You are on page 1of 33

‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة‬


‫الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪hekmah.org/‬‬

‫مايو ‪3 2023‬‬

‫الكاتب جون ماكغينيس‬

‫ترجمة محمد لسود‬

‫مدخل فلسفي شامل حول الفلسفة الطبيعية العربية االسالمية وعلوم الطبيعة؛ نص مترجم‪ ،‬ومنشور‬
‫على (موسوعة ستانفورد للفلسفة)‪ .‬ننوه بأن الترجمة هي للنسخة المؤرشفة في الموسوعة‪ ،‬والتي‬
‫قد يطرأ عليها التعديل من منذ تتمة هذه الترجمة‪ .‬وختاًم ا‪ ،‬نخّص بالشكر محرري موسوعة‬
‫ستانفورد على تعاونهم واعتمادهم للترجمة والنشر على مجلة حكمة‪.‬‬

‫الفلسفة الطبيعية أو بمعنى أدق الفيزياء هي دراسة الطبيعة ومع ذلك فإنه نظرا لكون أغلب فالسفة‬
‫الطبيعة الوسيطيين ينظرون الى الطبيعة على نها مبدأ داخلي للتغير او للحركة‪ ،‬وهوينتمي بذلك‬
‫الى ما هو أساسي بالنسبة الى كل شيء‪ ،‬فإن األمر قد إنتهى الى مطابقة مفهوم الطبيعة خاصة مع‬
‫دراسة األجسام من حيث هي موضوع للحركة وبالتالي مع الشروط المعتبرة ضرورية للحركة‬
‫مثل الالتناهي والموضع والفراغ والزمن‪.‬‬

‫وفي العلم الوسيط الناطق باللغة العربية وجد تقليدان فكريان أساسيان كانت تمارس‬
‫ضمنهماالفلسفة الطبيعية وهما علم الكالم والفلسفة‪،‬علم الكالم باعتباره نوع من علم األلوهية‬
‫التاملي الذي يتناول المسائل الفيزيائية انطالقا من اطار ذّر ي يمتد بالنسبة الى بعض علماء الكالم‬
‫ليشمل ليس فقط دراسة تركيبة األجسام وإنما كذلك ذراسة الحركة والزمن ليرتقي في أعلى‬
‫درجاته عند علماء الكالم المتأخرين الى مستوى رؤية للعالم تقوم على القول بالحدوث مع حصر‬
‫السببية في هللا وحده‪.‬‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪1/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫وتمتد جذور الفلسفة الى عالم الفكر االغريقي وخاصة الى الفكر الفلسفي االرسطي بحسب ما تم‬
‫تأويله من قبل الّشراح المشائيين واالفالطونيين المحدثين المتأخرين مضافا إليه عمل جالينوس في‬
‫البيولوجيا وبطليموس في علم الفلك‪.‬وغالبا ما تبدأ سردية الفلسفة الطبيعية بالنظريات الذرية التي‬
‫وجدت عندعلماء الكالم التأمليين اإلسالميين لتليها تطورات الفلسفة الطبيعية االرسطية من قبل‬
‫الفالسفة الناطقين بالعربية ومساهماتهم الفريدة في هذا المجال‪.‬‬

‫‪ .1‬ذرية علم الكالم‬

‫‪ 1.1‬الذرات واألعراض‬

‫مع أن بعض المتكلمين المسلمين األوائل قد تمسكوا بأنه ال وجود في األساس إال لألعراض وأن‬
‫الكائنات الجسمية وكل ما تبقى من الموجودات متكّو ن من تداخل هذه األجسام فإن أغلب علماء‬
‫الكالم المسلمين أدخلوا الى ذلك في نفس الوقت الذرات‪ 1‬واألعراض ضمن نظريتهم في الوجود‬
‫إضافة الى هللا‪.‬‬

‫وكانت إحدى طرق تبرير هذه األنطولوجيا هي البدء بإثبات الخلق الزمني للعالم‪.‬و لقد قيل أنه إذا‬
‫لم يكن العالم قد خلق ‪ ،‬فقد مر عدد ال حصر له من األيام الماضية ‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬فقد تم التسليم بأن‬
‫وجود الالمتناهي‪ ،‬ناهيك عن عبوره‪ ،‬أمر مستحيل‪ .‬وبالتالي ‪ ،‬يجب أن يكون العالم قد ُخ لق في‬
‫لحظة األولى‪ .‬ولكن في هذه الحالة ‪ ،‬يجب أن يكون للعالم خالق‪.‬و إذن هناك من يخلق ‪ ،‬أي هللا ‪،‬‬
‫وهو ليس بمخلوق‪ .‬و تم تقسيم الكائنات المخلوقة إلى ما يشغل حيًز ا ‪ ،‬أي الجواهر أو الذرات ‪،‬‬
‫وما ال يشغل حيًز ا ‪ ،‬أي األعراض‪ .‬وكان التحيز بالنسبة الى علماء الكالم المسلمين هو النتيجة‬
‫الضرورية لحقيقة أن كل شيء هو جوهر ‪ ،‬وهذه المحمول المتمثل في التحيز هو الذي يثبت وجود‬
‫الجواهر ألن التحّيز كان يعتبر صفة تدركها الحواس مباشرة ‪ ،‬وعلى هذا النحو ‪ ،‬ال يمكن‬
‫إنكارها‪ .‬وهكذا ‪ ،‬كان وجود الجواهر مسألة معرفة مباشرة‪.‬‬

‫ولقد دافع معظم علماء الكالم المسلمين في أن هذه الجواهر لها أيًض ا بنية ذرية‪ .‬وهذا ال يعني أنهم‬
‫اعتقدوا أن البشر يمكن أن يدركوا ذرة مفردة بشكل مباشر ‪.‬إنهم لم يفعلوا ذلك ‪ ،‬ومع ذلك ‪ ،‬فقد‬
‫اعتقدوا أنه يمكن إثبات أن المكونات المادية النهائية للعالم يجب أن تكون منفصلة بدًال من أن تكون‬
‫متصلة‪.‬و بشكل عام استخدمت حججهم حول الجواهر الذرية المنفصلة بدًال من اجواهر المتصلة‬
‫مفارقات تتضمن القول بالالتناهي‪ .‬وعلى سبيل المثال ‪ ،‬قيل إنه إذا كان الجسم متصال ‪ ،‬فسيكون‬
‫قابًال للقسمة الى ما النهاية له ‪ ،‬وفي هذه الحالة سيكون للجسم عدًدا ال نهائًيا من األجزاء التي‬
‫تلتصق مًعا لتشكل الجسم وهي تتوافق مع عدد ال حصر له من االنقسامات ‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬فإن وجود‬
‫الالتناهي الحقيقي أمر عبثي‪ ،‬ولذا يجب أن ينتهي انقسام الجسم بعدد محدود من األجزاء أو الذرات‬
‫غير القابلة للتجزئة‪ .‬فال فائدة من القول أن الجسم لديه فقط عدد ال حصر له من األجزاء التي‬
‫تتوافق مع التقسيمات بدًال من عدد النهائي حقيقي ألنه تم االعتقاد بأنه إذا كان هناك شيء محتمل‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪2/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫حًقا فيجب أن يكون لدى الفاعل ‪ ،‬مثل هللا ‪ ،‬القدرة على تحقيق هذه اإلمكانية أو تفعيلها‪ .‬لذا ‪ ،‬لندع‬
‫هللا يتسبب في العدد الالمتناهي المزعوم من االنقسامات ‪ ،‬وفي هذه الحالة سيكون هناك عدد ال‬
‫حصر له من األجزاء وهو كذلك أمر غير منطقي‪.‬‬

‫وبالمثل ‪،‬فإنه ال فائدة من القول إن االنقسامات ليست حقيقية وال محتملة ‪ ،‬ولكنها متخيلة فقط ‪ ،‬ألن‬
‫ما هو مستحيل حًقا ال يمكن تخيله ‪.‬وكان ُيعتقد أن وجود المتناهي حقيقي غير ممكن حًقا‪ .‬و الحجة‬
‫األخرى لصالح القول بالتركيب الذري للمادة كانت نوعا من تعديل في مفارقة التقسيم الثنائي‬
‫لزنون ‪ ،‬والتي تمت صياغتها على صورة نملة تزحف على صندل‪ .‬فإذا كان الجسم مّتصال‪ ،‬حسب‬
‫الحجة القصيرة ‪ ،‬ثم إذا حاولت نملة عبور صندل فسيتعين عليها أوًال أن تصل إلى منتصف‬
‫الطريق على الصندل ‪ ،‬ولكن قبل أن تصل إلى نقطة المنتصف يجب أن تصل إلى منتصف‬
‫الطريق وهكذا الى ما النهاية له‪ .‬ونظًر ا ألنه ال يمكن عبور ما النهاية له فإنه ال يمكن للنملة أبًدا‬
‫اجتياز الصندل ‪ ،‬ولكن بالطبع يمكن عبور جسم مثل الصندل وبالتالي ال يمكن لألجسام أن تكون‬
‫متصلة ‪ ،‬ولكن يجب أن تتكون من عدد محدود من األجزاء الذرية‪.‬‬

‫ومع ذلك تّم ت مالحظة وجود حجة أخرى تتعّلق باالختالفات في الحجم التي تفسر باالختالف في‬
‫عدد األجزاء المكونة للجسم‪ .‬ولكن إذا كانت األجسام مّتصلة وبالتالي تتكون من عدد ال حصر له‬
‫من األجزاء فإن عدد األجزاء المكونة لبذور الخردل وعدد األجزاء المكونة للجبل سيكون هو‬
‫نفسه أي عددا المتناهيا‪ .‬ولذلك يجب أال يختلف الجسمان في الحجم ألن المتناهي واحد ال يمكن‬
‫أن يتعدى الالمتناهيات األخرى ‪ .‬ومع ذلك فإن هذا االستنتاج خاطئ بشكل واضح‪ .‬و في النهاية ‪،‬‬
‫خلص معظم علماء الكالم اإلسالمي التأملي إلى أن المادة المكّو نة للكون يجب أن تكون منفصلة‬
‫وليست متصلة‪ .‬ولكن يجب أن تتكون من عدد محدود من األجزاء الذرية‪ .‬غير أن العلماء اختلفوا‬
‫حول ما إذا كانت األجزاء غير القابلة للتجزئة الموضوعة في فيزياء هؤالء الكالميين يجب‬
‫اعتبارها ممتدة أو شبيهة بالنقاط ‪ .‬ولقد دافع شلومو بينز على أنه رغم أن علماء الكالم المسلمين‬
‫في وقت الحق اعتبروا أن الذرات لها مقياس معين وبالتالي تم اعتبارها ممتدة إال أن علماء الكالم‬
‫األوائل اعتبروها نقاًطا‪ .‬ولقدكتب بينز دراسته الرائدة عن الذرية اإلسالمية ‪Beiträge zur ،‬‬
‫‪ ، islamischen Atomenlehre‬في عام ‪ 1936‬؛ ومع ذلك ‪ ،‬فإنه منذ ذلك الحين ظهر‬
‫المزيد من نصوص علم الكالم التي أصبحت متوفرة‪.‬‬

‫وفي ضوء هذه المصادر الجديدة ‪ ،‬تحدى ‪ Alnoor Dhanani‬النور الدهناني(‪-90 ، .1940‬‬
‫‪ )140‬بنجاح اقتراح بينز وبدًال من ذلك دافع على أن ذرات علماء الكالم المسلمين األوائل‬
‫والالحقين تشبه األجزاء البسيطة األبيقورية‪ ]2[ .‬وفي هذا الصدد ‪ ،‬فإن الذرة هي الحد األدنى من‬
‫التحّيز التي لها بنية داخلية بسيطة للغاية‪.‬و على هذا النحو ‪ ،‬فإن الذرة ليس لها خصائص فيزيائية‬
‫أو مفاهيمية يمكن تقسيمها إليها‪ .‬وبسبب هذا الفهم للذرات ‪ ،‬وعلى الرغم من أنها تعمل كمكونات‬
‫لألحجام المختلفة التي تتكون منها ‪ ،‬مثل الخطوط والمستويات والمواد الصلبة ‪ ،‬ال يمكن القول‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪3/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫تقنًيا أن لها طواًل وعرًض ا وعمًقا ؛ فبالنسبة الى الطول والعرض والعمق ‪ ،‬دائًم ا ما تكون محدودة‬
‫بنهايات ‪ ،‬في حين أن الّذرات ببساطة ال يمكن أن يكون لها نهايات ‪ ،‬بل تعمل على أنها نهايات‬
‫تلك األشياء التي تمتلك الطول والعرض والعمق‪.‬‬

‫إن الذرات نفسها تحتل الفضاء مرة أخرى ؛ ومع ذلك ‪ ،‬من بين األشياء المخلوقة ‪ ،‬افترض علماء‬
‫الكالم المسلمين أيًض ا أشياء ال تشغل حيًز ا في حد ذاتها ‪ ،‬بل كانت متأصلة في الذرات‪ .‬واألشياء‬
‫من النوع األخير هي ما يسمى ب “األعراض”‪.‬و لقد دافع علماء الكالم المسلمينعلى وجود‬
‫األعراض ألن الذرات على هذا النحو متشابهة أو متجانسة ‪ ،‬وبالتالي إذا كانت هناك اختالفات‬
‫ملحوظة بين األجسام (ومن الواضح أن هناك مثل هذه االختالفات) ‪ ،‬يجب أن تكون هذه‬
‫االختالفات بسبب االختالفات بين االعراض المتأصلة في الذرات‪ .‬ثم حّدد هؤالء ما ال يقل عن‬
‫اثنين وعشرين نوًعا مختلًفا من األعراض‪ ،‬من بينها أكثرها وضوًح ا مثال الذوق واللون والرائحة‬
‫باإلضافة إلى االلتصاق والنفوذ والقوة واإلرادة ‪ ،‬ولكن أيًض ا األعراض األقل وضوًح ا مثل الحياة‬
‫والكف عن الوجود‪.‬‬

‫‪ 2.1‬المكان والزمان‬

‫باإلضافة إلى هللا والذرات واألعراض ‪ ،‬افترض بعض علماء الكالم المسلمين أيًض ا المكان‬
‫(الفراغ)‪.‬و ادعى ابن رشد أنهم فعلوا هذا حتى يكون هناك مكان يخلق فيه هللا الذرات واألعراض‬
‫بشكل زمني ‪ ،‬على الرغم من أن هذا االدعاء لم يذكره الكالميون أنفسهم بوضوح‪ .‬و فيما يتعّلق‬
‫بالمكان ‪ ،‬تمت مناقشة سؤالين بين الذريين‪ :‬أحدهما ‪“ ،‬هل المكان منفصل (مثل الذرات التي‬
‫تحتله) أم متصل؟” وثانًيا ‪“ ،‬هل هناك مكان غير مشغول ‪ ،‬أو بشكل أكثر دقة ‪ ،‬هل يمكن أن يكون‬
‫هناك فراغات بينية فارغة بين الذرات أم أن الكون عبارة عن إمتالء؟”‬

