You are on page 1of 4

‫تذكير الفعل أو تأنيثه مع الفاعل المؤنّث‬

‫قال تعالى (وال تكونوا كالذين جاءهم البينات) وق ال تع الى (وما ك ان ص التهم عند ال بيت)‬
‫وقال تعالى (قد كان لكن فيهم أسوة حسنة)‬

‫هناك خط بالغي في الق رآن الك ريم ح ول ه ذا الموض وع وقد ُأث ير في عديد من األس ئلة‬
‫خالل الحلقات ونذكر منها ما جاء في تذكير وتأنيث الفعل مع كلمة الضاللة والعاقبة وكذلك‬
‫مع كلمة المالئكة وكذلك مع كلمة البيّنات‪ .‬وقلنا باختصار أنه‪:‬‬

‫ت ذكير الفاعل الم ؤنث له أك ثر من س بب وأك ثر من خط في الق رآن الك ريم‪ .‬ف إذا‬
‫قصدنا باللفظ االمؤنّث معنى المذكّر جاز تذكيره وهو ما يُع رف بالحمل على المع نى‪.‬‬
‫م‬ ‫الض اَل ل َ ُ‬
‫ة ِإنَّهُ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ح قَّ ع َلَيْهِ ُ‬
‫م‬ ‫وقد ج اء في قوله تع الى عن الض اللة (فَرِيقًا هَ دَى وَفَرِيقًا َ‬
‫ن (‪ )30‬األع راف) وقوله‬ ‫خذ ُوا الشَّ ياطين َأولِياءَ من دون اللَّه ويحس بو َأ‬
‫مهْت َ دُو َ‬
‫م ُ‬ ‫ن نَّهُ ْ‬ ‫ِ ََ ْ َ ُ َ‬ ‫ِ ْ ُ ِ‬ ‫َ ِ َ ْ َ‬ ‫ات َّ َ‬
‫ن هَدَى‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬‫ن‬‫م‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫وت‬ ‫ُ‬ ‫غ‬ ‫ا‬‫َّ‬ ‫الط‬ ‫وا‬ ‫ب‬ ‫ن‬‫ت‬ ‫ج‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ه‬‫َّ‬ ‫الل‬ ‫وا‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ع‬‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫َأ‬ ‫اًل‬ ‫و‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫ة‬‫م‬ ‫ُأ‬ ‫ِّ‬
‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ث‬‫ع‬ ‫ب‬ ‫د‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫(و‬ ‫تعالى‬
‫ِ ُْ ْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َُِ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ٍ َ ُ‬ ‫َ ْ ََ َ ِ‬
‫ض فَ انْظ ُ ُروا كَي ْ َ‬ ‫س يروا فِي اَأْل‬ ‫َ‬ ‫اَل‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫ن ع َاقِب َ ُ‬ ‫ف كَ ا َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫الض‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫َّت‬
‫ْ‬ ‫حق‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫منْهُ ْ‬
‫ه وَ ِ‬ ‫الل َّ ُ‬
‫ين (‪ )36‬النح ل)‪ .‬ون رى أنه في كل م رة ي ذكر فيها الض اللة بالت ذكير تك ون‬ ‫مك َ ذِّب ِ َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ن (‪ )29‬األع راف)‬ ‫ُ‬ ‫َأ‬ ‫َ‬
‫م تَعُودُو َ‬ ‫ما ب َ د َ ك ْ‬ ‫الض اللة بمع نى الع ذاب ألن الكالم في اآلخ رة (ك َ‬
‫وليس في اآلخ رة ض اللة بمعناها ألن األم ور كلها تنكشف في اآلخ رة‪ .‬وعن دما تك ون‬
‫ما كانت الضاللة بمعناها هي يؤنّث الفعل‪.‬‬ ‫الضاللة بالتأنيث يكون الكالم في الدنيا فل ّ‬

