You are on page 1of 32

‫انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم‬

‫■ محمد عمر الجداع *‬

‫ملخص البحث‪:‬‬
‫ُيعد القرار اإلداري من أهم الوسائل التي تتصل بها اإلدارة باالفراد‪ ،‬كونه يصدر‬
‫باإلرادة املنفردة جلهة اإلدارة‪ ،‬دون أي تدخل من األفراد املخاطبني بأحكامه‪ ،‬وبذلك يعتبر‬
‫القرار اإلداري أبرز مظهر يتجسد فيه سلطان اإلدارة‪ ،‬فعن طريقه تستطيع اإلدارة إنشاء‬
‫أو تعديل أو إلغاء مراكز قانونية‪ ،‬حتقيقا ً للمصلحة العامة‪.‬‬
‫ونهاية القرار اإلداري قد تكون نهاية طبيعية‪ ،‬بانتهاء األجل املحدد لسريانه‪ ،‬أو زوال‬
‫املبررات التي أدت إلى إصداره‪ ،‬مما يدفع باإلدارة إلى التدخل إللغاء القرار أو تعديله يف‬
‫ضوء تلك الظروف‪ ،‬وقد تكون نهاية القرار اإلداري نهاية غير طبيعية‪ ،‬أي إنهاء آثار القرار‬
‫قبل انقضائها بطريقة طبيعية‪ ،‬وذلك إما بعمل من جانب اإلدارة‪ ،‬أو بواسطة القضاء‪.‬‬
‫والنهاية اإلدارية بعمل من جانب اإلدارة تكون بقيام جهة اإلدارة بوضع حد لسريان‬
‫القرار‪ ،‬وذلك إما بسحب القرار بأثر رجعي من تاريخ صدوره وإما تعديله أو إلغائه بالنسبة‬
‫للمستقبل‪ ،‬وحيث إن السحب واإللغاء اإلداري لهما شروط وضوابط محددة ومدة زمنية‬
‫معينة‪ ،‬وبالتالي يخرجان عن نطاق نهاية القرار اإلداري النهائي السليم‪.‬‬
‫وإذا كانت القاعدة أن القرارات اإلدارية النهائية السليمة ال يجوز جلهة اإلدارة إلغاءها‬
‫بالنسبة للمستقبل تقيداً مببدأ عدم جواز املساس باحلقوق املكتسبة لألفراد‪ ،‬إال إن ذلك‬
‫ال يعني حتصني القرارات اإلدارية السليمة وعدم جواز املساس بها إلى ماال نهاية‪ ،‬إذ‬
‫تستطيع اإلدارة تعديلها أو إلغائها بالنسبة للمستقبل بشرط اتباع اإلجراءات والضوابط‬
‫القانونية املتعلقة بإصدار القرارات اإلدارية املضادة‪ ،‬فيجوز لها إلغاء قرار التعيني بإصدار‬
‫قرار الحق يقضي بفصل املوظف وذلك عند توافر الشروط املحددة قانونا ً لتطبيق هذه‬
‫العقوبة كالغياب عن العمل مثالً‪.‬‬

‫*عضو هيئة تدريس بقسم العلوم اإلدارية بكلية طرابلس للعلوم واتلقنية‬

‫‪71‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ ‪ 29‬ـ‬

‫املقدمة‪:‬‬
‫تعتبر القرارات اإلداري��ة‪ ،‬من أهم االمتيازات التي تتمتع بها اجلهات اإلداري��ة‪ ،‬وعن‬
‫طريق هذه االمتيازات‪ ،‬تتمكن من التعبير عن سلطتها اآلمرة‪ ،‬بإرادتها املنفردة امللزمة‪،‬‬
‫إلحداث أثر قانوني سواء كان إنشاء أو تعديل أو إلغاء مركز قانوني معني‪ ،‬متى كان ذلك‬
‫ممكنا ً وجائزاً قانونا ً وكان الباعث عليه حتقيق املصلحة العامة‪.‬‬
‫فمهمة اإلدارة هي تنفيذ القانون‪ ،‬وقيامها بهذه املهمة تتطلب القيام بتصرفات قانونية‪،‬‬
‫وأهم هذه التصرفات‪ ،‬إصدار القرارات اإلدارية‪ ،‬ومن خالل هذه القرارات حتدث اإلدارة‬
‫تغييراً يف املراكز القانونية القائمة‪ ،‬أو تنشئ مراكز قانونية جديدة دون التوقف على رضا‬
‫من يوجه إليهم القرار‪ ،‬وهذه القرارات متى ما صدرت من اجلهة املختصة‪ ،‬فإنها تكون‬
‫قابلة للنفاد‪ ،‬إال إن نفادها يكون بالنسبة للمستقبل فقط‪ ،‬دون املساس بالوقائع واملراكز‬
‫القانونية السابقة‪.‬‬
‫والقرار اإلداري متى صدر من اجلهة املختصة‪ ،‬ويف الشكل ال��ذي يتطلبه القانون‬
‫وألسباب تبرره‪ ،‬وكان الغرض من إصداره ابتغاء مصلحة عامة‪ ،‬فإنه يكون حصينا ً من‬
‫السحب أو اإللغاء‪ ،‬وباملقابل إذا انتفت املصلحة العامة من إصدار القرار أو استمرار‬
‫وغني عن البيان أن‬
‫ُ‬ ‫نفاده‪ ،‬فإن ذلك يدفع باإلدارة إلى إنهائه حتقيقا ً للمصلحة العامة‪،‬‬
‫املصلحة العامة هي هدف عام تسعى اإلدارة إلى حتقيقه يف كل تصرف من تصرفاتها‬
‫القانونية‪ ،‬وإال كان تصرفها مشوبا ً بعيب إساءة استعمال السلطة‪.‬‬
‫إال إن ذلك ال يعني حتصني القرارات اإلدارية السليمة يف مواجهة اإلدارة‪ ،‬وبقاؤها‬
‫مفروضة عليها‪ ،‬إلى ما ال نهاية‪ ،‬إذ تستطيع اإلدارة تعديلها أو إلغاءها بالنسبة للمستقبل‬
‫بشرط اتباع اإلجراءات والضوابط القانونية املحددة‪.‬‬
‫ونهاية القرار اإلداري السليم تعني زوال األثار القانونية املترتبة عليه بالنسبة للمستقبل‬
‫دون أن يكون لهذا اإلنهاء أي أثر على املاضي ضمانا ملبدأ عدم جواز املساس باحلقوق‬
‫املكتسبة‪ .‬وهذا ما سيتم تناوله وفق اخلطة املنهجية التالية‪:‬‬
‫املبحث األول ‪ /‬ماهية القرار اإلداري النهائي السليم‪.‬‬
‫املطلب األول ‪ /‬مفهوم النهائية يف الفقه والقضاء‪.‬‬
‫املطلب الثاني ‪ /‬التفرقة بني إنهاء القرارات اإلداري��ة الالئحية والقرارات اإلدارية‬
‫الفردية السليمة‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم‬

‫املطلب الثالث ‪ /‬أسباب عامة تخول اإلدارة إنهاء القرار اإلداري السليم‪.‬‬
‫املبحث الثاني ‪ /‬الضمانات القانونية إلنهاء القرار اإلداري النهائي السليم‪.‬‬
‫املطلب األول ‪ /‬التسبيب‪.‬‬
‫املطلب الثاني ‪ /‬احترام حقوق الدفاع‪.‬‬
‫املطلب الثالث ‪ /‬احترام قاعدة تقابل الشكليات‪.‬‬
‫املبحث األول‪ /‬ماهية القرار اإلداري النهائي السليم‪.‬‬
‫يف هذا املبحث يقتضي األم��ر توضيح معنى النهائية للقرارات اإلداري��ة يف الفقه‬
‫والقضاء اإلداري (مطلب أول) والتفرقة بني إنهاء القرارات اإلدارية النهائية الالئحية‬
‫والفردية السليمة (مطلب ثان) واألسباب العامة التي تخول اإلدارة سلطة إنهاء القرارات‬
‫اإلدارية السليمة (مطلب ثالث)‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫املطلب األول‪ /‬مفهوم النهائية يف الفقه والقضاء‪.‬‬
‫حتى يكون القرار اإلداري نافذاً يف مواجهة املخاطبني بأحكامه‪ ،‬يجب أن يكون نهائياً‪،‬‬
‫لذلك يقتضي األمر حتديد مفهوم النهائية يف الفقه (أوالً) ومفهوم النهائية يف القضاء‬
‫(ثانياً)‪ ،‬على النحو التالي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬النهائية يف الفقه‪.‬‬
‫استقر الفقه وأجمع على ضرورة توافر شرط النهائية يف القرار اإلداري حتى يكون‬
‫قابالً للطعن عليه باإللغاء‪ .‬فالنهائية يقصد بها بصفة عامة‪ ،‬أن يكون القرار اإلداري قابالً‬
‫للتنفيذ اجتاه األفراد‪ ،‬ومنتجا ً آلثار قانونية متس املراكز القانونية املخاطبني بأحكامه‪.‬‬
‫فيذهب جانب من الفقه يف تعريف نهائية القرار إلى أنه القرار الذي ينشئ حالة‬
‫قانونية جديدة‪ ،‬أو يعدل يف حالة قانونية سابقة‪ ،‬أو يرفض طلب تعديل حالة قانونية‬
‫سابقة‪ ،‬أو ينهي هذه احلالة‪ ،‬مبعنى القرار الذي يحدث آثاراً قانونية بصورها املختلفة‪.‬‬
‫وبالتأكيد ال يقصد بالنهائية‪ ،‬استنفاد كل جهة من اجلهات اإلدارية لواليتها على حدة‪،‬‬
‫وإمنا استكمال القرار للخصائص الالزمة لوجوده قانوناً‪ ،‬فاملناط فيما يعتبر نهائيا ً أو ال‬
‫يعتبر كذلك‪ ،‬هو بانتهاء املرحلة التي يتولد عنها األثر القانوني املعني‪ ،‬فالقرارات التي‬
‫حتتاج لتصديق ال تعد نهائية‪ ،‬وإمنا قرار التصديق هو املرحلة األخيرة املُحدثة لألثر‬
‫القانوني‪.1‬‬

‫‪73‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ ‪ 29‬ـ‬

‫وعرف الدكتور» عبد الغني بسيوني» نهائية القرار يف ص��دوره من اجلهة اإلداري��ة‬
‫املختصة قابالً للتنفيذ‪ ،‬وبعد استنفاد جميع مراحل اإلصدار‪ ،‬أي أن يكون قابالً للتنفيذ‬
‫بدون أي إجراء الحق ‪.2‬‬
‫لذلك فإن جميع القرارات التي حتتاج إلى تصديق أو اعتماد أو موافقة‪ ،‬أو تعقيب من‬
‫سلطة أعلى من السلطة املصدرة يف التدرج اإلداري ال تعتبر قرارات إدارية نهائية‪.‬‬
‫واملناط يف نهائية القرارات الصادرة من اجلهة اإلدارية املختصة‪ ،‬حسب املعنى الذي‬
‫استقر عليه الفقه والقضاء‪ ،‬هو عدم خضوع قراراتها لتصديق جهة إدارية أخرى‪ ،‬مبعنى‬
‫آخر إن هذه القرارات لدى صدورها حتمل بذاتها عناصر قوتها التنفيذية الواجبة التطبيق‪،‬‬
‫وتتعدى بذلك مرحلة االقتراح والتحضير إلى مرحلة إنتاج األثر القانوني تاما ً ومباشراً‪.2‬‬
‫ويعرف القرار اإلداري النهائي (بأنه القرار الذي يحدث آثاراً قانونية تكون نافذة دون‬
‫حاجة إلى تصديق من سلطة أعلى) ‪.3‬‬
‫و ُيعرف الدكتور» محمد عبد اهلل احلراري « النهائية يف القرار اإلداري (بأنها تكمن‬
‫يف قابلية القرار للتنفيذ جتاه األفراد‪ ،‬وذلك بعد استكمال جميع املراحل الالزمة لوجوده‪.‬‬
‫والقرار اإلداري يكون قابالً للتنفيذ إزاء األفراد‪ ،‬إذا لم يشترط القانون اعتماده أو‬
‫التصديق عليه من جهة إدارية أعلى من اجلهة التي أصدرته‪ ،‬أو بعد اعتماده والتصديق‬
‫عليه إذا أشترط القانون ذلك)‪.‬‬
‫لذلك فإن القرار اإلداري يكون نهائيا ً وقابالً للتنفيذ يف حالتني‪- :‬‬
‫■ مبجرد صدوره إذا كان ال يحتاج إلى تصديق أو اعتماد جهة إدارية أعلى من اجلهة‬
‫التي أصدرته‪.‬‬
‫■ مبجرد اعتماده والتصديق عليه إذا كان يحتاج ملثل هذا اإلجراء ‪.4‬‬
‫ويذهب الدكتور « نصر الدين مصباح القاضي “إلى أن املقصود بالقرارات اإلدارية‬
‫النهائية‪( :‬بأنها القرارات اإلدارية القابلة للتنفيذ‪ ،‬والتي ال حتتاج إلى تصديق من جهات‬
‫إدارية عليا‪ ،‬أو مت التصديق عليها‪ ،‬وتؤثر يف املركز القانوني للطاعن‪ ،‬بحيث تصير له‬
‫مصلحة شخصية مباشرة يف إلغائه) ‪.5‬‬
‫غير أن وصف القرار اإلداري بأنه نهائي يجب أال يخرج عن إحدى املدلوالت التالية‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ إن العمل اإلداري ال يجوز الرجوع فيه‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم‬