‫في حين أن علماء الكالم اإلسالمي أجمعوا تقريًبا على أن المادة منفصلة ‪ ،‬إال أنهم اختلفوا عندما‬
‫يتعلق األمر بتكوين المكان الذي تشغله الذرات ‪ ،‬سواء كان المكان مكوًنا من خاليا تتوافق تماًم ا‬
‫مع حجم الذرات‪ .‬تركز النقاش لفترة حول ما إذا كان يمكن وضع ذرة فوق ذرتين بحيث تتداخل‬
‫الذرة العلوية مع الذرتين السفليتين بشكل متساٍو ‪ ،‬على سبيل المثال مثلما ان المجمع العلوي لهرم‬
‫صغير يتكون من ثالث مجمعات متساوية الحجم‪ .‬أما أولئك الذين تمسكوا بأن المكان يجب أن‬
‫يكون منفصًال فعلوا ذلك على أساس أنه إذا لم يكن كذلك ‪ ،‬وسيتضح أن الذرات على األقل قابلة‬
‫للقسمة من الناحية المفاهيمية ‪ ،‬لكن جميع الذريين المسلمين اتفقوا على أن الذرات ليست فقط غير‬
‫قابلة للتجزئة فيزيائًيا ولكن أيًض ا غير قابلة للتجزئة من الناحية المفاهيمية‪ .‬وكانت إحدى الحجج‬
‫األكثر شيوًعا هي أن الذرة تمّثل أصغر حجم ممكن‪.‬و إذا كان المكان متصاًل بحيث يمكن للذرة أن‬
‫تتداخل مع ذرتين عند حدودهما وبالتالي تشكل شيًئا مثل الهرم المكّو ن من ثالث كتل سالفة الذكر ‪.‬‬
‫تخيل إذن هرمين من هذا القبيل مرتبطين في قاعدتهما بحيث يتم تشكيل فراغ بين الذرتين‬
‫العلويتين‪ .‬وفي هذه الحالة ‪ ،‬سيتم فصل الذرتين العلويتين عن بعضهما بمقدار أقل من ذرة واحدة‪.‬‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪4/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫ونظًر ا ألن الذرة لها أصغر حجم ممكن ‪ ،‬ومع ذلك فإن القدر بين الذرتين العلويتين أقل من ذرة‬
‫واحدة ‪ ،‬فهناك تناقض ؛ ألن هناك مقداًر ا أقل من أصغر مقدار ممكن‪.‬و أولئك الذين دافعوا عن‬
‫المكان المتصل على النقيض من ذلك بدأوا بفرضية أن الذرة يمكن أن تحتل وأن تقاس بأي مساحة‬
‫شاغرة ذات حجم كاٍف الحتوائها‪ .‬لذا فقد تخيلوا خًطا طوله ثالث ذرات ثم ذرتان أخريان فوق تلك‬
‫الذرات ‪ ،‬حيث توجد ذرة واحدة فوق ذرة القاع تماًم ا في أقصى اليمين ‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬وذرة‬
‫أخرى فوق ذرة القاع تماًم ا في أقصى اليسار‪ .‬ثم تخيلوا أنه في نفس الوقت ‪ ،‬تدفع قوتان‬
‫متساويتان الذرتين العلويتين تجاه بعضهما البعض‪ .‬إما أن الذرتين تتداخالن مع حدي الذرات‬
‫الثالث السفلية ‪ ،‬أو ال تتداخالن‪ .‬و إذا تداخلت معهم ‪ ،‬فيجب أن تكون المساحة مستمرة وليست‬
‫منفصلة‪ .‬وإذا أنكر الخصم أنه يتخطى الحدود ‪ ،‬فإنه يدين لنا باإلجابة على سبب عدم قيامه بذلك‪.‬‬
‫وبالتأكيد ‪ ،‬يمكن تحريك الذرتين بالطريقة الموصوفة ألن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يمنع‬
‫الحركة هو وجود عائق ‪ ،‬ومع ذلك ُيفترض أن يكون المكان المجاور الذي تتحرك فيه الذرات‬
‫فارًغا‪.‬و على الرغم من أن هذه الحجة األخيرة تتحدى بشكل جدي فكرة المكان المنفصل ‪ ،‬إال أن‬
‫معظم المتكلمين الالحقين كانوا في الواقع يميلون إلى جعل كل المقادير منفصلة ‪ ،‬سواء كانت‬
‫مادية أو مكانية أو حتى ‪ ،‬كما سنرى ‪ ،‬زمنية‪.‬‬

‫والسؤال الثاني المتعّلق بالمكان تضمن الوجود المحتمل للفراغات البينية وركز على ما إذا كان‬
‫يمكن فصل ذرتين عن بعضهما البعض دون وجود ذرة ثالثة بينهما‪.‬و صنف داناني (‪Dhanani‬‬
‫‪ )1994 ، 74-81‬الحجج ضد مثل هذا االحتمال إلى نوعين‪ :‬تلك التي تنطوي على عدم وجود‬
‫وتلك التي تنطوي على مبدأ “الطبيعة تكره الفراغ”‪ .‬وكمثال على النوع األول من الحجة نجد‬
‫التالي‪ .‬افترض أن ذرتين منفصلتين وأنه ال يوجد شيء بينهما‪ .‬وبما أنه ال يمكن للمرء أن يدرك ما‬
‫هو غير موجود ‪ ،‬إذن في الحالة الحالية ال ينبغي للمرء أن يكون قادًر ا على إدراك مساحة فارغة‬
‫حًقا بين الذرات المنفصلة ‪ ،‬ومع ذلك ‪ ،‬يبدو من الواضح أن المرء سيكون قادًر ا على إدراك‬
‫المسافة بينهما وبالتالي ال يمكن أن يكون المكان فارًغا حًقا ‪ ،‬ولكن يجب أن تشغله الذرة‪ .‬وكمثال‬
‫على النوع الثاني من الحجة ضد الفراغات البينية مأخوذ من الفنون الطبية واستخدام نظارات‬
‫الحجامة لسيل الدم ُيالحظ أنه عند وضع كأس الحجامة فوق الوريد وسحب الهواء ‪ ،‬يتم سحب‬
‫اللحم إلى الكوب‪ .‬واستخدم منتقدو الفراغات البينية هذه الظاهرة كتحقق من المبدأ القائل بأن‬
‫الطبيعة تكره الفراغ‪ .‬وبالتالي ‪ ،‬بما أن الطبيعة تكره الفراغ ‪ ،‬فلن توجد فراغات في الطبيعة‪ .‬ومن‬
‫المثير لالهتمام أن أنصار الفراغات البينية كانوا قادرين على قلب ظاهرة الحجامة الزجاجية ضد‬
‫خصومهم إلظهار أن الفراغ يجب أن يكون موجوًدا‪ .‬وولقد تخيل أحدهم أن ورقة من الذرات‬
‫بسمك ذرة واحدة موضوعة بين كأسين من الحجامة ثم يتم إزالة الهواء في نفس الوقت من كال‬
‫الزجاجين‪ .‬إما أن يتم سحب الصفيحة في أحد الزجاجين أو ال يتم سحبها و إذا سحبت الصفيحة في‬
‫كأس حجامة ‪ ،‬فيوجد فراغ في الزجاج اآلخر‪ .‬وإذا لم يتم سحب الصفيحة في أحد زجاج الحجامة‬
‫أو اآلخر ‪ ،‬فيحل فراغ في كليهما وفي كلتا الحالتين تم إنتاج فراغ‪.‬‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪5/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫وبالنسبة الى الزمن‪ ،‬فعلى الرغم من أن موسى بن ميمون قد ادعى في ”دليل الحائرين” أن علماء‬
‫الكالم المسلمين لديهم نظرية ذرية واحدة للزمن‪ ،‬يبدو أن مثل هذا اإلدعاء قد أنكرته من قبل‬
‫المصادر السابقة المتاحة لنا (موسى بن ميمون ‪ ، 1963‬الفصل ‪ ، 73‬المقدمة ‪. )3‬و يذكر المتكلم‬
‫األشعري ما ال يقل عن ثالثة روايات مختلفة عن الآلن والزمان (األشعري ‪.)443 ، 1980‬‬
‫وإحدى النظريات تجعل الزمن مجموًعا من الآلنات‪ ،‬حيث يكون اآلن هو “مدة معينة بين فعل‬
‫واحد واإلجراء التالي” (المرجع نفسه)‪ .‬وليس من الواضح ما إذا كانت المدة المعنية عبارة عن‬
‫وحدة زمنية صغيرة أو وحدة زمنية قابلة للقسمة أو حتى ما إذا كان يمكن أن تعتمد على اإلجراء‬
‫المعني‪ .‬إذا كانت وحدة زمنية صغيرة ‪ ،‬أو ذرة زمنية ‪ ،‬فإن وجهة النظر هذه ستدافع بوضوح عن‬
‫وجود بنية ذرية للوقت‪ .‬تعتبر النظرية الثانية الآلن بمثابة عرض‪ .‬وعلق الفيلسوف ابن سينا​‬
‫(‪ ، )1037-980‬الذي كان يكتب قبل أكثر من جيل بقليل ‪ ،‬على هذا الرأي وأشار إلى أن الصدفة‬
‫اللحظية التي يفترضها بعض المتكلمين هي ما يحدد موقع الذرة مؤقًتا وأن الزمن هو مجرد‬
‫مجموعة من هذه األعراض‪ .‬ولقد جعلت النظرية النهائية للزمن ‪ ،‬والتي كانت األكثر شيوًعا بين‬
‫المتكلمين‪ ،‬الآلن ببساطة عرضا محدًدا تقليدًيا ‪ ،‬مثل دخول شخص ما إلى منزل ‪ ،‬وبالتالي ليس لها‬
‫وضع وجودي خاص ‪ ،‬في حين أن “ الزمن ” هو مجرد عرض آخر و اسم لحركة السماوات‪.‬‬
‫ومع ذلك ‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أنه إذا كانت الحركة المعنية لها بنية ذرية ‪ ،‬فإن الزمن الفعلي‬
‫سيكون ذرًيا ‪ ،‬وبالفعل أيد العديد من أولئك الذين اعتنقوا هذا المفهوم للزمن والحركة الذرية‪ .‬على‬
‫الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا كان علماء الكالم المسلمين قد تبنوا صراحة نظرية الزمن‬
‫الذري ‪ ،‬كما سنرى في القسم التالي ‪ ،‬فقد تبنى بعضهم نظرية العرضية ‪ ،‬والتي على األقل أيد هذا‬
‫الرأي ضمنًيا‪.‬‬

‫‪ 3.1‬التغير والسببية‬

‫يوجد على األقل بين المتكلمين الذين افترضوا كاًل من الذرات واألعراض في أنطولوجيتهم ‪ .‬ولقد‬
‫تم شرح معظم التغييرات من حيث استبدال العرض بنقيضه أو على األقل بشيء يعمل على عكس‬
‫ذلك‪ .‬وفي هذه الحالة تتغير الذرة ‪ ،‬وليس العرض‪ ،‬الذي ‪،‬في الواقع ‪ ،‬يباد من قبل نقيضه‪.‬و على‬
‫الرغم من أن االستبدال العرضي هو الرواية األكثر عمومية للتغيير ‪ ،‬فإن التغييرات التي تنطوي‬
‫على نوع جسم واحد من نوع جسم آخر (مثال عندما ينشأ حريق عن طريق حرق األخشاب أو‬
‫شرارة بضرب األحجار مًعا) تمثل حالة خاصة‪.‬وهو األمر الذي تطلب تحليًال مختلًفا للتغيير‪.‬و لقد‬
‫شرح العديد من المتكلمين هذا النوع من التغيير عبر نظرية الكمون التي تنص على أن ذرات النار‬
‫كانت موجودة بالفعل في الخشب أو الحجر ‪ ،‬وإن كانت كامنة فيها ‪ ،‬ثم تتجلى من خالل فعل‬
‫الحرق أو الضرب‪ .‬وفيما يتعلق بأهم نوع من التغيير ‪ ،‬وهو االستبدال العرضي ‪ ،‬تمت مناقشة‬
‫سؤالين آخرين‪ :‬أوًال ‪“ ،‬هل التغيير هو نوع فريد أم ال؟” والثاني “أين تحدث الحركة ؟ أي هل‬
‫الذرات األولية قبل الحركة أو الذرات الالحقة بعد الحركة تتلقى عرض الحركة؟” وهذه حجة‬
‫تستخدم إلثبات أن هناك عدة أنواع من الحركة المرصودة التي ال يمكن لنوع واحد أن ينتج أشياء‬
‫متناقضة فعلى سبيل المثال النار ال تنتج التبريد والتدفئة ومع ذلك فإن الحركات تؤدي إلى‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪6/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫األضداد مثل اليمين أو اليسار أو األسود واألبيض وبالتالي ال يمكن للحركة أن تشكل نوًعا‬
‫واحًدا‪.‬و كان الّر د المثير لإلهتمام على هذا الخط الفكري الذي شكل في حد ذاته حجة أن الحركة‬
‫تشكل نوًعا واحًدا على النحو التالي‪.‬‬

‫وعندما يقرر الشخص التحرك ‪ ،‬على سبيل المثال إلى اليمين ‪ ،‬فعندئٍذ في اللحظة التالية يكون‬
‫هناك كل من الحركة ومع الحركة حالة وجود على اليمين وبالتالي هناك حركة إلى اليمين‪ .‬وبالمثل‬
‫‪ ،‬إذا اختار شخص ما التحرك إلى اليسار ‪ ،‬فستكون هناك حركة وحالة من الوجود إلى اليسار ‪،‬‬
‫وبالتالي حركة إلى اليسار‪ .‬و يمكن بعد ذلك تحليل الحركة في كل من الحركة وفي حالة معينة أو‬
‫طريقة الوجود التي تصاحب الحركة (أو ربما ُتفهم الحالة المصاحبة على أنها نتيجة للحركة ‪،‬‬
‫على الرغم من عدم وصفها صراحًة على أنها كذلك)‪ .‬الحركة المعتبرة في حد ذاتها تختلف عن‬
‫الحالة (أو النتيجة) التي ترافقها وعن مزيج الحالة والحركة‪ .‬وبالتالي فإن الحركات التي تعتبر في‬
‫حد ذاتها تشبه الحركة ‪،‬‬

‫ولقدكانت المسألة الثانية التي ناقشها علماء الكالم المسلمون بخصوص الحركة هي ما إذا كان‬
‫ينبغي التفكير في حدوث الحركة في اللحظة األولى أو الثانية ‪ ،‬على سبيل المثال ما إذا كانت هناك‬
‫حركة في نفس اللحظة التي يقرر المرء فيها التحرك إلى اليمين أو في اللحظة التي يكون فيها‬
‫المرء على يمين‪ .‬وكان هناك ما ال يقل عن ثالث إجابات على هذا السؤال‪ :‬إحداها أن عرض‬
‫الحركة يحدث في الموقع األولي للجسم المتحرك ؛ آخر حدد الحركة في مكان آخر ؛ وأخيًر ا ‪ ،‬أكد‬
‫أحدهم أن الحركة تتطلب وجود الجسم في موقعين في لحظتين مختلفتين‪.‬و أولئك الذين أكدوا أن‬
‫حادث الحركة يحدث في المواقع األولية ادعوا أن الحركة هي قوة الجسم التي تتطلب وجوده في‬
‫الموقع الثاني‪ .‬ونظًر ا ألن القوة يجب أن تكون موجودة في البداية في الجسم إذا كانت ستنتقل إلى‬
‫المركز الثاني ‪ ،‬ويتم تحديد الحركة بهذه القوة ‪ ،‬فيجب أن يكون حادث الحركة موجوًدا بينما ال‬
‫يزال الجسم في الموضع األولي‪ .‬أما أولئك الذين أكدوا أن عرض الحركة يحدث في الموقع الثاني‬
‫فقد فعلوا ذلك على أساس التحليل اللغوي لمصطلح “الحركة” ‪.‬وتعني “الحركة” وجود مرور أو‬
‫انتقال لجسد ؛ ومع ذلك ‪ ،‬لم يكن هناك مرور أو انتقال لجسم بينما ال يزال في موقعه األولي‪.‬‬
‫وبالتالي يجب أن يقع عرض الحركة في الموقع الثاني‪.‬أما أبوالهذيل العالف (ت ‪، ، )841‬الذي‬
‫رأى أن الحركة مختلفة عن الحالة أو مركب الحالة والحركة ‪ ،‬فقد أكد أن الحركة تتطلب مكانين‬
‫وآنين ؛ “حركة الجسم من المركز األول إلى المركز الثاني تحدث في [الجسم] و [الجسم] في‬
‫المرتبة الثانية في اللحظة التي يكون فيها في [الحركة] ‪ ،‬وهو انتقال وظهور [الجسم] من الموضع‬
‫األول … وبالتالي فإن الحركة المحلية تنطوي حتمًا على مكانين ولحظتين” ‘(األشعري ‪، 1980‬‬
‫‪.)355‬‬

‫ولقدارتبطت األسئلة المتعلقة بالحركة والتغيير بالعالقة السببية ‪ ،‬أي‪“ :‬بمن أو بما هو العامل الذي‬
‫ُيحدث التغيير؟” ولقد اشترك العديد من علماء الكالم األوائل في نظرية التوّلد التي حافظت على‬
‫درجة من الفعالية السببية للبشر ‪ ،‬بينما اعتمد معظم المتكلمين الالحقين نظرة للعالم تقول بالحدوث‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪7/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫احتفظت بالفعل هلل وحده‪.‬و بالنسبة الى علماء الكالم األوائل ‪ ،‬تطلبت الفاعلية السببية معرفة كاملة‬
‫(علم) بأن المرء يتصرف باإلضافة إلى معرفة ما ينتج عن هذا الفعل‪ .‬وبالتالي ‪ ،‬فإن الفاعلية‬
‫السببية تقتصر على هللا والبشر‪.‬و افترض معظم اللمتكلمين األوائل كذلك أن البشر لديهم القدرة‬
‫على إحداث أفعال معينة و لذا كان السؤال هو‪ :‬ما إذا كان لدى البشر القدرة على إحداث فعل في‬
‫أنفسهم فقط أو في أشياء أخرى أيًض ا‪ .‬وإحدى الحجج التي استخدمها أولئك الذين اعتقدوا أن البشر‬
‫يمكن أن يتسببوا في تأثيرات على أشياء أخرى غير أنفسهم جاءت من معيار المعرفة كشرط لمنح‬
‫التوكيل‪ .‬وقد أخذ كمثال على ذلك أنه عندما يضرب شخص آخر يعرف ضرب اآلخر ‪ ،‬وفي هذه‬
‫الحالة يكون العلم بفعل أحدهما يضرب اآلخر (األشعري ‪ .)402-401 ، 1980‬ويبدو أن هذه‬
‫الحجة معّم مة تصبح كالتالي‪ :‬إذا كان المرء يعرف أن المرء فاعاًل (ومرة أخرى ‪ ،‬فقد اعتبر‬
‫المتكلمون األوائل أن البشر وكالء) ‪ ،‬إذن يجب على المرء أن يعرف آثار فعلته ‪ .‬ومع ذلك فنحن‬
‫نعلم أن آثار بعض األفعال تكون في حاالت أخرى كما في حالة الضرب وبالتالي تسبب األلم‪ .‬وفي‬
‫المقابل ‪ ،‬دافع آخرون على أن البشر يولدون أفعااًل في أنفسهم فقط وأن هللا هو الذي يتسبب في‬
‫التأثير في اآلخرين‪ .‬فعلى سبيل المثال ‪ ،‬يمكن لإلنسان أن ينتج فعل الرغبة في رمي حجر لكن‬
‫هللا هو الذي يحدث حًقا فعل حجر للتحّر ك‪ .‬وكانت إحدى طرق الدفاع عن هذه األطروحة هي‬
‫مالحظة أن هللا يخلق األجساد في آن واحد وأنه يعيد تكوينها في كل لحظة (المرجع نفسه ‪،‬‬
‫‪ .)404‬ويبدو أن االفتراض هو أنه بما أن هللا يعيد خلق األجسام ‪ ،‬بشرية أو غير ذلك ‪ ،‬في كل‬
‫لحظة ‪ ،‬فال أحد يعيش بين لحظتين بحيث يكون الفعل الذي يشاء في الجسم البشري في لحظة ما‬
‫مؤثًر ا سببًيا على جسد آخر في لحظة أخرى‪ .‬ألنه ‪ ،‬بمعنى ما ‪ ،‬أي فعالية مزعومة لما كان مطلوًبا‬
‫في لحظة معينة منفصلة تماًم ا عن أحداث اللحظة الثانية‪.‬‬

