Professional Documents
Culture Documents
ع.م.ت الدّرس السّادس
ع.م.ت الدّرس السّادس
كانت اهتمامات فرويد تدور حول ما يجري في نفسيّة المحلَّل مهمال بذلك تأثير بعض العوامل (تأثيراته هو
سياق التّبادلي كمعالج) ،وما ينتج عن التّفاعل بين المح ِّلّل والمحلَّل .لهذا ،لم نجد أ ّ
ي تحليل من قبل فرويد لل ّ
وال لسياق التغيّر العالجي ،بمعنى أنّه لم يهتم في البداية بتحليل الوضعية العالجية وما يدور أثناءها .كان
فرويد يتحدّث كثيرا عن التغيّر الفردي لل ّ
شخصية ،وقد ذكر بعض العوامل المشاركة في العالج ومنها:
األريكة ،الحياد والتّحويل.
1
مرت النّظرية التّحليلية في تطبيقاتها بثالث مراحل:
ّ
وهي مرحلة تطبيق المبادئ التّحليلية األصيلة التي وضعها دون أيّة تساؤالت ،وكانت متمركزة حول الواقع
سعات صراعات ،الحياة ال ّ
الشعورية ومراحل التّثبيت .عرفت المرحلة تو ّ تاريخ ال ّ
شخص ،الكشف عن منبع ال ّ
للنّظرية حيث اتّجهت االهتمامات إلى دراسة األنا و ميكانزماته الدّفاعية ،وقد قامت بذلك ابنته )(Anna
تطور تطبيق التّقنية حيث عرفت اتّجاها جديدا وهو "التّحليل النّفسي لألنا"
ّ وكانت تلك بداية
).(La période de la psychanalyse du Moi
كان فرويد ّأول من قام إذا بالتّعديل في طريقة التد ّخل العالجي ،وكان فرنكزي ّأول من نادى بتقنية تحليلية
نشيطة.
صين والمحلّلين النّفسانيين من بعد فرويد إلدخال تغييرات ال سيما فيما يتعلّق بمدّة
توالت تد ّخالت المخت ّ
ست بعض الجوانب من اإلطار التّحليلي مثل:
العالج ،وأخرى م ّ
ساحة عالجات أخرى انشقّت عن العالج التّحليلي الكالسيكي وذلك بفضل التّغييرات
وهكذا ،بدأت تظهر في ال ّ
والتّعديالت المدرجة على التّقنية األصلية .إلى جانب ذلك ،طرحت مسالة التّحليل النّفسي لألطفال ،وكان
ستينات ،أي اتّساع المجال العالجي بظهور مرضى جدد
ذلك سنة 1920وكان االنفجار ) (le boumفي ال ّ
ومنهم األطفال ،ذلك ما أدّى إلى اتّساع التّقنية العالجية وضرورة إدخال تغييرات عليها.
3
.2العالج التّحليلي(la cure analytique) :
ينتظم العالج التّحليلي في حصص وفق بروتوكول عالجي معيّن ،مدّة زمنية وتواتر محدّدين ،ويقوم العالج
ي فكرة ،أو حلم التّحليلي على فرضيّة قاعدية للحتمية ال ّنفسية ) ،(le déterminisme psychiqueإذ ّ
أن أ ّ
أو فعل فاشل /ناقص ) ،(un acte manquéأو زلّة لسان ) ،(un lapsusأو عرض بل حتّى عمل
صدفة إذ تعبّر كلّها وتترجم دائما -وأحيانا بشكل رمزي ،-صراعا نفسيّا الشعوريّا.
أو حركة ال تحدث أبدا بال ّ
صراع على أنّه انبثاق لماضي بدائي (تقريبا) لرغبة أو الحتياج اصطدما من قبل باستحالة
يُنظر إلى ذلك ال ّ
التّحقيق (رقابة أنا أعلى أنا مثالي ).)(Moi idéale
أمام ذلك المنع والتّحريم ،تستلزم الدّيناميكية النّزوية بروز مبدأ التّكرار ) (principe de répétitionالذي
وأخف من خالل الحلم ،أو زلّة لسان.
ّ تتكرران على شكل عرضي ،أو بشكل ألطف
الرغبة أو الحاجة ّ
يجعل ّ
صراعات في إطار الدّيناميكية "التّحويلية والتّحويلية يتسبّب التّكرار إذا في ظهور مجدّد لل ّ
صراع أو لل ّ
المضادّة" ويعمل المح َّلل على استيعابه ،أي يتغلّب على ما يثيره من مقاومة.
