Professional Documents
Culture Documents
][1
بحار النوار الجامعة لدرر أخبار الئمة الطهار تأليف العلم العلمة الحجة فخر
المة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي )قدس ال سره( الجزء الرابع
والسبعون دار احياء التراث العربي بيروت -لبنان الطبعة الثالثة
المصححة 1403ه 1983 .م
][1
بسم ال الرحمن الرحيم الحمد ل رب العالمين والصلة والسلم على خير خلقه
وخليفته في خليقته محمد وآله الطاهرين .أما بعد :فهذا هو المجلد السابع
عشر من كتاب بحار النوار تأليف المولى الستاد الستناد مولينا " محمد
باقر بن محمد تقي المجلسي " قدس ال روحهما ونور ضريحهما )(1
وهذا هو كتاب الروضة منه ،وهو يحتوي على المواعظ والحكم والخطب
وأمثالها ،المأثورة عن ال تعالى والرسول صلى ال عليه وآله والسادة
المعصومين صلوات ال عليهم أجمعين ،وعن أتباعهم عليهم السلم وما
شاكل ذلك)) * .أبواب(( * * )المواعظ والحكم( * * )باب " * * (1
)مواعظ ال عزوجل في القرآن المجيد( " * * اليات * النساء :ولقد
وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا ال وإن تكفروا فإن ل
ما في السموات وما في الرض وكان ال غنيا حميدا 131ول ما في
السموات وما في الرض وكفى بال وكيل 132إن يشأ يذهبكم أيها
) (1قال المولى المتبحر النحرير الحاج الميرزا حسين النوري نور ال ضريحه :ان
المجلد السابع عشر من كتاب بحار النوار من المجلدات التى لم تخرج
في حياة مصنفها )العلمة المجلسي( إلى البياض وانما أخرجه بعد وفاته
تلميذه العالم الجل والنحرير الكمل الميرزا عبد ال الفندي رحمه ال
][2
الناس ويأت بآخرين وكان ال على ذلك قديرا 133من كان يريد ثواب الدنيا فعند
ال ثواب الدنيا والخرة وكان ال سميعا بصيرا (1) 134النعام :قل هو
القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم
شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف اليات لعلهم يفقهون
.(2) 66وقال سبحانه :وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف
من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين 134إنما توعدون لت
وما أنتم بمعجزين 135قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف
تعلمون 136من تكون له عاقبة الدار إنه ل يفلح الظالمون (3) 137
العراف :وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون 4فما
كان دعويهم إذ جاءهم بأسنا إل أن قالوا إنا كنا ظالمين .(4) 5
) (1قوله تعالى " ان تكفروا " أي تجحدوا وصيته .وقوله " :حميدا " أي
مستوجبا للحمد .قوله " يذهبكم " أي يهلككم .أصله ان يشأ اذهابكم
يذهبكم .قوله " :على ذلك قديرا " يعنى قادرا على الفناء واليجاد(2) .
قوله تعالى " :أو يلبسكم شيعا " لبست عليه المر إذا خلطت بعضه
ببعض أي يخلطكم فرقا مختلفين .وقوله " :يذيق بعضكم بأس بعض "
أي يقتل بعضكم بعضا حتى يفنى الكل .قوله " :نصرف اليات " أي
نظهر اليات ونكررها مرة بعد اخرى حتى يزول الشبه لكى يعلموا الحق.
) (3قوله " :وما أنتم بمعجزين " أي لستم بمعجزين ال عن التيان
بالبعث والعقاب .وقوله " :على مكانتكم " أي على قدر منزلتكم وتمكنكم
من الدنيا ومعناه اثبتوا على الكفر .وقوله " :من تكون " مفعول "
تعلمون " وقرأ حمزه والكسائي " يكون " بالباء لن تأنيث العاقبة ليس
بحقيقى (4) .قوله تعالى " بياتا " أي بائتين في الليل وهو مصدر وقع
موقع الحال وقوله " :اوهم قائلون عطف على " بياتا " أي وقت
القيلولة وهو نصف النهار .وحذفت واو الحال استثقال لجتماع الواوين.
وقوله " :دعويهم " أي دعاؤهم أو استغاثتهم.
][3
التوبة :وقل اعملو فسيرى ال عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم
الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون .(1) 106يونس :ولقد أهلكنا
القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا
كذلك نجزى القوم المجرمين 14ثم جعلناكم خلئف في الرض من بعدهم
لننظر كيف تعملون .15وقال تعالى :وال يدعوا إلى دار السلم ويهدي
من يشاء إلى صراط مستقيم - 26إلى قوله تعالى -وإما نرينك بعض الذي
نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم ال شهيد على ما يفعلون 48ولكل امة
رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم ل يظلمون - 49إلى
قوله تعالى -قل أرأيتم إن أتيكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه
المجرمون 52أثم إذا ما وقع آمنتم به الئن وقد كنتم به تستعجلون 53ثم
قيل للذين ظلموا ذواقوا عذاب الخلد هل تجزون إل بما كنتم تكسبون - 54
إلى قوله -وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ول تعملون من عمل
إل كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في
الرض ول في السماء ول أصغر من ذلك ول أكبر إل في كتاب مبين ) 62
.(2وقال تعالى :ويحق ال الحق بكلماته ولو كره المجرمون .83هود:
ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد 103وما ظلمناهم
ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون ال من
شئ لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب 104وكذلك أخذ ربك إذا أخذ
القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد 105إن في ذلك لية لمن خاف
عذاب الخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود 106وما
نوخره إل لجل معدود 107يوم
) (1قوله تعالى " :فينبئكم بما كنتم تعملون " أي فيخبركم بما فعلتم ويجازيكم
عليه (2) .قوله تعالى " :إذ تفيضون فيه " أي تدخلون فيه والفاضة
الدخول في العمل على جهة النصباب إليه .والعزوب الذهاب عن المعلوم
وضده حضور المعنى للنفس والمعنى ما تغيب عن علم ربك من مثقال
ذرة أي وزن نملة صغيرة.
][4
يأت ل تكلم نفس إل باذنه فمنهم شقي وسعيد 108فأما الذين شقوا ففي النار لهم
فيها زفير وشهيق 109خالدين فيها مادامت السموات والرض إل ما شاء
ربك إن ربك فعال لما يريد 110وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها
مادامت السموات والرض إل ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ 111إلى
قوله تعالى وإن كل لما ليوفينهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير 114
فاستقم كما امرت ومن تاب معك ول تطغوا إنه بما تعملون بصير ) 115
.(1الرعد :قل من رب السموات والرض قل ال قل أفأتخذتم من دونه
أولياء ل يملكون لنفسهم نفعا ول ضرا قل هل يستوى العمى والبصير أم
هل تستوي الظلمات والنور أم جعلوا ل شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق
عليهم قل ال خالق كل شئ وهو الواحد القهار 18أنزل من السماء ماء
فسألت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما توقدون عليه في النار
ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب ال الحق والباطل فأما الزبد
فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الرض كذلك يضرب ال
المثال للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما
في الرض جميعا ومثله معه لفتدوا به اولئك لهم سوء
) (1قوله تعالى " منها قائم " أي باق كالزرع المحصود عافى الثر .وقوله "
تتبيب " أي غير تخسير وقوله " :وما نؤخره ال لجل معدود " أي وما
نؤخر اليوم ال لنتهاء مدة معدودة متناهية على حذف المضاف وارادة
مدة التأجيل كلها بالجل ل منتهاها فانه غير معدود .قوله " :زفير
وشهيق " الزفير اخراج النفس والشهيق رده والمراد شدة حالهم
وكربهم وتشبيه صراخهم بصوت الحمير .لن الزفير والشهيق أول نهاقه
وآخره .قوله " :ما دامت السموات والرض " ليس المراد السماء
والرض بعينها بل المراد التبعيد فان للعرب الفاظا للتبعيد في معنى
التأبيد يقولون لفعل ذلك ما اختلف الليل والنهار وما دامت السموات
والرض وما تنبت النبت ظنا منهم أن هذه الشياء ل يتغير ويريدون
بذلك التأبيد ،فخاطبهم سبحانه بالمتعارف من كلمهم على قدر عقولهم.
وقوله " عطاء غير مجذوذ " أي غير مقطوع ول ممنوع.
][5
الحساب ومأويهم جهنم وبئس المهاد 19أفمن يعلم أنما انزل إليك من ربك الحق
كمن هو أعمى إنما يتذكر اولوا الباب .(1) 20ابراهيم :ولقد أرسلنا
موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام ال إن
في ذلك ليات لكل صبار شكور .6وقال تعالى :قالت رسلهم أفي ال شك
فاطر السموات والرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويوخركم إلى أجل
مسمى .12وقال تعالى :ألم تر أن ال خلق السموات والرض بالحق إن
يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد 23وما ذلك على ال بعزيز .24وقال تعالى:
ول تحسبن ال غافل عما يعمل الظالمون إنما يوخرهم ليوم تشخص فيه
البصار 44مهطعين مقنعي رؤسهم ل يرتد إليهم طرفهم وافئدتهم هواء
45وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل
قريب 46نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل مالكم من
زوال 47و سكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا
بهم وضربنا لكم المثال وقد مكروا مكرهم وعند ال مكرهم وإن كان
مكرهم لتزول منه الجبال 48فل تحسبن ال مخلف وعده رسله إن ال
عزيز ذو انتقام (2) .49
) (1قوله تعالى " :رابيا " أن طافيا عاليا فوق الماء .وقوله " :جفاء " أي يجفئ
به أي يرمى به السيل والفلز المذاب (2) .قوله تعالى " :تشخص فيه
البصار " أي تفتح ول تغمض .وقوله " :مهطعين مقنعي رؤسهم " أي
مسرعين رافعي رؤوسهم .والهطاع السراع ،والقناع رفع الرأس.
وقوله " :ل يرتد إليهم " أي ل يرجع إليهم أعينهم ول يطبقونها ول
يغمضونها .قوله " هواء " أي خالية من العقل لفزعهم .قوله " :وقد
مكروا مكرهم وعند ال مكرهم " أي مكروا بالنبياء قبلك ما امكنهم من
المكر كما مكروا بك فعصمهم ال من مكرهم كما عصمك " .وعند ال
مكرهم " أي جزاء مكرهم بحذف المضاف .وقوله " :مخلف وعده رسله
" أصله مخلف رسله وعده تقدم المفعول الثاني ايذانا بان ال ل يخلف
الوعد أصل ،وإذا لم يخلف وعده أحدا كيف يخلف رسله.
][6
النحل :هل ينظرون إل أن تأتيهم الملئكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من
قبلهم وما ظلمهم ال ولكن كانوا أنفسهم يظلمون 36فأصابهم سيئات ما
عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن .37وقال تعالى :تال لقد أرسلنا
إلى امم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب
أليم .(1) 66السرى :قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى
سبيل .(2) 87مريم :إن كل من في السموات والرض إل آتي الرحمن
عبدا 95لقد أحصيهم وعدهم عدا 96وكلهم آتيه يوم القيمة فردا - 97
إلى قوله تعالى -وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو
تسمع لهم ركزا .(3) 98النبياء :وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة
وأنشأنا بعدها قوما آخرين 12فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون 13
ل تركضوا وارجعوا إلى ما اترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون 14قالوا يا
ويلنا إنا كنا ظالمين 15فمازالت تلك دعويهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين
- 16إلى قوله تعالى -ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا
منهم ما كانوا به يستهزؤن 43قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن
بل هم عن ذكر ربهم معرضون 44أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا ل
يستطيعون نصر أنفسهم ول هم منا يصحبون 45بل متعنا هؤلء وآباءهم
حتى طال عليهم العمر أفل يرون أنا نأتي الرض ننقصها من أطرافها أفهم
) (1قوله " :فهو وليهم اليوم " عبر باليوم عن زمان الدنيا أو يوم القيامة على
أنه حكاية حال ماضية كما قاله البيضاوى (2) .الشاكلة الطبيعة والخلقة
أو الطريقة والمذهب أي كل واحد من المؤمن والكافر يعمل على طبيعته
وخلقته التى تخلق بها .وقيل على طريقته وسنته التى اعتادها (3) .قوله
تعالى " :هل تحس منهم من أحد " أي هل تشعر باحد منهم وتراه.
وقوله " :ركزا " الركز الصوت الخفى واصل التركيب هو الخفاء ومنه
ركز الرمح إذا غيب طرفه في الرض والركاز المال المدفون.
][7
الغالبون .(1) 46الحج :يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم 2
يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها
وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب ال شديد .3وقال
تعالى :ألم تر أن ال يسجد له من في السموات ومن في الرض والشمس
والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق
عليه العذاب ومن يهن ال فما له من مكرم إن ال يفعل ما يشاء 20هذان
خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب
من فوق رؤسهم الحميم 21يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع
من حديد 22كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم اعيدوا فيها وذوقوا
عذاب الحريق 23إن ال يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري
من تحتها النهار يحلون فيها من
) (1قوله تعالى " :وكم قصمنا " أي كم أهلكنا .والقصم بالفتح :الكسر ،يقال :هو
قاصم الجبابرة .وقال البيضاوى هذه الية واردة عن غضب عظيم لن
القصم كسر يبين تلئم الجزاء بخلف الفصم فانه كسر بل ابانة وقوله:
" يركضون " أي يهربون سراعا والركض العدو بشدة الوطى .وقوله "
ل تركضوا " على ارادة القول أي قيل لهم استهزاء ل تركضوا وقوله" :
ما اترفتم فيه " الترفة النعمة والترف النعم .وقوله :حصيدا خامدين "
أي مثل الحصيد وهو البنت المحصود ولذلك لم يجمع .و " خامدين " أي
ميتين من خمدت النار .قوله " :وحاق بهم " أي حل بهم وبال
استهزائهم وسخريتهم والفرق بين السخرية والهزء أن في السخرية
معنى طلب الذلة لن التسخير التذليل ،واما الهزء فيقتضى طلب صغر
القدر بما يظهر في القول .قوله " :من يكلؤكم " أي يحفظكم والكلءة
الحفظ .وقوله " :من الرحمن " أي من بأس الرحمن .وقوله" :
معرضون " أي ل يخطرون ببالهم فضل ان يخافوا بأسه حتى إذا كلئوا
منه عرفوا الكالئ وصلحوا للسؤال .وقوله " :ولهم منا يصحبون " قال
ابن قتيبة أي ل يجيرهم منا احد لن المجير صاحب الجار ،تقول صحبك
ال أي حفظك ال واجارك.
][8
أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير 24وهدوا إلى الطيب من القول و هدوا
إلى صراط الحميد .25وقال تعالى :وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح
وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت
للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير 43فكأين من قرية أهلكناها وهي
ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد - 44إلى قوله
تعالى -وكأين من قريه أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلى المصير 47
) .(1المؤمنون :حتى إذا جاء أحدهم الموت قال :رب ارجعون 102لعلي
أعمل صالحا فيما تركت كل إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى
يوم يبعثون 103فإذا نفخ في الصور فل أنساب بينهم يومئذ ول يتسائلون
104فمن ثقلت موازينه فاولئك هم المفلحون 105ومن خفت موازينه
فاولئك الذين خسروا أنفسهم
) (1قوله تعالى " :تذهل كل مرضعة " أي تنساه والذهول الذهاب عن الشئ دهشا
وحيرة .وقوله " :تضع كل ذات حمل حملها " أي لو كان ثم مرضعة
لذهلت أو حامل لوضعت وان لم يكن هناك حامل ول مرضعة والمراد شدة
هول القيامة .وقوله " :هذان خصمان اختصموا في ربهم " أي فوجان
مختصمان والخصم يستوى فيه المذكر والمؤنث والواحد والجمع ولذلك
قال " :اختصموا " لنهما جمعان وليسا برجلين .قوله " :قطعت " أي
قدرت على مقادير جثتهم ثياب .وقوله " :يصهر به " الصهر الذابة أي
يذاب وينضج بذلك الحميم ما في بطونهم من الحشاء ويذاب به الجلود.
قوله " :ولهم مقامع من حديد " جمع مقمعة أي سياط يجلدون بها.
وقوله " ذوقوا " أي قيل لهم ذوقوا بحذف القول .قوله " من أساور "
جمع اسورة وهى جمع سوار .وهو صفة مفعول محذوف .قوله " فأمليت
" أي فأمهلت يقال :أملى ال لفلن في العمر إذا أخر عنه أجله .قوله "
وكيف كان نكير " أي انكاري عليهم بتغيير النعمة محنة والحياة هلكا
والعمارة خرابا .قوله " خاوية على عروشها " أي ساقطة حيطانها على
سقوفها بان تعطلت بنيانها فخرت سقوفها ثم تهدمت حيطانها فسقطت
فوق السقف " .خاوية " بمعنى خالية أي خالية مع بقاء عروشها
وسلمتها فيكون الجار متعلقة بخاوية.
][9
في جهنم خالدون .(1) 106النور :أل إن ل ما في السموات والرض قد يعلم ما
أنتم عليه ويوم ترجعون إليه فينبئهم بما عملوا وال بكل شئ عليم ) 64
.(2النمل :إنما امرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شئ
وامرت أن أكون من المسلمين 93وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما
يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين 94وقل الحمد ل
سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون .95القصص :ولقد
آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الولى بصائر للناس وهدى
ورحمة لعلهم يتذكرون - 43إلى قوله -ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم
العمر .(3) 44الروم :قل سيروا في الرض فانظروا كيف كان عاقبة
الذين من قبل كان أكثرهم مشركين 42فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن
يأتي يوم ل مرد له من ال يومئذ يصدعون 43من كفر فعليه كفره ومن
عمل صالحا فلنفسهم يمهدون 44ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات
من فضله إنه ل يحب الكافرين - 45إلى
) (1قوله تعالى " ومن ورائهم " الوراء هنا بمعنى المام كقوله تعالى " ومن
ورائهم ملك يأخذ كل سفينة " وقوله " بزرخ " البرزخ الحاجز بين
الشيئين .قوله " فل انساب بينهم يؤمئذ " أي ل يتواصلون بالنساب ول
يتعاطفون بها مع معرفة بعضهم بعضا (2) .قوله " ما أنتم عليه " أي
من الخيرات والمعاصي واليمان والنفاق .و " يوم " منصوب بالعطف
على محذوف هو ظرف زمان والتقدير ما انتم تثبتون عليه الن ويوم
يرجعون ،خرج من الخطاب إلى الغيبة (3) .قوله تعالى " بصائر للناس
" البصائر الحجج والبراهين للناس والعبر يبصرون بها وهى بدل من
التوراة .والبصائر جمع البصيرة وهى نور القلب .قوله " فطال عليهم
العمر " العمر بضمتين :الحياة كما في القاموس أي فطال عليهم مدة
انقطاع الوحى فاندرست الشرايع فأوحينا اليك خبر موسى وغيره:
فالمستدرك الوحى إليه فحذف واقيم سببه مقامه.
][10
قوله -ولقد أرسلنا من قبلك رسل إلى قومهم فجاؤهم بالبينات فانتقمنا من الذين
أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين .(1) 47التنزيل :أولم يهد لهم كم
أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك ليات أفل
يسمعون .(2) 26سبأ :أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء
والرض إن نشأ نخسف بهم الرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن
في ذلك لية لكل عبد منيب .10وقال تعالى :وحيل بينهم وبين ما يشتهون
53كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب .(3) 54فاطر :يا
أيها الناس أنتم الفقراء إلى ال وال هو الغني الحميد 16إن يشأ يذهبكم
ويأت بخلق جديد 17وما ذلك على ال بعزيز - 18إلى قوله -أولم
يسيروا في الرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد
منهم قوة وما كان ال ليعجزه من شئ في السموات ول في الرض إنه
كان عليما قديرا .(4) 43يس :يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول
إل كانوا به يستهزؤن 29أولم يرواكم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم
ل يرجعون 30وإن كل لما جميع لدينا محضرون .31وقال تعالى :ولو
نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون 66
) (1قوله " فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا -الية " أي فانتقمنا من المذنبين
ودفعنا العذاب عن المؤمنين وكان واجبا علينا نصرهم (2) .قوله تعالى
" يمشون في مساكنهم " يعنى يمرون أهل مكة في متاجرهم على
ديارهم وقوله " أفل يسمعون " أي سماع تدبر (3) .قوله تعالى " كسفا
" الكسفة :القطعة من الشئ .قوله " منيب " أي راجع إلى ربه فانه
يكون كثير التأمل في أمره .وقوله " في شك مريب " أي في شك مشكك
كما قالوا عجب عجيب (4) .قوله " ليعجزة من شئ " أي لم يكن ال
يفوته شئ .قوله " من شئ " فاعل ليعجزه و " من " مزيدة.
][11
ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيا ول يرجعون .(1) 67
الزمر :قل إني امرت أن أ عبد ال مخلصا له الدين وامرت أن أكون أول
المسلمين 14قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم 15قل ال
أعبد مخلطا له ديني 16فاعبدوا ما شئتم من دونه قل إن الخاسرين الذين
خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيمة أل ذلك هو الخسران المبين 17لهم
من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف ال به عباده يا عباد
فاتقون 18والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى ال لهم
البشرى فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه اولئك الذين
هداهم ال واولئك هم اولوا الباب 19أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت
تنقذ من في النار 20لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف
مبنية تجري من تحتها النهار وعد ال ل يخلف ال الميعاد .21وقال
تعالى :أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيمة وقيل للظالمين ذوقوا ما
كنتم تكسبون 26كذب الذين من قبلهم فأتاهم العذاب من حيث ل يشعرون
27فأذاقهم ال الخزي في الحيوة الدنيا ولعذاب الخرة أكبر لو كانوا
يعلمون .28وقال تعالى :ولو أن للذين ظلوا ما في الرض جميعا ومثله
معه لفتدوا به من سوء العذاب يوم القيمة وبدا لهم من ال ما لم يكونوا
يحتسبون 48وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن
.(2) 49المؤمن :أولم يسيروا في الرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين
كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا في الرض فأخذهم ال
بذنوبهم وما كان لهم من
) (1قوله " وان كل لما " ان مخففة من الثقلية واللم هي الفارقة .و " ما "
مزيدة للتأكيد و " كل " أصله كلهم .ومعناه ان المم كلهم يوم القيامة
يحضرون فيقفون على ما عملوه في الدنيا .وقوله " لطمسنا " الطمس
محو الشئ حتى يذهب أثره .قوله " فاستبقوا الصراط " انتصاب الصراط
بنزع الخافض أي إلى الطريق .قوله " مضيا ول يرجعون " أي لم
يقدروا على ذهاب ول مجئ (2) .قوله تعالى " ان الخاسرين الذى
خسروا انفسهم " " الذين " خبر " ان " وقوله " لهم من فوقهم ظلل
" الظلل جمع الظلة وهى السترة العالية وهذا شرح لخسرانهم .والنقاذ:
النجاء(*) .
][12
ال من واق 22ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا فأخذهم ال إنه قوي
شديد العقاب .23وقال تعالى يا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني
إلى النار 44تدعونني لكفر بال واشرك به ما ليس لي به علم وأنا
أدعوكم إلى العزيز الغفار 45لجرم أنما تدعونني إليه ليس له دعوة في
الدنيا ول في الخرة وأن مردنا إلى ال وأن المسرفين هم أصحاب النار
46فستذكرون ما أقول لكم وافوض أمري إلى ال إن ال بصير بالعباد 47
فوقيه ال سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب .(1) 48حم
عسق :وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل 44
وتريهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي وقال
الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيمة أل إن
الظالمين في عذاب مقيم 45وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون
ال ومن يضلل ال فما له من سبيل 46استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي
يوم ل مرد له من ال مالكم من ملجأ يؤمئذ ومالكم من نكير (2) .47
الزخرف :وكم أرسلنا من نبي في الولين 6وما يأتيهم من نبي إل كانوا به
يستهزؤن 7فأهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الولين -إلى قوله
) (1قوله تعالى " تدعونني لكفر بال " بدل أو بيان فيه تعليل والدعاء كالهداية
في التعدية بالى واللم .وقوله " ما ليس لى به علم " أي بربوبيته علم
والمراد نفى المعلوم والشعار بأن اللوهية لبد لها من برهان (2) .قوله
تعالى " ومن يضلل ال " أي من يخليه ال وضلله ليس له معين من
بعد خذلن ال .وقوله " هل إلى مرد " أي رجوع ورد إلى الدنيا .وقوله
" تريهم يعرضون عليها " أي على النار ويدل عليها العذاب .وقوله "
من طرف خفى " أي ضعيف النظر مسارقة و " من " ابتدائية أو بمعنى
الباء .وذلك لما عليهم من الهوان يسارقون النظر إلى النار خوفا منها.
][13
تعالى -وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إل قال مترفوها إنا وجدنا
آباءنا على امة وإنا على آثارهم مقتدون 23قال أولو جئتكم بأهدى مما
وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما ارسلتم به كافرون 24فانتقمنا منهم فانظر
كيف كان عاقبة المكذبين .(1) 25الدخان :كم تركوا من جنات وعيون
وزروع ومقام كريم 26ونعمة كانوا فيها فاكهين 27كذلك وأورثناها قوم
آخرين 28فما بكت عليهم السماء والرض وما كانوا منظرين .(2) 29
الحقاف :ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا و
أفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ول أبصارهم ول أفئدتهم من شئ إذ كانوا
يجحدون بآيات ال وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن .(3) 26ق :وكم
أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلد هل من محيص
35إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .(4) 36
) (1قوله تعالى " أشد منهم بطشا ومضى مثل الولين " البطش الخذ الشديد و "
مضى " أي وسلف في القرآن قصصهم العجيبة .وقوله " مترفوها " هم
المتنعمون الذين آثروا الترفة على طلب الحجة يريد الرؤساء ،وتخصيص
المترفين اشعار بان التنعم وحب البطالة صرفهم عن النظر إلى التقليد) .
(2قوله تعالى " ونعمة " قال في القاموس النعمة بالكسر الدعة والمال
والسم النعمة بالفتح .وقوله " منظرين " أي مهملين إلى وقت آخر) .
(3قوله تعالى " ولقد مكناهم فيما ان مكناكم " " ان " نافية بمعنى "
ما " النافية ،وهو أي " ان " في النفى مع " ما " الموصولة بمعنى
الذى أحسن في اللفظ من " ما " النافية (4) .قوله تعالى " بطشا " أي
قوة .وقوله " فنقبوا في البلد " أي فتحوا المسالك في البلد لشدة
بطشهم .وقوله " هل من محيص " أي هل وجدوا مفرا من الموت .وفى
القاموس محص منى أي هرب .وقوله " :من كان له قلب " أي عقل
يتفكر ويتدبر .وقوله " :أو القى السمع " أي أصغى لستماعه .وقوله "
هو شهيد " أي شاهد بصدقه فيتعظ بظواهره وينزجر بزواجره.
][14
الواقعة :نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم وننشئكم
فيما ل تعلمون .(1) 61التغابن :هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن
وال بما تعلمون بصير 2خلق السموات والرض بالحق وصوركم فأحسن
صوركم وإليه المصير 3يعلم ما في السموات والرض ويعلم ما تسرون
وما تعلنون وال عليم بذات الصدور 4ألم يأتكم نبؤا الذين كفروا من قبل
فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم 5ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات
فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى ال وال غني حميد .(2) 6
الطلق :وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا
شديدا وعذبناها عذابا نكرا 8فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا
9أعد ال لهم عذابا شديدا فاتقوا ال يا اولي اللباب .(3) 10الملك :فلما
رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون 27قل
أرأيتم إن أهلكني ال ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب
أليم 28قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلل
) (1قوله تعالى " :وما نحن بمسبوقين " أي ل يسبقنا أحد فيهرب من الموت أو ل
يسبقنا أحد منكم على ما قدرنا له من الموت حتى يزيد في مقدار حياته،
أول يسبقنا خالق ول مقدر في الخلق والتقدير وفعلنا ما فعلنا ولم يكن لما
فعلناه مثال وانا لقادرون .وقوله " :على أن نبدل أمثالكم " أي لسنا
بعاجزين على خلقكم وبعثكم ثانيا ،أو على ان نبدل منكم اشباهكم فنخلق
بدلكم .وقوله " :ننشئكم " أي نوجدكم بعد أن نفنيكم وقوله " فيما ل
تعلمون " أي في نشأة ل تعلمون كيفيتها (2) .قوله تعالى " فذاقوا وبال
أمرهم " أي ضرر كفرهم في الدنيا واصل الوبال الثقل .والنكر هو عذاب
الستيصال .وقوله " :حاسبناها حسابا شديدا " أي بالستقصاء
والمناقشة (3) .قوله تعالى " :عتت عن أمر ربها " أي عتوا على ال
ورسله وجاوزوا الحد في المخالفة.
][15
مبين 29قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين .(1) 30المعارج:
أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم 38كل إنا خلقناهم مما يعلمون
39فل اقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون 40على أن نبدل خيرا
منهم وما نحن بمسبوقين 41فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلقوا يومهم
الذي يوعدون 42يوم يخرجون من الجداث سراعا كأنهم إلى نصب
يوفضون 43خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون
.(2) 44القيمة :وجوه يومئذ ناضرة 22إلى ربها ناظرة 23ووجوه
يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقره 25كل إذا بلغت التراقي 26وقيل من
راق 27وظن أنه الفراق 28والتفت الساق بالساق 29إلى ربك يومئذ
المساق 30فل صدق ول صلى 31ولكن كذب وتولى 32ثم ذهب إلى أهله
يتمطى 33أولى لك فأولى 34ثم أولى لك فأولى 35أيحسب النسان أن
يترك سدى 36ألم يك نطفة من مني يمنى 37ثم كان علقة فخلق فسوى
38فجعل منه الزوجين الذكر والنثى 39أليس ذلك بقادر على أن يحبي
الموتى .(3) 40
) (1قوله تعالى " سيئت وجوه الذى كفروا " أي بان عليها الكابة والحزن
وساءتها رؤية العذاب .وقوله " :تدعون " أي تطلبون وتستعجلون به،
تفتعلون من الدعاء .أو به تدعون ،أو بسببه تدعون أن ل بعث فهو من
الدعوى .قوله " :غورا " بمعنى غائرا مصدر وصف به وقوله " :بماء
معين " أي جار ،أو ظاهر سهل التناول (2) .قوله تعالى " ل أقسم " "
ل " مزيدة للتأكيد والمراد بالمشارق :قيل للشمش ثلثمائة وستون
مشرقا وثلثمائة وستون مغربا ،في كل يوم له مشرق ومغرب .قوله" :
فذرهم يخوضوا " أي اتركهم في باطلهم .قوله " :من الجداث " أي من
القبور .قوله " :سراعا " أي مسرعين .قوله " كأنهم إلى نصب " أي
إلى منصوبات للعبادة أو أعلم " .يوفضون " أي يسرعون .قوله" :
ترهقهم " أي تغشاهم (3) .قوله تعالى " :ناضرة " أي حسنة مضيئة
مشرقة " إلى ربها ناظرة " أي ينتظر ثواب ربها .ورد في الحديث "
ينتهى اولياء ال بعد ما يفرغ من الحساب إلى نهر يسمى الحيوان < -
][16
المرسلت :ألم نهلك الولين 16ثم نتبعهم الخرين 17كذلك نفعل بالمجرمين 18
ويل يومئذ للمكذبين .(1) 19النبأ :إنا أنذرناكم عذابا قريبا 40يوم ينظر
المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر ياليتني كنت ترابا .(2) 41عبس :فإذا
جاءت الصاخة 33يوم يفر المرء من أخيه 34وامه وأبيه 35وصاحبته
وبنيه 36لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه 37وجوه يومئذ مسفرة 38
ضاحكة مستبشرة 39ووجوه يومئذ عليها غبرة 40ترهقها قترة 41
اولئك هم
< -فيغتسلون فيه ويشربون منه فتبيض وجوههم اشراقا فيذهب عنهم كل قذى
ووعث ثم يؤمرون بدخول الجنة فمن هذا المقام ينظرون إلى ربهم كيف
يثيبهم قال فذلك قوله تعالى " إلى ربها ناظرة " وانما يعنى بالنظر إليه
النظر إلى ثوابه تبارك وتعالى وقال :والناظرة في بعض اللغة هي
المنتظرة الم تسمع إلى قوله " :فناظرة بم يرجع المرسلون " أي
منتظرة .وقوله " :ووجوه يومئذ باسرة " أي كالحة شديدة العبوس" .
تظن أن يفعل بها فاقرة " أي تتوقع أرباب تلك الوجوه أو توقن أن يفعل
بها داهية عظيمة تكسر قفار الظهر .وقوله " :إذا بلغت التراقي " أي إذا
بلغت النفس الترقوة )گلوگاه( .وقوله " :وقيل من راق " أي يقال له:
من يرقيك مما بك ؟ يعنى هل من طبيب ؟ .وقوله " :وظن انه الفراق "
أي أيقن أن الذى نزل به فراق الدنيا ومحابها وعلم بمفارقة الحبة.
قوله " :والتفت الساق بالساق " أي التوت شدة فراق الدنيا بشدة خوف
الخرة ،أو التوت احدى ساقيه بالخرى عند الموت .والمساق المصير.
وقوله " :يتمطى " أي يتبختر افتخارا في مشيته اعجابا بنفسه .قوله" :
اولى لك " كلمه وعيد وتهديد أي بعدا لك من خير الدنيا وبعدا لك من
خير الخرة .وقيل معناه :الذم أولى لك من تركه .وقوله " :سدى " أي
مهمل ل يحاسب ول يسئل ول يعاقب (1) .قوله تعالى " :ويل يومئذ
للمكذبين " الويل في الصل مصدر منصوب باضمار فعله عدل به إلى
الرفع للدللة على ثبات الهلك للمدعو عليه و " يومئذ " ظرفه أو
صفته (2) .قوله " :يا ليتنى كنت ترابا " أي في الدنيا فلم أخلق ولم
أكلف ،أو في هذا اليوم فلم أبعث لم وانشر.
][17
الكفرة الفجرة .(1) 42النفطار :إن البرار لفي نعيم 13وإن الفجار لفي جحيم 14
يصلونها يوم الدين .(2) 15المطففين :أل يظن اولئك أنهم مبعوثون 4
ليوم عظيم 5يوم يقوم الناس لرب العالمين .6الغاشية :هل أتيك حديث
الغاشية 1وجوه يومئذ خاشعة 2عاملة ناصبة تصلى نارا حامية 4تسقى
من عين آنية 5ليس لهم طعام إل من ضريع 6ل يسمن ول يغني من جوع
7وجوه يومئذ ناعمة 8لسعيها راضية 9في جنة عالية 10ل تسمع فيها
لغية 11فيها عين جارية 12فيها سرر مرفوعة 13وأكواب موضوعة
14و نمارق مصفوفة 15وزرابي مبثوثة .(3) 26
) (1قوله تعالى " فإذا جاءت الصاخة " أي النفحة وصفت بها مجازا لن الناس
يصخون لها .وقوله " :شأن يغنيه " أي يشغله عن غيره .قوله" :
وجوه يومئذ مسفرة " أي مضيئة بما ترى من النعم .و " وجوه يومئذ
عليها غبرة " أي عليها غبار وكدورة و " ترهقها قترة " أي يغشيها
سواد وظلمة (2) .قوله تعالى " :يصلونها يوم الدين " أي يدخلونها
ويقاسون حرها ويلزمونها بكونهم فيها .ويوم الدين أي يوم الجزاء
والحساب (3) .قوله تعالى " :الغاشية " يعنى القيامة لنها تغشى
الخلئق باهوالها .قوله " :ناصبة " أي عملت ونصبت في اعمال ل
يعنيها أو نصب وتعب بالسلسل والغلل .قوله " :آنية " أي شديدة
الحرارة بلغت أناها في الحر ،قوله " حامية " أي متناهية في الحر" .
الضريع " هو نوع من الشوك ل ترعاه دابة لخبثه ،أمر من الصبر وأنتن
من الجيفة وأشد حرا من النار ،سماه ال تعالى الضريع كما في الرواية.
قوله " ناعمة " أي ذاب بهجة أو متنعمة .وقوله " :لغية " أي الهزل
والكذب .وقوله " :ونمارق مصفوفة " أي وسائد مرتبة بعضها بجنب
بعض يستند ؟ ؟ إليها .و " أكواب " جمع كوب أي اقداح ل عرى لها.
قوله " :وزرابى مبثوثة " أي بسط فاخرة مبسوطة لها خمل.
][18
][19
وأما الطست فهو العمل الصالح إذا كتمه العبد وأخفاه أبى ال عزوجل إل أن يظهره
ليزينه به مع ما يدخر له من ثواب الخرة .وأما الطير فهو الرجل الذي
يأتيك بنصيحة فاقبله واقبل نصيحته .وأما البازي فهو الرجل الذي يأتيك
في حاجة فل تؤيسه .وأما اللحم المنتن فهي الغيبة فاهرب منها - 2 .ن:
بالسانيد الثلثة ) (1عن الرضا عليه السلم أن أباه عليه السلم قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وآله يقول ال تبارك وتعالى :يا ابن آدم ما
تنصفني أتحبب إليك بالنعم وتتمقت إلي بالمعاصي ،خيري عليك منزل
وشرك إلي صاعد ،ول يزال ملك كريم ،يأتيني عنك في كل يوم وليلة بعمل
قبيح ،يا ابن آدم لو سمعت وصفك من غيرك وأنت ل تعلم من الموصوف
لسارعت إلى مقته .ما (2) :عن المفيد ،عن عمر بن محمد الزيات ،عن
علي بن مهروية ،عن داود بن سليمان ،عن الرضا عليه السلم عن آبائه
عليهم السلم عن النبي صلى ال عليه وآله مثله ،وفيه " في كل يوم بعمل
غير صالح " - 3 .مع ،ل ،لى (3) :محمد بن أحمد السدي ،عن محمد بن
جرير ،والحسن ابن عروة وعبد ال بن محمد الوهبي ) (4جميعا ،عن
محمد بن حميد ،عن زافر بن سليمان ،عن محمد بن عينية ،عن أبي حازم،
عن سهل بن سعد قال :جاء جبرئيل عليه السلم إلى النبي صلى ال عليه
وآله يا محمد عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه
) (1العيون ص 197وراجع في بيان المراد بالسانيد الثلثة المجلد الول ص 51
باب تلخيص المصادر (2) .المالى ج 1ص 126و 281وج 2ص
(3) .183معاني الخبار ص .178الخصال ج 1ص .7المالى المجلس
الحادى والربعون ص (4) .141في بعض النسخ " الدهنى ".