‫وكذلك بالنسبة لكلمة العاقبة أيضا ً تأتي بالتذكير مرة وبالت أنيث م رة ‪ ،‬وعن دما ت أتي‬
‫بالتذكير تكون بمعنى العذاب وقد وردت في القرآن الكريم ‪ 12‬مرة بمعنى العذاب أي‬
‫يروا ْ فِي‬ ‫س ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫بالتذكير واألمثلة في القرآن كثيرة منها قوله تعالى في سورة األنعام (قُ ْ‬
‫ين {‪ )}11‬وسورة ي ونس (فَك َ ُ ُ َ َّ ْ َ ُ‬
‫ه‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ي‬‫ج‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ف‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫َّب‬ ‫ذ‬ ‫مكَذ ِّب ِ َ‬ ‫ة ال ْ ُ‬ ‫ن ع َاقِب َ ُ‬ ‫ف كَا َ‬ ‫م انظ ُ ُروا ْ كَي ْ َ‬ ‫ض ث ُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫اَأل ْر‬
‫ين ك َ ذ َّبُوا ْ بِآيَاتِنَا فَ انظ ُ ْر كَي ْ َ‬ ‫ومن مع ه في الْفُل ْ ك وجعلْن اهُم خَالَِئ َ َأ‬
‫ن‬ ‫ف كَ ا َ‬ ‫ف وَ غ ْ َرقْنَا الَّذ ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ َ َ َ َ‬ ‫َّ َ ُ ِ‬ ‫َ َ‬
‫ين (‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ج‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫ب‬‫ق‬ ‫َا‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ف‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ظ‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ا‬‫ر‬ ‫َ‬ ‫ط‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ط‬ ‫م‬ ‫َأ‬ ‫و(و‬ ‫})‬ ‫‪73‬‬ ‫{‬ ‫ين‬ ‫ْ‬
‫َِ ُ ُ ْ ِ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ ْ َ‬ ‫ِْ ْ َ ً‬ ‫َ ْ ْ َ‬ ‫ع َا ِ َ ُ ُ ِ َ‬
‫َر‬ ‫ذ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫ب‬ ‫ق‬
‫ين (‪ )73‬الص افّات) المقص ود بالعاقبة‬ ‫من ْ ذ َرِ َ‬ ‫ْ‬
‫ة ال ُ‬ ‫ن ع َاقِب َ ُ‬ ‫ف كا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪ )84‬األعراف) و(فَانْظ ْر كي ْ َ‬
‫هنا محل العذاب فجاء الفعل مذكراً‪ .‬وعندما تأتي بالتأنيث ال تكون إال بمعنى الجنّة كما‬
‫َأ‬
‫ن لَ ُ‬
‫ه‬ ‫ن تَك ُو ُ‬ ‫م ْ‬ ‫عن ْ دِهِ وَ َ‬
‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ج اءَ بِالْهُدَى ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م بِ َ‬ ‫وس ى َربِّي ع ْل َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ل ُ‬ ‫في قوله تعالى (وَقَ ا َ‬
‫ل‬ ‫ن (‪ )37‬القصص) وقوله تعالى في سورة األنعام (قُ ْ‬ ‫ِ ُ َ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫َّ‬ ‫الظ‬ ‫ه اَل يُفْل ِ ُ‬
‫ح‬ ‫ة الدَّارِ ِإن َّ ُ‬ ‫ع َاقِب َ ُ‬
‫ه‬‫ة ال دِّارِ ِإن َّ ُ‬ ‫ه ع َاقِب َ ُ‬ ‫نل ُ‬‫َ‬ ‫ُ‬
‫من تَكو ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫َ‬
‫ف تَعْل ُ‬ ‫سو ْ َ‬ ‫ل فَ َ‬ ‫م ٌ‬ ‫م ِإنِّي ع َا ِ‬ ‫ُ‬
‫مكانَتِك ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ملوا عَلى َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫يَا قَوْم ِ اع ْ َ‬
‫ن {‪.)}135‬‬ ‫و‬
‫ِ ُ َ‬‫م‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫َّ‬ ‫الظ‬ ‫ال َ يُفْل ِ ُ‬
‫ح‬

