You are on page 1of 15

‫مجلة علوم التربية ـ العدد‪61 :‬‬

‫كيف ُن َك ِّو ُن تلميذا قارئا؟‬


‫املدين بورحي�س‬ ‫ ‬
‫‪7‬‬

‫تقدمي‪:‬‬
‫نخطئ كثريا حني نظن �أن �أزمة التعليم املدر�سي يف‬
‫املغرب هي �أزمة معرفة �أو منهج �أو مقررات درا�سية �أو‬
‫لغة �أو غري ذلك؛ لأننا‪ ،‬بهذا احلكم ال�شائع‪ ،‬نغفل جوهر‬
‫الق�ضية و�أ�سا�سها‪� ،‬إنها �أزمة قراءة بالدرجة الأوىل‪ ،‬من‬
‫�أب�سط جتلياتها وم�ستوياتها‪� ،‬إىل �أكرثها تركيبا وتعقيدا‪.‬‬
‫فغياب «التلميذ القارئ»‪� ،‬أو غياب «الهم القرائي» هو ما‬ ‫التلمذة حالة �أو‬ ‫❞‬
‫يوقع يف م�شاكل عديدة وخطرية‪ ،‬يتخبط فيها املتعلم‪،‬‬ ‫و�ضع‪ ،‬والقراءة �أداة �أو‬
‫والتعليم‪ ،‬واملعلم‪.‬‬ ‫و�سيلة‪ ،‬وهذا يدل داللة‬
‫و�إذا ما ا�ستطعنا �أن جند حال مالئما لإ�شكال القراءة‬ ‫مبا�رشة على �أن كل تلميذ‬
‫يف ذاته‪ ،‬ف�إن ذلك �سيمهد لنا ال�سبيل لتجاوز امل�شاكل‬ ‫هو بال�رضورة قارئ‬
‫الأخرى املرتبطة بها ارتباطا وثيقا‪ ،‬وهنا تتبادر �إىل‬ ‫❝‬
‫�أذهاننا جمموعة من الأ�سئلة املختلفة من قبيل‪:‬‬
‫‪1)1‬من هو التلميذ القارئ؟‬
‫‪2)2‬وكيف ن�ستطيع تن�شئة تلميذ قارئ؟‬
‫‪3)3‬وما هي معيقات القراءة بالن�سبة للتلميذ املغربي؟‬
‫‪4)4‬ومباذا ترتبط �أزمة القراءة‪ ،‬بالقارئ �أم باملقروء‪� ،‬أم‬
‫املقرئ؟‬
‫ي�ؤدي �إهمالها �إىل ق�صور فهمنا لفعل القراءة‪،‬‬ ‫وهي الأ�سئلة التي �سنحاول البحث عن‬
‫فهي �أوال تدل على �أن هذا الفعل لي�س فرديا‪،‬‬ ‫�إجابات تقريبية عنها يف ال�صفحات التالية‪،‬‬
‫بل هو م�شرتك بني جانبني اثنني على الأقل‪،‬‬ ‫لعل ذلك يخفف بع�ض هموم واقع تربوي‬
‫وثانيا �أنه فعل مركب ومعقد‪ ،‬يتطلب جهدا‬ ‫وتعليمي م�ضطرب و�سلبي‪ ،‬يف نتائجه وقيمه‬
‫ومهارة‪ ،‬ويخ�ضع لنظام حمدد‪ ،‬وهذا الفهم‬ ‫وظواهره وخ�صائ�صه‪.‬‬
‫جنده عند بع�ض العلماء العرب القدماء‪،‬‬
‫�إذ �إنهم �أدركوا‪ ،‬بحكم خربتهم وثقافتهم‬ ‫‪1.1‬مفهوم القراءة‪:‬‬
‫الوا�سعة‪� ،‬أن «القارئ» ال بد �أن ميتلك الرغبة‬ ‫�إن حتديد الداللة املفهومية مل�صطلح‬
‫يف «القراءة»‪ ،‬و�أن يلتزم ب�شروط «الإقراء»‪،‬‬ ‫القراءة يقت�ضي منا البحث عن معانيه‬
‫يقول �ضياء الدين بن الأثري‪« :‬و�إذا �س�ألت‬
‫عما ُي ْن َت َف ُع ب ِه فيِ َف ِّن ِه ِقيل َ‬ ‫اللغوية‪ ،‬ففي معجم «ل�سان العرب»‪َ « :‬ق َر�أتُ‬
‫لك َه َذا! ف�إنَّ ال ُّد ْر َب َة‬
‫و�ض َم ْمتُ َب ْع َ�ض ُه �إىل‬ ‫ال�شي َء ُق ْر�آن ًا‪َ :‬ج َم ْع ُت ُه َ‬‫ْ‬
‫والإ ْد َمانَ � ْأج َدى َع َل ْي َك َنفْع ًا‪ ،‬و� ْأه َدى َب َ�صر ًا‬
‫انك خْ َ‬‫و�س ْمع ًا‪ ،‬وهُ َما ُي ِر َي َ‬ ‫َب ْع ٍ�ض (‪َ )...‬وم ْع َنى ق َر�أتُ ال ُق ْر�آن‪َ :‬ل َفظتُ ِب ِه‬
‫الن‬ ‫الرب ِع َيانا‪ ،‬و َي ْج َع ِ‬ ‫َ‬
‫مجَ ْ ُموع ًا � ْأي �أل َق ْي ُت ُه (‪ )...‬و�أ ْقر�أ َغيرْ َ ُه �إق َرا ًء‪.‬‬
‫ُع ْ�س َر َك ِمنَ ال َق ْو ِل � ْإم َكانا‪ ،‬و ُك ُّل َجار َِح ٍة‬
‫ول�سان ًا‪ُ ،‬‬ ‫ومنه قيل‪ُ :‬فالن المْ ُق ِْر ُئ‪ .‬قال ِ�سيب َوي ِه‪ :‬ق َر�أ‬
‫الكتَاب َما‬ ‫فخ ْذ ِمنْ َهذا ِ‬ ‫م ْن َك ق ْلب ًا َ‬
‫اك‪.‬‬ ‫انك َما � َأخ َط َ‬ ‫وا�س َت ْن ِب ْط ب�إ ْد َم َ‬‫اك‪ْ ،‬‬ ‫� ْأع َط َ‬ ‫وا ْق رَ َت�أ‪ ،‬بمِ َ ْعنى‪ :‬بمِ َ ْن ِزل ِة َعال ق ْرن ُه ْ‬
‫وا�س َت ْعال ُه‬
‫الطر ِيق‬ ‫هذ ِه ِ‬ ‫لك ِمنْ ِ‬ ‫َوما ِم ْثلي في َما َم َّه ْد ُت ُه َ‬ ‫تاب ِق َراء ًة و ُق ْر�آن ًا‪ ،‬وم ْن ُه‬ ‫الك َ‬ ‫(‪ )...‬وق َر�أتُ ِ‬
‫�إال َك َمنْ َط َب َع َ�س ْيف ًا‪ ،‬و َو َ�ض َع ُه فيِ يمَ ِ ي ِن َك ِل ُت َق َ‬
‫اتل‬ ‫ُ�س ِّم َي ال ُق ْر�آن‪ .‬و�أق َر�أ ُه ال ُق ْر�آن ف ُه َو ُمق ِْر ٌئ‬
‫ِب ِه‪ ،‬ول ْي َ�س َع َل ْي ِه �أنْ َي ْخ ُلقَ َل َك َق ْلب ًا‪ ،‬ف�إنَّ َح ْم َل‬ ‫(‪ )...‬واال ْق رِتَا ُء‪ :‬ا ْف ِتعا ٌل ِمنَ ال ِق َراء ِة (‪)...‬‬
‫ا�ش َر ِة ال ِقتَال‪ )2(».‬ويقول‬ ‫ال ِّن َ�ص ِال غيرْ ُ ُم َب َ‬
‫(‪)1‬‬
‫وا�س َتقْر�أ ُه‪ :‬ط َل َب �إل ْي ِه �أنْ َي ْق َر�أ‪».‬‬
‫ْ‬
‫واع َل ْم �أنَّ ع ْل َم الأ َد ِب َمتَى َكانَ‬
‫ال�سكاكي‪« :‬هذا ْ‬ ‫ففي هذا التعريف املعجمي‪ ،‬يظهر �أن‬
‫ال ْو ِ�ض ِفيه مجُ َ َّرد ال ُو ُقوف َعلى‬ ‫الحْ َ امل َعلى خْ َ‬ ‫مدار كلمة «قر�أ» هو اجلمع وال�ضم والتلفظ‪،‬‬
‫ات‪،‬‬ ‫الح ِ‬ ‫اال�ص ِط َ‬‫و�ش ْيءٍ منَ ْ‬ ‫َب ْع ِ�ض الأ ْو َ�ضا ِع‪َ ،‬‬ ‫غري �أن ثمة �صيغا لفظية �أخرى قد تفيدنا يف‬
‫مجلة علوم التربية ـ العدد‪61 :‬‬

‫ف ُه َو َلد ْي َك ع َلى َط َرف ال َّت َم ِام‪� ،‬أ َّما �إذا‬ ‫فهم املعنى‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫االح رِتَا ِز َع ِن‬ ‫ُخ ْ�ض َت في ِه ِل ِه َّمة َت ْب َع ُث َك ع َلى ْ‬ ‫الإ ْف َعال‬ ‫•الإقراء‬
‫ال�ص َواب‬ ‫و�س ُلوك َجا َّد ِة َّ‬ ‫الط�إ فيِ ال َع َرب َّية‪ُ ،‬‬ ‫خْ َ‬
‫اال�س ِتفعال‬ ‫•اال�ستقراء‬
‫َ�ض دُو َن َك ِم ْن ُه �أ ْن َواع ُتل ِقي لأ ْد َن َاها‬ ‫ِفي َها‪ْ ،‬اع رَت َ‬ ‫ْ‬
‫ُع ْرف ال ُق ْرب ِة‪ ،‬ال ِ�س َي َما � َإذا ا ْن َ�ض َّم �إىل ِه َّم ِت َك‬ ‫اال ْف ِت َع ُال‬ ‫•االقرتاء‬
‫كالم ِه‪،‬‬‫ال�ش َغ ُف بال َّت َل ِّقي لمِ ُ َرا ِد اهلل َت َعاىل ِمنْ ِ‬ ‫َّ‬ ‫وهي �صيغ تخفي يف طياتها دالالت هامة‪،‬‬
‫‪8‬‬
‫اطل ِمنْ َبينْ ِ َي َدي ِه وال ِمنْ ثم الكلمات‪ ،‬ق�صد الو�صول �إىل فهم املعاين‪،‬‬ ‫الذي ال َي�أْتي ِه ال َب ُ‬
‫مجلة علوم التربية ـ العدد‪61 :‬‬

