Professional Documents
Culture Documents
إن مرحلة النظريات المطوعة والنماذج المستحدثة في خدمة الفرد هي مرحلة خصبة في مسيرة
التطور في خدمة الفرد باعتمادها ل على القتباس الحرفي لنظريات العلوم الخرى ولكن على
تطويع نظريات مختارة بعناية من هذه العلوم لتناسب أهدافها وقيمها من خلل مبادرات إبداعية
مهدت السبيل لمزيد من السهامات وصول لستقلليه خدمة الفرد وعدم تبعيتها ولعل أهم هذه
البداعات النظرية ما قام به نفر من الرواد المحدثين
في خدمة الفرد مثل هيلين برلمان وفلورنس وسمولى وورنر وستيوارت وغيرهم من تطويع
لبعض النظريات المقتبسة من نماذج مستحدثة تطبيقية انطلقت غالبيتها من مجموع النظريات
النفسية والجتماعية أو بعضها .
وفى إيجاز سنشير إلى هذه النظريات المطوعة والنماذج المستحدثة في خدمة الفرد -:
سيكولوجية الذات -1
النظرية السلوكية -2
النظرية المعرفية العقلية -3
نموذج حل المشكلة -4
العلج السرى -5
العلج الواقعي -6
نموذج التركيز على المهام -7
وجدير بالذكر أن هذه المرحلة من حياة خدمة الفرد قد شهدت أيضا نظريات ونماذج مستحدثة
قامت على تراكمات المداخل النفسية والجتماعية الكثر معاصرة ومنها على سبيل المثال
نظرية النساق العامة System theory
نظرية الدور Role theory
نموذج التدخل في الزمات Crisis intervention
نموذج النساق الربعة Four systems model
وغيرها من نظريات ونماذج علمية أخرى لخدمة الفرد .
وهكذا كان ظهور خدمة الفرد المهنية بداية لمرحلة جديدة لسلوب مساعدة النسان في العصر
الحديث فكانت طريقة مهنية فريدة جعلت من فعل الخير علما ومن الحسان منهجا علميا متكامل
ومن مشكلت النسان مجال لتطبيق حصيلة التفكير الوضعي وقد مكنها هذا الطابع النسانى من
أن تتحرك في حرية وتنطلق بل حدود تمتص من العلوم الخرى معارفها ونظرياتها لتسخيرها
لخدمة السنان أينما يعيش دون أن تعوق حركتها فلسفة جامدة أو إطار متحجر فهدفها هو رفاهية
النسان كما هو في موقعة الجتماعي وفن الممارسين المهنيين
يكمن في الستفادة المطلوبة فيما جاء بهذه العلوم النسانية من اتجاهات ونظريات بما يمكن من
)( 1
تصميم النموذج المطلوب لمساعدة العملء وفق حاجاتهم الفعلية وموافقتهم الشكالية .
وقبل عرض إحدى نظريات خدمة الفرد الحديثة التي ذكرناها وكيفية تطبيقها في العمل يجب أول
أيضاح ما المقصود بخدمة الفرد .
تعريف خدمة الفرد -:
هي تلك العملية التي تساعد العميل على الوقوف على جوانب الموقف وتوضيح موقف منه فهي
ليست جمع بيانات عن الموقف وإنما وقوف العميل ذاته على البيانات والعوامل المختلفة المتداخلة
)( 2
على الموقف .
هي تلك العملية المشتركة التي تهدف إلى وضع كل من العميل والخصائي على علقة ايجابية
)(3
بحقائق الموقف الشكالي بهدف تشخيص المشكلة ووضع خطة العلج .
خدمة الفرد المدرسية هي إحدى طرق مهنة الخدمة الجتماعية التي تهدف إلى مساعدة الطالب
الذي يواجه موقف عسيرا يتعذر عليه الستمرار فيه وذلك بتمكينه من فهم مشاكله والسعي لمعرفة
)( 4
أقصى ما تسمح به قدراته وإمكاناته لستخدامها في التغلب على الموقف .
