You are on page 1of 173

‫ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍ ﻌﻤﺎﺭﻳﺔ‬

‫ﺍ ﻮﺣﺪﺓ‬

‫ﺗــﺄﻟﻴــﻒ‬
‫اﻟﺒﺮوﻓﻴﺴﻮر ﻧﻴﻜﻮس ﺳﺎﻟﻴﻨﻐﺎروس‬

‫ﺗﺮﺟﻤﺔ‬
‫أﻋﻀﺎء ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ‪Twenty Two‬‬
‫‪‬‬
‫ﺗﺒﻘﻰ اﻷﻓﻜﺎر ﲢﻠﻖ ﰲ اﻟﺴﲈء ﺑﺎﺣﺜﺔ ﻋﻦ أرض اﻟﺘﺤﺪي واﻟﻌﻤﻞ ﻟﺘﺤﻂ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬وﺑﺎﻹﴏار‬
‫واﳉﻬﺪ ُﺗﻨْﺒِ ُﺖ ﺟﺬورا ﻟﻨﺎرﻧﺞ وزﻳﺘﻮن ‪...‬ﺗ ُْﺴ َﻘﻰ ﻓﺘﻜﱪ‪ ...‬ﻟﺘﻌﻄﻲ وﺗﺰﻫﺮ وﻳﻄﺎل ﺛﲈرﻫﺎ‬
‫ﻛﻞ ﻣﻦ رﻏﺐ‪.‬‬
‫إﱃ ﻣﻦ أﻣﻦ ﺑﻘﺪراﺗﻨﺎ و اﺣﺘﻀﻦ ﺑﺬور اﻧﻄﻼﻗﺘﻨﺎ‪..‬‬
‫إﱃ ﻛﻞ ﻣﻦ َﻗ ﱠﺮب اﻷﺣﻼم أو ﻧﻘﻞ ﺟﺰءأ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻠﻮاﻗﻊ ﺑﺎﻟﺘﻔﻜﲑ واﻟﺘﺨﻄﻴﻂ واﻟﻌﻤﻞ‪...‬‬
‫ٍ‬
‫وﻣﻘﺪر ﻟﻠﻌﻄﺎء‪..‬‬ ‫ٍ‬
‫ﺷﺎﻫﺪ‬ ‫إﱃ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻛﺎن ﺧﲑ‬
‫إﱃ ﻣﻦ ﻛﺎن وﻣﻦ ﻳﻮﺟﺪ وﻣﻦ ﺳﻴﺄﰐ ﻣﻦ أﻓﺮاد أﴎة اﳌﺠﻤﻮﻋﺔ‪....‬‬
‫أﺳﺎﺗﺬﺗﻨﺎ و ﻣﻌﻠﻴﻤﻨﺎ‪....‬‬
‫زﻣﻼءﻧﺎ وزﻣﻴﻼﺗﻨﺎ‪...‬‬
‫أﺑﺎءﻧﺎ وأﻣﻬﺎﺗﻨﺎ وأﺧﻮاﺗﻨﺎ‪ ....‬وﻛﻞ ﻣﻦ ﺳﺎﻫﻢ وأﻋﻄﻰ ﻣﻦ وﻗﺘﻪ وﺟﻬﺪه وﻓﻜﺮه ‪...‬‬
‫ﻧﻘﺪم ﻟﻜﻢ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﰲ ﺳﻨﻮﻳﺘﻨﺎ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻋ ّﻠﻪ ﻳﻜﻮن ﺑﺪاﻳﺔ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﻧﺨﻄﻮﻫﺎ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ دﻋﻢ‬
‫اﻟﻔﻜﺮ اﳌﻌﲈري‪...‬‬
‫ﻣﻀﻴﺌﲔ ﺑﻪ ﻧﺠﻤﺔ ﺻﻐﲑة أﺧﺮى ﰲ ﺳﲈء اﳌﺤﺘﻮى اﻟﻌﺮﰊ اﳌﻌﲈري ‪..‬‬
‫ﻣﺘﺨﺬﻳﻦ ﺷﻌﺎرﻧﺎ ﳖﺠ ًﺎ‪ :‬أﻗﺮأ ﺑﺈﺧﻼص‪ ...‬إﻋﻤﻞ ﺑﺈﺧﻼص‪..‬ﺗﻌﻠﻢ ﺑﺈﺧﻼص‪.‬‬

‫‪Twenty Two 2017‬‬ ‫ﳎﻤﻮﻋﺔ‬


‫‪‬‬

‫وﺑﻜﻞ ﻋﻤﻖ ﲨﻴﻊ ﻣﺘﻄﻮﻋﻴﻬﺎ ﻛ ً‬


‫ﻼ ﺑﺎﺳﻤﻪ ﻋﲆ‬ ‫‪Twenty Two‬‬ ‫ﺗﺸﻜﺮ ﳎﻤﻮﻋﺔ‬
‫ﺟﻬﻮدﻫﻢ اﻟﺘﻲ ﺑﺬﻟﻮﻫﺎ ﻹﻧﺠﺎز ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب وإﺧﺮاﺟﻪ ﺑﺼﻮرﺗﻪ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ‪ ،‬وﲣﺺ ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ‬
‫ﻛ ً‬
‫ﻼ ﻣﻦ‪:‬‬
‫م‪ .‬زﻫﺎر اﳉﻨﺪي ‪ ........‬ﺗﺮﲨﺔ ﻟﻐﻮﻳﺔ‬
‫م‪ .‬ﺳﻨﺪس اﳉﻴﺠﻜﲇ ‪ ...‬ﺗﺪﻗﻴﻖ ﺗﺮﲨﺔ‬
‫م‪ .‬ﺳﻨﺪس اﳉﻴﺠﻜﲇ ‪ ...‬ﺗﺪﻗﻴﻖ ﻟﻐﻮي‬
‫م‪ .‬ﻋﲇ ﺑﺎﺣﺪاد ‪ .........‬ﺗﻨﺴﻴﻖ وإﺧﺮاج‬
‫م‪.‬ﳘﺴﻪ دروﻳﺶ ‪ .......‬ﺗﺪﻗﻴﻖ اﻹﺧﺮاج‬
‫اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ ﻫﻼ ﻗﺼﺺ ‪ ....‬ﺻﻮرة اﻟﻐﻼف‬
‫‪‬‬

‫ﻧﺤﻦ أﻋﻀﺎء ﳎﻤﻮﻋﺔ ‪ Twenty Two‬اﳌﻌﲈرﻳﺔ وﻟﻜﻮﻧﻨﺎ ﻧﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﻧﴩ اﻟﻌﻠﻢ‬


‫واﳌﻌﺮﻓﺔ اﳌﻌﲈرﻳﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻗﻤﻨﺎ ﺑﱰﲨﺔ ﻛﺘﺎب »اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﳌﻌﲈرﻳﺔ اﳌﻮﺣﺪة« ﺑﻌﺪ أﺧﺬ‬
‫إذن اﳌﺆﻟﻒ » اﻟﱪوﻓﻴﺴﻮر ﻧﻴﻜﻮس ﺳﺎﻟﻴﻨﻐﺎروس« ﺑﱰﲨﺘﻪ‪.‬‬
‫وﻷن اﻟﻌﻠﻢ واﳌﻌﺮﻓﺔ ﻣﻮﺳﻮﻋﺔ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻣﻦ وإﱃ اﳉﻤﻴﻊ‪ ،‬ﻧﺘﻤﻨﻰ اﻹﻓﺎدة اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ‬
‫ﳉﻤﻴﻊ اﳌﻬﺘﻤﲔ ﺑﺮﺟﺎء ﺣﻔﻆ ﺣﻘﻮق ﻣﻠﻜﻴﺔ اﻟﻌﻤﻞ ﻟﻠﻤﺠﻤﻮﻋﺔ وﺷﻜﺮ ًا ﻷﻣﺎﻧﺘﻜﻢ‪.‬‬
‫المقدمة‬

‫إن موقع ‪ Archdaily.com‬خالل األشهر السابقة أصدر كتاب ‘‘النظرية املعامرية‬


‫جمز ِئ ًا الكتاب عىل عدة‬
‫املوحدة’’ للمؤلف نيكوس سالينغاروس «‪ّ »Nikos Salingaros‬‬
‫مقاالت متتالية‪ ،‬ليصبح متوافر ًا باملجان جلميع الطالب واملعامريني حول العامل‪.‬‬
‫يرشح هنا سالينغاروس سبب هذه املبادرة ويقدم أيضا كتابه عىل أنه إجابة ألشد‬
‫األسئلة قلق ًا (ملاذا يوجد تناقض مطلق بني عوام البرش واملعامريني حول مايفضلونه يف‬
‫األبنية؟)‬
‫يقول سالينغاروس «إنني مع موقع ‪ ArchDaily.com‬عىل وشك البدء بفكرة‬
‫جديدة لإلصدار والتي تعكس امليول الثورية املنتظرة ملستقبل إصدار الكتب‪ ،‬وحتى‬
‫هذه اللحظة فإن كتايب «نظرية املعامرية املوحدة» ‪ 2013‬متوفر فقط يف الواليات املتحدة‬
‫األمريكية‪ ،‬ولكن مع تعاون ‪ ArchDaily‬وإخوهتا من املواقع باللغة الربتغالية واإلسبانية‪،‬‬
‫سيكون قريب ًا متوفر ًا يف العديد من اللغات ألي فرد عىل صلة باالنرتنت‪ .‬وبإصداره‬
‫ال تلو اآلخر سيتمكن الطالب ومماريس مهنة البناء من أن يستوعبوا املادة العلمية‬ ‫فص ً‬
‫عىل راحتهم‪ .‬عىل سبيل املثال بإمكاهنم طباعة الصفحات وجتميعها ككتاب (افعلها‬
‫بنفسك) كمرجع شخيص‪ ،‬أو استعامهلا يف التدريس‪ .‬فقد أصبح بإمكان الطالب وألول‬
‫مرة الوصول هلذه املواد العلمية وعىل وقتهم اخلاص وبلغتهم باملجان!‬
‫(نحن يف فريق ‪ Twenty Two‬وبسبب تعهدنا عىل نرش املعرفة ملسنا حاجة الكاتب‬
‫وقضيته وتطوعنا للمشاركة بنرش الكتاب باللغة العربية عىل مدى األعداد املقبلة فصال‬
‫تلو اآلخر يف فقرة خاصة من املجلة)‬
‫أ‬
‫املقدمة‬ ‫ب‬

‫هذا الكتاب انبثق من خالل مادة درستها يف نظريات العامرة يف سنة سابقة‪،‬‬
‫قدم خالهلا الطالب آخر مكتشفات العلم عن كيفية تفاعل البرش مع األنواع املختلفة‬
‫للحجوم والفراغات املعامرية‪ ،‬ويف هناية املادة كان اجلميع عىل معرفة كافية يف طرق‬
‫تقييم آلية املباين أو الفراغات العمرانية أو التكوينات الداخلية األكثر مناسبة للبرش‪.‬‬
‫هذا املدخل ملادة نظريات العامرة كان خمتلف ًا متاما ملا يسمى اليوم «النظرية‬
‫املعامرية»‬
‫إن «النظرية» املقدمة هنا هي (موحدة) ألهنا ‪-‬وبشكل دقيق‪ -‬تصف وتساعد‬
‫عىل استيعاب مجيع الطرز املعامرية املختلفة‪ ،‬وزيادة عىل ذلك هلا قيمة تنبؤية‪ .‬إن‬
‫أساس التحليل موضوعي وحي من التحيز الفلسفي أو الفكري أو السيايس‪ ،‬وأؤمن‬
‫بأن كلاميت (اآلتية من خلفية علمية) واضحة ومبارشة‪ ،‬وهلذا السبب هي دواء لكل‬
‫السجاالت املعامرية التي تعترب نظريات العامرة بأهنا لعبة للمثقفني وبعيدة بغرابتها عن‬
‫استيعاب العامة‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪.)1‬‬


‫‪http://www.archdaily.com/419892/unified-architectural-theory-an-introduction‬‬
‫ج‬ ‫املقدمة‬

‫إنني ال أبالغ باالدعاء بأن هذا الكتاب (والبحوث التي قام عليها) جتيب أخري ًا‬
‫عىل السؤال التارخيي املقلق (ملاذا املعامريون والعامة ال يتفقون عىل مجاليات املباين؟)‬
‫حيث يتفاعل البرش وفقا لغريزهتم البيولوجية‪ ،‬مصدرين أحكاما عىل إجيابية أو سلبية‬
‫تأثري بيئتهم عىل جسم اإلنسان‪ ،‬ومن ناحية أخرى تكيف املعامريون عىل جتاهل إشاراهتم‬
‫اجلسدية وإصدار أحكام عىل العامل وفق ًا ملعايري جمردة‪ ،‬وبالتايل يف معظم احلاالت هذه‬
‫األحكام تقودهم لبناء منشآت مثرية للتوتر وسيئة عىل صحة وسالمة البرش‪.‬‬
‫هناك بالتأكيد عدد كبري من املعامريني املتجهني نحو هذا الكتاب من األساس‪،‬‬
‫من خالل توظيف األشكال العضوية وكرس حاجز صناديق الزجاج والبيتون‪ ،‬ولكن‬
‫بفقدهم اخللفية العلمية يواصلون من خالل حدسهم البرصي وحده مع نتائج حمدودة‬
‫فقط‪.‬‬
‫هنا يأيت هذا الكتاب بحيث‬
‫يساعد عىل التمييز بني اوالً‪ :‬سطحية‬
‫املظهر للتكوين العضوي و ثاني ًا‪:‬‬
‫توليد أشكال معامرية وفق ًا للعمليات‬
‫نفسها التي تولد األشكال البيولوجية‪،‬‬
‫فالنوعان السابقان تابعان آلليات خمتلفة‬
‫سيتم رشحها مجيع ًا وبالتفصيل يف هذا‬
‫الكتاب‬
‫تم تطوير األفكار يف هذا الكتاب‬
‫عرب التحقيق يف العامرة والتصميم‬
‫باستخدام املنهج العلمي‪ ،‬وبالتايل معظم‬
‫النتائج أصلية وعىل متاس مع العامرة‪ ،‬يف‬
‫حني تواجدها خارج اخلطاب املعامري‬
‫الشكل رقم (‪.)2‬‬
‫الشائع‪ ،‬ومن دوهنا سيفوهتا معظم‬
‫‪http://www.archdaily.com/419892/unified-archi-‬‬
‫‪tectural-theory-an-introduction‬‬ ‫جمتمع التصميم وهذا ما يرثى له‪.‬‬
‫املقدمة‬ ‫د‬

‫يف اختتام املقدمة‪ ،‬هذا الكتاب منجم من الذهب للمعامريني الشباب احلريصني‬
‫عىل تطوير حجوم مبتكرة ‪،‬والتي تزيد بتوفريها بيئات صحية وجذابة‪ ،‬ولكن هناك‬
‫سعر سيدفع وهو النقد املحتوم للمعامريني (املحرتمني يف املهنة) والذين يسعون يف‬
‫اجلهة املقابلة حلجوم دافعها صوري بحت‪ ،‬يف حني ال أحكم عليهم بشكل رصيح‪،‬‬
‫فأي فرد يقرأ هذا الكتاب سيكتشف بأن املنهج «البرصي» او الصوري البحت هو‬
‫أسلوب ناقص وجيب أن ينبذ‪ ،‬هذا الكتاب حمتم ليزعج البعض‪ ،‬ولكن ‪..‬وباسم التقدم‬
‫املعامري أنا أدعوكم ملواجهة هذا التحدي‪.‬‬
‫كلمة المترجم‬

‫ينتقي املرء عاد ًة أحد الكتب يف جمال اهلندسة املعامرية لتجديد أفكاره وإضافة‬
‫نظرية جديدة إىل ما كدسه من معلومات عن نظريات العامرة املعارصة‪ .‬نعم إن االطالع‬
‫عىل الكتاب املقدم يعترب إضافة مهمة معارصة يف هذا املجال‪ ،‬ولكن يكمن اختالف هذا‬
‫الكتاب مع غريه بأن نظريته ال تقدم شيئ ًا «جديد ًا» بل تلغي معظم ما كتب عن العامرة‬
‫املعارصة وحتيي ما وجد منذ األزل يف ثقافتنا وعامرتنا العربية‪.‬‬
‫ويف مناسبة تقديمنا «لنظرية معامرية ما» أدعوكم للعودة بالتأمل بأنفسنا‬
‫كمهندسني معامريني ال حاجز بيننا وبني الورقة أو الشاشة الفارغة سوى خماوفنا من‬
‫الفشل وأحالمنا بالتألق؛ فنحن نشعر أمام كل مرشوع جديد وكأننا عىل وشك الغرق‬
‫يف بحر االحتامالت‪ ،‬وهنا نشابه أصحاب احلداثة الذين قرروا القفز ‪-‬خاليني من‬
‫كل األفكار املسبقة‪ -‬بزبائنهم يف مياهه‪ .‬ويف اجلانب اآلخر نشاهد أصحاب العامرة‬
‫التقليدية الذين مل يواجهوا يف األصل ذاك البحر‪ ،‬بل وجدوا أنفسهم يف شاطئ حمدد‬
‫ذو تربة خاصة وبمناخ معني وهناك طوروا هبدوء التكنولوجيا املناسبة لذلك الشاطئ‬
‫عرب الزمن ومع التجربة‪ ،‬وطبع ًا عىل تلك الشواطئ وجدنا أعظم القصور واحلدائق‬
‫واملنشآت املعامرية‪.‬‬
‫الفرق بني معامري احلداثة ومعامري األصالة هو فرق يف املنشأ؛ فاألول بدأ يف بحر‬
‫واسع متخبط‪ ،‬أما الثاين فانبثق هبدوء عىل شاطئ ما‪ ،‬والنتيجة كانت بأن تصاميم األول‬
‫مؤقتة ورسيعة واآلخر أزلية ومستدامة‪ ،‬وهنا يأيت دور سالينغاروس كباحث معارص ال‬
‫يسعى للتقيص عن كل ما هو «جديد و إبداعي»‪ ،‬بل يبحث عن «اجلامل واحلقيقة» ال‬

‫هـ‬
‫كلمة املرتجم‬ ‫و‬

‫تبع ًا ألفكار احلداثة وال تعلقأ بأفكار األصالة‪ ،‬فيعرتف بكل بساطة عن تواجد «اجلامل»‬
‫داخل كل مبنى أزيل‪ ،‬إن الكتاب املقدم نابع عن تأمل واقعي بالعامرة‪ ،‬وبجرأة الطفل يف‬
‫قصة مالبس اإلمرباطور «الشفافة» الذي تساءل بعفوية «مل َ اإلمرباطور عاري؟» وذلك‬
‫عىل رغم اتفاق مجيع حاشيته بتبجيل تلك املالبس‪.‬‬
‫مبان ميتة تشعرنا بالتوتر والضوضاء عىل‬‫ٍ‬ ‫يفرتض سالينغاروس بأنه هناك‬
‫الرغم من «نقائها»‪ ،‬وعىل اجلانب اآلخر توجد ٍ‬
‫مبان مفعمة باحلياة تشعرنا بكل حلظة‬
‫«بإنسانيتنا»‪ .‬إن الفرق اجلوهري بينهام يعود لغنى األخري املعامري وإفعامه بالتفاصيل‪،‬‬
‫ومثال عىل ذلك لو قارنا بني األعمدة الكورنثية ذات الزخارف النباتية (والتي تطورت‬
‫عن أنواع ألعمدة أبسط منها) مع األعمدة اإلسمنتية اجلامدة لعرصنا احلايل‪ ،‬فالفرق‬
‫الفيزيائي بني العمودين هو فرق هنديس بحت‪ ،‬حيث يمكن التساؤل بعفوية يف أهيام‬
‫يكمن اجلامل؟ وأهيام يشعرنا بإنسانيتنا؟ وبناء عىل ذلك نضع النظريات لألمجل‪ ،‬من هنا‬
‫نشأ كتاب النظرية املعامرية املوحدة‪.‬‬
‫بعد االطالع عىل الكتاب املقدم يأيت دورنا كمعامريي اليوم‪ :‬إما أن نتعامل مع‬
‫العامرة يف شاطئنا الغني ونزيد عليها حسب تكنولوجيا اليوم‪ ،‬أو نقرر القفز يف بحر‬
‫االحتامالت واالستمرار بثقافة اخلوف والعجلة‪.‬‬
‫قد توافق أو ختتلف مع أراء الكاتب‪ ،‬ولكن تكمن الفكرة اجلوهرية يف هذا‬
‫الكتاب بأنه لدينا اخليار كمعامريني حمليني عىل إغناء بيئتنا بعد اإلحاطة بالتجارب‬
‫الناجحة (كام الفاشلة) ملن سبقنا‪ ،‬وأن نتعلم من سالينغاروس السعي للبحث عن‬
‫اجلامل يف األماكن غري املتوقعة إىل جانب التسلح باجلرأة‪ ،‬لإلشارة إىل عري اإلمرباطور‬
‫رغم عن أنف حاشيته‪.‬‬ ‫ً‬

‫م‪ .‬زهار اجلندي‬


‫مقدمة الكاتب للنسخة العربية‬

‫إن الكتيب املقدم (النسخة االلكرتونية) حيوي عىل أجزاء من الكتاب الكامل‬
‫(النسخة املطبوعة) من كتاب النظرية املعامرية املوحدة (النسخة العاملية املحررة‬
‫ومنشورة من قبل ‪ ) 2013 Vajra Books, Kathmandu, Nepal‬هذه القراءات تقدم‬
‫منهج للعامرة خمتلف عام يتم اآلن تدريسه وتقرتح أسلوب جديد للمهنة ذاهتا‪ ،‬وألجل‬
‫هذا السبب أعتقد بأهنا ستكون يف غاية الفائدة للعامل العريب‪ ،‬جيب التنويه يف أن الفصول‬
‫املقدمة من ‪ 1‬إىل ‪ 14‬والتي نرشت عىل االنرتنت موجودة برتتيب خمتلف يف الكتاب‬
‫األصيل الصادر باللغة اإلنكليزي عىل الشكل اآليت‪:‬‬
‫اﻟﻨﺴﺨﺔ‬
‫‪١٤‬‬ ‫‪١٣‬‬ ‫‪١٢‬‬ ‫‪١١‬‬ ‫‪١٠‬‬ ‫‪٩‬‬ ‫‪٨‬‬ ‫‪٧‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫‪٥‬‬ ‫‪٤‬‬ ‫‪٣‬‬ ‫‪٢‬‬ ‫‪١‬‬
‫اﻻﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ‪:‬‬
‫اﻟﻔﺼﻮل‬

‫‪،٨‬‬ ‫اﻟﻜﺘﺎب‬
‫‪٣٥‬‬ ‫‪٣٢‬‬ ‫‪٢٧‬‬ ‫‪١٩‬‬ ‫‪١٦‬‬ ‫‪١٤‬‬ ‫‪٢‬‬ ‫‪١٣‬‬ ‫‪١١‬‬ ‫‪١٠‬‬ ‫‪٧‬‬ ‫‪٥‬‬ ‫‪٤‬‬ ‫اﻷﺻﲇ‪:‬‬
‫‪٣٩-٣٧‬‬

‫من العميل إصدار هذا الكتاب املهجن واملكون من خلطة من الفصول الصادرة‬
‫الكرتوني ًا بدالً من االنتظار لفرصة ترمجة وطباعة الكتاب الكامل حيث ليس هناك‬
‫منطق يف االنتظار عدة سنوات لرتمجة الكتاب كام كان يف املايض ألن هذه التأخريات‬
‫ال تساعد أحد ًا‪ ،‬أؤمن بأننا اخرتنا القرار الصائب إلهداء هذا الكتيب لكل من يسعى‬
‫ملعرفة جديدة‪.‬‬

‫ز‬
‫مقدمة املرتجم للنسخة العربية‬ ‫ح‬

‫يوجد هناك أيض ًا سبب أخر هلذه الرتمجة‪ ،‬أريد أن أصل إىل ما هو أبعد من العامرة‬
‫األكاديمية (حيث العديد من الناس يتعلموهنا باإلنكليزية) هلؤالء الذين ليس بإمكاهنم‬
‫احلصول عىل الكتاب األصيل‪ ،‬إن الرضر الواسع االنتشار عىل الثقافة عندما يتأثر العامة‬
‫بالعوملة املستخرجة املبنية ضد الفطرة اإلنسانية‪ ،‬فيوافق السياسيني عىل بناء األبنية‬
‫الوحشية فقط ألهنم شاهدوا هذه الصور يف اإلعالم‪ ،‬إن العامل العريب له تقليد مجيل‬
‫يف العامرة بداية من البيت العريب إىل املساجد والقصور واملوضوعة عىل نحو مميز ضمن‬
‫نسيج عمراين معقد‪ ،‬وهلذا يتوجب عىل املعامريني والعمرانيني املعارصين إبداء االهتامم‬
‫هلا‪ ،‬أمتنى بعد قراءة هذا الكتاب أن يشعر الزبائن واحلكومات املحلية باألمان بام فيه‬
‫الكفاية الحرتام عامراهتم املحلية التقليدية يف بناء أي منزل أو حمل جتاري أو حتى مبنى‬
‫حكومي‪ ،‬سيرص العاقلني بالدعم من قبل احلجج التي أقدمها هنا عىل عدم انتهاك ثقافة‬
‫أالف السنني املاضية (واملتضمنة املعرفة العملية عن االستدامة ذات التكلفة املنخفضة)‬
‫من قبل استرياد أشكال براقة وغري مستدامة‪.‬‬
‫أشكر بكل عمق جمموعة ‪ Twenty-Two‬املعامرية والتي نرشت فصول كتايب عرب‬
‫جملتهم االلكرتونية‪ ،‬فبسبب جهد أعضاءهم القيم سيصل اآلن هذا الكتاب إىل مجهور‬
‫واسع يف العامل العريب‪ ،‬وأنا سعيد للغاية بتقديم هذا النهج اجلديد للبناء والتصميم إىل‬
‫اجليل اجلديد من املعامريني الشباب‪.‬‬

‫الربوفيسور نيكوس سالينغاروس‬


‫المحتويات‬

‫املقدمة ‪............................................................................‬أ‬
‫كلمة املرتجم ‪....................................................................‬هـ‬
‫مقدمة الكاتب للنسخة العربية ‪.....................................................‬ز‬
‫الفصل األول‪ :‬تركيبة نظريات العامرة ‪1 ............................................‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬النظرية املعامرية ‪11 ..................................................‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اللغات الشكلية ومفرداهتا ‪31 ......................................‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬تعقيد اللغات الشكلية مع الئحة بمفرداهتا ‪43 ........................‬‬
‫الفصل اخلامس‪ :‬ضد «حب الطبيعة» ومسكن اإلنسان ‪59 ...........................‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬درجة التعقيد تقيس مدى تكيف اللغة الشكلية ‪69 .................‬‬
‫الفصل السابع‪ :‬السياسة و الفلسفة واإلقليمية الناقدة‪77 .............................‬‬
‫الفصل الثامن‪ :‬فهم بيولوجي للعامرة ‪85 ............................................‬‬
‫الفصل التاسع‪ :‬فيزيولوجيا اإلنسان والتصميم القائم عىل األدلة ‪89.....................‬‬
‫الفصل العارش‪ :‬البيوفيليا‪ :‬قرابتنا املتطورة نحو األشكال البيولوجية‪101................‬‬
‫الفصل احلادي عرش‪ :‬اخلصائص ال‪ 15‬األساسية لكريستوفر أليكسندر ‪113 .........‬‬
‫الفصل الثاين عرش‪ :‬الزخرفة والذكاء اإلنساين ‪127 ..................................‬‬
‫الفصل الثالث عرش‪ :‬اللغات الشكلية الطبيعية وغري طبيعية ‪137 ....................‬‬
‫الفصل الرابع عرش‪ :‬اخلامتة ‪147 ....................................................‬‬
‫املراجع ‪151 .......................................................................‬‬
‫ط‬
‫الفصل االول‬

‫تركيبة نظريات العمارة‬

‫العامرة فعل برشي يتعدى ويغري بالنظام البيئي الطبيعي‪ ،‬يتم تدمري النظام‬
‫البيولوجي يف كل مرة نقتطع فيها نبتة حملية أوننشئ األبنية أوالبنى التحتية‪ ،‬إن مبتغى‬
‫العامرة هو بناء منشأة تؤوي البرش ونشاطاهتم‪ .‬بحيث البد من تذكر أن البرش جزء من‬
‫النظام البيئي لألرض‪ ،‬إال أننا غالبا مانتناسى ذلك‪.‬‬
‫بشكل منطقي‪ ،‬البد للعامرة أن يكون هلا أساس ًا نظري ًا يبتدئ من النظام البيئي‬
‫الطبيعي‪ ،‬إن فعل البناء يرتب املواد بطرق معينة‪ ،‬ويولد البرش تكوين ًا منظمأ مبني عىل‬
‫ترتيب تلك املواد املستخرجة من الطبيعة والتي جرى عليها عدة حتوالت لدرجات‬
‫متنوعة‪ ،‬بعض من أكثر املواد استعامالَ عىل نطاق واسع ‪ -‬كصفائح الزجاج واحلديد‪-‬‬

‫الشــكل رقــم (‪ :)3‬مبنــى فرانزفــورث هــاوس للمعــاري ميــس فــان ديــروه الــذي اهلــم اجيــاالً‬
‫مــن املعامريــن ‪ ..‬هــل يعتــر نموذج ـ ًا مثالي ـ ًا للعــارة؟‬
‫‪/http://www.midcenturyhome.com/the-glass-house-mies-van-der-rohes-farnsworth-house‬‬

‫‪1‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪2‬‬

‫حتتاج إىل عمليات مكثفة مستهلكة للطاقة‪ ،‬وبالتايل حتتوي عىل تكاليف طاقية كمونية‬
‫عالية‪ .‬ال يمكن أن يكون السابق أساس ًا ألي حل مستدام عىل رغم كل ادعاءات تلك‬
‫الصناعة‪ .‬إن االستنزاف والتعدي عىل املوارد ذو النتائج البيئية الكارثية هو نتيجة‬
‫االنفصال عن الطبيعة‪ ،‬وإيامن أعمى بالتكنولوجيا لتحل املشاكل التي ختلقها‪.‬‬
‫النظرية املعامرية ‪-‬بمعناها الذي سيفهم من خالل هذا السياق‪ -‬هي إطار‬
‫يدرس الظاهرة املعامرية باستخدام املنطق العلمي واملنهج التجريبي‪ ،‬إن العديد من‬
‫التجارب تم القيام هبا من قبل آخرين واآلن نحن نقوم بتطبيقها عىل العامرة‪ ،‬تؤمن‬
‫النظرية نموذج ًا يستطيع رشح التحقيقات واملالحظات عن الشكل واهليكل‪.‬‬
‫إن النظرية الناجحة ستساعدنا عىل تفسري مايفعله املعامري‪ ،‬مع أنه لكل‬
‫معامري‪/‬ـة عىل األغلب يمتلك‪/‬متتلك حافز ًا وتفسري ًا خاص ًا‪ .‬وعىل كل حال‪،‬‬
‫ستسمح لنا النظرية باملقارنة بني األنواع املختلفة بني املباين‪ ،‬ولتقييم كيف يمكن هلا‬
‫أن تفعل التواصل بني املستخدم والطبيعة‪ .‬وسنستطيع أن نفهم كيف ظهر مبنى وكيف‬

‫الشــكل رقــم (‪ :)4‬الفــرق بــن البنــاء املتــدرج الطبيعــي للمدينــة واالصطناعــي املخطــط لــه مــن‬
‫مجــع ‪Micheal W. Mehaffy‬‬
‫‪http://www.katarxis3.com/Mehaffy_New_Modernity.htm‬‬
‫‪http://www.katarxis3.com/Mehaffy_New_Modernity.htm‬‬
‫‪3‬‬ ‫تركيبة نظريات العامرة‬

‫يتفاعل ويتواصل مع حميطه‪.‬‬


‫سيكون من اجليد لو تفهم الناس العامة ‪ -‬وليس فقط املعامريني ‪ -‬النظرية‬
‫املعامرية‪ ،‬وبالتايل جيب أن تصاغ مع وضع هذا اهلدف بعني االعتبار‪ .‬فمن املزايا أن‬
‫العامة هي من ستسكن يف هذه املباين‪ ،‬بينام املعامريون يسكنون ويعملون أينام شاؤوا‪،‬‬
‫وأضيف نقطة هامة أخرى بأن معظم النشاطات يف املبنى ستظل دائام منبثقة باألصل من‬
‫«العشوائيات» وبالتايل فالناس ‪ -‬وليس املعامريون ‪ -‬هم األصل يف بناء هذه اهلياكل‪.‬‬
‫(‪human-made‬‬ ‫كريستفور ألكساندر الرائد يف نظرية «نظم من صنع اإلنسان»‬
‫‪ )order‬وهي مؤسسة متاما عىل النظم الطبيعية (‪ ، )natural order‬وبالتايل اليوجد أي‬
‫تناقض او التباس بني نوعي النظم السابقني‪.‬‬
‫وضع ألكساندر مخسة مفاتيح مفرتضة حيث سمحت له بمالحقة عمله ‪:‬‬
‫‪1.1‬إن النظام الطبيعي واالصطناعي معتمدان عىل نفس اآلليات من أجل حتقيق‬
‫عملهم‪.‬‬
‫‪self-organizing and self-‬‬ ‫‪2.2‬النظام الطبيعي هو ذايت التنظيم وذايت التصحيح «‬
‫‪ »correcting‬ومايتم مشاهدته هو هناك ألنه ناجح‪.‬‬
‫زمني املقياس عىل‬
‫ّ‬ ‫‪3.3‬النظام االصطناعي ليس بالرضورة ذايت التصحيح أو ربام‬
‫امتداد األجيال و ال يمكن للفرد أن يالحظه‪ .‬ويستنتج من ذلك بأن البرش يستطيعون‬
‫عمل أشياء ملوثة للبيئة الطبيعية وبناء املباين واملنشآت التي تؤذي العامل بال تشخيص‬
‫ملاهو جيد ومتييزه عىل ماهو يسء للطبيعة‪.‬‬
‫‪4.4‬من املمكن أن نستخدم العلم لبناء أداة تشخيصية من أجل متييز ماهو يسء أو جيد‬
‫يف املخرتعات اإلنسانية‪ ،‬وكيف تؤثر عىل البيئة الطبيعية «متضمنة البرش»‪.‬‬
‫‪5.5‬نستطيع أن نستخدم اجلسم البرشي لإلحساس بامهو يسء أو جيد يف العامرة‪،‬‬
‫إن الفرضية السابقة مبنية عىل أن اإلحساس البرشي عاملي ‪،‬ويتشارك ‪ %90‬من الناس‬
‫بنفس ردود األفعال اجتاه البيئة حتى لو كانوا أفراد ًا بخلفيات ثقافية متنوعة‪.‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪4‬‬

‫لصنع مبان جيدة‪ ،‬نحتاج نظرة عاملية مع مفهوم صحي عن العامل والذي يساعدنا‬
‫عىل فهم األشياء بعمق‪ .‬تستند نظرتنا العاملية السليمة عىل مدى اتصالنا بالعامل ‪ :‬صلة‬
‫مبارشة للنظام الكوين وللعمليات الطبيعية كوهنا حتدث بشكل مستمر‪.‬‬
‫إن حتوالت ساحة سان ماركو يف البندقية حتفظ وحدة املنشأة منذ ‪ 200‬سنة‪،‬‬
‫وهي جزء من سلسلة أكرب منذ ‪ 1000‬سنة كام أظهرها كريتسفور ألكساندر يف كتابه‬
‫(الطبيعة يف النظم) “‪”The Nature of Order‬‬

‫يف املقابل‪ ،‬يؤدي «االنفصال» نحو حالة خطرية حيث حيلل الناس موقف ًا ما بآلية‬
‫معزولة عن العامل‪ ،‬مثل بناء نموذج ملبنى أو مدينة كآلة‪ .‬العلم احلديث مذنب بمسامهته‬
‫هبذا االنقطاع من االتصال من الطبيعة‪ .‬حيث النامذج العلمية هي بالرضورة ذاتية‬
‫االحتواء وحمدودة النظر‪ ،‬وبالتايل جيعلها عديمة الفائدة‪.‬‬
‫زودنا العلم بنموذج ممتاز عن كيفية عمل يشء ما كنظام ميكانيكي‪ ،‬ومع ذلك ال‬
‫يمكن أن يكون ذلك وصف ًا متكام ً‬
‫ال مهام كان مدى فهمنا للحالة املدروسة‪ .‬كام يوجد‬
‫هناك عدد ًا من اللحظات التي يتم التجاهل فيها عن أي وصف ميكانيكي للظاهرة‬
‫املدروسة‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪ :)5‬فطرة اجلامل يف دمشق القديمة‬


‫‪/https://www.pinterest.com/pin/376402481327691664‬‬
‫‪5‬‬ ‫تركيبة نظريات العامرة‬

‫إن ماهو مفقود متام ًا من النظرة العاملية امليكانيكية هو الوعي البرشي وتواصلنا‬
‫العاطفي والشخيص للعامل‪ ،‬وهو يمكن أن يكون غري مهم عند التحقيق عن املشاكل‬
‫التقنية‪ ،‬لكنه يف غاية األمهية عندما يكون شيئ ًا مؤثر ًا بشكل مبارش فينا كالعامرة‪،‬‬
‫وأضيف نتيجة مهمة أخرى هو فقدان القيم يف النظرة امليكانيكية للعامل‪ .‬إن اإلنسان‬
‫املتصل مع الكون يعلم الفرق بني اليسء واجليد‪ ،‬الصحيح واخلاطئ‪ ،‬اجلميل والبشع‪،‬‬
‫هذه الصفات ليست نسبية كام أهنا ليست مسألة رأي‪ ،‬إن املستهلك منفصل عن القيم‬
‫الطبيعية‪ ،‬وعىل النقيض يصبح لدينا منتجات سامة مصنوعة عىل أهنا جيدة‪ ،‬إن الطريق‬
‫للخروج من احلارض هبذه النظرة املحدودة للكون هو بتطوير حالة مكثفة وصلة أقوى‬
‫بني البرش وبيئتهم‪ .‬بحيث يعطى الرتكيز بشكل متبادل بام يؤثر مع العامل عندما نكون‬
‫مرتبطني به بقوة‪.‬‬
‫وعىل سياق هذا املنطق‪ ،‬تشارك‬
‫البرش اإلحساس باحلكم‪ ،‬فبشكل فطري‬
‫يمكنهم احلكم إن كان لليشء أمامهم‬
‫ينتمي لنظام أو له «حياة» ويتوقع أن‬
‫حدسهم سيكون متشارك ًا بنسبة ‪%90‬‬
‫عىل مدى الثقافات واملسافات‪ ،‬وهبذه‬
‫النظرة العاملية اجلديدة‪ ،‬تلعب الزخارف‬
‫دور ًا حتمي ًا لتأمني التواصل بني البرش‬
‫ونظم العامل‪ ،‬فالزخارف بالتايل مرتبطة‬
‫ارتباط ًا وثيق ًا لتقوم بوظيفتها بالسياق‬
‫غري امليكانيكي‪.‬‬
‫نتمنى أن يتم اعتبار العامرة ‪ -‬مع‬
‫املنتوج اإلنساين الصناعي ‪ -‬أجزاء من‬
‫الشكل رقم (‪.)6‬‬
‫_‪https://en.wikipedia.org/wiki/Aniconism_in‬‬
‫النظم البيئية الطبيعية‪ .‬النظام واحلياة‬
‫‪Islam‬‬ ‫مرتابطان‪ .‬األشياء الطبيعية هلا نظام‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪6‬‬

‫جوهري‪ ،‬واحلياة كام عهدناها وفهمناها هي ببساطة امتداد هلذا النظام‪ ،‬ومن أجل هذا‬
‫السبب ال يصح للمنشآت اإلنسانية أن تناقض أو تؤذي النظام الطبيعي‪.‬‬
‫إن النظم البيئية يف األرض (معظمها مرتابط مع بعضه البعض) حتتوي ويتم‬
‫احتوائها بمكونات ال يمكنها االستقالب أو التوالد‪ ،‬لكن كل طبقة من هذا النظام‬
‫معتمد عىل بعضه‪ ،‬وهذه اخلاصية يف احلياة حية بكل مجاداهتا وحاالهتا تنبثق بدرجتها‬
‫اخلاصة من النظام الطبيعي‪ ،‬واجلسم البرشي قد طور آليات ليشعر بذاك النظام ‪،‬وبالتايل‬
‫ال نفاجئ بشعورها بيشء ما بأنه «حي» بسبب خاصياته اهلندسية مع أنه ليس بيولوجي ًا‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪.)7‬‬


‫‪/http://topinspirations.com/19-vibrant-small-indoor-gardens-you-can-get-inspired-from‬‬

‫إن الكائنات البيولوجية هلا ميزات إضافية من االستقالب والتوالد ونتيجة‬


‫بسيطة من مقاربة املبنى عىل أنه «كائن حي» هو باحتياجه التصحيحات والتجديد‪.‬‬
‫وهذه املقاربة مع االستقالب تناقض مفهوم العامرة االصطناعية للقرن العرشين ذات‬
‫البحث الدائم عن كل ماهو دائم بمواد مقاومة للمناخ‪ ،‬هذا البحث أصبح بثمن غال‪،‬‬
‫‪7‬‬ ‫تركيبة نظريات العامرة‬