‫‪ 2‬ـ إن العمل اإلداري هو عمل مركب تتحقق نهائيته بتصديقه‪.‬‬


‫واخلالصة التي ميكن اخلروج بها بعد عرض اآلراء الفقهية يف حتديد املقصود بالنهائية‬
‫يف القرار اإلداري‪ ،‬هي أن النهائية تكون متوافرة يف القرار اإلداري يف حاالت معينة هي‪- :‬‬
‫احلالة األولي‪ :‬إذا كان القرار اإلداري يولد بذاته آثاراً قانونية‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬إذا كان القرار اإلداري من شأنه التأثير يف املراكز القانونية‪.‬‬
‫احلالة الثالثة‪ :‬صدور القرار من جهة إدارية دون حاجة إلى اعتماد أو تصديق جهة‬
‫أخرى ـ أو إذا مت التصديق عليه‪ ،‬إذا كان يف حاجة لهذا اإلجراء‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬النهائية يف القضاء اإلداري‪.‬‬
‫يشترط مجلس الدولة الفرنسي لكي تقبل دعوى اإللغاء‪ ،‬أن يكون القرار مؤثراً يف‬
‫املركز القانوني لرافع الدعوى‪ ،‬أي من شأن القرار إحلاق أذى به‪ ،‬ويستلزم أن يكون من‬
‫شأن القرار املطلوب إلغاؤه أن يولد آثاراً قانوني ًة‪ ،‬بحيث ال يجوز توجيه دعوى اإللغاء ضد‬
‫القرارات التي ال حتدث آثاراً قانوني ًة‪ ،‬ألنها ال تعد يف الواقع قرارات إدارية بحسب تعريف‬
‫القرار اإلداري يف هذا املجال‪ ،‬كما يستلزم أن يكون القرار مولداً لآلثار بدأته ‪.6‬‬
‫لذلك فإن (نهائية القرار اإلداري يف النظام الفرنسي‪ ،‬تعتبر من شروط قبول الدعوى‪،‬‬
‫ألن اختصاص املحاكم اإلدارية يف فرنسا ‪ ...‬هو اختصاص عام وشامل جلميع املنازعات‬
‫اإلدارية‪ ،‬إال ما استثني بنص خاص‪ ،‬أما يف مصر فإن األمر يختلف‪ ،‬إذ إن محكمة القضاء‬
‫اإلداري هي محكمة ذات اختصاص محدود بنصوص القانون‪.7)...،‬‬
‫ولقد حرص القضاء اإلداري الليبي واملقارن على تفسير شرط النهائية‪ ،‬وفقا ً لصحيح‬
‫القانون يف كثير من أحكامه‪ ،‬واستقر على تعريف القرار اإلداري النهائي‪ .‬بأنه القرار الذي‬
‫يصدر متخذاً صفة تنفيذية دون حاجة إلى تصديق سلطة أعلى‪ ،‬وصفة النهائية يف القرارات‬
‫اإلدارية تنتفي إذا ما أوجب القانون االلتجاء بشأنها إلى سلطة أعلى‪ ،‬ولكنها ال تنتفي إذا‬
‫أجاز القانون املنظم لها االلتجاء إلى نفس مصدر القرار أو سلطة أعلى للتظلم منه‪.‬‬
‫فالقرار النهائي هو القرار الذي ال يجب بحكم القواعد املنظمة له استئنافه أو مناقشته‬
‫أمام سلطة إدارية أعلى‪ ،‬وال مينع من نهائية القرار أن يكون يف استطاعة اجلهة التي‬
‫أصدرته أن تسحبه‪ ،‬أو أن يكون القرار موقوفاً‪ ،‬إذ إنه قد ينفذ يف أي وقت دون حاجة إلى‬
‫تصديق من سلطة أعلى‪ ،‬إذ أن القرار حينئذ ال يزال نهائيا ً مبا يغدو معه توافر مصلحة‬
‫حقيقية للطاعن يف مهاجمته‪.‬‬
‫‪75‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ ‪ 29‬ـ‬

‫وقد حددت محكمة القضاء اإلداري شرط النهائية يف صدور القرار من جهة إدارية‬
‫دون معقب عليها‪ ،‬حيث تقرر يف الطعن اإلداري رقم ‪ 1023‬لسنة ‪ 6‬قضائية بجلسة‬
‫‪ 1904/1/7‬ف‪( ،‬بأن العبرة يف نهائية القرارات اإلدارية هو بصدورها من جهة إدارية‬
‫يخولها القانون سلطة البث يف أمر بغير حاجة لتصديق سلطة أعلى‪ ،‬والتظلم اإلداري من‬
‫القرار ليس شرطا ً الزما ً لقبول طلب إلغائه) ‪.8‬‬
‫ففي البداية جند أن املشرع قد اشترط يف القرار اإلداري القابل لإللغاء أن يكون قراراً‬
‫نهائياً‪ ،‬حيث نصت (املادة الثانية الفقرة اخلامسة) من القانون رقم ‪ 88‬لسنة ‪1971‬‬
‫م بشأن القضاء اإلداري على اختصاص دوائر القضاء اإلداري بالطلبات التي يقدمها‬
‫األفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات اإلدارية النهائية‪.‬‬
‫وقد أشارت املحكمة العليا يف العديد من أحكامها إلى أن قابلية القرار للتنفيذ هو‬
‫معيار نهائيته يف مجال دعوى اإللغاء‪ .‬وقد أكدت هذا املعني يف حكمها الصادر بتاريخ‬
‫‪1970/3/8‬م‪ ،‬حيث قضت بأن (معنى نهائية القرار اإلداري‪ :‬عدم تعليق وجود القرار‬
‫على تصديق سلطة أعلى‪ ،‬وتوقيت القرار أو احتماليته ال مينعان من نهائيته‪ ،‬مثال‪ :‬تعيني‬
‫املوظف حتت االختبار قرار نهائي رغم توقيته‪ ،‬قرار إدارة التجنيد بوضع شخص حتت‬
‫الطلب نهائي‪ ،‬ولو أنه يقبل التأقيت واالحتمال قرار فرض احلراسة قرار نهائي) ‪.9‬‬
‫ويف حكم آخر تقرر (يكفي العتبار القرار اإلداري نهائيا ً قابالً للطعن أن يكون قراراً‬
‫تنفيذيا صادراً من سلطة إدارية مختصة بإصداره‪ ،‬وال يتعلق وجوده على تصديق سلطة‬
‫إدارية أعلى) ‪.10‬‬
‫فهي تشترط يف القرار اإلداري أن يكون نهائيا ً ال يحتاج إلى إجراء آخر‪ ،‬وتنفيذيا ً أي‬
‫قابالً للتنفيذ جتاه األفراد‪ ،‬فهي تربط صفة النهائي بالتنفيذي ـ أن يكون قراراً إداريا ً‬
‫نهائيا ً تنفيذياً‪.‬‬
‫وتذهب املحكمة العليا إلى أن القضاء اإلداري قد استقر على أن القرار اإلداري الذي‬
‫يجوز طلب إلغائه‪( ،‬هو القرار اإلداري النهائي الذي يؤثر يف املركز القانوني لصاحب‬
‫الشأن‪ ،‬فيجعل له مصلحة شخصية مباشرة للطعن فيه بهذا الطريق) ‪.11‬‬
‫اخلالصة هي أن القضاء اإلداري قد عرف النهائية يف القرارات اإلدارية يف بعض‬
‫األحكام‪ :‬بصدورها ممن ميلك إصدارها بدون معقب‪ ،‬ويف أحكام أخرى عرفها‪ :‬بإحداث‬
‫القرار لألثر القانوني باإلنشاء أو التعديل أو اإللغاء للمراكز القانونية‪ ،‬وذلك كله بغيه‬

‫‪76‬‬
‫انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم‬

‫فصل القرار اإلداري النهائي التنفيذي عن األعمال السابقة والالحقة عليه واإلجراءات‬
‫الداخلية‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ /‬إنهاء القرارات اإلدارية الالئحية والفردية السليمة‪.‬‬
‫إن فكرة اإللغاء بالنسبة للمستقبل هي فكرة عامة تثور بالنسبة إلى القرارات اإلدارية‬
‫جميعاً‪ ،‬أما فكرة السحب فإنها مقصورة أساسا ً على القرارات اإلدارية املعيبة‪.‬‬
‫كما إن إنهاء آثار القرار اإلداري السليم يكون بالنسبة للمستقبل دون املساس باآلثار‬
‫التي تكون قد نتجت عن تنفيذ القرار يف املاضي‪.‬‬
‫لذلك يقتضي األمر التفرقة بني القرارات اإلداري��ة الالئحية (اللوائح) والقرارات‬
‫اإلدارية الفردية التي تنشئ حقوقا ً لألفراد‪ ،‬على النحو التالي‪:‬‬
‫أوالً‪ /‬القرارات اإلدارية الالئحية‪:‬‬
‫القرارات الالئحية أو التنظيمية تتضمن قواعد تنظيمية عامة‪ ،‬أي أنها تصدر مجردة‬
‫عن االعتبارات الشخصية فهي ال تخاطب األشخاص بذواتهم وإمنا بصفاتهم‪ ،‬لكونها‬
‫تتفق مع التشريع العادي يف عموميتها وجتريدها وتختلف عنه يف جهة اإلصدار السلطة‬
‫التنفيذية‪.‬‬
‫وقد استقرت القاعدة على أن اللوائح اإلدارية‪ ،‬يجوز يف كل وقت لإلدارة أن تعدلها‬
‫أو تلغيها أو تستبدل بها غيرها وفق ما تقتضيه املصلحة العامة باعتبارها قرارات إدارية‬
‫عامة تنظيمية ‪.12‬‬
‫والقرارات اإلدارية الالئحية كقاعدة عامة يجوز جلهة اإلدارة أن تعدل يف أحكامها أو‬
‫أن تلغيها بالنسبة للمستقبل‪ ،‬أو تستبدلها بغيرها‪ ،‬وفقا ملقتضيات الصالح العام‪ ،‬وأساس‬
‫ذلك أن هذا النوع من القرارات يستوي مع التشريع من حيث كونها تتعلق مبراكز قانونية‬
‫عامة ومجردة‪ ،‬تخضع للتعديل واإللغاء دون أن يكون من حق أي أحد االحتجاج بحق‬
‫مكتسب جتاهها‪.‬‬
‫كما أن جهة اإلدارة مصدرة القرارات اإلدارية الالئحية‪ ،‬ال تستطيع تعديلها أو إلغاء‬
‫حكم من أحكامها إال مبقتضى قرارات الئحية الحقة ‪.13‬‬
‫وتتنوع القرارات الالئحية (اللوائح) إلى ثالثة أنواع هي ‪:14‬‬
‫‪ - 1‬اللوائح التنفيذية‪ :‬وهي اللوائح الصادرة عن السلطة التنفيذية تنفيذاً للقوانني‪،‬‬
‫ببيان األحكام التفصيلية للقواعد األساسية الواردة بالقوانني‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ ‪ 29‬ـ‬

‫‪ - 2‬اللوائح املستقلة‪ :‬وهي اللوائح التي تصدرها السلطة التنفيذية دون أن تستند إلى‬
‫قانون سابق يجيزها‪ .‬وهي على نوعني‪ :‬اللوائح التنظيمية تصدرها اجلهة املكلفة‬
‫بالتنفيذ لغرض تنظيم املصالح واملرافق العامة‪ ،‬ولــوائــح الضبط وهي عبارة عن‬
‫قواعد توضع من اجلهة املختصة بالتنفيذ حلفظ األمن وتوفير السكينة والطمأنينة‬
‫وحماية الصحة العامة من أمثلتها لوائح املرور‪.‬‬
‫‪ - 3‬لوائح الضرورة‪ :‬وهي اللوائح التي تصدرها السلطة التنفيذية عند قيام الظروف‬
‫االستثنائية التي تهدد وجود الدولة أو أمنها أو سالمتها‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ /‬القرارات اإلدارية الفردية‪.‬‬
‫استقر الفقه اإلداري على التمييز بني القرارات اإلداري��ة الفردية التي تولد حقوقا‬
‫للمخاطبني بها‪ ،‬والقرارات اإلدارية الفردية التي ال تولد حقوقا للمخاطبني بأحكامها‪،‬‬
‫وذلك على التفصيل التالي‪:‬‬
‫‪ - 1‬ال�ق��رارات اإلداري��ة الفردية التي تولد حقوق ًا لألفراد‪:‬القرارات الفردية السليمة‬
‫كقاعدة عامة ال يجوز جلهة اإلدارة إلغاءها بالنسبة للمستقبل‪ ،‬ألن جلها يكسب حقوقا ً‬
‫ومراكز قانونية شخصية لألفراد‪ ،‬مثل قرارات التعيني والترقية‪ ،‬ومنح التراخيص املهنية‪،‬‬
‫فإلغاؤها يعتبر إهداراً ملبدأ عدم املساس باآلثار الفردية للقرارات اإلدارية‪.‬‬
‫إال إن هذا املبدأ ال يعني حتصني القرارات الفردية السليمة يف مواجهة اإلدارة‪ ،‬وبقاءها‬
‫مفروضة عليها‪ ،‬إلى ما ال نهاية‪ ،‬إذ تستطيع اإلدارة تعديلها أو إلغاءها بالنسبة للمستقبل‬
‫بشرط اتباع اإلجراءات والضوابط القانونية املتعلقة بإصدار القرارات اإلدارية املضادة‪.‬‬
‫فيجوز مثال إلغاء قرار التعيني بإصدار قرار آخر يقضي بفصل املوظف وإلغاء قرار‬
‫الترقية بإصدار قرار آخر بتأديب املوظف وإنزال ترقيته ‪.15‬‬
‫كما أن إبطال القرار يعني إنهاء مفعول القرار بالنسبة للمستقبل فقط‪ ،‬وقد يكون‬
‫ضمنياً‪ ،‬وذلك عندما تستبدل به اإلدارة قراراً آخر يتعارض معه متاما‪ ،‬فيستنتج اإلبطال‬
‫عندئذ ضمنا من تعارض أحكام القرار اجلديد مع أحكام القرار القدمي‪ ،‬وقد يكون‬
‫اإلبطال صريحاً‪ ،‬وذلك بأن تصدر اإلدارة قراراً ينهي مفعول قرارها السابق صراحة‪.‬‬
‫والقرار ال ميكن أن يبطل إال بقرار آخر يصدر من نفس السلطة التي أصدرت القرار‬
‫املبطل‪ ،‬وبالشكل الذي صدر به ذلك القرار – وهذا ما يسمى بقاعدة األشكال املتقابلة‪.‬‬
‫واختصاص اإلدارة يف إجراء اإلبطال مقيد‪ ،‬ألنها إذا منحت احلرية يف إنهاء مفعول‬
‫‪78‬‬
‫انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم‬

‫قراراتها أو إعدامها يف أي وقت تشاء‪ ،‬فإن ذلك قد يؤدي إلى التعسف‪ ،‬كما أن إطالق‬
‫احلرية لإلدارة يف إنهاء املراكز القانونية التي أنشأتها سيؤدي إلى حرمان األفراد من‬
‫الطمأنينة القانونية‪ ،‬التي تعتبر ضرورية لكل حياة اجتماعية ‪.16‬‬
‫والقرارات الفردية ال يجوز إلغاؤها متى ترتب عليها اكتساب حقوق ‪ ،‬غير أنه ال يفهم‬
‫من ذلك أن املراكز الناشئة عن القرارات الفردية ‪ ،‬تعتبر مراكز ثابتة ال يجوز إلغاؤها أو‬
‫تعديلها ‪ ،‬إمنا املقصود هو أن تعديل هذه املراكز أو إلغاءها ال يتم إال يف أحوال معينة ‪،‬‬
‫وفقا للشروط التي ينص عليها القانون ‪ ،‬مبعنى أن مصدر القرار ال يتمتع بسلطة تقديرية‬
‫تبيح له هذا التعديل ‪ ،‬أو اإللغاء يف كل وقت ‪ ،‬ولكنه ميارس يف هذه احلالة سلطة مقيدة‬
‫‪ ،‬مثال يف حالة فصل املوظف بعد تعيينه بقرار إداري مشروع‪ ،‬يجب أن يتم ذلك مبقتضى‬
‫القانون كاتباع قواعد التأديب أو الغياب أو اإلحالة إلى التقاعد ‪.17‬‬
‫وهذا ما استقر عليه القضاء اإلداري الليبي‪ ،‬حيث ذهبت املحكمة العليا إلى أن (القضاء‬
‫اإلداري قد استقر على التدخل يف تقدير أسباب فصل املوظف بالطريق غير التأديبي‪،‬‬
‫تأسيسا على أنه وإن كان املراد باحلق املطلق للحكومة يف فصل موظفيها بال حاجة إلى‬
‫محاكمة تأديبية ‪ ،‬هو تفرد احلكومة بتقدير صالحية املوظف واستمرار استعانتها به‪،‬‬
‫أو عدم استمرارها‪ ،‬إال إن هذا ليس معناه أن تستعمله على هواها‪ ،‬ألن هذه السلطة‬
‫التقديرية وإن كانت مطلقة من حيث موضوعها إال إنها مقيدة من حيث غايتها التي يلزم‬
‫أن تقف عند حد جتاوز هذه السلطة والتعسف يف استعمالها ‪ ،‬ولئن كانت احلكومة غير‬
‫ملزمة ببيان أسباب الفصل إال إنه متى كانت هذه األسباب ظاهرة من القرار الصادر به‬
‫‪ ،‬فإنها تكون خاضعة لتقدير القضاء‪ ،‬ورقابته ‪ ،‬فإذا ما تبني أنها ال ترجع إلى اعتبارات‬
‫تقتضيها املصلحة العامة ‪ ،‬وال هي من األسباب اجلدية القائمة بذات املوظف املستغنى‬
‫عنه أو املنازع يف صحتها‪ ،‬كان ذلك عمالً غير مشروع)‪.18‬‬
‫اخلالصة هي أن لإلدارة احلق يف إلغاء القرارات اإلدارية الفردية السليمة واختصاصها‬
‫يف ذلك مقيد بالشروط والضوابط واإلجراءات التي يحددها القانون حتقيقا ً للمصلحة‬
‫العامة‪.‬‬
‫‪ - 2‬القرارات اإلدارية الفردية التي ال تولد حقوق ًا لألفراد‪ :‬هناك أنواع من القرارات‬
‫اإلداري��ة التي ال تولد حقوقاً‪ ،‬بل تخول مجرد منفعة أو ميزة ال حتول دون حق اإلدارة‬
‫يف إلغائها بحرية‪ ،‬وقد استقر الفقه ‪ 19‬على أنها قرارات ال تولد وال تنشئ حقوقا ً وهي‬
‫القرارات الوالئية والقرارات الوقتية والقرارات السلبية‪.‬‬
‫‪79‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ ‪ 29‬ـ‬

