Professional Documents
Culture Documents
ملخص البحث:
ُيعد القرار اإلداري من أهم الوسائل التي تتصل بها اإلدارة باالفراد ،كونه يصدر
باإلرادة املنفردة جلهة اإلدارة ،دون أي تدخل من األفراد املخاطبني بأحكامه ،وبذلك يعتبر
القرار اإلداري أبرز مظهر يتجسد فيه سلطان اإلدارة ،فعن طريقه تستطيع اإلدارة إنشاء
أو تعديل أو إلغاء مراكز قانونية ،حتقيقا ً للمصلحة العامة.
ونهاية القرار اإلداري قد تكون نهاية طبيعية ،بانتهاء األجل املحدد لسريانه ،أو زوال
املبررات التي أدت إلى إصداره ،مما يدفع باإلدارة إلى التدخل إللغاء القرار أو تعديله يف
ضوء تلك الظروف ،وقد تكون نهاية القرار اإلداري نهاية غير طبيعية ،أي إنهاء آثار القرار
قبل انقضائها بطريقة طبيعية ،وذلك إما بعمل من جانب اإلدارة ،أو بواسطة القضاء.
والنهاية اإلدارية بعمل من جانب اإلدارة تكون بقيام جهة اإلدارة بوضع حد لسريان
القرار ،وذلك إما بسحب القرار بأثر رجعي من تاريخ صدوره وإما تعديله أو إلغائه بالنسبة
للمستقبل ،وحيث إن السحب واإللغاء اإلداري لهما شروط وضوابط محددة ومدة زمنية
معينة ،وبالتالي يخرجان عن نطاق نهاية القرار اإلداري النهائي السليم.
وإذا كانت القاعدة أن القرارات اإلدارية النهائية السليمة ال يجوز جلهة اإلدارة إلغاءها
بالنسبة للمستقبل تقيداً مببدأ عدم جواز املساس باحلقوق املكتسبة لألفراد ،إال إن ذلك
ال يعني حتصني القرارات اإلدارية السليمة وعدم جواز املساس بها إلى ماال نهاية ،إذ
تستطيع اإلدارة تعديلها أو إلغائها بالنسبة للمستقبل بشرط اتباع اإلجراءات والضوابط
القانونية املتعلقة بإصدار القرارات اإلدارية املضادة ،فيجوز لها إلغاء قرار التعيني بإصدار
قرار الحق يقضي بفصل املوظف وذلك عند توافر الشروط املحددة قانونا ً لتطبيق هذه
العقوبة كالغياب عن العمل مثالً.
*عضو هيئة تدريس بقسم العلوم اإلدارية بكلية طرابلس للعلوم واتلقنية
71
■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ 29ـ
املقدمة:
تعتبر القرارات اإلداري��ة ،من أهم االمتيازات التي تتمتع بها اجلهات اإلداري��ة ،وعن
طريق هذه االمتيازات ،تتمكن من التعبير عن سلطتها اآلمرة ،بإرادتها املنفردة امللزمة،
إلحداث أثر قانوني سواء كان إنشاء أو تعديل أو إلغاء مركز قانوني معني ،متى كان ذلك
ممكنا ً وجائزاً قانونا ً وكان الباعث عليه حتقيق املصلحة العامة.
فمهمة اإلدارة هي تنفيذ القانون ،وقيامها بهذه املهمة تتطلب القيام بتصرفات قانونية،
وأهم هذه التصرفات ،إصدار القرارات اإلدارية ،ومن خالل هذه القرارات حتدث اإلدارة
تغييراً يف املراكز القانونية القائمة ،أو تنشئ مراكز قانونية جديدة دون التوقف على رضا
من يوجه إليهم القرار ،وهذه القرارات متى ما صدرت من اجلهة املختصة ،فإنها تكون
قابلة للنفاد ،إال إن نفادها يكون بالنسبة للمستقبل فقط ،دون املساس بالوقائع واملراكز
القانونية السابقة.
والقرار اإلداري متى صدر من اجلهة املختصة ،ويف الشكل ال��ذي يتطلبه القانون
وألسباب تبرره ،وكان الغرض من إصداره ابتغاء مصلحة عامة ،فإنه يكون حصينا ً من
السحب أو اإللغاء ،وباملقابل إذا انتفت املصلحة العامة من إصدار القرار أو استمرار
وغني عن البيان أن
ُ نفاده ،فإن ذلك يدفع باإلدارة إلى إنهائه حتقيقا ً للمصلحة العامة،
املصلحة العامة هي هدف عام تسعى اإلدارة إلى حتقيقه يف كل تصرف من تصرفاتها
القانونية ،وإال كان تصرفها مشوبا ً بعيب إساءة استعمال السلطة.
إال إن ذلك ال يعني حتصني القرارات اإلدارية السليمة يف مواجهة اإلدارة ،وبقاؤها
مفروضة عليها ،إلى ما ال نهاية ،إذ تستطيع اإلدارة تعديلها أو إلغاءها بالنسبة للمستقبل
بشرط اتباع اإلجراءات والضوابط القانونية املحددة.
ونهاية القرار اإلداري السليم تعني زوال األثار القانونية املترتبة عليه بالنسبة للمستقبل
دون أن يكون لهذا اإلنهاء أي أثر على املاضي ضمانا ملبدأ عدم جواز املساس باحلقوق
املكتسبة .وهذا ما سيتم تناوله وفق اخلطة املنهجية التالية:
املبحث األول /ماهية القرار اإلداري النهائي السليم.
املطلب األول /مفهوم النهائية يف الفقه والقضاء.
املطلب الثاني /التفرقة بني إنهاء القرارات اإلداري��ة الالئحية والقرارات اإلدارية
الفردية السليمة.
72
انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم
املطلب الثالث /أسباب عامة تخول اإلدارة إنهاء القرار اإلداري السليم.
املبحث الثاني /الضمانات القانونية إلنهاء القرار اإلداري النهائي السليم.
املطلب األول /التسبيب.
املطلب الثاني /احترام حقوق الدفاع.
املطلب الثالث /احترام قاعدة تقابل الشكليات.
املبحث األول /ماهية القرار اإلداري النهائي السليم.
يف هذا املبحث يقتضي األم��ر توضيح معنى النهائية للقرارات اإلداري��ة يف الفقه
والقضاء اإلداري (مطلب أول) والتفرقة بني إنهاء القرارات اإلدارية النهائية الالئحية
والفردية السليمة (مطلب ثان) واألسباب العامة التي تخول اإلدارة سلطة إنهاء القرارات
اإلدارية السليمة (مطلب ثالث) ،وذلك على النحو التالي:
املطلب األول /مفهوم النهائية يف الفقه والقضاء.
حتى يكون القرار اإلداري نافذاً يف مواجهة املخاطبني بأحكامه ،يجب أن يكون نهائياً،
لذلك يقتضي األمر حتديد مفهوم النهائية يف الفقه (أوالً) ومفهوم النهائية يف القضاء
(ثانياً) ،على النحو التالي:
أوالً :النهائية يف الفقه.
استقر الفقه وأجمع على ضرورة توافر شرط النهائية يف القرار اإلداري حتى يكون
قابالً للطعن عليه باإللغاء .فالنهائية يقصد بها بصفة عامة ،أن يكون القرار اإلداري قابالً
للتنفيذ اجتاه األفراد ،ومنتجا ً آلثار قانونية متس املراكز القانونية املخاطبني بأحكامه.
فيذهب جانب من الفقه يف تعريف نهائية القرار إلى أنه القرار الذي ينشئ حالة
قانونية جديدة ،أو يعدل يف حالة قانونية سابقة ،أو يرفض طلب تعديل حالة قانونية
سابقة ،أو ينهي هذه احلالة ،مبعنى القرار الذي يحدث آثاراً قانونية بصورها املختلفة.
وبالتأكيد ال يقصد بالنهائية ،استنفاد كل جهة من اجلهات اإلدارية لواليتها على حدة،
وإمنا استكمال القرار للخصائص الالزمة لوجوده قانوناً ،فاملناط فيما يعتبر نهائيا ً أو ال
يعتبر كذلك ،هو بانتهاء املرحلة التي يتولد عنها األثر القانوني املعني ،فالقرارات التي
حتتاج لتصديق ال تعد نهائية ،وإمنا قرار التصديق هو املرحلة األخيرة املُحدثة لألثر
القانوني.1
73
■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ 29ـ
وعرف الدكتور» عبد الغني بسيوني» نهائية القرار يف ص��دوره من اجلهة اإلداري��ة
املختصة قابالً للتنفيذ ،وبعد استنفاد جميع مراحل اإلصدار ،أي أن يكون قابالً للتنفيذ
بدون أي إجراء الحق .2
لذلك فإن جميع القرارات التي حتتاج إلى تصديق أو اعتماد أو موافقة ،أو تعقيب من
سلطة أعلى من السلطة املصدرة يف التدرج اإلداري ال تعتبر قرارات إدارية نهائية.
واملناط يف نهائية القرارات الصادرة من اجلهة اإلدارية املختصة ،حسب املعنى الذي
استقر عليه الفقه والقضاء ،هو عدم خضوع قراراتها لتصديق جهة إدارية أخرى ،مبعنى
آخر إن هذه القرارات لدى صدورها حتمل بذاتها عناصر قوتها التنفيذية الواجبة التطبيق،
وتتعدى بذلك مرحلة االقتراح والتحضير إلى مرحلة إنتاج األثر القانوني تاما ً ومباشراً.2
ويعرف القرار اإلداري النهائي (بأنه القرار الذي يحدث آثاراً قانونية تكون نافذة دون
حاجة إلى تصديق من سلطة أعلى) .3
و ُيعرف الدكتور» محمد عبد اهلل احلراري « النهائية يف القرار اإلداري (بأنها تكمن
يف قابلية القرار للتنفيذ جتاه األفراد ،وذلك بعد استكمال جميع املراحل الالزمة لوجوده.
والقرار اإلداري يكون قابالً للتنفيذ إزاء األفراد ،إذا لم يشترط القانون اعتماده أو
التصديق عليه من جهة إدارية أعلى من اجلهة التي أصدرته ،أو بعد اعتماده والتصديق
عليه إذا أشترط القانون ذلك).
