You are on page 1of 9

‫جامعة الجزائر‪ -2‬أبو القاسم سعد هللا‬

‫كليّة العلوم االجتماعية‬


‫قسم علم النّفس‬

‫العالجات ذات المنحى التّحليلي‪ :‬الدّرس ال ّ‬


‫سادس‬

‫العالج التّحليلي )‪(La cure analytique‬‬

‫وتطور العالج التّحليلي‪:‬‬


‫ّ‬ ‫‪.1‬نظرة تاريخية وجيزة عن ظهور‬

‫وطوره تابعيه بعد ذلك‪.‬ارتكز‬


‫ّ‬ ‫يشير العالج التّحليلي إلى التّطبيق النّفسي العالجي الذي أنشأه فرويد بداية‬
‫فرويد في بدايات العالج على تقنية العالج بالكالم )‪ (Talking cure‬وكان ذلك منذ منتصف سنوات ‪1880‬‬
‫وقد س ّجل أولى مظاهر التّحويل وأعطى نظرة عا ّمة عنه سنة ‪ .1912‬سنة بعد ذلك‪ ،‬س ّجل مظهرا آخر تعلّق‬
‫المرة به في حدّ ذاته‪ ،‬فتحدّث عن التّحويل المضاد كما ذكرنا آنفا‪.‬‬
‫هذه ّ‬

‫األولي‪ ،‬بل كانت رغبته ال ّ‬


‫شديدة‬ ‫لم يكن فرويد يرغب في إعداد تقنية عالجية في بداياته‪ ،‬ولم يكن ذلك هدفه ّ‬
‫في بناء نظريّة جديدة أال وهي العصاب‪ ،‬ث ّم دراسة الميكانزمات المرضية للوصول تدريجيّا إلى محتوى‬
‫ّ‬
‫وألن فرويد كان رجل مخبر‪ ،‬فقد كانت‬ ‫نشاط الحياة ال ّنفسية الدّاخلية‪ ،‬أي االنتقال من المرضي إلى العادي‪.‬‬
‫صة في التّفكير وفي مالحظة األحداث المرضية‪ ،‬فقد كان يرى أنّه البدّ من ضبط مختلف‬
‫له طريقة خا ّ‬
‫صة بالوضعية حتّى نصل إلى المالحظة المنطقيّة‪.‬‬
‫العوامل الخا ّ‬

‫كانت اهتمامات فرويد تدور حول ما يجري في نفسيّة المحلَّل مهمال بذلك تأثير بعض العوامل (تأثيراته هو‬
‫سياق التّبادلي‬ ‫كمعالج)‪ ،‬وما ينتج عن التّفاعل بين المح ِّلّل والمحلَّل‪ .‬لهذا‪ ،‬لم نجد أ ّ‬
‫ي تحليل من قبل فرويد لل ّ‬
‫وال لسياق التغيّر العالجي‪ ،‬بمعنى أنّه لم يهتم في البداية بتحليل الوضعية العالجية وما يدور أثناءها‪ .‬كان‬
‫فرويد يتحدّث كثيرا عن التغيّر الفردي لل ّ‬
‫شخصية‪ ،‬وقد ذكر بعض العوامل المشاركة في العالج ومنها‪:‬‬
‫األريكة‪ ،‬الحياد والتّحويل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مرت النّظرية التّحليلية في تطبيقاتها بثالث مراحل‪:‬‬
‫ّ‬

‫‪ .1.1‬عصر فرويد أو سنوات قليلة بعد وفاته‪:‬‬

‫وهي مرحلة تطبيق المبادئ التّحليلية األصيلة التي وضعها دون أيّة تساؤالت‪ ،‬وكانت متمركزة حول الواقع‬
‫سعات‬ ‫صراعات‪ ،‬الحياة ال ّ‬
‫الشعورية ومراحل التّثبيت‪ .‬عرفت المرحلة تو ّ‬ ‫تاريخ ال ّ‬
‫شخص‪ ،‬الكشف عن منبع ال ّ‬
‫للنّظرية حيث اتّجهت االهتمامات إلى دراسة األنا و ميكانزماته الدّفاعية‪ ،‬وقد قامت بذلك ابنته )‪(Anna‬‬
‫تطور تطبيق التّقنية حيث عرفت اتّجاها جديدا وهو "التّحليل النّفسي لألنا"‬
‫ّ‬ ‫وكانت تلك بداية‬
‫)‪.(La période de la psychanalyse du Moi‬‬