][20
واعمل ما شئت فانك مجزي به ) (1واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه
استغناؤه عن الناس - 4 .مع (2) :عن أبيه ،عن سعد ،عن البرقي ،عن
أبيه في حديث مرفوع عن النبي صلى ال عليه وآله قال :جاء جبرئيل
عليه السلم إلى النبي صلى ال عليه وآله فقال :يارسول ال إن ال تبارك
وتعالى أرسلني إليك بهدية لم يعطها أحدا قبلك ،قال رسول ال صلى ال
عليه وآله قلت :وما هي ؟ قال :الصبر وأحسن منه ،قلت :وما هو ؟ قال
الرضا وأحسن منه ،قلت :وما هو ؟ قال :الزهد وأحسن منه ،قلت :وما هو
؟ قال :الخلص وأحسن منه ،قلت :وما هو ؟ قال :اليقين وأحسن منه،
قلت وما هو ؟ قال جبرئيل إن مدرجة ذلك التوكل على ال عزوجل فقلت:
وما التوكل على ال عزوجل ؟ فقال :العلم بأن المخلوق ل يضر ول ينفع
ول يعطي ول يمنع ،واستعمال اليأس من الخلق ،فإذا كان العبد كذلك لم
يعمل لحد سوى ال ،ولم يرج ولم يخف سوى ال ،ولم يطمع في أحد
سوى ال فهذا هو التوكل .قال :قلت :يا جبرئيل فما تفسير الصبر ؟ قال:
تصبر في الضراء كما تصبر في السراء ،وفي الفاقة كما تصبر في الغنى،
وفي البلء كما تصبر في العافية ،فل يشكو حاله عند الخلق بما يصيب من
البلء .قلت :فما تفسير القناعة قال :يقنع بما يصيب من الدنيا يقنع بالقليل
ويشكر اليسير ،قلت :فما تفسير الرضا ؟ قال :الراضي ل يسخط على
سيده ،أصاب الدنيا أم ل ،ول يرضى لنفسه باليسير من العمل ،قلت :يا
جبرئيل فما تفسير الزهد ؟ قال :الزاهد يحب من يحب خالقه ويبغض من
يبغض خالقه ويتحرج ) (3من حلل الدنيا ول يلتفت إلى حرامها فان
حللها حساب وحرامها عقاب ،ويرحم جميع المسلمين كما يرحم نفسه،
ويتحرج من الكلم
) (1إلى هنا رواه الشيخ في أماليه ج 2ص 203من حديث جعفر بن محمد عن
آبائه عن النبي صلى ال عليه وآله (2) .معاني الخبار ص (3) .260
التحرج :التجنب.
][21
كما يتحرج من الميتة التي قد اشتد نتنها ،ويتجرح عن حطام الدنيا ) (1وزينتها كما
يتجنب النار أن تغشاه ،ويقصر أمله وكان بين عينيه أجله ،قلت :يا جبرئيل
فما تفسير الخلص ؟ قال :المخلص الذي ل يسأل الناس شيئا حتى يجد
وإذا وجد رضي وإذا بقي عنده شئ أعطاه في ال فان من لم يسأل
المخلوق فقد أقر ل عز وجل بالعبودية وإذا وجد فرضي فهو عن ال
راض وال تبارك وتعالى عنه راض ،وإذا أعطى ال عزوجل فهو على حد
الثقة بربه عزوجل قلت :فما تفسير اليقين ؟ قال الموقن يعمل ل كأنه يراه
فإن لم يكن يرى ال فان ال يراه ،وأن يعلم يقينا أن ما أصابه لم يكن
ليخطيه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه وهذا كله أغصان التوكل ومدرجة
الزهد - 5 .ل (2) :عن أبيه ،عن علي بن موسى بن جعفر الكميداني ،عن
أحمد بن محمد عن أبيه ،عن عبد ال بن جبلة ،عن عبد ال بن سنان ،عن
أبي عبد ال عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله لجبرئيل
عليه السلم :عظني فقال :يا محمد عش ما شئت فانك ميت ،و أحبب ما
شئت فإنك مفارقه ،واعمل ما شئت فإنك ملقيه :شرف المؤمن صلته
بالليل ،وعزه كفه عن أعراض الناس - 6 .عن كتاب ارشاد القلوب
للديلمي (3) :روي عن أمير المؤمنين عليه السلم أن النبي صلى ال
عليه وآله سأل ربه سبحانه ليلة المعراج فقال :يا رب أي العمال أفضل ؟
فقال ال عزوجل :ليس شئ عندي أفضل من التوكل علي والرضى بما
قسمت يا محمد وجبت محبتي للمتحابين في ووجبت محبتي للمتعاطفين
في ،ووجبت محبتي للمتواصلين في ،ووجبت محبتي للمتوكلين علي،
وليس لمحبتي علم ) (4ول غاية ول نهاية وكلما رفعت لهم علما وضعت
لهم علما ،اولئك الذين نظروا إلى
) (1الحطام الفتاة وما يحطم من عيدان الزرع إذا يبس .والمال القليل (2) .الخصال
ج 1ص (3) .7الباب الرابع والخمسون هكذا بدون ذكر السند(4) .
بفتحتين كناية عن عدم المحدودية.
][22
المخلوقين بنظري إليهم ،ول يرفعوا الحوائج إلى الخلق ،بطونهم خفيفة من أكل
الحلل ،نعيمهم في الدنيا ذكري ،ومحبتي ورضاي عنهم يا أحمد إن أحببت
أن تكون أورع الناس فازهد في الدنيا وارغب في الخرة فقال :يا إلهي
كيف أزهد في الدنيا وأرغب في الخرة ؟ قال :خذ من الدنيا خفا ) (1من
الطعام والشراب واللباس ول تدخر لغد ،ودم على ذكري .فقال :يا رب و
كيف أدوم على ذكرك ؟ فقال :بالخلوة عن الناس ،وبغضك الحلو
والحامض ،و فراغ بطنك وبيتك من الدنيا .يا أحمد فاحذر أن تكون مثل
الصبي إذا نظر إلى الخضر والصفر أحبه وإذا اعطى شئ من الحلو
والحامض اغتر به ،فقال :يا رب دلني على عمل أتقرب به إليك ،قال:
اجعل ليلك نهارا ،ونهارك ليل ،قال :يا رب كيف ذلك ؟ قال :اجعل نومك
صلة ،وطعامك الجوع .يا أحمد وعزتي وجللي ما من عبد مؤمن ،ضمن
لي بأربع خصال إل أدخلته الجنة :يطوي لسانه فل يفتحه إل بما يعنيه،
ويحفظ قلبه من الوسواس ،ويحفظ علمي ونظري إليه ،وتكون قرة عينه
الجوع .يا أحمد لو ) (2ذقت حلوة الجوع والصمت والخلوة وما ورثوا
منها ،قال :يا رب ما ميراث الجوع ؟ قال :الحكمة ،وحفظ القلب ،والتقرب
إلي ،والحزن الدائم ،وخفة المؤونة بين الناس ،وقول الحق ،ول يبالي
عاش بيسر أو بعسر .يا أحمد هل تدري بأي وقت يتقرب العبد إلى ال ؟
قال :ل يا رب ،قال :إذا كان جايعا أو ساجدا .يا أحمد عجبت من ثلثة
عبيد :عبد دخل في الصلة وهو يعلم إلى من يرفع يديه وقدام من هو،
وهو ينعس ) (3وعجبت من عبد له قوت يوم من الحشيش أو غيره وهو
يهتم لغد ،وعجبت من عبد ل يدري أني راض عنه أم ساخط عليه وهو
يضحك.
) (1بكسر الخاء من الخفيف (2) .للتمني (3) .النعاس أول النوم وهو الحالة التى
يحتاج النسان فيها إلى النوم.
][23
يا أحمد إن في الجنة قصرا من لؤلؤة فوق لؤلؤة ،ودرة فوق درة ليس فيها قصم
ول وصل ،فيها الخواص ،أنظر إليهم كل يوم سبعين مرة واكلمهم ،كلما
نظرت إليهم أزيد في ملكهم سبعين ضعفا ،وإذا تلذذ أهل الجنة بالطعام
والشراب تلذذوا بكلمي وذكري وحديثي .قال :يا رب ما علمات اولئك ؟
قال :هم في الدنيا مسجونون ،قد سجنوا ألسنتهم من فضول الكلم،
وبطونهم من فضول الطعام .يا أحمد إن المحبة ل هي المحبة للفقراء،
والتقرب إليهم ،قال :يا رب و من الفقراء ؟ قال :الذين رضوا بالقليل،
وصبروا على الجوع ،وشكروا على الرخاء ،ولم يشكروا جوعهم ول
ظمأهم ،ولم يكذبوا بألسنتهم ،ولم يغضبوا على ربهم ولم يغتموا على ما
فاتهم ،ولم يفرحوا بما آتاهم .يا أحمد محبتي محبة للفقراء فادن الفقراء
وقرب مجلسهم منك ادنك ،و بعد الغنياء ،وبعد مجلسهم منك فان الفقراء
أحبائي .يا أحمد ل تتزين بلين اللباس ،وطيب الطعام ،ولين الوطاء ،فان
النفس مأوى كل شر ،وهي رفيق كل سوء ،تجرها إلى طاعة ال ،وتجرك
إلى معصيته وتخالفك في طاعته .وتطيعك فيما تكره ،وتطغى إذا شبعت،
وتشكو إذا جاعت ،و تغضب إذا افتقرت ،وتتكبر إذا استغنت ،وتنسى إذا
كبرت ،وتغفل إذا أمنت وهي قرينة الشيطان ،ومثل النفس كمثل النعامة
تأكل الكثير وإذا حمل عليها ل تطير ،ومثل الدفلي ) (1لونه حسن وطعمه
مر .يا أحمد أبغض الدنيا وأهلها وأحب الخرة وأهلها ،قال :يا رب ومن
أهل الدنيا ومن أهل الخرة ؟ قال :أهل الدنيا من كثر أكله وضحكه ونومه
وغضبه قليل الرضا ل يعتذر إلى من أساء إليه ،ول يقبل معذرة من اعتذر
إليه ،كسلن عند الطاعة ،شجاع عند المعصية ،أمله بعيد وأجله قريب ،ل
يحاسب نفسه ،قليل المنفعة ،كثير الكلم ،قليل الخوف ،كثير الفرح عند
الطعام ،وإن أهل الدنيا
) (1بكسر الدال وسكون الفاء والف مقصورة نبت زهره كالورد الحمر .يقال له
بالفارسية )خر زهره( ورقها كورق الخلف مر الطعم محلل نافع من
الحكة والجرب.
][24
ل يشكرون عند الرخاء ،ول يصبرون عند البلء ،كثير الناس عندهم قليل ،يحمدون
أنفسهم بما ل يفعلون ،ويدعون بما ليس لهم ،ويتكلمون بما يتمنون،
ويذكرون مساوي الناس ،ويخفون حسناتهم .قال :يا رب هل يكون سوى
هذا العيب في أهل الدنيا ؟ قال :يا أحمد إن عيب أهل الدنيا كثير فيهم
الجهل ،والحمق ،ل يتواضعون لمن يتعلمون منه وهم عند أنفسهم عقلء
وعند العارفين حمقاء .يا أحمد إن أهل الخير وأهل الخرة رقيقة وجوههم،
كثير حياؤهم ،قليل حمقهم ،كثير نفعهم ،قليل مكرهم ،الناس منهم في راحة
وأنفسهم منهم في تعب كلمهم موزون ،محاسبين لنفسهم ،متعبين لها،
تنام أعينهم ول تنام قلوبهم ،أعينهم باكية وقلوبهم ذاكرة ،إذا كتب الناس
من الغافلين كتبوا من الذاكرين ،في أول النعمة يحمدون وفي آخرها،
يشكرون ،دعاؤهم عند ال مرفوع ،وكلمهم مسموع ،تفرح الملئكة بهم،
يدور دعاؤهم تحت الحجب ،يحب الرب أن يسمع كلمهم كما تحب الوالدة
ولدها ،ول يشغلهم عن ال شئ طرفة عين ،ول يريدون كثرة الطعام ،ول
كثرة الكلم ،ول كثرة اللباس ،الناس عندهم موتى ،وال عندهم حي قيوم
كريم ،يدعون المدبرين كرما ،ويريدون المقبلين تلطفا ،قد صارت الدنيا
والخرة عندهم واحدة ،يموت الناس مرة ويموت أحدهم في كل يوم سبعين
مرة من مجاهدة أنفسهم ومخالفة هواهم ،والشيطان الذي يجري في
عروقهم ،ولو تحركت ريح لزعزعتهم ،وإن قاموا بين يدي كأنهم بنيان
مرصوص ) (1ل أرى في قلبهم شغل لمخلوق ،فوعزتي وجللي لحيينهم
حياة طيبة ،إذا فارقت أرواحهم من جسدهم ،ل اسلط عليهم ملك الموت،
ول يلي قبض روحهم غيري ،ول فتحن لروحهم أبواب السماء كلها،
ولرفعن الحجب كلها دوني ،ولمرن الجنان فلتزينن ،والحور العين
فلتزفن ) (2والملئكة فلتصلين
) (1أي مزلق بعضه إلى بعض ثابت ،من الرص وهو اتصال بعض البناء ببعض) .
(2زففت العروس إلى زوجها أزف -بالضم -زفا وزفافا ،وأزففتها أي
أهديتها إلى زوجها.
][25
والشجار فلتثمرن ،وثمار الجنة فلتدلين ) (1ولمرن ريحا من الرياح التي تحت
العرش فلتحملن جبال من الكافور والمسك الذفر فلتصيرن وقودا من غير
النار ،فلتدخلن به ،ول يكون بيني وبين روحه ستر فأقول له عند قبض
روحه :مرحبا وأهل بقدومك علي ،اصعد بالكرامة والبشرى والرحمة
والرضوان ،و جنات لهم فيها نعيم مقيم ،خالدين فيها أبدا إن ال عنده أجر
عظيم .فلو رأيت الملئكة كيف يأخذ بها واحد ويعطيها الخر .يا أحمد إن
أهل الخرة ل يهناؤهم الطعام منذ عرفوا ربهم ،ول يشغلهم مصيبة منذ
عرفوا سيئاتهم ،يبكون على خطاياهم ،يتعبون أنفسهم ول يريحونها ،وأن
راحة أهل الجنة في الموت ،والخرة مستراح العابدين ،مونسهم دموعهم
التي تفيض على خدودهم ،وجلوسهم مع الملئكة الذين عن أيمانهم وعن
شمائلهم ،ومناجاتهم مع الجليل الذي فوق عرشه ،وأن أهل الخرة قلوبهم
في أجوافهم قد قرحت ) (2يقولون متى نستريح من دار الفناء إلى دار
البقاء .يا أحمد هل تعرف ما للزاهدين عندي في الخرة ؟ قال :ل يا رب،
قال :يبعث الخلق ويناقشون بالحساب ،وهم من ذلك آمنون ،إن أدنى ما
اعطي للزاهدين في الخرة أن اعطيهم مفاتيح الجنان كلها حتى يفتحوا أي
باب شاؤوا ول أحجب عنهم وجهي ولنعمنهم بألوان التلذذ من كلمي،
ولجلسنهم في مقعد صدق وأذكرنهم ما صنعوا وتعبوا في دار الدنيا وأفتح
لهم أربعة أبواب :باب تدخل عليهم الهدايا منه بكرة وعشيا من عندي،
وباب ينظرون منه إلي كيف شاؤوا بل صعوبة ،وباب يطلعون منه إلى
النار فينظرون منه إلى الظالمين كيف يعذبون وباب تدخل عليهم منه
الوصايف ) (3والحور العين ،قال :يا رب من هؤلء الزاهدون الذين
وصفتهم ؟ قال :الزاهد هو الذي ليس له بيت يخرب فيغتم بخرابه ،ول له
) (1أي فلترسلن وتنزلن (2) .أي جرحت من الحزن والهم بالخرة (3) .الوصايف
جمع الوصيفة وهى الخادمة.
][26
ولد يموت فيحزن لموته ،ول له شئ يذهب فيحزن لذهابه ،ول يعرفه إنسان يشغله
عن ال طرفة عين ،ول له فضل طعام ليسأل عنه ،ول له ثوب لين .يا
أحمد وجوه الزاهدين مصفرة من تعب الليل وصوم النهار ،وألسنتهم كلل
إل من ذكر ال تعالى ،قلوبهم في صدورهم مطعونة من كثرة ما يخالفون
أهواءهم قد ضمروا أنفسهم من كثرة صمتهم ) (1قد أعطوا المجهود من
أنفسهم ل من خوف نار ول من شوق جنة ،ولكن ينظرون في ملكوت
السماوات والرض فيعلمون أن ال سبحانه وتعالى أهل للعبادة كأنما
ينظرون إلى من فوقها ،قال :يا رب هل تعطي لحد من امتي هذا ،قال :يا
أحمد هذه درجة النبياء والصديقين من امتك وامة غيرك وأقوام من
الشهداء .قال :يا رب أي الزهاد أكثر ؟ زهاد امتي أم زهاد بني إسرائيل ؟
قال :إن زهاد بني إسرائيل في زهاد امتك كشعرة سوداء في بقرة بيضاء،
فقال :يا رب كيف يكون ذلك وعدد بني إسرائيل أكثر من امتي ؟ قال :لنهم
شكوا بعد اليقين ،وجحدوا بعد القرار .قال رسول ال صلى ال عليه وآله:
فحمدت ال للزاهدين كثيرا وشكرته ودعوت لهم فقلت :اللهم احفظهم
وارحمهم واحفظ عليهم دينهم الذي ارتضيت لهم ،اللهم ارزقهم إيمان
المؤمنين الذي ليس بعده شك وزيغ ،وورعا ليس بعده رغبة ،وخوفا ليس
بعده غفلة ،وعلما ليس بعده جهل ،وعقل ليس بعده حمق وقربا ليس بعده
بعد ،وخشوعا ليس بعده قساوة ،وذكرا ليس بعده نسيان وكرما ليس بعده
هوان ،وصبرا ليس بعده ضجر ،وحلما ليس بعده عجلة ،وامل قلوبهم
حياء منك حتى يستحيوا منك كل وقت ،وتبصرهم بآفات الدنيا وآفات
أنفسهم ووساوس الشيطان ،فانك تعلم ما في نفسي وأنت علم الغيوب .يا
أحمد عليك بالورع فان الورع رأس الدين ووسط الدين وآخر الدين إن
الورع يقرب العبد إلى ال تعالى .يا أحمد إن الورع كالشنوف ) (2بين
الحلي والخبز بين الطعام ،إن الورع
) (1ضمر :هزل ودق وقل لحمه (2) .جمع الشنف :ما علق في الذن أو اعلها من
الحلى.
][27
رأس اليمان وعماد الدين ،إن الورع مثله كمثل السفينة كما أن في البحر ل ينجو
إل من كان فيها كذلك ل ينجو الزاهدون إل بالورع .يا أحمد ما عرفني عبد
وخشع لي إل وخشعت له .يا أحمد الورع يفتح على العبد أبواب العبادة،
فتكرم به عند الخلق ،ويصل به إلى ال عزوجل .يا أحمد عليك بالصمت
فان أعمر القلوب قلوب الصالحين والصامتين ،وإن أخرب القلوب قلوب
المتكلمين بما ل يعنيهم .يا أحمد إن العبادة عشرة أجزاء تسعة منها طلب
الحلل ،فإذا طيبت مطعمك ومشربك فأنت في حفظي وكنفي ،قال :يا رب ما
أول العبادة ؟ قال :أول العبادة الصمت والصوم ،قال :يا رب وما ميراث
الصوم ؟ قال :الصوم يورث الحكمة والحكمة تورث المعرفة ،والمعرفة
تورث اليقين ،فإذا استيقن العبد ل يبالي كيف أصبح ،بعسر أم بيسر ،إذا
كان العبد في حالة الموت يقوم على رأسه ملئكة بيد كل ملك كأس من ماء
الكوثر وكأس من الخمر يسقون روحه حتى تذهب سكرته ومرارته
ويبشرونه بالبشارة العظمى ويقولون له طبت وطاب مثواك ) (1إنك تقدم
على العزيز الحكيم الحبيب القريب فتطير الروح من أيدي الملئكة فتصعد
إلى ال تعالى في أسرع من طرفة عين ،ول يبقى حجاب ول ستر بينها
وبين ال تعالى ،وال عزوجل إليها مشتاق ،وتجلس على عين عند العرش
ثم يقال لها :كيف تركت الدنيا ؟ فتقول :إلهي وعزتك وجللك ل علم لي
بالدنيا ،أنا منذ خلقتني خائفة منك ،فيقول ال تعالى :صدقت عبدي كنت
بجسدك في الدنيا وروحك معي فأنت بعيني سرك وعلنيتك ،سل أعطك
وتمن علي فأكرمك ،هذه جنتي فتجنح فيها وهذا جواري فأسكنه .فتقول
الروح :إلهي عرفتني نفسك فاستغنيت بها عن جميع خلقك وعزتك وجللك
لو كان رضاك في أن اقطع إربا إربا واقتل سبعين قتلة بأشد ما يقتل به
الناس لكان رضاك أحب إلي ،إلهي كيف أعجب بنفسي وأنا ذليل إن لم
][28
تكرمني وأنا مغلوب إن لم تنصرني وأنا ضعيف إن لم تقوني وأنا ميت إن لم تحيني
بذكرك ،ولول سترك لفتضحت أول مرة عصيتك .إلهي كيف ل أطلب
رضاك وقد أكملت عقلي حتى عرفتك وعرفت الحق من الباطل والمر من
النهي والعلم من الجهل والنور من الظلمة ،فقال ال عزوجل :وعزتي
وجللي ل أحجب بيني وبينك في وقت من الوقات كذلك أفعل بأحبائي .يا
أحمد هل تدري أي عيش أهنأ وأي حياة أبقى ؟ قال :اللهم ل ،قال :أما
العيش الهنئ ) (1فهو الذي ل يفتر صاحبه ) (2عن ذكري ول ينسى
نعمتي ول يجهل حقي ،يطلب رضاي في ليله ونهاره ،وأما الحياة الباقية
فهي التي يعمل لنفسه حتى تهون عليه الدنيا وتصغر في عينه ،وتعظم
الخرة عنده ،ويؤثر هواي على هواه ويبتغي مرضاتي ويعظم حق عظمتي
ويذكر علمي به ،ويراقبني بالليل والنهار عند كل سيئة أو معصية ،وينقى
قلبه عن كل ما أكره ،ويبغض الشيطان ووساوسه ول يجعل لبليس على
قلبه سلطانا وسبيل ،فإذا فعل ذلك أسكنت قلبه حبا حتى أجعل قلبه لي
وفراغه واشتغاله وهمه وحديثه من النعمة التي أنعمت بها على أهل
محبتي من خلقي ،وأفتح عين قلبه وسمعه حتى يسمع بقلبه وينظر بقلبه
إلى جللي وعظمتي ،واضيق عليه الدنيا وأبغض إليه ما فيها من اللذات
واحذره من الدنيا وما فيها كما يحذر الراعي غنمه من مراتع الهلكة فإذا
كان هكذا يفر من الناس فرارا ،وينقل من دار الفناء إلى دار البقاء ،ومن
دار الشيطان إلى دار الرحمن .يا أحمد ولزيننه بالهيبة والعظمة فهذا هو
العيش الهنئ والحياة الباقية وهذا مقام الراضين ،فمن عمل برضاي ألزمه
ثلث خصال :اعرفه شكرا ل يخالطه الجهل ،وذكرا ل يخالطه النسيان،
ومحبة ل يؤثر على محبتي محبة المخلوقين فإذا أحبني أحببته ،وأفتح
عين قلبه إلى جللي ول أخفي عليه خاصة خلقي
) (1الهنئ :السائغ وما أتاك بل مشقة (2) .أي ل يمل ول يكسل ول يضعف.
][29
واناجيه في ظلم الليل ونور النهار حتى ينقطع حديثه مع المخلوقين )،(1
ومجالسته معهم ،وأسمعه كلمي وكلم ملئكتي واعرفه السر الذي سترته
عن خلقي وألبسه الحياء حتى يستحيي منه الخلق كلهم ويمشي على
الرض مغفورا له وأجعل قلبه واعيا وبصيرا ول أخفي عليه شيئا من جنة
ول نار ،واعرفه ما يمر على الناس في يوم القيامة من الهول والشدة ،وما
احاسب الغنياء والفقراء والجهال والعلماء وانومه في قبره وأنزل عليه
منكرا ونكيرا حتى يسأله ،ول يرى غمرة الموت وظلمة القبر واللحد
وهول المطلع ) (2ثم أنصب له ميزانه وانشر ديوانه ،ثم أضع كتابه في
يمينه فيقرؤه منشورا ،ثم ل أجعل بيني وبينه ترجمانا فهذه صفات
المحبين .يا أحمد اجعل همك هما واحدا ،فاجعل لسانك لسانا واحدا ،واجعل
بدنك حيا ل تغفل عني ،من يغفل عني ل ابالي بأي واد هلك .يا أحمد
استعمل عقلك قبل أن يذهب فمن استعمل عقله ل يخطي ول يطغى .يا أحمد
ألم تدر لي شئ فضلتك على ساير النبياء ؟ قال :اللهم ل قال :باليقين،
وحسن الخلق ،وسخاوة النفس ،ورحمة الخلق ،وكذلك أوتاد الرض لم
يكونوا أوتادا إل بهذا .يا أحمد إن العبد إذا أجاع بطنه وحفظ لسانه علمته
الحكمة وإن كان كافرا تكون حكمته حجة عليه ووبال ،وإن كان مؤمنا
تكون حكمته له نورا وبرهانا وشفاء ورحمة ،فيعلم ما لم يكن يعلم،
ويبصر ما لم يكن يبصر ،فأول ما أبصره عيوب نفسه حتى يشتغل عن
عيوب غيره ،وابصره دقائق العلم حتى ل يدخل عليه الشيطان .يا أحمد
ليس شئ من العبادة أحب إلي من الصمت والصوم ،فمن صام ولم يحفظ
لسانه كان كمن قام ولم يقرأ في صلته فاعطيه أجر القيام ولم اعطه أجر
العابدين.
) (1في بعض النسخ " من المخلوقين " (2) .المطلع بشد الطاء المهملة وفتح
اللم :المكان المشرف الذى يطلع منه.
][30
يا أحمد هل تدري متى تكون العبد عابدا ؟ قال :ل يا رب قال :إذا اجتمع فيه سبع
خصال :ورع يحجزه عن المحارم ،وصمت يكفه عما ل يعنيه ،وخوف
يزداد كل يوم من بكائه ،وحياء يستحيي مني في الخلء ،وأكل ما لبد منه
ويبغض الدنيا لبغضي لها ،ويحب الخيار لحبي إياهم .يا أحمد ليس كل من
قال احب ال أحبني حتى يأخذ قوتا ،ويلبس دونا وينام سجودا ،ويطيل
قياما ،ويلزم صمتا ،ويتوكل علي ،ويبكي كثيرا ،ويقل ضحكا ،ويخالف
هواه ،ويتخذ المسجد بيتا والعلم صاحبا ،والزهد جليسا ،والعلماء أحباء،
والفقراء رفقاء ،ويطلب رضاي ،ويفر من العاصين فرارا ،ويشغل بذكري
اشتغال ،ويكثر التسبيح دائما ،ويكون بالوعد صادقا ،وبالعهد وافيا،
ويكون قلبه طاهرا ،وفي الصلة زاكيا ،وفي الفرائض مجتهدا ،وفيما
عندي من الثواب راغبا ،ومن عذابي راهبا ،ولحبائي قرينا وجليسا .يا
أحمد لو صلى العبد صلة أهل السماء والرض ،ويصوم صيام أهل السماء
والرض ،ويطوي من الطعام مثل الملئكة ،ولبس لباس العاري ،ثم أرى
في قلبه من حب الدنيا ذرة ،أو سعتها ،أو رئاستها ،أو حليها ،أو زينتها ل
يجاورني في داري ،ولنزعن من قلبه محبتي ،وعليك سلمي ورحمتي
والحمد ل رب العالمين .أقول :ورأيت في بعض الكتب لهذا الحديث سندا
هكذا قال المام أبو عبد ال محمد بن علي البلخي ،عن أحمد بن إسماعيل
الجوهري ،عن أبي محمد علي بن مظفر ابن إلياس العبدي ،عن أبي نصر
أحمد بن عبد ال الواعظ ،عن أبي الغنايم ،عن أبي الحسن عبد ال بن
الواحد بن محمد بن عقيل ،عن أبي إسحاق إبراهيم بن حاتم الزاهد بالشأم،
عن إبراهيم بن محمد ،عن عبد ال بن عبد الرحمن ،عن أبي عبد ال عبد
الحميد بن أحمد بن سعيد ،عن أبي بشر ،عن الحسن بن علي المقري ،عن
أبي مسلم محمد بن الحسن المقري ،عن المام جعفر بن محمد الصادق،
عن أبيه ،عن جده ،عن علي بن أبي طالب عليهم السلم قال :هذا ما سئل
رسول ال صلى ال عليه وآله ربه ليلة المعراج ،وذكر نحوه إلى آخر
الخبر.
][31
ووجدت في نسخة قديمة اخرى ) (1قال الشيخ أبو عمرو عثمان بن محمد البلخي
أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسماعيل الجوهري قال :حدثنا أبو علي المطر بن
إلياس ابن سعد بن سليمانقال :أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبد ال بن
إسحاق الواعظ قال :أخبرنا أبو الغنايم الحسن بن حماد المقري قراءة
بأهواز في آخر شهر رمضان سنة ثلث وأربعين وأربعمائة قال :أخبرنا
أبو مسلم محمد بن الحسن المقري قراءة عليه من أصله قال :حدثنا عبد
الواحد بن محمد بن عقيل قال :أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم ابن حاتم الزاهد
بالشام قال :حدثنا إبراهيم بن محمد بن أحمد قال :حدثنا إسحاق ابن بشر،
عن جعفر بن محمد الصادق ،عن أبيه ،عن جده ،عن علي بن أبي طالب
عليهما السلم وذكر نحوه - 7 .كا (2) :علي ،عن أبيه ،عن عمرو بن
عثمان ،عن علي بن عيسى رفعه قال :إن موسى عليه السلم ناجاه ال
تبارك وتعالى فقال له في مناجاته :يا موسى ل يطول في الدنيا أملك فيقسو
لذلك قلبك وقاسي القلب مني بعيد .يا موسى كن كمسرتي فيك ) (3فان
مسرتي أن اطاع فل اعصى ،وأمت قلبك بالخشية ،وكن خلق الثياب )(4
جديد القلب ،تخفى على أهل الرض ،وتعرف في أهل السماء ،حلس
البيوت ) (5مصباح الليل ،واقنت بين يدي قنوت الصابرين ،وصح إلي من
كثرة الذنوب صياح المذنب الهارب من عدوه ،و استعن بي على ذلك فإني
نعم العون ونعم المستعان.
) (1طبعت هذه الرسالة مع تحف العقول سنة 1297ه .والسندان فيهما تصحيف
وتحريف ول يسعنى تصحيحهما.كذا (2) .روضة الكافي ص (3) .42هذا
تشبيه للمبالغة وحاصله كن على حال اكون مسرورا بفعالك فكانك تكون
مسرورا (4) .الخلق -ككتف -البالى (5) .الحلس :بساط يبسط في
البيت.
][32
يا موسى إني أنا ال فوق العباد ،والعباد دوني وكل لي داخرون ) (1فاتهم نفسك
على نفسك ،ول تأتمن ولدك على دينك إل أن يكون ولدك مثلك يحب
الصالحين .يا موسى اغسل واغتسل واقترب من عبادي الصالحين .يا
موسى كن إمامهم في صلتهم وإمامهم فيما يتشاجرون ) (2واحكم بينهم
بما أنزلت عليك ،فقد أنزلته حكما بينا وبرهانا نيرا ونورا ينطق بما كان
في الولين ،وبما هو كائن في الخرين .اوصيك يا موسى وصية الشفيق
المشفق با ابن البتول عيسى بن مريم صاحب التان والبرنس والزيت
والزيتون والمحراب ) .(3ومن بعده بصاحب الجمل الحمر الطيب الطاهر
المطهر ،فمثله في كتابك أنه مؤمن مهيمن على الكتب كلها ) (4وأنه راكع
ساجد راغب راهب ،إخوانه المساكين ،وأنصاره قوم آخرون ) (5ويكون
في زمانه أزل وزلزال ) (6وقتل وقلة من المال ،اسمه أحمد محمد المين
من الباقين ،من ثلة الولين الماضين ) (7يؤمن بالكتب كلها،
) (1صاغرون عاجزون (2) .التشاجر :التنازع والتخاصم (3) .التان -بالفتح -
الحمارة .والبرنس -بضم الباء والنون :-قلنسوة طويلة كان النساك
يلبسونها في صدر السلم .والمراد بالزيتون والزيت :الثمرة المعروفة
ودهنها لنه " ص " كان يأكلهما .أو نزلتا له في المائدة من السماء ،أو
المراد بالزيتون مسجد دمشق أو جبال الشام كما ذكره الفيروز آبادى أي
اعطاء ال بلد الشام .وبالزيت الدهن الذى روى انه كان في بنى اسرائيل
وكان غليانها من علمات النبوة والمحراب لزومه وكثرة العبادة فيه )كما
في المرآة( (4) .المهيمن هنا المشاهد والمؤتمن (5) .أي ليسوا من
قومه وعشيرته (6) .الثلة الجماعة من الناس أي انه من سللة اشارف
النبياء (7) .الزل -بشد اللم :-الضيق والشدة.
][33
ويصدق جميع المرسلين ،ويشهد بالخلص لجميع النبيين ،امته مرحومة مباركة
ما بقوا في الدين على حقايقه ،لهم ساعات موقتات يؤدون فيها الصلوات
أداء العبد إلى سيده نافلته ،فبه فصدق ومناهجه فاتبع فانه أخوك .يا
موسى إنه امي ،وهو عبد صدق مبارك له فيما وضع يده عليه ،ويبارك
عليه كذلك كان في علمي ،وكذلك خلقته ،به أفتح ) (1الساعة ،وبامته
أختم مفاتيح الدنيا فمر ظلمة بني إسرائيل أن ل يدرسوا اسمه ،ول يخذلوه
وإنهم لفاعلون وحبه لي حسنة فأنا معه وأنا من حزبه ) (2وهو من
حزبي ،وحزبهم الغالبون .فتمت كلماتي لظهرن دينه على الديان كلها،
ولعبدن بكل مكان ولنزلن عليه قرآنا فرقانا شفاء لما في الصدور من
نفث الشيطان ،فصل عليه يا ابن عمران فاني أصلي عليه وملئكتي .يا
موسى أنت عبدي وأنا إلهك ل تستذل الحقير الفقير ،ول تغبط الغني بشئ
يسير ،وكن عند ذكري خاشعا ،وعند تلوته برحمتي طامعا ،وأسمعني
لذاذة التوراة بصوت خاشع حزين ،اطمئن عند ذكري وذكر بي من يطمئن
إلي ،واعبدني ول تشرك بي شيئا ،وتحر مسرتي ) (3إني أنا السيد الكبير،
إني خلقتك من نطفة من ماء مهين ) (4من طينة أخرجتها من أرض ذليلة
ممشوجة ) (5فكانت بشرا فأنا صانعها خلقا فتبارك وجهي ،وتقدس صنعي
) (6ليس كمثلي شئ
) (1الباء للملبسة والغرض اتصال امته ودولته ونبوته بقيام الساعة (2) .أي
انصره واعينه (3) .التحرى :الطلب أي اطلب ما يوجب رضاى عنك(4) .
المهين :الحقير والقليل والضعيف (5) .أي مخلوطة من انواع ،والمراد
انى خلقتك من نطفة واصل تلك النطفة حصل من شخص خلقته من طينة
الرض وهو آدم عليه السلم واخذت طينته من جميع وجه الرض
المشتملة على الوان وانواع مختلفة )كذا في المرآة( (6) .في بعض
النسخ من المصدر " صنيعى ".
][34
وأنا الحي الدائم الذي ل أزول .يا موسى كن إذا دعوتني خائفا مشفقا وجل ،عفر
وجهك لي في التراب و اسجد لي بمكارم بدنك ،واقنت بين يدي في القيام،
وناجني حين تناجيني بخشية من قلب وجل ،واحي بتوراتي أيام الحياة،
وعلم الجهال محامدي ،وذكرهم آلئي ونعمتي ،وقل لهم ل يتمادون في
غي ما هم فيه فان أخذي أليم شديد .يا موسى إذا انقطع حبلك مني لم
يتصل بحبل غيري فاعبدني ،وقم بين يدي مقام العبد الحقير الفقير ،ذم
نفسك فهي أولى بالذم ،ول تتطاول بكتابي على بني إسرائيل ،فكفى بهذا
واعظا لقلبك ،ومنيرا وهو كلم رب العالمين جل وتعالى .يا موسى متى ما
دعوتني ورجوتني وإني سأغفر لك على ما كان منك ،السماء تسبح لي
وجل ،والملئكة من مخافتي مشفقون ،والرض تسبح لي طمعا ،وكل
الخلق يسبحون لي داخرين ) (1ثم عليك بالصلة الصلة ،فانها مني بمكان
ولها عندي عهد وثيق ،وألحق بها ما هو منها زكاة القربان من طيب المال
والطعام فاني ل أقبل إل الطيب ،يراد به وجهي ،واقرن مع ذلك صلة
الرحام فإني أنا ال الرحمن الرحيم ،والرحم أنا خلقتها فضل من رحمتي
ليتعاطف بها العباد ،ولها عندي سلطان في معاد الخرة ،وأنا قاطع من
قطعها ،وواصل من وصلها ،وكذلك أفعل بمن ضيع أمري .يا موسى أكرم
السائل إذا أتاك برد جميل ،أو إعطاء يسير ،فانه يأتيك من ليس بانس ول
جان ملئكة الرحمن يبلونك كيف أنت صانع فيما أوليتك ،وكيف مواساتك
فيما خولتك ) (2واخشع لي بالتضرع ،واهتف لي بولولة الكتاب )(3
واعلم أني أدعوك دعاء السيد مملوكه ليبلغ به شرف المنازل ،وذلك من
فضلي عليك وعلى آبائك الولين.
) (1في بعض النسخ " داخرين " وهو حال عن الضمير في " يسبحون "(2) .
التخويل :التمليك (3) .الولولة :صوت متتابع بالويل والستغاثة(*) .
][35
يا موسى ل تنسني على كل حال ،ول تفرح بكثرة المال ،فان نسياني يقسي القلوب،
ومع كثرة المال كثرة الذنوب ،الرض مطيعة ،والسماء مطيعة والبحار
مطيعة ،وعصياني شقاء الثقلين ،وأنا الرحمن الرحيم ،رحمن كل زمان
آتي بالشدة بعد الرخاء ،وبالرخاء بعد الشدة ،وبالملوك بعد الملوك ،وملكي
قائم دائم ل يزول ،ول يخفى علي شئ في الرض ول في السماء ،وكيف
يخفى علي ما مني مبتداه ،وكيف ل يكون همك فيما عندي وإلي ترجع ل
محالة ؟ .يا موسى اجعلني حرزك ،وضع عندي كنزك من الصالحات،
وخفني ول تخف غيري إلي المصير .يا موسى ارحم من هو أسفل منك في
الخلق ،ول تحسد من هو فوقك فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار
الحطب .يا موسى إن ابني آدم تواضعا في منزلة لينال بها من فضلي
ورحمتي فقربا قربانا ول أقبل إل من المتقين فكان من شأنهما ما قد علمت
فكيف تثق بالصاحب بعد الخ والوزير .يا موسى ضع الكبر ،ودع الفخر،
واذكر أنك ساكن القبر فليمنعك ذلك من الشهوات .يا موسى عجل التوبة
وأخر الذنب وتأن في المكث بين يدي في الصلة ول ترج غيري ،اتخذني
جنة للشدايد وحصنا لملمات المور .يا موسى كيف تخشع لي خليقة ل
تعرف فضلي عليها وكيف تعرف فضلي عليها وهي ل تنظر فيه ،وكيف
تنظر فيه وهي ل تؤمن به ؟ وكيف تؤمن به ،وهي ل ترجو ثوابا ؟ وكيف
ترجو ثوابا وهي قد قنعت بالدنيا واتخذتها مأوى ،وركنت إليها ركون
الظالمين ؟(1) .
