنسان ،للدكتور صالح عثمان .طبعة ،2001ص .29 ما مرورً ا بعدة خطوات .ومن هنا جاء استخدامنا لكلمة "ميكاميزم" ً
قبل علماء الذرة يف وقت مبكر بعد احلداثة مثل بيري جازيندي -1592( Pierre Gassendi
،)1655وانًثنيال هاميور .xxviii)1685-1613( Nathaniel Highmoreنتيجة لذلك،
أخريا يف عام ،1677حيث اعتمد
عندما نُشرت تكهنات ديكارت حول التكوين اجلنيين بعد وفاته ً
أيضا على مزيج من البذرة الذكرية واألنثوية اليت تنظمها قوانني الطبيعة ونظرية الدوامة Vortex
ً
،Theoryفقد قوبلوا عاد ًة ابلسخرية (انظر االقتباس جلاردن أدانه -سيأيت ذكره) .كانت استفسارات
هاريف األجنة املفصلة لعام 1651قد قوضت ابلفعل بشكل خطري القواعد التجريبية هلذه االدعاءات.
لذلك كان من الصعب أن جتد أي مؤلف يؤيد احلل كما قدمه ديكارت.
هذه الصعوابت التجريبية مع كل من النظريت املوروثة الرئيسية للتوليد ،وكذلك مع التفسريات البديلة
"امليكانيزمية" اجلديدة للتكوين اجلنيين جلازيندي وهاميور وديكارت أنتجت أزمة مفاهيمية داخل برانمج
امليكانيزمية العاملية اليت اقرتحت أن امليكانيزمية العاملية ال ميكن أن تتعامل سببيًا مع واحدة من أهم
القضاي يف فلسفة الطبيعة .هناك حاجة إلجياد حل آخر.
نتيجة لفشل التخلق املتوايل "امليكانيكي" ،حل امليكانيكيون ما بعد الديكارتيني هذه املسألة بنظرية
"الوجود املسبق ."Pre-Existenceميكن إرجاع األسس العلمية هلذا إىل عمل عامل امليكروسكوب
ين زفامردام )1680-1637( Jan Swammerdamيف أواخر ستينيات القرن السادس عشر،
وذلك على أساس مالحظاته اجملهرية حول تطور احلشرات .جاء هذا التطور الفلسفي هلذه النظرية من
قبل الفرنسي الكاهن واألوراتواري (نسبة جلمعية األوراتوار) نيكوالس مالربانش Nicholas
مؤثرا بـ " Recherche De La Vérité
،)1715-1638( Malebrancheالذي كان ً
وتنعين البحث عن احلقيقة" يف ،1674إلعادة صياغة العديد من املبادئ الديكارتية يف إطار
"التوحيدية"امليكانيزمية العاملية .xxixيف هذا العمل ،قدم مالربانش نظرية جديدة للتوليد ،واليت تسمى
بدقة نظرية "الوجود املسبق" .وف ًقا لوجهة النظر هذه ،مل يتم خلق الكائن اجلديد يف الزمن الدنيوي،
موجودا مسب ًقا منذ اخللق األصلي للعامل .هذه النظرية ،اليت غالبًا ما تدعمها مناشدات لنظرية
ً ولكنه كان
أوغسطني حول خلق البذور األصلية (انظر أعاله القسم ،)2.1كان من املفرتض أن تصبح النظرية
عالج فيه طبيعة العقل البشري وكيفية استخدامه لتجنب الخطأ في العلوم ،ووضع الكتاب األساس لسمعة مالبرانش وأفكاره الفلسفية.
النموذجية ملا يقرب من قرن من الزمان ،وكانت مرتبطة ارتباطًا وثي ًقا بنسخة من الفلسفة امليكانيكية.
ميكن تتبع التعبريات املختلفة لنظرية الوجود املسبق يف التعليم العام واألعمال املنشورة ملفسرين مؤثرين يف
الطب األكادميي مثل هريمان بويرهاف )1738-1668( Hermann Boerhaaveمن
أيضا يف العديد من الرسائل العلمية يف أوائل القرن الثامن عشر .لكن
جامعة ليدن .مت اعتماد النظرية ً
متت إزالة مسألة أصل ٍ
كل من الفرد واجلنس من خالل هذه النظرية إىل الفعل اإلهلي عند اخللق األول
للعامل.xxx
ميكن التمييز بني ثالث متغريات على األقل من نظرية الوجود املسبق .افرتض اثنان من هؤالء وجود
أشكال يف املنمنمات/الصور املصغرة ،إما مغطاة يف مبيض األنثى ،النسخة األصلية ،أو بعد اكتشاف
احليواانت املنوية بواسطة أنطون فان ليفينهوك Anton Van Leeuwenhoekيف ،1677يف
خصييت الذكر .هذه اإلصدارات اثنني من "التكوين املسبق للكائنات "Pre-formationism
بشكل عام أصبحت اخليارات الرئيسية اليت يكتشفها املرء يف األدبيات الطبية وأمراض النساء املهنية يف
الفرتة من 1670إىل .1740البديل الثالث ،الذي كان له عدد قليل من األتباع يف القرن السابع
شائعا بشكل خاص حبلول سبعينيات القرن الثامن عشر،
عشر وأوائل القرن الثامن عشر ،ولكنه أصبح ً
نظرا لبياهنا األول الواضح لكلود بريولت
كان نظرية "اجلراثيم ُ "Germsمسبقة التشكيل/التكوينً ،
.)1680-1608( Claude Perraultكانت نظرية بريولت هذه -اليت تشبه إىل حد بعيد
الرواية األوغسطينية -تنص على أن أوىل الكائنات احلية تَشكلت عند اخللق األصلي كبذور متناثرة يف
الرتبة ،واليت مت أخذها منها مع الطعام .يف ظل الظروف املناسبة وداخل الكائنات احلية الصحيحة ،مت
زرع هذه "اجلراثيم" يف املبايض ،واليت تطورت منها بعد ذلك يف استجابة للتلقيح .يف مجيع الروايت
الثالثة ،وفر فعل اإلخصاب والتلقيح الفرصة ،وليس السبب ،لتطور الكائنات احلية يف الوقت املناسب.
اثنياا ،متت مواءمة هذا احلساب بسهولة مع التطورات الالهوتية يف القرن السابع عشر ،ال سيما يف
القارة ،حيث كان التأثري القوي لالهوت األوغسطيين على الكالفينية (الربوتستانتية) واليانسينية
وضوحا .مثال لذلك ،نصت على نقل اخلطيئة األصلية .احلل الذي ظهر كان ً (الكاثوليكية) أكثر
ميكانيزمية "إميانية" أكدت قدرة هللا املطلقة وسلبية الطبيعة املقابلة.xxxi
امليزة الثالثة لنظرية الوجود املسبق ،على األقل يف اإلصدارات اليت احتضنت تفسري "اجلراثيم ُمسبقة
ُ
التشكيل" ،هي أهنا مسحت بظهور احلياة يف الزمن الدنيوي ،والذي بدا أنه اقرتاح وجود أشكال
احلفريت .يف الوقت نفسه ،مل تتضمن أي نسخ من نظرية الوجود املسبق أي تغيري يف األنواع أو تطور
ُ
نوع من نوع آخر يف الوقت املناسب.
أخريا ،ميكن التوفيق بني نسخة من نظرية تكوين اجلنني مع أفضل املالحظات اجملهرية يف أواخر القرن
ا
السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر ،حيث مت اإلبالغ عن هذه من قبل خرباء يف هذه األداة مثل
أنطون فان ليفينهوك ،)1723-1632( Anton Van Leeuwenhoekين زفامردام Jan
،Swammerdamومارتشيلو ملبيغي ،)1694–1628( Marcello Malpighiوهنري
بيكر .)1774–1690( Henry Baker
أثرت نظريت الوجود املسبق لألصل اجلنيين بشكل مباشر على مسألة حتول األنواع .أوالا ،قاموا إبزالة
ُ
ِ
مجيعا أصل األنواع،وضعوا ً الكائن احلي بشكل فعال من أتثريات الظروف احمللية والظروف البيئية .اثنيااُ ،
وكذلك على األقل أصل بدائية الكائن احلي الفردي ،يف حلظة يف اخللق اإلهلي األصلي .يوضح اقتباس
من مقال مراجعة معاصر عدة جوانب من أطروحة الوجود املسبق:
ُ
" ...وابلفعل ،فإن مجيع قوانني احلركة اليت مت اكتشافها حىت اآلن ،ال ميكن إال أن تقدم وص ًفا
جدا لتكوين نبات أو حيوان .حنن نرى كيف جاء ديكارت بشكل ابئس عندما بدأ ضعي ًفا ً
بتطبيقها على هذا املوضوع؛ لقد مت تشكيلها من خالل القوانني اليت حىت اآلن غري معروفة
جدا أن قوة التحمل جلميع النبااتت واحليواانت اليت كانت يف
للبشرية ،ويبدو أنه من احملتمل ً
أي وقت مضى ،أو ستكون يف أي وقت ،قد تشكلت [منذ أتسيس العامل] من قِبل اخلالق
xxxii
كلي القدرة ،يف األول من كل نوع منها".