‫تطور التّقنية العالجية‪:‬‬


‫‪ّ .2.1‬‬

‫سياق العالجي ومختلف التّعامالت‪ ،‬أو التّفاعالت التي‬


‫سادت هذه المرحلة ظهور دراسات عديدة حول ال ّ‬
‫تنتج عن المح ِّلّل والمريض‪.‬‬

‫‪ .3.1‬تحديد وظيفة اإلطار التّحليلي‪:‬‬

‫وتصرفات المح ِّلّل ث ّم مدى تأثير هذا اإلطار على‬


‫ّ‬ ‫بمعنى الدّور الذي تلعبه الوضعية التّحليلية‪ ،‬معامالت‬
‫النّشاط الفكري والنّفسي للمريض‪ .‬ظهرت دراسات ألجل تحسين التّقنية العالجية ولتسد ّ بعض النّقائص التي‬
‫ميّزت األسلوب العملي للتّقنية التّحليلية‪ ،‬فلم يُبد فرويد أ ّية أه ّمية في بداية المعالجة لإلطار ّ‬
‫الزمني (الوقت‬
‫الذي يأخذه العالج للهستيريا مثال هو ‪ 3‬إلى ‪ 4‬أشهر)‪ ،‬حيث كان يأخذ مدّة أطول لدى بعض الحاالت‪ ،‬ومنها‬
‫حالة عصاب هجاسي )‪" (une névrose obsessionnelle‬رجل الذّئاب" )‪(l’homme aux loups‬‬
‫التي تجاوزت األربع سنوات من التّحليل والعالج ولم ينته لشدّة المقاومات‪ ،‬واستحالة التخلّص منها‪ ،‬ما جعل‬
‫فرويد يف ّكر في مخرج للوضعية من خالل تعديله لسلوكه مع المريض والتّخفيف من الحياد‬
‫)‪ ،(il a modifié son comportement‬ث ّم وضع آجاال لنهاية التّحليل و كان الهدف من ذلك تنشيط‬
‫سياق العالجي‪.‬‬
‫ال ّ‬

‫كان فرويد ّأول من قام إذا بالتّعديل في طريقة التد ّخل العالجي‪ ،‬وكان فرنكزي ّأول من نادى بتقنية تحليلية‬
‫نشيطة‪.‬‬

‫صين والمحلّلين النّفسانيين من بعد فرويد إلدخال تغييرات ال سيما فيما يتعلّق بمدّة‬
‫توالت تد ّخالت المخت ّ‬
‫ست بعض الجوانب من اإلطار التّحليلي مثل‪:‬‬
‫العالج‪ ،‬وأخرى م ّ‬

