Professional Documents
Culture Documents
يعود أصل كلمة فلسفة الى كلمة يونانية تتكون من لفظين فيلو وتعني المحبة ،صوفيا وتعني
الحكمة ،ويمكن تعريف الفلسفه بشكل أوسع بأنها الدراسات التي تتناول مشاكل الحياة
األساسية وخصوصًا ما يتعلق منها بالمسائل الكبيره كالمعرفه والعقل والوجود واللغه
واألخالق وغيرها ،وذلك يشكل التساؤالت والنقد والجدل وفق مسار المنطق وتقديم حجج
بشكل منتظم ،ويعود هذا اللفظ المستخدم في التعبير عن الفلسفه الى العالم والفيلسوف الشهير
فيثاغورث حيث يرجح أنه هو الذي اخترع ذلك اللفظ وفي هذا المقال سيتم تسليط األضواء
.على بحث عن الفلسفه
في بداية بحث عن الفلسفه ال بد من اإلشاره أن تحديد تعريف الفلسفه أو تحديد الدالله التي
تشير اليها بشكل دقيق صعب جدًا لكن رغم ذلك يبدو مدلولها العام هو النشاط اإلنساني القديم
جدًا والذي كان يتعلق بالعديد من الممارسات النظرية أو العملية ،وقد عرفت تلك النشاطات
بشكل أو بآخر في جميع المجتمعات البشرية منذ العصور القديمة ،وباإلضافه الى ذلك فإن
تعريف الفلسفه أو السؤال عن ماهيتها كطرح السؤال القائل :ما هي الفلسفه ؟ ،يعد أيضًا
سؤاًال فلسفيًا دارت حوله نقاشات مطولة جدًا بين الفالسفه أنفسهم منذ قرون عديده ،وهذا
هوأحد مظاهر الفلسفه األساسية وجوانبها البارزه إذ تميل للتساؤالت والتمحيص في كل
شيء ،وتبحث في ماهية األشياء وتتناول مختلف ظواهرها وقوانينها وجميَع ما يتعلق بها]١[.
وتعُّد الركيزة األساسية التي تستند عليها الفلسفة ركيزة واسعة جًّد ا ومتشعبة جًّد ا ومادتها مادة
عظيمة ترتبط بجميع ألوان وأنواع العلوم ،كما ترتبط بجميع جوانب الحياة ،لكنها رغم ذلك
تبقى لها هويتها الخاصة التي تتفَّر د بها عن بقية التخصصات في مختلف أنواع العلوم،
وتوصف الفلسفة أحياًن ا بأَّن ها التفكير في التفكير ،أي التفكير في طريقة وطبيعة التأمل
والتفكير ،وكما سبَق فإَّن العالم اليوناني فيثاغورث والذي عاش في القرن الخامس قبل الميالد
تقريًبا هو أَّو ل من وصَف نفسه بأَّن ه فيلسوف ،وعَّر ف الفالسفة بأَّن هم األشخاص الذين يبحثون
عن الحقيقة عن طريق تأُّمل األشياء ،واعتبَر البحث عن الحقيقة هو حُّب الحكمة ،والحكمة هي
في الوقت ذاته المعرفُة التي تقوم على التأمل والتدبر ]١[.وال يرتبط الحديث في بحث عن
الفلسفة بالحضارة اليونانية فقط ،حيُث تعُّد الفلسفة جزًءا من كل أَّمة من األمم ،لذلك قد يكون
لتعريف الفلسفة أكثر من وجه ،وفي زمن طاليس وهو أحد حكماء اإلغريق السبعة ،وقبل
سقراط كانت الفلسفة تدور أحاديثها وأبحاثها حول أصل الوجود وصانعه وحول المادة التي
ُصنَع منها والعناصر األساسية التي تكَّو ن منها الوجود ،واستمَّر هذا النقاش كما هو حتى زمن
زينون والسفسطائيين الذين حاولوا استخدام الفلسفة في الهرطقات وتحريف العديد من المفاهيم