‫أ‪ /‬القرارات الوالئية‪ :‬وهي القرارات التي تخول الفرد مجرد رخصة أو تسامح دون أن‬
‫حتمله أي التزام أو عبء‪ ،‬مثل منح أحد املوظفني إجازة مرضية يف غير احلاالت التي‬
‫يحتم فيها القانون منح هذه اإلجازة‪ ،‬وإال اعتبرت حقاً‪ ،‬فهي مجرد جميل أو معروف من‬
‫اإلدارة ال يترتب عليها أثر قانوني أو حقوق مكتسبة‪ ،‬ومن ثم تستطيع اإلدارة إلغاءها يف‬
‫جميع األحوال ‪.20‬‬
‫ب‪ /‬القرارات الوقتية‪ :‬وهي نوع من القرارات الفردية‪ ،‬وال تنشئ حقوقا ً باملعنى القانوني‪،‬‬
‫بل هي ال تنشئ إال أوضاعا ً وقتية‪ ،‬وهي ال تتمتع باحلماية املقررة للقرارات الفردية املنشئة‬
‫حلقوق‪ 21‬وحتدد الصفة الوقتية للقرار بعدة وسائل هي‪:‬‬
‫■ النص على ذلك صراحة يف القانون الذي يخول اإلدارة إصدار مثل هذه القرارات‪.‬‬
‫■ قد تُضمن اإلدارة القرار صراحة حقها يف إلغائه يف أي وقت‪.‬‬
‫■ قد يكون ذلك راجعا ً إلى القرار ذاته‪ ،‬وأوضح مثاال لذلك‪ :‬التراخيص التي تصدرها‬
‫اإلدارة باستعمال األفراد للمال العام ألسباب تتصل باملصلحة العامة‪ ،‬فهي بطبيعتها‬
‫يجوز سحبها يف كل وقت ‪.21‬‬
‫فيجوز لإلدارة إلغاء أو سحب مثل هذه القرارات وفقا ً للنظرية العامة إللغاء القرارات‬
‫اإلدارية‪ ،‬دون أن يترتب عليه أثر قانوني معني‪ ،‬فالقرارات الوقتية عكس القرارات النهائية‪،‬‬
‫ال يترتب عليها آثار ونتائج نهائية باتة‪ ،‬مثال ذلك القرارات الصادرة بندب موظف عام‪ ،‬أو‬
‫مبنح تراخيص مؤقتة‪.‬‬
‫ج‪ /‬القرارات السلبية‪ :‬أورد الفقه والقضاء تعريفات عدة للقرار السلبي‪ ،‬فيصفه جانب‬
‫من الفقه بأنه امتناع اإلدارة عن إصدار القرارات الواجب عليها إصدارها طبقا ً للقانون‪،‬‬
‫أي أال يكون إصدارها من مالءمات اإلدارة ‪.22‬‬
‫وهذا ما أشارت إليه (املادة الثانية) من قانون (‪ )88‬لسنة ‪1971‬م بشأن القضاء‬
‫اإلداري بقولها‪“ :‬يعتبر يف حكم القرارات اإلدارية رفض السلطات اإلدارية أو امتناعها عن‬
‫اتخاذ قرار أو إجراء كان من الواجب عليها اتخاذه وفقا ً للقوانني واللوائح”‪.‬‬
‫وكذلك ما ورد يف (املادة الثامنة) من قانون القضاء اإلداري‪ ،‬التي نصت على اآلتي‪:‬‬
‫(ويعتبر يف حكم قرار بالرفض‪ ،‬فوات وقت يزيد عن ستني يوما ً دون أن تصدر السلطات‬
‫اإلدارية قرارا يف التظلم املقدم إليها ‪ .)...‬كالقرار الصادر برفض الترخيص ألحد األفراد‬
‫مبزاولة عمل معني أو مهنة معينة‪ ،‬كرفض الترخيص بحمل السالح أو فتح محل عام‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم‬

‫املطلب الثالث‪ /‬أسباب عامة تخول اإلدارة إنهاء القرار السليم‪.‬‬


‫هناك أسباب عامة تخول اإلدارة إلغاء القرارات اإلدارية الفردية السليمة‪ ،‬بإصدار‬
‫قرار مضاد لتلك القرارات دون حتمل اإلدارة ألي آثار قد تنتج عن ذلك اإللغاء‪ ،‬وهي‪- :‬‬
‫أوال ‪ /‬تشريعات تبيح لإلدارة اإللغاء املستقبلي‪.‬‬
‫أ‪-‬التشريع العام‪ :‬قد يصدر املشرع قانونا ً ل�لإدارة‪ ،‬يحدد فيه األسباب واحل��االت‬
‫والظروف التي تبرر لإلدارة إلغاء القرار اإلداري السليم بالنسبة للمستقبل‪.‬‬
‫ب ‪-‬التشريع اخل��اص‪ :‬هذه التشريعات تنظم أم��وراً عامة‪ ،‬ولكن يرد يف نصوصها‬
‫ما يفيد صراحة إمكانية إلغاء القرارات اإلدارية السليمة‪ ،‬التي تصدرها اإلدارة‬
‫تطبيقا لهذا التشريع اخلاص‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪ ،‬تقييد حق اإلدارة يف إلغاء قرار‬
‫تعيني املوظف‪ ،‬بأسباب معينة يجب توفرها‪ ،‬حتى تستطيع اإلدارة إنهاء خدمة‬
‫املوظف‪ .‬من ذلك نص املادة (‪ )42‬من القانون رقم (‪ )12‬لسنة ‪ 2010‬م‪ ،‬بشأن‬
‫عالقات العمل والتي تنص على «تنتهي خدمة العامل أو املوظف ألسباب محددة»‪.‬‬
‫تتمثل هذه األسباب يف اآلتي‪:‬‬
‫‪ - 1‬بلوغ السن املقررة قانونا النتهاء اخلدمة ‪.‬‬
‫‪ - 3‬االستقالة ‪.‬‬ ‫‪- 2‬عـــــــــدم اللياقــــــــة الصحيــــــة‪.‬‬
‫‪- 5‬الوفاة)‪.‬‬ ‫‪- 4‬احلكم عليه بعقوبة جنائية ‪...‬‬
‫ومعنى هذا النص أن اإلدارة ال تستطيع أن تنهي قرار التعيني بعمل مضاد من جانبها‪،‬‬
‫إال يف احلاالت املنصوص عليها يف املادة (‪ )42‬وبالتالي ال ميكن لإلدارة أن تنهي خدمة‬
‫املوظف يف غير تلك احلاالت‪ ،‬وإال كان قرارها معيباً‪.‬‬
‫ثانيا ‪ /‬رضاء صاحب املصلحة‪.‬‬
‫إن رضاء األفراد – كقاعدة عامة – غير ذي أهمية كبيرة يف عالقات القانون العام‪،‬‬
‫وبالتالي فإن القضاء غالبا ما يلغي قرارات إدارية تصدر برضاء من وجهت إليهم‪ ،‬ألنها‬
‫مخالفة للقانون‪ ،‬ومن ذلك ما جرى عليه مجلس الدولة املصري‪ ،‬فقبول املوظف من أن‬
‫يعامل خالفا ً للقانون باطل وأن مثل هذا اإلدعاء (ال يؤثر على حقه يف املطالبة بتصحيح‬
‫وضعه طبقا للقانون‪ ،‬وذلك ألن العالقة التي تربط املوظف باحلكومة ليست عالقة تعاقدية‬
‫ينظمها العقد‪ ،‬وإمنا هي عالقة قانونية تنظمها القوانني واللوائح ‪ ...‬وال يجوز االتفاق على‬
‫ما يخالفها نظراً لتعلقها بالصالح العام)‪.23‬‬
‫‪81‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ ‪ 29‬ـ‬

‫ولكن قد تكون املوافقة ضمنية‪ ،‬كدعوة موظف لتأديته اليمني لتسليم العمل فيتخلف‬
‫ألكثر من مرة‪ ،‬األمر الذي يقطع برضائه الضمني بإلغاء قرار تعيينه‪.‬‬
‫كذلك رضاء املوظف على إلغاء قراره‪ ،‬قد يكون يف غير صاحله‪ ،‬ومخالفة للقانون‪ ،‬ألنه‬
‫يسقط حقوقه‪ ،‬األمر الذي يعني أن هذه املوافقة ال تتفق وصحيح القانون‪ ،‬ومن ثم للقضاء‬
‫اإلداري التدخل وإلغاء هذه القرارات املضادة‪.24‬‬
‫بيد أن هناك بعض القرارات اإلدارية يكون الدافع األول على إصدارها مصلحة الفرد‪،‬‬
‫وحينئذ يكون من اجلائز لإلدارة إلغاؤها باالتفاق مع صاحب الشأن‪ ،‬ومن ذلك القرارات‬
‫الصادرة مبنح التراخيص للمواطنني‪ ،‬فيجوز لسبب أو آلخر أن تتفق اإلدارة معهم على‬
‫إلغائها ‪.25‬‬
‫ثالثا‪/‬عدم اح�ت��رام املستفيد لاللتزامات امل�ف��روض��ة عليه مبقتضى ال�ق��رار (اإلخ�لال‬
‫بااللتزامات اإلدارية)‪.‬‬
‫املركز القانوني الذي يرتبه القرار اإلداري قد يتضمن حقوقا ً أو بعض االلتزامات‪،‬‬
‫فكما للمستفيد احلق يف املطالبة بحقوقه عليه تنفيذ االلتزامات‪ ،‬فإذا أخل بالتزاماته‪،‬‬
‫فإن ذلك يعطي احلق لإلدارة ألن تلغي القرار بالنسبة للمستقبل ‪ 26‬فإذا تضمن القرار‬
‫الصادر لصالح أحد األفراد شروطا أو التزامات معينة‪ ،‬فإن شرعية هذا القرار تكون‬
‫معلقة صراحة أو ضمنا على احترامه لتلك الشروط وتنفيذه لتلك االلتزامات‪.‬‬
‫ومثال ذلك القرارات الصادرة بتخويل األفراد فتح املحال العامة أو مبنحهم التراخيص‬
‫بالبناء ‪.27‬‬
‫رابعا ‪ /‬تغير الظروف املادية التي على أساسها صدر القرار‪.‬‬
‫إن السبب األساسي إللغاء القرار اإلداري‪ ،‬هو تغير الظروف املادية التي صدر فيها‪،‬‬
‫فتضطر اإلدارة إلى إلغائه أو تعديله ليطابق الظروف اجلديدة‪ ،‬فبقاء الظروف املادية التي‬
‫صدر فيها شرط لبقائه ‪.28‬‬
‫وقد يرد هذا الشرط صراحة يف القرار‪ ،‬فيعتبر تغير الظروف املادية‪ ،‬متى حتقق‪ ،‬من‬
‫قبيل الشروط الفاسخة التي تنهي القرار نهاية طبيعية‪ ،‬ولكن تغير الظروف املادية التي‬
‫على أساسها يصدر القرار‪ ،‬يخول اإلدارة حق إلغائه يف بعض احلاالت‪ ،‬حتى ولو لم ينص‬
‫على ذلك صراحة يف صلب القرار‪ ،‬ومن تلك احلاالت أن يكون السبب يف إصدار القرار‬
‫قيام حالة معينة‪ ،‬ومثال ذلك أن تسمح اإلدارة ألحد األفراد بفتح محل عام‪ ،‬ألن املنطقة‬