‫ومع ذلك ‪ ،‬فإن هذه الحجة األخيرة التي تم أخذها إلى استنتاجاتها المنطقية تستلزم عملًيا القول‬
‫بنظرية الحدوث ‪ ،‬أي الرأي القائل بأن هللا في كل لحظة يعيد خلق العالم ‪ ،‬وذراته وحوادثه وكذلك‬
‫جميع األفعال ‪ ،‬سواء كانت بشرية أم ال ‪ ،‬وهكذا‪ .‬إن هللا وحده هو الذي يصنع األحداث التي تحدث‬
‫في عالمنا‪ .‬وفي الواقع ‪ ،‬اعتنق المتكلمون في وقت الحق مثل هذه النظرة القائلة بالحدوث في‬
‫تفسير العالم‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬لم تكن الحجة التي يفضلونها بشأن الحدوث هي الحجة الموضحة أعاله ‪،‬‬
‫ولكنها كانت تستند إلى فكرة االستطاعة‪]3[ .‬و كانت الحجة تقريًبا هي أن المخلوق ال يقوم إال‬
‫ببعض اإلجراءات إذا كان يمتلك إمكانية القيام بهذا الفعل‪.‬‬

‫وعندما يمتلك المخلوق هذه اإلمكانية ‪ ،‬فإن االحتمال إما أن يتحقق أو ال يتحقق‪ .‬ومن ناحية أخرى‬
‫‪ ،‬فإن التأكيد على شيء موجود غير محقق ‪ ،‬مثل االحتمال غير المحقق ‪ ،‬هو بمثابة تأكيد على‬
‫شيء غير موجود ‪ ،‬وهو تناقض براءة اختراع‪.‬و من ناحية أخرى ‪ ،‬إذا تم تحقيق االحتمال ‪،‬‬
‫فيجب على المخلوق أن يقوم باإلجراء المترابط ‪ ،‬وسوف يفعل ذلك دائًم ا عندما يكون لديه‬
‫االحتمال الفعلي ولكن بالطبع المخلوقات تتصرف أحياًنا وأحياًنا ال تفعل ذلك‪ .‬لذلك ‪ ،‬يجب إنشاء‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪8/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫إمكانية قيام مخلوق بأي فعل معين له في أي وقت يتصرف فيه ‪ ،‬وهللا هو الذي يخلق باستمرار‬
‫إمكانية الفعل ‪ ،‬وبالتالي الفعل المترابط ‪ ،‬في كل لحظة يعمل فيها شيء ما‪ .‬باختصار ‪ ،‬يجب أن‬
‫تكون كل وكالة هلل وهللا وحده‪.‬‬

‫‪ 4.1‬النظام والطفرات‬

‫مرة أخرى كقاعدة عامة ‪ ،‬تبنى معظم المتكلمين التأمليين إطاًر ا ذرًيا لشرح الظواهر الطبيعية ومع‬
‫ذلك ‪ ،‬فإن مثل هذا الموقف لم يخلو من منتقديه حتى داخل تقليد الكالم نفسه ‪ ،‬وكان أشهر هؤالء‬
‫النقاد إبراهيم النظام (توفي حوالي ‪ .)840‬ولقدأنكر النظام أنطولوجيا الصدفة الذرية لمعظم علماء‬
‫الكالم وبدًال من ذلك أكد أنه باستثناء عرض الحركة ‪ ،‬فإن كل شيء آخر في عالمنا هو جسم‪.‬‬
‫وعالوة على ذلك ‪ ،‬لم يكن لألجسام ‪ ،‬فضاًل عن المكان ‪ ،‬بنية ذرية ‪ ،‬بل بنية متصلة حسب‬
‫النظام‪.‬ثم إن التوكيد على المكان والحركة المتصلة جعل النظام عرضة لمفارقات اسلوب زينون ‪،‬‬
‫وبالفعل واجهه الذري أبو الهذيل العالف عالنية بمفارقة النمل والصندل الموضحة أعاله‪ .‬وكان‬
‫حل النظام هو التأكيد على أن جسًم ا متحرًكا ‪ ،‬مثل النملة ‪ ،‬يمكنه عبور مكان متصل بعدد ال نهائي‬
‫من نقاط المنتصف عن طريق قفزة (طفرة)‪ .‬وكانت الفكرة العامة هي أن الجسم المتحرك يمكنه‬
‫تغطية مساحة مّتصلة عن طريق عمل عدد محدود من القفزات وأن الجسم المتحرك ال يكون في‬
‫الفراغات المتداخلة أثناء كل قفزة‪ .‬بمعنى آخر ‪ ،‬يقفز جسم متحرك من مكان ما إلى المركز الثالث‬
‫على مقدار متصل دون المرور بأي مكان آخر بين االثنين‪.‬‬

‫وعلى الرغم من الطبيعة غير الحدسية القتراح النظام ‪ ،‬فقد جادل بأنه حتى الذريون يجب عليهم‬
‫أيًض ا أن يقولوا بالطفرة‪.‬و لجعل الناس يتخيلون دوران حجر الرحى ولكن في دورة واحدة ‪،‬‬
‫ستقطع الذرة الموجودة على الحافة الخارجية للعجلة مسافة مساوية لمحيط العجلة ‪ ،‬بينما تقطع‬
‫الذرة في المحور مسافة أقصر مساوية لمحيط المحور‪ .‬نظًر ا ألن الذرة عند الحافة الخارجية تقطع‬
‫مسافة أكبر في وقت متساٍو من الذرة الموجودة في المحور ‪ ،‬يجب أن تتحّر ك الذرة عند الحافة‬
‫الخارجية أسرع من الذرة عند المحور‪ .‬ثم الحظ النعيم أن هناك طريقتين فقط لشرح هذه الظاهرة‪:‬‬
‫إما أن تقفز الذرة عند الحافة الخارجية فوق بعض الخاليا الذرية الوسيطة ‪ ،‬أو أن الذرة الموجودة‬
‫في المحور تستقر على بعض الخاليا الذرية لعدد قليل‪ .‬لحظات بينما تلتقطها الذرة الموجودة على‬
‫الحافة الخارجية‪.‬‬

‫كان الحل المفضل لدى الذريين لفروق السرعة هو افتراض أن األجسام ذات الحركة األبطأ لديها‬
‫عدد أكبر من فترات الراحة مقارنة باألجسام ذات الحركة األسرع‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬رفض النظام هذا‬
‫الحل فيما يتعلق بحجر الرحى الدوار على أساس أن حجر الرحى في هذه الحالة سوف يتفتت‬
‫عندما ترتاح بعض الذرات بينما يستمر البعض اآلخر في الحركة‪ .‬بمعنى آخر ‪ ،‬بعض الذرات‬
‫التي كانت في بداية الحركة بجوار ذرات أخرى كانت ستبتعد عن بعضها البعض بينما تلك األقرب‬
‫إلى الحافة استمرت في التحرك من أجل تغطية أكبر مسافة واستقرت تلك األقرب إلى المحور‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪9/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫بحيث لتغطية المسافة الخاصة بهم فقط ‪ ،‬وبالتالي من خالل مسافة الذرات عن بعضها البعض ‪،‬‬
‫فإن عجلة الطحن ككل ستتفتت وتنكسر‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬يرى النظام أنه من المالحظ بشكل مباشر أن‬
‫الحجر ال يتفتت ‪ ،‬ولذلك يجب على الذريين االلتزام بالطفرة‪( .‬لالطالع على مناقشة حول نظرية‬
‫الطفرة عندالنظام والمصادر التاريخية المحتملة المتاحة له ‪ ،‬انظر تشيس (‪.))2019‬‬

‫‪ .2‬الفلسفة األرسطية‬

‫‪ 1.2‬تعريف الحركة وصورتها‬

‫يقّدم ما ورد أعاله مخطًطا عاًم ا جًدا ألحد المناهج الفكرية البارزة للفلسفة الطبيعية في العالم‬
‫الناطق بالعربية في فترة العصور الوسطى‪ .‬ويعود أصل التقليد الرئيسي الثاني للفلسفة الطبيعية ‪،‬‬
‫وهو الفلسفة ‪ ،‬إلى كتابات أرسطو الفيزيائية وتقليد الشرح اليوناني العربي الذي نشأ حولها‪.‬و نظًر ا‬
‫ألن الفلسفة الطبيعية ‪ ،‬على األقل كما حدث في التقليد العلمي اليوناني ‪ ،‬هي دراسة الطبيعة ‪،‬‬
‫والطبيعة سبب الحركة أو التغيير ‪ ،‬فإن فهم ماهية الحركة والظروف الالزمة للحركات داخل إطار‬
‫أرسطو كان التركيز األساسي لـلفالسفة الطبيعيين العاملين ضمن تقليد الفلسفة واسع‪ .‬ولقدكان‬
‫أرسطو نفسه قد عّر ف الحركة على أنها “إنتليخية اإلمكانات بقدر ما هي كذلك”“‪the‬‬
‫‪ ( entelekheia of potential insofar as it is such‬ارسطو‪:‬الفيزياء ‪ ،‬الجزء الثالث‬
‫‪ .)1‬ولقد كانت إحدى القضايا التفسيرية التي كافحت معها الشروح اليونانية السابقة هي كيفية فهم‬
‫المصطلح الغامض ‪ entelekheia‬في تعريف أرسطو ‪ ،‬وهو مصطلح يبدو أن أرسطو صاغه‬
‫بنفسه‪ .‬ودافع البعض على أن ‪ entelekheia‬يجب أن تشير إلى عملية تقّدم نحوتحقق نهاية أو‬
‫الكمال أو مسار نحوهماودافع البعض اآلخر على أن ‪ entelekheia‬يجب أن تشير بمعنى ما إلى‬
‫تحقق الواقع الكامل لبعض النهاية جزئيا أو لكاملها‪ .‬إذن ‪ ،‬حسم الخالف في العالم القديم حول ما‬
‫إذا كانت االنتليخية بحد ذاتها مصطلح مسار أم ال‪ .‬وإذا كانت ‪ entelekheia‬عبارة عن مصطلح‬
‫يعبر عن مسار‪ ،‬فمن الواضح كيف يصف تعريف أرسطو للحركة بأنها مسار ما ‪ ،‬لكنه يفعل‬
‫ذلك بافتراض مصطلح مسارفي التعريف في حين أن تعريف أرسطو للحركة كان يهدف إلى‬
‫توفير الحساب األساسي لماهية المسار ولذا ال ينبغي أن تفترض مسارا ما‪.‬و إذا لم تكن‬
‫‪ entelekheia‬مصطلًح ا للمسار‪ ،‬فإن تعريف أرسطو يتجنب اإلستدارة ولكن لم يعد واضًح ا‬
‫كيف يصف المسار ألن اإلكمال أو الكمال هو نهاية المسار وليس المسار نفسه‪ .‬ويقدم ما ورد‬
‫أعاله تقريًبا نقاًشا فلسفًيا رئيسًيا حول تعريف أرسطو للحركة على الصورة التي وصلت بها إلى‬
‫الفالسفة الناطقين بالعربية‪5.‬‬

‫ولقد تم حل جزء من هذه المشكلة المصطلحية من خالل الترجمة العربية لفيزياء أرسطو نفسها‪.‬‬
‫ألن تعريف أرسطو يتم تقديمه في هذا السياق يفيد بان ” “‪motion is the perfection‬‬
‫‪ ”,(kamāl) of what is in potency inasmuch as it is such‬الحركة هي كمال ما‬
‫هو فعال بقدر ما هو كذلك” ‪ ،‬حيث أن ترجمة ‪ entelekheia‬على أنها “كمال” من شأنها أن‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪10/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫تحيز األرسطيين الناطقين بالعربية ضد تفسير لهذا المصطلح باعتباره يدل على مسار‪ .‬وهكذا فإن‬
‫القضية األساسية لهؤالء الفالسفة تضّم نت شرح كيف يصف تعريف أرسطو للحركة مسارا ما‪ .‬و‬
‫ربما كان الحل األكثر تعقيًدا لهذه المسألة هو ما قّدمه ابن سينا​​‪ ،‬الذي جادل بان الحركة تحدث في‬
‫آن‪.‬‬

‫)‪Avicenna 2009، II.1، 4–6‬؛ ‪Hasnawi 2001‬؛ ]‪McGinnis 2006a). [6‬‬

‫و يبدأ ابن سينا​​تحليله بالتمييز بين داللتين للحركة ‪ ،‬أحدهما يمكن تسميته “حركة النقلة” واآلخر‬
‫“الحركة الوسيطة”‪ .‬وتحدث حركة النقلة عندما يالحظ المرء كائًنا في حالتين مختلفتين متعارضتين‬
‫‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬التواجد هنا ثم الوجود هناك ‪.‬فاآلن في العالم ‪ ،‬يكون الجسم المتحرك ليس‬
‫هنا جزئًيا وجزئًيا هنا في نفس الوقت أثناء حركته‪ .‬وبالتالي ‪،‬ففي العالم تكون الحركة ليست شيًئا‬
‫مستمًر ا يمتد فعلًيا في أي لحظة بين هنا وهناك بالطريقة التي تمتد بها المسافة باستمرار بين‬
‫نقطتين و بدًال من ذلك ‪ ،‬فإن العالقة بين هاتين الحالتين مؤثرة على العقل وهذا االنطباع العقلي‬
‫هو الذي يؤدي إلى فكرة حركة النقلة‪ ،‬أي فكرة الحركة باعتبارها مقداًر ا ممتًدا مستمًر ا‪ .‬أما بالنسبة‬
‫الى الحركة الوسيطة ‪ ،‬أي الحركة الموجودة خارج العقل ‪ ،‬وهنا يأتي دور تحليل ابن سينا​​الجديد‬
‫للحركة التي تحدث في آن فهو يالحظ أوًال أن الكمال المعني في تعريف أرسطو ال يمكن أن يشير‬
‫إما إلى نقطة البداية أو إلى نقطة نهاية الحركة ألنه في الحالة األولى لم تبدأ الحركة بعد وفي‬
‫الحالة الثانية تكون الحركة قد اكتملت بالفعل‪ .‬وبالتالي ‪ ،‬يجب أن يشير الكمال إلى بعض كمال‬
‫الجسم المتحرك بينما يكون في حالة وسيطة بين هذين النقيضين‪ .‬لذلك ‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬الجسم‬
‫المتحرك بين ‪ x‬و ‪ z‬ال يتحرك عند ‪ x‬أو ‪ ، z‬ولكن فقط عندما يكون في الفراغ بين ‪ x‬و ‪ .z‬وهذه‬
‫الحالة الوسيطة ‪ ،‬بدورها ‪ ،‬يمكن أن تشير إما إلى الوسط المتصل الكامل بين الطرفين أو إلى‬
‫نقطة‪ .‬ولذا ‪ ،‬مرة أخرى ‪ ،‬قد تشير الحالة الوسيطة إلى الحركة بأكملها على طول المسافة‬
‫المستمرة بأكملها بين ‪ x‬و ‪ z‬أو إلى الكائن المتحرك عند نقطة واحدة أو أخرى على طول المسافة‬
‫‪.‬وعلى سبيل المثال ‪ .y ،‬ولقدالحظ ابن سينا​​بعد ذلك أنه في كل لحظة أثناء الحركة المستمرة‬
‫لجسم متحرك ‪ ،‬فإنه يتحرك ‪ ،‬ومع ذلك ال توجد لحظة تتواجد فيها الحركة بأكملها مثل بعض‬
‫الحجم الممتد‪ .‬وبالتالي فإن الكمال في تعريف الحركة يجب أن يشير إلى كمال الشيء المتحرك‬
‫عند نقطة أو أخرى بين نقطتي البداية والنهاية وإن كان الشيء المتحرك في تلك النقطة للحظة‬
‫فقط‪ .‬إنها حقيقة أن الجسم المتحرك يقع فقط في النقطة الوسيطة للحظة بالتحديد التي تضمن أن‬
‫الكائن يمر بالحركة ألنه إذا بقي في نقطة ما ألكثر من لحظة ‪ ،‬وهكذا لفترة من الوقت ‪ ،‬فسيكون‬
‫الكائن في الواقع في حالة سكون في تلك المرحلة‪.‬‬