كانت النتيجة املباشرة هلذه النظرية صالبة وقساوة جديدة أعطيت ملفهوم األنواع اليت مل تكن متتلكها يف
حادا بني اخلصائص
متييزا ً
التقاليد األرسطية والسكوالستيكية .فقد عززت نظرية الوجود املُسبق ً
"األساسية" و "العرضية" إىل درجة ال يتضمنها التقليد السابق .يف الوقت نفسه ،جعلت نظرية الوجود
املسبق من الصعب تفسري الظواهر التجريبية الواضحة ،مثل البشاعة ،وجتديد األجزاء املفقودة ،وتشابه
ُ
النسل مع كال الوالدين ،والدليل على التباين اجلغرايف ،واالختالفات العرقية ،ووجود أشكال هجينة مثل
البغل .بدا من الضروري أن نعزو هذه االحنرافات إىل الفعل اإلهلي يف اخلليقة األصلية .وابلتايل أدت
هذه الصعوابت يف النظرية إىل جمموعة متنوعة من االنتقادات اليت أدت يف النهاية إىل سقوط نظرية
الوجود املسبق يف شكلها األصلي ،على الرغم من أن النظرية كان هلا اتريخ الحق طويل من خالل
ُ
xxxiii
تعديل نظرية "اجلرثومة" .
شكل ما من أشكال نظرية الوجود املسبق للتوليد بني عامي 1670و 1740بعض تقدم هيمنة ٌ
ُ
التفسري لقلة اجلهود بني الفالسفة الطبيعيني لتطوير نظريت التحويلية ألصول األنواع يف نفس الفرتة.
وكان االستثناء امللحوظ هلذا ادعاء علم الكونيات األبيقوري حيث تشبه بعض جوانب قصيدة
لكريتيوس ُ ،Lucretiusوضعت من قِبل الفرنسي الفيلسوف بنوا دي ماييه Benôit De
)1738-1656( Mailletيف خمطوطته اخلاصة املتداولة ،Telliamedواليت كانت معروفة
يف الدوائر الفرنسية ملدة عشر سنوات قبل نشرها يف عام .1748يف هذا العمل قدم دي ماييه تكهنات
جريئة حول كيفية تطور الكائنات البحرية إىل أشكال برية مع مرور الوقت .ومع ذلك ،فإن الفرتة اليت
سبقت منتصف القرن الثامن عشر هيمنت عليها نظرية التوليد العضوي اليت حالت فعليًا دون التطور
الطبيعي لألنواع .ميكن النظر إىل تطور التحولية العلمية على أنه مرتبط ارتباطًا وثي ًقا بنظريت التوليد
اجلديدة ،وكذلك بتطوير املفاهيم "النشطة" بدالً من املفاهيم "السلبية" للمادة.
3.2املراجعات النيوتونية
كان إلدخال الفلسفة الطبيعية النيوتونية (نسبةَ إىل السري نيوتن وفلسفته) يف هذه املناقشة عواقب غامضة
اعتمادا على التفسريات املعطاة لفلسفة نيوتن الطبيعية .أسس نيوتن "املبادئ الرايضية للفلسفة الطبيعية
ً
"Philosophiæ Naturalis Principia Mathematicaلعام ،1687مع
يضا مفهوم
نقدا أساسيًا للديكارتية ،وقدم أ ً
اإلصدارات املنقحة الالحقة يف 1713و ،1726وكان ً
"الفعل عن بعد" يف التفسريات املادية .بتوسيع مفهوم "القوى النشطة" إىل املستوى اجلزئي يف "البصرايت
"Opticksلعام ( 1704ابإلجنليزية) ،مع تنقيحات مهمة يف طبعات ( 1706ابالتينية)،1717 ،
،1730 ،1721أدخل نيوتن يف املناقشات البيولوجية قضاي جديدة حيث لعبت دورها بطرق معقدة
يف العقود الالحقة.
لكن يف التفسري األكثر "ميكانيزمية" للنيوتونية ،احتفظ هذا ابلطابع اخلامل للمادة وأيد العديد من
السمات الرئيسية للميكانيكا احليوية الديكارتية ،ولكن مع إضافة القياس الكمي الريضي وبعض
استخدام القوة الصغرية اجلذابة واملثرية لالمشئزاز .xxxviيف هذا التقليد من التفسري ،جيد املرء التز ًاما
ابلتشكيل امليكانيزمي وحىت نظرية "الوجود املسبق" القوية .ميكن اتباع ذلك يف النظريت الطبية هلرمان
بورهاف ،Hermann Boerhaaveوأرشيبالد بيتكرين Archibald Pitcairne
ترتبط هذه التطورات يف جوانب عديدة بطريقة ما إبدخال مفاهيم أكثر ديناميكية للمادة ،واليت ظهرت
يف التفاعل بني النيوتونية والليبنيزية (نسبة إىل فلسفة ليبنيز وأتباعه) يف العقود األوىل من القرن الثامن
عشر ،وخاصة يف املناقشات الفرنسية .xliكما هو موضح يف القسم السابق ،فتحت هذه املناقشة مقدمة
نيوتن يف تساؤوالت يف البصرايت ملفهوم القوى الدقيقة النشطة اليت ميكن أن تفسر الظواهر الكيميائية
الدقيقة والكهرابئية .كما طور جوتفريد ليبنيز )1716-1646( Gottfried Leibnizالفلسفة
مؤثرا بواسطة
الطبيعية العظيمة األخرى يف القارة ،ومت تنظيمها وتوسيعها لتصبح برانجمًا فلسفيًا منهجيًا ً
تعقيدا للمادة اليت
كريستيان وولف ،)1754-1679( Christian Wolffووضع نظرية أكثر ً
وتوجيها
ً ميزت بني خصائص "املادة" الظاهراتية كما تصورها نيوتن ،وتلك اليت هلا "مادة" أكثر نشاطًا
غائيًا ،متأصلة يف القوة (يف املقابل) .يف الفيزيء ،ظهر هذا التطور يف القارة يف جدل "القوة احلية Vis
( Vivaالتيين)" ،والذي كان ً
مهتما يف البداية ابحلفاظ على القوة يف االصطدامات .مث امتد ليشمل
املزيد من القضاي امليتافيزيقية األساسية اليت كان هلا أتثري معقد على علوم احلياة.
يف علوم احلياة ،ظهرت هذه القضاي يف النقاشات حول دور القوى احليوية يف تفسري اخلصائص احلية،
حيث مت تطويرها بشكل خاص يف املناقشات الفرنسية يف التفاعالت املعقدة للفلسفات الطبيعية النيوتونية
والليبنيزية-الوولفية .ومن األمثلة املؤثرة على هذا التوليف إميلي دو شاتليه Émilie Du Châtelet
( )1749-1706يف "أساسيات الفزايء ( "Institutions De Physiqueالطبعة األوىل
،1740الطبعة الثانية .)1742هذه الرتكيبات اهلجينة النيوتونية-الليبنيزية ،اليت جتمع بني جوانب
قوى نيوتن "النشطة أو احليوية" مع نظرية املواند (اجلوهر الفرد) واملادة من الليبنيزية ،مت توسيعها الح ًقا
إىل مناقشات علم األجنة Embryologyمن قبل بيري دي موبرتويس Pierre De
،)1759-1698( Maupertuisكما سيتم تطويره يف القسم التايل ،بواسطة جورج لويس يل
كلريك ،Georges-Louis Leclercكونت دي بوفون –1707( Comte De Buffon
)1788يف أربعينيات القرن الثامن عشر.
يف هذه املناقشات ،نواجه أول تكهنات منهجية حديثة مبكرة تربط بني النظريت الطبيعية لتاريخ
األرض ،والتطور اجلنيين ،وتغريات األنواع العضوية استجابة للتغريات اخلارجية لظروف احلياة .تتطور هذه
الروابط مباشرة من انتقادات نظرية الوجود املسبق للجيل من قِبل موبرتيوس Maupertuisو بوفون
،Buffonاللذين قاما بطرق خمتلفة ولكن ذات صلة إبعادة صياغة علم األجنة الالجيين "امليكانيكي"
الذي سبق أن دعا إليه ديكارت واملنظرون الذريون .على غرار هذه النظريت املهملة (انظر أعاله،
القسم ،)2.2مت افرتاض وجود "بذور" مكافئة للذكور واإلانث ،واليت افرتض بعد ذلك أهنا تتحد يف
اجليل اجلنسي لتكوين اجلنني .ولقد استكملت اإلصدارات اجلديدة من القرن الثامن عشر حساابت
القرن السابع عشر بدور جديد للمفاهيم الديناميكية للمادة والقوى املنظمة املتأصلة .ففي حالة بوفون،
كانت هذه االدعاءات مدعومة مبالحظات جمهرية مثرية للجدل يفرتض أهنا دحضت االدعاءات
املعارضة اليت قدمها ويليام هاريف William Harveyقبل قرن من الزمان.
ميكننا بشكل مالئم أتريخ هذه التطورات من ختمينات بيري دي موبرتيوس Pierre De
،Maupertuisاملطروحة يف أطروحتني ،املعروفة ابسم "فينوس الفيزايئية Vénus
"Physiqueاليت نُشرت عام .1745للتعامل مع صعوبة شرح كيفية استخالص البذور الذرية من
الذكر واألنثى ميكن تشكيلها يف تعقيد اجلنني ،حيث اعتمد موبرتيوس على نوع من اجلذب النيوتوين
أيضا عناصر من نظرية املوندو الليبنيزية .يف صيغته األخرية لعام
املتأصل يف هذه البذور والذي تضمن ً
،1751توسع يف هذا األمر بدعوى أن اجلسيمات نفسها ُمنحت مبدأ داخليًا أدى هبا إىل ترتيب
نفسها لتشكيل أجزاء معينة من اجلنني .ديناميكية موبرتيوس "التخلق املتوايل "Epigenesistدمج
كل من امليكانيزمية واملادية الديناميكية.xlii
يوجد -على األقل -ثالث طرق أثبتت بواسطتها أن التغيري يف النظرية اجلنينية الذي وضعه موبرتيس،
والذي وضعه بوفون الح ًقا ،وثيق الصلة ابملسألة األوسع اخلاصة ابلتحول التارخيي لألنواع:
أوالا ،هذا التفسري اجلديد لألصل اجلنيين للكائن احلي يعين أنه منظم يف الواقع يف زمن اترخيي بدالً من
وجوده مسب ًقا ،ويتكشف ببساطة يف حلظة مناسبة.
