You are on page 1of 4

‫شبكة األلوكة ‪ /‬ملفات خاصة ‪ /‬العيد سنن وآداب ‪ /‬خطب‬

‫خطبة عيد األضحى ‪ 1444‬هـ‬


‫أحمد بن عبداهلل الحزيمي‬

‫مقاالت متعلقة‬

‫تاريخ اإلضافة‪ 27/6/2023 :‬ميالدي ‪ 8/12/1444 -‬هجري‬

‫الزيارات‪6593 :‬‬

‫خطبة عيد األضحى المبارك ‪1444‬ه‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬الحمد هلل الذي بنعمته تتم الصالحات‪ ،‬وبعفوه ُت غَف ر الذنوب والسيئات‪ ،‬وبكرمه ُت قَب ل العطايا والُق ُر بات‪،‬‬
‫وبلطفه ُت ستر العيوب والزاَّل ت‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمًد ا صلى اهلل عليه وسلم عبده ورسوله‪،‬‬
‫صاحُب الوجه األنور‪ ،‬والجبين األزهر‪ ،‬وأفضل من صَّلى وزَّكى وصام‪ ،‬وحج واعتمر‪ ،‬صلى اهلل عليه وعلى آله وصحبه‪ ،‬وسلم‬
‫تسليًم ا مديًد ا وأكثر؛ أما بعد‪:‬‬

‫فاتقوا اهلل تعالى في هذا اليوم العظيم؛ فإنه أفضل األيام‪ ،‬وفيه أكثر أعمال الحاج‪ ،‬وفيه التقرب إلى اهلل تعالى بإراقة الدماء؛‬
‫شكًر ا له سبحانه على ما شرع من التقرب إليه بذبحها‪ ،‬وشكًر ا له تعالى على ما رزق من أثمانها‪ ،‬وشكًر ا له عز وجل على التمتع‬
‫بلحومها؛ ﴿ َف ُكُلوا ِم ْنَه ا َو َأ ْط ِع ُم وا اْلَق اِنَع َو اْلُم ْع َت َّر َكَذ ِلَك َس َّخ ْر َن اَها َلُكْم َلَع َّلُكْم َت ْش ُكُر وَن * َلْن َي َناَل اَهَّلل ُلُح وُم َه ا َو اَل ِد َم اُؤ َها َو َلِك ْن َي َناُلُه‬
‫الَّت ْق َو ى ِم ْن ُكْم َكَذ ِلَك َس َّخ َر َها َلُكْم ِل ُت َكِّب ُر وا اَهَّلل َع َلى َم ا َهَد اُكْم َو َب ِّش ِر اْلُم ْح ِس ِن يَن ﴾ [الحج‪.]37 ،36 :‬‬

‫اهلل أكبر‪ ،‬اهلل أكبر‪ ،‬ال إله إال اهلل‪ ،‬واهلل أكبر‪ ،‬اهلل أكبر‪ ،‬وهلل الحمد‪.‬‬

‫اهلل أكبر ما أهَّل الُح َّج اج بالمناسك‪ ،‬اهلل أكبر ما ملؤوا الِف جاج والمسالك‪ ،‬اهلل أكبر ما َو َف دوا من األصقاع والممالك‪ ،‬اهلل أكبر ما‬
‫انتشروا في الَح َر ِم والمشاعر‪ ،‬اهلل أكبر ما عَّظ موا الحرمات والشعائر‪.‬‬

‫اهلل أكبر كبيًر ا‪ ،‬والحمد هلل كثيًر ا‪ ،‬وسبحان اهلل بكرًة وأصياًل ‪.‬‬
‫لك الحمد يا أهلل يوَم أن َكَف َر كثير من الناس وأرشدتنا لإلسالم‪ ،‬لك الحمد يوم أْن ضَّل كثير من الناس وهديتنا لإليمان‪ ،‬لك الحمد‬
‫يوم أن جاع كثير من الناس وأطعمتنا من رزقك الحالل‪.‬‬