‫← سلوكات المح ِّلّل‪،‬‬

‫← استبدال األريكة بالكرسي‪،‬‬


‫‪2‬‬
‫← إدراج وضعية "وجها لوجه"‪،‬‬

‫← وأخيرا‪ ،‬كيفيّة التّعامل مع المقاومات والتّحويل‪.‬‬

‫عرفت اآللية العالجية التّحليلية ّ‬


‫تطورا في زمن فرويد ومن بعده شمل‪:‬‬

‫‪ -‬الوضعية العالجية كما سنشرحها الحقا‪،‬‬


‫‪ -‬التّحويل الذي كان بالنّسبة لفرويد في بداية األمر عائقا للعالج قبل أن يباشر في دراسته وفي‬
‫استعماله‪ ،‬وكذلك األمر بالنّسبة للتّحويل المضاد الذي كان يبدو له سلبيا )‪ .(négatif‬غير ّ‬
‫أن‬
‫المحلّلين النّفسانيين يستعملونه في الوقت الحاضر كوسيلة لفهم تحويل المريض‪ ،‬وللوصول إلى‬
‫استجاباته الالّشعورية ال ّ‬
‫شخصية‪.‬‬
‫‪ -‬التّعيينات )‪ :(les indications‬كانت تعيينات التّحليل النّفسي وال زالت موضوع نقاشات نظرية‬
‫عديدة‪ .‬أنشأ فرويد التّحليل النّفسي لراشدين عصابيين ولو أنّه وصف حالة طفل منذ أولى منشوراته‬
‫ّ‬
‫(الطفل هانس ‪.(le petit Hans‬‬
‫تف ّحص محلّلون نفسانيّون آخرون تعيينات أخرى لتطبيق التّحليل النّفسي كحاالت الذّهان‪ ،‬الحاالت‬
‫تطورت قائمة التّعيينات بشكل ملحوظ خالل‬
‫الحدّية‪ ،‬المرضى النّفسجسديين أو األطفال وبهذا‪ّ ،‬‬
‫تاريخ التّحليل النّفسي‪.‬‬
‫أن أولى هذه التّعيينات تنشأ عن رغبة المفحوص في التغلّب على معاناته النّفسية‬
‫لكن ما يجدر قوله ّ‬
‫والتي قد تنشأ قبل ّأول لقاء مع المحلّل النّفسي‪ ،‬أو في لقاءات تمهيدية قد تأخذ أشكاال مختلفة‪.‬‬

‫ساحة عالجات أخرى انشقّت عن العالج التّحليلي الكالسيكي وذلك بفضل التّغييرات‬
‫وهكذا‪ ،‬بدأت تظهر في ال ّ‬
‫والتّعديالت المدرجة على التّقنية األصلية‪ .‬إلى جانب ذلك‪ ،‬طرحت مسالة التّحليل النّفسي لألطفال‪ ،‬وكان‬
‫ستينات‪ ،‬أي اتّساع المجال العالجي بظهور مرضى جدد‬
‫ذلك سنة ‪ 1920‬وكان االنفجار )‪ (le boum‬في ال ّ‬
‫ومنهم األطفال‪ ،‬ذلك ما أدّى إلى اتّساع التّقنية العالجية وضرورة إدخال تغييرات عليها‪.‬‬

‫سلّم فرويد بذاته ّ‬


‫أن التّحليل النّفسي يجب أن يتكيّف مع معطيات الواقع‪ ،‬ولم يكن مرضاه األوائل إالّ خطوة‬
‫أولى نحو تحليل نفسي شعبي‪ .‬من بين العوامل التي أدّت إلى ظهور عالجات نفسية مشتقّة من التّحليل النّفسي‬
‫صة تطبيق التّحليل النّفسي في المؤ ّ‬
‫سسة‪.‬‬ ‫تطور اإلطار‪ ،‬وبخا ّ‬
‫إذا نذكر‪ّ :‬‬

‫لم يتوقّف فرويد عن ممارسة العالج التّحليلي التّقليدي ّ‬


‫بالرغم من عزمه على تكييفه حسب عبارته ال ّ‬
‫شهيرة‪:‬‬
‫النّفسي"‪،‬‬ ‫التّحليل‬ ‫بذهب‬ ‫النّفسي‬ ‫العالج‬ ‫نحاس‬ ‫مزج‬ ‫يجب‬ ‫"‬
‫» ‪.« Il faut mêler le cuivre de la psychothérapie à l’or de la psychanalyse‬‬

