You are on page 1of 6

‫تمهيد‪:‬‬

‫يشكل التمويل اإلسالمي العمود الفقري للمصرفية اإلسالمية‪ ،‬وتطبيقا أساسيا لالقتص اد اإلس المي؛ إال‬
‫أن ماهية التموي ل اإلس المي المج اني اإلل زامي‪ ،‬وخصائص ه لم تتض ح أبع اده بع د ‪ ،‬في ظ ل تن ازع‬
‫المصرفية اإلسالمية أكثر من مدرسة واتجاه علمي وتط بيقي‪ ،‬مم ا أنتج اض طرابا‪ ،‬وغموض ا اس تلزم‬
‫القيام بهذا البحث سبيال لتحديد ماهية التمويل اإلسالمي المجاني األسالمي‪ ،‬والتعرف على خصائصه‪،‬‬
‫ونظًر ا لتخصص هذه الدراسة في مجال التمويل اإلسالمي‪ ،‬فقد ك ان من الض روري التأكي د على أح د‬
‫المعايير المميزة والمهمة والمتمثلة في احترام أحكام الشريعة اإلسالمية وقيمها‪ ،‬به دف تحقي ق أه داف‬
‫االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وذلك من أجل تحقيق الكفاءة االقتص ادية والعدال ة والمص داقية الش رعية‪ .‬ويمث ل‬
‫هذا المفهوم جوهر الدراسة للتمويل‪ ،‬ويتم تقديمه في بداية الدراسة لتوضيح األسس ال تي س تبنى عليه ا‬
‫المعلومات والتحليالت في الفقرات الالحقة‪.‬‬
‫بجانب التمويل اإلسالمي الذي يعتمد على نظام المشاركة في الربح والخسارة بأشكاله المتع ددة‪ ،‬هن اك‬
‫التمويل الربوي الذي يعتمد على دفع الفائدة‪.‬‬
‫يتمثل هذا التمويل الربوي في تقديم مبالغ مالية لوحدات العجز مقابل دف ع فائ دة‪ ،‬حيث ُيق دم المبل غ من‬
‫وحدات الفائض بمقابل فائدة‪ .‬وتعني الفائدة هنا المبلغ الذي ُيدفع أو ُيحسب كتكلفة الستخدام رأس المال‬
‫مع ضمان رد األصل لصاحبه في نهاية فترة االستخدام‪ .‬بمعنى آخر‪ ،‬تمثل الفائ دة تكلف ة االق تراض أو‬
‫المبلغ الذي ُيدفع كتأجير للنقود لفترة محددة‪.‬‬

‫التمويل اإلسالمي اإللزامي‪:‬‬


‫تقدم اإلسالم دوافع دنيوية وأخروية تشجيعًا للتمويل المجاني التطوعي واإللزامي على حد سواء‪ ،‬حيث‬
‫حث على الرحمة وصلة ال رحم وإطع ام الطع ام واالهتم ام باأليت ام وإك رام الج ار وغيره ا‪ .‬فالتموي ل‬
‫يشمل توفير المال نقدًيا أو عينًيا أو الفوائد للمس تفيد س واء ك ان شخًص ا أو مؤسس ة أو دول ة‪ ،‬بش روط‬
‫تضمن اس تعادة المبل غ أو تعويض ه بع د تحقي ق ربح للم انح‪ ،‬وذل ك وفق ًا ألحك ام الش ريعة اإلس المية‬
‫وقيمها‪ ،‬بهدف تحقيق أهداف االقتصاد اإلسالمي‪.‬‬
‫بيد أن آلية العمل وقواع دها ُتعت بر أح د أهم مح اور التمي يز بين أن واع التموي ل وأش كاله‪ ،‬حيث ُتمّي ز‬
‫التفاصيل العملية بينها وبين بقية العمليات المالية‪ُ .‬تولي جميع أطراف العالقة التمويلية اهتماًم ا خاًص ا‬
‫بهذه اآلليات نظًر ا اللتزاماتهم وحقوقهم في الصفقة‪.‬‬
‫وقد تطّو ر التمويل اإلسالمي بمفهومه الشامل ال ذي يش مل التموي ل بمعن اه االص طالحي والتمل ك م ع‬
‫ظهور اإلسالم‪ .‬اس تفاد النظ ام الم الي اإلس المي من بعض األس اليب التمويلي ة الموج ودة قب ل ظه ور‬
‫اإلسالم‪ ،‬سواء باالعتماد عليها كما هي‪ ،‬مثل إطع ام المس كين واس تقبال الض يف‪ ،‬أو بتع ديلها كم ا في‬
‫المشاركات والسلم والقروض‪ ،‬باإلضافة إلى التمويالت الجديدة مثل الصدقة والزكاة وغيرها‪.‬‬