لذلك فإن القرار اإلداري يكون نهائيا ً وقابالً للتنفيذ يف حالتني- :
■ مبجرد صدوره إذا كان ال يحتاج إلى تصديق أو اعتماد جهة إدارية أعلى من اجلهة
التي أصدرته.
■ مبجرد اعتماده والتصديق عليه إذا كان يحتاج ملثل هذا اإلجراء .4
ويذهب الدكتور « نصر الدين مصباح القاضي “إلى أن املقصود بالقرارات اإلدارية
النهائية( :بأنها القرارات اإلدارية القابلة للتنفيذ ،والتي ال حتتاج إلى تصديق من جهات
إدارية عليا ،أو مت التصديق عليها ،وتؤثر يف املركز القانوني للطاعن ،بحيث تصير له
مصلحة شخصية مباشرة يف إلغائه) .5
غير أن وصف القرار اإلداري بأنه نهائي يجب أال يخرج عن إحدى املدلوالت التالية:
1ـ إن العمل اإلداري ال يجوز الرجوع فيه.
74
انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم
وقد حددت محكمة القضاء اإلداري شرط النهائية يف صدور القرار من جهة إدارية
دون معقب عليها ،حيث تقرر يف الطعن اإلداري رقم 1023لسنة 6قضائية بجلسة
1904/1/7ف( ،بأن العبرة يف نهائية القرارات اإلدارية هو بصدورها من جهة إدارية
يخولها القانون سلطة البث يف أمر بغير حاجة لتصديق سلطة أعلى ،والتظلم اإلداري من
القرار ليس شرطا ً الزما ً لقبول طلب إلغائه) .8
ففي البداية جند أن املشرع قد اشترط يف القرار اإلداري القابل لإللغاء أن يكون قراراً
نهائياً ،حيث نصت (املادة الثانية الفقرة اخلامسة) من القانون رقم 88لسنة 1971
م بشأن القضاء اإلداري على اختصاص دوائر القضاء اإلداري بالطلبات التي يقدمها
األفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات اإلدارية النهائية.
وقد أشارت املحكمة العليا يف العديد من أحكامها إلى أن قابلية القرار للتنفيذ هو
معيار نهائيته يف مجال دعوى اإللغاء .وقد أكدت هذا املعني يف حكمها الصادر بتاريخ
1970/3/8م ،حيث قضت بأن (معنى نهائية القرار اإلداري :عدم تعليق وجود القرار
على تصديق سلطة أعلى ،وتوقيت القرار أو احتماليته ال مينعان من نهائيته ،مثال :تعيني
املوظف حتت االختبار قرار نهائي رغم توقيته ،قرار إدارة التجنيد بوضع شخص حتت
الطلب نهائي ،ولو أنه يقبل التأقيت واالحتمال قرار فرض احلراسة قرار نهائي) .9
ويف حكم آخر تقرر (يكفي العتبار القرار اإلداري نهائيا ً قابالً للطعن أن يكون قراراً
تنفيذيا صادراً من سلطة إدارية مختصة بإصداره ،وال يتعلق وجوده على تصديق سلطة
إدارية أعلى) .10
فهي تشترط يف القرار اإلداري أن يكون نهائيا ً ال يحتاج إلى إجراء آخر ،وتنفيذيا ً أي
قابالً للتنفيذ جتاه األفراد ،فهي تربط صفة النهائي بالتنفيذي ـ أن يكون قراراً إداريا ً
نهائيا ً تنفيذياً.
وتذهب املحكمة العليا إلى أن القضاء اإلداري قد استقر على أن القرار اإلداري الذي
يجوز طلب إلغائه( ،هو القرار اإلداري النهائي الذي يؤثر يف املركز القانوني لصاحب
الشأن ،فيجعل له مصلحة شخصية مباشرة للطعن فيه بهذا الطريق) .11
اخلالصة هي أن القضاء اإلداري قد عرف النهائية يف القرارات اإلدارية يف بعض
األحكام :بصدورها ممن ميلك إصدارها بدون معقب ،ويف أحكام أخرى عرفها :بإحداث
القرار لألثر القانوني باإلنشاء أو التعديل أو اإللغاء للمراكز القانونية ،وذلك كله بغيه
76
انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم
فصل القرار اإلداري النهائي التنفيذي عن األعمال السابقة والالحقة عليه واإلجراءات
الداخلية.
املطلب الثاني /إنهاء القرارات اإلدارية الالئحية والفردية السليمة.
إن فكرة اإللغاء بالنسبة للمستقبل هي فكرة عامة تثور بالنسبة إلى القرارات اإلدارية
جميعاً ،أما فكرة السحب فإنها مقصورة أساسا ً على القرارات اإلدارية املعيبة.
كما إن إنهاء آثار القرار اإلداري السليم يكون بالنسبة للمستقبل دون املساس باآلثار
التي تكون قد نتجت عن تنفيذ القرار يف املاضي.
لذلك يقتضي األمر التفرقة بني القرارات اإلداري��ة الالئحية (اللوائح) والقرارات
اإلدارية الفردية التي تنشئ حقوقا ً لألفراد ،على النحو التالي:
أوالً /القرارات اإلدارية الالئحية:
القرارات الالئحية أو التنظيمية تتضمن قواعد تنظيمية عامة ،أي أنها تصدر مجردة
عن االعتبارات الشخصية فهي ال تخاطب األشخاص بذواتهم وإمنا بصفاتهم ،لكونها
تتفق مع التشريع العادي يف عموميتها وجتريدها وتختلف عنه يف جهة اإلصدار السلطة
التنفيذية.
وقد استقرت القاعدة على أن اللوائح اإلدارية ،يجوز يف كل وقت لإلدارة أن تعدلها
أو تلغيها أو تستبدل بها غيرها وفق ما تقتضيه املصلحة العامة باعتبارها قرارات إدارية
عامة تنظيمية .12
والقرارات اإلدارية الالئحية كقاعدة عامة يجوز جلهة اإلدارة أن تعدل يف أحكامها أو
أن تلغيها بالنسبة للمستقبل ،أو تستبدلها بغيرها ،وفقا ملقتضيات الصالح العام ،وأساس
ذلك أن هذا النوع من القرارات يستوي مع التشريع من حيث كونها تتعلق مبراكز قانونية
عامة ومجردة ،تخضع للتعديل واإللغاء دون أن يكون من حق أي أحد االحتجاج بحق
مكتسب جتاهها.
كما أن جهة اإلدارة مصدرة القرارات اإلدارية الالئحية ،ال تستطيع تعديلها أو إلغاء
حكم من أحكامها إال مبقتضى قرارات الئحية الحقة .13
وتتنوع القرارات الالئحية (اللوائح) إلى ثالثة أنواع هي :14
- 1اللوائح التنفيذية :وهي اللوائح الصادرة عن السلطة التنفيذية تنفيذاً للقوانني،
ببيان األحكام التفصيلية للقواعد األساسية الواردة بالقوانني.
77
■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ 29ـ
- 2اللوائح املستقلة :وهي اللوائح التي تصدرها السلطة التنفيذية دون أن تستند إلى
قانون سابق يجيزها .وهي على نوعني :اللوائح التنظيمية تصدرها اجلهة املكلفة
بالتنفيذ لغرض تنظيم املصالح واملرافق العامة ،ولــوائــح الضبط وهي عبارة عن
قواعد توضع من اجلهة املختصة بالتنفيذ حلفظ األمن وتوفير السكينة والطمأنينة
وحماية الصحة العامة من أمثلتها لوائح املرور.
- 3لوائح الضرورة :وهي اللوائح التي تصدرها السلطة التنفيذية عند قيام الظروف
االستثنائية التي تهدد وجود الدولة أو أمنها أو سالمتها.
ثاني ًا /القرارات اإلدارية الفردية.
استقر الفقه اإلداري على التمييز بني القرارات اإلداري��ة الفردية التي تولد حقوقا
للمخاطبني بها ،والقرارات اإلدارية الفردية التي ال تولد حقوقا للمخاطبني بأحكامها،
وذلك على التفصيل التالي:
- 1ال�ق��رارات اإلداري��ة الفردية التي تولد حقوق ًا لألفراد:القرارات الفردية السليمة
كقاعدة عامة ال يجوز جلهة اإلدارة إلغاءها بالنسبة للمستقبل ،ألن جلها يكسب حقوقا ً
ومراكز قانونية شخصية لألفراد ،مثل قرارات التعيني والترقية ،ومنح التراخيص املهنية،
فإلغاؤها يعتبر إهداراً ملبدأ عدم املساس باآلثار الفردية للقرارات اإلدارية.
إال إن هذا املبدأ ال يعني حتصني القرارات الفردية السليمة يف مواجهة اإلدارة ،وبقاءها
مفروضة عليها ،إلى ما ال نهاية ،إذ تستطيع اإلدارة تعديلها أو إلغاءها بالنسبة للمستقبل
بشرط اتباع اإلجراءات والضوابط القانونية املتعلقة بإصدار القرارات اإلدارية املضادة.
فيجوز مثال إلغاء قرار التعيني بإصدار قرار آخر يقضي بفصل املوظف وإلغاء قرار
الترقية بإصدار قرار آخر بتأديب املوظف وإنزال ترقيته .15
كما أن إبطال القرار يعني إنهاء مفعول القرار بالنسبة للمستقبل فقط ،وقد يكون
ضمنياً ،وذلك عندما تستبدل به اإلدارة قراراً آخر يتعارض معه متاما ،فيستنتج اإلبطال
عندئذ ضمنا من تعارض أحكام القرار اجلديد مع أحكام القرار القدمي ،وقد يكون
اإلبطال صريحاً ،وذلك بأن تصدر اإلدارة قراراً ينهي مفعول قرارها السابق صراحة.
والقرار ال ميكن أن يبطل إال بقرار آخر يصدر من نفس السلطة التي أصدرت القرار
املبطل ،وبالشكل الذي صدر به ذلك القرار – وهذا ما يسمى بقاعدة األشكال املتقابلة.