‫تذكير كلمة شفاعة مرة وتأنيثها مرة أخرى في سورة البقرة‪ :‬قال تع الى في س ورة‬
‫خ ذُ‬ ‫ة وَال َ يُْؤ َ‬ ‫ش فَاع َ ٌ‬ ‫منْهَا َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ش يْئا ً وَال َ يُقْب َ ُ‬ ‫ْس َ‬‫س عَن نَّف ٍ‬ ‫ج زِي نَفْ ٌ‬ ‫البقرة (وَاتَّقُوا ْ يَوْما ً ال َّ ت َ ْ‬
‫ج زِي‬ ‫ن {‪ )}48‬وق ال في نفس الس ورة (وَاتَّقُوا ْ يَوْم ا ً ال َّ ت َ ْ‬ ‫نص ُرو َ‬ ‫م يُ َ‬ ‫ل وَال َ هُ ْ‬ ‫منْهَا عَ د ْ ٌ‬ ‫ِ‬
‫ن{‬ ‫نص ُرو َ‬ ‫م يُ َ‬ ‫َ‬
‫ة وَال هُ ْ‬ ‫ش فَاع َ ٌ‬ ‫َ‬
‫ل وَال تَنفَعُهَا َ‬ ‫منْهَا عَ د ْ ٌ‬ ‫ل ِ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ش يْئا وَال يُقْب َ ُ‬ ‫ْس َ‬ ‫ف‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫َن‬ ‫ع‬ ‫س‬‫ٌ‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫نَ‬
‫ٍ‬
‫‪.)}123‬جاءت اآلية األولى بتذكير فعل (يقبل) مع الش فاعة بينما ج اء الفعل (تنفعه ا)‬
‫مؤنثا ً مع كلمة الشفاعة نفسها‪ .‬الحقيقة أن الفعل (يقبل) لم يُذكّر مع الشفاعة إال في‬
‫اآلية ‪ 123‬من سورة البقرة وهنا المقصود أنها جاءت لمن سيشفع بمعنى أنه لن يُقبل‬
‫ممن سيشفع أو من ذي الشفاعة‪ .‬أما في اآلية الثانية فالمقصود الش فاعة نفس ها لن‬
‫تنفع وليس الكالم عن الش فيع‪ .‬وقد وردت كلمة الش فاعة مع الفعل الم ؤنث في‬
‫ن‬‫ة ِإن ي ُرِد ْ ِ‬ ‫من دُون ِ هِ آلِهَ ً‬ ‫خ ذُ ِ‬ ‫القرآن الكريم في آي ات أخ رى منها في س ورة يس (َأَأت َّ ِ‬
‫من‬ ‫}) وس ورة النجم (وَكَم ِّ‬ ‫ُون {‪23‬‬ ‫قذ ِ‬ ‫م شَ يْئا ً وَال َ يُن ِ‬ ‫ْن عَنِّي شَ فَاعَتُهُ ْ‬ ‫ض ٍّر ال َّ تُغ ِ‬
‫من ب ِ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫الر ْ‬
‫َّ‬
‫َّ‬ ‫ْأ‬ ‫َأ‬ ‫اَّل‬ ‫ً‬ ‫اَل‬
‫ضى‬ ‫من يَشَ اءُ وَي َ ْر َ‬ ‫ه لِ َ‬
‫ن الل ُ‬ ‫من بَعْد ِ ن ي َ ذ َ َ‬ ‫م شَ يْئا ِإ ِ‬ ‫ات تُغْنِي شَ فَاعَتُهُ ْ‬ ‫ماوَ ِ‬ ‫س َ‬
‫ك فِي ال َّ‬ ‫مل َ ٍ‬ ‫َّ‬
‫{‪.)}26‬‬
‫وكذلك كلمة البيّنات ف إذا ك انت بمع نى العالم ات الدالة على المعج زات أنّث الفعل‬
‫وإذا كانت بمعنى األمر والنهي وحد ّ الله والدين ذكّر الفعل هناك حكم نحوي مفاده أنه‬
‫يجوز أن يأتي الفعل م ذكرا ً والفاعل مؤنث اً‪ .‬وكلمة البيّن ات ليست م ؤنث حقيقي ل ذا‬
‫يجوز تذكيرها وتأنيثها‪ .‬والسؤال ليس عن جواز تذكير وتأنيث البيّنات ألن هذا ج ائز كما‬
‫قلنا لكن السؤال لماذا؟ لماذا جاء باالستعمال فعل المذكر (جاءهم البيّن ات) مع العلم‬
‫أنه استعملت في غير مكان بالمؤنث (جاءتهم البيّنات)؟‬
‫ل على النب وءات فأينما‬ ‫جاءتهم البيّنات بالتأنيث‪ :‬يؤنّث الفعل مع البيّنات إذا كانت اآليات تد ّ‬
‫من‬ ‫م ِّ‬ ‫وقعت بهذا المعنى يأتي الفعل مؤنثا ً كما في قوله تعالى في سورة البقرة (فَِإن َزلَلْت ُ ْ‬
‫ُأ‬ ‫َأ‬
‫حدَة ً‬ ‫ة وَا ِ‬ ‫م ً‬ ‫س َّ‬ ‫ن النَّا ُ‬ ‫م {‪ )}209‬واآلية (كَا َ‬ ‫حكِي ٌ‬ ‫ه ع َزِي ٌز َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫موا ْ َّ‬ ‫ات فَاع ْل َ ُ‬ ‫م الْبَيِّن َ ُ‬ ‫جاءتْك ُ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫بَعْد ِ َ‬
‫ما‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ين وَ ن َز َ‬ ‫َأ‬ ‫مب َ ِّ‬ ‫ّ‬ ‫فَبَعَ َ‬
‫اس فِي َ‬ ‫ن الن َّ ِ‬ ‫م بَي ْ َ‬ ‫حك َ‬ ‫حقِّ لِي َ ْ‬ ‫اب ب ِ ال َ‬ ‫م الكِت َ َ‬ ‫معَهُ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫من ذِرِ َ‬ ‫ين وَ ُ‬ ‫ش رِ َ‬ ‫ين ُ‬ ‫ه النَّبِي ِّ َ‬ ‫ث الل ُ‬
‫م فَهَ دَى‬ ‫ه‬ ‫ن‬‫ي‬ ‫ب‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫ْي‬ ‫غ‬ ‫ب‬ ‫ات‬ ‫ن‬‫ي‬ ‫ب‬‫ْ‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫اء‬ ‫ج‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ين ُأ‬ ‫ذ‬ ‫َّ‬ ‫ال‬ ‫َّ‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫خ‬‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ُوا‬ ‫ختَلَف‬ ‫ا ْ‬
‫ََُْ ْ‬ ‫ْ ُ ُ َ ِّ َ ُ َ‬ ‫ُ ُ ِ َْ ِ َ َ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ ِ ِإ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ َ َ‬
‫من يَشَ اءُ ِإلى ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫حقِّ بِِإذْنِهِ وَالل ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫س تَقِيم ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ُّ‬ ‫ص َرا ٍ‬ ‫ه يَهْدِي َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫م َ‬ ‫ختَلفُوا فِيهِ ِ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫منُوا ل ِ َ‬ ‫ين آ َ‬ ‫ه الذ ِ َ‬ ‫الل ُ‬
‫ات‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫د‬
‫ُ ََ َ َْ َ ُ ْ ََ َ ٍ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫الل‬ ‫م‬‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َّ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َ ْ ٍ ِّ ْ ُ‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ض‬
‫َّ َ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ض‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫س‬‫ُّ ُ‬ ‫الر‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫ت‬‫(‬ ‫و‬ ‫})‬ ‫‪213‬‬ ‫{‬
‫من‬ ‫َّ‬ ‫ما اقْتَت َ َ‬ ‫ّ‬ ‫س وَل وْ َ‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َأ‬ ‫ْ‬
‫ين ِ‬ ‫ل الذ ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ش اء الل ُ‬ ‫وح القُد ُ ِ‬ ‫ات وَ يَّدْنَاه ُ ب ِ ُر ِ‬ ‫م البَيِّن َ ِ‬ ‫م ْري َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫سى اب ْ َ‬ ‫عي َ‬ ‫وَآتَيْنَا ِ‬
‫ش اء‬ ‫من كَف ََر وَل َ وْ َ‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫َّ ْ َ َ َ ِ ْ ُ َّ‬‫ن‬‫م‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫آ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬
‫ِ ُْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ُوا‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫بَعْدِهِم ِّ َ ْ ِ َ َ ْ ُ ُ َ ِّ َ ُ َ ِ ِ‬
‫ـك‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ات‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫اء‬ ‫ج‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َأ‬ ‫ُ‬ ‫َأ‬
‫ل‬ ‫س لك هْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ما يُرِيد ُ {‪ ،)}253‬وقوله في سورة النس اء (ي َ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه يَفْعَ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ما اقْتَتَلُوا ْ وَلَـك ِ َّ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫َأ‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬
‫ك فَقَ الُوا ْ رِنَا الل ّ هِ‬ ‫من ذَل ِ َ‬ ‫سى كْب َ َر ِ‬ ‫مو َ‬ ‫س لُوا ْ ُ‬ ‫ماءِ فَقَد ْ َ‬ ‫س َ‬‫ن ال َّ‬ ‫م َ‬ ‫م كِتَابا ً ِّ‬ ‫ل ع َلَيْهِ ْ‬ ‫اب ن تُن َ ِّز َ‬ ‫الْكِت َ ِ‬
‫ات فَعَفَوْنَا عَن‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َأ‬
‫م البَيِّن َ ُ‬ ‫ج اءتْهُ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫من بَعْد ِ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ج َ‬ ‫خذ ُوا العِ ْ‬ ‫م ات َّ َ‬ ‫م ث ُ َّ‬ ‫مهِ ْ‬ ‫ة بِظل ِ‬ ‫عقَ ُ‬ ‫صا ِ‬ ‫م ال َّ‬ ‫خذَتْهُ ُ‬ ‫جهْ َرة ً فَ َ‬ ‫َ‬
‫مبِينا ً {‪.)}153‬‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫انا‬ ‫َ‬ ‫ط‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫س‬‫ُ‬ ‫ى‬ ‫س‬ ‫و‬
‫َ ََْ ُ َ‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫آ‬ ‫و‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ذَ‬