‫‪82‬‬
‫انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم‬

‫مأهولة بالسكان‪ ،‬فإذا ما هجرت تلك املنطقة بعد مدة معينة‪ ،‬فإنه يحق لإلدارة أن تلغي‬
‫ذلك الترخيص‪.‬‬
‫وقد يكون استمرار احلالة املادية شرطا ً لسالمة القرار‪ ،‬ومن ذلك أن ينص القانون‬
‫مثال على أنه ال يجوز منح ترخيص بإقامة كشك أو بفتح محل عام‪ ،‬إال يف املناطق التي‬
‫يزيد عدد سكانها عن رقم معني‪ ،‬فإذا منح ترخيص على هذا األساس‪ ،‬فإن من حق اإلدارة‬
‫أن تلغي ذلك الترخيص يف حالة نقص العدد املحدد ‪.29‬‬
‫خامسا ‪ /‬عدم مطابقة القرار للقانون‪.‬‬
‫إن خضوع اإلدارة للقانون‪ ،‬من أهم املبادئ العامة‪ ،‬وأحد العناصر األساسية للدولة‬
‫القانونية كما أن القاعدة هي خضوع القرار للتشريع الساري وقت إصداره لذلك فإنه من‬
‫الضروري أن تكون القرارات اإلدارية متفقة مع القانون عند إصدارها‪ ،‬كما يجب أن تظل‬
‫متفقة مع القانون طيلة مدة سريانها‪ ،‬فإذا صدر القرار غير متفق مع القانون‪ ،‬وجب سحبه‬
‫خالل املدة املقررة لسحب القرارات اإلدارية‪ ،‬وإذا تعذر سحبه بسبب فوات مدة السحب‪،‬‬
‫فيجب على اإلدارة أن تصدر قراراً بإلغائه للمستقبل‪ ،‬وإذا صدر القرار متفقا مع القانون‪،‬‬
‫ثم تغير القانون بعد ذلك‪ ،‬بحيث أصبح غير متفق معه بعد تعديله‪ ،‬فإن من واجب اإلدارة أن‬
‫تلغي القرار لعدم مشروعيته (وهذا ما يعرف بتبدل السند القانوني للقرار بعد إصداره)‪.30‬‬
‫سادسا ‪ /‬اإللغاء املستقبلي من أجل املصلحة العامة‪.‬‬
‫إن دواعي املصلحة العامة التي يجوز من أجلها إلغاء القرارات اإلدارية السليمة بالنسبة‬
‫للمستقبل عديدة‪ :‬فقد تكون املحافظة على الصحة العامة‪ ،‬أو السكينة العامة‪ ،‬أو األمن‬
‫العام‪ ،‬أو االقتصاد القومي أو سالمة املال العام‪.‬‬
‫فالقاعدة أن استقرار األوامر اإلدارية إمنا تقتضيه املحافظة على املصالح اخلاصة‪،‬‬
‫وعند التعارض بني املصالح اخلاصة واملصالح العامة‪ ،‬يجب ترجيح املصلحة العامة‪ ،‬على‬
‫األقل إذا لم ميكن التوفيق بني املصلحتني وهذا هو هدف الضبط اإلداري الذي يسعى إلى‬
‫حتقيق مقاصد محددة تتمثل يف املحافظة على النظام العام بعناصره الثالثة األمن العام‪،‬‬
‫السكينة العامة‪ ،‬والصحة العامة ‪.31‬‬
‫وإذا كانت املصلحة العامة هي الهدف من كل قرار إداري سواء كان منشئا ً أو معدال‬
‫ملركز قانوني‪ ،‬أو منهيا له‪ ،‬فإن إلغاء القرار اإلداري بعد إصداره يدعو إلى التساؤل عن‬
‫سبب هذا اإللغاء‪ ،‬وكيف حتول مقتضى الصالح العام فأصبح داعيا إلى إنهاء املركز‬

‫‪83‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ ‪ 29‬ـ‬

‫القانوني بعد أن كان داعيا إلى إنشائه‪ ،‬لذلك كان من الواجب أن يكون قرار اإللغاء مسببا‪،‬‬
‫مع أن األصل أن يكون للقرار اإلداري سبب مشروع وال تلتزم اإلدارة بذكره إال إذا ألزمها‬
‫القانون بذلك‪ ،‬وذلك حتى يتبني وجه التغير يف األسباب التي دعت على إلغاء القرار ‪.32‬‬
‫ومما ال شك فيه‪ ،‬أنه إذا تعارضت املصلحة العامة مع املصلحة اخلاصة‪ ،‬فإنه يتعني‬
‫تغليب األولى‪ ،‬فهي األولى بالرعاية‪ ،‬فإذا كان إلغاء القرار اإلداري أمراً تتطلبه املصلحة‬
‫العامة‪ ،‬فإن ذلك يغلب على مصلحة املستفيدة منه‪ ،‬الذي وقع عليه اإلذع��ان من أجل‬
‫املصلحة العامة‪ ،‬وإن كان حقه يف التعويض قائما ً إذا سبب له ذلك اإللغاء ضرراً‪.‬‬
‫ولكن يجب االحتياط من هذا املبرر (الصالح العام) إذ تستطيع اإلدارة أن تتذرع بهذا‬
‫املبرر إللغاء القرارات اإلدارية السليمة‪ ،‬وهنا يأتي دور الرقابة القضائية حلماية األفراد‬
‫من تعسف اإلدارة ‪.33‬‬
‫ذلك ألن فكرة الصالح العام فكرة فضفاضة ‪ ،‬ويجب أال يترك تقديرها بصفة عامة‬
‫لإلدارة ‪ ،‬وإال ألهدرنا استقرار األوامر السليمة ‪ ،‬ومن ثم فإن اإلدارة ال تستطيع أن تلغي‬
‫قراراً إداريا ً سليما ً قبل نهايته الطبيعية ‪ ،‬بقصد الصالح العام املجرد ‪ ،‬بل يجب أن يكون‬
‫الصالح العام يف هذه احلالة مخصصا ً ‪ ،‬فالتصريح الصادر ألحد األفراد ببيع نوع معني‬
‫من األدوية ‪ ،‬يجوز إلغاؤه ‪ ،‬ولكن يجب أن يكون املقصود من ذلك املحافظة على الصحة‬
‫العامة ‪ ،‬إذا ثبت أن هذا الدواء خطر ‪ ،‬والترقية التي متنح ألحد املوظفني يجوز إلغاؤها ‪،‬‬
‫ولكن بشرط أن يكون الدافع إلى ذلك هو تأمني النظام يف نطاق الوظيفة العامة الرتكاب‬
‫املوظف ما من شأنه أن يخل بذلك النظام‪.‬‬
‫سابعا ‪ /‬جواز إلغاء القرار اإلداري ألي سبب آخر يحدده املشرع‪.‬‬
‫سواء‬
‫ً‬ ‫تستطيع اإلدارة إلغاء أي قرار إداري يف احلاالت التي يسمح املشرع فيها بذلك‪،‬‬
‫أكان هذا اإللغاء بأثر رجعي أو بأثر مستقبلي‪ ،‬وهذه الرخصة قد تكون صريحة‪ ،‬بأن ينص‬
‫يف التشريع مثال على تخويل اإلدارة إلغاء جميع التراخيص املمنوحة لألفراد مبزاولة مهنة‬
‫معينة ‪ ،‬بقصد تنظيمها من جديد‪ ،‬وقد يكون التفويض ضمنياً‪ ،‬ألن ممارسة االختصاص‬
‫اجلديد تقتضي بطبيعته إلغاء بعض القرارات الفردية القائمة‪ ،‬فإعادة تخطيط حي‬
‫من األحياء تخطيطا كامال يقتضي بطبيعته إعادة النظر يف جميع القرارات السابقة‬
‫واملتضمنة تراخيص بالبناء‪ ،‬أو بفتح محال عامة‪.‬‬
‫وحق اإلدارة يف إلغاء القرارات اإلدارية السليمة‪ ،‬والتي ترتب حقا أو مركزاً خاصا ً يف‬

‫‪84‬‬
‫انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم‬

‫جميع احلاالت السابقة‪ ،‬ال أثر له فيما‪ ،‬يتعلق بالتعويض‪ ،‬ذلك أن اإلدارة قد يكون من حقها‬
‫إلغاء قرار سابق‪ ،‬أو إنهاء آثاره بقرار الحق‪ ،‬ومع ذلك يحكم القضاء عليها بالتعويض ‪.34‬‬
‫والقرارات اإلدارية هي بطبيعتها قابلة لإللغاء والسحب‪ ،‬باستثناء احلالتني االثنتني‪- :‬‬
‫أ‪-‬إذا حرم التشريع إلغاءها‪.‬‬
‫ب‪-‬إذا كان اإللغاء يتعارض مع املراكز القانونية التي يجب حمايتها طبقا ً للقواعد التي‬
‫يقررها القضاء اإلداري‪.‬‬
‫والقرار اإلداري يحدث يف واقع األمر أثراً قانونيا ً مؤقتا ً نابعا ً من عدم متتع القرار‬
‫اإلداري‪ ،‬بحجية الشيء املحكوم به‪ ،‬وإن كان يتمتع بقرينة شرعية تقبل إثبات العكس‪،‬‬
‫سواء من جانب األفراد‪ ،‬عندما يلزم الفرد بإثبات عكس هذه القرينة يف إثبات ما يدعيه‬
‫من عدم شرعية‪ ،‬أو عدم مالءمة القرار‪ ،‬أو من جانب اإلدارة حني يتضح لها عدم شرعية‬
‫أو عدم مالءمة القرار فتقوم بسحبه ‪.35‬‬
‫املبحث الثاني‪ /‬ضمانات ممارسة اإلدارة حلقها يف إنهاء القرار اإلداري السليم‪.‬‬
‫يتفق الفقه والقضاء اإلداري على ضرورة تسبيب القرارات اإلداري��ة املاسة بحقوق‬
‫األف��راد‪ ،‬حيث متثل ضمانة أساسية وجوهرية إللغاء أو تعديل القرار اإلداري‪ ،‬وكذلك‬
‫ضرورة احترام حقوق الدفاع‪ ،‬حيث ال يجوز إلغاء أو تعديل القرار اإلداري دون احترام‬
‫حقوق الدفاع‪ ،‬فإذا مت إلغاء أو تعديل القرار دون مراعاة الضمانات فإن القرار يصبح غير‬
‫مشروع وجدير باإللغاء‪ ،‬وأخيراً االلتزام بقاعدة تقابل الشكليات‪ ،‬لذلك نتناول ضمانات‬
‫إنهاء القرار اإلداري النهائي السليم على النحو التالي‪:‬‬
‫املطلب األول‪ /‬التسبيب‪.‬‬
‫األصل أن لكل تصرف قانوني سبب يهدف إلى حتقيقه‪ ،‬وسبب القرار اإلداري هو‬
‫وقائع مادية أو قانونية‪ ،‬كانت هي الدافع الذي حرك جهة اإلدارة التخاذ القرار وسبب‬
‫القرار اإلداري ليس هو غايته أو هدفه‪ ،‬ذلك ألن السبب سابق على القرار يف حني أن‬
‫الغاية من القرار الحقة لصدوره ونتيجة من نتائجه‪ ،‬لذلك يقتضي األمر حتديد مفهوم‬
‫تسبيب القرارات اإلدارية‪ ،‬واحلكمة أو الفائدة من التسبيب‪.‬‬
‫أوالً ‪ /‬مفهوم تسبيب القرارات اإلدارية وحتديد نطاقه‬
‫التسبيب هو ذكر أو بيان األسباب التي قام عليها القرار اإلداري‪ ،‬ويعد من البيانات‬
‫الشكلية يف القرار اإلداري وبصفة خاصة يف القرار املكتوب ‪.36‬‬
‫‪85‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ ‪ 29‬ـ‬

‫بناء‬
‫واألصل العام أن اإلدارة غير ملزمة بأن تفضح لألفراد عن السبب الذي تدخلت ً‬
‫عليه‪ ،‬إال إذا ألزمها القانون بذكر األسباب‪ ،‬ويف هذه احلالة يصبح التسبيب شرطا ً شكليا ً يف‬
‫القرار اإلداري‪ ،‬يترتب على إغفاله عدم مشروعية القرار حتى ولو كان للقرار سبب صحيح‪.‬‬
‫وإل��زام اإلدارة بذكر سبب تدخلها‪ ،‬من أجنع الضمانات لألفراد‪ ،‬ألنه يسهل مهمة‬
‫القضاء اإلداري يف رقابته على مشروعية أعمال اإلدارة‪ ،‬وخاصةً إذا تعلق األمر بإلغاء أو‬
‫تعديل قرار إداري سليم ‪.37‬‬
‫لذلك يجب أن يكون التسبيب مباشراً للقرار‪ ،‬إذا تضمن القرار ذاته األسباب التي بني‬
‫عليها‪ ،‬وال يفترض فيه صياغة معينة‪ ،‬وبذلك يستبعد تسبيب القرار الشفوي‪ ،‬كما يجب‬
‫أن يكون التسبيب معاصراً للقرار‪ ،‬مبعنى يجب أن يكون القرار مسببا ً حلظة إصداره‪ ،‬فإذا‬
‫ما صدر القرار غير مسبب يف صورة أو يف أخرى كان معيبا ً يف شكله‪.‬‬
‫كما يجب أن يكون التسبيب محدداً كافيا ً أي أن يحدد ُمصدر القرار االعتبارات‬
‫القانونية التي استند إليها‪ ،‬والتي تكون األساس القانوني للقرار‪ ،‬وهي أساسا ً النصوص‬
‫التشريعية أو الالئحية أو املبادئ القانونية العامة التي قصد مصد ُر القرار تطبيقها على‬
‫حالة املخاطب بالقرار‪.‬‬
‫ويلعب السبب دوراً هاما ً يف توجيه القرار نحو حتقيق الشرط املفترض‪ ،‬وهو الصالح العام‪،‬‬
‫سواء كان هناك التزام على اإلدارة مبوجب نص القانون أو لم يكن هناك نص يف ذلك‪.38‬‬
‫ويشترط لكفاية التسبيب أن يتضمن االعتبارات القانونية والواقعية ‪ ،‬وكقاعدة عامة‬
‫فإن األسباب يجب أن يطلع عليها ذووا الشأن ‪ ،‬يف الوقت نفسه ‪ ،‬الذي يطلعون فيه على‬
‫القرار الذي أسس عليها‪ ،‬وهذا يعني أن التسبيب يجب أن يوجد يف الوثائق ذاتها ‪ ،‬التي‬
‫حتتوي على القرار اإلداري ‪ ،‬مبعنى يجب أن يرد يف القرار ذاته األسباب التي دعت رجل‬
‫اإلدارة التخاذ هذا القرار‪ ،‬وأن يتم إخطار ذوي الشأن بهذه األسباب باإلجراءات نفسها‬
‫إلخطارهم بالقرار اإلداري‪ ،‬وبهذا املعنى ينتمي التسبيب إلى املشروعية اخلارجية للقرار‬
‫‪ ،‬والتي تشمل املسائل املتعلقة باالختصاص واإلجراءات والشكل‪.39‬‬
‫كما أنه هام جداً لطمأنينة املتقاضني من ناحية‪ ،‬وألعمال رقابة جهات القضاء من‬
‫ناحية أخرى‪ ،‬ولهذا فإن املشرع نفسه قد سحب ضمانة التسبيب إلى القرارات اإلدارية‬
‫يف مجال التأديب‪ ،‬استثناء من األصل العام الذي يعفي جهات اإلدارة من تسبيب قراراتها‪،‬‬
‫حيث اشترط املشرع يف جميع قوانني العاملني احلكوميني أو يف القطاع العام أن يكون‬