‫ُينقسم التمويل اإلسالمي إلى ثالثة أقسام‪:‬‬


‫‪ .1‬التمويل المجاني‪ :‬ويتضمن تموياًل مجانًيا تطوعًيا وآخر إلزامًيا‪.‬‬
‫‪ .2‬التمويل التبرعي واالرتفاقي‪ :‬حيث يشمل التمويل عن طريق التبرع والمساهمة‪.‬‬
‫‪ .3‬التمويل االستثماري‪ :‬وهو التمويل الذي يهدف إلى تحقيق الربح‪.‬‬
‫ُيمّثل القسمان األول والثاني جوانًب ا غ ير ربحي ة من التموي ل‪ ،‬بينم ا يمث ل التموي ل االس تثماري جانًب ا‬
‫ربحًيا‪ .‬وُيعتبر تواجد الجانبين الغير ربحي والربحي أمًرا أساسًيا ألي نظام اقتص ادي اجتم اعي‪ ،‬حيث‬
‫ال يمكن تحقيق أٍي منهما بشكل كامل من دون اآلخر‪.‬‬
‫وفي س ياق ذل ك‪ ،‬ي أتي ه ذا البحث في محاول ة إلث راء واس تكمال م ا تم إنج ازه ح تى اآلن في مج ال‬
‫التمويل اإلسالمي المجاني اإللزامي‪ ،‬مع الترك يز على التطبيق ات المعاص رة والج وانب ذات الطبيع ة‬
‫المالية‪.‬‬
‫إن المفهوم االصطالحي للتمويل اإلسالمي هو أن يقوم الشخص بتقديم ش يء ذي قيم ة مالي ة لش خص‬
‫آخر على سبيل التبرع أو على سبيل المنفعة المتبادلة بين الطرفين من أجل اس تثماره بقص د الحص ول‬
‫على أرباح تقسم بينهما على نسبة يتم االتفاق عليها مسبقًا وفق طبيعة عمل كل منهم ا وم دى مس اهمته‬
‫في رأس المال واتخاذ الق رار اإلداري واالس تثماري"‪ ،‬أو حص ول المم ول على ه امش ربحي مح دد‬
‫مسبقا‪.‬‬
‫أو بعبارة أخرى هو تقديم ثروة عينية كانت أم نقدية من أصحاب الف ائض الم الي إلى أص حاب العج ز‬
‫المالي يديرونها ويتصرفون فيها لقاء عائد تبيحه األحكام الشرعية‪.‬‬
‫و بالتالي فإن التمويل اإلسالمي يستند إلى قاعدة فقهية تتمثل في الربح المستحق بالملك أو بالعم ل‪ ،‬أي‬
‫هو تمويل يعتمد على الملك أساسًا للربح ‪ ،‬وهو يقوم على عدم وج ود الفائ دة الربوي ة‪ ،‬ونج د أن ص يغ‬
‫التمويل اإلسالمي تتميز حسب درجة السلطة ال تي يتمت ع به ا المتم ول والحق وق والواجب ات المترتب ة‬
‫عليه‪ ،‬فتوجد صيغ تكون فيها سلطة القرار لصاحب العمل وحده دون تدخل صاحب المال وتوجد صيغ‬
‫أخرى تكون فيها سلطة القرار مشتركة بين صاحب المال والعامل‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الزكاة‬

‫التعريف‪ :‬اسم لما يخرجه اإلنسان من حق هللا تعالى إلى الفقراء دليل الوج وب‪ :‬ق ال تع الى‪َ﴿ :‬و ُخ ْذ‬
‫ِم ْن َأْم َو اِلِهْم َص َد َقًة ُتَطِّهُر ُهْم َو ُتَز ِّك يِهْم ِبَها﴾ [التوبة‪]103 :‬‬

‫األهمية‪ :‬أحد اركان االسالم الخمسة وقرنت بالص الة في اث نين وثم انين آي ة‪ ،‬وتع د الزك اة من أهم‬
‫موارد الدولة في إدارة سياس تها المالي ة ألنه ا تف رض دائم ا على الق ادرين وليس ت تبرع ا موهوب ا‬
‫بمشيئة االنسان‬