‫‪3‬‬
‫‪.2‬العالج التّحليلي‪(la cure analytique) :‬‬

‫ينتظم العالج التّحليلي في حصص وفق بروتوكول عالجي معيّن‪ ،‬مدّة زمنية وتواتر محدّدين‪ ،‬ويقوم العالج‬
‫ي فكرة‪ ،‬أو حلم‬ ‫التّحليلي على فرضيّة قاعدية للحتمية ال ّنفسية )‪ ،(le déterminisme psychique‬إذ ّ‬
‫أن أ ّ‬
‫أو فعل فاشل‪ /‬ناقص )‪ ،(un acte manqué‬أو زلّة لسان )‪ ،(un lapsus‬أو عرض بل حتّى عمل‬
‫صدفة إذ تعبّر كلّها وتترجم دائما ‪-‬وأحيانا بشكل رمزي‪ ،-‬صراعا نفسيّا الشعوريّا‪.‬‬
‫أو حركة ال تحدث أبدا بال ّ‬
‫صراع على أنّه انبثاق لماضي بدائي (تقريبا) لرغبة أو الحتياج اصطدما من قبل باستحالة‬
‫يُنظر إلى ذلك ال ّ‬
‫التّحقيق (رقابة أنا أعلى أنا مثالي )‪.)(Moi idéale‬‬

‫أمام ذلك المنع والتّحريم‪ ،‬تستلزم الدّيناميكية النّزوية بروز مبدأ التّكرار )‪ (principe de répétition‬الذي‬
‫وأخف من خالل الحلم‪ ،‬أو زلّة لسان‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تتكرران على شكل عرضي‪ ،‬أو بشكل ألطف‬
‫الرغبة أو الحاجة ّ‬
‫يجعل ّ‬
‫صراعات في إطار الدّيناميكية "التّحويلية والتّحويلية‬ ‫يتسبّب التّكرار إذا في ظهور مجدّد لل ّ‬
‫صراع أو لل ّ‬
‫المضادّة" ويعمل المح َّلل على استيعابه‪ ،‬أي يتغلّب على ما يثيره من مقاومة‪.‬‬

‫‪ .1.2‬الوضعية العالجية‪:‬‬

‫تغيّرت وضعيّة جلوس فرويد من أمام المريض في بداية عالجاته إلى خلفه‪ ،‬أي الجلوس بطريقة ال يمكن‬
‫للمريض أن يراه‪ ،‬وذلك حتّى يتجنّب تأثير مواقف المحلّل الالّشعورية على المريض‪.‬‬

‫مرة بتثمين )‪ (valider‬التّعبير ال ّلفظي الذي‬


‫ألول ّ‬
‫تسمح وضعيّة التمدّد على األريكة التي استعملها فرويد ّ‬
‫سياق التّحليلي‪.‬‬
‫يعدّ وسيلة ذات امتياز للوعي )‪ (prise de conscience‬ولعمل االستيعاب المالزمين لل ّ‬
‫الحر‪ ،‬ويش ّجع بذلك‬
‫ّ‬ ‫يس ّهل االسترخاء الجسدي الذي يقلّل من االستثارات واإلدراكات الجسدية أيضا التّداعي‬
‫المظاهر النّفسية‪.‬‬

‫إن كان التمدّد على األريكة يطرح مشكال عند بعض المرضى في بداية العالج‪ ،‬فال مانع من أن يبدأ المحلّل‬
‫النّفسي العمل بوضعية وجها لوجه وينتظر أن يتأتّى الوقت المناسب لتحويل المريض إلى األريكة‪.‬‬

‫أن المريض أو ال ُمحلَّل ال يتمد ّد على األريكة منذ الموعد ّ‬


‫األول‪ ،‬بل تت ّم المقابالت‬ ‫لكن ما يجب معرفته أيضا‪ّ ،‬‬
‫التّمهيدية وجها لوجه‪ ،‬وقد تدوم لوقت طويل‪ .‬لكن ما إن يشعر المحلل النّفسي ّ‬
‫بأن المريض مستعدّ‪ ،‬يدعوه‬
‫للتمدّد على األريكة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ .2.2‬اإلطار‪(le cadre) :‬‬

‫ي ّ‬
‫نظم الوضعية التّحليلية إطار خاص قائم على قواعد أساسية هي‪:‬‬

‫الحر‪(l’association libre) :‬‬


‫ّ‬ ‫‪ .3.2‬التّداعي‬

‫الحر‪ ،‬أنّه بإمكان المريض بل يجب عليه أن يقول للمحلّل النّفسي ك ّل ما يجول بخاطره‬
‫ّ‬ ‫تعني قاعدة التّداعي‬
‫صة العالجية بما في ذلك األحالم‪ ،‬وبالكلمات التي ينطق بها دون اعتبارات أخالقية‪ ،‬فلسفية‪ ،‬دينية‬
‫أثناء الح ّ‬
‫أو غيرها‪.‬‬