واختصاص اإلدارة يف إجراء اإلبطال مقيد ،ألنها إذا منحت احلرية يف إنهاء مفعول
78
انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم
قراراتها أو إعدامها يف أي وقت تشاء ،فإن ذلك قد يؤدي إلى التعسف ،كما أن إطالق
احلرية لإلدارة يف إنهاء املراكز القانونية التي أنشأتها سيؤدي إلى حرمان األفراد من
الطمأنينة القانونية ،التي تعتبر ضرورية لكل حياة اجتماعية .16
والقرارات الفردية ال يجوز إلغاؤها متى ترتب عليها اكتساب حقوق ،غير أنه ال يفهم
من ذلك أن املراكز الناشئة عن القرارات الفردية ،تعتبر مراكز ثابتة ال يجوز إلغاؤها أو
تعديلها ،إمنا املقصود هو أن تعديل هذه املراكز أو إلغاءها ال يتم إال يف أحوال معينة ،
وفقا للشروط التي ينص عليها القانون ،مبعنى أن مصدر القرار ال يتمتع بسلطة تقديرية
تبيح له هذا التعديل ،أو اإللغاء يف كل وقت ،ولكنه ميارس يف هذه احلالة سلطة مقيدة
،مثال يف حالة فصل املوظف بعد تعيينه بقرار إداري مشروع ،يجب أن يتم ذلك مبقتضى
القانون كاتباع قواعد التأديب أو الغياب أو اإلحالة إلى التقاعد .17
وهذا ما استقر عليه القضاء اإلداري الليبي ،حيث ذهبت املحكمة العليا إلى أن (القضاء
اإلداري قد استقر على التدخل يف تقدير أسباب فصل املوظف بالطريق غير التأديبي،
تأسيسا على أنه وإن كان املراد باحلق املطلق للحكومة يف فصل موظفيها بال حاجة إلى
محاكمة تأديبية ،هو تفرد احلكومة بتقدير صالحية املوظف واستمرار استعانتها به،
أو عدم استمرارها ،إال إن هذا ليس معناه أن تستعمله على هواها ،ألن هذه السلطة
التقديرية وإن كانت مطلقة من حيث موضوعها إال إنها مقيدة من حيث غايتها التي يلزم
أن تقف عند حد جتاوز هذه السلطة والتعسف يف استعمالها ،ولئن كانت احلكومة غير
ملزمة ببيان أسباب الفصل إال إنه متى كانت هذه األسباب ظاهرة من القرار الصادر به
،فإنها تكون خاضعة لتقدير القضاء ،ورقابته ،فإذا ما تبني أنها ال ترجع إلى اعتبارات
تقتضيها املصلحة العامة ،وال هي من األسباب اجلدية القائمة بذات املوظف املستغنى
عنه أو املنازع يف صحتها ،كان ذلك عمالً غير مشروع).18
اخلالصة هي أن لإلدارة احلق يف إلغاء القرارات اإلدارية الفردية السليمة واختصاصها
يف ذلك مقيد بالشروط والضوابط واإلجراءات التي يحددها القانون حتقيقا ً للمصلحة
العامة.
- 2القرارات اإلدارية الفردية التي ال تولد حقوق ًا لألفراد :هناك أنواع من القرارات
اإلداري��ة التي ال تولد حقوقاً ،بل تخول مجرد منفعة أو ميزة ال حتول دون حق اإلدارة
يف إلغائها بحرية ،وقد استقر الفقه 19على أنها قرارات ال تولد وال تنشئ حقوقا ً وهي
القرارات الوالئية والقرارات الوقتية والقرارات السلبية.
79
■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ 29ـ
أ /القرارات الوالئية :وهي القرارات التي تخول الفرد مجرد رخصة أو تسامح دون أن
حتمله أي التزام أو عبء ،مثل منح أحد املوظفني إجازة مرضية يف غير احلاالت التي
يحتم فيها القانون منح هذه اإلجازة ،وإال اعتبرت حقاً ،فهي مجرد جميل أو معروف من
اإلدارة ال يترتب عليها أثر قانوني أو حقوق مكتسبة ،ومن ثم تستطيع اإلدارة إلغاءها يف
جميع األحوال .20
ب /القرارات الوقتية :وهي نوع من القرارات الفردية ،وال تنشئ حقوقا ً باملعنى القانوني،
بل هي ال تنشئ إال أوضاعا ً وقتية ،وهي ال تتمتع باحلماية املقررة للقرارات الفردية املنشئة
حلقوق 21وحتدد الصفة الوقتية للقرار بعدة وسائل هي:
■ النص على ذلك صراحة يف القانون الذي يخول اإلدارة إصدار مثل هذه القرارات.
■ قد تُضمن اإلدارة القرار صراحة حقها يف إلغائه يف أي وقت.
■ قد يكون ذلك راجعا ً إلى القرار ذاته ،وأوضح مثاال لذلك :التراخيص التي تصدرها
اإلدارة باستعمال األفراد للمال العام ألسباب تتصل باملصلحة العامة ،فهي بطبيعتها
يجوز سحبها يف كل وقت .21
فيجوز لإلدارة إلغاء أو سحب مثل هذه القرارات وفقا ً للنظرية العامة إللغاء القرارات
اإلدارية ،دون أن يترتب عليه أثر قانوني معني ،فالقرارات الوقتية عكس القرارات النهائية،
ال يترتب عليها آثار ونتائج نهائية باتة ،مثال ذلك القرارات الصادرة بندب موظف عام ،أو
مبنح تراخيص مؤقتة.
ج /القرارات السلبية :أورد الفقه والقضاء تعريفات عدة للقرار السلبي ،فيصفه جانب
من الفقه بأنه امتناع اإلدارة عن إصدار القرارات الواجب عليها إصدارها طبقا ً للقانون،
أي أال يكون إصدارها من مالءمات اإلدارة .22
وهذا ما أشارت إليه (املادة الثانية) من قانون ( )88لسنة 1971م بشأن القضاء
اإلداري بقولها“ :يعتبر يف حكم القرارات اإلدارية رفض السلطات اإلدارية أو امتناعها عن
اتخاذ قرار أو إجراء كان من الواجب عليها اتخاذه وفقا ً للقوانني واللوائح”.
وكذلك ما ورد يف (املادة الثامنة) من قانون القضاء اإلداري ،التي نصت على اآلتي:
(ويعتبر يف حكم قرار بالرفض ،فوات وقت يزيد عن ستني يوما ً دون أن تصدر السلطات
اإلدارية قرارا يف التظلم املقدم إليها .)...كالقرار الصادر برفض الترخيص ألحد األفراد
مبزاولة عمل معني أو مهنة معينة ،كرفض الترخيص بحمل السالح أو فتح محل عام.
80
انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم
ولكن قد تكون املوافقة ضمنية ،كدعوة موظف لتأديته اليمني لتسليم العمل فيتخلف
ألكثر من مرة ،األمر الذي يقطع برضائه الضمني بإلغاء قرار تعيينه.
كذلك رضاء املوظف على إلغاء قراره ،قد يكون يف غير صاحله ،ومخالفة للقانون ،ألنه
يسقط حقوقه ،األمر الذي يعني أن هذه املوافقة ال تتفق وصحيح القانون ،ومن ثم للقضاء
اإلداري التدخل وإلغاء هذه القرارات املضادة.24
بيد أن هناك بعض القرارات اإلدارية يكون الدافع األول على إصدارها مصلحة الفرد،
وحينئذ يكون من اجلائز لإلدارة إلغاؤها باالتفاق مع صاحب الشأن ،ومن ذلك القرارات
الصادرة مبنح التراخيص للمواطنني ،فيجوز لسبب أو آلخر أن تتفق اإلدارة معهم على
إلغائها .25
ثالثا/عدم اح�ت��رام املستفيد لاللتزامات امل�ف��روض��ة عليه مبقتضى ال�ق��رار (اإلخ�لال
بااللتزامات اإلدارية).
املركز القانوني الذي يرتبه القرار اإلداري قد يتضمن حقوقا ً أو بعض االلتزامات،
فكما للمستفيد احلق يف املطالبة بحقوقه عليه تنفيذ االلتزامات ،فإذا أخل بالتزاماته،
فإن ذلك يعطي احلق لإلدارة ألن تلغي القرار بالنسبة للمستقبل 26فإذا تضمن القرار
الصادر لصالح أحد األفراد شروطا أو التزامات معينة ،فإن شرعية هذا القرار تكون
معلقة صراحة أو ضمنا على احترامه لتلك الشروط وتنفيذه لتلك االلتزامات.
ومثال ذلك القرارات الصادرة بتخويل األفراد فتح املحال العامة أو مبنحهم التراخيص
بالبناء .27
رابعا /تغير الظروف املادية التي على أساسها صدر القرار.
إن السبب األساسي إللغاء القرار اإلداري ،هو تغير الظروف املادية التي صدر فيها،
فتضطر اإلدارة إلى إلغائه أو تعديله ليطابق الظروف اجلديدة ،فبقاء الظروف املادية التي
صدر فيها شرط لبقائه .28
وقد يرد هذا الشرط صراحة يف القرار ،فيعتبر تغير الظروف املادية ،متى حتقق ،من
قبيل الشروط الفاسخة التي تنهي القرار نهاية طبيعية ،ولكن تغير الظروف املادية التي
على أساسها يصدر القرار ،يخول اإلدارة حق إلغائه يف بعض احلاالت ،حتى ولو لم ينص
على ذلك صراحة يف صلب القرار ،ومن تلك احلاالت أن يكون السبب يف إصدار القرار
قيام حالة معينة ،ومثال ذلك أن تسمح اإلدارة ألحد األفراد بفتح محل عام ،ألن املنطقة
82
انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم
مأهولة بالسكان ،فإذا ما هجرت تلك املنطقة بعد مدة معينة ،فإنه يحق لإلدارة أن تلغي
ذلك الترخيص.
وقد يكون استمرار احلالة املادية شرطا ً لسالمة القرار ،ومن ذلك أن ينص القانون
مثال على أنه ال يجوز منح ترخيص بإقامة كشك أو بفتح محل عام ،إال يف املناطق التي
يزيد عدد سكانها عن رقم معني ،فإذا منح ترخيص على هذا األساس ،فإن من حق اإلدارة
أن تلغي ذلك الترخيص يف حالة نقص العدد املحدد .29
خامسا /عدم مطابقة القرار للقانون.
