You are on page 1of 30

‫العقيدة والتصوف‬

‫‪UTD1022‬‬
‫الدرس الحادي عشر (‪:)11‬‬
‫الصفات المذمومة التي يجب‬
‫تخليتها‬
‫‪2‬‬
‫الصفات المذمومة التي يجب تخليتها‬
‫قال رسول اهلل ﷺ ‪( :‬الطهور شطر اإلميان)‪.‬‬
‫أن كمال اإلميان بتزكية القلب عما ال حيبه اهلل وحتليته مبا حيبه اهلل تعاىل‪ .‬ويف‬
‫هذا الدرس نذكر الصفات املذمومة اليت جيب علينا ختليتها كما شرحها‬
‫اإلمام الغزايل يف كتابه األربعني يف أصول الدين‪ ،‬ويلي هذا الدرس بذكر‬
‫الصفات احملمودة اليت جيب علينا أن نتحلى هبا‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫الصفات املذمومة كثرية ولكنها ترجع إىل عشرة أصول ‪:‬‬


‫األصل األول ‪ :‬شره الطعام‬
‫أي اشتد الطلب للطعام وحرصه عليه‪ .‬وهو من أمهات الضرر يف‬
‫الدين ألن املعدة ينبوع الشهوات‪ ،‬إذ منها تتشعب شهوة الفرج‪ ،‬مث‬
‫إذا غلبت شهوة املأكول واملنكوح‪ ،‬انشعب منها شهوة وهي حب‬
‫املال‪ ..‬ويتشعب منها شهوة اجلاه إذ يعسر كسب املال دونه‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫مث عند حصول املال واجلاه وطلبهما تزدحم اآلفات كلها كالكرب‬
‫والرياء واحلسد واحلقد والعداوة وغريها‪ .‬ومنبع مجيع ذلك البطن‪.‬‬
‫فلهذا عّظم الرسول ﷺ أمر اجلوع فقال ( ما من عمل‬
‫أحّب إىل اهلل تعاىل من اجلوع والعطش)‬
‫‪5‬‬

‫‪-‬كيفية التقليل من الطعام‬


‫وذلك بالتدريج وهو أن ُينقص كل يوم من طعامه لقمةً ‬
‫حىت يُنقص رغيفا يف مقدار شهر‪ ،‬فال يظهر أثره ويصري‬
‫التقليل عادَته‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫األصل الثاين – شره الكالم‬


‫عّظم الرسول ﷺ أمر اللسان فقال ( من يتكفل يل مبا بني حلييه‬
‫ورجليه‪..‬أتكفل له باجلنة)‪.‬‬
‫املطلوب علينا أال نتكلم فيما ال يعنينا ‪ ،‬ونقتصر على املهم‪ ،‬ففيه النجاة‪.‬‬
‫يقول اإلمام الغزايل أن للسان عشرين آفة وجيملها يف آفة مخس وهي ‪:‬‬
‫‪7‬‬ ‫‪ -.1‬الكذب‬
‫‪ -.2‬والغيبة‬
‫‪ -.3‬واملماراة (جدال) ‪ .‬قال رسول اهلل ﷺ ( من ترك‬
‫ِحُم‬
‫ا راء وهو ّق بين له بيت يف أعلى اجلنة‪)...‬رواه أبو داود‬‫ِمل‬
‫والرتمذي‬
‫‪ -.4‬واملدح ‪ ،‬أي املبالغة يف مدح أخيه ألنه قد يذكره مبا ليس‬
‫‪8‬‬

‫‪ -5‬واملزاح‪ ،‬يعين اإلفراط فيه‪ ،‬ألنه يكثر الضحك ومييت القلب‬


‫ويورث الضغينة ويسقط املهابة‪ .‬قال رسول اهلل ﷺ‬
‫( إن الرجل ليتكلم بالكلمة ال يرى هبا بأسا يهوي هبا سبعني‬
‫خريفا يف النار ) رواه الرتمذي‪.‬‬
‫‪9‬‬