‫لك ِم ْن َها َما ال َي ْب ُع ُد وهذا يدل على وجود ترابط وثيق بني عمليتني‬ ‫َخ ْل ِف ِه‪ ،‬ف ُه َناك ال َي ْ�س َت ْق ِب َ‬
‫�أنْ ُي ْر ِج َع َك ال َق ْه َق َرى‪ ،‬و َك� يِّأن ِب َك ول ْي َ�س َم َع َك اثنتني ترتبطان بالقراءة‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫الفعل الذهني‬ ‫الفعل املادي‬ ‫قد َذ َه َب‬‫ِمنْ َه َذا ال ِع ْل ِم �إال ِذ ْك ُر ال َّن ْح ِو والل َغ ِة‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِبك ال َو ْه ُم �إىل �أنَّ َما ق َر َع َ�س ْم َعك هُ َو َ�ش ْي ٌء �ضم احلروف والكلمات التعرف على املعاين‬
‫َ‬
‫َق ِد ا ْف رَ َّت َع ْنه َع َ�ص ِب َّي ُة ِّ‬
‫ال�ص َناع ِة‪ ،‬ال تحَ ْ ِقيقَ‬
‫الفهم‬ ‫ ‬ ‫الرتتيل‬ ‫ل ُه (‪ِ )...‬لك َّن ّك � َإذا َّ‬
‫اط َل ْع َت َعلى َما َن ْحنُ‬
‫‪9‬‬ ‫�أما معاجم امل�صطلحات احلديثة‪،‬‬ ‫دعو ُه ِكتَا َب َنا َه َذا‪ُ ،‬م ِ�ش ِريينَ في ِه �إلىَ َما‬ ‫ُم ْ�س َت ْو ُ‬
‫ذلك �إال َب ْع َد في�سعفنا بع�ضها ب�إ�شارات دالة حول املفهوم‪،‬‬ ‫لك َ‬ ‫تجَ ِ ُب ال َإ�شا َر ُة �إل ْي ِه‪ ،‬ولنْ َب ِت َّم َ‬
‫وذ ُل ٍول‪ ،‬بعد التحوالت الداللية التي �شهدها‪ ،‬مبرور‬ ‫أمل ُك َّل َ�ص ْع ٍب َ‬ ‫�أنْ َت ْر َك َب ل ُه ِمنَ ال َّت� ِ‬
‫اك �أنَّ �صو َغ الحْ َ ِديث لي�س �إال الأيام‪ ،‬وتطور الوعي الثقايف والفكري‪،‬‬ ‫مت � ْإذ َذ َ‬ ‫َع ِل َ‬
‫ْ َ‬ ‫َ ْ‬
‫ِمنْ عني التَّح ِقيق‪ ،‬وجو َهر ال�س َدا ِد»(‪� ،)3‬إذ وظهور اجتهادات نقدية وفل�سفية ومعرفية‬
‫َ ِ ْ ِ َ ْ ِ َّ‬
‫نالحظ هذا اخلطاب التوجيهي الذي يقوم عديدة‪ ،‬ففي «معجم امل�صطلحات الأدبية‬
‫املعا�صرة» وردت معان عدة للم�صطلح‪ ،‬منها‬
‫على التحفيز والتح�ضي�ض‪ ،‬والأخذ بيد‬
‫�أن « القراءة هي فك ُكو ِد خْ َ‬
‫البرَ المْ َ ْكتُوب‪،‬‬
‫القارئ الراغب وامل�ستعد‪ ،‬نف�سيا وذهنيا‬
‫وت�أ ِويل َن ٍّ�ص �أ َد ِبي َما»(‪� ،)5‬إذ يبدو �أن املفهوم‬
‫للتلقي والقراءة‪ ،‬ولهذا جند تواتر مفردات‬
‫جتاوز الداللة ال�سطحية الب�سيطة القدمية‪،‬‬
‫دالة يف هذا اخلطاب‪ ،‬مثل‪ :‬الدربة والإدمان‪،‬‬
‫واتخذ داللة �أخرى‪ ،‬ت�ؤ�شر عليها يف التعريف‬
‫وال�شغف‪ ،‬والت�أمل وغريها‪ ،‬مما يفيد دالالت‬
‫اال�صطالحي ال�سابق م�صطلحات «فك‬
‫كود»‪ ،‬و«ت�أويل»‪ ،‬مما يعني �أن م�صطلح‬ ‫الفعل القرائي ب�أبعاده املختلفة واملتعددة‪.‬‬
‫و�إذا حتولنا �إىل ا�صطالحية مفهوم القراءة �أ�صبح �أكرث تعقيدا وقوة‪ ،‬واكت�سب‬
‫القراءة‪ ،‬جند معاجم امل�صطلحات القدمية ا�صطالحية وا�ضحة يف املجاالت الثقافية‬
‫ال تقدم �إ�ضافة جديدة ووا�ضحة �إىل املعنى والنقدية والفل�سفية التي ا�ستعمل فيها‬
‫اللغوي‪ ،‬ففي معجم «الكليات»‪« :‬القراءة‪ :‬ا�ستعماال مطردا‪ ،‬فالقراءة‪ ،‬بهذا املعنى‪،‬‬
‫ات ب ْع ِ�ضها �إلىَ َب ْع ٍ�ض هي عملية مركبة‪ ،‬يقوم بها القارئ‪ ،‬يف‬ ‫�ض ُّم الحْ ُ ُروف وال َك ِل َم ِ‬
‫ْتيل»(‪ ،)4‬ففي هذا التعريف �إ�شارة �إىل مواجهة ن�ص معني‪ ،‬مير فيها مبرحلتني‬ ‫الت ِ‬ ‫فيِ رَّ‬
‫البعد اللغوي الفيزيولوجي لفعل القراءة الذي اثنتني هما‪ :‬فك كود اخلرب‪ ،‬وت�أويل الن�ص‪،‬‬
‫يقوم به القارئ‪ ،‬وهو فعل متدرج ومت�سل�سل �إنها «عملية ا�ستخراج املعنى من الكلمات‬
‫يف الزمان واملكان‪ ،‬يبد�أ بالنطق باحلروف‪ ،‬املطبوعة �أو املكتوبة‪ ،‬وهي �أ�سا�سية يف‬
‫�سواء على م�ستوى الأفكار واملو�ضوعات‬ ‫التعليم‪ ،‬وتعد �إحدى املهارات املهمة يف‬
‫�أو الأ�ساليب واللغة‪ ،‬وهي خربة تنتج عن‬ ‫(‪)6‬‬
‫احلياة اليومية‪.‬‬
‫التمر�س الإبداعي باجلن�س الأدبي الذي ينتج‬ ‫غري �أن داللة امل�صطلح �ستبقى ناق�صة‬
‫فيه‪ ،‬و�أي�ضا عن القراءات»(‪ ،)9‬وبال�شكل ذاته‬ ‫�إذا مل نقف على اجتهادات نقدية هامة‬
‫فالقارئ «ال ُيق ِبل على قراءة ن�ص ما وذهنه‬ ‫متخ�ص�صة يف هذا املجال‪ ،‬وهي تقدم �أبعادا‬
‫�صفحة بي�ضاء‪ ،‬بل وهو ميتلك �أفقا فنيا‬ ‫�أخرى لهذه الداللة‪ ،‬ونق�صد باخل�صو�ص ما‬
‫وفكريا‪ ،‬يتحكم يف تلقي هذا الن�ص و�شحنه‬ ‫ي�سمى ب «نظرية التلقي �أو القراءة»‪ ،‬عند‬
‫(‪)10‬‬
‫باملعاين وت�أويله‪».‬‬ ‫روادها احلقيقيني‪ ،‬هانز روبرت ياو�س‪،‬‬
‫واملكون الثاين الذي يت�ضمنه الت�صور‬ ‫وولفغانغ �إيزر‪.‬‬
‫النقدي لياو�س حول التلقي‪ ،‬هو ما ي�سمى بـ«‬ ‫ينطلق ياو�س ‪ YAUSS‬يف حتليله ملفهوم‬
‫التجربة اجلمالية»‪ ،‬بو�صفها ت�شري �إىل ح�ضور‬ ‫القراءة من نقد م�س�ألة التاريخ الأدبي‪ ،‬حماوال‬
‫املتعة يف تلقي الأعمال الفنية‪ ،‬ويقرر ياو�س«‬ ‫�إعادة االعتبار للعالقة بني الأدب والتاريخ‪،‬‬
‫�أن املتعة اجلمالية ت�شتمل على حلظتني‪:‬‬ ‫من زاوية جديدة‪ ،‬هي زاوية القارئ‪� ،‬إذ «�إن‬
‫يف اللحظة الأوىل‪ ،‬التي تالئم كذلك املتعة‬ ‫اجلوهر التاريخي لعمل فني ما ال ميكن بيانه‬
‫�إجماال‪ ،‬يحدث ا�ست�سالم مبا�شر من الذات‬ ‫عن طريق عملية فح�ص �إنتاجه �أو من خالل‬
‫للمو�ضوع‪� ،‬أما اللحظة الثانية‪ ،‬التي تخ�ص‬ ‫جمرد و�صفه‪ ،‬والأحرى �أن الأدب ينبغي‬
‫املتعة اجلمالية‪ ،‬فت�شتمل على اتخاذ موقع‬ ‫�أن يدر�س بو�صفه عملية جدل بني الإنتاج‬
‫يح�صر وجود املو�ضوع بني معقوفني ويجعله‬ ‫(‪)7‬‬
‫والتلقي‪».‬‬
‫(‪)11‬‬
‫– من ثم‪ -‬مو�ضوعا جماليا‪».‬‬ ‫وبناء على هذا الت�صور‪ ،‬يقدم ياو�س‬
‫وداخل التجربة اجلمالية يتحدث ياو�س‬ ‫مكونات العالقة بني الن�ص ومتلقيه‪ ،‬و�أهمها‬
‫عن ثالث مقوالت م�ؤثرة هي‪ ،‬مقولة فعل‬ ‫ما �سماه بـ «�أفق التوقعات»‪ ،‬وهو« ي�شري �إىل‬
‫الإبداع‪ ،‬وهو اجلانب املنتج‪ ،‬ومقولة احل�س‬ ‫نظام ذاتي م�شرتك �أو بنية من التوقعات؛ �إىل‬
‫اجلمايل‪ ،‬وهو جانب التلقي‪ ،‬ومقولة التطهري‪،‬‬
‫مجلة علوم التربية ـ العدد‪61 :‬‬