‫واألسوأ من ذلك إنكاره للميزات‬


‫احلية‪ ،‬فاملواد التي تتناسب مع اجلو هي‬
‫باحلقيقة تنتج أبنية مناسبة أكثر الحتواء‬
‫الكائنات البيولوجية‪ ،‬عىل سبيل املثال ‪:‬‬
‫معبد جممع آيس يف اليابان يعاد بناؤه كل‬
‫عرشين سنة‪.‬‬
‫إن األبنية تشرتك يف التوالد ‪ :‬إن‬
‫كانت لغة الشكل «‪»form language‬‬
‫متبناة من قبل بنائني آخرين‪ ،‬فسيصبح‬
‫املبنى ذو النموذج األصيل متوالد ًا بأكثر‬
‫من نسخة‪ ،‬ليست متام ًا متطابقة ولكنها‬
‫الشكل رقم (‪ :)8‬معبد آيس‬
‫حتتوي عىل نفس املعلومات «اجلينية»‬
‫‪http://www.pitt.edu/~asian/week-4/week-4.‬‬
‫فيها‪.‬‬
‫‪html‬‬ ‫لتكن نظرتنا إىل يشء ما عىل‬
‫كونه «حي ًا» تعود إىل اتصال وثيق بني‬
‫عقلنا واجلسم‪ ،‬فهناك تأثري متبادل؛ فاليشء أو املكان أو التجهيزات تشعرنا باحلياة أكثر‬
‫ومن ممكن أن نجد العديد من األثريات أو األبنية أو ساحات املدينة التي تشعرنا بأهنا‬
‫«حية» وبالتايل نحس بأننا «أحياء»‪ ،‬ويف غالب األحيان تكون آتية من التقاليد الشعبية‬
‫ونادر ًا نتيجة تصميم معامري‪.‬‬
‫إن إدارك اخلاصية احلية يف املكان يأيت من إعدادات هندسية حمددة‪ ،‬و من املمكن‬
‫كشف النقاب عىل القوانني التي تولد أماكن بخاصية حية‪ ،‬وحتى يوجد ذاك اإلدراك‬
‫ببعض األمثلة من مباين القرن العرشين البعيدة عن التقاليد‪ .‬إن «احلياة» تأيت من هندسة‬
‫اليشء وليست مبنية عىل فكرة معامرية معينة أو صور أو طرز‪ ،‬ومن خالل اتصالنا مع‬
‫هذا اليشء نشعر بأننا متواصلني مبارشة مع شخصية «بانيها» الذي ال خيتبئ خلف‬
‫أفكار أو مفاهيم معينة تلوث شخصيته احلقيقية‪.‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪8‬‬

‫من املفيد للحصول عىل فهم حقيقي للعامرة أن نستخدم املنهج الذي يستعمله‬
‫العلامء من أجل كشف أرسار الطبيعة‪.‬‬
‫يلخص «إدوارد ويلسون» ماحيققه العلم ‪:‬‬
‫‪1.1‬مجع منهجي للمعرفة عن العامل املنتظم واملكثف لتحويله إىل املبادئ األساسية إىل‬
‫أقىص حد ممكن‪.‬‬
‫‪2.2‬جيب أن جتتاز النتائج االختبارات للتحقق من استقالليتها وإمكانية تكرارها‪.‬‬
‫‪3.3‬من املفيد أن يكون هناك إمكانية لقياس املعلومات عددي ًا بحيث نستطيع تطبيق‬
‫نامذج رياضية‪.‬‬
‫‪4.4‬إن تنظيم وتصنيف املعلومات يساعد يف تكثيفها لتسهيل التخزين‪.‬‬
‫‪5.5‬إن حارس احلقيقة يأيت من االستشارة اخلارجية‪ ،‬فالبد من تواجد صالت أفقية‬
‫بني التخصصات املهنية املختلفة‪.‬‬
‫إن االستشارة من ختصص خمتف هو اختبار لصحة سالمة النظرية‪ ،‬فالنظرية‬
‫وحدها قد حتوي عىل بعض األخطاء األساسية واستمرارية منطقها الذايت قد يكون‬
‫مضلالً‪ ،‬بحيث قد تعمل عىل ربط عدة فرضيات خاطئة بشكل مقنع‪ .‬نحن يف العادة‬
‫علمي ًا نقوم باالنتقال من نظرية سليمة إىل نظرية سليمة أخرى متثل جماالً متميز ًا وخمتلف ًا‬
‫عن سابقتها‪ ،‬وبحدوث التناقض نتأكد بأن هناك خطأ ما‪ ،‬قد ال يكون هناك حاجز‬
‫ولكن فجوة هائلة ويف هذه احلالة البد من إمالئها‪.‬‬
‫يمكن أن تتشكل النظرية املعامرية ويتم التحقق منها عرب آليتني ‪:‬‬
‫فرضية داخلية حمققة مرار ًا وتكرار ًا وصالت خارجية مستشارة من جماالت‬
‫أخرى هلا أساس حمقق‪ ،‬وهذا يتضمن العلوم الصلبة (أي علوم الطبيعة أو الفيزياء‪..‬‬
‫الخ)‪(( .‬العلوم الظرية هي اإلنسانيات واالجتامعيات ‪..‬الخ))‬
‫‪9‬‬ ‫تركيبة نظريات العامرة‬

‫إن العامرة اجليدة هي تقليل مايمكن اعتباره مهنة خمتزلة ‪،‬وجيب بالرضورة‬
‫إكثار مايمكن اعتبارها كمهنة تآلفية‪ ،‬حيث إن طبقت كمهنة اختزالية فقد تتضمن‬
‫أخطاء جدية مؤذية للبيئة‪ ،‬فال بد من تبني الوسائل التآلفية التي حترتم الردود املتميزة‬
‫الحتياجات اإلنسان والنظام البيئي‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪ :)9‬مبنى لوكربوزية يف اهلند‬


‫‪http://alfa-img.com/show/le-corbusier-india.html‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪10‬‬

‫إن أهم يشء هو أن تكون للعامرة‬


‫صلة مبارشة الرتقاء وتطور اإلنسان‪،‬‬
‫باإلضافة لالحتياجات الفيزيائية للكائن‬
‫احلي واستخدام املعلومات وقف ًا لثقافتنا‬
‫املتطورة‪ ،‬إن إمهال األصل البيولوجي‬
‫للحاجات اإلنسانية وسلوكياته تفصل‬
‫العامرة عن العامل وعن اإلنسانية‪.‬‬
‫يتوجب عىل املعامري تصميم أبنية‬
‫جتعل عامة الناس مرتاحني‪ ،‬وليس فقط‬
‫ليعجب هبا زمالئهم املعامريني‪ ،‬بل البد‬
‫الشكل رقم (‪:)10‬منزل بيت ثان يف فيتنام‬
‫‪h t t p : / / w w w. a rc h d a i l y. c o m / 4 1 8 7 6 4 /‬‬
‫أن تتبنى املحلية وليست مصممة ملكان‬
‫‪b i n h - t h a n h - h o u s e - v o - t ro n g - n g h i a - a rc h i -‬‬
‫‪tects-sanuki-nishizawa-architects‬‬
‫آخر و بالتحديد لـ»المكان»‪.‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫النظرية المعمارية‬

‫من أجل مناقشة اي إضافة مفرتضة إىل جمال نظريات العامرة ‪،‬من املهم أوال أن‬
‫نعرف مانعنيه بنظريات العامرة من األساس‪ .‬إن النظرية يف أي جمال هو اإلطار عام‬
‫الذي ‪:‬‬
‫‪1.1‬يفرس الظاهرة التي يتم مالحظتها‬
‫‪2.2‬يتنبأ بالتأثريات التي ستحدث حتت ظروف معينة‬
‫‪3.3‬يساعد املرء عىل خلق أوضاع جديدة تعمل كام تنبأت به النظرية‬
‫وهنا إذن تكون نظريات العامرة إطار ًا نظري ًا يفرتض أن يرشح ملاذا األبنية تؤثر‬
‫يف البرش بطرق معينة ‪،‬وملاذا بعض املباين ناجحة أكثر من غريها باملعنى العميل كام‬

‫الشكل رقم (‪ :)11‬فراغ ميت حسب حديث ‪ TED‬للمخططة ‪Amanda Burden‬‬


‫‪https://www1.nyc.gov/site/planning/plans/water-street-pops/water-street-pops.page‬‬

‫‪11‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪12‬‬

‫النفيس واجلاميل‪ .‬إن املتطلب األسايس‬


‫من النظرية املعامرية هو التنسيق بني‬
‫املالحظات املتفرقة‪ ،‬والتي تبدو‬
‫شكلي ًا غري مرتابطة عن كيفية تفاعل‬
‫البرش مع املباين‪ ،‬باإلضافة إىل حتويل‬
‫هذه املالحظات إلطار سهل التطبيق‬
‫يمكن استعامله يف التصميم ‪.‬‬
‫من املحزن بأن العامرة فقط‬
‫يف هذه الفرتة عىل وشك وضع‬
‫األساسات النظرية التي طال‬
‫انتظارها‪ ،‬وليس من املبالغة بالقول أن‬
‫هذا املجال ‪ -‬إىل اآلن‪ -‬مازالت تقوده‬
‫األهواء الشخصية واملوضة بدالً من‬
‫الشــكل رقــم (‪ :)12‬صــور المجــل شــوارع‬
‫كوبنهاغــن حســب ‪ Jan Gehl‬بتخطيــط خــارج‬
‫أن يكون مبني ًا عىل أسس نظرية‪،‬وذلك‬
‫عــن كل املعايــر االكاديميــة ومــع ذلــك مفضــل‬ ‫بسبب سوء الفهم اجلدي واجلهل‬
‫للســكن مــن قبــل املعامريــن ‪.‬‬ ‫العلمي لثالثة أجيال متتالية من‬
‫‪http://www.sublime.ag/things/?p=3691‬‬ ‫املعامريني ‪.‬‬
‫‪https://www.flickr.com/photos/justsmartdesign/‬‬
‫‪/sets/72157625843905019‬‬ ‫كمية ضخمة من الكتابات تم‬
‫نسبها خطأ إىل نظريات العامرة (وإن‬
‫كانت اليشء من هذا القبيل) وهذه املادة التي تعلم لطالب العامرة و تدرس من قبل‬
‫املعامريني تعمل عىل تعزيز بعض املوضات والعقائد بدالً من فهم الشكل املعامري ‪.‬‬
‫لكن يتواجد األن مايكفي من النظريات املعامرية احلقيقية لتشكيل نواة نبني فيها هذا‬
‫املوضوع‪ ،‬وهذه النواة مكونة من‪Christopher Alexander (2001 – 1977) Léon( :‬‬

‫‪ Krier (1998‬والكاتب احلايل (‪ Salingaros (2006‬وثلة غريهم‪.‬‬


‫إن النظريات املعامرية “األصيلة” تطورت ضمن مسارين متوازيني‪ ،‬األول هو‬
‫‪13‬‬ ‫النظرية املعامرية‬

‫هنج مؤسس عىل احللول التي نجحت عرب التاريخ‪ ،‬وبشكل غري مفاجئ هذا املسار‬
‫حتول تلقائي ًا نحو العامرة التقليدية باستخدام أنامطها بطريقة مبتكرة ‪ ،‬إن املعامريني‬
‫يتجاهلون هذا املسار من نظريات العامرة خمطئني بحقه بأنه اليتعدى عىل كونه نسخ ًا‬
‫من نامذج قديمة‪ ،‬عىل أنه باحلقيقة استخدام مفردات مطورة لتوليد حلول أصيلة‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪ :)13‬صور توضح التوجة لتطوير القديم للمعامري راسم بدران‬

‫أما املسار اآلخر من نظريات العامرة األصيلة هو مسار مبني عىل العلم‪ .‬هنا‬
‫تكونت النامذج من البيولوجيا والفيزياء واملعلوماتية ترشح اليوم كيف يظهر الشكل‬
‫املعامري وملاذا البرش يتفاعلون بطرق معينة متوقعة يف منشآت خمتلفة‪ .‬هذا النهج العلمي‬
‫هو وبطرق عديدة مكمل للنهج التقليدي يف التصميم‪ ،‬واالختالف األسايس يف‬
‫املامرسة يكمن بكون املنهج العلمي غري مرتبط بنمط معني‪ ،‬فهو يقود لتشكيل مفردات‬
‫تصميمية أوسع من النهج التقليدي‪.‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ 14

.)14( ‫الشكل رقم‬


http://personal.strath.ac.uk/j.wood/Biomimetics/inspirtational%20designs/Eiffel%20Tower_
files/Eiffel%20Tower.htm

.)15( ‫الشكل رقم‬


http://personal.strath.ac.uk/j.wood/Biomimetics/inspirtational%20designs/Eiffel%20Tower_
files/Eiffel%20Tower.htm

.)16( ‫الشكل رقم‬


http://www.hkpe.net/hkdsepe/human_body/bones_structure.htm
‫‪15‬‬ ‫النظرية املعامرية‬

‫الشــكل رقــم (‪ :)17‬صــورة توضــح جــزء مــن مدينــة لنــدن املشــوه بســبب احلداثــة وفقــا ملؤسســة‬
‫‪ Shool of Life‬التابعــة للفيلســوف ‪ de Botton‬واحــد املبــاين املشــوة برأهيــم مبنــى (خملــل)‬
‫للمعــاري ‪Norman Foster‬‬
‫‪http://www.gettyimages.co.uk/photos/city-of-london?excludenudity=true&sort=mostpopu-‬‬
‫‪lar&mediatype=photography&phrase=city%20of%20london‬‬

‫إن املعامريني لدهيم صعوبات يف تقدير املسار العلمي يف نظريات العامرة‪،‬‬


‫وذلك يعود إىل خطأ قائم يف بعض النصوص املعامرية القائمة حيث يدعي كتاهبا بأهنم‬
‫يرشحون األشكال املعامرية باستخدام نظريات علمية بمفردات مشوشة ‪،‬وبالتايل حتري‬
‫القارئ‪،‬معظم هذا األدب املعامري واضح اخلطأ ولكن املعامريني بال خلفية علمية كافية‬
‫‪ ،‬لذا فهم اليستطيعون إدارك ذلك‪ .‬يكتب بعض املعلقني عىل العامرة بيانات مضللة‬
‫لكنها تؤخذ عىل أهنا ذات معنى من قبل املعامريني والطالب‪ ،‬وبعد ذلك يغيب عنهم‬
‫تقدير الرشوح العلمية األصيلة‪،‬وخيلطون التفسريات الزائفة باحلقيقية‪.‬‬
‫هذا حيدث لألسف يف العامرة بسبب غياب أسس التحكيم بني ماهو حقيقي‬
‫وزائف يف النظرية‪ ،‬ففي الفروع املعرفية األخرى طوروا أسس نظرياهتم فقط بعد إنشاء‬
‫مثل هذا املعيار واضعني هبا ضمن آلية لتمييز ماهو منطقي وماهو تافه‪.‬‬
‫خيطئ املعامريون باعتقادهم أن مثل هذه املجموعة من املعايري توجد فقط يف‬
‫احلقول التجريبية كالفيزياء‪ ،‬من دون إدارك أن العامرة هي بحد ذاهتا جمال جتريبي‪ .‬إن‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪16‬‬

‫املشكلة تكمن يف أن اجلانب التجريبي لتكوين املالحظات يف العامرة قد أمهل بشكل‬


‫متعمد لعقود عديدة‪ ،‬ووصل إىل نقطة بأن مماريس العامرة اليوم قد نسوا هذه اخلاصية‬
‫األساسية من جماهلم‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪.)18‬‬

‫عامة الناس يفرتضون بسذاجة بأن العامرة احلديثة متتلك أسس نظرية ‪-‬مثل‬
‫الكيمياء وعلم األعصاب‪ -‬والتي تفرس ما جيعل األبنية تبدو ماعليه اليوم‪ ،‬ولكن‬
‫ماحيدث حقيقة بأن كمية هائلة من الكتابات نسبت خطأ إىل نظريات العامرة ‪ ،‬وهي‬
‫التي ساعدت لظهور ودعم مثل هذه الصور‪ ،‬وتلك الصور فيام بعد تنسخ وتستعمل‬
‫كنموذج ملباين بنمط غريب‪ .‬إن هذا ليس بأساس نظري وهذه الكتابات فشلت لتوفري‬
‫أي من املعايري املقبولة لتكون نظرية يف أي جمال كان‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫النظرية املعامرية‬

‫كل فرع من املعرفة لديه خمزون من املعلومات يرتاكم مع الوقت‪ ،‬والذي يرشح‬
‫طيف ًا واسع ًا من الظواهر (مجعت العامرة املعرفة عىل مدار آالف السنني) وبعض من‬
‫هذه املعرفة دون ضمن إطار نظري حمكم‪ ،‬وأجزاء أخرى ظرفية بشدة تم اختبارها عرب‬
‫املالحظة والتجريب‪ .‬وتدمج األفكار واحلقائق بأسلوب معني مثل كل فروع املعرفة‬
‫املضبوطة‬

‫الشكل رقم (‪.)19‬‬


‫‪https://de.wikipedia.org/wiki/Coop_Himmelb(l)au‬‬

‫إن السمة احلاسمة للتحقق من صحة أي إطار نظري هو التعقيد بشفافية داخلية‬
‫إىل جانب التواصل اخلارجي‪ ،‬وهذا ما انبثق من كيفية تطور الشبكة االستكشافية عرب‬
‫الوقت ‪:‬‬
‫‪1.1‬آخر املكتشفات عن موضوع ما البد أن يقوم عىل معرفة موجودة باألصل‪.‬‬
‫‪2.2‬اليمكن استبدال املعرفة القديمة إال برشوح أفضل لنفس الظاهرة‪ -‬وليس بسبب‬
‫تغري املوضة‪ -‬فهذا العملية تكون عدة طبقات متصلة من املعرفة‪.‬‬
‫‪3.3‬النظرية يف ختصص ما حت ًام تنقل بشكل منطقي إىل التخصصات األخرى‪.‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪18‬‬

‫هذا يعني بأن هناك واجهة ما تدمج التخصصات املختلفة بعضها ببعض إىل أن‬
‫نصل حول حميطها‪ ،‬كل نظرية تعزل نفسها بسبب غموضها لآلخرين فيتم الشك فيها‬
‫بشكل أتوماتيكي ‪ .‬إن كل ماهو حمكم التواصل يف الداخل مع خلل يف التواصل مع‬
‫يكون األساس آللية تصحح وتصون نفسها ذاتي ًا‪ ،‬وهذا يصح ألي نظام معقد‬
‫خارجه ّ‬
‫العامرة كمهنة طاملا قطعت التواصل مع كال أساسها املعريف والتخصصات‬
‫األخرى بمحاولة أن تبقى لألبد “معارصة” (معظم آخر املنشورات املشهورة املتعلقة‬
‫بالفلسفة واللسانيات والعلم عىل الرغم من ذلك كشف مكرها) وهذا بالطبع عرب‬
‫تعريف سمة املوضة‪ ،‬وهو مايتعارض مع ماجيعل فرع املعرفة مضبوط ًا‪ ،‬ومرة تلو‬
‫األخرى تتجاهل العامرة العلوم املستمدة عن املباين واملدن وتعتنق شعارات وتأثريات‬
‫المعنى هلا‪.‬‬
‫إن الذين يقتاتون من عدم ثبات وسطحية املوضة يف الصناعة خائفون حلد املوت‬
‫من املعرفة األصيلة عن العامل ‪ ،‬فقد حتكم عليهم بالبطالة‪ ،‬املعامريني والنقاد يغريون‬
‫باملوضة السائدة لتبقي السوق متحفز ًا ‪ ،‬ويكرسون حج ًام هائ ً‬
‫ال من املوارد لتسويق ماهو‬
‫يف زوال من أجل بيع موضتهم‪ ،‬هم حمكومون عىل قمع أي تراكم معريف للعامرة مما يمنع‬
‫من تطوير أي أساس نظري‪ ،‬إن املوضة املتغرية باستمرار طفيلية عىل العمليات اخلالدة‪.‬‬
‫النقاد يعتربون املباين املجددة التقليدية جمرد نسخ من النامذج الكالسيكية‪،‬‬
‫حتى وإن مل تشبه أي يشء بني يف اآللفيتني السابقتني ‪،‬يعلن اإلعالم املعامري أن‬
‫“األعمدة الكالسيكية رمز ًا للطغيان” وهذا أيض ًا عند اإلفصاح عن االنجذاب للعامرة‬
‫الكالسيكية‪ .‬نحن بطريقة ما نعترب داعمون للشمولية ويف الوقت نفسه بإظهارنا أي‬
‫إطراء للعامرة العامية غري التقليدية سيتم سخرية منه‪ ،‬ويف هذه اللحظة سيتم وصفنا‬
‫كاجلاهلني و “العاطفيني” (والتي حسب قيم العامرة املعارصة تعترب إهانة اليمكن‬
‫التسامح معها) وضف عىل ذلك أي عامرة جديدة هلا خاصيات إنسانية من دون أي‬
‫يكون هلا أي عالقة بالنامذج الكالسيكية حمظورة أيض ًا‪.‬‬
‫‪19‬‬ ‫النظرية املعامرية‬

‫الشكل رقم (‪.)20‬‬


‫‪/https://www.pinterest.com/pin/564849978234595329‬‬

‫تم تضليل البرش بتخيل “العامرة املستقبلية” عىل شكل أبنية مكرسة وحمورة‬
‫ومبنية حرص ًا من الزجاج واملعدن املصقول‪ ،‬وكل شك يف ذلك ملغي عرب تقديم‬
‫معامريي تلك املباين أهم اجلوائز املحرتمة‪ ،‬بعض من يساهم يف نرش هذا النمط خيرج‬
‫فعلهم وكأنه أشبه بمعتقد ديني‪ ،‬يؤمنون بشدة بأهنم يقومون باملسامهة يف احلضارة‬
‫بتسويقهم للمستقبل ومحايتنا من الرتاجع والتخلف إىل املايض‪ ،‬املدارس املعامرية غارقة‬
‫يف االستقامة ‪ ،‬وذلك منذ مدرسة الباوهاوس عام‪ 1920‬معظم املدارس هتدف إلعادة‬
‫إعامر املجتمع لصالح البرش أمجعني‪ ،‬سواء كنا مرحبني بذلك أو ال‪ ،‬فإن كان البرش‬
‫العاديني عاطفيني نحو األساليب القديمة يف التصميم ويتلهفون نحو مباين مناسبة‬
‫للمقياس اإلنساين‪ ،‬فهذا يعترب دليل عىل الضعف البرشي‪.‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪20‬‬

‫الشكل رقم (‪.)21‬‬


‫‪https://www.shutterstock.com/image-vector/evolution-architecture-timeline-city-design-ele-‬‬
‫‪ments-280451036‬‬

‫الشكل رقم (‪.)22‬‬


‫‪/http://www.hongkiat.com/blog/cities-of-future-artworks‬‬

‫نحن نقف تارخيي ًا عىل عتبة تصفية حسابنا املعامري بعامرة جديدة ختلط األشكال‬
‫املنحنية املندفعة و املقياس الفراكتييل‪/‬كسوري مع أشكال مكرسة من التفكيكية‪ ،‬دعني‬
‫اقرتح أن املعامريني الذين يتمنون أن يكونوا معارصين عليهم إسقاط أمتعتهم التفكيكية‬
‫‪ ،‬وأن يمدوا يد العون لكل من تم ازدراءه وقذفه جانب ًا ‪ -‬وأعني بذلك التقليديني‬
‫‪ -‬وكل املعامريني املبتكرين الذين حيرتمون املقياس اإلنساين والعواطف خالل مجع‬
‫األشكال اجلديدة مع أنامط تم تصفيتها تنافسي ًا عرب التاريخ‪ ،‬عندها نستطيع تعريف‬
‫عامرة جديدة مناسبة للبرش بدأل من أن تظل غريبة عنهم‪ ،‬فقد تم تضليل املامرسني‬
‫اليافعني عىل أن احلداثة تأيت بشكل أسايس من “األشكال الغريبة” التفكيكية‪ ،‬وعىل أية‬
‫حال هناك جيل جديد من املعامريني أذكياء بامفيه الكفاية إلدارك ماحيدث واالستيقاظ‬
‫من هذا الوهم املؤسف‪.‬‬
‫‪21‬‬ ‫النظرية املعامرية‬

‫الشكل رقم (‪.)23‬‬


‫‪https://www.architectural-review.com/today/film-institute-by-boonserm-premthada-thai-‬‬
‫‪land/8622840.article‬‬

‫بعض التقاليد عفا عنها الزمن‬


‫وضللت‪ ،‬لكن إرث احللول التقليدية‬ ‫ُ‬
‫يف غاية األمهية عىل نقيض البحث عن‬
‫اجلديد‪ ،‬لتحل احللول اجلديدة مكان‬
‫احللول التقليدية البد أن تنجح يف حتقيق‬
‫صالت مع بقية جماالت املعرفة‪ ،‬وذلك‬
‫يف سياق النسيج االجتامعي ويف العامرة‬
‫والتخطيط‪ ،‬فاحللول اجلديدة مفيدة‬
‫يف حال صلتها باألنامط االجتامعية‬
‫واملعامرية والعمرانية التقليدية (كل‬
‫ماهو قبل ‪، )1920‬لكن حني تتواجد‬
‫فجوة واضحة عندما اليستمد هذا‬
‫الشكل رقم (‪.)24‬‬ ‫احلل بيشء من خارجه‪ ،‬فهذا قد يشكل‬
‫‪https://fineartamerica.com/featured/architec-‬‬
‫‪ture--old-vs-new-mark-hendrickson.html‬‬ ‫مشكلة كبرية‪.‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ 22

.)25( ‫الشكل رقم‬


http://www.archdaily.com/211010/ad-classics-vitra-design-museum-and-factory-frank-geh-
ry/5038239a28ba0d599b001059-ad-classics-vitra-design-museum-and-factory-frank-gehry-
photo

.)26( ‫الشكل رقم‬


http://blog.naver.com/PostView.nhn?blogId=babykity01&logNo=220420730802&parentCate-
goryNo=&categoryNo=4&viewDate=&isShowPopularPosts=true&from=search
‫‪23‬‬ ‫النظرية املعامرية‬

‫مؤخر ًا ‪ Edward Wilson‬قدم فكرة « ‪ » consilience‬تشابك التفسريات االعتيادية‬


‫بني حقول املعرفة (‪ .) Wilson, 1998a‬تدعي نظرية « ‪ »consilience‬بأن كل التفسريات‬
‫يف الطبيعة متصلة ببعضها البعض بحيث من املستحيل أن توجد ظاهرة معزولة عن‬
‫بقية الظواهر الطبيعية‪ .‬يركز ويلسون عىل القطع الناقصة من املعرفة كالفجوة الكبرية‬
‫بني اإلنسانيات والعلوم‪ ،‬حيث كان سعيدا بأهنا بدأت تتقلص عرب علامء البيولوجيا‬
‫التطورية وعلم األعصاب اإلداركي والباحثني يف الذكاء الصنعي‪ ،‬ويف الوقت نفسه‬
‫حيذر من الناس الذين حيذفون أجزاء من املعرفة املوجودة يف اإلنسانيات‪ ،‬وهذا يتضمن‬
‫فالسفة التفكيكية حيث يصف ويلسون بأن جهودهم مبنية عىل اجلهل‪.‬‬
‫حيث كتب عن عمل «‪»Derrida‬‬
‫عمل متضاد مع العلم‪ ،‬منتج من الشظايا‬
‫وهتافت األحالم‪ ،‬ويف الوقت ذاته‬
‫مبتذل وخيايل وبعيد عن كل مايمت‬
‫هذا العامل املتحرض بعلم العقل واللغة‪،‬‬
‫كشعوذة املعاجلني باإليامن الذين ال‬
‫يعرفون حتى أين موقع البنكرياس) ‪.‬‬
‫(‪)Wilson, 1998b: p. 41‬‬
‫لألسف اشرتكت معظم‬
‫اإلنسانيات بمنظومة إيامنية تدمر شبكة‬
‫الشكل رقم (‪.)27‬‬ ‫«‪ »consilience‬املعرفة‪ ،‬مع أنه مل يتم‬
‫‪http://www.humanities.mcmaster.ca/~dclark/‬‬
‫‪rememberingJD.html‬‬ ‫الترصيح عن ذلك‪ ،‬لكن يبدو أن هدف‬
‫التفكيكية هو حذف املنشأة املعرفية‪ ،‬فام‬
‫قاله درييدا مثري للقلق بامفيه الكفاية «يواجه التفكيكيون يف بعض املنظومات االجتامعية‬
‫والسياسية املقاومة يف تغيريها‪ ،‬وأنت حتتاج إىل تبديل ما أصفه باملنشآت «صلبة» وال‬
‫أقصد املنشآت املادية فحسب‪ ،‬بل أيض ًا «الصلبة» ثقاف ًة وتربي ًة وسياس ًة واقتصاد ًا»‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪24‬‬

‫الشكل رقم (‪.)28‬‬


‫‪/http://www.nzedge.com/news/doyen-of-deconstructivism‬‬

‫الشــكل رقــم (‪ :)29‬مثــال عــى أحــد اوجــة فلســفة داريــدا‪ ،‬التشــكيك بقــدرة اللغــة عــى ايصــال‬
‫اي معنــى حقيقــي ‪.‬‬
‫‪/https://fabenglishideas.com/2015/02/01/how-to-learn-vocabulary-7-simple-ide‬‬

‫معظم الناس مدمنون للتجديد بال مراعاة النتائج املحتملة ‪،‬وكثري ًا مايتم يتم‬
‫التالعب هبذا اإلدمان من قبل أفراد عديمي الضمري ‪ ،‬فليس كل ماهو حديث هو‬
‫بالرضورة جيد (كتطوير فريوس صناعي ونرشه يف العامل ) فبسبب القدرة التدمريية‬
‫التي يمتلكها البرش اليوم يتوجب علينا فهم العواقب املحتملة‪.‬‬
‫‪25‬‬ ‫النظرية املعامرية‬

‫‪Alan‬‬ ‫أذكر خدعة مضحكة لـ‬


‫‪ Sokal‬الذي نرش مقالة نقد باملنهج‬
‫التفكيكي لبعض الفرضيات العلمية‬
‫املشهورة ضمن صحيفة أكادمية‬
‫تفكيكية مبتذلة (‪ )Sokal 1996‬حيث مل‬
‫جيادله أي من حمكمي املجلة األكاديمية‬
‫عن صحة مقاله قبل نرشه! وقد كان‬
‫سوكال واضح ًا جد ًا يف خداعه حيث‬
‫توقع أنه سيكشف‪ ،‬لكن مل حيدث ذلك‪.‬‬
‫ويف وقت الحق كشف سوكال‬
‫وجني بريكموت (‪ )1998‬هراء النقد‬
‫الشكل رقم (‪.)30‬‬ ‫التفكيكي ‪،‬وأظهرا استناد عدة نصوص‬
‫تفكيكية «معتربة» عىل مراجع علمية‬
‫‪h t t p : / / w w w. 1 2 1 w w w. v c h a r k a r n . c o m / v c a -‬‬
‫‪fe/28770‬‬

‫المعنى هلا‪ .‬وغريمها الكثريون العاملون‬


‫يف فضح النصوص التفكيكية كهوث (‪ )1998‬وأندرو بوهلاك مصمم برنامج يولد‬
‫أدب تفكيكي أسامه (مولدة مابعد احلداثة) (‪ )1996‬وكانت بغاية النجاح بتوليد‬
‫نصوص ال منطقية ‪،‬حيث ال يمكن متييزها عن نصوص كتاب فالسفة التفكيكية‪.‬‬
‫إذا وضعنا جانب ًا سؤال أين هو املحتوى احلقيقي‪ ،‬إن املجال يف املعرف ال يمكن‬
‫أن يكون صحيح ًا إن مل يضع أساسه عىل رصح فكري صلب ‪ ،‬إن أحد سامت انضباط‬
‫العلوم هو التعقيد اهلرمي‪ ،‬فبرتابط األفكار تولد نتائج ذات بنية داخلية متميزة كام‬
‫هي وثيقة بنكية مصدقة جيب أن تكون بنظام من الصعب جدا تزويرها‪ ،‬ولكن ليس‬
‫هذا احلال يف التفكيكية‪ ،‬بحيث يمكن ملقال مزيف يف امليكانيك اإلحصائية وباستعامل‬
‫كلامت مناسبة ورموز رياضية ضمن سياق ظاهره منطقي ‪ -‬لكن علمي ًا ال معنى له ‪-‬‬
‫سيتم كشفه بشكل مبارش‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪26‬‬

‫الشكل رقم (‪ :)31‬توضح جتريب مولدة مابعد احلداثة‪.‬‬


‫‪www.elsewhere.org/pomo‬‬

‫أي خطأ بسيط يف مثل هذه املقاالت ال يمكن أن ينجو من دون أن يالحظ‪ ،‬حيث‬
‫أن وظيفة املحكمني هو التحقق من كل خطوة يف الفرضية العلمية املراد نرشها ضمن‬
‫جملة مهنية ملنع أي مسامهة مضللة‪ .‬وعىل النقيض من ذلك نجت الصحف التفكيكية ‪-‬‬
‫حيث ال يوجد يشء للتحقق منه ‪ -‬باستمرارية هذا املنهج يعتمد عىل نظام حتقق هدفه‬
‫توليد املزيد واملزيد من النصوص واألبنية التفكيكية‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪.)32‬‬


‫‪/http://kk.org/thetechnium/maps-of-knowled‬‬
‫‪27‬‬ ‫النظرية املعامرية‬

‫الشكل رقم (‪.)33‬‬


‫‪/http://www.notcot.org/post/6926/Navigate-trough-this-mountain-of-words-Really-cool-effe‬‬

‫إن النص املحكم يف التفكيكية‬


‫ال معنى له‪ ،‬عىل األقل ليس من ناحية‬
‫منطقية‪ ،‬إنه قطعة من الشعر تنتهك القدرة‬
‫البرشية عىل التعرف عىل األنامط لتكوين‬
‫الروابط املنطقية مع توظيف مصطلحات‬
‫تقنية عشوائية‪ .‬كام أشار ‪Roger Scruton‬‬

‫«التفيكيكية ‪..‬تعويذة سحرية وال يمكن‬


‫للطالسم أن تكون حجج ًا‪ .‬تتجنب‬
‫التفكيكية وجود فكرة متكاملة أو مجل‬
‫منتهية وتعتمد عىل مصطلحات حاسمة‬
‫مستمدة تأثريها من التكرار و ظهورها يف‬
‫قوائم طويلة يف مقاطع خفية‪ ،‬غرضها ليس‬
‫وصف ماهو موجود بل استدعاء ماهو غري‬
‫موجود‪ ،‬اليمكن للتعاويذ أن تعمل إن مل‬
‫الشكل رقم (‪.)34‬‬ ‫تكتسب غبش ًا غامض ًا» (‪Scruton, 2000:‬‬
‫‪http://www.designhistory.org/PostMod-‬‬ ‫‪.)pp. 141-142‬‬
‫‪ern_pages/Deconstruction.html‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪28‬‬

‫الشكل رقم (‪.)35‬‬


‫‪https://www.123rf.com/photo_17196789_abstract-word-cloud-for-deconstruction-with-relat-‬‬
‫‪ed-tags-and-terms.html‬‬

‫إن استخدام الكلامت يف سياق عاطفي هو أسلوب شائع من عبادة التلقني‪،‬‬


‫وهذه املامرسة تعزز الرسالة والطائفة‪ ،‬حيثام جتند ثلة من التعويذات عواطف العديد‬
‫من املتابعني إىل لدرجة احلمى أو من خالل اخلطب الغوغائية السياسية التي جتمع‬
‫حلفاء شغوفني‪ ،‬الرسالة تكمن يف تكوين الوالء بالتالعب العاطفي‪ ،‬فحتى بعد كشف‬
‫زيف الفالسفة التفيكيكني مازال عملهم يؤخذ عىل نحو جدي‪ ،‬حيث تتوافر كتبهم‬
‫يف متاجر اجلامعات وتقدمهم بتعليق حمرتم أو انتقاد مطول لتدعم سلطة مفرتضة هلذه‬
‫الكتب من خالل منحهم زخارف التحقيق العلمي لتحافظ عىل انطباع أهنم ذوو هيئة‬
‫صاحلة للعمل‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪.)36‬‬


‫‪/https://en.wikiarquitectura.com/building/Lou-Ruvo-Center-for-Brain-Health‬‬
‫‪29‬‬ ‫النظرية املعامرية‬

‫يطبق أتباع التفكيكية األسلوب الكالسيكي لالستيالء عىل املناصب األكاديمية‬


‫بالتسلل إىل األدب وإبعاد املنافسني‪ ،‬إنشاء أساس قوي عرب توظيف الربوباغندا‬
‫والتالعب باإلعالم ‪..‬إلخ وذلك باستخدام أسلوب التلقني جلمع األتباع الذين عادة‬
‫مايكونوا من الطالب الساخطني عىل علوم اإلنسانية ‪.‬وكام رشحها دايفد ليهمني ‪« :‬‬
‫إن الهوت التفكيكية يكفن نفسه كأرسار ضمن طقوس معقدة وصوفية أشبه باحتفال‬
‫ديني‪ ،‬إهنا مصممة إلظهار أن املثل والقيم التي نعيش وفقها ليست طبيعية وحتمية‬
‫بل اصطناعية‪ ،‬كخيار تعسفي ال سلطة له لقيادتنا ‪ .‬ومع ذلك تأيت التفكيكية كدين‬
‫بديل‪ ،‬وذلك بتوظيف مفردات غامضة هتدف إلبقاء العلامنيني يف حالة غموض دائم‪،‬‬
‫فارس التعصب املزعوم‪ ،‬مؤسسة عىل الشك وعدم التصديق جاذبة مؤمنني حقيقني‬
‫ومطالبتهم باالنغامس هبا‪)Lehman, 1991: p. 55( ».‬‬

‫الشكل رقم (‪.)37‬‬


‫‪/https://www.pinterest.com/pin/774124907119757‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫اللغات الشكلية ومفرداتها‬

‫يطرح هذا الفصل فرضية أن‬


‫البنية اهلندسية للعامرة حتدد «حيويتها»‪،‬‬
‫بحيث أن صفة «احليوية» البد أن تكون‬
‫األساس يف النقد املعامري كام تم رشح‬
‫ذاك يف الفصلني السابقني‪.‬‬
‫تأيت «احلياة» كميزة مشاهدة‬
‫داخل األبنية والفراغات العمرانية‬
‫من اهلندسة (كشكل املنشآت عىل كافة‬
‫املقاييس ومتاسكها) وكيفية اتصال‬
‫اهلندسة بالفرد‪ ،‬وهي أيضا حتفز‬
‫الشكل رقم (‪.)38‬‬ ‫التفاعالت بني الناس إن تم القيام هبا‬
‫‪https://www.pinterest.se/pin/321233385901216421‬‬
‫بشكل صحيح‪.‬‬
‫إن أسهل طريقة ملالحظة ميزة «احلياة» هي املقارنة بني أزواج من األشياء أو‬
‫اإلعدادات ‪،‬واحلكم عليها بشكل حديس عىل ّأيا يملك «حياة» أكثر‪ ،‬وبعد سلسلة‬
‫من هذه التجارب سيتضح أن مدى درجة احتواء يشء ما عىل احلياة يعود إىل شكله‬
‫اهلنديس‪.‬‬
‫‪formal‬‬ ‫ولكن مشاهدة «احلياة» يف األشكال ال متت بصلة إىل اهلندسة التقليدية‬
‫‪ ،geometry‬بل تنشأ من التكوينات والتعقيدات واألنامط يف حالة ما‪ ،‬ويف كثري من‬
‫‪31‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪32‬‬

‫الشــكل رقــم (‪ :)39‬ديكــور داخــي ملنــزل ‪ Horagolla‬مــن تصميــم ‪ Geoffrey Bawa‬كمثــال‬


‫لتــازج اللغــة الشــكلية ‪ form language‬واتصاهلــا مــع اللغــة النمطيــة ‪Pattern Language‬‬
‫‪/https://www.pinterest.com/pin/538532067920339228‬‬

‫األحيان من جتاور غري متوقع وناجح لألشكال‪ ،‬بحيث يتطور هذا التجاور عرب الوقت‬
‫واليكون خمطط ًا له يف البدء‪.‬‬
‫إن شكل البناء هو نتيجة تطبيق لغة شكلية حمددة خمتارة من قبل املعامري‪ ،‬وهو‬
‫ما سيحدد إىل درجة كبرية االستجابة العاطفية والفيزيائية للمستخدم‪ ،‬وهذه اللغة‬
‫الشكلية قد هتدف إىل إعزاء أمهية قصوى لـ»احلياة» يف املبنى‪ ،‬من ناحية أخرى قد يكون‬
‫هلا غايات خمتلفة تعتمد عىل تفضيالت املعامري الذي يوظفها أو يكوهنا‪.‬‬
‫حتوي اللغة الشكلية العنارص األساسية ‪ :‬األرضيات‪ ،‬اجلدران‪ ،‬األسقف‪،‬‬
‫األحجام وتقسيامهتا‪ ،‬النوافذ‪ ،‬املواد‪ ،‬الزخارف وقواعد مجعها‪ ،‬إن التكوين املعامري‬
‫ضمن سياق لغة شكلية حمددة ُيمكن التصميم ضمن هذا املصطلح‪.‬‬
‫كل عامرة تقليدية هلا لغة شكلية خاصة هبا ‪-‬وبشكل أدق‪ -‬هلا جمموعة من اللغات‬
‫املتصلة ببعضها‪ ،‬كون تطور اللغات كان عرب وجود اختالفات عرب الزمان واملكان «حملية‬
33 ‫اللغات الشكلية ومفرداهتا‬

.)40( ‫الشكل رقم‬


http://www.newworldencyclopedia.org/entry/H%C5%8Dry%C5%AB-ji

.)41( ‫الشكل رقم‬


https://www.britannica.com/place/Colmar
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪34‬‬

‫التصميم‪ ، »locality/‬إن اللغة تعتمد عىل‬


‫املناخ واملواد املحلية‪ ،‬كام أهنا استمرارية‬
‫للفنون التقليدية واملامرسات االجتامعية‬
‫والثقافة املادية‪ .‬تتكيف العامرة مع لغتها‬
‫الشكلية ومتتزج مع اللغة النمطية كام مجيع‬
‫اللغات التقليدية املتطورة‪ ،‬ومع ذلك قد‬
‫حتوي اللغة الشكلية غايات أخرى غري‬
‫تكيفية‪.‬‬
‫شهد القرن العرشين ظاهرة جديدة‬
‫‪ :‬انفصال اللغات الشكلية عن اللغات‬
‫النمطية‪ ،‬هذه اللغات الشكلية مل تعد جزء ًا‬
‫من النظام التكيفي للعامرة وأصبحت‬
‫الشكل رقم (‪.)42‬‬
‫‪http://indulgy.com/post/jGBTq9W1l3/si-‬‬ ‫كيانات مكتفية ذاتي ًا ‪،‬وقد أيدت من قبل‬
‫‪di-bou-said-tunisia‬‬
‫معايري فنية وسياسية وفلسفية‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪.)43‬‬