‫لم يكن الجميع سعداء بتفسير ابن سينا​​لتعريف أرسطو للحركة ولم يتحدى بعض المؤلفين ابن‬
‫سينا​​فحسب بل تحدى أيًض ا الحاجة إلى تعريف أرسطو المتجدد للحركة في مصطلح”انتليخيا”‬
‫‪ .entelekheia‬كان هذا الموقف بالتأكيد هو الحال في الشرق اإلسالمي خالل الفترة التي أعقبت‬
‫ابن سينا​​مباشرة كما شهدنا في أعمال أبي البركات البغدادي (ت ‪ )1165‬وفخر الدين الرازي (ت‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪11/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫‪ .)1209‬وعلى الرغم من أن أبو البركات كان جزًء ا من تقليد الفلسفة ‪ ،‬إال أنه كان أيًض ا قارًئا‬
‫ناقًدا لكل من أرسطو وابن سينا​ في حين أن فخر الدين الرازي ‪ ،‬أثناء عمله ضمن تقليد الكالم ‪،‬‬
‫أشرك الفالسفة بجدية بل إنه كتب تعليًقا على أحد الفالسفة في موسوعة ابن سينا​​الفلسفية‬
‫القصيرة‪.‬‬

‫لقد فضل هؤالء تعريف الحركة على أنها ظهور تدريجي أو ليس في وقت واحد من القوة إلى‬
‫الفعل‪ .‬واعتبر ابن سينا​​نفسه هذا التعريف لكنه وجده ناقًص ا‪ .‬وعلى وجه التحديد اشتكى ابن سينا​‬
‫من أن هذا التعريف دائري في النهاية (‪ .)Avicenna، 2009، II.1، 3‬وهكذا أشار إلى أن‬
‫المسار التدريجي ‪ /‬ليس الكل في وقت واحد ُيفهم من حيث الزمن وفًقا ألرسطو و يتم تعريفه من‬
‫حيث الحركة أي بمقياس الحركة فيما يتعلق بالقبل والبعد‪ .‬وبالتالي يشكو ابن سينا​ من أن فهم‬
‫الزمن يتطلب أن يفهم المرء الحركة بالفعل ‪ ،‬لكن الفهم المقترح للحركة يستدعي فهم الزمن‪ .‬ورًدا‬
‫على هذا االعتراض ‪ ،‬أشار أبو البركات البغدادي إلى أن أرسطو (التحليالت الثانية ‪، 1.13 ،‬‬
‫‪ )78a22-b32‬وابن سينا​​(كتاب البرهان ‪ )III.2 ، 202-3 ،‬يدركان الفرق بين أن يكون الشيء‬
‫معروًفا لنا بشكل أفضل وأن تكون معروًفا بشكل أفضل بالطبيعة‪ .‬فشيء ما معروف لنا بشكل‬
‫أفضل إذا كان يتعلق بالمالحظة الحسية المباشرة في حين أنه من المعروف بشكل أفضل بطبيعته‬
‫إذا فهم المرء التفسير السببي األساسي‪ .‬والمثال القياسي لهذا االمر مأخوذ من مالحظة أن ما هو‬
‫قريب ال يومض ‪ ،‬والكواكب ال تومض‪ .‬وهكذا الحظ أرسطو وابن سينا​​أنه من خالل حقيقة أن‬
‫الكواكب ال يومض (وهي حقيقة معروفة لنا بشكل أفضل) يمكن للمرء أن يستنتج أن الكواكب‬
‫قريبة‪.‬‬

‫يمكن للمرء بعد ذلك تحويل هذا االستنتاج واستخدامه إلثبات يشرح سببًيا سبب عدم تأللؤ الكواكب‬
‫‪ ،‬أي ألنها قريبة (اآلن حقيقة معروفة أكثر بطبيعتها)‪ُ .‬يزعم أن مظهر االستدارة خادع ‪ ،‬ألنه في‬
‫االستنتاجين ‪ ،‬ال يتم استخدام المباني بالطريقة نفسها‪ :‬في إحدى الحاالت تشرح المقدمة شيًئا‬
‫معروًفا لنا بشكل أفضل وفي الحالة األخرى تشرح الطبيعة بشكل أفضل‪ .‬إن قبول المرء لتحليل‬
‫أرسطو وابن سينا​​أقل أهمية من أن كالهما بدا ملتزًم ا به ‪ ،‬ويستغل أبو البركات هذه الحقيقة‬
‫ليجادل بأن الدائرية المفترضة الكامنة وراء تعريف الحركة من حيث الظهور التدريجي من القوة‬
‫إلى الفعل ليست أكثر من حالة تحول من شيء معروف لنا إلى شيء أكثر شهرة بطبيعته‪.‬‬

‫الوقت المعروف لنا ← الحركة‬

‫الحركة – الزمن – أكثر شهرة بطبيعتها‬

‫عالوة على ذلك ‪ ،‬يكّر ر فخر الدين الرازي في كتابه المباحث المشرقية اقتراح أبي البركات‬
‫باستحسان‪:‬‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪12/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫إن تصور الطبيعة الحقيقية لـ “الكل في وقت واحد” و “ليس الكل في وقت واحد” و “التدريجي”‬
‫كلها تصورات مفاهيم بدائية بسبب مساعدة اإلحساس‪.‬و بالتأكيد نحن نفهم أن هذه األشياء ال ُتعرف‬
‫إال بحكم الوقت الحاضر والزمان لكن هذا يتطلب توضيًح ا‪ .‬ومن الممكن أن تكون الطبيعة‬
‫الحقيقية للحركة معروفة بهذه األشياء ‪ .‬وبعد ذلك تحدد الحركة معرفة الوقت والحاضر وهي‬
‫أسباب لتصور هذه األشياء األولى ولكن في هذه الحالة ال توجد دائرة‪ .‬هذه إجابة جيدة‪( .‬الرازي ‪،‬‬
‫فخر الدين ‪ ، 1990 ،‬المجلد ‪ .)670 ، 1‬وفكرة الرازي ‪ ،‬مثل فكرة أبي البركات ‪ ،‬هي أن‬
‫المفاهيم مثل الكل في وقت واحد والتدريجي معروفة على الفور من خالل اإلحساس في حين أنه‬
‫من الصحيح أن الزمن والحاضر ‪ ،‬على التوالي ‪ ،‬يوفران األساس في الواقع لتصوراتنا لألشياء‬
‫الناشئة تدريجًيا أو في كل مرة ‪ ،‬يجب إثبات هذه العالقة وليست فورية‪ .‬نظًر ا ألن مفاهيم التدريجي‬
‫والجميع في وقت واحد فورية ‪ ،‬فيمكنهما تزويدنا بالطبيعة الحقيقية لماهية الحركة‪ .‬بعد تحديد‬
‫ماهية الحركة ‪ ،‬يمكن للمرء استخدامها بعد ذلك لتحديد الوقت ومن ثم شرح التدريجي وما شابه‪.‬‬

‫ولقد تم تحديد تعريف أبو البركات والرازي للحركة من قبل الموسوعي ‪ ،‬أثير الدين األبهري‬
‫(المتوفى ‪ 1262‬أو ‪ ، )1265‬والذي استخدمه في كتابه الناجح للغاية في الفلسفة الطبيعية ‪ ،‬هداية‬
‫الحكمة‪ .‬و سيكون التعريف شائًعا على األقل حتى يتم الطعن فيه من قبل الفيلسوف والمتكلم‬
‫الشيعي العظيم مال صدرا (المتوفي عام ‪ )1636‬باالعتماد على رواية ابن سينا​​السابقة للحركة‬
‫التي يدافع عنها مال صدرا على األقل في كتابه “ شرح الهداية ” (مال صدرا ‪-103 ، 2001 ،‬‬
‫‪ )105‬و يذكر قارئه بأن الحركة بحد ذاتها مصطلح ملتبس ويقال في ما ال يقل عن طريقتين ‪:‬‬
‫حركة النقلة‪ traversal-motion‬والحركة الوسيطة‪ .‬و كجواب أبو البركات وفخر الدين الرازي‬
‫على الشحنة األصلية البن سينا​​لألعمال الدائرية ‪ ،‬يالحظ مال صدرا أنه فقط إذا كان اإلحساس‬
‫بالحركة هو نفسه في المقدمتين المحّو لتين ‪ converted premises‬وهم ال يتمسكون برأي مال‬
‫صدرا في حين أنه من الصحيح أنه يمكن استخدام الزمن الذي نعرفه جيًدا لفهم الحركة ‪ ،‬فإن‬
‫الحركة المعنية هي حركة نقلة‪ ،‬أي فكرة الحركة التي ‪ ،‬وفًقا البن سينا​​‪ ،‬موجودة عقلًيا فقط‪ .‬وفي‬
‫المقابل ‪ ،‬فإن إحساس الحركة المستخدم لشرح طبيعة الزمن ليس حركة نقلة بل حركة وسيطة ‪،‬‬
‫أي الحركة غير الذهنية الموجودة في العالم‪ .‬وعليه ‪ ،‬فالمقدماتالفعلية ليست تلك التي ذكرها أبو‬
‫البركات وفخر الدين الرازي ‪ ،‬بل األمرين التاليين‪:‬‬

‫الزمن الذي تعرفه بشكل أفضل لنا ←حركة النقلة‬

‫الحركة الوسيطة ↠ الزمن معروف بطبيعته‬


‫وبالتالي ال يتم التحويل نظًر ا لعدم شيوع أي من الحدين في كلتا المقدمتين‪ .‬ثم يختتم مال صدرا‬
‫روايته للحركة بتكرار فكرة ابن سينا​​والدفاع عنها بأن شكل الحركة كما هو موجود في العالم‬
‫ينطوي على حركة في لحظة ‪ ،‬وهذا هو الرواية التي أصبحت سائدة في الشرق اإلسالمي (الهند‬
‫المسلمة بالتأكيد) حتى على األقل في أواخر خمسينيات القرن التاسع عشر‪( .‬لمناقشة مفهوم ابن‬
‫سينا​​للحركة واستقبال ما بعد ابن سينا​​لهذا التعريف ‪ ،‬انظر( ‪.))McGinnis 2018‬‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪13/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫‪ 2.2‬الالمتناهي والمتصل‬

‫على الرغم من أن الحجة المذكورة أعاله تقدم بعض التفسيرات العربية في العصور الوسطى‬
‫لشكل الحركة كما نوقش في تقليد الفلسفة إال أن هناك عوامل سببية أخرى وشروط ضرورية‬
‫متضمنة في تحليل الحركة‪ .‬بعض أهم الشروط هي (‪ )1‬الالمتناهي (خاصًة كما يظهر في أوصاف‬
‫المتصل‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬المتصل مثل الذي يحتمل أن يكون قابًال للقسمة الى ما النهاية ‪)2( ،‬‬
‫الموضع ‪ ،‬ومرتبط ارتباًطا وثيًقا بالمكان ‪ )3( ،‬وكذلك الفراغ (‪ )4‬والزمن‪.‬‬

‫تعود الحجة ال القارة ضد الوجود الحقيقي لالمتناهي إلى عهد الكندي‪ ،‬على األقل ‪ ،‬وتمتد إلى‬
‫الفترة الكالسيكية للفلسفة العربية أو اإلسالمية حتى السهروردي على األقل (الكندي ‪، 1950‬‬
‫‪() 203-202 & 116-115‬ابن سينا ‪ III.8 ، 212-214 ، .​​1983‬؛ مؤلف سابق ‪، 1985 ،‬‬
‫‪ () IV.11 ، 244-246‬ابن باجة ‪ () 37-36 ، 1978‬ابن طفيل ‪) 77-75 ، 1936‬‬
‫(والسهروردي ‪ ]7[ .)44 ، 1999‬و النسخة المبسطة من الحجة تعمل على النحو التالي‪ :‬تخيل‬
‫عوارض صلبة ال يمكنها التمّدد‪ .‬وعالوة على ذلك ‪ ،‬افترض أن هذه الحزم تمتد من األرض إلى‬
‫الالنهاية في الفضاءوبعد ذلك تخيل أن بعض الطول المحدد ‪ ، x ،‬مأخوذ من أحد الحزم ‪ ،‬على‬
‫سبيل المثال ‪ ،‬المسافة بين األرض ونهاية مجرتنا ‪.‬و دعنا نسمي هذا الشعاع الذي تمت إزالة ‪x‬‬
‫منه ‪.R‬و تخيل اآلن أن ‪ R‬تنجذب إلى األرض ثم ُتقارن بالشعاع الذي لم يتم إزالة أي شيء منه‬
‫اتصل بهذه الحزمة األصلية ‪ .O‬في هذه الحالة ‪ ،‬عندما تكون الحزم صلبة ال يمكن أن تمتد ‪R‬‬
‫بطريقة تمّدد الطول الزائد ‪ .x‬لذلك ‪ ،‬يجب أن يكون ‪ R‬أقل من ‪ O‬في الطول يساوي ‪ .x‬وتخيل‬
‫اآلن الشعاعين جنًبا إلى جنب وقارن بينهما‪ .‬ونظًر ا لوجودهم جنًبا إلى جنب فإما أن تتطابق ‪R‬‬
‫تماًم ا مع ‪ O‬وبالتالي فهي تساوي ‪ O‬في المدى المكاني ‪ ،‬أو ‪ R‬أقل من ‪ .O‬ومن ناحية أخرى إذا‬
‫كانت ‪ R‬ليست أقل من ‪ O‬ولكنها تطابق تماًم ا وبالتالي فهي تساوي ‪ O‬فإن ‪ R‬ال تقل عن ‪.O‬‬
‫لكن تم افتراض أن ‪ R‬أقل من ‪ O‬بالطول ‪ ، x‬وبالتالي هناك تناقض‪.‬و من ناحية أخرى إذا كان ‪R‬‬
‫قصيًر ا من ‪ O‬على الجانب الممتد إلى الفضاء ‪ ،‬فعندئذ يكون الحد من ‪ O‬هو حد ‪ . R‬وفي هذه‬
‫الحالة يكون ‪ R‬مقيًدا على كال الجانبين الممتد إلى الفضاء وعلى الجانب األرضي‪ .‬في هذه الحالة‬
‫‪ ،‬تكون ‪ R‬محدودة ولكن كان من المفترض أن تكون النهائية وهو تناقض آخر‪ .‬باختصار إذا‬
‫كان من الممكن وجود امتداد النهائي حًقا ويمكن اختصاره بمقدار محدود (ُيفترض أنه معطى)‬
‫فيجب أن يكون المبلغ المختصر مساوًيا للتمديد الالنهائي األصلي أو أقل منه ؛ ومع ذلك ‪ ،‬فإن كلتا‬
‫الحالتين تؤدي إلى تناقض‪ .‬لذلك يجب رفض الفرضية التي أدت إلى التناقضات التي مفادها أن‬
‫التمديد الالمتناهي حًقا يمكن أن يوجد‪.‬‬

‫استخدم الكندي بعد ذلك استنتاج هذه الحجة ليقول إن الوقت نفسه يجب أن يكون محدوًدا وبالتالي‬
‫فإن الفترة الزمنية التي كان العالم موجوًدا خاللها يجب أن تكون محدودة‪ .‬لذلك خلص بناًء على‬
‫هذه الحجة إلى أن العالم يجب أن يكون قد ُخ لق في مرحلة ما وبالتالي ليس أبدًيا (الكندي ‪، 1950‬‬
‫‪ 122-121‬و ‪ .)206-205‬كما أن حجة الكندي بشأن المحدودية الزمنية للكون هي نفسها التي‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪14/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫يفضلها مؤيدو الكالم وهي ليست سوى “حجة الكالم الكونية” التي أعاد ويليام لين كريج نشرها‬
‫مؤخًر ا (كريج ‪ .)2000 ،‬وعلى عكس تطبيق الكندي للحجة السابقة على الزمن اتخذ معظم‬
‫الفالسفة الالحقين لتقليد الفلسفة استنتاج الحجة أعاله لإلشارة فقط إلى أنه ال يمكن أن يوجد حجم أو‬
‫عدد غير محدود من األشياء أي ال يمكن أن يوجد الالنهاية الكاملة التي توجد جميع أجزائها في‬
‫نفس اللحظة في الوقت المناسب‪ .‬وفي الحاالت التي ال يتواجد فيها كل الحجم أو أجزائه مًعا في‬
‫لحظة واحدة – كما في حالة الزمن وأجزائه ‪ ،‬الماضي والحاضر والمستقبل – فقد جادلوا بأن‬
‫الالتناهي يمكن أن يوجد على الرغم من احتمال وجوده بالقوة‪.‬‬