‫الحر من القواعد األولى التي يطلب من المفحوص احترامها أي‪ ،‬مثلما ذكرنا‪ ،‬أن يقبل قول ك ّل‬
‫ّ‬ ‫يعدّ التّداعي‬
‫ما يوجد في ذهنه دون قيد أو رقابة‪ ،‬أو محاولة التح ّكم فيما يريد قوله‪ ،‬أو إعداد كلمات أو جمل جميلة‪.‬‬

‫بعبارات أخرى‪ ،‬أن يترك فكره يسافر بحريّة وأن يحاول أن يضع كلمات على ما ينبثق من فكره دون أن‬
‫ي حكم‪.‬‬
‫يصدر أ ّ‬

‫ظهرت هذه القاعدة حينما تخلّى فرويد عن التّنويم المغناطيسي لمريضة كانت قد طلبت منه آنذاك أن يستمع‬
‫الحر ّأوال إلى إعادة بناء النّماذج الالّشعورية‪ ،‬ويقوم قبل ك ّل شيء‬
‫ّ‬ ‫إليها وال يقاطعها بأسئلته‪ .‬يهدف التّداعي‬
‫صل‬
‫ي‪ .‬من الضّروري أن يتو ّ‬
‫على تحليل األحالم إذ يسمح بإيجاد العناصر التي ج ّمعها عمل تكثيف الحلم القو ّ‬
‫والتعرف عليها‬
‫ّ‬ ‫المحلّل (المريض) إلى فك عناصر الحلم الكثيرة المتداخلة والمتستّرة الواحدة وراء األخرى‪،‬‬
‫عنصرا بعنصر‪.‬‬

‫التّحليل النّفسي إذا هو عالج بالكالم )‪ ، (une cure par la parole‬ووحده المريض الذي يجد ثانية معنى‬
‫ويعطيه‪ ،‬أو المدلوالت (الكلمات في حدّ ذاتها) كما ذكر )‪ (Lacan‬التي تبني حياته النّفسية‪.‬‬

‫‪ .4.2‬الحياد واللّطف‪:‬‬

‫يقوم التزام المحلّل النّفسي على مبدأ "مقدّس" أال وهو " الحياد واللّطف"‪ .‬يتو ّجب على المحلّل أن يترك‬
‫سياسية‪ ،‬األخالقية‪ ،‬الدّينية وغيرها‪ .‬ك ّل ما يف ّكر فيه المحلَّل (ال ّ‬
‫شخص الخاضع للتّحليل النّفسي)‬ ‫جانبا آراءه ال ّ‬
‫يصلح للقول كشاهد على سياقاته النّفسية‪.‬‬

‫ينبغي على المحلّل النّفسي أالّ يعطي نصائح إذ ّ‬


‫أن الهدف هو أن يكتشف ال ّ‬
‫شخص بذاته حلوله للمشاكل‪ .‬يجب‬
‫بتطور‬
‫ّ‬ ‫أن يسمح الحياد للمحلّل النّفسي بعدم وقوعه واحتباسه في ال ّ‬
‫سير النّفسي للمريض‪ ،‬بل أن يسمح‬
‫الدّيناميكة بينهما‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫سرية‪:‬‬
‫‪ .3.3‬ال ّ‬

‫ي شخص كان حتّى ولو كان‬ ‫يجب على المحلّل أن يحتفظ لنفسه ك ّل ما يقال له أثناء الح ّ‬
‫صة وال يدلي به أل ّ‬
‫الحر وهي جزء من الحياد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫شريك المريض‪ .‬السريّة ضروريّة أيضا إذ تسمح بالتّعبير‬

