You are on page 1of 25

‫تقادم المطالبة بالحقوق المالية في الدعاوى الشغلية ‪:‬‬

‫قراءة في تحول فقه قضائي انطالقا من قرار الدوائر المجتمعة‬


‫عدد ‪ 23002‬المؤرخ في ‪ 27‬جانفي ‪2005‬‬
‫سناء سويسي‬
‫أستاذة مساعدة بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس‬
‫جامعة تونس المنار‬
‫القرار ‪:‬‬
‫قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 23002‬صادر عن الدوائر المجتمعة بتاريخ ‪ 27‬جانفي ‪ 2005‬برئاسة‬
‫السيد مبروك بن موسى‬

‫المادة ‪ :‬اجتماعي‪.‬‬
‫المراجع ‪ :‬الفصالن ‪ 23‬و‪ 376‬من م‪.‬ش‪.‬‬
‫المفاتيح ‪ :‬نزاع شغلي جماعي‪ ،‬مصالح وحقوق مشتركة‪ ،‬أجل سقوط‪ ،‬أجل تقادم‪.‬‬

‫المبدأ ‪:‬‬
‫شغل الجماعيّة‬ ‫أن نزاعات ال ّ‬ ‫شغل ّ‬ ‫يستخلص من أحكام الفصل ‪ 376‬وما بعده من مجلّة ال ّ‬
‫هي ك ّل صعوبة تنشأ بين مؤ ّجر ومجموع عملته حول تنفيذ عقد الشغل ويكون من شأنها أن تثير‬
‫نزاع شغل جماعي وعادة ما يكون موضوعها مصالح أو حقوقا مشتركة بين سائر أولئك األجراء‪.‬‬
‫ال بمصلحة أو حق‬ ‫أ ّما إذا كان النزاع بين المؤ ّجر وأحد عملته وكان موضوعه ال يتعلّق إ ّ‬
‫هذا العامل فهو نزاع فردي ومن اختصاص دوائر الشغل ولو تعدّدت حاالت النّزاع بتعدّد األجراء‬
‫إذ العبرة في نزاعات الشغل الجماعيّة باتحاد الحق أو المصلحة مثال النزاع وليس بتعدّد األجراء‬
‫تخص إالّ شخصه‪.‬‬‫ّ‬ ‫ما دام ك ّل واحد منهم يطالب بحق أو مصلحة فرديّة ال‬
‫إن المطالبة بغرامة ّ‬
‫الطرد التعسّفي إ ّنما هي طلب وفاء بالتزام معمر للذ ّمة المالية وبالتالي‬ ‫ّ‬
‫فإن األجل الذي حدّدته الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 23‬من مجلّة الشغل (حسبما وقع تنقيحه بالقانون‬ ‫ّ‬
‫المؤرخ في ‪ )1994/2/21‬لطلب تلك الغرامة إنّما هو أجل تقادم يقبل القطع‬ ‫ّ‬ ‫عدد ‪ 29‬لسنة ‪1994‬‬
‫والتعليق‪.‬‬
‫الحمد هلل‪،‬‬
‫أصدرت محكمة التعقيب القرار اآلتي ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫بعد اإلطالع على مطلب التعقيب المض ّمن تحت عدد ‪ 23002‬والمقدّم من األستاذ عمر‬
‫بوقديدة بتاريخ ‪.2002/12/11‬‬
‫في حق ‪ :‬شركة تمويل النّزل "نزل جربة المنزل" في شخص ممثّلها القانوني‪.‬‬
‫ضد ‪ :‬عادل‪.‬‬
‫طعنا في الحكم الشغلي الصادر عن المحكمة االبتدائيّة بمدنين بوصفها محكمة استئناف‬
‫ألحكام دوائر الشغل الراجعة لها بالنظر تحت عدد ‪ 8459‬بتاريخ ‪ 2001/11/5‬والقاضي بقبول‬
‫االستئنافين شكال وفي األصل بإقرار الحكم االبتدائي وحمل المصاريف التي سبقها صندوق الدولة‬
‫على الطرفين ‪....‬‬
‫وبعد اإلطالع على قرار السيّد الرئيس األول لمحكمة التعقيب القاضي بإحالة القضية على‬
‫الدوائر المجتمعة وتعيين جلسة اليوم موعدا ّ‬
‫للبت فيها‪.‬‬
‫اإلطالع على مذكرة مستندات الطعن المقدّمة من األستاذ عمر بوقديدة بتاريخ‬ ‫ّ‬ ‫وبعد‬
‫‪ 2003/1/10‬وعلى محضر إبالغها للمعقب ضدّه في ‪ 2003/1/4‬بواسطة عدل التنفيذ السيد‬
‫مبروك الشافعي تحت عدد ‪.22391‬‬
‫وبعد اإلطالع على ملحوظات النيابة العموميّة واالستماع إلى شرح ممثلها بالجلسة الذي‬
‫طلب قبول مطلب التعقيب شكال وأصال ونقض القرار المطعون فيه‪.‬‬
‫الملف والمداولة طبق القانون صرح‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلطالع على الحكم المنتقد وعلى كافّة أوراق‬ ‫وبعد‬
‫بما يلي ‪:‬‬
‫من حيث الشكل ‪:‬‬
‫حيث استوفى مطلب التعقيب جميع صيغه القانونيّة فهو حري بالقبول شكال‪.‬‬
‫من حيث األصل ‪:‬‬
‫حيث تفيد وقائع القضيّة كما تض ّمنها الحكم المنتقد واألوراق التي انبنى عليها قيام المعقب‬
‫ضدّه لدى دائرة الشغل بمدنين في ‪ 1999/1/14‬عارضا أنّه انتدب للعمل لدى المعقبة بنزل "جربة‬
‫منزل" التابع لها منذ يوم ‪ 1994/5/3‬بصفة مساعد لحام وبأجر شهري قدره مائتان وأربعة عشر‬
‫دينارا ومليمات ‪ 995‬وفي يوم ‪ 1997/5/21‬أوقفته عن العمل بالنزل المذكور داعية إ ّياه إلى‬
‫االلتحاق بنزل المرادي بمدينة سوسة دون موجب شرعي األمر الذي يعتبر من جانبها طردا‬
‫تعسّفيا طالبا إلزامها بأن تؤدّي له المستحقّات القانونيّة‪.‬‬
‫وحيث تمسّكت المدّعى عليها بسقوط الحق في القيام بالدّعوى تطبيقا ألحكام الفصلين ‪23‬‬
‫ّ‬
‫وبأن المدّعي يعتبر بحالة استقالة بحكم تغيّبه عن العمل لمدّة تزيد عن ‪ 15‬يوما‪.‬‬ ‫و‪ 147‬من م‪.‬ش‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وبعد استيفاء اإلجراءات أصدرت دائرة الشغل بمدنين حكمها عدد ‪ 5689‬بتاريخ‬
‫تعرض له المدّعي يكتسي صبغة الطرد التعسّفي وبإلزام المدّعى‬ ‫‪ 1999/3/23‬القاضي باعتبار ما ّ‬
‫عليها على ذلك األساس بأن يؤدّي له المبالغ التالية ‪:‬‬
‫ّأوال ‪ :‬مائتين وأربعة عشر دينارا ومليمات ‪ 995‬لقاء منحة اإلعالم ّ‬
‫بالطرد‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬مائتين وسبعة وخمسين دينارا ومليمات ‪ 976‬لقاء منحة مكافأة نهاية الخدمة‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬ألف ومائتين وتسعة وثمانين دينارا ومليمات ‪ 970‬لقاء غرامة الطرد التعسّفي‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬مائة دينار لقاء أتعاب التقاضي وأجرة المحاماة وحمل المصاريف القانونيّة على‬
‫المحكوم عليها‪.‬‬
‫مجلة الشغل بمقتضى القانون عدد ‪ 29‬لسنة ‪ّ 1994‬‬
‫أن‬ ‫استنادا إلى أ ّنه يستنتج من تنقيح ّ‬
‫المشرع قد أخضع دعوى غرم الضّرر الناشئ عن القطع التعسّفي لعقد الشغل إلى نظام التقادم‬‫ّ‬
‫وأن المدّعي سبق أن قام بدعوى الغرم ضمن القضيّة عدد‬ ‫بعد أن كان يخضعها لألجل المسقط ّ‬
‫‪ 4516‬بتاريخ ‪ 23‬ماي ‪ 1997‬وقد صدر الحكم فيها استئنافيّا في ‪ 1998/12/14‬برفض دعواه‬
‫وذلك القيام يعتبر عمال قاطعا عمال بالفصلين ‪ 396‬و‪ 398‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬وبذلك يكون القيام الحالي‬
‫بتاريخ ‪ 1999/1/14‬في األجل‪.‬‬
‫فاستأنف الطرفان ذلك الحكم أمام المحكمة االبتدائيّة بمدنين بوصفها محكمة استئناف‬
‫ألحكام دوائر الشغل الراجعة لها بالنظر وبعد استيفاء اإلجراءات قضت المحكمة المذكورة في‬
‫القضيّة عدد ‪ 7219‬بتاريخ ‪ 2000/2/28‬بإقرار الحكم االبتدائي معتمدة نفس أسباب الحكم‬
‫االبتدائي‪.‬‬
‫فتعقبته المدعى عليها ناعية عليه ‪:‬‬
‫ضعف التعليل وخرق أحكام الفصلين ‪ 23‬و‪ 147‬من مجلة الشغل والفصلين ‪ 396‬و‪398‬‬
‫من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬والفصلين ‪ 307‬و‪ 376‬من مجلة الشغل والفصول ‪ 251‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ .‬و‪ 420‬من‬
‫م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬و‪ 14‬خامسا من م‪.‬ش‪ .‬و‪ 23‬من االتفاقية القطاعية المشتركة للنزل والسياحة‬
‫والمؤسسات المشابهة لها وهضم حقوق الدفاع وتحريف الوقائع ‪:‬‬
‫الطرد ولم يعلّل قضاءه بالنسبة‬
‫التعرض لمسألة ثبوت ّ‬
‫ّ‬ ‫بمقولة ّ‬
‫أن الحكم المطعون فيه أهمل‬
‫والطرد وعدم إبراز أسس تقدير الغرامات والمنح وعدم‬ ‫ّ‬ ‫للدّفوع المتعلّقة بذلك والخلط بين اإليقاف‬
‫الملف على النيابة العموميّة عالوة‬
‫ّ‬ ‫الردّ على الدّفع المتعلّق بالصبغة الجماعية للنزاع وعدم عرض‬
‫أن أجل القيام بالدّعوى هو أجل مسقط غير قابل ّ‬
‫للطعن وال للتعليق‪.‬‬ ‫على ّ‬
‫فأصدرت محكمة التعقيب قرارها عدد ‪ 6119/2000‬بتاريخ ‪ 2001/1/31‬بقبول مطلب‬
‫التعقيب شكال وأصال ونقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضيّة على المحكمة االبتدائيّة بمدنين‬
‫بوصفها محكمة استئناف ألحكام دوائر الشغل التابعة لها إلعادة النظر فيها بهيئة أخرى استنادا‬

‫‪3‬‬
‫أن األجل المنصوص عليه‬ ‫إلى وضوح أحكام الفصل ‪ 23‬من م‪.‬ش‪ .‬وعدم قابليّته للتأويل باعتبار ّ‬
‫للقيام بدعوى التعوي ض عن الطرد هو أجل سقوط وليس أجل تقادم وال يقبل القطع وال التعليق‪.‬‬
‫فأعيد نشر القضيّة أمام محكمة اإلحالة إالّ أنّها قضت في ‪ 2001/11/5‬تحت عدد ‪8459‬‬
‫أن تنقيح الفصل‬ ‫بإقرار الحكم االبتدائي معتمدة نفس أسباب الحكم المنقوض ومركزة خاصة على ّ‬
‫‪ 23‬من م‪.‬ش‪ .‬بمقتضى القانون عدد ‪ 29‬لسنة ‪ 1994‬الذي حذف الفقرة المشيرة للفصل ‪ 13‬من‬
‫المشرع قد انصرفت إلى التخلّي عن نظام األجل المسقط بالنسبة للقيام‬
‫ّ‬ ‫م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ .‬يد ّل على ّ‬
‫أن إرادة‬
‫بدعوى التعويض عن ّ‬
‫الطرد التعسّفي‪.‬‬
‫للمرة الثانية ناعية عليه ‪:‬‬
‫فتعقبته المدّعى عليها ّ‬
‫‪)1‬خرق القانون ‪:‬‬
‫أ‪-‬خرق الفصل ‪ 123‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ .‬لضعف التعليل ‪:‬‬
‫ألن محكمة اإلحالة لم تستعرض من دفوع المعقبة إالّ ما كان يتعلّق منها بسقوط الحق‬ ‫ّ‬
‫التعرض للدّفوع المتعلّقة بمسألة ثبوت الطرد وإبراز أسس تقدير الغرامات‬ ‫ّ‬ ‫بمرور ّ‬
‫الزمن دون‬
‫والمنح ولم تجب عن الدّفع المتعلّق بوجوب إجراء المحاولة الصلحيّة حال ّ‬
‫أن النقض مع اإلحالة‬
‫التطرق إلى كافّة الدّفوع المثارة لديها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يفرض على محكمة اإلحالة‬

‫ب‪-‬خرق الفصلين ‪ 23‬و‪ 147‬من مجلة الشغل والفصلين ‪ 396‬و‪ 398‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪: .‬‬
‫الزمن بالرغم من ّ‬
‫أن األجل الوارد‬ ‫أن الدّعوى قد سقطت بمرور ّ‬ ‫بأن المحكمة لم تعتبر ّ‬
‫قوال ّ‬
‫بالفصل ‪ 23‬من م‪.‬ش‪ .‬أجل سقوط ال يقبل القطع وال التعليل وبذلك فال مجال العتبار القيام السابق‬
‫عمال قاطعا لألجل‪.‬‬
‫ج‪-‬خرق الفصل ‪ 376‬من م‪.‬ش‪: .‬‬
‫لعدم الردّ على الدّفع المتعلّق بصبغة النزاع الجماعي وما يترتّب عن ذلك من عدم‬
‫اختصاص دائرة الشغل حكميا‪.‬‬
‫د‪-‬خرق الفصل ‪ 251‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪: .‬‬
‫الملف لم يعرض على النيابة العموميّة بالرغم من وجود الدفع بعدم االختصاص‬
‫ّ‬ ‫قوال ّ‬
‫بأن‬
‫الحكمي‪.‬‬
‫هـ‪ -‬خرق الفصل ‪ 420‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬و‪ 14‬خامسا من م‪.‬ش‪: .‬‬
‫ي دليل على وقوع الطرد وقد نفت المعقبة ذلك متمسّكة‬ ‫بمقولة ّ‬
‫أن المعقب ضدّه لم يقدّم أ ّ‬
‫ّ‬
‫بأن العالقة الشغلية ت ّم تعليقها بسبب أشغال تجديد بناء النزل الذي يعمل به المدّعي مع اقتراح‬
‫نقلته إلى العمل بنزل آخر بصفة مؤقتة ثم بعد إعادة فتح النزل مجددا عرض عليه الرجوع لسالف‬
‫‪4‬‬
‫عمله لكنّه رفض فقضي الحكم المنتقد لفائدة الدّعوى دون التفات لك ّل ذلك وال إلى منازعة المعقبة‬
‫في األجر المعتمد الذي ال يساوي ‪995‬د‪ 214‬بل يساوي فقط ‪192‬د‪.888‬‬
‫و‪-‬خرق الفصل ‪ 23‬من االتفاقية المشتركة للنزل والسياحة والمؤسسة المشابهة لها‪:‬‬
‫أن مصلحة العمل وحدها هي التي‬‫أن ال دليل على ّ‬ ‫بأن محكمة الحكم المنتقد اعتبرت ّ‬
‫قوال ّ‬
‫أن النّزل قد توقف عن‬
‫بالملف تثبت ّ‬
‫ّ‬ ‫أن المؤيدات المظروفة‬ ‫اقتضت نقلة المعقب ضدّه في حين ّ‬
‫ك ّل نشاط بسبب األشغال وأنّه ت ّم عرض مكان ثان يعمل فيه المعقب ضدّه مؤقتا وثبت أيضا ّ‬
‫أن‬
‫المعقبة ضمنت المصاريف لغيره من العملة الذين قبلوا النقلة‪.‬‬

