Professional Documents
Culture Documents
ﺍ ﻮﺣﺪﺓ
ﺗــﺄﻟﻴــﻒ
اﻟﺒﺮوﻓﻴﺴﻮر ﻧﻴﻜﻮس ﺳﺎﻟﻴﻨﻐﺎروس
ﺗﺮﺟﻤﺔ
أﻋﻀﺎء ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ Twenty Two
ﺗﺒﻘﻰ اﻷﻓﻜﺎر ﲢﻠﻖ ﰲ اﻟﺴﲈء ﺑﺎﺣﺜﺔ ﻋﻦ أرض اﻟﺘﺤﺪي واﻟﻌﻤﻞ ﻟﺘﺤﻂ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،وﺑﺎﻹﴏار
واﳉﻬﺪ ُﺗﻨْﺒِ ُﺖ ﺟﺬورا ﻟﻨﺎرﻧﺞ وزﻳﺘﻮن ...ﺗ ُْﺴ َﻘﻰ ﻓﺘﻜﱪ ...ﻟﺘﻌﻄﻲ وﺗﺰﻫﺮ وﻳﻄﺎل ﺛﲈرﻫﺎ
ﻛﻞ ﻣﻦ رﻏﺐ.
إﱃ ﻣﻦ أﻣﻦ ﺑﻘﺪراﺗﻨﺎ و اﺣﺘﻀﻦ ﺑﺬور اﻧﻄﻼﻗﺘﻨﺎ..
إﱃ ﻛﻞ ﻣﻦ َﻗ ﱠﺮب اﻷﺣﻼم أو ﻧﻘﻞ ﺟﺰءأ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻠﻮاﻗﻊ ﺑﺎﻟﺘﻔﻜﲑ واﻟﺘﺨﻄﻴﻂ واﻟﻌﻤﻞ...
ٍ
وﻣﻘﺪر ﻟﻠﻌﻄﺎء.. ٍ
ﺷﺎﻫﺪ إﱃ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻛﺎن ﺧﲑ
إﱃ ﻣﻦ ﻛﺎن وﻣﻦ ﻳﻮﺟﺪ وﻣﻦ ﺳﻴﺄﰐ ﻣﻦ أﻓﺮاد أﴎة اﳌﺠﻤﻮﻋﺔ....
أﺳﺎﺗﺬﺗﻨﺎ و ﻣﻌﻠﻴﻤﻨﺎ....
زﻣﻼءﻧﺎ وزﻣﻴﻼﺗﻨﺎ...
أﺑﺎءﻧﺎ وأﻣﻬﺎﺗﻨﺎ وأﺧﻮاﺗﻨﺎ ....وﻛﻞ ﻣﻦ ﺳﺎﻫﻢ وأﻋﻄﻰ ﻣﻦ وﻗﺘﻪ وﺟﻬﺪه وﻓﻜﺮه ...
ﻧﻘﺪم ﻟﻜﻢ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﰲ ﺳﻨﻮﻳﺘﻨﺎ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻋ ّﻠﻪ ﻳﻜﻮن ﺑﺪاﻳﺔ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﻧﺨﻄﻮﻫﺎ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ دﻋﻢ
اﻟﻔﻜﺮ اﳌﻌﲈري...
ﻣﻀﻴﺌﲔ ﺑﻪ ﻧﺠﻤﺔ ﺻﻐﲑة أﺧﺮى ﰲ ﺳﲈء اﳌﺤﺘﻮى اﻟﻌﺮﰊ اﳌﻌﲈري ..
ﻣﺘﺨﺬﻳﻦ ﺷﻌﺎرﻧﺎ ﳖﺠ ًﺎ :أﻗﺮأ ﺑﺈﺧﻼص ...إﻋﻤﻞ ﺑﺈﺧﻼص..ﺗﻌﻠﻢ ﺑﺈﺧﻼص.
هذا الكتاب انبثق من خالل مادة درستها يف نظريات العامرة يف سنة سابقة،
قدم خالهلا الطالب آخر مكتشفات العلم عن كيفية تفاعل البرش مع األنواع املختلفة
للحجوم والفراغات املعامرية ،ويف هناية املادة كان اجلميع عىل معرفة كافية يف طرق
تقييم آلية املباين أو الفراغات العمرانية أو التكوينات الداخلية األكثر مناسبة للبرش.
هذا املدخل ملادة نظريات العامرة كان خمتلف ًا متاما ملا يسمى اليوم «النظرية
املعامرية»
إن «النظرية» املقدمة هنا هي (موحدة) ألهنا -وبشكل دقيق -تصف وتساعد
عىل استيعاب مجيع الطرز املعامرية املختلفة ،وزيادة عىل ذلك هلا قيمة تنبؤية .إن
أساس التحليل موضوعي وحي من التحيز الفلسفي أو الفكري أو السيايس ،وأؤمن
بأن كلاميت (اآلتية من خلفية علمية) واضحة ومبارشة ،وهلذا السبب هي دواء لكل
السجاالت املعامرية التي تعترب نظريات العامرة بأهنا لعبة للمثقفني وبعيدة بغرابتها عن
استيعاب العامة.
إنني ال أبالغ باالدعاء بأن هذا الكتاب (والبحوث التي قام عليها) جتيب أخري ًا
عىل السؤال التارخيي املقلق (ملاذا املعامريون والعامة ال يتفقون عىل مجاليات املباين؟)
حيث يتفاعل البرش وفقا لغريزهتم البيولوجية ،مصدرين أحكاما عىل إجيابية أو سلبية
تأثري بيئتهم عىل جسم اإلنسان ،ومن ناحية أخرى تكيف املعامريون عىل جتاهل إشاراهتم
اجلسدية وإصدار أحكام عىل العامل وفق ًا ملعايري جمردة ،وبالتايل يف معظم احلاالت هذه
األحكام تقودهم لبناء منشآت مثرية للتوتر وسيئة عىل صحة وسالمة البرش.
هناك بالتأكيد عدد كبري من املعامريني املتجهني نحو هذا الكتاب من األساس،
من خالل توظيف األشكال العضوية وكرس حاجز صناديق الزجاج والبيتون ،ولكن
بفقدهم اخللفية العلمية يواصلون من خالل حدسهم البرصي وحده مع نتائج حمدودة
فقط.
هنا يأيت هذا الكتاب بحيث
يساعد عىل التمييز بني اوالً :سطحية
املظهر للتكوين العضوي و ثاني ًا:
توليد أشكال معامرية وفق ًا للعمليات
نفسها التي تولد األشكال البيولوجية،
فالنوعان السابقان تابعان آلليات خمتلفة
سيتم رشحها مجيع ًا وبالتفصيل يف هذا
الكتاب
تم تطوير األفكار يف هذا الكتاب
عرب التحقيق يف العامرة والتصميم
باستخدام املنهج العلمي ،وبالتايل معظم
النتائج أصلية وعىل متاس مع العامرة ،يف
حني تواجدها خارج اخلطاب املعامري
الشكل رقم (.)2
الشائع ،ومن دوهنا سيفوهتا معظم
http://www.archdaily.com/419892/unified-archi-
tectural-theory-an-introduction جمتمع التصميم وهذا ما يرثى له.
املقدمة د
يف اختتام املقدمة ،هذا الكتاب منجم من الذهب للمعامريني الشباب احلريصني
عىل تطوير حجوم مبتكرة ،والتي تزيد بتوفريها بيئات صحية وجذابة ،ولكن هناك
سعر سيدفع وهو النقد املحتوم للمعامريني (املحرتمني يف املهنة) والذين يسعون يف
اجلهة املقابلة حلجوم دافعها صوري بحت ،يف حني ال أحكم عليهم بشكل رصيح،
فأي فرد يقرأ هذا الكتاب سيكتشف بأن املنهج «البرصي» او الصوري البحت هو
أسلوب ناقص وجيب أن ينبذ ،هذا الكتاب حمتم ليزعج البعض ،ولكن ..وباسم التقدم
املعامري أنا أدعوكم ملواجهة هذا التحدي.
كلمة المترجم
ينتقي املرء عاد ًة أحد الكتب يف جمال اهلندسة املعامرية لتجديد أفكاره وإضافة
نظرية جديدة إىل ما كدسه من معلومات عن نظريات العامرة املعارصة .نعم إن االطالع
عىل الكتاب املقدم يعترب إضافة مهمة معارصة يف هذا املجال ،ولكن يكمن اختالف هذا
الكتاب مع غريه بأن نظريته ال تقدم شيئ ًا «جديد ًا» بل تلغي معظم ما كتب عن العامرة
املعارصة وحتيي ما وجد منذ األزل يف ثقافتنا وعامرتنا العربية.
ويف مناسبة تقديمنا «لنظرية معامرية ما» أدعوكم للعودة بالتأمل بأنفسنا
كمهندسني معامريني ال حاجز بيننا وبني الورقة أو الشاشة الفارغة سوى خماوفنا من
الفشل وأحالمنا بالتألق؛ فنحن نشعر أمام كل مرشوع جديد وكأننا عىل وشك الغرق
يف بحر االحتامالت ،وهنا نشابه أصحاب احلداثة الذين قرروا القفز -خاليني من
كل األفكار املسبقة -بزبائنهم يف مياهه .ويف اجلانب اآلخر نشاهد أصحاب العامرة
التقليدية الذين مل يواجهوا يف األصل ذاك البحر ،بل وجدوا أنفسهم يف شاطئ حمدد
ذو تربة خاصة وبمناخ معني وهناك طوروا هبدوء التكنولوجيا املناسبة لذلك الشاطئ
عرب الزمن ومع التجربة ،وطبع ًا عىل تلك الشواطئ وجدنا أعظم القصور واحلدائق
واملنشآت املعامرية.
الفرق بني معامري احلداثة ومعامري األصالة هو فرق يف املنشأ؛ فاألول بدأ يف بحر
واسع متخبط ،أما الثاين فانبثق هبدوء عىل شاطئ ما ،والنتيجة كانت بأن تصاميم األول
مؤقتة ورسيعة واآلخر أزلية ومستدامة ،وهنا يأيت دور سالينغاروس كباحث معارص ال
يسعى للتقيص عن كل ما هو «جديد و إبداعي» ،بل يبحث عن «اجلامل واحلقيقة» ال
هـ
كلمة املرتجم و
تبع ًا ألفكار احلداثة وال تعلقأ بأفكار األصالة ،فيعرتف بكل بساطة عن تواجد «اجلامل»
داخل كل مبنى أزيل ،إن الكتاب املقدم نابع عن تأمل واقعي بالعامرة ،وبجرأة الطفل يف
قصة مالبس اإلمرباطور «الشفافة» الذي تساءل بعفوية «مل َ اإلمرباطور عاري؟» وذلك
عىل رغم اتفاق مجيع حاشيته بتبجيل تلك املالبس.
مبان ميتة تشعرنا بالتوتر والضوضاء عىلٍ يفرتض سالينغاروس بأنه هناك
الرغم من «نقائها» ،وعىل اجلانب اآلخر توجد ٍ
مبان مفعمة باحلياة تشعرنا بكل حلظة
«بإنسانيتنا» .إن الفرق اجلوهري بينهام يعود لغنى األخري املعامري وإفعامه بالتفاصيل،
ومثال عىل ذلك لو قارنا بني األعمدة الكورنثية ذات الزخارف النباتية (والتي تطورت
عن أنواع ألعمدة أبسط منها) مع األعمدة اإلسمنتية اجلامدة لعرصنا احلايل ،فالفرق
الفيزيائي بني العمودين هو فرق هنديس بحت ،حيث يمكن التساؤل بعفوية يف أهيام
يكمن اجلامل؟ وأهيام يشعرنا بإنسانيتنا؟ وبناء عىل ذلك نضع النظريات لألمجل ،من هنا
نشأ كتاب النظرية املعامرية املوحدة.
بعد االطالع عىل الكتاب املقدم يأيت دورنا كمعامريي اليوم :إما أن نتعامل مع
العامرة يف شاطئنا الغني ونزيد عليها حسب تكنولوجيا اليوم ،أو نقرر القفز يف بحر
االحتامالت واالستمرار بثقافة اخلوف والعجلة.
قد توافق أو ختتلف مع أراء الكاتب ،ولكن تكمن الفكرة اجلوهرية يف هذا
الكتاب بأنه لدينا اخليار كمعامريني حمليني عىل إغناء بيئتنا بعد اإلحاطة بالتجارب
الناجحة (كام الفاشلة) ملن سبقنا ،وأن نتعلم من سالينغاروس السعي للبحث عن
اجلامل يف األماكن غري املتوقعة إىل جانب التسلح باجلرأة ،لإلشارة إىل عري اإلمرباطور
رغم عن أنف حاشيته. ً
إن الكتيب املقدم (النسخة االلكرتونية) حيوي عىل أجزاء من الكتاب الكامل
(النسخة املطبوعة) من كتاب النظرية املعامرية املوحدة (النسخة العاملية املحررة
ومنشورة من قبل ) 2013 Vajra Books, Kathmandu, Nepalهذه القراءات تقدم
منهج للعامرة خمتلف عام يتم اآلن تدريسه وتقرتح أسلوب جديد للمهنة ذاهتا ،وألجل
هذا السبب أعتقد بأهنا ستكون يف غاية الفائدة للعامل العريب ،جيب التنويه يف أن الفصول
املقدمة من 1إىل 14والتي نرشت عىل االنرتنت موجودة برتتيب خمتلف يف الكتاب
األصيل الصادر باللغة اإلنكليزي عىل الشكل اآليت:
اﻟﻨﺴﺨﺔ
١٤ ١٣ ١٢ ١١ ١٠ ٩ ٨ ٧ ٦ ٥ ٤ ٣ ٢ ١
اﻻﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ:
اﻟﻔﺼﻮل
،٨ اﻟﻜﺘﺎب
٣٥ ٣٢ ٢٧ ١٩ ١٦ ١٤ ٢ ١٣ ١١ ١٠ ٧ ٥ ٤ اﻷﺻﲇ:
٣٩-٣٧
من العميل إصدار هذا الكتاب املهجن واملكون من خلطة من الفصول الصادرة
الكرتوني ًا بدالً من االنتظار لفرصة ترمجة وطباعة الكتاب الكامل حيث ليس هناك
منطق يف االنتظار عدة سنوات لرتمجة الكتاب كام كان يف املايض ألن هذه التأخريات
ال تساعد أحد ًا ،أؤمن بأننا اخرتنا القرار الصائب إلهداء هذا الكتيب لكل من يسعى
ملعرفة جديدة.
ز
مقدمة املرتجم للنسخة العربية ح
يوجد هناك أيض ًا سبب أخر هلذه الرتمجة ،أريد أن أصل إىل ما هو أبعد من العامرة
األكاديمية (حيث العديد من الناس يتعلموهنا باإلنكليزية) هلؤالء الذين ليس بإمكاهنم
احلصول عىل الكتاب األصيل ،إن الرضر الواسع االنتشار عىل الثقافة عندما يتأثر العامة
بالعوملة املستخرجة املبنية ضد الفطرة اإلنسانية ،فيوافق السياسيني عىل بناء األبنية
الوحشية فقط ألهنم شاهدوا هذه الصور يف اإلعالم ،إن العامل العريب له تقليد مجيل
يف العامرة بداية من البيت العريب إىل املساجد والقصور واملوضوعة عىل نحو مميز ضمن
نسيج عمراين معقد ،وهلذا يتوجب عىل املعامريني والعمرانيني املعارصين إبداء االهتامم
هلا ،أمتنى بعد قراءة هذا الكتاب أن يشعر الزبائن واحلكومات املحلية باألمان بام فيه
الكفاية الحرتام عامراهتم املحلية التقليدية يف بناء أي منزل أو حمل جتاري أو حتى مبنى
حكومي ،سيرص العاقلني بالدعم من قبل احلجج التي أقدمها هنا عىل عدم انتهاك ثقافة
أالف السنني املاضية (واملتضمنة املعرفة العملية عن االستدامة ذات التكلفة املنخفضة)
من قبل استرياد أشكال براقة وغري مستدامة.
أشكر بكل عمق جمموعة Twenty-Twoاملعامرية والتي نرشت فصول كتايب عرب
جملتهم االلكرتونية ،فبسبب جهد أعضاءهم القيم سيصل اآلن هذا الكتاب إىل مجهور
واسع يف العامل العريب ،وأنا سعيد للغاية بتقديم هذا النهج اجلديد للبناء والتصميم إىل
اجليل اجلديد من املعامريني الشباب.
املقدمة ............................................................................أ
كلمة املرتجم ....................................................................هـ
مقدمة الكاتب للنسخة العربية .....................................................ز
الفصل األول :تركيبة نظريات العامرة 1 ............................................
الفصل الثاين :النظرية املعامرية 11 ..................................................
الفصل الثالث :اللغات الشكلية ومفرداهتا 31 ......................................
الفصل الرابع :تعقيد اللغات الشكلية مع الئحة بمفرداهتا 43 ........................
الفصل اخلامس :ضد «حب الطبيعة» ومسكن اإلنسان 59 ...........................
الفصل السادس :درجة التعقيد تقيس مدى تكيف اللغة الشكلية 69 .................
الفصل السابع :السياسة و الفلسفة واإلقليمية الناقدة77 .............................
الفصل الثامن :فهم بيولوجي للعامرة 85 ............................................
الفصل التاسع :فيزيولوجيا اإلنسان والتصميم القائم عىل األدلة 89.....................
الفصل العارش :البيوفيليا :قرابتنا املتطورة نحو األشكال البيولوجية101................
الفصل احلادي عرش :اخلصائص ال 15األساسية لكريستوفر أليكسندر 113 .........
الفصل الثاين عرش :الزخرفة والذكاء اإلنساين 127 ..................................
الفصل الثالث عرش :اللغات الشكلية الطبيعية وغري طبيعية 137 ....................
الفصل الرابع عرش :اخلامتة 147 ....................................................
املراجع 151 .......................................................................
ط
الفصل االول
العامرة فعل برشي يتعدى ويغري بالنظام البيئي الطبيعي ،يتم تدمري النظام
البيولوجي يف كل مرة نقتطع فيها نبتة حملية أوننشئ األبنية أوالبنى التحتية ،إن مبتغى
العامرة هو بناء منشأة تؤوي البرش ونشاطاهتم .بحيث البد من تذكر أن البرش جزء من
النظام البيئي لألرض ،إال أننا غالبا مانتناسى ذلك.
بشكل منطقي ،البد للعامرة أن يكون هلا أساس ًا نظري ًا يبتدئ من النظام البيئي
الطبيعي ،إن فعل البناء يرتب املواد بطرق معينة ،ويولد البرش تكوين ًا منظمأ مبني عىل
ترتيب تلك املواد املستخرجة من الطبيعة والتي جرى عليها عدة حتوالت لدرجات
متنوعة ،بعض من أكثر املواد استعامالَ عىل نطاق واسع -كصفائح الزجاج واحلديد-
الشــكل رقــم ( :)3مبنــى فرانزفــورث هــاوس للمعــاري ميــس فــان ديــروه الــذي اهلــم اجيــاالً
مــن املعامريــن ..هــل يعتــر نموذج ـ ًا مثالي ـ ًا للعــارة؟
/http://www.midcenturyhome.com/the-glass-house-mies-van-der-rohes-farnsworth-house
1
النظرية املعامرية املوحدة 2
حتتاج إىل عمليات مكثفة مستهلكة للطاقة ،وبالتايل حتتوي عىل تكاليف طاقية كمونية
عالية .ال يمكن أن يكون السابق أساس ًا ألي حل مستدام عىل رغم كل ادعاءات تلك
الصناعة .إن االستنزاف والتعدي عىل املوارد ذو النتائج البيئية الكارثية هو نتيجة
االنفصال عن الطبيعة ،وإيامن أعمى بالتكنولوجيا لتحل املشاكل التي ختلقها.
النظرية املعامرية -بمعناها الذي سيفهم من خالل هذا السياق -هي إطار
يدرس الظاهرة املعامرية باستخدام املنطق العلمي واملنهج التجريبي ،إن العديد من
التجارب تم القيام هبا من قبل آخرين واآلن نحن نقوم بتطبيقها عىل العامرة ،تؤمن
النظرية نموذج ًا يستطيع رشح التحقيقات واملالحظات عن الشكل واهليكل.