وتعتبر خدمة الفرد إحدى طرق الخدمة الجتماعية التي تستهدف زيادة قدرة الفرد على أداء
وظيفته الجتماعية ومحاولة علج المشكلت التي تواجهه والتي قد تعترض تحقيق هذه الوظيفة
ولقد اعتمدت خدمة الفرد في سبيل تحقيق هذا الهدف في بادئ المر على التجاه التحليلي الذي
-1السيد رمضان " :2000ممارسة خدمة الفرد ،أسس عملية المساعدة " ) ،السكندرية ،المعهد العالي للخدمة الجتماعية ،
دار المعرفة الجامعية ( .
-2سلوى عثمان الصديقى ": 2002الممارسة المهنية لطريقة خدمة الفرد " ) ،السكندرية ،المكتب الجامعي الحديث (،ص 11
-3عبد الفتاح عثمان ،عبد الكريم " : 1995خدمة الفرد التحليلية بين النظرية والتطبيق " ) ،القاهرة ،مكتبة عين شمس ،ط (3
ص . 210
-4محمد محمد كامل " : 2003مدى فاعلية نموذج التركيز على المهام في خدمة الفرد في التخفيف من حدة العنف المدرسي
دراسة مطبقة على طلب المرحلة الثانوية بمدينة أسيوط " ،رسالة دكتوراه غير منشورة
سيطر طويل على اتجاهات الطب النفسي ثم انتقل إلى خدمة الفرد معتمدا على المنظور التقليدي
الفرويدى وعلى نماذج أنصاره المحدثين ،إل أن هذا التجاه أثار منذ منتصف القرن الحالي العديد
من النتقادات في مختلف أرجاء العالم الغربي سواء في الطب النفسي أو في خدمة الفرد مما ساعد
على ظهور العديد من التجاهات التي لم تلتزم بالمفاهيم الفرويدية ومنها التجاه السلوكي ،ذلك
التجاه الذي يقوم على أساس النظرة العلمية للسلوك النساني والذي يفترض أن كل أنواع السلوك
يكتسبها الفرد من خلل التعليم بما في ذلك السلوك اللتوافقى أو الشاذ هذا وبالرغم من أهمية
استخدام التعديل السلوكي في خدمة الفرد أل أن أخصائيين خدمة الفرد استقبلوا أساليبه في بادئ
المر استقبال ثائرا ويبدو أن مقاومة الخصائيين في خدمة الفرد للتعديل السلوكي في أول نشأته
ترجع إلى تمسكهم بما القوة من أساليب تقليدية تحليلية قديمة والتهيب من الجديد بصفة عامة فضل
عن قلة معلوماتهم عنه بصفة خاصة .
إل أنه بمرور الوقت تغير الموقف حيث أخذ الخصائيون في التعرف على أسلوب التعديل
السلوكي وتجريب وسائله في مؤسساتهم ومع عملئهم .كما بدأت تنكشف أهمية هذا السلوب
بالنسبة لهم فقد أصبح يمارس بصفة خاصة في المؤسسات التي تعمل مع الجانحين وكذلك بعض
مكاتب الخدمة الجتماعية المدرسية المريكية .فقد قام هاريثمان بدراسة تقيميه للتعديل السلوكي
في مؤسسة الحداث ) بكوليس أو هايوم ( وألتزم بثلث أسس لتعديل عادات الجانحين وهى القدوة
الحسنه والتدعيم والتشريط المضاد .
أما في مصر فلم يأخذ التعديل السلوكي مكانا بارزًا في البداية أيضا في ممارسة خدمة الفرد حيث
لم تتوافر بعض إشارات عن هذا الموضوع من العلج ولكن منذ عام 1978ظهرت بعض الكتب
التي تناولت هذا الموضوع .وبدأت في الفترة الخيرة تظهر بعض الدراسات والبحوث لتحديد
)(1
مدى فاعلية هذا التجاه العلجي ومدى مناسبة تطبيقه في المجتمع المصري .
-1عبد المنعم يوسف السنهوري وآخرون " : 2009 / 2008المداخل العلجية في خدمة الفرد " ) ،كفر الشيخ ،المعهد العالي
للخدمة الجتماعية ( ص . 159 ، 158
بالحقائق العلمية والتجريبية في ميدان السلوك ولن المحاولت الولى من العلج السلوكي كانت
مرتبطة بظهور نظرية التعلم ،فإن فئة كبيرة
من المعالجين السلوكيين ترى أن يقتصر العلج السلوكي على المبادئ المشتقة من نظريات التعلم
التي صاغها العلمة الروسي " بافلوف " ومن "واطسون " " هل " المريكان .لكن الشائع الن
بين طوائف المعالجين السلوكيين هو عدم القتصار على ربط العلج السلوكي بنظريات التعلم هذه
وحدها بل وأن تمتد للجوانب الخرى من التقدم العلمي في نظريات الشخصية والنظريات السلوكية
)( 1
والمعرفية والجتماعية في علم النفس .
