You are on page 1of 17

‫العقيدة والتصوف‬

‫‪UTD1022‬‬
‫الدرس الثاني عشر (‪:)12‬‬
‫الصفات المحمودة التي‬
‫يجب اكتسابها‬
‫‪2‬‬
‫الصفات المحمودة التي يجب اكتسابها‬
‫وهلا أيضا عشرة أصول كما شرحها اإلمام الغزايل‪ ،‬وهي التوبة‪ ،‬واخلوف‪،‬‬
‫والزهد‪ ،‬والصرب‪ ،‬والشكر‪ ،‬واإلخالص‪ ،‬والتوكل‪ ،‬واحملبة‪ ،‬والرضاء بالقضاء‪،‬‬
‫وذكر املوت‪ .‬وسنتناول بعضا منها فقط يف هذا الدرس اجتنابا من اإلطناب‬
‫يف البحث‪.‬‬
‫األصل األول ‪ -‬التوبة‬
‫فإهنا مبدأ طريق السالكني ومفتاح سعادة املريدين‪ .‬قال اهلل تعاىل ( إن اهلل‬
‫حيب التوابني وحيب املتطهرين ) البقرة ‪222 :‬‬
‫‪3‬‬

‫حقيقة التوبة – الرجوع إىل اهلل عن طريق الُبعد إىل طريق القرب‪.‬‬
‫أن التوبة واجبة على كل أحد‪ ،‬ويف كل حال‪ ،‬ألن اإلنسان ال خيلو‬
‫يف مجيع أحواله عن ذنب يف جوارحه أو يف قلبه‪ ،‬وال خيلو عن ُخ لق‬
‫من األخالق الذميمة مما جتب تزكية القلب عنه‪ .‬فإن خال عن مجيع‬
‫ذلك‪..‬فال خيلو عن غفلة عن اهلل تعاىل‪ ،‬وذلك أيضا طريق البعد‪،‬‬
‫ويلزمه الرجوع عنه بالذكر‪ ،‬ولذلك قال اهلل تعاىل ( واذكر ربك إذا‬
‫نسيت ) الكهف ‪24 :‬‬
‫األصل الثاين – اخلوف‬
‫‪4‬‬

‫وهو تأمُّل القلب واحتقاره بسبب توّقع مكروه يف االستقبال‪.‬‬


‫وقد يكون ذلك اخلوف من جريان ذنوب‪ ،‬وقد يكون اخلوف‬
‫من اهلل مبعرفة صفاته اليت توجب اخلوف‪ ،‬ألن من عرف اهلل‬
‫خافه بالضرورة‪ .‬ولذا قال تعاىل ( إمنا خيشى اهلل من عباده‬
‫العلماء ) فاطر ‪28 :‬‬
‫‪5‬‬

‫‪-‬كيفية حتصيل اخلوف – وذلك بطريقني ‪:‬‬


‫‪.1‬معرفة اهلل تعاىل(بالتعلم عن صفات اهلل يف علم‬
‫العقيدة ) فإهنا توجب اخلوف بالضرورة‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫‪ . 2‬من عجز عن املعرفة فعالجه النظر إىل اخلائفني ومشاهدة‬


‫أحواهلم ‪..‬فيقّلدهم‪ .‬مثله كمثل الصيب الذي ال خياف من احلّية (الثعبان) ألنه‬
‫ال يعرف صفة احلّية‪ ،‬لكنه يستشعر اخلوف لرؤيته إىل حال أبيه اخلائف ملا‬
‫رأى احلّية أمامه‪.‬‬
‫‪7‬‬ ‫‪-‬واخلوف ال يتفرد به العبد بل ينبغي أن ميزج الرجاء به‪.‬‬
‫فينبغي أن يغلب اخلوُف الرجاَء ما دام العبد مقارفا للذنوب‪.‬‬
‫‪ -‬فأما املطيع فينبغي أن يعتدل خوفه ورجاؤه‪.‬‬
‫‪-‬وأما إذا قرب املوت فالرجاء وحسن الظن باهلل ينبغي أن يغلبا‬
‫عليه لقوله ﷺ ( ال ميوتّن أحدكم إال وهو حُي سن الظن‬
‫بربه ) رواه مسلم‪.‬‬
‫‪8‬‬ ‫األصل الثالث – الزهد‬
‫للزهد يف الدنيا حقيقة‪ ،‬وأصل‪ ،‬ومثرة‪.‬‬
‫أما حقيقته – فهو عزوف النفس عن الدنيا‪ ،‬وانزواؤها عنها‬
‫طوعًا مع القدرة عليها‪ .‬فالزهد إذن أن تنزوي عن الدنيا طوعا‬
‫مع القدرة عليها‪ .‬أما إن انزوْت الدنيا عنَك وأنَت راغب فيها‪،‬‬
‫فذلك فقر وليس بزهد‪.‬‬
‫‪9‬‬

‫وأصله – العلم والنور الذي يشرق يف القلب حىت ينشرح به الصدر‬


‫ويتضح به أن اآلخرة خري وأبقى‪.‬‬
‫ومثرته – القناعة من الدنيا بقدر الضرورة وهو قْد ر زاد الراكب‪.‬‬
‫والضروري من زاد الطريق ‪ :‬مسكن‪ ،‬وملبس‪ ،‬ومطعم‪ ،‬وأثاث‪.‬‬
‫‪.‬‬