‫نظام من العالقات‪� ،‬أو جهاز عقلي ي�ستطيع‬


‫(‪)12‬‬
‫وهي العن�صر الوا�صل بني الفن واملتلقي‪.‬‬ ‫فرد افرتا�ضي �أن يواجه به �أي ن�ص»(‪،)8‬‬
‫�أما �إيزر‪ ،‬فقد �صاغ ت�صوره النقدي‬ ‫وي�ستثمر ياو�س هذا املفهوم لدرا�سة العالقة‬
‫للق�ضية يف ما �سماه بـ «جمالية التجاوب»‪،‬‬ ‫بني القارئ والعمل الأدبي‪ ،‬فـ « الن�ص ال ي�أتي‬
‫وهو ت�صور ينطلق بدوره من عالقة الن�ص‪/‬‬ ‫من فراغ‪ ،‬بل �إن كل مبدع ينطلق من خربة �أو‬
‫القارئ‪ ،‬ذلك �أن للعمل الأدبي قطبني‪ ،‬قد‬ ‫�أفق فكري وجمايل‪ ،‬يتحكم يف �إنتاجه الفني‪،‬‬
‫‪10‬‬
‫ا�صطالحيا بف�ضل اجلهود النقدية والفل�سفية‬ ‫ن�سميهما القطب الفني والقطب اجلمايل‪،‬‬
‫مجلة علوم التربية ـ العدد‪61 :‬‬

‫احلديثة‪ ،‬ويتقاطع مع مفاهيم �أخرى‪ ،‬مثل‬ ‫الأول هو ن�ص امل�ؤلف‪ ،‬والثاين هو التحقق‬
‫التلقي والت�أويل وغريهما‪ ،‬وهذا التحول كان‬ ‫الذي ينجزه القارئ(‪ ،)13‬وال يكت�سب العمل‬
‫رد فعل على الدرا�سات النقدية ال�سابقة التي‬ ‫الأدبي معناه �إال من خالل التفاعل بني‬
‫كانت تويل اهتماما بالغا للم�ؤلف «النقد‬ ‫القطبني‪ ،‬مما يعني �أن للقارئ دورا كبريا يف‬
‫الكال�سيكي‪/‬النف�سي»‪ ،‬واملجتمع «النقد‬ ‫الإبداع الفني عموما‪ ،‬ولهذا يتحدث �إيزر عن‬
‫االجتماعي»‪ ،‬والن�ص «النقد البنيوي»‪،‬‬ ‫فئات القراء‪ ،‬مركزا على ما ي�سمى بـ«القارئ‬
‫‪11‬‬ ‫حماولة �إعادة االعتبار للقارئ‪ ،‬ذلك « �أن‬ ‫ال�ضمني»‪ ،‬وهو «بنية ن�صية تتوقع ح�ضور‬
‫الن�ص �أيا كان �سيظل وجوده منقو�صا حتى‬ ‫(‪)14‬‬
‫متلق دون �أن حتدده بال�ضرورة‪».‬‬
‫يتهي�أ له القراء‪ ،‬ميدونه بالطاقة والوجود‪،‬‬ ‫غري �أن فعل القراءة‪ ،‬يف نظر �إيزر‪ ،‬لي�س‬
‫(‪)18‬‬
‫مبا لهم من خربات وجتارب وفهم‪».‬‬ ‫�سهال‪ ،‬فالن�ص بكامله ال ميكن �أبدا �أن يدرك‬
‫دفعة واحدة‪ ،‬وال ميكن تخيل مو�ضوع الن�ص‬
‫‪2.2‬من هو التلميذ القارئ‪:‬‬ ‫�إال من خالل املراحل املختلفة واملتتابعة‬
‫ي�صعب �أن نف�صل ف�صال قاطعا بني‬ ‫للقراءة(‪ ،)15‬وهنا يتحدث �إيزر عما �سماه‬
‫مفهومي «التلمذة» و«القراءة»‪� ،‬إذ ال ميكن �أن‬ ‫بـ«وجهة النظر اجلوالة»‪ ،‬وهي عملية قرائية‬
‫نفهم �أحدهما مبعزل عن الآخر‪.‬‬ ‫مركبة تتكون من مراحل وحلظات متعددة‪،‬‬
‫فالتلمذة حالة �أو و�ضع‪ ،‬والقراءة �أداة �أو‬ ‫بحيث «تنتقل وجهة النظر با�ستمرار بني‬
‫و�سيلة‪ ،‬وهذا يدل داللة مبا�شرة على �أن كل‬ ‫املنظورات الن�صية‪ ،‬وكل حتول ميثل حلظة‬
‫تلميذ هو بال�ضرورة قارئ‪ ،‬وتنتفي بالتايل‬ ‫قراءة متمف�صلة‪� ،‬إنها تربز املنظورات وتربط‬
‫قيمة ال�س�ؤال‪ :‬من هو التلميذ القارئ؟‬ ‫(‪)16‬‬
‫بينها يف نف�س الوقت‪».‬‬
‫غري �أن هذه القيمة تتجدد بالنظر �إىل‬ ‫وال يخفى ت�أثر رواد نظرية التلقي الأملان‬
‫التغيريات الواقعية الطارئة‪� ،‬إذ �أ�صبحت‬ ‫باجلهود الفل�سفية التي قدمها فال�سفة اللغة‪،‬‬
‫«التلمذة» حقا من احلقوق‪ ،‬و�ضرورة من‬ ‫ودار�سو الهرمينوطيقيا من �أمثال هايدغر‬
‫ال�ضرورات‪ ،‬بغ�ض النظر عن ظروفها‬ ‫وجادامر‪ ،‬فـ «عملية التلقي تفتح لنا عاملا‬
‫و�شروطها‪ ،‬مبا يف ذلك �شرط القراءة‪،‬‬ ‫جديدا‪ ،‬وتو�سع‪ ،‬من ثم‪� ،‬أفق عاملنا وفهمنا‬
‫فحدث بالتايل االنف�صال �أو القطيعة بني‬
‫(‪)17‬‬
‫لأنف�سنا يف نف�س الوقت‪».‬‬
‫املفهومني؛ ولهذا كان لزاما البحث عن‬ ‫ونخل�ص �إىل �أن مفهوم القراءة اتخذ‬
‫ال�سبل الكفيلة بتجاوز هذه الفجوة‪ ،‬وترميم‬ ‫�أبعادا جديدة‪ ،‬واكت�سب عمقا دالليا وثراء‬
‫وهذا الفعل ‪ ،‬مثل غريه من الأفعال‪ ،‬يرتبط‬ ‫العالقة املفرت�ضة بني التلمذة والقراءة‪ ،‬لكي‬
‫باملكان‪ ،‬غري �أنه ال يجب االقت�صار على مكان‬ ‫ن�صل �إىل تلميذ قارئ بالقوة والفعل معا‪.‬‬
‫بعينه دون �آخر‪ ،‬بل ي�ستح�سن تنويع ف�ضاءات‬ ‫�إن التلميذ القارئ هو الذي تكون لديه‬
‫القراءة وتو�سيعها‪ ،‬فلي�ست املدر�سة وحدها‬ ‫القراءة و�سيلة �إدراكية وفعلية للتال�ؤم مع‬
‫مكان القراءة‪ ،‬فثمة �أماكن �أخرى‪ ،‬مثل‬ ‫و�ضعه االعتباري بو�صفه تلميذا‪� ،‬إنه الفاعل‬
‫اخلزانة والبيت واحلديقة وال�شاطئ واجلبل‬ ‫الأ�سا�س يف عملية التعلم‪ ،‬القراءة هي الفعل‬
‫وغريها‪ ،‬فالقراءة ارتباط باملكان وجت�سيد‬ ‫امللمو�س الذي مينح التلميذ قيمته اجلوهرية‬
‫حليويته وت�أثريه‪.‬‬ ‫الثابتة‪ ،‬وميكنه من التفاعل املبا�شر‬
‫•البعد النف�سي‪� :‬إذ لي�ست القراءة عمال‬ ‫واحلركة امل�ؤثرة يف املكان والإن�سان والزمان‬
‫فيزيولوجيا �صوتيا وح�سب‪ ،‬بل هو قبل ذلك‬ ‫واملجتمع‪.‬‬
‫فعل ينطلق من رغبة نف�سية و�إرادة ذاتية‪،‬‬ ‫غري �أن القراءة التي ت�ؤدي هذه الوظائف‬
‫ذلك لأن القارئ يقر�أ بجماع �أحا�سي�سه‪،‬‬ ‫ال تعني فقط « فهم م�ضمون الن�ص املقروء‪،‬‬
‫فينفعل مبا يقر�ؤه ويت�أثر به‪ ،‬ويحدث التالحم‬ ‫عن طريق القيام بعملية انتقال مراوحة بني‬
‫النف�سي بني القارئ واملقروء‪ ،‬وهذا يعني‬ ‫الدوال ال�صوتية املج�سدة يف �أ�شكال احلروف‬
‫�أن القراءة �إح�سا�س داخلي يحرك �صاحبه‬ ‫الكتابية‪ ،‬واملدلوالت املعنوية املجردة»(‪،)19‬‬
‫ويدفعه �إىل البحث والفعل واالكت�شاف‪.‬‬ ‫بل هي تتجاوز ذلك لتتخذ �أبعادا متعددة‬
‫ف�ضل كذلك �أن يتنوع‬ ‫•البعد النوعي‪ُ :‬ي َّ‬ ‫ومرتابطة فيما بينها‪� ،‬أهمها ما يلي‪:‬‬
‫املقروء‪ ،‬فال يقت�صر القارئ‪ ،‬مهما كانت ميوله‬ ‫•البعد الكمي‪ :‬يتجلى يف تراكم‬
‫وظروفه‪ ،‬على نوع دون �آخر‪� ،‬أو جمال معريف‬ ‫التجارب القرائية وتعددها‪� ،‬إذ كلما كرث‬
‫دون غريه‪ ،‬و�إن كان ب�إمكانه �أن مينح الن�سبة‬ ‫املقروء‪ ،‬ن�ضجت التجربة و�أثمرت القراءة‬
‫الأكرب ملا مييل �إليه‪ ،‬من موا�ضيع وق�ضايا‬ ‫قارئا فاعال‪.‬‬
‫ومعارف‪ ،‬فيقر�أ الأدب والنقد والفل�سفة‬ ‫•البعد الزمني‪ :‬نق�صد به ا�ستمرارية فعل‬
‫وال�سيا�سة والعلوم وغريها‪ ،‬لتحقيق التو�سع‬
‫مجلة علوم التربية ـ العدد‪61 :‬‬