‫‪)2‬فقدان التعليل ‪:‬‬


‫بأن محكمة الحكم المنتقد لم تجب عن دفوع المعقبة المتعلّقة بثبوت الطرد وأسس‬ ‫قوال ّ‬
‫تقدير الغرامات والمنح المحكوم بها والخلط بين اإليقاف المؤقت لعالقة الشغل والطرد النهائي‬
‫ووجوب إجراء المحاولة الصلحيّة واالقتصار على الردّ على مسألة سقوط الحق بمرور الزمن‪.‬‬
‫‪)3‬هضم حقوق الدفاع ‪:‬‬
‫يتعرض إلى الطلبات الكتابيّة المقدّمة لدى محكمة الدرجة‬
‫بأن الحكم المطعون فيه لم ّ‬‫قوال ّ‬
‫الثانية بغرض إعادة المحاولة الصلحيّة التي لم تجر بين الطرفين خاصة وقد عبرت المعقبة عن‬
‫استعدادها الستئناف العالقة الشغليّة مع المعقب ضدّه بعد إعادة فتح النزل الذي كان يعمل به‬
‫بمجرد انتهاء األشغال الجارية به لكن المحكمة لم تبيّن موقفها من ذلك ولم تستجب للطلب‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪)4‬تحريف الوقائع ‪:‬‬
‫قوال ّ‬
‫بأن الحكم المنتقد اعتبر موقف المعقبة بمثابة الطرد التعسّفي محرفا بذلك الوقائع‬
‫وتصريحات المعقب ضدّه نفسه الذي ادعى أنّه أوقف عن العمل ودعي لاللتحاق بنزل المرادي‬
‫بسوسة كما تجلّى التحريف على مستوى تقدير الغرامات والمنح اعتمادا على أجر غير ثابت‪.‬‬
‫وطلبت المعقبة النقض واإلحالة‪.‬‬
‫المحكمة‬
‫‪)1‬عن الفرع الثاني من المطعن األول المتعلق بخرق الفصلين ‪ 23‬و‪ 147‬من مجلة الشغل‬
‫والفصلين ‪ 396‬و‪ 398‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪: .‬‬
‫حيث يستخلص من األحكام الواردة بالباب السابع من المقالة السابعة من الكتاب األول من‬
‫أن األصل في‬ ‫مجلّة االلتزامات والعقود (الفصول من ‪ 384‬إلى ‪ )413‬باعتبارها (أحكاما عا ّمة ّ‬
‫اآلجال التي تنقضي بها االلتزامات المعمرة للذ ّمة أن تكون آجال تقادم يقوم مرور الزمن المحدّد‬
‫لطلب الوفاء بها قرينة قانونيّة قاطعة على حصول الوفاء وعلى براءة ذ ّمة المدين من ذلك االلتزام‬
‫إزاء دائنه‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫أن آجال التقادم تقبل – بصورة عا ّمة – القطع والتعليق (أنظر الفصلين ‪ 396‬و‪392‬‬ ‫وحيث ّ‬
‫من م‪.‬ا‪.‬ع‪ ).‬وال ته ّم إلى مصالح الخصوم (الفصل ‪ 385‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ ).‬ومن ث ّمة فال يجوز للمحكمة‬
‫أن تثيرها من تلقاء نفسها وإنّما لمن قامت هذه القرينة القانونيّة القاطعة لفائدته أن يدفع بها أمام‬
‫محاكم الموضوع‪.‬‬
‫إن المطالبة بغرامة الطرد التعسّفي إ ّنما هي طلب وفاء بالتزام معمر للذ ّمة المالية‬
‫وحيث ّ‬
‫فإن األجل الذي حدّدته الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 23‬من مجلة الشغل (حسبما وقع تنقيحه‬ ‫وبالتالي ّ‬
‫بالقانون عدد ‪ 29‬لسنة ‪ 1994‬المؤرخ في ‪ )1994/2/21‬لطلب تلك الغرامة إنّما هو أجل تقادم‬
‫المشرع بمناسبة التعديل المشار إليه اإلحالة‬
‫ّ‬ ‫يقبل القطع والتعليق وقد تأ ّكدت له هذه الطبيعة بحذف‬
‫على أحكام الفصل ‪ 13‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ .‬من عجز تلك الفقرة والتي كانت توجب على المحكمة إثارة‬
‫سقوط الدّعوى بمرور الزمن من تلقاء نفسها‪.‬‬
‫وحيث تكون – محكمة اإلحالة – بناء على ذلك أحسنت تأويل أحكام الفصل ‪ 23‬من مجلة‬
‫الشغل ولم تخرق أحكام الفصول ‪ 147‬من نفس المجلّة وال أحكام الفصلين ‪ 396‬و‪ 398‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪.‬‬
‫وتعين رفض المطعن المتعلّق بخرق هذه الفصول‪.‬‬
‫‪) 2‬عن الفرعين الثالث والرابع من المطعن األول المتعلقين بعدم االختصاص الحكمي‬
‫وخرق أحكام الفصل ‪ 376‬من م‪.‬ش‪ .‬وبكون النزاع هو نزاع جماعي ‪:‬‬
‫أن نزاعات الشغل‬ ‫حيث يستخلص من أحكام الفصل ‪ 376‬وما بعده من مجلّة الشغل ّ‬
‫الجماعية هي كل صعوبة تنشأ بين مؤجر ومجموع عملته حول تنفيذ عقد الشغل ويكون من شأنها‬
‫أن تثير نزاع شغل جماعي وعادة ما يكون موضوعها مصالح أو حقوقا مشتركة بين سائر أولئك‬
‫األجراء‪.‬‬
‫وأ ّما إذا كان النزاع بين المؤجر وأحد عملته وكان موضوعه ال يتعلّق إالّ بمصلحة أو حق‬
‫هذا العامل فهو نزاع فردي ومن اختصاص دوائر الشغل ولو تعدّدت حاالت النّزاع بتعدّد اإلجراء‬
‫إذ العبرة في نزاعات الشغل الجماعيّة باتحاد الحق أو المصلحة مثال النّزاع وليس بتعدّد اإلجراء‬
‫تخص إالّ شخصه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ما دام كل واحد منهم يطالب بحق أو مصلحة فرديّة ال‬
‫وحيث كان ال ّنزاع موضوع قضيّة الحال بين المعقبة وأحد أجرائها وكان موضوعه مطالبة‬
‫فإن محكمة اإلحالة كانت على صواب عندما لم‬ ‫هذا األخير بحقوق مالية ال ته ّم إالّ شخصه ولذا ّ‬
‫تقبل الدّفع المتعلّق بعدم االختصاص الحكمي واتّجه لذلك رفض هذا المطعن أيضا‪.‬‬
‫‪ )3‬عن المطعن الثالث المتعلق بعدم إجراء الجلسة الصلحية ‪:‬‬
‫أن محكمة البداية أجرت محاولة صلحيّة يوم ‪ 1999/2/23‬لم‬‫الملف ّ‬
‫ّ‬ ‫حيث ثبت من أوراق‬
‫يحضرها المدعي وحضرها ممثّل المطلوبة ّ‬
‫وأن إعادة المحاولة الصلحيّة أو عدم إعادتها يرجع‬
‫لسلطة التقدير التي تملكها المحكمة دون أطراف القضيّة مما يجعل هذا الدّفع في غير طريقه‬
‫وتعيّن ردّه‪.‬‬
‫‪ )4‬عن بقية المطاعن ‪:‬‬
‫‪6‬‬
‫أن قرار محكمة التعقيب بالنقض يرجع الطرفين للحالة التي كانا عليها قبل الحكم‬ ‫حيث ّ‬
‫المنقوض في خصوص ما تسلّط عليه الطعن وبذلك تكون محكمة الموضوع ملزمة بالنظر في‬
‫كامل دفوع األطراف الجوهرية التي يتمسّكون بها والتي يقتضيها فصل النزاع على النحو‬
‫المنصوص عليه بالفصل ‪ 123‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ .‬وإالّ كان حكمها خارقا للقانون هاضما ّ‬
‫لحق الدّفاع‬
‫وضعيف التعليل‪.‬‬
‫تتعرض للدفوع المتعلّقة بمسألة ثبوت الطرد واألجر‬
‫ّ‬ ‫وحيث ّ‬
‫أن محكمة الحكم المنتقد لم‬
‫الحقيقي الذي كان يتقاضاه المعقب ضدّه وأسس تقدير الغرامات والمنح واقتصرت على الرد على‬
‫مسألة سقوط الحق بمرور الزمن‪.‬‬
‫أن الفصل ‪ 14‬خامسا من م‪.‬ش‪ .‬يوجب على القاضي تقدير وجود الصبغة الحقيقيّة‬ ‫وحيث ّ‬
‫والجدية ألسباب الطرد بنا ًء على عناصر اإلثبات المقدّمة إليه من طرفي النزاع لكن محكمة‬
‫األصل رغم تصريح المعقب ضدّه (األجير) بأنّه غادر العمل إثر قرار مؤجرته إلحاقه بالعمل‬
‫بمؤسّسة أخرى وبمكان آخر وتمسك المعقبة بعدم طرده وبدعوته لاللتحاق بسابق عمله إثر انتهاء‬
‫األشغال بالنزل الذي كان يعمل به ولم تتوقّف عند هذه الوقائع وقضت بالتعويض مباشرة مما‬
‫يجعل حكمها قاصر التعليل محرفا للوقائع ويتّجه نقضه‪.‬‬
‫ولهذه األسباب‬
‫قررت المحكمة بدوائرها المجتمعة قبول مطلب التعقيب شكال وأصال ونقض الحكم‬ ‫ّ‬
‫المطعون فيه وإحالة القضيّة على المحكمة االبتدائيّة بمدنين بوصفها محكمة استئناف ألحكام دوائر‬
‫الشغل التابعة لها إلعادة النظر فيها بهيئة أخرى في حدود ما تسلّط عليه النقض‪.‬‬
‫وقد صدر هذا القرار عن الدوائر المجتمعة في ‪ 27‬جانفي ‪ 2005‬برئاسة السيد مبروك بن‬
‫موسى الرئيس األول لمحكمة التعقيب‪.‬‬
‫وعضوية رؤساء الدوائر السادة المنجي األخضر‪ ،‬مصطفى خنشل‪ ،‬نجاة بوليلة‪ ،‬مح ّمد‬
‫رؤوف المراكشي‪ ،‬ناجية بلحاج علي‪ ،‬حسن بن فالح‪ ،‬الطاهر بوغارقة‪ ،‬فتحي بن يوسف‪ ،‬معاوية‬
‫عزيز‪ ،‬المنصف الزعيبي‪ ،‬حمدة الشواشي‪ ،‬بلقاسم كريد‪ ،‬نجاح مهذب‪ ،‬عامر بورورو‪ ،‬مصطفى‬
‫بن جعفر والمستشارين السادة محمد الجمالي‪ ،‬محمد النفيسي‪ ،‬رابح شيبوب‪ ،‬محمد علي الشايبي‪،‬‬
‫زهرة بن عون‪ ،‬نبيل ساسي‪ ،‬رفيعة الشاوش‪ ،‬عبد القادر المستيري‪ ،‬النوري القطيطي‪ ،‬الطاهر‬
‫زقروبة‪ ،‬مح ّمد الفخفاخ‪ ،‬زهير عروس‪ ،‬محمد الهادي بن خذر‪ ،‬فوزية بن خذر‪ ،‬فوزية بن علية‪،‬‬
‫حسين مبارك‪ ،‬عبد القادر غربال‪ ،‬سهام السويسي‪ ،‬رشيدة الزغالمي‪ ،‬وبمحضر السيد مح ّمد‬
‫الفطناسي وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب وبمساعدة كاتب الجلسة السيد جلول العرفاوي‪.‬‬
‫وحرر في تاريخه‬

‫‪7‬‬
‫التعليق ‪:‬‬
‫شغل والقانون المدني بمناسبة‬ ‫‪ .1‬إن كان من المتواتر قيام تفاعل ثنائي بين قانون ال ّ‬
‫األول نشأ في إرث الثاني‪ ،1‬إالّ أنّه يظ ّل‬ ‫استجالء حلول لبعض المسائل المستشكلة‪ ،‬اعتبارا ّ‬
‫وأن ّ‬
‫صة إن كان هذا الفرع هو قانون اإلجراءات أو‬ ‫من النّادر أن ينضاف لذلك فرع قانوني ثالث خا ّ‬
‫المرافعات المدنيّة وإن تم ّخض عن هذا التّالقي منطلقا ل ّ‬
‫تحول فقه قضائي‪.‬‬
‫‪ .2‬ويندرج القرار التّعقيبي موضوع التعليق والصادر عن الدّوائر المجتمعة تحت عدد‬
‫‪ 23002‬بتاريخ ‪ 27‬جانفي ‪2 2005‬ضمن هذا السّياق‪.‬‬
‫‪ .3‬ولقد تعلّقت وقائع القضيّة بقيام المدّعي في األصل أمام الدّائرة الشغليّة بمدنين‬
‫استمرت‬
‫ّ‬ ‫بتاريخ ‪ 14‬جانفي ‪ 1999‬عارضا أنّه انتدب للعمل لدى النّزل المطلوب منذ سنة ‪ 1994‬و‬
‫العالقة الشغليّة لمدّة ثالث سنوات إلى حدود سنة ‪ 1997‬تاريخ إيقافه عن العمل ودعوته لاللتحاق‬
‫بمكان آخر في إطار نقلة جغرافيّة دون موجب شرعي وهو ما اعتبره طردا تعسّفيا طالبا إلزام‬
‫المؤسّسة المدّعى عليها بأداء المستحقّات القانونيّة بعنوان منحة نهاية الخدمة ومنحة اإلعالم‬
‫ّ‬
‫الحق في القيام بالدّعوى‬ ‫بالطرد وغرامات طرد تعسّفي‪ .‬وتمسّكت في المقابل المدّعى عليها بسقوط‬ ‫ّ‬
‫أن المدّعي سبق أن قام بدعوى الغرم في قضيّة‬ ‫تطبيقا ألحكام الفصلين ‪ 23‬و‪ 147‬م‪.‬ش‪ .‬باعتبار ّ‬
‫سابقة صدر فيها الحكم استئنافيّا برفض دعواه في ‪ 14‬ديسمبر ‪ ،1998‬وهو ما يجعل من القيام‬
‫أن أجل القيام هو أجل سقوط ال تقادم وال يقبل بالتالي‬ ‫الحالي قد ت ّم خارج آجال السّنة على أساس ّ‬
‫القطع‪.‬‬
‫وبعد استيفاء اإلجراءات القانونيّة قضت محكمة البداية لصالح الدّعوى وأيّدتها في ذلك‬
‫المشرع قد أخضع دعوى غرم الضّرر النّاشئ عن القطع‬ ‫ّ‬ ‫محكمة االستئناف على أساس ّ‬
‫أن‬
‫شغل إلى نظام تقادم وهو ما يجعل من قيام المدّعي السّابق عمال قاطعا تطبيقا‬ ‫التعسّفي لعقد ال ّ‬
‫للفصلين ‪ 396‬و‪ 398‬م‪.‬إ‪.‬ع‪ .‬ويكون بذلك قيامه الحالي في األجل‪ .‬فتعقبته المدّعى عليها طالبة‬
‫نقضه وناسبة له خرق أحكام الفصلين ‪ 23‬و‪ 147‬م‪.‬ش‪ .‬والفصلين ‪ 396‬و‪ 398‬م‪.‬إ‪.‬ع‪ .‬فقضت‬
‫محكمة التّعقيب في قرارها عدد ‪ 6119‬الصادر في ‪ 31‬جانفي ‪ 2001‬بقبول مطلب التّعقيب شكال‬
‫وأصال ونقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضيّة على المحكمة االبتدائيّة بمدنين بوصفها محكمة‬
‫استئناف إلعادة النّظر فيها بهيئة أخرى‪ ،‬استنادا لوضوح أحكام الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬وعدم قابليّته‬
‫الطرد هو أجل سقوط‬ ‫أن األجل المنصوص عليه للقيام بدعوى التّعويض عن ّ‬ ‫للتأويل ضرورة ّ‬
‫وليس أجل تقادم وال يقبل القطع وال التعليق‪.‬‬

‫‪LYON- CAEN (G) : « Du rôle des principes généraux u droit civil en droit du travail », 1‬‬
‫‪RTD. Civ, 1974, p.‬‬
‫‪229.‬‬
‫‪ 2‬قرار تعقيبي مدني‪ ،‬دوائر مجتمعة‪ ،‬عدد ‪ 23002‬صادر بتاريخ ‪ 27‬جانفي ‪ ،2005‬نشريّة قرارات الدوائر المجتمعة لمحكمة‬
‫التعقيب لسنة‪ ،2005‬ص ‪.234‬‬
‫‪8‬‬
‫ال أ ّنها قضت بإقرار الحكم االبتدائي فتعقّبته‬ ‫فأعيد نشر القضيّة أمام محكمة اإلحالة‪ ،‬إ ّ‬
‫أن األجل الوارد بالفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬هو‬ ‫للمرة الثانية ناعية عليه نفس المطاعن من ّ‬ ‫المدّعى عليها ّ‬
‫أجل سقوط‪ ،‬وبذلك فال مجال العتبار القيام السابق عمال قاطعا لألجل‪ .‬ولقد حتّم ذلك انتصاب‬
‫الدّوائر المجتمعة والتي قضت باعتبار األجل الوارد بالفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬لطلب غرامة ّ‬
‫الطرد‬
‫وبأن محكمة اإلحالة لم تخرق أحكام الفصلين ‪23‬‬ ‫ّ‬ ‫التعسّفي هو أجل تقادم يقبل القطع والتعليق‬
‫و‪ 147‬م‪.‬ش‪..‬‬
‫لتحول فقه قضائي مضمونه إخضاع جميع اآلجال‬ ‫ولقد أسّس الح ّل المعتمد منطلقا مباشرا ّ‬
‫شغل في خصوص سقوط دعاوى المطالبة بالحقوق الماليّة لنظام التّقادم ال السقوط‪،‬‬ ‫الواردة بمجلّة ال ّ‬
‫وآخر غير مباشر يتعلّق بتكريس تاريخ انقطاع العالقة الشغليّة كتاريخ مو ّحد الحتساب بدء سريان‬
‫الحق واستحقاقه‪ ،‬ليشمل التوحيد بهذا المعنى طبيعة‬ ‫ّ‬ ‫آجال هذه الدّعاوى عوضا عن تاريخ نشأة‬
‫التحول مشكال قانونيّا يتعلّق أساسا بمعرفة‬‫ّ‬ ‫األجل وبداية سريانه على حدّ سواء‪ .‬ولقد طرح هذا‬
‫ّ‬
‫المنهج الذي استندت عليه محكمة التّعقيب لتأصيل حلها؟‬
‫أن المحكمة حسمت األمر باعتماد منهج تأصيلي‬ ‫‪ .4‬لإلجابة على هذا المشكل يتّضح ّ‬
‫شريعة العا ّمة عند تحديد طبيعة األجل من جهة أولى (‪ )I‬وفتحت المجال لالعتداد بمنهج‬ ‫في ال ّ‬
‫شريعة العا ّمة عند ضبط بدء سريان األجل من جهة ثانية (‪ )II‬في ظ ّل التماهي المعلن‬ ‫إقصائي لل ّ‬
‫في القرار بين أحكام الفصلين ‪ 23‬و‪ 147‬م‪.‬ش‪.‬‬