إن النظرية الناجحة ستساعدنا عىل تفسري مايفعله املعامري ،مع أنه لكل
معامري/ـة عىل األغلب يمتلك/متتلك حافز ًا وتفسري ًا خاص ًا .وعىل كل حال،
ستسمح لنا النظرية باملقارنة بني األنواع املختلفة بني املباين ،ولتقييم كيف يمكن هلا
أن تفعل التواصل بني املستخدم والطبيعة .وسنستطيع أن نفهم كيف ظهر مبنى وكيف
الشــكل رقــم ( :)4الفــرق بــن البنــاء املتــدرج الطبيعــي للمدينــة واالصطناعــي املخطــط لــه مــن
مجــع Micheal W. Mehaffy
http://www.katarxis3.com/Mehaffy_New_Modernity.htm
http://www.katarxis3.com/Mehaffy_New_Modernity.htm
3 تركيبة نظريات العامرة
لصنع مبان جيدة ،نحتاج نظرة عاملية مع مفهوم صحي عن العامل والذي يساعدنا
عىل فهم األشياء بعمق .تستند نظرتنا العاملية السليمة عىل مدى اتصالنا بالعامل :صلة
مبارشة للنظام الكوين وللعمليات الطبيعية كوهنا حتدث بشكل مستمر.
إن حتوالت ساحة سان ماركو يف البندقية حتفظ وحدة املنشأة منذ 200سنة،
وهي جزء من سلسلة أكرب منذ 1000سنة كام أظهرها كريتسفور ألكساندر يف كتابه
(الطبيعة يف النظم) “”The Nature of Order
يف املقابل ،يؤدي «االنفصال» نحو حالة خطرية حيث حيلل الناس موقف ًا ما بآلية
معزولة عن العامل ،مثل بناء نموذج ملبنى أو مدينة كآلة .العلم احلديث مذنب بمسامهته
هبذا االنقطاع من االتصال من الطبيعة .حيث النامذج العلمية هي بالرضورة ذاتية
االحتواء وحمدودة النظر ،وبالتايل جيعلها عديمة الفائدة.
زودنا العلم بنموذج ممتاز عن كيفية عمل يشء ما كنظام ميكانيكي ،ومع ذلك ال
يمكن أن يكون ذلك وصف ًا متكام ً
ال مهام كان مدى فهمنا للحالة املدروسة .كام يوجد
هناك عدد ًا من اللحظات التي يتم التجاهل فيها عن أي وصف ميكانيكي للظاهرة
املدروسة.
إن ماهو مفقود متام ًا من النظرة العاملية امليكانيكية هو الوعي البرشي وتواصلنا
العاطفي والشخيص للعامل ،وهو يمكن أن يكون غري مهم عند التحقيق عن املشاكل
التقنية ،لكنه يف غاية األمهية عندما يكون شيئ ًا مؤثر ًا بشكل مبارش فينا كالعامرة،
وأضيف نتيجة مهمة أخرى هو فقدان القيم يف النظرة امليكانيكية للعامل .إن اإلنسان
املتصل مع الكون يعلم الفرق بني اليسء واجليد ،الصحيح واخلاطئ ،اجلميل والبشع،
هذه الصفات ليست نسبية كام أهنا ليست مسألة رأي ،إن املستهلك منفصل عن القيم
الطبيعية ،وعىل النقيض يصبح لدينا منتجات سامة مصنوعة عىل أهنا جيدة ،إن الطريق
للخروج من احلارض هبذه النظرة املحدودة للكون هو بتطوير حالة مكثفة وصلة أقوى
بني البرش وبيئتهم .بحيث يعطى الرتكيز بشكل متبادل بام يؤثر مع العامل عندما نكون
مرتبطني به بقوة.
وعىل سياق هذا املنطق ،تشارك
البرش اإلحساس باحلكم ،فبشكل فطري
يمكنهم احلكم إن كان لليشء أمامهم
ينتمي لنظام أو له «حياة» ويتوقع أن
حدسهم سيكون متشارك ًا بنسبة %90
عىل مدى الثقافات واملسافات ،وهبذه
النظرة العاملية اجلديدة ،تلعب الزخارف
دور ًا حتمي ًا لتأمني التواصل بني البرش
ونظم العامل ،فالزخارف بالتايل مرتبطة
ارتباط ًا وثيق ًا لتقوم بوظيفتها بالسياق
غري امليكانيكي.
نتمنى أن يتم اعتبار العامرة -مع
املنتوج اإلنساين الصناعي -أجزاء من
الشكل رقم (.)6
_https://en.wikipedia.org/wiki/Aniconism_in
النظم البيئية الطبيعية .النظام واحلياة
Islam مرتابطان .األشياء الطبيعية هلا نظام
النظرية املعامرية املوحدة 6
جوهري ،واحلياة كام عهدناها وفهمناها هي ببساطة امتداد هلذا النظام ،ومن أجل هذا
السبب ال يصح للمنشآت اإلنسانية أن تناقض أو تؤذي النظام الطبيعي.
إن النظم البيئية يف األرض (معظمها مرتابط مع بعضه البعض) حتتوي ويتم
احتوائها بمكونات ال يمكنها االستقالب أو التوالد ،لكن كل طبقة من هذا النظام
معتمد عىل بعضه ،وهذه اخلاصية يف احلياة حية بكل مجاداهتا وحاالهتا تنبثق بدرجتها
اخلاصة من النظام الطبيعي ،واجلسم البرشي قد طور آليات ليشعر بذاك النظام ،وبالتايل
ال نفاجئ بشعورها بيشء ما بأنه «حي» بسبب خاصياته اهلندسية مع أنه ليس بيولوجي ًا.
من املفيد للحصول عىل فهم حقيقي للعامرة أن نستخدم املنهج الذي يستعمله
العلامء من أجل كشف أرسار الطبيعة.
يلخص «إدوارد ويلسون» ماحيققه العلم :
1.1مجع منهجي للمعرفة عن العامل املنتظم واملكثف لتحويله إىل املبادئ األساسية إىل
أقىص حد ممكن.
2.2جيب أن جتتاز النتائج االختبارات للتحقق من استقالليتها وإمكانية تكرارها.
3.3من املفيد أن يكون هناك إمكانية لقياس املعلومات عددي ًا بحيث نستطيع تطبيق
نامذج رياضية.
4.4إن تنظيم وتصنيف املعلومات يساعد يف تكثيفها لتسهيل التخزين.
5.5إن حارس احلقيقة يأيت من االستشارة اخلارجية ،فالبد من تواجد صالت أفقية
بني التخصصات املهنية املختلفة.
إن االستشارة من ختصص خمتف هو اختبار لصحة سالمة النظرية ،فالنظرية
وحدها قد حتوي عىل بعض األخطاء األساسية واستمرارية منطقها الذايت قد يكون
مضلالً ،بحيث قد تعمل عىل ربط عدة فرضيات خاطئة بشكل مقنع .نحن يف العادة
علمي ًا نقوم باالنتقال من نظرية سليمة إىل نظرية سليمة أخرى متثل جماالً متميز ًا وخمتلف ًا
عن سابقتها ،وبحدوث التناقض نتأكد بأن هناك خطأ ما ،قد ال يكون هناك حاجز
ولكن فجوة هائلة ويف هذه احلالة البد من إمالئها.
يمكن أن تتشكل النظرية املعامرية ويتم التحقق منها عرب آليتني :
فرضية داخلية حمققة مرار ًا وتكرار ًا وصالت خارجية مستشارة من جماالت
أخرى هلا أساس حمقق ،وهذا يتضمن العلوم الصلبة (أي علوم الطبيعة أو الفيزياء..
الخ)(( .العلوم الظرية هي اإلنسانيات واالجتامعيات ..الخ))
9 تركيبة نظريات العامرة
إن العامرة اجليدة هي تقليل مايمكن اعتباره مهنة خمتزلة ،وجيب بالرضورة
إكثار مايمكن اعتبارها كمهنة تآلفية ،حيث إن طبقت كمهنة اختزالية فقد تتضمن
أخطاء جدية مؤذية للبيئة ،فال بد من تبني الوسائل التآلفية التي حترتم الردود املتميزة
الحتياجات اإلنسان والنظام البيئي.
النظرية المعمارية
من أجل مناقشة اي إضافة مفرتضة إىل جمال نظريات العامرة ،من املهم أوال أن
نعرف مانعنيه بنظريات العامرة من األساس .إن النظرية يف أي جمال هو اإلطار عام
الذي :
1.1يفرس الظاهرة التي يتم مالحظتها
2.2يتنبأ بالتأثريات التي ستحدث حتت ظروف معينة
3.3يساعد املرء عىل خلق أوضاع جديدة تعمل كام تنبأت به النظرية
وهنا إذن تكون نظريات العامرة إطار ًا نظري ًا يفرتض أن يرشح ملاذا األبنية تؤثر
يف البرش بطرق معينة ،وملاذا بعض املباين ناجحة أكثر من غريها باملعنى العميل كام
11
النظرية املعامرية املوحدة 12
هنج مؤسس عىل احللول التي نجحت عرب التاريخ ،وبشكل غري مفاجئ هذا املسار
حتول تلقائي ًا نحو العامرة التقليدية باستخدام أنامطها بطريقة مبتكرة ،إن املعامريني
يتجاهلون هذا املسار من نظريات العامرة خمطئني بحقه بأنه اليتعدى عىل كونه نسخ ًا
من نامذج قديمة ،عىل أنه باحلقيقة استخدام مفردات مطورة لتوليد حلول أصيلة.
الشكل رقم ( :)13صور توضح التوجة لتطوير القديم للمعامري راسم بدران
أما املسار اآلخر من نظريات العامرة األصيلة هو مسار مبني عىل العلم .هنا
تكونت النامذج من البيولوجيا والفيزياء واملعلوماتية ترشح اليوم كيف يظهر الشكل
املعامري وملاذا البرش يتفاعلون بطرق معينة متوقعة يف منشآت خمتلفة .هذا النهج العلمي
هو وبطرق عديدة مكمل للنهج التقليدي يف التصميم ،واالختالف األسايس يف
املامرسة يكمن بكون املنهج العلمي غري مرتبط بنمط معني ،فهو يقود لتشكيل مفردات
تصميمية أوسع من النهج التقليدي.
النظرية املعامرية املوحدة 14
الشــكل رقــم ( :)17صــورة توضــح جــزء مــن مدينــة لنــدن املشــوه بســبب احلداثــة وفقــا ملؤسســة
Shool of Lifeالتابعــة للفيلســوف de Bottonواحــد املبــاين املشــوة برأهيــم مبنــى (خملــل)
للمعــاري Norman Foster
http://www.gettyimages.co.uk/photos/city-of-london?excludenudity=true&sort=mostpopu-
lar&mediatype=photography&phrase=city%20of%20london
عامة الناس يفرتضون بسذاجة بأن العامرة احلديثة متتلك أسس نظرية -مثل
الكيمياء وعلم األعصاب -والتي تفرس ما جيعل األبنية تبدو ماعليه اليوم ،ولكن
ماحيدث حقيقة بأن كمية هائلة من الكتابات نسبت خطأ إىل نظريات العامرة ،وهي
التي ساعدت لظهور ودعم مثل هذه الصور ،وتلك الصور فيام بعد تنسخ وتستعمل
كنموذج ملباين بنمط غريب .إن هذا ليس بأساس نظري وهذه الكتابات فشلت لتوفري
أي من املعايري املقبولة لتكون نظرية يف أي جمال كان.
17 النظرية املعامرية
كل فرع من املعرفة لديه خمزون من املعلومات يرتاكم مع الوقت ،والذي يرشح
طيف ًا واسع ًا من الظواهر (مجعت العامرة املعرفة عىل مدار آالف السنني) وبعض من
هذه املعرفة دون ضمن إطار نظري حمكم ،وأجزاء أخرى ظرفية بشدة تم اختبارها عرب
املالحظة والتجريب .وتدمج األفكار واحلقائق بأسلوب معني مثل كل فروع املعرفة
املضبوطة
إن السمة احلاسمة للتحقق من صحة أي إطار نظري هو التعقيد بشفافية داخلية
إىل جانب التواصل اخلارجي ،وهذا ما انبثق من كيفية تطور الشبكة االستكشافية عرب
الوقت :
1.1آخر املكتشفات عن موضوع ما البد أن يقوم عىل معرفة موجودة باألصل.
2.2اليمكن استبدال املعرفة القديمة إال برشوح أفضل لنفس الظاهرة -وليس بسبب
تغري املوضة -فهذا العملية تكون عدة طبقات متصلة من املعرفة.
3.3النظرية يف ختصص ما حت ًام تنقل بشكل منطقي إىل التخصصات األخرى.
النظرية املعامرية املوحدة 18
هذا يعني بأن هناك واجهة ما تدمج التخصصات املختلفة بعضها ببعض إىل أن
نصل حول حميطها ،كل نظرية تعزل نفسها بسبب غموضها لآلخرين فيتم الشك فيها
بشكل أتوماتيكي .إن كل ماهو حمكم التواصل يف الداخل مع خلل يف التواصل مع
يكون األساس آللية تصحح وتصون نفسها ذاتي ًا ،وهذا يصح ألي نظام معقد
خارجه ّ
العامرة كمهنة طاملا قطعت التواصل مع كال أساسها املعريف والتخصصات
األخرى بمحاولة أن تبقى لألبد “معارصة” (معظم آخر املنشورات املشهورة املتعلقة
بالفلسفة واللسانيات والعلم عىل الرغم من ذلك كشف مكرها) وهذا بالطبع عرب
تعريف سمة املوضة ،وهو مايتعارض مع ماجيعل فرع املعرفة مضبوط ًا ،ومرة تلو
األخرى تتجاهل العامرة العلوم املستمدة عن املباين واملدن وتعتنق شعارات وتأثريات
المعنى هلا.
إن الذين يقتاتون من عدم ثبات وسطحية املوضة يف الصناعة خائفون حلد املوت
من املعرفة األصيلة عن العامل ،فقد حتكم عليهم بالبطالة ،املعامريني والنقاد يغريون
باملوضة السائدة لتبقي السوق متحفز ًا ،ويكرسون حج ًام هائ ً
ال من املوارد لتسويق ماهو
يف زوال من أجل بيع موضتهم ،هم حمكومون عىل قمع أي تراكم معريف للعامرة مما يمنع
من تطوير أي أساس نظري ،إن املوضة املتغرية باستمرار طفيلية عىل العمليات اخلالدة.
النقاد يعتربون املباين املجددة التقليدية جمرد نسخ من النامذج الكالسيكية،
حتى وإن مل تشبه أي يشء بني يف اآللفيتني السابقتني ،يعلن اإلعالم املعامري أن
“األعمدة الكالسيكية رمز ًا للطغيان” وهذا أيض ًا عند اإلفصاح عن االنجذاب للعامرة
الكالسيكية .نحن بطريقة ما نعترب داعمون للشمولية ويف الوقت نفسه بإظهارنا أي
إطراء للعامرة العامية غري التقليدية سيتم سخرية منه ،ويف هذه اللحظة سيتم وصفنا
كاجلاهلني و “العاطفيني” (والتي حسب قيم العامرة املعارصة تعترب إهانة اليمكن
التسامح معها) وضف عىل ذلك أي عامرة جديدة هلا خاصيات إنسانية من دون أي
يكون هلا أي عالقة بالنامذج الكالسيكية حمظورة أيض ًا.
19 النظرية املعامرية
تم تضليل البرش بتخيل “العامرة املستقبلية” عىل شكل أبنية مكرسة وحمورة
ومبنية حرص ًا من الزجاج واملعدن املصقول ،وكل شك يف ذلك ملغي عرب تقديم
معامريي تلك املباين أهم اجلوائز املحرتمة ،بعض من يساهم يف نرش هذا النمط خيرج
فعلهم وكأنه أشبه بمعتقد ديني ،يؤمنون بشدة بأهنم يقومون باملسامهة يف احلضارة
بتسويقهم للمستقبل ومحايتنا من الرتاجع والتخلف إىل املايض ،املدارس املعامرية غارقة
يف االستقامة ،وذلك منذ مدرسة الباوهاوس عام 1920معظم املدارس هتدف إلعادة
إعامر املجتمع لصالح البرش أمجعني ،سواء كنا مرحبني بذلك أو ال ،فإن كان البرش
العاديني عاطفيني نحو األساليب القديمة يف التصميم ويتلهفون نحو مباين مناسبة
للمقياس اإلنساين ،فهذا يعترب دليل عىل الضعف البرشي.
النظرية املعامرية املوحدة 20
نحن نقف تارخيي ًا عىل عتبة تصفية حسابنا املعامري بعامرة جديدة ختلط األشكال
املنحنية املندفعة و املقياس الفراكتييل/كسوري مع أشكال مكرسة من التفكيكية ،دعني
اقرتح أن املعامريني الذين يتمنون أن يكونوا معارصين عليهم إسقاط أمتعتهم التفكيكية
،وأن يمدوا يد العون لكل من تم ازدراءه وقذفه جانب ًا -وأعني بذلك التقليديني
-وكل املعامريني املبتكرين الذين حيرتمون املقياس اإلنساين والعواطف خالل مجع
األشكال اجلديدة مع أنامط تم تصفيتها تنافسي ًا عرب التاريخ ،عندها نستطيع تعريف
عامرة جديدة مناسبة للبرش بدأل من أن تظل غريبة عنهم ،فقد تم تضليل املامرسني
اليافعني عىل أن احلداثة تأيت بشكل أسايس من “األشكال الغريبة” التفكيكية ،وعىل أية
حال هناك جيل جديد من املعامريني أذكياء بامفيه الكفاية إلدارك ماحيدث واالستيقاظ
من هذا الوهم املؤسف.
21 النظرية املعامرية
الشــكل رقــم ( :)29مثــال عــى أحــد اوجــة فلســفة داريــدا ،التشــكيك بقــدرة اللغــة عــى ايصــال
اي معنــى حقيقــي .
/https://fabenglishideas.com/2015/02/01/how-to-learn-vocabulary-7-simple-ide
معظم الناس مدمنون للتجديد بال مراعاة النتائج املحتملة ،وكثري ًا مايتم يتم
التالعب هبذا اإلدمان من قبل أفراد عديمي الضمري ،فليس كل ماهو حديث هو
بالرضورة جيد (كتطوير فريوس صناعي ونرشه يف العامل ) فبسبب القدرة التدمريية
التي يمتلكها البرش اليوم يتوجب علينا فهم العواقب املحتملة.
25 النظرية املعامرية
أي خطأ بسيط يف مثل هذه املقاالت ال يمكن أن ينجو من دون أن يالحظ ،حيث
أن وظيفة املحكمني هو التحقق من كل خطوة يف الفرضية العلمية املراد نرشها ضمن
جملة مهنية ملنع أي مسامهة مضللة .وعىل النقيض من ذلك نجت الصحف التفكيكية -
حيث ال يوجد يشء للتحقق منه -باستمرارية هذا املنهج يعتمد عىل نظام حتقق هدفه
توليد املزيد واملزيد من النصوص واألبنية التفكيكية.
األحيان من جتاور غري متوقع وناجح لألشكال ،بحيث يتطور هذا التجاور عرب الوقت
واليكون خمطط ًا له يف البدء.
إن شكل البناء هو نتيجة تطبيق لغة شكلية حمددة خمتارة من قبل املعامري ،وهو
ما سيحدد إىل درجة كبرية االستجابة العاطفية والفيزيائية للمستخدم ،وهذه اللغة
الشكلية قد هتدف إىل إعزاء أمهية قصوى لـ»احلياة» يف املبنى ،من ناحية أخرى قد يكون
هلا غايات خمتلفة تعتمد عىل تفضيالت املعامري الذي يوظفها أو يكوهنا.
حتوي اللغة الشكلية العنارص األساسية :األرضيات ،اجلدران ،األسقف،
األحجام وتقسيامهتا ،النوافذ ،املواد ،الزخارف وقواعد مجعها ،إن التكوين املعامري
ضمن سياق لغة شكلية حمددة ُيمكن التصميم ضمن هذا املصطلح.
كل عامرة تقليدية هلا لغة شكلية خاصة هبا -وبشكل أدق -هلا جمموعة من اللغات
املتصلة ببعضها ،كون تطور اللغات كان عرب وجود اختالفات عرب الزمان واملكان «حملية
33 اللغات الشكلية ومفرداهتا
تقاوم أي تغيري تقني يف طرقهم املتبعة عند التعامل مع اهلندسة املعامرية والبناء.
