Professional Documents
Culture Documents
شهر رجب أسماؤه فضله أهميته
شهر رجب أسماؤه فضله أهميته
ألل ه س بحانه وتع الى فض ل بعض الش هور على بعض وفض ل بعض األم اكن على بعض،
ولكن ال يثبت فض ٌل لزمان وال لمكان إال بدليل قطعي وال بد من التثبت حتى ال ُيكذب
على رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وكثير من األحاديث جاءت في فضل رجب ما بين ضعيف وموضوع فال بد من التثبت في النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وشهر رجب شهر االنتصارات يذكرنا بمجد كان ألمتنا ففيه كانت غزوة تبوك ،وفيه أيضا
كان تخليص المسجد األقصى من أيدي الصليبين على يد صالح الدين وفيه كان اإلس راء
والمعراج ،
فجدير بنا أن نتذكر هذه األحداث ونأخذ منها عبرة وذكرى (لمن كان له قلب أو ألقى
السمع وهو شهيد) .يقول فضيلة الشيخ عطية صقر من كبار علماء األزهر :وضع الحافظ
أحم د بن علي بن محم د بن حج ر العس قالني رس الة بعن وان :ت بِيين العجب بم ا ورد في
فضل رجب ،جمع فيها جمه رة األحاديث ال واردة في فضائل شهر رجب وِص يامه والصالة
فيه ،وقَّسمها إلى ضعيفة وموضوعة.
اقرأ أيضا :الصحيح في فضل شهر رجب
وذكر له ثماني َة َعَشَر اس ًما ،من أشهرها ” األص ّم” لعدم َسماع َقعقع ِة السالح فيه؛ ألنه
من األشهر الحرم التي ُحِّرم فيها القتال ،و “األص ّب” النصباب الّرحمة فيه ،و “منصل
األِس ّنة” كما ذك ره البخاري عن أبي رجاء العطاردي قال :كنا نعُبد الحج َر ،فإذا وجدنا
حج اًر هو خير منه ألقيناه وأخذنا اآلخر ،فإذا لم نجد حج اًر جمعنا َحْثوًة من تراب ثم جئنا
الّشاَء ـ الِّشياه ـ فحلْبنا عليه ثم ُطفنا به ،فإذا َدخل شهر رجب قلنا :منصل األس ّنة ،فلم َندع
ُرمًحا فيه َحديدة ،وال سهًما فيه َحديدة إال نزعناه فألقيناه.
اقرأ أيضا :ما هي خصائص شهر رجب ؟
وفضل رجب داخل في عموم فضل األشهر الُحُرم التي قال الله فيها( :إَّن ِع َّد َة الُّشهوِر ِع ْنَد
الِّدي َك َل الَّس واِت واألر ِم ا َأ ٌة م َذِل اللِه ا َنا َش َش ا ِف ي ِك تاِب الل ِه
ُن َض ْنَه ْرَبَع ُحُر َيْوَم َخ َق َم ْث َع َر ْهًر
الَقِّيُمَ ،فاَل َتْظِل م وا ِف يِه َّن َأْنُفَس ُكم) (س ورة التوب ة )36 :وعَّينه ا ح ديُث الّص حيَحْين في
ِح ّجة الوداع بأّنها ثالثة َسْرد (أي متتالية ) ذو القعدة وذو الحجة والمحّرم ،وواحد فرد ،وهو
رجب (ُمضر)الذي بين جمادى اآلخ رة وشعبان ،وليس رجب (ربيع َة) وهو رمضان .ومن
عدم الُّظلم فيه َعَدُم الِق تال ،وذلك لتأمين الّطريق لزائري الَمسجد الح رام ،كما قال تعالى:
بع د ه ذه اآلية (ف إذا اْنَس َلَخ اَألْش ُهُر الُح ُرم ف اْقُتُلوا الُمْش ِركيَن َحْيُث َوَج ْدُتموُهْم) (س ورة
التوبة )5 :ومن عدم الُّظلم أيًضا عدم َمعصية الله ،واس َتنَبط بعض العلماء من ذلك ـ دون
دليل ُمباشر من الق رآن والُّسّنة نَّص عليه ـ ج واَز تغليظ الِّدية على الَقتل في األشهر الُحُرم
بزيادة الُّثُلث.
ومن مظاهِر تفضيل األشهر الحرم ـ بما فيها رجب ـ ُنِد ب الّصيام فيها .كما جاء في
حديث رواه أبو داود من ُمجيبة الباهلّية عن أبيها أو عِّمها أن النبّي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
قال له ـ بعد كالم طويل ـ “ُصْم من الُحرم وات رْك ” ثالَث م ّرات ،وأشار بأصابعه الثالثة،
حيث ض ّمها وأرس لها والّظ اهر أن اإلش ارة ك انت لع دد الم ّرات ال لع دِد األّيام .فالعم ل
الصالح في شهر رجب كاألشهر الُحرم له ثواُبه العظيم ،ومنه الّصيام ،يستوي في ذلك أّوُل
يوم مع آخره ،وقد قال ابن حجر :إن شهر َرجب لم يِرد حديث خاٌّص بفضل الِّصيام فيه،
ال صحيح وال حسن.