‫القراءة يف فرتات زمنية متتابعة‪ ،‬ال تتعر�ض‬


‫املعريف من جهة �أوىل‪ ،‬ولتوثيق ال�صالت بني‬ ‫لقطائع �أو انف�صاالت‪� ،‬إذ ت�صبح القراءة‬
‫املعارف املختلفة من جهة �أخرى‪.‬‬ ‫عمال دائما‪ ،‬يرتبط وجوده ب�سريورة الزمان‬
‫•البعد الفكري‪ :‬يتعلق يف جانب منه‬ ‫وا�ستمراره‪� ،‬أما القراءة املتقطعة والظرفية‬
‫بطريقة القراءة‪ ،‬وظروفها‪ ،‬فالقارئ يجب �أن‬ ‫فلن يكون ت�أثريها بالقدر ذاته من الأهمية‪.‬‬
‫يكون واعيا ب�أهميتها‪ ،‬عاملا ب�آلياتها‪ ،‬ويتعلق‬ ‫•البعد املكاين‪ :‬القراءة فعل �إرادي‪،‬‬
‫‪12‬‬
‫وهذا يعني ق�صورا يف االهتمام‪ ،‬ويف الفهم‪،‬‬ ‫اجلانب الآخر با�ستعدادات القارئ وقدراته‬
‫مجلة علوم التربية ـ العدد‪61 :‬‬

‫ويف التفاعل‪ ،‬ويف الت�صور العام حول مو�ضوع‬ ‫الذهنية‪ ،‬بحيث يركز �أثناء القراءة‪ ،‬ويبذل‬
‫القراءة‪ ،‬وميكن �أن نتتبع جوانب هذا الق�صور‬ ‫جهدا للفهم والإدراك والتفكري‪ ،‬موظفا ما‬
‫يف ما يلي‪:‬‬ ‫�أوتيه من ملكات عقلية وتنظيمية ومنطقية‪،‬‬
‫أ‪-‬أاجلانب الكمي‪ :‬يتجلى يف قلة عدد‬ ‫ويندرج يف هذا الإطار كذلك مراعاة القارئ‬
‫القراء عموما‪� ،‬إذ ال نكاد جند �إال ن�سبة �ضئيلة‬ ‫لظروفه واختياره الأوقات املالئمة للقراءة‪،‬‬
‫من بني �أفراد املجتمع ميار�سون القراءة‬ ‫وا�ستثمار ما يقر�ؤه يف �سياقات �أخرى‪.‬‬
‫‪13‬‬ ‫ممار�سة منظمة‪ ،‬وتندرج �ضمن هذه الن�سبة‬ ‫التلميذ القارئ �إذا لي�س جمرد �شخ�ص‬
‫فئات حمددة مثل املثقفني والأ�ساتذة والطلبة‬ ‫يقتعد مقعدا لفرتة زمنية حمددة وين�صرف‬
‫والتالميذ‪ ،‬بدرجات متفاوتة‪ ،‬من فئة �إىل‬ ‫بعدها‪ ،‬التلميذ القارئ هو الذي يكون لديه هم‬
‫�أخرى‪ ،‬مما يعني �أن القراءة �أ�صبحت عمال‬ ‫القراءة موازيا لهم التلمذة‪ ،‬فيحمل الهمني‬
‫نخبويا خا�صا‪ ،‬ولي�ست هما جماعيا متاحا‪،‬‬ ‫معا برغبة مطلقة‪ ،‬ال تزحزحها احلواجز‪،‬‬
‫وك�أن ثمة حواجز اجتماعية تف�صل بني جميع‬ ‫وال تنال منها املثبطات‪ ،‬التلميذ القارئ‬
‫الفئات وبني القراءة‪.‬‬ ‫هو الذي يقر�أ مبعزل عن حمددات الزمان‬
‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬ف�إن هذا اجلانب‬ ‫واملكان واملجتمع والنوع واللغة واحلجم‪ ،‬يقر�أ‬
‫الكمي يظهر يف حجم القراءة ذاتها‪� ،‬أو‬ ‫بانفعال وتفاعل وفكر وت�أمل‪ ،‬يقر�أ ل�سانا‬
‫عدد املقروء من الن�صو�ص والكتابات‪ ،‬فحتى‬ ‫و�إح�سا�سا و�إدراكا‪� ،‬إنه بالتايل فاعل ومبدع‬
‫�ضمن فئات القراء املذكورين‪ ،‬يتفاوت هذا‬ ‫وم�شارك يف بناء املعرفة والإدراك‪ ،‬ويف‬
‫احلجم‪ ،‬بحيث �إن الن�سبة الأكرث‪ ،‬تكون لديها‬ ‫التوا�صل املثمر‪ ،‬ويف االكت�شاف واخللق‪.‬‬
‫القراءة حمدودة يف ن�صو�ص قليلة‪ ،‬من حيث‬
‫عددها‪ ،‬تبعا الهتماماتها الثقافية واملهنية‪،‬‬ ‫‪3.3‬تلميذ قارئ يف جمتمع غري قارئ‪:‬‬
‫وهنا تتحول القراءة �إىل جمرد عمل روتيني‪،‬‬ ‫من الغريب واملتناق�ض �أن نتحدث عن‬
‫تفر�ضه �ضرورة م�ؤقتة‪� ،‬أو حدث طارئ‪ ،‬مما‬ ‫تلميذ قارئ يف جمتمع غري قارئ‪ ،‬بل يف‬
‫يفقدها حيويتها وت�أثريها املطلوب‪.‬‬ ‫جمتمع ال يقدر �أهمية القراءة‪� ،‬إذ �إن معظم‬
‫ب‪-‬باجلانب الكيفي‪ :‬نق�صد به نوع الن�صو�ص‬ ‫الإح�صائيات تفيد برتاجع عدد القراء ون�سب‬
‫واملوا�ضيع املقروءة من قبل القراء‪� ،‬سواء من‬ ‫القراءة‪� ،‬سواء �أكان الأمر يتعلق بالقراءة‬
‫حيث جماالتها‪ ،‬ومن حيث لغتها و�أ�ساليبها‬ ‫ال�سطحية الب�سيطة واال�ستهالكية‪� ،‬أم كان‬
‫وطريقة عر�ضها وكتابتها‪ ،‬فاملوا�ضيع‬ ‫يت�صل بالقراءة النقدية الفاعلة واملنتجة‪،‬‬
‫نطقا �صحيحا‪ ،‬ويف بعدها املركب‪ ،‬وهو‬ ‫االجتماعية والفنية العامة هي الأكرث‬
‫القراءة التتبعية للكلمات واجلمل والن�صو�ص‬ ‫جذبا للقراء‪ ،‬بحكم ات�صالها بواقع احلياة‬
‫املختلفة‪ ،‬وتتدرج هذه العملية عرب مراحل‬ ‫وق�ضاياها‪ ،‬وبحكم لغتها الب�سيطة و�أ�سلوبها‬
‫التعليم‪ ،‬زمانيا‪ ،‬و�سلوكيا‪ ،‬وتربويا‪ ،‬من‬ ‫الوا�ضح‪ ،‬بينما املوا�ضيع الفكرية والنقدية‬
‫املرحلة االبتدائية �إىل املرحلة الثانوية‪ ،‬مما‬ ‫والأدبية‪ ،‬ذات اللغة الدقيقة‪ ،‬والأ�سلوب‬
‫يدل على وجود ترابط وثيق بينها‪ ،‬بحيث‬ ‫العلمي الر�صني‪ ،‬ال تكاد جتذب �إال فئة قليلة‬
‫ي�صعب �إجناز القراءة املركبة (قراءة اجلمل‬ ‫من القراء‪ ،‬هم املثقفون املتخ�ص�صون‪ ،‬من‬
‫والن�صو�ص)‪� ،‬إذا مل يتحقق الإجناز الفعلي‬ ‫النقاد واملفكرين والباحثني وغريهم‪.‬‬
‫الدقيق للقراءة الب�سيطة (قراءة احلروف‬ ‫هذا التحول الكمي والكيفي يف م�سار‬
‫و�ضبط خمارجها و�شكلها)‪ ،‬وكل خلل‬ ‫الفعل القرائي داخل املجتمع املغربي‪ ،‬هو‬
‫فيها ينعك�س انعكا�سا مبا�شرا على املرحلة‬ ‫نتيجة منطقية لظروف اجتماعية ونف�سية‪،‬‬
‫الالحقة‪.‬‬ ‫ذاتية‪ ،‬ومو�ضوعية‪ ،‬تت�صل بت�ضخم النزعة‬
‫•القراءة الذهنية‪ :‬تتجلى يف فهم املقروء‪،‬‬ ‫النفعية املادية‪ ،‬وتراجع القيم الإن�سانية‬
‫ب�إعمال الذهن والت�أمل‪ ،‬وهذه القراءة غالبا‬ ‫والثقافية‪ ،‬وت�أثري الإعالم وتوجهاته‬
‫ما تكون تابعة للنوع الأول‪� ،‬إذ الفهم ال يتحقق‬ ‫الإيديولوجية ال�سلبية‪ ،‬وتراجع دور املدر�سة‬
‫حتققا كامال �إال بالتفاعل اللفظي املبا�شر مع‬ ‫يف التكوين والتوعية والتوجيه‪.‬‬
‫الكالم‪/‬الن�ص املقروء‪ ،‬وتفكيك عنا�صره‪،‬‬
‫وتتخذ القراءة الذهنية بدورها �أ�شكاال‬ ‫‪4.4‬القراءة يف املنظومة الرتبوية‪:‬‬
‫متعددة‪ ،‬منها ا�ستيعاب املعاين اللغوية‬ ‫يعد مفهوم القراءة‪ ،‬ب�أبعاده املختلفة‪،‬‬
‫للكلمات املنطوقة‪ ،‬ثم تركيب املعاين وو�صل‬ ‫مفهوما مركزيا يف املنظومة الرتبوية‬
‫بع�ضها ببع�ض‪ ،‬ق�صد الو�صول �إىل معنى عام‬ ‫املغربية‪ ،‬مبا هي جمموعة من املناهج‬
‫للن�ص املقروء‪.‬‬ ‫والربامج واملقررات الدرا�سية واملخططات‬
‫التعليمية‪ ،‬ويتنوع هذا احل�ضور �إىل‬
‫مجلة علوم التربية ـ العدد‪61 :‬‬