ويعتبر العلج السلوكي أحد الساليب الحديثة للعلج النفسي ،يقوم على أساس استخدام مبادئ
نظريات التعلم ويضم العلج السلوكي عدة أساليب وطرق علجية تهدف جميعا إلى التي :
إحداث تغيير إيجابي لحياة النسان .
القضاء على الختلفات السلوكية .
بناء جسر من الثقة بين النسان ونفسه .
تحقيق السعادة والرفاهية للنسان .
ويقصد بالعلج هنا محاولة تغيير وجدان أو سلوك أو فكر الفرد إلى ما هو أفضل -
حتى يتمكن من مواكبة أحداث الحياة بفاعلية أكثر .
كما يقصد بالسلوك في مجال العلج السلوكي الستجابات الظاهرة والتي يمكن أن -
نلحظها من خلل التصرفات والفعال وردود الفعال .كما يقصد بها كذلك الستجابة
غير الظاهرة الخفية كالمشاعر والفكار .
كما يجب التنويه إلى أن أساس العلج السلوكي مشتق من نظريات التعلم ومدارسة -
في علم النفس – لذا فأي تغيير للسلوك قد يكون راجع إلى عوامل وراثية أو بيولوجية أو
جرحيه أو دوائية قد تخرجنا من مجال تعديل السلوك والعلج النفسي السلوكي إلى مجال
الجراحة وعلم العقاقير أو الوراثة أو المسببات البيولوجية التشريحية
رغم أن الثنين ) العلج السلوكي – والجراحة النفسية مثل ( تحدثان تقريبا نفس الثر في مجال
تعديل السلوك النساني .
-1عبد الستار إبراهيم " : 1993العلج السلوكي للطفل أساليبه ونماذج من حالته " ) ،الكويت ،المجلس الوطني للثقافة
والفنون والداب ،سلسلة عالم المعرفة ،العدد ( 180ص . 31
وعليه فيصبح السلوك هو بناء لبيئة تعلم يتم فيها تعلم مهارات وسلوكيات جديدة على حين تقلل
الستجابات والعادات غير المرغوبة حيث يصبح المريض أكثر دافعية للتغيرات المطلوبة وعلى
عكس بعض تيارات علم النفس ول سيما المدرسة التحليلية التي ترفع من شأن القدرات المبكرة في
الطفولة وديناميتها .يهتم العلج السلوكي بالحاضر كما أن أساليب هذه الطريقة تخلو من الغموض
)( 1
من الممكن تدريب المدرسين والباء ورؤساء العمل على القيام بها .
ولهذا فإن مفهوم العلج السلوكي كما سنستخدمه في هذا السياق علج متعدد الوجه ويمتد
ليشمل :
الساليب السلوكية التي قامت بتأثير من تطور نظريات التعلم عند " بافلوف " و " -1
هل " بشكل خاص .
السهامات التي قامت بها مدرسة التحليل السلوكي ) التي أرسى أسسها عالم النفس -2
المريكي سكينر ( والتي أمتد تأثيرها إلي جوانب سلوكية لم تتطرق إليه المدرسة السلوكية
التقليدية مثل تعديل البيئة ،والتحكم في المنبهات الخارجية كوسيلة من وسائل ضبط السلوك
.
أساليب العلج الذهني أو المعرفي والتي تركز على تعديل الساليب الخاطئة من -3
التفكير والتدريب على حل المشكلت واللمام التربوي والتعليمي بالمشكلت التي يتعرض
لها الفرد .
الساليب الجتماعية بما فيها تدريب المهارات الجتماعية ،والتفاعل الجتماعي -4
الجيد من خلل ملحظة النماذج السلوكية والقدوة وتدريب القدرة على الثقة بالنفس
والتوكيدية .