‫أما جاءهم البيّنات بالتذكير‪ :‬فالبيّنات هنا تأتي بمعنى األمر والنهي وحيثما وردت كلمة‬
‫البيّنات بهذا المع نى من األمر والنهي يُذكّر الفعل كما في قوله تع الى في س ورة آل‬
‫َأ‬
‫م‬ ‫ج اءهُ ُ‬‫ح قٌّ وَ َ‬
‫ل َ‬ ‫سو َ‬ ‫الر ُ‬
‫ن َّ‬ ‫ش هِدُوا ْ َّ‬‫م وَ َ‬ ‫م انِهِ ْ‬ ‫ه قَوْما ً كَف َُروا ْ بَعْد َ ِإي َ‬ ‫ف يَهْدِي الل ّ ُ‬ ‫عمران (كَي ْ َ‬
‫ين تَف ََّرقُوا ْ وَاخْتَلَفُوا ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ين {‪ )}86‬و (وَال تَكونُوا كالذ ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫َّ‬
‫م الظال ِ ِ‬ ‫ْ‬
‫ه ال يَهْدِي القَوْ َ‬ ‫َ‬ ‫ات وَالل ّ ُ‬ ‫الْبَيِّن َ ُ‬
‫ُأ‬
‫ل‬‫م {‪ )}105‬وفي س ورة غ افر (قُ ْ‬ ‫َاب عَظِي ٌ‬ ‫م عَذ ٌ‬ ‫ك لَهُ ْ‬ ‫ات وَ وْلَـِئ َ‬ ‫م الْبَيِّن َ ُ‬ ‫جاءهُ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫من بَعْد ِ َ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫َأ‬ ‫ُأ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬
‫ت ْ‬ ‫م ْر ُ‬ ‫من َّربِّي وَ ِ‬ ‫ات ِ‬ ‫ي البَيِّن َ ُ‬
‫ج اءن ِ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ون اللهِ ل َّ‬ ‫من د ُ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ين تَدْع ُو َ‬‫ن عْبُد َ الذ ِ َ‬ ‫يت ْ‬ ‫ِإنِّي نُهِ ُ‬
‫ُأ‬
‫ين {‪.)}66‬‬ ‫م َ‬‫ب الْعَال َ ِ‬ ‫م ل ِ َر ِّ‬‫سل ِ َ‬‫ْ‬