أما العامل اآلخر الذي يواجه املحافظني فيه عىل هتديدات حيث يف كل جيل
تنطلق صفارات اإلنذار إلعطاء املباين القديمة واملساحات احلرضية كعملية شد الوجه
ملتابعة املوضات اجلديدة ،فاملجتمعات
البرشية عىل مايبدو تتلهف لكل جديد
ومعارص وتقرر عىل أساسه ماهي
التضحيات املقدمة يف سبيل السعي هلذه
الرغبة.
بوضع سؤال التكيف جانب ًا،
من الرضوري جد ًا فهرسة وتصنيف
اللغات الشكلية ،فاملبنى املفرد أو
جمموعة املباين أو أعامل معامري ما
أو حركة معامرية بأمجعها تعتمد عىل
لغة شكلية ،وحقيقة أنه تم بناءه متدنا
باملعلومات عن ماهية هذه اللغة،
الشكل رقم (.)48
http://www.almoofta7.com/vb/showthread. فيستطيع أن يستخرج معامري آخر هذه
p hp ?t=235 8 4 6 # . W M 2 Af _ m G PI U
النظرية املعامرية املوحدة 38
النسخ مع تنويعاهتا باستخدام لغة شكلية حمددة ،متاما كام حيدث يف الكائنات احلية
لتستمر ،ولكن الكائن املستنسخ ال حيتاج دوما أن يستقلب .فالفريوسات مثال (عامل
عضوي نصف حي) هي بنى مستنسخة ال تستقلب ،وهذا يعود إىل قلة تعقيدها وبالتايل
تستطيع أن تنسخ نفسها بفعالية أكثر من البنى األعقد التي حتتاج االستقالب
إن هذه الدورة هتدف لتقديم نظرية معامرية أصلية ،كام املفاهيم التي ندرسها
تولد تنبؤات يمكن التحقق منها .البنى البسيطة تستطيع أن تتكاثر أرسع إىل أن حتل حمل
البنى األعقد ،وبالطبع يطبق هذا املثال عىل اللغات الشكلية املبسطة -مستخدمة نامذج
ومواد صناعية منذ القرن العرشين -مستبدلة لغات شكلية كانت تكيفية -وبالتايل
أكثر تعقيد ًا -وهناك ظاهرة أخرى أصبح لدهيا اآلن نوع ًا من التفسري :ملاذا اليتم تعليم
اللغة النمطية بشكل اعتيادي يف املدارس املعامرية ،والسبب يف ذلك هو ظهور لغات
احلداثة التي التتزاوج مع اللغة النمطية ،وبالتايل التويل املهن املركزة حرص ًا عىل احلداثة
أي اهتامم هلذه اللغة.
41 اللغات الشكلية ومفرداهتا
حتدد اللغة النمطية تكيف البرش مع املباين وتكيف املباين مع الطبيعة ،ولكن من
أجل تكوين بيئة مبنية مستدامة جيب أن تأخذ اللغة نمطية مرة أخرى موقعها املركزي
يف اهلندسة املعامرية .إن اللغات الشكلية يف القرن العرشين كانت ومازالت ذات نجاح
تسويقي باهر ،فقد ولدت مبيعات هائلة وأرباح مع شهرة عالمتها التجارية للمعامريني
والبنائيني الذين يستخدموها ،ولكن ذلك اليعني أهنم يضعون املستخدم والبيئة يف
عني االعتبار ،يف الواقع الذي أنجح هذه اللغات هي املواد الصناعية اجلديدة التي
سمحت ملجازات أوسع وارتفاعات أعىل كام حدث يف أواخر القرن التاسع عرش،وهذا
العامل أشبه بالعوامل التي طورت عامرة ماقبل التاريخ وليس هلا أي عالقة بشخصية
«مظهر» احلداثة.
اليوم مع االهنيار البيئي الذي يلوح باألفق أصبحت مواقفنا أقل حتيز ًا للتوجه
الربحي الرسيع ،أو إفادة ثلة من األفراد أو جمموعات صغرية ،نحن قلقون حق ًا عىل
االستدامة ،ليس كإضافة فحسب ،ولكن من أجل املجتمع بأمجعه .إن التواصل مع
االحتياجات العميقة لإلنسان والنظام الطبيعي عاد بنا مرة أخرى لوضع اللغة النمطية
حتت عني االعتبار ،ونريد أن نتمكن من التمييز بني اللغات الشكلية املتصلة بالطبيعة
من تلك التي هي جمرد موضة أو رمز من رموز النجاح ،فهذه الرموز مرتكزة عىل معايري
وضعت من قبل آخرين ،لكن هذه املعايري التعرب عن قيم إنسانية عميقة.
الفصل الرابع
43
النظرية املعامرية املوحدة 44
مس فان ديره « 1923افتح املساقط من الداخل ،احرص املواد البناء باالسمنت
واحلديد والزجاج ،استخدم فقط الستارات الزجاجية واخلرسانة املسلحة -ال
إلنشاءات بجدران حاملة‘‘
لوكوربزيه « 1927إرفع املبنى مع أساسه من األرض ليقف عىل أعمدة ،يسمح
فقط بالستارات الزجاجية ويتوجب عىل األسقف أن تكون مسطحة ،النوافذ فقط أفقية
ومتتد من عامود حامل آلخر مماجيعلها واسعة للغاية
هذه القواعد من اللغة الشكلية للحداثة تقف عىل النقيض من اللغات الشكلية
التقليدية ،وهذا بالطبع ليبدو املنتج خمتلف بشكل ملحوظ من األبنية التقليدية التي
أقيمت قبل القرن العرشين وهذا «الشكل اجلديد »New lookجزء من اللغة الشكلية
للحداثة عندما تم تقديمها ألول مرة من دون نقاش مزايا احلداثة ومشتقاهتا هنا،
يتضح اليوم االنجذاب للعوملة ورفض مجيع التكيفات االقليمية ،وهناك أيض ًا دافع
قوي للطعن بأية عنارص فقط ألهنا تنتمي للغة شكلية تقليدية :حتول املرء ضد تقاليده
الثقافية يف سبيل االبتكار.
الشــكل رقــم ( :)54تظهــر فيــا ســافواي قواعــد لوكربوزيــة للعــارة :إرفــع املبنــى مــع أساســه
مــن األرض ليقــف عــى أعمــدة ،يســمح فقــط بالســتارات الزجاجيــة ويتوجــب عــى األســقف أن
تكــون مســطحة ،النوافــذ فقــط أفقيــة ومتتــد مــن عامــود حامــل آلخــر مماجيعلهــا واســعة للغايــة .
http://www.archzaher.com/2016/02/villa-savoye-le-corbusier.html
45 تعقيد اللغات الشكلية مع الئحة بمفرداهتا
تكيف جمتمعنا مع اللغة الشكلية للحداثة وطبقها عىل عدد هائل من األبنية
ولذلك نسينا ذخريتنا من اللغات الشكلية القديمة والتقليدية وهذا ما يمثل خسارة
كبرية يف األساس املعريف للهندسة املعامرية ،ال ينبغي عىل أي جمتمع عقالين رمي
معلومات عملية إال يف حال إثبات خطأئها أو عدم جدواها.
عند اختاذ قرار توظيف لغة شكلية قديمة لتصميم مبنى اليوم ،للمعامري خيار
هنا :إما أن يستخدم هذه اللغة بشكلها األصيل أو يطورها عن طريق إضافة حتسينات
أو يقوم بالتوفري عن طريق مواد بناء أحدث ،وللمعامريني أيضا اخليار إلضافة عنارص
مبتكرة من ابتكارهم إال إن تم تكليفهم بتصميم ضمن لغة شكلية حمددة.
تتطور اللغات الشكلية عرب الوقت ،متاما كاللغة املكتوبة واملنطوقة ،فالتغيري أمر
طبيعي .ما هو غري طبيعي تراجع حاد فيها .من املهم جد ًا عند تعديل لغة شكل معامري
أن ال تفقد قوهتا التعبريية والتكيفية .وبغية حتقيق هذا اهلدف ،جيب أن يبدأ املهندس
املعامري من احرتام عميق ملا يمثله تطور الشكل التقليدي اللغات.
بإجراء دراسة متعمقة وحتليل للغة شكل حمددة سيؤهلك الستخدامها
كأداة تصميمية ،وذلك عن طريق فهم كيفية نشوء تصميم ما من توافقية هيكل لغة
« »linguisticاألشكال .إذا و ّثق الطالب بدقة وبشكل صحيح لغة شكلية ما ،سيمكنه
من استخدامها لتصميم مبنى جديد متام ًا .وحيدد مقياس النجاح إذا كان رأى املراقب
أن التصميم اجلديد يشبه األصيل بام يكفي العتباره ناشئ عن نفس اللغة .أريد إهناء
47 تعقيد اللغات الشكلية مع الئحة بمفرداهتا
الشكل رقم ( :)58فيال هاندال للمعامري راسم بدران ( مطور للغة شكلية اقدم ).
املامرسة الشائعة املتمثلة يف الطالب عند نسخ املباين من الصور مبارشة ،والتي تعرب عن
غباوة وقلة اإلبداع عىل حد سواء .فالطريقة الصحيحة للتصميم ضمن لغة معينة هو
استخراجها وتوثيقها من مثال أو أكثر من املباين ،ثم استخدم لغة الشكل هذه لتصميم
مبنى جديد.
إن عملية توثيق لغة شكل ما هي جتربة تعليمية .فبداي ًة ،هذه العملية تكشف
عن مدى تعقيد اللغة :فكم من عدد الكلامت (والرسومات التخطيطية) مطالبون حتى
نستطيع وصفها حتى نستطيع تطبيقها فيامبعد لتصميم يشء ما .وهناك مقياس بسيط
جد ًا للتعقيد يمكن أن نتبعه هنا .ويدعى Kolmogorov-Chaitinتعقيد كوملوغوروف-
شياتن وهو بالتعريف «احلد األدنى لطول واصف النظام ».أو «طول الرمز املعرب»
دون التكرار ، .سيكون ذلك بالنسبة للغات الشكلية عن طريق تعداد الكلامت من
القائمة املرجعية املكتملة اخلاصة بك « [ » form language checklistسيتم توفري قالب/
templateالحق ًا يف هذا الفصل].
سيفتح هذا املقياس لتعقيد اللغات الشكلية أبعادا جديدة لفهم العامرة .فتلبية
احتياجات املستخدمني ،والتكيف للمناخ ،واملنطقة ،واملواد ستجعل لغة الشكل أكثر
تعقيد ًا ،وذلك بسبب وصفها بعدد الكلامت أكثر .ويف الواقع ،إن النظم التي يف غاية
الرتتيب والعشوائية ستكون معقدة ،ولكن بطريقة خمتلفة .وسوف ندرس هذا التمييز
يف وقت الحق .سنالحظ اآلن أن تعقد لغة الشكل ال ينطوي بالرضورة عىل مدى
تكيفه ،وسوف نبحث عن عالقة بني تعقيد كوملوغوروف-شياتن والتكيف عىل
املستوى اإلقليمي فيامبعد.
الشــكل رقــم ( :)60مثــال لتبســيط مفهــوم كوملغــروف شــياتن ملقارنــة درجــة التعقيــد بــن
االشــكال
هذا النموذج أيضا يسمح لنا بمقارنة اللغات الشكلية يف غاية االختالف من
حيث تعقيدها .حيث ال يمكن مقارنة لغات الشكل برصي ًا ،نظر ًا ألنه «صوري ًا» ستكون
خمتلفة جد ًا ،ولكن بدالً من ذلك سيتم مقارنتها من حيث تعقيدها العام.
49 تعقيد اللغات الشكلية مع الئحة بمفرداهتا
ويقرتح ثالثة قوانني للهندسة املعامرية )1( :ترتيب أصغر مقياس يتكون
من أزواج من العنارص املتناقضة )2( .عىل مقياس كبري تتعاون العنارص مع بعضها
للحد من العشوائية )3( .املقياس الصغري متصل مع الكبري من خالل تسلسل هرمي
للمقاييس الوسيطة،وذلك باستخدام نسبة قياس تقدر بـ .e ≈ 2.7
دعونا نرى النتائج املرتتبة عىل
هذه القواعد خللق نظام متامسك .إن
املقياس األصغر بحاجة إىل عنارص
حمددة حتديد ًا جيدا حتى يتسنى هلا
التزاوج .وال يمكن أن تكون فارغة
متام ًا .إن اإلقرتان يتحقق عن طريق
تعاشيق هندسية والتناقض .ثم فإنه
كلام كان هناك تكرار ،سيكون عن
طريق تكرار األزواج.
يتم تقليل العشوائية
الشــكل رقــم ( :)62دراســة لراســم بــدران توضــح باستخدام التناظر بجميع أنواعه
اســلوبة يف توثيــق اللغــة ممــا يرجــح للقــول انــة كــون :التكرار ،واملحاذاة أو التناظر
انطبــاع عــن العنــارص التقليديــة وكيفيــة تكرارهــا االنتقايل ، translational symmetry
عــر الرســم.
االنعكاس ،والتناوب ،والتناظرات
https://alchetron.com/Rasem-Badran-150583-W
املنزلقة (نعني هبا التناظر االنتقايل
الرجاء جمرد ملء تفاصيل اللغة املدروسة يف القائمة املرجعية أدناه بإجياز قدر
اإلمكان .تتضمن األجوبة قوائم املواد واألشكال ،واألحجام ،إلخ .وبعض اإلجابات
بسيطة «نعم» أو «ال» يشري إىل ما إذا يشء (العنرص اهليكيل ،أو اخلاصية هلذا العنرص)
موجودة أم ال .سيكون من الرضوري تقدير األحجام الفعلية للمكونات ،وتقدير
تناسبها باملقارنة بني األحجام للمكونات املختلفة .بعد جدولة العالقات ،سيظهر
عنرص استثنائي يف التحليل مثري لالهتامم (عىل األقل بالنسبة لفكر التصميم اليوم) وهو
البحث وتوثيق القطعة الوسيطة التي تربط بني املكونات ببعضها البعض .ويف كثري من
املباين املعارصة ،هذه القطعة الوسيطة مفقودة ألسباب تعود ألسلوب املصمم ،لذا
بالقيام هبذه العملية ستضطر إىل تغيري الطريقة التي تنظر هبا للمنشئات.
ثم ،الرجاء حساب تعقيد كوملوغوروف-شياتن للغة الشكل اخلاصة بك
باستخدام عدد الكلامت من القائمة مكتملة أدناه .كلام زادت «كلامت» القائمة ،كلام زاد
تعقيد لغة الشكل .أيضا ضع تقدير تقريبي للتكيف عىل املستوى اإلقليمي هلذه اللغة
عىل مقياس من 0إىل ( 10أعىل رقم لتكيف أفضل) .وهذا أبسط تقدير لقابلية التكيف
اإلقليمية للمبنى ،الذي يمثل نقيض أي تصميم جمرد ،رسمي ،أو «عاملي» .حيث مبنى
من النمط «الدويل» “ ”International Styleسيكون ذا رتبة منخفضة جد ًا .وأخري ًا،
ابحث عن أي عالقات مرتابطة.
ماهو جدير باملالحظة بأننا أننا استطعنا قياس مدى تعقيد لغة الشكل ،وبوسيلة
بسيطة مثل عدد الكلامت بمعالج النصوص .ولدينا اآلن بدايات لتحقيق جديد ملدى
التعقيد يف العامرة .وسوف نذهب أبعد من ذلك لربط أفضل هلذا التعقيد مع القدرة
عىل التكيف والنزعة اإلقليمية ،وذلك يف نموذجنا الثاين الذي سأقدمه يف وقت الحق.
إن كل لغة شكل مقدمة عىل زوج مرتب من األرقام (عدد الكلامت ،والتكيف
عىل املستوى اإلقليمي) ،حيث يمكن مقارنتها .فمن املفيد أكثر أن نضع «التكيف
عىل املستوى اإلقليمي» (عىل حمور عمودي) مقابل تعقيد «لغة الشكل» مقاسا بعدد
الكلامت للوصف اللفظي (عىل املحور األفقي).
تشري املقارنة هبذه الطريقة عىل
كيفية إرتباط التكيف عىل املستوى
اإلقليمي مع تعقيد اللغات الشكلية.
هذه النتيجة تنحرف بشدة حسب تعقيد
لغة الشكل ومن الواضح أن ذلك
سيعتمد عىل عدد الكلامت ،وهو أيضا
يعتمد عىل إسهاب الشخص يف وصفه!
وعىل الرغم من وضوح عدم وجود
الشكل رقم (.)69 الدقة العلمية يف هذا األسلوب،فإن
هذه النتائج ستفتح هذه ملوضوع بحث
واعد جد ًا للتحقيق بتفصيل أكثر.
57 تعقيد اللغات الشكلية مع الئحة بمفرداهتا
بدأ قرن احلادي والعرشين بأسوأ حكم متحيز مستمر ومكثف عىل الثقافات
التقليدية ،وبكل مايربط اإلنسان بتارخيه املحيل.
وباملثل تتبع اليوم معظم املباين وختطيط املدن قواعد غري املكتوبة ال أساس
جتريبي هلا ،حيث تعمل استناد ًا عىل ثوابت برصية/أيديولوجية من أوائل القرن
العرشين .فالتصميم املعارص يتجنب أي معيار من معايري اجلودة التي تطورت من
تقاليد احلقب املاضية ،ويعترب أن يف هذا الرفض فضيلة عظيمة ،وهبذه الطريقة أطاع
املهندسون املعامريون و العمرانيون يف هناية املطاف معايري مبسطة للتصميم ،رافضني
أي شعور باجلامل الذي يربط البرش مع األرض والتقاليد والثقافة.
59
النظرية املعامرية املوحدة 60
أو )oikos
األيديولوجية والدعاية
صاغ الفيلسوف Roger Scrutonمصطلح « » oikophobiaللداللة عىل الكراهية
غري املعقولة للمرء لثقافته األصلية .ويقول« :األويكوفويب ينبذ الوالءات الوطنية وحيدد
لنفسه األهداف واملثل العليا ضد أمته ،ويعزز املؤسسات «العاملية» عىل احلكومات
الوطنية ،وحيدد رؤيته السياسية بقيم معوملة متت تنقيتها من كل مايمت بصلة باملجتمع
التارخيي احلقيقي» ،ولدينا هنا «اإلنسان املعارص» الذي يضم لنفسه مجيع أشكال
األلعاب التكنولوجية ،يف حني يرفض احللول التي تطورت مع تعقد املجتمع آلالف
السنني.
كام يشري Scrutonإىل عنرص سيايس عميق يف إيكوفوبيا ،نظر ًا لرتويج العديد
من األحزاب السياسية بوعودها للتحرير من مشاكل املجتمع من خالل يوتوبيا حتتضن
اجلميع (بكالم جتريدي) .ويف الوقت نفسه ،يتم مسح التقاليد املحلية إىل جانب كل ما
جيعل هذا املجتمع متامسك ًا .ويكمن وراء هذه الظاهرة جتاهل أو بغض ثقافة املرء وحتفه
وممارساته .هذا احلقد يدفع الناس إىل رفض ما هو تقليدي هلم ،واحتضان رموز أجنبية
جديدة من التقدمية الرأساملية عىل أهنا بطريقة ما أفضل.
تعمل اهلندسة املعامرية كصورة يف خدمة الرأساملية العاملية ،وهي موجودة اآلن
يف ساحات اجلميع ،فالتضحية باهلوية من أجل العوملة أفسدت القيم واملعتقدات و
ثقافات التقليدية التي داوم عليها البرش آلالف السنني.
ختدم اليوم اهلندسة املعامرية ثقافة «الرأساملية واالستهالك» .تلك الثقافة التي
وجدت يف املامرسة املعامرية يف الواليات املتحدة األمريكية وانترشت عىل نحو متزايد
يف مجيع أنحاء العامل ،وبسبب ذلك تتعرض البلدان النامية خلطر خسارة كل ما امتلكوه
– من فن تقليدي وهندسة معامرية – يف سبيل تقليد الغرب حول هذه النقطة.