‫‪ .4.3‬قاعدة االمتناع‪:‬‬

‫تتض ّمن قاعدة االمتناع جانبان‪:‬‬

‫‪ .1.4.3‬ضمن عالجي‪:‬‬

‫ي مرور إلى الفعل )‪ (passage à l’acte‬يهدف إلى التّفريغ ال ّنزوي‪ ،‬إذ يجب التّعبير‬ ‫تمنع هذه القاعدة أ ّ‬
‫الرغبات الغرامية )‪ (désirs amoureux‬و‪/‬أو العدوانية ال فعلها‪ .‬تطبّق القاعدة على المحلَّل والمحلّل‬‫عن ّ‬
‫النّفسي على حدّ سواء‪ ،‬هذا األخير الذي ال يمكنه التد ّخل في واقع حياة المحلَّل (الشخص الخاضع للتّحليل‬
‫النّفسي ‪.)l’analysant‬‬

‫ي مخالفة لهذه القاعدة من قبل المح ِّلّل تعني فسخا للعقد التّحليلي‪.‬‬
‫أ ّ‬

‫‪ .2.4.3‬خارج العالج‪:‬‬

‫توصي القاعدة بتو ّخي الحذر قبل اتّخاذ أ ّ‬


‫ي قرارات ها ّمة‪ :‬تغييرات في الحياة ّ‬
‫الزوجية‪ ،‬المهنية أثناء فترة‬
‫العالج‪.‬‬

‫كان المحلّلون األوائل حازمين جدّا بهذا الخصوص‪ ،‬غير ّ‬


‫أن هذه القاعدة تسعى إلى التّوافق والتكيّف باعتبار‬
‫تخص الشخص‬
‫ّ‬ ‫أنّها ال تتض ّمن ّإال المقاومات النّاتجة عن التّعبير المفاجئ عن العواطف المكبوتة التي‬
‫الخاضع للتّحليل النّفسي )»‪.(les résistances par «acting out‬‬

‫تصرفات دفاعية قد يندم عليها‪.‬‬


‫ّ‬ ‫تجر التقلّبات ال ّنزوية النّاتجة عن العالج ال ّ‬
‫شخص الخاضع للعالج إلى‬ ‫قد ّ‬

‫سسة للبنية النّفسية‪ .‬تسمح هذه‬


‫المحرم والقتل)‪ ،‬القاعدة األساسية المؤ ّ‬
‫ّ‬ ‫يكرر االمتناع إذا (أي منع ارتكاب‬
‫ّ‬
‫صة العالجية وذلك بكبح المرور إلى الفعل )‪ (le passage à l’acte‬أي اإلشباع‬
‫القاعدة بال ّسير العملي للح ّ‬
‫تطور العالج‪.‬‬ ‫النّزوي الفعلي الذي يجعل ال ّ‬
‫سير العملي مستحيال‪ ،‬ويثبّط ّ‬

‫‪6‬‬
‫‪ .5.3‬الدّوام أو البقاء‪(la pérennité) :‬‬

‫شخص الخاضع للتّحليل‪ ،‬شيء من الثّبات‬


‫ويقصد به المحافظة على ثبات اإلطار‪ .‬يتعلّق األمر بتقديم لل ّ‬
‫االستقرار واالستمرارية على مستوى المكان واالستقبال على حدّ سواء‪ ،‬وهو شرط التّحالف العالجي الذي‬
‫يقام في إطار األمن والحريّة‪.‬‬

‫يعتبر األمن ضروريّا للعمل التّحليلي‪ ،‬إذ يوافق األمن الدّاخلي األساسي الذي يسمح بنمو نفسي سعيد‬
‫وموفّق‪.‬‬

‫‪ -‬تشترط إمكانيّة العالج استقرارا لإلطار العالجي‪.‬‬

‫‪ .6.3‬قاعدة االنتباه العائم أو المرخي‪(l’attention flottante) :‬‬

‫الحر تخص الشخص الخاضع للعالج‪ّ ،‬‬


‫فإن تلك المرتبطة باالنتباه العائم تعود إلى‬ ‫ّ‬ ‫إذا كانت قاعدة التّداعي‬
‫المحلّل النّفسي‪.‬‬

‫تتمثّل هذه القاعدة في عدم توجيه االنتباه نحو كلمة أو جملة من خطاب المريض‪ ،‬إذ ك ّل ما يقوله يجب أن‬
‫يدرك بنفس االهتمام‪ ،‬أو يستوجب نفس االهتمام‪.‬‬