‫‪ .‬وقد يكون التأنيث للكثرة والتذكير للقلة كما في قوله تعالى (ق الت األع راب آمن ا)‬
‫وقوله تعالى (وقال نس وة في المدين ة)‪ .‬ونق ول أن ه ذا األمر ج ائز من حيث الج واز‬
‫اللغوي وليس في هذا شيء لكن السؤال يبقى لماذا اخت ار تع الى الت ذكير في موضع‬
‫والت أنيث في موضع آخ ر؟ ونأخذ قوله تع الى (ج اءكم رس ول) بت ذكير فعل ج اءكم‪،‬‬
‫وقوله تعالى (جاءت رسل ربن ا) بت أنيث فعل ج اءت‪ .‬ونالحظ أنه في اآلية األولى ك ان‬
‫الكالم عن جميع الرسل في جميع األمم من آدم إلى أن تقوم الساعة وه ذا ي دل على‬
‫الك ثرة فج اء بالفعل مؤنّث ا ً للداللة على الك ثرة‪ .‬أما في اآلية الثانية فالخط اب لب ني‬
‫إسرائيل ولزمرة منهم وفي حالة معينة أيضا ً وهذا يدل على القلة فجاء بالفعل مذكّراً‪.‬‬

‫ة فَ ذ ُوقُوا الْعَ ذ َ‬
‫َاب‬ ‫ص دِي َ ً‬ ‫ت ِإاَّل ُ‬
‫مك َ اءً وَت َ ْ‬ ‫عنْد َ الْبَي ْ ِ‬
‫م ِ‬‫صاَل تُهُ ْ‬ ‫ما كَا َ‬
‫ن َ‬ ‫مثال آخر قوله تعالى (وَ َ‬
‫ن (‪ )35‬األنف ال) والمك اء والتص دية هما التص فيق والص فير وكالهما‬ ‫م تَك ْ ُ‬
‫فُرو َ‬ ‫ما كُنْت ُ ْ‬
‫بِ َ‬
‫ً‬
‫مذكر وجاء الفعل مع كلمة الصالة م ذكرا ألن الم راد بالص الة هنا التص فيق والص فير‬ ‫ّ‬
‫وكالهما مذكر‪ .‬والصالة عندهم كانت تفيد الطواف والطواف مذكّر أيضا ً (صالتهم كانوا‬
‫يطوفون وحول الكعبة ويصفقون ويص فرون)‪ .‬إذن الط واف والتص فيق والص فير كلّها‬
‫مذكّر فجاء الفعل مع كلمة الصالة المقصود بمعناها المذكر جاء مذكراً‪.‬‬
‫قال تعالى (يا نساءَ النبي م ْأ‬
‫ن‬
‫ض عْفَي ْ ِ‬‫َاب ِ‬ ‫ف لَهَا الْعَ ذ ُ‬‫ض اع َ ْ‬ ‫حشَ ةٍ ُ‬
‫مبَيِّنَةٍ ي ُ َ‬ ‫ن بِفَا ِ‬‫منْك ُ َّ‬‫ت ِ‬‫ن يَ ِ‬
‫َّ ِ ِّ َ ْ‬ ‫َ ِ َ‬
‫حا نُْؤتِهَا‬‫ص ال ِ ً‬ ‫م ْ‬
‫ل َ‬ ‫س ولِهِ وَتَعْ َ‬ ‫َّ‬
‫ن لِلهِ وَ َر ُ‬ ‫ُ‬
‫منْك َّ‬
‫ت ِ‬ ‫ن يَقْن ُ ْ‬ ‫م ْ‬‫يرا (‪ )30‬وَ َ‬‫س ً‬ ‫ك ع َلَى اللهِ ي َ ِ‬
‫َّ‬ ‫وَك َ ا َ‬
‫ن ذَل ِ َ‬
‫َأ‬ ‫َأ‬
‫ما (‪ )31‬األحزاب) هذه اآلية ليست من ب اب الت ذكير‬ ‫ن وَ عْتَدْنَا لَهَا رِ ْزقًا كَرِي ً‬
‫م َّرتَي ْ ِ‬
‫ج َرهَا َ‬
‫ْ‬
‫والتأنيث أصال ً وتذكير الفعل والفاعل وإنما هي من باب استعمال (من)‪ .‬والس ؤال هو‬
‫لماذا استعمل (من) في اآلية؟ من أصال ً في اللغة تستعمل للمذكر والم ؤنث والمف رد‬
‫والمثنى والجمع وطبيعة األك ثر في كالم الع رب والق رآن أنه ح تى لو ك ان الخط اب‬
‫لإلن اث أو الجمع ي أتي أول م رة بـ (من) بص يغة المف رد الم ذكر ثم يعقبه ما يوضح‬
‫المعنى‪ .‬ومهما كانت حالة من سواء أكانت إسما ً موصوال ً أو نكرة تامة بمعنى ش خص‬
‫أو ذات أو كانت اسم شرط‪ ،‬يؤتى بها بصيغة المف رد الم ذكر أول م رة ثم يُع اد عليها‬
‫بمعناها في المرة الثانية كقوله تع الى (ومن الن اس من يق ول آمنا بالله والي وم اآلخر‬
‫وما هم بؤم نين) وه ذا هو خط الق رآن وهو األك ثر في كالم الع رب وه ذا هو األص ل‪.‬‬
‫وكقوله تع الى (ومنهم من يق ول ائ ذن لي )‪.‬واآلية موضع الس ؤال (من ي أت منكن)‬
‫تدخل في هذه القاعدة جاء بـ (من) بما يدل على اإلفراد والتذكير ثم جاء فيما بعد بما‬
‫يدل على المعنى‪ .‬وإذا خرج عن هذا األمر كما في قوله تع الى (ومنهم من ينظر إليك‬
‫ومنهم من يستمعون إلي ك) ج اء في األولى ب اإلفراد والثانية جمع لم اذا؟ نس أل أيهما‬
‫أكثر الذين ينظرون إلى الشخص أم الذين يستمعون إلي ه؟ الج واب ال ذين يس تمعون‬
‫وله ذا عبّر عنهم ب الجمع ألنهم أك ثر‪ .‬وله ذا عن دما يخ الف القاع دة فإنه يخ الف بما‬
‫يقتضيه السياق والمعنى‪.‬‬