‫‪http://www.alriyadh.com/581604‬‬
‫‪35‬‬ ‫اللغات الشكلية ومفرداهتا‬

‫تنبثق ظاهرة أخرى عندما ال‬


‫تتجذر املامرسة املعامرية ضمن لغة‬
‫نمطية ؛وهي استبدال األنامط املتطورة‬
‫(املتعايشة مع احلياة البرشية وعاطفيتها)‬
‫بنقيضها وهو مايدعى بالالنمطية‬
‫(‪ )Antipattern‬والتي قد تكون خمتلة‬
‫وتسبب القلق والضيق الفيزيائي‪.‬‬
‫تستطيع اللغة الشكلية أن تربط نفسها‬
‫بالالنمطية لكن ذلك بالطبع الجيعلها‬
‫متكيفة‪.‬‬
‫يمكن دراسة اللغة الشكلية‬
‫بشكل منفصل عن صلتها باللغة‬
‫النمطية‪ ،‬قد حتتوي اللغة الشكلية عىل‬
‫درجات خمتلفة من التعقيد الداخيل‪.‬‬
‫كام هي اللغة املكتوبة واملحكية‪ .‬تتميز‬
‫اللغات الشكلية بحجم مفرداهتا وثراء‬
‫قواعد مجعها «‪»combinatoric rules‬‬
‫لتوليد تعبريات جديدة متكيفة مع‬
‫الوضع احلايل والذي قد يكون حديث ًا‪.‬‬
‫أو قد تكون اللغة الشكلية بدائية جد ًا‬
‫بمفردات وقواعد مجع حمدودة‪.‬‬
‫إن لغة شكلية حمددة قد تكون‬
‫الشكل رقم (‪.)44‬‬ ‫ضعيفة تكيفي ًا لكنها جذابة برصي ًا‪،‬‬
‫‪https://www.boundless.com/art-history/textbooks/‬‬
‫‪boundless-art-history-textbook/global-art-since-‬‬ ‫وهذه امليزة كافية لضامن بقائها يف‬
‫‪1950-ce-37/modern-architecture-236/modern-ar-‬‬
‫‪/chitecture-839-10850‬‬ ‫املجتمع املعارص وخاصة بعد ثورة‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪36‬‬

‫االتصاالت‪ ،‬ومن املشكوك فيه ما‬


‫إذا كان هذا قد حدث ذلك يف جمتمع‬
‫تقليدي تارخيي بقلة موارده‪.‬‬
‫وعىل النقيض من العصور‬
‫التارخيية‪ ،‬تتعامل الثقافة االستهالكية‬
‫العاملية مع اللغة الشكلية كمنتج‬
‫جتاري‪ .‬وبالتايل يعتمد نجاحها عىل‬
‫اسرتاتيجيات تسويق منارصهيا‪،‬‬
‫واألرباح التي سيجنيها مطبقيها‪ .‬أما‬
‫قابلية التكيف فال تدخل هذه املعادلة‪.‬‬
‫متوت وحتيا اللغة الشكلية اعتامد ًا‬
‫عىل اعتبارات شائعة ‪:‬‬
‫‪ 1.1‬شخص ما يقرر استخدام لغة‬
‫شكلية ما ملبنى جديد‪.‬‬
‫‪ 2.2‬تقدير املجتمع للغات شكلية‬
‫قديمة بشكل ٍ‬
‫كاف لعزل أمثلتها‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪.)45‬‬ ‫قد تبنى القرارات املتخذة عىل‬


‫‪https://structurae.net/structures/seagram-build-‬‬
‫مبنى جديد عىل قيمته التكيفية ومدى‬
‫‪ing‬‬
‫إحساس الناس بالراحة داخله مع‬
‫سهولة استخدامه ‪ ،‬وكونه بيئة أثبتت زيادة إنتاجية األفراد فيها وإثبات متانة املواد‬
‫وإمكانية إعادة استخدامها‪ ،‬أو ربام يستخدم زبون ما دوافع خمتلفة‪ ،‬كالقيمة التسويقية‬
‫الظاهرة وإعادة استخدام املبنى حتت تصنيف جتاري ناجح يف املضاربة‪ ،‬وخفض‬
‫التكاليف وحتقيق أقىص مساحة لالستخدام ‪..،‬الخ أيضا عامل حاسم آخر أال وهو‬
‫اجلمود القادم من البريقراطية كجزء ال يتجزأ من جمال البنوك والبناء والتأمني التي‬
‫‪37‬‬ ‫اللغات الشكلية ومفرداهتا‬

‫الشكل رقم (‪.)47‬‬ ‫الشكل رقم (‪.)46‬‬


‫‪http://www.arch2o.com/royal-ontario-muse-‬‬ ‫‪http://urbsite.blogspot.com/2009/06/mug-‬‬
‫‪/um-studio-daniel-libeskind‬‬ ‫‪ging-on-mcleod.html‬‬

‫تقاوم أي تغيري تقني يف طرقهم املتبعة عند التعامل مع اهلندسة املعامرية والبناء‪.‬‬
‫أما العامل اآلخر الذي يواجه املحافظني فيه عىل هتديدات حيث يف كل جيل‬
‫تنطلق صفارات اإلنذار إلعطاء املباين القديمة واملساحات احلرضية كعملية شد الوجه‬
‫ملتابعة املوضات اجلديدة‪ ،‬فاملجتمعات‬
‫البرشية عىل مايبدو تتلهف لكل جديد‬
‫ومعارص وتقرر عىل أساسه ماهي‬
‫التضحيات املقدمة يف سبيل السعي هلذه‬
‫الرغبة‪.‬‬
‫بوضع سؤال التكيف جانب ًا‪،‬‬
‫من الرضوري جد ًا فهرسة وتصنيف‬
‫اللغات الشكلية‪ ،‬فاملبنى املفرد أو‬
‫جمموعة املباين أو أعامل معامري ما‬
‫أو حركة معامرية بأمجعها تعتمد عىل‬
‫لغة شكلية‪ ،‬وحقيقة أنه تم بناءه متدنا‬
‫باملعلومات عن ماهية هذه اللغة‪،‬‬
‫الشكل رقم (‪.)48‬‬
‫‪http://www.almoofta7.com/vb/showthread.‬‬ ‫فيستطيع أن يستخرج معامري آخر هذه‬
‫‪p hp ?t=235 8 4 6 # . W M 2 Af _ m G PI U‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪38‬‬

‫اللغة من خالل دراسة أمثلة مبنية‪ .‬ويف‬


‫حاالت نادرة يكتب املعامري قواعد‬
‫اللغة الشكلية التي استخدمها حتى‬
‫تصبح سهلة التطبيق لشخص آخر‪،‬‬
‫لكن أغلب األوقات جيب أن تستمد‬
‫هذه القواعد من املباين نفسها‪.‬‬
‫قد يتعلم املعامري لغة شكلية‬
‫ثم يقوم بتطبيقها عىل عدد كبري من‬
‫املباين دون تغيري اللغة بأي شكل من‬
‫األشكال‪ ،‬أو قد يغري معامريون آخرون‬
‫اللغة بإدخال اختالفات خاصة هبم إىل‬
‫الشكل رقم (‪.)49‬‬ ‫درجة معينة والتي قد تكون متكيف ًة أم‬
‫‪h t t p s : / / w w w . p i n t e r e st . c o m /‬‬ ‫ال‪ .‬وآخرون مايزالون خيرتعون لغة‬
‫‪/p i n / 4 3 3 4 0 1 1 6 4 1 1 0 5 2 7 0 7 8‬‬
‫شكلية خاصة هبم حتى تصبح مبانيهم‬
‫«عالمة جتارية» وهذا ما يساعد عىل حتقيق النجاح يف عرص العالمات التجارية‪.‬‬
‫يمكن لبعض املهندسني املعامريني من خالل حياهتم املهنية التحول من لغة‬
‫شكلية ألخرى ‪ ،‬من لغات شكلية تطورت تقليديا‪ ،‬أو تلك التي كانوا هم أنفسهم قد‬
‫اخرتعوها‪ .‬هلذا السبب‪ ،‬فإنه ليس من املمكن دائام لتعريف مهندس معامري ما مع لغة‬
‫شكل حمددة‪.‬‬
‫مجيع اللغات الشكلية تطورت بالتزامن مع التصميم املتكيف مع بيئته‪ ،‬وهذا ما‬
‫أمكننا أن نفرتض وجود درجة من التعقيد بداخلها‪ ،‬كام كل اللغات البرشية املشرتكة يف‬
‫تعقيدها الكامن والذي يسمح بتنوع التعبري‪ ،‬أما اللغات األحدث ال تتبع عىل أية حال‬
‫أي من هذه القيود‪ .‬وهناك الكثري من األمثلة من اللغات الشكلية منذ القرن العرشين‬
‫التي انخفضت فيها درجة التعقيد ويعود ذلك لسببني متصلني ‪ -1 :‬تم اخرتاع اللغة‬
‫ولكنها مل تتطور ‪ -2‬مل تتكيف مع لغة نمطية‪.‬‬
‫‪39‬‬ ‫اللغات الشكلية ومفرداهتا‬

‫سوف أستخدم مقاربة من علم‬


‫اآلحياء لتوصيف العامرة ولغتاها‪ ،‬نحن‬
‫نعترب اللغة النمطية كاجلزء االستقاليب‬
‫من الكائن احلي (العمليات احليوية التي‬
‫هتدف إلنتاج الطاقة)‪ ،‬أما اللغة الشكلية‬
‫هي اجلزء املتكرر من بنية الكائن‬
‫(االستنساخ أوالتكاثر) والعامرة إذن‬
‫هي مايعرف هنا بعملية احلياة (سأزيد‬
‫عىل هذا فيام بعد)‪ ،‬فالبرش يتفاعلون مع‬
‫املباين بغرض استخدامها وإصالحها‬
‫بعملية مشاهبة لالستقالب احليوي‪.‬‬
‫الشكل رقم (‪.)50‬‬
‫‪http://www.archdaily.com/447456/unified-archi-‬‬ ‫إن وظيفة اللغة الشكلية هو‬
‫‪tectural-theory-chapter-3/527a83e7e8e44e865400‬‬
‫‪00de-unified-architectural-theory-chapter-3-pho-‬‬
‫االهتامم بالعملية التناسخية‪ ،‬فتنجو‬
‫‪to‬‬ ‫أنواع العامرة فقط عن طريق توليد‬

‫الشكل رقم (‪.)51‬‬


‫‪http://www.fotoartbook.com/?p=59720‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪40‬‬

‫الشكل رقم (‪.)52‬‬


‫‪https://www.theodysseyonline.com/the-benefits-of-renewable-energy‬‬

‫النسخ مع تنويعاهتا باستخدام لغة شكلية حمددة‪ ،‬متاما كام حيدث يف الكائنات احلية‬
‫لتستمر‪ ،‬ولكن الكائن املستنسخ ال حيتاج دوما أن يستقلب‪ .‬فالفريوسات مثال (عامل‬
‫عضوي نصف حي) هي بنى مستنسخة ال تستقلب ‪،‬وهذا يعود إىل قلة تعقيدها وبالتايل‬
‫تستطيع أن تنسخ نفسها بفعالية أكثر من البنى األعقد التي حتتاج االستقالب‬
‫إن هذه الدورة هتدف لتقديم نظرية معامرية أصلية‪ ،‬كام املفاهيم التي ندرسها‬
‫تولد تنبؤات يمكن التحقق منها‪ .‬البنى البسيطة تستطيع أن تتكاثر أرسع إىل أن حتل حمل‬
‫البنى األعقد‪ ،‬وبالطبع يطبق هذا املثال عىل اللغات الشكلية املبسطة ‪ -‬مستخدمة نامذج‬
‫ومواد صناعية منذ القرن العرشين ‪ -‬مستبدلة لغات شكلية كانت تكيفية ‪ -‬وبالتايل‬
‫أكثر تعقيد ًا‪ -‬وهناك ظاهرة أخرى أصبح لدهيا اآلن نوع ًا من التفسري‪ :‬ملاذا اليتم تعليم‬
‫اللغة النمطية بشكل اعتيادي يف املدارس املعامرية‪ ،‬والسبب يف ذلك هو ظهور لغات‬
‫احلداثة التي التتزاوج مع اللغة النمطية‪ ،‬وبالتايل التويل املهن املركزة حرص ًا عىل احلداثة‬
‫أي اهتامم هلذه اللغة‪.‬‬
‫‪41‬‬ ‫اللغات الشكلية ومفرداهتا‬

‫حتدد اللغة النمطية تكيف البرش مع املباين وتكيف املباين مع الطبيعة‪ ،‬ولكن من‬
‫أجل تكوين بيئة مبنية مستدامة جيب أن تأخذ اللغة نمطية مرة أخرى موقعها املركزي‬
‫يف اهلندسة املعامرية‪ .‬إن اللغات الشكلية يف القرن العرشين كانت ومازالت ذات نجاح‬
‫تسويقي باهر‪ ،‬فقد ولدت مبيعات هائلة وأرباح مع شهرة عالمتها التجارية للمعامريني‬
‫والبنائيني الذين يستخدموها ‪ ،‬ولكن ذلك اليعني أهنم يضعون املستخدم والبيئة يف‬
‫عني االعتبار‪ ،‬يف الواقع الذي أنجح هذه اللغات هي املواد الصناعية اجلديدة التي‬
‫سمحت ملجازات أوسع وارتفاعات أعىل كام حدث يف أواخر القرن التاسع عرش‪،‬وهذا‬
‫العامل أشبه بالعوامل التي طورت عامرة ماقبل التاريخ وليس هلا أي عالقة بشخصية‬
‫«مظهر» احلداثة‪.‬‬
‫اليوم مع االهنيار البيئي الذي يلوح باألفق أصبحت مواقفنا أقل حتيز ًا للتوجه‬
‫الربحي الرسيع ‪،‬أو إفادة ثلة من األفراد أو جمموعات صغرية‪ ،‬نحن قلقون حق ًا عىل‬
‫االستدامة‪ ،‬ليس كإضافة فحسب‪ ،‬ولكن من أجل املجتمع بأمجعه‪ .‬إن التواصل مع‬
‫االحتياجات العميقة لإلنسان والنظام الطبيعي عاد بنا مرة أخرى لوضع اللغة النمطية‬
‫حتت عني االعتبار‪ ،‬ونريد أن نتمكن من التمييز بني اللغات الشكلية املتصلة بالطبيعة‬
‫من تلك التي هي جمرد موضة أو رمز من رموز النجاح‪ ،‬فهذه الرموز مرتكزة عىل معايري‬
‫وضعت من قبل آخرين‪ ،‬لكن هذه املعايري التعرب عن قيم إنسانية عميقة‪.‬‬
‫الفصل الرابع‬

‫تعقيد اللغات الشكلية مع الئحة بمفرداتها‬

‫يتواجد كم هائل من الكتابات‬


‫ملعامريي بدايات القرن العرشين‪ ،‬ومن‬
‫خالهلا نستطيع أن نبحث عن اللغات‬
‫الشكلية للحداثة‪ ،‬ولألسف يتضح لنا قلة‬
‫الكمية املفيدة من املواد النظرية‪ ،‬ومعظمها‬
‫التصف لغة شكلية بل باألحرى تكون‬
‫تسويقية وإعالنية ذات طبيعة سياسية‪،‬‬
‫ومايزيد عىل ذلك أن اللغات الشكلية‬
‫الشخصية تُقدم عىل أهنا نظريات عامة‪،‬‬
‫توجهنا بثقل األخالق العاملية ملايتوجب‬
‫الشكل رقم (‪.)53‬‬ ‫فعله وعدم فعله‪ ،‬مع اهنم مؤسسني بشكل‬
‫_‪http://design-net.biz/houseplans/mies_brick‬‬ ‫حمض عىل أراء شخصية ال عىل مالحظات‬
‫‪country_house_plan.html‬‬
‫جتريبية أو دراسة منهجية‪.‬‬
‫« ‪Naum‬‬ ‫وهنا قائمة ببعض ماوجدته من القواعد حمددة من قبل من قبل األخوين‬
‫‪ ‘‘ Gabo and Antoine Pevsner» 1920‬إرفض الكتل واحلجوم املغلقة وصمم الفراغ‬
‫من اخلارج‪ ،‬إرفض األلوان واحرصخياراتك بألوان املواد البناء الطبيعية وارفض مجيع‬
‫الزخارف»‬

‫‪43‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪44‬‬

‫مس فان ديره ‪« 1923‬افتح املساقط من الداخل‪ ،‬احرص املواد البناء باالسمنت‬
‫واحلديد والزجاج‪ ،‬استخدم فقط الستارات الزجاجية واخلرسانة املسلحة ‪ -‬ال‬
‫إلنشاءات بجدران حاملة‘‘‬
‫لوكوربزيه ‪« 1927‬إرفع املبنى مع أساسه من األرض ليقف عىل أعمدة‪ ،‬يسمح‬
‫فقط بالستارات الزجاجية ويتوجب عىل األسقف أن تكون مسطحة‪ ،‬النوافذ فقط أفقية‬
‫ومتتد من عامود حامل آلخر مماجيعلها واسعة للغاية‬
‫هذه القواعد من اللغة الشكلية للحداثة تقف عىل النقيض من اللغات الشكلية‬
‫التقليدية‪ ،‬وهذا بالطبع ليبدو املنتج خمتلف بشكل ملحوظ من األبنية التقليدية التي‬
‫أقيمت قبل القرن العرشين وهذا «الشكل اجلديد ‪ »New look‬جزء من اللغة الشكلية‬
‫للحداثة عندما تم تقديمها ألول مرة من دون نقاش مزايا احلداثة ومشتقاهتا هنا‪،‬‬
‫يتضح اليوم االنجذاب للعوملة ورفض مجيع التكيفات االقليمية‪ ،‬وهناك أيض ًا دافع‬
‫قوي للطعن بأية عنارص فقط ألهنا تنتمي للغة شكلية تقليدية ‪ :‬حتول املرء ضد تقاليده‬
‫الثقافية يف سبيل االبتكار‪.‬‬

‫الشــكل رقــم (‪ :)54‬تظهــر فيــا ســافواي قواعــد لوكربوزيــة للعــارة‪ :‬إرفــع املبنــى مــع أساســه‬
‫مــن األرض ليقــف عــى أعمــدة‪ ،‬يســمح فقــط بالســتارات الزجاجيــة ويتوجــب عــى األســقف أن‬
‫تكــون مســطحة‪ ،‬النوافــذ فقــط أفقيــة ومتتــد مــن عامــود حامــل آلخــر مماجيعلهــا واســعة للغايــة ‪.‬‬
‫‪http://www.archzaher.com/2016/02/villa-savoye-le-corbusier.html‬‬
‫‪45‬‬ ‫تعقيد اللغات الشكلية مع الئحة بمفرداهتا‬

‫تكيف جمتمعنا مع اللغة الشكلية للحداثة وطبقها عىل عدد هائل من األبنية‬
‫ولذلك نسينا ذخريتنا من اللغات الشكلية القديمة والتقليدية وهذا ما يمثل خسارة‬
‫كبرية يف األساس املعريف للهندسة املعامرية‪ ،‬ال ينبغي عىل أي جمتمع عقالين رمي‬
‫معلومات عملية إال يف حال إثبات خطأئها أو عدم جدواها‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪.)55‬‬

‫مل يتم اكتشاف أي خطأ يف‬


‫اللغات الشكلية األقدم‪ ،‬ويف الواقع‬
‫كانت متتلك ميزات تكيفية مكونة بيئات‬
‫ممتعة وعملية ومرحية للعيش والعمل‪.‬‬
‫نقرتح أن يتعلم املعامري مجيع اللغات‬
‫الشكلية حيث بضع هذه اللغات قد‬
‫تكون أكثر صلة ملكان ما عن غريها مما‬
‫الشكل رقم (‪.)56‬‬ ‫يشكل دعوة لعودة محيدة نحو اإلقليمية‬
‫‪https://de.wikipedia.org/wiki/Neue_Nationalgal-‬‬ ‫ألن هذا ماسيقودنا لالستدامة‪.‬‬
‫‪erie‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪46‬‬

‫الشكل رقم (‪.)57‬‬


‫‪http://alamree.com/apic_10.htm‬‬

‫عند اختاذ قرار توظيف لغة شكلية قديمة لتصميم مبنى اليوم‪ ،‬للمعامري خيار‬
‫هنا ‪ :‬إما أن يستخدم هذه اللغة بشكلها األصيل أو يطورها عن طريق إضافة حتسينات‬
‫أو يقوم بالتوفري عن طريق مواد بناء أحدث‪ ،‬وللمعامريني أيضا اخليار إلضافة عنارص‬
‫مبتكرة من ابتكارهم إال إن تم تكليفهم بتصميم ضمن لغة شكلية حمددة‪.‬‬
‫تتطور اللغات الشكلية عرب الوقت‪ ،‬متاما كاللغة املكتوبة واملنطوقة‪ ،‬فالتغيري أمر‬
‫طبيعي‪ .‬ما هو غري طبيعي تراجع حاد فيها‪ .‬من املهم جد ًا عند تعديل لغة شكل معامري‬
‫أن ال تفقد قوهتا التعبريية والتكيفية‪ .‬وبغية حتقيق هذا اهلدف‪ ،‬جيب أن يبدأ املهندس‬
‫املعامري من احرتام عميق ملا يمثله تطور الشكل التقليدي اللغات‪.‬‬
‫بإجراء دراسة متعمقة وحتليل للغة شكل حمددة سيؤهلك الستخدامها‬
‫كأداة تصميمية‪ ،‬وذلك عن طريق فهم كيفية نشوء تصميم ما من توافقية هيكل لغة‬
‫«‪ »linguistic‬األشكال‪ .‬إذا و ّثق الطالب بدقة وبشكل صحيح لغة شكلية ما‪ ،‬سيمكنه‬
‫من استخدامها لتصميم مبنى جديد متام ًا‪ .‬وحيدد مقياس النجاح إذا كان رأى املراقب‬
‫أن التصميم اجلديد يشبه األصيل بام يكفي العتباره ناشئ عن نفس اللغة‪ .‬أريد إهناء‬
‫‪47‬‬ ‫تعقيد اللغات الشكلية مع الئحة بمفرداهتا‬

‫الشكل رقم (‪ :)58‬فيال هاندال للمعامري راسم بدران ( مطور للغة شكلية اقدم )‪.‬‬

‫املامرسة الشائعة املتمثلة يف الطالب عند نسخ املباين من الصور مبارشة‪ ،‬والتي تعرب عن‬
‫غباوة وقلة اإلبداع عىل حد سواء‪ .‬فالطريقة الصحيحة للتصميم ضمن لغة معينة هو‬
‫استخراجها وتوثيقها من مثال أو أكثر من املباين ‪ ،‬ثم استخدم لغة الشكل هذه لتصميم‬
‫مبنى جديد‪.‬‬
‫إن عملية توثيق لغة شكل ما هي جتربة تعليمية‪ .‬فبداي ًة‪ ،‬هذه العملية تكشف‬
‫عن مدى تعقيد اللغة‪ :‬فكم من عدد الكلامت (والرسومات التخطيطية) مطالبون حتى‬

‫الشكل رقم (‪ :)59‬دراسات راسم بدران للنسيج العمراين للعشوائيات يف االردن‬


‫‪http://ar.theasian.asia/archives/10693‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪48‬‬

‫نستطيع وصفها حتى نستطيع تطبيقها فيامبعد لتصميم يشء ما‪ .‬وهناك مقياس بسيط‬
‫جد ًا للتعقيد يمكن أن نتبعه هنا‪ .‬ويدعى ‪ Kolmogorov-Chaitin‬تعقيد كوملوغوروف‪-‬‬
‫شياتن وهو بالتعريف «احلد األدنى لطول واصف النظام‪ ».‬أو «طول الرمز املعرب»‬
‫دون التكرار‪ ، .‬سيكون ذلك بالنسبة للغات الشكلية عن طريق تعداد الكلامت من‬
‫القائمة املرجعية املكتملة اخلاصة بك « ‪[ » form language checklist‬سيتم توفري قالب‪/‬‬
‫‪template‬الحق ًا يف هذا الفصل]‪.‬‬
‫سيفتح هذا املقياس لتعقيد اللغات الشكلية أبعادا جديدة لفهم العامرة‪ .‬فتلبية‬
‫احتياجات املستخدمني‪ ،‬والتكيف للمناخ‪ ،‬واملنطقة‪ ،‬واملواد ستجعل لغة الشكل أكثر‬
‫تعقيد ًا‪ ،‬وذلك بسبب وصفها بعدد الكلامت أكثر‪ .‬ويف الواقع‪ ،‬إن النظم التي يف غاية‬
‫الرتتيب والعشوائية ستكون معقدة‪ ،‬ولكن بطريقة خمتلفة‪ .‬وسوف ندرس هذا التمييز‬
‫يف وقت الحق‪ .‬سنالحظ اآلن أن تعقد لغة الشكل ال ينطوي بالرضورة عىل مدى‬
‫تكيفه‪ ،‬وسوف نبحث عن عالقة بني تعقيد كوملوغوروف‪-‬شياتن والتكيف عىل‬
‫املستوى اإلقليمي فيامبعد‪.‬‬

‫الشــكل رقــم (‪ :)60‬مثــال لتبســيط مفهــوم كوملغــروف شــياتن ملقارنــة درجــة التعقيــد بــن‬
‫االشــكال‬

‫هذا النموذج أيضا يسمح لنا بمقارنة اللغات الشكلية يف غاية االختالف من‬
‫حيث تعقيدها‪ .‬حيث ال يمكن مقارنة لغات الشكل برصي ًا‪ ،‬نظر ًا ألنه «صوري ًا» ستكون‬
‫خمتلفة جد ًا‪ ،‬ولكن بدالً من ذلك سيتم مقارنتها من حيث تعقيدها العام‪.‬‬
‫‪49‬‬ ‫تعقيد اللغات الشكلية مع الئحة بمفرداهتا‬

‫الشكل رقم (‪ :)61‬مثال لتحليل التعقيد حسب نظرية الكسندر‪.‬‬


‫‪http://zeta.math.utsa.edu/~yxk833/life.carpet.html‬‬

‫تنطوي اإلقليمية التقليدية عىل التكيف مع املواد املحلية واملناخ والثقافة‬


‫واملامرسات االجتامعية‪( .‬وسوف نناقش الحق ًا إمكانية اجلمع بني النزعة اإلقليمية‬
‫مع احلداثة يف القرن العرشين‪ ).‬وباستخدام النموذج لقياس مدى تعقيد لغة الشكل‬
‫من خالل عدد الكلامت املستخدمة للوصف اللفظي‪ ،‬سيمكننا التحقق من أن كيفية‬
‫التكيف مع املامرسات املحلية و الثقافة البنائية سيتطلب وصف ًا أطول أو أقرص من‬
‫عملية التصميم‪ .‬و بتجربتنا البدهيية سيؤدي بنا القول أن التكيف األفضل لالحتياجات‬
‫املحلية سيتطلب وصف ًا أطول‪.‬‬
‫اللغة الشكلية ماهي إال وصفة من وصفات إلنشاء النظام اهليكيل‪ ،‬واملنتجات‬
‫اخلاصة بكل لغة هلا مظهر مميز‪ .‬يف قلب كل اللغات املنطوقة أو املكتوبة جمموعة من‬
‫القواعد املشرتكة‪ .‬يمكن أن ننظر هلذه القواعد العامة يف العلوم األخرى لفهم التقارب‬
‫بني األنامط املعامرية املميزة برصي ًا‪.‬‬
‫أدخلت بعض القواعد إلنشاء نظام هيكيل للمساعدة يف رشح نظرية ألكسندر‬
‫يف التصميم املتكيف‪،‬والتي علينا أن ندرسها يف وقت الحق‪ .‬هذه القواعد مأخوذة من‬
‫الفيزياء‪ ،‬ال من العامرة‪ ،‬وهي نعنى بإقامة زاوية مفيدة لتحليل اللغات الشكلية‪ .‬وهي‬
‫متثل وسيلة لتحقيق اتساق األشكال‪.‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪50‬‬

‫ويقرتح ثالثة قوانني للهندسة املعامرية‪ )1( :‬ترتيب أصغر مقياس يتكون‬
‫من أزواج من العنارص املتناقضة‪ )2( .‬عىل مقياس كبري تتعاون العنارص مع بعضها‬
‫للحد من العشوائية‪ )3( .‬املقياس الصغري متصل مع الكبري من خالل تسلسل هرمي‬
‫للمقاييس الوسيطة‪،‬وذلك باستخدام نسبة قياس تقدر بـ ‪.e ≈ 2.7‬‬
‫دعونا نرى النتائج املرتتبة عىل‬
‫هذه القواعد خللق نظام متامسك‪ .‬إن‬
‫املقياس األصغر بحاجة إىل عنارص‬
‫حمددة حتديد ًا جيدا حتى يتسنى هلا‬
‫التزاوج‪ .‬وال يمكن أن تكون فارغة‬
‫متام ًا‪ .‬إن اإلقرتان يتحقق عن طريق‬
‫تعاشيق هندسية والتناقض‪ .‬ثم فإنه‬
‫كلام كان هناك تكرار‪ ،‬سيكون عن‬
‫طريق تكرار األزواج‪.‬‬
‫يتم تقليل العشوائية‬
‫الشــكل رقــم (‪ :)62‬دراســة لراســم بــدران توضــح‬ ‫باستخدام التناظر بجميع أنواعه‬
‫اســلوبة يف توثيــق اللغــة ممــا يرجــح للقــول انــة كــون‬ ‫‪ :‬التكرار‪ ،‬واملحاذاة أو التناظر‬
‫انطبــاع عــن العنــارص التقليديــة وكيفيــة تكرارهــا‬ ‫االنتقايل ‪، translational symmetry‬‬
‫عــر الرســم‪.‬‬
‫االنعكاس‪ ،‬والتناوب‪ ،‬والتناظرات‬
‫‪https://alchetron.com/Rasem-Badran-150583-W‬‬
‫املنزلقة (نعني هبا التناظر االنتقايل‬

‫الشكل رقم (‪.)63‬‬


‫‪51‬‬ ‫تعقيد اللغات الشكلية مع الئحة بمفرداهتا‬

‫واملنعكس بآن واحد)‪ .‬والقصد هنا أن‬


‫نكون قادرين عىل اختبار اهليكل ككل‬
‫واحد‪ ،‬بدالً من أن نحسب حساب لكل‬
‫مكون فردي بشكل منفصل‪ .‬املكونات‬
‫عىل نفس املقياس مرتبطة باستخدام‬
‫تناظرات مشرتكة‪ ،‬بينام تلك التي عىل‬
‫مقاييس خمتلفة ترتبط عن طريق مقاييس‬
‫متناظرة‪.‬‬
‫نظر ًا لوجود هذه القواعد يف‬
‫سياق نظرية حمددة للتصميم‪ ،‬ستكون‬
‫الشكل رقم (‪.)64‬‬ ‫مفيدة يف تأليف اللغات الشكلية‪.‬‬
‫‪http://shop.saia2z.com/index.php/vegetables/ev-‬‬
‫‪eryday/curry-leaves.html?limit=20&mode=list‬‬ ‫عىل سبيل املثال‪ ،‬البحث عن التكرار‬
‫وتناقض العنارص (املتزاوجة) يف‬
‫مقاييس صغرية‪ .‬انتبه ملا حيدث يف العديد من مقاييس املختلفة‪ .‬ابحث عن املتناظرات‪،‬‬
‫أو غياهبا يف أماكنها املتوقعة‪.‬‬
‫تم توعيتنا أيضا عربهذا اإلطار لالعرتاف باإلطارات واحلدود يف اللغات‬
‫الشكلية‪ .‬من النادر أن جتد يف األبنية والتصاميم التقليدية اثنني من العنارص اهليكلية‬
‫مع ًا دون شك ً‬
‫ال من أشكال التقليم أو املناطقية املتوسطة أو احلدود‪ .‬هذا ما تم ألغاؤه يف‬
‫لغة الشكل التقليلية ‪ minimalist form language‬التي ألفنا عليها‪ ،‬ولذا ينبغي إال نغفل‬
‫احلدود ‪ -‬التي تظهر يف مجيع لغات الشكل التقليدي ‪ -‬اآلن‪.‬‬
‫يف الواقع يتم توليد اللغات الشكلية الغري متكيفة عرب قواعد بسيطة نوعا ما‪.‬‬
‫عىل سبيل املثال‪« ،‬إنشاء شكل منحوت بربنامج كمبيوتر ثم إنشاؤه كمبنى‪ »،‬أو «نجعد‬
‫قطعة من الورق ثم بناء عىل شاكلتها مبنى «‪ ،‬أو «رسم خربشات عىل قطعة من الورق‬
‫ثم بناء عليها منشأة»‪ .‬هذه أوصاف ألفكار ببضع كلامت فقط‪ .‬إال أهنا معتمدة من قبل‬
‫بعض اللغات الشكلية الصناعية‪ ،‬عىل سبيل املثال ‪ ،‬حلظائر املستودعات أو الطائرات‪،‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪52‬‬

‫إلنجاز هذه املهمة ‪ -‬إال أن نموذج‬


‫ملنحوتة ال تكفي جلعلها رسومات‬
‫تنفيذية للمقاول‪ .‬تعمل هذه القواعد‬
‫املخترصة جنب ًا إىل جنب مع لغة شكل‬
‫املتقدمة‪ .‬والنتيجة مبنى بتوصيف معقد‬
‫للغاية‪.‬‬
‫قاعدة موجزة أخرى يمكن أن‬
‫تولد لغة شكل معقدة هي عمل عكس‬
‫أو نقيض لغة شكل موجودة‪ .‬وهذا‬
‫مرة أخرى سيتطلب لغة شكل متقدمة‬
‫ليتم بناء عليها‪ .‬يمكننا أن نتخيل‬
‫الوصفات مثل‪« :‬عكس التسلسالت‬
‫الشكل رقم (‪.)65‬‬
‫‪http://observer.com/2011/09/frank-gehry-regrets-‬‬
‫اهلرمية للمقاييس»‪ ،‬أو «القضاء عىل‬
‫‪/his-guest-appearance-the-simpsons‬‬
‫‪http://www.startimes.com/?t=15883764‬‬
‫خطوط مستقيمة»‪ ،‬أو «حتطيم احلجوم‬
‫إىل احلد كبري قبل أن تصبح غري صاحلة‬
‫للسكن»‪ ،‬أو «إمالة اجلدران لقطع خطوط قطرية للنوافذ‪ .‬هذه القواعد بسيطة تغري لغة‬
‫شكل موجودة تغيري ًا جذري ًا‪ ،‬وتنشئ مباين معقدة مستجيبة لنداء احلداثة‪.‬وعىل خالف‬
‫ذلك‪ ،‬يمكن ملهندس معامري تبسيط لغة شكل موجودة جذري ًا بالقاعدة «جرد كل يشء‬
‫باستثناء اهليكل الداعم»‪ ،‬مما يقلل من مدى تعقيدها‪.‬‬
‫ليس يف عادة املهندسني املعامريني كتابة لغات أشكاهلم‪ .‬أما ألهنم يشعرون بأهنم‬
‫يملكون رس تصميم ال يرغبون يف رؤية نسخها من قبل اآلخرين‪ ،‬أو أهنم ببساطة غري‬
‫معتادين عىل توثيق التصميم هبذه الطريقة‪ .‬كام يمكن أن القضية هي أن لغتهم مولودة‬
‫من «اختصار»‪ ،‬مثل ما ورد أعاله‪ .‬فاملهندسني املعامريني والباحثني عادة يدرسون املباين‬
‫بعد ذلك‪ ،‬وهؤالء هم الناس الذين خيوضون يف اللغات الشكلية‪ .‬ولكن حتى أولئك‬
‫الذين ليسوا معتادين عىل توثيق لغة الشكل‪.‬‬
‫‪53‬‬ ‫تعقيد اللغات الشكلية مع الئحة بمفرداهتا‬

‫الرجاء جمرد ملء تفاصيل اللغة املدروسة يف القائمة املرجعية أدناه بإجياز قدر‬
‫اإلمكان‪ .‬تتضمن األجوبة قوائم املواد واألشكال‪ ،‬واألحجام‪ ،‬إلخ‪ .‬وبعض اإلجابات‬
‫بسيطة «نعم» أو «ال» يشري إىل ما إذا يشء (العنرص اهليكيل‪ ،‬أو اخلاصية هلذا العنرص)‬
‫موجودة أم ال‪ .‬سيكون من الرضوري تقدير األحجام الفعلية للمكونات‪ ،‬وتقدير‬
‫تناسبها باملقارنة بني األحجام للمكونات املختلفة‪ .‬بعد جدولة العالقات‪ ،‬سيظهر‬
‫عنرص استثنائي يف التحليل مثري لالهتامم (عىل األقل بالنسبة لفكر التصميم اليوم) وهو‬
‫البحث وتوثيق القطعة الوسيطة التي تربط بني املكونات ببعضها البعض‪ .‬ويف كثري من‬
‫املباين املعارصة‪ ،‬هذه القطعة الوسيطة مفقودة ألسباب تعود ألسلوب املصمم‪ ،‬لذا‬
‫بالقيام هبذه العملية ستضطر إىل تغيري الطريقة التي تنظر هبا للمنشئات‪.‬‬
‫ثم‪ ،‬الرجاء حساب تعقيد كوملوغوروف‪-‬شياتن للغة الشكل اخلاصة بك‬
‫باستخدام عدد الكلامت من القائمة مكتملة أدناه‪ .‬كلام زادت «كلامت» القائمة‪ ،‬كلام زاد‬
‫تعقيد لغة الشكل‪ .‬أيضا ضع تقدير تقريبي للتكيف عىل املستوى اإلقليمي هلذه اللغة‬
‫عىل مقياس من ‪ 0‬إىل ‪( 10‬أعىل رقم لتكيف أفضل)‪ .‬وهذا أبسط تقدير لقابلية التكيف‬
‫اإلقليمية للمبنى‪ ،‬الذي يمثل نقيض أي تصميم جمرد‪ ،‬رسمي‪ ،‬أو «عاملي»‪ .‬حيث مبنى‬
‫من النمط «الدويل» “‪ ”International Style‬سيكون ذا رتبة منخفضة جد ًا‪ .‬وأخري ًا‪،‬‬
‫ابحث عن أي عالقات مرتابطة‪.‬‬
‫ماهو جدير باملالحظة بأننا أننا استطعنا قياس مدى تعقيد لغة الشكل ‪ ،‬وبوسيلة‬
‫بسيطة مثل عدد الكلامت بمعالج النصوص‪ .‬ولدينا اآلن بدايات لتحقيق جديد ملدى‬
‫التعقيد يف العامرة‪ .‬وسوف نذهب أبعد من ذلك لربط أفضل هلذا التعقيد مع القدرة‬
‫عىل التكيف والنزعة اإلقليمية ‪ ،‬وذلك يف نموذجنا الثاين الذي سأقدمه يف وقت الحق‪.‬‬

‫‪Form Language Checklist‬‬

‫اسم اللغة الشكل ‪ :‬املكان‪ ،‬احلقبة‪ ،‬اسم املعامري‪ ،‬مبنى معني؟‬


‫املواد ‪ :‬تيتانيوم‪ ،‬حديد‪ ،‬زجاج‪ ،‬قرميد‪ ،‬خراسانة‪ ،‬خشب‪ ،‬حجر‪ ،‬طني‪ ،‬القش‪ .‬الخ‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪54‬‬

‫املكونات ‪ :‬اجلدران‪ ،‬األرضيات‪ ،‬األسقف‪ ،‬العوارض‪ ،‬النوافذ‪ ،‬األبواب وأبعادها‬


‫الوصالت‪:‬األفاريز‪ ،‬الوصالت‪ ،‬اللحام‪ ،‬نقاط التقاء اجلدار‪+‬اجلدار ‪،‬اجلدار‪+‬األرضية‬
‫‪ ،‬اجلدار‪+‬النافذة‪ ،‬الباب ‪ +‬اجلدار‪ ،‬اجلدار ‪ +‬السقف ‪،‬الواجهة ‪ +‬السطح‪ ،‬حجم‬
‫الوصالت بالتناسب بام جتمعه‪.‬‬
‫متديل أم معلق ‪ :‬نوع الدعامات وموضعها يف األسفل أواألعىل؟‬
‫األقواس ‪ :‬نعم ‪ /‬ال‪ ،‬النوع‪ ،‬التباعد‪ ،‬االرتفاع‪ ،‬األبعاد‪.‬‬
‫األعمدة‪ :‬نعم ‪ /‬ال‪ ،‬النوع‪ ،‬احلجم‪ ،‬العرض‪ ،‬املحاذاة‪ ،‬التباعد بني العمودين‪ ،‬أخدود؟‬
‫وصالت األعمدة‪ :‬عمود ‪ +‬األرضية = القاعدة‪ ،‬العمود ‪ +‬السقف = الرأس‪ ،‬احلجم‬
‫النسبي‪.‬‬
‫مستطيل أو أشكال هندسية أخرى ‪ :‬مستطيلة أو قطرية‪ ،‬أو منحنية‪.‬‬
‫مميزات األشكال املتبعة‪ :‬إمجايل هندسة املكونات وحماذاهتا النسبية وتنوعها‪.‬‬
‫تقاطع األشكال ‪ :‬نعم‪/‬ال ‪ ،‬للجدران‪ ،‬للنوافذ ومقاساهتا التقريبية‪.‬‬
‫قواعد النحو وبناء اجلمل‪ :‬ما هي املكونات املتصلة ببعض (التناظر)‪ ،‬أو ينبغي أن ال‬
‫تتصل ببعضها (التباين)‪ .‬أي قواعد املخفية؟‬
‫املدخل‪ :‬مقاسه بالتناسب مع املكونات األخرى‪ ،‬طريقة تعريفه‪ ،‬تغري يف املنسوب‬
‫الرشفات والبلكونات‪ :‬نعم‪/‬ال ‪ ،‬وصالت األسقف‪ ،‬يف الشبكة األمامية أم صلبة‪.‬‬
‫املسقط األريض‪ :‬تقسيامت الفراغ الرتتيب والتسلسل اهلرمي للغرف واحلركة‪.‬‬
‫‪1mm, 3mm, 1cm, 3cm or‬‬ ‫تواجد املقياس‪ :‬حمددة بشكل جيد ومكرر اإلنشاء يف كل‬
‫‪ ,1in, 10cm, 1m or 1yard, 3m, 10m‬ومقاييس أخرى‪.‬‬
‫اللون ‪ :‬نعم‪/‬ال ماهو ومدى شدته هل األلوان املختلفة منسجمة مع بعضها البعض‬
‫التناظر األضخم ‪ :‬التناظر الرسمي عىل مقياس من ‪ 10‬أمتار إىل حوايل ‪1‬مرت‪.‬‬
‫‪55‬‬ ‫تعقيد اللغات الشكلية مع الئحة بمفرداهتا‬

