Professional Documents
Culture Documents
الجماعية
إ ن التحكيم كوسيلة بديلة حلل نزاعات الشغل اجلماعية قد ينتهي حبصول اتفاق بني طريف النزاع وذلك
خالل السري العادي يف إجراءاته ،حيث يوضع مبوجبه حدا للنزاع القائم بينهما وتنتهي به اإلجراءات ،وقد ال
حيصل مثل هذا االتفاق فيضطر احملكم إىل إصدار قرار فاصل يف النزاع بناء على ما قدمه كل طرف من حجج
ومستندات ،وبذلك يكون قرار احملكم هو الفاصل يف النزاع الذي يتعني على الطرفني تنفيذه واحرتامه.
وعليه فإذا أخطأت هيئة التحكيم يف استخالص الوقائع أو تقديرها ،أو أخطأت يف تطبيق القانون ،أو
أخطأت يف عناصر العدالة اليت جيب أن تستند إليها عند تكوين قرارها ،أو أهنا مل تتخذ إجراءا هاما وفق ما نص
عليه القانون.
وعلى ضوء ما تقدم ،سنقسم هذا املطلب إىل فقرتني ،خنصص الفقرة األوىل للطعن يف املقرر التحكيمي
أمام القضاء ،والفقرة الثانية لقوة القرار التحكيمي وتنفيذه.
عمل املشرع املغريب على أتمني مصلحة األطراف املتنازعة وذلك إباتحة الطعن يف مقرر التحكيم الصادر
1
بعد إعمال آلية التحكيم وفقا للمسطرة املنصوص عليها يف مدونة الشغل
غري أن املالحظ أن اجلهاز املختص ابلنظر يف الطعون املقدمة ضد القرار التحكيمي خيتلف من تشريع
2
آلخر ،حيث أوكل املشرع املغريب هذا االختصاص للغرفة االجتماعية حمكمة النقض
ومن جتليات خصوصيات نزاع الشغل اجلماعي جند اآلجال املنصوص عليها للطعن يف القرار التحكيمي
حيث يتوجب تقدمي الطعن يف أجل ال يتعدى 15يوما من اتريخ تبليغ القرار املطعون فيه إىل أطراف النزاع ،يتم
- 1أسماء عوريش ،التحكيم في منازعات العمل الجماعية ،رسالة لنيل درجة الماجستير في الحقوق ،جامعة القاهرة ،السنة الجامعية -2002
،2003ص .180
- 2تنص المادة 575من مدونة الشغل " ال يمكن الطعن في القرارات التحكيمية الصادرة في نزاعات الشغل الجماعية إال أمام الغرفة االجتماعية
بمحكمة النقض ،طبقا للمسطرة المنصوص عليها أدناه ".
1
إيداع هذا الطعن عن طريق رسالة مضمونة مع اإلشعار ابلتوصل موجهة إىل رئيس الغرفة االجتماعية اليت تقوم
1
مقام الغرفة التحكيمية
وعليه فإن للغرفة االجتماعية احلق يف أن تصادق على القرارات الصادرة أو تنقضها 2،غري أن نقضها قد
يكون كليا حبيث يشمل القرار برمته ،وقد يقتصر على بعض جوانبه اليت يكون شاهبا التقصري ،دون بقية اجلوانب
3
األخرى ،وهذا إذا كان ميكن جتزئة مضمون القرار
وقد نص املشرع يف املادة 578على أنه " جيب أن تصدر الغرفة التحكيمية قرارها يف أجل أقصاه ثالثون
يوما من اتريخ رفع الطعن إليها.
جيب تبليغ القرار التحكيمي الصادر عن الغرفة إىل األطراف خالل األربع والعشرين ساعة من اتريخ
صدوره".
وقد تطرقت املدونة للحالة اليت تنقض فيها الغرفة االجتماعية القرار التحكيمي املطعون فيه ،حيث نصت
بوجوبية إحالة الغرفة للنازلة إىل حكم جديد يتم تعيينه من طرف األطراف ويف حالة عدم اتفاقهم يتم تعيينه من
4
طرف الوزير املكلف للتشغيل
جتدر اإلشارة أن املدونة سكتت عن اإلجراءات اليت يقوم هبا احملكم اجلديد.
ويكون القرار التحكيمي الصادر عن احلكم اجلديد قابال بدوره للطعن أمام الغرفة االجتماعية وفقا لنفس
اإلجراءات اليت يتم الطعن هبا يف القرار األول؛ وإذا ما نقضت الغرفة االجتماعية من جديد هذا احلكم الثاين فإهنا
تكون ملزمة بتعيني مقرر من بني مستشاريها إلجراء حبث تكميلي قصد جتهيز امللف للبث فيه داخل ثالثني يوما
من صدور القرار التحكيمي املطعون فيه ،ويكون القرار البات يف النزاع الصادر عن الغرفة االجتماعية مبثابة قرار
حتكيمي غري قابل للطعن.