‫األصل الثالث – الغضب‬


‫أن الغضب شعلة نار ُاقتِبست من نار اهلل املوقدة اليت تطلع على‬
‫األفئدة‪ .‬ومن غلب عليه فقد نزع إىل عرق الشيطان‪ ،‬فإنه خملوق‬
‫من النار‪ .‬قال رسول اهلل ﷺ ( ليس الشديد بالُصَرعة‪ ،‬إمنا‬
‫الشديد الذي ميلك نفسه عند الغضب) رواه البخاري‬
‫‪.‬‬

‫آفة الغضب – فإنه حيمل يف الظاهر على الضرب والشتم وإطالة‬


‫اللسان‪ ،‬ويف الباطن على احلقد واحلسد وإضمار السوء والشماتة والعزم‬
‫على إفشاء السّر وغريها‪.‬‬
‫‪ ‬واجباتنا يف صفة الغضب أمران ‪:‬‬
‫‪- 1‬كسره بالرياضة‪ .‬وليس يعين بكسره إماطته فإنه ال يزول أصال‪..‬وإمنا‬
‫رياضته يف تأديبه حىت ينقاد للعقل والشرع‪ ،‬فيهيج بإشارة العقل والشرع‬
‫ويسكن بإشارهتما‪.‬‬
‫‪.‬‬

‫‪-2‬ضبط الغضب عند اهليجان بالكظم‪ ،‬ويعني‬


‫عليه علم و عمل‪.‬‬
‫أما العلم‪ ،‬فعليه أن يعلم ما فوائد صفة الصرب‪ ،‬وما‬
‫سوء عواقب إذا كان فيه الغضب‪ .‬وأما العمل فيقرأ‬
‫االستعاذة‪ ،‬فإن مل يسكن‪ ،‬جلس إن كان قائما‪،‬‬
‫ويضطجع إن كان قاعدا‪ .‬فاختالف احلال يؤثر يف‬
‫التسكني‪ .‬وإن مل يسكن فليتوضأ‪..‬‬
‫‪.‬‬

‫‪ ‬األصل الرابع – احلسد‬


‫معىن احلسد ‪ -‬وهو أن حتب زوال النعمة من غريك‪ ،‬أو حتب نزول‬
‫مصيبة به ‪.‬‬
‫وهو حرام ومذموم وحمبط للعمل‪ ،‬قال رسول اهلل ﷺ‬
‫( احلسد يأكل احلسنات كما تأكل النار احلطب )رواه أبو داود‪.‬‬
‫ولكن هناك شبه احلسد وهو صفة املنافسة‪ ،‬فهي ليست مبذمومة‬
‫بل مرغوب فيه وهي أن تغبطه و تشتهي لنفسك مثله‪ ،‬وال حتب‬
‫زواهلا منه‪.‬‬
‫‪.‬‬

‫سبب احلسد – الكرب أو العداوة أو خبث النفس‪.‬‬


‫عالجه – حيتاج إىل علم و عمل ‪ .‬أما العالج العلمي‬
‫فهو أن يعلم ‪:‬‬
‫‪-1‬أن حسده يضره وال يضر حمسوده ألنه (احلسد)‬
‫يبطل حسناته ويعّرضه لسخط اهلل‪.‬‬
‫‪-2‬أنه ال يزال يف غّم دائم‪ ،‬وذلك مراد عدوه منه‪.‬‬
‫‪-3‬أن حسده ينفع عدوه وال يضره ألن النعمة ال تزول‬
‫‪.‬‬

‫حبسده‪ ،‬بل أنه يضاعف حسناته إذ ُتنتقل حسنات احلاسد‬


‫إليه‪.‬‬
‫وأما العالج العملي‪ ،‬فهو أن يعرف حكم احلسد وما‬
‫يتقاضاه من قول وفعل ‪ ،‬فيخالفه ويعمل بنقيضه‪ ،‬فيثين على‬
‫احملسود ويظهر الفرح بنعمته‪.‬‬
‫‪.‬‬