‫التناظرات األصغر ‪ :‬التناظرات الفرعية من ‪1‬م إىل أدق التفاصيل‪.‬‬


‫العنارص اجلاملية‪ :‬عنارص الوظيفة هلا ومستخدمة فقط من أجل عرض أسلوب البناء‬
‫الزخرفة ‪ :‬نعم‪/‬ال نوعها وتصميمها عىل أية مقياس تظهر وختتفي‪.‬‬
‫األسطح ‪ :‬املواد والقوام ‪ textures‬املقدمة هنا «ودية» أم ال؟‬

‫الشكل رقم (‪.)67‬‬ ‫الشكل رقم (‪.)66‬‬


‫‪http://www.canstockphoto.com/images-photos/‬‬ ‫‪h t t p s : / / w w w . p i n t e r e st . c o m /‬‬
‫‪siena-cathedral-facade-window.html‬‬ ‫‪/p i n / 7 7 0 5 3 8 4 3 5 9 5 1 3 3 2 7 1‬‬

‫اإلقليمية املعامرية تتالزم مع تعقيد تصميم‬


‫بعد توثيق لغة شكل معينة‪ ،‬نقيس «التعقيد» باستخدام عدد الكلامت للوصف‬
‫وفقا للنموذج املكتمل من «القائمة املرجعية للغة الشكل»‪ ،‬أعاله‪.‬‬
‫يف الوقت نفسه‪ ،‬فإننا نقدر التكيف عىل املستوى اإلقليمي عىل مقياس من ‪ 0‬إىل‬
‫‪ ،10‬مع ‪ 0‬هواألقل تكيفا للمكان ‪،‬ثقافة املكان ‪ ،‬واحتياجات حمددة للمستخدم مرتبطة‬
‫بالثقافة املحلية‪ .‬ونحن نسرتشد يف هذا التقدير بالنزعة اإلقليمية يف سياق استخدام‬
‫املواد املحلية وتوظيف األنامط التقليدية وأساليب منخفضة التكلفة الستخدام الطاقة‪،‬‬
‫والتطوير‪ ،‬واالستمرارية التارخيية للتصاميم واستخدام الزخرفة التقليدية‪ ،‬وما إىل‬
‫ذلك‪.‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪56‬‬

‫الشكل رقم (‪.)68‬‬


‫‪/https://www.pinterest.com/pin/32791903514011595‬‬

‫إن كل لغة شكل مقدمة عىل زوج مرتب من األرقام (عدد الكلامت‪ ،‬والتكيف‬
‫عىل املستوى اإلقليمي)‪ ،‬حيث يمكن مقارنتها‪ .‬فمن املفيد أكثر أن نضع «التكيف‬
‫عىل املستوى اإلقليمي» (عىل حمور عمودي) مقابل تعقيد «لغة الشكل» مقاسا بعدد‬
‫الكلامت للوصف اللفظي (عىل املحور األفقي)‪.‬‬
‫تشري املقارنة هبذه الطريقة عىل‬
‫كيفية إرتباط التكيف عىل املستوى‬
‫اإلقليمي مع تعقيد اللغات الشكلية‪.‬‬
‫هذه النتيجة تنحرف بشدة حسب تعقيد‬
‫لغة الشكل ومن الواضح أن ذلك‬
‫سيعتمد عىل عدد الكلامت‪ ،‬وهو أيضا‬
‫يعتمد عىل إسهاب الشخص يف وصفه!‬
‫وعىل الرغم من وضوح عدم وجود‬
‫الشكل رقم (‪.)69‬‬ ‫الدقة العلمية يف هذا األسلوب‪،‬فإن‬
‫هذه النتائج ستفتح هذه ملوضوع بحث‬
‫واعد جد ًا للتحقيق بتفصيل أكثر‪.‬‬
‫‪57‬‬ ‫تعقيد اللغات الشكلية مع الئحة بمفرداهتا‬

‫خالل املناقشة يف الصف بتقييم‬


‫كل بناء يف سياق مجيع النتائج‪،‬وصف‬
‫العديد من الطالب البناء الذي‬
‫خيتارونه للدارسة «ليس بمثال جيد‬
‫بكل األحوال»‪ .‬وعند اإلرصار لرشح‬
‫مايعنوه بذلك‪ ،‬ذكروا أهنم كانوا‬
‫ينجذبون باألصل إىل املباين بسبب‬
‫املعايري التصميم املعامرية املعتادة‪،‬‬
‫ولكن حتليلنا أظهر هلم بأن هناك ميزات‬
‫للمباين أكثر أمهية لتيسري الوظيفة‬
‫البرشية ممايفتقره االقتصاد البسيط ‪.‬‬
‫الشكل رقم (‪.)70‬‬
‫‪h t t p s : / / w w w . p i n t e r e st . c o m /‬‬ ‫كنتيجة لذلك‪ ،‬فهموا كيف نحكم ما إذا‬
‫‪/p i n / 1 5 9 2 4 4 5 3 6 8 0 4 6 4 8 7 3 8‬‬ ‫كانت لغة شكل ما تكيفية أم ال‪.‬‬
‫الفصل اخلامس‬

‫ضد «حب الطبيعة» ومسكن اإلنسان‬

‫بدأ قرن احلادي والعرشين بأسوأ حكم متحيز مستمر ومكثف عىل الثقافات‬
‫التقليدية‪ ،‬وبكل مايربط اإلنسان بتارخيه املحيل‪.‬‬
‫وباملثل تتبع اليوم معظم املباين وختطيط املدن قواعد غري املكتوبة ال أساس‬
‫جتريبي هلا ‪ ،‬حيث تعمل استناد ًا عىل ثوابت برصية‪/‬أيديولوجية من أوائل القرن‬
‫العرشين‪ .‬فالتصميم املعارص يتجنب أي معيار من معايري اجلودة التي تطورت من‬
‫تقاليد احلقب املاضية‪ ،‬ويعترب أن يف هذا الرفض فضيلة عظيمة‪ ،‬وهبذه الطريقة أطاع‬
‫املهندسون املعامريون و العمرانيون يف هناية املطاف معايري مبسطة للتصميم‪ ،‬رافضني‬
‫أي شعور باجلامل الذي يربط البرش مع األرض والتقاليد والثقافة‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪.)71‬‬


‫‪http://www.archdaily.com/87728/ad-classics-dessau-bauhaus-walter-gropius‬‬

‫‪59‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪60‬‬

‫يشري مصطلح « ‪ - ecophobia‬الرهاب من الطبيعة» إىل فعل غري معقول ولكنه‬


‫مرشوط بعمق ضد األشكال الطبيعية‪ .‬كام أنه استخدم يف علم النفس الرسيري للداللة‬
‫عىل رهاب ضد منزل أحدهم‪ ،‬ولكن ذلك االستخدام اليوم عفى عليه الزمن‪ .‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬نحن نعتقد أن هذين املصطلحني « ‪ » ecophobia‬و « ‪ » oikophobia‬متشاهبان‬
‫ومتبادالن يف املعنى‪( .‬لغوي ًا اجلذر اليوناين املشرتك عن «املنزل» يمكن كتابته كـ ‪ecos‬‬

‫أو ‪)oikos‬‬

‫األيديولوجية والدعاية‬
‫صاغ الفيلسوف ‪ Roger Scruton‬مصطلح «‪ » oikophobia‬للداللة عىل الكراهية‬
‫غري املعقولة للمرء لثقافته األصلية‪ .‬ويقول‪« :‬األويكوفويب ينبذ الوالءات الوطنية وحيدد‬
‫لنفسه األهداف واملثل العليا ضد أمته‪ ،‬ويعزز املؤسسات «العاملية» عىل احلكومات‬
‫الوطنية‪ ،‬وحيدد رؤيته السياسية بقيم معوملة متت تنقيتها من كل مايمت بصلة باملجتمع‬
‫التارخيي احلقيقي»‪ ،‬ولدينا هنا «اإلنسان املعارص» الذي يضم لنفسه مجيع أشكال‬
‫األلعاب التكنولوجية ‪،‬يف حني يرفض احللول التي تطورت مع تعقد املجتمع آلالف‬
‫السنني‪.‬‬
‫كام يشري ‪ Scruton‬إىل عنرص سيايس عميق يف إيكوفوبيا‪ ،‬نظر ًا لرتويج العديد‬

‫الشكل رقم (‪.)72‬‬


‫‪http://www.purebreak.com.br/noticias/profissao-conheca-a-rotina-e-as-curiosidades-da-vi-‬‬
‫‪da-de-um-jovem-engenheiro-civil/14645‬‬
‫‪61‬‬ ‫ضد «حب الطبيعة» ومسكن اإلنسان‬

‫من األحزاب السياسية بوعودها للتحرير من مشاكل املجتمع من خالل يوتوبيا حتتضن‬
‫اجلميع (بكالم جتريدي)‪ .‬ويف الوقت نفسه‪ ،‬يتم مسح التقاليد املحلية إىل جانب كل ما‬
‫جيعل هذا املجتمع متامسك ًا‪ .‬ويكمن وراء هذه الظاهرة جتاهل أو بغض ثقافة املرء وحتفه‬
‫وممارساته‪ .‬هذا احلقد يدفع الناس إىل رفض ما هو تقليدي هلم‪ ،‬واحتضان رموز أجنبية‬
‫جديدة من التقدمية الرأساملية عىل أهنا بطريقة ما أفضل‪.‬‬
‫تعمل اهلندسة املعامرية كصورة يف خدمة الرأساملية العاملية‪ ،‬وهي موجودة اآلن‬
‫يف ساحات اجلميع‪ ،‬فالتضحية باهلوية من أجل العوملة أفسدت القيم واملعتقدات و‬
‫ثقافات التقليدية التي داوم عليها البرش آلالف السنني‪.‬‬
‫ختدم اليوم اهلندسة املعامرية ثقافة «الرأساملية واالستهالك»‪ .‬تلك الثقافة التي‬
‫وجدت يف املامرسة املعامرية يف الواليات املتحدة األمريكية وانترشت عىل نحو متزايد‬
‫يف مجيع أنحاء العامل‪ ،‬وبسبب ذلك تتعرض البلدان النامية خلطر خسارة كل ما امتلكوه‬
‫– من فن تقليدي وهندسة معامرية – يف سبيل تقليد الغرب حول هذه النقطة‪.‬‬
‫تم تغذية هذه العملية لتعزيز الرموز األجنبية اجلديدة بالتأثري عىل بقية العامل‬
‫من قبل مليارات الدوالرات لرشاء ما يبيعه الغرب‪ .‬وتسعى اجلامعات واملؤسسات‬
‫الثقافية من الغرب زيادة إمكانية الوصول إىل املوارد غري املستغلة يف البلدان األخرى‬
‫النامية‪ ،‬ويقدمون‪ -‬حتت ستار االزدهار الغريب‪ -‬جمموعة من الظروف املوائمة لتدمري‬
‫الثقافة و زعزعة قيم تلك احلضارات التقليدية‪ .‬وتتوازى هذ املصالح التجارية القوية‬
‫واالستغالل االقتصادي مع فرض مهندسني معامريني معارصين عىل بقية العامل‪.‬‬
‫وعندها تعتقد احلكومات بشكل خاطئ بأهنم يفعلون اخلري لشعوهبم بإقامة املباين‬
‫«املبهرجة» املشاهبة ملتاحف املهندسني املعامريني املشهورين دولي ًا‪ .‬سيمهد هذا اخلطأ‬
‫لعوامل التعصب «إيكوفوبيا»‪ ،‬مما سيسهل انقراض الرتاث املعامري املحيل‪.‬‬
‫يتعرض الشبان للصور الرتوجيية للتصميم يف املدارس ووسائط اإلعالم عىل‬
‫أنه هذا هو ما جيب علينا أن نمجده من اآلن فصاعدا‪ ،‬وبذلك يتم تلقينهم كره وتدمري‬
‫التعبريات املعامرية التقليدية‪.‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪62‬‬

‫نحن نقرأ بانتباه عن تأثري صور وممارسات الباوهاوس يف التعليم املعامري عىل‬
‫الدول النامية‪ ،‬حيث يعلن اإلعالم أن هذه احلركات «تقدمية» من غري إدراك اخلطر‬
‫التي تشكله عىل تقاليد تلك البلدان‪.‬‬

‫احلافز للعلم‬
‫إن االقرتاح الذي تقدمنا به هيدف إلصالح التعليم التي سيوقف فور ًا تدريس‬
‫الكراهية للرتاث املعامري والثقافة‪ .‬وذلك عن طريق اكتساب قدر كبري من املعرفة‬
‫عىل أساس علمي كنموذج جديد لكيفية تعليم اهلندسة املعامرية؛ فالطريق إىل إعادة‬
‫إنشاء بنية اهلندسة املعامرية كنظام قائم عىل املعرفة سيكون ببساطة عن طريق إعادة‬
‫بناء قاعدهتا املعرفية‪ ،‬فمن دون قاعدة معرفية تستند إىل الواقع ( من إدراك البرشي‬
‫واملنهج العلمي) ستبقى اهلندسة املعامرية معرضة للفساد كفريسة ألهواء أيديولوجية‪،‬‬
‫وموضات‪ ،‬وعبادة األفراد‪.‬‬
‫هنالك العديد من الدروس التي يمكن استخالصها من خالل التفكري باخلالفات‬
‫املتأصلة بني اهلندسة املعامرية والعلوم كتخصصات وجتاور هياكلها الفكرية‪ ،‬فالعلم‬
‫والتحقيق العلمي يعمالن من خالل تطبيق قاعدة «املعرفة املرتاكمة»‪ .‬حيث جيري‬
‫العلامء بحوث ًا رغبة منهم يف توسيع بنية املعرفة‪،‬فيوثقون بدقة هائلة نتائج حتقيقاهتم‬

‫الشكل رقم (‪.)73‬‬


‫‪63‬‬ ‫ضد «حب الطبيعة» ومسكن اإلنسان‬

‫إلدراجها ضمن هيئة أكرب من املعرفة‪ .‬ومن أجل هذه الغاية‪ ،‬وضعت التخصصات‬
‫العلمية لغات هلذا الغرض عىل مر الزمن‪ ،‬لتمكني تدوين وحفظ املعارف املكتشفة‬
‫لألجيال القادمة‪.‬و تقع عىل عاتق املعارف نفسها أن توجد أنظمة لتخزينها بكفاءة‪.‬‬
‫تسمح عملية توثيق العلامء االستفادة من االكتشافات السابقة‪ ،‬مما يبعدنا عن‬
‫االضطرار إىل إعادة اخرتاع العجلة يف كل مرة حيتاج املرء إىل القيام بتطبيق يشء أويل‪.‬‬
‫وقد سمح العلم أيضا للتدقيق باملعلومات عديمة الفائدة أو التي عفا عليها الزمن من‬
‫بنية املعرفة حيث يتم استبدال النظرية التي ثبت خطؤها‪ ،‬وتتجاهل فورا أو ترسل‬
‫كموضوع من اهتامم جمال التاريخ‪ .‬حيدث هذا االستبدال بسبب العثور عىل أسلوب‬
‫أفضل من القديم «لتفسري الظواهر»‪ ،‬فالعلم يعمل باستمرار عىل توسيع معلوماته‬
‫األساسية مع احلفاظ عىل نظام موحد مهم ضمن جمموعة مدجمة من املعارف‪ .‬تتواجد‬
‫هذه العملية من خالل ترتيب وضغط املعلومات العلمية‪ ،‬وتعمل املكتبات من خالل‬
‫تطوير نظام ترتيب متامسك للتعامل مع هذه الكميات اهلائلة واملتزايدة باطراد من‬
‫املعلومات‪ .‬فاملعارف تكون مفيدة فقط إذا أمكن اسرتجاعها بسهولة‪ ،‬ويعتمد ذلك‬
‫عىل وجود منهجية مناسبة‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪.)74‬‬


‫‪/https://www.pinterest.com/pin/382383824589950175‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪64‬‬

‫الشــكل رقــم (‪ :)75‬احــد التصاميــم احلديثــة الشــكل رقــم (‪ :)76‬تصميــم ‪ 1980‬عــى‬


‫االســلوب االيطــايل يف كاليفورنيــا‬ ‫للمنــازل‬
‫‪https://en.wikipedia.org/wiki/YMCA_Build-‬‬ ‫‪https://www.pinterest.com/‬‬
‫‪/pin/422775483746168091‬‬
‫‪)ing_(Riverside,_California‬‬

‫عىل النقيض من ذلك‪ ،‬مل تضع اهلندسة املعامرية نظام ًا فعاالً لرتتيب معلوماهتا‬
‫املوروثة‪ .‬ويف الواقع‪ ،‬ما حدث يف العامرة ال يمكن تصوره يف العلوم؛ ففي وقت ما‬
‫يف العرشينات من القرن املايض‪ ،‬ويف سعيهم لالبتكار يف التصميم‪ ،‬ألقى جمموعة من‬
‫املنظرين تعسف ًا قاعدة املعلومات اهلندسة املعامرية‪ .‬وكانت ذريعة للقضاء عليها هي‬
‫املغامرة خارج ًا يف األقاليم اجلديدة‪ .‬أولئك الذين يريدون القيام بذلك باسم االبتكار‬
‫اليشعرون بأي التزام جتاه املحافظة عىل املعرفة السابقة أو تطويرها أو حتى اكتشافها‪.‬‬
‫ومن الواضح حتيز رأي هؤالء األفراد ضد توثيق املعلومات املوروثة‪ ،‬واعتبار بأن ال‬
‫لزوم لوضع نظام لرتتيب املعرفة احلالية‪ .‬ومنذ ذلك احلني‪،‬حكم عىل اإلبداع املعامري‬
‫بأن يكون ناجح ًا بقدر جتاهله املعرفة السابقة‬

‫فقدان املعلومات‬
‫ومن املفارقات أن هذه املامرسة املدمرة قد أدت إىل تراكم عقيدة جامدة عىل‬
‫حد سواء‪ ،‬وعدد كبري من الطرز املتناقضة‪ .‬فقد فشل املهندسون املعامريون يف وضع‬
‫نظام ترتيب للطرز املعامرية كمرجع يومي‪ .‬حيث يصبح هدف كل طراز متميز حماربة‬
‫الطرز األخرى‪ ،‬معلن ًا بأهنا عديمة الفائدة أو عفا عليها الزمن أو ال يمكن الدفاع عنها‬
‫أخالقيا‪ .‬هذا النزاع غري القابل للحل هو مصدر رصاع وعدم استقرار (مما يكون عائق ًا‬
‫بدالً من تشجيع التنمية)‪ .‬ويتم التحقق من نجاح الطرز عن طريق موافقة الذين نصبوا‬
‫‪65‬‬ ‫ضد «حب الطبيعة» ومسكن اإلنسان‬

‫الشكل رقم (‪.)77‬‬


‫‪/https://www.pinterest.com/pin/418694096576673249‬‬
‫‪http://www.arch-news.net/en/arch-initiat/item/33155-2014-04-08-17-55-44/33155-2014-04-08-17-55-‬‬
‫‪44#.WM5Bl7h3cdU‬‬
‫‪/https://www.pinterest.com/pin/458311699558227864‬‬

‫أنفسهم «صناع الذوق»‪ ،‬وهي لفتة دفاعية جتعل بنية «اهلندسة املعامرية» أكثر غموض ًا‬
‫وغري متاحة ألولئك غري املبحرين يف «نظرياهتم» متعددة األوجه‪».‬‬
‫من ناحية أخرى يمكن أن تصبح املناقشة العلمية مثرية للجدل جد ًا‪ ،‬لكن يبقى‬
‫لدهيا مبادئ توجيهية صارمة للقرار النهائي‪ .‬فمعيار الصالحية العلمية هو قدرة املعرفة‬
‫عىل تفسري الظواهر عىل نحو كاف‪ ،‬وسواء يف إنشاء عملية أو نص ذي قيمة للبرشية‪.‬‬
‫ختىل العلامء عن أي معتقد قديم بغض النظر عن تعدد أتباعه‪ ،‬وذلك عندما خيفق ذلك‬
‫املعتقد يف رشح بنية مالحظتهم‪ .‬فالرصاعات يمكن أن تكون مكثفة ولكن عادة ما‬
‫تكون قصرية‪ ،‬ففي هناية املطاف يتوصل العلامء إىل التوافق يف اآلراء عىل أساس جتريبي‪.‬‬
‫إذا اعتمدنا األسلوب العلمي‪ ،‬فلن نسقط أي يشء تعسف ًا من خمزن املعلومات‪.‬‬
‫ال يتعامل معظم املهندسني املعامريني مع العامرة كام سيتعامل معها أحد العلامء‪ ،‬نظر ًا‬
‫ألهنم يمتنعون عن البحث عن قاعدة لألدلة‪ .‬إن فاجعة فقدان املعلومات العمرانية‬
‫واملعامرية التي حدثت بعد احلرب العاملية الثانية سمحت للمعلمني املدربني يف احلداثة‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪66‬‬

‫الشكل رقم (‪.)78‬‬


‫‪https://archidialog.com/2012/12/11/oma-rem-koolhaas-architectural-influence-why-does-he-choose-‬‬
‫‪/to-ignore-it/002-copy1-2‬‬

‫االستيالء عىل مدارس اهلندسة املعامرية‪ ،‬مل يكن هلذا أن حيدث لو اتبعنا نموذج ًا علمي ًا‬
‫يف حتديد عامرتنا‪.‬‬
‫للمعرفة املستمدة قيمة عالية أكثر من جمرد رميها بعيد ًا بسبب نزوة‪ .‬يمكن‬
‫استبدال املعارف القديمة فقط بتحديث اإلطار التفسريي‪ ،‬ال بآراء أو أفكار غري مثبتة‪.‬و‬
‫مرة تلو املرة نعود إىل احلاجة لوضع جمموعة من املعايري املستندة إىل األدلة للحكم عىل‬
‫ما هو ذي قيمة يف اهلندسة املعامرية‪.‬‬
‫‪67‬‬ ‫ضد «حب الطبيعة» ومسكن اإلنسان‬

‫عبادة القبح الفائدة له‬


‫يف الدورات النموذجية لنظريات‬
‫العامرة‪ ،‬ترتك جمموعة من القراءات املتناقضة‬
‫والغامضة يف كثري من األحيان طالب العلم‬
‫حائر ًا حول ما هو ذو صلة أو ال صلة‬
‫له‪.‬وحتى اآلن تعترب مجيعها صاحلة عىل قدر‬
‫متساو‪ ،‬نظر ًا ألهنا متضمنة يف املختارات‬‫ٍ‬
‫الرسمية‪ .‬وهي ال تعطي للطالب أي معايري‬
‫للحكم النقدي‪:‬وال حتى ألستاذهم‪ ،‬وال‬
‫كاتب املختارات جيرؤ عىل اختاذ أي تدبري‬
‫يتيح حلك ًام من هذا القبيل‪ .‬فالقيام بذلك‬
‫سوف ينظر إليه كتفضيل وجهة نظر عىل‬
‫أخرى‪ ،‬ومن ثم عىل أهنا غري ديمقراطية‪.‬‬
‫ومع ذلك فقد تم الكشف عن خطأ‬
‫الشكل رقم (‪.)79‬‬ ‫فكرة تعدد «النظريات» بال انضباط من أجل‬
‫‪https://it.pinterest.com/‬‬
‫‪/pin/236650155396446976‬‬
‫تطويرها يف سبيل النمو الفكري‪ .‬وأخري ًا‬
‫ينبغي أن تتالشى تلك املفاهيم الفاقدة‬
‫للمصداقية والتي عفا عليها الزمن من القراءات املعامرية‪ .‬فمن دون وجود معيار‬
‫ملا هو صحيح أم ال‪ ،‬لن يتيح للمهندسون املعامريون إسقاط أي يشء إذا كان مقرتنا‬
‫باأليديولوجية السائدة‪ .‬وهذا يعني أهنا ستدوم إىل ما ال هناية التفاصيل الفكرية عديمة‬
‫الفائدة‪.‬‬
‫يمكن يف الواقع ربط طرز متنوعة مع ًا بجمع كل احللول اإلجيابية التي قدمتها‬
‫وهي متفرقة‪ .‬فإدخال تصنيف نظري للنامذج املعامرية جزء أسايس من املناهج اجلديدة‬
‫املطلوبة‪ ،‬مثل هذا تفسري سريبط مع ًا الطرز املتنوعة من احلركات املعارصة املتنافسة‪،‬‬
‫مع تلك التي وضعت يف املايض‪ .‬وبعض هذه الطرز سيحكم عليها نظر ًا ألهنا ال ختدم‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪68‬‬

‫االحتياجات البرشية‪ ،‬و جيب أن تستعد لذلك جامعات اهلندسة املعامرية القائمة‪ .‬فإن‬
‫نظر املرء بعناية‪ ،‬سيكتشف أن العديد من املبادئ الضمنية يف ممارسة اليوم ال تقوم عىل‬
‫أي يشء معامري‪ ،‬بل تستند إىل احلجج األيديولوجية‪ .‬اهلندسة املعامرية ال يمكن أن‬
‫تتقدم إذا استمرت يف الدعم األعمى لدوغامئية عقائد التصميم‪.‬‬
‫الفصل السادس‬

‫درجة التعقيد تقيس مدى تكيف اللغة الشكلية‬

‫يناقش الفصل التايل املدى الذي يمكن‬


‫اعتبار العـِامرة ناجحة‪ ،‬أي التكيف مع منطقتها‬
‫املحددة‪ .‬عىل الرغم من االعرتاف بمزايا نظرية‬
‫«اإلقليمية الناقدة»‪ ،‬يرشح سالينغاروس هنا ملا‬
‫كاف لتحليل العامرة من حيث‬‫ذاك اإلطار غري ٍ‬
‫آثارها البيئية والثقافية والعاطفية‪.‬‬
‫لنفرتض بأننا نجحنا يف توثيق وتصنيف‬
‫مجيع اللغات الشكلية‪ ،‬متضمنني تلك التي من‬
‫التقاليد الشعبية واألوابد التارخيية واملامرسة‬
‫الشكل رقم (‪.)80‬‬
‫‪http://www.syr-res.com/article/9157.‬‬
‫املعارصة‪ ،‬حيتاج املنهج العلمي للخطوة التالية‬
‫‪html‬‬ ‫والتي جتمع كال من التحليل والتصنيف‪ ،‬إن‬
‫الفهرس‪ catalogue/‬مفيد لتخزين املعلومة‪ ،‬لكن ذلك فقط بدايات الدراسة املنهجية‪.‬‬
‫بامذا تشرتك بعض لغات الشكلية وما اخلصائص التي متيزها عن بعضها؟ إحدى‬
‫املقاييس هو درجة تعقيدها‪ ،‬بحسب ما هو موثق من طول وصف لغتها الشكلية‪،‬‬
‫واآلخر هو مدى تكيفها مع البيئة املحلية‪ ،‬فكيف يمكن أن تربر لغة شكلية نفسها بأهنا‬
‫إقليمية؟ هنا اإلقليمية معاكسة للعاملية‪.‬‬
‫لذا من املفيد أن نصنف اللغات الشكلية ومدى تكيفها ملكان معني‪ ،‬وإن كانت‬
‫بالفعل متكيفة‪ ،‬فكل لغة بالطبع تتكيف مع مكاهنا املحدد‪ ،‬فكيف سنقيس مدى‬
‫‪69‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪70‬‬

‫الشكل رقم (‪.)81‬‬


‫‪http://www.archdaily.com/160390/ad-classics-bagsvaerd-church-jorn-utzon‬‬

‫جودة ذلك التكيف‪ ،‬يقاس النجاح يف التكيف من خالل فعالية الطاقة للمبنى‪ ،‬وذلك‬
‫باستخدام تقنيات بسيطة (‪ )Low-tech Energy Efficacy‬ليتمتع هبا معظم السكان‪ ،‬ويف‬
‫املقابل إن التكنولوجيا املتقدمة ‪ High-tech‬لتوفري الطاقة مفيدة أيض ًا ولكن اعتامدها عىل‬
‫مواد وتكنولوجيا مستوردة جيعل منها «عاملية» وبالتايل هي بعيدة عن اإلقليمية‪.‬‬
‫لنناقش هذه النتيجة النظرية «هل مدى تعقيد لغة شكل ما يعود دوم ًا إىل درجة‬
‫إقليميتها؟»‪.‬‬
‫تقاس اإلقليمية من خالل‬
‫استخدام املواد املحلية ومدى احرتام‬
‫الثقافة املحلية يف هندسة املبنى‪ ،‬وإن‬
‫تم اقتباس أساليب التكيف املناخي‬
‫املطورة يف التصميم‪..‬إلخ‪ ،‬وبالعكس‬
‫نقيس مدى جتاهل تلك العوامل‬
‫الشــكل رقــم (‪’’ Alvar Alto :)82‬االقلميــة‬ ‫من أجل فرض فكرة ملظهر ما من‬
‫الناقــدة ’’ ‪.Saynatsalo Town Hall‬‬
‫األعىل‪-‬لألسفل ‪top-down stylistic‬‬
‫‪https://divisare.com/projects/317793-alvar-aalto-‬‬
‫‪nico-saieh-saynatsalo-town-hall-1951‬‬ ‫‪conception‬‬
‫‪71‬‬ ‫درجة التعقيد تقيس مدى تكيف اللغة الشكلية‬

‫يف املايض كانت املواصالت صعبة‪ ،‬فاضطر الناس الستخدام املواد املتوافرة‬
‫حملي ًا‪ ،‬وهناك فلسفة مشتقة من اإلقليمية تعنى باحرتام املوقع‪/‬الندسكيب والطبيعة‪،‬‬
‫فهل حافظنا عىل األشجار واألهنار واهلضبان أم تم إزالتها يف سبيل توسيع مكان ملبنى‬
‫ما‪ ،‬وأيضا إن استعمل املبنى مواد حملية ذات جودة‪ ،‬ومعمرة بوجود اإلصالحات‬
‫والصيانة الرضورية وبالتايل سيكون هناك شعور بأنه ينتمي ملكان وثقافة معينة‪ ،‬لكن‬
‫املباين التي ال تستجيب للثقافة املحلية ستضمحل برسعة نسبية‪ ،‬وإن مل حيدث ذلك‬
‫فستصبح دخيلة مكروهة‪.‬‬

‫الشــكل رقــم (‪ :)84‬العــارة التقليديــة يف‬ ‫الشكل رقم (‪ :)83‬العامرة التقليدية يف مايل‬
‫اململكلــة العربيــة الســعودية يف أهبــا‬ ‫‪http://www.tripmondo.com/mali/mopti-region/‬‬
‫‪/derou‬‬
‫‪/http://mufakarah.com/c-486‬‬

‫هناك موضوع كبري مهم حيتاج حتقيق ًا أكثر‪ ،‬وذلك له عالقة بكيفية تأثر الشخص‬
‫عاطفي ًا ملبنى ما‪ ،‬وذلك يعود أكثر بسبب لغة شكلية‪ ،‬وأقل يف حني االستجابة ملبنى‬
‫حمدد‪ .‬ذلك السؤال سيصبح منطقي ًا إذا قبلنا افرتاض كريستفور ألكسندر بأن ‪ %90‬من‬
‫تأثرنا العاطفي يكون مشرتك ًا عرب الثقافات‪ ،‬وذلك ليس جمرد رأي‪ ،‬كام لو كنا «نحب»‬
‫شي ًئا ما أو ال‪ ،‬ألن ذلك سيعتمد عىل مدى التحصيل العلمي وإرشاط الشخص‪،‬‬
‫وبالتايل أقل جوهري ًا‪.‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪72‬‬

‫هناك يشء ما يتصل بشخصنا وبأعامق ذاتنا ونربط هويتنا به‪ ،‬وكام يقول ألكسندر‬
‫يصبح «شخصي ًا»‪ ،‬وذلك التأثري التواصيل يعود إىل خصائص هندسية والتي نعلم عن‬
‫بعضها (ونحن سندرسها الحق ًا هنا)‪ .‬عندما يصل التامسك اهلنديس للمنشأة للدرجة‬
‫املثىل سيف ّعل داخلنا مشاعر إجيابية شديدة‪ ،‬وذلك حيدث بشكل متناقض حتى مع‬
‫األبنية التي ال نحب لسبب ما‪ ،‬أو ألننا حكمنا عليها بأهنا ال حتمل قيمة فنية أو معامرية‪،‬‬
‫وذلك التناقض بني االستجابة اجلسدية وأفكار عقلنا املنطقي قد يؤدي لنشاز إدراكي‪.‬‬
‫ستتشكل عالقة شخصية مع يشء فيزيائي أو فراغ ما يف الدرجة الشديدة من‬
‫التواصل مع صنعة أو منشأة‪ ،‬وسنخترب بالتايل عملية شفائية وإحساس بالسعادة‪ ،‬إال‬
‫بالطبع يف حالة اختبار نشاز إدراكي شديد‪(.‬والذي سيخلق حالة من التوتر)‪.‬‬
‫هذا احلديث له تطبيقات فلسفية هامة‪ ،‬فهو يقدم نظرة مابعد ديكارتية للكون‪،‬‬
‫تذكر أن ديكارت ينظر للكائنات الطبيعية عىل أهنا آالت منفصلة عن بعضها البعض‪،‬‬
‫وباملقابل نحن ننظر للشخص واليشء الذي نتفاعل معه كجزئني من نظام أكرب‪ .‬إن‬
‫جتربة اختبار صنعة أو مبنى ما تربط الناظر مع املنظور‪.‬‬
‫يف الواقع إن الفيزياء احلديثة مؤسسة عىل فكرة التفاعل املتقارب مابني الناظر‬

‫الشكل رقم (‪.)85‬‬


‫‪https://en.wikipedia.org/wiki/Culture_of_Madagascar‬‬
‫‪73‬‬ ‫درجة التعقيد تقيس مدى تكيف اللغة الشكلية‬

‫واملنظور‪ ،‬وتعمل التجارب الشارحة لتلك الظاهرة عىل املستوى الكمي‪ ،‬والذي‬
‫نرشحه هنا حيدث عىل املستوى املجهري ولذلك جيب أن نعتمد عىل حواسنا بدأل من‬
‫أي مقاييس فيزيائية‪.‬‬
‫وإىل اآلن خالل العقود املاضية انترصت الفلسفة الديكارتية جاعلة منها متطرفة‬
‫أكثر من أي وقت مىض‪ ،‬وتم اعتبارالكون وآلياته املعقدة للغاية كآالت مبسطة وهو‬
‫ظن خاطئ‪ ،‬وقد أصبح تصورنا للعامل اختزايل يف عديد من املجاالت متضمنًا التصميم‬
‫وجتاهل العلم بذلك‪ ،‬ويف هذه األيام ال يراعي اخلطاب املعامري الربط املعقد للناظر مع‬
‫املنظور‪.‬‬
‫باتباع جذور ذلك التطور‬
‫سيؤدي بنا إىل فلسفة سياسية قديمة‪.‬‬
‫اقرتح عدد من الفالسفة املعروفني‬
‫باسم «مدرسة فرانكفورت» جمموعة‬
‫من القواعد اجلديدة ليتبعها املجتمع‪.‬‬
‫وقد حدث يف الثالثينات من القرن‬
‫املايض كجزء من محلة املاركسية ملجتمع‬
‫جديد‪ .‬وإن كتاباهتم‪ ،‬املوصوفة بأهنا‬
‫«النظرية الناقدة»‪ ،‬تتجاهل الطبيعة‬
‫البرشية‪ ،‬وتأمل بسذاجة أن تشكل‬
‫الشكل رقم (‪.)86‬‬ ‫كائنًا برش ًيا جديدً ا يسكن يف عامل مثايل‬
‫‪http://www.atlanteanconspiracy.com/2012/12/‬‬
‫‪consciousness-perception-and-brain_14.html‬‬ ‫مقرتح‪ .‬ولكن أي الفلسفة بعيدة عن‬
‫‪http://spiritualcleansing.org/the-mysteries-of-con-‬‬
‫‪/sciousness‬‬
‫العلم البد أن تكون مضللة وحتى‬
‫‪http://spiritualcleansing.org/the-mysteries-of-con-‬‬ ‫خطرة‪ ،‬وذلك يعترب صحيح ًا بالتأكيد‬
‫‪/sciousness‬‬
‫بالنسبة لـ «مدرسة فرانكفورت»‪.‬‬
‫أحد ركائز األيديولوجية املاركسية أن املايض ومجيع التقاليد تقف يف طريق‬
‫التقدم اإلنساين‪ .‬وللميض قدم ًا حيدث أوالً برفض املايض وتدمريه حتى ال يلوث تشييد‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪74‬‬

‫آثارا عميقة عىل تصميم البيئة‪.‬إن املفاهيم التقليدية‬


‫يوتوبيا حديثة‪ .‬هذا التفكري قد ترك ً‬
‫املتصلة باهلندسة املعامرية غري صحيحة سياسي ًا ومدانة بشدة‪.‬‬
‫إن املشكلة بالنسبة للمهندسني املعامريني أن هيئة من كتابات «النظرية النقدية»‬
‫أدرجت بشكل خاطئ حتت عنوان النظرية املعامرية‪ .‬وهي ليست شيئا من ذاك القبيل؛‬
‫ويف الواقع ليست نظرية ألي يشء‪« .‬النظرية الناقدة» هي ببساطة خارطة طريق لثورة‬
‫مؤسسة عىل املاركسية واملبادئ التكنوقراطية‪.‬مثل أن عىل املجتمعات التقليدية أن حتل‪،‬‬
‫وتعامل البرش عىل أهنم تروس يف آلة صناعية واسعة‪.‬‬
‫ينشأ هنا استياء جوهري ضد املفاهيم التقليدية للجامل‪ ،‬وهذا ينطبق عىل‬
‫العـِامرة‪ ،‬وكذلك يتم تصنيف لغات الشكل التقليدي بأهنا غري مرغوبة‪ ،‬وصاحلة فقط‬
‫لالنقراض‪ .‬لتحل حملها لغة عاملية واحدة تعرب عن التكنولوجيا والصناعة واجلامعية‪.‬‬
‫«اإلقليمية الناقدة» هي حركة هتدف جلعل التصميم متكيف ًا مع املحلية املناخية‬
‫وظروف املوقع‪ ،‬وإىل حد ما املواد‬
‫املتوفرة حملي ًا‪ .‬وهو يمثل رد فعل صحي‬
‫للنمط «الدويل» للحداثة‪ .‬ولسوء‬
‫احلظ‪،‬إن إدراج كلمة «ناقدة» خلق‬
‫تناقض ًا‪ ،‬حيث أهنا مرتبطة باحلركة‬
‫الفلسفية والسياسية اإلقليمية ملكافحة‬
‫التقليد‪ .‬ويف املامرسة العملية تديم‬
‫النزعة اإلقليمية الناقدة عمد ًا اللغات‬
‫شكلية للحداثة‪ .‬غري حسب فهمنا‪ ،‬عىل‬
‫النزعة اإلقليمية محاية وإعادة استخدام‬
‫لغات الشكل التقليدي‪ .‬جيب عىل‬
‫النزعة اإلقليمية احلقيقية حترير نفسها‬
‫الشكل رقم (‪.)87‬‬
‫‪http://courtyard-house.blogspot.com/2010/06/‬‬
‫من أي لغة شكل عاملية مفروضة من‬
‫‪azuma-house-by-tadao-ando.html‬‬ ‫أعىل‪ ،‬ومن أي احتاد أو امتثال‪.‬‬
‫‪75‬‬ ‫درجة التعقيد تقيس مدى تكيف اللغة الشكلية‬

‫وهذا يثري مسألة ارتباط اللغات بفلسفات معينة‪ .‬وقد يكون ذلك صحيح ًا‬
‫للغاية‪ .‬ولكني اختلف مع مجيع املؤلفني اآلخرين تقريب ًا‪ ،‬وأرص عىل عدم اعتبار الفلسفة‬
‫ال عن النظرية املعامرية‪ .‬بغض النظر عن كيفية نشوء لغة الشكل ما‪ ،‬يمكن استخدام‬ ‫بدي ً‬
‫ِ‬
‫أدوات نظرية من العامرة وعلم األحياء البرشي لتوضيح مدى فعاليتها بتوفريها مباين‬
‫مفيدة‪ .‬وهذا هو اهلدف احلقيقي من النظرية املعامرية‪.‬‬
‫بوضع العربة أمام احلصان‪ ،‬أي وسم اخلطاب الفلسفي أو السيايس عىل لغة‬
‫الشكلية بأنه «نظرية»‪،‬سيخلط متاما ماهي النظرية حق ًا‪ .‬ولسوء احلظ فإن معظم الكتب‬
‫حول «نظرية العـِامرة» روايات تارخيية للتفكري الذي استخدم لتربير لغة شكل معينة‬
‫باستعامل معايري أخرى غري االستخدام البرشي‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪.)88‬‬