‫‪86‬‬
‫انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم‬

‫القرار الصادر بتوقيع العقوبة مسبباً‪.‬‬


‫وإذا كانت القاعدة العامة هي أن اإلدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها‪ ،‬إال إذا ألزمها‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ يصبح هذا اإلجراء شكالً أساسيا ً يف القرار‪ ،‬يترتب‬ ‫القانون بذلك‪ ،‬بنص صريح‪،‬‬
‫على إهماله بطالن القرار‪ ،‬حيث تذهب املحكمة العليا إلى أنه‪( :‬ملا كان األصل أن اإلدارة‬
‫غير ملزمة بأن تفصح عن أسباب قرارها إال إذا ألزمها القانون ببيان األسباب‪ ،‬ويف هذه‬
‫احلالة يصبح التسبيب شرطا ً يترتب على إغفاله بطالن القرار‪ ،‬ولو كان له سبب صحيح‬
‫يف الواقع) ‪.40‬‬
‫وقضاء أن القانون إذا لم يشترط صراحة‬
‫ً‬ ‫ويف حكم آخر تقول‪( :‬من املتفق عليه فقها ً‬
‫تسبيب القرار اإلداري‪ ،‬فإنه ال تثريب على جهة اإلدارة إن هي أغفلت بيان األسباب التي‬
‫بني عليها قرارها) ‪.41‬‬
‫وإذا كانت هذه هي القاعدة العامة بشأن تسبيب القرارات اإلدارية بصفة عامة‪ ،‬فإنها‬
‫ال حتول دون أن يلزم القاضي اإلدارة بذكر السبب الذي استندت إليه يف إصدار القرار‪،‬‬
‫وخاص ًة إذا كانت هناك ضرورة تدعو إلى ذلك‪ ،‬ومسألة وجود ضرورة من عدمها مسألة‬
‫تقديرية متروكة لقاضي املوضوع‪ ،‬فإذا امتنعت اإلدارة عن تلبية هذا الطلب‪ ،‬فإن ذلك يعد‬
‫مؤشراً على أن القرار غير قائم على سبب صحيح‪ ،‬وتكون ادعاءات املدعي صحيحة‪.42‬‬
‫أما القضاء اإلداري املصري‪ ،‬فقد ألزم اإلدارة بتسبيب القرارات التأديبية‪ ،‬حيث قضت‬
‫املحكمة اإلدارية العليا بأنه‪( :‬إذا كان األصل يف القرار اإلداري عدم تسبيبه إال إذا نص‬
‫القانون على وجوب هذا التسبيب‪ ،‬فإن القرار التأديبي على النقيض من ذلك وهو قرار‬
‫ذو صبغة قضائية‪ ،‬إذ يفصل يف املوضوع‪ ،‬مما يختص به القضاء أصالً يجب أن يكون‬
‫مسبباً) ‪.43‬‬
‫فضمانة التسبيب من الضمانات اجلوهرية واألساسية التي يترتب على مخالفتها‬
‫بطالن القرار التأديبي‪ ،‬ولقد استقر القضاء اإلداري الليبي على ض��رورة اتباع هذه‬
‫اإلج��راءات واملبادئ املتعلقة بالتسبيب‪ ،‬وهي من اإلج��راءات الشكلية التي تخص ركن‬
‫الشكل يف القرار اإلداري وليس ركن السبب فيه ‪.44‬‬
‫وقد خرج مجلس الدولة الفرنسي على القاعدة العامة يف التسبيب‪ ،‬وألزم اإلدارة‬
‫بتسبيب جميع القرارات الصادرة بإلغاء القرارات اإلدارية السليمة ‪.45‬‬
‫أما فيما يتعلق بالفقه الفرنسي‪ ،‬فجانب منه أيد القاعدة التي انتهى إليها القضاء‪،‬‬

‫‪87‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ ‪ 29‬ـ‬

‫والبعض اآلخر أعمل القاعدة العامة‪ ،‬فالفقيه «دلوبادير» ذهب إلى أن إلغاء القرار السليم‬
‫يجب أن يكون مسببا ً دائماً‪ ،‬وقد برر الفقيه رأيه بقوله «أن القاضي ال يتردد يف إلغاء‬
‫القرار إذا كانت األسباب غير كافية‪ ،‬وال تبرره قانوناً‪ ،‬فيتعني واحلالة هذه إعادة بحث‬
‫األسباب املوضوعية للقرار امللغي‪ ،‬ومثال لذلك سحب الترخيص السليم‪ ،‬ال يكون ممكنا ً‬
‫إال إذا كانت الظروف اجلديدة التي جدت تبرر السحب»‪.‬‬
‫أما العميد «أوبي» فقد تبنى اجتاها ً مغايراً‪ ،‬مؤداه‪ :‬إن القول بأن إلغاء القرار السليم يجب‬
‫‪.‬‬
‫أن يكون مسببا ً ال يتمشى مع اجتاه القضاء‪ ،‬واستبعد إلزام اإلدارة بتسبيب قراراتها املضادة‬
‫وقد ذهب الدكتور» سليمان الطماوي « إلى أن القاعدة العامة ال حتتم على اإلدارة‬
‫تسبيب قراراتها إال إذا ألزمها املشرع بذلك صراحةً‪ ،‬والغالب يف حالة القرار املضاد أن‬
‫تلتزم اإلدارة بتسبيبه ‪.46‬‬
‫مما تقدم يتضح أن التسبيب يكون ضرورياً‪ ،‬ولو لم يشترط القانون على اإلدارة ذلك‪،‬‬
‫يف احلاالت اآلتية‪:47‬‬
‫أ ‪ -‬يف القرارات الصادرة بإلغاء قرارات إدارة سابقة‪ ،‬أو بإنهاء مراكز قانونية موجودة‪.‬‬
‫ذلك أن املصلحة العامة هي الهدف من كل قرار إداري‪ ،‬سواء كان منشئا ً أو معدالً‬
‫ملركز قانوني أو منهيا ً له‪ ،‬كما أن إلغاء القرار اإلداري السليم يجب أن يكون مبرراً‪،‬‬
‫أي كيف حتول مقتضى الصالح العام فأصبح داعيا ً إلى إنهاء املركز القانوني بعد‬
‫أن كان داعيا ً إلى إنشائه‪ ،‬لذلك كان من الواجب أن يكون قرار اإللغاء مسبباً‪.‬‬
‫ب ‪ -‬يجب تسبيب القرار يف حالة ما إذا عدلت اإلدارة عن اجتاه معني إلى اجتاه آخر‬
‫يف تفسير القانون‪ ،‬وعلى األخص إذا كان االجتاه اجلديد يف غير مصلحة صاحب‬
‫الشأن املوجه إليه القرار‪.‬‬
‫ج ‪ -‬يجب تسبيب القرار إذا ما أخ��ذت اإلدارة ب��رأي يخالف رأي جهة استشارية‪،‬‬
‫يشترط القانون أخذ رأيها قبل إصدار القرار‪.‬‬
‫د ‪ -‬كما تلتزم اإلدارة بتسبيب قراراتها إذا اشترط القانون لصدور القرار سببا ً معينا ً أو‬
‫أسبابا ً محصورة‪ ،‬ففي هذه احلالة يجب ذكر السبب الذي دعا اإلدارة إلى إصدار‬
‫القرار‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬وأخيراً يجب تسبيب كل قرار ضار بصاحب الشأن املوجه إليه‪ ،‬ولو لم يشترط‬
‫القانون ذلك‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم‬

‫ثاني ًا ‪ /‬احلكمة والفائدة من تسبيب بعض القرارات اإلدارية‬


‫يعتبر التسبيب من أهم الوسائل الفنية التي تتضمن حتقيق الوضوح اإلداري‪ ،‬والتسبيب‬
‫هو أساس الرقابة القضائية‪ ،‬فمن خالله يستمد القاضي اإلداري معلوماته عن الظروف‪،‬‬
‫ومالبسات اتخاذ القرار اإلداري‪ ،‬وبالتالي يستطيع الوقوف على مدى صحة القرار أو‬
‫عدم صحته‪ ،‬فالتسبيب هو خير عون للقاضي عند ممارسته لرقابته على السبب‪ ،‬وإساءة‬
‫استعمال اإلج��راءات والسلطة ‪ ،‬وللتسبيب آثار إيجابية بالنسبة للفرد‪ ،‬وجلهة اإلدارة‪،‬‬
‫مبعنى أنه يحقق فوائد كثيرة لكل املتعاملني أو املتصلني بالقرار اإلداري‪ ،‬سواء أكانوا‬
‫أفراداً مخاطبني به أو تتعلق به مصاحلهم ومراكزهم القانونية أم جهات قضائية تراقب‬
‫هذه القرارات‪ ،‬وحتى اإلدارة ذاتها مصدرة القرار تستفيد من التسبيب وذلك على النحو‬
‫التالي‪-:‬‬
‫‪ / 1‬فائدة التسبيب بالنسبة لإلدارة‪:‬‬
‫أ ‪ -‬يعد التسبيب مبثابة املرجع أو األرشيف الذي تستطيع اإلدارة الرجوع إليه ملعرفة‬
‫األسلوب الذي مت به من قبل مواجهة الظروف واملالبسات املعروضة أمامه ويحدد‬
‫بالتالي موقفه من اتخاذ القرار أو العدول عنه‪.‬‬
‫ب ‪ -‬ينبه اإلدارة أن تضع نصب أعينها أن مهمتها األساسية‪ ،‬هي حتقيق الصالح العام‬
‫مع مراعاة حتقيق ذلك يف إطار من الوضوح اإلداري كقيمة دستورية مفروضة على‬
‫اإلدارة ‪.48‬‬
‫ج ‪ -‬يقوم التسبيب بنفس الوظيفة التي يقوم بها تسبيب احلكم بالنسبة للقاضي‪،‬‬
‫فهو مدعاة للتأني والروية‪ ،‬وضمانة للسالمة يف حلظات الغضب‪ ،‬ومدعاة لصحة‬
‫التصرف ومطابقته ملقتضى احلال‪.‬‬
‫د ‪ -‬إن التسبيب يضمن تناسق سلوك اإلدارة يف املواقف املشابهة‪ ،‬ذلك أنها متى سببت‬
‫قراراها‪ ،‬فإنها تكون إلى حد كبير قد ألزمت نفسها بإصدار القرار ذاته إذا ما‬
‫ظهرت مستقبالً ذات األسباب‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬التسبيب يجعل اإلدارة تراقب نفسها بنفسها‪ ،‬األمر الذي يترتب عليه جتنب اتخاذ‬
‫قرارات زائفة‪.‬‬
‫و ‪ُ -‬يعرف باألسباب احلقيقية التي دفعت إلى إصدار القرار‪ ،‬فيمنع بذلك مظنة الشك‬
‫حول هذه األسباب ‪.49‬‬

‫‪89‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ ‪ 29‬ـ‬

‫‪ / 2‬فائدة التسبيب بالنسبة لصاحب الشأن‪:‬‬


‫تتمثل فائدة التسبيب لذوي الشأن‪ ،‬باعتباره ضمانة من الضمانات األساسية املقررة‬
‫على الوجه التالي‪- :‬‬
‫أ ‪ -‬فهو ضمانة مهمة ال ميكن التنازل عنها‪ ،‬ألنه يقدم لذي الشأن‪ ،‬توضيحا ً كافيا ً‬
‫لظروف ومالبسات اتخاذ القرار‪ ،‬ويحيطه علما ً بالعناصر القانونية والواقعية التي‬
‫دفعت اإلدارة التخاذ القرار‪.‬‬
‫ب ‪ -‬إتاحة الفرصة لصاحب الشأن بأن يحدد موقعه من القرار‪ ،‬فإما أن يقتنع به‪ ،‬أو‬
‫أن يطعن فيه‪ ،‬بعد معرفته ملواطن العيب الذي يصيب القرار عن طريق التسبيب ‪.50‬‬
‫ج ‪ -‬كما أن صاحب الشأن يهمه معرفة السبب‪ ،‬حتى يستطيع معاجلته يف املستقبل‪،‬‬
‫فعلى سبيل املثال‪ ،‬املرشح الذي رفض تعيينه يف إحدى الوظائف العامة‪ ،‬يعنيه أن‬
‫يعرف سبب هذا الرفض‪ ،‬حتى يتفاداه مستقبالً‪.‬‬
‫د ‪ -‬وعلم صاحب الشأن بأسباب القرار‪ ،‬يسهل له مهمة اإلثبات والدفاع عن نفسه‬
‫قضاء بغية إلغائه أو طلب التعويض عنه‪ ،‬أما عدم التسبيب‪،‬‬
‫ً‬ ‫عند الطعن يف القرار‪،‬‬
‫فيترك الفرد يف شك ومتاهة ال يستطيع أن يجد لنفسه فيها نقطة ارتكاز يبدأ منها‬
‫الدفاع عن نفسه ‪.51‬‬
‫‪ / 3‬فائدة التسبيب بالنسبة للقاضي‪:‬‬
‫هو الوسيلة التي تسهل له القيام بوظيفته يف الرقابة على مشروعية القرار اإلداري‪،‬‬
‫وبالتالي يكون للتسبيب بالنسبة للقاضي أهمية مباشرة وأخرى غير مباشرة على النحو‬
‫التالي‪- :‬‬
‫تظهر فائدة التسبيب املباشرة بالنسبة للقاضي‪ ،‬عندما يتعرض لبسط رقابته على‬
‫القرار اإلداري‪ ،‬مبناسبة دعوى التعويض أو دعوى اإللغاء‪ ،‬فعرض األسباب يساعده على‬
‫تركيز رقابته‪ ،‬وبالتالي إحكامها ‪.52‬‬
‫كما إن للتسبيب أهمية غير مباشرة بالنسبة للقاضي‪ ،‬فعندما تذكر اإلدارة أسباب‬
‫القرار الذي أصدرته ويطلع عليه صاحب الشأن‪ ،‬فقد يقتنع بها‪ ،‬وبالتالي تهدأ نفسه‬
‫وتستقر‪ ،‬األمر الذي ال يدفعه إلى رفع دعوى قضائية‪ ،‬على عكس القرار غير املسبب‪،‬‬
‫ويكون من شأن ذلك التخفيف من الوارد من القضايا وحتقيق العدالة السريعة‪ ،‬فال يصل‬
‫إلى املحاكم إال القضايا اجلديرة بالبحث ‪.53‬‬
‫‪90‬‬
‫انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم‬

‫وال شك أن التسبيب يساعد القاضي يف حتديد االنحراف باإلجراءات‪ ،‬فحيث تشير اإلدارة‬
‫إلى السند القانوني يف قرارها‪ ،‬فإنه يكون يف استطاعة القاضي حتديد ما إذا كان الهدف الذي‬
‫تسعى إليه اإلدارة‪ ،‬ميكن حتقيقه بواسطة النص‪ ،‬أم يجب اتباع نص قانوني آخر‪.‬‬
‫واحلكمة التي تستدعي املشرع اشتراط تسبيب بعض القرارات اإلداري��ة هي (لكي‬
‫تكون األسباب مرآة صادقة ملا يختلج يف نفس جهة اإلدارة عند إصدارها للقرار الواجب‬
‫التسبيب‪ ،‬فتفصح عن دوافع إصداره‪ ،‬وتضفي االطمئنان على نفوس املتنازعني‪ ،‬وذلك‬
‫بتوافر رباط منطقي وثيق بني منطوق القرار وأسبابه‪ ،‬وبذلك يرتفع القرار عن مظنة‬
‫الشك والشبهات)‪. 54‬‬
‫هذا بالنسبة لضمانة تسبيب القرارات التي تلتزم اإلدارة فيها بذكر األسباب التي‬
‫دفعتها إلى إصدار القرار‪ ،‬فالتسبيب بذلك يكون معاصراً للحظة إصدار القرار‪ ،‬فمن‬
‫خالله تبرر اإلدارة قرارها وتقنع أصحاب الشأن به‪ ،‬ومن ثم احلكم على صحة تصرفها‬
‫من عدمه‪ ،‬وهذا اإلعالن عن األسباب يتيح لذوي الشأن فرصة معرفتها حتى يستطيعوا‬
‫حتديد مواقفهم جتاه هذه القرارات‪ ،‬وبالتالي ننتقل إلى الضمانة الالحقة لصدور القرار‪،‬‬
‫وهي التي متنح احلق لكل من رأى أن القرار قد أضر به أن يدافع عن نفسه من أجل‬
‫حماية حقوقه‪ ،‬وهذه الضمانة هي احترام حقوق الدفاع‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ /‬احترام حقوق الدفاع‪.‬‬
‫وقضاء وتشريعاً‪ ،‬أن حق الدفاع هو حق طبيعي مقدس لكل إنسان‬
‫ً‬ ‫من املتفق عليه فقها ً‬
‫يف جميع مراحل التحقيق واالتهام واملحاكمة‪ ،‬وعلى وجه اخلصوص يف التحقيقات أو‬
‫املحاكمات التي تنتهي بإنزال عقوبة معينة يف حالة ثبوت اإلدانة‪ ،‬كالتحقيقات واملحاكمات‬
‫اجلنائية أو التأديبية‪.‬‬
‫ومن هنا حترص كل التشريعات املعاصرة على وضع الضمانات الضرورية ملمارسة حق‬
‫الدفاع‪ ،55‬لذلك يقتضي األمر توضيح مضمون ونطاق مبدأ حق الدفاع‪ ،‬على النحو التالي‪- :‬‬
‫تأتي حقوق الدفاع يف مقدمة الضمانات األساسية املقررة للمتهم‪ ،‬وأكثرها أهمية‪ ،‬إذ‬
‫تدور يف فلكها كافة الضمانات األخرى‪ ،‬وترتد إليها‪ ،‬وذلك باعتبارها الضمانة األم‪ ،‬التي‬
‫تولدت عنها ونشأت يف أحضانها معظم ضمانات التأديب األخرى ‪.56‬‬
‫وقد ع ّرف الدكتور «عبد الفتاح عبد البر» حق الدفاع‪ ،‬وذلك لتمييزه عما يختلط به من‬
‫ضمانات إجرائية‪ ،‬بأنه حق املتهم يف الرد على ما هو منسوب إليه بالوسائل املمكنة ‪.57‬‬