) (1حاصله الركون إلى الدنيا والميل إليها واتخاذها وطنا ومأوى ينافى الخشوع ل
إذ الركون ملزوم بعدم رجاء الخرة لن من يرجو لقاء ال يحقر الدنيا في
عينه ومن يؤمن بال يرجو لقاءه.
][36
يا موسى نافس في الخير أهله ) (1فان الخير كاسمه ،ودع الشر لكل مفتون .يا
موسى اجعل لسانك من وراء قلبك تسلم ) (2وأكثر ذكري بالليل ،و النهار
تغنم ،ول تتبع الخطايا فتندم فان الخطايا موعدها النار .يا موسى أطب
الكلم لهل الترك للذنوب ،وكن لهم جليسا ،واتخذهم لغيبك إخوانا ،وجد
معهم يجدون معك ) .(3يا موسى الموت لقيك ل محالة ،فتزود زاد من هو
على ما يتزود وارد .يا موسى ما اريد به وجهي فكثير قليله ،وما اريد به
غيري فقليل كثيره وأن أصلح أيامك الذي هو أمامك فانظر أي يوم هو
فاعد له الجواب فإنك موقوف به ومسؤول ،وخذ موعظتك من الدهر وأهله
فان الدهر طويله قصير وقصيره طويل وكل شئ فان ،فاعمل كأنك ترى
ثواب عملك لكي يكون أطمع لك في الخرة ل محالة فان ما بقي من الدنيا
كما ولى منها ،وكل عامل يعمل على بصيرة و مثال فكن مرتادا لنفسك )(4
يا ابن عمران لعلك تفوز غدا يوم السؤال ،فهنالك يخسر المبطلون .يا
موسى ألق كفيك ذل بين يدي كفعل العبد المستصرخ إلى سيده ،فانك إذا
فعلت ذلك رحمت وأنا أكرم القادرين .يا موسى سلني من فضلي ورحمتي
فانهما بيدي ل يملكها أحد غيري وانظر حين تسألني كيف رغبتك فيما
عندي ،لكل عامل جزاء ،وقد يجزى الكفور بما سعى .يا موسى طب نفسا
عن الدنيا وانطو عنها ) (5فإنها ليست لك ولست لها ما لك ولدار الظالمين
إل العامل فيها بالخير فانها له نعم الدار.
) (1أي بالغ في الخير وزد عليه (2) .يعنى إذا أردت الكلم فابدأ باستعمال قلبك
وعقلك (3) .في بعض النسخ " وجد معهم يحودون معك "(4) .
الرتياد :الطلب .يعنى اتركها وارغب عنها.
][37
يا موسى ما آمرك به فاسمع ومهما أراه فاصنع ) (1خذ حقايق التوراة إلى صدرك
وتيقظ بها في ساعات الليل والنهار ول تمكن أبناء الدنيا من صدرك
فيجعلونه وكرا كوكر الطير ) .(2يا موسى أبناء الدنيا وأهلها فتن بعضهم
لبعض فكل مزين له ما هو فيه و المؤمن من زينت له الخرة ،فهو ينظر
إليها ما يفتر ،قد حالت شهوتها بينه وبين لذة العيش فادلجته بالسحار )
(3كفعل الراكب السائق إلى غايته ،يظل كئيبا ويمسي حزينا ) (4وطوبى
له لو قد كشف الغطاء ماذا يعاين من السرور .يا موسى الدنيا نطفة )(5
ليست بثواب للمؤمن ول نقمة من فاجر ،فالويل الطويل لمن باع ثواب
معاده بلعقة لم تبق وبلعسة لم تدم ) ،(6وكذلك فكن
) (1أي كل وقت أرى وأعلم ما آمرك حسنا فافعل فيه أي افعل الوامر في أوقاتها
التى آمرتك بادائها فيها (2) .الوكر والوكرة :عش الطائر (3) .قال
المصنف في المرآة :الدلج :السير باليل وظاهر العبارة أنه استعمل هنا
متعديا بمعنى التسيير بالليل ولم يأت فيما عندنا من كتب اللغة قال
الفيروز آبادى :الدلج -محركة -والدلجة -بالضم والفتح :-السير من
اول الليل وقد ادلجوا ،فان ساروا من آخره فادلجوا -بالتشديد .انتهى.
ويمكن ان يكون على الحذف واليصال أي ادلجت الشهوة معه وسيرته
بالسحار كالراكب الذى سائق قرينه إلى الغاية التى يتسابقان إليها
والغاية هنا الجنة والفوز بالكرامة والقرب والحب والوصال أو الموت
وهو اظهر (4) .الكابة :الغم وسوء الحال والنكسار من الحزن والمعنى
انه يكون في نهاره مغموما وفى ليله محزونا لطلب الخرة ولكن لو
كشف الغطاء حتى يرى ماله في الخرة يحصل له السرور ما ل يخفى) .
(5النطفة :ما يبقى في الدلو أو القربة من الماء كنى بها عن قلتها(6) .
اللعقة القليل مما يلعق .واللعس -بالفتح :-العض والمراد هنا ما يقطعه
باسنانه وفى بعض نسخ المصدر " بلعقة لم تبق وبلعبة لم تدم ".
][38
كما أمرتك وكل أمري رشاد .يا موسى إذا رأيت الغنى مقبل فقل :ذنب عجلت إلي
عقوبته وإذا رأيت الفقر مقبل فقل :مرحبا بشعار الصالحين ،ول تكن جبارا
ظلوما ،ول تكن للظالمين قرينا .يا موسى ما عمر وإن طال يذم آخره ،وما
ضرك ما زوى عنك إذا حمدت مغبته ) .(1يا موسى صرخ الكتاب إليك
صراخا ) (2بما أنت إليه صائر فكيف ترقد على هذا العيون ،أم كيف يجد
قوم لذة العيش لول التمادي في الغفلة والتباع للشقوة والتتابع للشهوة،
ومن دون هذا يجزع الصديقون .يا موسى مر عبادي يدعوني على ماكان
بعد أن يقروا لي أني أرحم الراحمين مجيب المضطرين ،وابدل الزمان،
وآتي بالرخاء ،وأشكر اليسير واثيب الكثير وأغني الفقير وأنا الدائم العزيز
القدير ،فمن لجأ إليك وانضوى ) (3إليك من الخاطئين ،فقل :أهل وسهل يا
رحب الفناء ) (4بفناء رب العالمين ،واستغفر لهم وكن لهم كأحدهم ،ول
تستطل عليهم بما أنا أعطيتك فضله ،وقل لهم فليسألوني من فضلي
ورحمتي فانه ل يملكها أحد غيري وأنا ذو الفضل العظيم ،طوبى لك يا
) (1زوى عنك أي بعد عنك .والمغبة :العاقبة (2) .في بعض نسخ المصدر " صرح
الكتاب صراحا " وما في المتن أصوب (3) .انضوى إليه :انضم ،وفى
بعض النسخ " وانطوى " (4) .الرحب -بالضم :-السعة .وبالفتح :-
الواسع .قيل :لعل المراد ان من لجأ اليك يا موسى من عبادي الخاطئين
لستغفر له وتدخل باستشفاعك في زمره الساكنين في جوار قبولي فل ترد
مسألته فان رحمتى قد سبقت غضبى ،فقل له :أهل وسهل ومرحبا ،فانك
رحب الفناء بسبب كونك في فناء قبولي ورحمتي الواسعة ،فآمنه من
سخطى واسكنه باستغفارك وشفاعتك المقبولة في فناء فضلى ومغفرتي.
كذا وجدته في هامش بعض النسخ المخطوطة من الكافي وقد يقرء في
بعض نسخ الحديث " يارحب الفناء نزلت بفناء " والظاهر هو الصح.
][39
موسى كهف الخاطئين وجليس المضطرين ،ومستغفر للمذنبين ،إنك مني بالمكان
الرضي فادعني بالقلب النقي واللسان الصادق ،وكن كما أمرتك أطع أمري
ول تستطل على عبادي بما ليس منك مبتداه ،وتقرب إلي فإني منك قريب
فاني لم أسألك ما يؤذيك ثقله ول حمله ،إنما سألتك أن تدعوني فاجيبك
وأن تسألني فأعطيك وأن تتقرب إلي بمامني أخذت تأويله وعلي تمام
تنزيله .يا موسى انظر إلى الرض فانها عن قريب قبرك .وارفع عينيك إلى
السماء فإن فوقك فيها ملكا عظيما ،وابك على نفسك مادمت في الدنيا
وتخوف العطب ) (1والمهالك ول تغرنك زينة الدنيا وزهرتها ول ترض
بالظلم ول تكن ظالما فإني للظالم رصيد حتى اديل منه المظلوم .يا موسى
إن الحسنة عشرة أضعاف ومن السيئة الواحدة الهلك ول تشرك بي ل
يحل لك أن تشرك بي ،قارب وسدد ) (2وادع دعاء الطامع الراغب فيما
عندي ،النادم على ما قدمت يداه ،فإن سواد الليل يمحوه النهار ،وكذلك
السيئة تمحوها الحسنة ،وعشوة الليل ) (3تأتي على ضوء النهار ،وكذلك
السيئة تأتي على الحسنة الجليلة فتسودها - 8 .قال السيد ) (4قدس ال
روحه في كتاب سعد السعود ) :(5رأيت في الزبور في السورة الثالثة
والثلثين :ثياب العاصي ثقال على البدان ووسخ على الوجه ووسخ
البدان ينقطع بالماء ووسخ الذنوب ل ينقطع إل بالمغفرة ،طوبي للذين
كان باطنهم أحسن من ظاهرهم ،ومن كانت له ودائع فرح بها يوم الزفة،
ومن عمل
) (1العطب -بالتحريك :-الهلك (2) .قال في النهاية وفيه " قاربوا وسددوا " أي
اقتصدوا في المور كلها واتركوا العلو فيها والتقصير .يقال قارب فلن
في المور إذا اقتصد ،وقال في السين والدال :قاربوا وسددوا أي اطلبوا
باعمالكم السداد والستقامة وهو القصد في المر والعدل فيه (3) .عشوة
الليل :ظلمته (4) .يعنى ابن طاووس (5) .المصدر ص .50
][40
بالمعاصي وأسرها من المخلوقين ،لم يقدر على إسرارها مني ،قد أوفيتكم ما
وعدتكم من طيبات الرزق ونبات البر وطير السماء ومن جميع الثمرات،
ورزقتكم ما لم تحتسبوا وذلك كله على الذنوب معشر الصوام ،بشر
الصائمين بمرتبة الفائزين وقد أنزلت على أهل التوراة بما أنزلت عليكم،
داود ! سوف تحرف كتبي ويفترى علي كذبا فمن صدق بكتبي ورسلي فقد
أنجح وأفلح وأنا العزيز الحكيم .سبحان خالق النور .وفي السورة السابعة
والستين :ابن آدم جعلت لكم الدنيا دلئل على الخرة وإن الرجل منكم
يستأجر الرجل فيطلب حسابه فترعد فرائصه من أجل ذلك وليس يخاف
عقوبة النار وأنتم مكثرون التمرد وتجعلون المعاصي في الظلم الدجى إن
الظلم ل يستركم علي بل استخفيتم على الدميين وتهاونتم بي ،ولو أمرت
فطرات الرض تبتلعكم فتجعلكم نكال ) (1ولكن جدت عليكم بالحسان فان
استغفرتموني تجدوني غفارا ،فان تعصوني اتكال على رحمتي فقد يجب
أن يتقى من يتوكل عليه ،سبحان خالق النور .وفي الثامنة والستين :ابن
آدم لما رزقتكم اللسان وأطلقت لكم الوصال ) (2ورزقتكم الموال .جعلتم
الوصال كلها عونا على المعاصي كأنكم بي تغترون و بعقوبتي تتلعبون،
ومن أجرم الذنوب وأعجبه حسنه فلينظر الرض كيف لعبت بالوجوه في
القبور وتجعلها رميما ،إنما الجمال جمال من عوفي من النار .وإذا فرغتم
من المعاصي رجعتم إلي أحسبتم أني خلقتكم عبثا إني إنما جعلت الدنيا
رديف الخرة ،فسددوا وقاربوا واذكروا رحلة الدنيا وارجوا ثوابي ،وخافوا
عقابي واذكروا صولة الزبانية وضيق المسلك في النار وغم أبواب جهنم
وبرد الزمهرير ،ازجروا أنفسكم حتى تنزجر ،وارضوها باليسير من العمل.
سبحان خالق النور.
) (1الفطر :الشق .والنكال العذاب واسم ما يجعل عبرة للغير (2) .الوصال:
العضاء.
][41
وفي الحادية والسبعين :طلب الثواب بالمخادعة يورث الحرمان ،وحسن العمل
يقرب مني ،أرأيتم لو أن رجل أحضر سيفا ل نصل له أو قوسا ل سهم له
أكان يردع عدوه وكذلك التوحيد ل يتم إل يتم إل بالعمل ،وإطعام الطعام
لرضاي ،سبحان خالق النور .وفي الرابعة والثمانين :مولج الليل في
النهار ومغيب النور في الظلمة ومذل العزيز ومعز الذليل وأنا الملك
العلى ،معشر الصديقين كيف مساعدتكم أنفسكم على الضحك وأيامكم
تفني والموت بكم نازل وتموتون وترعى الدود في أجسادكم وتنساكم
الهلون والقرباء ،سبحان خالق النور .وفي المائة :من فزع نفسه
بالموت هانت عليه الدنيا ،ومن أكثر الهم والباطيل اقتحم عليه الموت من
حيث ل يشعر ،إن ال ل يدع شابا لشبابه ول شيخا لكبره ،إذا قربت آجالكم
توفتكم رسلي وهم ل يفرطون فالويل لمن توفته رسلي وهو على الفواحش
لم يدعها ،والويل كل الويل لمن تتبع عورات المخلوقين ،و الويل كل الويل
لمن كان لحد قبله تبعة خردلة حتى يؤديها من حسناته .والليل إذا ؟ ؟
أظلم والصبح إذا استنار ) (1والسماء الرفيعة والسحاب المسخر ليخرجن
المظالم ولتؤدي كائنة ما كانت من حسناتكم أو من سيئات المظلوم تجعل
على سيئاتكم والسعيد من أخذ كتابه بيمينه وانصرف إلى أهله مضيئ
الوجه ،والشقي من أخذ كتابه بشماله ومن وراء ظهره وانصرف إلى أهله
باسرالوجه بسرا ،قد شحب لونه وورمت قدماه ،وخرج لسانه دالعا على
صدره ) (2وغلظ شعره فصار في النار
) (1في المصدر " والنهار إذا أنار " بدل " والصبح إذا استنار " (2) .بسر يبسر
بسرا وبسورا من باب قعد أي عبس وجهه فهو با سرومنه قوله تعالى "
وجوه يومئذ باسرة " وقوله " ثم عبس وبسر " .وشحب لونه أي تغير
من جوع أو مرض ونحوهما ودلع لسانه أي خرج من فمه .وقوله "
دالعا لسانه على صدره " أي خارجا لسانه متدليا على صدره.
][42
محسورا مبعدا مدحورا ) (1وصارت عليه اللعنة وسوء الحساب وأنا القادر القاهر
الذي أعلم غيب السماوات والرض وأعلم خائنة العين وما تخفي
الصدور ،وأنا السميع العليم - 9 .من خط الشهيد رحمه ال قيل :في
التوراة قل لصاحب المال الكثير :ل يغتر بكثرة ماله وغناه فإن اغتر فليطعم
الخلق غداء وعشاء ،وقل لصاحب العلم :ل يغتر بكثرة علمه فان اغتر
فليعلم أنه متى يموت ،وقل لصاحب العضد القوي :ل يغتر بقوته فان اغتر
بقوته فليدفع الموت عن نفسه - 10 .عدة الداعي ) (2روى الحسن بن أبي
الحسن الديلمي ،عن وهب بن منبه قال :أوحى ال تعالى إلى داود عليه
السلم يا داود من أحب حبيبا صدق قوله ،ومن رضي بحبيب رضي فعله،
ومن وثق بحبيب اعتمد عليه ،ومن اشتاق إلى حبيب جد في السير إليه ،يا
داود ذكري للذاكرين ،وجنتي للمطيعين ،وحبي للمشتاقين وأنا خاصة
للمحبين .وقال سبحانه :أهل طاعتي في ضيافتي وأهل شكري في زيادتي
وأهل ذكري في نعمتي وأهل معصيتي ل أو يسهم من رحمتي ،إن تابوا فأنا
حبيبهم وإن دعوا فأنا مجيبهم وإن مرضوا فأنا طبيبهم ،اداويهم بالمحن
والمصائب لطهرهم من الذنوب والمعايب .اعلم الدين للديلمي مثله- 11 .
وفيه (3) :قال كعب الحبار مكتوب في التوراة :يا موسى من أحبني لم
ينسني ،ومن رجا معروفي ،ألح في مسألتي ،يا موسى إني لست بغافل عن
خلقي ولكن احب أن يسمع ملئكتي ضجيج الدعاء من عبادي وترى
حفظتي تقرب بني آدم إلي بما أنا مقويهم عليه ومسببه لهم ،يا موسى قل
لبني إسرائيل ل تبطرنكم النعمة ) (4فيعاجلكم السلب ،ول تغفلوا عن
الشكر فيقارعكم الذل وألحوا
) (1المحسور الممنوع يعنى درمانده وأفسوس خورده .والمدحور المطرود :رانده
شده (2) .المصدر ص (3) .186المصدر ص (4) .143البطر :الدهش
عند هجوم النعمة.
][43
في الدعاء تشملكم الرحمة بالجابة وتهنيكم العافية - 12 .وروي ) (1في زبور
داود يقول ال تعالى :ابن آدم تسألني فأمنعك لعلمي بما ينفعك ،ثم تلح علي
بالمسألة فأعطيك ما سألت فتستعين به على معصيتي ،فأهم بهتك سترك،
فتدعوني فأستر عليك ،فكم من جميل أصنع معك وكم قبح تصنع معي،
يوشك أن أغضب عليك ،غضبة ل أرضي بعدها أبدا .ومن النجيل :أل
تدينوا وأنتم خطاء فيدان منكم بالعذاب ،ل تحكموا بالجور فيحكم عليكم
بالعذاب ،بالمكيال الذي تكيلون يكال لكم ،وبالحكم الذي تحكمون يحكم
عليكم .ومن النجيل أيضا :احذروا الكذابة الذين يأتونكم بلباس الحملن
فهم في الحقيقة ذئاب خاطفة من ثمارهم تعرفونهمل يمكن الشجرة الطيبة
أن تثمر ثمارا ردية ول الشجرة الردية أن تثمر ثمارا صالحة - 13 .ختص
) :(2عن رفاعة ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :في التوراة أربع
مكتوبات وأربع إلى جانبهن :من أصبح على الدنيا حزينا أصبح على ربه
ساخطا ومن شكى مصيبة نزلت به فانما يشكو ربه ومن أتى غنيا
فتضعضع له لشئ يصيبه منه ذهب ثلثا دينه ،ومن دخل من هذه المة النار
ممن قرأ القرآن هو ممن يتخذ آيات ال هزوا .والربعة إلى جانبهن :كما
تدين تدان ،ومن ملك استأثر ،ومن لم يستشر يندم ،والفقر هو الموت
الكبر - 14 .ين (3) :محمد بن سنان ،عن يوسف بن عمران ،عن يعقوب
بن شعيب قال:
) (1عدة الداعي ص .152كذا (2) .الختصاص ص .226وسيأتى في باب مواعظ
الصادق عليه السلم عن أمالى الشيخ ج 1ص 233باسناده عن رفاعة
مثله (3) .هذا رمز إلى كتابي الحسين بن سعيد الهوازي أو كتابه
والنوادر وكلها مخطوط والخبر رواه الصدوق -رحمه ال -في المجلس
التاسع والثمانين من اماليه وفى معافى الخبار وعلل الشرايع ومن ل
يحضره الفقيه .ورواه البرقى أيضا في المحاسن.
][44
سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول :إن ال عزوجل أوحى إلى آدم أني جامع لك
الكلم كله في أربع كلم ،قال :يا رب وماهن ؟ فقال :واحدة لي وواحدة لك
و واحدة فيما بيني وبينك وواحدة فيما بينك وبين الناس ،قال :يا رب
بينهن لي حتى أعمل بهن ،قال :أما التي لي فتعبدني ل تشرك بي شيئا،
وأما التي لك فاجزيك بعملك أحوج ما تكون إليه ،وأما التي بيني وبينك
فعليك الدعاء وعلي الجابة وأما التي بينك وبين الناس فترضى للناس ما
ترضى لنفسك - 15 .كنز الكراجكى (1) :روي أن ال يقول :يا ابن آدم في
كل يوم يؤتى رزقك وأنت تحزن وينقص من عمرك وأنت ل تحزن ،تطلب
ما يطغيك وعندك ما يكفيك) * .باب ) " * * (3ما أوصى رسول ال صلى
ال عليه وآله( " * * " )إلى أمير المؤمنين عليه السلم( " * - 1ل) :
(2عن أبيه ،عن علي ،عن أبيه ،عن ابن مرار ) (3عن يونس يرفعه إلى
أبي عبد ال عليه السلم قال :كان فيما أوصى به رسول ال صلى ال عليه
وآله عليا عليه السلم يا علي أنهاك عن ثلث خصال عظام :الحسد
والحرص والكذب .يا علي سيد العمال ثلث خصال :انصافك الناس من
نفسك ،ومواساتك الخ في ال عزوجل ،وذكرك ال تبارك وتعالى على كل
حال.
][45
يا على ثلث فرحات للمؤمن في الدنيا :لقاء الخوان ،والفطار من الصيام والتهجد
في آخر الليل .يا علي ثلث من لم تكن فيه لم يقم له عمل :ورع يحجزه
عن معاصي ال عزوجل ،وخلق يداري به الناس ،وحلم يرد به جهل
الجاهل .يا على ثلث خصال من حقايق اليمان :النفاق في القتار )(1
وانصاف الناس من نفسك ،وبذل العلم للمتعلم .يا علي ثلث خصال من
مكارم الخلق :تعطي من حرمك ،وتصل من قطعك وتعفو عمن ظلمك- 2 .
ل (2) :محمد بن علي بن الشاه ،عن أحمد بن محمد بن الحسين ،عن
أحمد ابن خالد الخالدي ،عن محمد بن أحمد بن الصالح التميمي ،عن أبيه،
عن أنس بن محمد أبي مالك ،عن أبيه ،عن جعفر بن محمد ،عن أبيه ،عن
جده ،عن علي بن أبي طالب عليهم السلم عن النبي صلى ال عليه وآله
أنه قال في وصيته له :يا علي ثلث من لقى ال بهن فهو من أفضل
الناس :من أتى ال بما افترض ال عليه فهو من أعبد الناس ومن ورع
عن محارم ال فهو من أورع الناس ،ومن قنع بما رزقه ال فهو من أغنى
الناس .يا علي ثلث ل تطيقها هذه المة :المواساة للخ في ماله،
وانصاف الناس من نفسه ،وذكر ال على كل حال ،وليس هو " سبحان
ال والحمد ل ول إله إل ال وال أكبر " ولكن إذا ورد على ما يحرم عليه
خاف ال عزوجل عنده وتركه .يا علي ثلثة يتخوف منهن الجنون :التغوط
بين القبور ،والمشي في خف واحد ،والرجل ينام وحده .يا علي ثلث
مجالستهم تميت القلب :مجالسة النذال ) (3ومجالسة الغنياء
) (1القتار الضيق في المعيشة (2) .الخصال ج 2ص (3) .62النذال جمع نذل
بسكون الذال المعجمة وهو الساقط في الدين أو الحسب ومن كان
خسيسا .وفى بعض النسخ " الرذال ".
][46
والحديث مع النساء .يا علي ثلثة يزدن في الحفظ ويذهبن السقم :اللبان )(1
والسواك ،وقراءة القرآن .يا علي ثلثة من الوسواس :أكل الطين ،وتقليم
الظفار بالسنان ،وأكل اللحية .يا علي أنهاك من ثلث خصال :الحسد،
والحرص ،والكبرياء .يا علي ثلث يقسين القلب :استماع اللهو ،وطلب
الصيد ،وإتيان باب السلطان .يا علي العيش في ثلثة :دار قوراء )(2
وجارية حسناء ،وفرس قباء .قال مصنف هذا الكتاب رضي ال عنه ):(3
الفرس القباء الضامر البطن يقال :فرس أقب وقباء لن الفرس يذكر
ويؤنث ويقال للنثى :قباء ل غير - 3 .مكا (4) :عن جعفر بن محمد ،عن
أبيه ،عن جده ،عن علي بن أبي طالب عليهم السلم عن النبي صلى ال
عليه وآله أنه قال :يا علي اوصيك بوصية فاحفظها فل تزال بخير ما
حفظت وصيتي .يا علي من كظم غيظا وهو يقدر على إمضائه أعقبه ال
يوم القيامة أمنا ،و إيمانا يحد طعمه .يا علي من لم يحسن وصيته عند
موته كان نقصا في مروته ،ولم يملك الشفاعة .يا علي أفضل الجهاد من
أصبح ل يهم بظلم أحد .يا علي من خاف الناس لسانه فهو من أهل النار.
يا علي شر الناس من أكرمه الناس اتقاء شره .يا علي شر الناس من باع
آخرته بدنياه ،وشر من ذلك من باع آخرته بدنيا غيره.
) (1هو ما يقال له بالفارسية )كندر( (2) .بفتح القاف ممدودا كحمراء :الواسعة) .
(3يعنى الصدوق نفسه (4) .مكارم الخلق :ص .500
][47
يا علي من لم يقبل العذر من متنصل ) (1صادقا كان أو كاذبا لم ينل شفاعتي .يا
علي إن ال عزوجل أحب الكذب في الصلح وأبغض الصدق في الفساد يا
علي من ترك الخير لغير ال سقاه ال من الرحيق المختوم ،فقال علي:
لغير ال ؟ قال :نعم وال من تركها صيانة لنفسه يشكره ال على ذلك .يا
علي شارب الخمر كعابد وثن ،يا علي شارب الخمر ل يقبل ال عزوجل
صلته أربعين يوما فان مات في الربعين مات كافرا .يا علي كل مسكر
حرام وما أسكر كثيره فالجرعة منه حرام .يا علي جعلت الذنوب كلها في
بيت وجعل مفتاحها شرب الخمر .يا علي تاتي على شارب الخمر ساعة ل
يعرف فيها ربه عزوجل .يا علي إن إزالة الجبال الرواسي أهون من إزالة
ملك مؤجل لم تنقص أيامه .يا علي من لم تنتفع بدينه ودنياه فل خير لك
في مجالسته ،ومن لم يوجب لك فل توجب له ول كرامة ) .(2يا علي
ينبغي أن يكون في المؤمن ثمان خصال :وقار عند الهزاهز ) (3و صبر
عند البلء ،وشكر عند الرخاء ،وقنوع بما رزقه ال عزوجل ،ول يظلم
العداء ول يتحامل على الصدقاء ) (4بدنه منه في تعب والناس منه في
راحة .يا علي أربعة ل ترد لهم دعوة إمام عادل ،ووالد لولده ،والرجل
يدعو لخيه بظهر الغيب ،والمظلوم ،يقول ال جل جلله وعزتي وجللي
لنتصرن لك ولو بعد حين .يا علي ثمانية إن اهينوا فل يلوموا إل أنفسهم:
الذاهب إلى مائدة لم
) (1تنصل إلى فلن من الجناية خرج وتبرأ عنده منها .وتنصل من كذا :خرج
وتنصل الشئ :أخرجه ،وتنصل فلن من ذنبه تبرأ منه (2) .أوجب لفلن
حقه :راعاه (3) .الهزاهز :الفتن التى تهز الناس من الشدائد والحروب.
) (4تحامل على فلن :جار ولم يعدل وكلفه ما ل يطيق .والصدقاء جمع
صديق.
][48
يدع إليها ،والمتأمر ) (1على رب البيت ،وطالب الخير من أعدائه ،وطالب الفضل
من اللئام ،والداخل بين اثنين في سر لم يدخله فيه ،والمستخف بالسلطان،
و الجالس في مجلس ليس له بأهل ،والمقبل بالحديث على من ل يسمع
منه .يا علي حرم ال الجنة على كل فاحش بذي ) (2ل يبالي ما قال ول ما
قيل له .يا علي طوبى لمن طال عمره وحسن عمله .يا علي ل تمزح
فيذهب بهاؤك ،ول تكذب فيذهب نورك ،وإياك وخصلتين الضجرة والكسل،
فإنك إن ضجرت لم تصبر على حق ،وإن كسلت لم تؤد حقا .يا علي لكل
ذنب توبة إل سوء الخلق فان صاحبه كلما خرج من ذنب دخل في ذنب .يا
علي أربعة أسرع شئ عقوبة :رجل أحسنت إليه فكافاك بالحسان إساءة
ورجل ل تبغي عليه وهو يبغي عليك ،ورجل عاهدته على أمر فوفيت له
وغدر بك ورجل وصل قرابته فقطعوه .يا علي من استولى عليه الضجر
رحلت عنه الراحة .يا علي اثنتا عشرة خصلة ينبغي للرجل المسلم أن
يتعلمها على المائدة :أربع منها فريضة ،وأربع منها سنة ،وأربع منها
أدب ،فأما الفريضة فالمعرفة بما يأكل والتسمية ،والشكر ،والرضا ،وأما
السنة فالجلوس على الرجل اليسرى ،والكل بثلث أصابع ،وأن يأكل مما
يليه ،ومص الصابع ،وأما الدب فتصغير اللقمة والمضغ الشديد ،وقلة
النظر في وجوه الناس ،وغسل اليدين .يا علي خلق ال عزوجل الجنة من
لبنتين لبنة من ذهب ولبنة من فضة وجعل حيطانها الياقوت وسقفها
الزبرجد وحصاها اللؤلوء وترابها الزعفران والمسك الذفر ) ،(3ثم قال
لها :تكلمي فقالت " :ل إله إل هو الحي اليوم " قد
) (1تأمر عليه :تسلط وتحكم عليه (2) .البذى على فعيل :الكلم القبيح .والذى تكلم
بالفحش (3) .ذفر المسك -من باب علم -ظهر رائحته واشتدت فهو
أذفر.
][49
سعد من يدخلني ،قال ال جل جلله :وعزتي وجللي ل يدخلها مدمن خمر ) (1ول
نمام ول شرطي ) (2ول مخنث ول نباش ول عشار ول قاطع رحم ول
قدري .يا علي كفر بال العظيم من هذه المة عشرة :القتات )،(3
والساحر ،والديوث ،وناكح المرأة حراما في دبرها ،وناكح البهيمة ،ومن
نكح ذات محرم ،والساعي في الفتنة ،وبايع السلح من أهل الحرب ،ومانع
الزكاة ،ومن وجد سعة فمات ولم يحج .يا علي ل وليمة إل في خمس في
عرس ،أو خرس ،أو عذار ،أو وكار ،أو ركاز ) (4فالعرس التزويج،
والخرس النفاس ،بالولد ،والعذار الختان ،والوكار في شرى الدار،
والركاز الرجل يقدم من مكة .يا علي ل ينبغي للعاقل أن يكون ظاعنا )(5
إل في ثلث مرمة لمعاش ،أو تزود لمعاد ،أو لذة في غير محرم .يا علي
ثلثة من مكارم الخلق في الدنيا والخرة :أن تعفو عمن ظلمك وتصل من
قطعك ،وتحلم عمن جهل عليك .يا علي بادر بأربع قبل أربع :شبابك قبل
هرمك ،وصحتك ،قبل سقمك
) (1أدمن الخمر أي أدام شربها .ومدمن الخمر المداوم شربها (2) .الشرطي:
منسوب إلى الشرطة -كغرفة :-عون السلطان والوالى .وقيل الطائفة
من خيار أعوان الولة ورؤساء الضابطة ورجالها ،سموا بذلك لنهم
اعلموا انفسهم بعلمات يعرفون بها .وانما لم يدخلوا الجنة لجورهم على
الناس وظلمهم غالبا (3) .القتات :النمام .وفى المصدر " القتال " وهو
تصحيف (4) .الخرس -بالضم -والخراس -بالكسر -طعام الولدة.
والخرسة -بالصم طعام النفساء نفسها .والعذار -بالكسر -طعام الختان
أو البناء ،وعذر الغلم عذرا -من باب ضرب -ختنه .والوكار :الذى
يدعى إليه الناس عند بناء الدار أو شرائها ،والوكرة طعام يعمل عند
الفراق من البناء .كذا في كتب اللغة والركاز :الغنيمة (5) .أي راحل.
][50
وغناك قبل فقرك ،وحياتك قبل موتك .يا علي كره ال عزوجل لمتي العبث في
الصلة ،والمن في الصدقة وإتيان المساجد جنبا ،والضحك بين القبور،
والتطلع في الدور ،والنظر إلى فروج النساء لنه يورث العمى ،وكره
الكلم عند الجماع لنه يورث الخرس وكره النوم بين العشائين لنه يحرم
الرزق ،وكره الغسل تحت السماء إل بمئزر ،وكره دخول النهار إل بمئزر
فإن فيها سكانا من الملئكة ،وكره دخول الحمام إل بمئزر ،وكره الكلم
بين الذان والقامة في صلة الغداة ،وكره ركوب البحر في وقت هيجانه،
وكره النوم فوق سطح ليس بمحجر ،و قال :من نام على سطح غير محجر
فقد برئت منه الذمة ،وكره أن ينام الرجل في بيت وحده ،وكره أن يغشى
الرجل امرأته وهي حايض فإن فعل وخرج الولد مجذوبا أو به برص فل
يلومن إل نفسه .وكره أن يكلم الرجل مجذوما إل أن يكون بينه وبينه قدر
ذراع ،وقال عليه السلم :فر من المجذوم فرارك من السد وكره أن يأتي
الرجل أهله وقد احتلم حتى يغتسل من الحتلم فان فعل وخرج الولد
مجنونا فل يلومن إل نفسه ،وكره البول على شط نهر جار ) ،(1وكره أن
يحدث الرجل تحت الشجرة أو نخلة قد أثمرت ،وكره أن يتنعل الرجل وهو
قائم ،وكره أن يدخل الرجل بيتا مظلما إل مع السراج .يا علي آفة الحسب
الفتخار .يا علي من خاف ال عزوجل خاف منه كل شئ ،ومن لم يخف
ال أخافه ال من كل شئ .يا علي ثمانية ل يقبل منهم الصلة :العبد البق
حتى يرجع إلى مواليه والناشز وزوجها عليها ساخط ،ومانع الزكاة،
وتارك الوضوء ،والجارية المدركة تصلي بغير خمار ،وإمام قوم يصلي
بهم وهم له كارهون ،والسكران والزبين )(2
) (1أي جانبه حال جريانه (2) .الزبين -كسكين -مدافع الخبثين أي البول والغائط
أو ممسكهما على كره.
][51
وهو الذي يدافع البول والغائط .يا علي أربع من كن فيه بنى ال له بيتا في الجنة:
من آوي اليتيم ،ورحم الضعيف ،وأشفق على والديه ،ورفق بمملوكه .يا
علي ثلث من لقى ال عزوجل بهن فهو أفضل الناس :من أتى ال بما
افترض عليه فهو من أعبد الناس ،ومن ورع عن محارم ال فهو من
أورع الناس ومع ؟ قنع بما رزقه ال فهو أغنى الناس .يا علي ثلث ل
يطيقها أحد من هذه المة :المواساة للخ في ماله ،وانصاف الناس ،من
نفسه ،وذكر ال على كل حال ،وليس هو " سبحان ال والحمد ل ول إله
إل ال وال أكبر " ولكن إذا ورد على ما يحرم عليه خاف ال عزوجل
عنده وتركه .يا علي ثلثة وإن أنصفتهم ظلموك :السفلة ،وأهلك،
وخادمك ،وثلثة ل ينتصفون من ثلثة حر من عبده ،وعالم من جاهل،
وقوي من ضعيف .يا علي سبعة من كن فيه فقد استكمل حقيقة اليمان،
وأبواب الجنة مفتحة له :من أسبغ وضوءه ،وأحسن صلته ،وأدى زكاة
ماله ،وكف غضبه ،وسجن لسانه ،واستغفر لذنبه ،وأدى النصيحة لهل
بيت نبيه .يا علي لعن ال ثلثة آكل زاده وحده ،وراكب الفلة وحده،
والنائم في بيت وحده .يا علي ثلثة يتخوف منهن الجنون :التغوط بين
القبور ،والمشي في خف واحد ،والرجل ينام وحده .يا علي ثلثة يحسن
فيهن الكذب ) :(1المكيدة في الحرب ،وعدتك زوجتك
) (1ل يخفى أن الكذب حرام وفعله من المعاصي كسائر المحرمات ول فرق بينه
وبينها ولكن إذا دار المر بينه وبين الهم منه فليقدم الهم حينئذ ؟ ؟
مهما كان لن العقل مستقل بوجوب الهم عند التزاحم كما إذا دار المر
بانقاذ غريق إلى ارتكاب حرام مثل وتزاحم المر بينه وبين واجب اخر
فليقدم الهم منهما وقد دلت عليه الدلة الربعة .والموارد الثلث من هذه
الموارد.
][52
والصلح بين الناس ،وثلثة مجالستهم تميت القلب :مجالسة النذال ،ومجالسة
الغنياء ،والحديث مع النساء .يا علي ثلثة من حقائق اليمان :النفاق
من القتار ،وانصافك الناس من نفسك ،وبذل العلم للمتعلم .يا علي ثلث
من لم يكن فيه لم يتم عمله :ورع يحجزه عن معاصي ال عز وجل ،وخلق
يداري به الناس ،وحلم يرد به جهل الجاهل .يا علي ثلث فرحات للمؤمن
في الدنيا :لقاء الخوان ،وتفطير الصائم والتهجد في آخر الليل .يا علي
أنهاك عن ثلث خصال :الحسد ،والحرص ،والكبر .يا علي أربع خصال من
الشقاء :جمود العين ،وقساوة القلب ،وبعد المل وحب البقاء .يا علي ثلث
درجات ،وثلث كفارات ،وثلث مهلكات ،وثلث منجيات فأما الدرجات
فاسباغ الوضوء في السبرات ) (1وانتظار الصلة بعد الصلة والمشي
بالليل والنهار إلى الجماعات .فأما الكفارات :فإفشاء السلم ،وإطعام الطعام
والتهجد بالليل والناس نيام .فأما المهلكات :فشح مطاع ،وهوى متبع،
وإعجاب المرء بنفسه ،وأما المنجيات :فخوف ال في السر والعلنية،
والقصد في الغنى والفقر ،وكلمة العدل في الرضا والسخط .يا علي ل
رضاع بعد فطام ،ول يتم بعد احتلم .يا علي سر سنتين بر والديك ،سر
سنة صل رحمك ،سر ميل عد مريضا ،سر ميلين شيع جنازة ،سر ثلثة
أميال أجب دعوة ،سر أربعة أميال زر أخا في ال ،سر خمسة أميال أغث
الملهوف ،سر ستة أميال انصر المظلوم ،وعليك بالستغفار.