‫‪ -‬ال يأخذ خطاب المريض أهميّة إالّ أثناء سير الح ّ‬


‫صة العالجية‪.‬‬

‫‪.4‬اإلطار المكاني‪ّ -‬‬


‫الزمني والوضعية العالجية‪:‬‬

‫بعيدا عن القواعد سابقة الذّكر‪ ،‬يحدّد المحلّل النّفسي اإلطار ّ‬


‫الزمني‪ ،‬المكاني وكذا المدفوعات‬
‫)‪ (les payements‬ويعرضهم على ال ّ‬
‫شخص الذي سيخضع إلى العالج‪ ،‬ويناقشهم معه قبل بداية العالج‬
‫)‪.(début de la cure analytique‬‬

‫‪ .1.4‬المكان والمدّة‪:‬‬

‫يعتبر مكان ومدّة الحصص متغيّران ثابتان‪ .‬أ ّما عن الحصص‪ ،‬فتتراوح بين ‪ 3‬و‪ 4‬حصص في األسبوع وقد‬
‫ترتفع إلى ‪ 5‬في األسبوع وذلك حسب المدارس‪ ،‬وحسب االتّفاقات التي ت ّمت بين المحلّل النّفسي والمحلَّل‬
‫خالل الحصص األولى‪ ،‬وحسب إمكاناته الماديّة‪ ،‬ويتو ّجب عليه دفع ثمن الحصص التي يتغيّب عنها التي‬
‫تدوم بين ‪ 45‬إلى ‪ 50‬دقيقة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫أ ّكد فرويد على ضرورة تعيين ساعة محدّدة لكل مريض‪ ،‬وذلك ما كان يفعله مع ك ّل مرضاه‪ .‬أ ّما بالنّسبة‬
‫صة عندما يرتئي ذلك‪.‬‬ ‫لتابعي ‪ ،Lacan‬فيمكن للمح ّلل النّفسي أن يقاطع أ ّ‬
‫يح ّ‬

‫كانت هذه الوضعية والتزال موضوع نقاشات ومناظرات عنيفة بين المحلّلين النّفسانيين‪.‬‬

‫وأ ّما عن المكان‪ ،‬فتتم الحصص بطبيعة الحال في عيادة المحلّل النّفسي‪.‬‬

‫‪ .2.4‬األتعاب‪:‬‬

‫سيولة (المال‬
‫يجب أن يكون الد ّفع نقدا وذلك ألغراض رمزية وعالجية‪ .‬يرتبط المظهر الملموس أو المادّي لل ّ‬
‫النّقدي) بشكل وثيق بالدّواعي أو باألسباب الالّشعورية التي يسعى العالج إلى جعلها شعورية من أجل‬
‫إرصانها‪( .‬التّفسير التّحليلي للدّفع)‬

‫صة األخيرة من‬ ‫وحسب العادات‪ ،‬أو وجهات نظر المحلّلين النّفسانيين‪ ،‬فإ ّما أن يدفع ثمن الح ّ‬
‫صة خالل الح ّ‬
‫شهر‪ ،‬وإ ّما‪ ،‬وهذا ضروري بالنّسبة لتابعي "الكان" )‪ ،(les lacaniens‬على الفور انطالقا من فكرة ّ‬
‫أن‬ ‫ال ّ‬
‫صة أو في عدم العودة‪.‬‬ ‫الشخص الخاضع للتّحليل ّ‬
‫حر في المجيء إلى الح ّ‬

‫أ ّما فرويد‪ ،‬فكان يرى أنّه من الواجب الرفع من ثمن الحصة وبقدر كاف يجعل المريض يمنح قيمة شخصية‬
‫لعالجه‪.‬‬