إن خضوع اإلدارة للقانون ،من أهم املبادئ العامة ،وأحد العناصر األساسية للدولة
القانونية كما أن القاعدة هي خضوع القرار للتشريع الساري وقت إصداره لذلك فإنه من
الضروري أن تكون القرارات اإلدارية متفقة مع القانون عند إصدارها ،كما يجب أن تظل
متفقة مع القانون طيلة مدة سريانها ،فإذا صدر القرار غير متفق مع القانون ،وجب سحبه
خالل املدة املقررة لسحب القرارات اإلدارية ،وإذا تعذر سحبه بسبب فوات مدة السحب،
فيجب على اإلدارة أن تصدر قراراً بإلغائه للمستقبل ،وإذا صدر القرار متفقا مع القانون،
ثم تغير القانون بعد ذلك ،بحيث أصبح غير متفق معه بعد تعديله ،فإن من واجب اإلدارة أن
تلغي القرار لعدم مشروعيته (وهذا ما يعرف بتبدل السند القانوني للقرار بعد إصداره).30
سادسا /اإللغاء املستقبلي من أجل املصلحة العامة.
إن دواعي املصلحة العامة التي يجوز من أجلها إلغاء القرارات اإلدارية السليمة بالنسبة
للمستقبل عديدة :فقد تكون املحافظة على الصحة العامة ،أو السكينة العامة ،أو األمن
العام ،أو االقتصاد القومي أو سالمة املال العام.
فالقاعدة أن استقرار األوامر اإلدارية إمنا تقتضيه املحافظة على املصالح اخلاصة،
وعند التعارض بني املصالح اخلاصة واملصالح العامة ،يجب ترجيح املصلحة العامة ،على
األقل إذا لم ميكن التوفيق بني املصلحتني وهذا هو هدف الضبط اإلداري الذي يسعى إلى
حتقيق مقاصد محددة تتمثل يف املحافظة على النظام العام بعناصره الثالثة األمن العام،
السكينة العامة ،والصحة العامة .31
وإذا كانت املصلحة العامة هي الهدف من كل قرار إداري سواء كان منشئا ً أو معدال
ملركز قانوني ،أو منهيا له ،فإن إلغاء القرار اإلداري بعد إصداره يدعو إلى التساؤل عن
سبب هذا اإللغاء ،وكيف حتول مقتضى الصالح العام فأصبح داعيا إلى إنهاء املركز
83
■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ 29ـ
القانوني بعد أن كان داعيا إلى إنشائه ،لذلك كان من الواجب أن يكون قرار اإللغاء مسببا،
مع أن األصل أن يكون للقرار اإلداري سبب مشروع وال تلتزم اإلدارة بذكره إال إذا ألزمها
القانون بذلك ،وذلك حتى يتبني وجه التغير يف األسباب التي دعت على إلغاء القرار .32
ومما ال شك فيه ،أنه إذا تعارضت املصلحة العامة مع املصلحة اخلاصة ،فإنه يتعني
تغليب األولى ،فهي األولى بالرعاية ،فإذا كان إلغاء القرار اإلداري أمراً تتطلبه املصلحة
العامة ،فإن ذلك يغلب على مصلحة املستفيدة منه ،الذي وقع عليه اإلذع��ان من أجل
املصلحة العامة ،وإن كان حقه يف التعويض قائما ً إذا سبب له ذلك اإللغاء ضرراً.
ولكن يجب االحتياط من هذا املبرر (الصالح العام) إذ تستطيع اإلدارة أن تتذرع بهذا
املبرر إللغاء القرارات اإلدارية السليمة ،وهنا يأتي دور الرقابة القضائية حلماية األفراد
من تعسف اإلدارة .33
ذلك ألن فكرة الصالح العام فكرة فضفاضة ،ويجب أال يترك تقديرها بصفة عامة
لإلدارة ،وإال ألهدرنا استقرار األوامر السليمة ،ومن ثم فإن اإلدارة ال تستطيع أن تلغي
قراراً إداريا ً سليما ً قبل نهايته الطبيعية ،بقصد الصالح العام املجرد ،بل يجب أن يكون
الصالح العام يف هذه احلالة مخصصا ً ،فالتصريح الصادر ألحد األفراد ببيع نوع معني
من األدوية ،يجوز إلغاؤه ،ولكن يجب أن يكون املقصود من ذلك املحافظة على الصحة
العامة ،إذا ثبت أن هذا الدواء خطر ،والترقية التي متنح ألحد املوظفني يجوز إلغاؤها ،
ولكن بشرط أن يكون الدافع إلى ذلك هو تأمني النظام يف نطاق الوظيفة العامة الرتكاب
املوظف ما من شأنه أن يخل بذلك النظام.
سابعا /جواز إلغاء القرار اإلداري ألي سبب آخر يحدده املشرع.
سواء
ً تستطيع اإلدارة إلغاء أي قرار إداري يف احلاالت التي يسمح املشرع فيها بذلك،
أكان هذا اإللغاء بأثر رجعي أو بأثر مستقبلي ،وهذه الرخصة قد تكون صريحة ،بأن ينص
يف التشريع مثال على تخويل اإلدارة إلغاء جميع التراخيص املمنوحة لألفراد مبزاولة مهنة
معينة ،بقصد تنظيمها من جديد ،وقد يكون التفويض ضمنياً ،ألن ممارسة االختصاص
اجلديد تقتضي بطبيعته إلغاء بعض القرارات الفردية القائمة ،فإعادة تخطيط حي
من األحياء تخطيطا كامال يقتضي بطبيعته إعادة النظر يف جميع القرارات السابقة
واملتضمنة تراخيص بالبناء ،أو بفتح محال عامة.
وحق اإلدارة يف إلغاء القرارات اإلدارية السليمة ،والتي ترتب حقا أو مركزاً خاصا ً يف
84
انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم
جميع احلاالت السابقة ،ال أثر له فيما ،يتعلق بالتعويض ،ذلك أن اإلدارة قد يكون من حقها
إلغاء قرار سابق ،أو إنهاء آثاره بقرار الحق ،ومع ذلك يحكم القضاء عليها بالتعويض .34
والقرارات اإلدارية هي بطبيعتها قابلة لإللغاء والسحب ،باستثناء احلالتني االثنتني- :
أ-إذا حرم التشريع إلغاءها.
ب-إذا كان اإللغاء يتعارض مع املراكز القانونية التي يجب حمايتها طبقا ً للقواعد التي
يقررها القضاء اإلداري.
والقرار اإلداري يحدث يف واقع األمر أثراً قانونيا ً مؤقتا ً نابعا ً من عدم متتع القرار
اإلداري ،بحجية الشيء املحكوم به ،وإن كان يتمتع بقرينة شرعية تقبل إثبات العكس،
سواء من جانب األفراد ،عندما يلزم الفرد بإثبات عكس هذه القرينة يف إثبات ما يدعيه
من عدم شرعية ،أو عدم مالءمة القرار ،أو من جانب اإلدارة حني يتضح لها عدم شرعية
أو عدم مالءمة القرار فتقوم بسحبه .35
املبحث الثاني /ضمانات ممارسة اإلدارة حلقها يف إنهاء القرار اإلداري السليم.
يتفق الفقه والقضاء اإلداري على ضرورة تسبيب القرارات اإلداري��ة املاسة بحقوق
األف��راد ،حيث متثل ضمانة أساسية وجوهرية إللغاء أو تعديل القرار اإلداري ،وكذلك
ضرورة احترام حقوق الدفاع ،حيث ال يجوز إلغاء أو تعديل القرار اإلداري دون احترام
حقوق الدفاع ،فإذا مت إلغاء أو تعديل القرار دون مراعاة الضمانات فإن القرار يصبح غير
مشروع وجدير باإللغاء ،وأخيراً االلتزام بقاعدة تقابل الشكليات ،لذلك نتناول ضمانات
إنهاء القرار اإلداري النهائي السليم على النحو التالي:
املطلب األول /التسبيب.
األصل أن لكل تصرف قانوني سبب يهدف إلى حتقيقه ،وسبب القرار اإلداري هو
وقائع مادية أو قانونية ،كانت هي الدافع الذي حرك جهة اإلدارة التخاذ القرار وسبب
القرار اإلداري ليس هو غايته أو هدفه ،ذلك ألن السبب سابق على القرار يف حني أن
الغاية من القرار الحقة لصدوره ونتيجة من نتائجه ،لذلك يقتضي األمر حتديد مفهوم
تسبيب القرارات اإلدارية ،واحلكمة أو الفائدة من التسبيب.
أوالً /مفهوم تسبيب القرارات اإلدارية وحتديد نطاقه
التسبيب هو ذكر أو بيان األسباب التي قام عليها القرار اإلداري ،ويعد من البيانات
الشكلية يف القرار اإلداري وبصفة خاصة يف القرار املكتوب .36
85
■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ 29ـ
بناء
واألصل العام أن اإلدارة غير ملزمة بأن تفضح لألفراد عن السبب الذي تدخلت ً
عليه ،إال إذا ألزمها القانون بذكر األسباب ،ويف هذه احلالة يصبح التسبيب شرطا ً شكليا ً يف
القرار اإلداري ،يترتب على إغفاله عدم مشروعية القرار حتى ولو كان للقرار سبب صحيح.
وإل��زام اإلدارة بذكر سبب تدخلها ،من أجنع الضمانات لألفراد ،ألنه يسهل مهمة
القضاء اإلداري يف رقابته على مشروعية أعمال اإلدارة ،وخاصةً إذا تعلق األمر بإلغاء أو
تعديل قرار إداري سليم .37
لذلك يجب أن يكون التسبيب مباشراً للقرار ،إذا تضمن القرار ذاته األسباب التي بني
عليها ،وال يفترض فيه صياغة معينة ،وبذلك يستبعد تسبيب القرار الشفوي ،كما يجب
أن يكون التسبيب معاصراً للقرار ،مبعنى يجب أن يكون القرار مسببا ً حلظة إصداره ،فإذا
ما صدر القرار غير مسبب يف صورة أو يف أخرى كان معيبا ً يف شكله.
كما يجب أن يكون التسبيب محدداً كافيا ً أي أن يحدد ُمصدر القرار االعتبارات
القانونية التي استند إليها ،والتي تكون األساس القانوني للقرار ،وهي أساسا ً النصوص
التشريعية أو الالئحية أو املبادئ القانونية العامة التي قصد مصد ُر القرار تطبيقها على
حالة املخاطب بالقرار.