‫يل اللَّهِ‬ ‫س بِ ِ‬ ‫ل فِي َ‬ ‫ة تُقَات ِ ُ‬ ‫ن الْتَقَتَا فَِئ ٌ‬ ‫ة فِي فَِئتَي ْ ِ‬ ‫م َآي َ ٌ‬‫ن لَك ُ ْ‬ ‫مث ال آخر قوله تع الى (قَ د ْ ك َ ا َ‬
‫ك لَعِب ْ َرة ً‬ ‫وُأخْرى كَافرة ٌ يرونهم مثْلَيه ْأ‬
‫ن فِي ذَل ِ َ‬ ‫ن يَشَ اءُ ِإ َّ‬ ‫م ْ‬ ‫صْأرِهِ َ‬ ‫ن وَالل َّ ُ‬
‫ه يَُؤيِّد ُ بِن َ ْ‬ ‫ْ‬
‫م َر يَ العَي ْ ِ‬ ‫ِ َ ََ َُْ ْ ِ ِْ ْ‬ ‫َ َ‬
‫م ِإاَّل‬ ‫ن َآي َ ِ‬ ‫ن َآي َ ةٍ ِ‬ ‫َأْل‬ ‫ُأِل‬
‫ات َربِّهِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ت َ تِيهِ ْ‬ ‫صارِ (‪ )13‬آل عمران) وفي آية أخرى (وَ َ‬ ‫ولِي ا ب ْ َ‬
‫َآ‬
‫حتَّى‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫ة قَ الُوا ل َ ْ‬
‫ن ن ُْؤ ِ‬ ‫م يَ ٌ‬ ‫ج اءَتْهُ ْ‬ ‫ين (‪ )4‬األنعام) وقوله تع الى (وَِإذ َا َ‬ ‫ض َ‬ ‫معْرِ ِ‬ ‫كَانُوا عَنْهَا ُ‬
‫َأ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫جع َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫س ُ‬ ‫ُأ‬ ‫مث ْ َ‬
‫ج َرمُوا‬ ‫ين ْ‬ ‫يب الذ ِ َ‬ ‫ص ُ‬ ‫سي ُ ِ‬‫ه َ‬ ‫س الت َ ُ‬ ‫ل رِ َ‬ ‫ث يَ ْ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ع ْل ُ‬ ‫ل اللهِ الل ُ‬ ‫ي ُر ُ‬‫ما وت ِ َ‬ ‫ل َ‬ ‫نُْؤتَى ِ‬
‫ن (‪ )124‬األنع ام) نق ول أنه من حيث‬ ‫و‬ ‫ُر‬
‫ُ َ ْ ُ َ‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫وا‬ ‫ن‬‫ا‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫د‬
‫ِ ٌ ِ َ‬ ‫ي‬‫د‬ ‫ش‬‫َ‬ ‫َاب‬
‫ٌ‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫و‬
‫ِ َ‬ ‫ه‬‫َّ‬ ‫الل‬ ‫َار ْ َ‬
‫د‬ ‫ن‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫صغ ٌ‬
‫َ‬
‫الحكم النحوي يجوز تذكير وتأنيث الفعل لكن يبقى السر البياني لهذا التذكير والتأنيث‪.‬‬
‫ونقول أنه عندما تكون كلمة آية بمع نى ال دليل والبره ان تك ون بمع نى م ذكّر في أتي‬
‫الفعل بالتذكير وإذا كانت كلمة اآلية بمعنى اآلية القرآنية أنّث الفعل (وإذا جاءتهم آية)‪.‬‬