‫الهدف‪ :‬تهدف الزكاة إلى إعادة توزيع الثروة مما يعني تقليل الفارق بين طبقات المجتمع‪.‬‬

‫الشروط‪:‬‬
‫أوال‪ :‬شروط المزكي‪ :‬اإلسالم ‪ -‬الحرية ‪ -‬البلوغ – العقل (عند جمه ور الفقه اء ال تش ترط بخالف‬
‫الحنفية)‬
‫ثانيا‪ :‬شروط المال المزكي‪ :‬فضوله عن الحاجة مض ي ع ام على امتالك ه ‪ -‬نم و الم ال ‪ -‬ذو قيم ة‬
‫شرعية)‬
‫أقسامها‪:‬‬
‫(زكاة النقد ‪ -‬الحلي ‪ -‬الثمار ‪ -‬بهيمة األنعام ‪ -‬عروض التجارة ‪ -‬الركاز)‬
‫المستحقون‪:‬‬
‫ِلْلُفَق َر اِء َو اْلَم َس اِكيِن َو اْلَع اِمِليَن َع َلْيَه ا َو اْلُم َؤ َّلَف ِة ُقُل وُبُهْم َو ِفي الِّر َق اِب‬ ‫قول ه تع الى‪ِ﴿ :‬إَّنَم ا الَّص َد َقاُت‬
‫الَّس ِبيِل َفِر يَض ًة ِم َن ِهَّللا َو ُهَّللا َع ِليٌم َحِكيٌم (‪ :60‬التوبة)‬ ‫َو اْلَغاِر ِم يَن َوِفي َس ِبيِل ِهَّللا َو اْبِن‬
‫المستثنون‪:‬‬
‫ال تعطى الزكاة آلل ال بيت عليهم الس الم‪ ،‬كم ا ال يج وز إعط اء الزك اة لمن يجب في حقهم النفق ة‬
‫بشكل عام‪.‬‬

‫هناك عالقة بين الزكاة والتنمية اإلنسانية من مختلف الجوانب النفسية واالجتماعية واالقتصادية‬

‫أوًال‪ ،‬تساهم الزكاة في تحقيق التنمية المتوازنة للنفس اإلنسانية في مجتمع الزك اة‪ ،‬س واء ك انوا دافعين‬
‫للزكاة أو متلقين لها‪ ،‬من خالل تطهير النفوس من البخل والطمع والحسد‪ ،‬وزرع قيم الخير والفضيلة‪.‬‬

‫ثانيًا‪ ،‬تعتبر الزكاة مؤسسة التكافل االجتماعي األساسية في البيئة اإلس المية‪ ،‬حيث يس اهم األثري اء في‬
‫تقليل الفقر وتحقيق التوزيع العادل للدخل‪ ،‬وضمان مستوى كاٍف من الرعاية لجميع أفراد المجتمع‪.‬‬

‫ثالثًا‪ُ ،‬تسهم الزكاة في تحقيق التنمية االقتصادية في البيئة اإلسالمية‪ ،‬من خالل مكافحة التكتل ال ثروات‬
‫وتش جيع اإلنف اق‪ ،‬خاص ة اإلنف اق االس تثماري‪ ،‬وتحف يز ت دوير رأس الم ال من خالل جباي ة الزك اة‬
‫وإنفاقها بطريقة تعزز التماسك والتكامل االجتماعي وتعزز االستقرار االقتصادي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬زكاة الفطر‬