‫‪-I‬منهج تأصيلي في الشريعة العامة عند تحديد طبيعة األجل ‪:‬‬


‫صلت محكمة التّعقيب الح ّل المتبنّى في قرارها صلب مجلّة االلتزامات والعقود‪،‬‬ ‫‪ .5‬أ ّ‬
‫فكانت النتيجة استبعاد الطبيعة الثنائيّة لآلجال كقاعدة قضائيّة منسوخة (أ) مقابل تكريس طبيعة‬
‫مو ّحدة كقاعدة قضائيّة ناسخة (ب)‪.‬‬
‫أ‪-‬استبعاد الطبيعة الثنائية لآلجال‪:‬‬
‫‪ .6‬استبعد قرار الدّوائر المجتمعة لسنة ‪ 2005‬تو ّجها سبق أن احتفظت فيه محكمة‬
‫التّعقيب بطبيعة ثنائيّة آلجال الدّعاوى الشغليّة حيث تميّز تعاطي فقه القضاء في مرحلة ما مع‬
‫المقرر للمطالبة بالحقوق الماليّة المستحقّة باعتماد تمييز قائم على‬
‫ّ‬ ‫مسألة تحديد طبيعة األجل‬
‫التّفرقة بين نوعين من اآلجال حسب موضوع التّداعي‪:‬‬
‫‪-‬أجل بالمعنى اإلجرائي‪ :‬اقتصر معه تكييف أجل المطالبة بأ ّنه أجل سقوط على فرع‬
‫الدّعوى المتعلّق بغرامة ّ‬
‫الطرد التعسّفي دون سواها طبقا ألحكام الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪-‬أجل بالمعنى المدني‪ :‬أخضع معه بقيّة المستحقّات من منح ومكافآت وفوارق أجور لنظام‬
‫الراحة خالصة األجر ومنح ّ‬
‫الطرد ومنحة األعياد‬ ‫التّقادم طبقا ألحكام الفصل ‪ 147‬م‪.‬ش‪( .‬كمنحة ّ‬
‫‪3‬‬
‫مؤرخ في ‪ 8‬ماي ‪1995‬‬‫الرسميّة ‪ ،)...‬وهو ما يمكن أن نستشفّه مثال من القرار عدد ‪ّ 47715‬‬
‫مؤرخ في ‪ 4‬أكتوبر ‪.41993‬‬
‫والقرار عدد ‪ّ 39505‬‬
‫‪ .7‬ويحسب لهذا الموقف القضائي على هناته وجاهة عدم اعتماد أحكام الفصل ‪23‬‬
‫صة‬‫م‪.‬ش‪ .‬في سحب الح ّل الوارد صلبه على جميع الدّعاوى الشغليّة‪ ،‬وتقرير أجل سقوط بشأنها خا ّ‬
‫أن األجل المذكور ال يتعلّق إالّ بدعوى التّحصيل على الغرم من أجل القطع‬ ‫وأنّه جاء صريحا في ّ‬
‫أقرت صراحة أنّه‬ ‫شغل‪ .‬ولقد سبق لمحكمة التّعقيب أن اعتمدت هذا الح ّل حيث ّ‬ ‫التعسّفي لعقد ال ّ‬
‫أن أجل السّقوط الذي هو وجوبي وتتمسّك به‬ ‫"وتطبيقا لمقتضيات الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ ....‬وحيث ّ‬
‫تقرر قد أخطأ في تطبيق القانون‬‫أن الحكم المطعون فيه يكون والحالة ما ّ‬ ‫المحكمة تلقائيّا ‪ ...‬وحيث ّ‬
‫في خصوص ما ذكر ‪ ...‬غير أنه فيما زاد على فرع دعوى الغرم من بقية فروع الدعوى فإنّه لم‬
‫حق القيام موضوع الفصل ‪ 147‬م‪.‬ش‪ .‬ولذا فال ينسحب عليها إذ ال‬ ‫يقع التمسّك بشأنها بسقوط ّ‬
‫يمكن التمسّك به من طرف المحكمة تلقائيّا"‪.5‬‬
‫الطبيعي أن يختلف األجل‪ ،‬والذي يجد مبررا له باألساس في اختالف ّ‬
‫الطبيعة‬ ‫‪ .8‬ومن ّ‬
‫صبغة التّئعويضيّة عن‬ ‫القانونيّة للحقوق الماليّة المطالب بها‪ ،‬إذ تكتسي غرامات ّ‬
‫الطرد التعسّفي ال ّ‬
‫الطرد‪ ،‬في حين تصطبغ بقيّة‬ ‫حق ّ‬
‫جراء تعسّف المؤ ّجر في استعمال ّ‬ ‫الضّرر الحاصل لألجير من ّ‬
‫نص عليه‬ ‫صبغة المعاشيّة الّتي تجد لها سندا إ ّما فيما اقتضاه العقد أو فيما ّ‬
‫المستحقّات الشغليّة بال ّ‬
‫القانون‪.‬‬
‫أن ما استخلصه فقه قضاء محكمة التّعقيب من تفرقة مؤسس على ما است ّ‬
‫قر‬ ‫‪ .9‬ويبدو ّ‬
‫النص في حدّ ذاته (‪ )1‬أو من‬
‫ّ‬ ‫على إسناده من معنى ألحكام الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬انطالقا من داخل‬
‫خارجه من خالل موضعه ومحيطه القانوني (‪.)2‬‬
‫‪-1 .10‬من داخل النص‪ :‬اعتمدت محكمة التّعقيب في تكييف األجل الوارد بالفصل ‪23‬‬
‫يؤول"‪ .‬فرفضت في أحد قراراتها‬ ‫"النص الواضح يطبّق وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫م‪.‬ش‪ .‬بأجل سقوط‪ 6‬على قاعدة‬
‫وبصورة صريحة تطبيق أحكام الفصل ‪ 532‬م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬بمنطق تأويلي‪ ،7‬والذي على أساسه قضى‬

‫‪ 3‬قرار غير منشور‪.‬‬


‫‪ 4‬ن‪ .‬م‪ .‬ت‪ ،1993 .‬القسم المدني‪ ،‬ص ‪.156‬‬
‫مؤرخ في ‪ 7‬جوان ‪ ،1993‬ن‪ .‬م‪ .‬ت‪ ،.‬لسنة‪ ،1993‬القسم المدني‪ ،‬ص ‪.153‬‬ ‫‪ 5‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 29532‬‬
‫مؤرخ في ‪ 28‬سبتمبر‬
‫مؤرخ في ‪ 27‬أكتوبر ‪( 1981‬غير منشور)؛ قرار تعقيبي عدد ‪ّ 17055‬‬ ‫‪ 6‬قرار تعقيبي عدد ‪ّ 65652‬‬
‫مؤرخ في ‪ 07‬جوان ‪ ، 1993‬ن‪ .‬م‪ .‬ت‪ ،1993 .‬ص ‪ 326‬؛‬ ‫‪ ،1989‬ن‪ .‬م‪ .‬ت‪ ،1989 ،.‬ص ‪ 350‬؛ قرار تعقيبي عدد ‪ّ 29532‬‬
‫مؤرخ في ‪ 7‬أفريل ‪ ،1997‬ن‪ .‬م‪ .‬ت‪ ،1997 .‬ج ‪ ،I‬ص ‪ 229‬؛ قرار عدد ‪ 47715‬مؤرخ في ‪ 8‬ماي‬ ‫قرار تعقيبي عدد ‪ّ 53317‬‬
‫مؤرخ في ‪ 21‬أكتوبر ‪ ،1998‬ن‪ .‬م‪ .‬ت‪ ،1998 .‬ص ‪ 403‬؛ قرار تعقيبي عدد ‪65324‬‬ ‫‪( 1995‬غير منشور) ؛ قرار عدد ‪ّ 67870‬‬
‫مؤرخ في ‪ 8‬جوان ‪ ،1987‬م‪.‬ق‪.‬ت‪ .‬عدد‬
‫مؤرخ في ‪ 11‬نوفمبر ‪ ، 1998‬ن‪ .‬م‪ .‬ت‪ ،1998 .‬ص ‪ 357‬؛ قرار تعقيبي عدد ‪ّ 17098‬‬ ‫ّ‬
‫مؤرخ في ‪ 24‬سبتمبر ‪ ،1990‬ن ‪.‬م‪ .‬ت‪ ،1990 .‬ص ‪. 86‬‬ ‫‪ 5‬لسنة ‪ ،1989‬ص ‪ 84‬؛ قرار تعقيبي عدد ‪ّ 27883‬‬
‫ؤرخ‬
‫مؤرخ في ‪ 21‬أكتوبر ‪ ،1998‬ن‪ .‬م‪ .‬ت‪ ،1998 .‬القسم المدني ج‪ ،2‬ص ‪419‬؛ قرار عدد ‪ 47715‬م ّ‬ ‫‪ 7‬قرار عدد ‪ّ 65324‬‬
‫في ‪ 8‬ماي ‪( 1995‬غير منشور)‪" :‬أجل المطالبة بغرامة ال ّ‬
‫طرد أجل تقادم ال أجل سقوط"‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫تتعرض إلى طبيعة أجل القيام بالدّعوى النّاشئة‬ ‫شغل لم ّ‬ ‫أن "أحكام مجلّة ال ّ‬
‫الحكم االستئنافي باعتبار ّ‬
‫عن القطع التعسّفي م ّما يتعيّن معه تطبيق القواعد العا ّمة"‪.‬‬
‫أن الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬يمكن أن‬ ‫شي استبعدت فرضيّة ّ‬ ‫أن محكمة التّعقيب بهذا التم ّ‬‫والواضح ّ‬
‫يكون له مكانا صلب خانة النّصوص الغامضة الّتي يستوجب تأويلها اعتمادا على الفصل ‪532‬‬
‫م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬باعتباره منطلقا لك ّل عمليّة تأويليّة لغموض النّصوص القانونيّة‪ 8‬بما قد يستدعي معه اللّجوء‬
‫لمجلّة االلتزامات والعقود لتأصيل الح ّل‪ .‬ومقابل هذا االستبعاد تو ّخت محكمة التّعقيب في مجمل‬
‫المشرع‪،‬‬
‫ّ‬ ‫قراراتها منهجا قائما على التطبيق الحرفي لمقتضيات الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬أين يستعمل‬
‫من جهة‪ ،‬لفظ "السّقوط" بصفة صريحة‪ ،‬ويحيل من جهة أخرى لمقتضيات الفصل ‪ 13‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.9.‬‬
‫أن هذا المنهج إ ّنما يجد له أساسا في أحد خمس توجيهيّات أفرزها تطبيق‬ ‫‪ .11‬والثّابت ّ‬
‫شرح القصدي بواسطة الفصل ‪ 532‬م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬ذاته‪ ،10‬ولطالما أ ّكد عليها حين قضي‬ ‫محكمة التّعقيب لل ّ‬
‫نص واضح وصريح لفظا ومقصدا"‪ .11‬فاألصل في الخطاب‬ ‫بأنّه "ال فائدة ترجى من تأويل ّ‬
‫المشرع في الفصل ‪ 532‬م‪.‬ا‪.‬ع‪ّ .‬‬
‫أن‬ ‫ّ‬ ‫القانوني أن يكون واضحا‪" ،‬وبين الفكرة والتعبير يفترض‬
‫النص صريح‬ ‫ّ‬ ‫هناك تطابقا"‪ ،12‬ليح ّجر بناء على ذلك تحريف النّصوص بعلّة تأويلها‪ .‬فمتى "كان‬
‫ألن التأويل في‬‫فإن البحث عن حكمة التشريع ودواعيه ال يكون له مح ّل"‪ّ 13‬‬ ‫ي المعنى ّ‬ ‫الدّاللة وجل ّ‬
‫النص ويتجاوز داللته‪ .‬وهو ما يجعل معه القاضي ملزما بالتقيّد‬ ‫ّ‬ ‫مثل هذه الحالة من شأنه أن يخرق‬
‫به حسب المعنى المستفاد من عباراته‪.‬‬
‫بالنص ارتبطت في ذهن‬ ‫ّ‬ ‫سقوط" الواردة‬ ‫أن عبارة "ال ّ‬ ‫والواضح اعتمادا على هذا المنطق‪ّ ،‬‬
‫المحكمة بالمعنى الحرفي للعبارة م ّما جعلها تتمسّك بصفة األجل كأجل سقوط ال تقادم‪.‬‬
‫‪ .12‬ولقد تأ ّكدت لمحكمة التّعقيب هذه الطبيعة من خالل تقنية اإلحالة التشريعية‪ ،‬الّتي‬
‫المشرع في صياغة الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬قديم‪ ،‬حيث ت ّمت اإلحالة الصريحة ألحكام الفصل‬ ‫ّ‬ ‫تو ّخاها‬
‫‪ 13‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ .‬والمتعلّقة بالمسقطات الوجوبيّة‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪Arfaoui (E.) : Les règles écrites d’interprétation de la loi : Essai sur une méthode officielle‬‬
‫‪d’interprétation des lois, Thèse pour l’obtention du Doctorat d’Etat en Droit privé, Faculté de droit‬‬
‫‪et des sciences politiques de Tunis, 2000, p. 285.‬‬
‫‪-‬عبد المنعم العبيدي‪ :‬شرح القواعد العا ّمة للقانون‪ ،‬دراسة تحليليّة تأصيليّة للقواعد العا ّمة الواردة بمجلّة االلتزامات والعقود‪،‬‬
‫مركز البحوث القانونيّة والدّراسات السياسيّة واالجتماعيّة بوليجيريس‪ ،2014 ،‬ص ‪.82‬‬
‫مؤرخ في ‪ 7‬جوان ‪ ،1993‬ص ‪.155‬‬ ‫‪ 9‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 29532‬‬
‫‪ 10‬أحمد بن طالب‪ :‬القواعد العا ّمة للقانون في فقه قضاء محكمة التّعقيب‪ ،‬خمسون عاما من فقه القضاء المدني‪ ،‬ص ‪.153‬‬
‫مؤرخ في ‪ 7‬أفريل ‪ ،2008‬ن‪ .‬م‪ .‬ت‪ ،2008 .‬ج ‪ ،II‬ص ‪.253‬‬ ‫‪ 11‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 23021‬‬
‫خاص‪ ،‬السنة الجامعيّة‬
‫ّ‬ ‫‪ 12‬منير عياري‪ :‬تأويل القانون‪ ،‬محاضرات مرقونة لطلبة السّنة األولى ماجستير بحث قانون‬
‫‪ ،2019/2018‬ص ‪.29‬‬
‫األول‪ ،‬النظريّة العا ّمة للقانون‪ ،‬الدّار الجامعيّة‪ ،‬بيروت – لبنان‪ ،‬د‪ .‬ط‪.‬‬
‫ّ‬ ‫القسم‬ ‫ّة‪،‬‬ ‫ي‬‫القانون‬ ‫للعلوم‬ ‫المدخل‬ ‫‪ 13‬توفيق حسن فرج‪:‬‬
‫د‪.‬ت‪ ،.‬ص ‪.438‬‬
‫‪11‬‬
‫وتشير هذه الت ّقنية إلى التنسيق بين القواعد والتقاطع بين المجاالت والترابط بين النّصوص‬
‫المشرع إ ّما بغرض تدقيقي أو بغرض تكميلي‬ ‫ّ‬ ‫بغاية ضمان استمراريّة في قراءتها‪ .‬وقد يلجأ إليها‬
‫النص المحال إليه صلب المنظومة القانونيّة المعنيّة ‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫ّ‬ ‫في إطار إدماج‬
‫الطرد وفقا‬ ‫ولقد كشفت محكمة التّعقيب في قراءتها لطبيعة سقوط حق المطالبة بغرامة ّ‬
‫المشرع في اعتماده اإلحالة للفصل ‪ 13‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ .‬على سبيل‬ ‫ّ‬ ‫ألحكام الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬وضوح‬
‫صادرعن الدّوائر المجتمعة في ‪22‬‬ ‫توج بالقرار ال ّ‬ ‫التدقيق‪ ،‬وهو وضوح ما فتئت تستند عليه لي ّ‬
‫بأن "أجل الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬إنّما هو أجل سقوط على معنى‬ ‫فيفري ‪15 2001‬والذي قضت فيه ّ‬
‫صريحة عليه" مجلية بذلك ما وقع من خلط‪.‬‬ ‫الفصل ‪ 13‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ .‬حسب ما يؤخذ من اإلحالة ال ّ‬
‫أن تطبيق‬ ‫‪ .13‬ورغم أ ّنه يفترض القبول بقراءة الفصل بهذا المعنى‪ ،‬على أساس ّ‬
‫أن ذلك ال يمكن أن يستقيم إالّ‬ ‫ي‪ ،‬إالّ ّ‬‫الفصول بال تفسير وال تغيير كلّما كانت واضحة هو أمر بديه ّ‬
‫لحدود تنقيح الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬بموجب قانون ‪ 21‬فيفري ‪ 1994‬حيث تصبح القراءة‪ ،‬إثر هذا‬
‫التاريخ‪ ،‬وبهذا المعنى غير سليمة‪ .‬وينطبق هذا القول بدوره على ما ساد بعد التّنقيح من قراءات‬
‫سابق له نتيجة صدور قرارات بعد هذا التاريخ‬ ‫للنص‪ ،‬حيث لم يكن الّتشريع الجديد ليلغي الموقف ال ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫أن حذف اإلشارة للفصل ‪ 13‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ .‬ليس إال حذف‬ ‫تمسّكت فيها بأجل السقوط ‪ ،‬على أساس ّ‬
‫‪16‬‬