ومن أشهر األحاديث الضعيفة في صيامه
ومن أشهر األحاديث الضعيفة في صيامه “إن في الجنة نه اًر ُيقال له رجب ،ماؤه أشُّد
بياًض ا من الَّلبن وأحَلى من العس لَ ،من ص ام يوًم ا من رجب َس قاه الل ُه من ذل ك الّنه ر”
وحديث”َمن صام من رجب يوًما كان كصيام ش هٍر ،ومن صام منه سبعَة أّيام ُغِّلقت عنه
أبواب الَجحيم السبعُة ومن صام منه ثمانيَة أيام ِّتُفحْت أبواُب الجّنِة الثماني ُة ،ومن صام منه
عشرة أيام ُبِّدلت سِّيئاته حسناٍت ” ومنها حديث طويل جاء في فضل صيام أيام منه ،وفي
أثناء الحديث “رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أّمتي” وقيل إنه موضوع،
وج اء في الج امع الكب ير للس يوطي أّنه من رواية أبي الفتح بن أبي الف وارس في أمالي ه عن
الحسن ُمرس اًل .ومن األحاديث غيُر المقبولة في فضل صالة مخصوص ٍة فيه “َمن ص َّلي
المغ رَب في أّول ليل ة من رجب ثم ص ّلى بع دها عش رين ركع ة ،يق رأ في ك ل ركع ة بفاتح ة
الكتاب ،وقل هو الله أحد م ّرًة ويس ِّلم فيهن َعْش َر تسليماٍت حِف ظه الله في نفسه وأهله
وماله وولِد ه ،وُأِج يَر من َعذاب الَقبر ،وجاز على الِّصراط كالبرق بغير حساب وال َعذاب”
وهو حديث موضوع ،ومثلها صالة الّرغائب.
وقد عقد ابن حجر في هذه الرسالة فصاًل ذكر فيه أحاديث تتض ّمن الَّنهَي عن صوم
رجب كِّله ،ثم قال :هذا الّنهي ُمنصِرف إلى من يصوُمه ُمَعِّظًما ألمر الجاهلّية ،أما إْن صامه
لقصد الصوم في الجملة من غير أن يجعله حْتًما أو يُخُّص منه أّياًما معّينة يواِظ ب على
ص وِم ها ،أو لي الَي معَّين ًة يواِظ ب على قياِم ه ا ،بحيث َيُظُّن أنه ا ُس َّنة ،فه ذا من فعل ه م ع
الّسالمة مّما استثنى فال بأَس به .فإن خّص ذلك أو جعله حتًما فهذا محظور ،وهو في
المنع بمعنى قوِل ه ـ صلى الله عليه وسلم ـ “ال تخُّصوا يوَم الُجمعة بِص يام وال ليلَتها بِق يام”
رواه مسلم .وإن صاَمه معتِق ًدا أّن صيامه أو صيام شيء منه أفضل من صيام غيره ففي هذا
نظر ،وم ال ابن حج ر إلى الَمن ع ،ونق ل عن أبي بك ر الطرطوش ي في كت اب “الِب دع
والحوادث” أن صوم رجب ُيْك ره على ثالثة أوجه :أحُدها :أّنه إذا خّصه المسلمون بالّصوم
في كل عاٍم حسب العوام ،إّما أنه َفْرض كشهر رمضان ،وإما ُسّنة ثابتة كالسنن الثابتة ،وإما
ألن الّصوم فيه مخصوص بفضل ث واب على صيام باقي الُّشهور ،ولو كان من هذا شيء
لبَّينه النبُّي ـ ص َّلى الله عليه وسلم ـ قال ابن دحية :الِّص يام َعَمُل ِب ٍّر ،ال لفضل صوم شهر
رجب فقد كان عمُر ينَهى عنه .انتهى ما ُنقل عن ابن حجر.
هذا ،وِح ْرص الناس ـ والِّنساء بوجه خاِّص ـ على زيارة القبور يف أول مجعة من شهر
رجب ليس له أصل من الدين ،وال ثواَب هلا أكثر من ثواب الزيارة يف غري هذا اليوم.