ويلعب السبب دوراً هاما ً يف توجيه القرار نحو حتقيق الشرط املفترض ،وهو الصالح العام،
سواء كان هناك التزام على اإلدارة مبوجب نص القانون أو لم يكن هناك نص يف ذلك.38
ويشترط لكفاية التسبيب أن يتضمن االعتبارات القانونية والواقعية ،وكقاعدة عامة
فإن األسباب يجب أن يطلع عليها ذووا الشأن ،يف الوقت نفسه ،الذي يطلعون فيه على
القرار الذي أسس عليها ،وهذا يعني أن التسبيب يجب أن يوجد يف الوثائق ذاتها ،التي
حتتوي على القرار اإلداري ،مبعنى يجب أن يرد يف القرار ذاته األسباب التي دعت رجل
اإلدارة التخاذ هذا القرار ،وأن يتم إخطار ذوي الشأن بهذه األسباب باإلجراءات نفسها
إلخطارهم بالقرار اإلداري ،وبهذا املعنى ينتمي التسبيب إلى املشروعية اخلارجية للقرار
،والتي تشمل املسائل املتعلقة باالختصاص واإلجراءات والشكل.39
كما أنه هام جداً لطمأنينة املتقاضني من ناحية ،وألعمال رقابة جهات القضاء من
ناحية أخرى ،ولهذا فإن املشرع نفسه قد سحب ضمانة التسبيب إلى القرارات اإلدارية
يف مجال التأديب ،استثناء من األصل العام الذي يعفي جهات اإلدارة من تسبيب قراراتها،
حيث اشترط املشرع يف جميع قوانني العاملني احلكوميني أو يف القطاع العام أن يكون
86
انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم
87
■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ 29ـ
والبعض اآلخر أعمل القاعدة العامة ،فالفقيه «دلوبادير» ذهب إلى أن إلغاء القرار السليم
يجب أن يكون مسببا ً دائماً ،وقد برر الفقيه رأيه بقوله «أن القاضي ال يتردد يف إلغاء
القرار إذا كانت األسباب غير كافية ،وال تبرره قانوناً ،فيتعني واحلالة هذه إعادة بحث
األسباب املوضوعية للقرار امللغي ،ومثال لذلك سحب الترخيص السليم ،ال يكون ممكنا ً
إال إذا كانت الظروف اجلديدة التي جدت تبرر السحب».
أما العميد «أوبي» فقد تبنى اجتاها ً مغايراً ،مؤداه :إن القول بأن إلغاء القرار السليم يجب
.
أن يكون مسببا ً ال يتمشى مع اجتاه القضاء ،واستبعد إلزام اإلدارة بتسبيب قراراتها املضادة
وقد ذهب الدكتور» سليمان الطماوي « إلى أن القاعدة العامة ال حتتم على اإلدارة
تسبيب قراراتها إال إذا ألزمها املشرع بذلك صراحةً ،والغالب يف حالة القرار املضاد أن
تلتزم اإلدارة بتسبيبه .46
مما تقدم يتضح أن التسبيب يكون ضرورياً ،ولو لم يشترط القانون على اإلدارة ذلك،
يف احلاالت اآلتية:47
أ -يف القرارات الصادرة بإلغاء قرارات إدارة سابقة ،أو بإنهاء مراكز قانونية موجودة.
ذلك أن املصلحة العامة هي الهدف من كل قرار إداري ،سواء كان منشئا ً أو معدالً
ملركز قانوني أو منهيا ً له ،كما أن إلغاء القرار اإلداري السليم يجب أن يكون مبرراً،
أي كيف حتول مقتضى الصالح العام فأصبح داعيا ً إلى إنهاء املركز القانوني بعد
أن كان داعيا ً إلى إنشائه ،لذلك كان من الواجب أن يكون قرار اإللغاء مسبباً.
ب -يجب تسبيب القرار يف حالة ما إذا عدلت اإلدارة عن اجتاه معني إلى اجتاه آخر
يف تفسير القانون ،وعلى األخص إذا كان االجتاه اجلديد يف غير مصلحة صاحب
الشأن املوجه إليه القرار.
ج -يجب تسبيب القرار إذا ما أخ��ذت اإلدارة ب��رأي يخالف رأي جهة استشارية،
يشترط القانون أخذ رأيها قبل إصدار القرار.
د -كما تلتزم اإلدارة بتسبيب قراراتها إذا اشترط القانون لصدور القرار سببا ً معينا ً أو
أسبابا ً محصورة ،ففي هذه احلالة يجب ذكر السبب الذي دعا اإلدارة إلى إصدار
القرار.
هـ -وأخيراً يجب تسبيب كل قرار ضار بصاحب الشأن املوجه إليه ،ولو لم يشترط
القانون ذلك.
88
انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم
89
■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ 29ـ
وال شك أن التسبيب يساعد القاضي يف حتديد االنحراف باإلجراءات ،فحيث تشير اإلدارة
إلى السند القانوني يف قرارها ،فإنه يكون يف استطاعة القاضي حتديد ما إذا كان الهدف الذي
تسعى إليه اإلدارة ،ميكن حتقيقه بواسطة النص ،أم يجب اتباع نص قانوني آخر.
واحلكمة التي تستدعي املشرع اشتراط تسبيب بعض القرارات اإلداري��ة هي (لكي
تكون األسباب مرآة صادقة ملا يختلج يف نفس جهة اإلدارة عند إصدارها للقرار الواجب
التسبيب ،فتفصح عن دوافع إصداره ،وتضفي االطمئنان على نفوس املتنازعني ،وذلك
بتوافر رباط منطقي وثيق بني منطوق القرار وأسبابه ،وبذلك يرتفع القرار عن مظنة
الشك والشبهات). 54
هذا بالنسبة لضمانة تسبيب القرارات التي تلتزم اإلدارة فيها بذكر األسباب التي
دفعتها إلى إصدار القرار ،فالتسبيب بذلك يكون معاصراً للحظة إصدار القرار ،فمن
خالله تبرر اإلدارة قرارها وتقنع أصحاب الشأن به ،ومن ثم احلكم على صحة تصرفها
من عدمه ،وهذا اإلعالن عن األسباب يتيح لذوي الشأن فرصة معرفتها حتى يستطيعوا
حتديد مواقفهم جتاه هذه القرارات ،وبالتالي ننتقل إلى الضمانة الالحقة لصدور القرار،
وهي التي متنح احلق لكل من رأى أن القرار قد أضر به أن يدافع عن نفسه من أجل
حماية حقوقه ،وهذه الضمانة هي احترام حقوق الدفاع.
املطلب الثاني /احترام حقوق الدفاع.
وقضاء وتشريعاً ،أن حق الدفاع هو حق طبيعي مقدس لكل إنسان
ً من املتفق عليه فقها ً
يف جميع مراحل التحقيق واالتهام واملحاكمة ،وعلى وجه اخلصوص يف التحقيقات أو
املحاكمات التي تنتهي بإنزال عقوبة معينة يف حالة ثبوت اإلدانة ،كالتحقيقات واملحاكمات
اجلنائية أو التأديبية.
ومن هنا حترص كل التشريعات املعاصرة على وضع الضمانات الضرورية ملمارسة حق
الدفاع ،55لذلك يقتضي األمر توضيح مضمون ونطاق مبدأ حق الدفاع ،على النحو التالي- :
تأتي حقوق الدفاع يف مقدمة الضمانات األساسية املقررة للمتهم ،وأكثرها أهمية ،إذ
تدور يف فلكها كافة الضمانات األخرى ،وترتد إليها ،وذلك باعتبارها الضمانة األم ،التي
تولدت عنها ونشأت يف أحضانها معظم ضمانات التأديب األخرى .56
وقد ع ّرف الدكتور «عبد الفتاح عبد البر» حق الدفاع ،وذلك لتمييزه عما يختلط به من
ضمانات إجرائية ،بأنه حق املتهم يف الرد على ما هو منسوب إليه بالوسائل املمكنة .57
91
■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ 29ـ
ويقصد بحق الدفاع( :متكني املوظف من الدفاع عن نفسه وإبداء مالحظاته ،58وذلك
بأن يعلن بصفة جلية بالتهمة املوجهة إليه ،وأن يعطي له مهلة لتحضير دفاعه ،وأن ميهد
له السبيل يف أن يدفع عن نفسه التهمة بكافة طرق اإلثبات ،سواء بنفسه ،أو بوكيل عنه،
ألنه من اجلائز أن ال يجيد الدفاع بنفسه) .59
هذا وقد بينت أحكام القضاء ما يعتبر من مقتضيات حق الدفاع ،أو ما يعتبر إخالال
بحق الدفاع ،وأن اإلخالل بحق الدفاع يترتب عليه البطالن ،دون وضع تعريف محدد أو
بيان ملاهية حق الدفاع بشكل واضح وصريح.
ومن ذلك ما قضت به محكمة النقض املصرية يف أحد أحكامها بأن (اإلخالل بحق
الدفاع هو حرمان املتهم من إبداء أقواله بكامل احلرية ،أو إهمال الفصل يف طلب صريح
من طلبات التحقيق ،أو الدفوع الفرعية التي يبديها ،أو دفاع صريح خاص بعذر قانوني
من األعذار املبيحه أو املانعة من العقاب) .60
كما أكدت املحكمة الدستورية على ضمانة الدفاع ،وجاء إقرارها ألهميته واضحا ً
وقاطعاً ،وذلك عندما قررت أن حق الدفاع غدا مرتبطا ً بالقيم التي تؤمن بها األمم
املتحضرة ،مؤكداً اخلضوع للقانون ،ناهيا ً عن التسلط والتحامل ،وإن إنكار ضمانة الدفاع
أو إنقاصها ،ال يعدو أن يكون إخالالً باحلق املقرر دستوريا ً لكل مواطن.
هذا وقد استقر مجلس الدولة الفرنسي على تأكيد ضمانة حق الدفاع ،إذ وسع من
نطاق تطبيق حق الدفاع على كل إجراء يتخذ ضد الشخص ،أيا ً كانت طبيعته (مدنيا ً أو
إداريا ً أو جنائيا ً أو تدبيراً ضبطياً).