‫أن المسقطات‬ ‫أن المبدأ القائل ب ّ‬


‫لعبارة كانت موجودة ضمن الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬من باب التزيّد‪ ،‬و ّ‬
‫وجوبيّة تتمسّك بها المحكمة من تلقاء نفسها هو مبدأ قانوني عا ّم ال نقاش فيه‪ ،‬وال ضرورة ليؤ ّكد‬
‫ي فرع قانوني ذلك المبدأ‪ .‬ث ّم إ ّن العبارة مناط الخالف "وتسقط الدّعوى"‬ ‫ك ّل فصل من فصول أ ّ‬
‫النص دون أدنى تدقيق قادر أن يحيل لطبيعتها كأجل تقادم‪ ،‬وظ ّل معه‬ ‫ّ‬ ‫بقيت قائمة وموجودة صلب‬
‫المعنى الحرفي للعبارة هاجسا أسّس لتواصل التّمييز في اآلجال بحسب طبيعة موضوع الدّعوى‪.‬‬
‫شي م ّكن من‬ ‫أن مواصلة تف ّحص القرارات الواقع جردها في إطار هذا التم ّ‬ ‫‪ .14‬على ّ‬
‫الوقوف عند مالحظة أساسيّة ذات صلة بتردّد منهج التّعليل المعتمد من محكمة التّعقيب في بعض‬
‫أن األجل الوارد بالفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬هو أجل‬ ‫قراراتها‪ ،‬رغم الثّبات في جميعها على نفس الح ّل من ّ‬
‫سقوط واألجل الوارد في الفصل ‪147‬م‪ .‬ش هو أجل تقادم ‪ .‬ويقوم تردّد المنهج على مفارقة‬
‫‪17‬‬

‫كنص غامض يفترض معه‬ ‫ّ‬ ‫كنص واضح بل‬ ‫ّ‬ ‫التعامل في حاالت مع أحكام الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬ال‬
‫شرح بسبب تعدّد المعاني الحاصلة من نفس عبارة "وتسقط" الواردة‬ ‫إعمال قواعد التأويل وال ّ‬
‫بالنص لكشف معناها الحقيقي من خارج المتن‪.‬‬‫ّ‬

‫خاص‪ ،‬السنة الجامعيّة‬


‫ّ‬ ‫‪ 14‬منير عياري‪ :‬تأويل القانون‪ ،‬محاضرات مرقونة لطلبة السّنة األولى ماجستير بحث قانون‬
‫‪ ،2019/2018‬ص‪.46‬‬
‫‪ 15‬قرار تعقيبي مدني‪ ،‬دوائر مجتمعة‪ ،‬عدد ‪ 71114‬صادر بتاريخ ‪ 22‬فيفري ‪ ،2001‬نشريّة قرارات الدوائر المجتمعة‬
‫لمحكمة التعقيب لسنة ‪ ،2001-2000‬ص ‪.243‬‬
‫مؤرخ في ‪ 31‬جانفي ‪( 2001‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪ 16‬مثال قرار تعقيبي عدد ‪ّ 6119‬‬
‫يخص‬
‫ّ‬ ‫مؤرخ في ‪ 4‬أكتوبر ‪ ،1993‬ن ‪ ,‬م ‪,‬ت ‪ ،‬القسم المدني ‪ ، 1993 ،‬ص ‪" :156 ،‬حيث أنّه فيما‬ ‫‪ 17‬قرار تعقيبي عدد ‪ّ 39505‬‬
‫شغل ال مجال لقبوله لعدم‬ ‫الفرع المتعلّق بسقوط الحق بمرور ّ‬
‫الزمن بالنّسبة للفارق في األجر ومنحة الراحة الخالصة ولباس ال ّ‬
‫مرة لدى التّعقيب وال تتطابق عليه أحكام المسقطات الواردة بالفصل ‪13‬‬ ‫التمسّك به لدى محكمة الموضوع وإنّما أثير ّ‬
‫ألول ّ‬
‫صا على ذلك"‪.‬‬ ‫ّ‬
‫أن الفصلين ‪ 120‬و‪ 147‬م‪.‬ش‪ .‬المتعلقين بالموضوع لم ين ّ‬‫م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ .‬ضرورة ّ‬
‫‪12‬‬
‫‪-2‬من خارج النص‪:‬‬
‫شرح اللّفظي اإلستعانة بالترجمة الفرنسية للنص توضيحا‬ ‫‪ .15‬يجيز إعمال قواعد ال ّ‬
‫أن محكمة التّعقيب ال تضع مسألة االستعانة‬ ‫النص العربي ذو النّفاذ المطلق ‪ ،‬ولو ّ‬
‫‪18‬‬
‫ّ‬ ‫لمعنى ألفاظ‬
‫شرح القصدي ‪ .‬وفي نفس‬
‫‪19‬‬ ‫بالنص الفرنسي في باب توضيح معاني األلفاظ بل تعتبرها من قبيل ال ّ‬ ‫ّ‬
‫المشرع الحقيقيّة قد يُتجاوز المتن لثبوت قصوره في تبليغ المعنى استئناسا‬ ‫ّ‬ ‫السّياق وكشفا عن نيّة‬
‫بالمصدر التاريخي للنص ذاته‪ .‬ونجد لذلك أثرا في ملحوظات اإلدّعاء العا ّم بمناسبة القرار عدد‬
‫المؤرخ في ‪ 22‬فيفري ‪ ،2001‬حيث يمكن أن يحيل التوقّف عندها للح ّجتين المذكورتين‬ ‫ّ‬ ‫‪71774‬‬
‫واللّتين إ ّما غفلت عنهما ج ّل قرارات محكمة التّعقيب لتعليل اتّجاهها أو استنبطتهما بصورة‬
‫النص باللّغة الفرنسيّة إذ‬
‫ّ‬ ‫يحث على األخذ بهذا المفهوم تحرير‬ ‫ّ‬ ‫ضمنيّة‪ .‬فقد جاء فيها "وحيث م ّما‬
‫أن هذا الوصف يؤخذ من‬ ‫المشرع لفظ » ‪ « déchéance‬التي تعني السّقوط"‪ ،‬كما ّ‬ ‫ّ‬ ‫استعمل‬
‫المؤرخ‬
‫ّ‬ ‫النص المض ّمنة بالفصل الرابع من القانون عدد ‪ 18‬لسنة ‪1960‬‬ ‫ّ‬ ‫صيغة األصليّة لذلك‬ ‫"ال ّ‬
‫نص على ّ‬
‫أن‬ ‫شغل لسنة ‪ 1966‬فقد ّ‬ ‫ّ‬
‫النص المنطبق قبل إصدار مجلة ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫في ‪ 27‬جويلية ‪ 1960‬وهو‬
‫شغل فسخا استبداديّا يجب أن يو ّجه أو‬ ‫ك ّل مطلب قصد الحصول على غرامة من أجل فسخ عقد ال ّ‬
‫وأن الفصل‬ ‫للطرد وإالّ يعدّ الغيا بسقوط الحق عمال بالفصل ‪ 13‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ّ .‬‬ ‫يقدّم خالل العام الموالي ّ‬
‫المذكور يتحدّث عن المسقطات وليس التّقادم"‪.‬‬
‫النص بمقتضى التفاعل مع منظومة‬ ‫ّ‬ ‫‪ .16‬وقد يتّخذ التّأويل منحى أوسع في محيط‬
‫ي يه ّم النّظام العا ّم وال تنسحب عليه‬ ‫قانون الشغل ككل‪ .‬فت ّم التأسيس على طبيعته "كقانون استثنائ ّ‬
‫بأن الفصل ‪ 23‬في فقرته األخيرة المتعلّقة بسقوط الدّعوى فيما‬ ‫المبادئ القانونيّة العا ّمة"‪ 20‬للقول ّ‬
‫بأن أجل‬‫ي قاطع لتلك المدّة‪ .‬ويحيل التمسّك ّ‬ ‫شغل بمرور عام ال اعتبار فيه أل ّ‬ ‫يخص عالقات ال ّ‬ ‫ّ‬
‫الطبيعة بين‬‫سنة المنصوص عليه إنّما هو أجل يه ّم النّظام العا ّم إلى المشترك الجامع من حيث ّ‬
‫‪21‬‬
‫ال ّ‬
‫شغل وقانون المرافعات المدنيّة كقوانين ته ّم النّظام العا ّم‪ ،‬فيوحي الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬بعالقته‬ ‫قانون ال ّ‬
‫أن‬ ‫بالنّظام العا ّم اإلجرائي‪ .‬إذ فضال على أنّه أجل ال يقبل القطع والتّعليق ّ‬
‫فإن من نتائجه‪ّ :‬أوال ّ‬
‫مرة لدى محكمة التّعقيب‪ ،22‬وثانيا ّ‬
‫أن‬ ‫ألول ّ‬ ‫الدّفع بالسّقوط يثار في جميع أطوار القاضي وحت ّى ّ‬
‫أن المحكمة ال تملك سلطة‬ ‫المحكمة تثيره من تلقاء نفسها ولو لم يتمسّك به األطراف‪ ،23‬وأخيرا ّ‬
‫تقديريّة في الحكم بالسّقوط‪ ،‬فمتى تحقّقت موجباته وجب عليها الحكم به‪ .24‬ولع ّل ذلك يعود للغايات‬
‫الّتي يرجى تحقيقها قانونا من اآلجال والّتي شرع بعضها لحماية المصلحة العا ّمة كالّتي قصد بها‬
‫السّرعة في النظر في الخصومة في كافّة أطوار التّقاضي حتّى يكون القضاء ناجعا وذا مصداقيّة‬
‫‪ 18‬أحمد بن طالب‪ :‬القواعد العا ّمة للقانون في فقه قضاء محكمة التّعقيب‪ ،‬المقال السّابق‪ ،‬ص ‪.157‬‬
‫‪ 19‬أحمد بن طالب‪ :‬المقال السّابق‪ ،‬ص ‪.158‬‬
‫مؤرخ في ‪ 8‬جوان ‪ ،1987‬م‪ .‬ق ت ‪ ،.‬عدد ‪ ،1989 ، 5‬ص ‪.84‬‬ ‫‪ 20‬قرار تعقيبي عدد ‪ّ 17098‬‬
‫‪ 21‬قرار عدد ‪ 27883‬مؤرخ في ‪ 24‬سبتمبر ‪ ،1990‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،1990 ،‬القسم المدني‪،‬ص ‪. 86‬‬
‫‪ 22‬أحمد الجندوبي وحسين بن سليمة‪ :‬أصول المرافعات المدنيّة والتجاريّة‪ ،‬تونس ‪ ،2005‬ص ‪.336‬‬
‫"إن المسقطات كلّها وجوب ّية حسب‬
‫مؤرخ في ‪ 11‬جانفي ‪ ،1983‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،1983 .‬ص ‪ّ .106‬‬ ‫‪ 23‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 6954‬‬
‫الفصل ‪ 13‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ .‬تتمسّك بها المحكمة ألنّها ته ّم النظام العام"‪.‬‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪.337‬‬ ‫‪ 24‬أحمد الجندوبي وحسين بن سليمة‪ :‬المرجع ال ّ‬
‫مؤرخ في ‪ 21‬ديسمبر ‪ ،1992‬م‪.‬ق‪.‬ت‪ .‬عدد ‪ ،1993 ،9‬ص ‪.95‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي عدد ‪ّ 35107‬‬
‫‪13‬‬
‫أن آجال السقوط تقوم على‬ ‫صة‪ .25‬والثّابت ّ‬ ‫والبعض اآلخر قصد به حماية المصلحة المصالح الخا ّ‬
‫الرغبة في إنهاء المنازعة بشأن وضع أو مركز أو عالقة قانونيّة بعد مرور فترة زمنيّة معيّنة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫يفوت على نفسه أجل السّنة لكي يرفع دعواه ويطالب بحقوقه‬ ‫فإن األجير أو المؤ ّجر الذي ّ‬‫وبالتالي ّ‬
‫الطرف المقابل في ح ّل من ك ّل مسؤوليّة‪.26‬‬ ‫حق المطالبة بها بعد هذا األجل ويصبح ّ‬ ‫يسقط ّ‬
‫‪ .17‬ورغم تظافر مختلف الحجج الّتي جعلت التّمييز بين طبيعة اآلجال على أساس‬
‫المشرع سنة ‪ 1994‬لم يكن حاسما في القطع‬ ‫ّ‬ ‫ى تد ّخل‬
‫طبيعة موضوع الدّعوى الشغليّة قائما‪ ،‬وحت ّ‬
‫ليكرس في‬ ‫ّ‬
‫مع ما هو سائدا‪ ،‬تميّز قرار الدّوائر المجتمعة ال فقط بالتخلي عن هذه الثنائيّة بل جاء ّ‬
‫المقابل التّوحيد‪.‬‬
‫ب‪-‬تكريس الطبيعة الموحدة لألجل‪:‬‬
‫‪ .18‬لجأت الدّوائر المجتمعة لمحكمة التّعقيب في قطعها مع ما كان موجودا‪ ،‬وتكريسها‬
‫أن آجال المطالبة بالحقوق الماليّة على اختالف طبيعتها ما هي إ ّ‬
‫ال‬ ‫في المقابل للح ّل القائم على ّ‬
‫آجال تقادم إلى التمسّك باعتماد مجلة االلتزامات والعقود كأساس لالستدالل‪ ،‬بناء على ما استنتجته‬
‫الطرد التعسّفي ما هي إالّ "طلب وفاء بالتزام مع ّمر للذ ّمة الماليّة"‪ .‬ولقد‬‫أن المطالبة بغرامة ّ‬ ‫من ّ‬
‫أن "األصل في اآلجال الّتي‬ ‫فرض التالؤم بين طبيعة أجل المطالبة بها مع القانون المدني نفسه إذ ّ‬
‫الزمن المحدّد لطلب الوفاء‬ ‫تنقضي بها االلتزامات المع ّمرة للذ ّمة أن تكون آجال تقادم‪ ،‬يقوم مرور ّ‬
‫بها قرينة قانونيّة قاطعةعلى حصول الوفاء وعلى براءة ذ ّمة المدين من ذلك االلتزام إزاء دائنه" ‪.‬‬
‫‪27‬‬

‫شريعة‬ ‫صريح والواضح تأصيل الح ّل صلب ال ّ‬ ‫‪ .19‬ويندرج اختيار محكمة التّعقيب ال ّ‬
‫العا ّمة في إطار أع ّم يقضي ببداهة بقاء مجلّة االلتزامات والعقود "األصل العا ّم" المنطبق حتّى‬
‫وأن العالقة الشغليّة ما هي في النّهاية إالّ عالقة‬
‫ضرورة طالما ّ‬ ‫شغلي كلّما أحوجت ال ّ‬ ‫في الميدان ال ّ‬
‫تعاقديّة تخضع على ذلك األساس للقواعد العا ّمة للعقود المنصوص عليها بمجلة االلتزامات‬
‫والعقود‪.28‬‬
‫أن أه ّم ما‬‫‪ .20‬وتفسيرا لمنهج محكمة التّعقيب في هذا القرار اعتبر جانب من الفقه ّ‬
‫يميّزه هو االستعمال التّبريري لتقنيات نظريّة االلتزام وتحديدا لمؤسّسة التقادم‪ .29‬ويوصف‬
‫االستعمال بأنّه تبريري "إذا لم يؤسّس لح ّل مباشر ودعت له ضرورة تأويليّة‪ .‬فتلجأ له المحكمة‬