تم تغذية هذه العملية لتعزيز الرموز األجنبية اجلديدة بالتأثري عىل بقية العامل
من قبل مليارات الدوالرات لرشاء ما يبيعه الغرب .وتسعى اجلامعات واملؤسسات
الثقافية من الغرب زيادة إمكانية الوصول إىل املوارد غري املستغلة يف البلدان األخرى
النامية ،ويقدمون -حتت ستار االزدهار الغريب -جمموعة من الظروف املوائمة لتدمري
الثقافة و زعزعة قيم تلك احلضارات التقليدية .وتتوازى هذ املصالح التجارية القوية
واالستغالل االقتصادي مع فرض مهندسني معامريني معارصين عىل بقية العامل.
وعندها تعتقد احلكومات بشكل خاطئ بأهنم يفعلون اخلري لشعوهبم بإقامة املباين
«املبهرجة» املشاهبة ملتاحف املهندسني املعامريني املشهورين دولي ًا .سيمهد هذا اخلطأ
لعوامل التعصب «إيكوفوبيا» ،مما سيسهل انقراض الرتاث املعامري املحيل.
يتعرض الشبان للصور الرتوجيية للتصميم يف املدارس ووسائط اإلعالم عىل
أنه هذا هو ما جيب علينا أن نمجده من اآلن فصاعدا ،وبذلك يتم تلقينهم كره وتدمري
التعبريات املعامرية التقليدية.
النظرية املعامرية املوحدة 62
نحن نقرأ بانتباه عن تأثري صور وممارسات الباوهاوس يف التعليم املعامري عىل
الدول النامية ،حيث يعلن اإلعالم أن هذه احلركات «تقدمية» من غري إدراك اخلطر
التي تشكله عىل تقاليد تلك البلدان.
احلافز للعلم
إن االقرتاح الذي تقدمنا به هيدف إلصالح التعليم التي سيوقف فور ًا تدريس
الكراهية للرتاث املعامري والثقافة .وذلك عن طريق اكتساب قدر كبري من املعرفة
عىل أساس علمي كنموذج جديد لكيفية تعليم اهلندسة املعامرية؛ فالطريق إىل إعادة
إنشاء بنية اهلندسة املعامرية كنظام قائم عىل املعرفة سيكون ببساطة عن طريق إعادة
بناء قاعدهتا املعرفية ،فمن دون قاعدة معرفية تستند إىل الواقع ( من إدراك البرشي
واملنهج العلمي) ستبقى اهلندسة املعامرية معرضة للفساد كفريسة ألهواء أيديولوجية،
وموضات ،وعبادة األفراد.
هنالك العديد من الدروس التي يمكن استخالصها من خالل التفكري باخلالفات
املتأصلة بني اهلندسة املعامرية والعلوم كتخصصات وجتاور هياكلها الفكرية ،فالعلم
والتحقيق العلمي يعمالن من خالل تطبيق قاعدة «املعرفة املرتاكمة» .حيث جيري
العلامء بحوث ًا رغبة منهم يف توسيع بنية املعرفة،فيوثقون بدقة هائلة نتائج حتقيقاهتم
إلدراجها ضمن هيئة أكرب من املعرفة .ومن أجل هذه الغاية ،وضعت التخصصات
العلمية لغات هلذا الغرض عىل مر الزمن ،لتمكني تدوين وحفظ املعارف املكتشفة
لألجيال القادمة.و تقع عىل عاتق املعارف نفسها أن توجد أنظمة لتخزينها بكفاءة.
تسمح عملية توثيق العلامء االستفادة من االكتشافات السابقة ،مما يبعدنا عن
االضطرار إىل إعادة اخرتاع العجلة يف كل مرة حيتاج املرء إىل القيام بتطبيق يشء أويل.
وقد سمح العلم أيضا للتدقيق باملعلومات عديمة الفائدة أو التي عفا عليها الزمن من
بنية املعرفة حيث يتم استبدال النظرية التي ثبت خطؤها ،وتتجاهل فورا أو ترسل
كموضوع من اهتامم جمال التاريخ .حيدث هذا االستبدال بسبب العثور عىل أسلوب
أفضل من القديم «لتفسري الظواهر» ،فالعلم يعمل باستمرار عىل توسيع معلوماته
األساسية مع احلفاظ عىل نظام موحد مهم ضمن جمموعة مدجمة من املعارف .تتواجد
هذه العملية من خالل ترتيب وضغط املعلومات العلمية ،وتعمل املكتبات من خالل
تطوير نظام ترتيب متامسك للتعامل مع هذه الكميات اهلائلة واملتزايدة باطراد من
املعلومات .فاملعارف تكون مفيدة فقط إذا أمكن اسرتجاعها بسهولة ،ويعتمد ذلك
عىل وجود منهجية مناسبة.
عىل النقيض من ذلك ،مل تضع اهلندسة املعامرية نظام ًا فعاالً لرتتيب معلوماهتا
املوروثة .ويف الواقع ،ما حدث يف العامرة ال يمكن تصوره يف العلوم؛ ففي وقت ما
يف العرشينات من القرن املايض ،ويف سعيهم لالبتكار يف التصميم ،ألقى جمموعة من
املنظرين تعسف ًا قاعدة املعلومات اهلندسة املعامرية .وكانت ذريعة للقضاء عليها هي
املغامرة خارج ًا يف األقاليم اجلديدة .أولئك الذين يريدون القيام بذلك باسم االبتكار
اليشعرون بأي التزام جتاه املحافظة عىل املعرفة السابقة أو تطويرها أو حتى اكتشافها.
ومن الواضح حتيز رأي هؤالء األفراد ضد توثيق املعلومات املوروثة ،واعتبار بأن ال
لزوم لوضع نظام لرتتيب املعرفة احلالية .ومنذ ذلك احلني،حكم عىل اإلبداع املعامري
بأن يكون ناجح ًا بقدر جتاهله املعرفة السابقة
فقدان املعلومات
ومن املفارقات أن هذه املامرسة املدمرة قد أدت إىل تراكم عقيدة جامدة عىل
حد سواء ،وعدد كبري من الطرز املتناقضة .فقد فشل املهندسون املعامريون يف وضع
نظام ترتيب للطرز املعامرية كمرجع يومي .حيث يصبح هدف كل طراز متميز حماربة
الطرز األخرى ،معلن ًا بأهنا عديمة الفائدة أو عفا عليها الزمن أو ال يمكن الدفاع عنها
أخالقيا .هذا النزاع غري القابل للحل هو مصدر رصاع وعدم استقرار (مما يكون عائق ًا
بدالً من تشجيع التنمية) .ويتم التحقق من نجاح الطرز عن طريق موافقة الذين نصبوا
65 ضد «حب الطبيعة» ومسكن اإلنسان
أنفسهم «صناع الذوق» ،وهي لفتة دفاعية جتعل بنية «اهلندسة املعامرية» أكثر غموض ًا
وغري متاحة ألولئك غري املبحرين يف «نظرياهتم» متعددة األوجه».
من ناحية أخرى يمكن أن تصبح املناقشة العلمية مثرية للجدل جد ًا ،لكن يبقى
لدهيا مبادئ توجيهية صارمة للقرار النهائي .فمعيار الصالحية العلمية هو قدرة املعرفة
عىل تفسري الظواهر عىل نحو كاف ،وسواء يف إنشاء عملية أو نص ذي قيمة للبرشية.
ختىل العلامء عن أي معتقد قديم بغض النظر عن تعدد أتباعه ،وذلك عندما خيفق ذلك
املعتقد يف رشح بنية مالحظتهم .فالرصاعات يمكن أن تكون مكثفة ولكن عادة ما
تكون قصرية ،ففي هناية املطاف يتوصل العلامء إىل التوافق يف اآلراء عىل أساس جتريبي.
إذا اعتمدنا األسلوب العلمي ،فلن نسقط أي يشء تعسف ًا من خمزن املعلومات.
ال يتعامل معظم املهندسني املعامريني مع العامرة كام سيتعامل معها أحد العلامء ،نظر ًا
ألهنم يمتنعون عن البحث عن قاعدة لألدلة .إن فاجعة فقدان املعلومات العمرانية
واملعامرية التي حدثت بعد احلرب العاملية الثانية سمحت للمعلمني املدربني يف احلداثة
النظرية املعامرية املوحدة 66
االستيالء عىل مدارس اهلندسة املعامرية ،مل يكن هلذا أن حيدث لو اتبعنا نموذج ًا علمي ًا
يف حتديد عامرتنا.
للمعرفة املستمدة قيمة عالية أكثر من جمرد رميها بعيد ًا بسبب نزوة .يمكن
استبدال املعارف القديمة فقط بتحديث اإلطار التفسريي ،ال بآراء أو أفكار غري مثبتة.و
مرة تلو املرة نعود إىل احلاجة لوضع جمموعة من املعايري املستندة إىل األدلة للحكم عىل
ما هو ذي قيمة يف اهلندسة املعامرية.
67 ضد «حب الطبيعة» ومسكن اإلنسان
االحتياجات البرشية ،و جيب أن تستعد لذلك جامعات اهلندسة املعامرية القائمة .فإن
نظر املرء بعناية ،سيكتشف أن العديد من املبادئ الضمنية يف ممارسة اليوم ال تقوم عىل
أي يشء معامري ،بل تستند إىل احلجج األيديولوجية .اهلندسة املعامرية ال يمكن أن
تتقدم إذا استمرت يف الدعم األعمى لدوغامئية عقائد التصميم.
الفصل السادس
جودة ذلك التكيف ،يقاس النجاح يف التكيف من خالل فعالية الطاقة للمبنى ،وذلك
باستخدام تقنيات بسيطة ( )Low-tech Energy Efficacyليتمتع هبا معظم السكان ،ويف
املقابل إن التكنولوجيا املتقدمة High-techلتوفري الطاقة مفيدة أيض ًا ولكن اعتامدها عىل
مواد وتكنولوجيا مستوردة جيعل منها «عاملية» وبالتايل هي بعيدة عن اإلقليمية.
لنناقش هذه النتيجة النظرية «هل مدى تعقيد لغة شكل ما يعود دوم ًا إىل درجة
إقليميتها؟».
تقاس اإلقليمية من خالل
استخدام املواد املحلية ومدى احرتام
الثقافة املحلية يف هندسة املبنى ،وإن
تم اقتباس أساليب التكيف املناخي
املطورة يف التصميم..إلخ ،وبالعكس
نقيس مدى جتاهل تلك العوامل
الشــكل رقــم (’’ Alvar Alto :)82االقلميــة من أجل فرض فكرة ملظهر ما من
الناقــدة ’’ .Saynatsalo Town Hall
األعىل-لألسفل top-down stylistic
https://divisare.com/projects/317793-alvar-aalto-
nico-saieh-saynatsalo-town-hall-1951 conception
71 درجة التعقيد تقيس مدى تكيف اللغة الشكلية
يف املايض كانت املواصالت صعبة ،فاضطر الناس الستخدام املواد املتوافرة
حملي ًا ،وهناك فلسفة مشتقة من اإلقليمية تعنى باحرتام املوقع/الندسكيب والطبيعة،
فهل حافظنا عىل األشجار واألهنار واهلضبان أم تم إزالتها يف سبيل توسيع مكان ملبنى
ما ،وأيضا إن استعمل املبنى مواد حملية ذات جودة ،ومعمرة بوجود اإلصالحات
والصيانة الرضورية وبالتايل سيكون هناك شعور بأنه ينتمي ملكان وثقافة معينة ،لكن
املباين التي ال تستجيب للثقافة املحلية ستضمحل برسعة نسبية ،وإن مل حيدث ذلك
فستصبح دخيلة مكروهة.
الشــكل رقــم ( :)84العــارة التقليديــة يف الشكل رقم ( :)83العامرة التقليدية يف مايل
اململكلــة العربيــة الســعودية يف أهبــا http://www.tripmondo.com/mali/mopti-region/
/derou
/http://mufakarah.com/c-486
هناك موضوع كبري مهم حيتاج حتقيق ًا أكثر ،وذلك له عالقة بكيفية تأثر الشخص
عاطفي ًا ملبنى ما ،وذلك يعود أكثر بسبب لغة شكلية ،وأقل يف حني االستجابة ملبنى
حمدد .ذلك السؤال سيصبح منطقي ًا إذا قبلنا افرتاض كريستفور ألكسندر بأن %90من
تأثرنا العاطفي يكون مشرتك ًا عرب الثقافات ،وذلك ليس جمرد رأي ،كام لو كنا «نحب»
شي ًئا ما أو ال ،ألن ذلك سيعتمد عىل مدى التحصيل العلمي وإرشاط الشخص،
وبالتايل أقل جوهري ًا.
النظرية املعامرية املوحدة 72
هناك يشء ما يتصل بشخصنا وبأعامق ذاتنا ونربط هويتنا به ،وكام يقول ألكسندر
يصبح «شخصي ًا» ،وذلك التأثري التواصيل يعود إىل خصائص هندسية والتي نعلم عن
بعضها (ونحن سندرسها الحق ًا هنا) .عندما يصل التامسك اهلنديس للمنشأة للدرجة
املثىل سيف ّعل داخلنا مشاعر إجيابية شديدة ،وذلك حيدث بشكل متناقض حتى مع
األبنية التي ال نحب لسبب ما ،أو ألننا حكمنا عليها بأهنا ال حتمل قيمة فنية أو معامرية،
وذلك التناقض بني االستجابة اجلسدية وأفكار عقلنا املنطقي قد يؤدي لنشاز إدراكي.
ستتشكل عالقة شخصية مع يشء فيزيائي أو فراغ ما يف الدرجة الشديدة من
التواصل مع صنعة أو منشأة ،وسنخترب بالتايل عملية شفائية وإحساس بالسعادة ،إال
بالطبع يف حالة اختبار نشاز إدراكي شديد(.والذي سيخلق حالة من التوتر).
هذا احلديث له تطبيقات فلسفية هامة ،فهو يقدم نظرة مابعد ديكارتية للكون،
تذكر أن ديكارت ينظر للكائنات الطبيعية عىل أهنا آالت منفصلة عن بعضها البعض،
وباملقابل نحن ننظر للشخص واليشء الذي نتفاعل معه كجزئني من نظام أكرب .إن
جتربة اختبار صنعة أو مبنى ما تربط الناظر مع املنظور.
يف الواقع إن الفيزياء احلديثة مؤسسة عىل فكرة التفاعل املتقارب مابني الناظر
واملنظور ،وتعمل التجارب الشارحة لتلك الظاهرة عىل املستوى الكمي ،والذي
نرشحه هنا حيدث عىل املستوى املجهري ولذلك جيب أن نعتمد عىل حواسنا بدأل من
أي مقاييس فيزيائية.
وإىل اآلن خالل العقود املاضية انترصت الفلسفة الديكارتية جاعلة منها متطرفة
أكثر من أي وقت مىض ،وتم اعتبارالكون وآلياته املعقدة للغاية كآالت مبسطة وهو
ظن خاطئ ،وقد أصبح تصورنا للعامل اختزايل يف عديد من املجاالت متضمنًا التصميم
وجتاهل العلم بذلك ،ويف هذه األيام ال يراعي اخلطاب املعامري الربط املعقد للناظر مع
املنظور.
باتباع جذور ذلك التطور
سيؤدي بنا إىل فلسفة سياسية قديمة.
اقرتح عدد من الفالسفة املعروفني
باسم «مدرسة فرانكفورت» جمموعة
من القواعد اجلديدة ليتبعها املجتمع.
وقد حدث يف الثالثينات من القرن
املايض كجزء من محلة املاركسية ملجتمع
جديد .وإن كتاباهتم ،املوصوفة بأهنا
«النظرية الناقدة» ،تتجاهل الطبيعة
البرشية ،وتأمل بسذاجة أن تشكل
الشكل رقم (.)86 كائنًا برش ًيا جديدً ا يسكن يف عامل مثايل
http://www.atlanteanconspiracy.com/2012/12/
consciousness-perception-and-brain_14.html مقرتح .ولكن أي الفلسفة بعيدة عن
http://spiritualcleansing.org/the-mysteries-of-con-
/sciousness
العلم البد أن تكون مضللة وحتى
http://spiritualcleansing.org/the-mysteries-of-con- خطرة ،وذلك يعترب صحيح ًا بالتأكيد
/sciousness
بالنسبة لـ «مدرسة فرانكفورت».
أحد ركائز األيديولوجية املاركسية أن املايض ومجيع التقاليد تقف يف طريق
التقدم اإلنساين .وللميض قدم ًا حيدث أوالً برفض املايض وتدمريه حتى ال يلوث تشييد
النظرية املعامرية املوحدة 74
وهذا يثري مسألة ارتباط اللغات بفلسفات معينة .وقد يكون ذلك صحيح ًا
للغاية .ولكني اختلف مع مجيع املؤلفني اآلخرين تقريب ًا ،وأرص عىل عدم اعتبار الفلسفة
ال عن النظرية املعامرية .بغض النظر عن كيفية نشوء لغة الشكل ما ،يمكن استخدام بدي ً
ِ
أدوات نظرية من العامرة وعلم األحياء البرشي لتوضيح مدى فعاليتها بتوفريها مباين
مفيدة .وهذا هو اهلدف احلقيقي من النظرية املعامرية.
بوضع العربة أمام احلصان ،أي وسم اخلطاب الفلسفي أو السيايس عىل لغة
الشكلية بأنه «نظرية»،سيخلط متاما ماهي النظرية حق ًا .ولسوء احلظ فإن معظم الكتب
حول «نظرية العـِامرة» روايات تارخيية للتفكري الذي استخدم لتربير لغة شكل معينة
باستعامل معايري أخرى غري االستخدام البرشي.
وقد تطورت لغات شكل بشكل متامثل ضمن ثقافات خمتلفة ،باشرتاكها يف
ٍ
ومتواز، استخدام املواد املحلية واملناخ والتضاريس .وهو مثال عىل تطور متقارب
مثل الكثري من الزعانف الظهرية لسمك القرش والدالفني يف علم األحياء .ومع ذلك
النظرية املعامرية املوحدة 76
إن الفصل اآليت كُتب بالتشارك مابني Salingarosمع ،Kenneth G. Masden II
وهو يتعمق أكثر بمحدودية الفلسفات املعامرية املعارصة متضمنني «اإلقليمية الناقدة»،
ويربران التصميم ذا األساس الذكي Intelligence-Based Design
77
النظرية املعامرية املوحدة 78
النظام التعليمي املقرتح وسيلة مبارشة لتصاميم متأقلمة مع بيئاهتا كرد فعل عىل
حاجات السوق املتنامية (متطلبات الزبائن) ،ومع ذلك تستمر املؤسسات املعامرية يف
نرش نموذج ملنهج حيافظ عىل استناده عىل أساس صوري « » image-based method
وعىل أيدولوجيتها الغريبة لعقود .يمكننا تتبع آثار هذا الدعم لبدايات القرن العرشين
يف احلركات املعادية للتقليدية .اإلصالح مستحيل من دون معاجلة اجلذور الفكرية هلذا
النظام واملنسية منذ فرتة طويلة.
تدفع القوى التطورية الكائنات البرشية لتكوين نظام من العالقات مابني
اجلسد الفيزيائي والتصورات الذهنية للعقل البرشي ،مما سمحت لنا من اختبار العامل
ووجودنا ،تزودنا هذه العالقات بالشعور بالراحة والشعور باالنتامء وبإحساس أعمق
عن ماهيتنا ،وذلك من خالل املظاهر الفيزيائية والبرصية لإلدراك البرشي ،فاجلسد
يدير التفاعالت األقدم مابني البرشية والعامل.
ّنم التطور هيكل اجلهاز العصبي يف البرش بطريقة متكنهم من التفاوض مع ظروف
الشــكل رقــم ( :)91قريــة مونســانتو الربتغاليــة مثــال عــى ابــداع انســاين اســتمد معلوماتــه مــن
البيئــة الصخريــة املحيطــة
http://www.albayan.ae/editors-choice/asfar/2013-07-25-1.1929685
79 السياسة و الفلسفة واإلقليمية الناقدة
إن أحد أهم الظروف التي ه ّيأت للمعامريني استبدال الصور بام هو حقيقي
خالل القرن العرشين هو القدرة عىل استخدام الكلمة املكتوبة لدعم أبنيتهم الفقرية
باملعلومات ،لذا بدأ تاريخ طويل من النصوص السياسية والعاطفية كبديل فلسفي
للمعرفة التقليدية « »embedded knowledgeوالتي ضاعت من البيئة املبنية من اآلن
فصاعد ًا.