) (1السبرات جمع سبرة -بالفتح -شدة البرد .وقيل الغداة الباردة .وفى بعض نسخ
المصدر " الشتوات ".
][53
يا علي :للمؤمن ثلث علمات :الصلة ،والزكاة ،والصيام ،وللمتكلف ثلث
علمات :يتملق إذا حضر ،ويغتاب إذا غاب ،ويشمت بالمصيبة ،وللظالم
ثلث علمات :يقهر من دونه بالغلبة ،ومن فوقه بالمعصية ،ويظاهر
الظلمة ،وللمرائي ثلث علمات ينشط إذا كان عند الناس ،ويكسل إذا كان
وحده ،ويحب أن يحمد في جميع أموره ،وللمنافق ثلث علمات إذا حدث
كذب ،وإذا وعد أخلف ،وإذا ائتمن خان .يا علي :تسعة أشياء تورث
النسيان :أكل التفاح الحامض ،وأكل الكزبرة ) ،(1والجبن ،وسؤر الفارة،
وقراءة كتابة القبور ،والمشي بين امرأتين وطرح القملة ،والحجامة في
النقرة ) (2والبول في الماء الراكد .يا علي العيش في ثلثة :دار قوراء،
وجارية حسناء ،وفرس قباء .يا علي وال لو أن المتواضع في قعر بئر
لبعث ال عزوجل إليه ريحا يرفعه فوق الخيار في دولة الشرار .يا علي:
من انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة ال ،ومن منع أجيرا أجره فعليه لعنة
ال ،ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة ال .فقيل :يا رسول ال وما
ذلك الحدث ؟ قال :القتل .يا علي المؤمن من أمنه المسلمون على أموالهم
ودمائهم ،والمسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه ،والمهاجر من هجر
السيئات .يا علي :أوثق عرى اليمان الحب في ال ،والبغض في ال .يا
علي :من أطاع امرأته أكبه ال على وجهه في النار .فقال علي عليه
السلم :وما تلك الطاعة ؟ قال :يأذن في الذهاب إلى الحمامات ،والعرسات،
والنائحات ولبس ثياب الرقاق .يا علي إن ال تبارك وتعالى قد أذهب
بالسلم نخوة الجاهلية وتفاخرهم
) (1يعنى گشنيز (2) .النقرة :ثقب في القفاء .وثقب في وسط الورك.
][54
بآبائهم أل وإن الناس من آدم ،وآدم من تراب ،وأكرمهم عند ال أتقاهم .يا علي من
السحت ثمن الميتة ،وثمن الكلب ،وثمن الخمر ،ومهر الزانية والرشوة في
الحكم ،وأجر الكاهن .يا علي من تعلم علما ليماري به السفهاء أو يجادل
به العلماء أو ليدعو الناس إلى نفسه فهو من أهل النار .يا علي إذا مات
العبد قال الناس :ما خلف ؟ وقالت الملئكة :ما قدم .يا علي الدنيا سجن
المؤمن وجنة الكافر .يا علي موت الفجأة راحة المؤمن وحسرة الكافر .يا
علي أوحى ال تبارك وتعالى إلى الدنيا :أخدمي من خدمني وأتعبي من
خدمك .يا علي إن الدنيا لو عدلت عند ال عزوجل جناح بعوضة لما سقى
الكافر منها شربة من ماء .يا علي ما أحد من الولين والخرين إل وهو
يتمنى يوم القيامة أنه لم يعط من الدنيا إل قوتا .يا علي شر الناس من اتهم
ال في قضائه .يا علي أنين المؤمن المريض تسبيح ،وصياحه تهليل،
ونومه على الفراش عبادة وتقلبه من جنب إلى جنب جهاد في سبيل ال،
فإن عوفي يمشي في الناس وما عليه من ذنب .يا علي لو اهدي إلي كراع
لقبلت ،ولو دعيت إلى ذراع لجبت .يا علي ليس على النساء جمعة ،ول
جماعة ،ول إقامة ،ول عيادة مريض ،ول اتباع جنازة ،ول هرولة بين
الصفا والمروة ،ول استلم الحجر ،ول حلق ،ول تولى القضاء ،ول ]أن[
تستشار ،ول تذبح إل عند الضرورة ،ول تجهر بالتلبية ول تقيم عند قبر
ول تسمع الخطبة ،ول تتولى التزويج ،ول تخرج من بيت زوجها إل بإذنه،
فان خرجت بغير إذنه لعنها ال وجبرئيل وميكائيل ،ول تعطي من بيت
][55
زوجها شيئا إل بإذنه ،ول تبيت وزوجها عليها ساخط ،وإن كان ظالما لها .يا علي
السلم عريان ،ولباسه الحياء ،وزينته الوفاء ،ومروته العمل الصالح،
وعماده الورع ،ولكل شئ أساس وأساس السلم حبنا أهل البيت .يا علي
سوء الخلق شؤم ،وطاعة المرأة ندامة .يا علي إن كان الشؤم في شئ ففي
لسان المرأة .يا علي نجى المخفون ،وهلك المثقلون .يا علي من كذب علي
متعمدا فليتبوأ مقعده من النار .يا علي ثلثة يزدن في الحفظ ،ويذهبن
البلغم :اللبان ،والسواك ،وقراءة القرآن .يا علي السواك من السنة،
ومطهرة للفم ،ويجلو البصر ،ويرضى الرحمن ويبيض السنان ،ويذهب
بالبخر ) (1ويشد اللثة ،ويشهي الطعام ،ويذهب بالبلغم ،ويزيد في الحفظ،
ويضاعف الحسنات ،وتفرح به الملئكة .يا علي النوم أربعة :نوم النبياء
عليهم السلم على أقفيتهم ،ونوم المؤمنين على أيمانهم ،ونوم الكفار
والمنافقين على أيسارهم ،ونوم الشياطين على وجوههم .يا علي ما بعث
ال عزوجل نبيا إل وجعل ذريته من صلبه ،وجعل ذريتي من صلبك،
ولولك ما كانت لي ذرية .يا علي أربعة من قواصم الظهر :إمام يعصي ال
عزوجل ويطاع أمره وزوجة يحفظها زوجها وهي تخونه ،وفقر ل يجد
صاحبه مداويا ،وجار سوء في دار مقام .يا علي إن عبد المطلب سن في
الجاهلية خمس سنن أجراها ال عزوجل في السلم :حرم نساء الباء
على البناء فأنزل ال عزوجل " ول تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء " )
(2ووجد كنزا فأخرج منه الخمس وتصدق به ،فأنزل ال
][56
تبارك وتعالى " واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن ل خمسه -الية " ) (1ولما حفر
زمزم سماها سقاية الحاج فانزل ال تبارك وتعالى " أجعلتم سقاية الحاج
وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بال واليوم الخر -الية " ) (2وسن
في القتل مائة من البل فأجرى ال عزوجل ذلك في السلم .ولم يكن
للطواف عدد عند قريش فسن لهم عبد المطلب سبعة أشواط فأجرى ال
عزوجل ذلك في السلم .يا علي إن عبد المطلب كان ل يستقسم بالزلم،
ول يعبد الصنام ،ول يأكل ما ذبح على النصب ،ويقول :أنا على دين أبي
إبراهيم عليه السلم .يا علي أعجب الناس إيمانا وأعظمهم يقينا قوم
يكونون في آخر الزمان لم يلحقوا النبي ،وحجب عنهم الحجة فآمنوا بسواد
على بياض .يا علي ثلث :يقسين القلب استماع اللهو ،وطلب الصيد،
وإتيان باب السلطان .يا علي ل تصل في جلد ما ل تشرب لبنه ،ول تأكل
لحمه ،ول تصل في ذات الجيش ،ول في ذات الصلصل ول في ضجنان )
.(3يا علي كل من البيض ما اختلف طرفاه ،ومن السمك ما كان له قشور
ومن الطير مادف ،واترك منه ما صف ) (4وكل من طير الماء ما كانت له
قانصة أو صيصية ).(5
) (1النفال (2) .42 :التوبة (3) .19 :ذات الجيش :واد قرب المدينة قيل بينها
وبين ميقات أهل المدينة ميل واحد .وذات الصلصل :اسم موضع في
طريق مكة .وضجنان -كسكران :-جبل قرب مكة .والنهى تنزيهي يحمل
على الكراهة (4) .دف الطائر :حرك جناحيه كالحمام .وصف الطائر
جناحيه :بسطهما ولم يحركهما (5) .القانصة واحدة قوانص الطير -
كفاصلة وفواصل -وقد اختلفوا فيها فقيل هي للطير بمنزلة المصارين
لغيرها وهذا القول ضعيف جدا لن المصارين هي المعاء ،وقد ورد في
الخبر " كل من طير البر ما كانت له حوصلة ومن طير الماء ما كانت له
قانصة " كقانصة الحمام < -
][57
يا علي كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير فحرام أكله .يا علي ل قطع في
ثمر ول كثر ) .(1يا علي ليس على زان عقر ) (2ول حد في التعريض،
ول شفاعة في حد ول يمين في قطيعة رحم ،ول يمين لولد مع والده ،ول
لمرأة مع زوجها ،ول للعبد مع موله ،ول صمت يوما إلى الليل ،ول
وصال في صيام ،ول تعرب بعد هجرة .يا علي ل يقتل والد بولده .يا علي
ل يقبل ال عزوجل دعا قلب ساه .يا علي نوم العالم أفضل من عبادة العابد
الجاهل .يا علي ركعتان يصليهما العالم أفضل من ألف ركعة يصليها العابد.
يا علي ل تصوم المرأة تطوعا إل باذن زوجها ،ول يصوم العبد تطوعا إل
< -ل معدة كمعدة النسان والمعى موجود في الطيور كلها وقيل هي الحوصلة
وقيل هي بمنزلة معدة للنسان وهذان القولن معناهما واحد ،لن
الحوصلة للطيور بمنزلة المعدة للنسان وهى التى يجتمع فيها كل ما
تنقر من الحب وغيره ثم ينحدر إلى معى ،وقيل :هي اللحمة الغليظة جدا
التى يجتمع فيها كل ما تنقر من الحصى الصغار بعد ما انحدر من
الحوصلة يقال لها بالفارسية سنگدان وهذا القول هو الصواب كما يظهر
من الحديث )كذا في المعيار( والصيصية هي الشوكة التى في رجل الطير
في موضع العقب وهى الصبع الزائد في باطن رجل الطائر بمنزلة البهام
من بنى آدم لنها شوكته (1) .الثمر -بفتح المثلثة والميم -الرطب مادام
في رأس النخلة .ول قطع أي في سرقته ،قال العلقمي :قال :شيخنا قال:
الخطابى تأوله الشافعي على ما كان معلقا في النخل قبل أن يجد ويحرز
وقوله " ولكثر " بفتح الكاف والمثلثة جمار النخل قال :في النهاية هو
شحمه الذى في وسط النخلة .قال المناوى وتمامه " ال ما آواه الجرين
" فبين الحالة التى فيها القطع وهو كون المال في حرز )السراج المنير
في شرح الجامع الصغير( (2) .العقر -بالضم -صداق المرأة.
][58
باذن موله ،ول يصوم الضيف تطوعا إل باذن صاحبه .يا علي صوم يوم الفطر،
وصوم يوم الضحى حرام ،وصوم الوصال حرام وصوم الصمت حرام،
وصوم نذر المعصية حرام ،وصوم الدهر حرام .يا علي في الزناء ست
خصال ثلث منها في الدنيا وثلث منها في الخرة أما التي في الدنيا
فيذهب بالبهاء ،ويعجل الفناء ،ويقطع الرزق ،وأما التي في الخرة فسوء
الحساب ،وسخط الرحمن ،والخلود في النار .يا علي الربا سبعون جزءا
فأيسره مثل أن ينكح الرجل امه في بيت ال الحرام .يا علي درهم ربا أعظم
عند ال من سبعين زنية كلها بذات محرم .يا علي من منع قيراطا من زكاة
ماله فليس بمؤمن ول مسلم ول كرامة .يا علي تارك الصلة يسأل الرجعة
إلى الدنيا ،وذلك قول ال تعالى " :حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب
ارجعون -الية " ) .(1يا علي تارك الحج وهو يستطيع كافر قال ال
تبارك وتعالى " :وال على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيل ومن
كفر فان ال غني عن العالمين " ) .(2يا علي من سوف الحج حتى يموت
بعثه ال يوم القيامة يهوديا أو نصرانيا .يا علي الصدقة ترد القضاء الذي
قد أبرم إبراما .يا علي صلة الرحم يزيد في العمر .يا علي افتتح بالملح،
واختم بالملح فان فيه شفاء من اثنين وسبعين داء ) (3يا علي لو قدمت
المقام المحمود لشفعت في أبي وامي وعمي وأخ كان لي في الجاهلية.
) (1المؤمنون (2) .101 :آل عمران (3) .92 - 91 :المر ارشادى وذلك لنه كان
منشأ أكثر المراض من الطعام وهضمه في المعدة والملح قبل الطعام
وبعده يؤثر في المعدة خشنونة موجبة لهضم الطعام بسهولة فهذا تأثير
طبيعي موجب لحفظ البدن من المراض الكثيرة 58.مكرر - 1يا علي ل
صدقة وذو رحم محتاج .يا علي درهم في الخضاب أفضل من ألف درهم
ينفق في سبيل ال وفيه أربع عشرة خصلة :يطرد الريح من الذنين،
ويجلو البصر ،ويلين الخياشيم ،ويطيب النكهة ويشد اللثة ويذهب
بالصنان ) (1ويقل وسوسة الشيطان ،وتفرح به الملئكة ويستبشر به
المؤمن و يغيظ به الكافر ،وهو زينة وطيب ،ويستحيي منه منكر ونكير،
وهو براءة له في قبره .يا علي ل خير في قول إل مع الفعل ،ول في
منظر إل مع المخبر ) ،(2ول في المال إل مع الجود ،ول في الصدق إل
مع الوفاء ،ول في العفة إل مع الورع ،ول في الصدقة إل مع النية ،ول
في الحياة إل مع الصحة ،ول في الوطن إل مع المن والسرور .يا علي
حرم من الشاة سبعة أشياء :الدم ،والمذاكير ،والمثانة ،والنخاع ،والغدد،
والطحال ،والمرارة .يا علي ل تماكس في أربعة أشياء :في شراء
الضحية ،والكفن ،والنسمة والكرى إلى مكة .يا علي ال اخبرك بأشبهكم
بي خلقا ؟ قال :بلى يا رسول ال ،قال :أحسنكم خلقا ،أعظمكم حلما،
وأبركم بقرابته ،وأشدكم من نفسه انصافا .يا علي أمان لمتي من الغرق
إذا هم ركبوا السفن فقرؤا بسم ال الرحمن الرحيم " وما قدروا ال حق
قدره والرض جميعا قبضته يوم القيمة والسموات مطويات بيمينه
سبحانه وتعالى عما يشركون " ) " (3بسم ال مجريها ومرسيها إن
ربي لغفور رحيم " ) .(4يا علي أمان لمتي من السرق " قل ادعوا ال
أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله السماء الحسنى " -إلى آخر السورة
) .(5يا علي أمان لمتي من الهدم " إن ال يمسك السموات والرض أن
تزول ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا " )
.(6
سقطت هنا خمسة أسطر وتأتى بعد قوله يوم القيامة صدر ص (1) .59النكهة ريح
الفم ،والصنان رائحة معاطن الجسد إذا تغيرت وهى من أصن اللحم إذا
انتن ،والصنان ذفر البط والنتن عموما (2) .في بعض النسخ " في نظر
ال مع الخبرة " (3) .الزمر (4) .67 :هود (5) .43 :السراء 110 :و
(6) .111فاطر 39.58 :مكرر - 2يا علي أمان لمتي من الهم " ل
حول ول قوة إل بال ل ملجأ ول منجا من ال إل إليه " .يا علي أمان
لمتي من الحرق " إن وليي ال الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين
" ) " (1وما قدروا ال حق قدره " ) .(2يا علي من خاف السباع فليقرأ
" لقد جاءكم رسول من أنفسكم -إلى آخر السورة ) .(3يا علي ومن
استصعب عليه دابته فليقرأ في اذنها اليمنى " وله أسلم من في السموات
والرض طوعا وكرها وإليه ترجعون " ) .(4يا علي من خاف ساحرا أو
شيطانا فليقرء " إن ربكم ال الذي خلق السموات والرض -الية " )
.(5يا علي من كان في بطنه ماء أصفر ) (6فليكتب على بطنه آية
الكرسي ويشربه فانه برء باذن ال عزوجل .يا علي حق الولد على والده
أن يحسن اسمه وأدبه ،ويضعه موضعا صالحا ،وحق الوالد على ولده أن
ل يسميه باسمه ول يمشي بين يديه ول يجلس أمامه ول يدخل معه
الحمام .يا علي ثلثة من الوسواس ،أكل الطين ،وتقليم الظفار بالسنان
وأكل اللحية .يا علي لعن ال والدين حمل ولدهما على عقوقهما .يا علي
يلزم الوالدين من ولدهما ما يلزم لهما من عقوقهما .يا علي رحم ال
والدين حمل ولدهما علي برهما .يا علي من أحزن والديه فقد عقهما .يا
علي من اغتيب عنده أخوه المسلم فاستطاع نصره فلم ينصره خذله ال
في الدنيا والخرة .يا علي من كفى يتيما في نفقة بماله حتى يستغني
وجبت له الجنة البتة .يا علي من مسح يده على رأس يتيم ترحما له
أعطاه ال عزوجل بكل شعرة نورا يوم القيامة.
) (1العراف (2) .196 :النعام (3) .91 :التوبة (4) .128 :آل عمران(5) .78 :
يونس (6) .3 :ماء اصفر :صفرائيست كه بطريق ادرار دفع شود )بحر
الجواهر(
][59
يا علي أنا ابن الذبيحين ) (1أنا دعوة أبي إبراهيم .يا علي العقل ما اكتسب به الجنة
وطلب به رضى الرحمن .يا علي إن أول خلق خلقه ال عزوجل العقل فقال
له :أقبل فأقبل ثم قال له :أدبر فأدبر ،وقال وعزتي وجللي ماخلقت خلقا
هو أحب إلي منك ،بك آخذ وبك اعطي ،وبك اثيب ،وبك اعاقب ) .(2يا علي
ل فقر أشد من الجهل ،ول مال أعود من العقل ،ول وحدة أوحش من
العجب ،ول عقل كالتدبير ،ول ورع كالكف عن محارم ال وعما ل يليق،
ول حسب كحسن الخلق ،ول عبادة مثل التفكر .يا علي آفة الحديث الكذب،
وآفة العلم النسيان ،وآفة العبادة الفترة ،وآفة الجمال الخيلء ،وآفة الحلم
الحسد .يا علي أربعة يذهبن ضياعا ) :(3الكل على الشبع ،والسراج في
القمر والزرع في السبخة ) (4والصنيعة عند غير أهلها .يا علي من نسي
الصلة علي فقد أخطأ طريق الجنة .يا علي إياك ونقرة الغراب وفريسة
السد ) .(5يا علي لئن أدخل يدي في فم التنين ) (6إلى المرفق أحب إلي
من أن أسأل من لم يكن ثم كان.
) (1يعنى بهما اسماعيل عليه السلم وعبد ال أباه صلى ال عليه وآله واشارة إلى
قول ابراهيم عليه السلم " واجعل لى لسان صدق في الخرين "(2) .
يعنى أن العقل هو موجب الختيار وهو ملك التكليف فافهم (3) .أي
مهمل ضايعا (4) .السبخة :ارض ذات نز وملح .يعنى شوره زار.
والصنيعة :الحسان (5) .فريسة السد هو ما يفترسه يعنى احذر منهما.
) (6التنين -كسكين :-الحية العظيمة .وقيل انه أشر من الكوسج ،في
فمه انياب مثل اسنة الرماح ،احمر العينين براق ،طويل كالنخلة ،واسع
الفم والجوف ،يبلع كثيرا من الحيوان.
][60
يا علي إن أعتى الناس على ال عزوجل القاتل غير قاتله ،والضارب غير ضاربه،
ومن تولى غير مواليه فقد كفر بما أنزل ال عزوجل .يا علي تختم باليمين
فإنه فضيلة من ال عزوجل للمقربين قال :بم أتختم يا رسول ال ؟ قال:
بالعقيق الحمر فانه أول جبل أقر ل عزوجل بالوحدانية ولي بالنبوة ،ولك
بالوصية ،ولولدك بالمامة ،ولشيعتك بالجنة ،ولعدائك بالنار .يا علي إن
ال عزوجل أشرف على الدنيا فاختارني منها على رجال العالمين ثم أطلع
الثانية فاختارك على رجال العالمين ،ثم أطلع الثالثة فاختار الئمة من
ولدك على رجال العالمين ،ثم أطلع الرابعة فاختار فاطمة على نساء
العالمين .يا علي إني رأيت اسمك مقرونا باسمي في أربعة مواطن فآنست
بالنظر إليه إني لما بلغت بيت المقدس في معراجي إلى السماء وجدت على
صخرتها " ل إله إل ال محمد رسول ال أيدته بوزيره ونصرته بوزيره "
فقلت لجبرئيل :من وزيري ؟ فقال :علي بن أبي طالب ،فلما انتهيت إلى
سدرة المنتهى وجدت مكتوبا عليها " إني أنا ال ل إله إل أنا وحدي،
محمد صفوتي من خلقي أيدته بوزيره ونصرته بوزيره " فقلت لجبرئيل
عليه السلم :من وزيري ؟ فقال :علي بن أبي طالب ،فلما جاوزت السدرة
انتهيت إلى عرش رب العالمين جل جلله فوجدت مكتوبا على قوائمه " أنا
ال ل إله إل أنا وحدي ،محمد حبيبي أيدته بوزيره ونصرته بوزيره " .يا
علي إن ال تبارك وتعالى أعطاني فيك سبع خصال :أنت أول من ينشق
عنه القبر معي ،وأنت أول من يقف على الصراط معي ،وأنت أول من
يكسى إذا كسيت ويحيى إذا حييت ،وأنت أول من يسكن معي عليين ،وأنت
أول من يشرب معي من الرحيق المختوم الذي ختامه مسك .ثم قال صلى
ال عليه وآله لسلمان الفارسي رحمة ال عليه :يا سلمان إن لك في علتك
إذا اعتللت ثلث خصال :أنت من ال بذكر ،ودعاؤك فيها مستجاب ،ول
تدع العلة عليك ذنبا إل حطته ،متعك ال بالعافية إلى انقضاء أجلك .ثم قال
صلى ال عليه وآله لبي ذر رحمة ال عليه :يا أبا ذر إياك والسؤال فانه
ذل حاضر
][61
وفقر متعجلة ،وفيه حساب طويل يوم القيامة .يا أبا ذر تعيش وحدك ،وتموت
وحدك ،وتدخل الجنة وحدك ،ويسعد بك قوم من أهل العراق يتولون غسلك
وتجهيزك ودفنك .يا أبا ذر ل تسأل بكفك ،فان أتاك شئ فاقبله .ثم قال
لصحابه :أل اخبركم بشراركم ؟ قالوا :بلى يا رسول ال ،قال :المشاؤون
بالنميمة ،المفرقون بين الحبة ،الباغون للبرآء العيب - 4 .ف ):(1
وصيته صلى ال عليه وآله لمير المؤمنين عليه السلم :يا علي إن من
اليقين أن ل ترضي أحدا بسخط ال ،ول تحمد أحدا بما آتاك ال ،ول تذم
أحدا على ما لم يؤتك ال ،فان الرزق ل يجره حرص حريص ول تصرفه
كراهة كاره ،إن ال بحكمه وفضله جعل الروح والفرح في اليقين
والرضى ،وجعل الهم والحزن في الشك والسخط .يا علي إنه ل فقر أشد
من الجهل ،ول مال أعود من العقل ) (2ول وحدة أوحش من العجب ،ول
مظاهرة ) (3أحسن من المشاورة ،ول عقل كالتدبير ،ول حسب كحسن
الخلق ،ول عبادة كالتفكر .يا علي آفة الحديث الكذب على ال وآفة العلم
النسيان ،وآفة العبادة الفترة ) (4وآفة السماحة المن ) (5وآفة الشجاعة
البغي ،وآفة الجمال الخيلء ،وآفة الحسب الفخر .يا علي عليك بالصدق،
ول تخرج من فيك كذبة أبدا ،ول تجترين على خيانة أبدا ،والخوف من ال
كأنك تراه ،وابذل مالك ونفسك دون دينك ،وعليك بمحاسن الخلق
فاركبها ،وعليك بمساوي الخلق فاجتنبها.
) (1تحف العقول ص (2) .6العود :النفع (3) .المظاهرة :المعاونة (4) .الفترة:
الضعف وانكسار (5) .السماحة :الجود.
][62
يا علي أحب العمل إلى ال ثلث خصال :من أتي ال بما افترض عليه فهو من أعبد
الناس ،ومن ورع عن محارم ال فهو من أورع الناس ،ومن قنع بما رزقه
ال فهو من أغنى الناس .يا علي ثلث من مكارم الخلق :تصل من
قطعك ،وتعطي من حرمك ،وتعفو عمن ظلمك .يا علي ثلث منجيات :تكف
لسانك ،وتبكي على خطيئتك ،ويسعك بيتك .يا علي سيد العمال ثلث
خصال :إنصافك الناس من نفسك ،ومساواة الخ في ال ،وذكر ال على
كل حال .يا علي ثلثة من حلل ال :رجل زار أخاه المؤمن في ال فهو زور
ال وحق على ال أن يكرم زوره ) (1ويعطيه ما سأل ،ورجل صلى ثم
عقب إلى الصلة الخرى فهو ضيف ال وحق على ال أن يكرم ضيفه،
والحاج والمعتمر فهما وفد ال وحق على ال أن يكرم وفده ) .(2يا علي
ثلث ثوابهن في الدنيا والخرة :الحج ينفي الفقر ،والصدقة تدفع البلية،
وصلة الرحم تزيد في العمر .يا علي ثلث من لم يكن فيه لم يقم له عمل:
ورع يجحزه عن معاصي ال وعلم يرد به جهل السفيه ،وعقل يداري به
الناس .يا علي ثلثة تحت ظل العرش يوم القيامة :رجل أحب لخيه ما
أحب لنفسه ،ورجل بلغه أمر فلم يقدم فيه ولم يتأخر حتى يعلم أن ذلك المر
ل رضى أو سخط ،ورجل لم يعب أخاه بعيب حتى يصلح ذلك العيب عن
نفسه ،فانه كلما أصلح من نفسه عيبا بداله منها آخر ،وكفى بالمرء في
نفسه شغل .يا علي ثلث من أبواب البر :سخاء النفس وطيب الكلم
والصبر على الذى .يا علي في التوراة أربع إلى جنبهن أربع :من أصبح
على الدنيا حريصا
][63
أصبح وهو على ال ساخط ،ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فانما يشكو ربه،
ومن أتى غنيا فتضعضع له ) (1ذهب ثلثا دينه ،ومن دخل النار من هذه
المة فهو من اتخذ آيات ال هزوا ولعبا .أربع إلى جنبهن أربع :من ملك
استأثر ،ومن لم يستشر يندم ،كما تدين تدان ،والفقر الموت الكبر ،فقيل
له :الفقر من الدينار والدرهم ؟ فقال :الفقر من الدين .يا علي كل عين
باكية يوم القيامة إل ثلثة أعين :عين سهرت في سبيل ال ) (2وعين
غضت عن محارم ال ،وعين فاضت من خشية ال ) .(3يا علي طوبى
لصورة نظر ال إليها تبكي علي ذنب لم يطلع على ذلك الذنب أحد غير ال.
يا علي ثلث موبقات وثلث منجيات :فأما الموبقات فهوى متبع ،وشح
مطاع ،وإعجاب المرء بنفسه .وأما المنجيات فالعدل في الرضى والغضب،
والقصد في الغنى والفقر ،وخوف ال في السر والعلنية كأنك تراه ،فإن لم
تكن تراه فانه يراك .يا علي ثلث يحسن فيهن الكذب :المكيدة في الحرب،
وعدتك زوجتك والصلح بين الناس .يا علي ثلث يقبح فيهن الصدق:
النميمة ،وإخبار الرجل عن أهله بما يكره وترسك الرجل عن الخير ) .(4يا
علي أربع يذهبن ضلل :الكل بعد الشبع ،والسراج في القمر ،والزرع في
الرض السبخة ،والصنيعة عند غير أهلها .يا علي أربع أسرع شئ
عقوبة :رجل أحسنت إليه فكافاك بالحسان إساءة
) (1تضعضع له أي ذل وخضع ،وانما ذلك إذا كان خضوعه له لغناه (2) .سهر -
كفرح -أي بات ولم ينم ليل أي تركت النوم زائدا عن العادة (3) .أي سال
دمعها بكثرة (4) .في المصدر " وتكذيبك الرجل عن الخير ".
][64
ورجل ل تبغي عليه وهو يبغي عليك ،ورجل عاقدته على أمر فمن أمرك الوفاء له
ومن أمره الغدر بك ،ورجل تصل رحمه ويقطعها .يا علي أربع من يكن فيه
كمل إسلمه :الصدق ،والشكر ،والحياء وحسن الخلق .يا علي قلة طلب
الحوائج من الناس هو الغنى الحاضر ،وكثرة الحوائج إلى الناس مذلة
وهو الفقر الحاضر - 5 .ف ) (1يا علي إن للمؤمن ثلث علمات :الصيام
والصلة والزكاة وإن للمتكلف من الرجال ثلث علمات :يتملق إذا شهد
ويغتاب إذا غاب ويشمت بالمصيبة ،وللظالم ثلث علمات ،يقهر من دونه
بالغلبة ،ومن فوقه بالمعصية ،ويظاهر الظلمة ،وللمرائي ثلث علمات:
ينشط إذا كان عند الناس ،ويكسل إذا كان وحده ويحب أن يحمد في جميع
المور ،وللمنافق ثلث علمات :إن حدث كذب ،وإن اؤتمن خان ،وإن وعد
أخلف ،وللكسلن ثلث علمات :يتواني حتى يفرط ويفرط حتى يضيع،
ويضيع حتى يأثم ،وليس ينبغي للعاقل أن يكون شاخصا إل في ثلث مرمة
لمعاش ،أو خطوة لمعاد ،أو لذة في غير محرم .يا علي إنه ل فقر أشد من
الجهل ،ول مال أعود من العقل ،ول وحدة أوحش من العجب ،ول عمل
كالتدبير ،ول ورع كالكف ،ول حسب كحسن الخلق ،إن الكذب آفة الحديث،
وآفة العلم النسيان ،وآفة السماحة المن .يا علي إذا رأيت الهلل ) (2فكبر
ثلثا وقل " الحمد ل الذي خلقني وخلقك وقدرك منازل وجعلك آية
للعالمين ".
) (1التحف ص (2) .10الهلل :غرة القمر أو لليلتين أو الى ثلث أو إلى سبع.
قال :شيخنا البهائي )قده( :يمتد وقت قراءة الدعاء بامتداد وقت التسمية
هلل ،والولى عدم تأخيره عن الليلة الولى عمل بالمتيقن المتفق عليه
لغة وعرفا ،فان لم يتيسر فعن الليلة الثانية لقول أكثر أهل اللغة بالمتداد
إليها ،فان فاتك فعن الثالثة لقول كثير منهم بانها آخر لياله.
][65
يا علي إذا نظرت في مرآة فكبر ثلثا وقل " :أللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي
" .يا علي إذا هالك أمر فقل " :اللهم بحق محمد وآل محمد إل فرجت عني
" .قال :علي عليه السلم قلت :يا رسول ال " فتلقى آدم من ربه كلمات
" ما هذه الكلمات ؟ قال :يا علي إن ال أهبط آدم بالهند وأهبط حواء بجدة
والحية باصفهان وإبليس بميسان ) (1ولم يكن في الجنة شئ أحسن من
الحية والطاؤوس وكان للحية قوائم كقوائم البعير ،فدخل إبليس جوفها فغر
آدم وخدعه فغضب ال على الحية وألقى عنها قوائمها ،وقال :جعلت رزقك
التراب ،وجعلت تمشين على بطنك ،ل رحم ال من رحمك .وغضب على
الطاؤوس لنه كان دل إبليس على الشجرة فمسخ منه صوته ورجيله،
فمكث آدم بالهند مائة سنة ل يرفع رأسه إلى السماء ،واضعا يده على
رأسه يبكي على خطيئته ،فبعث ال إليه جبرئيل فقال :يا آدم الرب عزوجل
يقرئك السلم ويقول :يا آدم ألم أخلقك بيدي ؟ ألم أنفخ فيك من روحي ؟ ألم
أسجد لك ملئكتي ؟ ألم ازوجك حواء أمتي ؟ ألم اسكنك جنتي ؟ فما هذا
البكاء يا آدم ؟ تتكلم بهذه الكلمات فان ال قابل توبتك قل " سبحانك ل إله
إل أنت عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم .يا
علي إذا رأيت حية في رحلك فل تقتلها حتى تخرج عليها ثلثا فان رأيتها
الرابعة فاقتلها فانها كافرة .يا علي إذا رأيت حية في طريق فاقتلها فاني قد
اشترطت على الجن ]أ[ ل يظهروا في صورة الحيات .يا علي أربع خصال
من الشقاء :جمود العين ،وقساوة القلب ،وبعد المل ،وحب الدنيا من
الشقاء .يا علي إذا اثني عليك في وجهك فقل " :اللهم اجعلني خيرا مما
يظنون
) (1ميسان كورة معروفة بين البصرة وواسط والنسبة ميسانى -كما في القاموس
-ولعل ذكر هذه المواضع كناية عن بعد المسافة بينها.
][66
واغفر لي ما ل يعلمون ،ول تؤاخذني بما يقولون " .يا علي إذا جامعت فقل" :
بسم ال اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني " فإن قضى أن
يكون بينكما ولد لم يضره الشيطان أبدا .يا علي ابدأ بالملح واختم ،فإن
الملح شفاء من سبعين داء أولها الجنون والجذام والبرص .يا علي ادهن
بالزيت فان من ادهن بالزيت لم يقربه الشيطان أربعين ليلة .يا علي ل
تجامع أهلك ليلة النصف ول ليلة الهلل ،أما رأيت المجنون يصرع في ليلة
الهلل وليلة الصنف ؟ ؟ كثيرا ) .(1يا علي إذا ولد لك غلم أو جارية فأذن
في اذنه اليمنى وأقم في اليسرى فانه ل يضره الشيطان أبدا .يا علي أل
انبئك بشر الناس ؟ قلت :بلى يا رسول ال ،قال :من ل يغفر الذنب ول يقيل
العثرة .أل انبئك بشر من ذلك ؟ قلت :بلى يا رسول ال ،قال :من ل يؤمن
شره ،ول يرجى خيره - 6 .ف ) (2يا علي إياك ودخول الحمام بغير مئزر
فان من دخل الحمام بغير مئزر ملعون الناظر والمنظور إليه .يا علي ل
تتختم في السبابة والوسطى فانه كان يتختم قوم لوط فيهما ول تعر
الخنصر ).(3
) (1لما كان القمر يؤثر في الكرة الرضية تأثيرا طبيعيا موجبا لبروز آثار في
المواد الرضية فيمكن أن يؤثر في المزاج أيضا على نحو يظهر آثاره في
الولد والعقاب (2) .التحف ص (3) .13نهيه صلى ال عليه وآله
لجل التشبه وهذا العنوان أحد موجبات الحرمة في السلم ،فكل عمل
كان مثل ذلك فهو حرام مادام هذا العنوان صادقا عليه وإذا لم يصدق
عليه لم يكن من هذه الجهة حرام كما سئل عن على عليه السلم عن قول
رسول ال صلى ال عليه وآله " :غيروا الشيب ول تشبهوا باليهود "
فقال عليه السلم " :انما قال صلى ال عليه وآله ذلك والدين قل فالن قد
اتسع نطاقه وضرب بجرانه فامرؤ وما اختار " .والحاصل التشبه في
المختصات المذهبية متعمدا حرام.
][67
يا علي إن ال يعجب من عبده إذا قال " رب اغفر لي فانه ل يغفر الذنوب إل أنت "
يقول :يا ملئكتي عبدي هذا قد علم أنه ل يغفر الذنوب غيري اشهدوا أني
قد غفرت له .يا علي إياك والكذب فان الكذب يسود الوجه ثم يكتب عند ال
كذابا وإن الصدق يبيض الوجه ويكتب عند ال صادقا ،واعلم أن الصدق
مبارك والكذب مشؤوم .يا علي احذر الغيبة والنميمة فان الغيبة تفطر
والنميمة توجب عذاب القبر .يا علي ل تحلف بال كاذبا ول صادقا من غير
ضرورة ،ول تجعل ال عرضة ليمينك فان ال ل يرحم ول يرعى من حلف
باسمه كاذبا .يا علي ل تهتم لرزق غد فان كل غد يأتي برزقه .يا علي إياك
واللجاجة فان أولها جهل وآخرها ندامة .يا علي عليك بالسواك فإن
السواك مطهرة للفم ،ومرضات للرب ،ومجلة للعين ،و الخلل يحببك إلى
الملئكة فان الملئكة تتأذى بريح فم من ل يتخلل بعد الطعام .يا علي ل
تغضب فإذا غضبت فاقعد وتفكر في قدرة الرب على العباد وحلمه عنهم
وإذا قيل لك اتق ال فانبذ غضبك وراجع حلمك .يا علي احتسب بما تنفق
على نفسك تجده عند ال مذخورا .يا علي أحسن خلقك مع أهلك وجيرانك
ومن تعاشر وتصاحب من الناس تكتب عند ال في الدرجات العلى .يا علي
ما كرهته لنفسك فاكره لغيرك وما أحببته لنفسك فأحبه لخيك تكن عادل
في حكمك مقسطا في عدلك ،محبا ) (1في أهل السماء مودودا ) (2في
صدور أهل الرض احفظ وصيتي إن شاء ال تعالى.
) (1في بعض النسخ " محببا " (2) .مودودا من الود أي محبوبا.