‫ربنا لك الحمد سًّر ا وجهًر ا‪ ،‬لك الحمد دوًم ا وكًّر ا‪ ،‬ولك الحمد شعًر ا ونثًر ا‪.‬‬

‫اهلل أكبر‪ ،‬اهلل أكبر‪ ،‬اهلل أكبر كبيًر ا‪.‬‬

‫اليوم ‪ -‬أيها المسلمون ‪ -‬يوم فرح وسعادة‪ ،‬يوم ُأ ْن ٍس وبهجة‪ ،‬فافرحوا واسعدوا بيومكم‪ ،‬فإن فرحكم بهذا اليوم عبادة ُت ؤَج رون‬
‫عليها‪ ،‬افرحوا بعيدكم‪ ،‬وكلوا واشربوا وال تسرفوا‪ ،‬وال يشغلَّنكم الذبح وتقطيع اللحم في هذه األيام عن الشعور بسعادة هذا اليوم؛‬
‫فأنتم في عيد سعيد بإذن اهلل‪ ،‬أسِع دوا أطفالكم ونساءكم‪ ،‬وال تنَس وا كذلك َم ن تحت أيديكم من الخدم والسائقين وغيرهم‪،‬‬
‫أدخلوا عليهم الفرح والبهجة بهذا العيد‪ ،‬وأسعدوهم بالهدايا المناسبة‪.‬‬

‫ومن حِّق أهل اإلسالم في يوم بهجتهم أن يسمعوا كالًم ا جمياًل ‪ ،‬وحديًث ا مبهًج ا‪ ،‬وأن يرُق بوا آمااًل ِع راًض ا‪ ،‬ومستقباًل زاهًر ا لهم‬
‫ولدينهم وألَّم ِت هم‪.‬‬

‫اهلل أكبر‪ ،‬اهلل أكبر‪ ،‬ال إله إال اهلل‪ ،‬واهلل أكبر‪ ،‬وهلل الحمد‪.‬‬

‫أيها المسلمون‪:‬‬

‫إنكم في يوم عظيم من أيام اهلل‪ُ ،‬خ تمت به أيام معلومات‪ ،‬وتتلوه أيام معدودات‪ ،‬وكلها أيام شريفة مباركات‪ُ ،‬ش رعت للمسلمين‬
‫فيها أعماٌل هي من أَج ِّل العبادات‪ ،‬وأعظم الطاعات‪ ،‬وأزكاها عند اهلل؛ من حج بيت اهلل الحرام‪ ،‬والوقوف بالمشاعر الِع ظام‪،‬‬
‫وصالة العيد‪ ،‬وذبح اْلَه ْد ِي واألضاحي‪ ،‬وذكر اهلل عز وجل والتلبية‪ ،‬في أقوال وأعمال وأنساك يتجلى فيها توحيد اهلل وإفراده‬
‫بالعبادة‪ ،‬واالنقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك‪ ،‬فاحَم دوا اهلل على ذلك‪.‬‬

‫نسأل اهلل سبحانه وتعالى أن يتقبل منا أجمعين‪ ،‬وأن يتوب علينا‪ ،‬إنه أرحم الراحمين‪ ،‬نفعني اهلل وإياكم بالقرآن العظيم‪ ،‬وبهدي‬
‫سيد المرسلين‪.‬‬

‫أقول قولي هذا‪ ،‬وأستغفر اهلل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة‪ ،‬فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم‪.‬‬
‫الخطبة الثانية‬

‫الحمد للـه خالق الخلق‪ ،‬مالك الملك‪ ،‬مدبر األمر؛ امتألت بحبه وتعظيمه قلوب المؤمنين‪ ،‬وانصرفت عنه قلوب المفتونين‬
‫والمنافقين‪ ،‬ال َي ِذ ُّل من وااله‪ ،‬وال َي ِع ُّز من عاداه‪ ،‬وهو الولي الحميد‪ ،‬نحَم ده على ما سَّخ ر لنا من بهيمة األنعام‪ ،‬وما شرع لنا من‬
‫التقرب إليه باألنساك‪.‬‬