‫‪http://www.shiaali.net/vb/showthread.php?t=130783‬‬

‫وقد تطورت لغات شكل بشكل متامثل ضمن ثقافات خمتلفة‪ ،‬باشرتاكها يف‬
‫ٍ‬
‫ومتواز‪،‬‬ ‫استخدام املواد املحلية واملناخ والتضاريس‪ .‬وهو مثال عىل تطور متقارب‬
‫مثل الكثري من الزعانف الظهرية لسمك القرش والدالفني يف علم األحياء‪ .‬ومع ذلك‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪76‬‬

‫بتسوية اخلالفات الثقافية واجلغرافية‬


‫ينتهي بتدمري آليات االستدامة املتطورة‪،‬‬
‫والكفاءة يف استخدام الطاقة املشفرة يف‬
‫لغات الشكل التقليدي‪.‬‬
‫منذ قرن تقريب ًا‪ ،‬شهدنا نظرية‬
‫«مدفوعة من قبل مشاريع» ‪project-‬‬

‫‪ ، driven theory‬هذه مرة أخرى ليست‬


‫نظرية عىل اإلطالق‪ .‬يبني املهندس‬
‫املعامري تصميمه بشكل حديس وعادة‬
‫ما يستخدم لغة شكل مفككة‪ ،‬وبعد‬
‫ذلك خيلق بعض تفاسري (مابعد‪-‬‬
‫تصميم)‪ .‬وهذا هو التسويق بأنقى‬
‫حاالته‪ .‬يلعب النقاد املعامريون اللعبة‬
‫‪ ،‬ويضيفون املزيد عىل هذه التفاسري‪،‬‬
‫مناقشني األمر كام لو أهنا مناقشة نظرية‪،‬‬
‫ولكن ذلك ال جيعله علمي ًا وال صادق ًا‬
‫الشكل رقم (‪.)89‬‬ ‫من ناحية كونه وص ًفا فعل ًيا لعملية‬
‫‪https://www.pinterest.com/‬‬
‫التصميم‪.‬‬
‫‪/pin/574209021218801880‬‬

‫وكثري ًا جد ًا ما خيرتع املهندس‬


‫«نظرة» ليس هلا أي أساس عقالين‪ ،‬مؤسسة عىل مصدر اهلامه احلشوي لكيفية التعبري‬
‫عن بعض صوره املفضلة‪ .‬ويف أحيان أخرى‪ ،‬يندفع املهندس املعامري بقوى تدمري‬
‫واعية أو الوعية‪ ،‬وينعكس هذا الدافع يف املرشوع بنظرة «متعدية» وبالتايل لن يكون‬
‫الرشح النظري ملصدر إهلام الشكل املقدم صادق ًا ابدأ‪.‬‬
‫ال اعتقد بأن مربرات العامرة املعارصة «ملابعد‪-‬تصميم» أدوات مفيدة لطالب‬
‫العامرة‪ ،‬فهم فقط خيلطون املوضوع األسايس ‪ :‬التمييز مابني النظرية األصيلة والتسويق‪.‬‬
‫الفصل السابع‬

‫السياسة و الفلسفة واإلقليمية الناقدة‬

‫إن الفصل اآليت كُتب بالتشارك مابني ‪ Salingaros‬مع ‪،Kenneth G. Masden II‬‬
‫وهو يتعمق أكثر بمحدودية الفلسفات املعامرية املعارصة متضمنني «اإلقليمية الناقدة»‪،‬‬
‫ويربران التصميم ذا األساس الذكي ‪Intelligence-Based Design‬‬

‫‪Alvar‬‬ ‫عادة مايتم تصنيف جامعة ‪ Jyvaskyla‬املصممة من قبل املعامري‬


‫‪ Aalto‬كمثال عىل «اإلقليمية الناقدة»‪ ،‬ولكن بحسب كتاب النظرية املعامرية املوحدة‬
‫لساينغروس التذهب «اإلقليمية الناقدة» بعيد ًا بامفيه الكفاية إلزالة تأثريات أسس‬
‫احلداثة عىل ِ‬
‫العامرة‪.‬‬
‫كمعامريي الغد‪ ،‬عىل طالب اهلندسة املعامرية اليوم أن يتوصلوا لفهم دور‬
‫ومسؤولية مهنتهم كيشء مرتبط جوهر ًيا بالوجود البرشي والتجربة احلياتية‪ ،‬يؤمن‬

‫الشكل رقم (‪ :)90‬جامعة ‪Jyvaskyla‬‬


‫‪http://www.archdaily.com/203608/ad-classics-jyvaskyla-university-alvar-aalto‬‬

‫‪77‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪78‬‬

‫النظام التعليمي املقرتح وسيلة مبارشة لتصاميم متأقلمة مع بيئاهتا كرد فعل عىل‬
‫حاجات السوق املتنامية (متطلبات الزبائن)‪ ،‬ومع ذلك تستمر املؤسسات املعامرية يف‬
‫نرش نموذج ملنهج حيافظ عىل استناده عىل أساس صوري « ‪» image-based method‬‬
‫وعىل أيدولوجيتها الغريبة لعقود‪ .‬يمكننا تتبع آثار هذا الدعم لبدايات القرن العرشين‬
‫يف احلركات املعادية للتقليدية‪ .‬اإلصالح مستحيل من دون معاجلة اجلذور الفكرية هلذا‬
‫النظام واملنسية منذ فرتة طويلة‪.‬‬
‫تدفع القوى التطورية الكائنات البرشية لتكوين نظام من العالقات مابني‬
‫اجلسد الفيزيائي والتصورات الذهنية للعقل البرشي‪ ،‬مما سمحت لنا من اختبار العامل‬
‫ووجودنا‪ ،‬تزودنا هذه العالقات بالشعور بالراحة والشعور باالنتامء وبإحساس أعمق‬
‫عن ماهيتنا‪ ،‬وذلك من خالل املظاهر الفيزيائية والبرصية لإلدراك البرشي‪ ،‬فاجلسد‬
‫يدير التفاعالت األقدم مابني البرشية والعامل‪.‬‬
‫ّنم التطور هيكل اجلهاز العصبي يف البرش بطريقة متكنهم من التفاوض مع ظروف‬

‫الشــكل رقــم (‪ :)91‬قريــة مونســانتو الربتغاليــة مثــال عــى ابــداع انســاين اســتمد معلوماتــه مــن‬
‫البيئــة الصخريــة املحيطــة‬
‫‪http://www.albayan.ae/editors-choice/asfar/2013-07-25-1.1929685‬‬
‫‪79‬‬ ‫السياسة و الفلسفة واإلقليمية الناقدة‬

‫اللحظية حلياهتم من خالل إحاطتهم‬


‫بحقول من املعلومات ‪ -‬معلومات‬
‫فيزيائية وبرصية متجذرة بالنظام‬
‫الطبيعي للعامل ‪ -‬نجح تطور البرش‬
‫بإبداع الصناعات للعيش‪ ،‬وترتاوح‬
‫هذه اإلبداعات من املجوهرات‪،‬‬
‫لألثاث واملباين‪ ،‬ويف هناية املطاف إىل‬
‫املدن‪.‬‬
‫مع استمرار تطور العقل البرشي‬
‫‪ -‬من خالل كون «العاطفة» حافز ًا‬
‫عىل ذلك‪ -‬جاءت نقطة يف التاريخ‪ ،‬الشــكل رقــم (‪ :)92‬مثــال يوضــح الفــرق‬
‫بــن التفكــر العمــي املســتخرج مــن حقــول‬
‫حيث متكن البرش فيها من تصنيع‬
‫املعلوماتيــة املحيطــة واالفــكار املجــردة‪.‬‬
‫اآلراء املجردة واألفكار‪ ،‬وذلك خارج‬
‫التفكري العميل‪ :‬متثال ألمراه حتمل مشع ً‬
‫ال‬
‫احلقيقة املادية التي تواجههم يومي ًا‪،‬‬
‫التفكري التجريدي‪ :‬رمز احلرية‪.‬‬
‫‪http://www.almrsal.com/post/213936/statue-of-liber-‬‬ ‫ذلك االنشقاق بني طبيعة الذات‪/‬‬
‫‪ty-2‬‬
‫املوضوع ‪ subject/object‬يف التصورات‬
‫الذهنية سامهت بصنع واقع بديل‪ .‬هذه القدرات العقلية كانت القائد يف الفكر اإلنساين‬
‫والتفسريي آلالف السنني ( مما أدى إىل بعض أعظم إنجازات العقل البرشي )‪ ،‬لكن يف‬
‫أوقات أخرى قادت البرشية نحو أكرب الفظائع التي يمكن ختيلها‪ .‬وخالل القرن املايض‬
‫اهلندسة املعامرية ‪ -‬كعملية تشكيل عامل خارج أجسادنا ‪-‬سلمت يف العقيدة املعارصة‬
‫بأهنا ضمن اإلبداعات الفكرية الذاتية البحتة‪.‬‬
‫إن حقول املعلومات املحيطة بنا أكثر أمهية اليوم أكثر من أي وقت مىض‪ ،‬نظر ًا‬
‫لتبعية الطلبة عىل التعلم القائم عىل الصورة‪ ،‬أزحيت املعلومات الطبيعية وحلت حملها‬
‫األفكار املجردة التي سامهت يف إزالة املحتوى املعلومايت األسايس الالزم النخراط‬
‫اإلنسان مع العامل اخلارجي‪ ،‬واستبداله بجدران فارغة‪.‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪80‬‬

‫الشكل رقم (‪.)93‬‬


‫‪https://tigsee.com/Magazine/Country/Finland/Top-Attractions-in-Finland‬‬

‫إن أحد أهم الظروف التي ه ّيأت للمعامريني استبدال الصور بام هو حقيقي‬
‫خالل القرن العرشين هو القدرة عىل استخدام الكلمة املكتوبة لدعم أبنيتهم الفقرية‬
‫باملعلومات‪ ،‬لذا بدأ تاريخ طويل من النصوص السياسية والعاطفية كبديل فلسفي‬
‫للمعرفة التقليدية « ‪ »embedded knowledge‬والتي ضاعت من البيئة املبنية من اآلن‬
‫فصاعد ًا‪.‬‬

‫«اإلقليمية الناقدة»‪ 1‬واخلضوع الفكري‬


‫أحدثت النظرية النقدية أخبث ٍ‬
‫أثر يف العامرة مع انتشار املذهب املعروف باسم‬
‫«اإلقليمية الناقدة»‪ .‬ويؤكد أنصار هذه األيديولوجية املتناقضة أن التقاليد والثقافة‬
‫الشعبية ميتة‪ ،‬وأنه منذ اآلن فصاعد ًا يتوجب عىل العامرة اإلقليمية أن تتكيف مع‬
‫جميء احلداثة‪ ،‬وأعلنت بأن األنامط واملامرسات التي تستمد منها هوية املنطقة ليست‬
‫«حنني إىل املايض»‪ ،‬وبدالً من ذلك تويص بجامليات جتريدية مستمدة من احلداثة‬
‫ٌ‬ ‫إال‬

‫(‪ )1‬اإلقليمية = حملية‪ ،‬تكيفية مع إقليمها املناخي والثقايف‬


‫نظريــة اإلقليميــة الناقــدة ‪ Critical Regionalism‬هنــج يســعى ملواجهــة مفهــوم الالمــكان يف العــارة احلديثــة آخــذ ًا‬
‫بعــن االعتبــار التضاريــس واملنــاخ والضــوء‪ ،‬ومتوجه ـ ًا للتأكيــد عــى أســلوب البنــاء بــدالً مــن صورتــه‪ ،‬مــن‬
‫أشــهر معامريــي تلــك احلركــة ‪Alvar Aalto‬‬
‫‪81‬‬ ‫السياسة و الفلسفة واإلقليمية الناقدة‬

‫الدولية ‪ .International Modernism‬حيث أن أي تعبري معامري خارج عن إطار قيود‬


‫مجاليات احلداثة مرفوض‪.‬‬
‫النية املعلنة ألولئك الكتّاب هي إنشاء نامذج ال تنتمي إىل اللغة الشكلية الشعبية‪،‬‬
‫مما ينتج عن هذا املنهج املنفصم شخصي ًا عامرة المتد بصلة لإلقليمية‪ ،‬ولكن جمموعة‬
‫من أشياء ذاتية املرجع منفصلة عن جذورها الثقافية تم تشكيلها والتالعب هبا دون رد‬
‫أي اعتبار لسياقها اإلقليمي‪( .‬يرى املرء أحيان ًا حماولة للتكيف املناخي اخلاص باملوقع‪،‬‬
‫ولكن اليتعدى األمر أكثر من ذلك)‪.‬‬
‫حججا أيديولوجية حمضة للتحقق من صحة جمموعة‬ ‫ً‬ ‫وهكذا يستخدم املعلمون‬
‫ضيقة من أنامط التصميم للطالب‪ .‬وهذا خطأ ألهنا غري مدعمة‪ ،‬إال أهنا ليست سوى‬
‫العامرة منذ عقود‬‫وسيلة ملواصلة احلفاظ عىل أيديولوجية تابعة ملا سيطرعىل تعليم ِ‬
‫عديدة ماضية‪ .‬إن املوضوع هنا هو أن العامرة والعمران اجليدين ال عالقة هلام باملعتقدات‬
‫السياسية‪ ،‬وبالتايل إن تطبيق املعلمني لتقنيات املستمدة من منظرين سياسيني هو األسوأ‬
‫من كل ذلك‪ ،‬حيث ترغم الطالب واألكاديميني اآلخرين عىل اخلضوع الفكري‪ .‬هذه‬
‫األشكال من الرقابة طبيعية لنظام يعترب نفسه فوق اجلميع‪ ،‬والذي يعطي لنفسه سلطة‬
‫إعادة تأطري نظرة كل عضو للعامل‪ .‬وكلام تم جتاهل األدلة واستبداهلا بام هو غريعقالين‬
‫سيتم خلق عقيدة متعصبة (دوغام)‪ .‬وأصبح هذا النمط اخلاطئ من التدريس متجذرا‬
‫بقوة يف النظام احلايل‪.‬‬

‫الفلسفة تعلم العامرة‬


‫إن املربر املقدم لدراسة الفلسفة أن العامرة والعمران ترتبطان ارتباط ًا وثيقا‬
‫بالظواهر االجتامعية‪ ،‬حيث أن الفلسفة تعد الطلبة ملواجهة املشاكل املعامرية‪ .‬وهذا‬
‫التفسري ذريعة كي تعمل الفلسفة هنا أكثر كوسيلة لتجنب تعليم العامرة للطالب‬
‫مبارشة‪ .‬إن طرح مجيع املعارف املشتقة املفيدة يف املنهج كام لوبدئنا من الصفر هو‬
‫أسلوب تدريس احلداثة‪ ،‬حيث اليوجد أي اعرتاف علني بأن املعرفة املعامرية والعمرانية‬
‫موجودة عىل اإلطالق‪ .‬وإن أصبح األمر كذلك‪ ،‬سيتحتم عىل شخص ما رشح كيف‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪82‬‬

‫تم فقد ما يزيد عن ألفي عام من املعارف أوكيف تم جتاهلها خاصة يف فرتة سبعني سنة‬
‫ضمن عهد احلداثة‪ .‬وبتحويل طالب اهلندسة املعامرية نحو املؤلفني الفلسفيني خمتارين‬
‫بعناية‪ ،‬سيغطي هذا اإلجراء املريح التجنب املتعمد ألي نظرية معامرية حقيقية أي ًا كانت‬
‫نظرية حديثة أو تارخيية‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪ :)94‬املعرفة العمرانية ماقبل القرن العرشين‬


‫‪http://drawingparallels.blogspot.com/2016/07/resilient-rules-culture-and-complexity.html‬‬
‫‪http://drawingparallels.blogspot.com/2016/07/resilient-rules-culture-and-complexity.html‬‬
‫‪http://drawingparallels.blogspot.com/2016/07/resilient-rules-culture-and-complexity.html‬‬

‫إن الكثري مما ٌيسمح بتمريره اآلن كـ«نظرية معامرية» هو بالتايل أكثر من جمرد‬
‫مذهب‪ ،‬فهو يرشط الطالب عىل اإليامن املطلق بمجموعة من املعتقدات التي أنشئت‬
‫يف غياب معايري العامل احلقيقي‪ ،‬تٌشكل هذه املعتقدات نظرة الطالب للعامل حسب‬
‫ديناميكيات االنتساب للمجموعة‪ ،‬حيث تعمل كآلة لتصفية املعرفة بانتقاء املعلومات‬
‫التي تناسب املجموعة ورفض كلام تبقى‪.‬‬
‫جيب يف املستقبل تعليم اهلندسة املعامرية بفصلها بوضوح عن السياسة‪ ،‬وأيضا‬
‫فصل اهلندسة املعامرية من الفلسفة ذاتية املرجع‪ .‬فقط يمكن للمعلمني تدريب الطالب‬
‫عىل ذلك‪ ،‬ويمكن حتقيق هذا الوضوح للفكر لكل من املعلمني والطالب بعد فهم‬
‫األساس النظري احلقيقي للهندسة املعامرية واملعرب عنه بعبارات بدقة معامرية‪ .‬إن‬
‫للمدارس مسؤولية تعليم األسس املعامرية األصيلة للتصميم‪.‬‬
‫‪83‬‬ ‫السياسة و الفلسفة واإلقليمية الناقدة‬

‫الشــكل رقــم (‪ :)95‬احــد رســومات كرســتوفر الكســندر ‪ :‬الفــرق مابــن مبــاين خمتلفــة لبقايــا‬
‫فراغــات ومبــاين تــرك فراغــات تعايشــية اجيابيــة‪.‬‬
‫‪http://www.iwritewordsgood.com/apl/patterns/apl106.htm‬‬
‫‪http://www.iwritewordsgood.com/apl/patterns/apl106.htm‬‬

‫يف هناية املطاف ينبغي عىل طالب اهلندسة املعامرية دراسة الفلسفة‪ ،‬ولكن ُتنى‬
‫فائدهتا بعد تشكيل أساس ملا حيدث يف الواقع يف العامرة‪ .‬و جيب أن تكون فلسفة هذه‬
‫الدراسة إجيابية وإنسانية‪ ،‬فالعديد من الفالسفة عىل مر التاريخ يؤكدون رضورة اتصال‬
‫البرش بالكون‪ ،‬ولكن بالكاد يدرس املعامريون هؤالء املؤلفني‪.‬‬
‫وما نقرتحه هو تصميم مستند عىل معلومات ذات أسس فلسفية عميقة‪ ،‬تنشأ‬
‫العامرة والعمران املتكيفان إنساني ًا من احرتام أسمى معاين البرشية ضمن كون ﻻ هنائي‪.‬‬
‫وهناك جمموعة واسعة من األعامل الفلسفية تربط البرشية مع الطبيعة ومع السامية‪.‬‬
‫ففي األطروحة الرباعية ملجلدات «‪ ،)2005-2001( »The Nature of Order‬حيدد‬
‫كريستوفر ألكسندر أساس فلسفي حقيقي لعامرة تكيفية‪.‬‬

‫أساس إنساين‬
‫حياول الفالسفة ‪ -‬ذو الكتابات الرضورية الستمرارية اجلنس البرشي ‪ -‬فهم‬
‫من ناحية أخرى احلرية النامجة عن أفعال البرش خارج اإلطار العلمي الصارم‪ ،‬فهم‬
‫يساعدوننا عىل متييز اجليد من اليسء يف األنشطة البرشية‪ .‬يتكرر هذا املفهوم التارخيي‬
‫(األخالق) يف مجيع أنحاء األطروحات التقليدية يف فلسفة العامل بأرسه‪ ،‬وحيتفي العديد‬
‫من الفالسفة املعارصين باحلياة وقداسة اإلنسانية‪.‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪84‬‬

‫تقوم النصوص الدينية التقليدية‬


‫عىل قصص األخالق التي تساعد‬
‫البرشية عىل تشكيل رؤية تتجاوز‬
‫القيود املوجودة يف البرش كاحليوانات‬
‫أو كذوات بشكل بحت‪ .‬ولكن مل يتم‬
‫دمج يشء من هذا القبيل يف تعليم‬
‫اهلندسة املعامرية اليوم ‪ -‬والنزال نحول‬
‫إىل نفس احلفنة الغريبة من الفالسفة‬
‫(الغرب)‪ ،‬واالعتامد عليهم لتربير‬
‫العامرة من أجل العامرة \ ‪architecture‬‬

‫‪ .for architecture’s sake‬ونستطيع أن‬


‫نحكم من خالل أشكاهلا الال إنسانية‬
‫بأن حمركها أيديولوجي عدمي بحت‪،‬‬
‫حتى وهي ختدم الرأساملية العاملية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫الفصل بني العدمية واإلنسانية‬
‫مهم بشكل كامل ال هوادة فيه‪ ،‬ومع‬
‫ذلك‪ .‬علينا أن نختار الفالسفة بعناية‬
‫شديدة‪ ،‬والنصوص التي تُقدم للطالب‬
‫كواجبات للقراءة‪ .‬ال يمكن أن تلغي‬
‫املدرسة‪/‬اجلامعة مسؤوليتها بتعليمها‬
‫اهلندسة املعامرية كمجموعة من‬
‫الشكل رقم (‪.)96‬‬
‫‪http://archidose.blogspot.com/2012/06/‬‬ ‫املعتقدات خلدمة مصالح شخصية‪.‬‬
‫‪half-dose-107-new-england-conservatory.html‬‬ ‫(‪ )2‬العدميــة‪ :‬موقــف فلســفي يقــول إن العــامل كلــه‬
‫‪http://www.arch.rpi.edu/category/student-work/‬‬ ‫بــا يف ذلــك وجــود اإلنســان‪ ،‬عديــم القيمــة‬
‫‪/page/3‬‬ ‫وخــال مــن أي مضمــون أو معنــى حقيقــي‪.‬‬
‫‪https://www.pinterest.com/pin/268245721526811474‬‬ ‫اإلنســانية‪ :‬كل موقــف فلســفي أخالقــي يركــز‬
‫‪/https://es.pinterest.com/pin/291397038367836032‬‬ ‫عــى قيمــة وكفــاءة اإلنســان هــو إنســاين‪ ،‬ســواء‬
‫كان هدفــه الفــرد أو اجلامعــة‪.‬‬
‫الفصل الثامن‬

‫فهم بيولوجي للعمارة‬

‫يضع الفصل اآليت اخلطوط العامة لعالقة العامرة بعلم األحياء‪/‬البيولوجيا‪.‬‬


‫وكيف تؤثر البيولوجيا عىل إدراكنا لألشكال‪.‬‬
‫استخدمت فكرة اتصال العامرة بالبيولوجيا من قبل املعامريني التقليديني‬
‫ومعامريي احلداثة ومابعد احلداثة ‪،‬والتفكيكيني وبشكل طبيعي معامريي «األشكال‬
‫العضوية»‪ .‬هنا قد يعتقد املرء أن مهمة صلة العامرة بالبيولوجيا هي استخدامها لدعم‬
‫أي طراز معامري َأ ًّيا كان‪ ،‬وعندما يشيع تطبيقها كثري ًا حينها خترس الصلة البيلوجية‬
‫قيمتها أو عىل األقل ستحدث ارتباك ًا وتصبح بال معنى‪ ،‬هل من أي طريقة لتصفية‬
‫النتائج املركبة واملتناقضة؟‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪.)97‬‬


‫‪/http://www.fresher.ru/2013/11/21/centr-gejdara-alieva-novyj-simvol-baku‬‬

‫‪85‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪86‬‬

‫الشــكل رقــم (‪ :)98‬مثــال اقتبســة مؤســس اكاديميــة علــم االعصــاب للعــارة ‪ ANFA‬يف‬
‫جمــال تاثــر بعــض املبــاين عــى عواطــف االنســان ( ‪ ) Eberhard,2009‬يف ورقــة بحثيــة بعنــوان‬
‫‪Applying Neuroscience to Architecture‬‬
‫‪http://www.huffingtonpost.com/2014/06/21/arkansas-thorncrown-chapel_n_5515375.html‬‬

‫حتى اآلن يركز املعامريون والعلامء املهتمون بالعامرة عىل التقليد الشكيل‬
‫للطبيعة‪ ،‬أحيانا بشكل رصيح وبغالب األحيان بشكل ضمني وذلك بإهلام األشكال‬
‫‪87‬‬ ‫فهم بيولوجي للعامرة‬

‫البيولوجية ملنشآت بني البرش‪ ،‬ومع ذلك أعتقد بأن فهم اجلذور البيولوجية للعامرة‬
‫ال عن التقليد اإلنشائي‪ ،‬وهو اجلانب األكثر‬ ‫والعمران يتطلب عنرص ًا آخر ًا مستق ً‬
‫صعوبة من املشكلة والذي هيتم منذ البداية بكيفية تواصلنا وإدراكنا لألشكال‪ ،‬عىل‬
‫هذا النحو يصبح له عالقة ببنيتنا الداخلية اخلاصة كبرش أكثر من اهلياكل البيولوجية‬
‫العامة‪ .‬يمكن العثور عىل اإلجابات يف العمليات اإلدراكية‪ ،‬والتصور‪ ،‬و الفزيولوجيا‬
‫العصبية‪)cognitive processes, perception, and neurophysiology( .‬‬
‫من أجل البدء بالبحث عن كيفية تأثري البيولوجيا عىل اهلندسة املعامرية والتخطيط‬
‫العمراين‪ ،‬جيب وضع نوع ًا ما خريطة شاملة للمشكلة ألنه موضوع شاسع‪ ،‬وبالتايل من‬
‫املفيد تقسيمه إىل سلسلة من األسئلة كام سييل‪ ،‬وهذه ال تعني أن هذه هي املجموعة‬
‫الكاملة لألسئلة املطلوبة بل فقط نقطة انطالق إلجراء حتقيق‪:‬‬
‫‪1.1‬ملاذا بعض األشكال املبنية تشبه النامذج البيولوجية؟‬
‫‪2.2‬ما هي أنواع األشكال املبنية التي تنسجم أكثر مع النامذج البيولوجية ؟‬
‫‪3.3‬هل لدى البرش استعداد وراثي ملحبة أو الشعور بالراحة ألنواع معينة من األشكال‬
‫املبنية؟‬
‫‪4.4‬هل يميل البرش أيضا «لبناء» أنواع معينة من األشكال؟‬
‫‪5.5‬هل من املفيد حق ًا حماكاة األشكال البيولوجية بام نبنيه؟‬
‫‪6.6‬هل نحصل عىل متعة أكثر تتجاوز املتعة اجلاملية (كوجود فوائد مادية ونفسية) من‬
‫بيئة هلا جوهر اهليكل البيولوجي؟‬
‫‪7.7‬هل العيش داخل وحول األشكال التي تتناقض مع النامذج البيولوجية يشكل‬
‫مصدر أذى ألنفسنا؟‬
‫‪8.8‬هل نفهم حق ًا اهليكل البيولوجي جيد ًا بام يكفي لتقليد أي يشء بخالف مظهره‬
‫السطحي؟‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪88‬‬

‫نأمل أن توفر هذه األسئلة للباحثني قوة دفع حلل املشاكل طويلة األمد والتي‬
‫تعنى بكيفية تواصل البرشية مع البيئات الطبيعية واملبنية‪ .‬أود أن أركز هنا من ناحية عىل‬
‫العالقة بني اهلندسة املعامرية والتخطيط العمراين مع اهلياكل املوروثة يف الدماغ البرشي‪،‬‬
‫والتي تؤثر عىل وظيفة «العقل»‪ ،‬ومن جهة أخرى بدأت جمموعة من املهندسني املعامريني‬
‫واملفكرين املبتكرين بوضع األساس هليكل جديد من اهلندسة املعامرية ‪،‬والذي ينطلق‬
‫املحسن للهيكل البيولوجي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫من احتياجات اإلنسان‪ ،‬وهو مدعوم من قبل فهمنا‬
‫إن اإلدراك هو ماجيعلنا برش ًا ومن املؤكد مسؤوليته عن كيفية إدراكنا للمنشآت‬
‫وبالتايل أمهية دور الفيزيولوجيا العصبية يف الرد عىل األقل عىل بعض املسائل املذكورة‬
‫أعاله‪.‬‬
‫الفصل التاسع‬

‫فيزيولوجيا اإلنسان والتصميم القائم على األدلة‬

‫يتوسع الفصل التايل يف موضوع ظاهرة «احلياة» يف املباين والتي تم تقديمها يف‬
‫الفصل الثالث‪ ،‬وسيقدم أيض ًا اختبار ًا بسيط ًا حيدد مقدار «احلياة» يف منشأة ما‪.‬‬
‫بتناول العامرة من خالل منظور جديد متام ًا عن طريق التامسك املنظم ‪organized‬‬

‫‪( coherence‬والذي يدعوه كريستفور ألكسندر بـ«الكامل‪ )» wholeness/‬يوحد العديد‬


‫من الظواهر و ُيبهت الفواصل التقليدية مابني الزخارف والوظيفة‪ ،‬واملباين وعلم البيئة‪،‬‬
‫واجلامل واملنشآت الوظيفية‪ .‬سنستطيع عندها البحث عن «احلياة» يف التحف واملنشآت‬
‫وهو ما سيفرس جتربتنا هلا‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪.)99‬‬


‫‪http://www.syr-res.com/article/3578.html‬‬

‫‪89‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪90‬‬

‫الحق ًا عىل هذا املسار سوف نقوم بتعداد امليزات وقياس العوامل التي تساهم يف‬
‫خلق انطباعنا عن «احلياة» يف األشياء‪ ،‬ستظهر لنا هذه املقاييس بأن ظاهرة احلياة التعود‬
‫لفقه الشخص ‪ ،‬بل هي مشرتكة بشكل كبري بني مجيع البرش‪.‬‬
‫تتواجد هناك مشكل ًة يف قولنا بأننا «نعجب» بيشء ما‪ ،‬وهو ما اليمت بصلة‬
‫بمقدار إدراكنا لدرجة احلياة فيه‪ ،‬ألنه بالرغم من كل ذلك اليزال هناك مباين وحشية‬
‫وال إنسانية حمبوبة بشكل كايف من قبل معامرهيا وزبوهنا الذي فوضها‪ ،‬ونحن أيض ًا عىل‬
‫معرفة بتواجد اإلعالم بقيمة ترليون دوالر واملؤسس عىل التالعب برأينا فيام نحب‪.‬‬
‫إن إدراك «احلياة» يف األشياء يأيت من خالل إحداث صلة عميقة مابني املراقب‬
‫أو املستخدم مع اليشء‪ ،‬يأيت ذلك اإلدراك من ترابط الفيزيولوجيا مع الفطرة والتي‬
‫يمكننا اختيار جتاهلها ولكن اليمكننا عىل األرجح تغيريها‪.‬‬
‫يعدد أليكسندر بعض خواص هذه الصلة العاطفية مع التحف واملنشآت‪:‬‬
‫‪1.1‬نستشعر التغذية منها‪.‬‬
‫‪2.2‬إن شاركنا بالفعل يف بنائها‪ ،‬سنشعر أيض ًا بذلك اإلحساس بالتغذية‪.‬‬
‫‪3.3‬عندما نستطيع حتديد هذه الصلة ومتييزها من اإلعجاب املستمد من وسائل‬
‫اإلعالم ‪،‬عندها سنكتشف بأننا سنتفق يف هذا مع الكثري من الناس‬
‫‪4.4‬إن ذلك ليس جمرد حكم مجايل ‪،‬بل يشء متداخل مع جوانب أعمق للثقافة واحلياة‪.‬‬
‫‪5.5‬يمكن التحقق من هذه الصلة بشكل جتريبي‪ ،‬وهي ليست ببساطة مسألة رأي‪.‬‬
‫إن من السهل احلكم عىل نسبة التقريبية للصلة اإلجيابية التي نختربها بشكل‬
‫شخيص ‪،‬وذلك بمقارنة صلة شيئني مع أنفسنا‪ ،‬يعتمد استخراج نتائج ذلك عىل خدعة‬
‫نفسية‪ ،‬وستجرب هذه اخلدعة دماغنا عىل حساب التعقيد املنظم بني شيئني بطريقة‬
‫املقاربة‪ ،‬وإن مل يكن ذلك بشكل مطلق‪.‬‬
‫إن اختبار ًا أللكسندر يدعى «مرآة للذات» “‪ ”mirror of the self‬يسأل‪ :‬أ ّي ًا‬
‫من الشيئني الذين اختربمها سيمدين بصورة أوضح عن نفيس؟ علينا هنا تصور كل‬
‫‪91‬‬ ‫فيزيولوجيا اإلنسان والتصميم القائم عىل األدلة‬

‫الشكل رقم (‪.)100‬‬


‫‪http://syriahomenews.com/2015/07/08/%D9%82%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D9%84%‬‬
‫‪D8%B9%D8%B8%D9%85-%D9%81%D9%8A %D8%AF%D9%85%D8%B4%D9%82-‬‬
‫‪%D8%AA%D8%AD%D9%81%D8%A9-%D9%85%D8%B9%D9%85%D8%A7%D8%B1%D9‬‬
‫‪/%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A3%D9%85%D8%AB%D9%88%D9%84‬‬

‫شخصيتنا‪ ،‬نقاط قوتنا وضعفنا‪ ،‬إنسانيتنا‪ ،‬مشاعرنا‪ ،‬إمكانيتنا وجتارب حياتنا عىل أهنا‬
‫بطريقة ما مشمولة ضمن شفرة هيكل أحد هذين الشيئني‪ ،‬عندها يمكننا أن نسأل أ ّيا‬
‫من هذين الشيئني يعطي صورة صادقة عن ذاتنا‪.‬‬
‫اكتشف الكسندر بأن أكثر من ‪ % 80‬من الناس اختاروا اليشء الذي يمثل درجة‬
‫أعىل من احلياة‪ ،‬والذي تم حسابه سابق ًا عن طريق مقاييس موضوعية أخرى‪ ،‬وبناء‬
‫عىل ذلك يمكننا االستغناء عن تلك العمليات احلسابية وجمرد طرح هذا السؤال حول‬
‫انعكاس ذواتنا‪ .‬ذلك االرتباط عال بام فيه الكفاية جلعل االختبار أداة مفيدة جد ًا ‪،‬عىل‬
‫الرغم من أنه غري معصوم عن اخلطأ‪.‬‬
‫ينجح هذا االختبار يف سحبنا بعيد ًا عن آرائنا وتفضيالتنا التي تعلمناها من‬
‫اخلارج‪ ،‬تلك التي ال تطابق ماينبثق بعمق من داخل كياننا‪ ،‬فهو يقطع بالتايل سلسلة‬
‫أفكارنا الفقهية‪ ،‬ورأينا حمتمل التحيز ضد اجلامل لتلفت انتباهنا ملا نحن عىل صلة به‬
‫بصدق‪.‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪92‬‬

‫من احلقيقة املؤسفة أنه تم التالعب بذوقنا حتى ُصنع منا ذلك املستهلك املثايل‬
‫للموضة والسلع الصناعية‪ .‬ليس فقط باستخدام اختبار «مرآة للذات» بشكل متكرر‬
‫سيجعلنا أكثر كفاءة يف تطبيقه‪ ،‬بل أيض ًا سيساعدنا عىل التحرر من الرأي والصور‬
‫واملذهب جاع ً‬
‫ال منا ماهرين يف إدراك البنى احلية‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪.)101‬‬


‫‪http://www.archdaily.com/office/charged-voids‬‬

‫بقلب املسألة عىل عقب‪ ،‬دعنا نستفرس عن كيفية قطع البرش صلتهم مع‬
‫مشاعرهم يف عامل متصل بالفعل بالبنى احلية من خالل الثقافة والتعليم‪ ،‬كيف يمكن‬
‫للمرء إنكار فطرة وهبة إدراك «احلياة» وجتاهل البرش هلا بالبداية ومن ثم نسياهنا متام ًا؟‬
‫إن الطريقة لفعل ذلك هو أوالً تشتيت انتباهنا واستخدام سلطة مزيفة تبعدنا عن إعادة‬
‫بناء الصالت احليوية واخلرائط املعرفية‪.‬‬
‫يوجد هناك مفهومان مميزان عن جتربتنا املشرتكة للعامل‪ ،‬حتدث األوىل حينام‬
‫نستخدم نظام حواسنا لتشكيل نظرة صادقة ومبارشة للعامل ‪،‬فكون جهازنا احليوي‬
‫«البيولوجي» مشرتك مع بقية البرش ستكون أيض ًا جتربتنا مشرتكة إىل حد كبري‪ ،‬أما‬
‫السيناريو اآلخر فيحدث عندما يساق قطاع كبري من السكان نحو نظرة خاطئة للعامل‪،‬‬
‫‪93‬‬ ‫فيزيولوجيا اإلنسان والتصميم القائم عىل األدلة‬

‫ويف هذه احلالة سيكون ما نشرتك به بعيد ًا عن احلقيقة ويتواجد فقط كصورة‪.‬‬
‫إذا كنا واقعني بالفعل داخل عامل غري واقعي فسيتم تعزيزه نظر ًا ألنه يتم تقاسمه‬
‫مع اآلخرين‪ .‬حينها يمكن أن تساعدنا هذه األدوات املقرتحة عىل اخلروج‪ .‬توجد‬
‫هناك طريقة خمتلفة لوصف اختبار «مرآة للذات» و هي أن تشعر كيف يؤثر يشء ما‬
‫أو بيئة حمددة عىل «إنسانيتنا»‪ .‬اسأل نفسك‪« :‬هل يزيد أو يتناقص إحسايس باإلنسانية‬
‫عند التعرض هلذا اهليكل بشكل خاص؟» هنا يمكننا أن ننسى حضارتنا امليكانيكية‬
‫لنستخدم حرص ًا حدسنا ملعرفة حالتنا العاطفية الداخلية‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪.)102‬‬


‫‪http://www.archdaily.com/611788/unified-architectural-theory-chapter-9a/550c4876e58eceb2700001‬‬
‫‪f5-the-erechtheion-in-a‬‬

‫يتلقط اختبار «مرآة للذات» بام يذكرنا بالطبيعة‪ ،‬مثل التسلسالت اهلرمية‬
‫الطبيعية للمقياس والتعقد املنتظم للمواد الطبيعية وغريها من امليزات اهلندسية التي‬
‫تعطي شعورا أكرب بـ»احلياة» يف يشء ما‪ ،‬عندما يمكننا االتصال بالبيئة نظر ًا ألننا جزء‬
‫منها ومرتاحون فيها‪ ،‬عندها سنتمكن من ممارسة حياتنا ووظائفنا بمزيد من املتعة‬
‫وبأقل إجهاد‪ .‬فهذا الشعور بالسعادة ال يتم تسجيله عن وعي‪.‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪94‬‬

‫كثري ًا ما نخترب درجة عالية من احلياة يف األشياء واملباين ذات العيوب كاملباين شبه‬
‫املهدمة‪ ،‬والتحف األثرية ذات األجزاء التالفة‪ ،‬و‪ ..‬إلخ وهو ما ال يقلل من جاذبيتها‪.‬‬
‫املجمعون السجاد العتيق‬
‫ّ‬ ‫ال لرؤية وجتربة األنقاض‪ ،‬ويشرتي‬ ‫يسافر السياح شوط ًا طوي ً‬
‫بثقوبه‪.‬‬
‫سيمنحنا استخدام اختبار «مرآة للذات» أداة أساسية لتنفيذ التصميم املبني‬
‫عىل األدلة «‪ .»evidence-based design‬وهناك جانبان هلذا املنهج‪ :‬اجلانب األول وهو‬
‫مستمد من األجواء طبية التي تم هبا سابق ًا قياس مدى تأثري املنشآت والبيئات املبنية‬
‫عىل الصحة البرشية‪ .‬ليس من الصعب مقارنة التصاميم وفقا إلمكاناهتا بتسهيل عملية‬
‫الشفاء‪ ،‬فالبيانات تثبت بأن هناك بيئات حمددة يتعاىف فيها املرىض بشكل أرسع‪ .‬فبدء ًا‬
‫من تصميم املشايف‪ ،‬يتم تطبيق التصميم القائم عىل األدلة اآلن عىل بيئات أخرى أكثر‬
‫عامة‪ .‬أما اجلانب الثاين يتعلق باستخدام ردود األفعال والتعقيب ‪ ،feedback‬وسيتم‬
‫نقاش ذلك مطوالً يف اجلزء الثاين من هذا الفصل‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪.)103‬‬


‫‪/http://www.archdaily.com/tag/unified-architectural-theory‬‬
‫‪95‬‬ ‫فيزيولوجيا اإلنسان والتصميم القائم عىل األدلة‬

‫يتابع سالينغاروس نقاشه عن اختبار «مرآة للذات» الذي تم التعريف به‬


‫يف الفصل السابق مظهر ًا كيف يمكن استخدامه لتوفري نقد مهم للغاية لتفعيل مبدأ‬
‫التصميم املستند عىل األدلة‪evidence-based design .‬‬