‫سابق‪ ،‬ص ‪.337‬‬ ‫‪ 25‬أحمد الجندوبي وحسين بن سليمة‪ :‬المرجع ال ّ‬


‫أن الموضوع يتعلّق بدين تعلّق بذ ّمة األجير‬ ‫مؤرخ في ‪ 19‬أفريل ‪( 2000‬غير منشور) "حيث ّ‬ ‫‪ 26‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 76148‬‬
‫حق القيام بالمطالبة بهذا الدين يكون بمرور عام من تاريخ انتهاء عالقات ال ّ‬
‫شغل‬ ‫فإن سقوط ّ‬ ‫إثر إجراء الحساب مع مؤجّره وبالتالي ّ‬
‫عمال بأحكام الفصل ‪ 148‬م‪.‬ش‪.".‬‬
‫‪ 27‬أحمد بن طالب‪ :‬مجلّة االلتزامات العقود أمام الدوائر المجتمعة لمحكمة التّعقيب‪ ،‬مقال منشور بكتاب مائويّة مجلّة االلتزامات‬
‫والعقود ‪ ،2006-1906‬أعمال ملتقى وحدة البحث "قانون مدني"‪ ،‬كليّة الحقوق والعلوم السياسيّة بتونس‪ ،‬مركز النّشر الجامعي‪،‬‬
‫تونس ‪ ،2006‬ص ‪.309‬‬
‫مؤرخ في ‪ 14‬نوفمبر‪ ،1994‬ن م ت‪ ،1994 ،‬ص ‪ ،149‬أنّه" حيث‬ ‫ّ‬ ‫‪45230‬‬ ‫عدد‬ ‫المدني‬ ‫قرارها‬ ‫في‬ ‫قيب‬ ‫‪ 28‬قضت محكمة التع‬
‫شغل تخضع‬ ‫فإن النّزاعات المتعلّقة بعقود ال ّ‬
‫أن قانون الشغل هو فرع من فروع القانون المدني بوجه عا ّم وبالتالي ّ‬ ‫ال خالف في ّ‬
‫نص مخالف ‪. "...‬‬
‫ّ‬ ‫يوجد‬ ‫لم‬ ‫ما‬ ‫قود‬ ‫والع‬ ‫االلتزامات‬ ‫ة‬ ‫ّ‬ ‫بمجل‬ ‫رة‬‫المقر‬
‫ّ‬ ‫ة‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫العا‬ ‫كذلك للقواعد‬
‫ّ‬
‫‪ 29‬أحمد بن طالب‪ :‬مجلة االلتزامات والعقود أمام الدوائر المجتمعة لمحكمة التّعقيب‪ ،‬المقال السّابق‪ ،‬ص‪.311 .‬‬
‫‪14‬‬
‫الرغبة في مزيد التعليل‬ ‫الخاص‪ ،‬أو الجدل ال ّنظري أو ّ‬ ‫ّ‬ ‫النص‬
‫ّ‬ ‫من باب التزيّد أل ّنه ال يعوزها‬
‫فإن اعتماد نظريّة االلتزام‬ ‫واإلقناع فهو أقرب للمجادلة النظريّة منه إلى التّأسيس والتفسير‪ .‬وعليه ّ‬
‫الخاص إلبراز تجذّر تقادم الدّعوى الشغليّة في مؤسّسة التّقادم"‪.30‬‬ ‫ّ‬ ‫النص‬
‫ّ‬ ‫كان من باب المقارنة مع‬
‫بالنص العا ّم‬
‫ّ‬ ‫ويقتضي هذا القول مزيدا من التّدقيق في عالقة موقف محكمة التّعقيب‬
‫صبغة االحتياطيّة الّتي‬ ‫والخاص‪ .‬فالتمعّن في األسلوب المنتهج في التحييث يسمح بالتوقّف عند ال ّ‬ ‫ّ‬
‫المشرع صلب الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ ..‬فقد كان بإمكانها أن تنطلق مباشرة في‬ ‫ّ‬ ‫منحتها المحكمة إلرادة‬
‫صص أغلب الحيثيّات للتأصيل بمجلةّ‬ ‫أن تخ ّ‬ ‫تعليل الح ّل على أحكام الفصل ذاته إال أنّها آثرت ّ‬
‫أن المطالبة بغرامة‬ ‫االلتزامات والعقود‪ ،‬واستتبعتها باستنتاج وجود الح ّل بها معتبرة أنهّ "وحيث ّ‬
‫فإن األجل الذي حدّدته‬ ‫الطرد التعسّفي إنّما هي طلب وفاء بالتزام مع ّمر للذ ّمة المال ّية وبالتالي ّ‬
‫شغل إنّما هو أجل تقادم"‪.‬‬ ‫الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 23‬من مجلّة ال ّ‬
‫المشرع بصورة أساسيّة في االستدالل‬ ‫ّ‬ ‫صي نيّة‬ ‫أن المحكمة لم تنكبّ على تق ّ‬ ‫ي ّ‬‫‪ .21‬فالجل ّ‬
‫أن‬‫واستجالء الح ّل‪ ،‬ولم تكن إرادة هذا األخير هي العنصر المحدّد أو الحاسم في النّزوع العتبار ّ‬
‫ما ورد في الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬هو أجل تقادم ال سقوط‪ .‬ويتأ ّكد ذلك أكثر انطالقا من العبارات‬
‫المعتمدة‪ .‬فبعد أن أ ّخرت اإلعالن عن الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬آلخر حيثيّات القرار في خصوص المطعن‬
‫المشرع بمناسبة تنقيح ‪ 1994‬لإلحالة على الفصل ‪13‬‬ ‫ّ‬ ‫أن حذف‬ ‫المتعلّق بالمسألة اعتبرت ّ‬
‫م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ .‬لم تكن إالّ "لتؤ ّكد له" طبيعته كأجل تقادم‪.‬‬
‫بمجرد تأكيد‪ ،‬ال أكثر وال أق ّل‪،‬‬‫ّ‬ ‫فاألمر يتعلّق بال ّنسبة لمحكمة التّعقيب وفي جميع الحاالت‬
‫على طبيعة اآلجال المدنيّة والّتي استقتها من مجلّة االلتزامات والعقود‪ ،‬وقد ال يغيّر التد ّخل‬
‫التّشريعي معه شيئا‪.‬‬
‫‪ .22‬ويتدعّم مثل هذا القول عند المقارنة بين ما ورد صلب القرار مح ّل التعليق وما‬
‫صل‬ ‫جاء في أحد القرارات الالحقة له والذي بتواتر نفس الح ّل صلبه اختار منطلقا مغايرا للتو ّ‬
‫المشرع بأسلوب تأويلي بناء‬ ‫ّ‬ ‫لطبيعة أجل الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬كأجل تقادم يقوم على استجالء إرادة‬
‫منزهة عن العبث والتكرار"‪ .‬فقد اعتبرت محكمة‬ ‫المشرع ّ‬
‫ّ‬ ‫أن "أعمال‬ ‫على قاعدة أصوليّة مفادها ّ‬
‫المشرع‬ ‫ّ‬ ‫أن "تد ّخل‬
‫المؤرخ في ‪ 25‬ماي ‪( 2012‬غير منشور) ّ‬ ‫ّ‬ ‫التّعقيب في قرارها عدد ‪72316‬‬
‫المؤرخ في ‪ 21‬فيفري ‪ 1994‬وحذفه لإلحالة على الفصل‬ ‫ّ‬ ‫بموجب القانون عدد ‪ 29‬لسنة ‪1994‬‬
‫‪ 13‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ .‬المتعلّق بالمسقطات الوجوبيّة من الفقرة المذكورة أعاله ليس تد ّخال عبثيّا أو مجانيّا‬
‫ي المنصوص عليه بالفقرة األخيرة من الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬أصبح‬ ‫أن األجل الحول ّ‬ ‫بل القصد منه ّ‬
‫أجل تقادم وتبعا لذلك فهو يقبل القطع والتعليق على معنى الفصل ‪ 396‬م‪.‬ا‪.‬ع‪. ".‬‬
‫‪31‬‬

‫الحقة له‪ ،‬و ّالتي لم تكتف‬ ‫‪ .23‬ولقد حظي قرار ‪ 2005‬بمكانة مميّزة صلب القرارات ال ّ‬
‫التحول‬
‫ّ‬ ‫في العديد منها باستعادة نفس الح ّل واالستقرار عليه كأحد الشروط األساسيّة لتقدير‬
‫القضائي‪ ،‬بل تجاوزت ذلك لتتعاطى معه عبر تقنية االستحضار والتنزيل كمرجع في تأكيد لسلطته‬

‫أحمد بن طالب‪ :‬المقال السابق‪ ،‬ص ‪.311‬‬ ‫‪30‬‬

‫قرار غير منشور‪.‬‬ ‫‪31‬‬

‫‪15‬‬
‫تكرر صلب مختلف‬ ‫أن محكمة التّعقيب تحتفظ بذاكرة قضائيّة بنا ًء على تعبير ّ‬ ‫المعنويّة وداللة على ّ‬
‫استقر عليه فقه القضاء" أو "تبّنى فقه قضاء محكمة التّعقيب هذا المبدأ وطبّقته في‬ ‫ّ‬ ‫القرارات‪" :‬ما‬
‫ي‬
‫عديد القرارات" ‪ .‬فنجدها تكتفي في البعض منها باالستشهاد بالقرار باستنساخ ونقل حرف ّ‬
‫‪32‬‬

‫لحيثيّاته كما هي دون أدنى تغيير فتتطابق معه من حيث فحواه‪ ،33‬في حين تحيل في البعض اآلخر‬
‫لعدد القرار وتاريخه‪ .34‬وال يمكن في هذا اإلطار إالّ التذكير بأحد حيثيّات محكمة التّعقيب في‬
‫للشك لقيمة قرار الدوائر المجتمعة‬ ‫ّ‬ ‫قرارها الصادر في ‪ 26‬نوفمبر ‪ ،352013‬والتي ال تدع مجاال‬
‫استقر عليه فقه‬
‫ّ‬ ‫للتحول والتي جاء فيها" ‪" :‬وحيث خالفا لما ذهب إليه الطاعن ولما كان‬ ‫ّ‬ ‫كمنطلق‬
‫فإن محكمة التّعقيب بدوائرها المجتمعة ابتداء من قرارها المرجعي‬ ‫القضاء التونسي لعدّة أعوام ّ‬
‫المؤرخ في ‪ 27‬جانفي ‪ 2005‬قد أحدثت تغييرا جذريا بتثبيت هذا المفهوم لألجل المنصوص عليه‬ ‫ّ‬
‫يستقر رأيها في نفس االتّجاه‬‫ّ‬ ‫صلب الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬م ّما جعل بقيّة دوائرها‬
‫انطالقا من ذلك التاريخ‪."...‬‬
‫للتحول‪ ،‬فإ ّنه لم يكن ليخفي‬
‫ّ‬ ‫أن المرجع وإن حافظ على مكانته كأساس ثابت‬ ‫‪ .24‬بقي ّ‬
‫أن التأصيل لح ّل التخلّي عن ثنائيّة اآلجال وتوحيد طبيعتها في مجلّة االلتزامات والعقود ت ّم في‬ ‫ّ‬
‫النص‬
‫ّ‬ ‫عدد من القرارات عبر أسلوب مغاير‪ :‬أسلوب تفسيري يعتمد اآلليات التأويلية اعتبارا ّ‬
‫وأن‬
‫أن مردّه عبارة "السقوط" الواردة بالفصل‪ .‬فاعتبرت‬ ‫الشك والذي يبدو ّ‬
‫ّ‬ ‫الخاص يثير في األذهان‬
‫ّ‬
‫المؤرخ في ‪ 15‬جانفي ‪ ، 2016‬وفي معرض الردّ على‬
‫‪36‬‬
‫ّ‬ ‫محكمة التّعقيب في قرارها عدد ‪25890‬‬
‫يكرس أجل سقوط أم تقادم أنّه "عند غموض‬ ‫التّساؤل المتعلّق بمعرفة إن كان الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ّ .‬‬
‫النص القانوني يصبح التأويل أمرا ضروريّا"‪ ،‬منبرية في إعمال قاعدة الفصل ‪ 541‬م‪.‬إ‪.‬ع‪ .‬والتي‬ ‫ّ‬
‫تنص على أنّه‪" :‬إذا أحوجت الضرورة لتأويل القانون جاز التسيير في شدّته وال يكون التأويل‬ ‫ّ‬
‫داعيا لزيادة التّضييق أبدا"‪ .‬فأه ّم قواعد التأويل بهذا المعنى هو "ضرورة مراعاة مصلحة الخصوم‬
‫من خالل تبنّي الحلول األكثر نفعا ألطراف النّزاع حتى ال يكون التّأويل سببا في الت ّضييق واشتراط‬
‫ما لم يشترطه القانون صراحة"‪ .‬وترتيبا على ذلك انتهت محكمة التّعقيب إلى أنّه "طالما ت ّم بموجب‬
‫شغلي فال مجال للتّضييق‬ ‫أجل التّقادم تمكين الخصوم إمكانيّات أوفر لعرض النّزاع على القضاء ال ّ‬
‫حق التقاضي باعتماد أجل السقوط" بما يستوجب معه تطبيق أحكام الفصل‬ ‫عليهم وحرمانهم من ّ‬
‫‪ 396‬م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬وذهبت إلى تأويل نفس عبارة سقوط الدّعوى الواردة بالفصلين ‪ 147‬م‪.‬ش‪ .‬و‪148‬‬
‫المؤرخ في ‪ 21‬أفريل ‪ 372017‬على أساس أنّها "جاءت بالمعنى‬ ‫ّ‬ ‫م‪.‬ش‪ .‬في قرارها عدد ‪40444‬‬
‫أن هذا المعنى هو المعتمد "في سائر األحكام‬ ‫العام" الذي يفيد المعنى الكالسيكي أو التّقليدي‪ .‬و ّ‬
‫المتعلّقة بأجل القيام بالدّعوى كما هو الحال بالنسبة للفصول ‪ 384‬م‪.‬إ‪.‬ع‪ .‬وما بعده تحت عنوان‬
‫الزمن الذي حدّده القانون لسقوط المطالبة النّاشئة بالعقد"‪.‬‬ ‫الزمن وهو مرور ّ‬‫سقوط الدّعوى بمرور ّ‬

‫مؤرخ في ‪ 16‬جوان ‪( 2017‬غير منشور)‪.‬‬


‫قرار عدد ‪ّ 42452‬‬ ‫‪32‬‬

‫مؤرخ في ‪ 26‬نوفمبر ‪( 2013‬غير منشور)‪.‬‬


‫قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 74404‬‬ ‫‪33‬‬

‫قرار تعقيبي عدد ‪ 40444‬مؤرخ في ‪ 21‬أفريل ‪( 2014‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪34‬‬

‫قرار غير منشور‪.‬‬ ‫‪35‬‬

‫قرار غير منشور‪.‬‬ ‫‪36‬‬

‫قرار غير منشور‪.‬‬ ‫‪37‬‬

‫‪16‬‬
‫كما اختارت في نفس القرار اللّجوء لما ورد بالنّصوص الفرنسيّة والّتي استعملت عبارة‬
‫للنص نفسها لالستئناس‬ ‫ّ‬ ‫‪Prescription‬لتؤ ّكد معه أنّه أجل تقادم‪ .‬وقد تتجاوز ال ّ‬
‫صياغة الفرنسيّة‬
‫أن المش ّرع الفرنسي‬ ‫قره القضاء الفرنسي باعتبار ّ‬ ‫بالحلول الفرنسيّة تشريعا وقضا ًء "وهو ما أ ّ‬
‫النص الوطني قاصر لذاته عن تأسيس‬ ‫ّ‬ ‫نص صراحة على ذلك بعد تعديل سنة ‪ ." 2008‬وكأنّنا ب‬ ‫ّ‬
‫الح ّل والحال أنّه كان باإلمكان التمسّك بنفس منهج التحليل المعتمد من الدّوائر المجتمعة في ‪2005‬‬
‫صة ّ‬
‫وأن الح ّل واحد‪.‬‬ ‫والذي ال يضاهيه وضوح وإقناع‪ ،‬خا ّ‬
‫‪ .25‬ورغم ما يحسب لقرار الدّوائر المجتمعة من وجاهة ح ّل ووضوح في المبنى‬
‫أن الحيثيّة األخيرة تقتضي التوقّف عندها لما تبعثه في الذّهن من تساؤالت‪ .‬فقد تبيّن‬ ‫ي‪ ،‬إالّ ّ‬ ‫المنهج ّ‬
‫كرسة‬ ‫أن المحكمة لم تعتمد فقط أحكام الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬بل وأشارت أيضا للفصل ‪ 147‬م‪.‬ش‪ ، .‬م ّ‬ ‫ّ‬
‫التالزم بينهما حين قضت أنّه "وحيث تكون محكمة اإلحالة بنا ًء على ذلك أحسنت تأويل أحكام‬
‫الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬ولم تخرق أحكام الفصل ‪ 147‬من نفس المجلّة وال أحكام الفصلين ‪ 396‬و‪398‬‬
‫م‪.‬ا‪.‬ع‪."... .‬‬
‫محله‪ ،‬إذ من شأنه إفراغ الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬وإفقاده ك ّل‬ ‫ويبدو مثل هذا التّالزم في غير ّ‬
‫جدوى في وجود الفصل ‪ 147‬م‪.‬ش‪ .38.‬فقد كان بإمكان محكمة التّعقيب أن تكتفي بأحكام الفصل‬
‫‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬وتعرض عن ذكر الفصل ‪ 147‬م‪.‬ش‪ .‬بلغة التماهي بينهما نظرا الختالف نطاق‬
‫الطرد التعسّفي موضوع الفصل ‪23‬‬ ‫تطبيقهما والقتصار مناط النّزاع على المطالبة بغرامات ّ‬
‫شغل"‪ ،‬في‬ ‫صين يسمح بذلك حيث ورد الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬في باب "انتهاء عقد ال ّ‬ ‫م‪.‬ش‪ .‬فال موقع الن ّ‬
‫حين جاء الفصل ‪ 147‬م‪.‬ش‪ .‬في باب "دفع األجور" بما يجعل اإلطالق الوارد في الفصل األخير‬
‫ينسحب فقط على الحقوق الماليّة المذكورة في مجاله من أجور وملحقات وال يمكن سحبه على‬
‫إن اختالف طبيعة الحقوق المالية مناط الفصلين بدورها تفنّد مثل هذا التماهي‬ ‫الطرد‪ .‬ثم ّ‬‫غرامات ّ‬
‫وأن عددا من القرارات وفي معرض استهاللها للمشكل المطروح‬ ‫صة ّ‬ ‫للتحول خا ّ‬
‫ّ‬ ‫والذي م ّهد‬
‫تستند مباشرة ألحكام الفصل ‪ 147‬م‪.‬ش‪ .‬وإن تعلّق موضوع الدّعوى بغرامات طرد تعسّفي ال‬
‫‪39‬‬