‫وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬ال يحل الذبح على وجه التعبد إال له‪ ،‬وال ُي ذَكر على الذبيحة إال اسمه‪ ،‬وأشهد أن‬
‫محمًد ا عبده ورسوله الذي ضَّح ى صلى اهلل عليه وسلم بكبَش يِن أمَلَح يِن ‪ ،‬صلى اهلل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه‬
‫إلى يوم الدين‪.‬‬

‫اهلل أكبر‪ ،‬اهلل أكبر‪ ،‬ال إله إال اهلل‪ ،‬واهلل أكبر‪ ،‬اهلل أكبر‪ ،‬وللـه الحمد؛ أما بعد عباد اهلل‪:‬‬

‫فاشكروا رَّبكم على ما مَّن اهلل به عليكم في هذه البالد من األمن واإليمان‪ ،‬وعافية األبدان‪ ،‬ويسر األرزاق‪ ،‬وتوفر مرافق الحياة‪،‬‬
‫وانطفاء نار الفتن المدمرة‪ ،‬واستديموا نعم اهلل بشكره وطاعته‪.‬‬

‫عباد اهلل‪ ،‬اْلَه ُج وا في هذه األيام خاصة في أدبار الصلوات المكتوبات‪ ،‬وارفعوا أصواتكم بالتكبير إلى آخر أيام التشريق؛ كما أمركم‬
‫بذلك اهلل تبارك وتعالى‪َ ﴿ :‬و اْذ ُكُر وا اَهَّلل ِف ي َأ َّي اٍم َم ْع ُد وَد اٍت ﴾ [البقرة‪َ ﴿ ،]203 :‬ذ ِلَك َو َم ْن ُي َع ِّظ ْم َش َع اِئَر اِهَّلل َف ِإ َّن َه ا ِم ْن َتْق َو ى اْلُق ُلوِب‬
‫﴾ [الحج‪.]32 :‬‬

‫أيها المؤمنون‪:‬‬

‫إن من أعظم ما ُي تقَّر ب به إلى اهلل في هذه األيام ذبَح األضاحي؛ فِط يبوا بها نفًس ا‪ ،‬وأخلصوا للـه تعالى فيها‪ ،‬وإياكم والمفاخرَة‬
‫بكثرتها أو علو أسعارها؛ فإنها من أَج ِّل الشعائر‪ُ ﴿ :‬ق ْل ِإ َّن َص اَل ِت ي َو ُن ُس ِك ي َو َم ْح َي اَي َو َم َم اِت ي ِهَّلِل َر ِّب اْلَع اَلِم يَن * اَل َش ِر يَك َلُه َو ِب َذ ِلَك‬
‫ُأ ِم ْر ُت َو َأ َن ا َأ َّو ُل اْلُم ْس ِلِم يَن ﴾ [األنعام‪.]163 ،162 :‬‬

‫أيها المسلمون‪:‬‬

‫ضُّح وا عن أنفسكم وعن أهليكم‪ ،‬متقربين بذلك إلى ربكم‪ُ ،‬م َّت ِب عين لُس نة نبيكم محمد صلى اهلل عليه وسلم؛ حيث ضَّح ى عنه‬
‫وعن أهل بيته‪ ،‬ومن كان منكم ال يجد األضحية‪ ،‬فقد ضَّح ى عنه الكريم صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫عباد اهلل‪:‬‬

‫ضُّح وا تقَّب ل اهلل ضحاياكم‪ ،‬سُّم وا اهلل عند الذبح‪ ،‬وتصدقوا وأهدوا وال ُت عُط وا الجزار أجرته منها‪ ،‬بل ُي عطى منها على سبيل‬
‫الهدية‪ ،‬وأريحوا الذبيحة عند اقتيادها‪ ،‬وال تؤذوها بحِّد السكين أمامها‪ ،‬ووقت األضحية المعتبر من بعد صالة العيد‪ ،‬واألفضل‬
‫بعد انتهاء الخطبة‪ ،‬ويمتد وقت الذبح إلى غروب شمس يوم الثالث عشر آخر أيام التشريق‪ ،‬ومن طرأت عليه األضحية اليوم أو‬
‫خالل األيام الثالثة القادمة‪ ،‬جاز له أن يضحي‪ ،‬ولو كان قد أخذ من شعره وأظفاره خالل العشر‪.‬‬