‫باإلضافة إلى توفير وسيلة لفهم أبدية الكون فإن فكرة الالتناهي المحتمل كانت مفيدة أيًض ا للعديد‬
‫من الفالسفة الطبيعيين من حيث أنها وفرت وسيلة لشرح المتصل‪ .‬على الرغم من أن الفالسفة‬
‫الناطقين باللغة العربية قد اتبعوا بدقة تعريف المتصل الذي قدمه أرسطو في الفيزياء( الفيزياء‪V 3‬‬
‫الذي هو من حيث حدين يصبحان واحًدا ونفس الشيء إال أنهم مع ذلك يتسترون أكثر على هذا‬
‫التعريف من حيث كونه قابًال للقسمة إلى األبد‪،‬أجزاء أصغر بال حدود ‪ .‬أي أنه يحتمل أن تكون‬
‫قابلة للقسمة بال حدود‪ .‬من الواضح أن فكرة المتصل تتعارض مع حجج الذريين ضد المتصل التي‬
‫رأيناها أعاله‪ .‬ورًدا على هذه الحجج أصّر الفالسفة على أن الحجم المتصل هو في حقيقة القول‬
‫واحد وموحد وأنه على هذا النحو ال يتكون من عدد ال حصر له من األجزاء وبالتالي ال يحتوي‬
‫على عدد النهائي من االنقسامات (على سبيل المثال ( ‪ ، Avicenna 1983‬الثالث ‪-8 ، 2 ،‬‬
‫‪.)10‬و لقد دافع هؤالء كذلك على أن الحجم المتصل بالمعنى الدقيق للكلمة ال يمكن حتى أن يقال‬
‫أنه يحتوي على عدد ال حصر له من التقسيمات المحتملة ‪ ،‬على األقل ليس بمعنى أن عدًدا ال‬
‫نهائًيا من األقسام غير الواقعية موجودة بشكل خفي ضمن الحجم المتصل لذلك يمكن أن تظهر‬
‫جميعها إلى حيز الوجود ليتم تفعيلها في نفس الوقت‪.‬‬

‫وبالنسبة للفالسفة ال يوجد شعور حقيقي بأن االنقسامات في الحجم سواء في الواقع أو المحتملة‬
‫‪.‬وبدًال من ذلك فإن المعنى الذي ُيحتمل أن يكون فيه المقدار المستمر قابًال للقسمة بال حدود هو أنه‬
‫يمكن للمرء أن يفترض عقليًا انقسامات عرضية في الحجم الالنهائي‪ .‬وستكون هذه التقسيمات‬
‫العرضية مثل الجانب األيسر عند اإلشارة إلى اليسار والجانب األيمن عند اإلشارة إلى اليمين‪ .‬ال‬
‫توجد أقسام يسار ويمين حقيقية في الحجم باستثناء الموضع‪ .‬وبعبارة أخرى ‪ ،‬ال يوجد شيء في‬
‫العظمة يمنع أو يعيق عقلًيا إنشاء انقسامات أصغر‪ .‬وعلى سبيل المثال ‪ ،‬فكر في ‪ ، 1/2‬ومرة​‬
‫أخرى ‪ ، 1/2‬وما إلى ذلك فإن هذين النصفين ال يمثالن حجًم ا حقيقًيا حتى يمر المرء بعملية‬
‫تمييزها عقلًيا (أو حتى جسدًيا)‪ .‬لذلك ‪ ،‬عندما يقول الفالسفة إن السلسلة المتصلة من المحتمل أن‬
‫تكون قابلة للقسمة بال حدود ‪ ،‬فإنهم يعنون أنه من المستحيل إكمال عملية التقسيم بحيث تكون‬
‫النتيجة في الواقع عدًدا ال نهائًيا من األجزاء‪ .‬وبالتالي ‪ ،‬هناك تناقض متأصل في اعتراض‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪15/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫المتكلمين على أنه إذا كان من المحتمل أن تكون السلسلة متصلة بال حدود قابلة للقسمة ‪ ،‬فال بد من‬
‫وجود قوة ‪ ،‬مثل هللا ‪ ،‬يمكنها تحقيق جميع االنقسامات المحتملة ؛ لمثل هذه الحجة تعني بشكل‬
‫سخيف أن ما ال يمكن استكماله بحكم التعريف قد اكتمل‪.‬‬

‫‪ 3.2‬نقد الّذرة ‪ Minima Naturalia‬الجزء الذي ال يتجزأ‬

‫بعد أن أظهر الفالسفة كيف أن فكرة المتصل ال تؤدي إلى السخافات التي قدمها الذريين ‪ ،‬جادل‬
‫الفالسفة بعد ذلك بأن الذرية نفسها غير متماسكة من الناحية المفاهيمية‪ .‬ربما يكون أهم شيء يجب‬
‫أخذه في االعتبار عند التفكير في حجج الفالسفة الناطقين بالعربية ضد النظرية الذرية هو طبيعة‬
‫الذرات التي يريدون رفضها‪ .‬تأتي كلمة “‪ ”Atom‬من الكلمة اليونانية ‪ atomos‬وتعني حرفيًا ما‬
‫ال يمكن قطعه أو تقسيمه‪ .‬وفي العالم اإلسالمي في العصور الوسطى أدرك الفالسفة وعلماء‬
‫الكالم على حد سواء نوعين من التقسيم‪“ :‬القابلية المادية للتقسيم” و “القابلية للتقسيم المفاهيمي”‪.‬‬
‫والمعنى األول والصحيح لقابلية القسمة عند ابن سينا​​‪ ،‬القابلية الجسمية ‪ ،‬هو شكل القسمة التي‬
‫تؤدي في الواقع إلى االنفصال واالنقطاع ضمن المقدار‪ .‬إنه ينطوي على قسمة مقدار ما مادًيا إلى‬
‫جزأين مختلفين بالفعل‪.‬و النوع الثاني من التقسيم ‪ ،‬أي القسمة المفاهيمية ‪ ،‬ينطوي فقط على‬
‫التقسيم العرضي للحجم‪ .‬فاألجزاء المتضمنة في هذا النوع من القسمة هي األجزاء العرضية‬
‫المذكورة أعاله والتي تنتج عن عملية نفسية معينة ‪ ،‬أي االنقسام من خالل مجرد الوضع‪ .‬أما‬
‫بالنسبة لنقدهم للنظريات الذرية للحجم ‪ ،‬فقد جاءوا في شكلين عامين‪ :‬الحجج التي تحاول إظهار أن‬
‫الذرية ال يمكنها حتى تقريب أفضل الرياضيات لدينا ‪ ،‬والحجج التي تحاول إظهار أن مفهوم‬
‫األجزاء الدنيا التي ال يمكن تقسيمها من الناحية المفاهيمية غير كافية لوصفها‪ .‬بعض الظواهر‬
‫الطبيعية األساسية‪.‬‬

‫وكان النقد الرياضي األكثر شيوًعا ضد النظرية الذرية هو أنه إذا كانت الذرية صحيحة فلن يتمكن‬
‫المرء حتى من تقريب نظرية فيثاغورس‪ .‬ومع ذلك فإن نظرية فيثاغورس هي أفضل نظرية مثبتة‬
‫في الرياضيات على سبيل المثال ‪ .)Avicenna 1983، III.4، 190 (،‬تبدأ الحجة بتصور‬
‫الفضاء الذري مثل رقعة الشطرنج ‪ ،‬وهو تقريب عادل لكيفية تفكير المتكلمين في الفضاء الذري‪.‬و‬
‫بعد ذلك تخيل أن هناك مثلًثا متساوي الساقين قائًم ا على هذا الفضاء الذري طول أرجله أربع‬
‫ذرات‪ .‬يجب أن يكون طول وتر المثلث مساوًيا لعدد الذرات التي تنساب على القطر في المربع‬
‫الذري المزعوم ‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬نظًر ا ألن الفضاء ذري ‪ ،‬فسيكون هذا الطول أربع ذرات فقط‪ .‬اآلن‬
‫بما أنه وفًقا لنظرية فيثاغورس ‪ ،‬يجب أن يساوي مربع مجموع الساقين مربع الوتر ‪ ،‬فسيكون لدى‬
‫المرء ‪ ، 42 = 42 + 42‬إذا كان الفراغ ذرًيا ‪ .‬ولكن من الواضح أن هذا خطأ‪ .‬ونظًر ا ألن‬
‫العبثية نشأت من أخذ االفتراضين المشتركين بأن الفضاء ذري ونظرية فيثاغورس ‪ ،‬يجب رفض‬
‫أحدهما ‪ ،‬والمرشح الواضح هو إنكار وجود وحدات ذرية قليلة من حيث الحجم‪.‬‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪16/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫ليس من المفيد أن نقول إن قطر الذرة أطول من جوانبها فلمثل هذا االفتراض يستلزم وجود أطوال‬
‫أقصر من أصغر جزء ‪ ،‬أي الكمية التي يفترض أن يكون قطر الذرة أطول من جانبها ‪ ،‬لكن‬
‫الطول األقصر من أقصر طول يعتبر تناقًض ا‪ .‬وباختصار ‪ ،‬يبدو أنه إذا كانت نظرية فيثاغورس‬
‫صحيحة ‪ ،‬فإن ذرية المتكلمين خاطئة‪.‬‬

‫اشتمل النوع الثاني من الحجج المستخدمة ضد النزعة الذرية على إظهار أن مفهوم األجزاء الدنيا‬
‫من الناحية المفاهيمية كان مطلوًبا فلسفًيا وعلمًيا على سبيل المثال ‪Avicenna 1983، (،‬‬
‫‪ .)III.4، 189–190‬وكانت القضية المطروحة تتعلق بكيفية تجميع الذرات بحيث تؤدي إلى‬
‫ظهور األجسام المادية التي نالحظها من حولنا‪ .‬ويبدو أن هناك أربع طرق ممكنة‪ )1( :‬يمكن‬
‫للذرات أن تتعاقب مع بعضها البعض ولكن ال تالمس بعضها بأي شكل من األشكال ‪ .‬أو يمكن‬
‫للذرات أن تالمس بعضها البعض وفي هذه الحالة يمكن أن تفعل ذلك من خالل (‪ )2‬متجاورة مع‬
‫بعضها البعض (‪ )3‬متصلة ببعضها البعض أو (‪ )4‬متداخلة‪ .‬ومن الواضح أن األجسام التي‬
‫نالحظها من حولنا هي كائنات موحدة ‪ ،‬أي أن أجزائها مترابطة ومن ثم تشكل مواد صلبة بدًال من‬
‫أن تكون “مثل السحابة”‪.‬وبالتالي ال يمكن للذرات أن تكون متتالية فقط‪ .‬إذا كانت الذرات على‬
‫اتصال مع بعضها البعض عن طريق التداخل مع بعضها البعض فلن تكون األجسام أبًدا أكبر من‬
‫ذرة واحدة ولكن مرة أخرى هذه النتيجة خاطئة من الناحية التجريبية‪ .‬وبالتالي يجب أن تكون‬
‫الذرات على اتصال إما من خالل كونها متصلة أو متصلة ببعضها البعض‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬في هذه‬
‫الحالة ‪ ،‬تخيل ثالث ذرات ‪​​، ABC ،‬إما متجاورة أو متصلة ببعضها البعض‪ .‬في هذه الحالة ‪،‬‬
‫يجب أن تفصل ‪ B‬بين ‪ A‬و ‪ C‬ألنه إذا لم يكن ‪ B‬يفصل ‪ A‬عن ‪ ، C‬فعندئذ ‪ ،‬على سبيل المثال ‪،‬‬
‫يمكن أن يكون ‪ A‬على اتصال بـ ‪ C‬على الرغم من وجود ‪ B‬بحيث يكون ‪ A‬في الواقع يتداخل مع‬
‫‪ B‬؛ ولكن تم بالفعل استبعاد هذا البديل‪ .‬وبالتالي ‪ ،‬يجب أن يكون هناك شيء ‪ ، x ،‬بموجبه يكون‬
‫‪ B‬على اتصال بـ ‪ A‬وشيء ‪ ، y ،‬بحكمه يكون ‪ B‬على اتصال بـ ‪ ، C‬ويجب أن يكون ‪ x‬و ‪y‬‬
‫منفصلين عن بعضهما البعض ‪ ،‬وإال ‪ A‬و ‪ C‬لن تكون منفصلة عن بعضها البعض‪ .‬ومع ذلك ‪،‬‬
‫في هذه الحالة ‪ ،‬يمكن تقسيم ‪ B‬من الناحية المفاهيمية إلى ‪ x‬و ‪ ، y‬ومع ذلك ‪ ،‬تم افتراض أن ‪B‬‬
‫غير قابلة للتجزئة من الناحية المفاهيمية ‪ ،‬وبالتالي هناك تناقض‪ .‬باختصار ‪ ،‬األجزاء غير القابلة‬
‫للتجزئة من الناحية المفاهيمية من الذريين غير كافية لتفسير وجود األجسام المادية التي نالحظها‬
‫من حولنا‪.‬‬

‫وعلى الرغم من رفضهم لألجزاء البسيطة من الناحية المفاهيمية ‪ ،‬فإن بعض الفالسفة المسلمين ‪،‬‬
‫الذين يتبعون أرسطو (الفيزياء ‪ 187 ، 1.4 ،‬ب ‪ )21 – 13‬وبعض الشراح اليونانيين مثل جون‬
‫فيلوبونوس (المتوفي ‪ ، )570‬أقروا بأن األجسام تحتوي على أجزاء صغيرة مادًيا‪ .‬لكي نكون‬
‫دقيقين ‪ ،‬تعرفوا على الحد األدنى الطبيعي ‪ ،‬وهذا هو حدود المدى الذي يمكن فيه تقسيم نوع معين‬
‫من الجسم مثل الماء أو اللحم‪ .‬وما زال هذا النوع المحدد من الجسم وليس بدًال من ذلك تحويله إلى‬
‫نوع آخر من الجسم (ابن سينا ‪Averroes، 1962، ad 1.4 & )III.12، 2–9 ،2009 ،‬‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪17/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫‪ (. ) 3.7‬وبالنسبة الى الدراسات انظر( ‪Glasner، 2001 & 2009، ch.8‬؛ ‪Cerami،‬‬
‫‪2012‬؛ ‪ .)McGinnis، 2015‬ومن أجل تقدير نسخة واحدة من حجتهم حول الحدود الدنيا‬
‫الطبيعية (‪ )Avicenna 2009، III.12، 8‬يجب على المرء أوًال أن يأخذ في االعتبار نظرية‬
‫العناصر والتغيير األولي الذي تفترضه مسبًقا‪.‬و وفًقا لنظرية العناصر القديمة والعصور الوسطى‬
‫يرتبط كل عنصر من العناصر األربعة التقليدية بصفتين أساسيتين واحدة لكل من زوجين‪ .‬تشمل‬
‫هذه األزواج الصفات األساسية الساخنة ‪ /‬الباردة والرطبة ‪ /‬الجافة‪ .‬يرتبط عنصر األرض‬
‫بالصفات الباردة الجافة والماء البارد الرطب والهواء الساخن الرطب والنار بالحرارة الجافة‪.‬‬
‫ترتبط هذه الصفات األساسية بالسبب المادي للعناصر‪ .‬عندما يتم تغيير هذه الصفات األولية من‬
‫خالل عملية السببية الجسدية – أي أن هناك بعض الحركة أو التغيير في العنصر مثل زيادة أو‬
‫نقصان درجة الحرارة أو البرودة أو الجفاف أو البلل – فإن التغيير يستعد أو يتصرف مسبًقا المادة‬
‫األساسية بحيث تكون مناسبة لتلقي شكل جوهري جديد‪ .‬لذلك ‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬عندما يتم‬
‫تسخين الماء بشكل كاٍف ‪ ،‬والذي يرتبط مرة أخرى بمزيج بارد – رطب ‪ ،‬فإن الترتيب النوعي‬
‫األساسي لم يعد مناسًبا للشكل األساسي للمياه‪ .‬وبالتالي ‪ ،‬في مرحلة ما من عملية التسخين ‪ ،‬تتلقى‬
‫المادة شكًال جوهرًيا جديًدا يتوافق مع الترتيب النوعي األساسي الجديد للمسألة ‪ ،‬أي أن المادة‬
‫تتلقى شكل الهواء‪ .‬وبالفعل ‪ ،‬فإن البخار الناتج عن تسخين المياه بقوة له جودة محددة شبيهة‬
‫بالهواء‪ .‬حساب مشابه للحساب الذي تم تحديده للتو ينطبق أيًض ا على الحاالت األكثر تعقيًدا‬
‫للمخاليط ‪ ،‬مثل الدم واللحم والبذور ‪ ،‬والتي تشارك في تكوين الحيوانات والنباتات‪.‬‬

