Professional Documents
Culture Documents
سيميائية السرد مقاربة تحليلية لرواية مملكة الزيوان للروائي حاج أحمد الصديق.
سيميائية السرد مقاربة تحليلية لرواية مملكة الزيوان للروائي حاج أحمد الصديق.
ﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ اﻟﺳرد ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ ﻟرواﯾﺔ ﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟزﯾوان ﻟﻠرواﺋﻲ ﺣﺎج أﺣﻣد
اﻟﺻدﯾق.
ﺗﺎرﻳﺦ ﻗﺒﻮل اﻟﻤﻘﺎل ﻟﻠﻨﺸﺮ 2018/03/26 ﺗﺎرﻳﺦ اﺳﺘﻼم اﻟﻤﻘﺎل2017/05/18 :
98
أ.ﻫﺸﺎم ﺳﻌﻴﺪاوي اﻟﻌﺪد 43 ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ
ﻣﻘدﻣﺔ :ﺷﻬد اﻟﺣﻘل اﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﻲ ﺧﻼل اﻟﺳﻧوات اﻷﺧﯾرة ،ﺗطورات ﻛﺑﯾرة ،ﻧظ اًر
ﻟﻣﺎ أﺻﺑﺣت ﺗﻣﺛﻠﻪ ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺎت ﻣن أﻫﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﻧﺻوص اﻷدﺑﯾﺔ،
ﻓﺗﻌددت اﻷﺑﺣﺎث اﻟﻧظرﯾﺔ واﻟﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ،ﻻﺳﯾﻣﺎ اﻟﺳردﯾﺎت ﻣﻧﻬﺎ ،ﻣن ﻫﻧﺎ ﺗﺑﻠورت
ّ
ﻓﻲ ذﻫﻧﻲ ﻓﻛرة ﻛﺗﺎﺑﺔ ﻫذا اﻟﺑﺣث؛ رﻏﺑﺔ ﻣﻧﻲ ﻓﻲ اﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ أﻫم ﻣﺎ ﺗﻣﯾزت ﺑﻪ
اﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺎت ﻣن ﺟدة ﻓﻲ ﺣﻘل اﻟﺳردﯾﺎت ،ﻣﺗّﺧذًا ﻣن رواﯾﺔ ﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟزﯾوان ﻟﻣؤﻟﻔﻬﺎ
اﻟﺟزاﺋري ﺣﺎج أﺣﻣد اﻟﺻدﯾق ،اﻟﻣﻌروف ﺑﺎﻟزﯾواﻧﻲ ،ﻋﯾﻧﺔ ﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ﻟﺑﺣﺛﻲ ﻫذا،
ﻣﻌﺗﻣدا ﻓﻲ ﺑﻧﺎﺋﻪ ﻋﻠﻰ ﺧطﺔ ﺗﺗﻛون ﻣن ﻣﺑﺣﺛﯾن اﺛﻧﯾن ،ﻣﺗﻧﺎوﻻ ﻓﻲ اﻷول ﺗﻌرﯾف
أﻣﺎ اﻟﻣﺑﺣثاﻟﺳﯾﻣﯾﺎء وﺧﺻﺎﺋص اﻟﻧص اﻟﺳردي ،وﻫو اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻧظري ﻟﻠﺑﺣث؛ ّ
اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻘد ﺧﺻﺻﺗﻪ ﻟﻠﺟﺎﻧب اﻟﺗطﺑﯾﻘﻲ ﻣن اﻟﺑﺣث ،ﺗﺣت ﻋﻧوان ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ
ﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ اﻟﺳرد ﻓﻲ رواﯾﺔ ﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟزﯾوان ،واﻗﻔﺎ ﻓﯾﻪ ﺑداﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻌرﯾف ﺻﺎﺣب
اﻟرواﯾﺔ ،ﯾﻠﯾﻪ ﺗﺣﻠﯾل ﺟزء ﻣن اﻟرواﯾﺔ ﺗﺣﻠﯾﻼً ﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺎً ،اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ
اﻟﻌﻧوان ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ أوﻟﻰ اﻟﻌﺗﺑﺎت اﻟﻧﺻﯾﺔ ،ﻣرو اًر ﺑﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ اﻟزﻣﺎن واﻟﻣﻛﺎن
واﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،ﻣن ﺧﻼل أﺣداث اﻟﺳرد ﻓﻲ اﻟرواﯾﺔ ،ﻣﺧﺗﺗﻣﺎً اﻟﻣﺑﺣث ﻫذا،
ﺑﺗﺣﻠﯾل اﻟوظﺎﺋف اﻟﺳردﯾﺔ ﻟﻠﺷﺧﺻﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻣﻧﺗﻬﺎ اﻟرواﯾﺔ ،ﻣﺳدﻻً اﻟﺳﺗﺎر
ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺣث ﺑﺧﺎﺗﻣﺔ أﺟﻣﻠت ﻓﯾﻬﺎ أﻫم ﻣﺎ ﺗوﺻﻠت إﻟﯾﻪ ﻣن ﻧﺗﺎﺋﺞ ﺑﻌد ﻧﻬﺎﯾﺔ ﻫذﻩ
اﻟرﺣﻠﺔ اﻟﺑﺣﺛﯾﺔ اﻟﻘﺻﯾرة.
ﻟﻛن أﺗﺳﺎءل ﻓﺄﻗول :ﻫل اﺳﺗطﺎﻋت اﻟدراﺳﺎت اﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠﻧﺻوص اﻷدﺑﯾﺔ
اﻟﺳردﯾﺔ ،أن ﺗﺣﻘّق ﻣﺎﻋﺟزت ﻋﻧﻪ ﻣﻌظم اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ؟
ﺛم ﻣﺎﻣدى اﺳﺗﺛﻣﺎر اﻟرواﺋﻲ اﻟزﯾواﻧﻲ ﻟﻠﻧظرﯾﺔ اﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ ﺳرد رواﯾﺗﻪ ﻣﻣﻠﻛﺔ
اﻟزﯾوان؟
99
أ.ﻫﺸﺎم ﺳﻌﻴﺪاوي اﻟﻌﺪد 43 ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ
ﺟﻣﯾل ﺣﻣداوي :ﻣدﺧل إﻟﻰ اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﻲ ،ﻣﺟﻠﺔ ﻋﺎﻟم اﻟﻔﻛر اﻹﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ اﻟﻌدداﻟﺛﺎﻟث. 1
) وﻣن ﻫذﻩ اﻟﺣﻘول اﺳﺗﻣدت اﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺎت أﻏﻠب ﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻬﺎ وطرق ﺗﺣﻠﯾﻠﻬﺎ( ،ﻛﻣﺎ
أن ﻣوﺿوﻋﻪ ﻏﯾر ﻣﺣدد ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺑﻌﯾﻧﻪ ،ﻓﺎﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺎت ﺗﻬﺗم ﺑﻛل ﻣﺟﺎﻻت
اﻟﻔﻌل اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ،إﻧﻬﺎ أداة ﻟﻘراءة ﻛل ﻣظﺎﻫر اﻟﺳﻠوك اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﺑدءاً ﻣن
اﻧﺗﻬﺎء ﺑﺎﻷﻧﺳﺎق اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ
اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت اﻟﺑﺳﯾطﺔ ،ﻣرو اًر ﺑﺎﻟطﻘوس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و ً
اﻟﻛﺑرى.