كما يقصد بضمانة الدفاع ،حق املوظف املتهم يف الرد على ما هو منسوب إليه بالوسائل
املمكنة.61
كما نص املشرع صراح ًة على هذا املبدأ يف املادة ( )156من القانون رقم 12لسنة
2010م بشأن عالقات العمل ،بأنه( :ال يجوز توقيع عقوبة على املوظف إال بعد التحقيق
معه وكتابة وسماع أقواله وحتقيق دفاعه) ،كما تقرر املادة ( )150من الالئحة التنفيذية
للقانون رقم 12لسنة 2010م املذكور ،على أنه (من حق املوظف أن يحضر جلسات
املحاكمة وأن يناقش الشهود وأن يدافع عن نفسه كتاب ًة أو شفويا ً وله أن يوكل أحد
املحامني أو يعني ممثالً له يختاره من بني املوظفني يتولى الدفاع عنه).
كما قرر املشرع الليبي يف القانون رقم 20لسنة 2013م ،بأنشاء هيئة الرقابة
92
انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم
اإلدارية ،حيث نصت املادة ( )37على أنه( :يخطر املتهم بالتحقيق قبل بدئه بثالثة أيام
على األقل ويجوز له أن يحضر جميع مراحل التحقيق إال إذا اقتضت مصلحة التحقيق
أن يجرى يف غيبته).
وقد استقر القضاء الليبي على ضرورة توافر ضمانات الدفاع وكفالة اطمئنان املوظف
وإتاحة الفرصة له ،لالطالع على التهم املنسوبة إليه وإع��داد دفاعه ،فقد أوضحت
املحكمة العليا ذلك يف حكمها بتاريخ 1970/5/3ف ،يف الطعن اإلداري رقم 9لسنة
15قضائية ،مضمون حق الدفاع بقولها ( :إن كفالة حق الدفاع يكون بتعريف املتهم
باملخالفات املنسوبة إليه وترك الفرصة له للرد عليها) ،كما تقرر يف نفس احلكم بأن
اإلجراءات التي تسبق املحاكمة التأديبية هي ( إجراءات جوهرية يتحقق باتباعها الضمان
املقرر يف املحاكمة بأال يحكم على أحد إال بعد إعالنه الذي يتيح له فرصة الدفاع عن
نفسه ،فإذا متت املحاكمة بغير هذا اإلعالن ،كان ذلك إخالالً صريحا ً بحق الدفاع يترتب
عليه البطالن).62
وقضت يف حكم آخر يف الطعن اإلداري رقم 7لسنة 19قضائية بجلسة 10يناير
1974ف:
( إن التحقيق والتأديب اإلداري له أصول وضوابط تمُ ِْليها قاعدة أساسية هي ضرورة
حتقيق الضمان وتوفير االطمئنان واآلمان للموظف موضوع املسألة اإلدارية ،فال جتوز
مساءلته إال بعد حتقيق تكون له كل مقومات التحقيق القانوني الصحيح ،وكفاالته
وضماناته ،من حيث وجوب استدعاء املوظف وسؤاله ومواجهته مبا هو مأخوذ عليه،
ومتكينه من الدفاع عن نفسه وإتاحة الفرصة له ملناقشة شهود اإلثبات ،وسماع من يريد
االستشهاد بهم من شهود النفي ،وغير ذلك من مقتضيات الدفاع وهو أمر تقتضيه العدالة
واألصول العامة ،كمبدأ عام يف كل محاكمة جنائية أو تأديبية دون حاجة إلى نص).63
وهذا املبدأ ينطبق يف شأن القرارات التي تولد حقوقا ً ،وتلك التي ال تولد حقوقا ً
لألفراد أصحاب الشأن من ج��راء تطبيق القرارات على حالتهم ،وينطبق أيضا ً على
القرارات التي تنشئ حقوقا ً أو مزايا للغير ،ومن أبرز صور احترام حقوق الدفاع يف
القرارات األخيرة هي اجلزاءات التأديبية ،أيا ً كان هذا اجلزاء ،يجب أال يخل بحق الدفاع
،فاجلزاء الذي يتيح للفرد التمتع بضمانات حق الدفاع يوجد يف مجاالت مختلفة ونطاقه
الذي يبرز فيه هو مجال املوظفني العموميني ،وإن كان ليس مقصوراً عليهم ،بل يشمل
غيرهم ،فالقرار الصادر بفصل موظف ،كاجلزاء الصادر بفصل طالب ،ويشترط أن يكون
93
■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ 29ـ
قرار الفصل تقتضيه املصلحة العامة ،وليس مجرد وسيلة للتخلص من الشخص املفصول،
موظفا ً أم طالبا ً ألنه يف هذه احلالة األخيرة يخضع القرار لرقابة القضاء ،64كل هذه
اجلزاءات قرارات إدارية مقابلة لقرارات سابقة ،وبالتالي مينح احلق للتمتع بضمان عدم
اإلخالل بحق الدفاع.
أما حاالت الضرورة واالستعجال أو الظروف االستثنائية ،فإن عدم احترام مبدأ حقوق
الدفاع ال يبطل القرار ،ألن هذه احلاالت الثالث هي مبثابة استثناء على مبدأ حقوق
الدفاع من القواعد العامة 65التي تخول اإلدارة سلطة التحرر مؤقتا ً من قواعد املشروعية،
بالقدر الالزم ملواجهة تلك الظروف.
لذلك يكون مبدأ حق إب��داء الدفوع ،ضمانا ً ضد عسف اإلدارة ،واملجال اخلصب
ألعمال هذا الضمان ،هو حقل الوظيفة العامة ،حيث اجلزاءات التأديبية التي تصل إلى
حد الفصل من الوظيفة.66
هذا فيما يتعلق مببدأ حق الدفاع الذي يعتبر من أهم الضمانات املكفولة مبقتضى
القانون لكل فرد ،ومن ثم ننتقل إلى الضمانة األخيرة واملتعلقة بقاعدة تقابل الشكليات.
املطلب الثالث /قاعدة تقابل الشكليات:
إن قاعدة تقابل الشكليات ،تتكون من شقني ،هما :قاعدة تقابل االختصاصات ،وقاعدة
تقابل الشكليات واإلجراءات ،على النحو التالي:
تعني قاعدة تقابل الشكليات وفقا ً للتصور التقليدي أن إلغاء أو تعديل القرار ،يخضع
لنفس األشكال واإلجراءات املتبعة يف إصدار القرار األول ومن نفس السلطة.
إال إن هذا التصور التقليدي لقاعدة تقابل الشكليات باملعنى الواسع (االختصاص
واإلجراء أو الشكل) يجايف املنطق والعقل ،لذلك فإن قاعدة تقابل االختصاصات تعني
أن االختصاص بإلغاء القرار ،يكون للسلطة احلالية القائمة وقت إصدار القرار املضاد،
وليس للسلطة التي كانت موجودة وقت إصدار القرار األول ،إذ قد تتغير السلطات وتتبدل
االختصاصات ،وقد تتحد السلطتان سلطة إصدار القرار وسلطة إلغائه.
أما قاعدة تقابل األشكال واإلجراءات فقد أشار الفقيه «( basset “67إلى أنه ليس ضروريا ً
أن يتطلب يف إلغاء القرار اتباع ذات اإلجراءات التي سبق اتخاذ القرار األول يف ضوئها.
وضرب لذلك مثال بالتعيني يف الوظيفة العامة بناء على املسابقة وحلف اليمني ،أو
94
انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم
التعيني بعد اجتياز فترة مترين أو اختبار ،فهذه املراحل ال يتطلب اتباعها عند إصدار
القرار املضاد ،والقول بغير ذلك يخالف املنطق السليم).
وقاعدة تقابل الشكليات تهدف إلى حماية املصلحة العامة واخلاصة على حد سواء،
بل إلى حماية العمل اإلداري نفسه .فقاعدة تقابل الشكليات من الضمانات التي يجب أن
تراعى بالنسبة إللغاء القرارات التي تولد حقوقا ًلألفراد.
وتظهر أهمية هذه القاعدة يف “عدم املساس باآلثار الفردية للقرارات اإلدارية التي
تولد حقوقا ً مكتسبة إال وفقا ً للقانون ،وهذه القاعدة تهدف إلى حماية مصالح األفراد
واحترامها كضمان جوهري لهم.
وهي قاعدة مقررة ملصلحة اإلدارة ذاتها ،فهي تبني مدى التزام اإلدارة بالقانون واتباع
اإلجراءات املقررة ،فالسلطة املختصة غير ملزمة باتباع ومراعاة نفس األشكال واإلجراءات
التي صدر القرار امللغي يف ضوئها ،كأخذ رأي جهة معينة عند إصدار القرار األول ،فليس
هناك من ضرورة إلى اتباعه عند إصدار القرار املضاد إال أذا ألزمها القانون بذلك”.
وبالعكس يرى األستاذ “لويس دلبيز” أن قاعدة تقابل الشكليات تهدف إلى إيجاد
احلماية والضمان ألصحاب الشأن ،فيجب اتباع ذات اإلجراءات واألشكال التي اتبعت
عند إصدار القرار األول.
كما يرى البعض أن هذه القاعدة تهدف إلى ضمان حقوق األفراد حلظة إلغاء القرار
باتباع ذات اإلجراءات التي اتبعت يف إصداره .68
ويوضح الدكتور “ سليمان الطماوي (أن قواعد الشكل باإلضافة إلى قواعد االختصاص،
على جانب كبير من األهمية ،فهي تقوم كحاجز موازن لسلطات اإلدارة اخلطيرة يف مجال
القرارات اإلداري��ة ،فإذا كانت اإلدارة تتمتع يف هذا اخلصوص بامتيازات خطيرة ،فإن
عليها أن تسلك بدقة السبيل الذي ترسمه القوانني واللوائح إلصدار تلك القرارات ،وبهذا
تكون قواعد الشكل واإلجراءات يف إصدار القرارات اإلدارية ،مقصود بها حماية املصلحة
العامة ومصلحة األفراد على السواء ،وذلك بتجنيب اإلدارة مواطن الزلل والتسرع ،ومنحها
فرصة معقولة للتروي والتفكير ودراسة وجهات النظر املختلفة فتقلل بالتالي القرارات
الطائشة واملتسرعة).69
وقد استقر القضاء اإلداري الليبي على حتديد االختصاص بإصدار بعض القرارات
95
■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ 29ـ
اإلدارية جلهات محددة وصدورها يف شكل معني ،محاولةً منه لضمان حقوق األفراد ،فقد
ذهبت املحكمة العليا إلى أن (عقوبة الفصل من اخلدمة يف ظل قانون اخلدمة املدنية
والئحة اجلزاءات من اختصاص مجلس التأديب.70 )...