‫درجات الزهد باعتبار الباعث عليه ‪:‬‬


‫‪.1‬اخلوف من النار‪ ،‬وهذا زهد اخلائفني‪.‬‬
‫‪ .2‬الرغبة يف نعيم اآلخرة‪ ،‬وهذا زهد الراجني‪ ،‬والعبادة على الرجاء أفضل‬
‫منها على اخلوف‪.‬‬
‫‪ .3‬وهي‪ -‬أعالها‪ -‬أن يكون الباعث عليه الرتّفع عن االلتفات إىل ما‬
‫سوى احلق‪ ،‬تنزيهًا للنفس عنه‪ ،‬واستحقارًا ملا سوى اهلل تعاىل‪ ،‬وهذا هو‬
‫زهد العارفني‪.‬‬
‫‪.‬‬

‫األصل الرابع – الصرب‬


‫مجع اهلل للصابرين الفضَل العظيم ما مل جيمعه لغريهم‪ ،‬مثال‬
‫قوله تعاىل ( أولئك عليهم صلوات من رهبم ورمحة وأولئك هم‬
‫املهتدون ) البقرة ‪ .157 :‬وقوله تعاىل ( إمنا يوىف الصابرون‬
‫أجرهم بغري حساب ) الزمر ‪.10 :‬‬
‫وقال النيب ﷺ ( الصرب نصف اإلميان ) ‪-‬يف فتح‬
‫الباري‪-‬‬
‫‪.‬‬

‫‪‬حقيقة الصرب – ثباُت باعِث الِّدين يف مقابلة‬


‫باعث اهلوى‪ .‬وهو من خاّص ية اآلدمي‪ ،‬فلم‬
‫ُيتصّور الصرب ملَلك وال هبيمة‪.‬‬
‫‪.‬‬

‫‪‬لإلنسان يف حياته بواعث مَلكية و بواعث هبيمية‪ .‬فالبواعث‬


‫املَلكية من حزب اهلل ومالئكته وهي بواعث الدين والعقل‪،‬‬
‫والبواعث البهيمية من جنود الشيطان وهي الشهوة ودواعيها‪.‬‬
‫‪ -‬وحيمل اإلنسان على النظر إىل العواقب‪ ،‬ويبتدئ بقتال‬
‫جند الشيطان‪ ،‬فإن ثبت باعث الدين يف مقابلة باعث اهلوى‬
‫حىت غلبه‪..‬فقد حصل مقام الصرب‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬أن احلاجة إىل الصرب عامة يف مجيع األحوال‪ ،‬ألن مجيع ما‬
‫‪.‬‬

‫يلقى العبد يف هذه احلياة ال خيلو من نوعني‪ :‬إما أن يوافق‬


‫هواه كالصحة والسالمة واملال‪...‬فما أحوجه إىل الصرب‬
‫معها‪ ،‬وطريق الصرب فيها بأاّل يرَك َن إليها‪...‬وأاّل ينهمك يف‬
‫الغفلة والتنّعم‪..‬‬
‫وإما أن خيالف اهلوى‪ ،‬وذلك كالصرب على الطاعات‪ ،‬وعلى‬
‫املعاصي‪ ،‬وعلى التأّذي من اآلخرين ‪ ،‬وعلى املصائب‪..‬‬
‫‪.‬‬

‫‪ ‬األصل اخلامس – الشكر‬


‫قال اهلل تعاىل ( وقليل من عبادي الشكور) سبأ ‪.13 :‬‬
‫‪ ‬حقيقة الشكر ‪ -‬أن الشكر من املقامات العالية‪ ،‬وهو أعلى من الصرب‬
‫واخلوف والزهد‪..‬ألهنا ليست مقصودة يف أنفسها‪ ،‬وإمنا تراد لغريها‪،‬‬
‫فالصرب‪-‬مثال‪ -‬يراد منه قهر اهلوى‪ ،‬والزهد هرب من العالئق الشاغلة عن‬
‫اهلل‪...‬وأما الشكر فمقصود يف نفسه‪ ،‬وذلك ال ينقطع يف اجلنة‪ ،‬وليس‬
‫فيها (أي يف اجلنة) توبة وال خوف وال صرب وال زهد‪ ،‬ولكن الشكر دائم‬
‫يف اجلنة‪ ،‬ولذلك قال اهلل تعاىل ( وأخر دعواهم أن احلمد هلل رب العاملني)‬
‫يونس ‪. 10 :‬‬
‫‪.‬‬

‫‪ ‬أركان الشكر ثالثة ‪:‬‬


‫‪.1‬العلم بالنعمة واملنِعم ‪ ،‬مع العلم بأن النعم كلها من اهلل تعاىل‪،‬‬
‫وهو املنفرد جبميعها‪ .‬وذكر "التحميد" له ثواب أعظم لقول‬
‫النيب ﷺ ( من قال سبحان اهلل‪ ،‬فله عشر حسنات‪،‬‬
‫ومن قال ال إله إال اهلل فله عشرون حسنة‪ ،‬ومن قال احلمد هلل‬
‫فله ثالثون حسنة) رواه أمحد يف املسند‪ .‬وهذا ألن التقديس‬
‫والتوحيد داخالن يف احلمد‪ ،‬واحلمد تقديس و توحيد وزيادة‪.‬‬
‫‪.‬‬

‫‪.2 ‬احلال املستثَم رة من املعرفة‪ ،‬وهي الفرح‬


‫باملنعم مع هيئة اخلضوع واإلجالل‪.‬‬
‫‪.3 ‬العمل‪ ،‬وذلك بأن يستعمل نعمه يف حماِّبه‬
‫ال يف معاصيه‪ ،‬مثال نعمة العني‪ ،‬فشكرها أن‬
‫يستعملها يف مطالعة كتاب اهلل‪..‬ومطالعة‬
‫السموات واألرض ليعترب هبما‪..‬‬

You might also like