][68
- 7سن (1) :أبيه عن أبيه ،عن حماد بن عمرو ،عن السري بن خالد ،عن أبي
عبد ال عن آبائه عليهم السلم عن النبي صلى ال عليه وآله قال لعلي
عليه السلم :يا علي اوصيك بوصية فاحفظها عني ،فقال له علي :يا
رسول ال أوص فكان في وصيته أن قال :إن اليقين أن ل ترضي أحدا
بسخط ال ،ول تحمد أحدا على ما آتاك ال ،ول تذم أحدا على ما لم يؤتك
ال ،فان الرزق ل يجره حرص حريص ول يصرفه كراهية كاره :إن ال
بحكمه وفضله جعل الروح والفرح في اليقين والرضا وجعل الهم والحزن
في الشك والسخط .يا علي إنه ل فقر أشد من الجهل ،ول مال أعود من
العقل ،ول وحدة أوحش من العجب ،ول مظاهرة أوثق من المشاورة ،ول
عقل كالتدبير ،ول ورع كالكف ،ول حسب كحسن الخلق ،ول عبادة
كالتفكر .يا علي آفة الحديث الكذب ،وآفة العلم النسيان ،وآفة العبادة
الفترة ،و آفة الظرف الصلف ) (2وآفة السماحة المن ،وآفة الشجاعة
البغي ،وآفة الجمال الخيلء ،وآفة الحسب الفخر .يا علي إنك ل تزال بخير
ما حفظت وصيتي أنت مع الحق والحق معك - 8 .كا (3) :محمد بن يحيى،
عن ابن عيسى ،عن علي بن النعمان ،عن معاوية ابن عمار قال :سمعت
أبا عبد ال عليه السلم يقول :كان في وصية النبي صلى ال عليه وآله
لعلي عليه السلم أن قال :يا علي اوصيك في نفسك بخصال فاحفظها عني،
ثم قال :اللهم أعنه:
) (1المحاسن ص 16و (2) .17الظرف -بفتح الظاء المعجمة وكسر الراء ككتف
-أي البليغ .والصلف -بفتح الصاد واللم -هو الغلو في الظرف والزيادة
على المقدار مع تكبر .قال المناوى :الصلف -بالتحريك -مجاوزة القدر،
يعنى عاهة براعة اللسان وذكاء الجنان التطاول على القران والتمدح بما
ليس في النسان ،والمراد ان الظرف من الصفات الحسنة لكن له آفة
رديئة كثيرا ما تعرض له فإذا عرضت له أفسدته فليحذر ذو الظرافة تلك
الفة (3) .روضة الكافي ص .79
][69
أما الولى فالصدق ول تخرجن من فيك كذبة أبدا ،والثانية الورع ول تجتري على
خيانة أبدا ،والثالثة الخوف من ال عز ذكره كأنك تراه ،والرابعة كثرة
البكاء من خشية ال يبني لك بكل دمعة ألف بيت في الجنة ،والخامسة
بذلك ما لك ودمك دون دينك .والسادسة الخذ بسنتي في صلتي وصومي
وصدقتي أما الصلة فالخمسون ركعة ،وأما الصيام فثلثة أيام في الشهر،
الخميس في أوله و الربعاء في وسطه والخميس في آخره ،وأما الصدقة
فجهدك حتى تقول :قد أسرفت ولم تسرف ،وعليك بصلة الليل ]وعليك
بصلة الليل وعليك بصلة الليل[ ) (1وعليك بصلة الزوال ،وعليك بصلة
الزوال ،وعليك بصلة الزوال :وعليك بتلوة القرآن على كل حال ،وعليك
برفع يديك في صلتك وتقليبهما وعليك بالسواك عند كل وضوء ،وعليك
بمحاسن الخلق فاركبها ومساوي الخلق فاجتنبها ،فان لم تفعل فل
تلومن إل نفسك .ين (2) :ابن علوان ،عن عمرو بن ثابت ،عن جعفر ،عن
أبي جعفر عليه السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله لعلي وذكر
نحوه .ووجدته منقول من خط الشهيد )ره( نقل من كتاب الحسين بن
سعيد ،عن ابن أبي عمير ،عن معاوية بن عمار مثله - 9 .ما (3) :جماعة
عن أبي المفضل ،عن عبد الرزاق بن سليمان ،عن الفضل بن الفضل
الشعري ،عن الرضا عن آبائه عليهم السلم أن رسول ال صلى ال عليه
وآله بعث عليا عليه السلم إلى اليمن فقال له وهو يوصيه :يا علي اوصيك
بالدعاء فانه مع الجابة وبالشكر فان معه المزيد ،وأنهاك من أن تخفر
عهدا ) (4وتعين عليه ،وأنهاك عن المكر فإنه ل يحيق المكر السيئ إل
بأهله ،وأنهاك عن البغي فانه من بغي عليه لينصرنه ال.
) (1بين القوسين ليس في المصدر (2) .مخطوط ) (3المالى ج 2ص (4) .210
أخفره نقض عهده.
][70
* )باب ) " * * (4ما أوصى به رسول ال صلى ال عليه وآله( " * * " )إلى
أبى ذر رحمه ال( " * - 1مع ،ل (1) :عن علي بن عبد ال السواري،
عن أحمد بن محمد بن قيس السجزي عن عمرو بن حفص ،عن عبيد ال
بن محمد بن أسد ،عن الحسين بن إبراهيم ،عن يحيى ابن سعيد البصري،
عن ابن جريج ،عن عطاء ،عن عبيد بن عمير الليثي ) (2عن أبي ذر
رحمه ال قال :دخلت يوما على رسول ال صلى ال عليه وآله وهو في
المسجد جالس وحده فاغتنمت خلوته فقال لي :يا أبا ذر إن للمسجد تحية،
قلت :وما تحيته ؟ قال :ركعتان تركعهما ،فقلت :يا رسول ال إنك أمرتني
بالصلة ،فما الصلة ؟ قال :خير موضوع فمن شاء أقل ومن شاء أكثر،
قلت :يارسول ال أي العمال أحب إلى ال عزوجل ؟ فقال :إيمان بال
وجهاد في سبيله ]قلت أي المؤمنين أكمل إيمانا ؟ قال :أحسنهم خلقا ،قلت:
وأي المؤمنين أفضل ؟ قال :من سلم المسلمون من لسانه ويده ،قلت وأي
الهجرة أفضل ؟ قال :من هجر السوء[ قلت :فأي الليل أفضل ؟ قال :جوف
الليل الغابر ،قلت :فأي الصلة أفضل ؟ قال :طول القنوت ،قلت :فأي
الصدقة أفضل ؟ قال :جهد من مقل إلى فقير في سر ) (3قلت :ما الصوم ؟
قال :فرض
][71
مجزي وعند ال أضعاف كثيرة ،قلت :فأي الرقاب أفضل ؟ قال :أغلها ثمنا
وأنفسها عند أهلها ،قلت :فأي الجهاد أفضل ؟ قال :من عقر جواده
واهريق دمه في سبيل ال ،قلت :فأي آية أنزلها ال عليك أعظم ؟ قال آية
الكرسي .ثم قال :يا أبا ذر ما السماوات السبع في الكرسي إل كحلقة ملقاة
في أرض فلة ،وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلة على تلك الحلقة.
قلت :يا رسول ال كم النبيون ؟ قال :مائة ألف وأربعة وعشرون ألف نبي
قلت :كم المرسلون منهم ؟ قال :ثلثة عشر جماء غفيراء ) (1قلت :من
كان أول النبياء ؟ قال آدم قلت وكان من النبياء مرسل ؟ قال :نعم خلقه
ال بيده ونفخ فيه من روحه .ثم قال :يا أبا ذر أربعة من النبياء
سريانيون :آدم وشيث واخنوخ -وهو إدريس عليه السلم وهو أول من
خط بالقلم -ونوح عليه السلم وأربعة من النبياء من العرب هود،
وصالح ،وشعيب ،ونبيك محمد ،وأول نبي من بني إسرائيل موسى
وآخرهم عيسى ]بينهما[ ستمائة نبي .قلت :يا رسول ال كم أنزل ال من
كتاب ؟ قال :مائة كتاب وأربعة كتب أنزل ال على شيث خمسين صحيفة،
وعلى إدريس ثلثين صحيفة ،وعلى إبراهيم عشرين صحيفة ،وأنزل
التوراة والنجيل والزبور والفرقان ،قلت :يارسول ال فما كانت صحف
إبراهيم قال :كانت أمثال كلها وكان فيها " أيها الملك المبتلى المغرور إني
لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلى بعض ولكن بعثتك لترد عني دعوة
المظلوم فاني ل أردها وإن كانت من كافر .وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا
على عقله أن يكون له ]أربع[ ساعات ساعة يناجي فيها ربة عزوجل
وساعة يحاسب فيها نفسه ،وساعة
) (1قال الجوهرى :جاؤوا جماء غفيراء -ممدودا -والجماء الغفير ،وجم الغفير
وجماء الغفير أي جاؤوا بجماعتهم ولم يتخلف منهم أحد وكانت فيهم
كثرة ،وقال :الجماء الغفير اسم وليس بفعل ال أنه تنصب المصادر التى
هي في معناه كقولك جاؤوني جميعا وقاطبة وطرا وكافة ،وأدخلوا فيه
اللف واللم كما أدخلوا في قولهم أوردها العراك أي أوردها عراكا.
][72
يتفكر فيما صنع ال عزوجل إليه ،وساعة يخلو فيها بحظ نفسه من الحلل ،فان
هذه الساعة عون لتلك الساعات واستجمام للقلوب وتوزيع لها ) ،(1وعلى
العاقل أن يكون بصيرا بزمانه ،مقبل على شأنه ،حافظا للسانه ،فان من
حسب كلمه من عمله قل كلمه إل فيما يعنيه ،وعلى العاقل أن يكون طالبا
) (2لثلث مرمة لمعاش أو تزود لمعاد ،أو تلذذ في غير محرم .قلت:
يارسول فما كانت صحف موسى ؟ قال :كانت عبرا كلها وفيها " :عجب
لمن أيقن بالموت كيف يفرح ،ولمن أيقن بالنار لم يضحك ،ولمن يرى
الدنيا وتقلبها بأهلها لم يطمئن إليها ،ولمن يؤمن بالقدر كيف ينصب )،(3
ولمن أيقن بالحساب لم ل يعمل " .قلت :يا رسول ال هل في أيدينا مما
أنزل ال عليك شئ مما كان في صحف إبراهيم وموسى ؟ قال :يا أبا ذر
اقرأ " قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحيوة الدنيا.
والخرة خير وأبقى .إن هذا ) (4لفي الصحف الولى صحف إبراهيم
وموسى " ) .(5قلت :يارسول ال أوصني قال :اوصيك بتقوى ال فانه
رأس المر كله قلت :زدني قال :عليك بتلوة القرآن وذكر ال كثيرا فانه
ذكر لك في السماء ونور لك في الرض ،قلت :زدني قال :الصمت فانه
مطردة للشياطين وعون لك على أمر دينك ،قلت :زدني قال :إياك وكثرة
الضحك فانه يميت القلب ]ويذهب بنور الوجه[ قلت :زدني قال :انظر إلى
من هو تحتك ،ول تنظر إلى من هو فوقك فانه أجدر أن ل تزدري نعمة ال
عليك ،قلت :يا رسول ال زدني قال:
) (1الستجمام التفريح ،يقال :لستجم قلبى بشئ من اللهو أي أنى لجعل قلبى
يتفكه بشئ من اللهو ،وقوله " وتوزيع ؟ لها " كذا في الخصال وفى
المعاني " وتفريغ لها " (2) .كذا (3) .أي يتعب نفسه بالجد والجهد وفى
بعض نسخ المعاني " لم يغضب " ولعله الصح (4) .يعنى ذكر هذه
الربع آيات (5) .العلى.19 - 14 :
][73
صل قرابتك وإن قطعوك ،قلت زدني قال :أجب المساكين ومجالستهم ،قلت :زدني
قال :قل الحق وإن كان مرا ،قلت :زدني قال :ل تخف في ال لومة لئم
قلت :زدني قال :ليحجزك عن الناس ما تعلم من نفسك ول تجد عليهم )(1
فيما تأتي .ثم قال :كفى بالمرء عيبا أن يكون فيه ثلث خصال :يعرف من
الناس ما يجهل من نفسه ،ويستحيي لهم مما هو فيه ،ويؤذي جليسه بما
ل يعينه .ثم قال عليه السلم يا أبا ذر ل عقل كالتدبير ،ول ورع كالكف ،ول
حسب كحسن الخلق .ما (2) :مرسل مثله .أقول :ورواه الشيخ جعفر بن
أحمد القمي في كتاب الغايات مرسل مثلهما أيضا ولكن إلى قوله صلى ال
عليه وآله " :وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلة على تلك الحلقة "
وقال :اختصرناه وأخذنا منه موضع الحاجة - 2 .ل ) :(3عن الحسن بن
علي بن محمد العطار ،عن محمد بن محمود ،عن محمد ابن منصور
الفقيه ،وإسماعيل ]و[ المكي وحمدان جميعا ،عن المكي بن إبراهيم
وحدثني محمد بن أبي عبد ال الشافعي ،عن مجاهد بن أعين ،عن عبد
الصمد بن الفضل البلخي ،عن مكي بن إبراهيم ،عن هشام بن حسان
والحسن بن دينار ،عن محمد بن واسع ،عن عبد ال بن الصامت ،عن أبي
ذر رضي ال عن قال :أوصاني رسول ال عليه السلم بسبع :أوصاني أن
أنظر إلى من هو دوني ول أنظر إلى من هو فوقي وأوصاني بحب
المساكين والدنو منهم ،وأوصاني أن أقول الحق وإن كان مرا وأوصاني
أن أصل رحمي وإن أدبرت ،وأوصاني أن ل أخاف في ال لومة لئم
وأوصاني أن أستكثر من قول " ل حول ول قوه إل بال العلي العظيم "
فانها من كنوز الجنة - 3 .من كتاب مكارم الخلق ) (4يقول مولي أبي
طول ال عمره الفضل
) (1أي ل تغضب (2) .المالى ج 2ص (3) .138الخصال ج 2ص (4) .3
المصدر ص .537
][74
ابن الحسن هذه الوراق من وصية رسول ال صلى ال عليه وآله لبي ذر الغفاري
التي أخبرني بها الشيخ المفيد أبو الوفاء عبد الجبار بن عبد ال المقري
الرازي ،والشيخ الجل الحسن بن الحسين بن الحسن بن بابويه رحمه ال
إجازة قال أمل علينا الشيخ الجل أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي،
وأخبرني بذلك الشيخ العالم الحسين بن الفتح الواعظ الجرجاني في مشهد
الرضا عليه السلم ،قال :أخبرنا الشيخ المام أبو علي الحسن بن محمد
الطوسي قال :حدثني أبي :الشيخ أبو جعفر رحمه ال قال :أخبرنا جماعة،
عن أبي المفضل محمد بن عبد ال بن محمد بن المطلب الشيباني قال:
حدثنا أبو الحسين رجاء بن يحيى العبرتائي الكاتب ) (1سنة أربع عشر
وثلثمائة وفيها مات قال :حدثنا محمد بن الحسن بن شمون قال :حدثني
عبد ال بن عبد الرحمن الصم ،عن الفضل بن يسار ،عن وهب بن عبد
ال الهنائي ) (2قال :حدثني أبو حرب ابن أبي السود الديلي ،عن أبي
السود قال :قدمت الربذة فدخلت على أبي ذر جندب بن جنادة رضي ال
عنه فحدثني أبو ذر .قال :دخلت ذات يوم في صدر نهاره على رسول ال
صلى ال عليه وآله في مسجده فلم أر في المسجد أحدا من الناس إل
رسول ال صلى ال عليه وآله وعلي إلى جانبه جالس فاغتنمت خلوة
المسجد فقلت :يا رسول ال بأبي أنت ،وامي أوصني بوصية ينفعني ال
بها ،فقال :نعم وأكرم بك يا أبا ذر إنك منا أهل البيت وإني موصيك بوصية
فاحفظها فإنها جامعة لطرق الخير وسبله ،فإنك إن حفظتها كان لك بها
كفلن .يا أبا ذر ا عبد ال كأنك تراه فإن كنت ل تراه فانه يراك ،واعلم أن
أول عبادة ال المعرفة به ،فهو الول قبل كل شئ فل شئ قبله ،والفرد فل
ثاني له ،والباقي ل إلى غاية ،فاطر السماوات والرض وما فيهما وما
بينهما من شئ وهو ال اللطيف الخبير وهو على كل شئ قدير ،ثم اليمان
بي وال قرار بأن ال تعالى أرسلني إلى كافة الناس بشيرا ونذيرا وداعيا
إلى ال باذنه ،وسراجا منيرا ،ثم حب أهل بيتي
) (1سيأتي ضبط العبر تأتى بعد تمام الحديث (2) .الهنائى -بضم الهاء ونون ومد
-كما في التقريب.
][75
) (1في بعض نسخ المصدر " ل نقصت المل " (2) .العثرة الزلة والخطيئة.
والقالة :فسخ البيع ،وتقايل إذا فسخا .والصرعة -بكسر الصاد -المرة
من الصرع.
][76
بما اشتغلت به ) .(1يا أبا ذر كن على عمرك أشح منك على درهمك ودينارك .يا أبا
ذر هل ينتظر أحد إل غنى مطغيا ،أو فقرا منسيا ،أو مرضا مفسدا ،أو
هرما مفندا ) (2أو موتا مجهزا ،أو الدجال فانه شر غائب ينتظر ،أو
الساعة فالساعة أدهى وأمر .يا أبا ذر إن شر الناس منزلة عند ال يوم
القيامة عالم ل ينتفع بعلمه ،ومن طلب علما ليصرف به وجوه الناس إليه
لم يجد ريح الجنة .يا أبا ذر من ابتغى العلم ليخدع به الناس لم يجد ريح
الجنة .يا أبا ذر إذا سئلت عن علم ل تعلمه فقل :ل أعلمه تنج من تبعته،
ول تفت بما ل علم لك به تنج من عذاب ال يوم القيامة .يا أبا ذر يطلع قوم
من أهل الجنة على قوم من أهل النار فيقولون :ما أدخلكم النار وقد دخلنا
الجنة لفضل تأديبكم وتعليمكم ؟ فيقولون :إنا كنا نأمر بالخير ول نفعله .يا
أبا ذر إن حقوق ال جل ثناؤه أعظم من أن يقوم بها العباد وإن نعم ال
أكثر من أن يحصيها العباد ،ولكن أمسوا وأصبحوا تائبين .يا أبا ذر إنكم
في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة وأعمال محفوظة والموت يأتي
بغتة ،ومن يزرع خيرا يوشك أن يحصد خيرا ،ومن يزرع شرا يوشك أن
يحصد ندامة ،ولكل زارع مثل ما زرع .يا أبا ذر ل يسبق بطئ بحظه ،ول
يدرك حريص ما لم يقدر له ،ومن أعطى خيرا
) (1يعنى واظب نفسك أن ل يدركك الموت حين غفلتك واشتغالك بالدنيا فل تتمكن
من القالة والرجعة ووارثك ل يحمدك بما تركت له .ول يقبل ال العذر
منك باشتغالك بامور الدنيا (2) .يقال :فند من باب -علم -خرف وضعف
عقله ،وفى المصدر " مقعدا " ،وقوله " مجهزا " أجهز على الجريح
شد عليه واتم قتله ،وجهز الميت اعد ما يلزمه.
][77
فان ال أعطاه ،ومن وقي شرا فان ال وقاه .يا أبا ذر المتقون سادة ،والفقهاء
قادة ،ومجالستهم زيادة ،إن المؤمن ليرى ذنبه كأنه تحت صخرة يخاف أن
تقع عليه ،وإن الكافر ليرى ذنبه كأنه ذباب مر على أنفه .يا أبا ذر إن ال
تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيرا جعل ذنوبه بين عينيه ممثلة والثم عليه
ثقيل وبيل ) (1وإذا أراد بعبد شرا أنساه ذنوبه .يا أبا ذر ل تنظر إلى صغر
الخطيئة ولكن انظر إلى من عصيت .يا أبا ذر إن نفس المؤمن أشد
ارتكاضا من الخطيئة من العصفور حين يقذف به في شركه ) .(2يا أبا ذر
من وافق قوله فعله فذاك الذي أصاب حظه ،ومن خالف قوله فعله فإنما
يوبخ نفسه ) .(3يا أبا ذر إن الرجل ليحرم رزقه بالذنب يصيبه .يا أبا ذر
دع مالست منه في شئ ،ول تنطق فيما ل يعنيك ،واخزن لسانك كما تخزن
ورقك .يا أبا ذر إن ال جل ثناؤه ليدخل قوما الجنة فيعطيهم حتى يملوا،
وفوقهم قوم في الدرجات العلى فإذا نظروا إليهم عرفوهم فيقولون :ربنا
إخواننا كنا معهم في الدنيا فبم فضلتهم علينا ؟ فيقال :هيهات هيهات إنهم
كانوا يجوعون حين تشبعون ،ويظمأون حين تروون ،ويقومون حين
تنامون ،ويشخصون حين تحفظون .يا أبا ذر جعل ال جل ثناؤه قرة عيني
في الصلة وحبب إلي الصلة كما حبب إلى الجائع الطعام وإلى الظمآن
الماء ،وإن الجائع إذا أكل شبع وإن
) (1الوبيل الوخيم وزنا ومعنى (2) .الرتكاض :الضطراب ،وارتكض الرجل في
أمره تقلب فيه وحاوله .والشرك -محركة -حبالة الصيد (3) .أي عابها
ولمها.
][78
الظمآن إذا شرب روى ،وأنا ل أشبع من الصلة .يا أبا ذر أيما رجل تطوع في يوم
وليلة اثنتي عشر ركعة سوى المكتوبة كان له حقا واجبا بيت في الجنة .يا
أبا ذر مادمت في الصلة فانك تقرع باب الملك الجبار ،ومن يكثر قرع باب
الملك يفتح له .يا أبا ذر ما من مؤمن يقوم مصليا إل تناثر عليه البر ما
بينه وبين العرش ووكل به ملك ينادي يا ابن آدم لو تعلم مالك في الصلة
ومن تناجي ما انفتلت ) (1يا أبا ذر طوبى لصحاب اللوية يوم القيامة
يحملونها فيسبقون الناس إلى الجنة أل وهم السابقون إلى المساجد
بالسحار وغير السحار .يا أبا ذر الصلة عماد الدين واللسان أكبر
والصدقة تمحو الخطيئة واللسان أكبر ،والصوم جنة من النار واللسان
أكبر ،والجهاد نباهة واللسان أكبر ) .(2يا أبا ذر الدرجة في الجنة كما بين
السماء والرض وإن العبد ليرفع بصره فيلمع له نور يكاد يخطف بصره
فيفزع لذلك ،فيقول :ما هذا ؟ فيقال :هذا نور أخيك ،فيقول :أخي فلن كنا
نعمل جميعا في الدنيا وقد فضل علي هكذا ؟ فيقال له :إنه كان أفضل منك
عمل ،ثم يجعل في قلبه الرضي حتى يرضى .يا أبا ذر الدنيا سجن المؤمن
وجنة الكافر ،وما أصبح فيها مؤمن إل حزينا فكيف ل يحزن المؤمن وقد
أوعده ال جل ثناؤه أنه وارد جهنم ولم يعده أنه صادر عنها ) (3وليلقين
أمراضا ومصيبات وأمورا تغيظه وليظلمن فل ينتصر يبتغي ثوابا من ال
تعالى فما يزال فيها حزينا حتى يفارقها ،فإذا فارقها أفضى إلى الراحة
والكرامة.
) (1انفتل أي انصرف (2) .النباهة الفتنة والشرف وضد الخمول (3) .أشار إلى
قوله تعالى في سورة مريم 72و " :73وان منكم ال واردها كان على
ربك حتما مقضيا .ثم ننجي الذين اتقوا -الية ".
][79
يا أبا ذر ما عبد ال عزوجل على مثل طول الحزن .يا أبا ذر من اوتي من العلم ما ل
يبكيه لحقيق أن يكون قد اوتي علم ما ل ينفعه لن ال نعت العلماء فقال
جل وعز :إن الذين اوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للذقان
سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد لمفعول ويخرون للذقان يبكون
ويزيدهم خشوعا " ) .(1يا أبا ذر من استطاع أن يبكي فليبك ،ومن لم
يستطع فليشعر قلبه الحزن وليتباك ،إن القلب القاسي بعيد من ال تعالى
ولكن ل تشعرون .يا أبا ذر يقول ال تبارك وتعالى :ل أجمع على عبد
خوفين ول أجمع له أمنين فإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة وإذا
خافني في الدنيا آمنته يوم القيامة .يا أبا ذر إن العبد ليعرض عليه ذنوبه
يوم القيامة ]فيمن ذنب ذنوبه[ فيقول :أما إني كنت مشفقا ،فيغفر له .يا أبا
ذر إن الرجل ليعمل الحسنة فيتكل عليها ويعمل المحقرات حتى يأتي ال
وهو عليه غضبان وإن الرجل ليعمل السيئة فيفرق ) (2منها فيأتي ال
عزوجل آمنا يوم القيامة .يا أبا ذر إن العبد ليذنب الذنب فيدخل به الجنة
فقلت :وكيف ذلك بأبي أنت وامي يا رسول ال ؟ قال :يكون ذلك الذنب
نصب عينيه تائبا منه ،فارا إلى ال عزوجل حتى يدخل الجنة .يا أبا ذر
الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ،والعاجز من اتبع نفسه وهواها
وتمنى على ال عزوجل الماني .يا أبا ذر إن أول شئ يرفع من هذه المة
المانة والخشوع حتى ل تكاد ترى خاشعا .يا أبا ذر والذي نفس محمد بيده
لو أن الدنيا كانت تعدل عند ال جناح بعوضة
][80
أو ذباب ما سقى الكافر منها شربة من ماء .يا أبا ذر الدنيا ملعونة ملعون ما فيها
إل من ابتغى به وجه ال ،وما من شئ أبغض إلى ال تعالى من الدنيا،
خلقها ثم عرضها فلم ينظر إليها ول ينظر إليها حتى تقوم الساعة ،وما من
شئ أحب إلى ال تعالى من اليمان به وترك ما أمر بتركه .يا أبا ذر إن ال
تبارك وتعالى أوحى إلى أخي عيسى عليه السلم :يا عيسى ل تحب الدنيا
فاني لست احبها وأحب الخرة فانما هي دار المعاد .يا أبا ذر إن جبرئيل
أتاني بخزائن الدنيا على بغلة شهباء فقال لي :يا محمد هذه خزائن الدنيا
ول ينقصك من حظك عند ربك فقلت :يا حبيبي جبرئيل ل حاجة لي فيها،
إذا شبعت شكرت ربي وإذا جعت سألته .يا أبا ذر إذا أراد ال عزوجل بعبد
خيرا فقهه في الدين وزهده في الدنيا وبصره بعيوب نفسه .يا أبا ذر ما
زهد عبد في الدنيا إل أنبت ال الحكمة في قلبه ،وأنطق بها لسانه ويبصره
عيوب الدنيا وداءها ودواءها وأخرجه منها سالما إلى دار السلم .يا أبا ذر
إذا رأيت أخاك قد زهد في الدنيا فاستمع منه فانه يلقى الحكمة فقلت :يا
رسول ال من أزهد الناس ؟ قال :من لم ينس المقابر والبلى ،وترك فضل
زينة الدنيا ،وآثر ما يبقى على ما يفنى ،ولم يعد غدا من أيامه ،وعد نفسه
في الموتى .يا أبا ذر إن ال تبارك وتعالى لم يوح إلي أن أجمع المال ولكن
أوحى إلي أن " سبح بحمد ربك وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى
يأتيك اليقين " .يا أبا ذر إني ألبس الغليظ ،وأجلس على الرض ،وألعق
أصابعي ،وأركب الحمار بغير سرج ،وأردف خلفي ،فمن رغب عن سنتي
فليس مني .يا أبا ذر حب المال والشرف أذهب لدين الرجل من ذئبين
ضاريين في زرب
][81
الغنم ) (1فأغارا فيها حتى أصبحا فماذا أبقيا منها .قال :قلت :يا رسول ال
الخائفون الخائضون المتواضعون الذاكرون ال كثيرا أهم يسبقون الناس
إلى الجنة ؟ فقال :ل ولكن فقراء المسلمين فانهم يتخطون رقاب الناس
فيقول لهم خزنة الجنة كما أنتم حتى ) (2تحاسبوا فيقولون بم نحاسب
فوال ما ملكنا فنجود ونعدل ،ول أفيض علينا فنقبض ونبسط ولكنا عبدنا
ربنا حتى دعانا فأجبنا .يا أبا ذر إن الدنيا مشغلة للقلوب والبدان وإن ال
تبارك وتعالى سائلنا عما نعمنا في حلله فكيف بما نعمنا في حرامه .يا أبا
ذر إني قد دعوت ال جل ثناؤه أن يجعل رزق من يحبني الكفاف وأن يعطي
من يبغضني كثرة المال والولد .يا أبا ذر طوبى للزاهدين في الدنيا،
الراغبين في الخرة ،الذين اتخذوا أرض ال بساطا ،وترابها فراشا،
وماءها طيبا ،واتخذوا كتاب ال شعارا ودعاءه دثارا يقرضون الدنيا
قرضا .يا أبا ذر حرث الخرة العمل الصالح ،وحرث الدنيا المال والبنون.
يا أبا ذر إن ربي أخبرني فقال :وعزتي وجللي ما أدرك العابدون درك
البكاء وإني لبني لهم في الرفيق العلى قصرا ل يشاركهم فيه أحد .قال:
قلت :يا رسول ال أي المؤمنين أكيس قال :أكثرهم للموت ذكرا وأحسنهم
له استعدادا .يا أبا ذر إذا دخل النور القلب انفسح القلب واستوسع ،قلت:
فما علمة ذلك بأبي أنت وامي يا رسول ال ؟ قال :النابة إلى دار الخلود،
والتجافي عن دار الغرور والستعداد للموت قبل نزوله .يا أبا ذر اتق ال
ول تري الناس أنك تخشى ال فيكرموك وقلبك فاجر.
][82
يا أبا ذر ليكن لك في كل شئ نية حتى في النوم والكل .يا أبا ذر ليعظم جلل ال في
صدرك فل تذكره كما يذكره الجاهل عند الكلب اللهم اخزه وعند الخنزير
اللهم اخزه .يا أبا ذر إن ل ملئكة قياما من خيفته ،ما رفعوا رؤوسهم
حتى ينفخ في الصور النفخة الخرة فيقولون جميعا :سبحانك وبحمدك ما
عبدناك كما ينبغي لك أن تعبد .يا أبا ذر ولو كان لرجل عمل سبعين نبيا
لستقل عمله من شدة ما يرى يومئذ ولو أن دلوا صبت من غسلين في
مطلع الشمس لغلت منه جماجم من مغربها ولو زفرت جهنم زفرة لم يبق
ملك مقرب ول نبي مرسل إل خر جاثيا على ركبتيه ) (1يقول :رب نفسي
نفسي حتى ينسى إبراهيم إسحاق عليهما السلم يقول :يا رب أنا خليلك
إبراهيم فل تنسني .يا أبا ذر لو أن امرأة من نساء أهل الجنة أطلعت من
سماء الدنيا في ليلة ظلماء لضاءت لها الرض أفضل مما يضيئها القمر
ليلة البدر ولوجد ريح نشرها جميع أهل الرض ولو أن ثوبا من ثياب أهل
الجنة نشر اليوم في الدنيا لصعق من ينظر إليه وما حملته أبصارهم .يا أبا
ذر اخفض صوتك عند الجنائز ،وعند القتال ،وعند القرآن .يا أبا ذر إذا
تبعت جنازة فليكن عقلك فيها مشغول بالتفكر والخشوع واعلم أنك لحق
به .يا أبا ذر اعلم أن كل شئ إذا فسد فالملح دواؤه فإذا فسد الملح فليس له
دواء .واعلم أن فيكم خلقين :الضحك من غير عجب والكسل من غير
سهو .يا أبا ذر ركعتان مقتصدتان في تفكر خير من قيام ليلة والقلب ساه.
يا أبا ذر الحق ثقيل مر والباطل خفيف حلو ،ورب شهوة ساعة تورث حزنا
) (1جثى على ركبتيه أي جلس عليها أو قام على اطراف أصابعه يعنى بزانو در
آمد.
][83
طويل ) .(1يا أبا ذر ل يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى الناس في جنب ال تبارك و
تعالى أمثال الباعر ) (2ثم يرجع إلى نفسه ،فيكون هو أحقر حاقر لها .يا
أبا ذر ل تصيب حقيقة اليمان حتى ترى الناس كلهم حمقاء في دينهم
عقلء في دنياهم .يا أبا ذر حاسب نفسك قبل أن تحاسب فهو أهون
لحسابك غدا ،وزن نفسك قبل أن توزن ،وتجهز للعرض الكبر يوم تعرض
ل تخفى على ال خافية .يا أبا ذر استحي من ال فاني والذي نفسي بيده ل
ظل حين ) (3أذهب إلى الغائط متقنعا بثوبي استحي من الملكين اللذين
معي .يا أبا ذر اتحب أن تدخل الجنة ؟ قلت :نعم فداك أبي ،قال :فاقصر من
المل واجعل الموت نصب عينيك واستح من ال حق الحياء ،قال :قلت :يا
رسول ال كلنا نستحي من ال ؟ قال :ليس ذلك الحياء ولكن الحياء من ال
أن ل تنسى المقابر والبلى والجوف وما وعى والرأس ومن حوى ،ومن
أراد كرامة الخرة فليدع زينة الدنيا فإذا كنت كذلك أصبت ولية ال .يا أبا
ذر يكفي من الدعاء مع البر ما يكفي الطعام من الملح .يا أبا ذر مثل الذي
يدعو بغير عمل كمثل الذي يرمي بغير وتر .يا أبا ذر إن ال يصلح بصلح
العبد ولده وولد ولده ،ويحفظه في دويرته والدور حوله مادام فيهم .يا أبا
ذر إن ربك عزوجل يباهي الملئكة بثلثة نفر :رجل في أرض قفر فيؤذن
ثم يقيم ثم يصلي فيقول ربك للملئكة انظروا إلى عبدي يصلي ول يراه
) (1في المصدر " توجب حزنا طويل " (2) .الباعر والبعرة :جمع بعير :الجمل
البازل أو الجذع للذكر والنثى ويطلق أيضا على كل ما يحمل (3) .في
المصدر " ل أزال ".
][84
غيري ،فينزل سبعين ألف ملك يصلون وراءه ويستغفرون له إلى الغد من ذلك
اليوم .ورجل قام من الليل فصلى وحده فسجد ونام وهو ساجد فيقول ال
تعالى انظروا إلى عبدي روحه عندي وجسده ساجد .ورجل في زحف فر
أصحابه وثبت هو ويقاتل حتى يقتل .يا أبا ذر ما من رجل يجعل جبهته في
بقعة من بقاع الرض إل شهدت له بها يوم القيامة وما من منزل ينزله
قوم إل وأصبح ذلك المنزل يصلي عليهم أو يلعنهم .يا أبا ذر ما من صباح
ول رواح إل وبقاع الرض تنادي بعضها بعضا يا جار هل مربك ذاكر ل
تعالى أو عبد وضع جبهته عليك ساجدا ل ؟ فمن قائلة ل ومن قائلة نعم،
فإذا قالت نعم اهتزت وانشرحت وترى أن لها الفضل على جارتها .يا أبا ذر
إن ال جل ثناؤه لما خلق الرض وخلق ما فيها من الشجر لم يكن في
الرض شجرة يأتيها بنو آدم إل أصابوا منها منفعة ،فلم تزل الرض
والشجر كذلك حتى تتكلم فجرة بني آدم بالكلمة العظيمة قولهم " اتخذ ال
ولدا " فلما قالوها اقشعرت الرض وذهبت منفعة الشجار .يا أبا ذر إن
الرض لتبكي على المؤمن إذا مات أربعين صباحا .يا أبا ذر إذا كان العبد
في أرض قي ]يعني قفر[ فتوضأ أو تيمم ثم أذن وأقام وصلى أمر ال
عزوجل الملئكة فصفوا خلفه صفا ل يرى طرفاه يركعون بركوعه
ويسجدون بسجوده ويؤمنون على دعائه .يا أبا ذر من أقام ولم يؤذن لم
يصل معه إل ملكاه اللذان معه .يا أبا ذر ما من شاب يدع ل الدنيا ولهوها
وأهرم شبابه في طاعة ال إل أعطاه ال أجر اثنين وسبعين صديقا .يا أبا
ذر الذاكر في الغافلين كالمقاتل في الفارين .يا أبا ذر الجليس الصالح خير
من الوحدة والوحدة خير من جليس السوء وإملء الخير خير من السكوت
والسكوت خير من إملء الشر .يا أبا ذر ل تصاحب إل مؤمنا ،ول يأكل
طعامك إل تقي ول تأكل طعام
][85
الفاسقين .يا أبا ذر أطعم طعامك من تحبه في ال ،وكل طعام من يحبك في ال
عزوجل .يا أبا ذر إن ال عزوجل عند لسان كل قائل فليتق ال أمرء وليعلم
ما يقول .يا أبا ذر اترك فضول الكلم ،وحسبك من الكلم ما تبلغ به
حاجتك .يا أبا ذر كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما يسمع .يا أبا ذر ما من
شئ أحق بطول السجن ،من اللسان .يا أبا ذر إن من إجلل ال تعالى إكرام
ذي الشيبة المسلم وإكرام حملة القرآن العاملين ،وإكرام السلطان المقسط.
يا أبا ذر ما عمل من لم يحفظ لسانه .يا أبا ذر ل تكن عيابا ول مداحا ول
طعانا ول مماريا .يا أبا ذر ل يزال العبد يزداد من ال بعدا ما ساء خلقه .يا
أبا ذر الكلمة الطيبة صدقة وكل خطوة تخطوها إلى الصلة صدقة .يا أبا ذر
من أجاب داعي ال وأحسن عمارة مساجد ال كان ثوابه من ال الجنة
فقلت :بأبي أنت وامي يا رسول ال كيف تعمر مساجد ال ؟ قال :ل ترفع
فيها الصوات ول يخاض فيها بالباطل ،ول يشتر فيها ول يباع واترك
اللغو ما دمت فيها فان لم تفعل فل تلومن يوم القيامة إل نفسك .يا أبا ذر
إن ال تعالى يعطيك مادمت جالسا في المسجد بكل نفس تنفست درجة في
الجنة وتصلي عليك الملئكة وتكتب لك بكل نفس تنفست فيه عشر حسنات
وتمحى عنك عشر سيئات .يا أبا ذر أتعلم في أي شئ أنزلت هذه الية "
اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا ال لعلكم تفلحون " ) (1قلت :ل
]أدري[ فداك أبي وامي ،قال :في انتظار الصلة خلف الصلة.
][86
يا أبا ذر إسباغ الوضوء في المكاره من الكفارات ،وكثرة الختلف إلى المساجد
فذلكم الرباط .يا أبا ذر يقول ال تبارك وتعالى :إن أحب العباد إلي
المتحابون من أجلي المتعلقة قلوبهم بالمساجد ،والمستغفرون بالسحار،
اولئك إذا أردت بأهل الرض عقوبة ذكرتهم فصرفت العقوبة عنهم .يا أبا
ذر كل جلوس في المسجد لغو إل ثلثة قراءة مصل أو ذكر ال أو سائل
عن علم .يا أبا ذر كن بالعمل بالتقوى أشد اهتماما منك بالعمل فانه ل يقل
عمل بالتقوى وكيف يقل عمل يتقبل ،يقول ال عزوجل " :إنما يتقبل ال
من المتقين " ) .(1يا أبا ذر ل يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه
أشد من محاسبة الشريك شريكه فيعلم من أين مطعمه ومن أين مشربه
ومن أين ملبسه ،أمن حل ذلك أم من حرام .يا أبا ذر من لم يبال من أين
اكتسب المال لم يبال ال عزوجل من أين أدخله النار .يا أبا ذر من سره أن
يكون أكرم الناس فليتق ال عزوجل .يا أبا ذر إن أحبكم إلى ال جل ثناؤه
أكثركم ذكرا له ،وأكرمكم عند ال عزوجل أتقيكم له وأنجاكم من عذاب ال
أشدكم له خوفا .يا أبا ذر إن المتقين الذين يتقون ]ال عزوجل[ من الشئ
الذي ل يتقى منه خوفا من الدخول في الشبهة .يا أبا ذر من أطاع ال
عزوجل فقد ذكر ال وإن قلت صلته وصيامه وتلوته للقرآن .يا أبا ذر
أصل الدين الورع ورأسه الطاعة .يا أبا ذر كن ورعا تكن أعبد الناس،
وخير دينكم الورع.