‫تحدّد األتعاب وفق الحاالت (حالة بحالة) وبشكل يتناسب وإمكانيّات المريض‪.‬‬

‫‪ .3.4‬الوضعية العالجية (راجع صفحة ‪)4‬‬

‫‪ .4.4‬إطار العمل أو العقد العالجي‪:‬‬

‫يتكفّل المحلّل ال ّنفسي إذا بإعداد وتنظيم إطار عمل‪ ،‬ويسهر على أن يحترمه ال ّ‬
‫شخص الذي سيخضع للعالج‬
‫النّفسي حيث يطلب منه أن‪:‬‬

‫‪ ‬يحترم نَظم (ريتم‪ )rythme ،‬الحصص المترقّبة في األسبوع‪،‬‬


‫‪ ‬يدفع ثمن الحصص المتغيّب عنها وذلك مهما كان ال ّ‬
‫سبب‪،‬‬
‫‪ّ ‬أال يأخذ المريض إجازة دون أن يحدّث بها معالجه ّأوال‪،‬‬
‫‪ ‬أالّ يأخذ قرارات كبرى‪ :‬زواج‪ ،‬طالق‪ ،‬ترك العمل أو االستقالة منه وغيرها‪ ،‬دون أن يتحدّث عنها‬
‫ّأوال أثناء التّحليل‪.‬‬

‫يحتاج اإلطار والعقد العالجي في بداية التّحليل إلى صرامة في التّطبيق‪ ،‬إذ يوافقان البنية النّفسية لل ّ‬
‫شخص‬
‫الخاضع للتّحليل النّفسي‪ .‬من أجل ذلك‪ ،‬يأخذ التّحليل النّفسي )‪ (l’analyse‬وقتا طويال جدّا لل ّ‬
‫شروع فيه‬
‫‪8‬‬
‫ي تغيير في المواعيد قد يثير استجابات قويّة لدى المريض ومنها على سبيل المثال‬ ‫بشكل حقيقي‪ ،‬كما ّ‬
‫أن أ ّ‬
‫كما شرحته نظريّة التّحليل ال ّنفسي‪:‬‬

‫صة كتأ ّخر في الدّخول إلى الحياة عند الوالدة‬


‫‪ -‬غالبا ما يعاش التأ ّخر في بداية الح ّ‬
‫)‪(un retard dans l’entrée de la vie à la naissance‬‬
‫‪ -‬قد يرمز نقل وقت حصة عالجية إلى وقت آخر‪ ،‬إلى نقل )‪ (un déplacement‬لإلطار وللوظيفة‬
‫األبوية‪.‬‬
‫صة إضافية إشباعا نرجسيا أموميّا‪ ،‬عالمة لحب أمومي‪.‬‬
‫‪ -‬قد تعادل ح ّ‬

‫‪.5‬المحلّل والمح ِّلّل‪(Analysant et analyste) :‬‬

‫يس ّمى المريض أحيانا ب "المحلَّل )‪ ،(analysant‬والمعالج ب "المح ِّلّل")‪ .(analyste‬يعتبر جاك الكان‬
‫)‪ (Jacques Lacan‬من أدرج تلك التّسمية على المريض ليشير إلى دوره المركزي والنّشط في العالج‬
‫الحر‪ .‬أ ّما المحلّل النّفسي‪ ،‬فيستمع إلى ذلك الكالم‬
‫ّ‬ ‫يتوجب عليه الكالم بخضوعه إلى قاعدة التّداعي‬
‫ّ‬ ‫حيث‬
‫المو ّجه إليه والذي يمكن له تفسيره من خالل إعطاء معنى لألعراض انطالقا من نظريات التّحليل ال ّنفسي‬
‫لألحالم ولألفعال النّاقصة)‪ (actes manqués‬التي يرويها المريض خالل ك ّل حصة عالجية‪.‬‬

‫أن المحلّلين النّفسانيين التّابعين ل "الكان" ال يف ّ‬


‫سرون خطاب المريض‪ ،‬بل يشيرون إلى ما يبدو ها ّما‬ ‫غير ّ‬
‫يء الفهم في أقوال المريض‪ .‬تهدف هذه ّ‬
‫الطريقة إلى إظهار ما يمكن أن تشير إليه من الالّوعي‪.‬‬ ‫مبهما وس ّ‬

‫‪9‬‬

You might also like