.1.2الوضعية العالجية:
تغيّرت وضعيّة جلوس فرويد من أمام المريض في بداية عالجاته إلى خلفه ،أي الجلوس بطريقة ال يمكن
للمريض أن يراه ،وذلك حتّى يتجنّب تأثير مواقف المحلّل الالّشعورية على المريض.
إن كان التمدّد على األريكة يطرح مشكال عند بعض المرضى في بداية العالج ،فال مانع من أن يبدأ المحلّل
النّفسي العمل بوضعية وجها لوجه وينتظر أن يتأتّى الوقت المناسب لتحويل المريض إلى األريكة.
4
.2.2اإلطار(le cadre) :
ي ّ
نظم الوضعية التّحليلية إطار خاص قائم على قواعد أساسية هي:
الحر ،أنّه بإمكان المريض بل يجب عليه أن يقول للمحلّل النّفسي ك ّل ما يجول بخاطره
ّ تعني قاعدة التّداعي
صة العالجية بما في ذلك األحالم ،وبالكلمات التي ينطق بها دون اعتبارات أخالقية ،فلسفية ،دينية
أثناء الح ّ
أو غيرها.
الحر من القواعد األولى التي يطلب من المفحوص احترامها أي ،مثلما ذكرنا ،أن يقبل قول ك ّل
ّ يعدّ التّداعي
ما يوجد في ذهنه دون قيد أو رقابة ،أو محاولة التح ّكم فيما يريد قوله ،أو إعداد كلمات أو جمل جميلة.
بعبارات أخرى ،أن يترك فكره يسافر بحريّة وأن يحاول أن يضع كلمات على ما ينبثق من فكره دون أن
ي حكم.
يصدر أ ّ
ظهرت هذه القاعدة حينما تخلّى فرويد عن التّنويم المغناطيسي لمريضة كانت قد طلبت منه آنذاك أن يستمع
الحر ّأوال إلى إعادة بناء النّماذج الالّشعورية ،ويقوم قبل ك ّل شيء
ّ إليها وال يقاطعها بأسئلته .يهدف التّداعي
صل
ي .من الضّروري أن يتو ّ
على تحليل األحالم إذ يسمح بإيجاد العناصر التي ج ّمعها عمل تكثيف الحلم القو ّ
والتعرف عليها
ّ المحلّل (المريض) إلى فك عناصر الحلم الكثيرة المتداخلة والمتستّرة الواحدة وراء األخرى،
عنصرا بعنصر.
التّحليل النّفسي إذا هو عالج بالكالم ) ، (une cure par la paroleووحده المريض الذي يجد ثانية معنى
ويعطيه ،أو المدلوالت (الكلمات في حدّ ذاتها) كما ذكر ) (Lacanالتي تبني حياته النّفسية.
.4.2الحياد واللّطف:
يقوم التزام المحلّل النّفسي على مبدأ "مقدّس" أال وهو " الحياد واللّطف" .يتو ّجب على المحلّل أن يترك
سياسية ،األخالقية ،الدّينية وغيرها .ك ّل ما يف ّكر فيه المحلَّل (ال ّ
شخص الخاضع للتّحليل النّفسي) جانبا آراءه ال ّ
يصلح للقول كشاهد على سياقاته النّفسية.
5
سرية:
.3.3ال ّ
ي شخص كان حتّى ولو كان يجب على المحلّل أن يحتفظ لنفسه ك ّل ما يقال له أثناء الح ّ
صة وال يدلي به أل ّ
الحر وهي جزء من الحياد.
ّ شريك المريض .السريّة ضروريّة أيضا إذ تسمح بالتّعبير
.4.3قاعدة االمتناع:
.1.4.3ضمن عالجي:
ي مرور إلى الفعل ) (passage à l’acteيهدف إلى التّفريغ ال ّنزوي ،إذ يجب التّعبير تمنع هذه القاعدة أ ّ
الرغبات الغرامية ) (désirs amoureuxو/أو العدوانية ال فعلها .تطبّق القاعدة على المحلَّل والمحلّلعن ّ
النّفسي على حدّ سواء ،هذا األخير الذي ال يمكنه التد ّخل في واقع حياة المحلَّل (الشخص الخاضع للتّحليل
النّفسي .)l’analysant
ي مخالفة لهذه القاعدة من قبل المح ِّلّل تعني فسخا للعقد التّحليلي.