-2ﻣوﺿوع اﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺎت :اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ ﻫذا ،ﻓﺈن اﻟﻣوﺿوع اﻟرﺋﯾس ﻟﻠﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺎت،
ﻫو اﻟﺳﯾرورة اﻟﻣؤدﯾﺔ إﻟﻰ إﻧﺗﺎج اﻟدﻻﻟﺔ ،أي ﻣﺎ ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻻﺻطﻼح
اﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﻲ اﻟﺳﻣﯾوز ) ، (sémiosisواﻟﺳﻣﯾوز ﻓﻲ اﻟﺗﺻور اﻟدﻻﻟﻲ اﻟﻐرﺑﻲ ،ﻫﻲ
اﻟﻔﻌل اﻟﻣؤدي إﻟﻰ إﻧﺗﺎج اﻟدﻻﻻت وﺗداوﻟﻬﺎ ،إﻧﻬﺎ ﺳﯾرورة ﯾﺷﺗﻐل ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ
ﺷﻲء ﻣﺎ ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻋﻼﻣﺔ ،ﻓﺎﻟﻛﻠﻣﺔ أو اﻟﺷﻲء أو اﻟواﻗﻌﺔ ﻟﯾﺳت ﻛذﻟك إﻻ ﻓﻲ
ﺣدود إﺣﺎﻟﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﯾرورة ،ﻓﻼ ﺷﻲء ﯾﻣﻛن أن ﯾدل ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ذاﺗﻪ ﺿﻣن وﺟود
أﺣﺎدي ﻓﻲ اﻟﺣدود واﻷﺑﻌﺎد ،ﻓﺎﻟواﺣد اﻟﻣﻌزول ﻛﯾﺎن ﻻ ﻣﺗﻧﺎﻩ ،ووﺣدﻩ اﻟﺗﺣﻘق ﻣن
1
ﺧﻼل ﻣﺣﻣول ﻣﺿﺎف ﯾﻣﻛن أن ﯾﻧﺗﺞ دﻻﻟﺔ.
وﺑﻧﺎء ﻋﻠﯾﻪ ،ﻓﺄن ﺗﻛون اﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ ﻧﺳﯾﺟﺎ ﻣن اﻟﻌﻼﻣﺎت ،ﻓﻬذا ﻣﻌﻧﺎﻩ أن ﻣﺎ
ﯾﺣدد ﻫوﯾﺗﻬﺎ ﻟﯾس ﻣﺎدة أﺻﻠﯾﺔ وﻻ ﻋﻧﺎﺻر ﻣﻌزوﻟﺔ ،ﺑل ﻣﻔﻬوم اﻟﻌﻼﻗﺔ ذاﺗﻪ،
ﻓﺎﻟدال ) اﻟﺻورة اﻟﺳﻣﻌﯾﺔ أو أي ﻛﯾﺎن ﯾﺳﺗﻌﻣل ﻟﻺﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﻲء آﺧر(،
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ أداة اﻟﺗﻌرف اﻷوﻟﻰ ﯾﻧﺗﺞ ﻣدﻟوﻻ وﻓق ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺗراﺑط اﻋﺗﺑﺎطﻲ،
وﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻫﻲ ﻣﺎ ﯾﺣدد ﻓﻌل إﻧﺗﺎج اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ وﺗداوﻟﻬﺎ ،ﻓﺎﻟوظﯾﻔﺔ اﻷﺻﻠﯾﺔ
ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ﻫﻲ وظﯾﻔﺔ اﺧﺗﻼﻓﯾﺔ ﻣﻧﺑﺛﻘﺔ ﻋن ﻋﻼﻗﺔ ،وﻟﯾﺳت ﺣﺻﯾﻠﺔ ﻟﻣﺎدة ﻣﺿﻣوﻧﯾﺔ
ﻣﻛﺗﻔﯾﺔ ﺑذاﺗﻬﺎ.
1ﺳﻌﯿﺪ ﺑﻨﻜﺮاد ،اﻟﺴﯿﻤﯿﺎﺋﯿﺎت اﻟﺴﺮدﯾﺔ ،ﻣﻨﺸﻮرات اﻟﺰﻣﻦ ،اﻟﺪار اﻟﺒﯿﻀﺎء-اﻟﻤﻐﺮب ،2001 ،ص.43
102
أ.ﻫﺸﺎم ﺳﻌﻴﺪاوي اﻟﻌﺪد 43 ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ
1ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح ﻛﯾﻠﯾطو ،اﻷدب واﻟﻐراﺑﺔ :دراﺳﺎت ﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻓﻲ اﻷدب اﻟﻌرﺑﻲ ،دار اﻟطﻠﯾﻌﺔ ،ط ،2أﺑرﯾل ،1983ص.36-29
2
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،اﻷدب واﻟﻐراﺑﺔ ،ص . 36
103
أ.ﻫﺸﺎم ﺳﻌﻴﺪاوي اﻟﻌﺪد 43 ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ
اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ،ﯾﺑدأ اﻟﺳرد ﻣﻊ اﻟﺗﺎرﯾﺦ أو ﺣﺗﻰ ﻣﻊ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﻓﻠﯾس ﺛﻣﺔ ﺷﻌب دون
1
ﺳرد ،ﻓﻠﻛل اﻟطﺑﻘﺎت وﻟﻛل اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺳرادﺗﻬﺎ".
إن اﻟﺳرد ﺑﻬذا اﻟﻣﻔﻬوم ،ﻓﻌل ﻻ ﺣدود ﻟﻪ ،ﯾﺗﺳﻊ ﻟﯾﺷﻣل ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺧطﺎﺑﺎت،
ﺳواء أﻛﺎﻧت أدﺑﯾﺔ أم ﻏﯾر أدﺑﯾﺔ،
ﻣر ،ﯾﻠﺢ ﻋﻠﯾﻧﺎ اﻟﺳؤال اﻵﺗﻲ :ﻫل ﻣن ﺳﺑﯾل إﻟﻰ اﻟﺣدﯾث ﻋن ﻋﻠم اﻟﺳرد
ﺑﻌد ﻣﺎ ّ
أو اﻟﺳردﯾﺎت ،ﻋن ﺧطﺎب ﯾﺻدر ﻋن رؤﯾﺔ وﻣﻧﻬﺞ دﻗﯾق ،وﯾوظف ﺟﻬﺎ اًز
ﻣﻔﺎﻫﯾﻣﯾﺎً ﻣﺗﻣﯾزًا ،ﻣن أﺟل ﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﻧﺻوص اﻟﺳردﯾﺔ وﺳﺑر أﻏوار اﻟﺧطﺎب
اﻟﺳردي؟
اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ -ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ ﻟرواﯾﺔ ﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟزﯾوان )ﻗراءة ﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ( .
أوﻻً-اﻟﺗﻌرﯾف ﺑﺎﻟﻣؤﻟف اﻟرواﺋﻲ ﺣﺎج أﺣﻣد اﻟﺻدﯾق )) اﻟﻣﻠﻘب ﺑﺎﻟزﯾواﻧﻲ(( :ﻣن
اﺋﻲ
ﻣواﻟﯾد 1967/12/19ﺑزاوﯾﺔ اﻟﺷﯾﺦ اﻟﻣﻐﯾﻠﻲ وﻻﯾﺔ أدرار اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ،وﻫو رو ّ
أﻛﺎدﯾﻣﻲ ،وأﺳﺗﺎذ ﻣﺣﺎﺿر ﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﻧص ﺑﺟﺎﻣﻌﺔ أد ارر ،ﻣن أﻋﻣﺎﻟﻪ اﻟﻣﻧﺷورة
ّ و
اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﻹﻗﻠﯾم ﺗوات" و"ﻣﺣﻣد ﺑن ﺑﺎدي ..ﺣﯾﺎﺗﻪ وأﻋﻣﺎﻟﻪ" و"اﻟدرس
ّ ":اﻟﺗﺎرﯾﺦ
اﻟﻠﻐوي ﺑﺗوات" ورواﯾﺗﻪ اﻷﺧﯾرة اﻟﺗﻲ ﺻدرت ﻣؤﺧ ًار " ﻛﺎﻣﺎراد رﻓﯾق اﻟﺣﯾف
ّ
واﻟﺿﯾﺎع" ،واﻟﺗﻲ ﻻﻗت رواﺟﺎً وﺷﻬرة واﺳﻌﺔ اﻟﻧطﺎق ،داﺧل وﺧﺎرج اﻟوطن،
اﻟزﯾواﻧﻲ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣن اﻟﺗﻘﻧﯾﺔ اﻟﺳردﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻓﻲ
وﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻧﺟﺎح اﻟدﻛﺗور ّ
ﺗﺧرﯾﺟﻬﺎ ،ﺗﻠﻘﻰ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟطﻠﺑﺎت ﻟﺗﺟﺳﯾدﻫﺎ ﻛﻔﯾﻠم ،ﻧظ اًر ﻟﺗﺳﻠﯾطﻪ اﻟﺿوء ﻋن
ﻛﺛب ﻟظﺎﻫرة اﻟﺣرﻗﺔ ﻣن اﻟﺳﺎﺣل اﻹﻓرﯾﻘﻲ ،ﻧﺣو اﻟﺟﻧﺔ اﻟﻣزﻋوﻣﺔ" أوروﺑﺎ".