‫ال خالف بين أه ل العلم أن ص دقة الفط ر أو زك اة الفط ر تختل ف عن الزك اة‪ ،‬وهي واجب ة على‬
‫المسلمين بعد صوم شهر رمض ان وهي واجب ة على ك ل مس لم ق ادر عليه ا‪ ،‬وأض يفت الزك اة إلى‬
‫الفطر ألنها سبب وجوبها‪ .‬وتمتاز عن الزك وات األخ رى بأنه ا مفروض ة على األش خاص ال على‬
‫األموال‪ .‬بمعنى أنها فرضت لتطهير نفوس الصائمين وليس لتطه ير األم وال كم ا في زك اة الم ال‪.‬‬
‫واألدلة على وجوب زكاة الفطر كثيرة منها ما روي َع ْن اْبِن َعَّباٍس (رضي هللا عنه) َق اَل ‪َ" :‬ف َر َض‬
‫َر ُسوُل ِهَّللا َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َس َّلَم َز َكاَة اْلِفْطِر ُطْهَر ًة ِللَّصاِئِم ِم ْن الَّلْغ ِو َو ال َّر َفِث َو ُطْع َم ًة ِلْلَم َس اِكيِن َم ْن‬
‫َأَّد اَها َقْبَل الَّصالِة َفِهَي َز َك اٌة َم ْقُبوَلٌة ومناداها َبْع َد الَّصالِة َفِهَي َص َد َقٌة ِم ْن الَّص َد َقات “‪ .‬وعن ابن عمر‬
‫رضي هللا عنه أن رسول هللا (صلى هللا عليه السالم) فرض زكاة الفطر من رمضان على ك ل نفس‬
‫من المسلمين حر أو عبد‪ ،‬أو رجل‪ ،‬أو امرأة‪ ،‬صغير‪ ،‬أو كبير صاعا من تمر أو صاعا من ش عير‪،‬‬
‫ونقل ابن المنذر إجماع أهل العلم على وجوب زكاة الفطر بقوله‪( :‬أجمع كل من نحفظ عنه من أه ل‬
‫العلم على أن زكاة الفطر ف رض)‪ .‬وفي ض وء ه ذه األدل ة فق د ت وارث المس لمون العم ل بوجوبه ا‬
‫واالهتمام بفرضيتها منذ عصر النبي صلى هللا عليه وسلم وإلى يومنا هذا‪ .‬والواجب في زكاة الفطر‬
‫صاع من أرز أو قمح أو شعير ونحو ذل ك مم ا يعت بر قوت ا يتق وت ب ه‪ .‬والص اع مكي ال يتس ع لم ا‬
‫مقداره (‪ )2.5‬كيلو جرام من األرز‪ .‬ويختلف الوزن بالنسبة لغير األرزمن األقوات‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬المعادن والكنوز والركاز‬

‫المعدن ‪-‬لغة‪ -‬من العدن وهو اإلقامة‪ ،‬يقال‪ :‬عدن بالمكان إذا أقام به‪ ،‬ومنه جنات عدن‪ ،‬ومركز ك ل‬
‫شيء معدنه‪ ،‬أما اصطالحا فالمعادن هي المواضع ال تي تس تخرج منه ا ج واهر األرض‪ ،‬كال ذهب‬
‫والفضة والنحاس والحديد وغير ذلك‪ ،‬واحدها معدن أو هو كل ما خرج من األرض مما يخلق فيه ا‬
‫من غيرها مما له قيمة‪.‬‬

‫وفي تحليل مفردات التعريف نلحظ‪:‬‬

‫ما خرج من األرض احترازا مما خرج من البحر‪.‬‬ ‫‪.1‬‬


‫مما ُيخلق فيها احتراًز ا من الكنز الذي يوضع فيها بفعل البشر ال بخلق هللا‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫(من غيرها) احتراًز ا من الطين والتراب ألنه من األرض‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫(مما له قيمة) ليمكن أن يكون ماال تتعلق به الحقوق‬ ‫‪.4‬‬
‫والكنز المثبت فيها من األموال بفعل اإلنسان‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫والركاز‪ :‬يعمهما يعني المع دن والك نز ألن ه من الرك ز م رادا ب ه المرك وز‪ ،‬أعم من ك ون‬ ‫‪.6‬‬
‫راكزه الخالق أو المخلوق‬

‫وقد أوجب الجمهور في الركاز الخمس لسهولة استخراجه وقلة تكاليفه خالف ا وأوجب وا في المع دن‬
‫ربع العشر‪ ،‬نظرا لكثرة ما ينفق على استخراجه وتصفيته من تكاليف‪ .‬أما م ا وج دت علي ه عالم ة‬
‫أهل اإلسالم أو في المباني اإلسالمية‪ ،‬أو في طرق المسلمين المستعملة في حركتهم وتنقالتهم‪ ،‬فإن ه‬
‫ليس بكنز جاهلي وال يعطى حكم الركاز بل هو لقطة يجب أن ُتعَّرف سنة إن ك انت قيمت ه معت برة‪،‬‬
‫وإال فهو لواجده‪ ،‬وقد میز رسول هللا (صلى هللا عليه وسلم بين هذين الن وعين بقول ه‪" :‬م ا ك ان في‬
‫طريق مأتى أو في قرية عامرة فعرفها س نة ف إن ج اء ص احبها‪ ،‬وإال فل ك‪ ،‬وم ا لم يكن في طري ق‬
‫مأتي وال في قرية عامرة‪ ،‬ففيه وفي الركاز الخمس"‬