تم فقد ما يزيد عن ألفي عام من املعارف أوكيف تم جتاهلها خاصة يف فرتة سبعني سنة
ضمن عهد احلداثة .وبتحويل طالب اهلندسة املعامرية نحو املؤلفني الفلسفيني خمتارين
بعناية ،سيغطي هذا اإلجراء املريح التجنب املتعمد ألي نظرية معامرية حقيقية أي ًا كانت
نظرية حديثة أو تارخيية.
إن الكثري مما ٌيسمح بتمريره اآلن كـ«نظرية معامرية» هو بالتايل أكثر من جمرد
مذهب ،فهو يرشط الطالب عىل اإليامن املطلق بمجموعة من املعتقدات التي أنشئت
يف غياب معايري العامل احلقيقي ،تٌشكل هذه املعتقدات نظرة الطالب للعامل حسب
ديناميكيات االنتساب للمجموعة ،حيث تعمل كآلة لتصفية املعرفة بانتقاء املعلومات
التي تناسب املجموعة ورفض كلام تبقى.
جيب يف املستقبل تعليم اهلندسة املعامرية بفصلها بوضوح عن السياسة ،وأيضا
فصل اهلندسة املعامرية من الفلسفة ذاتية املرجع .فقط يمكن للمعلمني تدريب الطالب
عىل ذلك ،ويمكن حتقيق هذا الوضوح للفكر لكل من املعلمني والطالب بعد فهم
األساس النظري احلقيقي للهندسة املعامرية واملعرب عنه بعبارات بدقة معامرية .إن
للمدارس مسؤولية تعليم األسس املعامرية األصيلة للتصميم.
83 السياسة و الفلسفة واإلقليمية الناقدة
الشــكل رقــم ( :)95احــد رســومات كرســتوفر الكســندر :الفــرق مابــن مبــاين خمتلفــة لبقايــا
فراغــات ومبــاين تــرك فراغــات تعايشــية اجيابيــة.
http://www.iwritewordsgood.com/apl/patterns/apl106.htm
http://www.iwritewordsgood.com/apl/patterns/apl106.htm
يف هناية املطاف ينبغي عىل طالب اهلندسة املعامرية دراسة الفلسفة ،ولكن ُتنى
فائدهتا بعد تشكيل أساس ملا حيدث يف الواقع يف العامرة .و جيب أن تكون فلسفة هذه
الدراسة إجيابية وإنسانية ،فالعديد من الفالسفة عىل مر التاريخ يؤكدون رضورة اتصال
البرش بالكون ،ولكن بالكاد يدرس املعامريون هؤالء املؤلفني.
وما نقرتحه هو تصميم مستند عىل معلومات ذات أسس فلسفية عميقة ،تنشأ
العامرة والعمران املتكيفان إنساني ًا من احرتام أسمى معاين البرشية ضمن كون ﻻ هنائي.
وهناك جمموعة واسعة من األعامل الفلسفية تربط البرشية مع الطبيعة ومع السامية.
ففي األطروحة الرباعية ملجلدات « ،)2005-2001( »The Nature of Orderحيدد
كريستوفر ألكسندر أساس فلسفي حقيقي لعامرة تكيفية.
أساس إنساين
حياول الفالسفة -ذو الكتابات الرضورية الستمرارية اجلنس البرشي -فهم
من ناحية أخرى احلرية النامجة عن أفعال البرش خارج اإلطار العلمي الصارم ،فهم
يساعدوننا عىل متييز اجليد من اليسء يف األنشطة البرشية .يتكرر هذا املفهوم التارخيي
(األخالق) يف مجيع أنحاء األطروحات التقليدية يف فلسفة العامل بأرسه ،وحيتفي العديد
من الفالسفة املعارصين باحلياة وقداسة اإلنسانية.
النظرية املعامرية املوحدة 84
85
النظرية املعامرية املوحدة 86
الشــكل رقــم ( :)98مثــال اقتبســة مؤســس اكاديميــة علــم االعصــاب للعــارة ANFAيف
جمــال تاثــر بعــض املبــاين عــى عواطــف االنســان ( ) Eberhard,2009يف ورقــة بحثيــة بعنــوان
Applying Neuroscience to Architecture
http://www.huffingtonpost.com/2014/06/21/arkansas-thorncrown-chapel_n_5515375.html
حتى اآلن يركز املعامريون والعلامء املهتمون بالعامرة عىل التقليد الشكيل
للطبيعة ،أحيانا بشكل رصيح وبغالب األحيان بشكل ضمني وذلك بإهلام األشكال
87 فهم بيولوجي للعامرة
البيولوجية ملنشآت بني البرش ،ومع ذلك أعتقد بأن فهم اجلذور البيولوجية للعامرة
ال عن التقليد اإلنشائي ،وهو اجلانب األكثر والعمران يتطلب عنرص ًا آخر ًا مستق ً
صعوبة من املشكلة والذي هيتم منذ البداية بكيفية تواصلنا وإدراكنا لألشكال ،عىل
هذا النحو يصبح له عالقة ببنيتنا الداخلية اخلاصة كبرش أكثر من اهلياكل البيولوجية
العامة .يمكن العثور عىل اإلجابات يف العمليات اإلدراكية ،والتصور ،و الفزيولوجيا
العصبية)cognitive processes, perception, and neurophysiology( .
من أجل البدء بالبحث عن كيفية تأثري البيولوجيا عىل اهلندسة املعامرية والتخطيط
العمراين ،جيب وضع نوع ًا ما خريطة شاملة للمشكلة ألنه موضوع شاسع ،وبالتايل من
املفيد تقسيمه إىل سلسلة من األسئلة كام سييل ،وهذه ال تعني أن هذه هي املجموعة
الكاملة لألسئلة املطلوبة بل فقط نقطة انطالق إلجراء حتقيق:
1.1ملاذا بعض األشكال املبنية تشبه النامذج البيولوجية؟
2.2ما هي أنواع األشكال املبنية التي تنسجم أكثر مع النامذج البيولوجية ؟
3.3هل لدى البرش استعداد وراثي ملحبة أو الشعور بالراحة ألنواع معينة من األشكال
املبنية؟
4.4هل يميل البرش أيضا «لبناء» أنواع معينة من األشكال؟
5.5هل من املفيد حق ًا حماكاة األشكال البيولوجية بام نبنيه؟
6.6هل نحصل عىل متعة أكثر تتجاوز املتعة اجلاملية (كوجود فوائد مادية ونفسية) من
بيئة هلا جوهر اهليكل البيولوجي؟
7.7هل العيش داخل وحول األشكال التي تتناقض مع النامذج البيولوجية يشكل
مصدر أذى ألنفسنا؟
8.8هل نفهم حق ًا اهليكل البيولوجي جيد ًا بام يكفي لتقليد أي يشء بخالف مظهره
السطحي؟
النظرية املعامرية املوحدة 88
نأمل أن توفر هذه األسئلة للباحثني قوة دفع حلل املشاكل طويلة األمد والتي
تعنى بكيفية تواصل البرشية مع البيئات الطبيعية واملبنية .أود أن أركز هنا من ناحية عىل
العالقة بني اهلندسة املعامرية والتخطيط العمراين مع اهلياكل املوروثة يف الدماغ البرشي،
والتي تؤثر عىل وظيفة «العقل» ،ومن جهة أخرى بدأت جمموعة من املهندسني املعامريني
واملفكرين املبتكرين بوضع األساس هليكل جديد من اهلندسة املعامرية ،والذي ينطلق
املحسن للهيكل البيولوجي.
ّ من احتياجات اإلنسان ،وهو مدعوم من قبل فهمنا
إن اإلدراك هو ماجيعلنا برش ًا ومن املؤكد مسؤوليته عن كيفية إدراكنا للمنشآت
وبالتايل أمهية دور الفيزيولوجيا العصبية يف الرد عىل األقل عىل بعض املسائل املذكورة
أعاله.
الفصل التاسع
يتوسع الفصل التايل يف موضوع ظاهرة «احلياة» يف املباين والتي تم تقديمها يف
الفصل الثالث ،وسيقدم أيض ًا اختبار ًا بسيط ًا حيدد مقدار «احلياة» يف منشأة ما.
بتناول العامرة من خالل منظور جديد متام ًا عن طريق التامسك املنظم organized
89
النظرية املعامرية املوحدة 90
الحق ًا عىل هذا املسار سوف نقوم بتعداد امليزات وقياس العوامل التي تساهم يف
خلق انطباعنا عن «احلياة» يف األشياء ،ستظهر لنا هذه املقاييس بأن ظاهرة احلياة التعود
لفقه الشخص ،بل هي مشرتكة بشكل كبري بني مجيع البرش.
تتواجد هناك مشكل ًة يف قولنا بأننا «نعجب» بيشء ما ،وهو ما اليمت بصلة
بمقدار إدراكنا لدرجة احلياة فيه ،ألنه بالرغم من كل ذلك اليزال هناك مباين وحشية
وال إنسانية حمبوبة بشكل كايف من قبل معامرهيا وزبوهنا الذي فوضها ،ونحن أيض ًا عىل
معرفة بتواجد اإلعالم بقيمة ترليون دوالر واملؤسس عىل التالعب برأينا فيام نحب.
إن إدراك «احلياة» يف األشياء يأيت من خالل إحداث صلة عميقة مابني املراقب
أو املستخدم مع اليشء ،يأيت ذلك اإلدراك من ترابط الفيزيولوجيا مع الفطرة والتي
يمكننا اختيار جتاهلها ولكن اليمكننا عىل األرجح تغيريها.
يعدد أليكسندر بعض خواص هذه الصلة العاطفية مع التحف واملنشآت:
1.1نستشعر التغذية منها.
2.2إن شاركنا بالفعل يف بنائها ،سنشعر أيض ًا بذلك اإلحساس بالتغذية.
3.3عندما نستطيع حتديد هذه الصلة ومتييزها من اإلعجاب املستمد من وسائل
اإلعالم ،عندها سنكتشف بأننا سنتفق يف هذا مع الكثري من الناس
4.4إن ذلك ليس جمرد حكم مجايل ،بل يشء متداخل مع جوانب أعمق للثقافة واحلياة.
5.5يمكن التحقق من هذه الصلة بشكل جتريبي ،وهي ليست ببساطة مسألة رأي.
إن من السهل احلكم عىل نسبة التقريبية للصلة اإلجيابية التي نختربها بشكل
شخيص ،وذلك بمقارنة صلة شيئني مع أنفسنا ،يعتمد استخراج نتائج ذلك عىل خدعة
نفسية ،وستجرب هذه اخلدعة دماغنا عىل حساب التعقيد املنظم بني شيئني بطريقة
املقاربة ،وإن مل يكن ذلك بشكل مطلق.
إن اختبار ًا أللكسندر يدعى «مرآة للذات» “ ”mirror of the selfيسأل :أ ّي ًا
من الشيئني الذين اختربمها سيمدين بصورة أوضح عن نفيس؟ علينا هنا تصور كل
91 فيزيولوجيا اإلنسان والتصميم القائم عىل األدلة
شخصيتنا ،نقاط قوتنا وضعفنا ،إنسانيتنا ،مشاعرنا ،إمكانيتنا وجتارب حياتنا عىل أهنا
بطريقة ما مشمولة ضمن شفرة هيكل أحد هذين الشيئني ،عندها يمكننا أن نسأل أ ّيا
من هذين الشيئني يعطي صورة صادقة عن ذاتنا.
اكتشف الكسندر بأن أكثر من % 80من الناس اختاروا اليشء الذي يمثل درجة
أعىل من احلياة ،والذي تم حسابه سابق ًا عن طريق مقاييس موضوعية أخرى ،وبناء
عىل ذلك يمكننا االستغناء عن تلك العمليات احلسابية وجمرد طرح هذا السؤال حول
انعكاس ذواتنا .ذلك االرتباط عال بام فيه الكفاية جلعل االختبار أداة مفيدة جد ًا ،عىل
الرغم من أنه غري معصوم عن اخلطأ.
ينجح هذا االختبار يف سحبنا بعيد ًا عن آرائنا وتفضيالتنا التي تعلمناها من
اخلارج ،تلك التي ال تطابق ماينبثق بعمق من داخل كياننا ،فهو يقطع بالتايل سلسلة
أفكارنا الفقهية ،ورأينا حمتمل التحيز ضد اجلامل لتلفت انتباهنا ملا نحن عىل صلة به
بصدق.
النظرية املعامرية املوحدة 92
من احلقيقة املؤسفة أنه تم التالعب بذوقنا حتى ُصنع منا ذلك املستهلك املثايل
للموضة والسلع الصناعية .ليس فقط باستخدام اختبار «مرآة للذات» بشكل متكرر
سيجعلنا أكثر كفاءة يف تطبيقه ،بل أيض ًا سيساعدنا عىل التحرر من الرأي والصور
واملذهب جاع ً
ال منا ماهرين يف إدراك البنى احلية.
بقلب املسألة عىل عقب ،دعنا نستفرس عن كيفية قطع البرش صلتهم مع
مشاعرهم يف عامل متصل بالفعل بالبنى احلية من خالل الثقافة والتعليم ،كيف يمكن
للمرء إنكار فطرة وهبة إدراك «احلياة» وجتاهل البرش هلا بالبداية ومن ثم نسياهنا متام ًا؟
إن الطريقة لفعل ذلك هو أوالً تشتيت انتباهنا واستخدام سلطة مزيفة تبعدنا عن إعادة
بناء الصالت احليوية واخلرائط املعرفية.
يوجد هناك مفهومان مميزان عن جتربتنا املشرتكة للعامل ،حتدث األوىل حينام
نستخدم نظام حواسنا لتشكيل نظرة صادقة ومبارشة للعامل ،فكون جهازنا احليوي
«البيولوجي» مشرتك مع بقية البرش ستكون أيض ًا جتربتنا مشرتكة إىل حد كبري ،أما
السيناريو اآلخر فيحدث عندما يساق قطاع كبري من السكان نحو نظرة خاطئة للعامل،
93 فيزيولوجيا اإلنسان والتصميم القائم عىل األدلة
ويف هذه احلالة سيكون ما نشرتك به بعيد ًا عن احلقيقة ويتواجد فقط كصورة.
إذا كنا واقعني بالفعل داخل عامل غري واقعي فسيتم تعزيزه نظر ًا ألنه يتم تقاسمه
مع اآلخرين .حينها يمكن أن تساعدنا هذه األدوات املقرتحة عىل اخلروج .توجد
هناك طريقة خمتلفة لوصف اختبار «مرآة للذات» و هي أن تشعر كيف يؤثر يشء ما
أو بيئة حمددة عىل «إنسانيتنا» .اسأل نفسك« :هل يزيد أو يتناقص إحسايس باإلنسانية
عند التعرض هلذا اهليكل بشكل خاص؟» هنا يمكننا أن ننسى حضارتنا امليكانيكية
لنستخدم حرص ًا حدسنا ملعرفة حالتنا العاطفية الداخلية.
يتلقط اختبار «مرآة للذات» بام يذكرنا بالطبيعة ،مثل التسلسالت اهلرمية
الطبيعية للمقياس والتعقد املنتظم للمواد الطبيعية وغريها من امليزات اهلندسية التي
تعطي شعورا أكرب بـ»احلياة» يف يشء ما ،عندما يمكننا االتصال بالبيئة نظر ًا ألننا جزء
منها ومرتاحون فيها ،عندها سنتمكن من ممارسة حياتنا ووظائفنا بمزيد من املتعة
وبأقل إجهاد .فهذا الشعور بالسعادة ال يتم تسجيله عن وعي.
النظرية املعامرية املوحدة 94
كثري ًا ما نخترب درجة عالية من احلياة يف األشياء واملباين ذات العيوب كاملباين شبه
املهدمة ،والتحف األثرية ذات األجزاء التالفة ،و ..إلخ وهو ما ال يقلل من جاذبيتها.
املجمعون السجاد العتيق
ّ ال لرؤية وجتربة األنقاض ،ويشرتي يسافر السياح شوط ًا طوي ً
بثقوبه.
سيمنحنا استخدام اختبار «مرآة للذات» أداة أساسية لتنفيذ التصميم املبني
عىل األدلة « .»evidence-based designوهناك جانبان هلذا املنهج :اجلانب األول وهو
مستمد من األجواء طبية التي تم هبا سابق ًا قياس مدى تأثري املنشآت والبيئات املبنية
عىل الصحة البرشية .ليس من الصعب مقارنة التصاميم وفقا إلمكاناهتا بتسهيل عملية
الشفاء ،فالبيانات تثبت بأن هناك بيئات حمددة يتعاىف فيها املرىض بشكل أرسع .فبدء ًا
من تصميم املشايف ،يتم تطبيق التصميم القائم عىل األدلة اآلن عىل بيئات أخرى أكثر
عامة .أما اجلانب الثاين يتعلق باستخدام ردود األفعال والتعقيب ،feedbackوسيتم
نقاش ذلك مطوالً يف اجلزء الثاين من هذا الفصل.
أصبح اآلن التصميم املستند عىل األدلة أداة معيارية يف تصميم املدارس (من
ورقة بحث Peter C. Lippmanالتصميم املستند عىل األدلة للمدارس االبتدائية
والثانوية .)2010ولكن تطبيقه احلايل مع أنه جدير بالثناء اليزال فاقد ًا للعنارص
املفتاحية الرضورية للتصميم املتكيف adaptive designوهي :البيوفيليا «/Biophilia
حب الطبيعة» و الذكاء يف البيئة (موضوعان سيتم النقاش فيهام يف هذا الكتاب)
باإلضافة للغة النمطية Pattern Languageوالتي تعمل كل منها مع بعضها البعض
لتعطي نتائج تصميمية مثالية.
يسمح التصميم املستند عىل األدلة للمعامري أن يقييم تصمي ًام بأشكاله املختلفة،
ملعرفة ما إذا كان سيساهم يف رفاهية اإلنسان ،وهذا مما سيجعل من خياراته مدروسة
أكثر ومن املمكن أن تدفع وتوجه التصميم نحو شكله النهائي األكثر تكيف ًا .نحن
نعلم بأن النتيجة ستكون أكثر قابلية للتكيف طاملا قمنا بالتحقق من كل مرحلة وسيطة
لتصميم متطور.
إن اجلانب اآلخر من التصميم املستند عىل األدلة هو االستفادة من النقد
،feedbackفمن الناحية العملية ،التصميم املتكيف هو حصيلة من التكرار ،iterations
حيث يتم فحص كل خطوة حسب زيادة أو خفض الرفاهية اإلنسانية كدليل .هذه
عملية ال تستخدم صيغة رياضية كام أهنا ال تتفق مع أي قواعد جمردة أو صور .وهنا
يتكيف التصميم من خالل التكرار املفحوص عن طريق مؤرشات فيزيولوجية لكل
خطوة من هذه العملية.
من الواضح بأن هذه الوسيلة تعمل بشكل أفضل عندما نجعل عملية التصميم
عملية تطورية متعددة اخلطوات ممكنة التعديل ،فهي التعمل عىل اإلطالق عندما يصل
املعامري أو املصمم إىل حله يف خطوة واحدة ،فأين التكيف يف ذلك؟ إنه غري موجود.
النظرية املعامرية املوحدة 96
اليمكن أن يعمل التصميم املستند إىل األدلة حينام متارس العامرة بتقديم تصاميم
متوافقة مع نامذج مل يتم اختبارها .ملاذا يقوم البعض -إىل اآلن -بشكل معياري ببناء
نامذج منسوخة مرار ًا وتكرار ًا ولكن مل يتم اختبارها إلجياد أدلة لتكيفيها؟ ال خيطر ببال
هؤالء املهندسني املعامريني إجراء جتارب لقياس االستجابة الطبية للتأكد من أن ما
يقومون به ال ُيمرض البرش .فقد تكون تلك البيئات التي مل يتم اختبارها يف الواقع
جمهدة أو ضارة ملستخدميها .إن املشكلة يف الوقت الراهن أنه ال يتم تدريب املهندسني
املعامريني عىل قياس املؤرشات الفيزيولوجية للبرش.