يا أبا ذر فضل العلم خير من فضل العبادة ،واعلم أنكم لو صليتم حتى تكونوا
كالحنايا ) (1وصمتم حتى تكونوا كالوتار ما ينفعكم ذلك إل بورع .يا أبا
ذر إن أهل الورع والزهد في الدنيا هم أولياء ال حقا .يا أبا ذر من لم يأت
يوم القيامة بثلث فقد خسر ،قلت :وما الثلث فداك أبي وامي ؟ قال :ورع
يحجزه عما حرم ال عزوجل عليه ،وحلم يرد به جهل السفيه ،وخلق
يداري به الناس .يا أبا ذر إن سرك أن تكون أقوى الناس فتوكل على ال،
وإن سرك أن تكون أكرم الناس فاتق ال ،وإن سرك أن تكون أغنى الناس
فكن بما في يد ال عزوجل أوثق منك بما في يديك .يا أبا ذر لو أن الناس
كلهم أخذوا بهذه الية لكفتهم " ومن يتق ال يجعل له مخرجا ويرزقه من
حيث ل يحتسب ومن يتوكل على ال فهو حسبه إن ال بالغ أمره " ).(2
يا أبا ذر يقول ال جل ثناؤه :وعزتي وجللي ل يؤثر عبدي هواي على
هواه إل جعلت غناه في نفسه وهمومه في آخرته وضمنت السماوات
والرض رزقه وكففت عليه ضيعته ) (3وكنت له من وراء تجارة كل
تاجر .يا أبا ذر لو أن ابن آدم فر من رزقه كما يفر من الموت لدركه رزقه
كما يدركه الموت .يا أبا ذر أل اعلمك كلمات ينفعك ال عزوجل بهن ؟
قلت :بلى يا رسول ال ،قال :احفظ ال يحفظك ،احفظ ال تجده أمامك،
تعرف إلى ال في الرخاء يعرفك في الشدة ،وإذا سألت فاسأل ال عزوجل،
وإذا استعنت فاستعن بال فقد جرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة ،فلو
أن الخلق كلهم جهدوا أن ينفعوك بشئ لم
) (1الحنايا جمع حنية ما كان منحنيا كالقوس (2) .الطلق (3) .32 :وقد يقرء في
بعض النسخ " كففت عنه ضيقه ".
][88
يكتب لك ما قدروا عليه ،ولو جهدوا أن يضروك بشئ لم يكتبه ال عليك ما قدروا
عليه ،فان استطعت أن تعمل ل عزوجل بالرضى في اليقين فافعل ،وإن لم
تستطع فان في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا ،وإن النصر مع الصبر
والفرج مع الكرب وإن مع العسر يسرا .يا أبا ذر استغن بغنى ال يغنك
ال ،فقلت :وما هو يا رسول ال ؟ قال ،غداءة يوم وعشاءة ليلة فمن قنع
بما رزقه ال فهو أغنى الناس .يا أبا ذر إن ال عزوجل يقول :إني لست
كلم الحكيم أتقبل ولكن همه وهواه ،فان كان همه وهواه فيما أحب
وأرضى جعلت صمته حمدا لي وذكرا ]ووقارا[ وإن لم يتكلم .يا أبا ذر إن
ال تبارك وتعالى ل ينظر إلى صوركم ول إلى أموالكم ) (1ولكن ينظر إلى
قلوبكم وأعمالكم .يا أبا ذر التقوى ههنا ،التقوى ههنا -واشار إلى صدره
.-يا أبا ذر أربع ل يصيبهن إل مؤمن :الصمت وهو أول العبادة،
والتواضع ل سبحانه ،وذكر ال تعالى على كل حال ،وقلة الشئ يعني قلة
المال .يا أبا ذر هم بالحسنة وإن لم تعملها لكيل تكتب من الغافلين .يا أبا
ذر من ملك ما بين فخذيه وبين لحييه دخل الجنة ،قلت يا رسول ال إنا
لنؤخذ بما ينطق به ألسنتنا ،قال :يا باذر وهل يكب الناس على مناخرهم
في النار إل حصائد ألسنتهم ،إنك ل تزال سالما ما سكت فإذا تكلمت كتب
لك أو عليك .يا أبا ذر إن الرجل يتكلم بالكلمة في المجلس ليضحكهم بها
فيهوى في جهنم ما بين السماء والرض .يا أبا ذر ويل للذي يحدث فيكذب
ليضحك به القوم ويل له ويل له ]ويل له[ .يا أبا ذر من صمت نجا فعليك
بالصدق ول تخرجن من فيك كذبة أبدا ،قلت
][89
يا رسول ال فما توبة الرجل الذي يكذب متعمدا ؟ فقال :الستغفار وصلوات الخمس
تغسل ذلك .يا أبا ذر إياك والغيبة فان الغيبة أشد من الزنا ،قلت :يا رسول
ال ولم ذاك بأبي أنت وامي ؟ قال :لن الرجل يزني فيتوب إلى ال فيتوب
ال عليه ،والغيبة ل تغفر حتى يغفرها صاحبها .يا أبا ذر سباب المسلم
فسوق ،وقتاله كفر ،وأكل لحمه من معاصي ال ،وحرمة ماله كحرمة دمه،
قلت :يا رسول ال وما الغيبة ؟ قال :ذكرك أخاك بما يكره ،قلت يا رسول
ال فان كان فيه ذاك الذي يذكر به ؟ قال :اعلم أنك إذا ذكرته بما هو فيه
فقد اغتبته وإذا ذكرته بما ليس فيه فقد بهته .يا أبا ذر من ذب عن أخيه
المسلم الغيبة كان حقا على ال عزوجل أن يعتقه من النار .يا أبا ذر من
اغتيب عنده أخوه المسلم وهو يستطيع نصره فنصره نصره ال عزوجل
في الدنيا والخرة ،فان خذله وهو يستطيع نصره خذله ال في الدنيا
والخرة .يا أبا ذر ل يدخل الجنة قتات ،قلت :وما القتات ؟ قال :النمام .يا
أبا ذر صاحب النميمة ل يستريح من عذاب ال عزوجل في الخرة .يا أبا
ذر من كان ذا وجهين ولسانين في الدنيا فهو ذولسانين في النار .يا أبا ذر
المجالس بالمانة وإفشاء سر أخيك خيانة فاجتنب ذلك واجتنب مجلس
العشيرة .يا أبا ذر تعرض أعمال أهل الدنيا على ال من الجمعة إلى الجمعة
في يومين الثنين والخميس فيغفر لكل عبد مؤمن إل عبدا كان بينه وبين
أخيه شحناء ) (1فقال :اتركوا عمل هذين حتى يصطلحا .يا أبا ذر إياك
وهجران أخيك فان العمل ل يتقبل من الهجران.
يا أبا ذر أنهاك عن الهجران وإن كنت لبد فاعل فل تهجره فوق ثلثة أيام ]كمل[
فمن مات فيها مهاجرا لخيه كانت النار أولى به .يا أبا ذر من أحب أن
يتمثل له الرجال قياما ) (1فليتبوأ مقعده من النار .يا أبا ذر من مات وفي
قلبه مثقال ذرة من كبر لم يجد رائحة الجنة إل أن يتوب قبل ذلك ،فقال :يا
رسول ال إنى ليعجبني الجمال حتى وددت أن علقة سوطي وقبال نعلي
حسن فهل يرهب على ذلك ؟ قال :كيف تجد قلبك ؟ قال :أجده عارفا للحق
مطمئنا إليه ،قال :ليس ذلك بالكبر ولكن الكبر أن تترك الحق وتتجاوزه إلى
غيره وتنظر إلى الناس ول ترى أن أحدا عرضه كعرضك ول دمه كدمك .يا
أبا ذر أكثر من يدخل النار المستكبرون فقال رجل :وهل ينجو من الكبر
أحد يا رسول ال ؟ قال :نعم من لبس الصوف وركب الحمار وحلب العنز )
(2وجالس المساكين .يا أبا ذر من حمل بضاعته فقد برئ من الكبر ،يعني
ما يشتري من السوق .يا أبا ذر من جر ثوبه خيلء لم ينظر ال عزوجل
إليه يوم القيامة .يا أبا ذر أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه ول جناح عليه
فيما بينه وبين كعبيه .يا أبا ذر من رفع ذيله وخصف نعله وعفر وجهه فقد
برئ من الكبر .يا أبا ذر من كان له قميصان فليلبس أحدهما وليلبس الخر
أخاه .يا أبا ذر سيكون ناس من امتي يولدون في النعيم ويغذون به ،همتهم
ألوان الطعام والشراب ويمدحون بالقول أولئك شرار امتي .يا أبا ذر من
ترك لبس الجمال وهو يقدر عليه تواضعا ل عزوجل فقد كساه حلة
الكرامة .يا أبا ذر طوبى لمن تواضع ل تعالى في غير منقصة وأذل نفسه
في غير مسكنة وأنفق ما ل جمعه في غير معصية ورحم أهل الذل
والمسكنة وخالط أهل الفقه والحكمة
) (1مثل بين يديه مثول :انتصب قائما (2) .في المصدر " حلب الشاة ".
][91
طوبى لمن صلحت سريرته وحسنت علنيته وعزل عن الناس شره ،طوبى لمن
عمل بعلمه ،وأنفق الفضل من ماله ،وأمسك الفضل من قوله .يا أبا ذر
البس الخشن من اللباس والصفيق من الثياب ) (1لئل يجد الفخر فيك
مسلكا .يا أبا ذر يكون في آخر الزمان قوم يلبسون الصوف في صيفهم
وشتائهم يرون أن لهم الفضل بذلك على غيرهم اولئك تلعنهم ملئكة
السماوات والرض .يا أبا ذر أل اخبرك بأهل الجنة ؟ قلت :بلى يا رسول
ال ؟ قال :كل أشعث أغبر ذي طمرين ل يؤبه به ) (2لو أقسم على ال
لبره .أقول :وجدت في بعض نسخ المالي وكانت مصححة قديمة أمل
علينا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن قدس ال روحه يوم الجمعة الرابع
من المحرم سنة سبع وخمسين وأربعمائة ،قال :أخبرنا جماعة عن أبي
المفضل وساق الحديث إلى آخره .ورواه الشيخ في أماليه ) (3عن جماعة
عن أبي المفضل قال :حدثنا رجاء بن يحيى أبو الحسين العبرتائي الكاتب )
(4سنة أربع عشرة وثلثمائة -وفيها مات -عن محمد ابن الحسن بن
شمون ،عن عبد ال بن عبد الرحمن الصم ،عن الفضيل بن يسار ،عن
وهب ابن عبد ال بن أبي ذبى الهنائي ،عن أبي الحرب بن أبي السود
الديلي مثله .ورواه الورام في جامعه ) (5أيضا.
) (1ثوب صفيق :كثيف نسجه (2) .أي ل يلتفت إليه ول يعتد به .والطمر -بالكسر
-الثوب الخلق (3) .المالى ج 2ص (4) .138العبرتائى بالعين المهملة
المفتوحة والباء الموحدة والراء المهملة والتاء المثناة فوق .والكاتب كذا
في )جشن وصه( بخط المصنف وفى هامش جامع الرواة قال وفى نسخة
من " صه " للشهيد الثاني " كايب بن يحيى " وضبطه بالباء بعد الياء.
) (5تنبيه الخواطر ج 2ص .51
][92
* )باب ) " * * (5وصية النبي صلى ال عليه وآله إلى عبد ال بن مسعود( " *
- 1مكا ) :(1عن عبد ال بن مسعودقال :دخلت أنا وخمسة رهط من
أصحابنا يوما على رسول ال صلى ال عليه وآله وقد أصابتنا مجاعة
شديدة ولم يكن ذقنا منذ أربعة أشهر إل الماء واللبن وورق الشجر ،قلنا:
يا رسول ال إلى متى نحن على هذه المجاعة الشديدة ؟ قال رسول ال
صلى ال عليه وآله :ل تزالون فيها ما عشتم فأحدثوا ل شكرا فإني قرأت
كتاب ال الذي أنزل علي وعلى من كان قبلي فما وجدت من يدخلون الجنة
إل الصابرون .يا ابن مسعود قال ال تعالى " :إنما يوفى الصابرون أجرهم
بغير حساب " ) " (2اولئك يجزون الغرفة بما صبروا " ) " (3إني
جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون " ) .(4يا ابن مسعود قول ال
تعالى " :وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا " ) " (5اولئك يؤتون أجرهم
مرتين بما صبروا " ) (6يقول ال تعالى " :أم حسبتم أن تدخلوا الجنة
ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء " )" (7
ولنبلونكم
عبد ال بن مسعود من أصحاب النبي صلى ال عليه وآله بجله وأطراه قوم و
جرحه آخرون (1) .مكارم الخلق ص (2) .519الزمر .14 :وقوله "
بغير حساب " أي ل يهتدى إليه حساب الحساب (3) .الفرقان.75 :
والغرفة أعلى درجات الجنة وذلك بما صبروا من المشاق(4) .
المؤمنون (5) .113 :الدهر .12 :أي بما صبروا على أداء الواجبات
واجتناب المحرمات " جنة " أي بستانا و " حريرا " يلبسونه(6) .
القصص (7) .54 :البقرة .213 :قوله " لما " اصله " لم " وزيدت "
ما " وفيها توقع .والبأساء :الفقر والضراء :الوجع.
][93
بشئ من الخوف والجوع ونقص من الموال والنفس والثمرات وبشر الصابرين "
) (1قلنا :يا رسول ال فمن الصابرون ؟ قال صلى ال عليه وآله :الذين
يصبرون على طاعة ال وعن معصيته الذين كسبوا طيبا وأنفقوا قصدا
وقدموا فضل فأفلحوا وأنجحوا .يا ابن مسعود عليهم الخشوع والوقار
والسكينة والتفكر واللين والعدل والتعليم والعتبار والتدبير والتقوى
والحسان والتحرج ) (2والحب في ال والبغض في ال وأداء المانة
والعدل في الحكم وإقامة الشهادة ومعاونة أهل الحق والبغية على المسئ )
(3والعفو لمن ظلم .يا ابن مسعود إذا ابتلوا صبروا ،وإذا اعطوا شكروا،
وإذا حكموا عدلوا وإذا قالوا صدقوا ،وإذا عاهدوا وفوا ،وإذا أساؤا
استغفروا ،وإذا أحسنوا استبشروا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلما،
وإذا مروا باللغو مروا كراما والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما ويقولون
للناس حسنا .يا ابن مسعود والذي بعثني بالحق إن هؤلء هم الفائزون .يا
ابن مسعود " فمن شرح ال صدره للسلم فهو على نور من ربه " فان
النور إذا وقع في القلب انشرح وانفسح ،فقيل يا رسول ال فهل لذلك من
علمة ؟ " قال :نعم التجافي عن دار الغرور ،والنابة إلى دار الخلود،
والستعداد للموت قبل نزول الفوت .فمن زهد في الدنيا قصر أمله فيها
وتركها لهلها .يا ابن مسعود قول ال تعالى " ليبلوكم أيكم أحسن عمل "
) (4يعني أيكم أزهد في الدنيا ،إنها دار الغرور ودار من ل دار له .ولها
يجمع من ل عقل له .إن
) (1البقرة (2) .155 :التحرج :التجنب (3) .بغى يبغى بغاء -بضم الباء وبغيا -
بفتحها -وبغى وبغية -بالضم -وبغية -بالكسر -عليه تعدى وجنى
واستطال عليه وظلمه (4) .هود .7 :الملك.2 :
][94
أحمق الناس من طلب الدنيا .قال ال تعالى " :اعلموا أنما الحيوة الدنيا لعب ولهو
وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الموال والولد كمثل غيث أعجب الكفار
نباته ثم يهيج فتريه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الخرة عذاب شديد " )
(1قال ال تعالى " وآتيناه الحكم صبيا " ) (2يعني الزهد في الدنيا وقال
ال تعالى لموسى يا موسى إنه لن يتزين المتزينون بزينة أزين في عيني
مثل الزهد ،يا موسى إذا رأيت الفقر مقبل فقل مرحبا بشعار الصالحين،
وإذا رأيت الغنى مقبل فقل ذنب عجلت عقوبته .يا ابن مسعود قول ال
تعالى " ولول أن يكون الناس امة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن
لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون * ولبيوتهم أبوابا و سررا
عليها يتكؤن * وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحيوة الدنيا والخرة عند
ربك للمتقين " ) (3وقوله " :من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء
لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصليها مذموما مدحورا * ومن أراد الخرة
وسعى لها سعيها و هو مؤمن فاولئك كان سعيهم مشكورا " ) .(4يا ابن
مسعود من اشتاق إلى الجنة سارع في الخيرات ،ومن خاف النار ترك
الشهوات ،ومن ترقب الموت أعرض عن اللذات ،ومن زهد في الدنيا هانت
عليه المصيبات .يا ابن مسعود قوله تعالى " زين للناس حب الشهوات من
النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة -
الية " ) .(5يا ابن مسعود إن ال اصطفى موسى بالكلم والمناجاة حين
ترى خضرة البقل من بطنه من هزاله ) (6وما سأل موسى حين تولى إلى
الظل إل طعاما
) (1الحديد (2) .19 :مريم (3) .13 :الزخرف (4) .34 - 32 :السراء 19 :و
(5) .20آل عمران (6) .12 :الهزال :قلة اللحم والشحم ،نقيض السمن.
][95
يأكله من جوع .يا ابن مسعود إن شئت نبأتك بأمر نوح نبي ال عليه السلم إنه
عاش ألف سنة إل خمسين عاما يدعو إلى ال ،فكان إذا أصبح قال :ل
امسي وإذا أمسى قال :ل اصبح فكان لباسه شعر وطعامه الشعير وإن
شئت نبأتك بأمر داود عليه السلم خليفة ال في الرض وكان لباسه الشعر
وطعامه الشعير .وإن شئت نبأتك بأمر سليمان عليه السلم مع ما كان فيه
من الملك ،كان يأكل الشعير ويطعم الناس الحوارى ) (1وكان لباسه الشعر
وكان إذا جنه الليل شد يده إلى عنقه فل يزال قائما يصلي حتى يصبح ،وإن
شئت نبأتك بأمر إبراهيم خليل الرحمن عليه السلم كان لباسه الصوف
وطعامه الشعير .وإن شئت نبأتك بأمر يحيى عليه السلم كان لباسه الليف
وكان يأكل ورق الشجر ،وإن شئت نبأتك بأمر عيسى بن مريم عليهما
السلم وهو العجب كان يقول :إدامي الجوع وشعاري الخوف ولباسي
الصوف ودابتي رجلي وسراجي بالليل القمر وصلي ) (2في الشتاء
مشارق الشمس وفاكهتي وريحانتي بقول الرض مما يأكل الوحوش
والنعام ،وأبيت وليس لي شئ واصبح وليس لي شئ وليس على وجه
الرض أحد أغنى مني .يا ابن مسعود كل هذا منهم يبغضون ما أبغض ال
ويصغرون ما صغر ال ويزهدون ما أزهد ال ،وقد أثنى ال عليهم في
محكم كتابه فقال لنوح " :إنه كان عبدا شكورا " ) (3وقال لبراهيم" :
اتخذ ال إبراهيم خليل " ) (4وقال لداود " :إنا جعلناك خليفة في الرض
" ) (5وقال لموسى " :وكلم ال موسى تكليما " ) (6وقال أيضا لموسى
عليه السلم " :وقربناه نجيا " ) (7وقال ليحيى عليه السلم " :وآتيناه
الحكم
) (1الحوارى -بالضم وتشديد الواو المفتوحة :الدقيق البيض (2) .في المصدر "
اصطلئي في الشتاء " وصلى بالنار واصطلى استدفأ بها (3) .السراء:
(4) .3النساء (5) .124 :ص (6) .25 :النساء (7) .164 :مريم.53 :
][96
صبيا " ) (1وقال لعيسى عليه السلم " :يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك
وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهل -إلى قوله
-وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني " ) (2وقال " :إنهم كانوا
يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين " ) .(3يا
ابن مسعود كل ذلك لما خوفهم ال في كتابه من قوله " :إن جهنم
لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم " ) (4قال
ال تعالى " :وجئ بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم ل يظلمون
" ) .(5يا ابن مسعود النار لمن ركب محرما والجنة لمن ترك الحلل،
فعليك بالزهد فإن ذلك مما يباهي ال به الملئكة ،وبه يقبل ]ال[ عليك
بوجهه ويصلي عليك الجبار .يا ابن مسعود سيأتي من بعدي أقوام يأكلون
طيب الطعام وألوانها ويركبون الدواب ويتزينون بزينة المرأة لزوجها
ويتبرجون تبرج النساء وزيهن مثل زي الملوك الجبابرة وهم منافقوا هذه
المة في آخر الزمان شاربون بالقهوات لعبون بالكعاب ) (6راكبون
الشهوات ،تاركون الجماعات ،راقدون عن العتمات ) (7مفرطون في
العدوات يقول ال تعالى " فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلة واتبعوا
الشهوات فسوف يلقون غيا " ) .(8يا ابن مسعود مثلهم مثل الدفلي )(9
زهرتها حسنة وطعمها مر ،كلمهم الحكمة
) (1مريم (2) .13 :المائدة (3) .109النبياء (4) .90 :الحجر 43 :و (5) .44
الزمر (6) .69 :القهوات جمع قهوة والمراد بها هنا الخمر ظاهرا
والكعاب بالكسر خصوص النرد ،وفى بعض النسخ " شاربوا القهوات ".
) (7يعنى لم يصلوا العتمة وينامون عنها (8) .مريم (9) .6 :مر معناه
سابقا أنه بالفارسية خر زهرة.
][97
وأعمالهم داء ل يقبل الدواء " أفل يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها " .يا ابن
مسعود ما يغني من يتنعم في الدنيا إذا أخلد في النار " يعلمون ظاهرا من
الحياة الدنيا وهم عن الخرة هم غافلون " .يبنون الدور ويشيدون
القصور ويزخرفون المساجد وليست همتهم إل الدنيا ،عاكفون عليها،
معتمدون فيها ،آلهتهم بطونهم قال ال تعالى " :وتتخذون مصانع لعلكم
تخلدون * وإذا بطشتم بطشتم جبارين * فاتقوا ال وأطيعون " ) (1قال
ال تعالى " :أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله ال على علم وختم على
سمعه وقلبه -إلى قوله -أفل تذكرون " ) (2وما هو إل منافق جعل دينه
هواه وإلهه بطنه كلما اشتهى من الحلل والحرام لم يمتنع منه قال ال
تعالى " وفرحوا بالحيوة الدنيا وما الحيوة الدنيا في الخرة إل متاع " )
.(3يا ابن مسعود محاريبهم ) (4نساؤهم وشرفهم الدراهم والدنانير
وهمتهم بطونهم اولئك ]هم[ شر الشرار الفتنة معهم وإليهم يعود .يا ابن
مسعود قول ال تعالى " أفرأيت إن متعناهم سنين * ثم جاءهم ما كانوا
يوعدون * ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون " ) .(5يا ابن مسعود أجسادهم
ل تشبع ،وقلوبهم ل تخشع .يا ابن مسعود السلم بدء غريبا وسيعود
غريبا كما بدء ،فطوبى للغرباء ،فمن أدرك ذلك الزمان من أعقابكم فل
تسلموا في ناديهم ،ول تشيعوا جنائزهم ،ول تعودوا مرضاهم ،فانهم
يستنون بسنتكم ،ويظهرون بدعواكم ،ويخالفون أفعالكم فيموتون على غير
ملتكم اولئك ليسوا مني ،ول أنا منهم ،فل تخافن أحدا غير ال فان ال
تعالى يقول " :أين ما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة " )
(6
) (1الشعراء (2) .131 - 129 :الجاثية (3) .22 :الرعد (4) .26 :المحاريب:
جمع محراب (5) .الشعراء (6) .207 - 205 :النساء .78
][98
ويقول " :يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم -
إلى قوله -وغركم بال الغرور * فاليوم ل تؤخذ منكم فدية ول من الذين
كفروا مأويكم النار هي موليكم وبئس المصير " ) .(1يا ابن مسعود عليهم
لعنة ال مني ،ومن جميع المرسلين ،والملئكة المقربين وعليهم غضب
ال وسوء الحساب في الدنيا والخرة ،وقال ال تعالى " :لعن الذين كفروا
من بني إسرائيل -إلى قوله -ولكن كثيرا منهم فاسقون " ) .(2يا ابن
مسعود اولئك يظهرون الحرص الفاحش ،والحسد الظاهر ،ويقطعون
الرحام ،ويزهدون في الخير قال ال تعالى " :الذين ينقضون عهد ال من
بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر ال به أن يوصل ويفسدون في الرض اولئك
لهم اللعنة ولهم سوء الدار " ) (3ويقول ال تعالى " :مثل الذين حملوا
التورية ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا " ) .(4يا ابن مسعود
يأتي على الناس زمان الصابر على دينه مثل القابض على الجمرة بكفه.
يقول لذلك الزمان إن كان في ذلك الزمان ذئبا وإل أكلته الذئب ) .(5يا ابن
مسعود علماؤهم وفقهاؤهم خونة ،فجرة ،أل إنهم أشرار خلق ال وكذلك
أتباعهم ومن يأتيهم ويأخذ منهم ويحبهم ويجالسهم ويشاورهم أشرار خلق
ال ،يدخلهم نار جهنم " صم بكم عمي فهم ل يرجعون " )" (6
ونحشرهم يوم القيمة على وجوههم عميا وبكما وصما مأويهم جهنم كلما
خبت زدناهم سعيرا " ) " (7كلما نضجت جلودهم
) (1الحديد 14 :و (2) .15المائدة (3) .84 - 82 :الرعد (4) .25 :الجمعة) .5 :
(5كذا (6) .البقرة (7) .17 :السراء :97 :والخبوت :سكون النار(*) .
][99
بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب " ) " (1وإذا القوا فيها سمعوا لها شهيقا
وهي تفور * تكاد تميز من الغيظ " ) " (2كلما أرادوا أن يخرجوا منها
من غم اعيدوا فيها و ]قيل لهم[ ذوقوا عذاب الحريق " ) " (3لهم فيها
زفير وهم فيها ل يسمعون " ) (4يدعون أنهم على ديني وسنتي ومنهاجي
وشرايعي أنهم مني براء وأنا منهم برئ .يا ابن مسعود ل تجالسوهم في
المل ول تبايعوهم في السواق ول تهدوهم الطريق ول تسقوهم الماء قال
ال تعالى " :من كان يريد الحيوة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها
وهم فيها ل يبخسون -الية " ) (5يقول ال تعالى " :من كان يريد حرث
الدنيا نؤته منها وماله في الخرة من نصيب " ) .(6يا ابن مسعود ما بلوا
امتي بينهم العداوة والبغضاء والجدال اولئك أذلء هذه المة في دنياهم
والذي بعثني بالحق ليخسفن ال بهم ويمسخهم قردة وخنازير .قال :فبكى
رسول ال وبكينا لبكائه وقلنا :يا رسول ال ما يبكيك قال رحمة للشقياء
يقول ال تعالى " :ولو ترى إذ فزعوا فل فوت واخذوا من مكان قريب " )
(7يعني العلماء والفقهاء .يا ابن مسعود من تعلم العلم يريد به الدنيا وآثر
عليه حب الدنيا وزينتها استوجب سخط ال عليه وكان في الدرك السفل
من النار مع اليهود والنصارى الذين نبذوا كتاب ال تعالى قال ال تعالى:
" فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة ال على الكافرين " ).(8
) (1النساء 55 :وقوله تعالى " نضجت " أي احترقت (2) .الملك 6 :و 7
والشهيق :الصوت المنكر كصوت الحمار .وهى تفور أي تغلى " .تكاد
تميز " أي تتقطع (3) .الحج (4) .22 :النبياء 100 :وقوله " زفير "
صوت كصوت الحمار والمراد شدة تنفسهم (5) .هود(6) .15 :
الشورى (7) .19 :السبأ (8) .50 :البقرة.84 :
][100
يا ابن مسعود من تعلم القرآن للدنيا وزينتها حرم ال عليه الجنة .يا ابن مسعود من
تعلم العلم ولم يعمل بما فيه حشره ال يوم القيامة أعمى ،ومن تعلم العلم
رياء وسمعة يريد به الدنيا نزع ال بركته وضيق عليه معيشته ووكله ال
إلى نفسه ومن وكله ال إلى نفسه فقد هلك قال ال تعالى " :من كان
يرجوا لقاء ربه فليعمل عمل صالحا ول يشرك بعبادة ربه أحدا " ) .(1يا
ابن مسعود فليكن جلساؤك البرار وإخوانك التقياء والزهاد لن ال تعالى
قال في كتابه " الخلء يومئذ بعضهم لبعض عدو إل المتقين " ) .(2يا
ابن مسعود اعلم أنهم يرون المعروف منكرا والمنكر معروفا ففي ذلك
يطبع ال على قلوبهم فل يكون فيهم الشاهد بالحق ول القوامون بالقسط،
قال ال تعالى " كونوا قوامين بالقسط شهداء ل ولو على أنفسكم أو
الوالدين والقربين " ) .(3يا ابن مسعود يتفاضلون بأحسابهم وأموالهم
يقول ال تعالى " :وما لحد عنده من نعمة تجزى * إل ابتغاء وجه ربه
العلى * ولسوف يرضى " ) .(4يا ابن مسعود عليك بخشية ال وأداء
الفرائض فانه يقول " :هو أهل التقوى وأهل المغفرة " ) (5ويقول" :
رضي ال عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه " ) .(6يا ابن مسعود دع
عنك ما ل يعنيك وعليك بما يغنيك فان ال تعالى يقول " :لكل امرئ منهم
يومئذ شأن يغنيه " ) .(7يا ابن مسعود إياك أن تدع طاعة وتقصد معصية
شفقة على أهلك لن ال
) (1الكهف (2) .110 :الزخرف .67 :والخلء :الحباء (3) .النساء.134 :
قوامين أي دائمين على القيام بالعدل (4) .الليل (5) .21 - 19 :المدثر:
(6) .55البينة (7) .8 :عبس.37 :
][101
تعالى يقول " :يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما ل يجزي والد عن ولده ول
مولود هو جاز عن والده شيئا * إن وعد ال حق فل تغرنكم الحيوة الدنيا
ول يغرنكم بال الغرور " ) .(1يا ابن مسعود احذر الدنيا ولذاتها
وشهواتها وزينتها وأكل الحرام والذهب والفضة والمراكب والنساء
والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والنعام والحرث ذلك متاع
الحيوة الدنيا وال عنده حسن المآب * قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين
اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها النهار خالدين فيها وأزواج مطهرة
ورضوان من ال وال بصير بالعباد .(2) .يا ابن مسعود ل تغترن بال ول
تغترن بصلتك وعملك وبرك وعبادتك .يا ابن مسعود إذا تلوت كتاب ال
تعالى فأتيت على آية فيها أمر ونهي فرددها نظرا واعتبارا فيها ول تسه
عن ذلك فان نهيه يدل على ترك المعاصي وأمره يدل على عمل البر
والصلح فان ال تعالى يقول " :فكيف إذا جمعناهم ليوم ل ريب فيه
ووفيت كل نفس بما كسبت وهم ل يظلمون " ) .(3يا ابن مسعود ل تحقرن
ذنبا ول تصغرنه واجتنب الكبائر فان العبد إذا نظر يوم القيامة إلى ذنوبه
دمعت عيناه قيحا ودما يقول ال تعالى " يوم تجد كل نفس ما عملت من
خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا " ).(4
يا ابن مسعود إذا قيل لك اتق ال فل تغضب فانه يقول " :وإذا قيل له اتق
ال أخذته العزة بالثم فحسبه جهنم " ) .(5يا ابن مسعود قصر أملك فإذا
أصبحت فقل :إني ل امسي وإذا أمسيت فقل إني ل اصبح ،واعزم على
مفارقة الدنيا وأحب لقاء ال ول تكره لقاءه فان ال
) (1لقمان 32 :و .33والغرور بفتح الغين والمراد به الشيطان (2) .مأخوذة من
آل عمران 12 :و (3) .13آل عمران (4) .24 :آل عمران(5) .28 :
البقرة.202 :
][102
يحب لقاء من أحب لقاءه ويكره لقاء من يكره لقاءه .يا ابن مسعود ل تغرس
الشجار ول تجري النهار ) (1ول تزخرف البنيان ول تتخذ الحيطان
والبستان فان ال يقول " :الهيكم التكاثر " ) .(2يا ابن مسعود والذي
بعثني بالحق ليأتي على الناس زمان يستحلون الخمر يسمونه النبيذ عليهم
لعنة ال والملئكة والناس أجمعين ،أنا منهم برئ وهم مني برآء .يا ابن
مسعود الزاني بامه أهون عند ال ممن يدخل في ماله من الربا مثقال حبة
من خردل ،ومن شرب المسكر قليل أو كثيرا فهو أشد عند ال من آكل
الربا لنه مفتاح كل شر .يا ابن مسعود اولئك يظلمون البرار ويصدقون
الفجار والفسقة ،الحق عندهم باطل والباطل عندهم حق ،هذا كله للدنيا
وهم يعلمون أنهم على غير الحق ولكن زين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم
عن السبيل فهم ل يهتدون .رضوا بالحيوة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم
عن آياتنا غافلون اولئك مأويهم النار بما كانوا يكسبون .يا ابن مسعود قال
ال تعالى من رد عن ذكري وذكر الخرة ) " (3نقيض له شيطانا فهو له
قرين * وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون حتى إذا
جاءنا قال :يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين " ) .(4يا ابن
مسعود إنهم ليعيبون على من يقتدي بسنتي فرائض ال قال ال تعالى "
فاتخذتموهم سخريا حتى آنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون * إني
جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون " ) .(5ابن مسعود احذر سكر
الخطيئة فان للخطيئة سكرا كسكر الشراب بل هي
) (1أي لكثار الثروة ل مطلقا (2) .التكاثر (3) .1 :كذا وفى المصدر " ومن يعش
عن ذكر الرحمن نقيض -الية " أي ومن يعرض عن القرآن(4) .
الزخرف .37 - 35وقوله " نقيض " أي نهيئ ،وقيض ال فلنا لفلن
أي أتاحه (5) .المؤمنون 112و .113
][103
أشد سكرا منه يقول ال تعالى " :صم بكم عمي فهم ل يرجعون " ) (1ويقول" :
إنا جعلنا ما على الرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عمل * وإن
لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا " ) .(2يا ابن مسعود الدنيا ملعونة ملعون
من فيها ،ملعون من طلبها وأحبها ونصب لها وتصديق ذلك في كتاب ال
تعالى " كل من عليها فان ويبقى * وجه ربك ذو الجلل والكرام " )،(3
وقوله " كل شئ هالك إل وجهه " ) .(4يا ابن مسعود إذا عملت عمل
فاعمل ل خالصا لنه ل يقبل من عباده العمال إل ما كان خالصا فانه
يقول " وما لحد عنده من نعمة تجزى * إل ابتغاء وجه ربه العلى *
ولسوف يرضى " ) .(5يا ابن مسعود دع نعيم الدنيا وأكلها وحلوتها،
وحارها وباردها ،ولينها ،و طيبها ،وألزم نفسك الصبر عنها فانك مسؤول
عن ذلك كله قال ال تعالى " :ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم " ) .(6يا ابن
مسعود فل تلهينك الدنيا وشهواتها فان ال تعالى يقول " :أفحسبتم أنما
خلقناكم عبثا وأنكم إلينا ل ترجعون " ) .(7يا ابن مسعود إذا عملت عمل
من البر وأنت تريد بذلك غير ال فل ترج بذلك منه ثوابا فانه يقول " فل
نقيم لهم يوم القيمة وزنا " ) .(8يا ابن مسعود إذا مدحك الناس فقالوا:
إنك تصوم النهار وتقوم الليل وأنت على غير ذلك فل تفرح بذلك فان ال
تعالى يقول " :ل تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم
يفعلوا فل تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم " ).(9
) (1البقرة (2) .17 :الكهف 6 :و (3) .7الرحمن 26و (4) .27القصص) .88 :
(5الليل (6) .21 - 19 :التكاثر (7) .8 :المؤمنون (8) .115 :الكهف:
(9) .105آل عمران ،185 :والمفازة :المنجاة أي فائزين بالنجاة.