ويرى البعض أنه يجب التمييز بين العلج السلوكي وتعديل السلوك .فالشائع الن أن يقتصر
مفهوم العلج السلوكي على الحالت التي تتصف بالضطراب النفسي والعقلي والمشكلت
النفعالية بينما يستخدم مفهوم تعديل السلوك للمشكلت المرتبطة بالنمو مثل صعوبات التعلم
والتخلف الدراسي والمعوقات الخرى للنمو وضبط التصرفات الخاطئة والنحراف الجتماعي
المتمثل في السلوك العدواني والجنوح بينما يفضل آخرون استخدام مفهوم العلج السلوكي على
-1ممدوح مختار على " : 2001العلج السلوكي كآلية احتواء وعلج للضطرابات النفسية المصاحبة لمرض السكر في ضوء
بعض متغيرات الشخصية " رسالة دكتوراه الفلسفة في علم النفس غير منشوره ) جامعة طنطا ،
كلية الداب ،قسم علم النفس ( ص . 35 ، 34
أساس أنه أكثر شمول في مدلوله من مفهوم تعديل السلوك لن علج أي عرض سلوكي يتضمن
القيام بتعديل بعض النماط الخاطئة من السلوك إل أننا سنستخدم المصطلحين بالتبادل كمرادفين
للشارة إلى نفس المعنى متفقين في ذلك مع تيار حديث من المعالجين
كذلك يجب أن نميز بين العلج السلوكي والعلج النفسي وقد اعتاد الباحثون أن يستخدموا مفهوم
العلج النفسي
عند الشارة إلى طرق العلج غير السلوكية مثل العلج بالتحليل النفسي والعلج النساني
والوجودي لكن الشائع بين كثير من الطباء النفسيين النظر إلى العلج النفسي بأشكاله المختلفة
والعلج السلوكي كليهما على أنهما يشكلن تيارا واحدا مستقل في مقابل العلج الطبي .ويمكن
النظر وفق هذا التصور إلى العلج السلوكي والعلج النفسي على أنهما يشيران بشكل عام إلى
تعديل الحالت المرضية بوسائل غير طبية .ولتجنب إرباك القارئ بشأن هذه التمييزات فإننا
سنستخدم في أحيان كثيرة مصطلح العلج النفسي – السلوكي ونحن نعنى الشارة إلى العلج
السلوكي ،ولكن يجب أل يستشعر القارئ من ذلك أن العلج السلوكي هو نفسه العلج النفسي
فالعلج السلوكي تيار مستقل له مسلماته الخاصة ووسائله المستقلة .
البحث عن تفسيرات ل شعورية للسلوك ،أو في محاولة إرجاعه إلى صراعات طفلية
مبكرة أو غرائز أو عوامل فسيولوجية إذ أن العلج السلوكي يختلف عن الساليب التقليدية
الشائعة في مدارس العلج النفسي السابقة من حيث إنه يركز اهتماماته على علج
العراض بصورتها لراهنة وبالشكل الذي يعانيها .فالمعالج السلوكي الذي يهدف مثل إلى
علج طفل مصاب بالقلق أو الخوف المرضي من السلطة المدرسية ل يبحث عن ذكريات
الطفولة ول يعالج الخوف على أنه نتاج لعوامل ل شعورية أو صراعات أوديبية في
المراحل المبكرة من النمو الجنسي ،بل إنه يجعل التحرر من الخوف هو الهدف الرئيسي
الذي يجب أن تتجه له مجهودات العلج والمعالج السلوكي إذ يجعل هدفه التغيير المباشر
للمشكلة ينظر إلى الضطرابات على أنها سلوك شاذ أمكن اكتسابه بفعل أخطاء في عملية
التعلم .
إن عمليتي التشخيص والعلج في طريق العلج السلوكي شيئان ملتحمان ،إذ إن -2
تشخيص المشكلة ل يعدو كونه محاولة جاهدة لتحديد التصرفات أو الخطاء التي مر بها
الطفل فجعلته يخاف أو يقلق .وفى تشخيصه للمشكلة يهتم المعالج السلوكي برصد
الستجابات أو ردود الفعال البيئية ) من قبل السرة أو المحيطين بالطفل ( قبل ظهور
السلوك المشكل وبعد ظهوره وهى السباب التي يعرف المعالج أن تعديلها أو تغييرها
سيؤدى إلى التخلي عن هذا السلوك ومن ثم التخلص من المشكلة برمتها فالمعالج السلوكي
عندما يقوم بعملية التشخيص فإنه يبحث عن الشروط التي أحاطت بعملية التعلم المرضي
وهى السباب التي إذا أمكن إزالتها تحقق العلج .