‫أصبح اآلن التصميم املستند عىل األدلة أداة معيارية يف تصميم املدارس (من‬
‫ورقة بحث ‪ Peter C. Lippman‬التصميم املستند عىل األدلة للمدارس االبتدائية‬
‫والثانوية ‪ .)2010‬ولكن تطبيقه احلايل مع أنه جدير بالثناء اليزال فاقد ًا للعنارص‬
‫املفتاحية الرضورية للتصميم املتكيف ‪ adaptive design‬وهي‪ :‬البيوفيليا «‪/Biophilia‬‬
‫حب الطبيعة» و الذكاء يف البيئة (موضوعان سيتم النقاش فيهام يف هذا الكتاب)‬
‫باإلضافة للغة النمطية ‪ Pattern Language‬والتي تعمل كل منها مع بعضها البعض‬
‫لتعطي نتائج تصميمية مثالية‪.‬‬
‫يسمح التصميم املستند عىل األدلة للمعامري أن يقييم تصمي ًام بأشكاله املختلفة‪،‬‬
‫ملعرفة ما إذا كان سيساهم يف رفاهية اإلنسان‪ ،‬وهذا مما سيجعل من خياراته مدروسة‬
‫أكثر ومن املمكن أن تدفع وتوجه التصميم نحو شكله النهائي األكثر تكيف ًا‪ .‬نحن‬
‫نعلم بأن النتيجة ستكون أكثر قابلية للتكيف طاملا قمنا بالتحقق من كل مرحلة وسيطة‬
‫لتصميم متطور‪.‬‬
‫إن اجلانب اآلخر من التصميم املستند عىل األدلة هو االستفادة من النقد‬
‫‪ ،feedback‬فمن الناحية العملية‪ ،‬التصميم املتكيف هو حصيلة من التكرار ‪،iterations‬‬
‫حيث يتم فحص كل خطوة حسب زيادة أو خفض الرفاهية اإلنسانية كدليل‪ .‬هذه‬
‫عملية ال تستخدم صيغة رياضية كام أهنا ال تتفق مع أي قواعد جمردة أو صور‪ .‬وهنا‬
‫يتكيف التصميم من خالل التكرار املفحوص عن طريق مؤرشات فيزيولوجية لكل‬
‫خطوة من هذه العملية‪.‬‬
‫من الواضح بأن هذه الوسيلة تعمل بشكل أفضل عندما نجعل عملية التصميم‬
‫عملية تطورية متعددة اخلطوات ممكنة التعديل‪ ،‬فهي التعمل عىل اإلطالق عندما يصل‬
‫املعامري أو املصمم إىل حله يف خطوة واحدة‪ ،‬فأين التكيف يف ذلك؟ إنه غري موجود‪.‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪96‬‬

‫اليمكن أن يعمل التصميم املستند إىل األدلة حينام متارس العامرة بتقديم تصاميم‬
‫متوافقة مع نامذج مل يتم اختبارها‪ .‬ملاذا يقوم البعض ‪-‬إىل اآلن‪ -‬بشكل معياري ببناء‬
‫نامذج منسوخة مرار ًا وتكرار ًا ولكن مل يتم اختبارها إلجياد أدلة لتكيفيها؟ ال خيطر ببال‬
‫هؤالء املهندسني املعامريني إجراء جتارب لقياس االستجابة الطبية للتأكد من أن ما‬
‫يقومون به ال ُيمرض البرش‪ .‬فقد تكون تلك البيئات التي مل يتم اختبارها يف الواقع‬
‫جمهدة أو ضارة ملستخدميها‪ .‬إن املشكلة يف الوقت الراهن أنه ال يتم تدريب املهندسني‬
‫املعامريني عىل قياس املؤرشات الفيزيولوجية للبرش‪.‬‬
‫للتصاميم غري الصحية يشء مشرتك‪ :‬مطابقتها لصورة بدهيية مسبقة أو ملفهوم‬
‫جتريدي أو ملا ينبغي صورة املبنى أن تكون؛ فشخص ما قدم صورة يف البداية واجلميع‬
‫يقوم بنسخ تلك الصورة بسعادة دون تفكري أو تأمل‪ .‬وهذا النموذج ذو الرمزية البرصية‬
‫متسلط لدرجة حتى تم وضعه فوق احلاجة إىل األدلة‪ .‬ويف الواقع إذا كانت األدلة ذات‬

‫الشكل رقم (‪.)104‬‬


‫‪97‬‬ ‫فيزيولوجيا اإلنسان والتصميم القائم عىل األدلة‬

‫نتيجة سلبية‪ ،‬سيعتمد عىل النموذج األصيل بام يشبه التعصب الديني‪ ،‬بينام يتم رفض‬
‫األدلة نفسها‪ .‬فاملهندسون املعامريون ال يقبلون الفشل وهم أكثر فخر ًا بأنفسهم عىل‬
‫االعرتاف بأهنم ارتكبوا خطأ ما‪.‬‬
‫يمكن أن يساعد اختبار «مرآة للذات» يف نقض هذه املامرسة املؤسفة‪ ،‬فيمكن‬
‫تدريب أي شخص عىل استخدامه وبالتايل ال يكون هناك حاجة إىل توصيل األسالك‬
‫لقياس املؤرشات الفيزيولوجية التي تقيس مستويات التوتر يف اجلسم‪ .‬فاالختبار‬

‫الشكل رقم (‪:)105‬صوره اسكان مجاعي مهجور يف روما‬


‫‪http://blogs.lse.ac.uk/lsereviewofbooks/2012/06/06/book-review-utopian-adventure-the-cor-‬‬
‫‪/viale-void-by-victoria-watson‬‬

‫الشكل رقم (‪ :)106‬عملية تفجري اسكان ‪ Pruitt-loge‬الرتفاع معدالت اجلريمة فية‬


‫‪http://www.syr-res.com/article/8301.html‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪98‬‬

‫يساعد عىل كشف عن تصميم فاشل بشكل ال َلبس فيه‪ .‬فأي شخص يمكنه استخدام‬
‫اختبار للتمييز بني بيئتني أهيام أكثر أو أقل شفاء من األخرى‪.‬‬
‫لو استمر تطبيق اختبار «مرآة للذات» سيؤدي ربام إىل تفادي بعض البيئات‬
‫القاسية التي بنيت عىل مدى العقود العديدة املاضية‪ ،‬فأحد هذه النامذج هو كتل الشقق‬
‫الضخمة للغاية والتي ضمت آالف الناس يف صندوق من ثامنية طوابق‪ .‬حيث انترشت‬
‫من نامذج التي بناه النازيون يف جزيرة ‪ ،Rügen‬أملانيا‪ ،‬إىل ‪ Pruitt-Igoe‬يف سانت لويس‪،‬‬
‫إىل ‪ Corviale‬يف روما‪ ،‬ومجيعها كانت خمفقة‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪ :)107‬التعقيد املنظم‪ /‬الغدامس يف ليبيا‬


‫‪http://www.albayan.ae/editors-choice/asfar/2013-03-31-1.1852847‬‬
‫‪99‬‬ ‫فيزيولوجيا اإلنسان والتصميم القائم عىل األدلة‬

‫الشكل رقم (‪ :)108‬الغدامس يف ليبيا‬


‫‪http://saberyrecordar.blogspot.com/2015/07/ghadames-perla-del-desierto-de-libia.html‬‬

‫إن هذه األمثلة لتلك النامذج املستندة عىل تصميم منخفض التعقيد ‪low design‬‬
‫‪ complexity‬ال يمكن أن تتكيف مع االستعامل البرشي وحساسياته‪ ،‬فإما معامريوها‬
‫نسوا البرش أو كانوا ذا نية حسنة ومل يدركوا ماكانوا يفعلونه فقد أصبح التصميم نشاط ًا‬
‫فكري بشكل نقي‪ .‬لألسف اعتمد البناؤون هذا النوع من النامذج ألهنا رخيصة البناء‬
‫وبالتايل أصبح حمركها املال‪.‬‬
‫تتجاهل األشكال املبسطة إنسانية البرش مع أهنا إىل اآلن مازالت حمبوبة من‬
‫قبل املعامريني الذين يقيموها عىل أسس فنية‪ ،‬لكن النقاء الرسمي والبساطة ال تعني‬
‫شيئا ملستخدميها‪ ،‬ومل يقع الناس العاديون يف ألعاب املعامريني الفكرية ‪،‬فامزلنا نرى‬
‫درجة من التعقيد املنتظم ‪ organized complexity‬حني يبني البرش بأنفسهم كام يف‬
‫سكن العشوائيات‪ ،‬والتي ربام هي أقل من أن تكون منظمة بشكل مثايل مما متثل نقيض‬
‫التصميم الرسمي‪.‬‬
‫تتلخص املشكلة يف النقاد الذين حيكمون عىل املباين من صورهتا وليس من جتربة‬
‫شخصية مبارشة‪ .‬عىل العموم ال هيتم النقاد فيام إذا كانت األشياء تعمل أو أهنا مناسبة‬
‫حق ًا‪ ،‬فهم يعتمدون أيض ًا عىل املهندسني املعامريني املشهورين ويعملون مع الرشكات‬
‫اهلندسية الكربى التي يشتغل فيها هؤالء املعامريون‪ ،‬وبالتايل الجيرؤون عىل انتقاد‬
‫أعامهلم‪ .‬يصمم املعامريون بشكل صارم إلعجاب معامريني آخرين‪ ،‬وبسبب العمل‬
‫غري النزيه لنقاد العامرة تم خلق مهنة من غري املحتمل أن خترج من الدائرة املفرغة من‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪100‬‬

‫حس باملسؤولية‪.‬‬
‫تصديق ذاهتا بال أي ٍّ‬
‫منذ القرن العرشين وحتى اآلن يف القرن الواحد والعرشين‪ ،‬قد جتاوزت السلطة‬
‫الغاوية للصور الرمزية كل االعتبارات األخرى‪ ،‬ويتم تطبيق نامذج هندسية جامدة‬
‫بالتفكري‪ ،‬و األسوأ من ذلك تستخدم النامذج السيئة كاألساس لإلبداع املعامري‪،‬‬
‫ولكن األشكال اجلديدة لألسف حتمل خصائص أسوأ من األصل‪ .‬يمكن أن يساعدنا‬
‫التصميم القائم عىل األدلة واختبار «مرآة للذات» عىل التحرر من هذه املامرسة العقيمة‪.‬‬
‫الفصل العاشر‬

‫البيوفيليا‪ :‬قرابتنا المتطورة‬


‫نحو األشكال البيولوجية‬
‫يسري نقاش سالينغاروس يف الفصل التايل نحو ردود أفعالنا الفيزيولوجية‬
‫والنفسية اجتاه البيئة املبنية وعن علم الفراغات الشافية‪ .‬البيوفيليا‪/‬حب الطبيعة‪:‬‬
‫رابطتنا املتطورة باألشكال البيولوجية‬
‫كام رشحت سابق ًا ‪:‬يتجه التعقيد املنتظم ‪ organized complexity‬للصناعات‬
‫واألبنية نحو إثارة ردود أفعال إجيابية ملستعمليها‪ ،‬وهذا ما يدعى بإدراك «احلياة» الذي‬
‫يمكن حتسسه يف ٍ‬
‫مبان وأماكن معينة من البيئة املبينة‪ .‬إن للهيكل الفيزيائي تأثري ًا هائ ً‬
‫ال‬
‫عىل البرش‪ ،‬ومن الواجب احلاسم للنظرية املعامرية رشح وتوقع تأثري تواجد‪/‬عدم‬
‫تواجد اهلياكل احلية علينا‬

‫الشكل رقم (‪.)109‬‬


‫‪/http://www.archdaily.com/tag/unified-architectural-theory‬‬
‫‪101‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪102‬‬

‫كل ذلك يكمن يف اهلندسة‪ ،‬ففئة معينة من التكوينات اهلندسية تولد توتر ًا لدى‬
‫املستخدم وفئة أخرى ذات تكوينات نستطيع أن ندرك احلياة فيها ال تولد أي توتر‪،‬‬
‫وأزيد عىل ذلك بأهنا أيض ًا تولد فينا مشاعر إجيابية؛ ومثال عىل ذلك بأننا سنكون أحرار ًا‬
‫لتجربة كرب مفعوهلا الشايف‪ ،‬ويعود ذلك لسبب حمدد بأنه مل نعد ننهك من قبل اإلجهاد‬
‫البيئي‪.‬‬
‫هدفنا إذن هو الكشف عن القيم املحددة التي تتمتع هبا البيئة الصحية والتي‬
‫تسمح لك بالشعور باحلرية‪ ،‬بيئة كهذه ال هتدر أي طاقة بشكل آيل يف الرصاع مع‬
‫التكوينات اهلندسية املسببة للتوتر‪ ،‬هنا نجد نظام ألكسندر يف (اللغة النمطية)‪ ،‬فكل‬
‫نمط هو احلل لبعض هذه الرصاعات يف البيئة (‪)Alexander et al., 1977‬‬

‫وطاملا كان تكوين ما خاطئ ًا سيستمر يف توليد التوتر‪ ،‬مهام كانت كمية «املكياج»‬
‫السطحية التي لن حتل الرصاعات األساسية‪ ،‬وهلذا نرى أنا وزمالئي يف إيطاليا املال‬
‫الذي سيرصف يف تنظيف» املجمع السكني يف كورفيال «‪the Corviale housing‬‬

‫‪ » complex‬مهدور‪ ،‬فطالء جدرانه أو بناء حديقة للنحت املعارص عىل أراضيه لن حيل‬
‫شيئ ًا‪ ،‬فقط بتغيري هندسته الرتيبة يمكن أن حتل املشاكل التي تواجه سكاهنا‪ ،‬لكن هذه‬
‫املشاكل هي بالضبط حتت محاية املؤسسة اإليطالية املعامرية احلديثة‪.‬‬
‫ماهي بالتحديد الصفات اهلندسية للبيئة التي متنحها اخلواص الشفائية حتى‬
‫نشعر بأننا أحرار لنعيش حياتنا بكامل طاقتنا‪ ،‬لدينا اآلن اختبار «مرآة للذات» (عد‬
‫إىل الفصل السابق) والذي كان يف غاية الفائدة يف تقييم البدائل لكنه اليستطيع اإلجابة‬
‫عن هذا السؤال‪ .‬إن اخلطوة األوىل للكشف عن الصفات اهلندسية تلك هي بفحص‬
‫البيئات الطبيعية‪ ،‬وهذا ماسيقودنا لتأثريالبيوفيليا ‪( Biophilia‬حب الطبيعة)‪ :‬نعني‬
‫بالبيوفيليا تلك الرابطة التي يشعر هبا البرش جتاه الكائنات احلية‪/‬البيولوحية‪ ،‬ويعزز‬
‫تأثري البيوفيوليا العافية النفسية ويساعد أيض ًا عىل الشفاء واالنتعاش اجلسدي‪ ،‬وقد تم‬
‫توثيق ذلك التأثري رسيري ًا‪.‬‬
‫‪103‬‬ ‫البيوفيليا‪ :‬قرابتنا املتطورة نحو األشكال البيولوجية‬

‫ُوجد أن إطاللة رسير املشفى نحو مشهد طبيعي تقلل من فرتة النقاهة وختفف‬
‫من مستوى املسكنات املطلوبة (عد إىل الفصل الثاين عرش من كتاب‪ :‬تصميم لكوكب‬
‫حي لـ (‪ )Mehaffy & Salingaros, 2015‬إن هذا املثال لتأثري البيوفيليا يرفع من التقييم‬
‫التقليدي للبيئات الطبيعية من كوهنا «أماكن لطيفة للتواجد هبا» إىل «أماكن للشفاء»‪،‬‬
‫بالتأكيد نجد اقرتان الشفاء بالبيئات الطبيعية يف الثقافات التقليدية بشكل أكرب مما نجده‬
‫يف الغرب املعارص‪ ،‬وإىل اآلن نعلم بأن استخدام البيوفيليا يف مراكز الرعاية الصحية‬

‫الشكل رقم (‪.)110‬‬


‫‪http://www.archdaily.com/623966/unified-architectural-theory-chapter-10‬‬

‫حيسن بشكل هائل اقتصاد شفاية املرىض‪ ،‬وهو ما يفرتض أن يعطيه نظامنا أولوية‪.‬‬
‫من املنطقي أننا نشعر بالراحة يف البيئات املشاهبة لتلك التي تطورنا فيها والعكس‬
‫أيض ًا صحيح حيث أننا سنشعر بالتوتر يف البيئات ذات الصفات املخالفة‪ .‬إن نظامنا‬
‫العصبي‪-‬الفيزيولوجي تطور بدقة للتعامل مع البيئات الطبيعية القديمة‪ :‬ضوء طبيعي‬
‫وهواء متجدد وأعشاب السافانا والسهول الواسعة واألشجار والشجريات ومنفذ‬
‫برصي للمياه الخ‪ ،‬إن جسدنا لديه قدرة متطورة للغاية للكشف عن البيئات التي هي‬
‫جيدة بالنسبة لنا‪.‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪104‬‬

‫الشكل رقم (‪.)111‬‬


‫‪http://www.archdaily.com/623966/unified-architectural-theory-chapter-10‬‬

‫ذهبنا أنا والكسيندر مع طالبنا إىل أبعد من ذلك‪ ،‬وذلك بالقول بأن التأثريالبيوفييل‬
‫ليس بخاصية حيوية غامضة تتمتع هبا الكائنات احلية بيولوجي ًا لكنه عائد باألحرى‬
‫إىل هندستها‪ ،‬وبالتايل يتبع ذلك بأنه يمكننا تقدير التأثري البيوفييل يف اهلياكل اجلامدة‬
‫الصحيحة‪ ،‬فالكثري من الفنون والعامرة التقليدية جتسد الصفات البيوفيلية بسبب سعي‬
‫صانعيها لذلك بشكل حديس‪.‬‬

‫بالتايل تقلب الفرضية البيوفيلية العامرة التقليدية رأس ًا عىل عقب؛ َ‬


‫فلم نبني‬
‫ألسباب نفعية فحسب لكن لنعطي أنفسنا تغذية مستمرة كنتيجة؟ باختصار لقد قمنا‬
‫ببناء اهلياكل التي جعلتنا نشعر بحالة جيدة‪ ،‬وأهنا شافية لنا «انظر ملقال «علم األعصاب‪،‬‬
‫والبيئة الطبيعية‪ ،‬وتصميم املباين» (‪ Salingaros‬و‪ .)Masden، 2008‬توقف هذا التقليد‬
‫يف وقت ما يف القرن العرشين واخرتنا عدم تلقي النتائج املغذية من البيئة التي متتع هبا‬
‫أجدادنا من قبلنا‪.‬‬
‫تأيت التغذية البيوفيلية مبارشة من االتصال الوثيق مع النباتات واحليوانات‬
‫والضوء الطبيعي وملمس املواد الطبيعية‪ .‬أما يف البيئات املبنية استخدام البرش جمموعة‬
‫‪105‬‬ ‫البيوفيليا‪ :‬قرابتنا املتطورة نحو األشكال البيولوجية‬

‫متنوعة من أدوات التصميم لتحقيق تأثري مماثل‪ ،‬حيث شكلنا مساحات املعيشة لدينا‬
‫وفقا هلندسة حمددة للغاية‪ ،‬واستخدامنا األلوان والزخرفة واألنامط ‪ patterns‬للحصول‬
‫عىل التغذية البيئية املامثلة‪ .‬هذه العملية ليست تقليد ًا سطحي ًا للطبيعة بل تشكلت من‬
‫توليد اهلندسة الطبيعية‪.‬‬
‫بدأ العلامء يف توثيق كيف أن‬
‫العوامل الطبيعية بامفيها املعلومات‬
‫اآلتية من البيئة تؤثر عىل عافيتنا‬
‫الفيزيولوجية‪ ،‬حيث يظهر لنا بأن‬
‫السامت اهلندسية املوجودة يف العامرات‬
‫التقليدية كالزخرفة واهلياكل النمطية‬
‫(الفركتيلية) تثري رد فعل إجيايب يف‬
‫فيزيولوجيا العصبية خاصتنا‪ ،‬وهذا‬
‫الرد مدمج مع أعضائنا احليوية‪.‬‬
‫اكتشف تلميذي السابق ‪Yannick Joye‬‬

‫الشكل رقم (‪.)112‬‬ ‫أن الفركتيلية واألنامط املعقدة بانتظام‬


‫_‪https://it.wikipedia.org/wiki/Moschea_dello‬‬
‫مسؤولة عن التأثري البيوفييل وهي‬
‫‪Sci%C3%A0‬‬
‫بطريقة ما مدجمة مع نظامنا اإلدراكي (تم‬
‫توصيف الفراكتيلية بدقة عالية يف الفصل السادس من كتاب «(‪Scaling and Fractals‬‬

‫‪ »(Mehaffy & Salingaros, 2015‬و أيضا يف “‪Fractal Art and Architecture Reduce‬‬

‫‪ Physiological Stress‬املتضمنة يف الفصل السادس والعرشون من النسخة املطبوعة من‬


‫هذا الكتاب) إن ردود أفعالنا ليست بثقافية بل عاطفية وحشوية‪ ،‬فيمكن للمعامريني‬
‫تقديم كل جداالهتم الثقافية التي حيبوهنا‪ ،‬من تفضيل املدرسة التقليلية ‪ minimalist‬أو‬
‫التصميم ذي التقنية العالية ‪ high-tech design‬لكن لن يمكنهم التأثري عىل طريقة ردة‬
‫فعلنا الفيزيائية جتاه البيئات والتكوينات‪.‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪106‬‬

‫الشكل رقم (‪.)113‬‬


‫‪/http://www.greenz.nl/interieur-beplanting/living-green-walls‬‬
‫‪/http://ogrodwcentrum.pl/one-central-park-wiezowiec-ogrod‬‬

‫إن تطبيق البيوفيليا يف التصميم يعني اإلدماج احلميمي بني اهلياكل الطبيعية‬
‫واالصطناعية‪ ،‬ومن الناحية العملية سيكون ببناء احلدود املعقدة املتعرجة التي‬
‫متازج بني املباين والنمو الطبيعي‪ ،‬حيث تدرج النباتات يف البيئات كجزء من النظام‬
‫اإليكولوجي‪/‬البيئي معقد وليس كخضار أحادي الوظيفة ‪ .‬ويعني ذلك أيض ًا التشديد‬
‫عىل املقاييس اإلنسانية احلميمة بدالً من االقتصار عىل املقياس الكبري‪.‬‬
‫‪107‬‬ ‫البيوفيليا‪ :‬قرابتنا املتطورة نحو األشكال البيولوجية‬

‫كام تتطلب البيوفيليا االستبدال اجلزئي للمواد الصناعية مع املواد الطبيعية‪،‬‬


‫وإعادة إدخال الزخارف باستخدام املواد الصناعية‪ .‬هذه املامرسة األخرية كانت منترشة‬
‫عىل نطاق واسع جد ًا يف أواخر التاسع عرش وأوائل القرن العرشين ولكنها رسعان ما‬
‫توقفت‪ .‬فمن فرتة زمنية معينة بدأ استخدام املواد الصناعية بشكل حرصي بشكل‬
‫معبود إليصال مظهر اصطناعي بشدة؛ فركزت عامرة احلداثة املبكرة يف بداية القرن‬
‫العرشين عىل املفاهيم املجردة والرسمية حول الفراغ واألشكال واملواد‪ ،‬ومل تلعب‬
‫االستجابات الفسيولوجية والنفسية البرشية أي دور يف هذا التفكري‪ ،‬وال يزال هذا‬
‫مستمرا لليوم‪( :‬انظر «كيف احلداثة حصلت عىل ساحة»‪ ،‬الفصل ‪ 3‬من كتاب‬ ‫ً‬ ‫النهج‬
‫«التصميم لكوكب حي» (‪.)Mehaffy & Salingaros, 2015‬‬
‫اكتشف بعض املهندسني املعامريني مؤخر ًا احلاجة إىل النباتات والطبيعة‪ ،‬لكن‬
‫االتصال البيوفييل لتوحيد املنشآت مع البرش ومع الطبيعة ال يزال غري واضح ملهنة‬
‫اهلندسة املعامرية بشكل كيل‪.‬‬
‫حل العامل القائم عىل الصور املجهولة حمل عامل املشاعر احلقيقية‪ ،‬فقد شكلت‬ ‫ّ‬
‫هاتني الرؤيتني املتميزتني واملتعلقتني ببعضهام بيئتنا املبنية‪ ،‬حيث جاء أوالً االقرتان‬
‫الثقايف للمعدن املصقول صناعي واخلزف وألواح الزجاج واألسطح البالستيكية‬
‫مع البيئة مطهرة‪ .‬حدث هذا عىل الرغم من حقيقة أن «منظر‪/‬ستايل املستشفى» ليس‬
‫بالرضورة أكثر نظافة وخلو ًا من اجلراثيم من البيئة القديمة «الفوضوية» التي أنشئت‬
‫من املواد الطبيعية‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ ،‬تعلق املهندسني املعامريني لسبب من األسباب بشعار «التعبري التكتوين‬
‫الصادق» عىل أنه يعني التفوق األخالقي‪ ،‬مع أنه ليس أكثر من جمرد استخدم مهووس‬
‫للمواد الصناعية‪ ،‬فال يوجد أي «أخالق» يف البنية املادية‪ ،‬وكنتيجة لذلك أصبحنا اآلن‬
‫حماطني بام يسمى السطوح «الرشيفة» التي تسعى عمد ًا ملنع أي تأثري بيوفييل‪ ،‬بسطوح‬
‫وحشية معادية وغري الطبيعية‪ .‬فإذا كان هناك حكم أخالقي يمكن استخالصه هنا‪ ،‬فهو‬
‫أن هؤالء املهندسني املعامريني يعملون ضد الطبيعة البرشية‪ ،‬قد يعتقد املرء أنه عندما‬
‫يتخىل املهندس املعامري عن «األنا» الشخصية ويركز عىل الرفاهية الثقافية واجلسدية‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪108‬‬

‫للمستخدم سيتوقف عن الدفاع عن أشكال الغريبة ويصبح شخص ًا أفضل أخالقي ًا‪.‬‬
‫تساعد األدلة التجريبية التي مجعت حول البيوفيليا عىل رشح اختبار «مرآة‬
‫للذات» والذي يستخدم اجلسم كجهاز استشعار للتوتر يف البيئة‪ .‬اآلن نستطيع أن نفهم‬
‫أن مصدر تلك الضغوط هواخلروج من هندسة حمددة جد ًا التي كانت أقرب إىل هندسة‬
‫املعقدة للهياكل الطبيعية‪ .‬قد احتفى املهندسون املعامريون يف القرن العرشين واحلادي‬
‫والعرشين عمد ًا باألشكال والسطوح التي تبدو اصطناعية‪ ،‬نظر ًا ألهنا تتناقض مع‬
‫األشكال الطبيعية‪ ،‬وبالتايل تولدت البيئة املبنية املسببة للتوتر‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪.)114‬‬


‫‪http://casaydiseno.com/arquitectura/casas-minimalistas-24-disenos.html‬‬

‫وبشكل أكثر حتديد ًا‪ ،‬تم تفضيل البيئات التقليلية ‪ minimalist‬ذات املظهر‬
‫الصناعي عندما ارتبطت مع إشارات اإلنذار يف اجلسم‪ .‬فاألسطح عديمة اللون‬
‫والرتيبة واخلالية من املالمح أعادت إنتاج األعراض الرسيرية لألمراض التابعة ألنظمة‬
‫العني‪-‬الدماغ‪ .‬وبطبيعة احلال‪ ،‬عندما تولد البيئة تلك اإلشارات ذاهتا سيعتقد جسدنا‬
‫بأنه ينهار ويتفاعل مع التوتر‬
‫كشف بحث مثري لالهتامم من جوديث هريفاغن ‪ of Judith Heerwagen‬أن‬
‫احليوانات التي أبقيت يف بيئات تقليلية أظهرت سلوكيات عصبية شاذة ومعادية‬
‫‪109‬‬ ‫البيوفيليا‪ :‬قرابتنا املتطورة نحو األشكال البيولوجية‬

‫للمجتمع‪ .‬وعند إعادهتم إىل بيئة مثرية وطبيعية أكثر أنتج ذلك عن أنامط السلوك‬
‫أكثر طبيعية وصحة‪ .‬وهكذا أثبتت فظاعة بعض حدائق احليوان للمقيمني فيها مع أهنا‬
‫حائزة عىل جوائز ومبنية بأسلوب حداثة القرن العرشين‪ ،‬وأخري ًا سمح للعاملني بتلك‬
‫احلدائق بتشكيل بيئات احليوانات بإدخال التعقيد يف تصميمها‪.‬‬

‫الشــكل رقــم (‪ :)115‬تعتــر هــذة احلديقــة مــن املرتبــة االوىل‪ ،‬لكــن لوحــظ يف عــام ‪ 2004‬خــال‬
‫اعــال التصليــح بــان البطاريــق فضلــت البقــاء يف مســاكنها املؤقتــه ومل تعــد اىل مســاكنها احلديثــة‬
‫‪http://www.archdaily.com/623966/unified-architectural-theory-chapter-10‬‬

‫ومثل حيوانات احلدائق‪ ،‬يتأثر األطفال أيض ًا ببيئتهم ولكن ال يمكنهم اإلفصاح‬
‫عن األسباب الكامنة وراء ذلك‪ .‬فقمع التغذية البيوفيلية أثناء نمو أطفالنا له أثار سلبية‬
‫كبرية‪ .‬مل يعد يمكن التشكيك يف رضورة حتفيز تلقي املعلومات البيئية أثناء نمو الطفل‪،‬‬
‫فهنا يمكننا متديد نتائج الدراسات التي أجريت عىل احليوانات املخربية التي أظهرت‬
‫بأنه ازداد حجم الدماغ وذكاء صغار احليوانات بنسبة ‪ %20‬عندما تثار يف البيئات الغنية‬
‫باملعلومات‪ .‬إذا كنا مهتمني باستمرار اجلنس البرشي وحتسني ذكاء أطفالنا فنحن‬
‫بحاجة إىل إيالء اهتامم دقيق هلذه اآلثار‪( .‬آلية الربط بني املعلومات والذكاء البرشي‬
‫والزخرفة ستقدم بشكل موجز الحق ًا يف الفصل ‪ 12‬من هذا الكتاب)‪.‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪110‬‬

‫الشكل رقم (‪.)116‬‬

‫نقطة أخرية تفرس قيمة االختبارات حني يسئل املختربون عن التفضيالت‬


‫اخلاصة هبم بني البيئات التقليلية مقابل البيئات املعقدة بانتظام ‪.organized complexity‬‬
‫فقد أجري العديد مثل هذه الدراسات االستقصائية التي كشفت عن تفضيل معتدل‬
‫للخيار الثاين (البيئات املعقدة بانتظام) أو بنتائج متباينة عىل نطاق واسع‪ ،‬مماجعلت‬
‫الدراسة غري حاسمة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬أظهرت التجارب املخربية أكثر حداثة باستخدم‬
‫أجهزة مراقبة للجسم تفضيله اهلائل للتعقيد املنتظم يف حني مل يعرب املختربون عند‬
‫‪111‬‬ ‫البيوفيليا‪ :‬قرابتنا املتطورة نحو األشكال البيولوجية‬

‫سؤاهلم عن أي تفضيل ملحوظ‪ ،‬ولكن أجسامهم عربت عنهم‪ .‬وهكذا تظهر الدراسة‬
‫أن االستجابات الفسيولوجية لبيئتنا فطرية‪ ،‬وعالوة عىل ذلك‪ ،‬بأهنا منفصلة إىل حد‬
‫كبري عن التفضيالت الشخصية‪ .‬فام «يعجبنا» ال عالقة له بام هو «جيد» بالنسبة لنا‪.‬‬
‫وكام ُذكر سابقا‪ ،‬ختضع تفضيالتنا ومكروهاتنا لتأثري وسائل اإلعالم واألفكار‬
‫املسبقة‪ ،‬وعلم النفس االجتامعي‪( crowd psychology /‬حيث نحن مضطرون إىل‬
‫التاميش مع األغلبية من أجل جتنب التنافر املعريف)‪ .‬ما نفكر به يف رأسنا ليس له عالقة‬
‫بام نشعره جسدي ًا‪ ،‬فيمكن أن يبدو مبنى ما مثري ًا لالهتامم لكنه ال يتفق مع ما نستشعره‬
‫عند اختباره‪ ،‬لن يستمع الناس إىل جسدهم إذا منعهم ذلك من «االندماج» مع املنصب‬
‫االجتامعي‪.‬‬
‫عامل معقد آخر هو الطبيعة البرشية ذاهتا التي تسعى لالستثارة من التجارب‬
‫التي تسبب اآلذى هلا‪ ،‬فنحن البرش نفتن دوم ًا باألشياء التي ختيفنا ‪-‬حتديد ًا لتلك التي‬
‫«بذوخا» عاطف ًيا‪ .‬جيب أن تكون التجربة‬ ‫ً‬ ‫تولد التوتر‪ -‬اندفاع األدرينالني الذي خيلق‬
‫متوازنة بعناية حتى نشعر باخلطر واألمان يف نفس الوقت‪ .‬وهلذا السبب‪ ،‬يشاهد الناس‬
‫الرعب األفالم ويركبون ألعاب مدينة املالهي ويزورون «البيت املسكون» ويامرسون‬
‫رياضة سياق السيارات والقفز املظيل‪ ،‬ويأكل رجال األعامل اليابانيني السويش املصنوعة‬
‫من سمك ‪ blowfish‬سام تقريب ًا وهلم جر ًا‪ .‬نحن ننجذب للهندسة املعامرية التي توتر‬
‫تشف بعد!‬
‫َ‬ ‫جسدنا للسبب نفسه متام ًا‪ ،‬ولكن من الواضح أن مثل هذه اإلثارة املنهكة مل‬
‫الفصل احلادي عشر‬

‫الخصائص ال‪ 15‬األساسية لكريستوفر أليكسندر‬

‫يف الفصل احلادي عرش يقدم ويرشح سالينغاروس قائمة اخلصائص اخلمس‬
‫عرشة التي تبعث «ظاهرة احلياة» يف التصاميم املعامرية والتي تم وضع نظريتها من قبل‬
‫كريستوفر أليكسندر ‪Christopher Alexander‬‬

‫خصائص ألكسندر اخلمس عرشة األساسية‬


‫لقد وصلنا يف هذا الكتاب إىل اللحظة التي أقدم فيها اخلصائص اهلندسية‬
‫املسؤولة عن التواصل العميق الذي طاملا ناقشته يف الفصول السابقة‪ ،‬استمد كريستوفر‬
‫أليكسندر جمموعة من ‪ 15‬خصيصة متتكلها مجيع املنشأت التي أدركنا بأهنا متتلك «حياةً»‬

‫الشكل رقم (‪.)117‬‬


‫‪/http://www.archdaily.com/tag/unified-architectural-theory‬‬

‫‪113‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪114‬‬

‫الحظ أنه فقط حني فرقنا بني األشياء مالكة اخلصائص احلياتية وفاقدهتا‪ ،‬أصبح‬
‫لدينا جمموعة من األمثلة التي عن طريقها اشتققنا القواعد اهلندسية املكتشفة‪ .‬تم‬
‫اكتشاف هذه القواعد عن طريق مراقبة تلك األشياء وهو ماقام به كريستوفر أليكسندر‪،‬‬
‫ومنذ أن تم وضع هذه القواعد عىل الورق استطعنا عن طريقها التحقق من مجيع األشياء‬
‫التي حتوي خصائص احلياة‪.‬‬
‫إن اخلصائص اخلمس عرشة األساسية املكتشفة من قبل ألكسندر هي جمرد بداية‬
‫لعملية حتقيق هائلة عن خصائص األشياء‪ ،‬هذه القواعد اخلمس عرشة هي ظاهرية‬
‫‪ phenomenological‬وإىل اآلن علمنا من التجارب بأن ظاهرة احلياة مبنية عىل كال‬
‫البيولوجيا خاصتنا واخلواص الفيزيائية للامدة بحد ذاهتا‪.‬‬
‫ولذلك ابتداء ًا من هذه اخلصائص اخلمس عرشة س ُيفتح لنا برنامج بحث‬
‫الكتشاف َلِاذا هذه اخلصائص يف غاية األمهية وأيض ًا من أجل تقديم الرشوح هلا‪.‬‬
‫كام أهنا تدفعنا للبحث أكثر عن العوامل املساعدة التي ستصقل وحتسن فهمنا لظاهرة‬
‫احلياة‪ ،‬لقد قام أليكسندر ذلك بنفسه من خالل جملداته الثانية وحتى الرابعة من كتابه‬
‫‪« The Nature of Order‬طبيعة النظام» وكنت أيض ًا مسؤوالً عن النتائج يف هذا املوضوع‬
‫(مالحظة‪ :‬اخلصائص اخلمس عرشة التي تناقش حالي ًا يف هذا الكتاب موجودة فقط يف‬
‫املجلد األول من كتاب ‪ )The Nature of Order‬والقائمة هي ماييل‪:‬‬
‫‪Levels of scale‬‬ ‫‪1.1‬مستويات من املقاييس‬
‫‪Strong centers‬‬ ‫‪2.2‬مراكز قوية‬
‫‪Thick boundaries‬‬ ‫‪ 3.3‬حدود سميكة‬
‫‪Alternating repetition‬‬ ‫‪4.4‬تكرار متناوب‬
‫‪Positive space‬‬ ‫‪5.5‬فراغ إجيايب‬
‫‪Good shape‬‬ ‫‪6.6‬شكل جيد‬
‫‪Local symmetries‬‬ ‫‪ 7.7‬تناظرات حملية‬
‫‪115‬‬ ‫اخلصائص ال‪ 15‬األساسية لكريستوفر أليكسندر‬

‫‪Deep interlock and ambiguity‬‬ ‫‪8.8‬التعشيق العميق والغموض‬


‫‪Contrast‬‬ ‫‪ 9.9‬التناقض‬
‫‪1010‬التدرجات ‪Gradients‬‬

‫‪1111‬اخلشونة ‪Roughness‬‬

‫‪Echoes‬‬ ‫‪1212‬أصداء‬
‫‪The void‬‬ ‫‪1313‬الفراغ‬
‫‪Simplicity and inner calm‬‬ ‫‪1414‬البساطة واهلدوء الداخيل‬
‫‪Not-separateness‬‬ ‫‪1515‬عدم االنفصال‬
‫املالحظات املوجودة يف املحارضة السادسة من كتايب‬ ‫سأستخدم بعضًا من‬

‫‪Algorithmic‬‬ ‫التصميم املستدام اجلربي‬


‫‪ )2010( Sustainable Design‬وهناك‬
‫تتواجد بعض الرسومات البيانية‬
‫اخلاصة بـ ‪ Leitner‬وموجودة اآلن‬
‫يف كتابه‪ ،‬والوصف املوجز لكل من‬
‫اخلصائص كام التايل‪:‬‬
‫‪1.1‬تتواجد مستويات من املقاييس‬
‫(‪ )Levels of scale‬إىل جانب هرمية‬
‫املقاييس (‪ ، )scaling hierarchy‬إن‬
‫ماحيدد املقياس الواحد هو تكرار‬
‫العنارص التي من نفس احلجم وذات‬
‫الشكل رقم (‪.)118‬‬ ‫شكل متشابه‪ .‬جيب أن تتوضع‬
‫‪http://www.archdaily.com/626429/unified-ar-‬‬
‫‪chitectural-theory-chapter-11/5544ca78e58ece-‬‬
‫مستويات من املقاييس بشكل قريب‬
‫‪706c00049f-unified-architectural-theory-chap-‬‬
‫‪ter-11-photo‬‬
‫حجمي ًا (بالتكبري) من أجل متاسكها‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪116‬‬

‫لكن ليس عىل درجة كبرية من القرابة‪،‬‬


‫بحيث تٌطمس الفروق فيام بينها‪ ،‬وبالتايل‬
‫سيحدث القفز باملقياس باملعامل ‪ 15‬ارتباك ًا‬
‫يف حني الرضب باملعامل ‪ 1.5‬هو بغاية‬
‫القرب لدرجة مل نعد نستطيع متييز شكل‬
‫عن آخر‪ ،‬إن القاعدة الرياضية التي ستولد‬
‫توزيع ًا للمقاييس تكون من خالل التابع‬
‫اللـــوغاريتمي ‪ e ≈ 2.7‬وأيض ًا من خالل‬
‫تابع فيبوناتيش *انظر إىل تطبيقات الوسيلة‬
‫الشكل رقم (‪.)119‬‬ ‫الذهبية يف العامرة (‪ )Salingaros, 2012‬إن‬
‫‪http://www.tkwa.com/fifteen-properties/lev-‬‬
‫‪/els-of-scale-2‬‬
‫بيت القصيد من التصميم املتكيف هو تلبية‬
‫احتياجات املقياس اإلنساين‪ ،‬والذي يرتاوح‬
‫مابني املرتين إىل حتى أقل من ميليميرت واحد‪ ،‬هذه القاعدة تقول فقط بأن عليك‬
‫استيعاب كل هذه املقاييس‪.‬‬
‫‪2.2‬تتشكل املراكز القوية عندما يرتبط‬
‫جزء كبري من الفراغ ببعضه البعض بشكل‬
‫متامسك‪ ،‬ومن املفيد متييز نوعني من املراكز‬
‫«معرفة» و»ضمنية»‪defined” and“ -‬‬ ‫ّ‬ ‫‪:‬‬
‫‪ -“implied‬والتي تتداخل وتتفاعل فيام‬
‫بينها‪ ،‬إن املركز «املعرف» هو يشء جيذب‬
‫االنتباه يف الوسط‪ ،‬أما املركز «الضمني» له‬
‫حدود تركز االنتباه عىل الفراغ الداخيل‪ ،‬إن‬
‫الرتكيز البرصي هو رشط مسبق الستخدام‬
‫الفراغات‪ ،‬وجيمع كل مركز مجيع املراكز‬
‫الشكل رقم (‪.)120‬‬ ‫املحيطة به مع حدودها لرتكيز االنتباه عىل‬
‫‪/http://www.tkwa.com/centers02‬‬
‫‪117‬‬ ‫اخلصائص ال‪ 15‬األساسية لكريستوفر أليكسندر‬

‫مساحة معينة‪ ،‬إن املراكز تدعم بعضها يف كل‬


‫مقياس وهذه هي خاصية اهلرمية متكررة‬
‫‪.recursive hierarchical‬‬
‫‪3.3‬إن احلد السميك هو مركز «ضمني»‬
‫‪ .‬بحسب اهلرمية فاملقياس ينشأ باحلدود‬
‫السميكة عىل شكل املقياس املقبل األصغر‬
‫مما تم حتديده‪ ،‬ومن أجل هذا السبب تكون‬
‫احلدود الرقيقة غري فعالة ألهنا تفقز عىل أكثر‬
‫من مقياس عىل اهلرمية وهنا اليتصل احلد‬
‫الشكل رقم (‪.)121‬‬ ‫باملقياس الذي حيدده‪ ،‬إن املركز الضمني‬
‫‪www.tkwa.com/fifteen-properties/boundar-‬‬
‫‪/ies-2‬‬
‫معرف فقط عن طريق حدوده السميكة‬
‫اخلاصة به‪ ،‬ولذلك تلعب احلدود السميكة‬
‫دورا يف تركيز النظر إىل جانب وظيفتها التحديدية‪.‬‬‫ً‬
‫‪4.4‬إن تناوب التكرار يساعد عىل إضفاء‬
‫املعلومات عىل املكونات املكررة‪ .‬فالتكرار‬
‫املبسط هو عبارة عن معلومات «مطوية»‬
‫‪ ،‬ألن ما يكرر يتم ترميزه بشكل زهيد‬
‫(عىل سبيل املثال‪ ،‬خد واحدة ‪ X‬وكررها‬
‫‪ 100‬مرة)‪ :‬انظر «ملاذا التكرار الرتيب غري‬
‫مرض» (‪ .)Salingaros، 2011‬وباملقابل‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ُيعزز كل عنرص من خالل التناوب إىل‬
‫اجلانب التكرار‪ ،‬هذا التناوب يساعد عىل‬
‫حتديد أفضل للتناظر االنتقايل األسايس‬
‫الشكل رقم (‪.)122‬‬
‫‪/http://www.tkwa.com/altrep02‬‬ ‫‪.translational symmetry‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪118‬‬