][104
يا ابن مسعود أكثر من الصالحات والبر ،فان المحسن والمسئ يندمان يقول
المحسن :ياليتني ازددت من الحسنات ويقول المسئ :قصرت ،وتصديق
ذلك قوله قوله تعالى " ول اقسم بالنفس اللوامة " ) .(1يا ابن مسعود ل
تقدم الذنب ول تؤخر التوبة ولكن قدم التوبة وأخر الذنب فان ال تعالى
يقول في كتابه " بل يريد النسان ليفجر أمامه " ) .(2يا ابن مسعود إياك
أن تسن سنة بدعة فان العبد إذا سن سنة سيئة لحقه وزرها ووزر من
عمل بها قال ال تعالى " :ونكتب ما قدموا وآثارهم " ) (3وقال سبحانه "
ينبؤا النسان يؤمئذ بما قدم وأخر " ) .(4يا ابن مسعود ل تركن إلى الدنيا
ول تطمئن إليها فستفارقها عن قليل ،فان ال تعالى يقول " :فأخرجناهم
من جنات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم " ) .(5يا ابن مسعود اذكر
القرون الماضية والملوك الجبابرة الذين مضوا فان ال يقول " وعادا
وثمودا وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا " ) .(6يا ابن مسعود انظر
أن تدع الذنب ) (7سرا وعلنية ،صغيرا وكبيرا ،فان ال تعالى حيث ما
كنت يراك وهو معك فاجتنبها ) .(7يا ابن مسعود اتق ال في السر
والعلنية ،والبر والبحر ،والليل والنهار ،فانه يقول " :ما يكون من نجوى
ثلثة إل هو رابعهم ول خمسة إل هو سادسهم ول أدنى من ذلك ول أكثر إل
هو معهم أين ما كانوا " ).(9
) (1القيامة (2) .2 :القيامة (3) .5 :يس (4) .11 :القيامة (5) .13 :مضمون
مأخوذ من اليات الواردة في سورة الشعراء 147 :و 148وسورة
الدخان آية 24و 25ل لفظها وهذا من سهو الرواة واعتمادهم على
حافظتهم (6) .الفرقان (7) .38 :في المصدر " اياك والذنب " وفى
بعض نسخه مثل ما في المتن (8) .في المصدر و " هو معكم أينما كنتم
" (9) .المجادلة.8 :
][105
يا ابن مسعود اتخذ الشيطان عدوا فان ال تعالى يقول " :إن الشيطان لكم عدو
فاتخذوه عدوا " ) (1ويقول عن إبليس " :ثم لتينهم من بين أيديهم ومن
خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ول تجد أكثرهم شاكرين " ) (2ويقول
" فالحق والحق أقول لملئن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ) .(3يا
ابن مسعود ]فانظر أن[ ل تأكل الحرام ول تلبس الحرام ول تأخذ من
الحرام ول تعص ال لن ال تعالى يقول لبليس " :واستفزز من استطعت
منهم بصوتك و أجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الموال والولد
وعدهم وما يعدهم الشيطان إل غرورا " ) (4وقال :فل تغرنكم الحيوة
الدنيا ول يغرنكم بال الغرور " ) .(5يا ابن مسعود ل تقربن من الحرام
من المال والنساء ) (6فان ال تعالى يقول " :ولمن خاف مقام ربه جنتان
" ) (7ول تؤثرن الحيوة الدنيا على الخرة باللذات والشهوات فان ال
تعالى يقول في كتابه " فأما من طغى وآثر الحيوة الدنيا فان الجحيم هي
المأوى " ) (8يعني الدنيا الملعونة والملعون ما فيها إل ما كان ل .يا ابن
مسعود ل تخونن أحدا في مال يضعه عندك أو أمانة ائتمنك عليها فان ال
يقول " :إن ال يأمركم أن تؤدوا المانات إلى أهلها " ) .(9يا ابن مسعود
ل تتكلم إل بالعلم بشئ سمعته ورأيته فان ال تعالى يقول " :ول تقف ما
ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه
) (1فاطر (2) .6 :العراف (3) .16 :ص (4) .85 :السراء (5) .66 :لقمان:
،33وفاطر (6) .5 :في المصدر " يا ابن مسعود خف ال في السر
والعلنية " مكان " ل تقربن الخ " (7) .الرحمن (8) .46 :النازعات:
(9) .39 - 37النساء:58 :
][106
مسؤل " ) (1وقال " :ستكتب شهادتهم ويسئلون " ) (2وقال " :إذ يتلقى
المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إل لديه رقيب
عتيد " ) (3وقال " :ونحن أقرب إليه من حبل الوريد " ) .(4يا ابن
مسعود ل تهتمن للرزق فان ال تعالى يقول " :وما من دابة في الرض إل
على ال رزقها " ) (5وقال " :وفي السماء رزقكم وما توعدون " )(6
وقال " :وإن يمسسك ال بضر فل كاشف له إل هو وإن يمسسك بخير
فهو على كل شئ قدير " ) .(7يا ابن مسعود والذي بعثني بالحق ]نبيا[ إن
من يدع الدنيا ويقبل على تجارة الخرة فان ال تعالى يتجر له من وراء
تجارته ويربح ال تجارته يقول ال تعالى " :رجال ل تلهيهم تجارة ول
بيع عن ذكر ال وإقام الصلوة وإيتاء الزكوة يخافون يوما تتقلب فيه
القلوب والبصار " ) .(8قال ابن مسعود :بأبي أنت وامي يا رسول ال
كيف لي بتجارة الخرة ؟ فقال :ل تريحن لسانك عن ذكر ال ،وذلك أن
تقول " :سبحان ال والحمد ل ول إله إل ال وال أكبر " فهذه التجارة
المربحة ،يقول ال تعالى " :يرجون تجارة لن تبور * ليوفيهم اجورهم
ويزيدهم من فضله " ) .(9يا ابن مسعود كلما أبصرته بعينك واستحله
قلبك فاجعله ل فذلك تجارة الخرة لن ال يقول " :ما عندكم ينفد وما عند
ال باق " ) .(10يا ابن مسعود وإذا تكلمت بل إله إل ال ولم تعرف حقها
فانه مردود عليك ول يزال " ل إله إل ال " يرد غضب ال عن العباد حتى
إذا لم يبالوا ما ينقص
) (1السراء (2) .36الزخرف (3) .18 :ق 16 :و (4) .17ق (5) .15 :هود.6 :
) (6الذاريات (7) .22 :النعام (8) .17 :النور (9) .37 :فاطر 29 :و
(10) .30النحل.98 :
][107
من دينهم بعد إذ سلمت دنياهم يقول ال تعالى] :كذبتم كذبتم لستم بها بصادقين فانه
يقول ال تعالى[ " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " ) .(1يا
ابن مسعود أحب الصالحين فان المرء مع من أحبه ،فان لم تقدر على
أعمال البر فأحب العلماء فان ال تعالى يقول " :ومن يطع ال والرسول
فاولئك مع الذين أنعم ال عليهم من النبيين والصديقين والشهداء
والصالحين وحسن اولئك رفيقا " ) .(2يا ابن مسعود إياك أن تشرك بال
طرفة عين وإن نشرت بالمنشار أو قطعت أو صلبت أو احرقت بالنار يقول
ال تعالى " :والذين آمنوا بال ورسله اولئك هم الصديقون والشهداء عند
ربهم " ) .(3يا ابن مسعود اصبر مع الذين يذكرون ال ويسبحونه
ويهللونه ويحمدون ويعملون بطاعته ويدعونه بكرة وعشيا فان ال يقول:
" واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي يريدون وجهه ول
تعد عيناك عنهم " ) " (4ما عليك من حسابهم من شئ وما من حسابك
عليهم من شئ فتطردهم فتكون من الظالمين " ) .(5يا ابن مسعود ل
تختارن على ذكر ال شيئا فانه يقول :ولذكر ال أكبر " ) (6ويقول" :
فاذكروني أذكركم واشكروا لي ول تكفرون " ) (7ويقول " :إذا سئلك
عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع إذا دعان " ) (8ويقول" :
ادعوني أستجب لكم " ) .(9يا ابن مسعود عليك بالسكينة والوقار وكن
سهل لينا عفيفا مسلما تقيا نقيا بارا طاهرا مطهرا صادقا خالصا سليما
صحيحا لبيبا صالحا صبورا شكورا مؤمنا ورعا
) (1فاطر .11 :وما بين القوسين ليس في المصدر (2) .النساء (3) .69 :الحديد:
(4) .18الكهف (5) .27 :النعام (6) .52 :العنكبوت (7) .44 :البقرة:
(8) .152البقرة (9) .186 :المؤمن.60 :
][108
عابدا زاهدا رحيما عالما فقيها يقول ال تعالى :إن إبراهيم لحليم أواه منيب " )(1
وعباد الرحمن الذين يمشون على الرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون
قالوا سلما * والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما )) (2ويقولون للناس
حسنا( وإذا مروا باللغو مروا كراما ]" والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم
يخروا عليها صما وعميانا "[ والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا
وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما * أولئك يجزون الغرفة بما
صبروا ويلقون فيها تحية وسلما * خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما "
) (3ويقول ال " :قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلتهم خاشعون *
والذين هم عن اللغو معرضون * والذين هم للزكوة فاعلون * والذين هم
لفروجهم حافظون * إل على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فانهم غير
ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون * والذين هم لماناتهم
وعهدهم راعون * والذين هم على صلواتهم يحافظون * اولئك هم
الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون " ) (4يقول ال
تعالى " :اولئك في جنات مكرمون " ) (5وقال " :إنما المؤمنون الذين إذا
ذكر ال وجلت قلوبهم -إلى قوله -اولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات
عند ربهم ومغفرة ورزق كريم " ) .(6يا ابن مسعود ل تحملنك الشفقة
على أهلك وولدك على الدخول في المعاصي والحرام ،فان ال تعالى يقول:
" يوم ل ينفع مال ول بنون إل من أتى ال بقلب سليم " ) (7وعليك بذكر
ال والعمل الصالح فان ال تعالى يقول " :والباقيات الصالحات خير عند
ربك ثوابا وخير أمل " ).(8
) (1هود ،77 :والواه :كثير التأسف ،والمنيب :الراجع إلى ال تعالى(2) .
الفرقان 64 :و (3) .65الفرقان 72إلى (4) .76المؤمنون 1 :إلى .12
) (5المعارج (6) .35 :النفال (7) .6 - 2 :الشعراء 88 :و (8) .89
الكهف.44 :
][109
يا ابن مسعود ل تكونن ممن يهدي الناس إلى الخير ويأمرهم بالخير وهو غافل عنه
يقول ال تعالى " :أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم " ) .(1يا ابن
مسعود عليك بحفظ لسانك فان ال تعالى يقول " :اليوم نختم على أفواههم
وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون " ) .(2يا ابن مسعود
عليك بالسرائر فان ال تعالى يقول " :يوم تبلى السرائر * فما له من قوة
ول ناصر " ) .(3يا ابن مسعود احذر يوما تنشر فيه الصحائف وتظهر فيه
الفضائح فان ال تعالى يقول " :ونضع الموازين القسط ليوم القيمة فل
تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين
" ) .(4يا ابن مسعود اخش ال تعالى بالغيب كأنك تراه فان لم تكن تراه
فانه يراك يقول ال تعالى " :من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب *
ادخلوها بسلم ذلك يوم الخلود " ) .(5يا ابن مسعود أنصف الناس من
نفسك وأنصح المة وارحمهم فإذا كنت كذلك وغضب ال على أهل بلدة
وأنت فيها وأراد أن ينزل عليهم العذاب نظر إليك فرحمهم بك يقول ال
تعالى " :وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون " ) .(6يا ابن
مسعود إياك أن تظهر من نفسك الخشوع والتواضع للدميين وأنت فيما
بينك وبين ربك مصر على المعاصي والذنوب يقول ال تعالى " :يعلم
خائنة العين وما تخفي الصدور " ) .(7يا ابن مسعود فل تكن ممن يشدد
على الناس ويخفف على نفسه يقول ال
) (1البقرة (2) .41 :يس (3) .65 :الطارق 9 :و (4) .10النبياء (5) .48 :ق:
32و (6) .33هود (7) .119 :المؤمن.19 :
][110
تعالى " لم تقولون ما ل تفعلون " ) .(1يا ابن مسعود إذا عملت عمل فاعمل بعلم
وعقل وإياك وأن تعمل عمل بغير تدبير وعلم فانه جل وجلله يقول " :ول
تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا " ) .(2يا ابن مسعود عليك
بالصدق ول تخرجن من فيك كذبة أبدا وأنصف الناس من نفسك وأحسن،
وادع الناس إلى الحسان ،وصل رحمك ول تمكر الناس ،وأوف الناس بما
عاهدتهم فان ال تعالى يقول " :إن ال يأمر بالعدل والحسان وإيتاء ذي
القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون " )(3
تمت الموعظة وبال التوفيق) * .باب ) * * (6جوامع وصايا رسول ال
صلى ال عليه وآله( * * )ومواعظه وحكمه( * - 1مع ،ل ،لى )(4
الحسن بن عبد ال بن سعيد العسكري ،عن محمد بن الحسن بن دريد ،عن
أبي حاتم ،عن العتبي يعني محمد بن عبد ال ،عن أبيه ،وأخبرنا عبد ال
بن شبيب البصري ،عن زكريا بن يحيى المنقري ،عن العلء بن محمد بن
الفضيل ) (5عن أبيه ،عن جده قال :قال قيس بن عاصم :وفدت مع جماعة
من بني تميم إلى النبي صلى ال عليه وآله فدخلت وعنده الصلصال بن
الدلهمش فقلت :يا نبي ال عظنا موعظة
) (1الصف (2) .2 :النحل (3) .94 :النحل (4) .92 :المعاني ص .232الخصال ج
1ص .56المالى المجلس الول ص (5) .3في المعاني " العلء بن
فضيل " وفى المالى " العلء بن محمد بن الفضل " .وفى الخصال "
العلء بن الفضل ".
][111
ننتفع بها فانا قوم نعير ) (1في البرية فقال رسول ال صلى ال عليه وآله :يا قيس
إن مع العز ذل ،وإن مع الحياة موتا ،وإن مع الدنيا آخرة ،وإن لكل شئ
حسيبا ،وعلى كل شئ رقيبا ،وإن لكل حسنة ثوابا ،ولكل سيئة عقابا ،ولكل
أجل كتابا وإنه ل بد لك يا قيس من قرين يدفن معك وهو حي ،وتدفن معه
وأنت ميت فان كان كريما أكرمك ،وإن كان لئيما أسلمك ثم ل يحشر إل
معك ،ول تبعث إل معه ،ول تسأل إل عنه فل تجعله إل صالحا فانه إن
صلح آنست به وإن فسد ل تستوحش إل منه وهو فعلك .فقال :يا نبي ال:
احب أن يكون هذا الكلم في أبيات من الشعر نفخر به على من يلينا من
العرب وندخره ،فأمر النبي صلى ال عليه وآله من يأتيه بحسان ،قال
قيس :فأقبلت افكر فيما أشبه هذه العظة من الشعر فاستتب ) (2لي القول
قبل مجئ حسان فقلت :يا رسول ال قد حضرتني أبيات أحسبها توافق ما
تريد ،فقال النبي صلى ال عليه وآله :قل يا قيس ،فقلت :تخير خليطا )(3
من فعالك إنما * قرين الفتى في القبر ما كان يفعل ول بد بعد الموت من أن
تعده * ليوم ينادى المرء فيه فيقبل فان كنت مشغول بشئ فل تكن * بغير
الذي يرضي به ال تشغل فلن يصحب النسان من بعد موته * ومن قبله
إل الذي كان يعمل أل إنما النسان ضيف لهله * يقيم قليل بينهم ثم يرحل
- 2لي (4) :السناني ،عن السدي ،عن النخعي ،عن النوفلي ،عن محمد
بن سنان ،عن المفضل ،عن ابن ظبيان ،عن الصادق جعفر بن محمد
عليهما السلم أنه قال:
) (1أي نذهب ونجئ ونردد في البرية أي الصحراء .وفى بعض النسخ " نعبر ") .
(2أي استقام ،وفى بعض النسخ " استبان " أي ظهر (3) .في المعاني
" قرينا " مكان " خليطا " (4) .المالى المجلس السادس ص .14
والمراد بالسنانى :محمد بن أحمد .وبالسدي :محمد بن أبى عبد ال
الكوفى.
][112
الشتهار بالعبادة ريبة ،إن أبي حدثني ،عن أبيه ،عن جده ،عن علي عليه السلم
أن رسول ال صلى ال صلى ال عليه وآله قال :أعبد الناس من أقام
الفرائض ،وأسخى الناس من أدى زكاة ماله وأزهد الناس من اجتنب
الحرام ،وأتقى الناس من قال الحق فيما له وعليه ،وأعدل الناس من رضي
للناس ما يرضى لنفسه وكره لهم ما يكره لنفسه ،وأكيس الناس من كان
أشد ذكرا للموت ،وأغبط الناس من كان تحت التراب قد أمن العقاب يرجو
الثواب ،وأغفل الناس من لم يتعظ بتغير الدنيا من حال إلى حال ،وأعظم
الناس في الدنيا خطرا من لم يجعل للدنيا عنده خطرا ،وأعلم الناس من
جمع علم الناس إلى علمه وأشجع الناس من غلب هواه ،وأكثر الناس
قيمة أكثرهم علما ،وأقل الناس قيمة أقلهم علما ،وأقل الناس لذة الحسود،
وأقل الناس راحة البخيل ،وأبخل الناس من بخل بما افترض ال عزوجل
عليه ،وأولى الناس بالحق أعلمهم به ،وأقل الناس حرمة الفاسق ،وأقل
الناس وفاء الملوك ،وأقل الناس صديقا الملك ،وأفقر الناس الطامع،
وأغنى الناس من لم يكن للحرص أسيرا ،وأفضل الناس إيمانا أحسنهم
خلقا ،وأكرم الناس أتقاهم ،وأعظم الناس قدرا من ترك ما ل يعنيه ،وأورع
الناس من ترك المراء وإن كان محقا ،وأقل الناس مروة من كان كاذبا،
وأشقى الناس الملوك ،وأمقت الناس المتكبر ،وأشد الناس اجتهادا من
ترك الذنوب ،وأحلم الناس من فر من جهال الناس ،وأسعد الناس من خالط
كرام الناس ،وأعقل الناس أشدهم مدارة للناس ،وأولى الناس بالتهمة من
جالس أهل التهمة ،وأعتى الناس من قتل غير قاتله أو ضرب غير ضاربه،
وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة وأحق الناس بالذنب السفيه
المغتاب ،وأذل الناس من أهان الناس ،وأحزم الناس أكظمهم للغيظ،
وأصلح الناس أصلحهم للناس ،وخير الناس من انتفع به الناس .كتاب
الغايات ) (1روي عن أبي حمزة الثمالي ،عن أبي جعفر عليه السلم قال:
الشتهار بالعبادة إلى آخره.
) (1تأليف أبي محمد بن أحمد بن على القمى نزيل الرى مخطوط.
][113
مع ) :(1عن ابن الوليد ،عن الصفار ،عن أيوب بن نوح ،عن أبيه ،عن ابن أبي
عمير ،عن سيف بن عميرة ،عن أبي حمزة الثمالي ،عن الصادق عليه
السلم مثله .كنز الكراجكي ) (2مرسل مثله - 3 .لى ) :(3عن ابن ناتانة،
عن علي ،عن أبيه ،عن ابن أبي عمير ،عن عبد ال بن الفضل الهاشمي،
عن الصادق ،عن أبيه ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى
ال عليه وآله :طوبى لمن طال عمره وحسن عمله ،فحسن منقلبه إذ
رضي عنه ربه عزوجل وويل لمن طال عمره وساء عمله ،فساء منقلبه إذ
سخط عليه ربه عزوجل - 4 .لى (4) :عن ابن إدريس ،عن أبيه ،عن
أيوب بن نوح ،عن محمد بن زياد عن غياث بن إبراهيم ،عن الصادق
جعفر بن محمد ،عن أبيه ،عن آبائهم عليهم السلم قال :قال رسول ال
صلى ال عليه وآله :من أحسن فيما بقي من عمره لم يؤاخذ بما مضى من
ذنبه ومن أساء فيما بقي من عمره اخذ بالول والخر - 5 .لى ) :(5عن
الطالقاني ،عن محمد بن إسحاق بن بهلول ،عن أبيه ،عن علي ابن يزيد
الصدائي ) ،(6عن أبي شيبة الجوهري ،عن أنس بن مالك قال :قال رسول
ال صلى ال عليه وآله تقبلوا لي بست أتقبل لكم بالجنة :إذا حدثتم فل
تكذبوا ،وإذا وعدتم فل تخلفوا ،وإذا ائتمنتم فل تخونوا ،وغضوا أبصاركم،
واحفظوا فروجكم وكفوا أيديكم وألسنتكم.
][114
- 6لى ) :(1عن أبيه ،عن علي ،عن أبيه ،عن ابن المغيرة ،عن السكوني ،عن
الصادق جعفر بن محمد ،عن أبيه ،عن جده ،عن الحسين بن علي عليهم
السلم قال :سمعت جدي رسول ال صلى ال عليه وآله يقول لي :إعمل
بفرائض ال تكن أتقى الناس ،وارض بقسم ال تكن أغنى الناس ،وكف
عن محارم ال تكن أورع الناس ،وأحسن مجاورة من جاورك تكن مؤمنا،
وأحسن مصاحبة من صاحبك تكن مسلما - 7 .ل ،لى ) :(2عن محمد بن
أحمد السدي ،عن عبد ال بن سليمان ،وعبد ال بن محمد الوهبي ،وأحمد
بن عمير ،ومحمد بن أبي أيوب قالوا :حدثنا عبد ال بن هاني ابن عبد
الرحمن قال :حدثنا أبي ،عن عمه إبراهيم ،عن ام الدرداء ،عن أبي
الدرداء قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله " :من أصبح معافى في
جسده ،آمنا في سربه ،عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا ) (3يا ابن
جعشم يكفيك منها ما سد جوعتك ووارى عورتك ،فان يكن بيت يكنك
فذاك ،وإن تكن دابة تركبها فبخ بخ ،وإل فالخبز وماء الحبر وما بعد ذلك
حساب عليك أو عذاب - 8 .لى (4) :عن أبيه ،عن علي ،عن أبيه ،عن
صفوان ،عن الكناني قال :قلت للصادق جعفر بن محمد عليهما السلم
أخبرني عن هذا القول قول من هو ؟ " أسأل ال اليمان والتقوى وأعوذ
بال من شر عاقبة المور ،إن أشرف الحديث ذكر ال ،ورأس الحكمة
طاعته ،وأصدق القول وأبلغ الموعظة وأحسن القصص كتاب ال ،وأوثق
العرى اليمان بال ،وخير الملل ملة إبراهيم ،وأحسن السنن سنة النبياء،
وأحسن الهدى هدى محمد صلى ال عليه وآله ،وخير الزاد التقوى ،وخير
العلم ما نفع ،وخير الهدى ما اتبع وخير الغنى غنى النفس ،وخير ما القي
في القلب اليقين ،وزينة الحديث الصدق
][115
وزينة العلم الحسان ،وأشرف الموت قتل الشهادة ،وخير المور خيرها عاقبة ،وما
قل وكفى خير مما كثر وألهى ،والشقي من شقي في بطن امه ،والسعيد من
وعظ بغيره ،وأكيس الكيس التقى ،وأحمق الحمق الفجور ،وشر الرواية
رواية الكذب وشر المور محدثاتها ،وشر العمى عمى القلب ،وشر الندامة
ندامة يوم القيامة وأعظم المخطئين عند ال عزوجل لسان كذاب ،وشر
الكسب كسب الربا ،وشر المأكل أكل مال اليتيم ظلما ،وأحسن زينة الرجل
السكينة مع اليمان .ومن يبتغ السمعة يسمع ال به ،ومن يعرف البلء
يصبر عليه ،ومن ل يعرفه ينكره والريب كفر ،ومن يستكبر يضعه ال،
ومن يطع الشيطان يعص ال ،ومن يعص ال يعذبه ال ،ومن يشكر ال
يزده ال ،ومن يصبر على الرزية يغثه ال ،ومن يتوكل على ال فحسبه
ال ،ل تسخطوا ال برضا أحد من خلقه ،ول تتقربوا إلى أحد من الخلق
بتباعد من ال عزوجل فان ال ليس بينه وبين أحد من الخلق شئ يعطيه
به خيرا أو يصرفه به عنه السوء إل بطاعته وابتغاء مرضاته ،إن طاعة
ال نجاح كل خير يبتغى ،ونجاة من كل شر يتقى ،وإن ال يعصم من
أطاعه ول يعتصم منه من عصاه ،ول يجد الهارب من ال مهربا ،فان أمر
ال نازل بإذلله ولو كره الخلئق وكل ما هو آت قريب ،ما شاء ال كان،
وما لم يشأ لم يكن " ،تعاونوا على البر والتقوى ،ول تعاونوا على الثم
والعدوان ،واتقوا ال إن ال شديد العقاب " قال :فقال لي الصادق جعفر
بن محمد عليهما السلم :هذا قول رسول ال صلى ال عليه وآله .ين ):(1
عن الجوهري ،وفضالة ،عن أبان بن عثمان ،عن الصباح بن سيابة قال:
سمعت كلما يروى عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قال " :السعيد من
سعد في بطن امه وذكر نحوه إلى آخر الخبر - 9 .لى ) :(2عن ابن الوليد،
عن الصفار ،عن ابن هاشم ،عن عبد ال بن ميمون عن الصادق ،عن
أبيه ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله:
استحيوا من ال
) (1كتاب الحسين بن سعيد الهوازي مخطوط (2) .المالى المجلس التسعون ص
.366
][116
حق الحياء ،قالوا :وما نفعل يا رسول ال ؟ قال :فان كنتم فاعلين فل يبيتن أحدكم
إل وأجله بين عينيه ،وليحفظ الرأس وما حوى ،والبطن وما وعى ،وليذكر
القبر والبلى ،ومن أراد الخرة فليدع زينة الحياة الدنيا .ب (1) :عن محمد
بن عيسى ،عن عبد ال بن ميمون مثله إل أن فيه " حوى " مكان "
وعى " و " وعى " مكان " حوى " - 10 .فس ) :(2عن أبيه ،عن
حماد ،عن أبي بصير ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال رسول ال
صلى ال عليه وآله لعلي عليه السلم :يا علي ما من دار فيها فرحة إل
يتبعها ترحة ) (3وما من هم إل وله فرح إل هم أهل النار ،فإذا عملت
سيئة فأتبعها بحسنته تمحها سريعا ،وعليك بصنايع الخير فانها تدفع
مصارع السوء .قال المفسر :وإنما قال رسول ال صلى ال عليه وآله
لمير المؤمنين عليه السلم على حد التأديب للناس ل بأن لمير المؤمنين
عليه السلم سيئات عملها - 11 .فس ) :(4عن أحمد بن إدريس ،عن
محمد بن أحمد ،عن محمد بن سنان ،عن المفضل ،عن أبي عبد ال عليه
السلم قال :لما نزلت هذه الية " :ل تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا
منهم ول تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين " قال رسول ال صلى
ال عليه وآله من لم يتعز بعزاء ال تقطعت نفسه على الدنيا حسرات،
ومن رمى ببصره إلى ما في يد غيره كثر همه ولم يشف غيظه ،ومن لم
يعلم أن ل عليه نعمة إل في مطعم أو في ملبس فقد قصر عمله ودنا
عذابه ،ومن أصبح على الدنيا حزينا أصبح على ال ساخطا ومن شكى
مصيبة نزلت به فانما يشكو ربه ،ومن دخل النار من هذه المة ممن قرأ
القرآن فهو ممن يتخذ آيات ال هزوا ،ومن أتي ذا ميسرة فيتخشع له طلبا
لما في يديه ذهب ثلثا دينه ،ثم قال :ول تعجل وليس يكون الرجل يسأل من
الرجل
) (1قرب السناد ص (2) .13تفسير على بن ابراهيم سورة الرعد ص (3) .341
الترح :الحزن والهم (4) .المصدر سورة الحجر آية 89ص .356
][117
الرفق فيبجله ) (1ويوقره فقد يجب ذلك له عليه ،ولكن يريه أنه يريد بتخشعه ما
عند ال ويريد أن يختله عما في يديه ) - 12 .(2ل ) :(3عن ابن الوليد،
عن الصفار ،عن ابن هاشم ،عن النوفلي عن السكوني ،عن الصادق ،عن
آبائه ،عن علي عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله:
غريبتان فاحتملوها :كلمة حكم من سفيه فاقبلوها ،وكلمة سفه من حكيم
فاغفروها - 13 .ل ) :(4عن محمد بن أحمد السدي ،عن محمد بن أبي
عمران ،عن أحمد ابن أبي بكر الزهري ،عن علي بن أبي علي اللهبي،
عن محمد بن المنكدر ،عن جابر ابن عبد ال قال :قال رسول ال صلى ال
عليه وآله :إن أخوف ما أخاف على امتي الهوى وطول المل ،أما الهوى
فانه يصد عن الحق وأما طول المل فينسي الخرة ،وهذه الدنيا قد ارتحلت
مدبرة ،وهذه الخرة قد ارتحلت مقبلة ،ولكل واحد منهما بنون فان
استطعتم أن تكونوا من أبناء الخرة ول تكونوا من أبناء الدنيا فافعلوا
فانكم اليوم في دار عمل ول حساب وأنتم غدا في دار حساب ول عمل .ل )
:(5ابن بندار ،عن أبي العباس الحمادي ،عن أحمد بن محمد الشافعي عن
عمه إبراهيم محمد ،عن علي بن أبي علي اللهبي ،عن ابن المكندر ،عن
جابر مثله - 14 .ل ) :(6الحسن بن عبد ال بن سعيد العسكري ،عن عبد
ال بن محمد بن عبد
) (1التبجيل :التعظيم (2) .ختله أي خدعه وماكره .ومعنى قوله " فقد يجب ذلك له
عليه " أي قد يكون يجب تعظيم بعض مسؤولين على السائل و " ذلك "
اشارة إلى التبجيل والتوقير والضمير في " له " راجع إلى المسؤول
وفى " عليه " إلى السائل (3) .الخصال ج 1ص (4) .19المصدر ج 1
ص (5) .27الخصال ج 1ص (6) .27المصدر ج 2ص .84
][118
الكريم عن ابن عوف ،عن مكي بن إبراهيم البلخي ،عن موسى بن عبيدة ،عن
صدقة بن يسار ،عن عبد ال عمر قال :نزلت هذه السورة " إذا جاء نصر
ال والفتح " على رسول ال صلى ال عليه وآله في أوسط أيام التشريق
فعرف أنه الوداع فركب راحلته العضباء فحمد ال وأثنى عليه ،ثم قال :يا
أيها الناس كل دم كان في الجاهلية فهو هدر ،وأول دم هدر دم الحارث بن
ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في هذيل فقتله بنوا الليث أو قال :كان
مسترضعا في بني ليث فقتله هذيل (1) -وكل ربا كان في الجاهلية
فموضوع وأول رباء وضع ربا العباس بن عبد المطلب ) (2أيها الناس إن
الزمان قد استدار فهو اليوم كهيئة يوم خلق السماوات والرضين ،وإن
عدة الشهور عند ال اثنى عشر شهرا في كتاب ال يوم خلق السماوات
والرض منها أربعة حرم :رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان وذو
القعدة وذو الحجة والمحرم " فل تظلموا فيهن أنفسكم فان النسئ زيادة
في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطؤا عدة
ما حرم ال " فكانوا يحرمون المحرم عاما ويستحلون صفر ويحرمون
صفر عاما ويستحلون المحرم ،أيها الناس إن الشيطان قد يئس أن يعبد في
بلكم آخر البد ورضي منكم بمحقرات العمال ،أيها الناس من كانت عنده
وديعة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها ،أيها الناس إن النساء عندكم عوار ل
يملكن لنفسهن ضرا ول نفعا ،أخذتموهن بأمانة ال ،واستحللتم فروجهن
بكلمات ال فلكم عليهن حق ولهن عليكم حق ،ومن حقكم عليهن أن ل
يوطئين فرشكم ول يعصينكم في معروف فإذا فعلن ذلك فلهن رزقهن
وكسوتهن بالمعروف ،ول تضربوهن .أيها الناس إني
كان ابن ربيعة مسترضعا في بنى سعد فقتله بنو هذيل في الجاهلية .والترديد
والوهم من الراوى (2) .انما بدأ صلى ال عليه وآله بابطال الربا والدم
من أهله واقربائه ليعلم أنه ليس في الدين محاباة(*) .
][119
قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا :كتاب ال عزوجل فاعتصموا به ،يا أيها
الناس أي يوم هذا ؟ قالوا :يوم حرام ،ثم قال :يا أيها الناس فأي شهر
هذا ؟ قالوا شهر حرام ،ثم قال :يا أيها الناس أي بلد هذا ؟ قالوا :بلد حرام
قال :فان ال عز وجل حرم عليكم دماءكم وأموالكم ،وأعراضكم كحرمة
يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه ،أل فليبلغ شاهدكم
غائبكم ،ل نبي بعدي ول امة بعدكم ،ثم رفع يديه حتى أنه ليرى بياض
إبطيه ،ثم قال :اللهم اشهد أني قد بلغت - 15 .ب ) :(1ابن ظريف ،عن ابن
علوان ،عن جعفر ،عن أبيه ،عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله:
قلة العيال أحد اليسارين .وقال صلى ال عليه وآله :إن ال تبارك وتعالى
ينزل المعونة على قدر المؤونة ،وينزل الصبر على قدر قلة اليسار ).(2
وقال صلى ال عليه وآله :المانة تجلب الغني ،والخيانة تجلب الفقر- 16 .
ب ) (3علي ،عن أخيه قال :ابتدر الناس إلى قراب سيف ) (4رسول ال
صلى ال عليه وآله بعد موته فادا صحيفة صغيرة وجدوا فيها :من آوى
محدثا فهو كافر ،ومن تولى غير مواليه فعليه لعنة ال ،وأعتى الناس )(5
على ال عزوجل من قتل غير قاتله أو ضرب غير ضاربه - 17 .ب ):(6
ابن ظريف ،عن ابن علوان ،عن جعفر ،عن أبيه عليهما السلم قال:
) (1قرب السناد ص 55والمراد بابن ظريف -بالظاء المعجمة -الحسن بن
ظريف ابن ناصح ثقة )صه .حش( (2) .في المصدر " على قدر شدة
البلء " (3) .المصدر ص (4) .112ابتدر القوم أمرا :بادر بعضهم
بعضا إليه أيهم يسبق إليه أي اسرعوا .وقراب السيف :جفنه وهو وعاء
يكون فيه السيف بغمده وحمالته (5) .عتى -كدعى -والمصدر عتو -
كسمو -استكبر وجاوز الحد ،فهو عات والجمع عتاة كداع ودعاة(6) .
المصدر ص 50والمراد بابن علوان الحسين بن علوان الكلبى عامى له
كتاب )ست ،صه ،حش(.
][120
وجد في غمد سيف رسول ال صلى ال عليه وآله صحيفة مختومة ففتحوها
فوجدوا فيها :من أعتى الناس على ال القاتل غير قاتله ،والضارب غير
ضاربه ،ومن أحدث حدثا ) (1أو آوى محدثا فعليه لعنة ال والملئكة
والناس أجمعين ،ل يقبل ال منه صرفا ول عدل :ومن تولى إلى غير
مواليه فقد كفر بما أنزل على محمد صلى ال عليه وآله - 18 .ن ):(2
بالسانيد الثلثة عن الرضا عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال
صلى ال عليه وآله :اختاروا الجنة على النار ول تبطلوا أعمالكم فتقذفوا
في النار منكسين خالدين فيها أبدا - 19 .ب ) :(3هارون ،عن ابن زياد،
عن جعفر ،عن أبيه عليهما السلم أن رسول ال صلى ال عليه وآله قال:
ثلثة هن ام الفواقر ) (4سلطان إن أحسنت إليه لم يشكر ،وإن أسأت إليه
لم يغفر ،وجار عينه ترعاك وقلبه تبغاك ،إن رأى حسنة دفنها ولم يفشها
وإن رأى سيئة أظهرها وأذاعها ،وزوجة إن شهدت لم تقر عينك بها ،وإن
غبت لم تطمئن إليها - 20 .ما ) :(5المفيد ،عن محمد بن حسين الخلل،
عن الحسن بن الحسين النصاري ،عن زفر بن سليمان ،عن أشرس
الخراساني ،عن أيوب السجستاني عن أبي قلبة قال :قال رسول ال صلى
ال عليه وآله :من أسر ما يرضى ال عزوجل أظهر ال له ما يسره ،ومن
أسر ما يسخط ال تعالى أظهر ال تعالى له ما يحزنه ،ومن كسب مال من
غير حله أفقره ال عزوجل ،ومن تواضع ل رفعه ال ،ومن سعى في
رضوان ال أرضاه ال ،ومن أذل مؤمنا أذله ال ،ومن عاد مريضا فانه
يخوض في
) (1أي ابتدع بدعة (2) .عيون أخبار الرضا " ع " ص (3) .200قرب السناد
ص 40والمراد بابن زياد مسعدة بن زياد الكوفى الربعي ثقة عين روى
عن أبي عبد ال عليه السلم )صه .جش( .له كتاب عنه هارون بن مسلم
)ست( (4) .الفواقر جمع الفاقرة وهى الداهية (5) .المالى ج 1ص
.185
][121
الرحمة -وأومأ رسول ال صلى ال عليه وآله إلى حقويه -فإذا جلس عند
المريض غمرته الرحمة ومن خرج من بيته يطلب علما شيعه سبعون ألف
ملك يستغفرون له ،ومن كظم غيظ مل ال جوفه إيمانا ،ومن أعرض عن
محرم أبدله ال به عبادة تسره ،ومن عفى من مظلمة أبدله ال بها عزا في
الدنيا والخرة ،ومن بنى مسجدا ولو كمفحص قطاة ) (1بنى ال له بيتا في
الجنة ،ومن أعتق رقبة فهي فداء عن النار كل عضو منها فداء عضو
منه ،ومن أعطى درهما في سبيل ال كتب ال له سبعمائة حسنة ،ومن
أماط ) (2عن طريق المسلمين ما يؤذيهم كتب ال له أجر قراءة أربعمائة
آية ،كل حرف منها بعشر حسنات ،ومن لقى عشرة من المسلمين فسلم
عليهم كتب ال له عتق رقبة .ومن أطعم مؤمنا لقمة أطعمه ال من ثمار
الجنة ،ومن سقاه شربة من ماء سقاه ال من الرحيق المختوم ،ومن كساه
ثوبا كساه ال من الستبرق والحرير وصلى عليه المل ئكة ما بقي في ذلك
الثوب سلك ) - 21 .(3ما ) :(4عن المفيد ،عن المظفر بن محمد البلخي،
عن محمد بن همام ،عن حميد بن زياد ،عن إبراهيم بن عبيد بن حنان،
عن الربيع بن سلمان ،عن السكوني ،عن الصادق جعفر بن محمد ،عن
أبيه عليهما السلم ،عن جده عليه السلم قال :سمعت رسول ال صلى ال
عليه وآله يقول :اعمل بفرائض ال تكن من أتقى الناس ،وارض بقسم ال
تكن من أغنى الناس ،وكف عن محارم ال تكن أورع الناس ،وأحسن
مجاورة من يجاورك تكن مؤمنا ،وأحسن مصاحبة من صاحبك تكن مسلما.
- 22ما ) :(5المفيد ،عن محمد بن محمد بن طاهر ،عن ابن عقده ،عن
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر ،عن الحسن بن
موسى ،عن أبيه ،عن جده ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال
صلى ال عليه وآله :الدنيا دول فما كان لك منها
) (1المفحص :الموضع الذى تفحص القطاة أي تكشف التراب عنه لتبيض فيه) .