وقد نص املشرع املغريب يف الفقرة الثانية ،من املادة 581من مدونة الشغل على أنه " :حيفظ أصل اتفاق
التصاحل والقرار التحكيمي لدى كتابة جلنة البحث واملصاحلة ،أو لدى كتابة احلكم ،حسب األحوال".
2
إال أن املالحظ أن اللجوء إىل الطعن يف القرار التحكيمي جاء بشكل ال ميكن إعماله إال يف حالتني
1
واردتني على سبيل احلصر.
ويف هذا اإلطار يرى األستاذ عبد اللطيف خالفي أن الطعن املستند إىل التطبيق اخلاطئ أو التفسري اخلاطئ
للنصوص االتفاقية (االتفاقات اجلماعية) ،يعترب طعنا مستندا إىل خرق القانون ،ما دام أنه ثبت أبن احلكم قد
أخطأ فعال يف تطبيق أو تفسري النصوص االتفاقية اليت جتمع بني طرفيي النزاع اجلماعي.
يعترب التنفيذ أهم مرحلة يصل إليها املقرر التحكيمي ،ألهنا هي املقصودة من كل اإلجراءات املتبعة أمام
احلكم؛ فالتنفيذ هو جتسيد املقرر التحكيمي على مستوى الواقع وذلك بقيام كل طرف مبا فرضه عليه من التزامات
واستفادته مما أوجبه له املقرر التحكيمي 3،والتساؤل يطرح حول ما إذا كانت قرارات التحكيم تنفذ فور صدورها
أم أهنا حتتاج إىل القيام ببعض اإلجراءات ،لكن قبل اإلجابة على هذا السؤال سوف نبحث فيما إذا كانت للقرار
التحكيمي قوة إلزامية.
- 1تنص المادة " 576تتولى الغرفة االجتماعية بمحكمة النقض مهام غرفة تحكيمية ،وتبت بهذه الصفة في الطعون ،بسبب الشطط في استعمال
السلطة ،أو بسبب خرق القانون ،التي تقدمها األطراف ضد القرارات التحكيمية".
- 2محمد الكشبور ،رقابة المجلس األعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،الطبعة األولى،2001
ص401 :
- 3سهام مالكي ،مرجع سابق ،ص 81
3
وعليه سنقسم الدراسة يف هذا املطلب إىل فقرتني ،نعاجل يف الفقرة األوىل قوة القرار التحكيمي على أن
نتعرض يف الفقرة الثانية لتنفيذ القرار التحكيمي
ابلرجوع إىل القوانني املقارنة جندها تكاد جتمع على أن املقرر التحكيمي هو ذو طابع إلزامي سواء كان
التحكيم إجباري أو اختياري.
وهكذا جند املشرع التونسي من خالل الفصل 386من م.ش.ت 1ينص صراحة على أن قرار التحكيم
ملزم لألطراف ،وال ميكن الطعن فيه ويعاقب كل خمالف بعقوبة الغرامة.
كذلك املشرع املصري ينص على أن املقرر التحكيمي مبثابة حكم صادر عن حمكمة االستئناف ،وذلك
بعد تذييله ابلصيغة التنفيذية.2
أما خبصوص املشرع املغريب فقد كان ينص يف إطار الفصل 18من ظهري 19يناير 1946على أن
أحكام احملكمني تكون إلزامية "...بل أكثر من ذلك هذه القوة اإللزامية مكفولة جبزاء نص عليه الفصل 21من
نفس الظهري.
وابلرجوع إىل مدونة الشغل ،فإننا ال جند أي نص يقضي صراحة إبلزامية القرار التحكيمي ،ويف هذا الصدد
يرى أحد الفقه 3أن احلرية اليت يتمتع هبا أطراف النزاع اجلماعي يف اللجوء إىل التحكيم من عدمه؛ ال تشمل القرار
الذي يصدر فيه ،ويضيف كذلك أنه جمرد حتريك إجراءات التحكيم بعد موافقة أطراف النزاع ،فإهنما يصريان
جمربين ،على االمتثال للنتيجة اليت قد يتمخض عنها التحكيم ،أي إىل قرار احلكم.
ويرى أحد الباحثني 4أن القوة اإللزامية حمفوظة لقرارات التحكيم الصادرة وفقا للمقتضيات القانونية مادام
أن أصل إعمال هذه املقتضيات هو إرادة األطراف املتنازعة وما دام أنن من التزم ال يرجع.
4
تنص املادة 581من م.ش على أن القرار التحكيمي يكون له قوة تنفيذية وفق قواعد املسطرة املدنية.
وينص الفصل 327-26من ق.م.م على أنه " :يكتسب احلكم التحكيمي مبجرد صدوره حجية الشيء
املقضي به خبصوص النزاع الذي يتم الفصل فيه".
وينص الفصل ":327/34ال يقبل احلكم التحكيمي أي طعن مع مراعاة مقتضيات الفصل 327-35
بعده.