‫واعلموا أنه ال يجوز بيع جلود األضاحي‪ ،‬وال بأس أن تتصدق به‪ ،‬أو تنتفع به‪ ،‬ومن السنة توجيهها للِق بلة‪ ،‬وأن ُي ذَكر اسم اهلل عليها‬
‫بقوله‪( :‬بسم اهلل‪ ،‬واهلل أكبر‪ ،‬اللهم هذا منك ولك‪ ،‬اللهم هذه عن فالن أو فالنة)‪ ،‬ويسمي صاحبها‪.‬‬

‫أيها المؤمنون‪:‬‬

‫إن كان لعشر ذي الحجة من الفضل ما قد علمتم‪ ،‬فإن أليام التشريق فضَلها ومكانتها؛ فهي األيام المعلومات التي أمرنا بذكر اهلل‬
‫فيها؛ كما قال سبحانه‪َ ﴿ :‬و َي ْذ ُكُر وا اْس َم اِهَّلل ِف ي َأ َّي اٍم َم ْع ُلوَم اٍت ﴾ [الحج‪ ،]28 :‬وقال صلى اهلل عليه وسلم‪(( :‬أيام التشريق أياُم‬
‫أكٍل وشرب وذكر هلل))؛ [رواه مسلم]‪.‬‬

‫وأيام التشريق ثالثة أيام بعد يوم العيد‪ ،‬وقد ورد النهي عن صيامها‪ ،‬فينبغي لنا اغتنامها بالذكر والتكبير‪ ،‬وأاَّل نقتصر على األكل‬
‫والشرب فحسب‪ ،‬وأنه ُي شَر ع في هذه األيام التكبير المقيد بأدبار الصلوات المكتوبة‪ ،‬فكِّب روا وارفعوا بها أصواتكم‪ ،‬وأْح ُي وا سنة‬
‫نبيكم صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫أيها المسلمون‪:‬‬

‫تقَّب ل اهلل طاعاتكم وصالح أعمالكم‪ ،‬وقِب ل صيامكم وصدقاتكم‪ ،‬ودعاءكم وضحاياكم‪ ،‬وضاعف حسناتكم‪ ،‬وجعل عيدكم مبارًكا‪،‬‬
‫وأيامكم أياَم سعادة وهناء‪ ،‬وفضٍل وإحسان‪.‬‬

‫وأعاد اهلل علينا وعلى المسلمين من بركات هذا العيد‪ ،‬وجعلنا في القيامة من اآلمنين‪ ،‬وحشرنا تحت لواء سيد المرسلين‪ ،‬اللهم‬
‫اْق َب ْل ما وهبتنا من ضحايانا‪ ،‬وارزقنا بعدها تقوى القلوب‪.‬‬

‫اللهم احفظ حجاج بيتك الحرام من كل مكروه وسوء‪ ،‬اللهم أِع ْد هم إلى ديارهم وأبنائهم‪ ،‬سالمين غانمين‪ ،‬اللهم تقَّب ل َح َّج هم‪،‬‬
‫واغفر ذنوبهم‪ ،‬واجعل الجنة جزاءهم‪ ،‬اللهم احِم بالدنا وسائر بالد اإلسالم من الفتن والمحن‪ ،‬ما ظهر منها وما بطن‪ ،‬اللهم وِّف ق‬
‫ولي أمرنا وولي عهده ِل ما تحب وترضى‪ ،‬وخذ بناصيته للبر والتقوى‪.‬‬

‫اللهم أسعد في هذا العيد قلوبنا‪ ،‬وفِّر ج همومنا‪ ،‬واشِف مرضانا‪ ،‬وارحم موتانا‪ ،‬وأصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان‪.‬‬

‫اللهم انصر المجاهدين على حدود بالدنا‪ ،‬اللهم اخلفهم في أهليهم خيـًر ا‪ ،‬واحفظهم بحفظك‪.‬‬

You might also like