‫أما بالنسبة إلثبات وجود الحدود الدنيا الطبيعية ‪minima naturalia‬نفسها ‪ ،‬فإنها تبدأ بتكرار‬
‫هذا التقسيم بطريقتين‪ :‬التقسيم المادي – الذي يستلزم تقسيًم ا فعااًل ‪ ،‬أو قطًعا أو تجزًؤ ا للحجم –‬
‫والتقسيم المفاهيمي – الذي يتضمن أمًر ا بسيًطا‪ .‬االنقسام أو الموقف العقلي الذي يترك الحجم‬
‫سليما‪ .‬مرة أخرى ‪ ،‬الحجة هي على وجه التحديد حول القسمة الماديةو الحجة هي كما يلي‪ :‬كلما‬
‫قّلت كمية مادة معينة ‪ ،‬زادت احتمالية طلبها من قبل األجسام المحيطة‪ .‬لذلك ‪ ،‬على سبيل المثال ‪،‬‬
‫مع تساوي جميع األشياء األخرى ‪ ،‬يستغرق قدًر ا من الماء وقًتا أطول لتبريد طن من الحديد‬
‫المنصهر مما يتطلبه نفس الجسم من الماء لتبريد أوقية من الحديد المنصهر ‪ ،‬وبالمثل ‪ ،‬فإن فرن‬
‫الصهر قادر على تسخين نفس األوقية أسرع من طن‪ .‬وبالمثل ‪ ،‬كلما كانت التقسيمات المادية‬
‫أصغر لمادة معينة ‪ ،‬كلما تم التخلص من هذه الكمية المخفضة من المادة إلى الصفات األساسية‬
‫لألجسام المحيطة‪ .‬أقل من حد معين ‪ ،‬النسبة بين قوة الصفات األولية لألجسام المحيطة وتلك‬
‫الخاصة بالجسم المقسم هي أن صفات األجساد المحيطة تسود على تلك الخاصة بالجسم المنقسم‪.‬‬

‫في هذا الوقت ‪ ،‬يصبح التصرف النوعي األساسي للمادة المقسمة متغيًر ا لدرجة أنه لم يعد يناسب‬
‫شكلها األولي ‪ ،‬وتتلقى المادة شكًال جوهرًيا جديًدا‪ .‬لذا ‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬تخيل كوًبا من الماء‬
‫محاًطا بهواء ساخن وجاف في الصيف‪ .‬تخيل اآلن نصف هذه الكمية من الماء ‪ ،‬ثم استمر في أخذ‬
‫النصف‪ .‬في أي وقت ‪ ،‬تكون كمية الماء صغيرة جًدا بحيث يتبخر الماء ببساطة إذا جاز التعبير‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪18/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫على الفور ‪ ،‬أو كما يعتقد فالسفة الطبيعة في العصور الوسطى ‪ ،‬يتم استبدال شكل الماء في هذه‬
‫الكمية المادية الصغيرة على الفور بشكل الهواء‪ . .‬باختصار ‪ ،‬بالنسبة لهؤالء المفكرين ‪ ،‬فإن‬
‫العناصر ‪ ،‬وكذلك الخالئط األكثر تعقيًدا ‪ ،‬لها حدود طبيعية ال يمكن بعدها تقسيمها وال تزال قادرة‬
‫على االحتفاظ بشكلها الخاص ‪ ،‬ألن الصفات األساسية لألجسام المحيطة تغير هذا الجسم لدرجة‬
‫أنه لم يعد قادًر ا على الحفاظ على شكله األولي‪ .‬لذلك يجب أن يكون هناك ‪ ،‬كما تستنتج الحجة ‪،‬‬
‫ألن الصفات األولية لألجسام المحيطة تغير هذا الجسم لدرجة أنه لم يعد قادًر ا على الحفاظ على‬
‫شكله األولي‪ .‬لذلك يجب أن يكون هناك ‪ ،‬كما تستنتج الحجة ‪ ،‬ألن الصفات األولية لألجسام‬
‫المحيطة تغير هذا الجسم لدرجة أنه لم يعد قادًر ا على الحفاظ على شكله األولي‪ .‬لذلك يجب أن‬
‫يكون هناك ‪ ،‬كما تستنتج الحجة ‪ ،‬الحدود الدنيا الطبيعية ‪.minima naturalia‬‬

‫‪ 4.2‬المكان والفراغ‬

‫أكد أرسطو في كتابه فيزياء (‪ )IV 4 ، 212a2-6‬أن المكان هو أول حد ثابت للجسم المحتوي‪.‬‬
‫لكن روايته تعرضت النتقادات شديدة من المفكر اليوناني األفالطوني الحديث جون فيلوبونوس‪.‬‬
‫أكد جون فيلوبونوس أن هذا المكان هو امتداد ثالثي األبعاد (محدود) والذي ‪ ،‬على الرغم من أنه‬
‫ال يخلو أبًدا من جسم في حد ذاته ‪،‬فهو مع ذلك ‪ ،‬يعتبر في حد ذاته ‪ ،‬قائًم ا بذاته ‪ ،‬وبالتالي يمكن‬
‫من الناحية النظرية أن يوجد بشكل مستقل عن الجسد‪ .‬وكانت إحدى الطرق التي دافع‬
‫بهافيلوبونوس عن هذه األطروحة هي القول بأن وصف أرسطو للمكان كان غير متسق مع‬
‫السمات األخرى لنظامه الفلسفي‪ .‬وبدا أرسطو ملتزًم ا بالتأكيدات الثالثة التالية‪ :‬أوًال ‪ ،‬إذا كان‬
‫لشيء ما مكان ‪ ،‬ثم بالنظر إلى تعريفه لـ “المكان” ‪ ،‬يجب أن يكون هناك شيء آخر يتجاوز ذلك‬
‫الشيء الذي يحتوي عليه ؛ ساعتين ‪ ،‬مرة كل أربع وعشرين ساعة أو نحو ذلك ‪ ،‬تدور الكرة‬
‫السماوية الخارجية بالكامل باتجاه الغرب ؛ وثالًثا ‪ ،‬ال يوجد سوى ثالثة أنواع عامة من الحركة‪:‬‬
‫الحركة بالنسبة إلى (‪ )1‬المكان ‪ )2( ،‬الكم ‪ )3( ،‬الكيف‪ .‬بالنظر إلى هذه المعتقدات ‪ ،‬طرح‬
‫فيلوبنوس المعضلة التالية‪ .‬إما أن الكون ككل له مكان أو ليس له مكان‪ .‬وإذا كان له مكان ‪ ،‬فإن‬
‫تعريف أرسطو للمكان خاطئ ألنه ال يوجد شيء خارج الكون نفسه ويحتويه‪ .‬وإذا لم يكن للكون‬
‫ككل مكان ‪ ،‬يسأل فيلوبونوس ‪“ ،‬بأي شكل يتحرك الكرة السماوية الخارجية أثناء حركته اليومية؟”‬
‫مرة أخرى ‪ ،‬يمكن أن تكون الحركة (‪ )1‬مرتبطة بمقولة الموضع (كما هو الحال عندما يخضع‬
‫شيء ما للتنقل) ‪ )2( ،‬مرتبطة بمقولة الكم (كما هو الحال عندما ينمو شيء ما أو يتقلص) ‪ ،‬أو‬
‫(‪ )3‬مقابل مقولة الكيف(مثل عندما يحدث شيء ما يتغير اللون أو درجة الحرارة ‪ ،‬وما إلى ذلك)‪.‬‬
‫من الواضح أن الحركة اليومية للكون ال تتعلق بأي مقولة من مقوالت الكمي أو الكيف ‪ ،‬وبالتالي‬
‫يجب أن تكون متناسبة مع المكان ؛ ومع ذلك ‪ ،‬في هذا القرن من المعضلة ‪ ،‬تم افتراض أن الكون‬
‫ليس له مكان ‪ ،‬وبالتالي هناك تناقض‪ ..‬على الرغم من أن فيلوبنوس كان لديه حجج أخرى‬
‫العتقاده أن المكان هو المكان الذي يشغله الجسد ‪ ،‬فإن هذه المعضلة هي التي مارسها الفالسفة‬
‫الطبيعيون الالحقون الناطقون بالعربية‪ .‬من الواضح أن الحركة اليومية للكون ال تتعلق بأيمقولة‬
‫من مقوالت الكمي أو الكيف ‪ ،‬وبالتالي يجب أن تكون متناسبة مع المكان ؛ ومع ذلك ‪ ،‬في هذا‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪19/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫القرن من المعضلة ‪ ،‬تم افتراض أن الكون ليس له مكان ‪ ،‬وبالتالي هناك تناقض‪ .‬على الرغم من‬
‫أن فيلوبنوس كان لديه حجج أخرى العتقاده أن المكان هو المكان الذي يشغله الجسد ‪ ،‬فإن هذه‬
‫المعضلة هي التي مارسها الفالسفة الطبيعيون الالحقون الناطقون بالعربية‪.‬‬
‫في الواقع ‪ ،‬تبنى جميع الفالسفة الناطقين بالعربية تفسير أرسطو للمكان على أنه حدود الجسدم‬
‫المحتوي ‪ ،‬وبالتالي كان التحدي هو شرح ما إذا كان للكون ككل مكان وبأي معنى يمكن القول أنه‬
‫يتحرك‪ .‬كانت هناك طريقتان لحل هذه المشكلة‪ :‬أحدهما هو إنكار وجود مكان للكون ومن ثم شرح‬
‫بأي معنى يمكن أن يقال أنه يتحرك ‪ ،‬بينما كان اآلخر هو التأكيد على أن الكون له مكان ومن ثم‬
‫إظهار كيف أن له مكاًنا‪ .‬المكان يتوافق مع تعريف أرسطو للمكان‪ .‬يمثل ابن سينا) النهج األول ‪،‬‬
‫بينما اتخذ ابن باجة وابن رشد (ويبدو أيًض ا الفارابي) النهج الثاني‪ .‬على سبيل المثال ‪ ،‬أنكر ابن‬
‫سينا​​أن للكون مكاًنا ‪ ،‬لكنه أيًض ا نفى أن تكون قائمة أنواع الحركة التي استغلها فيلوبونوس في‬
‫معضلته شاملة‪ :‬يجب على المرء أن يضيف إلى تلك القائمة ‪ ،‬كما قال ابن سينا​​‪ ،‬الحركة فيما‬
‫يتعلق بـ مقولة الموضع (‪Avicenna 1983، II.3، 103-105.13‬؛ ‪.)McGinnis 2006b‬‬
‫وفًقا البن سينا​​‪ ،‬فإن جميع حاالت الحركة المستقيمة ‪ ،‬أي الحركة من نقطة مكانية معينة ‪ x‬إلى‬
‫نقطة مكانية مميزة ‪ ، y‬هي حاالت حركة فيما يتعلق بمقولة المكان ‪ ،‬في حين أن جميع حاالت‬
‫الدوران أو الدوران ‪ ،‬حيث ال ينحرف الجسم المتحرك عن موقع مكاني معين ‪ ،‬فهي حاالت حركة‬
‫فيما يتعلق بمقولة الموضع‪ .‬وخلص ابن سينا​​إلى أنه نظًر ا ألن الكون أثناء دورانه اليومي ال‬
‫ينحرف من موقع مكاني إلى آخر ‪ ،‬فإنه ال يحتاج إلى مكان ومع ذلك ال يزال بإمكانه التحرك وإن‬
‫كان فيما يتعلق بمقولة الموضع‪.‬‬

‫أما المقاربة المتناقضة فهي نهج ابن باجة الذي قيل لنا أنه اتبع الفارابي‪ .‬سيكون هذا الموقف أيًض ا‬
‫هو الموقف الذي سيتبناه ابن رشد بشكل عام ‪ ،‬على الرغم من بعض التحفظات والتعديالت‬
‫(‪ Lettinck 1984 ، 297-302‬؛ ‪ .)Averroès 1962 ، 141E-144I‬يبدأ ابن باجة‬
‫بتعديل طفيف في تعريف أرسطو للمكان ؛ بدًال من أن يكون الموقع األول الذي يحتوي على‬
‫الحدود ‪ ،‬يتم تحديد الموقع اآلن بـ “بيئة قريبة من السطح”‪ .‬التغيير في اللغة طفيف ‪ ،‬لكنه يسمح‬
‫البن باجة بالتمييز بين معنيين لـ “السطح المحيط”‪ .‬قال ابن باجة إن األشياء يمكن أن تكون محاطة‬
‫بسطح مقعر أو محدب‪ .‬الجسم المستقيم ‪ ،‬أي الجسم الذي يخضع لحركة مستقيمة ‪ ،‬له سطح مقعر‬
‫يكون خارًج ا له ‪ ،‬في حين أن الجسم الكروي حًقا ‪ ،‬أي الجسم الذي يخضع لحركة دائرية أو‬
‫دوران ‪ ،‬يحدث على سطح محدب ‪ ،‬وهو داخل الجسم الدوار وهو في الواقع السطح المركزي‬
‫الذي يدور حوله الجسم‪ .‬نظًر ا ألن الكون يدور حول األرض ‪ ،‬على األقل وفًقا لعلم الكونيات القديم‬
‫والعصور الوسطى ‪ ،‬فإن الكون “محاط” باألرض عند السطح المحدب لألرض ‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫الكون ككل له مكان ‪ ،‬على معرفة سطح األرض‪.‬‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪20/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫لم يدافع الفالسفة الطبيعيون الذين كتبوا في البلدان اإلسالمية بالضرورة عن تفسير أرسطو للمكان‬
‫ضد نقد فيلوبونوس بسبب االلتزام المطلق بأرسطو ‪ ،‬ولكن ألن تفسير فيلوبنوس البديل للمكان‬
‫يعني أنه يمكن أن يكون هناك مساحة فارغة ‪ ،‬ويعتقد معظم الفالسفة الناطقين بالعربية أن وجود‬
‫الفراغ كان مستحياًل مادًيا وغير متماسك من الناحية المفاهيمية‪ .‬قدم أرسطو نفسه العديد من‬
‫المستحيالت المادية المرتبطة بالفراغ ‪ ،‬بينما استكشف الفالسفة الناطقون بالعربية الجانب غير‬
‫المترابط من الناحية المفاهيمية لمفهوم الفراغ إلظهار أن وجوده مستحيل‪ .‬على سبيل المثال ‪ ،‬في‬
‫‪ On First Philosophyal-Kindī‬الحظ أن معنى “الفراغ” هو المكان الذي ال يوضع فيه أي‬
‫شيء ؛ ومع ذلك ‪ ،‬يتابع ‪ ،‬المكان ووجود شيء موضوع هما مصطلحات مترابطة ال ينبثق أي‬
‫منهما عن اآلخر ‪ ،‬وبالتالي إذا كان هناك مكان يجب أن يكون هناك شيء ما ‪ ،‬وكان هناك شيء‬
‫ما ‪ ،‬يجب أن يكون هناك مكان‪ .‬لذلك ‪ ،‬ال يمكن أن يكون هناك مكان بدون وضع شيء هناك‪ .‬مرة‬
‫أخرى ‪ ،‬ومع ذلك ‪ ،‬فإن المكان الذي ال يوجد فيه شيء ما هو بالضبط المقصود بكلمة “فارغ”‪.‬‬
‫لذلك يستنتج الكندي أنه من المستحيل وجود فراغ مطلق (الكندي ‪.)109 ، 1950‬‬

‫اتخذ الفارابي ‪ ،‬في رسالة صغيرة عن الفراغ ‪ ،‬نهًج ا مشابًه ا ‪ ،‬لكنه اآلن بجانب ما ُيقصد بـ‬
‫“الجسم” (الفارابي ‪ .)1951‬وهو يبدأ بالتفكير في تجربة يمكن أن تؤدي إلى استنتاج أن الفراغ‬
‫موجود‪ .‬تتكون التجربة من شفط الهواء من الزجاجة ‪ ،‬ثم وضع إصبعك على فم الزجاجة‪ .‬ثم يتم‬
‫قلب الزجاجة في وعاء من الماء ‪ ،‬ثم يتم إخراج اإلصبع من فم الزجاجة‪ .‬سيتم سحب كمية معينة‬
‫من الماء إلى القارورة ‪ ،‬وبالتالي يمكن للمرء أن يستنتج أن مساحة فارغة تتناسب مع كمية الماء‬
‫المسحوبة إلى القارورة كانت موجودة عندما كان اإلصبع فوق فم القارورة‪ .‬جادل الفارابي بأن‬
‫االستنتاج ال يليه ؛ ألنه كان يعتقد أن المساحة الفارغة المزعومة في القارورة يجب أن ُيفترض أن‬
‫لها حجًم ا معيًنا ‪ ]8[ ،‬وفي هذا الصدد ‪ ،‬كان الفارابي ببساطة يتبع التعريف القياسي لـ “الجسم”‬
‫على أنه أي شيء له ثالثة أبعاد ؛ ومع ذلك ‪ ،‬فقد اقترح أيًض ا أن هناك شيًئا غير متسق في النظر‬
‫إلى الفراغ على أنه نوع من العدم المطلق يمتلك ثالثة أبعاد ‪ ،‬حيث ال يوجد معنى ثابت يمكن أن‬
‫يكون فيه العدم موضوع الصفات العرضية الطول والعرض والعمق‪ ]9[ .‬في ضوء هذه‬
‫االعتبارات ضد الفراغ ‪ ،‬تابع الفارابي ‪ ،‬ينبغي للمرء أن يستنتج من التجربة المذكورة أعاله أن‬
‫حجم الهواء قد اتسع ‪ ،‬وبالتالي فإن كمية أقل من الهواء تشغل اآلن نفس القدر من المساحة‪ .‬بمعنى‬
‫آخر ‪ ،‬الحجم المعين الذي يمتلكه الجسم ‪ ،‬وخاصة في حالة الهواء ‪ ،‬ليس ضرورًيا لذلك الجسم ‪،‬‬
‫وبالتالي بالنظر إلى العوامل أو الظروف السببية الصحيحة ‪ ،‬يمكن أن يزيد حجم الجسم أو ينقص‪.‬‬
‫كان اقتراح الفارابي هنا هو أن تصبح القاعدة بين فالسفة الطبيعة الناطقين بالعربية عند التعامل‬
‫مع الفراغات المفترضة المصطنعة‪.‬‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪21/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫‪ 5.2‬الزمن والخلود‬