ومن المسلمات الرئيسية التي يتبناها المعالج السلوكي والتي تضعه في موقع فريد -3
ومختلف جذريًا عن العلجات النفسية الخرى أنه ل يرى ما يراه المحللون النفسيون مثل
وجوب إزالة العراض من أمراض أو صراعات داخلية مفترضة لنه ل يوجد في نظامه
العلمي مثل هذه الفتراضات وإن كان يجد أنه من الحكمة التناول الجذري للمسببات البيئية
للمشكلة لمنع رجوعها .إذن يرى المعالج السلوكي أن علج العرض هو علج للمرض
وأن العلج الفعال هو الذي يمكننا من التخلص من تلك العراض بنجاح وهذا المنطق
يختلف بالطبع عن منطق المرض الجسمي أو عن النموذج الطبي العضوي الذي ينظر
بمقتضاه إلى الصابة بالصداع مثل على أنها عرض قد يخفي وراءه مرضًا أخر
كالنفلونزا أو سرطان المخ أو زيادة نسبة السكر في الدم أو الجهاد أو إلى غير ذلك من
أمراض .
وينظر المعالجون السلوكيون بشك شديد إلى المسلمات التقليدية في العلج النفسي -4
والتي ترى أن العراض المرضية قد تتحول أو تستبدل بأعراض أخرى إذا لم تعالج ما
وراءها من أمراض فالموقف الذي يتبناه المعالج السلوكي بصدد هذه القضية أن علج
مشكلة كالخوف مثل سيجعل الطفل قادرًا على مواجهة مشكلته الراهنة ومن ثم ستتسع
أمامه آفاق الصحة والنمو السليم :إذ سيكتسب ثقة بنفسه وستتغير أفكاره اللمنطقية عن
طبيعة أعراضه وستتاح له فرص احتكاك جديدة كانت مستعصية عليه بسبب مخاوفه وكل
ذلك سيؤدي إلى تغيير شامل وإيجابي في شخصيته أما القول إننا نحتاج إلى تغيير
الشخصية وحل صراعاتها قبل أن نعالج مشكلة الخوف والقول إننا ما لم نفعل ذلك أي ما لم
نبدأ من الشخصية أول فإن الخوف سيستبدل بخوف أخر أو مشكلة انفعالية أخرى فهو قول
غير مقبول من وجهة النظر السلوكية ويمثل نقطة خلف علمية عميقة بين العلج السلوكي
وغيره من أنواع العلج النفسي
أما من حيث المسلمات النظرية فإن العلج السلوكي ولو أنه يعتمد على الحقائق -5
التجريبية في علم النفس الكاديمي بمدارسه المختلفة إل أنه يستظل أساسًا بعباءة نظريات
)(1
التعلم.
النظرية السلوكية في خدمة الفرد -:
بنيت النظرية السلوكية على أساس من البحوث التجريبية العلمية بهدف تفسير السلوك النساني
وتتضمن محاولت لتفسير اكتساب الشكال الجديدة من السلوك ) السوي أو المرضي ( عن طريق
عملية التعلم وعلى هذا فالشخصية هي السلوك الخارجي كما تحدده مجموعة العادات التي ترسبت
)(2
بفعل التدعيم والتشريط .