‫م‬ ‫مثال آخر قوله تعالى في سورة الممتحنة (قَد ك َ انت لَك ُ ُأ‬
‫ة فِي ِإب ْ َراهِي َ‬ ‫س نَ ٌ‬‫ح َ‬ ‫س وَة ٌ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬
‫م وَب َ دَا‬ ‫ون اللَّهِ كَف َْرنَا بِك ُْ‬ ‫ما َ ْ ُ َ ِ ْ ُ ِ‬
‫د‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫بُ‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫م َّ‬ ‫م وَ ِ‬ ‫م ِإنَّا ب ُ َرَآءُ ِ‬
‫منْك ُ ْ‬ ‫مهِ ْ‬ ‫ه ِإذ ْ قَالُوا لِقَوْ ِ‬ ‫مع َ ُ‬ ‫ين َ‬ ‫وَالَّذ ِ َ‬
‫َأِل‬ ‫اَّل‬
‫ح دَه ُ ِإ قَ وْ َ‬ ‫َّ‬ ‫َأ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫م بِي هِ‬ ‫ل ِإب ْ َراهِي َ‬ ‫منُوا بِاللهِ وَ ْ‬ ‫حتَّى تُْؤ ِ‬ ‫ْض اءُ ب َ دًا َ‬ ‫م العَ دَاوَة ُ وَالبَغ َ‬ ‫بَيْنَنَا وَبَيْنَك ُ‬
‫ك‬ ‫ك َأنَبْنَا وَِإلَي ْ َ‬ ‫ك تَوَكَّلْنَا وَِإلَي ْ َ‬ ‫يءٍ َربَّنَا ع َلَي ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ش‬‫َ‬ ‫ن‬
‫ِ ِ ْ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫الل‬ ‫ن‬‫ِ َ‬‫م‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ك‬‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ك وما َأ‬
‫َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ن‬‫ف َر َّ‬ ‫س تَغْ ِ‬‫ْ‬
‫َأَل‬
‫ُأ‬
‫جو الل َّ َ‬
‫ه‬ ‫ن ي َ ْر ُ‬ ‫ن كَ ا َ‬ ‫م ْ‬
‫ة لِ َ‬
‫سن َ ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫سوَة ٌ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م فِيهِ ْ‬ ‫ن لَك ُ ْ‬ ‫ير (‪ ))4‬وفي نفس السورة (لَقَد ْ كَا َ‬ ‫ص ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ميد ُ (‪ ))6‬وفي سورة األحزاب (لَقَد ْ كَا َ‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫َآْل‬
‫ن‬ ‫ح ِ‬ ‫ه هُوَ الْغَن ِ ُّ‬ ‫ن الل َّ َ‬ ‫ل فَِإ َّ‬ ‫ن يَتَوَ َّ‬ ‫م ْ‬
‫خ َر وَ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫وَالْيَوْ َ‬
‫َّ‬ ‫َآْل‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُأ‬ ‫َّ‬
‫يرا (‬ ‫ه كث ِ ً‬‫َ‬ ‫َ‬
‫خ َر وَذ َك َر الل َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ه وَالي َ وْ َ‬ ‫جو الل َ‬ ‫ن ي َ ْر ُ‬ ‫ن كا َ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬‫ة لِ َ‬
‫سن َ ٌ‬ ‫ح َ‬‫سوَة ٌ َ‬ ‫ول اللهِ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫م فِي َر ُ‬ ‫لَك ُ ْ‬
‫‪ ))21‬ونق ول أنه من الناحية النحوية إذا ك ثرت الفواصل فالت ذكير أفضل‪ .‬في اآلية‬
‫وة (لكم ) أما في اآلية الثانية فالفاصل (لكم‬ ‫األولى الفاصل بين الفعل وكلمة أس‬
‫فيهم) وفي الثالثة (لكم في رس ول الل ه) فعن دما تك ون الفاص لة أك ثر يقتضي‬
‫م من الت أنيث كما ج اء‬ ‫التذكير‪.‬وهناك أمر آخر وهو أن التذكير في العبادات أفضل وأه ّ‬
‫في م ريم (وك انت من الق انتين) ألن ال ذين كمل وا في الت ذكير أك ثر‪ .‬وك ذلك عن دما‬
‫يتح دث عن عب ادة المالئكة ي ذكّر‪ .‬أي العب ادات أك ثر في ه ذه اآلي ات؟ في األولى‬
‫األسوة كانت في القول في أمر واحد إال (إال قول ابراهيم) جادله قومه واإلس تثناء هو‬
‫قول ابراهيم‪ ،‬أما في الثانية (فيكم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم اآلخر) هذه‬
‫م ولذلك أكّدها بالالم (لقد كان لكم) وجاء بأمرين بتذكير العبادة كما جاء‬ ‫عامة وهي أه ّ‬
‫بالالم في جواب القسم المقدّر وكذلك في آية سورة األحزاب اآلية عامة ولم يخصص‬
‫بشيء وله ذا ذكّر وخصص ب الالم الواقعة في ج واب القس م‪ ،‬أما في األولى فج اء بـ‬
‫م وأوسع من األولى ذكّر وج اء‬‫(قد) وأنّث الفعل‪ .‬فعندما اتس عت العب ادة وص ارت أع ّ‬
‫بالالم وهذا هو األمر البياني باإلضافة إلى األمر النحوي الذي تحدثنا عنه‪.‬‬

