You are on page 1of 5

‫المقدمة‬

‫يعد مبدأ عدم الرجعية في القرارات اإلدارية على الماضي بصفة عامة هو عدم ارتداد نتيجة العمل‬
‫القانوني إلى وقت سابق على دخوله حيز النفاذ‪ ،‬ألنه يؤدي إلى المساس بالحقوق المكتسبة واضطراب‬
‫المعامالت ويشيع عدم االستقرار في المجتمع‪ ،‬ويسري مبدأ عدم رجعية القرارات اإلدارية على‬
‫الماضي على القرارات اإلدارية الفردية والقرارات اإلدارية التنظيمية‪ ،‬وإن اآلثار التي تترتب على‬
‫مخالفة هذا المبدأ هو بطالن القرارات الصادرة بأثر رجعي‪ ،‬ألن القرار اإلداري ال ينتج آثارًا إال على‬
‫المستقبل‪ ،‬وللقاضي أن يلغي القرار اإلداري حينما يكون ذا أثر رجعي بدون إباحة صريحة من‬
‫المشرع في النصوص القانونية‪ .‬كما يعد مبدأ عدم الرجعية في القرارات اإلدارية من القواعد اآلمرة‬
‫التي ال يجوز مخالفتها إال بقانون‪ ،‬لذا فإن مبدأ عدم الرجعية يعد من النظام العام وال تجوز مخالفتها إال‬
‫بناًء على قانون‪ ،‬كما تعد أيضًا قاعدة من قواعد التفسير التي يجب الوقوف عندها متى ما شاب القرار‬
‫اإلداري غموضًا في سريانه باعتبارها قاعدة إلزامية للتفسير‪ ،‬وبالتالي يجب أن يفسر الشك في تاريخ‬
‫القرار اإلداري في مسار عدم الرجعية‪ .‬وعلى الرغم من كون النصوص التشريعية التي نظمت‬
‫موضوع رجعية القوانين سواء في فرنسا ومصر والعراق جاءت جميعًا خالية من اإلشارات إلى‬
‫موضوع رجعية القرارات اإلدارية على الماضي‪ ،‬لذا فإن مبدأ عدم رجعية القرارات اإلدارية من‬
‫المبادئ المسلم بها في الفقه والقضاء اإلداري سواء في فرنسا أو مصر‪ ،‬يستوي في ذلك القرارات‬
‫التنظيمية العامة والفردية‪ ،‬وبالتالي يكون من المنطقي إن تلتزم القرارات اإلدارية بهذا األصل فال‬
‫تسري كقاعدة عامة بأثر رجعي على الماضي‪.1‬‬
‫و في ما يلي سوف نشرح التعريف لمبدأ عدم رجعية القرارات اإلدارية و ما هي االستثناءات على‬
‫هذا المبدأ و ما مفهوم إرجاء أثر القرارات اإلدارية للمستقبل و ما الفرق بين القرار اإلداري الفردي‬
‫التنظيمي و عالقتهما باإلرجاء و هذا من خالل خطة بحث على الشكل التالي‪:‬‬
‫المطلب االول‪ :‬التعريف بمبدأ عدم رجعية القرارات االدارية‬
‫الفرع األول‪ :‬االستثناءات التي وردت على مبدا عدم رجعيه القوانين‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم ارجاء اثار القرار االداري الى المستقبل‪.‬‬
‫الفرع االول‪ :‬القرارات االدارية التنظيمية فيما يتعلق باالرجاء‬
‫الفرع الثاني‪ :‬القرارات اإلدارية الفردية فيما يتعلق باالرجاء‬