‫•القراءة التحليلية‪/‬املعرفية‪ :‬هي مرحلة‬


‫هامة ت�ستند �إىل املظهرين املذكورين لفعل‬ ‫�أ�شكال منها‪:‬‬
‫القراءة‪ ،‬وفيها يعمق التلميذ فهمه للمقروء‪،‬‬ ‫•القراءة الفيزيولوجية‪ :‬هي حمطة هامة‬
‫عرب تتبع مكوناته ور�صد دالالته العميقة‬ ‫يف عملية التعلم‪ ،‬وخطوة فاعلة يف بناء الفعل‬
‫والبعيدة‪ ،‬متو�سال ب�آليات حتليلية حمددة‪،‬‬ ‫الرتبوي عموما‪� ،‬سواء يف �أب�سط جتلياتها‬
‫ومعطيات معرفية مكت�سبة‪ ،‬بغية الو�صول �إىل‬ ‫امللمو�سة‪ ،‬وهي التلفظ باحلروف ونطقها‬
‫‪14‬‬
‫املهمة الأ�سا�سية للتعليم الثانوي تكمن يف‬ ‫متثل �شبه تام للن�ص‪ ،‬من حيث خ�صائ�صه‬
‫مجلة علوم التربية ـ العدد‪61 :‬‬

‫العمل على تنمية تلك الكفايات وحت�سينها‬ ‫وق�ضاياه و�أبعاده املختلفة‪ .‬وجند املقررات‬
‫وتطويرها وتعميقها وذلك ب�إقدار املتعلمني‬ ‫الدرا�سية‪ ،‬خا�صة يف �سلك التعليم الثانوي‪،‬‬
‫على التوا�صل والتعبري بلغة عربية �سليمة‬ ‫ت�ؤكد هذا املنحى التدرجي يف بناء الفعل‬
‫ومتكينهم من التقنيات واملنهجيات الكفيلة‬ ‫القرائي‪ ،‬و�إن كانت امل�صطلحات امل�ستعملة‬
‫بتوليد املهارات ال�ضرورية التي ت�سعفهم يف‬ ‫فيها تختلف وتتعدد‪ ،‬بني الفهم والتحليل‬
‫حماورة الن�صو�ص الأدبية وغري الأدبية‪ ،‬ومن‬ ‫والرتكيب والتوجيه وغريها‪ ،‬وهي بذلك‬
‫‪15‬‬ ‫ثم الو�صول �إىل امتالك ثقافة عربية �إ�سالمية‬ ‫تعك�س توجها عاما داخل املنظومة الرتبوية‬
‫�أ�صيلة ومنفتحة على املجتمع املعا�صر‪ ،‬ثقافة‬ ‫التعليمية كلها‪� ،‬إذ حتر�ص على جتذير‬
‫من �ش�أنها �أن ت�ساعدهم على حب املعارف‪،‬‬ ‫�سلوك القراءة وجعله فعال تربويا �أ�سا�سا يف‬
‫(‪)21‬‬
‫والبحث عنها‪».‬‬ ‫تنمية �شخ�صية املتعلم‪ ،‬وقد ا�ستعملت لهذا‬
‫وقد نحت التوجيهات الرتبوية اجلديدة‬ ‫الأمر م�صطلحات ومفاهيم يكت�سي بع�ضها‬
‫املنحى نف�سه تقريبا يف تكري�س القراءة‬ ‫طابع التعميم والغمو�ض‪ ،‬و�إن كانت تعني‪،‬‬
‫�سلوكا تربويا‪ ،‬جامعة بني الو�سيلة والغاية‬ ‫ب�شكل �أو ب�آخر‪ ،‬عملية القراءة‪ ،‬مثل التعلم‬
‫معا‪� ،‬إذ «يختزن ال�سياق االجتماعي لهذه‬ ‫الذاتي‪ ،‬والكفايات‪ ،‬والرتبية‪ ،‬والتفاعل‬
‫املقاربة اجلديدة يف ثناياه خمتلف العنا�صر‬ ‫وغريها‪ .‬ويندرج هذا الأمر يف �سياق تفعيل‬
‫واملتغريات التي ت�شتق منها املواد الدرا�سية‬ ‫دور الو�سائط التعليمية يف عملية القراءة‪،‬‬
‫وظيفتها التكوينية واملجتمعية يف بناء مواطن‬ ‫فـ «بالإ�ضافة �إىل الكتاب املدر�سي يحفز‬
‫م�ستوعب ملختلف ق�ضايا جمتمعه‪ ،‬متمكن من‬ ‫التالميذ للإقبال على املطالعة اخلا�صة‬
‫الكفايات الثقافية واملنهجية والتكنولوجية‬ ‫وذلك باالت�صال باخلزانة املدر�سية �أو‬
‫والتوا�صلية التي ت�ؤهله لالندماج وامل�شاركة‪،‬‬ ‫العمومية من �أجل تو�سيع مداركهم و�إغناء‬
‫والإنتاج والإبداع‪ ،‬وامل�ساهمة يف بناء �صرح‬ ‫(‪)20‬‬
‫مرجعياتهم بالآراء النقدية واللغوية‪».‬‬
‫(‪)22‬‬
‫التنمية ال�شاملة للبالد‪».‬‬ ‫وال تغفل هذه املنظومة وجود ترابط‬
‫وال يقف الت�صريح ب�أهمية هذا الفعل‬ ‫بني مراحل التكوين القرائي للتلميذ‪ ،‬فـ «�إذا‬
‫ودوره يف عملية التعلم على الدالئل املنظمة‬ ‫كانت مكونات وحدة اللغة العربية بالتعليم‬
‫للتنفيذ‪ ،‬بل يتم الت�صريح بها يف الكتب‬ ‫الأ�سا�سي قد عملت على متكني املتعلمني‬
‫املدر�سية اخلا�صة بالتلميذ �أي�ضا‪ ،‬مما يدل‬ ‫من الكفايات التوا�صلية واملنهجية والثقافية‬
‫على رغبة يف و�ضع ميثاق قرائي‪/‬توا�صلي يعيه‬ ‫وفق ما متليه حاجاتهم يف هذه املرحلة‪ ،‬ف�إن‬
‫(الفهم اللغوي)‪ ،‬ويف �أكرثها تركيبا (الفهم‬ ‫التلميذ ويلتزم به‪ ،‬ومن جتليات هذا اخلطاب‬
‫واملعريف)‪.‬‬ ‫ما ورد يف مقدمة بع�ض هذه الكتب‪:‬‬
‫•وثمة �إ�شكال �آخر يت�صل بتقدير القراءة‬ ‫«ي�صدر هذا الكتاب املدر�سي ليعزز‬
‫و�إدراك �أهميتها‪ ،‬ومن ثم تقزمي هذا الفعل‪.‬‬ ‫َ‬
‫وميكنك‬ ‫اكت�س ْب َت ُه من تعلمات �سابقة‪،‬‬
‫ما َ‬
‫�إىل جمرد �أداة لالمتحان‪� ،‬أي تكري�س‬ ‫من تنمية كفاياتك وتطوير مهاراتك وبلورة‬
‫النظرة النفعية الرباغماتية للقراءة‪ ،‬وهي‬ ‫قدراتك‪ ،‬مما يجعلك �أكرث فاعلية يف‬
‫نظرة ت�شمل جوانب تربوية �أخرى‪ ،‬مثل الكتب‬ ‫تلقي املعرفة و�إنتاجها يف و�ضعيات تعليمية‬
‫املدر�سية‪ ،‬والأ�ساتذة‪ ،‬والأن�شطة‪ ،‬وغريها‪.‬‬ ‫(‪)23‬‬
‫مالئمة‪».‬‬
‫هذه الإ�شكاليات كر�ست َ‬
‫بع�ض َها املنظومة‬ ‫غري �أن هذا اجلهد النظري املالحظ‬
‫الرتبوية‪ ،‬و�إن ب�شكل غري مبا�شر �أحيانا‪ ،‬من‬ ‫يف املنظومة الرتبوية ال توازيه موازا ًة فعلي ًة‪،‬‬
‫خالل متالزمات حمددة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ممار�س ٌة تطبيقي ٌة جادة �أثناء �إجناز الفعل‬
‫املقرر الإجناز االمتحان التقومي‬ ‫✓✓‬
‫القرائي وتفعيل مراحله وخطواته الإجرائية‪،‬‬
‫التلميذ‬ ‫الكتاب‬ ‫الأ�ستاذ‬ ‫✓✓‬ ‫�إذ جند تعرثا وا�ضحا يف ذلك‪ ،‬وبطئا جليا‪،‬‬
‫وكذا من خالل منطية الفعل القرائي‬ ‫من �أبرز مالحمه و�أقربها ما يلي‪:‬‬
‫يف املنظومة‪ ،‬مما يقيد حرية املتعلم‪ ،‬ويكبح‬ ‫•�صعوبة االنتقال من املرحلة القرائية‬
‫رغبته‪� ،‬إن كان ثمة رغبة‪ ،‬يف تو�سيع مداركه‬ ‫الب�سيطة (قراءة احلروف) �إىل املرحلة‬
‫ون�شاطه القرائي‪.‬‬ ‫القرائية املوالية (قراءة اجلمل والن�صو�ص)‪،‬‬
‫وهذه �صعوبة زمنية �إجرائية‪.‬‬
‫‪5.5‬تكوين التلميذ القارئ‪:‬‬
‫•يتم االنتقال �إىل املرحلة القرائية املوالية‬
‫�أن ُن َك ِّونَ تلميذا قارئا‪ ،‬معناه‪ ،‬انطالقا‬ ‫�أحيانا دون �إعادة تقومي القراءة ال�سابقة‪،‬‬
‫مما �سبق‪ ،‬جتاوز معيقات القراءة لدى‬ ‫مما يجعل التلميذ ينتقل حامال معه م�شكالت‬
‫التلميذ‪ ،‬و«جت�سري» امل�سافة بينه وبني املقروء‬ ‫القراءة الأوىل‪ ،‬خا�صة ما يتعلق مبخارج‬
‫مجلة علوم التربية ـ العدد‪61 :‬‬