اثنياا ،تضمنت نظرية وراثة املواد اليت أوضحت انتقال السمات اجلسدية من جيل إىل اجليل التايل من
خالل انتقال جسيمات املادة.
اثلثاا ،ال يتم ضمان احلفاظ على هوية األنواع إال من خالل النقل الدقيق هلذا املرياث املادي .إذا أتثر
هذا النقل بظروف خارجية أبي شكل من األشكال ،من املمكن حدوث تغيري اترخيي كبري يف نسل
السلف واألحفاد .هذه اخليارات ،اليت مت فتحها من خالل تكهنات موبرتيوس ،مت تطويرها الح ًقا ضمن
إطار مؤسسي بواسطة بوفون.
قادرا على ممارسة مثل هذا التأثري ابألساس املؤسسي امللموس الذي قدمته حديقة امللك،
كان بوفون ً
مع اجمللس االستشاري الكبري املصاحب للعينات اليت مت مجعها من مجيع أحناء العامل .حتت قيادته ،مت
إنشاء مركز ابرز لألحباث يف علم التشريح املقارن والكيمياء وعلم املعادن وعلم النبات والدراسة اجلغرافية
احليوية .xliiiمن خالل توفري إطار مؤسسي هلذه االستفسارات ،ميكن أن ختضع التخمينات
واالنعكاسات النظرية ملؤرخي الطبيعة يف القرن الثامن عشر لنقد منظم ،وفحص متخصص يف سياق
إطارا
غري موجود يف مكان آخر يف العلوم الطبيعية التارخيية لتلك الفرتة .قدمت رؤية بوفون النظرية ً
ملموسا متكن أولئك املرتبطون مباشرة بـالـ Jardinمن تطوير أتمالت إضافية حول قضاي مثل طبيعة
ً
ومدة األنواع ،وأمهية الدراسات التشرُيية املقارنة ،والعالقات التارخيية لألشكال ،ومعىن األحافري،
والعالقات املنهجية للكائنات احلية مع بعضها البعض .كان ُمعاصر بوفون ،كارولوس لينيوس
لعب بوفون دورً ا أساسيًا في تحويل Jardin du Roiحديقة الملك إلى مركز أبحاث ومتحف رئيسي .كما قام بتوسيعها ،وترتيب شراء قطع األرض المجاورة والحصول على عينات نباتية وحيوانية جديدة من جميع أنحاء العالم.
أدى هذا الظهور املتزامن هلاتني الشخصيتني الرئيسيتني يف علوم "التاريخ الطبيعي" لعصر التنوير األوسط
إىل تنافس كبري بني تقاليد البحث اليت من شأهنا أن تلعب على عدة جبهات .عند بوفون ،كان لدى
املرء منوذج ملنظر الطبيعة الكبري والبليغ الذي طور موضوعات رئيسية يف فلسفة التنوير الطبيعية ،وطبقها
على املوضوعات البيولوجية .بينما عند لينيوس ،كان للمرء ِ
منظ ًما متدينًا للعامل الطبيعي يف عصره ،والذي
شكل جملد "نظام الطبيعة "System Of Natureالضخم (الطبعة األوىل ،)1735إىل َّ
جانب العديد من األعمال األخرى ،أساس التصنيف البيولوجي احلديث .مهدت مناهجهم املختلفة
املسرح لصراع نظري كبري بني التقاليد يف العلوم التارخيية الطبيعية اليت مت جتميعها يف هناية املطاف يف
القرن التاسع عشر.xliv
إن تطوير بوفون للتحقيق النظري الواسع يف العلوم الطبيعية يف إطار هيكل مؤسسي ترعاه الدولة يستدعي
االهتمام اخلاص الذي يُعطى هنا ملسامهته يف اتريخ النظرية التطورية .ومشلت هذه:
( )6و ً
أخريا ،نُشر جتميعه اخلتامي لتاريخ األرض واحلياة يف احلساب الطبيعي الكبري ابعتباره كتابه الضخم
"عهود الطبيعة ) "Les Époques De La Natureمن 1778إىل ،1779والذي قدم
منوذجا لتوليفات مماثلة من القرن التاسع عشر .من خالل هذا املزيج من عدة سطور من البحث السابق،
ً
طرح بوفون سلسلة من األسئلة النظرية اليت مت استكشافها من قِبل ُخلفاء مهمني مرتبطني مبتحف ابريس
يف القرن التاسع عشر ويف التاريخ الطبيعي بشكل عام.
وقد وضعت هذه األفكار يف العمل الرئيسي بوفون ،و يف التاريخ الطبيعيHistoire ،
Naturelle, Générale Et Particulière, Avec La Description Du
.Cabinet Du Roiيف هذه املناقشات تعامل بوفون مع قضاي يف نظرية املعرفة التأسيسية
ومنهجية العلوم الطبيعية والتارخيية ،كذلك مع العموميات وخصوصيات الكائنات العضوية .كان القصد
مسحا جملموعة كاملة من احليواانت والنبااتت واملعادن .يف حتقيقه الفعلي،
من العمل يف األصل أن يكون ً
جملدا بني عامي 1749و1767
كان أكثر حمدودية .ظهرت السلسلة األوىل املكونة من أربعة عشر ً
وتناولت نشأة النظام الشمسي واألرض ،وتوليد احليواانت ،واختالف األنواع البشرية ،والتاريخ الطبيعي
لذوات األربع ،والقردة األولية .وقد متت كتابة اجمللدات لذوات األربع الرئيسية من السلسلة األوىل ،اليت
بدأت يف عام ،1753ابلتعاون مع عاملة التشريح املقارن ماري لويس دوبنتون Marie-Louis
.)1800-1716( Daubentonوقدمت سلسلة من سبع جملدات من اإلضافات (-1774
)1789أتمالت وإضافات هلذه املقاالت ،وتوسعت يف وجهات نظره حول اتريخ األرض ،وذوات
األربع ،واألنثروبولوجيا .كما حتدثت عن جتارب على قوة اخلشب ،وتربيد املعادن اليت طبقها لتحديد
عمر األرض .يف اجمللد اخلامس التكميلي ( ،)1778قدم بوفون جتميعه الكبري لعلم الكونيات ،واتريخ
األرض ،واتريخ احلياة .Les Époques De La Nature ،كما تناولت اخلمسة اجمللدات
اإلضافية ( )1888-1783قضاي املعادن ،والكيمياء ،والنار ،والقوى الرئيسية للطبيعة ،وخاصة
الكهرابء واملغناطيسية.
( .)1804لقد أصبح "عصر بوفون" حقبة حمددة يف التاريخ الطبيعي ،وأنشأ حديقة امللك وخليفتها
الثوري ،املتحف الوطين للتاريخ الطبيعي ،Muséum National D’histoire Naturelle
ابعتباره املركز املؤسسي األول للبحث التارخيي الطبيعي خالل القرن التاسع عشر.xlviii
سردا
يف حديثه عن اتريخ األرض ،خالف بوفون تقليد ديكارت "الواقعي املضاد" .حيث قدم مكانه ً
وح ْرفيًا علميًا ألصول األرض وأشكال حياهتا .كما أن أسلوب بوفون اجلديد يف االستقصاء
دنيوي َ
ً
أيضا عن ارتباطه الطويل ابلالهوت الطبيعي املصمم بعناية ،والذي طوره مؤرخو
التارخيي الطبيعي فصله ً
الطبيعة الربيطانيون بعد جون راي .)1705-1627( John Rayكانت هذه ميزة أخرى ُمتيز
أسلوبه يف التاريخ الطبيعي عن أسلوب لينيوس .إذا مل يكن وحده املسؤول عن "كسر حدود الوقت"،
فقد كان مع ذلك أحد الشخصيات الرئيسية يف "ثورة الزمن" يف القرن الثامن عشر األخري .xlixعلى
الرغم من أن كل هذه النقاط قُدمت قبل كتاب العهود 1779-1778يف شكل جمزأ ،ويف كثري من
األحيان بدون تطور ٍ
مرض من وجهة نظر فلسفية عامة ،فإن عرضها يف أعمال بوفون ذات التأثري الواسع
أثر بعمق على التقليد الالحق للتاريخ الطبيعي.
الصحيح للتطور اجلنيين .من منظور اترخيي أطول ،عملت نظرية بوفون عن القالب الداخلي بطريقة
مشاهبة ملفهوم أرسطو عن شكل جوهري ،ومن احملتمل أهنا أتثرت مبناقشات أرسطو يف De
( Generatione Animaliumانظر أعاله ،القسم .)1.1يعمل هذا "القالب" كمبدأ جوهري
للتنظيم الذي يعمل يف الشركة مع املادة هليكل الكائن احلي املوحد عن طريق التطور التدرجيي .يضمن
أيضا إدامة اإلعجاب ابملِثل مبرور الوقت .على عكس الشكل اجلوهري ألرسطو ،فإن القالب الداخلي ً
قالب بوفون الداخلي ليس له هنائية داخلية يف عمله .كما أنه ليس مبدأ احليوية.