‫‪5.5‬يشري الفراغ اإلجيايب إىل علم النفس‬


‫الشمويل ‪ Gestalt psychology‬الذي يربط‬
‫اهلندسة مع أساسيات اإلدراك البرشي‪،‬‬
‫يلعب التحدب دور ًا كبري ًا يف حتديد يشء ما‬
‫حجم‪،‬‬
‫ً‬ ‫أو فراغ معني أي ًا إن كان مساحة أو‬
‫ونشعر يف الراحة أو عدمها يف الفراغات‬
‫التي نسكنها تبع ًا ألسباب رياضية أو نفسية‪،‬‬
‫حيث نشعر بتهديد من األشياء البارزة فنحن‬
‫نحتاج تطبيق مفهوم الفراغ اإلجيايب لكال‬
‫الشكل وخلفيته (‪،)figure-background‬‬
‫الشكل رقم (‪.)123‬‬
‫‪/http://www.tkwa.com/posspace01‬‬
‫ليس فقط يف الفراغ الداخيل‪ ،‬بل أيض ًا البد‬
‫أن تكون الفراغات العمرانية إجيابية *انظر‬
‫ل الفراغ العمراين وجماله املعلوما»يت» “�‪Urban space and its information field” (Sal‬‬

‫‪.)ingaros, 1999‬‬
‫‪6.6‬ينبثق الشكل اجليد حني يقلل التناظر‬
‫من عبئ كثرة املعلومات‪ ،‬إن األشكال‬
‫التي يمكن إدراكها تنتج شكل ممث ً‬
‫ال من‬
‫خالل عدة وجهات ثنائية األبعاد منفصلة‬
‫عن بعضها البعض‪ ،‬مما متكن الدماغ من‬
‫التالعب هبا بطريقة حسابية يف منظور‬
‫الثالثي األبعاد‪ ،‬نعني با»جليد» هنا هو‬
‫«سهل الفهم» وذلك من خالل تلبية حاجة‬
‫الدماغ ملعلومات مضغوطة‪ ،‬إن األشكال‬
‫صعبة اإلدراك ترهق اآللية احلسابية الذهنية‬
‫الشكل رقم (‪.)124‬‬ ‫وبالتايل تنتج توتر ًا‪.‬‬
‫‪119‬‬ ‫اخلصائص ال‪ 15‬األساسية لكريستوفر أليكسندر‬

‫‪7.7‬إن التناظرات املحلية موجودة ضمن‬


‫التناظرات داخل هرمية املقاييس‪ ،‬البد أن‬
‫تعمل التناظرات يف كل مقياس حمدد‪ ،‬فال‬
‫نعني هنا «التناظر» املعتاد الذي نجده يف‬
‫املقياس األكرب كام يتم فهمه عادةً‪ ،‬بل يوجد‬
‫عدة تناظرات ثانوية «‪ »subsymmetries‬يف‬
‫املنشأت املعقدة بانتظام ‪organized complex‬‬

‫‪ structures‬والتي تعمل ضمن التناظرات‬


‫األكرب‪ ،‬جيب أن تتداخل التناظرات بشكل‬
‫هرمي‪.‬‬
‫‪8.8‬إن التعشيق العميق والغموض‬
‫طريقتان قويتان لتحقيق االتصال حيث‬
‫الشكل رقم (‪.)125‬‬
‫‪/http://www.tkwa.com/symmetry02‬‬ ‫خترتق األشكال بعضها لرتتبط‪ ،‬واملقاربة‬
‫هنا تأيت من الفراكتيلية‪ ،‬حيث متيل اخلطوط‬
‫املتعرجة مللء أجزاء من الفراغ وإنامء‬
‫السطوح بتزايد‪ ،‬يمكن أن تتداخل منطقتان‬
‫يف مساحة متفاعلة قابلة لالخرتاق مما تسمح‬
‫باالنتقال من منطقة إىل أخرى‪ .‬يوجد هناك‬
‫غموض عند قراءة أي جانب من املساحة‬
‫املتفاعلة‪ ،‬وينتمي ألي منطقة (داخل املنطقة‬
‫االنتقالية) و يعترب هنا ميزة جيدة‪ ،‬ففي‬
‫االنتقال املفاجئ كام يف اخلط املستقيم متام ًا‬
‫ال ترتبط األشكال امللتقية ببعضها‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪.)126‬‬ ‫‪9.9‬إن التناقض مهم لتكوين وحدات‬


‫‪/http://www.tkwa.com/centers02‬‬ ‫فرعية حمددة‪ ،‬وللتمييز بني الوحدات‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪120‬‬

‫املتجاورة‪ ،‬والتناقض أيض ًا أسايس لتلبية‬


‫احلاجة لتقديم تناظر الشكل وخلفيته‬
‫لألضداد ‪figure-ground symmetry of‬‬

‫‪ ،opposites‬إن املناطق املتناقضة بشدة هي‬


‫أيضأ مرتبطة بشدة‪ ،‬فعىل سبيل املثال إن‬
‫الفراغ حتت الرواق متناقض مع فراغ الفناء‬
‫املفتوح‪ ،‬إن الشفافية اخلادعة تقلل من‬
‫التناقض وانخفاض النقيض يضعف من‬
‫التصميم‪ ،‬ومثال عىل تناقض ضعيف (غري‬
‫فعال) هو التناقض مابني الفراغ الداخيل‬
‫الشكل رقم (‪.)127‬‬
‫‪/http://www.tkwa.com/interlock02‬‬
‫واخلارجي املفصول عن طريق الستارة‬
‫الزجاجية‪.‬‬
‫‪1010‬متثل التدرجات حتوالت مسيطر‬
‫عليها‪ .‬حيث توفر وسيلة للفرار من التوحد‬
‫ألن ذلك يمثل حالة غري تكيفية‪ ،‬وكذلك‬
‫يفعل التقسيم هذا‪ ،‬ولكن يف بعض األحيان‬
‫ال ينبغي لنا تقسيم النموذج إىل أجزاء‬
‫منفصلة‪ ،‬فبدالً من ذلك نحن بحاجة إىل‬
‫تغيريه تدرجيي ًا‪ .‬ومن األمثلة عىل التدرج‬
‫التنقل يف املناطق احلرضية‪ :‬مدينة تتحول‬
‫لريف‪ ،‬ويف الفراغات الداخلية‪ :‬االنتقال‬
‫من العام إىل العوامل اخلاصة‪.‬‬
‫‪1111‬اخلشونة هي هيكل فراكتييل‬
‫الشكل رقم (‪.)128‬‬ ‫يسري عىل مجيع املقاييس‪ ،‬فال يوجد يش ُء‬
‫‪http://www.tkwa.com/fifteen-properties/‬‬
‫‪/graded-variation-2‬‬ ‫مصقول *انظر ل (‪Scaling and Fractals‬‬
‫‪121‬‬ ‫اخلصائص ال‪ 15‬األساسية لكريستوفر أليكسندر‬

‫‪ ، .)(Mehaffy & Salingaros, 2012‬يمكن‬


‫تفسري الزخرفة عىل أهنا «اخلشونة» يف‬
‫شكل هنديس مصقول‪ ،‬إن ختفيف رصامة‬
‫األشكال اهلندسية يسمح بالعيوب لتظهر‬
‫مما جيعلها أكثر تساحم ًا‪ ،‬إن تلك «العيوب»‬
‫متيز بني الوحدات املتكررة لتجعلها متشاهبة‬
‫لكن غري متطابقة‪ ،‬مثال عىل ذلك البالط‬
‫املرسوم باليد‪ .‬يوجد يف التكرار خشونة‬
‫مقصودة لتجنب الرتابة‪ ،‬يمنع كرس التناظر‬
‫بشكل تقريبي من اهنيار معلومايت‪ ،‬التكيف‬
‫مع الظروف املحلية خيلق خشونة ألنه يكرس‬
‫الشكل رقم (‪.)129‬‬
‫‪/http://www.tkwa.com/roughness01‬‬ ‫االنتظام والتامثل التام‪.‬‬
‫‪1212‬يوجد هناك نوعان من األصداء‬
‫يف التصميم‪ ،‬األول هو التناظر االنتقايل‬
‫‪ :translational symmetry‬أشكال متشاهبة‬
‫متواجدة عىل املقياس نفسه ولكن عىل‬
‫مسافة فيام بينها‪ .‬الثاين هو التناظر املقيايس‬
‫‪ :scaling symmetry‬أشكال متشاهبة‬
‫متواجدة عىل عدة أحجام يف مقاييس خمتلفة‪.‬‬
‫إن الفراكتيليات الرياضية هي بالضبط ذاتية‬
‫التامثل لكن الفركتيليات الطبيعية تتبع ً‬
‫متاثل‬
‫ذات ًيا تقريب ًيا أو إحصائ ًيا‪ ،‬حيث ال حتافظ عىل‬
‫نفس الشكل حني تغيري حجمها لكن تفعل‬
‫الشكل رقم (‪.)130‬‬
‫‪http://www.tkwa.com/blog_categories/‬‬
‫فقط «صدى»‪.‬‬
‫‪/e c h o e s‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪122‬‬

‫‪1313‬يمكن تعريف الفراغ هبيكل عادي‬


‫يف أكرب مقياس للفراكتل‪ ،‬إن أكرب عنرص‬
‫مفتوح للفراكتل يبقى كفراغ‪ ،‬فمن املستحيل‬
‫إمالء مجيع فراغات الفراكتل بالتفاصيل‪ .‬يف‬
‫املراكز «الضمنية» تركز احلدود املعقدة عىل‬
‫الوسط املفتوح (الفراغ) ولذلك يكون‬
‫اجلزء الفارغ رضوري ًا لتحقيق التوازن بني‬
‫املناطق ذات التفاصيل املكثفة‪.‬‬
‫الشكل رقم (‪.)131‬‬ ‫‪1414‬البساطة واهلدوء الداخيل هي‬
‫‪https://www.pinterest.com‬‬
‫أقرب لصفة رقيقة‪ .‬يتم حتقيق التوازن عن‬
‫‪/pin/331225747565840029‬‬
‫طريق التامسك العام وانعدام الفوىض‪،‬‬
‫وتتعاون التناظرات لدعم بعضها البعض‬
‫بال تشتيت أو غرابة‪ .‬يظهر التصميم‬
‫يبذل فيه أي جهد (ولكن‬ ‫املتامسك عىل أنه مل ُ‬
‫فعلي ًا من الصعب جد ًا الوصول إليه) نرى‬
‫هذه البساطة يف الطبيعة مع أهنا مل تكن أبد ًا‬
‫«بسيطة» بمعنى أهنا تقليلية ‪ .minimalist‬إن‬
‫البساطة يف الطبيعة شديدة التعقيد لكنها يف‬
‫غاية التامسك‪ ،‬يبدو النظام «بسيط ًا» لنا ألنه‬
‫يف غاية املثالية‪.‬‬
‫الشكل رقم (‪.)132‬‬ ‫‪1515‬نحقق عدم االنفصال بعد الوصول‬
‫‪https://www.pinterest.com/‬‬
‫للتامسك ‪ ،coherence‬التامسك خاصية‬
‫‪/pin/513269688765199538‬‬
‫منبثقة غري متواجدة يف العنارص الفردية‪،‬‬
‫يف التامسك الكيل األكرب ال يمكن التخيل عن أي عنرص‪ ،‬ال يكون التفكك ظاهر ًا‬
‫ال وال‬‫وال ممكن ًا حينام يساهم كل عنرص يف دعم التامسك الكيل‪ ،‬فال يشء يبدو منفص ً‬
‫‪123‬‬ ‫اخلصائص ال‪ 15‬األساسية لكريستوفر أليكسندر‬

‫يشء جيذب االنتباه لنفسه‪ ،‬وهذا هو هدف‬


‫التصميم التكيفي‪ :‬املزج السلس من عدد‬
‫هائل من املكونات املعقدة‪ ،‬وهذا هو عكس‬
‫االنفصال املتعمد وعدم االنفصال يتجاوز‬
‫التامسك الداخيل ألن الشكل ككل واحد‬
‫متصل بقدر اإلمكان مع بيئته‪.‬‬
‫‪1616‬تؤدي اخلصائص اخلمس عرشة‬
‫لشكل متامسك الذي سيكون بغاية الطبيعية‬
‫لدرجة يصبح من الصعب متييزه‪ ،‬كام الطببيعة‬
‫نفسها! لكننا نستطيع إدراك هذا التامسك‬
‫الشكل رقم (‪.)133‬‬
‫‪/http://www.tkwa.com/notsep01‬‬ ‫بشكل ال واعٍ‪ ،‬وهو يؤثر فينا بشكل عميق‬
‫ٍ‬
‫شاف‪ ،‬نستطيع أيض ًا متييز الال‬ ‫فالتامسك‬
‫متاسك حني تغيب اخلصائص اخلمس عرشة‬
‫مما يثرينا ويشوشنا ويضعنا بحالة إنذار‪ ،‬هذا‬
‫النوع من املؤثرات غري صحي عىل املدى‬
‫الطويل‪ .‬يتمنى املعامريون وطالب العامرة‬
‫كثري ًا جذب االنتباه لتصاميمهم وحيققون‬
‫ذلك عن طريق انتهاك اخلصائص اخلمس‬
‫عرشة وفعل ذلك يسبب قلق ًا فيزيولوجي ًا‬
‫للمستخدم‪.‬‬
‫‪1717‬بشكل وا ٍع أو غري وا ٍع ساهم‬
‫التصميم املعامري منذ بدايات القرن‬
‫العرشين باختفاء اخلصائص اخلمس عرشة‪،‬‬
‫الشكل رقم (‪.)134‬‬ ‫وكنتيحة لذلك يستجيب هلا املعامريون‬
‫‪https://forums.graaam.com/450952.html‬‬
‫والطالب عاطفي ًا (بشكل سلبي) حيث ردة‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪124‬‬

‫فعلهم عائدة خللفيتهم القائمة عىل الصور‬


‫‪ ،image-based‬ال يمكن أن خيبئ املرء نفسه‬
‫عىل حجة بأن ما اقرتحه هو معرفة يف غاية‬
‫احلداثة‪ ،‬ألن املعامريني كانوا دوم ًا عىل علم‬
‫بطريقة ما عن هذه اخلصائص اخلمس‬
‫عرشة‪ ،‬تطورت اللغة الشكلية للحداثة‬
‫بشكل واسع عىل نقيض اللغات الشكلية‬
‫التقليدية وبالتايل انتهكت اخلصائص‬
‫اخلمس عرشة بشكل مقصود *انظر «مل‬
‫اللغات الشكلية البدائية منترشة» (‪Why‬‬

‫‪Primitive Form Languages Spread (Sa-‬‬

‫‪.lingaros, 2006‬‬
‫‪1818‬لطاملا جتنب املعامريون اخلصائص‬
‫اخلمس عرشة لقرن كامل ِ‬
‫‪،‬فل َم علينا تطبيقها‬
‫اليوم يف تصميم البيئة املبينة؟ إن السبب‬
‫يف ذلك هو أننا ال زلنا جزء من الطبيعة‬
‫فالبيولوجيا البرشية ال تتغري يف قرن واحد‪،‬‬
‫ولكن خالل ذلك الوقت حتجرت عواطفنا‬
‫حتى أصبحنا ضد الطبيعة وضد ردود‬
‫أفعالنا جتاه األشكال الطبيعية والصناعية‬
‫مستنكرين بنيتنا البيولوجية‪ ،‬يتفق اجلميع‬
‫اليوم بأن جمتمعنا يف غاية التوتر‪ ،‬وأن العودة‬
‫لتحسني بناء منشأتنا وبيئتنا سيحسن من‬
‫الشكل رقم (‪.)135‬‬
‫صحتنا ويساهم يف شفائنا‪ ،‬هذا النوع من‬
‫‪http://www.youramazingplaces.com/palace-‬‬ ‫العامرة سيساعد بشكل كبري يف رفع مستوى‬
‫‪/of-versailles-is-the-biggest-french-pride‬‬
‫‪125‬‬ ‫اخلصائص ال‪ 15‬األساسية لكريستوفر أليكسندر‬

‫املعيشة‪.‬‬
‫‪1919‬صحيح أن جزء ًا من الدافع للتخيل عن التصميم وفق ًا للخصائص اخلمس‬
‫عرشة كانت ألسباب عملية‪ :‬ترسيع عملية تصميم أكثر‪ ،‬ولوضع املعايري ولكفاءة‬
‫التصنيع ولصنع فراغات معممة للسامح ألقىص حد باملرونة يف االستخدام‪ ،‬و»لنظرة‬
‫احلداثة واألناقة»‪ ،‬إلخ ولكن حان الوقت اآلن السرتداد ما فقدنا‪ .‬حان الوقت لنعيد‬
‫االتصال املبارش مع الطبيعة من خالل اخلصائص اهلندسية ملا نبنيه‪ ،‬فمع التطور‬
‫التكنولوجي املعارص أصبح من السهل تنفيذ حلول معامرية جمسدة اخلصائص اخلمس‬
‫عرشة كام أهنا أيض ًا يف املقابل قد تساهم يف استمرار جتاهل هذه املشكلة‪.‬‬
‫‪2020‬إن السؤال عن الطرز «‪ »styles‬حيتاج إىل بعض التوضيح‪ .‬حني يتعب الناس‬
‫من طراز ما فيتبنون واحدً ا آخر خمتلف ًا‪ .‬ولكن ما نالحظه منذ تطبيق مدرسة احلداثة‪ ،‬هو‬
‫احلوم حول جمموعة متصلة من الطرز التي تنتهك اخلصائص اخلمس عرشة‪ .‬مل تتغري‬
‫لغات الشكل حق ًا خالل العقود القليلة املاضية‪ ،‬ولكن لدهيا القاسم مشرتك وهو جتنب‬
‫اخلصائص املذكورة‪ ،‬فلم تعتمدها اللغات الشكل املبتكرة بل بقيت تنتهكها يف النطاق‬
‫اهلنديس‪ .‬وهذا ال يمكن أن يكون من قبيل الصدفة ‪ -‬هناك قاعدة الفوقية منتخبة التي‬
‫حتافظ عىل منع املهندسني املعامريني من استخدام اخلصائص اخلمس عرشة يف التصميم‪،‬‬
‫حيث تعترب اىل حد ما «غري الئقة»‪ .‬ولكننا نود أن نركز عىل تنفيذ ما هو أفضل للناس‬
‫وذلك بعدم االستمرار بام متليه الطرز املنحازة‪.‬‬
‫الفصل الثاني عشر‬

‫الزخرفة والذكاء اإلنساني‬

‫ينهي سالينغاروس يف الفصل احلادي عرش نقاشه عن التأثريات الفزيولوجية‬


‫«التي تؤثر عىل وظائف األعضاء» والنفسية للعامرة شارح ًا كيف يمكن للزخرفة أن‬
‫تقودنا نحو بيئة إنسانية غنية‪.‬‬

‫الزخرفة والذكاء اإلنساين‬


‫إن الزخرفة والوظيفة مرتابطتان ببعضهام‪ ،‬اليوجد هيكل يف الطبيعة يمكن‬
‫أن يصنف بأنه زخرفة صافية من دون الوظيفة‪ ،‬ففي العامرة التقليدية ‪-‬والتي كانت‬
‫متعلقة بالطبيعة‪ -‬نرى أنه اليوجد أي نوع من االنفصال بينهام‪ .‬يمكن أن يعزى اهنيار‬
‫التكيف البرشي يف العامرة إىل الفصل الفكري القرسي للزخرفة عن الوظيفة‪ .‬وهو‬
‫ماكان حديث نسبي ًا يف تاريخ البرشية‪ ،‬والذي بدأ فقط بسبب اخلطاب املعامري يف القرن‬
‫العرشين‪ ،‬حيث اعتقد الناس بأن الزخرفة منفصلة عن الوظيفة‪( .‬انظر « كيف حصلت‬
‫احلداثة عىل الساحة» ( “‪How Modernism Got Square” (Mehaffy & Salingaros,‬‬

‫‪.)2013‬‬

‫إن اهلدف املفتاحي هلذا الكتاب هو احلكم عىل الشكل واإلنشاء بالنسبة لنظام‬
‫كامل مكون من التكوين الفيزيائي إىل جانب املستخدم‪/‬املراقب‪ ،‬فكل تأثري لليشء‬
‫أو املكان عىل املراقب هو جزء من الوظيفة ولكن أيض ًا كل زخرفة سترتك حت ًام أثر ًا‬
‫عليه‪ ،‬وبالتايل ال يمكن فصل التجربة الواقعية عن أي مظهر حمدد عىل أنه وظيفة بشكل‬
‫صايف‪ ،‬إن فصلنا امليكانيكي ملا قررنا أن ندعوه بالوظيفة عن الزخرفة هو صحيح‬
‫لآلالت البسيطة لكنه ُ‬
‫باطل يف احلاالت التي يشارك فيها البرش‪.‬‬
‫‪127‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪128‬‬

‫الشكل رقم (‪.)136‬‬


‫‪https://www.etsy.com/listing/211264012/arabic-arch-digital-photography-arabic?ref=market‬‬

‫حمتو عىل خصائص احلياة عندما‬‫سيكون املنتج النهائي أثناء عملية التصميم ٍ‬
‫نعمل من خالل تسلسل تفاعيل من اخلطوات‪ ،‬وهذا املنهج بعيد جد ًا عن حتقيق الئحة‬
‫مكونة من احلد األدنى لالستخدامات واالحتياجات املجردة‪ ،‬فكيف يمكن أن نعرف‬
‫أن مانصممه عىل الورق أو عىل شاشة احلاسوب سيحقق تلك االحتياجات بعد انتهاء‬
‫املبنى؟ اليمكن معرفة ذلك‪ ،‬ويف الواقع يمكن الوصول إىل بعض النجاح يف تصاميمنا‬
‫فقط من خالل إعادة استخدام احللول التي وجد بأهنا ناجحة بعد التجربة‪.‬‬
‫لكن يكمن الدرس األسايس يف أننا اليمكننا أن نفرتض كيفية تلبية حاجة‬
‫ال جيد ًا‪ ،‬فعدم أخذ‬
‫وظيفية بحتة‪ .‬فالوظيفة «البسيطة» بال تعقيد ال يمكن أن تكون ح ً‬
‫التعقيد ‪ complexity‬يف عني االعتبار قد أدى إىل الكثري من احللول الوظيفية التي تم‬
‫إثبات كارثيتها وعدم صالحيتها لالستعامل فور ًا كوهنا غري إنسانية‪ .‬إن السعي للتكامل‬
‫اهلنديس خالل القوانني التي ناقشناها مطوالً يف الفصول السابقة من الكتاب ستساعدنا‬
‫‪129‬‬ ‫الزخرفة والذكاء اإلنساين‬

‫الشكل رقم (‪.)137‬‬


‫‪/https://www.pinterest.com/pin/131871095311464566‬‬

‫هنا‪ ،‬حيث يؤدي السعي نحو التامسك والكامل إىل حل وظيفي دقيق وغري ومهي‪ ،‬وهذا‬
‫ماهو متناقض مع النظرة امليكانيكية لشخص نشأ يف القرن العرشين‪.‬‬
‫بني هذا املنظورعن مدى نجاح األشياء واألماكن عىل إيالء االهتامم لالتساق‬
‫املنهجي‪ ،‬فالزخرفة والوظيفة ال ينفصالن‪ ،‬واليوجد أي معنى للحديث عن واحدة‬
‫بعيدة عن األخرى ‪ -‬كام هو احلال يف األشكال الطبيعية ‪ -‬ولذلك نحن بحاجة إىل تعلم‬
‫كيفية تصميم األشياء التي لدهيا خاصية احلياة والتي متتلك الكامل ‪ .wholeness‬فحني‬
‫القيام بذلك تتطور الزخرفة والوظيفة مع بعضهام دون احلاجة إليالء أي اهتامم خاص‬
‫ألي فئة عىل حدة‪.‬‬
‫إن دراسة بعض احللول التصميمية الرائعة من املايض قد تكشف عن بعض‬
‫ال وظيفي ًا بحت ًا قد يكون (وعىل األغلب‬
‫املفاجآت احلقيقية‪ ،‬فام كنا نظنه قد يكون ح ً‬
‫هذا ماحصل) ناشئ ًا بشكل يسري عن أخذ كامل التكوين اهلنديس بعني االعتبار‪،‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪130‬‬

‫وهذا ينطبق عىل كل مقياس من عنارص البناء حتى البناء نفسه مع غرفه باإلضافة‬
‫للمساحات العمرانية‪ ،‬فهي تعمل وتعطي املتعة يف آن واحد‪ .‬إن اقرتان املعلومات‬
‫البيئية ‪ environmental information‬مع مشاركتنا هبا سريبطنا مع بيئتنا‪ :‬انظر «الذكاء‬
‫واملعلومات البيئة & ‪Intelligence and the Information Environment) (Mehaffy‬‬

‫‪ .)Salingaros, 2012‬ولذلك ليس من املستغرب أن صفات معلومات البيئة هلا عواقب‬


‫شديدة عىل بنيتنا البيولوجية‪ ،‬ويبدو إىل حد ما تشكل بعض من قدراتنا اإلدراكية‬
‫وتأثرها بنوع املعلومات املتضمنة يف بيئتنا‪ ،‬عىل الرغم من أن ذلك ال يزال قيد التحقيق‪.‬‬
‫أظهرت جمموعة متنوعة من التجارب املخربية عىل احليوانات بدون أي شك‬
‫بأن الصغار التي تربت يف أكثر البيئات غنى باملعلومات ستطور فيام بعد وبشكل‬
‫ملموس بقدرة أعىل للدماغ والذكاء‪ .‬أما احليوانات التي تم تربيتها يف بيئات تقليلية‬
‫‪ -minimalist -‬خالية من املعلومات ستحصل عىل أدنى درجة من مقياس الذكاء‪ .‬هذه‬
‫هي التغيريات الفسيولوجية اهليكلية التي تؤثر عىل الذكاء بشكل دائم‪.‬‬
‫اعتف هبذا التأثري يف عام ‪ 1994‬عندما أصدرت «فرقة العمل كارنيجي‬ ‫وأخري ًا ُ ِ‬
‫‪ « Carnegie Task Force -‬تقريرا حمذر ًا من أن البيئات التقليلية (من بني تلك التي‬
‫تفتقر إىل الغنى البرصي بكل أنواعه) يمكن أن هتدد بشكل دائم التطور الفكري‬
‫لألطفال‪ .‬إن نوع املعلومات التي تؤدي إىل ضبط ذكائنا بدقة هي بالضبط تلك األنامط‬
‫املتامسكة واملنظمة التي وصفناها يف هذا الكتاب‪ :‬انظر «احلسية القيمة من زخرفة‬
‫(‪ The Sensory Value of Ornament « (Salingaros, 2003‬ومل ِ‬
‫تأت أفضل األدلة من‬
‫الفن أو العامرة بل من املوسيقى الكالسيكية‪ ،‬فاألطفال الذين يدرسون املوسيقى‬
‫الكالسيكية يميلون يف املدرسة إىل أداء أفضل بكثري من أقراهنم يف مجيع املواد‪.‬‬
‫تطور نظامنا العصبي الفسيولوجي للتعامل مع معلومات حمددة التي قدمتها‬
‫البيئة الطبيعية ألسالفنا؛ فعندما بدأ البرش بصناعة األشياء أنتجنا تلقائي ًا ضمن إطارنا‬
‫املتطور لإلدراك فئة معينة من األشياء التي تعكس متاسك ًا هندسي ًا حمدد ًا‪ .‬وكان ذاك‬
‫التامسك الطبيعي بذاته هو الذي شكل لدينا آليات اإلدراك يف املقام األول‪ ،‬ولذلك‬
‫‪131‬‬ ‫الزخرفة والذكاء اإلنساين‬

‫امتدت أذهاننا نحو اخلارج بشكل‬


‫معلومايت داخل البيئة املادية من خالل‬
‫صناعاتنا‪.‬‬
‫ويأيت دليل مثري لالهتامم من‬
‫فرتة التاريخ القديم ‪.paleo-history‬‬
‫ففي الوقت احلارض يوجد هناك‬
‫مناقشة جادة حول اخرتاع اإلنسان‬
‫البدائي الفن والزخرفة أو عدمه مع‬
‫تواجد العديد من الباحثني مدعني‬
‫عدم حدوث ذلك‪ ،‬ويشكل هذا‬
‫املوضوع من األمهية ألن جنسنا «هومو‬
‫سابني»‪ ،Homo Sapiens‬قد أنتج بالفعل‬
‫الفنون والزخرفة كعنرص أسايس من‬
‫ذكائنا اآلخذ يف التطور والتنمية‪ ،‬وعىل‬
‫النقيض من ذلك مل حيرز برش النيديرتال‬
‫«جنس برشي منقرض» أي تقدم يف‬
‫الشكل رقم (‪.)138‬‬ ‫التكنولوجيا أوالثقافة خالل تلك احلقبة‬
‫منذ حوايل ‪ 200000‬سنة‪ .‬ويف النهاية‬
‫‪http://freshome.com/2011/05/27/modern-and-sus-‬‬
‫‪/tainable-recreational-residence-in-canada‬‬

‫قد نكون نحن سبب إبادهتم‪ ،‬وهنا من‬


‫السهل التخمني بأن الذي قدم لنا ميزتنا التطورية هو ذكاؤنا املتزايد ‪-‬والذي مل يسبق له‬
‫مثيل‪ -‬عىل نحو ما نستطيع ربط ذلك الذكاء بشكل وثيق مع إنتاجنا للزخرفة‪.‬‬
‫اكتشف العلامء خالل اخلمسني عام ًا املاضية كيف نتفاعل مع جمال املعلومات‬
‫املعروض يف بيئتنا‪ .‬فعىل سبيل املثال‪ ،‬تفحص العني املشاهد أمامها بتتبع املناطق املفصلة‬
‫بشدة واملختلفة واملتباينة واملنحنية‪ :‬انظر «احلسية القيمة من زخرفة» (سالينجاروس‪،‬‬
‫‪.see “The Sensory Value of Ornament” (Salingaros, 2003 : )2003‬عالوة‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪132‬‬

‫عىل ذلك‪ ،‬يتم تشكيل الصورة عن‬


‫طريق ما يدعى بمسح املسارات ‪scan‬‬

‫‪ ،paths‬حيث يتم التحرك عىل طول‬


‫خطوط متصلة‪ ،‬ولذلك متيز وتستعمل‬
‫ميكانيكية العني‪-‬الدماغ مناطق‬
‫الصور ذات التفاصيل العالية والتباين‬
‫واالنحناء للحصول عىل املعلومات‪،‬‬
‫وهذا ما حقق صحة استنتاج أليكسندر‬
‫«للخصائص اخلمس عرشة األساسية»‬
‫الشــكل رقــم (‪ :)139‬احــد اقــدم االثــار للفــن‬ ‫(انظر الفصل العارش للنظرية املعامرية‬
‫البــري‬ ‫املوحدة) والقوانني الثالثة اهليكلية‬
‫‪http://g1.globo.com/ciencia-e-saude/noti -‬‬
‫‪cia/2014/10/arte-das-cavernas-ja-existia-na-asia-‬‬
‫للهندسة املعامرية التي اقرتحتها‬
‫‪ha-40-mil-anos-revela-estudo.html‬‬
‫(سالينجاروس‪.)1995 ،‬‬
‫تربط املزيد من البحوث الطريقة التي ننظر هبا ملحيطنا بأسلوب ختزين املعلومات‬
‫يف دماغنا‪ ،‬والتي تستخدم الحق ًا لتنظيم أعاملنا وقراراتنا‪ ،‬إن جز ًءا ً‬
‫كبريا من حياتنا حمكم‬
‫هبذه اآلليات الفطرية لاللتقاط والتكامل واالستجابة للمعلومات اخلارجية‪ ،‬وتكون‬
‫استجابتنا الغريزية لألشكال متعلقة بشدة بطبيعتنا البيولوجية‪.‬‬
‫نحن نقدم أنفسنا عىل أننا ضد‬
‫تواجد تناقض بني تصميم املباين وعلم‬
‫الفيسولوجيا «علم وظائف األعضاء»‪،‬‬
‫لكن يبدو أن املهندسني املعامريني بدء ًا‬
‫من فرتة احلداثة قد مالوا نحو إنكار‬
‫امليزات املرئية واملورفولوجية املطلوبة‬
‫الشكل رقم (‪.)140‬‬ ‫من قبل اإلدراك البرشي وفزيولوجيته‪،‬‬
‫‪http://mozo-15.blogspot.com/2011/03/blog-‬‬
‫‪post_7498.html‬‬ ‫هل يمكن أن يكون ذلك حمض صدفة؟‬
‫‪133‬‬ ‫الزخرفة والذكاء اإلنساين‬

‫ال أعتقد ذلك‪ ،‬فالبد أن يكون التناقض‬


‫والقضاء عىل الرتابط احليس املنهجي‬
‫نتيجة عمل متعمد‪.‬‬
‫وأود أن أعمل عىل النظرية‬
‫القائلة بأن الزخرفة مظهر أسايس‬
‫للذكاء البرشي‪ ،‬فاالفرتاض خاطئ‬
‫‪-‬لكنه مقبول عىل نطاق واسع‪ -‬يف‬
‫اخلطاب املعامري عىل نحو أكثر من قرن‬
‫بأن الزخرفة جمرد تقليد للطبيعة‪ ،‬ولكن‬
‫هذا ليس صحيح ًا‪ ،‬فقد نشأت الزخرفة‬
‫كفعل عفوي إبداعي للعقل البرشي‪،‬‬
‫حيث يمكن لشخص ما أن يعمل عىل‬
‫زخرفة مقلدة للطبيعة بشكل برصي‬
‫فحسب‪ ،‬ولكن هذه مسألة منفصلة عن‬
‫حديثنا‪.‬‬
‫يأيت إثبات األطروحة يف األعىل‬
‫من اخلاليا العصبية الفردية التي هلا‬
‫وظيفة حمددة‪ ،‬أال وهي متييز مكونات‬
‫الزخرفة‪ :‬انظر «احلسية القيمة من‬
‫زخرفة» (سالينجاروس‪.)2003 ،‬‬
‫ويعلم اجلميع عن خاليا املخروط‬
‫شبكية العني والتي تستجيب ملختلف‬
‫درجات األلوان‪ .‬ولكن ما هو غري‬
‫الشكل رقم (‪.)141‬‬ ‫معروف عاد ًة هو أن تلك اخلاليا هي‬
‫‪http://www.archdaily.com/tag/unified-architec-‬‬
‫‪/tural-theory‬‬
‫نفسها املستقبالت املسؤولة عن قدرتنا‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪134‬‬

‫عىل رؤية التفاصيل الدقيقة‪ ،‬وعالوة‬


‫عىل ذلك ترتبط ظاهرة «ثبات اللون»‬
‫يف الدماغ مابني إدراك اللون مع القدرة‬
‫احلسابية املتطورة‪ ،‬فنحن تلقائي ًا نضبط‬
‫األلوان الفعلية حتت ظروف اإلضاءة‬
‫املختلفة إلدراك اللون «الطبيعي»‬
‫فيمكن فقط للدماغ ذي الذكاء العايل‬
‫رؤية األلوان‪.‬‬
‫حتى ماهو أقل شهرة خارج‬
‫األوساط العلمية هو وجود عدد كبري‬
‫من اخلاليا العصبية القرشية داخل‬
‫املخ‪ ،‬والتي يتم تشغيلها بواسطة عنارص‬
‫الزخرفة فقط‪ .‬يتضمن ذلك استجابات‬
‫حمددة للصلبان والنجوم ودوائر متحدة‬
‫املركز والصلبان مع حميطها‪ ،‬واألشكال‬
‫املتناظرة األخرى ذات مركز متحد مع‬
‫بعض التعقيد‪ ،‬ولذلك هذه األنامط‬
‫الشكل رقم (‪.)142‬‬
‫‪http://cpdailyliving.com/cortical-visual-impair-‬‬ ‫مبنية يف هيكلنا العصبي املعريف كون‬
‫تلك اخلاليا العصبية موجودة هناك‬
‫‪ment-cvi-cerebral-palsy-underdiagnosed-under-‬‬
‫‪/treated‬‬

‫لسبب ما‪ ،‬فينبغي منا أن نحفزها‪.‬‬


‫‪patterns of‬‬ ‫وحتفز اخلاليا العصبية الفردية رد ًا عىل األنامط عالية التعقيد‬
‫‪ complexity‬يف املناطق املتقدمة بازدياد (من وجهة نظر تطورية) للدماغ‪ ،‬كام يزيد‬
‫العدد النسبي للخاليا العصبية املرتبطة باألنامط كلام تقدمنا من الطبقات أكثر بدائية‬
‫من الدماغ البرشي إىل أكثرها تطور ًا مؤخر ًا‪ .‬هذا االستنتاج يربط ترشحيي ًا اإلحساس‬
‫بتعقيد البرصي املنظم والزخرفة مع تطور الذكاء‪.‬‬
‫‪135‬‬ ‫الزخرفة والذكاء اإلنساين‬

‫نحن بحاجة اآلن لوصف ما الذي سيحدث عند إحباط هذا اجلهاز الرائع‬
‫إلدراك الرتابط اهلنديس يف بيئتنا والذي شكلناه يف صناعاتنا وهياكلنا‪ ،‬فاجلسم يتفاعل‬
‫مع التوتر الفزيولوجي والنفيس وبالتايل ستؤدي التقليلية ‪ Minimalist‬وغري ذلك من‬
‫البيئات املحرومة من املعلومات إىل االكتئاب‪.‬‬
‫إن البيئات عديمة اللون واملالمح ال تنتج بالرضورة استجابة ختديرية‪ ،‬لكن‬
‫يمكن أن تؤدي إىل التوتر مع إثارة شعور بوجود هتديد ما‪ ،‬والسبب يف هذا التأثري النشط‬
‫هو أن البيئات التقليلية تثري إشارات ألمراض خاصة بنا ‪ ،pathology‬فهناك جمموعة‬
‫من األمراض التي حتول لنا التجربة يف بيئة طبيعية والغنية باملعلومات كام لو كانت‬
‫بيئة تقليلية مما خيلق ناقوس اخلطر‪ :‬انظر «القيمة احلسية للزخرفة» (سالينجاروس‪،‬‬
‫‪.)see “The Sensory Value of Ornament” (Salingaros, 2003 .)2003‬‬
‫مرض االنحالل البقعي وانفصال الشبكية يسببان القلق‪،‬‬ ‫عىل سبيل املثال‪ ،‬إن َ‬
‫ألهنام يتسببان بفقد صورتنا للبيئة‪ ،‬واألمر نفسه بالنسبة لكمود املياه البيضاء يف عدسة‬
‫العني‪ ،‬فجميعها أمراض العني‪ .‬األمراض األخرى التي حتدث داخل املخ تعطي‬
‫إشارات مماثلة للتنبيه حيث يمكن أن تسبب اآلفات الدماغية من السكتة أو التسمم‬
‫بأول أكسيد الكربون «العمى البرصي» حني ال يمكن لشخص مع عيون صاحلة متام ًا‬
‫«الرؤية» ألن الدماغ مل يعد قادر ًا عىل التعرف عىل األشكال واأللوان‪ .‬ال يمكن هلؤالء‬
‫املرىض «العميان» التعرف عىل التامسك اهليكيل‪.‬‬
‫رشط آخر من تلف املخ الذي حياكي بيئة التقليلية «عمى األلوان الدماغي‬
‫‪ ،« cerebral achromatopsia‬عندما يرى املرىض فقط درجات الرمادي‪ .‬وهي حالة‬
‫أشد من عمى األلوان العادي‪ ،‬حيث يتم ختفيض عدد األلوان التي يمكن إدراكها عن‬
‫طريق املخاريط الدماغية بلون واحد‪ ،‬وحينها يصبح كل يشء رمادي‪ .‬تصبح األشكال‬
‫العضوية مثل وجوه الناس والطعام خميفة كوهنا تعرب عن املوت ويعيش هؤالء املرىض‬
‫املؤسفة حياهتم بحالة من اليأس يف عامل مكتئب‪.‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪136‬‬

‫تأخذ هذه املواد العلمية العامرة يف اجتاه جديد كلي ًا‪ ،‬و قد ال يكون الناس‬
‫مستعدين لذلك‪ ،‬ومن املؤكد بأهنا ليست املوجودة يف النظام التعليمي احلايل لكنها‬
‫مهمة‪ ،‬نظر ًا ألهنا تكشف عن أن تصميم البيئات يكون له آثار كبرية (إجيابية أو سلبية)‬
‫عىل املستخدمني‪ ،‬ومن الواضح أن هذا جيب أن يكون جزء ًا من املناهج الدراسية‪ ،‬حيث‬
‫يتوجب عىل طالب اهلندسة املعامرية معرفة ذلك‪ ،‬ربام تكون الطريقة الفعالة لتعليم هذه‬
‫الدروس عن طريق تطبيقها عىل بناء املباين التي هلا آثار إجيابية عىل مستخدميها‪ ،‬ومنها‬
‫يتعلم املعامريون من تلك األمثلة‪ .‬عالوة عىل ذلك يف سياق اللغات الشكلية ‪form‬‬