‫وهذا القدر الواجب إخراجه يجب على واجده أيا كان معتقده أو حاله‪ ،‬أي سواء كان مسلما أو ذمي ا‪،‬‬
‫كان صغيرا أم كبيرا‪ ،‬عاقال أو مجنون ا‪ .‬وه ذا ق ول جمه ور الفقه اء لعم وم الح ديث (وفي الرك از‬
‫الخمس)‪ ،‬على أن ما يخرج من القدر الواجب في المعدن والركاز ال يشترط فيه م رور الح ول ب ل‬
‫يخرج كل منهما بمج رد العث ور عليهم ا‪ ،‬وإمكاني ة االنتف اع بهم ا‪ .‬وم ا بقي من الرك از بع د الق در‬
‫الواجب فهو لواجده من مسلم‪ ،‬أو ذمي‪ ،‬أو غيرهما‪ ،‬شأنه ش أن الغنيم ة‪ ،‬بخالف المع دن‪ ،‬فإن ه بع د‬
‫إخراج زكاته يكون لصاحب األرض التي وجد فيها‪ ،‬إذ ه و ج زء منه ا عن د جمه ور الفقه اء‪ .‬وإن‬
‫كان بعض العلماء يرى أنها ملك الدولة التي ملكت األرض التي وجد بها المع دن أو الرك از لبعض‬
‫األفراد أو الهيئات‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬األنفال والغنائم والفيء‬

‫الغنيمة‬

‫الغنائم في اللغة‪َ :‬غ ِنْم ُت الشيء َأْغ َنُم ُه ُغْنًم ا أصبته َغ ِنيَم ًة وَم ْغ َنًم ا والجمع الَغَناِئِم ‪.‬‬
‫وفي الشرع‪:‬‬

‫هي اسم لما يؤخذ من الكفار على وجه القهر والغلبة‬ ‫‪‬‬
‫ما أخذ من الكفار بالقتال وإيجاف الخيل والركاب واإليجاف هو‪ :‬اإلعمال‪ ،‬وقيل اإلسراع‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ما أخذ منهم قهرا بالقتال واشتقاقها من الغنم‪ ،‬وهو الفائدة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وقد بين هللا (عز وجل) في سورة األنفال كيفية تقسيم الغنائم بقوله تع الى‪َ﴿ :‬و اْع َلُم وا َأَّنَم ا َغ ِنْم ُتْم ِم ْن‬
‫َش ْي ٍء َفَأَّن ِهَّلِل ُخ ُمَس ُه َو ِللَّرُسوِل َو ِلِذ ي اْلُقْر َبى َو اْلَيَتاَم ى َو اْلَم َس اِكيِن َو اْبِن الَّس ِبيِل ِإْن ُكْنُتْم آَم ْنُتْم ِباِهَّلل َو َم ا‬
‫َأْنَز ْلَنا َع َلى َع ْبِد َنا َيْو َم اْلُفْر َقاِن َيْو َم اْلَتَقى اْلَجْمَع اِن َو ُهَّللا َع َلى ُك ِّل َش ْي ٍء َقِد يٌر ﴾ [األنفال‪]41 :‬‬

‫كيفية تقسيم الغنيمة‪:‬‬

‫فيما يلي كيفية توزيع النسب في الغنيمة‬

‫الفيء‪:‬‬

‫الفيء لغة من فيأ والَفْي ء ما كان شمسا َفَنَس َخ ه الُّظُّل والجمع َأْفياء وُفُيوٌء وفاَء الَفْي ُء َفْيَنا َتَح َّو َل وَتَفَّيا‬
‫ِفيِه َتَظَّلل وإنما سمي الظل فيئا لُر جوعه من جانب إلى جانب وفاَء َر َج ع وفاء إلى اَألْم ِر َيِفيُء وفاَءُه‬
‫َفْيَنا وُفُيوءا َر َج ع إليه وَأفاَءُه غيُره َرَج عه ويقال ِفْئُت إلى األم ر َفْين ا ِإذا َر َج ْعَت إلي ه النظ ر‪ .‬والفيء‬
‫في االص طالح م ا ورده هللا تع الى على أه ل دين ه من أم وال من خ الفهم في ال دين بال قت ال‪ ،‬إم ا‬
‫بالجالء أو بالمصالحة‪ ،‬على جزية أو غيرها‪ .‬والغنيمة أخص منه‪ ،‬والنفل أخص منهما‪.‬‬