وترجع الدراسة في وضع أسس ومبادئ هذه النظرية من خلل إسهامات كل من-:
-1أعمال بافلوف -:
يرجع الباحثون بعامة أول معالجة علمية لدور الشراط في المشكلت السلوكية إلى التجارب
الولى لبافلوف ) ( 1936 – 1849والتي تبنى فيها النموذج الذي وضعه أب علم الفسيولوجيا
الروسي إيفان سيشنوف .ويتمثل منهج بافلوف في التجربة الكلسيكية المعروفة في تدريب
الكلب على إفراز اللعاب ) استجابة شرطية ( عند سماع صوت شوكة رنانة ) منبه شرطي (
وبعد تكرار سبق صوت الشوكة لتقديم معجون اللحم ) منبه غير شرطي ( وقد كان اهتمام بافلوف
منذ البداية هو في التواصل إلى إجراءات تجريبية لختيار نموذجه الشمولي في فسيولوجيا الجهاز
العصبي بحيث يصلح أساسا لفهم الضطرابات العصابية .وطبقا لهذا النموذج فإن تكوين الفعال
المنعكسة يتأثر بالجوانب البنيوية للكائن العضوي كما يتأثر بظروف البيئة وكان بافلوف يرى في
استثارة القشرة المخية وفى كفها وفى التغيرات الخرى في عمليات المخ أحداثا رئيسية تكمن
وراء الضطرابات السلوكية الملحوظة في بعض الظروف .فمثل وجد أنه يمكن إحداث " عصاب
-1عبد الستار إبراهيم " : 1993العلج السلوكي للطفل أساليبه ونماذج من حالته " ) ،مرجع سبق ذكره ( ص . 35 : 31
-2عبد المنعم يوسف السنهوري وآخرون " : 2009 / 2008المداخل العلجية في خدمة الفرد " ) ،مرجع سبق ذكره (
ص 163
تجريبي " في كلب التجارب عن طريق خلق نوع من الصراع بين العمليتين الرئيسيتين :
الستثارة والكف أو في زيادة نشاطهما .وقد لوحظ أن سوء التوافق في سلوك حيوانات التجارب
يمكن أن ينتج عن زيادة التأخير بين عرض الشارة وتقديم الطعام ،كما يمكن أن ينتج عن
استخدام الستثارة المركزة أو القيام بأعمال تتزايد في صعوبة ما تتطلبه من التمييز الشرطي او
الستمرار في تغيير المثيرات الموجبة والسالبة في عمل شرطي .ونظرا لن كلب التجارب لم
تستجيب كلها بصورة متشابهة ،فقد استنتج بافلوف نظريا أن الطابع التكويني للجهاز العصبي
يحدد درجة الستجابة وتحمل المعاناة .وعلى هذا الساس فقد افترض طرزا مختلفة من الشخصية
لتفسير الفروق الفردية بين الحيوانات في استجابتها للمثيرات المتصارعة وقد توسع عدد من
زملء بافلوف في تطبيق النموذج الشرطي الكلسيكي أو الستجابى ليشمل الضطرابات
السيكياترية .ويهتم العاملون بمنهج بافلوف بعامة بالسلوك اللإرادي النفعالي المرتبط بوظائف
الجهاز العصبي المستقل .
-2أعمال ج .ب .واطسون -:
كان لترجمة كتب بافلوف إلى النجليزية تأثيره في تبنى استخدام المنهج السلوكي في دراسة علم
النفس في الوليات المتحدة المريكية كما كان لكتاب جون .ب .واطسون " :علم النفس من
وجهة نظر سلوكي " ) ( 1919تأثير هام على النظرية والتجربة في علم النفس المريكي
وبخاصة التجربة الكلسيكية التي قام بها واطسون وراينر واستخدما فيها طفل وليدا " ألبرت "
لتوضيح أن المخاوف متعلمة أو شرطية .في بداية التجربة لم يظهر ألبرت خوفا من فأر أبيض أو
أرنب أو كلب أو قرد أو أقنعة ذات شعر وبدون شعر وقطن منقوش ،الخ ....وحين كان عمر
ألبرت 11شهرا وثلثة أيام ،وقدم له فجأة فأر أبيض فبدأ في القتراب منه وبمجرد أن لمست يده
اليسرى الفار صدر صوت مرتفع من الخلف بواسطة جسم معدني فقفز الطفل بعنف وسقط إلى
المام مخفيا وجهه في الفراش إل أنه لم يبك وبمجرد أن لمست يده اليمنى الفار صدر الصوت
المرتفع مره أخرى ومرة ثانية قفز الطفل بعنف وسقط إلى المام وبدأ يرتعش وبعد أسبوع حين
قدم الفأر للطفل ،تردد في الوصول إليه وكان يسحب يده قبل أن يلمس الحيوان .ثم قدم بعد ذلك
تنبيه مشترك جمع بين الفأر والصوت ثلث مرات كان الطفل يسقط فيها في كل مرة ويبعد رأسه
وجسمه عن الحيوان ولما قدم الفأر فجأة وحده احتقن وجه ألبرت وارتجف جسمه وسحبه بشده
وتكرر التنبيه المشترك وظهور الفأر وحده بالتبادل وفى هذه الحالة الخيرة بدأ في البكاء وتحول
بحدة إلى اليسار وبدأ يزحف بعيدا عن الفأر وتكررت نفس الستجابة بعد خمسة أيام ،كما ظهرت
نفس الستجابة حين قدم كلب بمفرده مرة ثم معطف فراء وبعد 31يوم لم يتم فيها اتصال مع
الموضوعات السابقة أظهرت ألبرت نفس استجابات الخوف والتي عممت لتشمل موضوعات
أخرى مثل أرنب أبيض وقطن منقوش ،الخ .إل أن الستجابة لم تعمم إلى موضوعات تختلف في
مظهرها عن الفأر .