ﺛﺎﻧﯾﺎً -ﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾــــــﺔ اﻟﻌﻧـــــوان.
ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾون اﻟﻌﻧوان ﺳؤاﻻً إﺷﻛﺎﻟﯾﺎً ،واﻟﻧص ﻫو ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋن ﻫذا
اﻟﺳؤال؛ ﺣﯾث )) اﻟﻌﻧوان ﯾﻌﻠن ﻋن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻧص ،وﻫو ﻛذﻟك اﻟوﺳﯾﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺗدﻟﻧﺎ
1ﺣﺳن اﻟﻧﻌﻣﻲ ،ﻗراءة ﻓﻲ ﻫﯾﻣﻧﺔ اﻟﺧطﺎب اﻟﺳردي ،ﻋﻼﻣﺎت ﻓﻲ اﻟﻧﻘد ،م ،12ج ،45ﺷﺗﻧﺑر ،2002ص.136
104
أ.ﻫﺸﺎم ﺳﻌﻴﺪاوي اﻟﻌﺪد 43 ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ
ﻋن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟذي ﻧﺧﺗﺎرﻩ ﻓﻲ ﻗراءة اﻟﻧص ،وﻣن ﺛَﱠم ﯾﻌﻠن ﻋن ﻧوع اﻟﻘراءة
اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟﻬذا اﻟﻧص((.
وﻟﻬذا اﻻﻋﺗﺑﺎر ،ارﺗﺄﯾت أن أﻗف ﻋﻠﻰ أوﻟﻰ اﻟﻌﺗﺑﺎت اﻟﻧﺻﯾﺔ اﻟﻣﻔﺗﺎﺣﯾﺔ ،ﻟﻔﻬم
أﺳرار اﻟﻧص اﻷدﺑﻲ اﻟذي ﺑﯾن ﯾدي ،وﻫو "ﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟزﯾوان" وﻣﺎ ﯾﺣﻣﻠﻪ ﻣن
ﺣﻣوﻻت ﻓﻛرﯾﺔ وﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ وﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ،ﺟد ﻗﯾﻣﺔ وﻋﻣﯾﻘﺔ اﻟدﻻﻟﺔ واﻹﯾﺣﺎء ،ﻓﻼ ﻣﺟﺎل
ﻟﻼﻋﺗﺑﺎطﯾﺔ ﻣطﻠﻘﺎً ﻓﻲ اﻧﺗﻘﺎء اﻟﻌﻧوان ﻣن طرف اﻟرواﺋﻲ ﺣﺎج أﺣﻣد اﻟﺻدﯾق،
ﻓﻬو اﻟﻣﻌﻬود ﺑﺧرﺟﺎﺗﻪ اﻟﻣﺗﻣﯾزة ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻹﺑداع اﻷدﺑﻲ.
ﻓﺎﻟﻌﻧوان " ﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟزﯾوان" ﯾﺗﺷﻛل ﻣن ﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﺗﺣﻣل ﺣﻣوﻟﺔ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﺛﻘﺎﻓﯾﺔ،
ﺗﺗﺻل ﺑطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺗﻲ أﻟّﻔت ﻣن أﺟﻠﻬﺎ ﻫذﻩ اﻟرواﯾﺔ اﻟﺟﻣﯾﻠﺔ واﻟﻣﻣﺗﻌﺔ ،اﻟﺗﻲ
ﻻﯾﻣل اﻟﻘﺎرئ ﻣن ﺗﻛرار اﻟﺗﺄﻣل ﻓﻲ ﻋﻧواﻧﻬﺎ ﺗﻛرار وﻣرار ،ﻧظ ار ﻟﻣﺎ ﺗﺗﺿﻣﻧﻪ ﻣن
ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻣﺗﻌددة ،ﺗوﺣﻲ ﺑﻌﻣق أﺻﺎﻟﺔ اﻟﻣﻛﺎن )) ﺗوات(( ،ﺑﺣدودﻫﺎ ﻣن ﺗﺑﻠﻛوزة
ﻧواﺣﻲ ﻗو اررة ﺷﻣﺎﻻً إﻟﻰ ﻓﻘﺎرة اﻟزوى ﺑﻌﯾن ﺻﺎﻟﺢ ﻣن ﻧواﺣﻲ ﺗدﯾﻛﻠت ﺟﻧوﺑﺎً،
اﻟﺣﻧﺔ اﻟوﺳطﻰ (( .
ﻣرو اًر )) ﺑﺗوات ّ
ﻓﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟزﯾوان أو اﻟﺳﯾرة اﻟﻣﺗﺧﯾﻠﺔ ﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻧﺧﻠﺔ واﻟﺑﻠﺢ واﻟﺗﻣر واﻟطﯾن
واﻟﺑﺳﺎﺗﯾن )) اﻟﺟﻧﺎن(( ،ﺑﺎﻟﻠﻬﺟﺔ اﻟﺗواﺗﯾﺔ اﻟﻘﺣﺔ ،رواﯾﺔ اﻟزﻣن اﻟﺟﻣﯾل؛ ﺣﯾث اﻟﺟﻧﺔ
اﻟﺳﺎﺣرة اﻷﺧﺎذة اﻵﺳرة ،وواﺣﺎت اﻟﻧﺧﯾل اﻟﻣﺗزﯾﻧﺔ ﺑﺧﺿرة ﺳﻌﻔﻬﺎ وﺑﻧﯾﺔ ﺟذﻋﻬﺎ،
وﻧﺿﺎرة وﺑﻬﺎء ﺑﻠﺣﻬﺎ ،وﺟﻣﺎل ﺗﻣرﻫﺎ اﻟﻣﺻﻔر اﻟذﻫﺑﻲ ،ﻧﺎﻫﯾك ﻋن" اﻟزﯾوان "،
اﻟذي ﻋﻘد ﻟﻪ اﻟﻣؤﻟف اﻟﺣﻠﻘﺔ اﻟﻛﺑرى ﻣن ﻣؤﻟﻔﻪ .