‫‪ languages‬فمن املمكن اجلمع بني هذا األسلوب والطريقة التي نبني فيها اليوم بغية‬
‫توليد يشء مثري لالهتامم وجاذب لألنظار‪.‬‬
‫الفصل الثالث عشر‬

‫اللغات الشكلية الطبيعية وغير طبيعية‬

‫يبدأ سالينغاروس يف الفصل الثالث عرش باختتام حجته عرب مناقشة نظريها‪،‬‬
‫حيث يرشح كيف قام منظرو مدرسة مابعد احلداثة مثل بيرت إيزنامن ‪Peter Eisenman‬‬

‫بطمس أفكار كريستوفر ألكسندر‪ ،‬وملاذا التستند اهليمنة النظرية عند إيزنامن إىل التفكري‬
‫املعامري السليم‪.‬‬

‫اللغات الشكلية الطبيعية وغري الطبيعية‬


‫إن مفهوم اهليكل احلي باإلضافة إىل دعم العلم واخلربة املبارشة للنظرية املقدمة‬
‫هنا يوفران أساس ًا لفهم العامرة والتصميم‪ ،‬وهذا املنهاج هو وسيلة معقولة للتعامل مع‬

‫الشكل رقم (‪.)143‬‬


‫‪/http://www.archdaily.com/tag/unified-architectural-theory‬‬

‫‪137‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪138‬‬

‫التصميم والبناء‪ ،‬ألنه اليتعلق بأيديولوجية معينة وال بأجندات فردية‪ ،‬وعالوة عىل‬
‫ذلك‪ ،‬فإنه ينبغي مقارنته بال عقالنية النظم األخرى املنبثقة حالي ًا‪ ،‬والتي تبدو عىل أهنا‬
‫حمرك اخلطاب املعامري‪.‬‬
‫إن كنا نسعى إلضفاء املعنى عىل البيئة املبنية‪ ،‬فال يمكننا االستمرار باستخدام‬
‫النظم التفسريية املفتقدة لالتساق الفكري‪ ،‬وال يتوجب أن يؤسس يشء يف غاية األمهية‬
‫كالعامرة عىل أسس تعسفية‪ ،‬ولكن هذا ما قد حصل يف رأيي خالل عدة عقود‪ ،‬والنتيجة‬
‫بشكل اليثري الدهشة غري مرضية‪ .‬نحن نفضل عامرة متسقة مع مشاعر اإلنسان والتي‬
‫تؤسس قراراهتا التصميمية عىل املراقبة والتحقق التجريبي‪ ،‬وخالصة القول هو أنه‬
‫يتوجب عىل املباين توفري بيئات جيدة وصحية للبرش‪ ،‬وختفيف الرضر بقدر املستطاع‬
‫عىل بيئة األرض‪.‬‬
‫يمثل هذا الكتاب بنية عملية توفر أساس ًا للحكم فيام إن كانت العامرة سليمة أم‬
‫ال‪ ،‬واملعايري املستخدمة لتربير اعتبار مبنى ما ضمن فئة «املباين اجليدة» بعيدة كل البعد‬
‫عن اآلراء الشخصية واملوضة املتغرية ومصالح السلطة‪ ،‬فهي تناسب البرش مجيع ًا وهم‬
‫الفئة املهتمة ببيئة صحية‪ ،‬وبالفعل تكمن قوة األدوات التي درسناها هنا بالشعور بأهنا‬
‫تعتربمفيدة من قبل الناس من خمتلف الثقافات واخللفيات‪.‬‬
‫أقوى دليل عىل صحة النموذج الذي غطيناه يأيت من عالقته الوثيقة بالعامل‬
‫املادي‪ ،‬ال يتم النقاش هذه العالقة عادة بني املهندسني املعامريني الذين يميلون إىل‬
‫العيش يف كون اصطناعي من صنع أنفسهم «عامل الصور املنفصلة عن الواقع» فقد‬
‫اعترب بعض املهندسني املعامريني االبداع عىل أنه يقوم بالتناقض مع الطبيعة ‪ ،‬وهو ماتم‬
‫اعتباره صيغة لالبتكار يف التصميم منذ مطلع احلداثة‪ ،‬وقد أصبح املعامريون بفضل‬
‫ذلك ناجحني جتاري ًا‪ ،‬ومع ذلك يف املايض مل تنكر اإلنسانية الطبيعة ومل تعمل ضدها‬
‫ألنه يف هناية املطاف هذه املامرسة ستنهار بطريقة ما أو بأخرى‪.‬‬
‫كام يوفر نموذجنا الرابط الفعال والالزم باإلنجازات الفنية واملعامرية العظيمة‬
‫يف املايض‪ ،‬لكن هذا االهتامم حمظور بشكل علني يف املجال املدفوع فقط نحو االبتكار‬
‫‪139‬‬ ‫اللغات الشكلية الطبيعية وغري طبيعية‬

‫املتواصل كلعبة إحدى قواعدها أن ال ننظر إىل الوراء ابدأ‪ .‬أجرب الطالب عىل دراسة‬
‫اهلندسة املعامرية كتاريخ فقط ولكن مل يسمح هلم بتعلم األدوات العملية منها وال تطبيق‬
‫الدروس املستفادة عىل تصميم املشاريع‪« ،‬شاهد وتعجب ولكن اليسمح لك إعادة‬
‫استخدام أي يشء!» ومن املدهش أن الناس جاهزة وحريصة عىل التخيل عن تراثها‬
‫الثقايف من أجل متابعة أحدث صيحات املوضة‪.‬‬

‫الشــكل رقــم (‪ :)144‬مركــز االعــام يف ‪ Lords C ricket Ground‬نظــم املســتقبل‪ ،‬اعتــر‬


‫بعــض املهندســن املعامريــن االبــداع عــى انــه يقــوم عــى التناقــض مــع الطبيعــة‪ ،‬وهــو ماتــم‬
‫اعتبــارة صيغــة لالبتــكار يف التصميــم منــذو مطلــع احلداثــة‪ ،‬وقــد اصبــح املهندســن بفضــل ذلــك‬
‫ناجحــن جتاريــا‪.‬‬
‫‪http://cricstadiums.blogspot.com/p/lords-cricket-ground-london-england.html‬‬

‫بام أننا مقبلون عىل هناية هذا الكتاب يمكننا اآلن أن نحكم عىل تلك اهلياكل‬
‫املتامشية مع حياتنا اخلاصة‪ ،‬والتمييز بينها وبني تلك التي تتجاهل أو تنتهك العمليات‬
‫البيولوجية‪ .‬نستطيع اختيار تشييد املباين بإعطائها أ ًيا من الصفات التي نتمنى هلا أن‬
‫جتسد ولكن عىل األقل أصبح لدينا اآلن أساس للحكم عرب التحيل والتحليل‪.‬أؤمن‬
‫مع كريستوفر ألكسندر ببناء األشياء التي تعزز البنية احلية‪ ،‬ولكن ال يمكننا التأثري عىل‬
‫اآلخرين‪ ،‬فهم جيب أن يقرروا بأنفسهم اخلصائص املناسبة إلدماجها يف تصاميمهم‪.‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪140‬‬

‫يمكنك العودة للمناقشة الشهرية التي حصلت بني ألكسندر وبيرت إيزنامن‬
‫عام ‪ 1982‬لعرض كيفية اختالف مفهومنا للهندسة املعامرية عن املفاهيم اآلخرى‬
‫من املامرسني فقد كانت حلظة حاسمة تارخيي ًا للهندسة نظر ًا ألهنا مثلت أول عرض‬
‫للعامة عن «الطبيعة النظام “‪ ”The Nature of Order‬املعامرية أللكسندر يف مدرسة‬
‫الدراسات العليا للتصميم يف جامعة هارفارد‪ ،‬كام أهنا نقطة التحول التي أحرضت‬
‫العامرة التفكيكية وعامرة مابعد احلداثة عىل الساحة الدولية‪ ،‬فعامرة ما بعد احلداثة كانت‬
‫تقلع يف هذا الوقت حتديد ًا واتبعتها التفكيكية حيث أصبحت مشهورة بسبب معرض‬
‫متحف الفن احلديث يف عام ‪( 1988‬سالينجاروس‪.)2004 ،‬‬

‫الشــكل رقــم (‪:)145‬اجــر الطــاب عــى دراســة اهلندســة املعامريــة كتاريــخ فقــط ولكن مل يســمح‬
‫هلــم بتعلــم االدوات العمليــة منهــا وال تطبيــق الــدروس املســتفادة عــى تصميــم املشــاريع بشــكل‬
‫متناقــض‪ ،‬اســتوحى تومــاس جيفرســون تصميــم الروتنــدا يف جامعــة فرجينيــا مــن البانثيــون يف‬
‫رومــا والــذي تــم رســمها مــن قبــل ‪ Andrea Palladio‬يف القــرن الســادس عــر‬
‫‪/http://smarthistory.org/jefferson-rotunda-uvirginia‬‬

‫هذا النقاش ما زال اليوم ذا صلة كام كان يف الفرتة التي جرى فيها نظر ًا ألن‬
‫املسائل التي آثارها ال تزال مهيمنة عىل اهلندسة املعامرية املعارصة واخلطاب املعامري‪،‬‬
‫ماهو مثري للدهشة بني عدة مفاجآت هو كيف حاول إيزنامن يف البداية إقناع ألكسندر‬
‫‪141‬‬ ‫اللغات الشكلية الطبيعية وغري طبيعية‬

‫بأهنم يتحدثون عن اليشء نفسه يف حني فعليأ تتعارض أفكارهم حول تصميم تعارض ًا‬
‫فكان من حق ألكسندر أن يكون مشكك ًا بذلك عىل الرغم من املفردات املتامثلة‬
‫املستخدمة من قبل الطرفني‪.‬‬
‫يكشف النقاش أشياء كثرية للقراء اجلاهزين ﻻستخالص االستنتاجات‬
‫من األحداث الالحقة‪ :‬أوالً‪ :‬اعتنق إيزنامن وغريه من املهندسني املعامريني أسلوب‬
‫التصميم املستند إىل صور باستخدام أداة إحداث «اجلديد» للصدمة متجاهلني العلم‬
‫الذي استخدمه ألكسندر يف التصميم‪ .‬ثانيا‪ :‬من الواضح أن املهندسني املعامريني الذين‬
‫أصبحوا نجوم ًا يف الفرتة التالية هلذه املناقشة ‪ -‬من بينهم إيزمان ‪ -‬كثري ًا ما استخدموا‬
‫أي كالم ظاهري جيد لتربير تصاميمهم املختلة‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪.)146‬‬


‫‪/https://gretchenrubin.com/happiness_project/tag/christopher-alexander‬‬
‫‪https://www.slideshare.net/vikashsaini78/peter-eisenman-30129612‬‬

‫ثالثا‪ ،‬كشف النقاش أيضا نقاط الضعف يف ألكسندر‪:‬فقد أعرب عن ثقته يف‬
‫العلم واحلقيقة املوضوعية للتغلب عىل اخللط املتعمد وضجة التسويق ولكن العامل ال‬
‫يعمل هبذه الطريقة‪ ،‬فكام نعلم من صناعة اإلعالن أن ما يتم بيعه بشكل ساشع ليس‬
‫بالرضورة ما هو األفضل بالنسبة لك‪ ،‬فمن ناحية أخرى فهم إيزنامن النظام واستخدام‬
‫بالفعل فالسفة التفكيكية الفرنسيني لتعزيز قبول تصاميمه فقد كان يؤسس لدفع نفسه‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪142‬‬

‫لألعىل يف نظام يعمل مثل مستهلك التسويق بدالً من العلم (سالينجاروس‪.)2004 ،‬‬
‫بعد عدة نقاشات متبادلة للتحقق من وجهات النظر‪ ،‬كشف ألكسندر يف هناية‬
‫املطاف نقاط اخلالف األساسية لديه مع إيزنامن والتي كان مشتبه ًا هبا منذ البداية‪ ،‬فقد‬
‫أتته بمثابة صدمة متام ًا عندما تم كشف عن هذا فألكسندر جزع حق ًا حيث أنه مل يتخيل‬
‫أي مهندس معامري (ال سيام شخص شاسع الشهرة مثل إيزنامن) لعقد مثل هذه اآلراء‬
‫الغريبة عمد ًا‪ ،‬وقد غضب كردة فعل من اكتشاف هذا االنتهاك املتعمد للشكل والنظام‪.‬‬
‫وهبذه املناسبة املبنى الذي أطلق النزاع هو قاعة مدينة ‪ Logroño‬للمعامري‬
‫رافاييل مونيو واملوجودة يف إسبانيا‪ ،‬فمونيو متوافق مع إيزنامن بحيث أيض ًا يريد‬
‫أن ينتج التنافر والتعارض وهو ما يراه ألكسندر مروع ًا‪ ،‬ولكن يدافع إيزنامن عن‬
‫هذا النهج يف العامرة عىل أنه صحيح متام ًا‪ ،‬فأي وجهة نظر فازت؟‪ .‬ختربنا األحداث‬
‫الالحقة بأن إيزنامن قد أصبح نجم ثابت للهندسة املعامرية ويقوم بالتدريس يف جامعة‬
‫ييل وفاز باللجان الكربى يف مجيع أنحاء‬
‫العامل‪ ،‬أما مونيو فقد ترأس رئاسة قسم‬
‫الدراسات العليا يف التصميم يف جامعة‬
‫هارفارد من ‪ 1985‬إىل ‪( 1990‬حيث‬
‫كانت هذه املناقشة جتري) ثم أنه فاز‬
‫بجائزة بريتزكر يف عام ‪ 1993‬وكلف‬
‫يف وقت الحق يف عام ‪ 1996‬ببناء‬
‫كاتدرائية لوس أنجليس (مبنى انتقدته‬
‫يف استعراض عام ‪ ،)2012‬إن سامرسة‬
‫السلطة املعامرية قد قرروا توجه اهلندسة‬
‫املعامرية وختلف عنها أليكسندر وطرد‬
‫الشكل رقم (‪.)147‬‬ ‫خارج نظامها‪.‬‬
‫‪http://www.archdaily.com/636876/unified-ar-‬‬
‫‪chitectural-theory-chapter-13/5568c18ae58ece‬‬
‫‪a4d1000001-unified-architectural-theory-chap-‬‬
‫يرشح ايزمان كيف أنه خيلق‬
‫‪ter-13-photo‬‬
‫أشكال تسكره يف ذهنه بدالً من النظر يف‬
‫‪143‬‬ ‫اللغات الشكلية الطبيعية وغري طبيعية‬

‫االحتياجات الدنيوية للمستخدم بالتايل‬


‫ليس من املستغرب بأنه يرغب يف التعبري‬
‫عن تصور موتر للحياة من خالل مبانيه‬
‫امللتوية ذات أشكال غري متوازنة‪ .‬هذا‬
‫القبول الرصيح باتباع فلسفة تصميم‬
‫جتعل املباين أماكن غري مرحية ذات‬
‫قيم خمتلفة إىل حد كبري من العقالنية‬
‫العلمية أللكسندر‪ .‬وقول ذلك علن ًا‬
‫(يف أوائل الثامنينات) أعطى مثاالً أعىل‬
‫للمهندسني املعامريني الشباب للمتابعة‬
‫عىل خطاه وهذا ما فعلوه‪ ،‬وربط النقاد‬
‫بني ماجيذب للعقل من أشكال معامرية‬
‫مع التقدم الفكري واملادي بينام تم‬
‫تفسري املشاعر والتواصل مع األرض‬
‫عىل أنه للعوام وشيئ ًا من املايض‪.‬‬
‫ستكون نظرية العامرة مفيدة‬
‫للبرشية أمجعها إذا كانت صدى‬
‫الشكل رقم (‪ .)148‬مدينة منكاس يف املغرب‬ ‫للمشاعر العميقة واخلربة املبارشة للناس‬
‫‪http://www.thaqafnafsak.com/2015/08/%D8%A‬‬ ‫العاديني‪ ،‬فالبد للنظرية املزعومة أن ال‬
‫‪8%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D8‬‬
‫تستهرت باجلامهري بتحدثها مع بعض‬
‫‪%B1-%D8%A3%D8%AC%D9%85%D9%84-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9‬‬ ‫النخبة الصغرية فقط واليمكنها التعامل‬
‫‪%85%D8%A7%D9%83%D9%86-‬‬
‫مع الشخص العامي عىل أنه اجلاهل‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%-‬‬
‫‪A7%D8%AD%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D‬‬ ‫وال أن تفرتض بأنه ال يوجد «حقيقة»‬
‫‪9%8A%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%‬‬ ‫حول أي يشء يف اهلندسة املعامرية‪ .‬فهي‬
‫‪D8%B1.html‬‬
‫موجودة بالفعل‪ ،‬وهذه احلقيقة تكشف‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪144‬‬

‫سخافة الكثري من اخلطاب املعامري‬


‫املعارص يف حماولته لالختباء حتت خدعة‬
‫النسبية‪ .‬ولعل هذا السبب الذي ساعد‬
‫يف هتميش ألكسندر وفهمه للهندسة‬
‫املعامرية من قبل أصحاب النسبية‬
‫املتعصبني‪ ،‬مما دفع لتعليق إيزنامن بعد‬
‫ذلك بكثري‪« :‬لألسف أعتقد بأن كريس‬
‫سقط من شاشة الرادار منذ بعض‬
‫الوقت»‪.‬‬
‫إذا كانت القيم يف العامرة‬
‫التعسفية‪ ،‬أو عىل األقل شخصية لعدة‬
‫عقود‪ ،‬فلامذا مل ختتفي إىل اآلن؟ اقرتح‬
‫ألكسندر تفسري ًا عن كيفية متكن هذه‬
‫احلالة االستمرار لفرتة طويلة حيث‬
‫يبدو بأن ثقافة الصور ختدم التنمية‬
‫النامجة عن رؤوس األموال وخاصة‬
‫األبنية الناجتة عن املضاربة‪ .‬ولذلك فأننا‬
‫الشكل رقم (‪ .)149‬مدينة منكاس يف املغرب‬ ‫ال نواجه فقط لغات شكلية سخيفة‬
‫‪http://www.thaqafnafsak.com/2015/08/%D8%A‬‬ ‫تزعم مكانة مركزية فحسب‪ ،‬بل أيض ًا‬
‫‪8%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D8‬‬
‫نظام قوي وراسخ وحمبذ هلذا احلدث‪،‬‬
‫‪%B1-%D8%A3%D8%AC%D9%85%D9%84-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9‬‬ ‫يتألف هذا النظام من جمال صناعة‬
‫‪%85%D8%A7%D9%83%D9%86-‬‬
‫البناء والتشييد التي تعتمد اآلن اعتامد ًا‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%-‬‬
‫‪A7%D8%AD%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D‬‬ ‫كلي ًا عىل أساليب اإلنتاج معينة واملواد‬
‫‪9%8A%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%‬‬ ‫الصناعية‪ ،‬وتم تعديل عملية الرتخيص‬
‫‪D8%B1.html‬‬
‫للسامح بالصور املعتمدة فقط باإلضافة‬
‫‪145‬‬ ‫اللغات الشكلية الطبيعية وغري طبيعية‬

‫إىل القطاع املرصيف الذي يمول مباين املضاربة املالية مع جمال صناعة التأمني التي توافق‬
‫فقط عىل نوع معني من البناء‪ ،‬إلخ‪ .‬ويتم تغذية هذا النظام بمدارس اهلندسة املعامرية‪.‬‬
‫يولد هذا النظام كمية هائلة من األموال للمستثمر يف التنمية‪ ،‬ولكنه ليس‬
‫بالرضورة أن يقوم بإنشاء عامرة جيدة أو بيئة صحية للمستخدم‪ .‬تذكر بأنه لعدة عقود‬
‫إىل اآلن مل يعد العميل هو املستخدم‪ :‬فالعميل هو املستثمر‪ .‬وللمهندسني املعامريني‬
‫القيام بام يريده املستثمرون هو بيع املبنى كصورة وهذا خيتلف متام ًا عن املبنى ذي‬
‫بيئة حياتية وعملية للناس‪ ،‬فهؤالء املهندسون املعامريون الذين هم البائعون األكثر‬
‫فعالية للمستثمرين‪ ،‬وبالتايل تقدم هلم املكافآت فوق كل اآلخرين مع اجلوائز واللجان‬
‫والسلطة‪.‬‬
‫ولذلك نجد أنفسنا مواجهني مفهومني خمتلفني جد ًا عن ماهية اهلندسة املعامرية‬
‫وماتنبغي أن تكون‪ ،‬فمن ناحية يعزز النظام احلايل كل من ثقافة صور مع الكسل الذي‬
‫يضمن له أن ال يبنى شيئ ًا آخر إال القليل‪ ،‬وال يعلم الطالب حتى التقنيات الالزمة‬
‫لتصميم أي يشء خارج عن النظام احلايل‪ ،‬ومن ناحية أخرى متكن مادة هذا الكتاب‬
‫عىل فهم كيفية عمل اهلندسة املعامرية حقيق ًة بتكييف نفسها لالستخدام البرشي‬
‫وحساسياته‪ ،‬وكيف تؤثر البيئة املبنية عىل الناس وصحتهم وأنشطتهم‪ ،‬هذا الفهم‬
‫سيساعدنا عىل املحافظة عىل احلياة عىل األرض؟‬
‫الفصل الرابع عشر‬

‫الخاتمة‬

‫يف الفصل الرابع عرش (الفصل األخري من النسخة اإللكرتونية من هذا الكتاب)‬
‫ينهي سالينغاروس برسد تأثري التعاليم املتضمنة يف هذا الكتاب عىل طالبه من جامعة‬
‫تكساس يف سان أنتونيو خالل فصل اخلريف عام ‪.2012‬‬
‫ويف هناية هذا الفصل قال يل الطالب بأهنم تعلموا أشياء كثرية أساسية لبناء‬
‫فهمهم عن العامرة‪ ،‬والتي بالكاد يتم تدريسها يف املواد املعامرية األخرى‪ ،‬وألكون أكثر‬
‫دقة‪ ،‬أخربين الطالب عن أمهية العوامل املتنوعة لنجاح أي تصميم من دراسة املوقع‬
‫للعامرة املحيطة والتكيف اإلقليمي والزخرفة (أو باألحرى عدم الزخرفة)‪ ،‬باإلضافة‬
‫لعالقة املقاييس املنشأة ببعضها والنسب واألشجار واملواقع اخلرضاء‪ ،‬لكنهم مل يتعلموا‬
‫أبد ًا عن كيفية إدارهتا‪ .‬أما اآلن تؤخذ هذه العوامل بعني االعتبار بالتعلم عن سبب‬
‫انبثاقها من الرتكيبة البيولوجية خاصتنا مع العمليات الطبيعية‪.‬‬
‫إن املفهوم العام املفيد كان هو االتصال ‪ :connectivity‬ما بني الفراغات العامة‬
‫وما بني اهلياكل واملقاييس املختلفة للمنشأة‪ ،‬ومابني املستخدم واملبنى‪ ..‬إلخ‪ .‬االتصال‬
‫تأثريا عرض ًيا أو باخلطأ للتصميم‪ ،‬أو‬
‫هو أداة أساسية لتصميم متناسق‪ ،‬لكنه يعترب عاد ًة ً‬
‫يشء ثانوي بالنسبة للشكل واهليكل‪ .‬وقد فهم الطالب التواصل بطريقة جديدة خالل‬
‫نقاشاتنا عن تعقيد النظام حني يتعلق كل جزء باآلخر ويتأقلم مع األجزاء األخرى‬
‫حتى يستطيع أن يعمل النظام بشكل متناسق ككل واحد‪.‬‬
‫أما بالنسبة للزخرفة فقد ظهرت اآلن بأهنا أكثر من جمرد يشء مجيل للنظر إليه‬
‫(عد إىل الفصل الثاين العرش الذي حتدث عن عالقة الزخرفة بالذكاء اإلنساين) فالزخرفة‬
‫‪147‬‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪148‬‬

‫الشكل رقم (‪.)150‬‬


‫‪/http://www.archdaily.com/tag/unified-architectural-theory‬‬

‫مرتبطة بالنمطية عىل مجيع املقاييس‪ ،‬ويف هناية املطاف نعود إىل ميزة العامرة اجليدة املكونة‬
‫من التواصل املكثف (والذي هو جيد لصحتنا)‪ .‬الزخرفة مرتبطة بالبيوفيليا (ظاهرة‬
‫حب الطبيعة) والتي كانت أكثر فكرة صاعقة ملعظم الطالب وتم تقديمها يف الفصل‬
‫العارش من هذا الكتاب‪ ،‬ينزعج الطالب عادة بعدم أخذ البيوفيليا بعني االعتبار يف كثري‬
‫من التصاميم ‪،‬والتي تويل اهتاممها العتبارات خمتلفة متام ًا‪ ،‬فحني تشكل البيوفيليا تغيري ًا‬
‫جذري ًا يف جودة احلياة‪ ،‬البد إذن من دجمها يف التصاميم‪.‬‬
‫عرب مجيع الطالب عن حصوهلم عىل قدرة جديدة للحكم عىل املباين باستخدام‬
‫معايري موضوعية‪ ،‬فلم تعد هناك احلاجة إىل االعتامد عىل مفاهيم غامضة عن ما هو‬
‫‪149‬‬ ‫اخلامتة‬

‫«صحيح»‪ ،‬وقد أصبح اآلن من املمكن‬


‫استخدام جمموعة من املعايري واألسس‬
‫الكونية‪ ،‬مثل خواص كريستفور‬
‫ألكسندر التي حتكم عىل جاذبية املبنى‬
‫بغض النظر عن أراء أية جمموعة (انظر‬
‫للفصل احلادي عرش الذي قدم خواص‬
‫األساسية اخلمس عرشة ألكسندر)‬
‫وقد استذكر بعض الطالب عدة‬
‫مناسبات يف املايض حني اضطروا إىل‬
‫اإلذعان لتقييم أستاذ املرشوع حتى‬
‫عندما شعروا بأنه كان خمطئ ًا‪ ،‬وذلك‬
‫ببساطة يعود لقوة السلطة التي متلك‬
‫هذه اآلراء غري الواضحة‪ ،‬فاملهم هو‬
‫فقط أن تكون مقبولة من قبل الطرف‬
‫اخلانع‪ ،‬وهو حمبط بشكل رهيب حيث‬
‫الشكل رقم (‪.)151‬‬ ‫مل يتعلم الطالب شيئ ًا من هذا النوع من‬
‫التفاعالت مع األساتذة‪.‬‬
‫خصوصا عندما أخربين الطالب بأهنم «قبل دراستهم هلذه املادة كانوا مستدرجني‬
‫ً‬
‫لقبول حجج بيرت آيزنامن يف مناظرته مع كريستوفر الكسندر» ( لكنهم اآلن ينظرون‬
‫لألمور بطريقة خمتلفة؛ فقد طوروا تقدير املشاعر البرشية كأساس لعامرة تكيفية وهذا ما‬
‫أكد عليه ألكسندر‪ ،‬ويف الوقت نفسه استطاعوا فهم تطور مدارس العامرة والنظريات‬
‫خلف تصميم املباين بشكل أفضل‪ ،‬فقد أخذوا ملحة أعمق يف عملية اإلبداع التي حترتم‬
‫العوامل األساسية يف احلياة‪.‬‬
‫كان الطالب متحمسني من آفاق ممارسة اهلندسة املعامرية كعملية جتريبية وعلمية‬
‫بأخذ املفاهيم من علم األحياء وتطبيقها عىل عملهم؛ فعىل سبيل املثال توظيف تصميم‬
‫النظرية املعامرية املوحدة‬ ‫‪150‬‬

‫األجزاء الفردية أو تطور الشكل‬


‫العضوي أو االبتكار من خالل التكيف‬
‫أو االختيار من خالل ردود األفعال وما‬
‫إىل ذلك‪ .‬أسست هذه الطريقة اجلديدة‬
‫للتفكري الفرق الواضح بني الفن‬
‫التجريدي الذي يعترب بيانًا شخص ًيا‬
‫للفنان‪ ،‬ويف مقابله اهلندسة املعامرية‬
‫بغرض االستخدام البرشي‪ .‬وقال‬
‫الطالب بأهنم سابق ًا كانوا متحمسني‬
‫حق ًا لألشكال املبتكرة بام فيها تلك التي‬
‫بدت «عضوية»‪ ،‬ولكنهم اآلن يعلمون‬
‫بأن الصورة ليست مهمة‪ ،‬وبدالً من‬
‫ذلك البد من البحث عن عملية التكيف‬
‫التي تؤدي إىل هيكل «جيد»‪ .‬إن العامرة‬
‫الشكل رقم (‪.)152‬‬ ‫اجليدة هي عامرة مجيلة ووظيفية وتريح‬
‫‪https://www.pinterest.‬‬ ‫اإلنسان نفسي ًا وجسدي ًا‪.‬‬
‫‪sepin/527273068849831355/‬‬
‫المراجع‬

http://www.archdaily.com/419892/unified-architectural-theory-an-introduction
http://www.archdaily.com/419892/unified-architectural-theory-an-introduction
http://www.midcenturyhome.com/the-glass-house-mies-van-der-rohes-farnsworth-
house/
http://www.katarxis3.com/Mehaffy_New_Modernity.htm
http://www.katarxis3.com/Mehaffy_New_Modernity.htm
https://en.wikipedia.org/wiki/Aniconism_in_Islam
https://www.pinterest.com/pin/376402481327691664/
http://topinspirations.com/19-vibrant-small-indoor-gardens-you-can-get-inspired-
from/
http://www.pitt.edu/~asian/week-4/week-4.html
http://alfa-img.com/show/le-corbusier-india.html
http://www.archdaily.com/418764/binh-thanh-house-vo-trong-nghia-architects-sanu-
ki-nishizawa-architects
https://www1.nyc.gov/site/planning/plans/water-street-pops/water-street-pops.page
http://www.sublime.ag/things/?p=3691
https://www.flickr.com/photos/justsmartdesign/sets/72157625843905019/
http://www.gettyimages.co.uk/photos/city-of-london?excludenudity=true&sort=-
mostpopular&mediatype=photography&phrase=city%20of%20london
http://www.hkpe.net/hkdsepe/human_body/bones_structure.htm
http://personal.strath.ac.uk/j.wood/Biomimetics/inspirtational%20designs/Eiffel%20
Tower_files/Eiffel%20Tower.htm
http://personal.strath.ac.uk/j.wood/Biomimetics/inspirtational%20designs/Eiffel%20
Tower_files/Eiffel%20Tower.htm
https://de.wikipedia.org/wiki/Coop_Himmelb(l)au
151
‫املراجع‬ 152

https://www.pinterest.com/pin/564849978234595329/
https://www.architectural-review.com/today/film-institute-by-boonserm-premtha-
da-thailand/8622840.article
https://www.shutterstock.com/image-vector/evolution-architecture-timeline-city-de-
sign-elements-280451036
http://www.hongkiat.com/blog/cities-of-future-artworks/
http://www.archdaily.com/211010/ad-classics-vitra-design-museum-and-factory-
frank-gehry/5038239a28ba0d599b001059-ad-classics-vitra-design-museum-
and-factory-frank-gehry-photo
https://fineartamerica.com/featured/architecture--old-vs-new-mark-hendrickson.html
http://www.humanities.mcmaster.ca/~dclark/rememberingJD.html
h t t p : / / b l o g . n a v e r . c o m / P o st V i e w . n h n ? b l o g I d = b a b y k i t y 0 1 & l o g -
No=220420730802&parentCategoryNo=&categoryNo=4&viewDate=&isS-
howPopularPosts=true&from=search
http://www.nzedge.com/news/doyen-of-deconstructivism/
https://fabenglishideas.com/2015/02/01/how-to-learn-vocabulary-7-simple-ide/
http://www.121www.vcharkarn.com/vcafe/28770
http://www.notcot.org/post/6926/Navigate-trough-this-mountain-of-words-Really-
cool-effe/
http://www.designhistory.org/PostModern_pages/Deconstruction.html
http://kk.org/thetechnium/maps-of-knowled/
https://www.123rf.com/photo_17196789_abstract-word-cloud-for-deconstruction-
with-related-tags-and-terms.html
https://en.wikiarquitectura.com/building/Lou-Ruvo-Center-for-Brain-Health/
https://www.pinterest.com/pin/774124907119757/
https://www.pinterest.se/pin/321233385901216421/
https://www.pinterest.com/pin/538532067920339228/
http://indulgy.com/post/jGBTq9W1l3/sidi-bou-said-tunisia
http://www.newworldencyclopedia.org/entry/H%C5%8Dry%C5%AB-ji
https://www.britannica.com/place/Colmar
http://www.alriyadh.com/581604
https://structurae.net/structures/seagram-building
https://www.boundless.com/art-history/textbooks/boundless-art-history-textbook/
global-art-since-1950-ce-37/modern-architecture-236/modern-architec-
153 ‫املراجع‬

ture-839-10850/
http://www.almoofta7.com/vb/showthread.php?t=235846#.WM2Af_mGPIU
http://urbsite.blogspot.com/2009/06/mugging-on-mcleod.html
http://www.arch2o.com/royal-ontario-museum-studio-daniel-libeskind/
http://www.archdaily.com/447456/unified-architectural-theory-chapter-3/527a83e7e
8e44e86540000de-unified-architectural-theory-chapter-3-photo
https://www.pinterest.com/pin/433401164110527078/
http://www.fotoartbook.com/?p=59720
https://www.theodysseyonline.com/the-benefits-of-renewable-energy
http://design-net.biz/houseplans/mies_brick_country_house_plan.html
http://www.archzaher.com/2016/02/villa-savoye-le-corbusier.html
https://de.wikipedia.org/wiki/Neue_Nationalgalerie
http://alamree.com/apic_10.htm
http://ar.theasian.asia/archives/10693
http://zeta.math.utsa.edu/~yxk833/life.carpet.html
https://alchetron.com/Rasem-Badran-150583-W
http://shop.saia2z.com/index.php/vegetables/everyday/curry-leaves.html?limit=20&-
mode=list
http://observer.com/2011/09/frank-gehry-regrets-his-guest-appearance-the-simpsons/
http://www.startimes.com/?t=15883764
http://www.canstockphoto.com/images-photos/siena-cathedral-facade-window.html
https://www.pinterest.com/pin/77053843595133271/
https://www.pinterest.com/pin/32791903514011595/
https://www.pinterest.com/pin/159244536804648738/
http://www.archdaily.com/87728/ad-classics-dessau-bauhaus-walter-gropius
http://www.purebreak.com.br/noticias/profissao-conheca-a-rotina-e-as-curiosi-
dades-da-vida-de-um-jovem-engenheiro-civil/14645
https://www.pinterest.com/pin/382383824589950175/
https://www.pinterest.com/pin/422775483746168091/
https://en.wikipedia.org/wiki/YMCA_Building_(Riverside,_California)
https://www.pinterest.com/pin/418694096576673249/
http://www.arch-news.net/en/arch-initiat/item/33155-2014-04-08-17-55-44/33155-
‫املراجع‬ 154

2014-04-08-17-55-44#.WM5Bl7h3cdU
https://www.pinterest.com/pin/458311699558227864/
https://archidialog.com/2012/12/11/oma-rem-koolhaas-architectural-influence-why-
does-he-choose-to-ignore-it/002-copy1-2/
https://it.pinterest.com/pin/236650155396446976/
http://www.syr-res.com/article/9157.html
http://www.archdaily.com/160390/ad-classics-bagsvaerd-church-jorn-utzon
https://divisare.com/projects/317793-alvar-aalto-nico-saieh-saynatsalo-town-
hall-1951
http://www.tripmondo.com/mali/mopti-region/derou/
http://mufakarah.com/c-486/
https://en.wikipedia.org/wiki/Culture_of_Madagascar
h t t p : / / w w w. a t l a n t e a n c o n s p i r a c y. c o m / 2 0 1 2 / 1 2 / c o n s c i o u s n e s s - p e r c e p-
tion-and-brain_14.html
http://spiritualcleansing.org/the-mysteries-of-consciousness/
http://spiritualcleansing.org/the-mysteries-of-consciousness/
http://courtyard-house.blogspot.com/2010/06/azuma-house-by-tadao-ando.html
http://www.shiaali.net/vb/showthread.php?t=130783
https://www.pinterest.com/pin/574209021218801880/
http://www.archdaily.com/203608/ad-classics-jyvaskyla-university-alvar-aalto
http://www.albayan.ae/editors-choice/asfar/2013-07-25-1.1929685
http://www.almrsal.com/post/213936/statue-of-liberty-2
https://tigsee.com/Magazine/Country/Finland/Top-Attractions-in-Finland
http://drawingparallels.blogspot.com/2016/07/resilient-rules-culture-and-complexity.
html
http://drawingparallels.blogspot.com/2016/07/resilient-rules-culture-and-complexity.
html
http://drawingparallels.blogspot.com/2016/07/resilient-rules-culture-and-complexity.
html
http://www.iwritewordsgood.com/apl/patterns/apl106.htm
http://www.iwritewordsgood.com/apl/patterns/apl106.htm
http://archidose.blogspot.com/2012/06/half-dose-107-new-england-conservatory.
html
155 ‫املراجع‬

http://www.arch.rpi.edu/category/student-work/page/3/
https://www.pinterest.com/pin/268245721526811474/
https://es.pinterest.com/pin/291397038367836032/
http://www.fresher.ru/2013/11/21/centr-gejdara-alieva-novyj-simvol-baku/
h t t p : / / w w w . h u ffi n g t o n p o st . c o m / 2 0 1 4 / 0 6 / 2 1 / a r k a n s a s - t h o r n -
crown-chapel_n_5515375.html
http://www.syr-res.com/article/3578.html
http://syriahomenews.com/2015/07/08/%D9%82%D8%B5%D8%B1-
%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B8%D9%85-
%D9%81%D9%8A-%D8%AF%D9%85%D8%B4%D9%82-
%D8%AA%D8%AD%D9%81%D8%A9-%D9%85%D8%B9%D9%8-
5%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A3%D9%85%D8
%AB%D9%88%D9%84/
http://www.archdaily.com/office/charged-voids
http://www.archdaily.com/611788/unified-architectural-theory-chapter-9a/550c4876
e58eceb2700001f5-the-erechtheion-in-a
http://www.archdaily.com/tag/unified-architectural-theory/
http://blogs.lse.ac.uk/lsereviewofbooks/2012/06/06/book-review-utopian-adven-
ture-the-corviale-void-by-victoria-watson/
http://www.syr-res.com/article/8301.html
http://www.albayan.ae/editors-choice/asfar/2013-03-31-1.1852847
http://saberyrecordar.blogspot.com/2015/07/ghadames-perla-del-desierto-de-libia.
html
http://www.archdaily.com/tag/unified-architectural-theory/
http://www.archdaily.com/623966/unified-architectural-theory-chapter-10
http://www.archdaily.com/623966/unified-architectural-theory-chapter-10
https://it.wikipedia.org/wiki/Moschea_dello_Sci%C3%A0
http://www.greenz.nl/interieur-beplanting/living-green-walls/
http://ogrodwcentrum.pl/one-central-park-wiezowiec-ogrod/
http://casaydiseno.com/arquitectura/casas-minimalistas-24-disenos.html
http://www.archdaily.com/623966/unified-architectural-theory-chapter-10
http://www.archdaily.com/tag/unified-architectural-theory/
h t t p : / / w w w. a r c h d a i l y. c o m / 6 2 6 4 2 9 / u n i fi e d - a r c h i t e c t u r a l - t h e o r y - c h a p -
ter-11/5544ca78e58ece706c00049f-unified-architectural-theory-chap-
‫املراجع‬ 156

ter-11-photo
http://www.tkwa.com/fifteen-properties/levels-of-scale-2/
http://www.tkwa.com/centers02/
www.tkwa.com/fifteen-properties/boundaries-2/
http://www.tkwa.com/altrep02/
http://www.tkwa.com/posspace01/
http://www.tkwa.com/symmetry02/
http://www.tkwa.com/centers02/
http://www.tkwa.com/interlock02/
http://www.tkwa.com/fifteen-properties/graded-variation-2/
http://www.tkwa.com/roughness01/
http://www.tkwa.com/blog_categories/echoes/
https://www.pinterest.com/pin/331225747565840029/
https://www.pinterest.com/pin/513269688765199538/
http://www.tkwa.com/notsep01/
https://forums.graaam.com/450952.html
http://www.youramazingplaces.com/palace-of-versailles-is-the-biggest-french-pride/
https://www.etsy.com/listing/211264012/arabic-arch-digital-photography-ara-
bic?ref=market
https://www.pinterest.com/pin/131871095311464566/
http://freshome.com/2011/05/27/modern-and-sustainable-recreational-resi-
dence-in-canada/
http://g1.globo.com/ciencia-e-saude/noticia/2014/10/arte-das-cavernas-ja-existia-na-
asia-ha-40-mil-anos-revela-estudo.html
http://mozo-15.blogspot.com/2011/03/blog-post_7498.html
http://www.archdaily.com/tag/unified-architectural-theory/
http://cpdailyliving.com/cortical-visual-impairment-cvi-cerebral-palsy-underdiag-
nosed-undertreated/
http://www.archdaily.com/tag/unified-architectural-theory/
http://cricstadiums.blogspot.com/p/lords-cricket-ground-london-england.html
http://smarthistory.org/jefferson-rotunda-uvirginia/
https://gretchenrubin.com/happiness_project/tag/christopher-alexander/
157 ‫املراجع‬

https://www.slideshare.net/vikashsaini78/peter-eisenman-30129612
http://www.archdaily.com/636876/unified-architectural-theory-chapter-13/5568c18a
e58ecea4d1000001-unified-architectural-theory-chapter-13-photo
http://www.thaqafnafsak.com/2015/08/%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8
%B5%D9%88%D8%B1-%D8%A3%D8%AC%D9%85%D9%84-
%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A7%D9%8
3%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%-
A7%D8%AD%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-
%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1.html
http://www.archdaily.com/tag/unified-architectural-theory/
https://www.pinterest.se/pin/527273068849831355/

You might also like