‫(كتاب‪ ،‬ن�ص‪ ،‬وثيقة)‪ ،‬ونقل القراءة من‬ ‫احلروف والبطء وغياب الطالقة الل�سانية‪.‬‬
‫�أفقها ال�ضيق واملحدود (قراءة املقررات‬
‫والن�صو�ص الدرا�سية) �إىل �أفق �أرحب (كتب‬ ‫•غياب امتداد الفعل القرائي‪ ،‬وحمدودية‬
‫ومراجع وروايات وق�ص�ص ودواوين‪،)...‬‬ ‫تفعيل القراءة (�صعوبة نف�سية)‪.‬‬
‫فكيف يتحقق هذا الأمر ونح�صل يف الأخري‬ ‫•�إىل جانب ذلك‪ ،‬ثمة �صعوبة يف فهم‬
‫على تلميذ قارئ؟‬ ‫املقروء‪ ،‬يف �أب�سط م�ستويات هذا الفهم‬
‫‪16‬‬
‫ومثل الإكراه والقمع‪ ،‬و�أق�صد هنا عدم‬ ‫ينبغي يف هذا الإطار ا�ستح�ضار‬
‫مجلة علوم التربية ـ العدد‪61 :‬‬

‫اخل�ضوع لرغبات الذات وميوالتها‪ ،‬فالنف�س‬ ‫جميع املكونات ال�سياقية امل�ؤثرة يف فعل‬
‫الإن�سانية عادة ما متيل �إىل املتعة وما ي�ؤدي‬ ‫القراءة‪ ،‬ونق�صد بها‪ :‬التلميذ‪ ،‬والأ�ستاذ‪،‬‬
‫�إليها من لهو ولعب وتكا�سل ونوم وغريها‪،‬‬ ‫واملنظومة الرتبوية‪ ،‬والإعالم‪ ،‬والأ�سرة‪،‬‬
‫ومن ثم ال بد من تعويد هذه الذات على‬ ‫وامل�ؤ�س�سة الثقافية‪ ،‬واملدر�سة وغريها‪ ،‬فدون‬
‫الفعل‪ ،‬بكل �أ�شكاله‪ ،‬وخا�صة فعل القراءة‪ ،‬مبا‬ ‫ا�ستح�ضارها ال ميكن �إجناح هذا الفعل �أو‬
‫هو جهد فيزيولوجي ونف�سي وذهني وفكري‪،‬‬ ‫حتقيق النتائج املرجوة منه‪ ،‬و�إذا مل ي�ؤد كل‬
‫‪17‬‬ ‫مينح الذات حرية �أكرب وجماال �أو�سع لإبراز‬ ‫واحد دوره املنوط به‪ ،‬فالف�شل �سيكون حتما‬
‫قدراتها الفطرية واملكت�سبة‪.‬‬ ‫حليف اجلهد املبذول يف هذا الإطار‪.‬‬
‫وال يخفى �أن الرتبية عمل منهجي‬ ‫و�إذا كان من ال�صعب حتقيق هذه‬
‫منظم‪ ،‬ومن �شروط تنظيمه التدرج يف‬ ‫الغاية الأوىل ب�سبب ما قلناه �سابقا عن‬
‫الإجناز‪� ،‬أي املرور عرب مراحل متتابعة‬ ‫�أزمة املجتمع عموما‪ ،‬بو�صفه جمتمعا غري‬
‫لبناء الفعل الرتبوي املراد حتقيقه‪ ،‬وباملثل‬ ‫قارئ‪ ،‬ف�إنه ميكن �أن ن�ستثمر هذا الو�ضع‬
‫فالقراءة عمل �أو �سلوك تربوي‪ ،‬يتم بنا�ؤه‬ ‫ا�ستثمارا �إيجابيا لتفعيل عملية القراءة‬
‫و�إجنازه واكت�سابه عرب التدرج‪ ،‬و�إن كان هذا‬ ‫لدى التلميذ‪� ،‬شريطة التدرج يف التوجيه‬
‫الأمر �شرطا �أو معيارا غري م�صرح به‪ ،‬وثمة‬ ‫والتكوين والتوعية‪.‬‬
‫�أ�شكال عديدة لهذا التدرج يف فعل القراءة‪،‬‬ ‫وهنا �أ�ؤكد ت�أكيدا م� َّؤ�س�سا على جتربة‬
‫نذكر منها ما يلي‪:‬‬ ‫عملية وزمنية �سابقة‪� ،‬أنه ال ينبغي الف�صل‬
‫•التدرج الزمني‪� :‬إذ يجب تعويد التلميذ‬ ‫بني فعل القراءة وبني فعل الرتبية‪ ،‬بقدر‬
‫على القراءة �أو التعامل مع املقروء‪ ،‬منذ‬ ‫ما ينبغي النظر �إىل القراءة بو�صفها‬
‫ال�صغر‪ ،‬ثم يتم التدرج معه من مرحلة زمنية‬ ‫عمال تربويا‪ ،‬ولن يتحقق ذلك �إال بال َّت َعود‬
‫�سابقة‪� ،‬إىل مرحلة زمنية تابعة‪ ،‬دون �أن ي�شعر‬ ‫واملمار�سة املتتابعة واملتدرجة‪ ،‬بحيث ت�صبح‬
‫باالنقطاع الزمني �أو الت�أخر يف القراءة‪.‬‬ ‫القراءة لدى التلميذ قيمة وجودية و�ضرورة‬
‫•التدرج الكمي‪ :‬يوازي هذا التتابع الزمني‬ ‫من �ضرورات احلياة‪ ،‬ال تقل يف �أهميتها عن‬
‫للقراءة‪ ،‬تدرج يف امل�ستوى الكمي‪ ،‬من �أب�سط‬ ‫�أهمية املاء والقوت والهواء وغريها‪.‬‬
‫جتلياته (احلروف فالكلمات فالن�صو�ص) �إىل‬ ‫والرتبية‪ ،‬يف هذا الإطار‪ ،‬يجب �أن تتخذ‬
‫�أعقد جتلياته (ن�ص ق�صري‪ ،‬فن�ص متو�سط‬ ‫طرقا عديدة لتجاوز العراقيل وال�صعوبات‪،‬‬
‫فن�ص طويل‪...‬ن�ص فكتاب)‪� ،‬إذ ي�صعب �أن‬ ‫مثل الرتغيب والإغراء والتحفيز والت�شجيع‪،‬‬
‫�إن تكوين التلميذ القارئ ممكن �إذا‬ ‫جنابه التلميذ‪ ،‬وهو يف فرتة ال�صغر‪ ،‬مثال‬
‫توفرت ال�شروط املذكورة‪ ،‬غري �أن �إجناز هذا‬ ‫بن�ص طويل يف حجمه؛ لأن ذلك �سيحدث‬
‫الفعل يحتاج �إىل جهد وعمل‪� ،‬إذ ال بد من‬ ‫ما ميكن ت�سميته ب «�صدمة القراءة»‪،‬‬
‫توجيه وحت�سي�س وم�ساعدة‪ ،‬فالتلميذ لي�س‬ ‫و�سي�ؤدي حتما �إىل ف�شل الفعل القرائي‪ ،‬فكل‬
‫كائنا معزوال عن واقعه‪ ،‬بل ينبغي �أن تكون‬ ‫مرحلة زمنية حتتاج �إىل نوع معني من �أنواع‬
‫القراءة �أداة لتوعيته بهذا الواقع وبدوره‬ ‫املقروء‪ :‬احلروف والكلمات للتلميذ ال�صغري‪،‬‬
‫الفعال فيه‪ ،‬ولن يتحقق ذلك �إال بح�سن‬ ‫واجلمل للتلميذ املتو�سط‪ ،‬والن�صو�ص للتلميذ‬
‫التوجيه‪ ،‬وا�ستثمار املقروء‪ ،‬كيفما كان نوعه‬ ‫الكبري وهكذا‪.‬‬
‫ومو�ضوعه و�شكله ولغته‪ ،‬مبعنى �أنه ينبغي‬ ‫•التدرج اللغوي‪ :‬ي�ستح�سن �أي�ضا البدء‬
‫�أن ي�شعر التلميذ ب�أهمية ما يقر�ؤه‪ ،‬وب�أنه‬ ‫ب�أنواع حمددة من املقروء ذات لغة ب�سيطة‬
‫خماطب َم ْع ِني باخلطاب املقروء‪ ،‬وعليه �أن‬
‫ٌ‬ ‫ومتداولة وم�ألوفة‪ ،‬ال يجد التلميذ �صعوبة‬
‫يتفاعل معه‪ ،‬وال ي�شعر بالعزلة من هذا املقروء‬ ‫يف قراءتها وفهمها‪ ،‬وميكن �أن ن�سميها «لغة‬
‫وبالغربة النف�سية �إزاءه‪ ،‬مما �سي�شجعه على‬ ‫انتقالية»‪� ،‬أي تنقل التلميذ من م�ستوى اللغة‬
‫الإقبال عليه‪ ،‬بعيدا عن احل�سابات �أو املعايري‬ ‫التي �ألف �سماعها يف حميطه االجتماعي‪،‬‬
‫ال�ضيقة‪ ،‬مثل االمتحان‪ ،‬واملنفعة املادية وغري‬ ‫�إىل لغة �أخرى ذات خ�صائ�ص حمددة‪،‬‬
‫(الف�صاحة والتعبري‪.)..‬‬
‫ذلك مما يغلق �أفق القراءة‪.‬‬
‫•التدرج املو�ضوعي‪ :‬من الأف�ضل كذلك‬
‫‪6.6‬التلميذ و�آفاق القراءة‪:‬‬ ‫تقدمي قراءة ن�صو�ص تتناول مو�ضوعات‬
‫الأ�سرة والطفولة والربيع‪ ،‬ثم نتدرج �إىل‬
‫�إن ال�س�ؤال الذي يطرح نف�سه ب�إحلاح‬ ‫مو�ضوعات �أخرى‪ ،‬تبعا ملراحل النمو الذهني‬
‫يف هذا الإطار‪ ،‬هو‪ :‬ملاذا ُن َكون تلميذا قارئا؟‬ ‫والنف�سي للتلميذ‪ ،‬مثل الدرا�سة‪ ،‬والبيئة‬
‫وفيم تفيد القراءة التلميذ؟‬ ‫والأعياد‪� ،‬إىل مو�ضوعات �أكرث عمقا وتعقيدا‪،‬‬
‫لن تت�أتى الإجابة عن هذا ال�س�ؤال‬ ‫مثل العلم‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬والدين وغريها‪.‬‬
‫مجلة علوم التربية ـ العدد‪61 :‬‬