للتصاميم غري الصحية يشء مشرتك :مطابقتها لصورة بدهيية مسبقة أو ملفهوم
جتريدي أو ملا ينبغي صورة املبنى أن تكون؛ فشخص ما قدم صورة يف البداية واجلميع
يقوم بنسخ تلك الصورة بسعادة دون تفكري أو تأمل .وهذا النموذج ذو الرمزية البرصية
متسلط لدرجة حتى تم وضعه فوق احلاجة إىل األدلة .ويف الواقع إذا كانت األدلة ذات
نتيجة سلبية ،سيعتمد عىل النموذج األصيل بام يشبه التعصب الديني ،بينام يتم رفض
األدلة نفسها .فاملهندسون املعامريون ال يقبلون الفشل وهم أكثر فخر ًا بأنفسهم عىل
االعرتاف بأهنم ارتكبوا خطأ ما.
يمكن أن يساعد اختبار «مرآة للذات» يف نقض هذه املامرسة املؤسفة ،فيمكن
تدريب أي شخص عىل استخدامه وبالتايل ال يكون هناك حاجة إىل توصيل األسالك
لقياس املؤرشات الفيزيولوجية التي تقيس مستويات التوتر يف اجلسم .فاالختبار
يساعد عىل كشف عن تصميم فاشل بشكل ال َلبس فيه .فأي شخص يمكنه استخدام
اختبار للتمييز بني بيئتني أهيام أكثر أو أقل شفاء من األخرى.
لو استمر تطبيق اختبار «مرآة للذات» سيؤدي ربام إىل تفادي بعض البيئات
القاسية التي بنيت عىل مدى العقود العديدة املاضية ،فأحد هذه النامذج هو كتل الشقق
الضخمة للغاية والتي ضمت آالف الناس يف صندوق من ثامنية طوابق .حيث انترشت
من نامذج التي بناه النازيون يف جزيرة ،Rügenأملانيا ،إىل Pruitt-Igoeيف سانت لويس،
إىل Corvialeيف روما ،ومجيعها كانت خمفقة.
إن هذه األمثلة لتلك النامذج املستندة عىل تصميم منخفض التعقيد low design
complexityال يمكن أن تتكيف مع االستعامل البرشي وحساسياته ،فإما معامريوها
نسوا البرش أو كانوا ذا نية حسنة ومل يدركوا ماكانوا يفعلونه فقد أصبح التصميم نشاط ًا
فكري بشكل نقي .لألسف اعتمد البناؤون هذا النوع من النامذج ألهنا رخيصة البناء
وبالتايل أصبح حمركها املال.
تتجاهل األشكال املبسطة إنسانية البرش مع أهنا إىل اآلن مازالت حمبوبة من
قبل املعامريني الذين يقيموها عىل أسس فنية ،لكن النقاء الرسمي والبساطة ال تعني
شيئا ملستخدميها ،ومل يقع الناس العاديون يف ألعاب املعامريني الفكرية ،فامزلنا نرى
درجة من التعقيد املنتظم organized complexityحني يبني البرش بأنفسهم كام يف
سكن العشوائيات ،والتي ربام هي أقل من أن تكون منظمة بشكل مثايل مما متثل نقيض
التصميم الرسمي.
تتلخص املشكلة يف النقاد الذين حيكمون عىل املباين من صورهتا وليس من جتربة
شخصية مبارشة .عىل العموم ال هيتم النقاد فيام إذا كانت األشياء تعمل أو أهنا مناسبة
حق ًا ،فهم يعتمدون أيض ًا عىل املهندسني املعامريني املشهورين ويعملون مع الرشكات
اهلندسية الكربى التي يشتغل فيها هؤالء املعامريون ،وبالتايل الجيرؤون عىل انتقاد
أعامهلم .يصمم املعامريون بشكل صارم إلعجاب معامريني آخرين ،وبسبب العمل
غري النزيه لنقاد العامرة تم خلق مهنة من غري املحتمل أن خترج من الدائرة املفرغة من
النظرية املعامرية املوحدة 100
حس باملسؤولية.
تصديق ذاهتا بال أي ٍّ
منذ القرن العرشين وحتى اآلن يف القرن الواحد والعرشين ،قد جتاوزت السلطة
الغاوية للصور الرمزية كل االعتبارات األخرى ،ويتم تطبيق نامذج هندسية جامدة
بالتفكري ،و األسوأ من ذلك تستخدم النامذج السيئة كاألساس لإلبداع املعامري،
ولكن األشكال اجلديدة لألسف حتمل خصائص أسوأ من األصل .يمكن أن يساعدنا
التصميم القائم عىل األدلة واختبار «مرآة للذات» عىل التحرر من هذه املامرسة العقيمة.
الفصل العاشر
كل ذلك يكمن يف اهلندسة ،ففئة معينة من التكوينات اهلندسية تولد توتر ًا لدى
املستخدم وفئة أخرى ذات تكوينات نستطيع أن ندرك احلياة فيها ال تولد أي توتر،
وأزيد عىل ذلك بأهنا أيض ًا تولد فينا مشاعر إجيابية؛ ومثال عىل ذلك بأننا سنكون أحرار ًا
لتجربة كرب مفعوهلا الشايف ،ويعود ذلك لسبب حمدد بأنه مل نعد ننهك من قبل اإلجهاد
البيئي.
هدفنا إذن هو الكشف عن القيم املحددة التي تتمتع هبا البيئة الصحية والتي
تسمح لك بالشعور باحلرية ،بيئة كهذه ال هتدر أي طاقة بشكل آيل يف الرصاع مع
التكوينات اهلندسية املسببة للتوتر ،هنا نجد نظام ألكسندر يف (اللغة النمطية) ،فكل
نمط هو احلل لبعض هذه الرصاعات يف البيئة ()Alexander et al., 1977
وطاملا كان تكوين ما خاطئ ًا سيستمر يف توليد التوتر ،مهام كانت كمية «املكياج»
السطحية التي لن حتل الرصاعات األساسية ،وهلذا نرى أنا وزمالئي يف إيطاليا املال
الذي سيرصف يف تنظيف» املجمع السكني يف كورفيال «the Corviale housing
» complexمهدور ،فطالء جدرانه أو بناء حديقة للنحت املعارص عىل أراضيه لن حيل
شيئ ًا ،فقط بتغيري هندسته الرتيبة يمكن أن حتل املشاكل التي تواجه سكاهنا ،لكن هذه
املشاكل هي بالضبط حتت محاية املؤسسة اإليطالية املعامرية احلديثة.
ماهي بالتحديد الصفات اهلندسية للبيئة التي متنحها اخلواص الشفائية حتى
نشعر بأننا أحرار لنعيش حياتنا بكامل طاقتنا ،لدينا اآلن اختبار «مرآة للذات» (عد
إىل الفصل السابق) والذي كان يف غاية الفائدة يف تقييم البدائل لكنه اليستطيع اإلجابة
عن هذا السؤال .إن اخلطوة األوىل للكشف عن الصفات اهلندسية تلك هي بفحص
البيئات الطبيعية ،وهذا ماسيقودنا لتأثريالبيوفيليا ( Biophiliaحب الطبيعة) :نعني
بالبيوفيليا تلك الرابطة التي يشعر هبا البرش جتاه الكائنات احلية/البيولوحية ،ويعزز
تأثري البيوفيوليا العافية النفسية ويساعد أيض ًا عىل الشفاء واالنتعاش اجلسدي ،وقد تم
توثيق ذلك التأثري رسيري ًا.
103 البيوفيليا :قرابتنا املتطورة نحو األشكال البيولوجية
ُوجد أن إطاللة رسير املشفى نحو مشهد طبيعي تقلل من فرتة النقاهة وختفف
من مستوى املسكنات املطلوبة (عد إىل الفصل الثاين عرش من كتاب :تصميم لكوكب
حي لـ ( )Mehaffy & Salingaros, 2015إن هذا املثال لتأثري البيوفيليا يرفع من التقييم
التقليدي للبيئات الطبيعية من كوهنا «أماكن لطيفة للتواجد هبا» إىل «أماكن للشفاء»،
بالتأكيد نجد اقرتان الشفاء بالبيئات الطبيعية يف الثقافات التقليدية بشكل أكرب مما نجده
يف الغرب املعارص ،وإىل اآلن نعلم بأن استخدام البيوفيليا يف مراكز الرعاية الصحية
حيسن بشكل هائل اقتصاد شفاية املرىض ،وهو ما يفرتض أن يعطيه نظامنا أولوية.
من املنطقي أننا نشعر بالراحة يف البيئات املشاهبة لتلك التي تطورنا فيها والعكس
أيض ًا صحيح حيث أننا سنشعر بالتوتر يف البيئات ذات الصفات املخالفة .إن نظامنا
العصبي-الفيزيولوجي تطور بدقة للتعامل مع البيئات الطبيعية القديمة :ضوء طبيعي
وهواء متجدد وأعشاب السافانا والسهول الواسعة واألشجار والشجريات ومنفذ
برصي للمياه الخ ،إن جسدنا لديه قدرة متطورة للغاية للكشف عن البيئات التي هي
جيدة بالنسبة لنا.
النظرية املعامرية املوحدة 104
ذهبنا أنا والكسيندر مع طالبنا إىل أبعد من ذلك ،وذلك بالقول بأن التأثريالبيوفييل
ليس بخاصية حيوية غامضة تتمتع هبا الكائنات احلية بيولوجي ًا لكنه عائد باألحرى
إىل هندستها ،وبالتايل يتبع ذلك بأنه يمكننا تقدير التأثري البيوفييل يف اهلياكل اجلامدة
الصحيحة ،فالكثري من الفنون والعامرة التقليدية جتسد الصفات البيوفيلية بسبب سعي
صانعيها لذلك بشكل حديس.
متنوعة من أدوات التصميم لتحقيق تأثري مماثل ،حيث شكلنا مساحات املعيشة لدينا
وفقا هلندسة حمددة للغاية ،واستخدامنا األلوان والزخرفة واألنامط patternsللحصول
عىل التغذية البيئية املامثلة .هذه العملية ليست تقليد ًا سطحي ًا للطبيعة بل تشكلت من
توليد اهلندسة الطبيعية.
بدأ العلامء يف توثيق كيف أن
العوامل الطبيعية بامفيها املعلومات
اآلتية من البيئة تؤثر عىل عافيتنا
الفيزيولوجية ،حيث يظهر لنا بأن
السامت اهلندسية املوجودة يف العامرات
التقليدية كالزخرفة واهلياكل النمطية
(الفركتيلية) تثري رد فعل إجيايب يف
فيزيولوجيا العصبية خاصتنا ،وهذا
الرد مدمج مع أعضائنا احليوية.
اكتشف تلميذي السابق Yannick Joye
»(Mehaffy & Salingaros, 2015و أيضا يف “Fractal Art and Architecture Reduce
إن تطبيق البيوفيليا يف التصميم يعني اإلدماج احلميمي بني اهلياكل الطبيعية
واالصطناعية ،ومن الناحية العملية سيكون ببناء احلدود املعقدة املتعرجة التي
متازج بني املباين والنمو الطبيعي ،حيث تدرج النباتات يف البيئات كجزء من النظام
اإليكولوجي/البيئي معقد وليس كخضار أحادي الوظيفة .ويعني ذلك أيض ًا التشديد
عىل املقاييس اإلنسانية احلميمة بدالً من االقتصار عىل املقياس الكبري.
107 البيوفيليا :قرابتنا املتطورة نحو األشكال البيولوجية
للمستخدم سيتوقف عن الدفاع عن أشكال الغريبة ويصبح شخص ًا أفضل أخالقي ًا.
تساعد األدلة التجريبية التي مجعت حول البيوفيليا عىل رشح اختبار «مرآة
للذات» والذي يستخدم اجلسم كجهاز استشعار للتوتر يف البيئة .اآلن نستطيع أن نفهم
أن مصدر تلك الضغوط هواخلروج من هندسة حمددة جد ًا التي كانت أقرب إىل هندسة
املعقدة للهياكل الطبيعية .قد احتفى املهندسون املعامريون يف القرن العرشين واحلادي
والعرشين عمد ًا باألشكال والسطوح التي تبدو اصطناعية ،نظر ًا ألهنا تتناقض مع
األشكال الطبيعية ،وبالتايل تولدت البيئة املبنية املسببة للتوتر.
وبشكل أكثر حتديد ًا ،تم تفضيل البيئات التقليلية minimalistذات املظهر
الصناعي عندما ارتبطت مع إشارات اإلنذار يف اجلسم .فاألسطح عديمة اللون
والرتيبة واخلالية من املالمح أعادت إنتاج األعراض الرسيرية لألمراض التابعة ألنظمة
العني-الدماغ .وبطبيعة احلال ،عندما تولد البيئة تلك اإلشارات ذاهتا سيعتقد جسدنا
بأنه ينهار ويتفاعل مع التوتر
كشف بحث مثري لالهتامم من جوديث هريفاغن of Judith Heerwagenأن
احليوانات التي أبقيت يف بيئات تقليلية أظهرت سلوكيات عصبية شاذة ومعادية
109 البيوفيليا :قرابتنا املتطورة نحو األشكال البيولوجية
للمجتمع .وعند إعادهتم إىل بيئة مثرية وطبيعية أكثر أنتج ذلك عن أنامط السلوك
أكثر طبيعية وصحة .وهكذا أثبتت فظاعة بعض حدائق احليوان للمقيمني فيها مع أهنا
حائزة عىل جوائز ومبنية بأسلوب حداثة القرن العرشين ،وأخري ًا سمح للعاملني بتلك
احلدائق بتشكيل بيئات احليوانات بإدخال التعقيد يف تصميمها.
الشــكل رقــم ( :)115تعتــر هــذة احلديقــة مــن املرتبــة االوىل ،لكــن لوحــظ يف عــام 2004خــال
اعــال التصليــح بــان البطاريــق فضلــت البقــاء يف مســاكنها املؤقتــه ومل تعــد اىل مســاكنها احلديثــة
http://www.archdaily.com/623966/unified-architectural-theory-chapter-10
ومثل حيوانات احلدائق ،يتأثر األطفال أيض ًا ببيئتهم ولكن ال يمكنهم اإلفصاح
عن األسباب الكامنة وراء ذلك .فقمع التغذية البيوفيلية أثناء نمو أطفالنا له أثار سلبية
كبرية .مل يعد يمكن التشكيك يف رضورة حتفيز تلقي املعلومات البيئية أثناء نمو الطفل،
فهنا يمكننا متديد نتائج الدراسات التي أجريت عىل احليوانات املخربية التي أظهرت
بأنه ازداد حجم الدماغ وذكاء صغار احليوانات بنسبة %20عندما تثار يف البيئات الغنية
باملعلومات .إذا كنا مهتمني باستمرار اجلنس البرشي وحتسني ذكاء أطفالنا فنحن
بحاجة إىل إيالء اهتامم دقيق هلذه اآلثار( .آلية الربط بني املعلومات والذكاء البرشي
والزخرفة ستقدم بشكل موجز الحق ًا يف الفصل 12من هذا الكتاب).
النظرية املعامرية املوحدة 110
سؤاهلم عن أي تفضيل ملحوظ ،ولكن أجسامهم عربت عنهم .وهكذا تظهر الدراسة
أن االستجابات الفسيولوجية لبيئتنا فطرية ،وعالوة عىل ذلك ،بأهنا منفصلة إىل حد
كبري عن التفضيالت الشخصية .فام «يعجبنا» ال عالقة له بام هو «جيد» بالنسبة لنا.
وكام ُذكر سابقا ،ختضع تفضيالتنا ومكروهاتنا لتأثري وسائل اإلعالم واألفكار
املسبقة ،وعلم النفس االجتامعي( crowd psychology /حيث نحن مضطرون إىل
التاميش مع األغلبية من أجل جتنب التنافر املعريف) .ما نفكر به يف رأسنا ليس له عالقة
بام نشعره جسدي ًا ،فيمكن أن يبدو مبنى ما مثري ًا لالهتامم لكنه ال يتفق مع ما نستشعره
عند اختباره ،لن يستمع الناس إىل جسدهم إذا منعهم ذلك من «االندماج» مع املنصب
االجتامعي.
عامل معقد آخر هو الطبيعة البرشية ذاهتا التي تسعى لالستثارة من التجارب
التي تسبب اآلذى هلا ،فنحن البرش نفتن دوم ًا باألشياء التي ختيفنا -حتديد ًا لتلك التي
«بذوخا» عاطف ًيا .جيب أن تكون التجربة ً تولد التوتر -اندفاع األدرينالني الذي خيلق
متوازنة بعناية حتى نشعر باخلطر واألمان يف نفس الوقت .وهلذا السبب ،يشاهد الناس
الرعب األفالم ويركبون ألعاب مدينة املالهي ويزورون «البيت املسكون» ويامرسون
رياضة سياق السيارات والقفز املظيل ،ويأكل رجال األعامل اليابانيني السويش املصنوعة
من سمك blowfishسام تقريب ًا وهلم جر ًا .نحن ننجذب للهندسة املعامرية التي توتر
تشف بعد!
َ جسدنا للسبب نفسه متام ًا ،ولكن من الواضح أن مثل هذه اإلثارة املنهكة مل
الفصل احلادي عشر
يف الفصل احلادي عرش يقدم ويرشح سالينغاروس قائمة اخلصائص اخلمس
عرشة التي تبعث «ظاهرة احلياة» يف التصاميم املعامرية والتي تم وضع نظريتها من قبل
كريستوفر أليكسندر Christopher Alexander
113
النظرية املعامرية املوحدة 114
الحظ أنه فقط حني فرقنا بني األشياء مالكة اخلصائص احلياتية وفاقدهتا ،أصبح
لدينا جمموعة من األمثلة التي عن طريقها اشتققنا القواعد اهلندسية املكتشفة .تم
اكتشاف هذه القواعد عن طريق مراقبة تلك األشياء وهو ماقام به كريستوفر أليكسندر،
ومنذ أن تم وضع هذه القواعد عىل الورق استطعنا عن طريقها التحقق من مجيع األشياء
التي حتوي خصائص احلياة.
إن اخلصائص اخلمس عرشة األساسية املكتشفة من قبل ألكسندر هي جمرد بداية
لعملية حتقيق هائلة عن خصائص األشياء ،هذه القواعد اخلمس عرشة هي ظاهرية
phenomenologicalوإىل اآلن علمنا من التجارب بأن ظاهرة احلياة مبنية عىل كال
البيولوجيا خاصتنا واخلواص الفيزيائية للامدة بحد ذاهتا.
ولذلك ابتداء ًا من هذه اخلصائص اخلمس عرشة س ُيفتح لنا برنامج بحث
الكتشاف َلِاذا هذه اخلصائص يف غاية األمهية وأيض ًا من أجل تقديم الرشوح هلا.
كام أهنا تدفعنا للبحث أكثر عن العوامل املساعدة التي ستصقل وحتسن فهمنا لظاهرة
احلياة ،لقد قام أليكسندر ذلك بنفسه من خالل جملداته الثانية وحتى الرابعة من كتابه
« The Nature of Orderطبيعة النظام» وكنت أيض ًا مسؤوالً عن النتائج يف هذا املوضوع
(مالحظة :اخلصائص اخلمس عرشة التي تناقش حالي ًا يف هذا الكتاب موجودة فقط يف
املجلد األول من كتاب )The Nature of Orderوالقائمة هي ماييل:
Levels of scale 1.1مستويات من املقاييس
Strong centers 2.2مراكز قوية
Thick boundaries 3.3حدود سميكة
Alternating repetition 4.4تكرار متناوب
Positive space 5.5فراغ إجيايب
Good shape 6.6شكل جيد
Local symmetries 7.7تناظرات حملية
115 اخلصائص ال 15األساسية لكريستوفر أليكسندر
1111اخلشونة Roughness
Echoes 1212أصداء
The void 1313الفراغ
Simplicity and inner calm 1414البساطة واهلدوء الداخيل
Not-separateness 1515عدم االنفصال
املالحظات املوجودة يف املحارضة السادسة من كتايب سأستخدم بعضًا من
.)ingaros, 1999
6.6ينبثق الشكل اجليد حني يقلل التناظر
من عبئ كثرة املعلومات ،إن األشكال
التي يمكن إدراكها تنتج شكل ممث ً
ال من
خالل عدة وجهات ثنائية األبعاد منفصلة
عن بعضها البعض ،مما متكن الدماغ من
التالعب هبا بطريقة حسابية يف منظور
الثالثي األبعاد ،نعني با»جليد» هنا هو
«سهل الفهم» وذلك من خالل تلبية حاجة
الدماغ ملعلومات مضغوطة ،إن األشكال
صعبة اإلدراك ترهق اآللية احلسابية الذهنية
الشكل رقم (.)124 وبالتايل تنتج توتر ًا.