ﻛﻣﺎ ﺗﻠوح ﻓﻲ اﻷﻓق ﺟﻣﺎﻟﯾﺔ إﺧراج وﺗﺻﻣﯾم ﻏﻼف اﻟﻛﺗﺎب ،اﻟﺗﻲ ﺗزرﻛﺷت
ﻣزﯾﻧﺔ ﺑوﻟﯾدﻫﺎ
ﺑﻔﺳﯾﻔﺳﺎء اﻟﻧﺧﻠﺔ اﻟﺷﺎﻫﻘﺔ اﻟﻣﺗﺟذرة ﻓﻲ رﻣﺎل اﻟﺻﺣراء اﻟذﻫﺑﯾﺔّ ،
اﻟﻣﺗﺷﺑث ﺑﻬﺎ ،واﻟذي ﻻ ﯾﻛﺎد ﯾﻧﻔك ﻋﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟب إﻻ ﻏﻠﺑﺔ أو ﻟطﺎرئ ﻣﺎ ،وﻫﻧﺎ
ﻛﺎن ﻣﻧﺑﻊ اﻻﺳﺗﻠﻬﺎم "ﻟﻠزﯾواﻧﻲ" ،ﺑﻌﺑﻘرﯾﺔ ﺗﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻟﻠﻧﺧﻠﺔ ﻓﻲ
105
أ.ﻫﺸﺎم ﺳﻌﻴﺪاوي اﻟﻌﺪد 43 ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ
ﻟﻛﻧﻪ ﻣن اﻟﻣﻐري ﺟداً اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺻورة ﺷﯾﺋﺎً ﻣﻣﺎﺛﻼ وﻣطﺎﺑﻘﺎً ﻟﻠواﻗﻊ،ﻷﻧﻪ ﯾﻌﻧﻲ
اﻟوﻗوع ﻣﺑﺎﺷرة ﻓﻲ ﻓﺦ ) اﻟوﻫم اﻟﻣرﺟﻌﻲ( ،اﻟذي ﻏﺎﻟﺑﺎً ﻣﺎ أداﻧﺗﻪ ورﻓﺿﺗﻪ
اﻟدراﺳﺎت اﻟﻧﻘدﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ ﯾﻘول "ﺑﺎﺟو".
ب -ﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ اﻟزﻣﺎن واﻟﻣﻛﺎن واﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟزﯾوان.
ﻣن اﻟﻔﺿول اﻟﻌﻠﻣﻲ أن ﯾﺳﺗﻔﺳر اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ أو اﻟﻘﺎرئ ﻋن اﻟزﻣن اﻟذي ﺣدﺛت ﻓﯾﻪ
ﻫذﻩ اﻟرواﯾﺔ ،ﻷﻧﻪ أﺣﯾﺎﻧﺎً ﻗد ﺗﻌود اﻣﺗداداﺗﻪ ﻟﺣﻘﺑﺔ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﺑﻌﯾدة ﺟداً ،رﻏﺑﺔ ﻓﻲ
إﺑراز اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﺳردﯾﺔ ذات اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﻣﺳرود ورﻏﺑﺔ ﻓﻲ إظﻬﺎر اﻟﻣﺳرود ﻟﻪ،
وﯾﺳﻣﻰ ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟزﻣن " ،ﺑﺎﻟزﻣن اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ" ،وﻫو ﻣﺎ ﯾﺗﺟﺳد ﺑﻘوة ﻓﻲ ﺛﻧﺎﯾﺎ
ﻫذﻩ اﻟرواﯾﺔ اﻟﻣﺷوﻗﺔ ﺟداً ﻟﻠزﯾواﻧﻲ ،اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟرواﺋﯾﺔ اﻟذﻛﯾﺔ ،ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ
اﻟﺣدث ﺑﺷﻘﯾﻪ اﻟزﻣﺎﻧﻲ واﻟﻣﻛﺎﻧﻲ.
-1اﻟزﻣـــــــــــــــن :ﻓﺎﻟزﻣن ﻓﻲ اﻟرواﯾﺔ " اﻟزﯾواﻧﯾﺔ" ﺣﺎﺿر ﺑﻘوة اﻟﺣدث ،وﺷدة
اﻟﺣﺎﺟﺔ اﻟﻣﺎﺳﺔ إﻟﯾﻪ ،ﻛﯾف ﻻ؛ ﻓﺎﻟﻣؤﻟف ﻻﯾﻛﺎد ﯾﺳﺗﻐﻧﻲ ﻋن أدﻧﻰ ﻟﺣظﺔ ﻣن ﺣﯾﺎة
اﻟرواﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺟﺳدت ﺣﯾﺎﺗﻪ ﺑﻘﺎﻟب أدﺑﻲ ﻣﺗﻣﯾز ،ﺻﻧﻌت ﻓﯾﻪ اﻟﺻورة اﻟﻣﺗﺧﯾﻠﺔ
ﺣﺑﻼً وطﯾدا ،ﯾﺗّﺻف ﺑﺄوﺷﺎج ﻋﻣﯾﻘﺔ ﻣن أزﻣﻧﺔ ﻣﺗﻌﺎﻗﺑﺔ ،ﻫﯾﺋت ﻟﻠرواﯾﺔ اﻷرﺿﯾﺔ
اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟﺗﺳﻛب ﻣﺎﺿﯾﺎ وﺣﺎﺿ اًر وﺗﺳﺗﺷرف ﻟﻐد واﻋد ،ﺗراﻋﻰ ﻓﯾﻪ اﻟﻘﯾم اﻟدﯾﻧﯾﺔ
اﻟدﯾن،
اﻟﺳﺎﻣﯾﺔ ،واﻟﺗﻲ –ﺣﺳﺑﻪ -ﺣطّﻣﺗﻬﺎ اﻷﻋراف اﻟﺻﺎﻣﺗﺔ ،وﺳﻛت ﻋﻧﻬﺎ رﺟﺎل ّ
ﻓﻲ ﻟﺣظﺔ ﻏﺎرﻗﺔ ﻓﻲ اﻟطول واﻟوﻟﻪ واﻟﺷرود ،ﻓﻠﻛﺄﻧك ﺗﺷﺎﻫد ﻓﻲ ﻓﯾﻠم أﻣﺎﻣك وﺗرى
ﻋﯾوﺑﺎً وﻧﻘﺎﺋﺻﺎً ،ﻟﻛن ﻫﯾﻬﺎت أن ﺗﻐﯾر ﻣن واﻗﻊ اﻟﺣﺎل ﺷﯾﺋﺎً.
ٕواذا ﻣﺎ وﻗﻔﻧﺎ ﻋﻠﻰ زﻣن اﻟرواﯾﺔ وﺟدﻧﺎﻩ ﻧوﻋﯾن:
أ -زﻣن ﻗﺑل ﻛﺗﺎﺑﺔ اﻟرواﯾﺔ :ﺣﯾث ﻟﻠزﯾواﻧﻲ ﺣدﯾث ذو ﺷﺟون ،ﻓﻬو ﻗد ﺗﺣدث
ﻣطوﻻ واﺳﺗﻐراﻗﺎً ﻋن ﺣﻘﺑﺔ ﻣن اﻟزﻣن اﻟﺗﻠﯾد ،اﻟزﻣن اﻟذي أوﺟد اﻟرواﯾﺔ أﺻﻼ،
ﻓﻬو ﯾﺗﺣدث ﻋن أول ﻓﺟر أطﻠّت ﻓﯾﻪ ﻋﯾﻧﺎﻩ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻟم ﻏرﯾب ﻋﻧﻪ ،ﻟم ﯾﺄﻟﻔﻪ
ﻓﻲ ﺑطن أﻣﻪ ﻛﻣﺎ ﻗﺎل ،ﻟﯾﺟد ﻧﻔﺳﻪ ﺑﯾن ﻟﺣظﺔ ﻣن ﻟﺣظﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺦ ،ودون ﺳﺑق
107
أ.ﻫﺸﺎم ﺳﻌﻴﺪاوي اﻟﻌﺪد 43 ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ
إﻧذار ،ﻟﺗﺗواﻟﻰ أﺣداث اﻟزﻣن وﺗﺗﺳﺎرع ﻣﻧذ ﻣطﻠﻊ اﻟرواﯾﺔ وﺣﺗﻰ ﻧﻬﺎﯾﺗﻬﺎ ،ﻣﺷﻛﻠﺔ
اﻟﻌﻣود اﻟﻔﻘري ﻟﻬذا اﻟﻌﻣل اﻷدﺑﻲ اﻟﻣﺷوق ،ﻓﯾﻌﻣد اﻟﻛﺎﺗب ﻣﻧذ اﻟﺗﻔرﯾش ﻟرواﯾﺗﻪ،
إﻟﻰ ﺗﻘدﯾم ﻟﻣﺣﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻛﯾﻧوﻧﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻧﺷﺄﺗﻪ وﺗرﻋرﻋﻪ ،ﻣﺗﻧﻘﻼً ﻋﺑر
أزﻣﻧﺔ ﻋدﯾدة ﻣن اﻟﻣﻬد ،ﻣرو اًر ﺑﺎﻟطﻔوﻟﺔ اﻟﻣﻠﯾﺋﺔ ﺑﺎﻷﺣداث اﻟﻣوﺣﺷﺔ ،واﻟﺗﻲ ﻛﺎن
ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺗﺳﺎرع وﻧﻣو أﺣداث اﻟرواﯾﺔ ،اﻧﺗﻬﺎء ﺑﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻧﺿﺞ
اً ﻟﻬﺎ ﺻدى
ﻣد اﻟزﻣن اﻟزﯾواﻧﻲ ﺑﻣﻌطﯾﺎت ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ أﺳﻬﻣت
واﻻﺳﺗواء ﻋﻠﻰ اﻟﻌود ،وﻋﻠﯾﻪ ﻓﻘد ّ
وﻟﻛﺄن اﻟﻘﺎرئ
ّ ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺗﺷﻛﯾل ﻟوﺣﺔ أدﺑﯾﺔ ﻓﻧﯾﺔ ﻣﻧﻘطﻌﺔ اﻟﻧظﯾر ،ﺣﺗﻰ
ﯾﺣس ﻧﻔﺳﻪ أﻣﺎم ﻓﯾﻠم ﻋﺟﯾب ﯾﺄﻧس ﺑﻪ وﯾﺷدو ﺑﺧﯾﺎﻟﻪ ﯾﻌﯾش ﻟﺣظﺎت ﻣن
ذﻛرﯾﺎت أﺷﺑﻪ ﺑﺎﻟﺣﻠم أو اﻟﺧﯾﺎل.