من أجل إثبات صحة وجهة نظرهم وتغليبها على وجهات النظر األخرى التي تتعارض معها،
وأَّما في عهد سقراط فقد تعَّر ضت الفلسفة لنقلة نوعية كبيرة ،وقد وصف الكاتب الروماني
شيشرون ما جاء به سقراط بأَّن ه أنزل الفلسفة من السماء إلى األرض ،وبمعنى آخر أَّن ه حَّو ل
تفكير الفلسفة من البحث في الكون والوجود وعناصره إلى البحث في ذات اإلنسان ]٢[.ومن
خالل فلسفة سقراط دخلت الفلسفة في منحى جديد غَّير كثيًر ا من مالمحها وحَّو ل أكثر نقاشاتها
للحديث حول طبيعة اإلنسان وجوهره ،كما تناولت موضوع اإليمان بخالق للكون والبحث
عنه ،ومحاولة استخدام األدلة العقلية في إثبات ذلك ،كما عمَل سقراط على استخدام الفلسفة من
أجل نشر الفضائل بين الناس من صدق ورحمة ومحبة وغيرها ،وقد اعتمَد أفالطون وسقراط
في فلسفتهما على أداتين رئيسيتين هما المنطق والعقل ،وعَّد هما أساَس ْين للتفكير السليم الذي
يجب أن يتَّم وفق قواعد منطقية تحدد الصحة من البطالن فيه ]٢[.وتابعت الفلسفة بعد ذلك في
مسيرة تطُّو رها وشهدت الكثير من المنعطفات في تاريخها ،وفي بحث عن الفلسفة ُيشار إلى أن
الفلسفة بدأت مع اإلغريق الذين قَّع دوا لها قواعدها ووضعوا األسس الرئيسية لها كعلم مستقل
يتناول نظرة شمولية للكون ،وفي عصر الفالسفة المسلمين أبدوا تفاعاًل كبيًر ا مع الفلسفة
اليونانية واستلهموا منها الكثير ،وجمعوا بينها وبين تجاربهم وإرثهم العريق وحَّو لوا الفلسفة
الواقعية إلى فلسفة اسمية ،ثَّم في عصر النهضة تحَّو لت الفلسفة إلى فلسفة علم وتجربة ،أَّما في
العصر الحديث فقد بدأ عصر الفلسفات الوجودية واإلنسانية ومذاهب الحداثة وما بعدها انتهاًء
بالعدمية ]١[.وال بَّد في بحث عن الفلسفة أن يتم التطُّر ق إلى الفلسفة اإلسالمية ،فقد تناولت
الفلسفة اإلسالمية نصوص الشريعة اإلسالمية فقد قَّد مت النصوص اإلسالمية تصُّو رات كثيرة
حول المسائل الوجودية من خالق وخلق وحياة وكون وغيرها ،وبمعنى آخر فقد شملت الفلسفة
اإلسالمية جميع األعمال الفلسفية التي نتجت من مفكرين مسلمين تحت قبة اإلسالم وضمن
إطار الثقافة العربية واإلسالمية ،ثَّم توَّسعت وشملت عدًد ا آخر من ثقافات الحضارات
األخرى ،ولم تكن بالضرورة مرتبطة بالدين أساًس ا ،ومن أهم الفالسفة المسلمين الذين تركوا
أثًر ا بارًز ا في تاريخ الفلسفة منذ بداياتهم حّت ى العصر الحديث ،ابن سينا ،ابن رشد ،الفارابي،
الكندي وغيرهم ]٣[.وانقسَم الفالسفة المسلمون إلى ثالثة أقسام حسب رؤيتهم لعالقة الفلسفة
بالدين :فالقسم األول حاول التوفيق بين الفلسفة والدين مثل ابن سينا وابن رشد وإخوان الصفا،
والقسم الثاني رفض الفلسفة وخطأها مثل الغزالي في كتابه تهافت الفالسفة ،والقسم الثالث
اعتبر أَّن الفلسفة والدين كالهما صحيح ،ولكن لكِّل منهما منطقة نفوذ واهتمامات خاَّصة به
.ومن الخطأ التوفيق بينهما