اخلالصة هي أن قاعدة تقابل الشكليات تفرض احترام ومراعاة اإلجراءات املنصوص
عليها مبوجب القانون واللوائح إلنهاء آثار قرار إداري سليم ،وهذا يف حد ذاته ضمان حلقوق
األفراد ،فإذا ما خالفت اإلدارة هذه القواعد واألشكال ،كان تصرفها معيبا جديرا باإللغاء.
اخلامتة:
تعتبر القرارات اإلدارية بشكل عام من أهم مظاهر اتصال اإلدارة باألفراد ،بل إنها
الوسيلة الفعالة التي تستطيع اإلدارة بواسطتها القيام بواجباتها وحتقيق أهدافها.
وتستند اإلدارة عند إصدارها لقرارها اإلداري على فكرة السلطة العامة ،وامتيازات
القانون العام والصالح العام ،باإلضافة إلى احتياجات املرافق العامة.
كما إن التصرفات القانونية التي جتريها اإلدارة سواء كانت عقداً أو قرارا ًإداري�ا ً
تستطيع تعديلها أو إنهاءها باإلرادة املنفردة ،وسلطاتها يف اإلنهاء ،تستند إلى فكرة السلطة
العامة فهي األداة التي تتسلح بها إلنهاء تصرفاتها مبراعاة الشروط وتوافر األسباب التي
يحددها القانون.
وتستمد اإلدارة سلطتها يف إنهاء القرار اإلداري السليم من القانون بوصفها سلطة
عليا ،تسعى إلى حتقيق الصالح العام طبقا للمبادئ العامة للقانون ،فهي يف مركز متميز
عن مركز األفراد ،وغرضها الوحيد حتقيق املصلحة العامة التي هي أساس العمل اإلداري،
وإن خرجت عن ذلك تكون قد ارتكبت عيب االنحراف بالسلطة.
والنتيجة التي ميكن اخلروج بها هي جواز إنهاء القرارات اإلدارية النهائية السليمة من
جانب اإلدارة إذا ما اقتضت املصلحة العامة ذلك ،مع مراعاة ضمانات إصدار قرارات
اإلنهاء املقررة.
كما نوصي بضرورة النص على تسبيب القرارات اإلداري��ة ،خصوصا تلك القرارات
الضارة باألفراد ،فالتسبيب له دور مهم يف توجيه القرار للصالح العام .واحترام مبدأ
حقوق الدفاع ،كما يجب على اإلدارة حماية واحترام قواعد الشكل واإلج��راءات حيث
يترتب عليها ضمان وحماية ألصحاب الشأن.
96
انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم
قائمة الهوامش:
)1د .رأفت فودة ،عناصر وجود القرار اإلداري دراسة مقارنةـ القاهرة :دار النهضة العربية ،سنة
1999ـ ص373ـ .376
)2د .ماجد احللو ،القضاء اإلداري .ـ ط. 1ـ دار املطبوعات اجلامعية :اإلسكندرية ،سنة ،1977
ص.230
)3د .محمد فؤاد عبد الباسط ،القرار اإلداري ـ اإلسكندرية :دار اجلامعة اجلديدة للنشر ،سنة
. 2005ـ ص 25ـ.26
)4نظر د .عبد العزيز عبد املنعم خليفة ،وقف تنفيذ القرار اإلداري .ـ ط .1ـ القاهرة :دار الفكر
العربي ،سنة 2008ف ،ص .52حيث يرى بأن القرار اإلداري النهائي :هو القرار األخير الصادر
من اإلدارة يف املوضوع والذي ينفذ بغير حاجة إلى صدور قرار آخر تصدره سلطة أعلى ،فهو إذا
ذلك القرار الذي ال يحتاج نفاذه لتصديق أو اعتماد من سلطة تعلو جهة إصداره.
)5د .محمد عبد اهلل احلراري ،الرقابة على أعمال اإلدارة يف القانون الليبي ( رقابة دوائر القضاء
اإلداري ) .ـ ط. 3ـ املركز القومي للبحوث والدراسات العلمية :طرابلس ،سنة 1999ف ،
ص.151
)6انظر د .نصر الدين مصباح القاضي ،النظرية العامة التأديب يف الوظيفة العامة (رسالة دكتوراه
– كلية احلقوق – جامعة عني شمس ،سنة 1997م ) القاهرة :دار الفكر العربي ،سنة 2002م،
ص.497
)7د .محمود عاطف البنا ،الوسيط يف القضاء اإلداري .ط .2ـ القاهرة :دار الفكر العربي ،سنة
1999م ،ص.270
)8طعن إداري رقم 12042لسنة 8قضائية ،بجلسة 1955/3/27م ،مجموعة املبادئ القانونية
التي قررتها محكمة القضاء اإلداري يف خمسة عشر عاما ً (1961 /1946م) .القاهرة( :املكتب
الفني مبجلس الدولة) :الشركة املصرية للتوزيع والنشر ،سنة .1971ج ،3ص.2312
)9مجموعة املبادئ القانونية التي قررتها محكمة القضاء اإلداري ( ،يف خمسة عشر عاما 1946
. ) 1961 -ـ ج ،3املكتب الفني مجلس الدولة ،سنة 1971ص .2303كذلك قضية الطعن
اإلداري رقم 1507لسنة 5ق بجلسة .1953/3/9حيث تقرر أن العبرة يف نهائية القرار
اإلداري هو صدوره من سلطة إدارية متلك حق إصداره دون حاجة إلى تصديق سلطة إدارية
أعلى.
)10طعن إداري رقم 1لسنة 3قضائية .عمر عمرو ،املجموعة املفهرسة لكافة املبادئ الدستورية
واإلدارية واالنتخابية والشرعية واجلنائية واملدنية التي قررتها املحكمة العليا باجلمهورية العربية
الليبية يف عشر سنوات( 1964ـ .)1974
97
■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ 29ـ
)11طعن إداري رقم 1لسنة 3ق بجلسة 1970/ 3 / 8م مجلة املحكمة العليا ،السنة السادسة،
األعداد األول والثاني والثالث ،ص.64
)12طعن إداري رقم 4لسنة 39قضائية 1993 /11 /6ف .حكم غير منشور ،نقالً عن الدكتور
نصر الدين القاضي ،النظرية العامة للتأديب ( الرسالة السابق ذكرها ) .ـ ص.497
)13سليمان محمد الطماوي ،مبادي القانون اإلداري ،دار الفكر العربي ،القاهرة ،سنة 2007م،
ص .869
)14محمد عبد اهلل احلراري ،أصول القانون اإلداري الليبي ـ .ط ،6منشورات املكتبة اجلامعية
للطباعة والنشر والتوزيع ،سنة 2010م ،ص.625
)15صبيح بشير مسكوني ،مبادئ القانون اإلداري الليبي ،الشركة العامة للنشر والتوزيع واإلعالن،
سنة 1978م ،ص.457
)16د .محمد عبد اهلل احلراري ،أصول القانون اإلداري الليبي (املصدر السابق) ،ص .626
)17د .خالد عبد العزيز عرمي ،القانون اإلداري الليبي.ـ ب ط ،بنغازي :منشورات اجلامعة الليبية ـ
كلية احلقوق ،سنة .1971ـ ج ،2ص 282وما بعدها.
)18د .السيد محمد مدني ،القانون اإلداري الليبي .ـ ب ط .ـ القاهرة :دار النهضة العربية سنة -1964
، 1965ص ( . 389وهو من فقهاء القانون العام املصري ومن شراح القانون اإلداري الليبي).
)19طعن إداري رقم 10لسنة 11قضائية – جلسة بتاريخ 1965/3/6ف .عمر عمرو،
املجموعة املفهرسة (املبادئ الدستورية واإلدارية واالنتخابية يف عشر سنوات (.)1974-1964
ـ طرابلس :دار مكتبة النور ،جـ ،1بند ،268ص .355
)20د .ثروث بدوي ،تدرج القرارات اإلدارية ومبدأ املشروعية ،دار النهضة العربية :القاهرة ،سنة
2007م ،ص.123
)21د .سليمان الطماوي ،النظرية العامة للقرارات اإلدارية-القاهرة :دار الفكر العربي ،سنة
2006م .ـ ص .668كما يعرف األستاذ « اليبير» القرار الوالئي :بأنه مجرد جميل أو معروف
ال يولد أية آثار قانونية ،وال يترتب عليه بالتالي أية حقوق ،ومن ثم فإن مصدره يستطيع إلغاءه
يف أي وقت ،مثال ذلك سماح عميد إحدى الكليات لطالب منتسب باالستماع إلى املحاضرات
رغم أن مركزه كطالب منتسب ال يخوله ذلك احلق ،فإن من حق هذا العميد إلغاء ذلك القرار يف
أي وقت دون أن يستطيع الطالب االدعاء بأنه اكتسب حقا ً من ذلك القرار .انظر د .عبد القادر
خليل( ،رسالة دكتوراه – كلية احلقوق – جامعة القاهرة ،سنة 2006م ،ص .379 – 378انظر
كذلك د .طعيمة اجلرف ،القانون اإلداري ،القاهرة ،سنة 1964ف ،ص.389
)22د .حسني درويش ،نهاية القرار اإلداري عن غير طريق القضاء (رسالة دكتوراه – كلية احلقوق
– جامعة عني شمس) -القاهرة :دار الفكر العربي ،سنة 1981م.ـ ص.534
98
انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم
)23د .الطماوي ،النظرية العامة للقرارات اإلدارية( ،املرجع السابق ذكره) ،ص.669
)24د .خالد الزبيدي ،القرار اإلداري السلبي يف الفقه والقضاء اإلداري – دراسة مقارنة ،مجلة
احلقوق الكويتية ،سنة 2005ف ،ص.335
)25حكم محكمة القضاء اإلداري املصري يف 29ديسمبر سنة 1949م ،السنة الرابعة ،ص
.140مشار إليه .الطماوي ،النظرية العامة للقرارات اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .682كذلك
حكم املحكمة العليا الليبية طعن مدني رقم 27لسنة 4قضائية ،قضاء املحكمة العليا ،القضاء
املدني ،ج ،2ص .21وأيضا املحكمة العليا الليبية ،طعن إداري رقم 16لسنة 6قضائية –
قضاء املحكمة العليا – القضاء اإلداري والدستوري ،ج ،2مرجع سابق ،ص .73
)26د .عبداحلكيم فودة ،اخلصومة اإلدارية – دار املطبوعات اجلامعية :اإلسكندرية ،سنة 2005م،
ص .309-308
)27د .سليمان الطماوي ،النظرية العامة للقرارات اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .683
)28د .عبد احلكيم فودة ،اخلصومة اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .508
)29د .سليمان محمد الطماوي ،النظرية العامة للقرارات اإلدارية ،املرجع السابق ،ص .684
)30د .محمود حلمي ،سريان القرار اإلداري من حيث الزمان (رسالة دكتوراه – كلية احلقوق،
جامعة القاهرة ،سنة 1962م) .ص .424
)31د .سليمان محمد الطماوي ،النظرية العامة للقرارات اإلدارية ،مرجع سابق ،ص .684
)32نفس املرجع السابق ،ص .685وكذلك انظر د.عبد احلكيم فوده ،اخلصومة اإلدارية ،مرجع
سابق ،ص .310
)33د .نصر الدين مصباح القاضي ،أصول القانون اإلداري .ـ القاهرة :دار الفكر العربي ،سنة
2008م ،ص 50وما بعدها.