‫‪1‬‬
‫الدكتور الزعبي‪ ،‬خالد‪ ،‬القرار اإلداري بين النظرية والتطبيق‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،1999 ،‬ط‪ ،2‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪.‬‬
‫المطلب االول‪:‬‬
‫التعريف بمبدأ عدم رجعية القرارات االدارية‬
‫الرجعية في اللغة تعني "البقاء على القديم في األفكار والعادات دون مساير التطور ‪،‬‬
‫أما عدم رجعية القرارات اإلدارية فيقصد بها سريانها بأثر مباشر من تاريخ نفاذه ا وعدم‬
‫انسحابها على ما تم من مراكز قانونية قبل ذلك ‪.‬‬
‫أو هي " عدم سريانها على ما تم قبل بدء نفاذ القرارات فهي مرتبطة كقاعدة عامة بتاريخ صدورها‪،‬‬
‫أما بالنسبة لإلدارة فمن تاريخ علم األفراد المخاطبين بها ‪"2.‬‬
‫كما يقصد بعدم الرجعية ‪ ":‬عدم جواز تطبيق القرار اإلداري على الوقائع القانونيـة التـي‬
‫‪3‬‬
‫تمت قبل التاريخ المحدد لبدء سريانه‪ ،‬وإنما ينحصر سريان أثر القرار على ما يحدث من وقائع‪.‬‬
‫الفرع االول‪:‬‬
‫االستثناءات التي وردت على مبدأ عدم رجعية القرارات اإلدارية‪.‬‬
‫إذا كانت قاعدة عدم الرجعية تتوافق مع المنطق المجرد ويقتضيها الصالح العام حتى ال تضطرب‬
‫المعامالت وكي يأمن الناس على حقوقهم ‪.‬‬
‫إال أنه يجوز لإلدارة في بعض األحوال أن تخرج على هذا المبدأ وتصدر فـي ظـروف‬
‫خاصة تحيط بكل حالة من هذه الحاالت قرارات إدارية بأثر رجعي‪ ،‬و من بعض هذه االستثناءات التي‬
‫وردت‬
‫‪ _1‬إباحة رجعية القرارات اإلدارية بنص القانون‬
‫‪ _ 2‬إباحة رجعية القرار اإلداري لتنفيذ أحكام القضاء‬
‫‪ _ 3‬إباحة رجعية القرارات األصلح لألفراد‬
‫‪ _ 4‬إباحة الرجعية في القرارات اإلدارية التي تنطوي على الرجعية بطبيعته‬

‫المطلب الثاني‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫الدكتور الطماوي‪ ،‬سليمان‪ ،‬النظرية العامة للقرارات اإلدارية‪ ،1991 ،‬مطبعة جامعة عين شمس‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫بركات‪ ،‬زين العابدين‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري السوري المقارن‪ ،‬ال يوجد طبعة‪ ،‬سوريا‪ ،‬ال يوجد دار نشر‬
‫مفهوم ارجاء اثار القرار اإلداري إلى المستقبل‬
‫ال يوجد أي عائق قانوني يمنع اإلدارة بصفة عامة من تأخير نفاذ القرار اإلداري وارجاء ترتيبه آلثاره‬
‫الى فترة الحقة على صدوره فلها تأجيل نفاذه في مواجهة المعنيين به‪ ،‬وتضيفه الى تاريخ الحق على‬
‫صدوره يضاف الى المستقبل كالقرارات المرتبطة باعتمادات مالية ‪ ،‬فهذه القرارات تعد نافذة من‬
‫تاريخ صدورها بيد ان تنفيذها قد يتأخر لحين وجود االعتماد المالي‪ .‬وقد ايد القضاء الفرنسي هذا‬
‫االتجاه في بعض احكامه المتعلقة باللوائح المؤجل آثارها ‪ ،‬وقيد اإلدارة عموما بضرورة وجود باعث‬
‫مشروع إلرجاء آثار القرار فـــي كل االحوال ‪ ،‬خصوصا اذا كانت فترة االرجاء تمتد الى تاريخ بعيد‬
‫حيث يمكن ارجاء آثار القرارات الفردية الى تاريخ الحق‪ ،‬اذا اقتضت ذلك ضرورة عمل المرفق العام‬
‫ومستلزمات سيره بانتظام وكان للقرار صلة بالصالح العام‪.4‬‬
‫ودرج القضاء اإلداري على التمييز في ذلك بين القرارات اإلدارية التنظيمية أو اللوائح والقرارات‬
‫اإلدارية الفردية‪.‬‬