119 اخلصائص ال 15األساسية لكريستوفر أليكسندر
.lingaros, 2006
1818لطاملا جتنب املعامريون اخلصائص
اخلمس عرشة لقرن كامل ِ
،فل َم علينا تطبيقها
اليوم يف تصميم البيئة املبينة؟ إن السبب
يف ذلك هو أننا ال زلنا جزء من الطبيعة
فالبيولوجيا البرشية ال تتغري يف قرن واحد،
ولكن خالل ذلك الوقت حتجرت عواطفنا
حتى أصبحنا ضد الطبيعة وضد ردود
أفعالنا جتاه األشكال الطبيعية والصناعية
مستنكرين بنيتنا البيولوجية ،يتفق اجلميع
اليوم بأن جمتمعنا يف غاية التوتر ،وأن العودة
لتحسني بناء منشأتنا وبيئتنا سيحسن من
الشكل رقم (.)135
صحتنا ويساهم يف شفائنا ،هذا النوع من
http://www.youramazingplaces.com/palace- العامرة سيساعد بشكل كبري يف رفع مستوى
/of-versailles-is-the-biggest-french-pride
125 اخلصائص ال 15األساسية لكريستوفر أليكسندر
املعيشة.
1919صحيح أن جزء ًا من الدافع للتخيل عن التصميم وفق ًا للخصائص اخلمس
عرشة كانت ألسباب عملية :ترسيع عملية تصميم أكثر ،ولوضع املعايري ولكفاءة
التصنيع ولصنع فراغات معممة للسامح ألقىص حد باملرونة يف االستخدام ،و»لنظرة
احلداثة واألناقة» ،إلخ ولكن حان الوقت اآلن السرتداد ما فقدنا .حان الوقت لنعيد
االتصال املبارش مع الطبيعة من خالل اخلصائص اهلندسية ملا نبنيه ،فمع التطور
التكنولوجي املعارص أصبح من السهل تنفيذ حلول معامرية جمسدة اخلصائص اخلمس
عرشة كام أهنا أيض ًا يف املقابل قد تساهم يف استمرار جتاهل هذه املشكلة.
2020إن السؤال عن الطرز « »stylesحيتاج إىل بعض التوضيح .حني يتعب الناس
من طراز ما فيتبنون واحدً ا آخر خمتلف ًا .ولكن ما نالحظه منذ تطبيق مدرسة احلداثة ،هو
احلوم حول جمموعة متصلة من الطرز التي تنتهك اخلصائص اخلمس عرشة .مل تتغري
لغات الشكل حق ًا خالل العقود القليلة املاضية ،ولكن لدهيا القاسم مشرتك وهو جتنب
اخلصائص املذكورة ،فلم تعتمدها اللغات الشكل املبتكرة بل بقيت تنتهكها يف النطاق
اهلنديس .وهذا ال يمكن أن يكون من قبيل الصدفة -هناك قاعدة الفوقية منتخبة التي
حتافظ عىل منع املهندسني املعامريني من استخدام اخلصائص اخلمس عرشة يف التصميم،
حيث تعترب اىل حد ما «غري الئقة» .ولكننا نود أن نركز عىل تنفيذ ما هو أفضل للناس
وذلك بعدم االستمرار بام متليه الطرز املنحازة.
الفصل الثاني عشر
.)2013
إن اهلدف املفتاحي هلذا الكتاب هو احلكم عىل الشكل واإلنشاء بالنسبة لنظام
كامل مكون من التكوين الفيزيائي إىل جانب املستخدم/املراقب ،فكل تأثري لليشء
أو املكان عىل املراقب هو جزء من الوظيفة ولكن أيض ًا كل زخرفة سترتك حت ًام أثر ًا
عليه ،وبالتايل ال يمكن فصل التجربة الواقعية عن أي مظهر حمدد عىل أنه وظيفة بشكل
صايف ،إن فصلنا امليكانيكي ملا قررنا أن ندعوه بالوظيفة عن الزخرفة هو صحيح
لآلالت البسيطة لكنه ُ
باطل يف احلاالت التي يشارك فيها البرش.
127
النظرية املعامرية املوحدة 128
حمتو عىل خصائص احلياة عندماسيكون املنتج النهائي أثناء عملية التصميم ٍ
نعمل من خالل تسلسل تفاعيل من اخلطوات ،وهذا املنهج بعيد جد ًا عن حتقيق الئحة
مكونة من احلد األدنى لالستخدامات واالحتياجات املجردة ،فكيف يمكن أن نعرف
أن مانصممه عىل الورق أو عىل شاشة احلاسوب سيحقق تلك االحتياجات بعد انتهاء
املبنى؟ اليمكن معرفة ذلك ،ويف الواقع يمكن الوصول إىل بعض النجاح يف تصاميمنا
فقط من خالل إعادة استخدام احللول التي وجد بأهنا ناجحة بعد التجربة.
لكن يكمن الدرس األسايس يف أننا اليمكننا أن نفرتض كيفية تلبية حاجة
ال جيد ًا ،فعدم أخذ
وظيفية بحتة .فالوظيفة «البسيطة» بال تعقيد ال يمكن أن تكون ح ً
التعقيد complexityيف عني االعتبار قد أدى إىل الكثري من احللول الوظيفية التي تم
إثبات كارثيتها وعدم صالحيتها لالستعامل فور ًا كوهنا غري إنسانية .إن السعي للتكامل
اهلنديس خالل القوانني التي ناقشناها مطوالً يف الفصول السابقة من الكتاب ستساعدنا
129 الزخرفة والذكاء اإلنساين
هنا ،حيث يؤدي السعي نحو التامسك والكامل إىل حل وظيفي دقيق وغري ومهي ،وهذا
ماهو متناقض مع النظرة امليكانيكية لشخص نشأ يف القرن العرشين.
بني هذا املنظورعن مدى نجاح األشياء واألماكن عىل إيالء االهتامم لالتساق
املنهجي ،فالزخرفة والوظيفة ال ينفصالن ،واليوجد أي معنى للحديث عن واحدة
بعيدة عن األخرى -كام هو احلال يف األشكال الطبيعية -ولذلك نحن بحاجة إىل تعلم
كيفية تصميم األشياء التي لدهيا خاصية احلياة والتي متتلك الكامل .wholenessفحني
القيام بذلك تتطور الزخرفة والوظيفة مع بعضهام دون احلاجة إليالء أي اهتامم خاص
ألي فئة عىل حدة.
إن دراسة بعض احللول التصميمية الرائعة من املايض قد تكشف عن بعض
ال وظيفي ًا بحت ًا قد يكون (وعىل األغلب
املفاجآت احلقيقية ،فام كنا نظنه قد يكون ح ً
هذا ماحصل) ناشئ ًا بشكل يسري عن أخذ كامل التكوين اهلنديس بعني االعتبار،
النظرية املعامرية املوحدة 130
وهذا ينطبق عىل كل مقياس من عنارص البناء حتى البناء نفسه مع غرفه باإلضافة
للمساحات العمرانية ،فهي تعمل وتعطي املتعة يف آن واحد .إن اقرتان املعلومات
البيئية environmental informationمع مشاركتنا هبا سريبطنا مع بيئتنا :انظر «الذكاء
واملعلومات البيئة & Intelligence and the Information Environment) (Mehaffy
نحن بحاجة اآلن لوصف ما الذي سيحدث عند إحباط هذا اجلهاز الرائع
إلدراك الرتابط اهلنديس يف بيئتنا والذي شكلناه يف صناعاتنا وهياكلنا ،فاجلسم يتفاعل
مع التوتر الفزيولوجي والنفيس وبالتايل ستؤدي التقليلية Minimalistوغري ذلك من
البيئات املحرومة من املعلومات إىل االكتئاب.
إن البيئات عديمة اللون واملالمح ال تنتج بالرضورة استجابة ختديرية ،لكن
يمكن أن تؤدي إىل التوتر مع إثارة شعور بوجود هتديد ما ،والسبب يف هذا التأثري النشط
هو أن البيئات التقليلية تثري إشارات ألمراض خاصة بنا ،pathologyفهناك جمموعة
من األمراض التي حتول لنا التجربة يف بيئة طبيعية والغنية باملعلومات كام لو كانت
بيئة تقليلية مما خيلق ناقوس اخلطر :انظر «القيمة احلسية للزخرفة» (سالينجاروس،
.)see “The Sensory Value of Ornament” (Salingaros, 2003 .)2003
مرض االنحالل البقعي وانفصال الشبكية يسببان القلق، عىل سبيل املثال ،إن َ
ألهنام يتسببان بفقد صورتنا للبيئة ،واألمر نفسه بالنسبة لكمود املياه البيضاء يف عدسة
العني ،فجميعها أمراض العني .األمراض األخرى التي حتدث داخل املخ تعطي
إشارات مماثلة للتنبيه حيث يمكن أن تسبب اآلفات الدماغية من السكتة أو التسمم
بأول أكسيد الكربون «العمى البرصي» حني ال يمكن لشخص مع عيون صاحلة متام ًا
«الرؤية» ألن الدماغ مل يعد قادر ًا عىل التعرف عىل األشكال واأللوان .ال يمكن هلؤالء
املرىض «العميان» التعرف عىل التامسك اهليكيل.
رشط آخر من تلف املخ الذي حياكي بيئة التقليلية «عمى األلوان الدماغي
،« cerebral achromatopsiaعندما يرى املرىض فقط درجات الرمادي .وهي حالة
أشد من عمى األلوان العادي ،حيث يتم ختفيض عدد األلوان التي يمكن إدراكها عن
طريق املخاريط الدماغية بلون واحد ،وحينها يصبح كل يشء رمادي .تصبح األشكال
العضوية مثل وجوه الناس والطعام خميفة كوهنا تعرب عن املوت ويعيش هؤالء املرىض
املؤسفة حياهتم بحالة من اليأس يف عامل مكتئب.
النظرية املعامرية املوحدة 136
تأخذ هذه املواد العلمية العامرة يف اجتاه جديد كلي ًا ،و قد ال يكون الناس
مستعدين لذلك ،ومن املؤكد بأهنا ليست املوجودة يف النظام التعليمي احلايل لكنها
مهمة ،نظر ًا ألهنا تكشف عن أن تصميم البيئات يكون له آثار كبرية (إجيابية أو سلبية)
عىل املستخدمني ،ومن الواضح أن هذا جيب أن يكون جزء ًا من املناهج الدراسية ،حيث
يتوجب عىل طالب اهلندسة املعامرية معرفة ذلك ،ربام تكون الطريقة الفعالة لتعليم هذه
الدروس عن طريق تطبيقها عىل بناء املباين التي هلا آثار إجيابية عىل مستخدميها ،ومنها
يتعلم املعامريون من تلك األمثلة .عالوة عىل ذلك يف سياق اللغات الشكلية form
languagesفمن املمكن اجلمع بني هذا األسلوب والطريقة التي نبني فيها اليوم بغية
توليد يشء مثري لالهتامم وجاذب لألنظار.
الفصل الثالث عشر
يبدأ سالينغاروس يف الفصل الثالث عرش باختتام حجته عرب مناقشة نظريها،
حيث يرشح كيف قام منظرو مدرسة مابعد احلداثة مثل بيرت إيزنامن Peter Eisenman
بطمس أفكار كريستوفر ألكسندر ،وملاذا التستند اهليمنة النظرية عند إيزنامن إىل التفكري
املعامري السليم.
137
النظرية املعامرية املوحدة 138
التصميم والبناء ،ألنه اليتعلق بأيديولوجية معينة وال بأجندات فردية ،وعالوة عىل
ذلك ،فإنه ينبغي مقارنته بال عقالنية النظم األخرى املنبثقة حالي ًا ،والتي تبدو عىل أهنا
حمرك اخلطاب املعامري.
إن كنا نسعى إلضفاء املعنى عىل البيئة املبنية ،فال يمكننا االستمرار باستخدام
النظم التفسريية املفتقدة لالتساق الفكري ،وال يتوجب أن يؤسس يشء يف غاية األمهية
كالعامرة عىل أسس تعسفية ،ولكن هذا ما قد حصل يف رأيي خالل عدة عقود ،والنتيجة
بشكل اليثري الدهشة غري مرضية .نحن نفضل عامرة متسقة مع مشاعر اإلنسان والتي
تؤسس قراراهتا التصميمية عىل املراقبة والتحقق التجريبي ،وخالصة القول هو أنه
يتوجب عىل املباين توفري بيئات جيدة وصحية للبرش ،وختفيف الرضر بقدر املستطاع
عىل بيئة األرض.
يمثل هذا الكتاب بنية عملية توفر أساس ًا للحكم فيام إن كانت العامرة سليمة أم
ال ،واملعايري املستخدمة لتربير اعتبار مبنى ما ضمن فئة «املباين اجليدة» بعيدة كل البعد
عن اآلراء الشخصية واملوضة املتغرية ومصالح السلطة ،فهي تناسب البرش مجيع ًا وهم
الفئة املهتمة ببيئة صحية ،وبالفعل تكمن قوة األدوات التي درسناها هنا بالشعور بأهنا
تعتربمفيدة من قبل الناس من خمتلف الثقافات واخللفيات.
أقوى دليل عىل صحة النموذج الذي غطيناه يأيت من عالقته الوثيقة بالعامل
املادي ،ال يتم النقاش هذه العالقة عادة بني املهندسني املعامريني الذين يميلون إىل
العيش يف كون اصطناعي من صنع أنفسهم «عامل الصور املنفصلة عن الواقع» فقد
اعترب بعض املهندسني املعامريني االبداع عىل أنه يقوم بالتناقض مع الطبيعة ،وهو ماتم
اعتباره صيغة لالبتكار يف التصميم منذ مطلع احلداثة ،وقد أصبح املعامريون بفضل
ذلك ناجحني جتاري ًا ،ومع ذلك يف املايض مل تنكر اإلنسانية الطبيعة ومل تعمل ضدها
ألنه يف هناية املطاف هذه املامرسة ستنهار بطريقة ما أو بأخرى.
كام يوفر نموذجنا الرابط الفعال والالزم باإلنجازات الفنية واملعامرية العظيمة
يف املايض ،لكن هذا االهتامم حمظور بشكل علني يف املجال املدفوع فقط نحو االبتكار
139 اللغات الشكلية الطبيعية وغري طبيعية
املتواصل كلعبة إحدى قواعدها أن ال ننظر إىل الوراء ابدأ .أجرب الطالب عىل دراسة
اهلندسة املعامرية كتاريخ فقط ولكن مل يسمح هلم بتعلم األدوات العملية منها وال تطبيق
الدروس املستفادة عىل تصميم املشاريع« ،شاهد وتعجب ولكن اليسمح لك إعادة
استخدام أي يشء!» ومن املدهش أن الناس جاهزة وحريصة عىل التخيل عن تراثها
الثقايف من أجل متابعة أحدث صيحات املوضة.
بام أننا مقبلون عىل هناية هذا الكتاب يمكننا اآلن أن نحكم عىل تلك اهلياكل
املتامشية مع حياتنا اخلاصة ،والتمييز بينها وبني تلك التي تتجاهل أو تنتهك العمليات
البيولوجية .نستطيع اختيار تشييد املباين بإعطائها أ ًيا من الصفات التي نتمنى هلا أن
جتسد ولكن عىل األقل أصبح لدينا اآلن أساس للحكم عرب التحيل والتحليل.أؤمن
مع كريستوفر ألكسندر ببناء األشياء التي تعزز البنية احلية ،ولكن ال يمكننا التأثري عىل
اآلخرين ،فهم جيب أن يقرروا بأنفسهم اخلصائص املناسبة إلدماجها يف تصاميمهم.
النظرية املعامرية املوحدة 140
يمكنك العودة للمناقشة الشهرية التي حصلت بني ألكسندر وبيرت إيزنامن
عام 1982لعرض كيفية اختالف مفهومنا للهندسة املعامرية عن املفاهيم اآلخرى
من املامرسني فقد كانت حلظة حاسمة تارخيي ًا للهندسة نظر ًا ألهنا مثلت أول عرض
للعامة عن «الطبيعة النظام “ ”The Nature of Orderاملعامرية أللكسندر يف مدرسة
الدراسات العليا للتصميم يف جامعة هارفارد ،كام أهنا نقطة التحول التي أحرضت
العامرة التفكيكية وعامرة مابعد احلداثة عىل الساحة الدولية ،فعامرة ما بعد احلداثة كانت
تقلع يف هذا الوقت حتديد ًا واتبعتها التفكيكية حيث أصبحت مشهورة بسبب معرض
متحف الفن احلديث يف عام ( 1988سالينجاروس.)2004 ،
الشــكل رقــم (:)145اجــر الطــاب عــى دراســة اهلندســة املعامريــة كتاريــخ فقــط ولكن مل يســمح
هلــم بتعلــم االدوات العمليــة منهــا وال تطبيــق الــدروس املســتفادة عــى تصميــم املشــاريع بشــكل
متناقــض ،اســتوحى تومــاس جيفرســون تصميــم الروتنــدا يف جامعــة فرجينيــا مــن البانثيــون يف
رومــا والــذي تــم رســمها مــن قبــل Andrea Palladioيف القــرن الســادس عــر
/http://smarthistory.org/jefferson-rotunda-uvirginia
هذا النقاش ما زال اليوم ذا صلة كام كان يف الفرتة التي جرى فيها نظر ًا ألن
املسائل التي آثارها ال تزال مهيمنة عىل اهلندسة املعامرية املعارصة واخلطاب املعامري،
ماهو مثري للدهشة بني عدة مفاجآت هو كيف حاول إيزنامن يف البداية إقناع ألكسندر
141 اللغات الشكلية الطبيعية وغري طبيعية
بأهنم يتحدثون عن اليشء نفسه يف حني فعليأ تتعارض أفكارهم حول تصميم تعارض ًا
فكان من حق ألكسندر أن يكون مشكك ًا بذلك عىل الرغم من املفردات املتامثلة
املستخدمة من قبل الطرفني.
يكشف النقاش أشياء كثرية للقراء اجلاهزين ﻻستخالص االستنتاجات
من األحداث الالحقة :أوالً :اعتنق إيزنامن وغريه من املهندسني املعامريني أسلوب
التصميم املستند إىل صور باستخدام أداة إحداث «اجلديد» للصدمة متجاهلني العلم
الذي استخدمه ألكسندر يف التصميم .ثانيا :من الواضح أن املهندسني املعامريني الذين
أصبحوا نجوم ًا يف الفرتة التالية هلذه املناقشة -من بينهم إيزمان -كثري ًا ما استخدموا
أي كالم ظاهري جيد لتربير تصاميمهم املختلة.
ثالثا ،كشف النقاش أيضا نقاط الضعف يف ألكسندر:فقد أعرب عن ثقته يف
العلم واحلقيقة املوضوعية للتغلب عىل اخللط املتعمد وضجة التسويق ولكن العامل ال
يعمل هبذه الطريقة ،فكام نعلم من صناعة اإلعالن أن ما يتم بيعه بشكل ساشع ليس
بالرضورة ما هو األفضل بالنسبة لك ،فمن ناحية أخرى فهم إيزنامن النظام واستخدام
بالفعل فالسفة التفكيكية الفرنسيني لتعزيز قبول تصاميمه فقد كان يؤسس لدفع نفسه
النظرية املعامرية املوحدة 142
لألعىل يف نظام يعمل مثل مستهلك التسويق بدالً من العلم (سالينجاروس.)2004 ،
بعد عدة نقاشات متبادلة للتحقق من وجهات النظر ،كشف ألكسندر يف هناية
املطاف نقاط اخلالف األساسية لديه مع إيزنامن والتي كان مشتبه ًا هبا منذ البداية ،فقد
أتته بمثابة صدمة متام ًا عندما تم كشف عن هذا فألكسندر جزع حق ًا حيث أنه مل يتخيل
أي مهندس معامري (ال سيام شخص شاسع الشهرة مثل إيزنامن) لعقد مثل هذه اآلراء
الغريبة عمد ًا ،وقد غضب كردة فعل من اكتشاف هذا االنتهاك املتعمد للشكل والنظام.