وﺑﺎﻟرﺟوع أﯾﺿﺎ ﻟزﻣن ﻗﺑل اﻟرواﯾﺔ ﻓﻬو ﻣطﻠﻊ اﻟﺳﺗﯾﻧﯾﺎت وﺑﺎﻟﺗﺣدﯾد 1965م،
واﻟذي ﻣﺛّل ﺧروج اﻟﻣؤﻟف ﻟﻌﺎﻟم اﻷﺣﯾﺎء.
ق – أﯾﺿﺎ -ﻫﻧﺎ ﻫو أن اﻟﻔﺗرة اﻟزﻣﻧﯾﺔ اﻟﻔﺎرﻗﺔ ﻓﻲ اﻟرواﯾﺔ ،ﻫﻲ ﻛﻣﺎ واﻟﺣ ﱡ
ذﻛر اﻟزﯾواﻧﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺛﻣﺎﻧﯾﻧﯾﺎت ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻣﺎﺿﻲ ،ﺣﯾث اﻧﺳﻠﺧت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ
اﻟﺗواﺗﯾﺔ ﻣن ﻋﺎداﺗﻬﺎ اﻟﻘدﯾﻣﺔ اﻟﻣﺗﺟذرة اﻷﺻل ،وارﺗدت ﻋﺑﺎءة اﻟﺣداﺛﺔ واﻟﻣوﺿﺔ
اﻟﻐرﺑﯾﺔ ،ﻓﺎﻧﻌﻛس واﻗﻊ اﻟﺣﺎل ﺟذرﯾﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﺑطل ،وﻧ ّﻛس ﺣﺎﻟﻬﺎ ﻣن
اﻟطﺑﻊ إﻟﻰ اﻟﺗﺻﻧﻊ واﻟﺗﻛﻠف.
ب -زﻣـــــن اﻟﻛﺗﺎﺑـــــــﺔ :أﻣﺎ زﻣن اﻟﺗﺄﻟﯾف ﻓﻬو ﺣدﯾث ﺟداً ،ﺣددﻩ اﻟزﯾواﻧﻲ
ﺑﺛﻼث ﺳﻧوات ﺗﻘرﯾﺑﺎ أو ﺳﻧﺗﯾن وﻧﯾف ،ﻣﺎﺑﯾن 2011م2013-م ،وﻫو اﻟزﻣن
اﻟذي ﺷﻬد ﺻدور أول ﻋﻣل رواﺋﻲ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻹطﻼق ،ﻓﻲ وﻻﯾﺔ أدرار،وﻛﻣﺎ
ﺗﺧوف ﺟﻣﯾﻊ أدﺑﺎء
ﯾﻘول اﻟﻣؤﻟف ":أن ﺳﺑب اﻫﺗداﺋﻲ ﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻫذا اﻟﻧص ،ﻫو ّ
اﻟﻣﻧطﻘﺔ ﻣن ﺳرد رواﯾﺔ ﺗﺳرد ﻣﺎ ﺷﻬدﺗﻪ ﺗوات ،ﺑل وﻻﺗزال ﺗﺷﻬدﻩ ﻣن أﻣور
ﺗﺗﻧﺎﻓﻰ وﻗﯾم اﻟدﯾن اﻟﺣﻧﯾف ،واﻟﺗﻲ ﻛﺎن اﻟداﻓﻊ اﻟﻛﺑﯾر ﻣن رﻓﻊ ﻗﻠم اﻟﺗﺄﻟﯾف ﻫو
ﺳﺑﺑﻬﺎ ".
108
أ.ﻫﺸﺎم ﺳﻌﻴﺪاوي اﻟﻌﺪد 43 ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ
- 2اﻟﻣﻛـــــــــــــــﺎن :أﻣﺎ اﻟﻣﻛﺎن ﻓﻲ رواﯾﺔ " ﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟزﯾوان" ﻓﻠم ﯾﻘل ﺷﺄواً ﻋن
اﻟزﻣن ﻣطﻠﻘﺎً ،ﻓﺎﻟزﻣﺎن واﻟﻣﻛﺎن ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر ﻓﻲ اﻟرواﯾﺔ ﻣﺗداﺧﻼن ﻣﺗﻣﺎزﺟﺎن،
ﺣﺎﺿران ﺣﺿور داﺋﻣﺎ ،ﻗد ﯾﺳﺗﺣﯾل ﻣﻌﻪ ﺗﻧﺎول أﺣدﻫﻣﺎ ﺑﻣﻌزل ﻋن اﻵﺧر،
ﻓﺎﻟﻣﻛﺎن ﻣﺛﻠﻪ ﻗﺻر اﻟزﯾواﻧﻲ " اﻟﻣﻌروف ﺑﻘﺻر زاوﯾﺔ اﻟﺷﯾﺦ اﻟﻣﻐﯾﻠﻲ" واﻟزﯾواﻧﻲ
أﺣد أﺣﻔﺎدﻩ ،،ﺣﯾث اﻟﻣﻛﺎن ﯾﻣﺛل اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻟﺣﯾﺎة اﻟﻣؤﻟف وﻧﺷﺄﺗﻪ اﻷوﻟﻰ،
ﻓﻬذا اﻟﻘﺻر ﯾﺑﻌد ﻋن ﻣﻘر اﻟوﻻﯾﺔ ﺑﺣواﻟﻲ 85ﻛﻠم ﺗﻘرﯾﺑﺎً ،ﺿﻣن إﻗﻠﯾم ﺗوات
اﻟوﺳطﻰ ،ﺣﯾث اﻟﻬدوء واﻟراﺣﺔ ﺑﻌﯾدا ﻋن ﺿﺟﯾﺞ وﺻﺧب اﻟﻣدﯾﻧﺔ ،ﻓﻠﻘد ﻛﺎن
ﻟﻠﺑﯾﺋﺔ اﻟﻣﻛﺎﻧﯾﺔ دو ار ﻣﻬﻣﺎ ﺟدا ﻓﻲ ﺻﻘل ﻣوﻫﺑﺔ وﻗرﯾﺣﺔ اﻟزﯾواﻧﻲ ،ﻧﺎﻫﯾك ﻋن
ﻛوﻧﻬﺎ ﺣﺎﺿﻧﺔ دﯾﻧﯾﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﺑﺎﻣﺗﯾﺎز ،ﻛﺎﻧت وﻻﺗزال إﻟﻰ اﻟﯾوم ،ﻓﻬﻧﺎك ﺿرﯾﺢ
اﻟﻌﺎﻟم اﻟرﺑﺎﻧﻲ اﻟﺷﻬﯾر " ﺳﯾدي ﻣﺣﻣد ﺑن ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم اﻟﻣﻐﯾﻠﻲ" اﻟذي ﺷﻬرﺗﻪ أﻏﻧت
ﻋن أوﺻﺎﻓﻪ ،ﺣﯾث ﻋﻠم وﺧرج ﺧﯾرت ﻋﻠﻣﺎء اﻟﻣﻧطﻘﺔ وﺗرﺑﻰ ﻋﻠﻰ ﯾدﯾﻪ ﺻﻔوة
اﻟﻣﺷﺎﯾﺦ اﻟﺻوﻓﯾﯾن.