‫مثل العديد من األسئلة في الفلسفة الطبيعية ‪ ،‬أخذ الفالسفة العاملون في تقليد الفلسفة مثالهم من‬
‫موضوعات أرسطو الزمنية‪ .‬وهكذا ‪ ،‬فإن معظم الفالسفة الناطقين بالعربية قد عّر فوا الزمن على‬
‫أنه مقياس للحركة فيما يتعلق باألولوية واألقدمية‪ ]10[ .‬على الرغم من أن عدًدا من األسئلة‬
‫والمشكالت األكثر مناقشة المرتبطة بالزمن تتعلق بخلود العالم ‪ ،‬وبالتالي تنتمي بمعنى ما إلى‬
‫الميتافيزيقيا ‪ ،‬كانت هناك أسئلة ملحة تتعلق بطبيعة الوقت والتي ظلت بالكامل من عالم الطبيعة‪.‬‬
‫ولعل أهم هذه األسئلة الجسدية تتعلق بتوضيح الحركة أو الحركات المقاسة بالزمن‪ .‬قدم ابن رشد‬
‫المشكلة جيًدا في استطالة طويلة في التعليق الطويل على الفيزياء (‪Averroes 1962، 178F-‬‬
‫‪.)179I‬‬

‫بدأ ابن رشد بالسؤال عما إذا كان الزمن مرتبًطا بكل حركة أم بحركة خاصة واحدة فقط‪ .‬إذا كان‬
‫الزمن مرتبًطا بكل حركة ‪ ،‬بل وَّلده بالفعل ‪ ،‬فسيكون هناك عدد مرات حدوث الحركات ‪ ،‬ومع‬
‫ذلك يبدو واضًح ا على الفور أنه ال يوجد سوى زمنواحد‪ .‬وهكذا يبدو أن الزمن يجب أن يقترن‬
‫بحركة خاصة واحدة فقط ؛ وبالفعل فقد ربط كل شخص في التقليد األرسطي ‪ ،‬على األقل بالعودة‬
‫إلى اإلسكندر األفروديسي ‪ ،‬إن لم يكن أرسطو نفسه ‪ ،‬الوقت بحركة خاصة واحدة ‪ ،‬أال وهي‬
‫حركة السماوات‪.‬ولكن ‪، ،‬يتابع ابن رشد ‪،‬إذا كان الزمن مرتبًطا بشكل فريد بهذه الحركة وهذه فقط‬
‫‪ ،‬فإن إحساس المرء وإدراكه للزمن سيرتبط بإحساس المرء وإدراكه لحركة السماء‪ .‬وبالتالي ‪ ،‬إذا‬
‫لم يشعر شخص ما أبًدا بهذه الحركة ‪ ،‬مثل سجناء أفالطون في الكهف من الجمهورية ‪ ،‬فلن يكون‬
‫هذا الشخص على دراية بالزمن تماًم ا ‪ ،‬ومثل هذا االستنتاج يبدو خاطًئا ببساطة‪ .‬وفي الواقع ‪ ،‬عمم‬
‫ابن رشد حجته لتشمل جميع الحركات الخاصة الموجودة خارج أرواحنا‪ .‬ومن ثم يبدو أن الحركة‬
‫المعنية في تعريف الزمن يجب أن تشير إلى حركة نفسية ‪ ،‬أي بعض الحركة التي تمر بها‬
‫أرواحنا‪ .‬خلص ابن رشد إلى أن الصعوبة في هذا االقتراح ذات شقين‪ :‬أوًال ‪ ،‬يعني أنه ال يوجد‬
‫وقت خارج الروح ‪ ،‬وثانًيا ‪ ،‬نظًر ا ألنه سيكون هناك العديد من الحركات النفسية مثل األرواح ‪،‬‬
‫فقد عدنا إلى الصعوبة األولية التي واجهتنا‪ .‬وجود عدة مرات‪.‬‬

‫إن حل ابن رشد هو أن نقول إن وعينا بالزمن هو أوًال وعينا ألنفسنا بشكل أساسي بقدر ما مررنا‬
‫بنوع من التغيير‪ .‬نحن ندرك بدورنا أننا مررنا بنوع من التغيير من خالل إدراكنا لحظتين‬
‫مختلفتين ‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬أدرك أن اللحظة التي بدأت فيها كتابة هذا الحساب ألول مرة‬
‫تختلف عن اللحظة الحالية ‪ ،‬وفي هذه الحالة أدرك أنني خضعت لنوع من التغيير‪ .‬ومع ذلك ‪،‬‬
‫أضاف ابن رشد سريًعا أن تغييرنا الجاري ال ينتج إال عن حركة الجنة الجارية ‪ ،‬ويجب أن تتوقف‬
‫السماوات عن الحركة ‪ ،‬ومن ثم لن نتعرض للتغيير بعد اآلن‪ .‬وبالتالي ‪ ،‬على الرغم من أن وعينا‬
‫بالزمن يرتبط فوًر ا بتغيرنا الجاري ‪ ،‬وبالتالي يمكننا أن نكون مدركين للزمن على الرغم من أننا‬
‫لسنا على دراية بأي حركة خاصة خارج الذهن ‪ ،‬فإن الوقت نفسه يرتبط بحركة السماوات التي‬
‫هي السبب النهائي لحركتنا الجارية ‪ ،‬وبالتالي فإن الزمن واحد وليس مضروًبا‪.‬‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪22/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫هناك قضية زمنية أخرى كانت تهم الفالسفة الطبيعيين في األراضي اإلسالمية وتتعلق بتضاريس‬
‫الزمن‪“ :‬هل هي محدودة أم النهائية؟” و “هل هي” مستقيمة “أم” دورية “؟” من بين الفالسفة‬
‫الناطقين بالعربية ‪ ،‬كان الكندي وحيًدا تقريًبا في تأكيد محدودية الزمن‪ .‬جادل معظم الفالسفة‬
‫اآلخرين بأن الزمان يجب أن يكون بالضرورة النهائًيا ألنه ال يمكن أن يكون له بداية‪ .‬تكشف‬
‫الطريقة التي جادل بها العديد من الفالسفة في هذه األطروحة أن كال من المفاهيم المستقيمة‬
‫والدورية للوقت كانت موجودة ضمن تقليد الفلسفة ‪ ،‬حيث يدعو ابن سينا​​إلى مفهوم مستقيم للوقت‬
‫و ابن رشد إلى مفهوم دوري للوقت‪.‬‬

‫ومرة أخرى ‪ ،‬كان المجال الذي نشأ فيه هذا السؤال في البراهين إلى األبد‪ .‬لذلك ‪ ،‬على سبيل‬
‫المثال ‪ ،‬في إثبات جديد لوجود الزمان استناًدا إلى االختالفات في المسافة التي يمكن لألجسام‬
‫المتحركة األبطأ واألسرع أن تقطعها ‪ ،‬ربط ابن سينا​​الوقت بإمكانية أو قدرة للحركة‬
‫(‪ .)Avicenna 1985، 228- 229‬ثم جادل عن طريق االختزال إلى العبث‪ .‬يجعلنا نفترض‬
‫أن الوقت قد انتهى ‪ ،‬وبالتالي فإن حركة الكون يجب أن تكون قد مرت بلحظة أولى عندما بدأت‪.‬‬
‫حتى لو بدأت حركة الكون في مرحلة ما ‪ ،‬يستمر الجدل ‪ ،‬فمن الواضح أنه كانت هناك دائًم ا‬
‫إمكانية لخالق العالم للقيام بحركة تمتد إلى أبعد من ذلك‪.‬و في هذه الحالة ‪ ،‬توجد قدرة أو إمكانية‬
‫للحركة تسبق ما يسمى باللحظة األولى ‪ ،‬لكن الوقت وفًقا البن سينا​​ال يزال مجرد قدرة أو إمكانية‬
‫معينة للحركة‪ .‬وهكذا كان الزمان يسبق اللحظة األولى المزعومة ‪ ،‬وهذا أمر سخيف‪ .‬بما أن نفس‬
‫الحجة تنطبق على أي لحظة زمنية أولى مزعومة ‪ ،‬خلص ابن سينا​​إلى أنه ال يمكن أن يكون‬
‫للزمان بداية ‪ ،‬وبالتالي يجب أن يكون النهائًيا‪.‬‬

‫من الواضح أن ابن رشد قدم أيًض ا حجة بأن الزمان ليس له بداية ‪ ،‬ولكن اآلن من حيث تصور‬
‫الوقت على أنه دائرة (‪ ، Averroes 1991‬المسألة الثالثة)‪ .‬وكما هو موضح أعاله ‪ ،‬بالنسبة‬
‫إلىابن رشد ‪ ،‬فإن الزمان هو نتيجة ومقياس للحركة الدائرية للسماء ‪ ،‬وبالتالي فهو في حد ذاته‬
‫دائري‪ .‬ولكن‪ ،‬تماًم ا مثل أي نقطة على الدائرة هي بداية ونهاية قوس على الدائرة ‪ ،‬لذا فإن أي‬
‫لحظة مفترضة في الوقت يجب أن تكون بداية ونهاية فترة زمنية معينة‪ .‬لذلك ‪ ،‬الوقت ليس له‬
‫بداية‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬فإن عدم وجود بداية له ليس بمعنى أن الخط المستقيم ليس له بداية ‪ ،‬ولكن بمعنى‬
‫أنه ال توجد نقطة على دائرة يمكن اعتبارها بداية الدائرة‪ .‬على الرغم من أن ابن رشد يؤكد‬
‫صراحة أن كل األحداث واألشياء ستحدث مرة أخرى ‪ ،‬يبدو أن حجته تشير إلى مثل هذا‬
‫االستنتاج‪.‬‬

‫‪ 6.2‬الرازي والزمان والمكان المطلقان‬

‫كما لوحظ ‪ ،‬فإن معظم العاملين في تقليد الفلسفة استوحوا اإللهام من أرسطو وشراحه الالحقين ‪،‬‬
‫وأبرز استثناء هو الفيلسوف والطبيب المستقل أبو بكر الرازي (حوالي ‪ 925-864‬أو ‪، )930‬‬
‫الذي كانت فلسفته الطبيعية وعلم الكونيات الخاص به‪ .‬لحسن الحظ ‪ ،‬ألهمت النسخ العربية من‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪23/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫كتاب افالطون طماوس‪ Timeaus‬وكذلك بعض المصادر غير اليونانية‪ .‬رأى الرازي أن هناك‬
‫خمسة أزواج‪ )1( :‬الخالق ‪ )2( ،‬الروح الكونية ‪ )3( ،‬المادة األولية ‪ )4( ،‬الزمان المطلق ‪)5( ،‬‬
‫المكان المطلق (ُيفهم على أنه شيء مثل الفضاء الفارغ) ( الرازي ‪ .)215-195 ، 1939‬تجد‬
‫المبادئ الثالثة األولى األبدية نظائرها في الفلسفة الطبيعية لألرسطيين األفالطونيين المحدثين في‬
‫العالم اإلسالمي ‪ ،‬في حين أن المفهومين األخيرين هما اللذان يميزان الرازي حًقا عن الفالسفة‬
‫الطبيعيين اآلخرين في العصور الوسطى‪.‬‬
‫بالنسبة لجميع الفالسفة الذين تعاملنا معهم ‪ ،‬يعتبر الزمان والمكان مصطلحين نسبيين ‪ ،‬يعتمدان‬
‫على التوالي على الحركة وعلى الشيء الموجود لوجودهم ذاته‪ .‬من ناحية أخرى ‪ ،‬جادل الرازي‬
‫بضرورة التمييز بين المفهوم النسبي لهذه المفاهيم والمفهوم المطلق‪ .‬وهكذا يميز بين الوقت‬
‫(مفهوم زمني نسبي) والمدة (مفهوم زمني مطلق) وكذلك بين المكان (مفهوم مكاني نسبي) والفراغ‬
‫(مفهوم مكاني مطلق)‪ .‬كمطلقات ‪ ،‬فإن المدة والفراغ هي مواد بمعنى أن لها وجوًدا مستقاًل عن أي‬
‫شيء آخر وبالتالي يمكن أن توجد من حيث المبدأ إذا لم يكن كل شيء آخر موجوًدا‪.‬‬

‫أما عن خلود المادة ‪ ،‬فقد أشار الرازي إلى أن الزمن (مفهوم الزمن النسبي) يتالشى باستمرار‬
‫ويصبح كما لو أن الزمن الماضي لم يعد موجوًدا ‪ ،‬في حين أن الزمن المستقبلي يكون دائًم ا في‬
‫طور الوجود‪ .‬في هذه الحالة ‪ ،‬يتغير الوقت نفسه ‪ ،‬لكن كل تغيير يتطلب مدة يتغير خاللها‪ .‬إذا‬
‫تغيرت هذه المدة نفسها ‪ ،‬فستكون هناك حاجة إلى مدة أخرى وهكذا إلى ما ال نهاية‪ .‬لوقف‬
‫االنحدار ‪ ،‬افترض الرازي مدة غير قابلة للتغيير ‪ ،‬والتي هي في حد ذاتها الشرط المسبق للوقت‬
‫المقاس لهؤالء الفالسفة بعد أرسطو‪ .‬أما بالنسبة للمساحة المطلقة أو الفراغ ‪ ،‬فقد رأينا كيف ربط‬
‫الفالسفة الناطقون بالعربية المكان بشكل وثيق بشيء موضوع هناك‪ .‬ولكن إذا كان المكان وما‬
‫يوضع فيه مترابطين بشكل أساسي كما أكد الفالسفة ‪ ،‬فقد جادل الرازي ‪ ،‬عند تخيل تدمير أحدهما‬
‫‪ ،‬يجب على المرء أيًض ا تخيل تدمير اآلخر‪ .‬وتخيل تدمير الكون‪ .‬وأكد الرازي أن فكرة الفراغ أو‬
‫الفضاء الخالي ال يتم تدميرها بالتدمير الوهمي لكل ما يشغلها‪ .‬وهكذا فإن الفراغ وما يوضع هناك‬
‫ال ارتباطات كما ادعى الفالسفة‪ .‬لذلك يجب أن نميز بين فكرة المكان الفارغ ‪ ،‬الذي ال يتم تدميره‬
‫عندما نتخيل تدمير الكون ‪ ،‬ومفهوم المكان الذي يتم تدميره عندما نتخيل تدمير الكون‪.‬‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪24/33‬‬
‫‪22/05/2023 17:43‬‬ ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫المراجع‬

‫مصادر أولية‬

‫– ابن باجة‪: 1973‬شرح السماع الطبيعي على رسطوطاليس‪،‬طبعة ماجد‬


‫فخري‪،‬بيروت‪،‬دار النهار للنشر‬
‫– ابن باجة‪ 1978:‬شرةح السماع الطبيعي ‪،‬طبعة معن زيادة‪،‬بيروت‪ ،‬دار الكندي‪.‬دار الفكر‬
‫أرسطو ‪ ، 1964/65‬الطبيعة ‪ ،‬المجلد الثاني ‪ ،‬القاهرة‪ :‬الهيئة المصرية العامة للكتاب ابن‬
‫سينا ‪ :1983‬الشفاء ‪ ،‬كتاب السماع الطبيعي ‪ ،‬ترجمة س‪ .‬زايد ‪ ،‬القاهرة‪ :‬الهيئة العامة‬
‫للكتاب‪.‬‬
‫ابن سينا‪ ، 1996 :‬شفاء ‪ ،‬كتاب سماح الصبي ‪ ،‬ج‪ .‬الياسين ‪ ،‬بيروت‪ :‬دار المناهل‪– .‬‬
‫الفارابي ‪ :1964‬السياسة المدنية الملقب بمبادىء الموجدات ‪ ،‬ف‪ .‬النجار (ادارة) ‪ ،‬بيروت‪:‬‬
‫الطباعة الكاثوليكية‪.‬‬
‫– الجويني ‪، 1950:‬كتاب االرشاد الى قواطع االدلة في اصول االعتقاد‪ ،‬طبعة م‪.‬موسى‬
‫وأ‪.‬الحامد‪،‬القاهرة‪،‬مكتبة الخانجي‬