‫المشرع منزهة عن‬ ‫ّ‬ ‫أن القاعدة األصوليّة من ّ‬


‫أن "أعمال‬ ‫بمنح أو فوارق أجر أو مكافآت والحال ّ‬
‫التكرار" تدعم ذلك‪.‬‬

‫ظمات المنسوخة على المنافع االجتماعيّة المترتّبة‬ ‫أن "الدّعاوى مهما كان نوعها بين المؤجّرين والع ّمال والمن ّ‬ ‫‪ 38‬والذي يقتضي ّ‬
‫الزمن"‪.‬‬‫حق القيام بها بمرور عام من ّ‬‫شغل يسقط ّ‬ ‫عن عالقات ال ّ‬
‫مؤرخ في ‪ 05‬ماي ‪2017‬‬ ‫مؤرخ في ‪ 15‬جانفي ‪( 2016‬غير منشور)‪ ،‬قرار تعقيبي عدد ‪ّ 46478‬‬ ‫‪ 39‬قرار تعقيبي عدد ‪ّ 25890‬‬
‫(غير منشور)‪.‬‬
‫طرد أو بالمطالبة بالمستح ّقات‬ ‫أن الدّعاوى الشغليّة سواء تعلّقت بالمطالبة بغرامات ال ّ‬ ‫"حيث يؤخذ من الفصلين ‪ 147‬و‪ 148‬م‪.‬ش‪ّ .‬‬
‫حق القيام بمرور عام واحد من انتهاء العالقة الشغليّة‪."...‬‬‫الشغليّة يسقط ّ‬
‫مؤرخ في ‪ 18‬ديسمبر ‪( 2015‬غير منشور)‪.‬‬ ‫قرار عدد ‪ّ 16393‬‬
‫شرع صلب مجلّة‬ ‫ّ‬ ‫الم‬ ‫نظمه‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫غل‬ ‫الش‬ ‫المادة‬ ‫في‬ ‫من‬ ‫ّ‬
‫الز‬ ‫بمرور‬ ‫البة‬ ‫المط‬ ‫ّ‬
‫حق‬ ‫سقوط‬ ‫ّ‬
‫فإن‬ ‫ّة‬ ‫ي‬‫المعن‬ ‫به‬ ‫ّكت‬
‫س‬ ‫تم‬ ‫ما‬ ‫"وحيث على خالف‬
‫شغل ضمن الفصلين ‪ 147‬و‪ 148‬م‪.‬ش‪ .‬وحدّد مدّة القيام بعام واحد يبدأ سريانه من انتهاء العالقة الشغليّة سواء كان موضوع‬ ‫ال ّ‬
‫الدّعوى مستحقات شغليّة أو الغرامات المترتّبة عن الطرد التعسّفي"‪.‬‬
‫مؤرخ في ‪ 29‬سبتمبر ‪( 2017‬غير منشور)‪.‬‬ ‫قرار عدد ‪ّ 46281‬‬
‫‪17‬‬
‫ولع ّل االستناد ألحكام الفصل ‪ 147‬م‪.‬ش‪ .‬بصورة أصليّة أصبح يستتبعه لزاما اعتماد أحكام‬
‫أن الفصلين وعلى حدّ عبارة محكمة التّعقيب هما "فصلين‬ ‫الفصل ‪ 148‬م‪.‬ش‪ .‬باعتبار ّ‬
‫متالزمين"‪ ،40‬بما يعنيه هذا االعتماد من طرح إلشكال بداية سريان أجل التقادم عند المطالبة‬
‫التعرض ممكنا لهذه النقطة‬
‫ّ‬ ‫بمختلف الحقوق الماليّة في نفس سياق التوحيد في الحلول‪ .‬ولم يكن‬
‫لو لم تثر الدّوائر المجتمعة نفسها أحكام الفصل ‪ 147‬م‪.‬ش‪ .‬بما أصبح يتعيّن معه الوقوف عند‬
‫الطبيعة المشتركة لآلجال من حيث اعتماد منطلق واحد لبداية سريانها‪،‬‬ ‫النتيجة المباشرة لتكريس ّ‬
‫في ظ ّل فتح تو ّجه أصبح يقوم مبدئيّا على منهج إقصائي للشريعة العا ّمة كلّما تعلّق األمر بهذا‬
‫المشكل‪.‬‬
‫‪-II‬منهج إقصائي للشريعة العامة عند ضبط بدء سريان األجل ‪:‬‬
‫‪ .26‬لم يو ّحد قرار ‪ 2005‬فقط طبيعة األجل المضبوط للمطالبة بالحقوق الماليّة في‬
‫إطار الدّعاوى الشغليّة بل كان مساهما في التّمهيد لتوحيد تاريخ بداية سريان األجل‪ .‬ولقد ت ّم ذلك‬
‫وإن بصورة غير مباشرة‪ ،‬منطلقا لتو ّجه جديد جسّدته‬ ‫تحول متكامل بإفرازه‪ْ ،‬‬ ‫عبر رسمه لمسار ّ‬
‫مجموعة من القرارات المتتالية منذ سنة ‪ ، 2007‬والّتي احتوى مضمونها على إقصاء قواعد‬
‫‪41‬‬

‫التعرض ألحكام‬ ‫ّ‬ ‫صة‪ .‬ويفرض ذلك ضرورة‬ ‫الشريعة العا ّمة‪ ،‬والتمسّك في المقابل بالقواعد الخا ّ‬
‫أن هذا األخير ورغم التّكامل الذي‬ ‫التحول (أ)‪ ،‬يبقى ّ‬
‫ّ‬ ‫الفصلين ‪ 147‬و‪ 148‬م‪.‬ش‪ .‬في مهبّ مسار‬
‫صة موضوع‬ ‫صعوبات النّاجمة عن أحد المستحقّات الشغليّة الخا ّ‬‫ميّزه‪ ،‬قد يظ ّل غير مكتمل نظرا لل ّ‬
‫التحول في مهبّ أحكام الفصل ‪ 120‬م‪.‬ش‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الفصل ‪ 120‬م‪.‬ش‪ ،.‬صعوبة استوجبت دراسة مسار‬
‫(ب)‪.‬‬
‫أ‪-‬أحكام الفصلين ‪ 147‬و‪ 148‬م‪.‬ش‪" .‬في مهب مسار التحول"‪:‬‬
‫‪ .27‬وجد التّماثل القائم بين أحكام الفصلين ‪ 147‬و‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬والوارد صلب قرار‬
‫بمجرد طرح مسألة تحديد التّاريخ المعتمد كبداية الحتساب أجل سقوط الدّعوى‬ ‫ّ‬ ‫‪ 2005‬امتدادا له‬
‫صريح والواضح المض ّمن بالفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬والذي جعل من تاريخ انتهاء‬ ‫الشغليّة‪ .‬فأسوة بالح ّل ال ّ‬
‫صبغة التعويضيّة‬‫العالقات الشغليّة بداية سريان أجل التّقادم بخصوص الحقوق الماليّة ذات ال ّ‬
‫صادرة في السّنوات األخيرة ّ‬
‫أن المطالبة‬ ‫صة منها ال ّ‬‫اعتبرت محكمة التّعقيب في أغلب قراراتها خا ّ‬
‫بالحقوق الماليّة على اختالفها تخضع لنفس الح ّل‪.‬‬

‫مؤرخ في ‪ 8‬ماي ‪( 2015‬غير منشور)‪.‬‬


‫‪ 40‬قرار تعقيبي عدد ‪ّ 16393‬‬
‫مؤرخ في ‪ 29‬سبتمبر ‪ ،2007‬ن‪ .‬م‪ .‬ت‪ ،.‬لستة ‪ ،2007‬ج ‪ ،1‬ص ‪ ،351‬قرار تعقيبي مدني عدد‬
‫‪ 41‬قرار تعقيبي عدد ‪ّ 11367‬‬
‫مؤرخ في ‪10‬‬
‫مؤرخ في ‪ 3‬نوفمبر ‪ ،2007‬ن‪ .‬م‪ .‬ت‪ ،.‬لسنة ‪ ،2007‬ج ‪ ،1‬ص ‪ ،323‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 13368‬‬
‫‪ّ 11530‬‬
‫مؤرخ في ‪ 12‬جانفي ‪ ،2008‬ن‪ .‬م‪.‬‬
‫نوفمبر ‪ ،2007‬ن‪ .‬م‪ .‬ت‪ ،.‬لسنة ‪ ،2007‬ج ‪ ،2‬ص ‪ ،331‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 14593‬‬
‫مؤرخ في ‪ 26‬جانفي ‪ ،2008‬ن‪ .‬م‪ .‬ت‪ ،.‬لسنة ‪ ،2008‬ج ‪،2‬‬
‫ت‪ .‬لسنة ‪ ،2008‬ج ‪ ،1‬ص ‪ ،347‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 16492‬‬
‫ص ‪.383‬‬
‫‪18‬‬
‫‪ .28‬ولقد استند موقف محكمة التّعقيب على ضرورة تطبيق القواعد الخا ّ‬
‫صة انطالقا‬
‫من أنّه ال يمكن قراءة الفصل ‪ 147‬بمعزل عن الفصل ‪ 148‬م‪.‬ش‪ .‬باعتبارهما فصلين متالزمين ‪.‬‬
‫‪42‬‬

‫المقرر لسقوط‬
‫ّ‬ ‫سنة‬ ‫إذ يبقى الفصل ‪ 147‬م‪.‬ش‪ .‬عاجزا بمفرده عن تحديد بداية سريان أجل ال ّ‬
‫الدّعاوى بمختلف أنواعها الكتفائه بضبط مدّة األجل‪" ،‬وبالتالي يكون الفصل ‪ 147‬قد حدّد أجل‬
‫حق القيام بالدّعاوى بين المؤ ّجرين واألجراء فيما ضبط الفصل ‪ 148‬بداية احتساب ذلك‬ ‫سقوط ّ‬
‫األجل"‪" 43‬الذي ينطلق من تاريخ إنهاء العالقات الشغليّة"‪.44‬‬
‫شغل واستبعاد ال ّنصوص‬ ‫صة الواردة بمجلّة ال ّ‬ ‫‪ .29‬ولقد جاء اعتماد النّصوص الخا ّ‬
‫المؤرخ في ‪ 12‬أوت‬ ‫ّ‬ ‫واستقر منذ القرار التّعقيبي‬
‫ّ‬ ‫العا ّمة على أنقاض تو ّجه ساد لسنوات‬
‫أن المطالبة بالمستحقّات الشغليّة يسقط بداية من تاريخ استحقاقها عمال بأحكام‬ ‫‪451996‬مفاده ّ‬
‫الفصلين ‪ 393‬و‪ 403‬م‪.‬إ‪.‬ع‪.‬‬
‫أن القيام بتأسيس الح ّل على أحكام مجلّة االلتزامات‬ ‫‪ .30‬وبتف ّحص هذا التو ّجه يتّضح ّ‬
‫والعقود ت ّم بقراءات متعدّدة‪:‬‬
‫‪-1‬قراءة أولى‪ :‬ال تميّز بين وقت المطالبة بالمستحقّات الشغليّة من فوارق أجور ومنح‬
‫إنتاج ومنح آخر السنة ومنح األعياد الرسميّة‪ ...‬فسواء أثير النّزاع في ظل قيام العالقة الشغلية أو‬
‫الطلب ينطلق من تاريخ استحقاقها‪.‬‬ ‫فإن ّ‬
‫بعد انقطاعها ّ‬
‫ولقد ت ّم تعليل هذا الح ّل على أساس سكوت النّصوص المتعلّقة بالحقوق المذكورة في‬
‫الرجوع ألحكام مجلّة االلتزامات‬ ‫ي‪ ،‬وهو ما يتعيّن معه ّ‬ ‫خصوص تاريخ انطالق أجل السّقوط الحول ّ‬
‫والعقود‪.46‬‬
‫‪-2‬قراءة ثانية‪ :‬ميّزت بين صورة المنطوق به صلب الفصلين ‪ 147‬و‪ 148‬م‪.‬ش‪.‬‬
‫صا على‬‫األولين "لم ين ّ‬
‫أن الفصلين ّ‬ ‫والمسكوت عنه والذي يفرض تطبيق القواعد العا ّمة‪ .‬فاعتبرت ّ‬
‫الرجوع بالمستحقّات والمنافع إالّ في حال انقطاع العالقة الشغليّة وبداية‬ ‫سقوط ّ‬
‫حق القيام بدعاوى ّ‬
‫من تاريخ االنقطاع وهي وضعية خاصة مقصودة بذاتها ال تعني سواها بحيث تحمل على اإلطالق‬
‫صورة المسكوت عنها وهي صورة‬ ‫فيما عداها على معنى أحكام الفصل ‪ 534‬م‪.‬إ‪.‬ع‪ ،.‬ومن ذلك ال ّ‬

‫مؤرخ في ‪13‬‬
‫مؤرخ في ‪ 30‬جانفي ‪( 2015‬غير منشور) ‪ ،‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 6809‬‬ ‫‪ 42‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 11200‬‬
‫ديسمبر ‪( 2003‬غير منشور)‪.‬‬
‫مؤرخ في ‪ 15‬جانفي ‪( 2016‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪ 43‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 25890‬‬
‫مؤرخ في ‪ 19‬ديسمبر ‪( 2017‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪-‬قرار تعقيبي عدد ‪ّ 15112‬‬
‫مؤرخ في ‪ 05‬ماي ‪( 2017‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪-‬قرار تعقيبي عدد ‪ّ 46478‬‬
‫‪-‬قرار تعقيبي عدد ‪ 9671‬مؤرخ في ‪ 10‬مارس ‪( 2014‬غير منشور)‪.‬‬
‫مؤرخ في ‪ 15‬جوان ‪( 2015‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي عدد ‪ّ 25209‬‬
‫مؤرخ في ‪ 12‬ديسمبر ‪( 2014‬غير منشور)‪.‬‬‫‪-‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 7235‬‬
‫مؤرخ في ‪ 10‬ماي ‪( 2017‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪ 44‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 39863‬‬
‫‪ 45‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،1996 .‬ص ‪.163‬‬
‫مؤرخ في ‪ 11‬نوفمبر ‪ ،1998‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،1998 .‬ص ‪.419‬‬ ‫‪ 46‬قرار تعقيبي عدد ‪ّ 65324‬‬
‫مؤرخ في ‪ 9‬ماي ‪( 2001‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي عدد ‪ّ 8138‬‬
‫‪19‬‬
‫استمرار العالقة الشغلية الّتي تدخل بالضّرورة ضمن تصنيف حالة اإلطالق و"تكون مرجعيّتها‬
‫خاص بها"‪ .47‬كما أقصت هذه القراءة إمكانيّة تطبيق‬ ‫ّ‬ ‫بالتّالي معقودة للقواعد العا ّمة في غياب ّ‬
‫نص‬
‫وأن الفصول‬ ‫صة ّ‬ ‫الفصل ‪ 541‬م‪.‬إ‪.‬ع‪ .‬بوجوب تفسير القانون في اتّجاه التّيسير ال التّضييق‪ ،‬خا ّ‬
‫صة تض ّمنت تيسيرا على األجير وإقرار المبدأ أحقّية المطالبة بجميع االستحقاقات والمنافع‬ ‫الخا ّ‬
‫سابقة عن تاريخ إنهاء العالقة الشغليّة خالفا لقاعدة الفصل ‪ 407‬م‪.‬إ‪.‬ع‪ .‬التي تضيّق من ذلك‬ ‫ال ّ‬
‫الحق وتحصره في استحقاقات ومنافع السنة األخيرة‪ .‬واعتمدت ح ّجة في اإلقصاء على أساس " ّ‬
‫أن‬ ‫ّ‬
‫الوضعيّة المطروحة والردّ على القواعد العا ّمة لم ينطلق من ضرورة تأويل القانون‪ ،‬وإنّما من‬
‫شغل وهي وضعيّة تخرج عن مجاالت‬ ‫اقتضاء تطبيقه حال سكوته عن وضعيّة لم يتناولها قانون ال ّ‬
‫نص الفصلين ‪ 147‬و‪ 148‬م‪.‬ش‪ .‬واستقرار‬ ‫ّ‬ ‫بالنص لوضوح‬
‫ّ‬ ‫تطبيقات الفصل ‪ 541‬المذكور‬
‫المنازعة واالستئثار خارجها" ‪.‬‬
‫‪48‬‬