ﻏﯾر أن ﻣﺎﯾدﻓﻌك ﻟﻼﻧﺑﻬﺎر ﺑﺎﻟرواﯾﺔ ،ﻫو اﻟﻘﺻدﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻣدة ﻣن اﻟزﯾواﻧﻲ
ﻓﻲ طرق ﺑﺎب اﻟﺣﻔرﯾﺎت اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ ،وﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﻧﺑش ﻋن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﺧﻔﯾﺔ وراء
ﺻﻣت ﻋﻠﻣﺎء وﺳﺎدات أﻫل اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺗواﺗﯾﺔ ،وﻏﺿﻬم اﻟطرف ﻋن اﻟﻛﺛﯾر ﻣن
ﺗﺣز ﻓﻲ اﻟﻧﻔس ﺣ اًز ،ﻓﺣﺎول أن ﯾﻛﺗﺷف ﺗﻠك اﻟﺗﺣوﻻت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
اﻷﺣوال اﻟﺗﻲ ّ
اﻟﻌﻣﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﻣرت ﺑﻬﺎ ﻣﻣﻠﻛﺗﻬم ،ﺧﻼل ﻓﺗرة زﻣﻧﯾﺔ ﺣددﻫﺎ "ﺑﺛﻼﺛﯾن ﺳﻧﺔ" ،داﻓﻌﻪ
ﻓﻲ ﻛل ذﻟك ﺗﻛﺳﯾر طﺎﺑو رﻋﺷﺔ اﻟﻣﻛﺎن ،دون ﻣراﻋﺎة أو ﺣﺳﺎب ﻟﻠﻣﺟﺎزﻓﺔ ،أو
إﻋطﺎﺋﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﺳﺗﺣق ﻣن اﻟﺗرﯾث واﻟﻌﻧﺎﯾﺔ.
وظل اﻟﻣﻛﺎن ﯾﺷﻐل اﻟﺣﯾز اﻷﻛﺑر ﻣن ﻋﻘل اﻟزﯾواﻧﻲ ﻓﻲ ﻛل ﺑرﻫﺔ وﻟﺣظﺔ
ﺗﻔﻛﯾر ﻣن ﻋﻣرﻩ ،ﺛﻼﺛون ﺳﻧﺔ ﻣرت ﻋﻠﻰ ﻗﺻرﻫم اﻟوﺳطﺎﻧﻲ ))ﺗوات اﻟوﺳطﻰ((،
اﺧﺗزﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺳﺎؤﻟﯾن اﺛﻧﯾن ﻫﻣﺎ :ﻛﯾف ﻛﺎن ﻗﺻري؟ وﻛﯾف أﺿﺣﻰ:
109
أ.ﻫﺸﺎم ﺳﻌﻴﺪاوي اﻟﻌﺪد 43 ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ
ﺗﺎرﻛﺎً ﺧﯾﺎر اﻟﺣﻛم ﻓﻲ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋن اﻟﺳؤال اﻵﺧر ﻟﻠﻘﺎرئ وﻫو :أﯾﻬﻣﺎ ﻛﺎن
أﺣﺳن ﻣﺎﺿﯾﻪ أو ﺣﺎﺿرﻩ؟
ﺛﺎﻟﺛﺎً :اﻟوظﺎﺋف اﻟﺳردﯾﺔ ﻟﻠﺷﺧﺻﯾﺎت:
وﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﻣﺛّﻠﻪ ﻫذﻩ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻣن ﺷﺧﺻﯾﺎت ﻟﻬﺎ ﻣﻼﻣﺣﻬﺎ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ
اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،دون اﻟﺧوض ﻓﻲ ﻣﺎ ﻗﺎﻣت ﺑﻪ ﻫذﻩ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧص ﻣن أدوار،
ّإﻧﻣﺎ ﻧﺳﺗﻧﺑط ﻣن ﻫذﻩ اﻷدوار اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ اﻟﻧص اﻟدور اﻟذي ﺗﻣﺛﻠﻪ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ
ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ.
ﻓﻔﻲ ﻧص "ﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟزﯾوان" ﺗﺗﻧوع ﺗﻠك اﻟﺷﺧوص ،وﻋﻧدﻫﺎ ﺗﺑرز ﻣﻼﻣﺢ ﻛل
ﺷﺧﺻﯾﺔ وﻣﺎ ﺗﺗﻔرد ﺑﻪ ﻋن ﻏﯾرﻫﺎ .
-1اﻟزﯾواﻧﻲ :ﯾﻣﺛل اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﺑطل ﻓﻲ اﻟرواﯾﺔ ،ﻓﻬو اﻟرﺟل اﻟﻣﺗﺧﻠق اﻟﻣﺗﺷﺑﻊ
ﺑﺛﻘﺎﻓﺔ اﻷﺟداد ،اﻟﻐﯾور ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎدات واﻷﻋراف ،ﺣﺗﻰ ٕوان طﺎﻟت اﻟﺣداﺛﺔ ﻗﺻرﻩ
وﻣﻧطﻘﺗﻪ ،ﻓﻬو ﻻﯾﻧﻔك ﯾﻌﺎﺗب ﻣﺟﺗﻣﻌﺎً ﻏﻠﺑت ﻋﻠﯾﻪ ﺳطوت اﻟﻘﻬر اﻟﺟﺑري ﻟﻠﻘﯾم
ﻫز ،أﻻ
ﻫز ﻧﻔﺳﯾﺗﻪ ّاً
اﻟﻣﺗﻧﺎﻓﯾﺔ ﻣﻊ اﻟدﯾن اﻟﺣﻧﯾف ،وﺟﺳدﻩ ﺣﺳﺑﻪ أﻣرﯾن اﺛﻧﯾن ّا
وﻫﻣﺎ:
أ-ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺳﻛوت اﻟﻌﻠﻣﺎء واﻟﺳﺎدة اﻟﻣﺷﺎﯾﺦ ﻋن أﻣور ﻣﻌﻠوﻣﺔ ﻣن اﻟدﯾن ﺑﺎﻟﺿرورة،
وأﺣ ﱡدﻫﺎ و َ
أﻣ ﱡرﻫﺎ ﺣﺳﺑﻪ ،ﺣرﻣﺎن اﻷﻧﺛﻰ ﻣن اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﻣﯾراث ،وﻫو ﺗﻧﺎﻓﻲ ﻣﻊ
اﻟدﯾن اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻫذا ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن وﺟود ﺧﯾرة ﻣن اﻟﺳﺎدة اﻟﻌﻠﻣﺎءﺗﻌﺎﻟﯾم ّ
واﻟﻣﺷﺎﯾﺦ اﻟذﯾن ﯾﻌﺟز اﻟﻠﺳﺎن ﻋن ذﻛر ﺣﺗﻰ أﺳﻣﺎﺋﻬم ،وﯾﻧﺣﻧﻲ اﻟﻘﻠم ﻓﻲ ﻣﺣراب
اﻟﺑﯾﺎن واﻟﺣق ﻋن ذﻛرﻫﺎ .
