Professional Documents
Culture Documents
مقاالت متعلقة
الزيارات6593 :
الحمد هلل رب العالمين ،الحمد هلل الذي بنعمته تتم الصالحات ،وبعفوه ُت غَف ر الذنوب والسيئات ،وبكرمه ُت قَب ل العطايا والُق ُر بات،
وبلطفه ُت ستر العيوب والزاَّل ت ،وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له ،وأشهد أن محمًد ا صلى اهلل عليه وسلم عبده ورسوله،
صاحُب الوجه األنور ،والجبين األزهر ،وأفضل من صَّلى وزَّكى وصام ،وحج واعتمر ،صلى اهلل عليه وعلى آله وصحبه ،وسلم
تسليًم ا مديًد ا وأكثر؛ أما بعد:
فاتقوا اهلل تعالى في هذا اليوم العظيم؛ فإنه أفضل األيام ،وفيه أكثر أعمال الحاج ،وفيه التقرب إلى اهلل تعالى بإراقة الدماء؛
شكًر ا له سبحانه على ما شرع من التقرب إليه بذبحها ،وشكًر ا له تعالى على ما رزق من أثمانها ،وشكًر ا له عز وجل على التمتع
بلحومها؛ ﴿ َف ُكُلوا ِم ْنَه ا َو َأ ْط ِع ُم وا اْلَق اِنَع َو اْلُم ْع َت َّر َكَذ ِلَك َس َّخ ْر َن اَها َلُكْم َلَع َّلُكْم َت ْش ُكُر وَن * َلْن َي َناَل اَهَّلل ُلُح وُم َه ا َو اَل ِد َم اُؤ َها َو َلِك ْن َي َناُلُه
الَّت ْق َو ى ِم ْن ُكْم َكَذ ِلَك َس َّخ َر َها َلُكْم ِل ُت َكِّب ُر وا اَهَّلل َع َلى َم ا َهَد اُكْم َو َب ِّش ِر اْلُم ْح ِس ِن يَن ﴾ [الحج.]37 ،36 :
اهلل أكبر ،اهلل أكبر ،ال إله إال اهلل ،واهلل أكبر ،اهلل أكبر ،وهلل الحمد.
اهلل أكبر ما أهَّل الُح َّج اج بالمناسك ،اهلل أكبر ما ملؤوا الِف جاج والمسالك ،اهلل أكبر ما َو َف دوا من األصقاع والممالك ،اهلل أكبر ما
انتشروا في الَح َر ِم والمشاعر ،اهلل أكبر ما عَّظ موا الحرمات والشعائر.
اهلل أكبر كبيًر ا ،والحمد هلل كثيًر ا ،وسبحان اهلل بكرًة وأصياًل .
لك الحمد يا أهلل يوَم أن َكَف َر كثير من الناس وأرشدتنا لإلسالم ،لك الحمد يوم أْن ضَّل كثير من الناس وهديتنا لإليمان ،لك الحمد
يوم أن جاع كثير من الناس وأطعمتنا من رزقك الحالل.
ربنا لك الحمد سًّر ا وجهًر ا ،لك الحمد دوًم ا وكًّر ا ،ولك الحمد شعًر ا ونثًر ا.
اليوم -أيها المسلمون -يوم فرح وسعادة ،يوم ُأ ْن ٍس وبهجة ،فافرحوا واسعدوا بيومكم ،فإن فرحكم بهذا اليوم عبادة ُت ؤَج رون
عليها ،افرحوا بعيدكم ،وكلوا واشربوا وال تسرفوا ،وال يشغلَّنكم الذبح وتقطيع اللحم في هذه األيام عن الشعور بسعادة هذا اليوم؛
فأنتم في عيد سعيد بإذن اهلل ،أسِع دوا أطفالكم ونساءكم ،وال تنَس وا كذلك َم ن تحت أيديكم من الخدم والسائقين وغيرهم،
أدخلوا عليهم الفرح والبهجة بهذا العيد ،وأسعدوهم بالهدايا المناسبة.
ومن حِّق أهل اإلسالم في يوم بهجتهم أن يسمعوا كالًم ا جمياًل ،وحديًث ا مبهًج ا ،وأن يرُق بوا آمااًل ِع راًض ا ،ومستقباًل زاهًر ا لهم
ولدينهم وألَّم ِت هم.