وقد أصبحت أفكار واطسون وراينر مصدرا للساليب الرئيسية في العلج السلوكي بعد فترة كان
التأثير المباشر لها في التطبيق الكلينيكى معدوما تقريبا وقد أوضحت مارى كفر جونز بعد ذلك
فعالية هذه الفكار في إزالة مخاوف الطفال وبخاصة من خلل إعادة الشراط المباشر أو
الشراط المضاد والتي يرتبط فيها موضوع مثير للخوف مع موضوع سار .
وقد تمت تجربة هذه الطريقة مع الطفل " بيتر " حين كان يعانى وهو في الثالثة من العمر من
الخوف من الرانب ففي اليوم الول من التجربة وبينما كان الطفل يأكل أمسك راشد بيده أرنبا في
ركن من الحجرة فلم يظهر الطفل خوفا .وفى كل يوم كان ينتقل الرنب إلى مسافة أقرب من بيتر
بينما كان يأكل وقد تعلم الطفل السترخاء تدريجيا في وجود الرنب وفى نهاية التجربة لم يتردد
في اللعب معه .
أعمال سكينر -:
يؤكد أتباع سكينر بعامة على السلوك الرادي الجرائي والذي يتحكم فيه الجهاز العصبي
المركزي وفيه يصدر الكائن استجابة أو هو يعمل " إجرائيا " على بيئته .وهكذا تتكون
الستجابات التي تؤدى إلى تدعيم إيجابي أو إلى تجنب عواقب أليمة .فمثل :في صندوق سكينر
قد يقوم الفأر بأشياء كثيرة ولكنه حين يضغط على رافعة تسقط قطعة من طعام وكلما زاد معدل
التدعيم زاد توتر حدوث الستجابة الجرائية ) الضغط على الرافعة ( ونزول الطعام .وهكذا فإنه
حين تصدر عن الكائن استجابات تشبه أو تكون في وجهة الستجابة المستهدفة يعطى التدعيم إلى
أن يتشكل هذا السلوك الجزئي في التسلسل المرغوب وفى الموقف الكلينيكي فإن المعالج بطريقة
سكينر يتنبه للسلوك الذي يرغب في تشجيعه ويدعمه انتقائيا وبنفس الطريقة قد يدعم سلبيا ) يعاقب
( السلوك غير المرغوب .فمثل :قد يعطى طفل ذهانى قطعة من الحلوى كلما أدى عمل مرغوبا
اجتماعيا مثل تمشيط شعر أو يعطى صدمة كهربائية حين يتبول لإراديا ومن التطبيقات الحديثة
لسس سكينر في علج المرضى الذهانيين في المستشفيات برنامج الماركات الرمزية .
أما كل من ” باندورا وروتر وميشيل " -:
اهتم هؤلء الثلثة اهتماما كبيرا بالمعرفيات السلوكية في دراستهم للشخصية واهتماما أقل بدور
التدعيم في نظرياتهم ويرى باندورا أن الشخصية هي أساسًا نتاج النمذجة والتقليد فالناس يتأثرون
بما يلحظونه بطرق مختارة .