هلذا السبب ،طُلب من بوفون من الناحية املفاهيمية إسناد بعض الصالحيات اجلديدة للمسألة حلساب
اإلجراءات احليوية .يف متابعة هذا اخليار ،كسر مع امليكانيزمية العاملية وافرتاض سلبية املادة اليت كانت
أيضا أوجه
جوهري للفلسفة امليكانيكية وبعض تفسريات نيوتن (انظر أعاله ،القسم .)3.2هناك ً
ً مكوان
ً
تشابه مهمة بني "احليوية" اجلديدة اخلاصة به ،وبني تلك املوجودة يف مناقشات ليبنيز مثل تلك اليت مت
شرحها يف Institutions De Physiqueإميلي دو شاتليه يف عام .l1740إلعطاء تفسري
معقول للتكوين اجلنيين ،جيب ،ابلتايل ،أن تُنسب اخلصائص احليوية إىل نوع معني من املادة يقتصر على
الكائنات احلية ،وهي اجلزيئات العضوية ،Organic Moleculesاليت هلا خصائصها الديناميكية
واحملددة املتأصلة.
تلقائيًا ،وحصلت على خصوصية عملها من قوى اجلذب التفاضلية بني أشكال خمتلفة من اجلسيمات
العضوية.lii
أشكاال عديدة مت اختذها يف تفسري رفض بوفون األويل للتحولية يف عام ،1753وتطوره الالحق
ً
لوجهات النظر التطورية األولية مع تقدم التاريخ الطبيعي .livاحلجة يف هذه املقالة هي أن ً
كال من رفض
تطورا متماس ًكا ومتس ًقا
بوفون األويل للتحولية ،وتطوره الالحق حنو قبول تغيري األنواع التارخيية ،يعكس ً
ملفهومه عن "احلقيقة املادية" (انظر أعاله ،القسم .)1.3ابالعتماد على أتكيده على التكرار املتسلسل
كأساس للحقيقة الفيزيئية ،يتم احلفاظ على األنواع يف الوقت املناسب وإعطاء واقعها األنطولوجي من
خالل تكرار مرور القالب الداخلي الذي يشكل اجلزيئات العضوية إىل كائن حي جديد يف الوقت
املناسب.
هذا التحليل ضمنيًا لبوفون إعادة تعريف مهمة ملفهوم األنواع العضوية ،إعادة تعريف أثرت على تقليد
التاريخ الطبيعي ،وعلم األحياء منذ مخسينيات القرن الثامن عشر .رفض بوفون صراحة املعىن املقبول
منذ زمن طويل لـ "األنواع" كمعىن كلي -أو ،بلغة حديثة ،مفهوم طبقي ،يتكون من جمموعة من األفراد
على أساس امتالك خصائص تعريف صرُية .كان هذا هو املعىن الضمين يف تصنيف ليين Linnaean
يف عصره .انتقد هذا املفهوم بوفون على أنه معىن "جمرد" لألنواع .على النقيض من ذلك ،عرف بوفون
حصري على أنه اخلالفة التارخيية لألسالف واألحفاد املرتبطني ابالتصال
ً نوعا ما يف التاريخ الطبيعي
ً
املادي عرب اجليل .مثل هذا النوع
...ليس العدد وال جمموعة األفراد املتشاهبني الذين يشكلون النوع؛ إن اخلالفة املستمرة
والتجديد املستمر هلؤالء األفراد هو الذي يشكلها.lv
العالمة التجريبية هلذه الوحدة األساسية لألنواع مبرور الوقت هي قدرة أعضائها على التزاوج وإنتاج ذرية
خصبة ،وهو معيار له األسبقية على أوجه التشابه يف علم التشريح أو عادات احلياة .جيب أن يكون
نسال خصبًا ،مهما كان تشاهبهما احلصان واحلمار نوعني خمتلفني ألهنما ال يستطيعان التزاوج وينتج ً
التشرُيي .من انحية أخرى ،جيب أن تشكل الكالب ،على الرغم من االختالفات املورفولوجية الكبرية
احدا بسبب قابليتها للتفاعل.
نوعا و ً
بني السالالتً ،
يف حتديد هذا املعىن اجلديد لـ "األنواع" يف التاريخ الطبيعي ،ومتييزه عن املعىن البديل لألنواع كعموم
منطقي ،كان بوفون يفعل أكثر من متييز "الفئة" من "التصنيف" حيث أصبحت هذه املصطلحات يفهم
يف فلسفة علم األحياء املعاصرة .مبعىن هام ،قدم بوفون معارضة بني هذين املعنيني لكلمة "األنواع"
املوجودة يف التقليد الذي يعود إىل أرسطو (انظر أعاله ،القسم ،)1.1ماحنًا "الواقع" يف علم األحياء
فقط لألنواع اليت مت تصورها على أهنا تعاقب مادي ألفراد يتشاركون يف انتشر القالب الداخلي نفسه يف
الوقت املناسب .على النقيض من ذلك ،اعترب بوفون فهم األنواع مبعىن مفهوم الطبقة العاملية "جمردة"
و"مصطنعة".
هذه املعارضة الصرُية ملعنيني من "األنواع" اليت قدمها بوفون ،واملفاهيم املتناقضة املرتبطة ساب ًقا بعالقة
معقدة بني الفكر والعامل داخل املناقشات األرسطية واملدرسية ،قد اعتربها بعض املعلقني مبثابة إشارة إىل
إدخال ارتباك أساسي حول مفهوم األنواع يف املناقشات الالحقة يف األدبيات البيولوجية .هذا على
األقل أحد األسباب الكامنة وراء ما يسمى "مشكلة األنواع" .يف التوسع التارخيي ،تستمر هذه القضاي
يف توليد اخلالفات املعاصرة اليت تعارض مفاهيم "األنواع كمجموعات" على مفاهيم "األنواع كأفراد
مكاين-زماين".lvi
عادت املواجهة مع جمموعة كبرية من البياانت اجلديدة من املستعمرات والرحالت االستكشافية إىل
ابريس أثناء كتابة التاريخ الطبيعي ،أًثر إعجاب بوفون ابلدرجة اليت يبدو أن األنواع تتأثر ابلظروف
اخلارجية ،مثل أنه من مصدر واحد ميكن أن تنشأ العديد من "احنطاطات" يف بعض اجملموعات .شكل
هذا األساس املفاهيمي ملفهومه عن العرق على أنه متميز عن تـنـوع لنني .كان "العرق" ابملعىن البوفوين
مبثابة احنطاط اترخيي من سلف مشرتك ،اليت حافظت على االرتباط املادي والتارخيي بنموذج املصدر
املشرتك هذا .لكن هذا النسب ميكن أن خيضع لتمايز وراثي كبري وشبه دائم يف سالالت خمتلفة ،مع
تفسري سبب هذه االحنطاطات من خالل تغيريات طفيفة يف اجلزيئات العضوية اليت تنتجها الظروف
البيئية املتغرية مع هجرة نوع مادي إىل بيئات جديدة .أثرت هذه التغيريات الطفيفة بدورها على "القالب
الداخلي" .مت تطويره أبكرب قدر من التفصيل يف مقالته الطويلة" ،حول احنطاط احليواانت" يف اجمللد
الرابع عشر ( )1766من التاريخ الطبيعي ،امتدت نظرية بوفون حول احنطاط األنواع إىل حد السماح
بتجميع ذوات األربع لكل من القدمي ،وعوامل جديدة يف عدد حمدود من الرئيسيات "الفصائل"
و"األنواع" ،أنه من نقاط املنشأ يف نصف الكرة األوروبية الشمالية ،حتولت أو احنطت مبرور الوقت
جرى تعريف معنى االنحطاط تعريفًا ضعيفًا ،ولكن يمكن وصفه بأنه تغيّر الكائن الحي من شكل أكثر تعقيدًا إلى شكل أبسط وأقل تمايزً ا ،ويرتبط بمفاهيم االنحدار البيولوجي للقرن التاسع عشر.
استجابةً للهجرة إىل مناطق جديدة .من خالل تضمني البشر يف هذا السيناريو الطبيعي يف كتاابته
الالحقة ،وافرتاض أن السالالت البشرية قد خضعت لتغريات تنكسية مماثلة عندما هاجروا من نقطة
دورا رئيسيًا يف تطوير نظرية التنوير العرقية.lvii
أصلهم املفرتضة للبشر يف القوقاز ،لعبت نظرية بوفون ً
اختذ بوفون بعد ذلك بعض اخلطوات حنو اجلمع بني أطروحة االحنطاط التارخيي لألنواع ،ونظريته يف علم
الكونيات التارخيي يف ،Les Époques De La Natureالذي نُشر ألول مرة كملحق للتاريخ
الطبيعي يف عام .1778يف هذه األطروحة أعاد صياغة كِتابه التكهنات السابقة حول "نظرية األرض"،
اليت انطلقت ألول مرة يف عام ،1749مضيفةً إىل ذلك التسلسل الزمين التارخيي لعمر األرض الذي
مت حتديده جتريبياً يف سبعينيات القرن الثامن عشر من خالل دراسات كمية على جماالت تربيد املعدن.
يف هذا التوليف اخليايل ،وابالعتماد على قراءة جمازية لسفر التكوين التورايت اإلصحاح األول ،مجع بوفون
اتريخ األرض مع تسلسل اترخيي لظهور األشكال احلية .lviiiوبذلك وسع النطاق الزمين لتاريخ األرض
إىل حد كبري إىل ما هو أبعد من التسلسل الزمين "املوسوي" املقبول الذي يقل عن 10000سنة من
بداية العامل حىت الوقت احلاضر ،إىل ما يقرب من 75000سنة يف النسخة املنشورة ،وأكثر من مليوين
سنة يف مسودة املخطوطة .يف هذه األطروحة ،قدم بوفون حالً طبيعيًا للمعضلتني الديكارتيتني املوروثتني.