‫املركب دفعة واحدة‪ ،‬بل �إنها �إجابة تت�شكل‬ ‫•التدرج ال�شكلي‪ :‬يبدو م�ستح�سنا‬
‫عرب مراحل متتابعة‪ ،‬هي ذاتها التي يتم‬ ‫كذلك هذا التدرج يف قراءة الن�صو�ص‪،‬‬
‫من خاللها بناء فعل القراءة‪ ،‬وهذا يدل‬ ‫تبعا ل�شكلها‪ ،‬بدءا بالن�صو�ص ذات املنحى‬
‫داللة قاطعة على �أن للقراءة غايات و�أهدافا‬ ‫احلكائي والق�ص�صي امل�شوق‪� ،‬إىل ن�صو�ص‬
‫حمددة‪ ،‬ينبغي حتقيقها‪ ،‬و�إال كان هذا الفعل‬ ‫نرثية �إخبارية‪� ،‬إىل ن�صو�ص �شعرية ب�سيطة‪،‬‬
‫من قبيل العبث الذي ال ي�ستحق االهتمام‪.‬‬ ‫�إىل ن�صو�ص حتليلية مركبة وغريها‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫املجتمع‪ ،‬وتتحول القراءة لديه �إىل فعل تغيري‬‫�إن احلديث عن غايات القراءة هو يف‬
‫مجلة علوم التربية ـ العدد‪61 :‬‬

‫الوقت ذاته حديث عن ت�شكل وعي القارئ‪� ،‬إذ‬


‫و�إعادة بناء للإن�سان والواقع والفكر‪ ،‬فـ «من‬
‫الوا�ضح �أن القيم تكت�سب بالتعلم‪ ،‬فالطفل‬ ‫ينمو هذا الوعي بنمو فعل القراءة وتدرجه‪،‬‬
‫�إبان ال�سنوات الأوىل من عمره يتقبل القيم‬ ‫فبالن�سبة للتلميذ‪/‬الطفل ال�صغري‪ ،‬ي�صعب‬
‫(‪)24‬‬ ‫الت�صريح ب�أية غاية‪ ،‬ومن ثم ي�صعب احلديث‬
‫التي يراها يف منزله ويف بيئته املبا�شرة‪».‬‬
‫القراءة بهذا املنحى‪ ،‬ذات غايات‬ ‫عن وعي هذا القارئ‪� ،‬إذا ا�ستح�ضرنا ظروفه‬
‫و�أهداف �سامية‪ ،‬ي�صعب �إدراكها �إال بالعمل‬ ‫( العمر‪ ،‬ووجود ان�شغاالت �أخرى مثل اللعب)‪،‬‬
‫‪19‬‬ ‫وكلما ا�ستمر التلميذ يف القراءة بد�أت مالمح‬
‫والتوعية والت�شجيع وال�صرب‪ ،‬فهي �أداة‬
‫وعيه تظهر من خالل طرح الأ�سئلة حول ما‬
‫للتوا�صل واملعرفة والنقد والتعبري والتغيري‬
‫يقر�ؤه‪ ،‬وا�ستيعابه للمقروء �أو جزء منه‪،‬‬
‫ومواجهة امل�شاكل والق�ضايا‪ ،‬القراءة متنح‬ ‫ونقله �إىل �سياقات �أخرى (ا�ستعمال ال�صيغ‬
‫القوة املعنوية‪ ،‬قوة الفكر واملنطق والعقل‪،‬‬ ‫اللغوية‪ ،‬متثل الأحداث واملعاين)‪ ،‬ثم يزداد‬
‫وهي قوة قد تغني �أحيانا عن مظاهر القوة‬ ‫الوعي القرائي ن�ضجا مع مرور الزمن‬
‫اجل�سمية واملادية وال�سيا�سية واالجتماعية‬ ‫وتراكم جتارب القراءة وتنوعها‪ ،‬ويتجلى‬
‫واالقت�صادية‪ ،‬ويف التاريخ الثقايف العربي‬ ‫ذلك يف مظاهر عديدة‪ ،‬منها امتالك اللغة‪،‬‬
‫والغربي �أمثلة كثرية لهذا اال�ستنتاج (�أبو‬ ‫والقدرة على التعبري‪ ،‬والطالقة يف القراءة‪،‬‬
‫العالء املعري‪ ،‬وطه ح�سني‪ ،)..‬وهي �أي�ضا‬ ‫ومواجهة �سياقات التوا�صل املختلفة‪ .‬وي�صل‬
‫«متعة للنف�س وغذاء للروح‪ ،‬وحماية من‬ ‫ن�ضج هذا الوعي ذروته يف انتقال التلميذ من‬
‫الأزمات النف�سية‪ ،‬و�إزالة للفوارق الزمنية‬ ‫و�ضعية القارئ‪/‬املتلقي‪� ،‬إىل و�ضعية املبدع‪/‬‬
‫واملكانية‪ ،‬لأننا بها نعي�ش يف �أعمار النا�س‬‫املنتج‪� ،‬أي امتالك القدرة على حتويل الكم‬
‫جميعا‪ ،‬يف القراءة جند خال�صة جتارب‬ ‫القرائي �إىل ن�صو�ص �أخرى قابلة للقراءة يف‬
‫الآخرين‪ ،‬وننتقل عربها من عامل �ضيق‬ ‫مرحلة الحقة‪.‬‬
‫(‪)25‬‬
‫الأفق‪� ،‬إىل عامل �آخر �أو�سع �أفقا‪».‬‬
‫وعندما ي�صل التلميذ �إىل هذا امل�ستوى‬
‫يدرك �أهمية القراءة‪ ،‬ويزداد بها �شغفا‪،‬‬
‫خامتة‪:‬‬ ‫وتتحول لديه �إىل هم ثقايف وقيمة وجودية‪،‬‬
‫�إن القراءة لي�ست هما فرديا‪ ،‬بحيث‬ ‫وفعل يومي �أ�سا�س‪ ،‬ال يقل‪ ،‬يف �أهميته‬
‫ي�سهل على �شخ�ص واحد حتمله‪ ،‬بل ينبغي‬ ‫و�ضرورته‪ ،‬عن الأعمال اليومية الأخرى‪.‬‬
‫يدرك التلميذ عرب فعل القراءة‪� ،‬أنه �أن تتحول �إىل ق�ضية جماعية‪ ،‬و�إن كان‬
‫ي�شيد قيما �إن�سانية مثلى‪ ،‬وي�شارك يف حركة بنا�ؤها يتم عرب �إجنازات الأفراد واهتمامات‬
‫لها �صلة بالقراءة‪ ،‬مثل االقت�صاد (الدعم‬ ‫الأ�شخا�ص يف �سياقات خمتلفة‪ .‬و�إن تراكم‬
‫املايل) والتجارة (جتارة الكتب) وال�سياحة‬ ‫التجارب القرائية وتعددها كفيل ب�إجناح‬
‫(القراءة يف مناطق �سياحية) وغريها‪.‬‬ ‫هذا الفعل وقطف ثماره النا�ضجة خالل‬
‫وهنا ينبغي البدء من ال�صفر‪ ،‬واالهتمام‬ ‫فرتات زمنية الحقة‪.‬‬
‫بتكوين جيل الن�شء (الأطفال) وتتبع الفعل‬ ‫وحبذا لو كان ثمة خطة تربوية وطنية‬
‫القرائي �أفقيا وعموديا‪ ،‬ويف مراحل زمنية‬ ‫عامة يف جماالت متعددة لت�شجيع فعل‬
‫متعاقبة‪ ،‬دون �أن ننتظر حتى ي�صل التلميذ‬ ‫القراءة وتعزيزه ودعم املبادرات الفردية‬
‫�إىل م�ستوى درا�سي وزمني �أكرب‪ ،‬فنجد‬ ‫واجلماعية املهتمة به‪� ،‬سواء �أكان ذلك يف‬
‫الوقت �آنذاك قد فات حلل املع�ضلة‪.‬‬ ‫جمال التعليم والرتبية‪� ،‬أم يف جماالت �أخرى‬
‫�سو�شربي�س‪ ،‬الدار البي�ضاء‪ ،‬الطبعة الأوىل‪:‬‬
‫‪1405‬هـ‪1985/‬م‪� ،‬ص ‪.175‬‬ ‫الهوام�ش‪:‬‬
‫(‪« )6‬القراءة من �أجل التعلم»‪ ،‬عارف ال�شيخ‪،‬‬ ‫(‪« )1‬ل�سان العرب»‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬دار �صادر‪،‬‬
‫م�ؤ�س�سة عبد احلميد �شومان‪ ،‬عمان‪ ،‬الأردن‪ ،‬مركز‬ ‫بريوت‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬باب الهمزة‪،‬‬
‫جمعة املاجد للثقافة والرتاث‪ ،‬دبي‪ ،‬الإمارات‪،‬‬ ‫ف�صل القاف‪.‬‬
‫امل�ؤ�س�سة العربية للدرا�سات والن�شر‪ ،،‬بريوت‪ ،‬الطبعة‬ ‫(‪« )2‬املثل ال�سائر يف �أدب الكاتب وال�شاعر»‪،‬‬
‫الأوىل‪2008 :‬م‪� ،‬ص ‪.19‬‬ ‫�ضياء الدين بن الأثري‪ ،‬قدمه وعلق عليه‪ :‬دكتور‬
‫(‪ « )7‬نظرية التلقي‪ :‬مقدمة نظرية »‪ ،‬روبرت‬ ‫�أحمد حممد احلويف‪ ،‬ودكتور بدوي طبانة‪ ،‬دار نه�ضة‬
‫هولب‪ ،‬ترجمة‪ :‬دكتور عز الدين �إ�سماعيل‪ ،‬املكتبة‬ ‫م�صر للطباعة والن�شر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬بدون‬
‫الأكادميية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الأوىل‪2000 :‬م‪� ،‬ص‬ ‫تاريخ‪.35/1 ،‬‬
‫‪.103‬‬ ‫(‪« )3‬مفتاح العلوم »‪ ،‬ال�سكاكي‪� ،‬ضبطه وكتب‬
‫(‪ )8‬نف�سه‪� ،‬ص ‪.105‬‬ ‫هوام�شه وعلق عليه‪ :‬نعيم زرزور‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫(‪« )9‬جمالية التلقي وجتديد تاريخ الأدب»‪،‬‬ ‫بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة الثانية‪1407 :‬هـ‪1987/‬م‪،‬‬
‫�سعيد الفراع‪� ،‬ضمن جملة عامل الفكر‪� ،‬إ�صدار‬ ‫�ص ‪7‬‬
‫مجلة علوم التربية ـ العدد‪61 :‬‬