واألوىل يف شهر رجب أن نتذّكر األحداث التارخيّية اليت وقعت فيه مثل غزوة
تبوك لنأخذ منها الِع ربة ،ونتذكر ختليص صالح الدين األيويب للُقدس من أيدي
الصليبيني (يف رجب 583هـ ـ 1187م) ليتوَّحد العرُب واملسلمون لتطهري ا سِج د
َمل
األقصى من رأس الغاصبني .كما نتذّكر حاِد َث اإلسراء واِملعراج ونستفيَد منه ،على ما
ارتضاه املسلمون يف كوِن ه حدث يف شهر رجب.
الصحيح في فضل شهر رجب
وردت كث ير من األحاديث التي ت بين أن فضل ش هر رجب فضال كب ي را ،ولم
يصح من هذه األحاديث إ ّال القليل ،ويجب التحري حول األحاديث حتى
ال ننس ب ش يئا ك ذبا على الرس ول – ص لى الل ه علي ه وس لم .لم يص ح في
شهر رجب شيء ،إال أنه من األشهر الحرم ،التي ذكرها الله في كتابه (منها
أربعة ح رم ) (التوبة )36 :وهي :رجب وذو القع دة وذو الحج ة والمح رم..
وهي أشهر مفضلة.
ولم يرد حديث صحيح يخص رجب بالفضل ،إال حديث حسن :أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم أكثر ما يصوم في شعبان ،فلما سئل
عن ذل ك ق ال :إن ه ش هر يغف ل الن اس عن ه بين رجب ورمض ان .فه ذا
الح ديث يفهم من ه أن رجب ل ه فض ل .أم ا ح ديث ” رجب ش هر الل ه،
وش عبان ش هري ورمض ان ش هر أم تي ” فه و ح ديث منك ر وض عيف ج ًد ا ب ل
قال كثير من العلماء إنه موضوع … يع ني أنه مك ذوب ،فليس له قيمة من
الناحية العلمية وال من الناحية الدينية.
وك ذلك األح اديث األخ رى ال تي رويت في فض يلة ش هر رجب ب أن من
ص لى ك ذا فل ه ك ذا ومن اس تغفر م رة فل ه من األج ر ك ذا ..ه ذه كله ا
مبالغ ات ،وكله ا مكذوب ة .ومن عالم ات ك ذب ه ذه األح اديث م ا تش تمل
علي ه من المبالغ ات والته ويالت ..وق د ق ال العلم اء :إن الوع د ب الث واب
العظيم على أم ر تاف ه ،أو الوعي د بالع ذاب الش ديد على ذنب ص غير ،يدل
على أن الح ديث مك ذوب .كم ا يقول ون مثال على لس ان الن بي ص لى الل ه
عليه وس لم ” لقم ة في بطن جائع خير من بناء ألف جامع ” هذا حديث
يحم ل كذب ه في نفس ه ..ألن ه من غ ير المعق ول أن اللقم ة في بطن الج ائع
ث وابه ا أعظم من الث واب الم ترتب على بن اء أل ف ج امع .واألح اديث ال تي
وردت في فض ل رجب من ه ذا الن وع ..وعلى العلم اء أن ينبه وا على مث ل
ه ذه األحاديث الموض وعة والمكذوبة ويحذروا الن اس منه ا ..فقد جاء انه
” من ح دث بح ديث يرى أن ه ك ذب فه و أح د الك اذبين ( ” ..رواه مس لم
في مقدم ة الص حيح) ولكن ق د ال يعلم أن م ا يرويه من األح اديث
الموض وعة ،فه ذا يجب أن يعلم ،ويع رف األح اديث من مص ادرها ..فهن اك
كتب الح ديث المعتم دة ،وهن اك كتب خاص ة في اإلعالم باألح اديث
الضعيفة والموضوعة مثل ” المقاصد الحسنة ” للسخاوي ” ،تمييز الطيب
من الخ بيث لم ا يدور على ألس نة الن اس من الح ديث ” البن ال ديبع ”
كش ف الخف ا واإللب اس فيم ا اش تهر من األح اديث على ألس نة الن اس ”
للعجل وني ..وهن اك كتب كث يرة وينبغي أن يعرفه ا الخطب اء ويكون وا على
إلمام بها ،حتى ال يرووا حدي ًثا إال إذا كان موث وًق ا به ،فإنه من اآلفات التي
دخلت ثقافتنا اإلسالمية هذه األحاديث الموض وعة والمدسوسة التي روجت
في الخطب وفي الكتب وعلى ألس نة الن اس ،وهي في الحقيق ة مكذوب ة
ودخيل ة في ال دين .ول ذا ينبغي أن ننقي ونص في ثقافتن ا اإلس المية من ه ذا
الن وع من األح اديث.وق د وف ق الل ه من العلم اء من ع رف الن اس األص يل من
ال دخيل والم ردود من المقب ول وعلين ا أن نس تفيد من ذل ك ونتبعهم فيم ا
يبينون لنا من علم ..