)34د .محمود حلمي ،سريان القرار اإلداري من حيت الزمان (الرسالة السابق ذكرها) .ـ ص .422
)35د .عبد احلكيم فودة ،اخلصومة اإلدارية (املصدر السابق ذكره) ،ص .312
)36انظر د .محمد ماهر أبو العينني ،ضوابط مشروعية القرارات اإلدارية وفقا للمنهج القضائي،
مطبعة كلية احلقوق :جامعة القاهرة ،سنة 2007م .ـ ج ،2ص .695
)37د .محمد ماهر أبو العينني ،ضوابط مشروعية القرارات اإلدارية (املصدر السابق ذكره).ـ ح ، 3ص.40
)38د .الديداموني مصطفى أحمد ،اإلجراءات واألشكال يف القرار اإلداري (رسالة دكتوراه ـ كلية
احلقوق ـ جامعة القاهرة ،سنة 1987م) ـ الهيئة املصرية للكتاب ،سنة 1992مـ ص– 162
.163
)39د .محمود حلمي ،القرار اإلداري أركانه وشروط صحته مجلة العلوم اإلدارية ،تصدرها الشعبة
99
■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ 29ـ
املصرية للمعهد الدولي للعلوم اإلداري��ة ،السنة التاسعة ،العدد الثاني ،أغسطس 1967م،
ص.124
)40د .أشرف عبد الفتاح أبو املجد محمد ،تسبيب القرارات اإلدارية أمام قاضي اإللغاء (رسالة
دكتوراه – مقدمة إلى كلية احلقوق – جامعة عني شمس) .ـ منشأة املعارف :اإلسكندرية ،سنة
،2007ص 57وما بعدها - .د .الديداموني مصطفى أحمد ،اإلجراءات واألشكال يف القرار
اإلداري( ،الرسالة السابق ذكرها) .ـ ص.168-167
)41د .أشرف عبد الفتاح أبو املجد محمد ،تسبيب القرارات اإلدارية أمام قاضي اإللغاء ((رسالة
دكتوراه – مقدمة إلى كلية احلقوق – جامعة عني شمس) .ـ منشأة املعارف :اإلسكندرية ،سنة
2007م.ـ ص.98 – 97
)42طعن إداري رقم 40لسنة 23قضائية بجلسة 1973/3/17ف ،مجلة املحكمة العليا ،السنة
الثالثة عشر :العدد الرابع ،ص .41كذلك الطعن إداري رقم 23لسنة 16قضائية ،بجلسة 25
1966/ 6 /ف ،عمر عمرو ،املجموعة املفهرسة (املبادئ الدستورية واإلدارية واالنتخابية يف
عشر سنوات ( )1974-1964طرابلس :دار مكتبة النور ،ج ،1بند ،280ص.266
)43طعن إداري رقم 15لسنة 25ق ،بجلسة 1984/6/3م ،مجلة املحكمة العليا ،السنة احلادية
والعشرون :العدد الرابع ،ص.14
)44د.محمود عاطف البنا ،مبادئ القانون اإلداري يف أساليب النشاط اإلداري ووسائله ،القاهرة:
دار الفكر العربي1979 ،م ،ص352وما بعدها.
)45طعن إداري رقم 791لسنة 20قضائية بجلسة 1978/12/16ف ،مجدي محب حافظ،
موسوعة أحكام املحكمة اإلدارية العليا ،مجدي محمود محب حافظ ،موسوعة أحكام املحكمة
اإلدارية العليا يف خمسني عاما (من عام 1955حتى عام 2005م) ـ خمسة أجزاء ،القاهرة:
دار محمود للنشر والتوزيع ،سنة -2008 2007م.ج ،4ص.2403
)46نقالً عن .د .نصر الدين مصباح القاضي ،النظرية العامة للتأديب يف الوظيفة العامة( ،الرسالة
السابق ذكرها) ،ص.738
)47مشار إليه .د.رحيم الكبيسي ،حرية اإلدارة يف سحب قراراتها (رسالة دكتوراه – كلية احلقوق:
جامعة القاهرة ،سنة 1986م) سنة 2000ص.57
)48د .سليمان الطماوي ،النظرية العامة للقرارات اإلدارية ،املصدر السابق ذكره ،ص 691
)49د .محمود حلمي ،بحث بعنوان – القرار اإلداري أركانه وشروط صحته (املصدر السابق ذكره).ـ
ص.126 – 125
)50د .أشرف عبد الفتاح أبو املجد ،تسبيب القرارات اإلدارية أمام قاضي اإللغاء (رسالة دكتوراه
– مقدمة إلى كلية احلقوق – جامعة عني شمس) .ـ منشأة املعارف :اإلسكندرية ،سنة 2007م،
ص.113
)51د .عبد الفتاح حسن ،بحث بعنوان (التسبيب كشرط شكلي يف القرار اإلداري) ،تعليق على حكم
املحكمة اإلدارية العليا الصادر يف 1963/3/30ف ،مجلة العلوم اإلدارية ،تصدرها الشعبة
املصرية للمعهد الدولي للعلوم اإلدارية ،السنة الثامنة ،العدد الثاني (أغسطس 1966م).ـ
ص.175
100
انلهاية اإلدارية للقرار اإلداري انلهايئ السليم
)52د .أشرف عبد الفتاح أبو املجد ،تسبيب القرارات اإلدارية أمام قاضي اإللغاء (الرسالة السابق
ذكرها) .ـ ص.112
)53د .الديداموني مصطفى أحمد ،اإلج��راءات واألشكال يف القرار اإلداري( ،الرسالة السابق
ذكرها) ،ص.191 – 190
)54د .عبد الفتاح حسن ،بحث بعنوان (التسبيب كشرط شكلي يف القرار اإلداري) تعليق على حكم
املحكمة اإلداري��ة العليا الصادر يف 1963/3/30م ،مجلة العلوم اإلداري��ة ،تصدرها الشعبة
املصرية للمعهد الدولي للعلوم اإلداري��ة ،السنة الثامنة ،العدد الثاني (أغسطس 1966م)،
ص.176
)55د .الديداموني مصطفى أحمد ،اإلج��راءات واألشكال يف القرار اإلداري (الرسالة السابق
ذكرها).ـ ص.191
)56د .محمد عبد اهلل احلراري ،أصول القانون اإلداري الليبي( ،املصدر السابق ذكره) ،ص.572
)57د .نصر الدين القاضي ،النظرية العامة للتأديب (الرسالة السابق ذكرها).ـ ص.532
)58د .ثروت عبد العال أحمد ،إجراءات املسائلة التأديبية وضمانها ألعضاء هيئة التدريس ،دار
النشر والتوزيع بجامعة أسيوط ،ص.302
)59مشار إليه .االستاذ .محمد ماجد ياقوت ،أصول التحقيق اإلداري يف املخالفات التأديبية –
دراسة مقارنة ،دار اجلامعة اجلديدة ،ط ،3سنة ،2007ص .550
)60د .حسني درويش ،نهاية القرار اإلداري عن غير طريق القضاء (الرسالة السابق ذكرها).ـ
ص.649
)61د .إسماعيل زك��ي ،ضمانات املوظفني يف التعيني والترقية والتأديب (الرسالة السابقة).ـ
ص.104
)62مشار إليه .د .محمد ماجد ياقوت ،أصول التحقيق اإلداري يف املخالفات التأديبية (املرجع
السابق) ،ص .549 – 548
)63وقد عرف الدكتور محمد حسن علوب ،حق الدفاع بأنه( :حق املتهم يف محاكمة عادلة مؤسسة
على إجراءات مشروعة).
نقال عن د .خليفة سالم اجلهمي ،املسؤولية التأديبية للموظف العام ،بنغازي :منشورات جامعة
قاريونس ،سنة 1997م.ـ ص.293
)64مجلة املحكمة العليا ،السنة السادسة ،العدد الرابع ،يناير 1970ص 42وما بعدها.
)65مجلة املحكمة العليا ،السنة العاشرة ،العدد الثالث ،يناير 1974ص .70
)66د .إسماعيل زكي ،ضمانات املوظفني (الرسالة السابق ذكرها) .ـ ص.171
)67د .حسني درويش ،نهاية القرار اإلداري عن غير طريق القضاء (الرسالة السابق ذكرها).ـ
ص.654
)68د .رحيم الكبيسي ،حرية اإلدارة يف سحب قراراتها (الرسالة السابق ذكرها).ـ ص.58
)69د .حسني درويش عبد احلميد ،نهاية القرار اإلداري عن غير طريق القضاء (الرسالة السابق
ذكرها).ـ ص.630
101
■ اجلاميع ـ جملة علمية حمكمة ـ 29ـ
)70د .حسني درويش ،بحث بعنوان حدود سلطة اإلدارة يف إلغاء القرار اإلداري الفردي السليم،
مجلة العلوم اإلدارية ،السنة ،24العدد ،1يونيه ،سنة 1974م ص.159
)71د .سليمان محمد الطماوي ،النظرية العامة للقرارات اإلدارية (املرجع السابق ذكره) .ـ ص.253
)72مجلة املحكمة العليا ،السنة السادسة والعشرون ،العددان األول والثاني ،ص .27
102