وهبذه املناسبة املبنى الذي أطلق النزاع هو قاعة مدينة Logroñoللمعامري
رافاييل مونيو واملوجودة يف إسبانيا ،فمونيو متوافق مع إيزنامن بحيث أيض ًا يريد
أن ينتج التنافر والتعارض وهو ما يراه ألكسندر مروع ًا ،ولكن يدافع إيزنامن عن
هذا النهج يف العامرة عىل أنه صحيح متام ًا ،فأي وجهة نظر فازت؟ .ختربنا األحداث
الالحقة بأن إيزنامن قد أصبح نجم ثابت للهندسة املعامرية ويقوم بالتدريس يف جامعة
ييل وفاز باللجان الكربى يف مجيع أنحاء
العامل ،أما مونيو فقد ترأس رئاسة قسم
الدراسات العليا يف التصميم يف جامعة
هارفارد من 1985إىل ( 1990حيث
كانت هذه املناقشة جتري) ثم أنه فاز
بجائزة بريتزكر يف عام 1993وكلف
يف وقت الحق يف عام 1996ببناء
كاتدرائية لوس أنجليس (مبنى انتقدته
يف استعراض عام ،)2012إن سامرسة
السلطة املعامرية قد قرروا توجه اهلندسة
املعامرية وختلف عنها أليكسندر وطرد
الشكل رقم (.)147 خارج نظامها.
http://www.archdaily.com/636876/unified-ar-
chitectural-theory-chapter-13/5568c18ae58ece
a4d1000001-unified-architectural-theory-chap-
يرشح ايزمان كيف أنه خيلق
ter-13-photo
أشكال تسكره يف ذهنه بدالً من النظر يف
143 اللغات الشكلية الطبيعية وغري طبيعية
إىل القطاع املرصيف الذي يمول مباين املضاربة املالية مع جمال صناعة التأمني التي توافق
فقط عىل نوع معني من البناء ،إلخ .ويتم تغذية هذا النظام بمدارس اهلندسة املعامرية.
يولد هذا النظام كمية هائلة من األموال للمستثمر يف التنمية ،ولكنه ليس
بالرضورة أن يقوم بإنشاء عامرة جيدة أو بيئة صحية للمستخدم .تذكر بأنه لعدة عقود
إىل اآلن مل يعد العميل هو املستخدم :فالعميل هو املستثمر .وللمهندسني املعامريني
القيام بام يريده املستثمرون هو بيع املبنى كصورة وهذا خيتلف متام ًا عن املبنى ذي
بيئة حياتية وعملية للناس ،فهؤالء املهندسون املعامريون الذين هم البائعون األكثر
فعالية للمستثمرين ،وبالتايل تقدم هلم املكافآت فوق كل اآلخرين مع اجلوائز واللجان
والسلطة.
ولذلك نجد أنفسنا مواجهني مفهومني خمتلفني جد ًا عن ماهية اهلندسة املعامرية
وماتنبغي أن تكون ،فمن ناحية يعزز النظام احلايل كل من ثقافة صور مع الكسل الذي
يضمن له أن ال يبنى شيئ ًا آخر إال القليل ،وال يعلم الطالب حتى التقنيات الالزمة
لتصميم أي يشء خارج عن النظام احلايل ،ومن ناحية أخرى متكن مادة هذا الكتاب
عىل فهم كيفية عمل اهلندسة املعامرية حقيق ًة بتكييف نفسها لالستخدام البرشي
وحساسياته ،وكيف تؤثر البيئة املبنية عىل الناس وصحتهم وأنشطتهم ،هذا الفهم
سيساعدنا عىل املحافظة عىل احلياة عىل األرض؟
الفصل الرابع عشر
الخاتمة
يف الفصل الرابع عرش (الفصل األخري من النسخة اإللكرتونية من هذا الكتاب)
ينهي سالينغاروس برسد تأثري التعاليم املتضمنة يف هذا الكتاب عىل طالبه من جامعة
تكساس يف سان أنتونيو خالل فصل اخلريف عام .2012
ويف هناية هذا الفصل قال يل الطالب بأهنم تعلموا أشياء كثرية أساسية لبناء
فهمهم عن العامرة ،والتي بالكاد يتم تدريسها يف املواد املعامرية األخرى ،وألكون أكثر
دقة ،أخربين الطالب عن أمهية العوامل املتنوعة لنجاح أي تصميم من دراسة املوقع
للعامرة املحيطة والتكيف اإلقليمي والزخرفة (أو باألحرى عدم الزخرفة) ،باإلضافة
لعالقة املقاييس املنشأة ببعضها والنسب واألشجار واملواقع اخلرضاء ،لكنهم مل يتعلموا
أبد ًا عن كيفية إدارهتا .أما اآلن تؤخذ هذه العوامل بعني االعتبار بالتعلم عن سبب
انبثاقها من الرتكيبة البيولوجية خاصتنا مع العمليات الطبيعية.
إن املفهوم العام املفيد كان هو االتصال :connectivityما بني الفراغات العامة
وما بني اهلياكل واملقاييس املختلفة للمنشأة ،ومابني املستخدم واملبنى ..إلخ .االتصال
تأثريا عرض ًيا أو باخلطأ للتصميم ،أو
هو أداة أساسية لتصميم متناسق ،لكنه يعترب عاد ًة ً
يشء ثانوي بالنسبة للشكل واهليكل .وقد فهم الطالب التواصل بطريقة جديدة خالل
نقاشاتنا عن تعقيد النظام حني يتعلق كل جزء باآلخر ويتأقلم مع األجزاء األخرى
حتى يستطيع أن يعمل النظام بشكل متناسق ككل واحد.
أما بالنسبة للزخرفة فقد ظهرت اآلن بأهنا أكثر من جمرد يشء مجيل للنظر إليه
(عد إىل الفصل الثاين العرش الذي حتدث عن عالقة الزخرفة بالذكاء اإلنساين) فالزخرفة
147
النظرية املعامرية املوحدة 148
مرتبطة بالنمطية عىل مجيع املقاييس ،ويف هناية املطاف نعود إىل ميزة العامرة اجليدة املكونة
من التواصل املكثف (والذي هو جيد لصحتنا) .الزخرفة مرتبطة بالبيوفيليا (ظاهرة
حب الطبيعة) والتي كانت أكثر فكرة صاعقة ملعظم الطالب وتم تقديمها يف الفصل
العارش من هذا الكتاب ،ينزعج الطالب عادة بعدم أخذ البيوفيليا بعني االعتبار يف كثري
من التصاميم ،والتي تويل اهتاممها العتبارات خمتلفة متام ًا ،فحني تشكل البيوفيليا تغيري ًا
جذري ًا يف جودة احلياة ،البد إذن من دجمها يف التصاميم.
عرب مجيع الطالب عن حصوهلم عىل قدرة جديدة للحكم عىل املباين باستخدام
معايري موضوعية ،فلم تعد هناك احلاجة إىل االعتامد عىل مفاهيم غامضة عن ما هو
149 اخلامتة
http://www.archdaily.com/419892/unified-architectural-theory-an-introduction
http://www.archdaily.com/419892/unified-architectural-theory-an-introduction
http://www.midcenturyhome.com/the-glass-house-mies-van-der-rohes-farnsworth-
house/
http://www.katarxis3.com/Mehaffy_New_Modernity.htm
http://www.katarxis3.com/Mehaffy_New_Modernity.htm
https://en.wikipedia.org/wiki/Aniconism_in_Islam
https://www.pinterest.com/pin/376402481327691664/
http://topinspirations.com/19-vibrant-small-indoor-gardens-you-can-get-inspired-
from/
http://www.pitt.edu/~asian/week-4/week-4.html
http://alfa-img.com/show/le-corbusier-india.html
http://www.archdaily.com/418764/binh-thanh-house-vo-trong-nghia-architects-sanu-
ki-nishizawa-architects
https://www1.nyc.gov/site/planning/plans/water-street-pops/water-street-pops.page
http://www.sublime.ag/things/?p=3691
https://www.flickr.com/photos/justsmartdesign/sets/72157625843905019/
http://www.gettyimages.co.uk/photos/city-of-london?excludenudity=true&sort=-
mostpopular&mediatype=photography&phrase=city%20of%20london
http://www.hkpe.net/hkdsepe/human_body/bones_structure.htm
http://personal.strath.ac.uk/j.wood/Biomimetics/inspirtational%20designs/Eiffel%20
Tower_files/Eiffel%20Tower.htm
http://personal.strath.ac.uk/j.wood/Biomimetics/inspirtational%20designs/Eiffel%20
Tower_files/Eiffel%20Tower.htm
https://de.wikipedia.org/wiki/Coop_Himmelb(l)au
151
املراجع 152
https://www.pinterest.com/pin/564849978234595329/
https://www.architectural-review.com/today/film-institute-by-boonserm-premtha-
da-thailand/8622840.article
https://www.shutterstock.com/image-vector/evolution-architecture-timeline-city-de-
sign-elements-280451036
http://www.hongkiat.com/blog/cities-of-future-artworks/
http://www.archdaily.com/211010/ad-classics-vitra-design-museum-and-factory-
frank-gehry/5038239a28ba0d599b001059-ad-classics-vitra-design-museum-
and-factory-frank-gehry-photo
https://fineartamerica.com/featured/architecture--old-vs-new-mark-hendrickson.html
http://www.humanities.mcmaster.ca/~dclark/rememberingJD.html
h t t p : / / b l o g . n a v e r . c o m / P o st V i e w . n h n ? b l o g I d = b a b y k i t y 0 1 & l o g -
No=220420730802&parentCategoryNo=&categoryNo=4&viewDate=&isS-
howPopularPosts=true&from=search
http://www.nzedge.com/news/doyen-of-deconstructivism/
https://fabenglishideas.com/2015/02/01/how-to-learn-vocabulary-7-simple-ide/
http://www.121www.vcharkarn.com/vcafe/28770
http://www.notcot.org/post/6926/Navigate-trough-this-mountain-of-words-Really-
cool-effe/
http://www.designhistory.org/PostModern_pages/Deconstruction.html
http://kk.org/thetechnium/maps-of-knowled/
https://www.123rf.com/photo_17196789_abstract-word-cloud-for-deconstruction-
with-related-tags-and-terms.html
https://en.wikiarquitectura.com/building/Lou-Ruvo-Center-for-Brain-Health/
https://www.pinterest.com/pin/774124907119757/
https://www.pinterest.se/pin/321233385901216421/
https://www.pinterest.com/pin/538532067920339228/
http://indulgy.com/post/jGBTq9W1l3/sidi-bou-said-tunisia
http://www.newworldencyclopedia.org/entry/H%C5%8Dry%C5%AB-ji
https://www.britannica.com/place/Colmar
http://www.alriyadh.com/581604
https://structurae.net/structures/seagram-building
https://www.boundless.com/art-history/textbooks/boundless-art-history-textbook/
global-art-since-1950-ce-37/modern-architecture-236/modern-architec-
153 املراجع
ture-839-10850/
http://www.almoofta7.com/vb/showthread.php?t=235846#.WM2Af_mGPIU
http://urbsite.blogspot.com/2009/06/mugging-on-mcleod.html
http://www.arch2o.com/royal-ontario-museum-studio-daniel-libeskind/
http://www.archdaily.com/447456/unified-architectural-theory-chapter-3/527a83e7e
8e44e86540000de-unified-architectural-theory-chapter-3-photo
https://www.pinterest.com/pin/433401164110527078/
http://www.fotoartbook.com/?p=59720
https://www.theodysseyonline.com/the-benefits-of-renewable-energy
http://design-net.biz/houseplans/mies_brick_country_house_plan.html
http://www.archzaher.com/2016/02/villa-savoye-le-corbusier.html
https://de.wikipedia.org/wiki/Neue_Nationalgalerie
http://alamree.com/apic_10.htm
http://ar.theasian.asia/archives/10693
http://zeta.math.utsa.edu/~yxk833/life.carpet.html
https://alchetron.com/Rasem-Badran-150583-W
http://shop.saia2z.com/index.php/vegetables/everyday/curry-leaves.html?limit=20&-
mode=list
http://observer.com/2011/09/frank-gehry-regrets-his-guest-appearance-the-simpsons/
http://www.startimes.com/?t=15883764
http://www.canstockphoto.com/images-photos/siena-cathedral-facade-window.html
https://www.pinterest.com/pin/77053843595133271/
https://www.pinterest.com/pin/32791903514011595/
https://www.pinterest.com/pin/159244536804648738/
http://www.archdaily.com/87728/ad-classics-dessau-bauhaus-walter-gropius
http://www.purebreak.com.br/noticias/profissao-conheca-a-rotina-e-as-curiosi-
dades-da-vida-de-um-jovem-engenheiro-civil/14645
https://www.pinterest.com/pin/382383824589950175/
https://www.pinterest.com/pin/422775483746168091/
https://en.wikipedia.org/wiki/YMCA_Building_(Riverside,_California)
https://www.pinterest.com/pin/418694096576673249/
http://www.arch-news.net/en/arch-initiat/item/33155-2014-04-08-17-55-44/33155-
املراجع 154
2014-04-08-17-55-44#.WM5Bl7h3cdU
https://www.pinterest.com/pin/458311699558227864/
https://archidialog.com/2012/12/11/oma-rem-koolhaas-architectural-influence-why-
does-he-choose-to-ignore-it/002-copy1-2/
https://it.pinterest.com/pin/236650155396446976/
http://www.syr-res.com/article/9157.html
http://www.archdaily.com/160390/ad-classics-bagsvaerd-church-jorn-utzon
https://divisare.com/projects/317793-alvar-aalto-nico-saieh-saynatsalo-town-
hall-1951
http://www.tripmondo.com/mali/mopti-region/derou/
http://mufakarah.com/c-486/
https://en.wikipedia.org/wiki/Culture_of_Madagascar
h t t p : / / w w w. a t l a n t e a n c o n s p i r a c y. c o m / 2 0 1 2 / 1 2 / c o n s c i o u s n e s s - p e r c e p-
tion-and-brain_14.html
http://spiritualcleansing.org/the-mysteries-of-consciousness/
http://spiritualcleansing.org/the-mysteries-of-consciousness/
http://courtyard-house.blogspot.com/2010/06/azuma-house-by-tadao-ando.html
http://www.shiaali.net/vb/showthread.php?t=130783
https://www.pinterest.com/pin/574209021218801880/
http://www.archdaily.com/203608/ad-classics-jyvaskyla-university-alvar-aalto
http://www.albayan.ae/editors-choice/asfar/2013-07-25-1.1929685
http://www.almrsal.com/post/213936/statue-of-liberty-2
https://tigsee.com/Magazine/Country/Finland/Top-Attractions-in-Finland
http://drawingparallels.blogspot.com/2016/07/resilient-rules-culture-and-complexity.
html
http://drawingparallels.blogspot.com/2016/07/resilient-rules-culture-and-complexity.
html
http://drawingparallels.blogspot.com/2016/07/resilient-rules-culture-and-complexity.
html
http://www.iwritewordsgood.com/apl/patterns/apl106.htm
http://www.iwritewordsgood.com/apl/patterns/apl106.htm
http://archidose.blogspot.com/2012/06/half-dose-107-new-england-conservatory.
html
155 املراجع
http://www.arch.rpi.edu/category/student-work/page/3/
https://www.pinterest.com/pin/268245721526811474/
https://es.pinterest.com/pin/291397038367836032/
http://www.fresher.ru/2013/11/21/centr-gejdara-alieva-novyj-simvol-baku/
h t t p : / / w w w . h u ffi n g t o n p o st . c o m / 2 0 1 4 / 0 6 / 2 1 / a r k a n s a s - t h o r n -
crown-chapel_n_5515375.html
http://www.syr-res.com/article/3578.html
http://syriahomenews.com/2015/07/08/%D9%82%D8%B5%D8%B1-
%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B8%D9%85-
%D9%81%D9%8A-%D8%AF%D9%85%D8%B4%D9%82-
%D8%AA%D8%AD%D9%81%D8%A9-%D9%85%D8%B9%D9%8-
5%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A3%D9%85%D8
%AB%D9%88%D9%84/
http://www.archdaily.com/office/charged-voids
http://www.archdaily.com/611788/unified-architectural-theory-chapter-9a/550c4876
e58eceb2700001f5-the-erechtheion-in-a
http://www.archdaily.com/tag/unified-architectural-theory/
http://blogs.lse.ac.uk/lsereviewofbooks/2012/06/06/book-review-utopian-adven-
ture-the-corviale-void-by-victoria-watson/
http://www.syr-res.com/article/8301.html
http://www.albayan.ae/editors-choice/asfar/2013-03-31-1.1852847
http://saberyrecordar.blogspot.com/2015/07/ghadames-perla-del-desierto-de-libia.
html
http://www.archdaily.com/tag/unified-architectural-theory/
http://www.archdaily.com/623966/unified-architectural-theory-chapter-10
http://www.archdaily.com/623966/unified-architectural-theory-chapter-10
https://it.wikipedia.org/wiki/Moschea_dello_Sci%C3%A0
http://www.greenz.nl/interieur-beplanting/living-green-walls/
http://ogrodwcentrum.pl/one-central-park-wiezowiec-ogrod/
http://casaydiseno.com/arquitectura/casas-minimalistas-24-disenos.html
http://www.archdaily.com/623966/unified-architectural-theory-chapter-10
http://www.archdaily.com/tag/unified-architectural-theory/
h t t p : / / w w w. a r c h d a i l y. c o m / 6 2 6 4 2 9 / u n i fi e d - a r c h i t e c t u r a l - t h e o r y - c h a p -
ter-11/5544ca78e58ece706c00049f-unified-architectural-theory-chap-
املراجع 156
ter-11-photo
http://www.tkwa.com/fifteen-properties/levels-of-scale-2/
http://www.tkwa.com/centers02/
www.tkwa.com/fifteen-properties/boundaries-2/
http://www.tkwa.com/altrep02/
http://www.tkwa.com/posspace01/
http://www.tkwa.com/symmetry02/
http://www.tkwa.com/centers02/
http://www.tkwa.com/interlock02/
http://www.tkwa.com/fifteen-properties/graded-variation-2/
http://www.tkwa.com/roughness01/
http://www.tkwa.com/blog_categories/echoes/
https://www.pinterest.com/pin/331225747565840029/
https://www.pinterest.com/pin/513269688765199538/
http://www.tkwa.com/notsep01/
https://forums.graaam.com/450952.html
http://www.youramazingplaces.com/palace-of-versailles-is-the-biggest-french-pride/
https://www.etsy.com/listing/211264012/arabic-arch-digital-photography-ara-
bic?ref=market
https://www.pinterest.com/pin/131871095311464566/
http://freshome.com/2011/05/27/modern-and-sustainable-recreational-resi-
dence-in-canada/
http://g1.globo.com/ciencia-e-saude/noticia/2014/10/arte-das-cavernas-ja-existia-na-
asia-ha-40-mil-anos-revela-estudo.html
http://mozo-15.blogspot.com/2011/03/blog-post_7498.html
http://www.archdaily.com/tag/unified-architectural-theory/
http://cpdailyliving.com/cortical-visual-impairment-cvi-cerebral-palsy-underdiag-
nosed-undertreated/
http://www.archdaily.com/tag/unified-architectural-theory/
http://cricstadiums.blogspot.com/p/lords-cricket-ground-london-england.html
http://smarthistory.org/jefferson-rotunda-uvirginia/
https://gretchenrubin.com/happiness_project/tag/christopher-alexander/
157 املراجع
https://www.slideshare.net/vikashsaini78/peter-eisenman-30129612
http://www.archdaily.com/636876/unified-architectural-theory-chapter-13/5568c18a
e58ecea4d1000001-unified-architectural-theory-chapter-13-photo
http://www.thaqafnafsak.com/2015/08/%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8
%B5%D9%88%D8%B1-%D8%A3%D8%AC%D9%85%D9%84-
%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A7%D9%8
3%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%-
A7%D8%AD%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-
%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1.html
http://www.archdaily.com/tag/unified-architectural-theory/
https://www.pinterest.se/pin/527273068849831355/