اهلل أكبر ،اهلل أكبر ،ال إله إال اهلل ،واهلل أكبر ،وهلل الحمد.
أيها المسلمون:
إنكم في يوم عظيم من أيام اهللُ ،خ تمت به أيام معلومات ،وتتلوه أيام معدودات ،وكلها أيام شريفة مباركاتُ ،ش رعت للمسلمين
فيها أعماٌل هي من أَج ِّل العبادات ،وأعظم الطاعات ،وأزكاها عند اهلل؛ من حج بيت اهلل الحرام ،والوقوف بالمشاعر الِع ظام،
وصالة العيد ،وذبح اْلَه ْد ِي واألضاحي ،وذكر اهلل عز وجل والتلبية ،في أقوال وأعمال وأنساك يتجلى فيها توحيد اهلل وإفراده
بالعبادة ،واالنقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك ،فاحَم دوا اهلل على ذلك.
نسأل اهلل سبحانه وتعالى أن يتقبل منا أجمعين ،وأن يتوب علينا ،إنه أرحم الراحمين ،نفعني اهلل وإياكم بالقرآن العظيم ،وبهدي
سيد المرسلين.
أقول قولي هذا ،وأستغفر اهلل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة ،فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد للـه خالق الخلق ،مالك الملك ،مدبر األمر؛ امتألت بحبه وتعظيمه قلوب المؤمنين ،وانصرفت عنه قلوب المفتونين
والمنافقين ،ال َي ِذ ُّل من وااله ،وال َي ِع ُّز من عاداه ،وهو الولي الحميد ،نحَم ده على ما سَّخ ر لنا من بهيمة األنعام ،وما شرع لنا من
التقرب إليه باألنساك.
وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له ،ال يحل الذبح على وجه التعبد إال له ،وال ُي ذَكر على الذبيحة إال اسمه ،وأشهد أن
محمًد ا عبده ورسوله الذي ضَّح ى صلى اهلل عليه وسلم بكبَش يِن أمَلَح يِن ،صلى اهلل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه
إلى يوم الدين.
اهلل أكبر ،اهلل أكبر ،ال إله إال اهلل ،واهلل أكبر ،اهلل أكبر ،وللـه الحمد؛ أما بعد عباد اهلل:
فاشكروا رَّبكم على ما مَّن اهلل به عليكم في هذه البالد من األمن واإليمان ،وعافية األبدان ،ويسر األرزاق ،وتوفر مرافق الحياة،
وانطفاء نار الفتن المدمرة ،واستديموا نعم اهلل بشكره وطاعته.
عباد اهلل ،اْلَه ُج وا في هذه األيام خاصة في أدبار الصلوات المكتوبات ،وارفعوا أصواتكم بالتكبير إلى آخر أيام التشريق؛ كما أمركم
بذلك اهلل تبارك وتعالىَ ﴿ :و اْذ ُكُر وا اَهَّلل ِف ي َأ َّي اٍم َم ْع ُد وَد اٍت ﴾ [البقرةَ ﴿ ،]203 :ذ ِلَك َو َم ْن ُي َع ِّظ ْم َش َع اِئَر اِهَّلل َف ِإ َّن َه ا ِم ْن َتْق َو ى اْلُق ُلوِب
﴾ [الحج.]32 :
أيها المؤمنون:
إن من أعظم ما ُي تقَّر ب به إلى اهلل في هذه األيام ذبَح األضاحي؛ فِط يبوا بها نفًس ا ،وأخلصوا للـه تعالى فيها ،وإياكم والمفاخرَة
بكثرتها أو علو أسعارها؛ فإنها من أَج ِّل الشعائرُ ﴿ :ق ْل ِإ َّن َص اَل ِت ي َو ُن ُس ِك ي َو َم ْح َي اَي َو َم َم اِت ي ِهَّلِل َر ِّب اْلَع اَلِم يَن * اَل َش ِر يَك َلُه َو ِب َذ ِلَك
ُأ ِم ْر ُت َو َأ َن ا َأ َّو ُل اْلُم ْس ِلِم يَن ﴾ [األنعام.]163 ،162 :
أيها المسلمون:
ضُّح وا عن أنفسكم وعن أهليكم ،متقربين بذلك إلى ربكمُ ،م َّت ِب عين لُس نة نبيكم محمد صلى اهلل عليه وسلم؛ حيث ضَّح ى عنه
وعن أهل بيته ،ومن كان منكم ال يجد األضحية ،فقد ضَّح ى عنه الكريم صلى اهلل عليه وسلم.