‫كما اعتبرت هذه القراءة أنّه ال مجال لالعتداد بالقول بنسخ الفصلين ‪ 147‬و‪ 148‬م‪.‬ش‪.‬‬
‫ألحكام القواعد العا ّمة المتمثّلة في الفصول ‪ 393‬و‪ 403‬و‪ 407‬م‪.‬إ‪.‬ع‪ .‬اعتمادا على أحكام الفصل‬
‫‪ 542‬م‪.‬إ‪.‬ع‪ .‬وذلك اعتبارا لعدم تحقّق أحد الحاالت الثالث المذكورة بالفصل‪.‬‬
‫أن‬‫وفي نفس السّياق‪ ،‬برزت في بعض القرارات قراءة للفصل ‪ 148‬م‪.‬ش‪ .‬تقوم على ّ‬
‫ي عام بداية من تاريخ انتهاء العالقة الشغليّة ال‬ ‫حق القيام يكون بمض ّ‬ ‫أن سقوط ّ‬ ‫تنصيصه على ّ‬
‫بالطرد التعسّفي الّتي تنشأ بموجب وقوع ّ‬
‫الطرد‪ ،‬أ ّما‬ ‫ّ‬ ‫ينطبق إالّ على الغرامات والمنح المتعلّقة‬
‫شغل وأداء‬ ‫الطرد بل بتنفيذ عقد ال ّ‬ ‫شغليّة فإنّها تبقى غيرمرتبطة بواقعة ّ‬ ‫المطالبة بالمستحقّات ال ّ‬
‫العمل من قبل العامل لفائدة المؤ ّجر أي من تاريخ نشأتها عمال بالفصل ‪ 403‬فقرة ‪ 5‬م‪.‬إ‪.‬ع‪.49 .‬‬
‫‪ .31‬ولم يتواصل التمسّك بالقواعد العا ّمة في التأصيل‪ ،‬رغم ما لقيه هذا التو ّجه من‬
‫لتستقر في‬
‫ّ‬ ‫صدى في بعض القرارات الحديثة الشاذّة‪ ،50‬حيث قطعت المحكمة مع هذا الح ّل‬
‫أن احتساب‬ ‫صة‪ ،‬منتهية إلى ّ‬ ‫شريعة العا ّمة وتطبيق القواعد الخا ّ‬ ‫السّنوات األخيرة على تجاوز ال ّ‬
‫األجل بالنسبة لمختلف الحقوق الماليّة يبدأ من تاريخ انتهاء العالقة الشغليّة‪.‬‬
‫‪ .32‬ولقد ت ّم تأسيس هذا الموقف باالعتماد على مجموعة من األسانيد المختلفة ‪:‬‬
‫‪-1‬السند األول ‪ :‬إعمال القاعدة األصولية التي تملي كون الخاص يقدم على العام‪ :‬فقانون‬
‫شغل واالتفاقيّات المشتركة وهو المنطبق‬ ‫تنظمه األحكام الواردة بمجلّة ال ّ‬
‫خاص ّ‬
‫ّ‬ ‫شغل هو قانون‬ ‫ال ّ‬
‫على الدّعاوى الشغليّة‪ ،‬في حين تمثّل أحكام المجلّة المدنيّة القانون العا ّم الذي ال ينطبق على‬
‫خص‬
‫ّ‬ ‫المشرع قد‬
‫ّ‬ ‫النّزاعات الشغليّة إالّ عند عدم التعارض أو اإلحالة أو السّكوت ‪ .‬وطالما ّ‬
‫أن‬

‫مؤرخ في ‪ 30‬جانفي ‪( 2009‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪ 47‬قرار استئنافي صادر عن محكمة االستئناف بصفاقس تحت عدد ‪ّ 29256‬‬
‫صين يقود إلى استبعاد أحكام القواعد العا ّمة في التطبيق وفي ذلك ما يخالف‬
‫صين خا ّ‬ ‫‪ 48‬تطبيق الفصلين ‪ 147‬و‪ 148‬م‪.‬ش‪ .‬كن ّ‬
‫يبرر هذا االستبعاد بأثر من الفسخ أو االستيعاب أو غيره ويكون من نتيجته فتح باب المطالبة‬ ‫أحكام الفصل ‪ 542‬إذ ال يوجد ما ّ‬
‫المشرع بالفصل ‪ 388‬م‪.‬إ‪.‬ع‪ .‬واالنفتاح بالتالي على آجال جديدة لم تقع في‬‫ّ‬ ‫ّده‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫ما‬ ‫سقف‬ ‫بالتعويضات عن فترات قد تتجاوز‬
‫حسبان اإلرادة العا ّمة‪.‬‬
‫مؤرخ في ‪ 11‬نوفمبر ‪ ، 1985‬ن ‪ .‬م‪ . .‬ت‪ ، .‬لسنة ‪ ، 1985‬ج ‪ ، 1‬ص ‪. 21‬‬ ‫ّ‬ ‫‪12314‬‬ ‫عدد‬ ‫‪ 49‬قرار تعقيبي مدني‬
‫مؤرخ في ‪ 21‬جانفي ‪( 2013‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪ 50‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 80253‬‬
‫‪20‬‬
‫نص على أنّه إذا تعلّق‬
‫وأن هذا األخير ّ‬‫مسألة سقوط الدّعاوى الشغليّة بالفصلين ‪ 147‬و‪ 148‬م‪.‬ش‪ّ .‬‬
‫ّ ‪51‬‬
‫حق القيام بها ابتداء من تاريخ انتهاء عالقات الشغل ‪.‬‬ ‫األمر بدعاوى المؤ ّجرين والعملة فإنّه يسقط ّ‬
‫وبذلك "يكون الفصل ‪ 148‬في فقرته األولى قد قيّد ما ت ّم إطالقه بالفصل ‪ 147‬م‪.‬ش‪.52".‬‬
‫تنص على أنّه‪" :‬إذا وردت عبارة القانون‬‫ّ‬ ‫‪-2‬السند الثاني‪ :‬قاعدة الفصل ‪ 533‬م‪.‬إ‪.‬ع‪ .‬والّتي‬
‫تفرق بين الدّعاوى أو‬ ‫أن أحكام الفصل ‪ 147‬و‪ 148‬عامة لم ّ‬ ‫مطلقة جرت على إطالقها"‪ ،‬ذلك ّ‬
‫صة بالمستحقات الشغليّة الناتجة عن تنفيذ العقد‪ .‬وبنا ًء على ذلك تحتسب السنة‬ ‫تستثن الدّعاوى الخا ّ‬
‫بداية من تاريخ إنهاء العالقة الشغليّة بالنسبة لكافّة المستحقّات الشغليّة وكذلك بالنسبة لمنح‬
‫الطرد التعسّفي‪ .53‬وال يمكن والحالة تلك حصرها في المطالبة بالغرامات‬ ‫والغرامات الناتجة عن ّ‬
‫صة ضمن الفصل ‪23‬‬ ‫المشرع بقواعد خا ّ‬
‫ّ‬ ‫صه‬ ‫وأن هذا النّوع قد خ ّ‬
‫صة ّ‬ ‫النا ّجمة عن ّ‬
‫الطرد‪ ،‬خا ّ‬
‫الرأي بوحدة الموقف في خصوص بداية أجل سقوط الدّعوى الشغليّة‪.‬‬ ‫م‪.‬ش‪ .54.‬ويتميّز هذا ّ‬
‫ولقد كان لمحكمة التّعقيب الدّور الحاسم في التّمييز بين المستح ّقات الشغليّة والمنافع‬
‫المشرع في الفقرة الثانية من الفصل ‪ 148‬م‪.‬ش‪ .‬من‬ ‫ّ‬ ‫االجتماعيّة‪ ،‬وهي الوحيدة الّتي استثناها‬
‫صة بها‪ ،‬حيث تتمثّل‬ ‫السقوط ابتداء من تاريخ إنهاء العالقة الشغليّة وجعلها خاضعة للنصوص الخا ّ‬
‫المستحقّات الشغليّة في المطالبة باألجر وملحقاته من منح وامتيازات في حين يقصد بالمنافع‬
‫االجتماعيّة "المبالغ الّتي يقع اقتطاعها من األجر‪ ،‬والّتي ترصد لتغطية ك ّل ما يشمل الخدمات‬
‫والرعاية الصحيّة"‪،55‬‬ ‫ّ‬ ‫التي تسديها الصناديق االجتماعيّة والمنشآت المؤدّية للخدمات الصحيّة‬
‫صناديق االجتماعيّة والتعاونيّات‬ ‫لتبقى بذلك "محصورة في إسداء الخدمات والمنافع من طرف ال ّ‬

‫مؤرخ في ‪ 8‬ماي ‪( 2015‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪ 51‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 16393‬‬


‫مؤرخ في ‪ 10‬مارس ‪( 2014‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪-‬قرار عدد ‪ّ 9671‬‬
‫مؤرخ في ‪ 30‬جانفي ‪( 2017‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 39459‬‬
‫مؤرخ في ‪ 20‬فيفري ‪( 2017‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 36222‬‬
‫مؤرخ في ‪ 10‬أفريل ‪( 2017‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 39459‬‬
‫مؤرخ في ‪ 15‬أفريل ‪( 2016‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 30987‬‬
‫مؤرخ في ‪ 29‬نوفمبر ‪( 2016‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 41822‬‬
‫مؤرخ في ‪ 24‬فيفري ‪( 2015‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 18839‬‬
‫أغلب القرارات التّعقيبيّة في تحييثها تستحضر حيثياته ويحيل له‪.‬‬
‫مؤرخ في ‪ 9‬جانفي ‪( 2017‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 35125‬‬
‫مؤرخ في ‪ 15‬جوان ‪( 2015‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 25209‬‬
‫مؤرخ في ‪ 29‬نوفمبر ‪( 2016‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪ 52‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 41822‬‬
‫مؤرخ في ‪ 21‬أفريل ‪( 2017‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 40444‬‬
‫مؤرخ في ‪ 30‬جانفي ‪( 2017‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪ 53‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 38521‬‬
‫مؤرخ في ‪ 12‬جانفي ‪ ،2008‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،2008 .‬ص ‪.347‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 14593‬‬
‫مؤرخ في ‪ 18‬فيفري ‪( 2015‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 22706‬‬
‫مؤرخ في ‪ 8‬ماي ‪( 2015‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 16393‬‬
‫مؤرخ في ‪ 6‬فيفري ‪( 2017‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪ 54‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 36220‬‬
‫مؤرخ في ‪ 20‬فيفري ‪( 2017‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 36222‬‬
‫مؤرخ في ‪ 21‬أفريل ‪( 2017‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪ 55‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 40444‬‬
‫‪21‬‬
‫والوداديّات وغير ذلك من الهياكل التي تسند المؤسّسة المشغّلة في تقديم المساعدات والمنافع‬
‫والحقوق االجتماعيّة"‪.56‬‬
‫شغل والمتمثّلة في القاعدة األصلح أو األنفع‬ ‫صة بقانون ال ّ‬
‫‪-3‬السند الثالث‪ :‬قاعدة تأويليّة خا ّ‬
‫شغل يجب تفسيره بمجلّة ال ّ‬
‫شغل أو بأحكام االتفاقيّة‬ ‫لألجير‪ :‬إذ اعتبرت محكمة التّعقيب ّ‬
‫"أن قانون ال ّ‬
‫فإن الفصل ‪148‬‬ ‫اإلطاريّة المشتركة عندما تكون أحكامها لصالح العامل‪ ،‬وفي صورة الحال ّ‬
‫م‪.‬ش‪ .‬هو لصالح العامل"‪ . 57‬ويجد اعتماد بداية سريانه أجل التقادم من تاريخ انقطاع العالقة‬
‫الشغليّة بهذا المعنى أساسه "في اعتماد علّة قطع مدّة التقادم خالل فترة عمل األجير لما للمؤ ّجر‬
‫شغل والتي تمنع األجير من‬ ‫من سلطة معنويّة وماديّة باعتبار عالقة التبعيّة التي يمثّلها عقد ال ّ‬
‫المطالبة بحقوقه المترتّبة عن العقد"‪ ،58‬وهو ما دفعها لالمتناع في العديد من قراراتها عن األخذ‬
‫متسمرة‪ .59‬فالثّابت ّ‬
‫أن‬ ‫ّ‬ ‫أن العالقة الشغليّة‬ ‫الزمن طالما تبيّن ّ‬‫الحق بمرور ّ‬‫ّ‬ ‫بالدّفع المتعلّق بسقوط‬
‫عالقة التبعيّة الّتي تربط األجير بمؤ ّجره قد تعيقه عن تولّي مقاضاة مؤ ّجره لطلب نقص في أجر‬
‫أو تمكينه من بعض المنح المسندة له قانونا أثناء قيام العالقة الشغليّة‪ ،‬ث ّم إنّه يستحيل واقعيّا أن‬
‫أن األجير سيعيد وفي موفّى ك ّل سنة تقديم قضيّة شغليّة بمؤ ّجره للمطالبة بحقوقه الماليّة‬ ‫تتخيّل ّ‬
‫المستحقّة قانونا ‪.‬‬
‫‪60‬‬

‫‪-4‬السند الرابع ‪ :‬االستقرار القضائي‪ ،‬حيث عمدت العديد من القرارات إلى تأسيس موقفها‬
‫المؤرخ في‬
‫ّ‬ ‫صة منها القرار عدد ‪9671‬‬ ‫بالرجوع إلى استحضار وتنزيل القرارات السابقة وخا ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ 10‬مارس ‪ 2014‬بنفس التحليل والتحييث ‪ .‬وعادة ما تستعمل في ظ ّل هذا السّند عبارتها‬
‫‪61‬‬

‫استقر عليه موقف فقه قضاء محكمة التّعقيب في هذا الخصوص"‪" 62‬أو ما‬ ‫ّ‬ ‫المشهورة "وهو ما‬
‫دأب فقه قضاء محكمة التّعقيب على اعتباره"‪.63‬‬
‫‪ .33‬ويحسب لموقف محكمة التّعقيب في هذا ال ّنطاق السّالمة القانونيّة وحسن التّعليل‪،‬‬
‫ولكن مع ضرورة التّدقيق من ناحيتين‪ :‬التّأكيد ّأوال على اختالف أحكام الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ .‬عن‬
‫أحكام الفصلين ‪ 147‬و‪ 148‬م‪.‬ش‪ ، .‬إذ ال مجال للقول بعموميّة وإطالق الفصلين األخيرين لدرجة‬
‫الرغم من التّوافق والتّناسق القائم بين الحلول‬‫القدرة على استيعاب أحكام الفصل ‪ 23‬م‪.‬ش‪ . .‬فعلى ّ‬

‫مؤرخ في ‪ 24‬فيفري ‪( 2015‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪ 56‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 18839‬‬