طﯾر واﻟﺗﺷﺎؤم ﺑﺳﺑب إﻧﺟﺎب اﻷﻧﺛﻰ )اﻟطوﺑﺔ( و ﱡ
ﺗﺟذر ﻋﺎدات ب-ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺗّ ّ
ﺟﺎﻫﻠﯾﺔ ﻛﺛﯾرة ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﺗواﺗﻲ ،ﻧﻐﺻت ﺣﯾﺎة اﻟﻛﺛﯾر ﻣن أﻫل اﻟﻣﻧطﻘﺔ ،ﺑل
ﺷوﻫت ﺻورﺗﻪ ،ﻓﻲ ﺻﻣت ﻣطﺑق ﻣﻣن ﯾﺣﻣﻠون ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺣدﯾث
ﺗﻌدت أن ّ
ّ
110
أ.ﻫﺸﺎم ﺳﻌﻴﺪاوي اﻟﻌﺪد 43 ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ
أﺷدﻫﺎ ﺑﻌد
واﻟﺿرب ﺑﻌﺻﺎ ﻣن ﺣدﯾد ﻓﻲ ﻛذا ﻣﺳﺎﺋل واﻟﺗﻲ –ﺣﺳﺑﻪ -ﻛﺎن ﻣن ّ
اﻷوﻟﻰ ،ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺗطﯾر ﻣن إﻧﺟﺎب اﻟﺑﻧﺎت.
-2اﻟداﻋﻠﻲ وأﻣﻪ "ﻗﺎﻣو" و"اﻣﺑﺎرك" :ﺷﺧﺻﯾﺎت ﻣﻼزﻣﺔ ﻟﺑﻌﺿﻬﺎ اﻟﺑﻌض ،ﻣﺛﻠت
طﺑﻘﺔ ﻣﻌروﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﺗواﺗﻲ ﺑﺎﻟﺧدم ﻋﻧد اﻷﺳﯾﺎد ﻛﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﺷﻬو اًر ﻣﻧذ
اﻟﻘدم ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﺗواﺗﻲ،ﻓﻘد ﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟﺷﺧﺻﯾﺎت ﺗﻌﯾش ﻓﻲ ﺑﯾت اﻟزﯾواﻧﯾﻔﻘد
ﻛﺎﻧوا ﺗﺎﺑﻌﯾن ﻷﻫل اﻟزﯾواﻧﻲ ﻓﻲ ﻛل ﺷﻲء ،أﻛﻠﻬم ﻣن أﻛﻠﻬم وﻟﺑﺎﺳﻬم ﻣن ﻟﺑﺎﺳﻬم
ﺑل ﺣﺗﻰ ﺑﯾﺗﻬم ﻣن ﺑﯾﺗﻬم ،ﻻ ﻓرق ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ إﻻ ﻓﻲ اﻟﻠون ،واﻟطﺎﻗﺔ واﻟﻌﻣل وﻗدرة
ﻛف اﻟﯾد وﺑﺎطن اﻟﻘدم ،أﻣﺎ "ﻣﺑﺎرك" ﻓﻘد أﺻﺑﺢ
ﺣﻣل ،وﻛذا ﻟﯾوﻧﺔ وﺧﺷوﻧﺔ ّ
اﻟﺗّ ّ
"ﺧﻣﺎﺳﺎً". 1
ﻣﻼّﻛﺎً ﻷرض اﺳﺗﺻﻼﺣﯾﺔ ﺑﻌدﻣﺎ ﻛﺎن ّ
اﻟﻌﻣﺔ ﻧﻔّوﺳﺔ :ﺷﺧﺻﯾﺔ ارﺗﺑطت ﺑﺣزن اﻟﻣؤﻟف ﻷﻧﻬﺎ ﺗوﻓت ﻗﺑل اﻟﻣوﻋد ّ -3
ﻣﺎﺗﺣول إﻟﯾﻪ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺑﻌد اﻟﻌﺎم
ّ اﻟذي ﻛﺎن اﻟزﯾواﻧﻲ ﯾﺄﻣل أن ﺗﺣﯾﺎﻩ ﻟﺗﺷﺎﻫد
1989م ،ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧت ﺗﺣﻠم ﺑواﻗﻊ ﻏﯾر اﻟذي ﺣﺻل.
ﻷﻧﻬﺎ دﻓﻌت ﺛﻣن ﺑوارﻫﺎ
ﻣرﯾﻣو :ﻣﺛﻠت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣﺳﻛﯾﻧﺔ اﻟﺣزﯾﻧﺔّ ،-4اﻷﺧت ّ
وﻋدم ﺗﻌﻠﯾﻣﻬﺎ وﻛوﻧﻬﺎ"طوﺑﺔ" ،2ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﺟﻣﺎﻟﻬﺎ اﻟﻔﺎﺗن ،اﻟﻣﻣزوج ﺑﯾن ﻧطﻔﺔ
اﻟﻣراﺑطﯾن وﺑوﯾﺿﺔ اﻟﺷرﻓﺎء.
إذن وﺑﺗﺗﺑﻊ ﻣﺳرد اﻷﺣداث ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟرواﯾﺔ اﻟﺟﻣﯾﻠﺔ ،ﻧﻠﺣظ ﻋﺑﻘرﯾﺔ اﻟﻣؤﻟف ﻓﻲ
ﺑﺳط ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﻧطﻘﺔ وﻣﺳﻘط اﻟرأس ،ﺑﺗﻘﻧﯾﺔ ﺳردﯾﺔ ﻣﺗﻣﯾزة وﻣﺗﻔردة ،وﺑﺈﺑداع ودﻗﺔ،
وﻧﻠﻣﺢ ﻣﺷﻬداً ﻟذﻟك ﻓﻲ ص ،206ﺣﯾن ﺑرر ﻣﯾوﻟﻪ اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ﺑﻘوﻟﻪ... )) :ﻣدى
وﺣﺑﻲ ﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟزﯾوان ،وﻣﻌرﻓﺔ ﺗﺎرﯾﺧﻬﺎ اﻟﻘدﯾم واﻟوﺳﯾط واﻟﺣدﯾث
ّ ﺷﻐﻔﻲ
1
اﻟﺧﻣﺎس :اﻟذي ﯾﺄﺧذ ﺧﻣس اﻟﻐﻠّﺔ ﻣﻘﺎﺑل ﻋﻣﻠﻪ ،واﻟﺑﺎﻗﻲ ﻟﺻﺎﺣب اﻟﻌﻣل.
ّ
2اﻟطوﺑﺔ :ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗرث ﻣﺎ ﺣﺑس ﻣن اﻟﻣﯾراث.
111
أ.ﻫﺸﺎم ﺳﻌﻴﺪاوي اﻟﻌﺪد 43 ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ
ﺧـــــــــــــــــــــــــﺎﺗﻣـﺔ
1
ﺣﺎج أﺣﻣد اﻟﺻدﯾق ،رواﯾﺔ ﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟزﯾوان ،ﻓﯾﺳﯾر ﻟﻠﻧﺷر ،اﻟﺟزاﺋر ،2013،ص.206
112
أ.ﻫﺸﺎم ﺳﻌﻴﺪاوي اﻟﻌﺪد 43 ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ
إذن وﺑﻌد ﻫذا اﻟﻌرض اﻟﺳرﯾﻊ اﻟذي اﺳﺗﻌرﺿت ﻓﯾﻪ اﻟﺣدﯾث ﻋن اﻟﺳﯾﻣﯾﺎء،
وأﻫم ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻧص اﻟﺳردي واﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟوطﯾدة ﺑﯾن ﻋﻠم اﻟﺳردﯾﺎت
واﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺎت ،واﻟﺗﺣول اﻟﻌﻣﯾق اﻟذي ﺷﻬدﺗﻪ اﻟدراﺳﺎت اﻟﺳردﯾﺔ ،وﻛذا اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ
اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ اﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ ﻟرواﯾﺔ )ﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟزﯾوان( ،ﯾﻣﻛن أن أﺟﻣل أﻫم اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ
اﻟﻣﺗوﺻل إﻟﯾﻬﺎ وﻫﻲ ﻛﺎﻵﺗﻲ :
-ﻋرﻓت اﻟﺳردﯾﺎت ،ﻣﻊ ﺗطور اﻟﻧظرﯾﺎت اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻧﻘدﯾﺔ ،وﺗﻌﺎظم ﻧﻔوذ اﻟﻌﻠوم
اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﺗﺣوﻻت ﻋﻣﯾﻘﺔ ،ﺳواء ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣوﺿوع أو اﻟﻣﻧﻬﺞ.