أ ّ
.2.4.3خارج العالج:
6
.5.3الدّوام أو البقاء(la pérennité) :
يعتبر األمن ضروريّا للعمل التّحليلي ،إذ يوافق األمن الدّاخلي األساسي الذي يسمح بنمو نفسي سعيد
وموفّق.
تتمثّل هذه القاعدة في عدم توجيه االنتباه نحو كلمة أو جملة من خطاب المريض ،إذ ك ّل ما يقوله يجب أن
يدرك بنفس االهتمام ،أو يستوجب نفس االهتمام.
.1.4المكان والمدّة:
يعتبر مكان ومدّة الحصص متغيّران ثابتان .أ ّما عن الحصص ،فتتراوح بين 3و 4حصص في األسبوع وقد
ترتفع إلى 5في األسبوع وذلك حسب المدارس ،وحسب االتّفاقات التي ت ّمت بين المحلّل النّفسي والمحلَّل
خالل الحصص األولى ،وحسب إمكاناته الماديّة ،ويتو ّجب عليه دفع ثمن الحصص التي يتغيّب عنها التي
تدوم بين 45إلى 50دقيقة.
7
أ ّكد فرويد على ضرورة تعيين ساعة محدّدة لكل مريض ،وذلك ما كان يفعله مع ك ّل مرضاه .أ ّما بالنّسبة
صة عندما يرتئي ذلك. لتابعي ،Lacanفيمكن للمح ّلل النّفسي أن يقاطع أ ّ
يح ّ
كانت هذه الوضعية والتزال موضوع نقاشات ومناظرات عنيفة بين المحلّلين النّفسانيين.
وأ ّما عن المكان ،فتتم الحصص بطبيعة الحال في عيادة المحلّل النّفسي.
.2.4األتعاب:
سيولة (المال
يجب أن يكون الد ّفع نقدا وذلك ألغراض رمزية وعالجية .يرتبط المظهر الملموس أو المادّي لل ّ
النّقدي) بشكل وثيق بالدّواعي أو باألسباب الالّشعورية التي يسعى العالج إلى جعلها شعورية من أجل
إرصانها( .التّفسير التّحليلي للدّفع)
صة األخيرة من وحسب العادات ،أو وجهات نظر المحلّلين النّفسانيين ،فإ ّما أن يدفع ثمن الح ّ
صة خالل الح ّ
شهر ،وإ ّما ،وهذا ضروري بالنّسبة لتابعي "الكان" ) ،(les lacaniensعلى الفور انطالقا من فكرة ّ
أن ال ّ
صة أو في عدم العودة. الشخص الخاضع للتّحليل ّ
حر في المجيء إلى الح ّ
أ ّما فرويد ،فكان يرى أنّه من الواجب الرفع من ثمن الحصة وبقدر كاف يجعل المريض يمنح قيمة شخصية
لعالجه.
تحدّد األتعاب وفق الحاالت (حالة بحالة) وبشكل يتناسب وإمكانيّات المريض.
يتكفّل المحلّل ال ّنفسي إذا بإعداد وتنظيم إطار عمل ،ويسهر على أن يحترمه ال ّ
شخص الذي سيخضع للعالج
النّفسي حيث يطلب منه أن:
يحتاج اإلطار والعقد العالجي في بداية التّحليل إلى صرامة في التّطبيق ،إذ يوافقان البنية النّفسية لل ّ
شخص
الخاضع للتّحليل النّفسي .من أجل ذلك ،يأخذ التّحليل النّفسي ) (l’analyseوقتا طويال جدّا لل ّ
شروع فيه
8
ي تغيير في المواعيد قد يثير استجابات قويّة لدى المريض ومنها على سبيل المثال بشكل حقيقي ،كما ّ
أن أ ّ
كما شرحته نظريّة التّحليل ال ّنفسي:
يس ّمى المريض أحيانا ب "المحلَّل ) ،(analysantوالمعالج ب "المح ِّلّل") .(analysteيعتبر جاك الكان
) (Jacques Lacanمن أدرج تلك التّسمية على المريض ليشير إلى دوره المركزي والنّشط في العالج
الحر .أ ّما المحلّل النّفسي ،فيستمع إلى ذلك الكالم
ّ يتوجب عليه الكالم بخضوعه إلى قاعدة التّداعي
ّ حيث
المو ّجه إليه والذي يمكن له تفسيره من خالل إعطاء معنى لألعراض انطالقا من نظريات التّحليل ال ّنفسي
لألحالم ولألفعال النّاقصة) (actes manquésالتي يرويها المريض خالل ك ّل حصة عالجية.
9