‫الرازي‪: 1999‬المباحث المشرقية‪،‬م‪.‬م‪.‬باهلل البغدادي‪،‬طبعة بيروت‪،‬دار الكتاب العربي‬

‫– مال صدرا‪ 2001:‬شرح الهداية االثيرية لصدرالدين محمد‬


‫الشيرازي‪،‬طبعةم‪.‬فولكدار‪،‬بيروت‪،‬دار احياء التراث العربي‬

‫الكندي‪ 1950:‬رسائل الكندي الفلسفية‪،‬طبعةم‪.‬ابوالرضا‪،‬القاهرة‪،‬دار الفكر الفارابي‬

‫‪/‬الفلسفة‪-‬الطبيعية‪-‬العربية‪https://hekmah.org/‬‬ ‫‪25/33‬‬
22/05/2023 17:43 ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

al-Ash’ari, 1980, Die dogmatischen Lehren der Anhänger des –


Islam , Wiesbaden: Franz Steiner Verlag, GmbH
al-Lumaʾ , in The Theology of al-Ashʿarī , RJ ,1953 ,–––
.McCarthy (éd. & trans.), Beyrouth : Imprimerie catholique
Averroès, 1962, Long Commentaire sur la Physique , in –
Aristotelis Opera cum Averrois Commentariis , Vol. IV, Francfort-
sur-le-Main : Minerva, GmbH
Averroes’ Questions in Physics , HT Goldstein ,1991 ,–––
.(trad.), Dordrecht : Kluwer Academic Publishers
Averrois Cordubensis Commentum magnum super ,2003 ,–––
libro De celo et mundo Aristotelis, F. J. Carmody and R. Arnzen
.(eds.), 2 vols., Louvain: Peeters
Avicenna, 1956, Kitāb al-Burhān, A.E. Affifi (ed.), Cairo
.L’Organization Egyptiene Générale du Livre
Najāt, M.T. Danishpazhuh (ed.), Tehran: Danishgah-i ,1985 ,–––
.Tihran
The Physics of The Healing, J. McGinnis (ed. and ,2009 ,–––
.trans.), Provo: Brigham Young University Press
al-Baqillanī, 1986, Inṣāf , ‘A. Haydar (éd.), Beyrouth : ‘Alim al-
.Kutub
Kitāb al-Tamhīd , RJ McCarthy (éd.), Beyrouth : ,1957 ,–––
.Librairie Orientale
al-F7amacr;r7amacr;b7imacr;, 1951, Article de Fârâbî sur le vide
, N. Lugal et A. Sayili (éd. et trans.), Ankara : Türk Tarih Kurumu
Basimevi. (Référence de page entre parenthèses à l’arabe.)
On the Perfect State , R. Walzer (éd. et trans.), ,1985 ,–––
.Oxford : Oxford University Press
A Guide to the Conclusive Proofs for the Principles of ,2000 ,–––
.Belief , P. Walker (trans.), Liban : Garnet Publishing
Maïmonide, Moïse, 1963, Le guide des perplexes , S. Pines-
.(trad.), Chicago : University of Chicago Press

https://hekmah.org/‫العربية‬-‫الطبيعية‬-‫الفلسفة‬/ 26/33
22/05/2023 17:43 ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

al-Rāzī, Abū Ḥātim, 2011, The Proofs of Prophecy , T. Khalidi –


.(éd. Et trans.), Provo : Brigham Young University Press
al-Rāzī, Abū Bakr, 1939, Opera Philosophica , P. Kraus (éd.), –
Le Caire : np
On the Five Eternals », sélections dans Classical « ,2007 ,–––
Arabic Philosophy : An Anthology of Sources , J. McGinnis et
DC Reisman (trad.), Indianapolis/Cambridge : Hackett
Publishing Co., pp. 44–49
as-Suhrawardī, 1999, La philosophie de l’illumination , J. –
Walbridge et H. Ziai (ed. & trans.), Provo, UT : Brigham Young
.University Press
Ibn Ṭufayl, 1936, Hayy Ben Yaqdhân, Roman Philosophique –
D’Ibn Thofaïl , L. Gautier (éd. et trad.), Beyrouth : Imprimerie
.catholique

https://hekmah.org/‫العربية‬-‫الطبيعية‬-‫الفلسفة‬/ 27/33
22/05/2023 17:43 ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫مصادر ثانوية‬

Adamson, P., 2017, « Fakhr al-Dīn al-Rāzī on Place », –


.Sciences et philosophie arabes , 27 : 205-236
Adamson, P. et Lammer, A., 2020, « Récit platonicien de –
Fakhr al-Dīn al-Rāzī sur l’essence du temps », dans
Philosophical Theology in Islam , A. Shihadeh et J. Thiele (eds.)
.Leiden/Boston : Brill, p. 95–122
Ahmed, AQ, 2016, « La réception de la théorie du mouvement –
d’Avicenne au XIIe siècle », Sciences et philosophie arabes ,
.26 : 215-243
Baffioni, C., 1982, Atomismo e antiatomismo nel pensiero
islamico , Series minor, Istituto universitario orientale (Naples)
.Seminario di studi asiatici, 16, Rome : Herder
Cerami, C., 2012, « Mélange, minima naturalia et croissance –
animale dans le Commentaire moyen d’Averroès au De
genratione et corruptione I,5 », in La Nature et le vide dans la
physique médiévale : Études dédiées à Edward Grant , J Biard
.et S. Rommevaux (eds.) Turnhout : Brepols, pp
Chase, M., 2019, « Damascius et al-Nazzām sur le saut –
.atomique », Mnemosyne , 72(4) : 585-620
Craig, WL, 2000, L’argument cosmologique de Kalam , Eugene :
.Wipf & Stock Publishers
Dhanani, A., 1994, The Physical Theory of Kalam: Atoms, –
Space, and Void in Basrian Mu’tazili Cosmology , Leiden: EJ
.Brill
Problems in Eleventh-Century Kalam Physics,”“ ,2002 ,–––
.Bulletin of the Royal Institute for Inter-Faith Studies , 4 : 73–96
L’impact de la critique de l’atomisme d’Ibn Sīnā sur « ,2015 ,–––
la physique ultérieure de Kalām », Sciences et philosophie
.arabes , 25 : 79–104
Frank, R., 1978, Les êtres et leurs attributs : l’enseignement –
de l’école basrienne des Mu’tazila à l’époque classique , Albany
.: State University of New York Press

https://hekmah.org/‫العربية‬-‫الطبيعية‬-‫الفلسفة‬/ 28/33
22/05/2023 17:43 ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

Giannakis, E., 1998, “Yahya ibn ‘Adi Against John Philoponus –


on Place and Void,” dans Zeitschrift für Geschichte der arabisch-
.islamischen Wissenschaften , 12 : 245–302
Glasner, R. 2001, « Théorie des minima maturalia d’Ibn Rushd –
.», Sciences et philosophie arabes , 11 : 9–26
Physique d’Averroès : un tournant dans la ,2009 ,–––
philosophie naturelle médiévale , Oxford : Oxford University
.Press
Harvey, S., 2004, «L’impact du commentaire de Philoponus –
sur la physique sur les trois commentaires d’Averroès sur la
physique », dans Philosophy, Science and Exegesis in Greek,
Arabic and Latin Commentaries (Volume 2), P. Adamson, H
Baltussen et MWF Stone (eds.), Londres : Institute of Classical
.Studies, pp. 89–105
Hasnawi, A., 1977, « Certaines notions de temps dans la –
philosophie arabo-musulmane », in Le temps et les philosophies
., Paul Ricœur (éd.), Paris : UNESCO, pp. 49-79
La dynamique d’Ibn Sina », in Études sur Avicenne « ,1984 ,–––
, J. Jolivet et R. Rashed (dir.), Paris : Les Belles Lettres, pp.
.103–23
La définition du mouvement dans la Physique du « ,2001 ,–––
Šifa ‘ d’Avicenne », Sciences et philosophie arabes , 11 : 219–
.255
Le Statut categorical du mouvement chez Avicenne « ,2004 ,–––
: Contexte grec et postérité médiévale latine », in De Zénon
d’Élée a Poincaré : Recueil d’études en hommage à Roshdi
Rashed , R. Morelon et A. Hasnawi ( eds.), Louvain-Paris :
.Peeters, pp. 607–22
Lammer, A., 1994, Les éléments de la physique d’Avicenne : –
sources grecques et innovations arabes , Berlin, Boston : de
.Gruyters, 2017
Lettinck, P., 1994, La physique d’Aristote et sa réception dans le
.monde arabe , Leiden : EJ Brill
.Ibn Sina sur l’atomisme », al-Shajarah , 4 : 1–51 « ,1999 ,–––

https://hekmah.org/‫العربية‬-‫الطبيعية‬-‫الفلسفة‬/ 29/33
22/05/2023 17:43 ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

MacDonald, DB, 1927, « Recréation continue et temps atomique


.dans la théologie scolastique musulmane », Isis , 9 : 326-344
Maróth, M., 2011, « Averroès sur le vide », in La lumière de –
l’intellect. La pensée scientifique et philosophique d’Averroés
dans son temps. Actes du IVe colloque international de la
.SIHSPAI , A. Hasnaoui (éd.), Louvain : Peeters, pp. 11–22
McGinnis, J., 2003, « La topologie du temps : une analyse des –
récits islamiques médiévaux du temps discret et continu », The
.Modern Schoolman , 81 : 5-25
On the Moment of Substantial Change: a Vexed“ ,2004 ,–––
Question in the History of Ideas,” in Interpreting Avicenna:
Science and Philosophy in Medieval Islam , J. McGinnis (éd.),
.Leiden: EJ Brill, pp. 42–61
2006a, « Une analyse arabe médiévale du mouvement en ,–––
un instant : les sources avicennes du débat Forma
Fluens/Fluxus Formae », British Journal for the History of
.Philosophy , 39 : 1989–205
2006b, « Positionnement du ciel : l’infidélité d’un ,–––
.aristotélicien fidèle », Phronesis , 51 : 140–161
Avicennan Infinity: A Select History of the Infinite“ ,2010 ,–––
.through Avicenna,” Documenti e Studi , 21 : 199–222
Pointeurs, guides, sources et dons : la réception « ,2013 ,–––
.de la physique avicenne en Orient », Oriens , 41 : 433–456
Une petite découverte : la théorie d’Avicenne des « ,2015 ,–––
minima naturalia », Journal d’histoire de la philosophie , 53 : 1–
.24
Changing Motion: The Place (and Misplace) of“ ,2018 ,–––
Avicenna’s Theory of Motion in the Post-Classical Islamic
World”, dans The Arabic, Hebrew and Latin Reception of
Avicenna’s Physics and Cosmology , DN Hasse et A. Bertolacci
(eds.) Scientia graeco-arabica 23, Berlin : De Gruyter, pp. 272–
.305
Nasr, SH, 1993, Une introduction aux doctrines –
cosmologiques islamiques , Albany : State University of New

https://hekmah.org/‫العربية‬-‫الطبيعية‬-‫الفلسفة‬/ 30/33
22/05/2023 17:43 ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

.York Press
Nony, S., 2011, « La Dynamique d’Abû l-Barakât : Faire le vide –
pour Penser le Changement du Changement », dans In the Age
of Averroes : Arabic Philosophy in the Sixth/Twelfth Century , P.
.Adamson (éd. ), Londres : Warburg Institute, p. 93–116
Pines, S., 1936, Beiträge zur islamischen Atomenlehre , Berlin –
: A. Heine GmbH ; 1997, Studies in Islamic Atomism , M.
.Schwarz (trad.), Jérusalem : The Magnes Press
1979a, « Études sur Awhad al-Zaman Abu’l-Barakat al- ,–––
Baghdadi », in Studies in Abu’l-Barakat al-Baghdadi, Physics
and Metaphysics (The Collected Works of Shlomo Pines,
.Volume 1), Jérusalem: The Magnes Press, pp. 1–95
1979b, « Nouvelles Études sur Awhad al-Zaman Abu’l- ,–––
Barakat al-Baghdadi », in Studies in Abu’l-Barakat al-Baghdadi,
Physics and Metaphysics (The Collected Works of Shlomo
.Pines, Volume 1) , Jérusalem : The Magnes Press, pp. 96–73
1979c, “Note on Abu’l-Barakat’s Celestial Physics,” in ,–––
Studies in Abu’l-Barakat al-Baghdadi, Physics and Metaphysics
(The Collected Works of Shlomo Pines, Volume 1), Jérusalem:
.The Magnes Press , p. 175–80
Rashed, M., 2005, « Philosophie naturelle », dans le –
Cambridge Companion to Arabic Philosophy , P. Adamson et R.
Taylor (eds.), Cambridge : Cambridge University Press, pp.
.287–307
Théorie du mélange primaire d’Avicenne », « ,2008 ,–––
.Sciences et philosophie arabes , 18 : 19–58
Le concept de lieu : Ibn al-Haytham, Averroés », in « ,2011 ,–––
La lumière de l’intellect. La pensée scientifique et philosophique
d’Averroés dans son temps. Actes du IVe colloque international
.de la SIHSPAI , A. Hasnaoui (éd.), Louvain : Peeters, pp. 3–9
Sabra, AI, 1997, « Thabit ibn Qurra sur l’infini et d’autres –
énigmes », dans Zeitschrift für Geschichte der arabisch-
.islamischen Wissenschaften , 11 : 1–33
Kalam Atomism As an Alternative Philosophy to « ,2006 ,–––

https://hekmah.org/‫العربية‬-‫الطبيعية‬-‫الفلسفة‬/ 31/33
22/05/2023 17:43 ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

Hellenizing Falsafa », in Arabic Theology, Arabic Philosophy.


From the Many to the One: Essays in Celebration of Richard M.
.Frank , JE Montgomery (ed.), Leuven: Peeters, pp. 199–272
Sayili, A., 1984, “Ibn Sînâ et Buridan sur la dynamique du –
mouvement des projectiles” dans Ibn Sînâ, Dogumunum Bininci
Yili Armagani , A. Sayili (éd.), Ankara : Türk Tarih Kurumu
.Basimevi, pp. 141–60
Setia, A., 2008, “Temps, mouvement, distance et changement –
dans le Kalam de Fakhr al-Din al-Razi : une étude préliminaire
avec une référence spéciale au Matalib Aliyyah “, dans Islam &
. Science , 6 : 13-42
Shamsi, FA, 1984, « L’argument d’Ibn Sina contre l’atomicité »,
Uluslararasi Ibni Sînâ Sempozyumu Bildirileri , Ankara : Kultur
.ve Turism Bakanligi, pp. 479–94
Stone, A., 2008, « Théorie d’Avicenne du mélange primaire », –
.Sciences et philosophie arabes , 18 : 99-119
van Ess, J., 2002, « 60 ans après la Beiträge de Shlomo Pines –
et un demi-siècle de recherche sur l’atomisme en théologie
islamique », dans Kleine Schriften , H. Biesterfeldt (éd.) Leiden :
. Brill, II, pp. 1121–44
Walbridge, J., 2012 « Kalam Illuminationists, Place, and the –
Void », dans La Nature et le Vide dans la Physique Médiévale ,
J. Biard et S. Rommevauz (eds.), Turnhout : Brepols, pp. 119–
.35
Wisnovsky, R., 2003, Métaphysique d’Avicenne en contexte , –
.Ithaca, NY : Cornell University Press
Wolfson, HA, 1929, Critique d’Aristote par Crescas : –
Problèmes de la physique d’Aristote dans la philosophie juive et
.arabe , Cambridge, MA : Harvard University Press
La Philosophie de Kalam , Cambridge : Harvard ,1976 ,–––
.University Press
Zarepour, MS, 2020, « Avicenne sur l’infini mathématique », –
.Archiv für Geschichte der Philosophie , 102.3 : 379-425

https://hekmah.org/‫العربية‬-‫الطبيعية‬-‫الفلسفة‬/ 32/33
22/05/2023 17:43 ‫الفلسفة الطبيعية العربية اإلسالمية وعلوم الطبيعة (موسوعة ستانفورد للفلسفة) • مجلة حكمة‬

‫أدوات أكاديمية‬

.How to cite this entry

.Preview the PDF version of this entry at the Friends of the SEP Society

Look up topics and thinkers related to this entry at the Internet Philosophy
.Ontology Project (InPhO)

Enhanced bibliography for this entry at PhilPapers, with links to its


.database

‫مصادر أخرى على اإلنترنت‬

].Please contact the author with suggestions[

‫مداخل ذات صلة‬

al-Kindi | Aristotle, Special Topics: natural philosophy | atomism:


ancient | Ibn Rushd [Averroes] | Ibn Sina
[Avicenna] | Maimonides | Neoplatonism | Philoponus

https://hekmah.org/‫العربية‬-‫الطبيعية‬-‫الفلسفة‬/ 33/33

You might also like