‫التذكير مرة والتأنيث مرة مع المالئكة في القرآن الكريم ‪ :‬قال تعالى في سورة ص‬
‫ة كُلُّه َأ‬ ‫ماَل ِئك َ ُ‬
‫ن {‪ )}73‬وج اءت المالئكة هنا بالت ذكير‪ ،‬وفي س ورة آل‬ ‫معُو َ‬‫ج َ‬
‫م ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫جد َ ال ْ َ‬‫س َ‬‫(فَ َ‬
‫ص دِّقا ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َأ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫م َ‬
‫حيَـى ُ‬‫ه يُبَشِّ ُرك بِي َ ْ‬ ‫ن الل َ‬
‫اب َّ‬ ‫ح َر ِ‬‫م ْ‬ ‫صلي فِي ال ِ‬ ‫م يُ َ‬ ‫ة وَهُوَ قَاِئ ٌ‬ ‫مآلِئك ُ‬ ‫عمران (فَنَادَتْهُ ال َ‬
‫ين {‪ )}39‬جاءت المالئكة بالتأنيث‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ص‬
‫َّ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ً‬ ‫ا‬
‫َ َ ِ ّ ِّ َ‬‫ي‬‫ب‬‫ن‬ ‫و‬ ‫ً‬ ‫ورا‬ ‫ص‬ ‫ح‬
‫َ َ ُ‬ ‫و‬ ‫ً‬ ‫دا‬ ‫ن اللّهِ وَ َ ِّ‬
‫ي‬‫س‬ ‫م َ‬ ‫بِكَل ِ َ‬
‫مةٍ ِّ‬
‫ّ‬
‫الحكم النح وي‪ :‬يمكن أن ي ؤنّث الفعل أو يُذكر إذا ك ان الجمع جمع تكس ير كما في قوله‬
‫تعالى (قالت األعراب آمنا) و(قالت نسوة في المدين ة) فيج وز الت ذكير والت أنيث من حيث‬
‫الحكم النحوي‪.‬‬
‫اللمسة البيانية‪ :‬أما لماذا اختار الله تعالى التأنيث في موطن والتذكير في موطن آخر فهو‬
‫ألن في اآلي ات خط وط تعبيرية هي ال تي تح دد ت أنيث وت ذكير الفعل مع المالئك ة‪ .‬وه ذه‬
‫الخطوط هي‪:‬‬
‫في القرآن الكريم كله كل فعل أمر يصدر إلى المالئكة يكون بالتذكير (اس جدوا‪،‬‬
‫أنبئوني‪ ،‬فقعوا له ساجدين)‬
‫ً‬
‫كل فعل يقع بعد ذكر المالئكة يأتي بالتذكير أيضا كما في قوله تع الى (والمالئكة‬
‫يدخلون عليهم من كل باب) و(المالئكة يشهدون) (المالئكة يسبحون بحمد ربهم)‬
‫المقرب ون) (المالئكة باس طوا‬ ‫ّ‬ ‫كل وصف إسمي للمالئكة يأتي بالت ذكير (المالئكة‬
‫أيديهم) (مسوّمين‪ ،‬مردفين‪ ،‬منزلين)‬
‫كل فعل عبادة يأتي بالت ذكير (فس جد المالئكة كلهم أجمعين) (ال يعص ون الله ما‬
‫أمرهم) ألن المذكر في العب ادة أكمل من عب ادة األن ثى ول ذلك ج اء الرسل كلهم‬
‫رجاالً‪.‬‬
‫شدّة وقوة حتى لو كان عذابين أحدهما أشد ّ من اآلخر فاألش د ّ ي أتي‬ ‫كل أمر فيه ِ‬
‫بالتذكير (ولو ت رى إذا يت وفى ال ذين كف روا المالئكة يض ربون وج وههم وأدب ارهم‬
‫وذوقوا عذاب الحريق) (يتوفى) ج اءت بالت ذكير ألن الع ذاب أشد (وذوق وا ع ذاب‬
‫الحري ق) أما في قوله تع الى (فكيف إذا ت وفتهم المالئكة يض ربون وج وههم‬
‫ف من اآلية الس ابقة‪ .‬وك ذلك‬ ‫وأدبارهم) (تتوفاهم) جاءت بالتأنيث ألن الع ذاب أخ ّ‬
‫في قوله تع الى (ون ّزل المالئكة ت نزيال) بالت ذكير وقوله تع الى (تت ن ّزل عليهم‬
‫المالئكة) بالتأنيث وقوله (تنزل المالئكة والروح فيها من كل أمر) بالتأنيث‪.‬‬
‫لم تأت بشرى بصيغة الت ذكير أب دا ً في الق رآن الك ريم فكل بش ارة في الق رآن‬
‫الكريم تأتي بصيغة التأنيث كما في قوله تعالى (فنادته المالئكة) و(قالت المالئكة)‬

‫قال تع الى (إذا ج اءكم المؤمن ات) ه ذه تن درج أيض ا ً في س ياق الك ثرة والقلة وفي‬
‫سياق زيادة الفواصل أيضاً‪.‬‬

‫بُثّت الحلقة بتاريخ ‪ /17/5/2004‬وأضفت إليها ما جاء في الحلقات السابقة من أمثلة حول‬
‫الموضوع نفسه‪.‬‬

You might also like