‫املجل�س الوطني للثقافة والفنون والآداب‪ ،‬الكويت‪،‬‬ ‫(‪« )4‬الكليات‪ :‬معجم يف امل�صطلحات والفروق‬
‫املجلد ‪ ،39‬العدد ‪ ،1‬يوليو‪/‬دي�سمرب ‪2010‬م‪،‬‬ ‫اللغوية »‪� ،‬أبو البقاء الكفوي‪ ،‬قابله على ن�سخة خطية‬
‫�ص ‪.19‬‬ ‫و�أعده للطبع وو�ضع فهار�سه‪ :‬عدنان دروي�ش‪ ،‬وحممد‬
‫(‪ )10‬نف�سه‪� ،‬ص ‪.19‬‬ ‫امل�صري‪ ،‬م�ؤ�س�سة الر�سالة للطباعة والن�شر‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫(‪ « )11‬نظرية التلقي »‪ ،‬مرجع مذكور‪� ،‬ص‬ ‫لبنان‪ ،‬الطبعة الثانية‪1419 :‬هـ‪1998/‬م‪� ،‬ص ‪.703‬‬
‫‪.124-125‬‬ ‫(‪« )5‬معجم امل�صطلحات الأدبية املعا�صرة»‪،‬‬
‫(‪ )12‬نف�سه‪� ،‬ص ‪.128-127-126-125‬‬ ‫�سعيد علو�ش‪ ،‬دار الكتاب اللبناين‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫‪20‬‬
‫الوطنية‪ ،‬املغرب‪ ،‬من�شورات مطبعة النجاح اجلديدة‪،‬‬ ‫(‪ « )13‬فعل القراءة‪ :‬نظرية جمالية التجاوب‬
‫مجلة علوم التربية ـ العدد‪61 :‬‬

‫البي�ضاء‪ ،‬الطبعة الأوىل‪1417 :‬هـ‪1996/‬م‪� ،‬ص ‪.73‬‬ ‫يف الأدب»‪ ،‬وولفجاجن �إيزر‪ ،‬ترجمة وتقدمي‪ ،‬دكتور‬
‫(‪« )21‬دليل الأ�ستاذ �إىل تنفيذ منهاج اللغة‬ ‫حميد حلميداين‪ ،‬ودكتور اجلياليل الكدية‪،‬‬
‫العربية‪ :‬ال�سنة الأوىل الثانوية‪ ،‬جميع ال�شعب‪ ،‬وزارة‬ ‫من�شورات مكتبة املناهل‪ ،‬فا�س‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬بدون‬
‫الرتبية الوطنية‪ ،‬دار الن�شر املعرفة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة‬ ‫تاريخ‪� ،‬ص ‪.12‬‬
‫الأوىل‪1995 :‬م‪� ،‬ص ‪.3‬‬ ‫(‪ )14‬نف�سه‪� ،‬ص ‪.30‬‬
‫(‪« )22‬التوجيهات الرتبوية والربامج اخلا�صة‬ ‫(‪ )15‬نف�سه‪� ،‬ص ‪.57‬‬
‫بتدري�س مادة اللغة العربية ب�سلك التعليم الثانوي‬ ‫(‪ )16‬نف�سه‪� ،‬ص ‪.64-63‬‬
‫الت�أهيلي»‪ ،‬نونرب ‪2007‬م‪ ،‬مديرية املناهج‪ ،‬وزارة ‪21‬‬ ‫(‪� « )17‬إ�شكاليات القراءة و�آليات الت�أويل»‪،‬‬
‫الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر‬ ‫ن�صر حامد �أبو زيد‪ ،‬املركز الثقايف العربي‪ ،‬البي�ضاء‪،‬‬
‫والبحث العلمي‪.‬‬ ‫بريوت‪ ،‬الطبعة ال�سابعة‪2007 :‬م‪� ،‬ص ‪.39‬‬
‫(‪« )23‬الكامل يف اللغة العربية » ال�سنة الأوىل‬ ‫(‪ « )18‬يف مناهج القراءة النقدية احلديثة»‪،‬‬
‫من �سلك الباكالوريا‪ ،‬م�سلك العلوم التجريبية‬ ‫دكتور عبد القادر علي باعي�سى‪ ،‬احتاد الأدباء‬
‫والعلوم الريا�ضية‪ ،‬ت�أليف جماعة من امل�ؤلفني‪،‬‬ ‫والكتاب اليمنيني‪ ،‬مركز عبادي للدرا�سات‬
‫مكتبة العلوم‪ ،‬الدار البي�ضاء‪ ،‬الطبعة الأوىل‪:‬‬ ‫والن�شر‪� ،‬صنعاء‪ ،‬دار ح�ضرموت للدرا�سات والن�شر‪،‬‬
‫‪1427‬هـ‪2006/‬م‪� ،‬ص ‪.3‬‬ ‫ح�ضرموت‪ ،‬الطبعة الأوىل‪1425 :‬هـ‪2004/‬م‪،‬‬
‫(‪« )24‬ال�شخ�صية‪ :‬منوها وطرق توجيهها‬
‫�ص ‪.90-89‬‬
‫يف املدر�سة»‪ ،‬دونالد ‪ .‬ج مورتن�س‪� ،‬أالن‪ .‬م �شمولر‪،‬‬
‫(‪« )19‬تدري�س الأدب‪ :‬ا�سرتاتيجية القراءة‬
‫ترجمة و�إعداد جلنة التعريب والرتجمة‪ ،‬دار‬
‫والإقراء»‪ ،‬حممد حمود‪ ،‬جملة البحث البيداغوجي‬
‫الكتاب اجلامعي‪ ،‬غزة‪ ،‬فل�سطني‪ ،‬الطبعة الأوىل‪:‬‬
‫‪1425‬هـ‪2005/‬م‪� ،‬ص ‪.27‬‬ ‫«ديداكتيكا»‪ ،‬بدون طبعة‪1993 ،‬م‪� ،‬ص ‪.17‬‬
‫(‪« )25‬القراءة من �أجل التعلم»‪ ،‬مرجع مذكور‪،‬‬ ‫(‪« )20‬الدليل �إىل تنفيذ منهاج اللغة العربية‬
‫�ص ‪.33‬‬ ‫لل�سنة الثالثة الثانوية »‪ ،‬كتاب الأ�ستاذ‪ ،‬وزارة الرتبية‬

You might also like