‫‪91‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ ‪ 29‬ـ‬

‫ويقصد بحق الدفاع‪( :‬متكني املوظف من الدفاع عن نفسه وإبداء مالحظاته ‪ ،58‬وذلك‬
‫بأن يعلن بصفة جلية بالتهمة املوجهة إليه‪ ،‬وأن يعطي له مهلة لتحضير دفاعه‪ ،‬وأن ميهد‬
‫له السبيل يف أن يدفع عن نفسه التهمة بكافة طرق اإلثبات‪ ،‬سواء بنفسه‪ ،‬أو بوكيل عنه‪،‬‬
‫ألنه من اجلائز أن ال يجيد الدفاع بنفسه) ‪.59‬‬
‫هذا وقد بينت أحكام القضاء ما يعتبر من مقتضيات حق الدفاع‪ ،‬أو ما يعتبر إخالال‬
‫بحق الدفاع‪ ،‬وأن اإلخالل بحق الدفاع يترتب عليه البطالن‪ ،‬دون وضع تعريف محدد أو‬
‫بيان ملاهية حق الدفاع بشكل واضح وصريح‪.‬‬
‫ومن ذلك ما قضت به محكمة النقض املصرية يف أحد أحكامها بأن (اإلخالل بحق‬
‫الدفاع هو حرمان املتهم من إبداء أقواله بكامل احلرية‪ ،‬أو إهمال الفصل يف طلب صريح‬
‫من طلبات التحقيق‪ ،‬أو الدفوع الفرعية التي يبديها‪ ،‬أو دفاع صريح خاص بعذر قانوني‬
‫من األعذار املبيحه أو املانعة من العقاب) ‪.60‬‬
‫كما أكدت املحكمة الدستورية على ضمانة الدفاع‪ ،‬وجاء إقرارها ألهميته واضحا ً‬
‫وقاطعاً‪ ،‬وذلك عندما قررت أن حق الدفاع غدا مرتبطا ً بالقيم التي تؤمن بها األمم‬
‫املتحضرة‪ ،‬مؤكداً اخلضوع للقانون‪ ،‬ناهيا ً عن التسلط والتحامل‪ ،‬وإن إنكار ضمانة الدفاع‬
‫أو إنقاصها‪ ،‬ال يعدو أن يكون إخالالً باحلق املقرر دستوريا ً لكل مواطن‪.‬‬
‫هذا وقد استقر مجلس الدولة الفرنسي على تأكيد ضمانة حق الدفاع‪ ،‬إذ وسع من‬
‫نطاق تطبيق حق الدفاع على كل إجراء يتخذ ضد الشخص‪ ،‬أيا ً كانت طبيعته (مدنيا ً أو‬
‫إداريا ً أو جنائيا ً أو تدبيراً ضبطياً)‪.‬‬
‫كما يقصد بضمانة الدفاع‪ ،‬حق املوظف املتهم يف الرد على ما هو منسوب إليه بالوسائل‬
‫املمكنة‪.61‬‬
‫كما نص املشرع صراح ًة على هذا املبدأ يف املادة (‪ )156‬من القانون رقم ‪ 12‬لسنة‬
‫‪ 2010‬م بشأن عالقات العمل‪ ،‬بأنه‪( :‬ال يجوز توقيع عقوبة على املوظف إال بعد التحقيق‬
‫معه وكتابة وسماع أقواله وحتقيق دفاعه)‪ ،‬كما تقرر املادة (‪ )150‬من الالئحة التنفيذية‬
‫للقانون رقم ‪ 12‬لسنة ‪2010‬م املذكور‪ ،‬على أنه (من حق املوظف أن يحضر جلسات‬
‫املحاكمة وأن يناقش الشهود وأن يدافع عن نفسه كتاب ًة أو شفويا ً وله أن يوكل أحد‬
‫املحامني أو يعني ممثالً له يختاره من بني املوظفني يتولى الدفاع عنه)‪.‬‬
‫كما قرر املشرع الليبي يف القانون رقم ‪ 20‬لسنة ‪ 2013‬م‪ ،‬بأنشاء هيئة الرقابة‬

‫‪92‬‬
‫انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم‬

‫اإلدارية‪ ،‬حيث نصت املادة (‪ )37‬على أنه‪( :‬يخطر املتهم بالتحقيق قبل بدئه بثالثة أيام‬
‫على األقل ويجوز له أن يحضر جميع مراحل التحقيق إال إذا اقتضت مصلحة التحقيق‬
‫أن يجرى يف غيبته)‪.‬‬
‫وقد استقر القضاء الليبي على ضرورة توافر ضمانات الدفاع وكفالة اطمئنان املوظف‬
‫وإتاحة الفرصة له‪ ،‬لالطالع على التهم املنسوبة إليه وإع��داد دفاعه ‪ ،‬فقد أوضحت‬
‫املحكمة العليا ذلك يف حكمها بتاريخ ‪1970/5/3‬ف ‪ ،‬يف الطعن اإلداري رقم ‪ 9‬لسنة‬
‫‪ 15‬قضائية ‪ ،‬مضمون حق الدفاع بقولها‪ ( :‬إن كفالة حق الدفاع يكون بتعريف املتهم‬
‫باملخالفات املنسوبة إليه وترك الفرصة له للرد عليها) ‪ ،‬كما تقرر يف نفس احلكم بأن‬
‫اإلجراءات التي تسبق املحاكمة التأديبية هي ( إجراءات جوهرية يتحقق باتباعها الضمان‬
‫املقرر يف املحاكمة بأال يحكم على أحد إال بعد إعالنه الذي يتيح له فرصة الدفاع عن‬
‫نفسه ‪ ،‬فإذا متت املحاكمة بغير هذا اإلعالن‪ ،‬كان ذلك إخالالً صريحا ً بحق الدفاع يترتب‬
‫عليه البطالن)‪.62‬‬
‫وقضت يف حكم آخر يف الطعن اإلداري رقم ‪ 7‬لسنة ‪ 19‬قضائية بجلسة ‪ 10‬يناير‬
‫‪1974‬ف‪:‬‬
‫( إن التحقيق والتأديب اإلداري له أصول وضوابط تمُ ِْليها قاعدة أساسية هي ضرورة‬
‫حتقيق الضمان وتوفير االطمئنان واآلمان للموظف موضوع املسألة اإلدارية‪ ،‬فال جتوز‬
‫مساءلته إال بعد حتقيق تكون له كل مقومات التحقيق القانوني الصحيح ‪ ،‬وكفاالته‬
‫وضماناته‪ ،‬من حيث وجوب استدعاء املوظف وسؤاله ومواجهته مبا هو مأخوذ عليه‪،‬‬
‫ومتكينه من الدفاع عن نفسه وإتاحة الفرصة له ملناقشة شهود اإلثبات‪ ،‬وسماع من يريد‬
‫االستشهاد بهم من شهود النفي‪ ،‬وغير ذلك من مقتضيات الدفاع وهو أمر تقتضيه العدالة‬
‫واألصول العامة‪ ،‬كمبدأ عام يف كل محاكمة جنائية أو تأديبية دون حاجة إلى نص)‪.63‬‬
‫وهذا املبدأ ينطبق يف شأن القرارات التي تولد حقوقا ً ‪ ،‬وتلك التي ال تولد حقوقا ً‬
‫لألفراد أصحاب الشأن من ج��راء تطبيق القرارات على حالتهم‪ ،‬وينطبق أيضا ً على‬
‫القرارات التي تنشئ حقوقا ً أو مزايا للغير‪ ،‬ومن أبرز صور احترام حقوق الدفاع يف‬
‫القرارات األخيرة هي اجلزاءات التأديبية‪ ،‬أيا ً كان هذا اجلزاء‪ ،‬يجب أال يخل بحق الدفاع‬
‫‪ ،‬فاجلزاء الذي يتيح للفرد التمتع بضمانات حق الدفاع يوجد يف مجاالت مختلفة ونطاقه‬
‫الذي يبرز فيه هو مجال املوظفني العموميني‪ ،‬وإن كان ليس مقصوراً عليهم‪ ،‬بل يشمل‬
‫غيرهم‪ ،‬فالقرار الصادر بفصل موظف‪ ،‬كاجلزاء الصادر بفصل طالب‪ ،‬ويشترط أن يكون‬
‫‪93‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ ‪ 29‬ـ‬

‫قرار الفصل تقتضيه املصلحة العامة‪ ،‬وليس مجرد وسيلة للتخلص من الشخص املفصول‪،‬‬
‫موظفا ً أم طالبا ً ألنه يف هذه احلالة األخيرة يخضع القرار لرقابة القضاء‪ ،64‬كل هذه‬
‫اجلزاءات قرارات إدارية مقابلة لقرارات سابقة‪ ،‬وبالتالي مينح احلق للتمتع بضمان عدم‬
‫اإلخالل بحق الدفاع‪.‬‬
‫أما حاالت الضرورة واالستعجال أو الظروف االستثنائية‪ ،‬فإن عدم احترام مبدأ حقوق‬
‫الدفاع ال يبطل القرار‪ ،‬ألن هذه احلاالت الثالث هي مبثابة استثناء على مبدأ حقوق‬
‫الدفاع من القواعد العامة ‪ 65‬التي تخول اإلدارة سلطة التحرر مؤقتا ً من قواعد املشروعية‪،‬‬
‫بالقدر الالزم ملواجهة تلك الظروف‪.‬‬
‫لذلك يكون مبدأ حق إب��داء الدفوع‪ ،‬ضمانا ً ضد عسف اإلدارة‪ ،‬واملجال اخلصب‬
‫ألعمال هذا الضمان‪ ،‬هو حقل الوظيفة العامة‪ ،‬حيث اجلزاءات التأديبية التي تصل إلى‬
‫حد الفصل من الوظيفة‪.66‬‬
‫هذا فيما يتعلق مببدأ حق الدفاع الذي يعتبر من أهم الضمانات املكفولة مبقتضى‬
‫القانون لكل فرد‪ ،‬ومن ثم ننتقل إلى الضمانة األخيرة واملتعلقة بقاعدة تقابل الشكليات‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ /‬قاعدة تقابل الشكليات‪:‬‬
‫إن قاعدة تقابل الشكليات‪ ،‬تتكون من شقني‪ ،‬هما‪ :‬قاعدة تقابل االختصاصات‪ ،‬وقاعدة‬
‫تقابل الشكليات واإلجراءات‪ ،‬على النحو التالي‪:‬‬
‫تعني قاعدة تقابل الشكليات وفقا ً للتصور التقليدي أن إلغاء أو تعديل القرار‪ ،‬يخضع‬
‫لنفس األشكال واإلجراءات املتبعة يف إصدار القرار األول ومن نفس السلطة‪.‬‬
‫إال إن هذا التصور التقليدي لقاعدة تقابل الشكليات باملعنى الواسع (االختصاص‬
‫واإلجراء أو الشكل) يجايف املنطق والعقل‪ ،‬لذلك فإن قاعدة تقابل االختصاصات تعني‬
‫أن االختصاص بإلغاء القرار‪ ،‬يكون للسلطة احلالية القائمة وقت إصدار القرار املضاد‪،‬‬
‫وليس للسلطة التي كانت موجودة وقت إصدار القرار األول‪ ،‬إذ قد تتغير السلطات وتتبدل‬
‫االختصاصات‪ ،‬وقد تتحد السلطتان سلطة إصدار القرار وسلطة إلغائه‪.‬‬
‫أما قاعدة تقابل األشكال واإلجراءات فقد أشار الفقيه «‪( basset “67‬إلى أنه ليس ضروريا ً‬
‫أن يتطلب يف إلغاء القرار اتباع ذات اإلجراءات التي سبق اتخاذ القرار األول يف ضوئها‪.‬‬
‫وضرب لذلك مثال بالتعيني يف الوظيفة العامة بناء على املسابقة وحلف اليمني‪ ،‬أو‬
‫‪94‬‬
‫انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم‬