‫‪ ‬األصل اخلامس – البخل وحب املال‬


‫‪ ‬األصل السادس – حب اجلاه‬
‫‪ ‬األصل السابع – حب الدنيا‬

‫مل نشرح هذه األصول الثالثة اجتنابا من التطويل‬


‫هلذا العرض‪..‬‬
‫‪.‬‬

‫األصل الثامن – الكرب‬


‫فهو من أكرب األخالق املذمومة ألنه حيول بينه وبني‬
‫مجيع األخالق احملمودة‪ ،‬ألن املتكرب ال يقدر أن حيب‬
‫للناس ما حيب لنفسه‪ ،‬وال يقدر على التواضع وال على‬
‫ترك األنفة واحلسد والغضب وال يقدر على كظم الغيظ‬
‫وعلى اللطف يف النصح وعلى ترك الرياء‪.‬‬
‫‪.‬‬

‫‪ ‬حقيقة الكرب – أن يرى نفسه فوق غريه يف‬


‫صفات الكمال فيحصل فيه نفخة وهّزة من هذه‬
‫الرذيلة والعقيدة‪.‬‬
‫‪ ‬مث هذه النفخة يصدر منها أفعال على الظاهر‬
‫كالرتّفع يف اجملالس والتقدم يف الطريق والنظر بعني‬
‫التحقري والغضب إذا مل ُيبدأ بالسالم‪..‬وجيحد‬
‫احلق إذا ناظر وغريها‪..‬‬
‫‪.‬‬

‫آفة الكرب ‪ -‬قال اهلل تعاىل ( فبئس مثوى‬


‫املتكربين )‪ .‬وقال رسول اهلل ﷺ (‬
‫ال يدخل اجلنة من كان يف قلبه مثقال ذرة‬
‫من خردل من كرب ) رواه مسلم‪.‬‬
‫‪.‬‬

‫‪ ‬عالجه ‪:‬‬
‫العالج العلمي – أن يعرف اإلنسان نفسه ( أي حقيقة‬
‫خلقه) فإن أوله نطفة مذرة ‪ ،‬وآخره جيفة قذرة‪ .‬وأنه مل‬
‫يك شيئا مذكورا‪ ،‬فال شيئ أقّل من العدم‪ ،‬مث ُخ لق‪ ،‬وهو‬
‫على غاية النقصان‪...‬وأن يعرف إن كان من أهل النار‬
‫(بسبب تكربه )‪ ،‬فاخلنزير خري منه‪ ،‬فمن أين يليق به الكرب‬
‫وهو عبد مملوك ذليل ال يقدر على شيئ ؟‬
‫‪.‬‬

‫‪ ‬عالجه ‪:‬‬
‫العالج العملي – أن ميارس بأعمال املرؤوسني‬
‫كتنظيف املرخاض يف املسجد والرتتيب املنزيل‬
‫وغريها لكي يقطع الشعور بالكرب من قلبه‪.‬‬
‫‪.‬‬

‫األصل التاسع – العجب‬


‫قال اهلل تعاىل ( فال تزكوا أنفسكم هو أعلم مبن‬
‫اتقى ) النجم ‪ .32 :‬وقال رسول اهلل‬
‫ﷺ ( ثالث مهلكات ‪ :‬شح مطاع‪،‬‬
‫وهوى مَّتَبع ‪ ،‬وإعجاب املرء بنفسه )‬
‫‪.‬‬

‫‪ ‬حقيقة العجب – استعظام النفس وخصاهلا‬


‫اليت هي من النعم والركون إليها مع نسيان‬
‫إضافتها إىل ا نِعم واألمِن من زواهلا‪.‬‬
‫ُمل‬
‫والعجب هو سبب الكرب‪ ،‬ولكن الكرب يستدعي‬
‫متكرَّب ًا عليه‪ ،‬والعجب ُيتصّور على االنفراد‪.‬‬
‫‪.‬‬

‫أما من رأى نعمة اهلل على نفسه‪..‬وهو خائف‬


‫على زواله‪ ،‬وفرح بنعمة اهلل عليه من حيث إهنا‬
‫من اهلل تعاىل فليس مبعجب‪ ،‬بل املعجب من‬
‫ِع‬
‫يأمن وينسى اإلضافة إىل املن م‪.‬‬
‫‪.‬‬