‫مؤرخ في ‪ 21‬جانفي ‪( 2013‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪ 57‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 80253‬‬
‫مؤرخ في ‪ 21‬أفريل ‪( 2017‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪ 58‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 40444‬‬
‫مؤرخ في ‪ 12‬ديسمبر ‪( 2014‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪ 59‬قرار عدد ‪ّ 7236‬‬
‫مؤرخ في ‪ 19‬ديسمبر ‪( 2014‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 15112‬‬
‫مؤرخ في ‪ 23‬جوان ‪( 2014‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 5978‬‬
‫‪ 60‬األسعد الفراتي ‪ :‬محكمة التّعقيب وأحكام السقوط في المادّة الشغليّة‪ ،‬م‪.‬ق‪.‬ت‪ .‬عدد ‪ ،2009 ،6‬ص ‪.172‬‬
‫مؤرخ في ‪ 15‬أفريل ‪( 2016‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 30987‬‬
‫مؤرخ في ‪ 24‬فيفري ‪( 2015‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 18839‬‬
‫مؤرخ في ‪ 15‬جوان‪( 2015‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪ 61‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 25209‬‬
‫مؤرخ في ‪ 15‬جوان ‪( 2015‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 25212‬‬
‫مؤرخ في ‪ 5‬ماي ‪( 2017‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪ 62‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 46478‬‬
‫مؤرخ في ‪ 21‬جانفي ‪( 2013‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪ 63‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 80253‬‬
‫‪22‬‬
‫الواردة صلبها‪ ،‬وااللتقاء من حيث تحديد أجل سقوط ّ‬
‫حق القيام بالدّعوى الشغليّة على إثر انتهاء‬
‫الطرد التعسّفي ليست من‬ ‫أن "غرامات ّ‬ ‫العالقة الشغليّة ‪ ،‬إالّ أنّه ال مجال للخلط بينهما باعتبار ّ‬
‫المستحقّات الشغليّة"‪ ،64‬وضرورة التوقّف ثانيا عند سريان العموميّة في المقابل على منحة الراحة‬
‫خاص طرحت عددا‬ ‫ّ‬ ‫بنص‬
‫ّ‬ ‫األسبوعيّة موضوع أحكام الفصل ‪ 120‬م‪.‬ش‪ ، .‬والّتي بسبب تنظيمها‬
‫التحول في مهبّه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫صعوبات جعلت من مسار‬ ‫من ال ّ‬
‫ب‪-‬مسار التحول "في مهب أحكام الفصل ‪ 120‬م‪.‬ش‪:".‬‬
‫التحول منتهاه ‪ ،‬فال تشوبه شائبة‪ ،‬لوال اإلرباك‬‫ّ‬ ‫‪ .34‬كان من المأمول أن يدرك مسار‬
‫الذي ما فتئت تتسبّب فيه بعض القرارات التّعقيبيّة بين الفينة واألخرى في معالجتها إلشكاليّة كيفيّة‬
‫احتساب أجل سقوط الدّعوى المتعلّقة بالمطالبة بمنحة الراحة السنويّة طبقا ألحكام الفصل ‪120‬‬
‫المؤرخ في ‪ 29‬سبتمبر ‪ 65 2007‬من‬ ‫ّ‬ ‫فبالرغم من الح ّل الذي أرساه القرار عدد ‪11367‬‬‫ّ‬ ‫م‪.‬ش‪.‬‬
‫حق المطالبة بمنحة الراحة السنويّة يسقط القيام به ال ابتداء من تاريخ استحقاقها بل من تاريخ‬ ‫أن ّ‬‫ّ‬
‫إنهاء العالقة الشغليّة وتواترت على اعتماده العديد من القرارات الالّحقة له في مخالفة للسائد قبل‬
‫أن محكمة التّعقيب لم تتخلّص نهائيّا من رواسب الح ّل السابق وظ ّل يغويها‪.‬‬ ‫ذلك‪ ،66‬يبدو ّ‬
‫المؤرخ في ‪ 6‬جوان ‪ 672016‬أ ّنه "وحيث‬ ‫ّ‬ ‫‪ .35‬فقد اعتبرت في قرارها عدد ‪33215‬‬
‫حق للعامل ال يمكن التّنازل‬
‫أن العطلة السنويّة ّ‬ ‫صين (الفصل ‪ 119‬و‪ 120‬م‪.‬ش‪ّ ).‬‬ ‫تؤخذ من هذين الن ّ‬
‫عنه وإنّما يمكن تأجيله لضرورة العمل لمدّة سنة واحدة وأنّه بمرور سنة االستحقاق يسقط الحق‬
‫في المطالبة بالراحة السنوية ما لم يوجد قرار من المؤ ّجر في تأجيل الراحة السنويّة للسّنة‬
‫المؤرخ في ‪ 10‬جويلية ‪ 68 2017‬بنفس الح ّل‬ ‫ّ‬ ‫الموالية"‪ ،‬كما أنّها قضت في القرار عدد ‪48825‬‬
‫معتمدة تاريخ استحقاق المنحة منطلقا لبداية احتساب أجل سقوط المطالبة بها "وحيث أنّه خالفا‬
‫الراحة السنويّة يسقط بمضي سنة‬ ‫حق المطالبة لمنحة ّ‬‫فإن ّ‬ ‫لما ذهبت إليه محكمة القرار المنتقد ّ‬
‫فإن محكمة األصل لما‬ ‫من تاريخ استحقاق تلك المنحة عمال بأحكام الفصل ‪ 120‬م‪.‬ش‪ .‬وعليه ّ‬
‫نحت خالف هذا المنحى وقضت لفائدة المعقّب ضدّه بتعويض على كامل مدّة العمل تكون قد‬

‫مؤرخ في ‪ 29‬نوفمبر ‪( 2016‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪ 64‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 41822‬‬


‫الراحة السنويّة يسقط القيام به ابتداء من تاريخ‬
‫حق المطالبة بمنحة ّ‬‫بأن ّ‬ ‫‪ 65‬والذي قضت على أساسه محكمة التّعقيب ّ‬
‫بأن "القول ّ‬
‫استحقاق تلك المنحة يتعارض وأحكام الفصل ‪ 148‬م‪.‬ش‪ .‬التي تقتضي أنّه عندما يتعلّق األمر بدعاوى بين مؤجّرين وعملة فإنّه‬
‫الراحة السنويّة خالصة األجر هي ليست من المنافع االجتماعيّة‬ ‫ألن منحة ّ‬‫شغل ّ‬‫حق القيام بها ابتداء من تاريخ انتهاء عالقات ال ّ‬
‫يسقط ّ‬
‫صة"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫خا‬ ‫نصوص‬ ‫مها‬ ‫ّ‬
‫ظ‬ ‫تن‬ ‫والتي‬ ‫المذكور‬ ‫‪148‬‬ ‫الفصل‬ ‫بها‬ ‫الوارد‬
‫مؤرخ في ‪ 29‬سبتمبر ‪ ،2007‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،2007 .‬ج ‪ ،I‬ص ‪.351‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي عدد ‪ّ 11367‬‬
‫مؤرخ في ‪ 26‬جانفي ‪ ،2008‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،2008 .‬ص ‪" 383‬ال مجال للتمسّك بسقوط ّ‬
‫حق‬ ‫‪ 66‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 16492‬‬
‫شغل المتعلّقة بمدّة العمل السابقة لعمليّة تسويغ األصل التجاري للغير طالما ثبت ّ‬
‫أن القيام‬ ‫الراحة الخالصة ولباس ال ّ‬‫المطالبة بمنحة ّ‬
‫بالدّعوى كان في أجل السّنة من انقضاء العالقة الشغليّة بين الطرفين"‪.‬‬
‫مؤرخ في ‪ 8‬ماي ‪( 2015‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 16393‬‬
‫مؤرخ في ‪ 21‬أفريل ‪( 2017‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪ -‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 40444‬‬
‫مؤرخ في ‪ 12‬جانفي ‪ ، 2008‬ن ‪ .‬م‪ .‬ت‪ .‬لسنة ‪ ، 2008‬ج ‪ ، 1‬ص‪. 347‬‬ ‫‪ -‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 14593‬‬
‫مؤرخ في ‪ 19‬ديسمبر ‪( 2014‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪-‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ّ 15112‬‬
‫‪ 67‬قرار غير منشور‪.‬‬
‫‪ 68‬قرار غير منشور‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫المؤرخ‬
‫ّ‬ ‫خالفت القانون"‪ .‬وفي نفس السّياق تطالعنا محكمة التّعقيب في قرار حديث عدد ‪54770‬‬
‫في ‪ 15‬جانفي ‪ 69 2018‬باعتماد نفس المنهج معلّلة ذلك باالستقرار القضائي للح ّل حيث ذهبت‬
‫الراحة السنويّة من تاريخ‬ ‫"استقر فقه القضاء على سقوط ّ‬
‫حق المطالبة بمنحة ّ‬ ‫ّ‬ ‫إلى اعتبار أنّه‬
‫استحقاقها"‪.‬‬
‫مرت مباشرة في التأسيس لحلّها لالستناد على‬ ‫أن محكمة التّعقيب قد ّ‬
‫‪ .36‬والمالحظ ّ‬
‫مقتضيات أحكام الفصل ‪ 120‬م‪.‬ش‪ .‬بعد أن كانت تلجأ لتأصيله صلب مجلّة االلتزامات والعقود‬
‫واعتماد أحكام الفصلين ‪ 339‬و‪ 403‬منها تبعا لذلك‪.70‬‬
‫أن قراءتها تستند لمعطيين اثنين تراوحا بين التخصيص والخصوصيّة‪.‬‬‫‪ .37‬ويبدو ّ‬
‫الراحة السنويّة خالصة األجر دونا عن بقيّة المنح‬
‫المشرع أفرد ّ‬
‫ّ‬ ‫‪-1‬التخصيص‪ :‬باعتبار ّ‬
‫أن‬
‫خاص والذي يؤ ّكد على أنّه "يسقط القيام بمطالبة المنح المنصوص‬
‫ّ‬ ‫بنص‬
‫ّ‬ ‫واالمتيازات األخرى‬
‫النص‬
‫ّ‬ ‫عليها بالفصل ‪ 119‬وهذا الفصل مرور عام واحد"‪ ،‬م ّما يقتضي معه ضرورة إهمال تطبيق‬
‫شغل وعدم إخضاعها كغيرها من المنح ألحكام الفصلين ‪ 147‬و‪ 148‬م‪.‬ش‪.‬‬ ‫العام الوارد بمجلّة ال ّ‬
‫‪71‬‬

‫المشرع ضبط فترة إسنادها‪ .‬فهي منحة سنويّة تحسب على‬ ‫ّ‬ ‫أن‬‫‪-2‬الخصوصية‪ :‬بالنّظر إلى ّ‬
‫صل العامل على‬ ‫أساس عدد أيام العمل الفعليّة مع احتساب مدّة المرض وعطلة الوالدة وفترة تح ّ‬
‫تعرضه لحادث شغل على أن ال تتجاوز مدّته السنة‪ ،72‬وتمنح في الفترة المتراوحة ما‬ ‫راحة إثر ّ‬
‫غرة جوان و‪ 31‬أكتوبر من ك ّل سنة مع مراعاة أحكام االتفاقيات القطاعيّة وحالة الضرورة ‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫بين ّ‬
‫وك ّل اتّفاق يتض ّمن تخلّي العامل عنها يعتبر باطال حتّى لو كان هذا التخلّي في مقابل منحة‬
‫تعويضيّة‪.74‬‬
‫صل األجير على الراحة السنويّة خالصة األجر في مدّة معيّنة‬ ‫وبهذا المعنى فإ ّنه طالما يتح ّ‬
‫فإن احتساب مدّة السنة باعتبارها أجال لسقوطها يبتدأ من ‪ 31‬أكتوبر من‬ ‫طبق مقتضيات القانون ّ‬
‫شغل والتي ضبط‬ ‫أن مثل هذا التو ّجه يمكن أن ينسحب بدوره على منحة لباس ال ّ‬ ‫شك ّ‬
‫ك ّل سنة‪ .‬وال ّ‬
‫المشرع في شأنها أيضا تاريخا لالستحقاق ك ّل سنة‪.75‬‬ ‫ّ‬

‫‪ 69‬قرار غير منشور‪.‬‬


‫لمنجرة عن‬
‫ّ‬ ‫المؤرخ في ‪ 23‬جانفي ‪ 2012‬بالتمييز بين المستح ّقات ا‬
‫ّ‬ ‫‪ 70‬في نفس االتّجاه قضت المحكمة في قرارها عدد ‪64463‬‬
‫شغل‬ ‫الطرد التعسّفي التي تخضع إلى أجل السقوط المنصوص عليه بالفصل ‪ 148‬م‪.‬ش‪ .‬والمنح والمنافع المحولة بمقتضى تشريع ال ّ‬
‫بمضي عام من تاريخ استحقاقها وذلك طبقا ألحكام الفصول ‪ 407‬و‪ 403‬و‪ 393‬م‪.‬إ‪.‬ع‪.‬‬‫ّ‬ ‫التي تسقط ّ‬
‫حق المطالبة بها‬
‫ظمته جمعيّة‬ ‫األول‪ ،‬أعمال الملتقى العلمي الذي ن ّ‬
‫شغل – الجزء ّ‬ ‫‪ 71‬وهو ما تبنّاه األستاذ النوري مزيد‪ :‬إشكاالت في قانون ال ّ‬
‫والتحوالت االقتصاديّة"‪ ،‬كليّة الحقوق بصفاقس باالشتراك مع الفرع‬
‫ّ‬ ‫الحقوقيّين بالتّعاون مع وحدة البحث "القانون االجتماعي‬
‫الجهوي للمحامين لصفاقس في ‪ 17‬نوفمبر ‪ ،2016‬ص ‪.14‬‬
‫‪ 72‬الفصل ‪ 114‬م‪.‬ش‪.‬‬
‫‪ 73‬الفصل ‪ 117‬م‪.‬ش‪.‬‬
‫‪ 74‬الفصل ‪ 131‬م‪.‬ش‪.‬‬
‫‪ 75‬الفصل ‪ 333‬م‪.‬ش‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫أن هذه القراءة ال يمكن إ ّ‬
‫ال أن تتعدّد المؤاخذات بشأنها بما يجعلها ال تسلم‬ ‫‪ .38‬يبقى ّ‬
‫من النّقد لقيامها ّأوال على قراءة متعسّفة إن لم نقل خاطئة ألحكام الفصل ‪ 120‬م‪.‬ش‪ ،.‬وتجاهلها‬
‫المشرع تأثيرها سلبا على‬
‫ّ‬ ‫ثانيا للقاعدة األصوليّة الّتي تقتضي أنّه ال يجب الّتمييز حيث لم يميّز‬
‫استقرار الدّعوى الشغليّة‪ .‬وأخيرا النبناءها على تصريح مغلوط باالستقرار القضائي على هذا‬
‫الح ّل‪:‬‬
‫المشرع قد حدّد من خالل هذا الفصل أجل سقوط‬ ‫ّ‬ ‫‪-1‬قراءة متعسفة للفصل ‪ 120‬م‪.‬ش‪ :.‬ف‬
‫أن أحكام الفصل‬ ‫بالرخصة السنويّة دون أن يضبط تاريخ احتسابها‪ ،‬فضال على ّ‬ ‫دعوى المطالبة ّ‬
‫الراحة السنويّة خالل سنة من‬ ‫شغل والمطالبة بمنحة تعويضيّة عن ّ‬ ‫‪ 120‬ذاتها تتعلّق بفسخ عقد ال ّ‬
‫شغل بين تاريخ استحقاق هذه‬ ‫المشرع في صورة فسخ عقد ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫انقضاء العقد‪ .‬وبالتّالي لم يربط‬
‫المنحة والتاريخ المعتمد الحتساب مدّة التّقادم‪.76‬‬
‫يخص‬
‫ّ‬ ‫المشرع لم‬
‫ّ‬ ‫‪-2‬تجاهل للقاعدة األصولية الواردة بالفصل ‪ 533‬م‪.‬إ‪.‬ع‪ : .‬فطالما ّ‬
‫أن‬
‫الراحة السنويّة بح ّل استثنائي وبتاريخ محدّد لبداية احتساب أجل سقوط المطالبة بها‪ ،‬فإنّه ال مجال‬
‫ّ‬
‫للتّمييز بينها وبين بقيّة المستحقّات الشغليّة األخرى فيما يتعلّق ببداية احتساب أجل سقوط المطالبة‬
‫الرجوع ألحكام الفصل ‪ 148‬م‪.‬ش‪ .‬وإعمال قاعدة الفصل ‪ 533‬م‪.‬إ‪.‬ع‪. .‬‬ ‫بها ‪ ،‬م ّما يستوجب معه ّ‬
‫أن اإلطالق يقتضي أن يشمل الح ّل الوارد بالفصل ‪ 148‬م‪.‬ش‪ .‬منحة ّ‬
‫الراحة السنويّة‪.‬‬ ‫شك ّ‬‫وال ّ‬
‫‪-3‬التأثير سلبا على استقرار الدعوى الشغلية‪ :‬حيث عجز هذا الموقف عن تحديد تاريخ‬
‫مو ّحد يشمل كافّة المستحقّات الشغليّة ‪ ،‬م ّما أفضى لوجود تفاوت بينها بحيث يسقط بعضها ويبقى‬
‫البعض اآلخر قائما بحسب اختالف تاريخ االستحقاق‪.77‬‬
‫‪-4‬تصريح مغلوط باالستقرار القضائي على الحل‪ :‬حيث أثبت جرد مختلف القرارات‬
‫استقرارها على الح ّل المخالف‪.78‬‬
‫‪ .39‬يأمل أن تبقى مثل هذه القرارات معزولة وأن ال تؤسّس لتو ّجه قادر أن يرسّخ‬
‫التحول فتح أحد قوسيه والبدّ أن يغلق قوسه الثاني‬
‫ّ‬ ‫صة ّ‬
‫وأن مسار‬ ‫شأن‪ ،‬خا ّ‬ ‫تردّد فقه القضاء بهذا ال ّ‬
‫بصورة نهائيّة ومتماسكة‪ ،‬إ ّما باجتهاد قضائي ثابت أو بإرادة تشريعيّة واضحة في ات ّجاه وحدة‬
‫طبيعة أجل المطالبة بالحقوق المال ّية على اختالفها كأجل تقادم ووحدة التاريخ المعتمد لبداية سريان‬
‫األجل وهو تاريخ انتهاء العالقة الشغليّة بدون أدنى استثناء‪.‬‬

‫طبعة الثّانية‪،‬‬
‫شغل وفقه القضاء‪ ،‬مركز الدّراسات القانونيّة والقضائيّة‪ ،‬ال ّ‬
‫‪ 76‬عصام األحمر‪ :‬الدّعوى الشغليّة من خالل مجلّة ال ّ‬
‫‪ ،2008‬ص ‪.330‬‬
‫شغل‪ ،‬المرجع السّابق‪ ،‬ص ‪.246‬‬ ‫‪ 77‬عصام األحمر‪ :‬إشكاالت في نزاعات ال ّ‬
‫‪ 78‬انظر الفقرة ‪ 34‬من المقال‪.‬‬
‫‪25‬‬

You might also like