‫التعيني بعد اجتياز فترة مترين أو اختبار‪ ،‬فهذه املراحل ال يتطلب اتباعها عند إصدار‬
‫القرار املضاد‪ ،‬والقول بغير ذلك يخالف املنطق السليم)‪.‬‬
‫وقاعدة تقابل الشكليات تهدف إلى حماية املصلحة العامة واخلاصة على حد سواء‪،‬‬
‫بل إلى حماية العمل اإلداري نفسه‪ .‬فقاعدة تقابل الشكليات من الضمانات التي يجب أن‬
‫تراعى بالنسبة إللغاء القرارات التي تولد حقوقا ًلألفراد‪.‬‬
‫وتظهر أهمية هذه القاعدة يف “عدم املساس باآلثار الفردية للقرارات اإلدارية التي‬
‫تولد حقوقا ً مكتسبة إال وفقا ً للقانون‪ ،‬وهذه القاعدة تهدف إلى حماية مصالح األفراد‬
‫واحترامها كضمان جوهري لهم‪.‬‬
‫وهي قاعدة مقررة ملصلحة اإلدارة ذاتها‪ ،‬فهي تبني مدى التزام اإلدارة بالقانون واتباع‬
‫اإلجراءات املقررة‪ ،‬فالسلطة املختصة غير ملزمة باتباع ومراعاة نفس األشكال واإلجراءات‬
‫التي صدر القرار امللغي يف ضوئها‪ ،‬كأخذ رأي جهة معينة عند إصدار القرار األول‪ ،‬فليس‬
‫هناك من ضرورة إلى اتباعه عند إصدار القرار املضاد إال أذا ألزمها القانون بذلك”‪.‬‬
‫وبالعكس يرى األستاذ “لويس دلبيز” أن قاعدة تقابل الشكليات تهدف إلى إيجاد‬
‫احلماية والضمان ألصحاب الشأن‪ ،‬فيجب اتباع ذات اإلجراءات واألشكال التي اتبعت‬
‫عند إصدار القرار األول‪.‬‬
‫كما يرى البعض أن هذه القاعدة تهدف إلى ضمان حقوق األفراد حلظة إلغاء القرار‬
‫باتباع ذات اإلجراءات التي اتبعت يف إصداره ‪.68‬‬
‫ويوضح الدكتور “ سليمان الطماوي (أن قواعد الشكل باإلضافة إلى قواعد االختصاص‪،‬‬
‫على جانب كبير من األهمية‪ ،‬فهي تقوم كحاجز موازن لسلطات اإلدارة اخلطيرة يف مجال‬
‫القرارات اإلداري��ة‪ ،‬فإذا كانت اإلدارة تتمتع يف هذا اخلصوص بامتيازات خطيرة‪ ،‬فإن‬
‫عليها أن تسلك بدقة السبيل الذي ترسمه القوانني واللوائح إلصدار تلك القرارات‪ ،‬وبهذا‬
‫تكون قواعد الشكل واإلجراءات يف إصدار القرارات اإلدارية‪ ،‬مقصود بها حماية املصلحة‬
‫العامة ومصلحة األفراد على السواء‪ ،‬وذلك بتجنيب اإلدارة مواطن الزلل والتسرع‪ ،‬ومنحها‬
‫فرصة معقولة للتروي والتفكير ودراسة وجهات النظر املختلفة فتقلل بالتالي القرارات‬
‫الطائشة واملتسرعة)‪.69‬‬
‫وقد استقر القضاء اإلداري الليبي على حتديد االختصاص بإصدار بعض القرارات‬
‫‪95‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ ‪ 29‬ـ‬

‫اإلدارية جلهات محددة وصدورها يف شكل معني‪ ،‬محاولةً منه لضمان حقوق األفراد‪ ،‬فقد‬
‫ذهبت املحكمة العليا إلى أن (عقوبة الفصل من اخلدمة يف ظل قانون اخلدمة املدنية‬
‫والئحة اجلزاءات من اختصاص مجلس التأديب‪.70 )...‬‬
‫اخلالصة هي أن قاعدة تقابل الشكليات تفرض احترام ومراعاة اإلجراءات املنصوص‬
‫عليها مبوجب القانون واللوائح إلنهاء آثار قرار إداري سليم‪ ،‬وهذا يف حد ذاته ضمان حلقوق‬
‫األفراد‪ ،‬فإذا ما خالفت اإلدارة هذه القواعد واألشكال‪ ،‬كان تصرفها معيبا جديرا باإللغاء‪.‬‬
‫اخلامتة‪:‬‬
‫تعتبر القرارات اإلدارية بشكل عام من أهم مظاهر اتصال اإلدارة باألفراد‪ ،‬بل إنها‬
‫الوسيلة الفعالة التي تستطيع اإلدارة بواسطتها القيام بواجباتها وحتقيق أهدافها‪.‬‬
‫وتستند اإلدارة عند إصدارها لقرارها اإلداري على فكرة السلطة العامة‪ ،‬وامتيازات‬
‫القانون العام والصالح العام‪ ،‬باإلضافة إلى احتياجات املرافق العامة‪.‬‬
‫كما إن التصرفات القانونية التي جتريها اإلدارة سواء كانت عقداً أو قرارا ًإداري�ا ً‬
‫تستطيع تعديلها أو إنهاءها باإلرادة املنفردة‪ ،‬وسلطاتها يف اإلنهاء‪ ،‬تستند إلى فكرة السلطة‬
‫العامة فهي األداة التي تتسلح بها إلنهاء تصرفاتها مبراعاة الشروط وتوافر األسباب التي‬
‫يحددها القانون‪.‬‬
‫وتستمد اإلدارة سلطتها يف إنهاء القرار اإلداري السليم من القانون بوصفها سلطة‬
‫عليا‪ ،‬تسعى إلى حتقيق الصالح العام طبقا للمبادئ العامة للقانون‪ ،‬فهي يف مركز متميز‬
‫عن مركز األفراد‪ ،‬وغرضها الوحيد حتقيق املصلحة العامة التي هي أساس العمل اإلداري‪،‬‬
‫وإن خرجت عن ذلك تكون قد ارتكبت عيب االنحراف بالسلطة‪.‬‬
‫والنتيجة التي ميكن اخلروج بها هي جواز إنهاء القرارات اإلدارية النهائية السليمة من‬
‫جانب اإلدارة إذا ما اقتضت املصلحة العامة ذلك‪ ،‬مع مراعاة ضمانات إصدار قرارات‬
‫اإلنهاء املقررة‪.‬‬
‫كما نوصي بضرورة النص على تسبيب القرارات اإلداري��ة‪ ،‬خصوصا تلك القرارات‬
‫الضارة باألفراد‪ ،‬فالتسبيب له دور مهم يف توجيه القرار للصالح العام‪ .‬واحترام مبدأ‬
‫حقوق الدفاع‪ ،‬كما يجب على اإلدارة حماية واحترام قواعد الشكل واإلج��راءات حيث‬
‫يترتب عليها ضمان وحماية ألصحاب الشأن‪.‬‬
‫‪96‬‬
‫انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم‬

‫قائمة الهوامش‪:‬‬
‫‪ )1‬د‪ .‬رأفت فودة‪ ،‬عناصر وجود القرار اإلداري دراسة مقارنةـ القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪ ،‬سنة‬
‫‪1999‬ـ ص‪373‬ـ ‪.376‬‬
‫‪ )2‬د‪ .‬ماجد احللو ‪ ،‬القضاء اإلداري ‪.‬ـ ط‪. 1‬ـ دار املطبوعات اجلامعية ‪ :‬اإلسكندرية ‪ ،‬سنة ‪،1977‬‬
‫ص‪.230‬‬
‫‪ )3‬د‪ .‬محمد فؤاد عبد الباسط‪ ،‬القرار اإلداري ـ اإلسكندرية‪ :‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪ ،‬سنة‬
‫‪. 2005‬ـ ص‪ 25‬ـ‪.26‬‬
‫‪ )4‬نظر د‪ .‬عبد العزيز عبد املنعم خليفة‪ ،‬وقف تنفيذ القرار اإلداري‪ .‬ـ ط‪ .1‬ـ القاهرة‪ :‬دار الفكر‬
‫العربي‪ ،‬سنة‪ 2008‬ف‪ ،‬ص‪ .52‬حيث يرى بأن القرار اإلداري النهائي‪ :‬هو القرار األخير الصادر‬
‫من اإلدارة يف املوضوع والذي ينفذ بغير حاجة إلى صدور قرار آخر تصدره سلطة أعلى‪ ،‬فهو إذا‬
‫ذلك القرار الذي ال يحتاج نفاذه لتصديق أو اعتماد من سلطة تعلو جهة إصداره‪.‬‬
‫‪ )5‬د‪ .‬محمد عبد اهلل احلراري ‪ ،‬الرقابة على أعمال اإلدارة يف القانون الليبي ( رقابة دوائر القضاء‬
‫اإلداري ) ‪.‬ـ ط‪. 3‬ـ املركز القومي للبحوث والدراسات العلمية ‪ :‬طرابلس ‪ ،‬سنة ‪1999‬ف ‪،‬‬
‫ص‪.151‬‬
‫‪ )6‬انظر د‪ .‬نصر الدين مصباح القاضي‪ ،‬النظرية العامة التأديب يف الوظيفة العامة (رسالة دكتوراه‬
‫– كلية احلقوق – جامعة عني شمس‪ ،‬سنة ‪1997‬م ) القاهرة‪ :‬دار الفكر العربي‪ ،‬سنة ‪2002‬م‪،‬‬
‫ص‪.497‬‬
‫‪ )7‬د‪ .‬محمود عاطف البنا‪ ،‬الوسيط يف القضاء اإلداري‪ .‬ط‪ .2‬ـ القاهرة‪ :‬دار الفكر العربي‪ ،‬سنة‬
‫‪ 1999‬م‪ ،‬ص‪.270‬‬
‫‪ )8‬طعن إداري رقم ‪ 12042‬لسنة ‪ 8‬قضائية‪ ،‬بجلسة ‪1955/3/27‬م‪ ،‬مجموعة املبادئ القانونية‬
‫التي قررتها محكمة القضاء اإلداري يف خمسة عشر عاما ً (‪1961 /1946‬م)‪ .‬القاهرة‪( :‬املكتب‬
‫الفني مبجلس الدولة)‪ :‬الشركة املصرية للتوزيع والنشر‪ ،‬سنة ‪ .1971‬ج‪ ،3‬ص‪.2312‬‬
‫‪ )9‬مجموعة املبادئ القانونية التي قررتها محكمة القضاء اإلداري‪ ( ،‬يف خمسة عشر عاما ‪1946‬‬
‫‪. ) 1961 -‬ـ ج‪ ،3‬املكتب الفني مجلس الدولة‪ ،‬سنة ‪ 1971‬ص‪ .2303‬كذلك قضية الطعن‬
‫اإلداري رقم ‪ 1507‬لسنة ‪ 5‬ق بجلسة ‪ .1953/3/9‬حيث تقرر أن العبرة يف نهائية القرار‬
‫اإلداري هو صدوره من سلطة إدارية متلك حق إصداره دون حاجة إلى تصديق سلطة إدارية‬
‫أعلى‪.‬‬
‫‪ )10‬طعن إداري رقم ‪ 1‬لسنة ‪ 3‬قضائية ‪.‬عمر عمرو ‪ ،‬املجموعة املفهرسة لكافة املبادئ الدستورية‬
‫واإلدارية واالنتخابية والشرعية واجلنائية واملدنية التي قررتها املحكمة العليا باجلمهورية العربية‬
‫الليبية يف عشر سنوات(‪ 1964‬ـ ‪.)1974‬‬
‫‪97‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ ‪ 29‬ـ‬

‫‪ )11‬طعن إداري رقم ‪ 1‬لسنة ‪ 3‬ق بجلسة ‪1970/ 3 / 8‬م مجلة املحكمة العليا‪ ،‬السنة السادسة‪،‬‬
‫األعداد األول والثاني والثالث‪ ،‬ص‪.64‬‬
‫‪ )12‬طعن إداري رقم ‪ 4‬لسنة ‪ 39‬قضائية ‪1993 /11 /6‬ف‪ .‬حكم غير منشور‪ ،‬نقالً عن الدكتور‬
‫نصر الدين القاضي‪ ،‬النظرية العامة للتأديب ( الرسالة السابق ذكرها ) ‪.‬ـ ص‪.497‬‬
‫‪ )13‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬مبادي القانون اإلداري‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪2007‬م‪،‬‬
‫ص ‪.869‬‬
‫‪ )14‬محمد عبد اهلل احلراري‪ ،‬أصول القانون اإلداري الليبي ـ‪ .‬ط‪ ،6‬منشورات املكتبة اجلامعية‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬سنة ‪2010‬م‪ ،‬ص‪.625‬‬
‫‪ )15‬صبيح بشير مسكوني‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري الليبي‪ ،‬الشركة العامة للنشر والتوزيع واإلعالن‪،‬‬
‫سنة ‪1978‬م‪ ،‬ص‪.457‬‬
‫‪ )16‬د‪ .‬محمد عبد اهلل احلراري‪ ،‬أصول القانون اإلداري الليبي (املصدر السابق)‪ ،‬ص ‪.626‬‬
‫‪ )17‬د‪ .‬خالد عبد العزيز عرمي‪ ،‬القانون اإلداري الليبي‪.‬ـ ب ط‪ ،‬بنغازي‪ :‬منشورات اجلامعة الليبية ـ‬
‫كلية احلقوق‪ ،‬سنة ‪ .1971‬ـ ج ‪ ،2‬ص ‪ 282‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ )18‬د‪ .‬السيد محمد مدني ‪ ،‬القانون اإلداري الليبي ‪.‬ـ ب ط ‪.‬ـ القاهرة ‪ :‬دار النهضة العربية سنة ‪-1964‬‬
‫‪ ، 1965‬ص ‪( . 389‬وهو من فقهاء القانون العام املصري ومن شراح القانون اإلداري الليبي)‪.‬‬
‫‪ )19‬طعن إداري رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 11‬قضائية – جلسة بتاريخ ‪ 1965/3/6‬ف‪ .‬عمر عمرو‪،‬‬
‫املجموعة املفهرسة (املبادئ الدستورية واإلدارية واالنتخابية يف عشر سنوات (‪.)1974-1964‬‬
‫ـ طرابلس‪ :‬دار مكتبة النور‪ ،‬جـ‪ ،1‬بند ‪ ،268‬ص ‪.355‬‬
‫‪ )20‬د‪ .‬ثروث بدوي‪ ،‬تدرج القرارات اإلدارية ومبدأ املشروعية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ :‬القاهرة‪ ،‬سنة‬
‫‪2007‬م‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫‪ )21‬د‪ .‬سليمان الطماوي‪ ،‬النظرية العامة للقرارات اإلدارية‪-‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العربي‪ ،‬سنة‬
‫‪2006‬م‪ .‬ـ ص‪ .668‬كما يعرف األستاذ « اليبير» القرار الوالئي‪ :‬بأنه مجرد جميل أو معروف‬
‫ال يولد أية آثار قانونية‪ ،‬وال يترتب عليه بالتالي أية حقوق‪ ،‬ومن ثم فإن مصدره يستطيع إلغاءه‬
‫يف أي وقت‪ ،‬مثال ذلك سماح عميد إحدى الكليات لطالب منتسب باالستماع إلى املحاضرات‬
‫رغم أن مركزه كطالب منتسب ال يخوله ذلك احلق‪ ،‬فإن من حق هذا العميد إلغاء ذلك القرار يف‬
‫أي وقت دون أن يستطيع الطالب االدعاء بأنه اكتسب حقا ً من ذلك القرار‪ .‬انظر د‪ .‬عبد القادر‬
‫خليل‪( ،‬رسالة دكتوراه – كلية احلقوق – جامعة القاهرة‪ ،‬سنة ‪2006‬م‪ ،‬ص‪ .379 – 378‬انظر‬
‫كذلك د‪ .‬طعيمة اجلرف‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪1964‬ف‪ ،‬ص‪.389‬‬
‫‪ )22‬د‪ .‬حسني درويش‪ ،‬نهاية القرار اإلداري عن غير طريق القضاء (رسالة دكتوراه – كلية احلقوق‬
‫– جامعة عني شمس) ‪-‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العربي‪ ،‬سنة ‪1981‬م‪.‬ـ ص‪.534‬‬
‫‪98‬‬
‫انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم‬