يتضح من خالل هذين الفصلني أن األحكام التحكيمية تتمتع ابلقوة التنفيذية مبجرد صدورها ودون حاجة
إىل تذييلها ابلصيغة التنفيذية ،ألن املشرع جعلها غري قابلة ألي طعن ابستثناء ما نص عليه الفصل .327-35
وكذلك ابكتساب هذه األحكام حجية الشيء املقضي به مبجرد صدورها وإن كان التعبري الذي استعمله
املشرع – حسب رأي أحد الفقه 1-غري سليم ألن احلجية تثبت جلميع األحكام مبجرد صدورها وال تعكس
قابليتها للتنفيذ من عدمها؛ وأن املشرع كان عليه أن يقول إهنا تكتسب قوة الشيء املقضي به مبجرد صدورها ،أي
أهنا تسمح بقوة القانون وبطبيعتها أن يباشر التنفيذ خبصوص ما قضت به يف نزاع موضوع التحكيم.
غري أننا نعتقد أنه سواء استعمل املشرع عبارة حجية الشيء املقضي أو قوة الشيء فإن احلكم التحكيمي
مبجرد صدوره يكون قابال للتنفيذ – ما مل يتعلق األمر ابالستثناء الذي سنتحدث عنه فيما بعد – ألن حجية
الشيء املقضي كذلك جتعل احلكم التحكيمي قابل للتنفيذ ما مل يوقف هذا التنفيذ بسبب ممارسة الطعن ابلبطالن
داخل األجل أو أجل هذا الطعن طبقا للفصل ،36/327وكذلك يوقف بسبب تقدمي طلب التصحيح أو
2
التأويل وآجال تقدميه.
كما ميكن أن يكون احلكم التحكيمي مشموال ابلنفاذ املعجل إذا كان ال يطالب بشأنه بصيغة التنفيذ
وذلك طبقا للفصل 26/327من ق.م.م.
- 1عبد الكريم الطالب ،الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية ،الطبعة الخامسة ،2008ص .368
- 2الفصل 36-327من ق.م.م.
5
ومل حيدد املشرع طبيعة التنفيذ املعجل املشمول به القرار التحكيمي مبا إذا كان قضائي أو قانوين؟
وإذا كانت القاعدة هي أن األحكام التحكيمية تكون قابلة للتنفيذ مبجرد صدورها ،فإنه متة استثناء يرد
عليها ،حبيث يكون تنفيذ احلكم التحكيمي معلق على تذييله ابلصيغة التنفيذية وهو ما أكده الفصل 327-26
الذي نص على ما يلي:
" غري أن احلكم التحكيمي ال يكتسب حجية الشيء املقضي به ،عندما يتعلق األمر بنزاع يكون أحد
األشخاص املعنويني اخلاضعني للقانون العام طرفا فيه ،إال بناء على أمر بتخويل صيغة التنفيذ ويف هذه احلالة
يطلب ختويل صيغة التنفيذ من قبل الطرف األكثر استعجاال أمام القاضي املختص تطبيقا للفصل 310أعاله"
حسب املسطرة املنصوص عليها يف الفصل 31-327وابآلاثر املشار إليها يف الفصل 32-327وما يليه.
وابلرجوع للفصل 327-31جنده ينص على أنه ال ميكن تنفيذ األحكام التحكيمية جرباي ما مل تكن
مقرونة ابلصيغة التنفيذية.
وهكذا يتضح أن الصيغة التنفيذية الزمة كلما تعلق األمر بوجود شخص معنوي طرفا يف النزاع أو كان
التنفيذ جرباي.
وللحصول على الصيغة التنفيذية اليت مينحها رئيس احملكمة الصادر احلكم التحكيمي بدائرهتا والرئيس
األول حىت تعلق األمر ابالستئناف يتعني إيداع أصل احلكم مصحواب بنسخة من اتفاق التحكيم مع ترمجتها إىل
اللغة العربية لدى كتابة ضبط احملكمة من لدن أحد احملكمني أو الطرف األكثر استعجاال داخل أجل سبعة أايم
التالية لتاريخ صدوره أو لدى كتابة ضبط حمكمة االستئناف إذا تعلق التحكيم ابستئناف حكم طبقا ملا نص عليه
الفصل 31-327من ق.م.م.
وتوضع الصيغة التنفيذية على أصل احلكم التحكيمي ويكون األمر الصادر بتخويل الصيغة التنفيذية غري
قابل للطعن ،أما األمر القاضي برفض الصيغة التنفيذية جيب أن يكون معلال وهو قابل للطعن ابالستئناف داخل
1
أجل 15يوما من اتريخ تبليغه ووفقا للقواعد العادية ،وتبث فيهه احملكمة طبقا ملسطرة االستعجال.
6
ونشري يف األخري إىل أنه ال يواجه األغيار ابألحكام التحكيمية ولو كانت مذيلة ابلصيغة التنفيذية وميكنهم
أن يتعرضوا عليها تعرض الغري اخلارج عن اخلصومة أمام احملكمة اليت كانت ستنظر يف النزاع لو مل يربم اتفاق حتكيم
(الفصل 35-327من ق.م.م).
7