عباد اهلل:
ضُّح وا تقَّب ل اهلل ضحاياكم ،سُّم وا اهلل عند الذبح ،وتصدقوا وأهدوا وال ُت عُط وا الجزار أجرته منها ،بل ُي عطى منها على سبيل
الهدية ،وأريحوا الذبيحة عند اقتيادها ،وال تؤذوها بحِّد السكين أمامها ،ووقت األضحية المعتبر من بعد صالة العيد ،واألفضل
بعد انتهاء الخطبة ،ويمتد وقت الذبح إلى غروب شمس يوم الثالث عشر آخر أيام التشريق ،ومن طرأت عليه األضحية اليوم أو
خالل األيام الثالثة القادمة ،جاز له أن يضحي ،ولو كان قد أخذ من شعره وأظفاره خالل العشر.
واعلموا أنه ال يجوز بيع جلود األضاحي ،وال بأس أن تتصدق به ،أو تنتفع به ،ومن السنة توجيهها للِق بلة ،وأن ُي ذَكر اسم اهلل عليها
بقوله( :بسم اهلل ،واهلل أكبر ،اللهم هذا منك ولك ،اللهم هذه عن فالن أو فالنة) ،ويسمي صاحبها.
أيها المؤمنون:
إن كان لعشر ذي الحجة من الفضل ما قد علمتم ،فإن أليام التشريق فضَلها ومكانتها؛ فهي األيام المعلومات التي أمرنا بذكر اهلل
فيها؛ كما قال سبحانهَ ﴿ :و َي ْذ ُكُر وا اْس َم اِهَّلل ِف ي َأ َّي اٍم َم ْع ُلوَم اٍت ﴾ [الحج ،]28 :وقال صلى اهلل عليه وسلم(( :أيام التشريق أياُم
أكٍل وشرب وذكر هلل))؛ [رواه مسلم].
وأيام التشريق ثالثة أيام بعد يوم العيد ،وقد ورد النهي عن صيامها ،فينبغي لنا اغتنامها بالذكر والتكبير ،وأاَّل نقتصر على األكل
والشرب فحسب ،وأنه ُي شَر ع في هذه األيام التكبير المقيد بأدبار الصلوات المكتوبة ،فكِّب روا وارفعوا بها أصواتكم ،وأْح ُي وا سنة
نبيكم صلى اهلل عليه وسلم.
أيها المسلمون:
تقَّب ل اهلل طاعاتكم وصالح أعمالكم ،وقِب ل صيامكم وصدقاتكم ،ودعاءكم وضحاياكم ،وضاعف حسناتكم ،وجعل عيدكم مبارًكا،
وأيامكم أياَم سعادة وهناء ،وفضٍل وإحسان.
وأعاد اهلل علينا وعلى المسلمين من بركات هذا العيد ،وجعلنا في القيامة من اآلمنين ،وحشرنا تحت لواء سيد المرسلين ،اللهم
اْق َب ْل ما وهبتنا من ضحايانا ،وارزقنا بعدها تقوى القلوب.
اللهم احفظ حجاج بيتك الحرام من كل مكروه وسوء ،اللهم أِع ْد هم إلى ديارهم وأبنائهم ،سالمين غانمين ،اللهم تقَّب ل َح َّج هم،
واغفر ذنوبهم ،واجعل الجنة جزاءهم ،اللهم احِم بالدنا وسائر بالد اإلسالم من الفتن والمحن ،ما ظهر منها وما بطن ،اللهم وِّف ق
ولي أمرنا وولي عهده ِل ما تحب وترضى ،وخذ بناصيته للبر والتقوى.
اللهم أسعد في هذا العيد قلوبنا ،وفِّر ج همومنا ،واشِف مرضانا ،وارحم موتانا ،وأصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان.
اللهم انصر المجاهدين على حدود بالدنا ،اللهم اخلفهم في أهليهم خيـًر ا ،واحفظهم بحفظك.