أوالا ،مت تقدمي خمططه كحساب واقعي .اختفت اللغة الديكارتية للواقعية املضادة .اثنياا ،دمج اتريخ
األشكال احلية يف هذا التاريخ الشامل للعامل .ابإلضافة إىل تطبيع نظريته عن القوالب الداخلية واجلزيئات
العضوية ،فقد نشأ كالمها اآلن من خالل القوانني الطبيعية من اجلذب الطبيعي ألشكال خمتلفة من
املادة ،ومن التغريات يف املادة ،حيث تربد األرض من أصلها من املادة اليت أطلقتها الشمس .فقد نشأت
احليواانت أوالً عن طريق التكتل التلقائي هلذه اجلزيئات العضوية على األرض الباردة.lix
غري فردوسية يف خطوط العرض الشمالية ألوراسيا ،Eurasiaحماطة ابحليواانت الشرسة والزالزل
والفيضاانت ،ويف حالة اجتماعية بدائية تتطلب التعاون من أجل البقاء .إن استخدام بوفون الليربايل
لشكل من أشكال التوليد التلقائي الذي مسح أبصل حىت جمموعات احليواانت الرئيسية من تكتل
معا مع تربيد األرض ،جعل االشتقاق الفعلي لألشكال من األشكال السابقة غري
اجلزيئات العضوية ً
استخداما أكثر
ً ضروري .من نو ٍاح عديدة ،تطلب تطوير نظريت التحول احلقيقية من قبل خلفاء بوفون
تقييدا إلمكانية التوليد التلقائي.
ً
مع ذلك ،أظهرت األحباث التارخيية ،أن كتاب العهود كان هلا اتريخ مؤثر عند انطقي األملانية .lxiiمتت
مهما يف تطوير
دورا ً
ترمجة األطروحة بسرعة ( )1781إىل األملانية يف سانت بطرسربغ ،ويبدو أهنا لعبت ً
التارخيية األملانية .lxiiiفعلى الرغم من أن الروابط يف حاجة إىل مزيد من البحث العلمي ،فإن أتثري كتاب
العهود بوفون على التحول التارخيي الذي رمسه بعد بضع سنوات يوهان جوتفريد هريدر Johann
)1803-1744( Gottfried Herderيف اجمللد األول من كتابه الرائع "أفكار حول فلسفة
هي كتلة أرضية مكونة من قارتي أوروبا وآسيا .تشكلت قبل حوالي 350مليون سنة بعد اندماج القارات.
مع ذلك ،احنرف هريدر بشكل ملحوظ عن بوفون يف تطوير نظريته التارخيية اخلاصة عن الكون وتطور
احلياة ،ويف النهاية يف الثقافة البشرية ،على إطار من التقدم الغائي القائم على نظرية "حيوية" للمادة.
ابلنسبة إىل هريدر ،ليس الكائن احلي الفردي فحسب ،بل الطبيعة ككل تتطور حتت أتثري قوة عضوية
داخلية تقودها إىل تطوير مراحل أعلى وأعلى من احلياة ،مما يؤدي يف النهاية إىل التطور النهائي للبشرية
يف التاريخ.
جديدا من التخصص يف البحث ضمن ما كان يُنظر نوعا ًكما خلقت إعادة التنظيم الثوري للحديقة ً
إليه ساب ًقا على أنه "اتريخ طبيعي" .أُنشئت إعادة التنظيم عام 1793داخل املتحف اثين عشر كرسيًا
منفصالً يف وضع متسا ٍو ،واليت منحت أفر ًادا حمددي السيطرة على أجزاء من اجملموعات والعمل البحثي
الذي مت إجراؤه داخل هذه األقسام ،وبذلك أسست تقسيمات صارمة جديدة يف التاريخ الطبيعي.
ُو ِض َعت "الثدييات والطيور" حتت قيادة إتيان جوفروي سانت هيلري Etienne Geoffroy
.)1844-1772( Saint-Hilaireمت وضع قسم "الزواحف واألمساك" لبوفون البديل برانرد دي
السيبيدي .)1825-1756( Bernard De Lacépèdeأعطيت "تشريح اإلنسان" ألنطوان
بوراتل .)1832-1742( Antoine Portalأدى إنشاء كرسي جديد لعلم التشريح املقارن ،مع
وجود متحف منفصل مرافق مت إنشاؤه يف عام ،1802إىل توفري املنصب لعامل احليوان األلزاسي الشاب
جورج كوفييه .Georges Cuvierمت وضع اجملموعة الكبرية من األشكال ،اليت كانت تُعرف ساب ًقا
ابسم "الديدان" فقط ،حتت سيطرة جان اببتيست بيري أنطوان دي مونيه Jean Baptiste Pierre
،Antoine De Monetشوفالييه دي المارك -1744( Chevalier De Lamarck
- )1829زميل بوفون السابق .مت إنشاء كراسي أخرى يف علم النبات وعلم احلفريت وعلم وظائف
األعضاء املقارن واألنثروبولوجيا ،أو سيتم تطويرها يف القرن التاسع عشر .كل هذه اهلياكل املؤسسية
اجلديدة قسمت "التاريخ الطبيعي" التقليدي ،وسهلت التحقيقات املهنية يف جماالت حمددة من علوم
احلياة اليت تتعلق بطبيعة األنواع ،وتفسريات النظم التصنيفية ،والتاريخ واجلغرافيا احليوية لألرض.lxviii
يف هذا السياق ،ومن خالل موقعه كأول حامل لرائسة قسم "الديدان ،"Versطور جان اببتيست
دي المارك Jean Baptiste De Lamarckخالل فرتة واليته أول نظرية متماسكة لتغيري
األنواع عرب الزمن التارخيي ،واليت عُرفت يف النهاية ابملصطلح اجلديد – التحويلية أو التطفرية
.Transformismeيثبت المارك يف كثري من النواحي االدعاء أبنه أول مفكر تطوري حقيقي
يقع داخل مؤسسة علمية حمرتفة.
ظهرت نظرية المارك عن حتولية األنواع تدرجييًا يف حماضراته السنوية يف متحف "حيواانت بال فقرات"
واليت بدأت عام .1794وبصفته الشاغل اجلديد للكرسي املخصص هلذه اجملموعة الواسعة من
األشكال ،قام المارك يف عام 1794إبعادة تنظيم ضخمة جملموعات املتحف من هذه احليواانت.
ولتحقيق ذلك ،قام بتكييف طريقة ترتيب جمموعات النبااتت اليت طورها يف عمله السابق يف علم النبات
الفرنسي 1778من أجل تنظيمهم التصنيفي ،واليت مت إنشاؤها خالل سنوات تكوينه عندما كان يعمل
يف احلديقة امللكية كعامل نبات .يف هذا العمل النبايت املبكر كان قد أمر اجملموعات ابلتسلسل من األكثر
تعقيدا إىل األكثر بساطة .مث تبىن المارك طريقة مماثلة لرتتيبه األويل جملموعات احليواانت الالفقارية.
ً
مث زوده هذا الشكل اخلطي إلعادة ترتيب تصنيف الالفقاريت بقاعدة جتريبية مت من خالهلا تطوير نظريته
التحويلية .lxixمت شرحه من خالل حماضراته السنوية يف املتحف ،ومتكن المارك من تطوير هذه احلجج
ضد جمموعة واسعة من جمموعات احليواانت الالفقارية يف املتحف.
مت تقدمي هذه االستنتاجات اجلديدة ألول مرة يف حماضرات املتحف عام ،1800مث مت تطويرها مبزيد
من التفصيل يف طباعة كتابه "البحث يف تنظيم اهليئات املنظمة Recherches Sur
،)1802( "L'organisation Des Corps Organisésمع العرض الكامل يف
أيضا بشكل ملموس يف ترتيب العينات يف معرض علم
فلسفة علم احليوان .مت عرض استنتاجاته النظرية ً
احليوان الرئيسي ابملتحف الذي كان لديه سيطرة أساسية عليه .مت بعد ذلك التعبري عن بعض التفاصيل
املهمة األخرى ألفكاره يف العديد من مقاالته للطبعة الثانية من كتاب جوزيف فريي Joseph Virey
"القاموس اجلديد للتاريخ الطبيعي Nouveau Dictionnaire D’histoire
،lxx"Naturelleويف اخلطاب التمهيدي الطويل لعمله الرئيسي يف مراجعة تصنيفية لالفقاريت،
"التاريخ الطبيعي للحيواانت الالفقارية Histoire naturelle des animaux sans
.)1822-1815( "vertèbresشكلت االدعاءات التالية جوهر نظريته الناضجة:
.1أصل الكائنات احلية هو يف البداية من خالل التكاثر التلقائي .ومع ذلك ،يقتصر هذا العمل على
أصول أبسط أشكال احلياة من الناحية اهليكلية والبسيطة -النقاعيات .مت تطوير مجيع األشكال الالحقة
ابلضرورة بطريقة ما مبرور الوقت من البداية االبتدائية يف هذه األشكال اجملهرية البسيطة.