‫عالج العجب – العجب جهل حمض‪ ،‬فعالجه العلم‬


‫احملض‪ .‬فإنه إن أعجب بقوة ( بسبب قوة جسمه) أو‬
‫مبال أو مجال أو أمر مما ليس يتعلق باختياره‪..‬فهو‬
‫جهل إذ ليس ذلك إليه‪ ،‬فينبغي أن يعجب مبن أعطاه‬
‫ذلك من غري استحقاق‪...‬ويفكر أن زوال ذلك األمور‬
‫قريب بسبب مرض وضعف وغريه‪.‬‬
‫‪.‬‬

‫وإن أعجب بعلمه وعمله وما يدخل حتت‬


‫اختياره‪ ..‬فينبغي أن يتفكر يف تلك األعمال‬
‫مباذا تيّس رْت له‪ ،‬وأهنا ال تتيسر إال بعضو وقدرة‬
‫وإرادة ومعرفة‪ ،‬وأن مجيع ذلك من خلق اهلل‬
‫تعاىل أيضا‪...‬‬
‫‪.‬‬

‫األصل العاشر – الرياء‬


‫قال اهلل تعاىل ( فويل للمصلني‪ .‬الذين هم عن صالهتم‬
‫ساهون‪ .‬الذين هم يرآءون‪ .).‬وقال رسول اهلل ﷺ (‬
‫إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك األصغر‪ ،‬قيل وما هو ؟‬
‫قال ‪ :‬الرياء‪ ،‬يقول اهلل يوم القيامة إذا جازى العباد‬
‫بأعماهلم ‪ :‬اذهبوا إىل الذين كنتم تراُءون‪ ،‬فانظروا هل‬
‫جتدون عندهم اجلزاء ؟ ) رواه اإلمام أمحد‪.‬‬
‫‪.‬‬

‫‪ ‬حقيقة الرياء – طلب املنزلة يف قلوب الناس‬


‫بالعبادات وأعمال اخلري‪.‬‬
‫بعبارة أخرى ‪ :‬الرياء يشري إىل فعل املرء العبادة من ‪‬‬
‫أجل أن يراه الناس‪ ،‬وهو يطلق على من يفعل الشيء‬
‫بقصد أن يراه الناس‪ ،‬أو من أجل أن يقال هذا‬
‫شخص صاحل‪ ،‬أو إلرضاء الناس وال يهتم بإرضاء‬
‫‪.‬اهلل‪ .‬ويطلق الرياء يف مقابل إخالص العمل‬
‫‪.‬‬

‫‪ ‬ستة أصناف الرياء ‪:‬‬


‫‪-1 ‬الرياء من جهة البدن – مثال‪ -‬بإظهار النحول والَّص فار ليظن به‬
‫السهر والصيام‪.‬‬
‫‪-2 ‬الرياء باهليئة – مثال‪ -‬إطراق الرأس يف املشي واهلدوء يف احلركة‪.‬‬
‫‪-3 ‬الرياء يف الثياب – مثال‪ -‬لبس الصوف والثوب اخلشن ليظن أنه‬
‫من الصوفية‪.‬‬
‫‪-4 ‬الرياء بالقول ‪-‬مثال‪ -‬رياء أهل الوعظ والتذكري‪..‬والنطق باحلكمة‬
‫واألخبار مع ترقيق الصوت وإظهار احلزن‪..‬‬
‫‪.‬‬

‫‪-5 ‬الرياء بالعمل – مثال – كتطويل القيام وحتسني‬


‫الركوع والسجود‪...‬وغريها‪..‬مع أن اهلل تعاىل يعلم‬
‫من باطنه أنه لو كان خاليا ملا فعل شيئا من‬
‫ذلك‪..‬‬
‫‪-6 ‬الرياء بكثرة التالمذة وكثرة ذكر الشيوخ ‪ ،‬ليظن‬
‫أنه لقي شيوخا كثرية والتفاخر بكثرة تالميذه‪..‬‬
‫‪.‬‬

‫‪ ‬عالجه – فعليه أن حُي ضر يف قلبه نعيم‬


‫اآلخرة‪ ،‬والدرجات الرفيعة‪ ،‬وعلم أن ذلك‬
‫يفوت بالرياء‪ ،‬أعرض قلبه عن اخللق‪،‬‬
‫واجتمع مهه وفاضت عليه أنوار اإلخالص‬
‫وأمده اهلل مبعونته وتوفيقه‪.‬‬

You might also like