-ﺗﺄﺛّر اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟرواﺋﯾﯾن اﻟﻣﺣدﺛﯾن واﻟﻣﻌﺎﺻرﯾن ﺑﺎﻟﻣﻧﺎﻫﺞ اﻟﻧﻘدﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة
اﻟﻣﺳﺗﺟدة ،ﻻﺳﯾﻣﺎ ﻣﻧﻬﺎ اﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺎت.
-ﻛﻣﺎ ﺗﺑﻠورت ﻣﻘﺎرﺑﺎت ﺟدﯾدة ﺗﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻟﺷﻌرﯾﺔ اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻓﻲ اﻣﺗداداﺗﻬﺎ
اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ واﻟﻧﺻﯾﺔ واﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ ،واﻟﺷﻌرﯾﺔ اﻟﺟدﻟﯾﺔ أو اﻟﺗﺄوﯾﻠﯾﺔ اﻟﻣﻌﺗﻣدة ﻋﻠﻰ
ﻣﻌطﯾﺎت اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت واﻟﺗﺣﻠﯾﻠﻲ اﻟﻧﻔﺳﻲ واﻟﻔﻠﺳﻔﺔ وﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع ،ﻣﺗﺟﺎوزة اﻟﻧطﺎق
اﻟﺿﯾق ﻟﻠﻧﻣذﺟﺔ اﻟوﺻﻔﯾﺔ ذات اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﻌﺎم واﻟﻣﺟرد ،ﻓﻲ أﻓق اﻻﻧﻔﺗﺎح ﻋﻠﻰ
أﺳﺋﻠﺔ ٕواﺷﻛﺎﻟﯾﺎت ﺟدﯾدة ،ﺗﺗداﺧل ﻓﯾﻬﺎ اﻷﺑﻌﺎد اﻟﻧﺻﯾﺔ واﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ واﻟﺗداوﻟﯾﺔ
واﻟﺗواﺻﻠﯾﺔ.
-ﻛﻣﺎ اﺳﺗطﺎع اﻟرواﺋﻲ ﺣﺎج أﺣﻣد اﻟﺻدﯾق أن ﯾوﻓق ﻓﻲ اﺳﺗﺛﻣﺎر اﻟﻣﻧﻬﺞ
اﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء رواﯾﺗﻪ ،ﺣﯾث اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدﻻﻟﯾﺔ ﻣﺗﻧوﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﻧص ،واﻫﺗﻣﺎﻣﻪ
ﺑﺷﺗﻰ أﻧواع اﻟﻔﻌل واﻟﺳﻠوك اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ﻓﺎﻟرواﯾﺔ ﻣﺣﺑوﻛﺔ ﺑدﻗﺔ،
ﺗﺗﻔﺎﻋل ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺷﺧوص ﻣﻊ دﻻﻻﺗﻬﺎ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ واﻟﻣﺗﺧﯾﻠﺔ ،واﻟزﻣﺎن واﻟﻣﻛﺎن ﯾﺻور
ﺗﻠك اﻟﺛﻧﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺗﻼزﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺳم اﻟﺣدث ﺑﺻورة ﺳﻠﺳﺔ ﻣﻌﺑرة ﻋن واﻗﻊ اﻟﻘص،
ﺿﻣن ﺑﯾﺋﺔ ﻣﺣددة ﻣﺳﺑﻘﺎً اﺧﺗﺎرﻫﺎ اﻟرواﺋﻲ ﺑﺗﻔﺎﺻﯾل ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟﻠﺣدث اﻟﺳردي.
أن اﻟرواﯾﺔ أﻓﺻﺣت ﻋن ﻣوﻫﺑﺔ إﺑداﻋﯾﺔ ﻣﺗﻣﯾزة ،ﺗﻣﺗﻠك ﺣس اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ
-ﻛﻣﺎ ّ
واﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻔﻧﯾﺔ.
113
أ.ﻫﺸﺎم ﺳﻌﻴﺪاوي اﻟﻌﺪد 43 ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ
-ﺗﻣﺛل رواﯾﺔ ﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟزﯾوان أول ﻋﻣل رواﺋﻲ ﻓﻲ وﻻﯾﺔ أدرار .
ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣﺻﺎدر واﻟﻣراﺟﻊ:
.1ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح ﻛﯾﻠﯾطو ،اﻷدب واﻟﻐراﺑﺔ :دراﺳﺎت ﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻓﻲ اﻷدب اﻟﻌرﺑﻲ ،دار اﻟطﻠﯾﻌﺔ ،ط،2
أﺑرﯾل .
.2ﺣﺳن اﻟﻧﻌﻣﻲ ،ﻗراءة ﻓﻲ ﻫﯾﻣﻧﺔ اﻟﺧطﺎب اﻟﺳردي ،ﻋﻼﻣﺎت ﻓﻲ اﻟﻧﻘد ،م ،12ج ،45ﺷﺗﻧﺑر
.2002
.3ﺻدﯾق اﻟﻘﻧوﺟﻲ ،أﺑﺟد اﻟﻌﻠوم ،ط ،1دت.
.4ﺳﻌﯾد ﺑﻧﻛراد ،ﻣدﺧل إﻟﻰ اﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺎت اﻟﺳردﯾﺔ ،ﻣﻧﺷورات اﻟزﻣن. 2001،
ﺣﺎج أﺣﻣد اﻟﺻدﯾق ،رواﯾﺔ ﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟزﯾوان ،ﻓﯾﺳﯾر ﻟﻠﻧﺷر ،اﻟﺟزاﺋر.2013، .5
.6ﺟﻣﯾل ﺣﻣداوي ،ﻣدﺧل إﻟﻰ اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﻲ ،ﻧﻘﻼً ﻋن ﺟﺎن ﻛﻠود ﻛوﻛﯾﻪ وﻛﺗﺎﺑﻪ ﺑﺎﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ.
ﻣﺟﻠﺔ ﻋﺎﻟم اﻟﻔﻛر ،اﻟﻛوﯾت ،اﻟﻣﺟﻠد اﻟﺛﺎﻟث ﻣﺎرس 1997م ﻧﺳﺧﺔ إﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ .
.7ﺑﯾﺑرﻏﯾرور :اﻟﺳﯾﻣﯾﺎء ﺗرﺟﻣﺔ :أﻧطون أﺑن زﯾد ط 1984 ،1م ،ﻣﻧﺷورات ﻋوﯾدات ،ﺑﯾروت
ﻟﺑﻧﺎن.
.8ﻓﯾردﻧﺎﻧد دي ﺳوﺳﯾر ،ﻣﺣﺎﺿرات ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﻠﺳﺎن اﻟﻌﺎم ،ﺗرﺟﻣﺔ ﻋﺑداﻟﻘﺎدر ﻗﻧﯾﻧﻲ ط ،1
1987م ،أﻓرﯾﻘﯾﺎ اﻟﺷرق ،اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء
114