.2إن الفاعلية السببية وراء هذا "الصعود" ،بدالً من "االحنطاط" ،اتريخ احلياة عرب الزمن يتم توفريها من
خالل نشاط الوكاالت املادية الديناميكية -السعرات احلرارية والسوائل الكهرابئية .تنتج هذه الوكاالت
أيضا الزخم الذي تؤدي به هذه األشكال إىل ظهور أشكال املادية التوليد التلقائي للنقاعيات وتوفر ً
أعلى من التعقيد ،واالنتقال إىل الشعوعيات ،Radiariansوهكذا دواليك .ابالنتقال إىل ما وراء
عموما " حيوية " من التمييز بني املادة "اخلاملة" و "احلية" ملُعلمه بوفون ،ميكن اعتبار نظريت المارك ً
حيث أهنا تنسب ديناميكية حقيقية إىل املادة احلية ،ومتنحها القدرة على إنشاء أشكال وهياكل جديدة
من خالل سلطاهتا الكامنة .ومع ذلك ،فإن جاذبية المارك للدور السبب للسوائل األثيريية النيوتونية،
قد أسست نظريته على مفهوم املادة الفعالة بدالً من القوى احليوية اخلاصة فائقة اإلضافة ،ويف هذا
الصدد ميكن تسميتها نظرية "املادية احليوية".
.3احملور الرئيسي للتحول الالماركي هو سلسلة خطية تتحقق يف الوقت املناسب .ينتقل هذا من األشكال
تعقيدا .ينتج عن هذا حمور من أربعة عشر جمموعة أولية
األبسط على نطاق التنظيم إىل األشكال األكثر ً
رئيسية تنتهي إىل الثدييات .يوازي هذا الرتتيب اخلطي "الطبيعي" لتصنيف اجملموعات اليت طورها يف
نظامه التصنيفي .يتم حتديد املوضع يف السلسلة يف املقام األول من حيث التكوين اهليكلي والوظيفي
للجهاز العصب.
.4السمة األكثر شهرة للالماركية يف التقليد الالحق -نظرية التحولية من خالل وراثة الصفات املكتسبة-
تعمل كعملية ًثنوية ومتنوعة يتم من خالهلا تكييف جمموعات احليواانت الرئيسية مع الظروف احمللية.
ومع ذلك ،فإن هذا التكيف ليس هو السبب الرئيسي للتحول من جمموعة إىل أخرى .وابلتايل ،على
عكس نظرية داروين الالحقة ،فإن التطور األساسي للحياة ال يتم من خالل التكيف احمللي.
.5ومع ذلك ،قد حتدث التحوالت الرئيسية بني اجملموعات األقل من خالل عمل استخدام اهلياكل وإمهاهلا.
على سبيل املثال ،يُفرتض أن حتول الرئيسيات إىل بشر قد حدث عن طريق هذه العملية التكيفية.
تُشكل تنقيحات النقطة الثالثة أهم تغيري يف هذه النقاط اخلمس بعد عام ،1809على الرغم من أن
ارتباط هذه التغيريات بنظرية المارك األصلية للتحولية ال يزال غري واضح .يف كل من الرسم التخطيطي
املوفر كملحق للجزء األول من فلسفة علم احليوان ويف اخلطاب التمهيدي للتاريخ الطبيعي للحيواانت
استجااب على األرجح النتقادات زميله األصغر
ً الالفقارية ،قدم المارك صورة متفرعة لتطور اجملموعة.
جورج كوفييه اليت كانت موجهة إىل مفهوم العالقات اخلطية للمجموعات (انظر أدانه) ،اعرتف المارك
تعقيدا لعالقات اجملموعة ،مع إظهار البعض سالالت مستقلة وحىت نقاط خمتلفة من
بنمط متفرع أكثر ً
األ صل .ومع ذلك ،مل يتم تطوير هذه القضية يف أي صياغة نظرية من قبل المارك نفسه ،ومل يكن هلا
أتثري كبري على الفهم التارخيي لالماركية .ومع ذلك ،كان لبعض هذه العناصر يف نظرية المارك الالحقة
بعض التأثري على القراءات الربيطانية.lxxi
داخل حدود املتحف ،مت إجراء تطورات موازية ،إن مل تكن مستمرة على الفور ،للقضاي ذات الصلة
اليت تؤثر على حتولية األنواع من قبل زميل المارك األصغر ،وحامل كرسي الثدييات والطيور ،عامل التشريح
املقارن إيتيان جيفروي سانت هيلري .)1844-1772( Etienne Geoffroy St. Hilaire
اهتماما بقضية حتولية األنواع من أتثري التشريح املقارن لعالقات األشكال ،استكشف جيفروي ً أقل
سانت هيلري "وحدة النوع" التشرُيية -التشابه امللحوظ للبنية التشرُيية بني الكائنات اليت كشف عنها
التشريح املقارن .اتبع جيفروي سانت هيلري هذه القضية يف حماضراته يف املتحف ويف العديد من األوراق،
حيث شرع يف العمل على اآلًثر املرتتبة على التشابه التشرُيي الداخلي للفقاريت .بناءً على مبدأين
رئيسيني" ،مبدأ االتصال" و"قانون التوازن" ،لفت جيفروي سانت هيلري االنتباه إىل اآلًثر املرتتبة على
علم التشريح املقارن لوحدة مملكة احليوان .يف منتصف عشرينيات القرن التاسع عشر ،طور جيفروي
سانت هيلري موق ًفا اترخييًا أكثر فيما يتعلق بعالقة وحدة النوع بقضاي السجل األحفوري وتطور احلياة.
حبلول عام ،1823وسع جيفروي سانت هيلري نظريته عن "وحدة النوع" إىل االدعاء أبنه حىت
الالفقاريت تشارك يف خطة مشرتكة مع الفقاريت ،وحبلول عام 1825كان قد اعتنق نسخة حمدودة
من التحولية .أدى ذلك إىل معارضة مباشرة ملزاعم صديقه وزميله جورج كوفييه ،الذي شغل منصب
رئيس قسم التشريح املقارن .قادت أحباث كوفييه يف علم التشريح املقارن وعلم األحافري إىل استنتاج أن
احليواانت تشكلت على سلسلة من أربع خطط جسدية متميزة ومستقلة (الفروع) واليت قد تظهر بعض
الوحدة من النوع داخل الفروع ،ولكن ليس بني هذه اخلطط .كانت هذه الدعامة األساسية ملعارضة
كوفييه للتحولية ،وكانت مبثابة مصدر قوي ملعارضة التحولية إىل العصر الدارويين.
تكمن هذه النزاعات حول "وحدة النوع" يف أساس "اجلدل الكبري" الذي اندلع يف علم احلياة الفرنسي
يف أواخر عشرينيات القرن التاسع عشر بني جيفروي سانت هيلري ،وكوفييه ،وتالميذمها .lxxiiيشكل
أيضا إحدى املواجهات التارخيية بني املفاهيم املختلفة للبيولوجيا اليت أثرت على العديد من
هذا النقاش ً
جوانب علوم احلياة يف القرن التاسع عشر .لقد رسم خطوط التقسيم داخل علم األحياء الفرنسي ،وحىت
الربيطاين ،حول عالقة الكائنات احلية ابلتاريخ ،ومشل بشكل مباشر إمكانية تغيري األنواع .ساعد هذا
أيضا يف تركيز القضاي يف علم احلياة الفرنسي بطريقة أثرت بشكل كبري على االستقبال الفرنسي
النقاش ً
السلب الالحق لعمل داروين .كان هذا النقاش يف هناية املطاف يشمل قضاي علم احلفريت ،وعلم
التشريح املقارن ،وحتولية األنواع ،وعالقة الشكل ابلوظيفة.
عموما ،إىل
أدت حجج كوفييه ،اليت عززهتا السلطة اليت ُيملها يف علم التشريح الفرنسي املقارن والعلوم ً
هيمنة مناصبه يف أكادميية ابريس للعلوم .Académie Des Sciencesومع ذلك ،ظل تقليد
قوي داخل املتحف .استمر يف ذلك من قِبل أفراد مثل أنطوان إتيان سرييس
تيارا ً
جيفروي سانت هيلري ً
،)1868-1786( Antoine Etienne Serresالذين مت تقديس حججهم للتسلسل التارخيي
لألشكال ،املدعومة ابألدلة اجلنينية ،يف الدوائر املورفولوجية مثل قانون ميكل-سرييس لالستعادة.lxxiii
خارج العلوم األكادميية الفرنسية الرمسية ،حظيت نظريت جيفروي سانت هيلري بقبول واسع ألولئك
خبريا
الذين رأوا أمهية علم األجنة التنموي لقضاي العالقة اجلماعية ،وهي قضية جتاهلها كوفييه ،بصفته ً
معتدال يف التكوين .االهتمام احلايل ابلعالقة بني التطور وعلم األحياء النمائي التطوري -الذي يُطلق
ً
عليه عاد ًة " Evo–Devoوهي -"Evolutionary Developmental Biologyحفز
جديدا آبراء جيفروي سانت هيلري.
اهتماما ً
ً
شكل سيرس النظرية الجينية بين عامي 1824و ،1826بناء على أعمال ميكل فيما أصبح يُعرف باسم "قانون ميكل-سيرس" .كانت هذه محاولة للربط بين علم األجنة المقارن وبين "نمط التوحيد" في العالم العضوي .دعم الفرضية
ايتيان جيفروي سانت هيالر ،وأصبحت الفرضية جز ًءا ها ًما من أفكاره .افترضت الفرضية أن التحوالت الماضية في الحياة قد تكون بسبب أسباب بيئية عاملة على الجنينً ،
بدال من عملها على البالغين كما في الالماركية..