‫هو اسم لما لم يوجف عليه المسلمون بخيل‪ ،‬وال ركاب‪ ،‬نحو األموال المبعوثة بالرسالة إلى‬ ‫‪‬‬
‫إمام المسلمين‪ ،‬واألم وال الم أخوذة على موادع ة أه ل الح رب‪ ،‬وال خمس في ه‪ ،‬ألن ه ليس‬
‫بغنيمة إذ هي للمأخوذ من الكفرة على سبيل القهر والغلبة‪.‬‬
‫الفيء كل ما أخذ من كافر على الوجوه كلها بغير إيجاف خيل وال ركاب وال قتال ‪ 3‬كل ما‬ ‫‪‬‬
‫أخذ من الكفار من غير قتال‪.‬‬
‫هو الراجع إلى المسلمين من مال الكفار بغير قتال‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الفرق بين الغنيمة والفيء‪:‬‬

‫الفرق بين الغنيمة والفيء هو أن الغنيمة ما غنمه المسلمون واستولوا عليه من أم وال الع دو ومع داتهم‬
‫بالقوة والقتال‪ .‬فهذا يقسم كما سبق اإلش ارة إلي ه بين المق اتلين بع د خص م خمس ه وجعل ه في بيت م ال‬
‫المسلمين لصرفه في المصالح العامة‪.‬‬

‫وأما الفيء فهو ما حصل عليه المسلمون من أموال بدون قتال‪ .‬وه ذا مرجع ه إلى بيت الم ال واجته اد‬
‫ولي أمر المسلمين‪ .‬قال هللا تعالى‪َ﴿ :‬م ا َأَفاَء ُهللا َع َلى َر ُسوِلِه ِم ْن َأْهِل اْلُقَر ى َفِلَّلِه َو ِللَّرُسوِل َو ِلِذ ي اْلُق ْر َبى‬
‫َو اْلَيَتاَم ى َو اْلَم َس اِكيِن َو اْبِن الَّس ِبيِل َك ْي اَل َيُك وَن ُدوَلًة َبْيَن اَأْلْغ ِنَياِء ِم ْنُك ْم ﴾ [الحشر‪]7 :‬‬
‫مشروعية الفيء‪ ،‬سبب تسميته وتقسيمه‪:‬‬

‫همت يهود بني النضير بالغدر برسول هللا (صلى هللا عليه وسلم) في الس نة الرابع ة للهج رة ف أخرجهم‬
‫رسول هللا (صلى هللا علي ه وس لم) من المدين ة بس بب نقض هم العه د‪ ،‬وك ان الرس ول (ص لى هللا علي ه‬
‫وسلم) يزرع تحت النخل في أرضهم‪ ،‬فيدخر من ذلك قوت أهله وأزواج ه س نة‪ ،‬وم ا فض ل جعل ه في‬
‫الكراع والسالح أي جعله في خيل الجهاد‪ .‬قال عم ر بن الخط اب رض ي هللا عن ه‪( :‬ك انت أم وال ب ني‬
‫النضير مما أفاء هللا على رسوله مما لم ُيوجف عليه بخيل وال ركاب وكانت لرسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم) خالصا يعزل نفقة أهله سنة‪ ،‬ثم يجعل ما بقي في الكراع والسالح عدًة في سبيل هللا)‪.‬‬
‫إن الفيء هو ما أخذ من الكفار بغير قتال‪ ،‬ألن إيجاف الخيل والرك اب ه و مع نى القت ال‪ .‬وس مي فيئ ا‬
‫ألن هللا أفاءه على المس لمين‪ ،‬أي رده عليهم من الكف ار‪ ،‬ف إن األص ل أن هللا تع الى إنم ا خل ق األم وال‬
‫إعانة على عبادت ه‪ ،‬ألن ه إنم ا خل ق الخل ق لعبادت ه‪ ،‬فالك افرون ب ه أب اح أنفس هم ال تي لم يعب دوه به ا‪،‬‬
‫وأموالهم التي لم يستعينوا بها على عبادته‪ ،‬لعباده المؤمنين الذين يعبدونه‪ ،‬وأفاء إليهم ما يستحقونه‪.‬‬
‫فرق الجمهور بين خمس الغنيمة وبين الفيء‪ ،‬فقالوا‪ :‬الخمس موض وع فيم ا عين ه هللا في ه من أص ناف‬
‫المسلمين في آية الخمس من سورة األنفال ال يتعدى به إلى غيرهم‪ ،‬وأما الفيء فهو الذي يرج ع النظ ر‬
‫في مصرفه إلى رأي اإلمام بحسب المصلحة‪.‬‬

You might also like