‫‪ )23‬د‪ .‬الطماوي‪ ،‬النظرية العامة للقرارات اإلدارية‪( ،‬املرجع السابق ذكره)‪ ،‬ص‪.669‬‬
‫‪ )24‬د‪ .‬خالد الزبيدي ‪ ،‬القرار اإلداري السلبي يف الفقه والقضاء اإلداري – دراسة مقارنة‪ ،‬مجلة‬
‫احلقوق الكويتية ‪ ،‬سنة ‪2005‬ف‪ ،‬ص‪.335‬‬
‫‪ )25‬حكم محكمة القضاء اإلداري املصري يف ‪ 29‬ديسمبر سنة ‪ 1949‬م‪ ،‬السنة الرابعة ‪ ،‬ص‬
‫‪ .140‬مشار إليه‪ .‬الطماوي‪ ،‬النظرية العامة للقرارات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .682‬كذلك‬
‫حكم املحكمة العليا الليبية طعن مدني رقم‪ 27‬لسنة ‪ 4‬قضائية‪ ،‬قضاء املحكمة العليا‪ ،‬القضاء‬
‫املدني‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪ .21‬وأيضا املحكمة العليا الليبية‪ ،‬طعن إداري رقم ‪ 16‬لسنة ‪ 6‬قضائية –‬
‫قضاء املحكمة العليا – القضاء اإلداري والدستوري‪ ،‬ج‪ ،2‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.73‬‬
‫‪ )26‬د‪ .‬عبداحلكيم فودة‪ ،‬اخلصومة اإلدارية – دار املطبوعات اجلامعية‪ :‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪2005‬م‪،‬‬
‫ص ‪.309-308‬‬
‫‪ )27‬د‪ .‬سليمان الطماوي‪ ،‬النظرية العامة للقرارات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.683‬‬
‫‪ )28‬د‪ .‬عبد احلكيم فودة‪ ،‬اخلصومة اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.508‬‬
‫‪ )29‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬النظرية العامة للقرارات اإلدارية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.684‬‬
‫‪ )30‬د‪ .‬محمود حلمي‪ ،‬سريان القرار اإلداري من حيث الزمان (رسالة دكتوراه – كلية احلقوق‪،‬‬
‫جامعة القاهرة‪ ،‬سنة ‪1962‬م)‪ .‬ص ‪.424‬‬
‫‪ )31‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬النظرية العامة للقرارات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.684‬‬
‫‪ )32‬نفس املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ .685‬وكذلك انظر د‪.‬عبد احلكيم فوده‪ ،‬اخلصومة اإلدارية‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪.310‬‬
‫‪ )33‬د‪ .‬نصر الدين مصباح القاضي‪ ،‬أصول القانون اإلداري ‪.‬ـ القاهرة ‪ :‬دار الفكر العربي‪ ،‬سنة‬
‫‪2008‬م‪ ،‬ص ‪ 50‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ )34‬د‪ .‬محمود حلمي‪ ،‬سريان القرار اإلداري من حيت الزمان (الرسالة السابق ذكرها)‪ .‬ـ ص ‪.422‬‬
‫‪ )35‬د‪ .‬عبد احلكيم فودة‪ ،‬اخلصومة اإلدارية (املصدر السابق ذكره)‪ ،‬ص ‪.312‬‬
‫‪ )36‬انظر د‪ .‬محمد ماهر أبو العينني ‪ ،‬ضوابط مشروعية القرارات اإلدارية وفقا للمنهج القضائي‪،‬‬
‫مطبعة كلية احلقوق‪ :‬جامعة القاهرة‪ ،‬سنة ‪2007‬م ‪.‬ـ ج‪ ،2‬ص ‪.695‬‬
‫‪ )37‬د‪ .‬محمد ماهر أبو العينني‪ ،‬ضوابط مشروعية القرارات اإلدارية (املصدر السابق ذكره)‪.‬ـ ح‪ ، 3‬ص‪.40‬‬
‫‪ )38‬د‪ .‬الديداموني مصطفى أحمد‪ ،‬اإلجراءات واألشكال يف القرار اإلداري (رسالة دكتوراه ـ كلية‬
‫احلقوق ـ جامعة القاهرة‪ ،‬سنة ‪ 1987‬م) ـ الهيئة املصرية للكتاب‪ ،‬سنة ‪ 1992‬مـ ص‪– 162‬‬
‫‪.163‬‬
‫‪ )39‬د‪ .‬محمود حلمي‪ ،‬القرار اإلداري أركانه وشروط صحته مجلة العلوم اإلدارية‪ ،‬تصدرها الشعبة‬

‫‪99‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ ‪ 29‬ـ‬

‫املصرية للمعهد الدولي للعلوم اإلداري��ة‪ ،‬السنة التاسعة‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬أغسطس ‪1967‬م‪،‬‬
‫ص‪.124‬‬
‫‪ )40‬د‪ .‬أشرف عبد الفتاح أبو املجد محمد‪ ،‬تسبيب القرارات اإلدارية أمام قاضي اإللغاء (رسالة‬
‫دكتوراه – مقدمة إلى كلية احلقوق – جامعة عني شمس)‪ .‬ـ منشأة املعارف‪ :‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،2007‬ص‪ 57‬وما بعدها‪ - .‬د‪ .‬الديداموني مصطفى أحمد‪ ،‬اإلجراءات واألشكال يف القرار‬
‫اإلداري‪( ،‬الرسالة السابق ذكرها)‪ .‬ـ ص‪.168-167‬‬
‫‪ )41‬د‪ .‬أشرف عبد الفتاح أبو املجد محمد‪ ،‬تسبيب القرارات اإلدارية أمام قاضي اإللغاء ((رسالة‬
‫دكتوراه – مقدمة إلى كلية احلقوق – جامعة عني شمس)‪ .‬ـ منشأة املعارف‪ :‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة‬
‫‪2007‬م‪.‬ـ ص‪.98 – 97‬‬
‫‪ )42‬طعن إداري رقم ‪ 40‬لسنة ‪ 23‬قضائية بجلسة ‪1973/3/17‬ف‪ ،‬مجلة املحكمة العليا‪ ،‬السنة‬
‫الثالثة عشر‪ :‬العدد الرابع‪ ،‬ص‪ .41‬كذلك الطعن إداري رقم ‪ 23‬لسنة ‪ 16‬قضائية‪ ،‬بجلسة ‪25‬‬
‫‪ 1966/ 6 /‬ف‪ ،‬عمر عمرو‪ ،‬املجموعة املفهرسة (املبادئ الدستورية واإلدارية واالنتخابية يف‬
‫عشر سنوات (‪ )1974-1964‬طرابلس‪ :‬دار مكتبة النور‪ ،‬ج‪ ،1‬بند ‪ ،280‬ص‪.266‬‬
‫‪ )43‬طعن إداري رقم‪ 15‬لسنة ‪ 25‬ق‪ ،‬بجلسة ‪1984/6/3‬م‪ ،‬مجلة املحكمة العليا‪ ،‬السنة احلادية‬
‫والعشرون‪ :‬العدد الرابع‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪ )44‬د‪.‬محمود عاطف البنا‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري يف أساليب النشاط اإلداري ووسائله‪ ،‬القاهرة‪:‬‬
‫دار الفكر العربي‪1979 ،‬م‪ ،‬ص‪352‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ )45‬طعن إداري رقم ‪ 791‬لسنة ‪ 20‬قضائية بجلسة ‪1978/12/16‬ف‪ ،‬مجدي محب حافظ‪،‬‬
‫موسوعة أحكام املحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬مجدي محمود محب حافظ‪ ،‬موسوعة أحكام املحكمة‬
‫اإلدارية العليا يف خمسني عاما (من عام ‪ 1955‬حتى عام ‪2005‬م) ـ خمسة أجزاء‪ ،‬القاهرة‪:‬‬
‫دار محمود للنشر والتوزيع‪ ،‬سنة ‪ -2008 2007‬م‪.‬ج‪ ،4‬ص‪.2403‬‬
‫‪ )46‬نقالً عن‪ .‬د‪ .‬نصر الدين مصباح القاضي‪ ،‬النظرية العامة للتأديب يف الوظيفة العامة‪( ،‬الرسالة‬
‫السابق ذكرها)‪ ،‬ص‪.738‬‬
‫‪ )47‬مشار إليه‪ .‬د‪.‬رحيم الكبيسي‪ ،‬حرية اإلدارة يف سحب قراراتها (رسالة دكتوراه – كلية احلقوق‪:‬‬
‫جامعة القاهرة‪ ،‬سنة ‪1986‬م) سنة ‪ 2000‬ص‪.57‬‬
‫‪ )48‬د‪ .‬سليمان الطماوي ‪ ،‬النظرية العامة للقرارات اإلدارية ‪ ،‬املصدر السابق ذكره ‪ ،‬ص ‪691‬‬
‫‪ )49‬د‪ .‬محمود حلمي ‪ ،‬بحث بعنوان – القرار اإلداري أركانه وشروط صحته (املصدر السابق ذكره)‪.‬ـ‬
‫ص‪.126 – 125‬‬
‫‪ )50‬د‪ .‬أشرف عبد الفتاح أبو املجد‪ ،‬تسبيب القرارات اإلدارية أمام قاضي اإللغاء (رسالة دكتوراه‬
‫– مقدمة إلى كلية احلقوق – جامعة عني شمس)‪ .‬ـ منشأة املعارف‪ :‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪2007‬م‪،‬‬
‫ص‪.113‬‬
‫‪ )51‬د‪ .‬عبد الفتاح حسن ‪ ،‬بحث بعنوان (التسبيب كشرط شكلي يف القرار اإلداري) ‪ ،‬تعليق على حكم‬
‫املحكمة اإلدارية العليا الصادر يف ‪1963/3/30‬ف ‪ ،‬مجلة العلوم اإلدارية ‪ ،‬تصدرها الشعبة‬
‫املصرية للمعهد الدولي للعلوم اإلدارية ‪ ،‬السنة الثامنة ‪ ،‬العدد الثاني (أغسطس ‪1966‬م)‪.‬ـ‬
‫ص‪.175‬‬

‫‪100‬‬
‫انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم‬

‫‪ )52‬د‪ .‬أشرف عبد الفتاح أبو املجد‪ ،‬تسبيب القرارات اإلدارية أمام قاضي اإللغاء (الرسالة السابق‬
‫ذكرها)‪ .‬ـ ص‪.112‬‬
‫‪ )53‬د‪ .‬الديداموني مصطفى أحمد‪ ،‬اإلج��راءات واألشكال يف القرار اإلداري‪( ،‬الرسالة السابق‬
‫ذكرها)‪ ،‬ص‪.191 – 190‬‬
‫‪ )54‬د‪ .‬عبد الفتاح حسن‪ ،‬بحث بعنوان (التسبيب كشرط شكلي يف القرار اإلداري) تعليق على حكم‬
‫املحكمة اإلداري��ة العليا الصادر يف ‪1963/3/30‬م‪ ،‬مجلة العلوم اإلداري��ة‪ ،‬تصدرها الشعبة‬
‫املصرية للمعهد الدولي للعلوم اإلداري��ة‪ ،‬السنة الثامنة‪ ،‬العدد الثاني (أغسطس ‪1966‬م)‪،‬‬
‫ص‪.176‬‬
‫‪ )55‬د‪ .‬الديداموني مصطفى أحمد‪ ،‬اإلج��راءات واألشكال يف القرار اإلداري (الرسالة السابق‬
‫ذكرها)‪.‬ـ ص‪.191‬‬
‫‪ )56‬د‪ .‬محمد عبد اهلل احلراري‪ ،‬أصول القانون اإلداري الليبي‪( ،‬املصدر السابق ذكره)‪ ،‬ص‪.572‬‬
‫‪ )57‬د‪ .‬نصر الدين القاضي‪ ،‬النظرية العامة للتأديب (الرسالة السابق ذكرها)‪.‬ـ ص‪.532‬‬
‫‪ )58‬د‪ .‬ثروت عبد العال أحمد‪ ،‬إجراءات املسائلة التأديبية وضمانها ألعضاء هيئة التدريس‪ ،‬دار‬
‫النشر والتوزيع بجامعة أسيوط‪ ،‬ص‪.302‬‬
‫‪ )59‬مشار إليه‪ .‬االستاذ‪ .‬محمد ماجد ياقوت‪ ،‬أصول التحقيق اإلداري يف املخالفات التأديبية –‬
‫دراسة مقارنة‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬ط ‪ ،3‬سنة ‪ ،2007‬ص ‪.550‬‬
‫‪ )60‬د‪ .‬حسني درويش‪ ،‬نهاية القرار اإلداري عن غير طريق القضاء (الرسالة السابق ذكرها)‪.‬ـ‬
‫ص‪.649‬‬
‫‪ )61‬د‪ .‬إسماعيل زك��ي‪ ،‬ضمانات املوظفني يف التعيني والترقية والتأديب (الرسالة السابقة)‪.‬ـ‬
‫ص‪.104‬‬
‫‪ )62‬مشار إليه‪ .‬د‪ .‬محمد ماجد ياقوت‪ ،‬أصول التحقيق اإلداري يف املخالفات التأديبية (املرجع‬
‫السابق)‪ ،‬ص ‪.549 – 548‬‬
‫‪ )63‬وقد عرف الدكتور محمد حسن علوب‪ ،‬حق الدفاع بأنه‪( :‬حق املتهم يف محاكمة عادلة مؤسسة‬
‫على إجراءات مشروعة)‪.‬‬
‫نقال عن د‪ .‬خليفة سالم اجلهمي‪ ،‬املسؤولية التأديبية للموظف العام‪ ،‬بنغازي‪ :‬منشورات جامعة‬
‫قاريونس‪ ،‬سنة ‪1997‬م‪.‬ـ ص‪.293‬‬
‫‪ )64‬مجلة املحكمة العليا‪ ،‬السنة السادسة‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬يناير ‪ 1970‬ص‪ 42‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ )65‬مجلة املحكمة العليا‪ ،‬السنة العاشرة‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬يناير ‪ 1974‬ص ‪.70‬‬
‫‪ )66‬د‪ .‬إسماعيل زكي‪ ،‬ضمانات املوظفني (الرسالة السابق ذكرها)‪ .‬ـ ص‪.171‬‬
‫‪ )67‬د‪ .‬حسني درويش‪ ،‬نهاية القرار اإلداري عن غير طريق القضاء (الرسالة السابق ذكرها)‪.‬ـ‬
‫ص‪.654‬‬
‫‪ )68‬د‪ .‬رحيم الكبيسي‪ ،‬حرية اإلدارة يف سحب قراراتها (الرسالة السابق ذكرها)‪.‬ـ ص‪.58‬‬
‫‪ )69‬د‪ .‬حسني درويش عبد احلميد‪ ،‬نهاية القرار اإلداري عن غير طريق القضاء (الرسالة السابق‬
‫ذكرها)‪.‬ـ ص‪.630‬‬

‫‪101‬‬
‫■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ ‪ 29‬ـ‬

‫‪ )70‬د‪ .‬حسني درويش‪ ،‬بحث بعنوان حدود سلطة اإلدارة يف إلغاء القرار اإلداري الفردي السليم‪،‬‬
‫مجلة العلوم اإلدارية‪ ،‬السنة ‪ ،24‬العدد‪ ،1‬يونيه‪ ،‬سنة ‪1974‬م ص‪.159‬‬
‫‪ )71‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬النظرية العامة للقرارات اإلدارية (املرجع السابق ذكره)‪ .‬ـ ص‪.253‬‬
‫‪ )72‬مجلة املحكمة العليا‪ ،‬السنة السادسة والعشرون‪ ،‬العددان األول والثاني‪ ،‬ص ‪.27‬‬

‫‪102‬‬

You might also like