لقد لعب عامل التشريح املقارن يف إدنربة ،روبرت إدموند جرانت Robert Edmond Grant
مهما يف إدخال املناقشات الفرنسية إىل اجلزر الربيطانية .كما عمل كأول
دورا ً
(ً ،)1874-1793
شااب يف كلية الطب جبامعة إدنربة (-1825معلم لتشارلز داروين يف العلوم عندما كان داروين طالبًا ً
.)1827وقد عمل جرانت مباشرة مع القضاي اليت جتري مناقشتها يف الوقت بني جيفروي سانت
هيلري ،وكوفييه ،والمارك ،وقد دافع عن نوع خمتلف من حتولية الماركي-جوفروي يف كتاابته ،وهي
موضوعات مت شرحها يف حماضراته حول التشريح املقارن يف الكلية اجلامعية اجلديدة لندن حيث أصبح
أول أستاذ يف علم التشريح املقارن يف عام .1827
.1815كما ميز هذا النوع من العالقة التارخيية عن تلك اليت دعا إليها بعض املتحولني البدائيني األملان
الذين طوروا أفكارهم على مناذج خطية.
شيوعا ،انتشرت حتولية األنواع على نطاق واسع يف املناقشات الناطقة ابإلجنليزية قبل
على مستوى أكثر ً
الداروينية من خالل الظهور يف عام 1844لعلم الكونيات التطوري الكبري الذي طرحه بشكل جمهول
الناشر االسكتلندي روبرت تشامربز )1871-1802( Robert Chambersيف كتابه الشهري
" آاثر التاريخ الطبيعي من اخللق Vestiges Of The Natural History Of
،"Creationوهو عمل أعد اجملتمع الفيكتوري يف إجنلرتا ،وكذلك أمريكا قبل احلرب األهلية ،لنظرية
تقييدا لعام .lxxviii1859أكثر شبهاً بعهود بوفون يف الطبيعة ،وتكهنات هريدر ،أكثر
داروين األكثر ً
تطوري بدأ ببدايت سدمي للكون ،وانتقل يف اجتاه غائي حىت
من كتاابت المارك ،اقرتح تشامربز خمططًا ً
البشرية ،مع تطور واسع لألنواع يف سلسلة الوجود .يف هذا املخطط الكبري ،قام بدمج رؤى من علم
احليوان الفرنسي والتقدم اجليولوجي ،مع كل هذا العمل حتت تصرفات قانون طبيعي موحد واحد عظيم.
مت نشر هذه الرؤية بشكل أكرب من خالل دجمها يف قصيدة ألفريد لورد تينيسون Alfred Lord
" Tennysonامللحمية .(1850) "Memoriamعلى الرغم من شعبية أعمال تشامربز،
نسخا أكثر من "أصل األنواع واليت مرت أبحد عشر طبعة حبلول هناية القرن التاسع عشر وبيعت ً
"Origin Of Speciesلداروين ،كان اجملتمع العلمي الربيطاين إمجاعيًا بشكل أساسي على
رفضه لتكهنات تشامربز .من نو ٍاح عديدة ،شكلت هذه املعارضة لكتاب اآلاثر من قِبل أعضاء قياديني
احدا للمقاومة املهنية للنظرية الداروينية .الالحقة (انظر
مصدرا رئيسيًا و ً
ً يف املؤسسة العلمية الفيكتورية
املدخل عن :داروين ،من أصل األنواع إىل والدة اإلنسان Darwin: From the
،Origin of Species to the Descent of Man,القسم .)3
كما دعا مهندس السكك احلديدية الربيطاين واملفكر العام ،هربرت سبنسر Herbert Spencer
أتثريا فلسفيًا يف إجنلرتا ما قبل الداروينية .حيث
( )1903–1820إىل نظرية التطور التطوري األكثر ً
أتثر بشروح الالماركية من قبِل تشارلز ليل Charles Lyellيف اجمللد الثاين من كتاب ليل "مبادئ
اجليولوجيا ،)1833-1830( "Principles Of Geologyومن خالل كتاابت كارل
ارنست فون ابير Karl Ernst Von Baerعلى التنمية اجلنينية ،وأيضا من خالل حماضرات
هونترياين لريتشارد أوين على علم العظام من الفقاريت اهليكل العظمي ،الذي حضرها سبنسر يف عام
،lxxix1851دخل سبنسر يف املناقشات الربيطانية حول التحولية يف عام 1852بتأييده لـ "فرضية
التطور" .lxxxبدأ هذا يف أتمالته الواسعة حول تطور اجملتمع واإلنسانية الذي ُيكمه القانون ،والذي مت
تطويره ابلتفصيل يف أعمال مثل "املبادئ األوىل ،"First Principlesاليت نُشرت عام
.lxxxi1862قبل استخدام املصطلح من قبل داروين ،حتدث سبنسر عن "تطور" احلياة والكون من
أيضا ،اقرتض داروين املصطلح
بدايت مادية ،مع تغري األنواع نتيجة لعمل القوى الطبيعية .ومن سبنسر ً
"البقاء لألصلح" كمرادف لـ "اختياره الطبيعي" يف الطبعة اخلامسة من كتاب أصل األنواع يف عام
.1869على الرغم من ظهور مبادئ سبنسر األوىل بعد نشر أصل داروين ،فقد مت تطوير حتولية سبنسر
بشكل عام بشكل مستقل عن عمل داروين ،ويظهر تقارًاب وثي ًقا مع انعكاسات المارك وتشامربز
والتطور التارخيي ألوين.
غالبًا ما كان يُنظر إىل سبنسر ،بدالً من داروين ،على أنه املنظر األساسي للداروينية "االجتماعية" يف
أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين .lxxxiiحىت أن أتثري سبنسر يف مجيع أحناء العامل جعل
أعماله وسيلة مت من خالهلا إدخال الداروينية ألول مرة يف املناقشات غري الغربية .lxxxiiiمت استكشاف
هذا التجاور غري املعتاد بني سبنسر وداروين يف داروين ،من أصل األنواع إىل والدة اإلنسان
.5امللخص واالستنتاج
سعى السيناريو التارخيي الطويل امللخص يف املدخل احلايل إىل إظهار تعقيد التحولية يف علم األحياء يف
ُ
الفرتة اليت سبقت ظهور الداروينية .كان على هذه اخللفية املعقدة أن يطور داروين نظريته اخلاصة حول
أصل األشكال وتنوعها .كان يعتمد بعدة طرق على هذه املناقشات املوجودة مسب ًقا يف املصادر الفرنسية
وحىت األملانية .سيتم إجراء مزيد من االستكشاف هلذا يف داروين ،من أصل األنواع إىل والدة اإلنسان
Darwin: From the Origin of Species to the Descent of
.Man,
المراجع
• Appel, Toby A., 1987, The Cuvier-Geoffroy Debate: French Biology in the
Decades Before Darwin, Oxford: Oxford University Press.
• Aquinas, Thomas, Summa Theologiae, in S. Thomae de Aquino, Opera omnia,
[available online].
• Aristotle, The Complete Works of Aristotle: the Revised Oxford Translation, 2
volumes, Jonathan Barnes (ed.), Princeton, NJ: Princeton University Press,
1984.
• Aucante, Vincent, 2006, “Descartes’s Experimental Method and the
Generation of Animals”, in Smith 2006: 65–79.
doi:10.1017/CBO9780511498572.004
• Augustine of Hippo, [GL], De Genesi ad Litteram, translated by J. H. Taylor
as The Literal Meaning of Genesis (Ancient Christian Writers, 41), New York:
Newman Press, 1982. (Latin text available online)
• Blanckaert, Claude, Claudine Cohen, Pietro Corsi, and Jean-Louis Fischer (eds.),
1997, Le Muséum au Premier siècle de son Histoire, Paris: Editions du Muséum
national d’histoire naturelle.
• Bowler, Peter J., 1975, “The Changing Meaning of ‘Evolution’”, Journal of the
History of Ideas, 36(1): 95–114. doi:10.2307/2709013
• –––, 2003, Evolution: the History of an Idea, third edition, Berkeley, CA:
University of California Press.
• Buffon, Georges-Louis LeClerc, Le Comte de, 1753, “L’asne” (the ass) , Histoire
Naturelle, volume 4. Collected in Buffon [OP].
• –––, 1765, “De la Nature. Seconde Vue”, in Histoire Naturelle, volume 13, Paris:
L’Imprimerie Royale, pp. i–xx. Collected in Buffon [OP]. [Buffon 1765 available
online]
• –––, 1779, Les Époques de la Nature, Paris: De l’imprimerie royale. Critical
edition, Jacques Roger (ed.), Paris: Muséum national d’histoire naturelle, 1962,
reissued 1988; translated into German as Epochen der Natur, St. Petersburg,
1781; translated into English as The Epochs of Nature, J. A. Zalasiewicz, Anne-
Sophie Milon, and Mateusz Zalasiewicz (trans.), Chicago: The University of
Chicago Press, 2018. Divided into the “First Discourse” and seven “Epochs”.
• –––, [OP], Oeuvres philosophiques, Jean Piveteau (ed.), Paris: Presses
Universitaires de France, 1954.
• Maillet, Benôit de, 1748, Telliamed ou entretiens d’un philosophe indien avec
un missionnaire françois, sur la diminution de la Mer, la formation de la Terre,
l’Origine de l’Homme, etc., Jean Baptiste de Mascrier (ed.), Amsterdam.
[Maillet 1748 available online]
• Maupertuis, Pierre de, 1745, Vénus physique. [available online]
• Newton, Isaac, 1687, Philosophiæ Naturalis Principia
Mathematica (Mathematical Principles of Natural Philosophy), London.