أما روتر فإنه اهتم بالبيئة ذات المعنى أو ذات الدللة بوصفها المفهوم الساسي في نظريته في
الشخصية فالفرد ل يتأثر بالبيئة كما هي ولكن بالبيئة كما يدركها إدراكًا فريدًا .
فمثل :تتوقف مطالبة موظف بعلوة على توقعه النجاح في تحقيق مطلبه بنفس قدر الرغبة في
التدعيم .فإذا كان هدف الموظف يغلب أن يقرر عدم بذل المجهود وعدم تقديم الطلب .
وطبقا لميشيل :فإن الفراد يختلفون في قدراتهم على امتصاص المعلومات من المصادر المختلفة
وحين تمتص المعلومة ترمز ويصبح الحدث الملحوظ ذا معنى وقد درس ميشيل متغيرات أخرى
)(1
للشخصية ومنها القيمة المدركة للهدف والنتيجة المتوقعة والقدرة الذاتية التنظيمية
أما " ادوارد ثورثديك " فقد بين الهمية البالغة للثواب والعقاب في عملية التعلم .
وقد بذل " كلرك هل " جهدا في مجال نظرية التعزيز وتقرير نتائج التعلم مع استخدام التعزيز
الموجب أو السالب ،الثواب أو العقاب .
وكانت من أهم تطبيقات نظرية التعلم في مجال الشخصية هو ما قام به " دولرد وميللر " وتمثلت
جهودها في نظرية التعزيز وتوضح الظروف التي تتشكل في ظلها العادات وتنحل وتحدثا عن
-1لويس كامل مليكة " : 1990العلج السلوكي وتعديل السلوك " ) ،الكويت ،دار القلم للنشر والتوزيع ،ط ، ( 1
ص 23 ، 22 ،16 : 12
مفاهيم هامة في عملية التعلم وهى :المثير والدافع والدليل والتعزيز والستجابة وكذلك مفهوم
الصراع والعمليات اللشعورية .
تزايدا منتظما في الدراسات والبحاث المتعلقة بالطار النظري السلوكي ويبدو أن هذا
راجع إلى اعتماد السلوكية على المنهج العلمي بدقته .
يمكن للتعديل السلوكي أن يسهم في بناء التصنيفات التشخيصية والعلجية في خدمة -3
الفرد
العلج السلوكي يزيد من قدرة خدمة الفرد على التعامل مع قطاع أعراض من -4
العملء والمشكلت .
التعديل السلوكي يدعم التعديل السلوكي في خدمة الفرد . -5
إمكانية تعليم الساليب السلوكية لعملء خدمة الفرد الصليين والثانويين للستفادة -6
منها في مواجهة مشكلتهم .
تحقق الساليب السلوكية وفرا اقتصاديا في مؤسسات خدمة الفرد . -7
الستفادة من الساليب السلوكية في تطوير خدمة الفرد الوقائية . -8
)(1
استخدام الساليب السلوكية في تقويم نتائج العمل مع الحالت . -9
-1عبد المنعم يوسف السنهوري وآخرون " : 2009 / 2008المداخل العلجية في خدمة الفرد " ) ،مرجع سبق ذكره (
ص 175 ، 170 : 164
السلوك المحوري هو السلوك الذي نريد علجه وتعديله .أي أن السلوك المحوري هو مصدر
الشكوى ،وهو الذي يتفق المعالج مع المريض أو السرة على أن تعديله سيؤدى إلى تحقيق العلج
ويلزم تحديد السلوك المحوري تحديدا نوعيا ولهذا فليس من المقبول أن نستخدم عبارات مثل
مكتئب أو مندفع أو لدية ضعف في الشخصية لن المطلوب تحديد الشكوى في شكل مظاهر
سلوكية يمكن ملحظتها ومتابعتها وتقييم جوانب التقدم فيها ) مثل :بدل من ضعف الشخصية
يمكن أن يقال إنه يعجز عن الحتكاك البصري أو ل يعبر عن غضبه عندما تخرق حقوقه ( .
ويفرض بعد تحديد السلوك المحوري أن تكون لدى المعالج والهل والطفل جميعهم صورة
واضحة من خلل البيانات والمعلومات التي أمكن جمعها بملحظة الطفل عن كيفية تأثير هذا
السلوك في صحة الطفل وتصرف الخرين نحوه والتفاعل بين جميع الطراف .