‫الفرع االول‪:‬‬
‫القرارات االدارية التنظيمية فيما يتعلق باالرجاء‪.‬‬
‫يجوز لإلدارة أن تصدر قرارات تنظيمية مع ارجاء آثارها إلى تاريخ الحق في المستقبل‪ ،‬وبعد ذلك‬
‫التاريخ فإنه لإلدارة حق مطلق في تعديل هذه القرارات أو الغائها في كل وقت‪ ،‬على اعتبار أن هذه‬
‫القرارات (اللوائح )ال ترتب حقوقا مكتسبة للغير بل تولد مراكز قانونية عامة وكذلك تملك اإلدارة‬
‫أرجاء آثار القرارات التنظيمية إلى تاريخ الحق لصدورها‪ ،‬ألن ذلك ال يتضمن اعتداء على سلطة‬
‫الخلف ألن هذا الخلف يملك حق سحب أو إلغاء أو تعديل قرارته التنظيمية ألنها ترتب حقوقا مكتسبة‬
‫بل تنشئ مراكز تنظيمية عامة‪.‬‬
‫ويجوز بصفة مطلقة تأخير إعمال أثرها إلى تاريخ الحق‪ ،‬وذلك على أساس أن هذه القرارات ال تنشئ‬
‫حقوقا مكتسبة ألحد وإنما تنشئ حقوقا تنظيمية عامة‪ ،‬فيمكن بتالي للسلطة القائمة وقت التاريخ المقرر‬
‫إلعمالها أثرها أن تعدلها أو تلغيها كما تشاء وحسب ظروف الحال دون خشية االحتجاج قبلها بحق‬
‫مكتسب للغير‪.‬‬
‫ومن جهة ثانية فإن إصدار اإلدارة لهذه القرارات ال يشكل تعديا أو اغتصابا لإلدارة الالحقة (الخلف)‬
‫ويكون لهذه اإلدارة الخلف إذا ما تغيرت األولى (السلف) حق تعديل الالئحة أو سحبها أو إلغائها بما‬
‫ويتفق ومقتضيات سير المرافق العامة وضرورات الحياة اإلدارية‪.5‬‬

‫‪ 4‬نفيس مدانات ‪ ،‬مبدأ عدم رجعية القرارات اإلدارية ‪ ،‬اسبابه ‪ ،‬ومبرراته ‪ ،‬وحددوه ‪ ،‬بحث منشور في مجلة كلية صدام للحقوق ‪ ،‬العدد‪10‬‬
‫المجلد ‪ ، 6‬تشرين الثاني ‪. 2002‬‬
‫‪ 5‬الطماوي‪ ،‬سليمان المرجع السابق‪،‬ص‪.557‬‬
‫ويرى جانب من الفقه اإلداري أمثال الفقيه الفرنسي (أوبي) أنه إذا كانت القاعدة العامة تقضي بسالمة‬
‫اللوائح المؤجلة آثارها‪ ،‬فإن ذلك ال يعني أن مجلس الدولة الفرنسي ال يمكنه الحكم بإلغائها في جميع‬
‫الحاالت بل إنه يمكن إلغاؤها إذا ما ارجئت آثارها إلى تاريخ بعيد بحيث ينعدم سببها الحال‪ ،‬وبالتالي‬
‫فإن اإللغاء ال يكون بسبب اإلرجاء في ذاته بل بسبب عدم قيام ركن السبب والذي ال يمكن الحكم عليه‬
‫عند صدور الالئحة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬‬
‫القرارات اإلدارية الفردية فيما يتعلق باالرجاء‪.‬‬
‫األصل في القرارات اإلدارية أنه ال يجوز لإلدارة أن ترجئ آثارها للمستقبل ألن ذلك يمثل اعتداء على‬
‫السلطة القائمة في المستقبل ألن ذلك يولد عنها مراكز قانونية خاصة‪ ،‬يستطيع األفراد أن يحتجوا بها‬
‫بمواجهة اإلدارة استنادا إلى فكرة الحقوق المكتسبة‪.‬‬
‫كما لو أصدرت السلطة اإلدارية الحالية قرارا بتعيين موظف وأرجئت تنفيذ هذا القرار إلى فترة الحقة‬
‫فتكون قد قيدت السلطة اإلدارية في المستقبل بقرار تعيين خالفا لقواعد االختصاص‪.‬‬
‫ومع ذلك يجوز أحيانا ولضرورات سير المرافق العامة تأجيل آثار القرار اإلداري إلى تاريخ الحق‪،‬‬
‫فيكون المرجع في هذه الحالة‪ ،‬هو الباعث وليس التأجيل ذاته‪ ،‬ويكون الحكم على مشروعية هذا القرار‬
‫أن يكون محله قائما حتى اللحظة المحددة للتنفيذ‪ ،‬فإن انعدم هذا الركن أصبح القرار منعدما النعدام‬
‫ركن المحل فال يرتب أثرا‪.‬‬
‫فيرى جانب من الفقه الفرنسي أنه ال يجوز كأصل عدم إرجاء آثارها إلى تاريخ الحق‪ ،‬ويرجع ذلك‬
‫إلى أن هذه القرارات تنشئ حقوقا مكتسبة وال يمكن المساس بها إال وفقا لألوضاع التي يحددها القانون‬
‫النقضاء القرار اإلداري ومن شأن ذلك أن يقيد السلطة القائمة وقت التاريخ المحدد للتنفيذ الالحق‪ ،‬فال‬
‫تستطيع تعديلها أو إلغائها وإال بطل قرارها استنادا إلى فكرة الحق المكتسب‪.6‬‬