• –––, 1730, Opticks: Or, A Treatise of the Reflections, Refractions, Inflections
and Colours of Light, fourth edition, London: William Innys, first edition in
1704. [Newton 1730 available online]
• Oderberg, David S., 2007, Real Essentialism, New York and London: Routledge.
• Oldroyd, David, 1996, Thinking About the Earth: A History of Ideas in Geology,
Cambridge, MA: Harvard University Press.
• Pusey, James Reeve, 1983, China and Charles Darwin, (Harvard East Asian
Monographs, 100), Cambridge, MA: Council on East Asian Studies, Harvard
University.
• Pyle, Andrew, 2006, “Malebranche on Animal Generation: Preexistence and
the Microscope”, in Smith 2006: 194–214.
doi:10.1017/CBO9780511498572.010
• Reill, Peter H., 1992, “Buffon and Historical thought in Germany and Great
Britain”, in Buffon 88: actes du Colloque international pour le bicentenaire de
la mort de Buffon (Paris, Montbard, Dijon, 14–22 juin 1988), Jean Gayon (ed.),
Paris: J. Vrin, 667–680.
• –––, 2005, Vitalizing Nature in the Enlightenment, Berkeley: University of
California Press.
• Richards, Richard A., 2010, The Species Problem: A Philosophical Analysis,
Cambridge: Cambridge University Press. doi:10.1017/CBO9780511762222
• Richards, Robert J., 2002, The Romantic Conception of Life: Science and
Philosophy in the Age of Goethe, (Science and Its Conceptual Foundations),
Chicago: University of Chicago Press.
• Roe, Shirley A., 1981, Matter, Life, and Generation: Eighteenth-Century
Embryology and the Haller-Wolff Debate, Cambridge: Cambridge University
Press.
• Roger, Jacques, 1963 [1997], Sciences de la Vie dans la Pensée Française de
XVIIIe Siècle, Paris: Amand Colin. Translated as The Life Sciences in Eighteenth-
Century French Thought, Keith Rodney Benson (ed.). Robert Ellrich (trans.),
second edition, Stanford, CA: Stanford University Press.
within a solid, John Garrett Winter (trans.), New York: Macmillan, 1916. [Steno
1669 and Steno 1669 [1916] available online]
• Terrall, Mary, 2002, The Man Who Flattened the Earth: Maupertuis and the
Sciences in the Enlightenment, Chicago: The University of Chicago Press.
• Wheeler, Quentin D. and Rudolf Meier (eds.), 2000, Species Concepts and
Phylogenetic Theory: A Debate, New York: Columbia University Press.
• Wilkins, John S., 2009, Species: A History of the Idea, (Species and Systematics
1), Berkeley, CA: University of California Press.
• Wilson, Catherine, 2006, “Kant and the Speculative Sciences of Origins”, in
Smith 2006: 375–401. doi:10.1017/CBO9780511498572.017
• Wilson, Robert A. (ed.), 1999, Species: New Interdisciplinary Essays,
Cambridge, MA: MIT Press.
• Winsor, Mary P., 2006, “The Creation of the Essentialism Story: An Exercise in
Metahistory”, History and Philosophy of the Life Sciences, 28(2): 149–174.
• Wolfe, Charles, 2014, “On the Role of Newtonian Analogies in Eighteenth-
Century Life Science”, in Newton and Empiricism, Zvi Biener and Eric Schliesser
(eds.), Oxford: Oxford University Press, 223–261.
doi:10.1093/acprof:oso/9780199337095.003.0010
• Zammito, John H., 2018a, The Gestation of German Biology: Philosophy and
Physiology from Stahl to Schelling, Chicago: University of Chicago Press.
• –––, 2018b, “From Natural History to the History of Nature: Kant Between
Buffon and Herder”, in Rethinking Kant 5, Pablo Muchnik and Oliver Thorndike
(eds.), Newcastle upon Tyne: Cambridge Scholars Publishing, 281–310.
أدوات أكاديمية
How to cite this entry.
Preview the PDF version of this entry at the Friends of the SEP Society.
Look up this entry topic at the Indiana Philosophy Ontology Project (InPhO).
Enhanced bibliography for this entry at PhilPapers, with links to its database.
Acknowledgments
The author wishes to acknowledge the valuable comments of colleagues on this article,
and particularly those by David Depew, Robert J. Richards and M. Katherine Tillman.
Additional debt is due to Michael Ruse, Edward Zalta, and the anonymous reviewers
for the Stanford Encyclopedia of Philosophy.
i
Bowler 1975.
ii
Lucretius [RN].
iii
Sedley 2007.
iv
Carroll 2015.
v
Aristotle, De Anima II: 415b, 10–30.
vi
Physics, I: 192a, 25–34.
vii
Dales and Argerami 1991.
viii
Aristotle, De generatione animalium, III: 762a, 20–35.
ix
De Anima, II: 415b, 1–10.
x
De generatione animalium, II: 731b, 32–732a5.
xi
Augustine, VI.13.23–25, [GL, 175–76].
xii
Gaukroger 2006: chp. 2.
xiii
Wilkins 2009: Ch. 3.
xiv
R.A. Richards 2010: chp. 2.
xv
Hull, 1992.
xvi
R.A. Richards 2010; Wilkins 2009; Oderberg 2007: chp. 9; Winsor 2006; Lennox 1985, 1987.
xvii
Bowler 2003: chp. 2; Oldroyd 1996; Greene 1959.
xviii
Descartes 1647 [1983: 181].
xix
Ibid.
xx
Aucante 2006.
xxi
Descartes 1647 [1983: 275–276].
xxii
Descartes 1664 [1972: 1–5].
xxiii
Sloan 2006a.
xxiv
Rudwick 1972.
xxv
Burnet 1684: bk 2, chp. 2, para. 4, p. 187 [1965: 141].
xxvi
Rudwick 1972, 2005.
xxvii
Roger 1963 [1997: chp. 2].
xxviii
Fisher 2006.
xxix
Gaukroger 2010: chp.2.
xxx
Pyle 2006; Roger 1963 [1997: chp. 6].
xxxi
Deason 1986; Roger 1963 [1997: chp. 6].
xxxii
Garden 1691: 476–477.
xxxiii
Detlefsen 2006; Roger 1963 [1997: chp. 7]; Roe 1981.
xxxiv
Schofield 1970: chp. 9.
xxxv
Wolfe 2014; Gaukroger 2010: chps. 10–11.
xxxvi
Schofield 1970: chp. 1.
xxxvii
Guerrini 1987.
xxxviii
Newton 1730: 378.
xxxix
ibid., 401.
xl
Zammito 2018a; Gaukroger 2010; Reill 2005; Rudwick 2005.
xli
Shank 2008.
xlii
Terrall 2002: chp. 7; Hoffheimer 1982.
xliii
Spary 2000.
xliv
Hoquet 2007.
xlv
Hoquet 2005; Sloan 2006b; Roger 1963 [1997: chp. 9], 1989 [1997: chp. 6].
xlvi
Sloan 2019.
xlvii
Hoquet 2005; Grene & Depew 2004; Roger 1989 [1997: chp. 6]; Sloan 2006b.
xlviii
Spary 2000: chp. 1; Blanckaert et al. (eds) 1997; Corsi 1983 [1988], 2001.
xlix
Rudwick 2005.
l
Sloan 2019.
li
Reill 2005: chp. 1.
lii
Buffon “De la Nature. Seconde vue”, 1765, [OP, 38–41].
liii
Buffon 1753, [OP, 355].
liv
Bowler 2003: chp. 3; Lovejoy 1911 [1959].
lv
Buffon 1753, [OP, 355].
lvi
Dupré 1993; Ereshefsky (ed.) 1992; Ghiselin 1997; Hull 1999; R.A. Richards 2010; Sloan 2013; Stamos 2003; Wheeler & Meier
(eds) 2000; Wilkins 2009; R.A. Wilson (ed.) 1999; and the entry on species in this encyclopedia.
lvii
Sloan 1973, 2014.
lviii
Buffon 1779.
lix
Buffon 1779: Fifth Epoch.
lx
Roger “Introduction” in Buffon 1779, [1988, cxxiv].
lxi
Rudwick 2005: chp. 3.
lxii
Schmitt, 2019.
lxiii
Reill 1992.
lxiv
Zammito 2018a: 180–185, 2018b.
lxv
Zammito 2018a: chps. 8,9,11; R. J. Richards 2002: chps. 2,3,8.
lxvi
Blanckaert et al. (eds) 1997.
lxvii
Corsi 1983 [1988: chp. 1].
lxviii
Corsi 1983 [1988: chp. 1]; Appel 1987.
lxix
Burkhardt 1977.
lxx
extracted in Lamarck 1817–19 [1991].
lxxi
Sloan 1997.
lxxii
Appel 1987.
lxxiii
Gould 1977: chp. 3.
lxxiv
Rupke 2009; R.J. Richards 2002; Sloan 2007, 2003, 1992; Desmond 1989.
lxxv
Sloan 2007.
lxxvi
Rupke 1994, 1993; Sloan (ed.) 1992.
lxxvii
Sloan 2003; R. J. Richards 2002: chp. 14; Rupke 1993.
lxxviii
Secord 2000.
lxxix
Rupke 1994: 206.
lxxx
Spencer 1852.
lxxxi
Haines 1988.
lxxxii
Hofstadter 1944 [1955]; see also the entry on Herbert Spencer.
lxxxiii
Jin 2019; Lightman (ed.) 2016; Elshakry 2013; Pusey 1983.