‫‪ 6‬عبد المجيد محمد السيد‪ ،)200( ،‬نفاذ القرارات اإلدارية‪ ،‬رسالة دكتوراة غير منشورة‪ ،‬جامعة القاهرة‪.‬‬
‫الخاتمة‬
‫وفي ختام بحثنا هذا الذي تناولنا فيه مبدأ رجعية القوانين وإرجائها والذي استنتجنا منه ما يلي‪:‬‬
‫اتضح لنا أن القرار اإلداري ينفذ في مواجهة اإلدارة منذ تاريخ صدوره‪ ،‬كقاعدة عامة إال أن‬ ‫‪‬‬
‫اإلدارة تملك أن تجعل للقرارات الصادرة عنها آثاًر ا رجعية في حاالت معينة كحالة وجود‬
‫نص تشريعي يبيح لها ذلك‪.‬‬
‫تبين لنا أن مبدا عدم رجعية القرار اإلداري قد تقرر لمصلحة األفراد وحماية حقوقهم المكتسبة‬ ‫‪‬‬
‫ولغايات استقرار معامالتهم واحتراما لقواعد االختصاص‪.‬‬
‫وتبين لنا أيضا‪ ،‬أنه يجوز لإلدارة أن تصدر القرارات التنظيمية وترجئ آثارها إلى تاريخ‬ ‫‪‬‬
‫المستقبل ألن االعتبارات التي حالت دون الرجعية ال يوجد لها اثر في هذا المجال‪.‬‬
‫ونوصي بما يلي‪:‬‬
‫يجب أن يكون القرار اإلداري مطابقا للدستور والقوانين واللوائح ومبادئ القانون العام‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫كالمساواة والحريات العامة وحق الدفاع وعدم رجعية القرارات اإلدارية‪.‬‬
‫ضرورة أن يكون القرار اإلداري ينص على عدم الرجعية إال بحاالت الظروف الطارئة ألن‬ ‫‪‬‬
‫مخالفة هذه المبادئ قد ينجم عنه المساس بالحقوق المكتسبة لالفراد والذين اكتسبوا حقوقهم‬
‫تحت ظل قانون معين‪.‬‬

‫قائمة المراجع‬
‫عبد المجيد محمد السيد‪ ،)200( ،‬نفاذ القرارات اإلدارية‪ ،‬رسالة دكتوراة غير منشورة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫جامعة القاهرة‪.‬‬
‫نفيس مدانات ‪ ،‬مبدأ عدم رجعية القرارات اإلدارية ‪ ،‬اسبابه ‪ ،‬ومبرراته ‪ ،‬وحددوه ‪ ،‬بحث‬ ‫‪‬‬
‫منشور في مجلة كلية صدام للحقوق ‪ ،‬العدد‪ 10‬المجلد ‪ ، 6‬تشرين الثاني ‪. 2002‬‬
‫الدكتور الطماوي‪ ،‬سليمان‪ ،‬النظرية العامة للقرارات اإلدارية‪ ،1991 ،‬مطبعة جامعة عين‬ ‫‪‬‬
‫شمس‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫بركات‪ ،‬زين العابدين‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري السوري المقارن‪ ،‬ال يوجد طبعة‪ ،‬سوريا‪ ،‬ال‬ ‫‪‬‬
‫يوجد دار نشر‪.‬‬
‫الدكتور الزعبي‪ ،‬خالد‪ ،‬القرار اإلداري بين النظرية والتطبيق‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،1999 ،‬ط‪،2‬‬ ‫‪‬‬
‫دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪.‬‬

You might also like