(2أماط الذى عن الطريق :أي أبعده (3) .السلك :الخيط (4) .المالى ج
1ص (5) .120المصدر ج 1ص .229
][122
أتاك على ضعفك ،وما كان عليك لم تدفعه بقوتك ،ومن انقطع رجاه مما فات
استراح بدنه ،ومن رضى بما رزقه ال قرت عينه - 23 .ما ) :(1عن ابن
الصلت ،عن ابن عقدة ،عن محمد بن عبد الملك ،عن هارون بن عيسى،
عن جعفر بن محمد ،عن أبيه ،عن الرضا ،عن أبيه ،عن جده ،عن الباقر
عليهم السلم ،عن جابر بن عبد ال أن رسول ال صلى ال عليه وآله قال
في خطبته :إن أحسن الحديث كتاب ال ،وخير الهدى هدى محمد صلى ال
عليه وآله ،وشر المور محدثاتها ،وكل محدثة بدعة ،وكل بدعة ضللة،
وكان إذا خطب قال في خطبته :أما بعد ،فإذا ذكر الساعة اشتد صوته،
واحمرت وجنتاه ،ثم يقول :صبحتكم الساعة أو مستكم ) (2ثم يقول :بعثت
أنا والساعة كهذه من هذه ،ويشير بأصبعيه - 24 .ما ) :(3عن ابن
الحمامي ،عن أحمد بن محمد بن عبيدال القطان ،عن يعقوب بن إسحاق
النحوي ،عن عبد السلم بن مطهر ،عن موسى بن خلف ،عن ليث بن أبي
سليم ،عن مجاهد ،عن ابن عمر قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله:
كن في الدنيا كأنك غريب وكأنك عابري سبيل ،وعد نفسك في أصحاب
القبور .قال :قال مجاهد :وقال لي عبد ال بن عمر وأنت يا عبد ال إذا
أمسيت فل تحدث نفسك أن تصبح وإذا أصبحت فل تحدث نفسك أن تمسي،
وخذ من حياتك لموتك ومن صحتك لسقمك فانك ل تدري ما اسمك غدا .ما
) :(4عن ابن حمويه ،عن أبي الحسين ،عن أبي خليفة ،عن الحجبي ،عن
حماد بن زيد ،عن ليث ،عن مجاهد ،عن ابن عمر مثله - 25 .ما ) (5عن
جماعة ،عن أبي المفضل ،عن أحمد بن عبيدال بن سابور
) (1المصدر ج 1ص (2) .347يقال صبحهم -بالتخفيف والتشديد -أي أتاهم
صباحا (3) .المصدر ج 1ص (4) .390المصدر ج 2ص (5) .16
المصدر ج 2ص .87
][123
عن أيوب بن محمد الرقي ،عن سلم بن رزين ،عن إسرائيل بن يونس الكوفي،
عن جده أبي إسحاق عن حارث الهمداني ،عن علي عليه السلم ،عن
النبي صلى ال عليه وآله قال :النبياء قادة ،والفقهاء سادة ،ومجالستهم
زيادة ،وأنتم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة ،وأعمال محفوظة،
والموت يأتيكم بغتة ،فمن يزرع خيرا يحصد غبطة ومن يزرع شرا يحصد
ندامة - 26 .ما ) :(1عن جماعة ،عن أبي المفضل ،عن محمد بن جعفر
الرزاز ،عن جده محمد بن عيسى ،عن محمد بن الفضيل الصيرفي ،عن
الرضا ،عن آبائه ،عن أمير المؤمنين عليهم السلم قال :قال رجل للنبي
صلى ال عليه وآله :يا رسول ال علمني عمل صالحا ل يحال بينه وبين
الجنة ؟ قال :ل تغضب ،ول تسأل شيئا ،وارض للناس ما ترضى لنفسك،
فقال يا رسول ال زدني قال :إذا صليت العصر فاستغفر ال سبعا وسبعين
مرة تحط عنك عمل سبع وسبعين سيئة قال :مالي سبع وسبعون سيئة،
فقال له رسول ال صلى ال عليه وآله :فاجعلها لك ولبيك ،قال :مالي
ولبي سبع وسبعون سيئة فقال له رسول ال صلى ال عليه وآله :اجعلها
لك ولبيك ولمك ،قال :يا رسول ال مالي ولبي وامي سبع وسبعون سيئة
قال :اجعلها لك ولبيك وامك ولقرابتك - 27 .ما ) :(2عن جماعة ،عن أبي
المفضل ،عن الحسن بن علي بن سهل العاقولي ،عن موسى بن عمر بن
يزيد ،عن معمر بن خلد ،عن الرضا ،عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم
السلم قال :جاء أبو أيوب خالد بن زيد إلى رسول ال صلى ال عليه وآله
فقال :يا رسول ال أوصني واقلل لعلي أن أحفظ قال :اوصيك بخمس:
باليأس عما في أيدي الناس ،فإنه الغنى ،وإياك والطمع فانه الفقر
الحاضر ،وصل صلة مودع وإياك وما تعتذر منه ،وأحب لخيك ما تحب
لنفسك - 28 .ما ) :(3عن جماعة ،عن أبي المفضل ،عن النعمان بن
أحمد ،عن محمد
][124
ابن شبعة ،عن حفص بن عمر ،عن عبد ال بن محمد بن عمر بن علي بن أبي
طالب عن الباقر ،عن آبائه ،عن أمير المؤمنين عليهم السلم قال :سمعت
رسول ال صلى ال عليه وآله :من كثر همه سقم بدنه ،ومن ساء خلقه
عذب نفسه ،ومن لحى الرجل سقطت مروته وذهبت كرامته ،ثم قال
رسول ال صلى ال عليه وآله :لم يزل جبرئيل عليه السلم ينهاني عن
ملحاة الرجال كما ينهاني عن شرب الخمر وعبادة الوثان - 29 .ل ):(1
عن العطار ،عن أبيه ،عن سعد ،عن البرقي ،عن بكر بن صالح عن
الحسن بن فضال ،عن عبد ال بن إبراهيم ،عن الحسين بن زيد ،عن أبيه،
عن جعفر بن محمد ،عن أبيه عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى ال
عليه وآله :إن أسرع الخير ثوابا البر ،وإن أسرع الشر عقابا البغي ،وكفى
بالمرء عيبا أن ينظر من الناس إلى ما يعمى عنه من نفسه ،ويعير الناس
بما ل يستطيع تركه ،ويؤذي جليسه بما ل يعنيه - 30 .مع ) :(2عن
الوراق ،عن سعيد ،عن إبراهيم بن ]معروف ،عن إبراهيم ابن[ مهزيار،
عن أخيه علي ،عن الحسن بن سعيد ،عن الحارث بن محمد بن النعمان
عن جميل بن صالح ،عن أبي عبد ال الصادق ،عن آبائه عليهم السلم
قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :من أحب أن يكون أكرم الناس
فليتق ال عزوجل ،ومن أحب أن يكون أتقى الناس فليتوكل على ال ،ومن
أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما عند ال عزوجل أوثق منه بما في
يده .ثم قال عليه السلم :أل انبئكم بشر الناس ؟ قالوا :بلى يا رسول ال
قال :من أبغض الناس وأبغضه الناس ،ثم قال :أل انبئكم بشر من هذا :؟
قالوا :بلى يا رسول ال قال :الذي ل يقيل عثرة ،ول يقبل معذرة ،ول يغفر
ذنبا .قال :أل انبئكم بشر من هذا ؟ قالوا :بلى يا رسول ال ،قال :الذي ل
يؤمن شره ،ول يرجى خيره .وإن عيسى بن مريم عليه السلم قام في بني
إسرائيل فقال :يا بني إسرائيل ل تحدثوا
][125
بالحكمة الجهال فتظلموها ول تمنعوها أهلها فتظلموهم ،ول تعينوا الظالم على
ظلمه فيبطل فضلكم .المور ثلثة أمر تبين لك رشده فاتبعه ،وأمر تبين لك
غيه فاجتنبه وأمر اختلف فيه فرده إلى ال عزوجل - 31 .مع ) :(1عن
ابن الوليد ،عن ابن أبان ،عن الحسين بن سعيد ،عن فضاله ،عن أبان،
عن إسحاق بن إبراهيم قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :وجد في ذؤابة
سيف رسول ال صلى ال عليه وآله صحيفة فإذا فيها مكتوب بسم ال
الرحمن الرحيم إن أعتى الناس على ال يوم القيامة من قتل غير قاتله،
ومن ضرب غير ضاربه ،ومن تولى غير مواليه فهو كافر بما أنزل ال
تعالى على محمد صلى ال عليه وآله ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا لم
يقبل ال تعالى منه يوم القيامة صرفا ول عدل .قال :ثم قال :تدري ما يعني
بقوله " من تولى غير مواليه " قلت :ما يعني به ؟ قال :يعني أهل الدين.
والصرف التوبة في قول أبي جعفر عليه السلم والعدل الفداء في قول أبي
عبد ال عليه السلم - 32 .ف ) :(2قال النبي صلى ال عليه وآله :ما لي
أرى حب الدنيا قد غلب على كثير من الناس حتى كأن الموت في هذا الدنيا
على غيرهم كتب ،وكأن الحق في هذه الدنيا على غيرهم وجب ،وحتى كأن
ما يسمعون من خبر الموات قبلهم عندهم كسبيل قوم سفر عما قليل إليهم
راجعون ) (3تبوؤنهم أجداثهم وتأكلون تراثهم ،وأنتم مخلدون بعدهم،
هيهات هيهات أما يتعظ آخرهم بأولهم ،لقد جهلوا ونسوا كل موعظة في
كتاب ال ،وأمنوا شر كل عاقبة سوء ،ولم يخافوا نزول فادحة ) (4ول
بوائق كل حادثة.
) (1معاني الخبار ص 379تحت رقم (2) .3التحف ص (3) .29يعنى أنهم إذا
سمعوا بموت فلن مثل يظنون أنه قد سافر إلى مكان في الرض ثم
يرجع إليهم ثانيا بعد مضى ايام .وقوله " تبوؤنهم اجداثهم " في الكافي
" بيوتهم اجداثهم " وسياتى تفسيره (4) .الفادحة :النازلة والفادح
الصعب المثقل .والبوائق جمع البائقة وهى الداهية والشر.
][126
طوبى لمن شغله خوف ال عن خوف الناس .طوبى لمن طاب كسبه ،وصلحت
سريرته ،وحسنت علنية ،واستقامت خليقته طوبى لمن أنفق الفضل من
ماله ،وأمسك الفضل من قوله .طوبى لمن منعه عيبه عن عيوب المؤمنين
من إخوانه .طوبى لمن تواضع ل عز ذكره وزهد فيما أحل له من غير
رغبة عن سنتي ورفض زهرة الدنيا ) (1من غير تحول عن سنتي ،واتبع
الخيار من عترتي من بعدي ،وخالط أهل الفقه والحكمة ،ورحم أهل
المسكنة .طوبى لمن اكتسب من المؤمنين مال من غير معصيته ،وعاد به
على أهل المسكنة ) (2وجانب أهل الخيلء والتفاخر والرغبة في الدنيا،
المبتدعين خلف سنتي ) (3العاملين بغير سيرتي .طوبى لمن حسن مع
الناس خلقه ،وبذل لهم معونته ،وعدل عنهم شره - 33 .ف ) :(4وصيته
صلى ال عليه وآله لمعاذ بن جبل ) (5لما بعثه إلى اليمن يا معاذ
) (1المراد بها بهجتها وغضارتها (2) .يعنى صرفه فيهم (3) .المبتدع صاحب
البدعة (4) .المصدر ص (5) .25معاذ بن جبل بضم الميم انصاري
خزرجي ،يكنى أبا عبد الرحمن ،أسلم وهو ابن ثمان عشرة سنة ،وشهد
ليلة العقبة مع السبعين -من أهل يثرب )المدينة( -وشهد مع رسول ال
صلى ال عليه وآله المشاهد ،وبعثه صلى ال عليه وآله إلى اليمن بعد
غزوة تبوك ،في سنة العاشر ،وعاش إلى أن توفى في طاعون عمواس
بناحية الردن سنة ثمان عشرة في خلفة عمر .ولما بعثه صلى ال عليه
وآله إلى اليمن شيعه صلى ال عليه وآله ومن كان معه من المهاجرين
والنصار -ومعاذ راكب ،ورسول ال صلى ال عليه وآله يمشى إلى
جنبه ،ويوصيه .فقال معاذ يا رسول ال :أنا راكب وأنت تمشى أل انزل
فامشي معك ومع أصحابك ؟ فقال :يا معاذ انما أحتسب خطاى هذه في
سبيل ال .ثم أوصاه بوصايا -ذكرها الفريقين مشروحا وموجزا في
كتبهم -ثم التفت صلى ال عليه وآله ،فاقبل بوجهه نحو المدينة ،فقال:
ان أولى الناس بى المتقون من كانوا وحيث كانوا.
][127
علمهم كتاب ال وأحسن أدبهم على الخلق الصالحة ،وأنزل الناس منازلهم
خيرهم وشرهم ) (1وأنفذ فيهم أمر ال ول تحاش في أمره ول ماله أحدا )
(2فانها ليست بوليتك ول مالك ،وأد إليهم المانة في كل قليل وكثير،
وعليك بالرفق والعفو في غير ترك للحق ) (3يقول الجاهل :قد تركت من
حق ال ،واعتذر إلى أهل عملك من كل أمر خشيت أن يقع إليك منه عيب )
(4حتى يعذروك ،وأمت أمر الجاهلية إل ما سنه السلم ،وأظهر أمر
السلم كله صغيره وكبيره ،وليكن أكثر همك الصلة فانها رأس السلم
بعد القرار بالدين ،وذكر الناس بال واليوم الخر واتبع الموعظة فانه
أقوى لهم على العمل بما يحب ال ،ثم بث فيهم المعلمين واعبد ال الذي
إليه ترجع ،ول تخف في ال لومة لئم .واوصيك بتقوى ال ،وصدق
الحديث ،والوفاء بالعهد ،وأداء المانة ،وترك الخيانة ،ولين الكلم ،وبذل
السلم ،وحفظ الجار ،ورحمة اليتيم ،وحسن العمل وقصر المل ،وحب
الخرة ،والجزع من الحساب ،ولزوم اليمان ،والفقه في القرآن ،وكظم
الغيظ ،وخفض الجناح ) (5وإياك أن تشتم مسلما ،أو تطيع آثما أو تعصي
إماما عادل ،أو تكذب صادقا ،أو تصدق كاذبا ،واذكر ربك عند كل شجر
وحجر ،وأحدث لكل ذنب توبة السر بالسر والعلنية بالعلنية .يا معاذ لول
أنني أرى أل نلتقي إلى يوم القيامة لقصرت في الوصية ولكنني
) (1أي أنزل الناس منازلهم على قدرهم وشؤونهم من الخير وشر (2) .ل تحاش
من حاش يحاش أي نزه والمراد أنك ل تكترث بما تفعله ول تخاف من
أحد ول تستوحش منهم (3) .في بعض النسخ " من غير ترك للحق ") .
(4يعنى أن في كل أمر خشيت أن يسرع اليك عيب منه تقدم العذر قبل أن
يعذروك (5) .الخفض :الغض والخفاء وأيضا خفض ضد رفع وبمعنى
اللين والسهل ،والجناح ما يطير به الطائر وخفض الجناح كناية عن
التواضع.
][128
أرى أن ل نلتقي أبدأ ) (1ثم اعلم يا معاذ إن أحبكم إلي من يلقاني على مثل الحال
التي فارقني عليها ) - 34 .(2ف ) :(3من كلمه صلى ال عليه وآله :إن
لكل شئ شرفا وإن شرف المجالس ما استقبل به القبلة ،من أحب أن يكون
أعز الناس فليتق ال ،ومن أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على ال،
ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد ال أوثق منه بما في يده.
ثم قال :أل انبئكم بشرار الناس ؟ قالوا :بلى يا رسول ال ،قال :من نزل
وحده ،ومنع رفده ) (4وجلد عبده ،ثم قال :أل انبئكم بشر من ذلك ؟ قالوا:
بلى يا رسول ال ،قال :من ل يرجي خيره ،ول يؤمن شره .ثم قال :أل
انبئكم بشر من ذلك ؟ قالوا :بلى يا رسول ال قال :من ل يقيل عثرة ،ول
يقبل معذرة .ثم قال :أل انبئكم بشر من ذلك ؟ قالوا :بلى يا رسول ال ،قال:
من يبغض الناس ويبغضونه .إن عيسى عليه السلم قام خطيبا في بني
إسرائيل فقال :يا بني إسرائيل ل تكلموا بالحكمة عند الجهال فتظلموها،
ول تمنعوها أهلها فتظلموهم ،ول تظلموا ول تكافئوا
) (1هذا البيان تصريح بموته صلى ال عليه وآله وأن معاذا لن يراه بعد اليوم
ومقامه هذا ،فانه صلى ال عليه وآله ودعه وانصرف وسار معاذ إلى
اليمن حتى أتى صنعاء اليمن فمكث أربعة عشر شهرا ثم رجع إلى المدينة
فلما دخلها فقد مات رسول ال صلى ال عليه وآله (2) .لعل في هذا
البيان اشارة إلى معاذ بانك لو تلقاني يوم القيامة على مثل هذه الحال ولم
تتغير حالك في مستقبل الزمان ولم تنحرف عن طريقي بعد وفاتي تكون
محبوبا عندي ولكن قيل في حقه :انه من أصحاب الصحيفة وهم الذين
كتبوا صحيفة واشترطوا على أن يزيلو المامة عن على عليه السلم.
وممن قوى خلفة أبى بكر (3) .التحف ص (4) .27الرفد بالسكر:
العطاء والصلة وهو اسم من رفده رفدا من باب ضرب أي أعطاه وأعانه.
والظاهر أنه اعم من منع الحقوق الواجبة والمستحبة.
][129
ظالما فيبطل ) (1فضلكم يا بني إسرائيل المور ثلثة أمر بين رشده فاتبعوه ،وأمر
بين غيه فاجتنبوه ،وأمر اختلف فيه فردوه إلى ال .أيها الناس إن لكم
معالم فانتهوا إلى معالمكم ،وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم ،إن المؤمن
بين مخافتين أجل قد مضى ل يدري ما ال صانع فيه ،وبين أجل قد بقي ل
يدري ما ال قاض فيه فليأخذ العبد لنفسه من نفسه ،ومن دنياه لخرته،
ومن الشيبة قبل الكبر ،ومن الحياة قبل الموت ،والذي نفسي بيده ما بعد
الموت من مستعتب ) (2وما بعد الدنيا دار إل الجنة والنار - 35 .سن ):(3
عن أبيه ،عن يونس ،عن عمرو بن جميع رفعه قال :قال سلمان الفارسي
)ره( :أوصاني خليلي بسبعة خصال ل أدعهن على كل حال .أوصاني أن
أنظر إلى من هو دوني ول أنظر إلى من هو فوقي ،وأن احب الفقراء وأدنو
منهم وأن أقول الحق وإن كان مرا ،وأن أصل رحمي ،وإن كانت مدبرة،
ول أسأل الناس شيئا وأوصاني أن أكثر من قول " ل حول ول قوة إل بال
العلي العظيم " فانها كنز من كنوز الجنة - 36 .سن ) :(4عن أبيه ،عن
القاسم ،عن جده ،عن الثمالي ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :أتى رسول
ال صلى ال عليه وآله رجل فقال :علمني يا رسول ال فقال :عليك
باليأس عما في أيدي الناس فانه الغنى الحاضر ،قال :زدني يا رسول ال،
قال:
) (1كافأ الرجل على ما كان منه جازاه .كافأ فلنا راقبه وقابله ،صار نظيرا له
وساواه (2) .المستعتب :طلب العتبى أي السترضاء والمراد أن بعد
الموت ل يكون ما يوجب الرضا لن زمان العمال قد انقضى وختم
ديوانها ولعل أصل العتبى الرضا والفرح من الرجوع عن الذنب والساءة
وهذا المعنى ل يمكن الوصول إليه ال في دار الدنيا ،وقبل الموت فليس
بعد الموت من استرضاء بهذا المعنى (3) .المحاسن ص 11باب (4) .7
المحاسن ص 16باب .10
][130
إياك والطمع فانه الفقر الحاضر ،قال :زدني يا رسول ال قال :إذا هممت بأمر فتدبر
عاقبته فان يك خيرا ورشدا فاتبعه ،وإن يك غيا فدعه - 37 .سن ) :(1عن
أبيه ،عن النضر ،عن يحيى الحلبي ،عن أيوب بن عطية قال :سمعت أبا
عبد ال عليه السلم يقول :إن عليا عليه السلم وجد كتابا في قراب سيف
رسول ال صلى ال عليه وآله مثل الصبع فيه إن أعتى الناس على ال
القاتل غير قاتله ،والضارب غير ضاربه ،ومن والى غير مواليه فقد كفر
بما أنزل ال على محمد صلى ال عليه وآله ،ومن أحدث حدثا أو آوى
محدثا فل يقبل ال منه صرفا ول عدل ،ول يجوز لمسلم أن يشفع في حد.
- 38جا ) :(2عن محمد بن جعفر التميمي ،عن هشام بن يونس النهشلي،
عن يحيى بن يعلى ،عن أحمد بن محمد العرج ،عن عبد ال بن حارث،
عن عبد ال بن مسعود قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :عجب
لغافل وليس بمغفول عنه ،وعجب لطالب الدنيا والموت يطلبه ،وعجب
لضاحك ملء فيه وهو ل يدري أرضي ال أم سخط له - 39 .جا ) :(3عن
أحمد بن الوليد ،عن أبيه ،عن الصفار ،عن ابن معروف عن ابن مهزيار،
عن محمد بن إسماعيل ،عن منصور بن يونس ،عن أبي خالد القماط عن
أبي عبد ال عليه السلم قال :خطب رسول ال صلى ال عليه وآله يوم
منى فقال :نضر ال ) (4عبدا سمع مقالتي فوعاها وبلغها من لم يسمعها،
فكم من حامل فقه غير فقيه ،وكم حامل فقه إلى من هو أفقه منه ،ثلثة ل
يغل عليها قلب عبد مسلم ) (5إخلص العمل ل ،و النصيحة لئمة
المسلمين ،واللزوم لجماعتهم ،فان دعوتهم محيطة من ورائهم ،المسلمون
][131
إخوة تتكافي دمائهم ،وهم يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم )- 40 .(1
كشف ) (2من كتاب الحافظ عبد العزيز ،عن سليمان بن بلل قال :حدثني
جعفر بن محمد ،عن أبيه قال :سمعت جابر بن عبد ال يقول :كانت خطبة
رسول ال صلى ال عليه وآله يوم الجمعة يحمد ال ويثني عليه ثم يقول
أثر ذلك وقد عل صوته واشتد غضبه واحمرت وجنتاه كأنه منذر جيش:
صبحكم أو مساكم ثم يقول :بعثت والساعة كهاتين ثم أشار بالسبابة
والوسطى التي تلي البهام ثم يقول :إن أفضل الحديث كتاب ال عزوجل
وخير الهدى هدى محمد ،وشر المور محدثاتها وكل بدعة ضللة ،،فمن
ترك مال فلهله ،ومن ترك دينا أو ضياعا فالي ) - 14 .(3جع ) :(4قال
رسول ال صلى ال عليه وآله :العفاف زينة البلء ،والتواضع زينة
الحسب ،والفصاحة زينة الكلم ،والعدل زينة اليمان ،والسكينة زينة
العبادة ،والحفظ زينة الرواية ،وحفظ الحجاج زينة العلم ،وحسن الدب
زينة العقل ،وبسط الوجه زينة الحلم ،واليثار زينة الزهد ،وبذل الموجود
زينة اليقين ،والتقلل زينة القناعة ،وترك المن زينة المعروف ،والخشوع
زينة الصلة ،وترك ما ل يعني زينة الورع - 42 .كا ) :(5عن العدة ،عن
سهل ،عن ابن محبوب ،عن الحسن بن السري عن أبي مريم ،عن أبي
جعفر قال :سمعت جابر بن عبد ال يقول :إن رسول ال صلى ال عليه
وآله مر بنا ذات يوم ونحن في نادينا وهو على ناقته وذلك حين رجع من
حجة الوداع
) (1سئل الصادق عليه السلم عن معناه فقال عليه السلم :لو أن جيشا من
المسلمين حاصروا قوما من المشركين فأشرف رجل منهم فقال :أعطوني
المان حتى القى صاحبكم أناظره فأعطاهم أدناهم المان وجب على
أفضلهم الوفاء به )مجمع البحرين( (2) .كشف الغمة ج 2ص (3) .375
كذا (4) .جامع الخبار ص 143الفصل التاسع والسبعون (5) .الكافي ج
8ص 168تحت رقم .190
][132
فوقف علينا فسلم ورددنا عليه السلم ،ثم قال :مالي أرى حب الدنيا قد غلب على
كثير من الناس حتى كأن الموت في هذه الدنيا على غيرهم كتب ،وكأن
الحق في هذه الدنيا على غيرهم وجب ،وحتى كأن لم يسمعوا ويروا من
خبر الموات قبلهم سبيلهم سبيل قوم سفر ) (1عما قليل إليهم راجعون،
بيوتهم أجداثهم ،ويأكلون تراثهم يظنون أنهم مخلدون بعدهم ) (2هيهات
هيهات أما يتعظ آخرهم بأولهم لقد جهلوا ونسوا كل وعظ في كتاب ال،
وأمنوا شر كل عاقبة سوء ،ولم يخافوا نزول فادحة وبوائق حادثة ).(3
طوبى لمن شغله خوف ال عزوجل عن خوف الناس .طوبى لمن منعه
عيبه ،عن عيوب المؤمنين من إخوانه .طوبى لمن تواضع ل عز ذكره
وزهد فيما أحل ال له من غير رغبة عن سيرتي ،ورفض زهرة الدنيا من
غير تحول عن سنتي ،واتبع الخيار من عترتي من بعدي ،وجانب أهل
الخيلء والتفاخر والرغبة في الدنيا ،المبتدعين خلف سنتي العاملين بغير
سيرتي.
) (1السفر جمع مسافر فيحتمل ارجاع الضمير في قوله " :سبيلهم " إلى الحياء
وفى قوله " :إليهم " إلى الموات أي هؤلء الحياء مسافرون يقطعون
منازل اعمارهم من السنين والشهور حتى يلحقوا بهؤلء الموات
ويحتمل العكس في ارجاع الضميرين فالمراد أن سبيل هؤلء الموات
عند هؤلء الحياء لعدم اتعاظهم بموتهم وعدم مبالتهم سبيل قوم كانوا
ذهبوا إلى سفر وعن قريب يرجعون إليهم ويؤيده ما في النهج وتفسير
القمى " وكان الذى نرى من الموات سفر عما قليل الينا راجعون ") .
(2الجداث جمع الجدث وهو القبر أي يرون أن بيوت هؤلء الموات
اجداثهم ومع ذلك يأكلون تراثهم أو يريدون أن تراث هؤلء قد زالت
عنهم وبقى في ايديهم ومع ذلك ل يتعظون ويظنون أنهم مخلدون بعدهم.
والتراث :ما يخلفه الرجل لورثته .والظامر أنه وقع في نسخ الكتاب
تصحيف والصوب ما في النهج " نبوؤهم اجداثهم ونأكل تراثهم " وفى
التفسير " ننزلهم اجداثهم " (3) .الفادحة النازلة.
][133
طوبى لمن اكتسب من المؤمنين مال من غير معصية فأنفقه في غير معصية وعاد
به على أهل المسكنة .طوبى لمن حسن مع الناس خلقه ،وبذل لهم معونته،
وعدل عنهم شره .طوبى لمن أنفق القصد وبذل الفضل وأمسك قوله عن
الفضول وقبيح الفعل - 43 .ختص ) :(1خطب النبي صلى ال عليه وآله
لما أراد الخروج إلى تبوك بثنية الوداع فقال بعد أن حمد ال وأثنى عليه:
أيها الناس إن أصدق الحديث كتاب ال ،وأوثق العرى كلمة التقوى ،وخير
الملل ملة إبراهيم ،وخير السنن سنة محمد صلى ال عليه وآله ،وأشرف
الحديث ذكر ال ،وأحسن القصص القرآن ،وخير المور عزائمها ،وشر
المور محدثاتها ،وأحسن الهدى هدى النبياء ،وأشرف القتل قتل
الشهداء ،وأعمى الهدى الضللة بعد الهدى ،وخير العمال ما نفع ،وخير
الهدى ما اتبع ،وشر العمى عمى القلب ،واليد العليا خير من اليد السفلى،
وما قل وكفى خير مما كثر وألهى ،وشر المعذرة حين يحضر الموت ،وشر
الندامة ندامة يوم القيامة ،ومن الناس من ل يأتي الجمعة إل نذرا ،ومنهم
من ل يذكر ال إل هجرا ،ومن أعظم الخطايا اللسان الكذوب ،وخير الغنى
غنى النفس ،وخير الزاد التقوى ،ورأس الحكمة مخافة ال وخير ما القي
في القلب اليقين ،والرتياب من الكفر ،والنياحة من عمل الجاهلية والغلول
من جمر جهنم ،والسكر جمر من النار ،والشعر من إبليس ،والخمر جماع
الثام ،والنساء حبالت إبليس ،والشباب شعبة من الجنون ،وشر المكاسب
كسب الربا وشر المآكل أكل مال اليتيم ،والسعيد من وعظ بغيره ،والشقي
من شقي في بطن امه ،وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربعة أذرع ،والمر
إلى آخره ،وملك العمل خواتيمه ،وأربى الربا الكذب ،وكل ما هو آت
قريب ،وسباب المؤمن فسوق ،وقتال المؤمن كفر وأكل لحمه معصية،
وحرمة ماله كحرمة دمه ،ومن مال على ال يكذبه ،ومن يعف يعفو ال
عنه ،ومن كظم الغيظ يأجره ال ،ومن يصبر على الرزية يعوضه ال ،ومن
يتبع السمعة يسمع ال به ،ومن يصم بصره ،ومن
][134
يعص ال يعذبه ال ،اللهم اغفر لي ولمتي ،اللهم اغفر لي ولمتي أستغفر ال لي
ولكم - 44 .ين (1) :عن ابن علوان ،عن عمرو بن خالد ،عن زيد بن
علي ،عن آبائه ،عن علي عليه السلم قال :استأذن رجل على رسول ال
صلى ال عليه وآله فقال :يا رسول ال أوصني قال :أوصيك أن ل تشرك
بال شيئا وإن قطعت وحرقت بالنار ،ول تنهر والديك وإن أمراك على أن
تخرج من دنياك فاخرج منها ،ول تسب الناس وإذا لقيت أخاك المسلم
فالقه ببشر حسن ،وصب له من فضل دلوك ،أبلغ من لقيت من المسلمين
عني السلم ،وادع الناس إلى السلم ،واعلم أن لك بكل من أجابك عتق
رقبة من ولد يعقوب ،واعلم أن الصغيراء عليهم حرام يعني النبيذ وهو
الخمر وكل مسكر عليهم حرام - 45 .ين ) :(2عن ابن أبي البلد ،عن
أبيه ،رفعه قال :جاء أعرابي إلى النبي صلى ال عليه وآله فأخذ بغرز
راحلته وهو يريد بعض غزواته فقال :يا رسول ال علمني عمل أدخل
الجنة ؟ فقال :ما أحببت أن يأتيه الناس إليك فأته إليهم ،وما كرهت أن
يأتيه إليك فل تأته إليهم ،خل سبيل الراحلة - 46 .نوادر الراوندي(3) :
باسناده ،عن موسى بن جعفر ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال علي:
خطب بنا رسول ال صلى ال عليه وآله فقال :أيها الناس إنكم في زمان
هدنة وأنتم على ظهر سفر ،والسير بكم سريع ،فقد رأيتم الليل والنهار
والشمس والقمر يبليان كل جديد ،ويقربان كل بعيد ،ويأتيان بكل وعد
ووعيد ،فاعدوا الجهاز لبعد المجاز ،فقام مقداد بن السود فقال :يا رسول
ال فما تأمرنا نعمل ؟ فقال :إنها دار بلء وابتلء وانقطاع وفناء فإذا
التبست عليكم المور كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فانه شافع مشفع
وما حل مصدق ،من جعله أمامه قاده إلى الجنة ،ومن جعله خلفه ساقه إلى
النار ،ومن جعله الدليل يدله على السبيل
][135
وهو كتاب تفصيل وبيان تحصيل ،هو الفصل ليس بالهزل ،وله ظهر وبطن وظاهره
حكم ال وباطنه علم ال تعالى ،فظاهره وثيق وباطنه عميق ،له نجوم
وعلى نجومه نجوم ) (1ل تحصى عجائبه ول تبلى غرائبه ،فيه مصابيح
الهدى ومنار الحكمة ،ودليل على المعرفة لمن عرف النصفة ،فليرع رجل
بصره وليبلغ النصفة نظره ينجو من عطب ويتخلص من نشب فان التفكر
حياة قلب البصير كما يمشي المستنير في الظلمات ،والنور يحسن التخلص
ويقل التربص ) - 47 .(2وبهذا السناد قال :قال علي عليه السلم :خطبنا
رسول ال صلى ال عليه وآله فقال :أيها الناس الموتة الموتة ،الوحية
الوحية ) (3ل تردها سعادة أو شقاوة ،جاء الموت بما فيه بالروح والراحة
لهل دار الحيوان الذي كان لها سعيهم وفيها جاء الموت بما فيه بالويل
والحسرة والكرة الخاسرة لهل دار الغرور الذين كان لها سعيهم وفيها
رغبتهم بئس العبد عبد له وجهان يقبل بوجه ويدبر بوجه ،إن اوتى أخوه
المسلم خيرا حسده ،وإن ابتلى خذله ،بئس العبد عبد أوله نطفة ثم يعود
جيفة ل يدري ما يفعل به فيما بين ذلك ،بئس العبد عبد خلق للعبادة فألهته
العاجلة عن الجلة ) (4فاز بالرغبة العاجلة عن الجلة وشقي بالعاقبة،
بئس العبد عبد تجبر واختال ونسي الكبير المتعال بئس العبد عبد عتى
وبغى ،ونسي الجبار العلى ،بئس العبد عبد له هوى يضله ونفس تذله،
بئس العبد عبد له طمع يقوده إلى طبع - 48 .ما ) :(5عن أحمد بن
عبدون ،عن علي بن محمد بن الزبير ،عن علي بن الحسن بن فضال ،عن
العباس بن عمار ،عن أحمد بن رزق ،عن الفضيل بن يسار
) (1في المصدر " له تخوم وعلى تخومه تخوم " (2) .كذا في المصدر (3) .كذا
والوحى الوحى -مقصورا :-أي البدار البدار ،السرعة السرعة ،العجلة
العجلة ،وشئ وحى :مسرع ،فعيل بمعنى فاعل ومنه موت وحى أي
سريع وذكاة وحية بهاء :سريعة .وتوحى على تفعل :أسرع (4) .أي
شغلته وصرفته حب الدنيا عن الخرة أو الموت (5) .المالى ج 2ص
.287
][136
قال :سمعت أبا جعفر عليه السلم يقول :خرج رسول ال صلى عليه وآله يريد
حاجة فإذا هو بالفضل ابن العباس قال :فقال :احملوا هذا الغلم خلفي،
فاعتنق رسول ال صلى ال عليه وآله من خلفه على الغلم ثم قال :يا
غلم خف ال تجده أمامك ،يا غلم خف ال يكفك ما سواه وإذا سألت
فاسأل ال ،وإذا استعنت فاستعن بال ،ولو أن جميع الخليق اجتمعوا على
أن يصرفوا عنك شيئا قد قدر لك لم يستطيعوا ،ولو أن جميع الخليق
اجتمعوا على أن يصرفوا إليك شيئا لم يقدر لك لم يستطيعوا ،واعلم أن
النصر مع الصبر وأن الفرح مع الكرب ،وأن اليسر مع العسر ،وكل ما هو
آت قريب إن ال يقول ولو أن قلوب عبادي اجتمعت على قلب أشقى عبدلي
ما نقصني ذلك من سلطاني جناح بعوضة ،ولو أن قلوب عبادي اجتمعت
على قلب أسعد عبد لي ما زاد ذلك في سلطاني جناح بعوضة ،ولو أني
أعطيت كل عبد ما سألني ما كان ذلك إل مثل إبرة جاءها عبد من عبادي
فغمسها في البحر وذلك أن عطائي كلم وعدتي كلم وإنما أقول لشئ كن
فيكون - 49 .كتاب المامة والتبصرة ) :(1عن أحمد بن علي ،عن محمد
بن الحسن الصفار ،عن إبراهيم بن هاشم ،عن النوفلي ،عن السكوني ،عن
جعفر بن محمد عن أبيه ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى
ال عليه وآله " :السعيد من وعظ بغيره ".
) (1قال المؤلف -رحمه ال -في المجلد الول ص 7في بيان الصول والكتب
المأخوذ منها " :كتاب المامة والتبصرة من الحيرة للشيخ الجل أبى
الحسن على بن الحسين ابن موسى بن بابويه والد الصدوق -طيب ال
تربتهما -وأصل آخر منه أو من غيره من القدماء المعاصرين له .ويظهر
من بعض القرائن أنه تأليف الشيخ الثقة الجليل هارون بن موسى
التعلكبرى -رحمه ال " -انتهى .أقول :وقال المولى الستاذ الشيخ آغا
بزرگ في الذريعة ج 2ص 342ما حاصله هذا الكتاب لبعض قدماء
الصحاب المعاصرين للشيخ الصدوق ول يمكن أن يكون من تأليفات
على بن بابويه لنه يروى مؤلفه فيه عن أبى محمد هارون بن موسى
التلعكبرى المتوفى سنة 385وأيضا عن أبى المفضل الشيباني المتوفى
سنة .387وعن الحسن بن حمزة العلوى -
][137
* )باب ) * * (7ما جمع من مفردات كلمات الرسول صلى ال عليه وآله( * "
)وجوامع كلمه( " أقول :قد أورد القاضي القضاعي من العامة شطرا من
كلماته صلى ال عليه وآله في كتاب الشهاب ثم جمع بينها وبين كلمات
علي عليه السلم الشيخ أبو السعادات أسعد بن عبد القاهر الصفهاني من
أصحابنا في كتاب مجمع البحرين ومطلع السعادتين أيضا وأوردها أيضا
جماعة اخرى أيضا من الخاصة والعامة في مطاوي الكتب المؤلفة في ذكر
جوامع كلماتهما و كلمات سائر السادة المعصومين كما سيجئ الشارة إليه
في باب ما جمع من جوامع كلم أمير المؤمنين عليه السلم - 1 .ف ):(1
قال النبي صلى ال عليه وآله كفى بالموت واعظا ،وكفى بالتقى غنى،
وكفى بالعبادة شغل ،وكفى بالقيامة موئل ) (2وبال مجازيا - 2 .وقال
صلى ال عليه وآله :خصلتان ليس فوقهما من البر شئ :اليمان بال
والنفع لعباد ال ،وخصلتان ليس فوقهما من الشر شئ الشرك بال والضر
لعباد ال - 3 .وقال له رجل :أوصني بشئ ينفعني ال به ،فقال :أكثر ذكر
الموت
= < وعن سهل بن أحمد الديباجي المتوفى بعد سنة .370وعن أحمد بن على
الراوى عن محمد بن الحسن بن الوليد الذى توفى سنة 343فكيف يكون
من يروى عن هؤلء المشايخ المتأخرين هو والد الصدوق الذى توفى
سنة 329فان رواية المتقدم عصرا عن المتأخر وان وقعت في رواياتنا
لكن المقام ليس منها بشهادة أن الشيخ الصدوق مع اكثاره في الرواية
عن والده في جميع مؤلفاته لم يذكر رواية واحدة عن أحد من هؤلء
المشايخ الذين مر ذكرهم ممن يروى مؤلف المامة والتبصرة عنهم غالبا
فيه (1) .التحف ص (2) .35الموئل :الملجأ من وأل إليه وألو وؤل :إذا
رجع إليه وطلب النجاة منه.
][138
يسلك عن الدنيا ) (1وعليك بالشكر يزيد في النعمة ،وأكثر من الدعاء فانك ل تدري
متى يستجاب لك ،وإياك والبغي فان ال قضى أنه " من بغي عليه
لينصرنه ال " ) (2وقال " :أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم " )(3
وإياك والمكر فان ال قضى " ول يحيق المكر السيئ إل بأهله " )- 4 .(4
وقال صلى ال عليه وآله :ستحرصون على المارة تكون حسرة وندامة،
فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة ) - 5 .(5وقال صلى ال عليه وآله :لن
يفلح قوم أسدوا أمرهم إلى امرأة ) - 6 .(6وقيل له عليه السلم :أي
الصحاب أفضل ؟ قال :إذا ذكرت أعانك ،وإذا نسيت ذكرك - 7 .وقيل :أي
الناس شر ؟ قال صلى ال عليه وآله :العلماء إذا فسدوا - 8 .وقال صلى
ال عليه وآله :أوصاني ربي بتسع :أوصاني بالخلص في السر والعلنية
والعدل في الرضا والغضب ،والقصد في الفقر والغنى ،وأن أعفو عمن
ظلمني ،واعطي
) (1أي ينتزعك منها (2) .مضمونها في سورة الحج (3) .60 :يونس(4) .23 :
فاطر .24 :وقوله " ل يحيق " أي ل يحيط و " ال بأهله " أي بالماكر.
) (5الفطم :القطع وفصل الولد عن الرضاع .ولعل المراد فنعمت المارة
التى أرضعت الناس بلبنها واستفادوا منها .وبئست المارة التى فطمت
الناس عن ارضاعها .ولم يستفادوا منها .وقال في النهاية :ضرب
المرضعة مثل للمارة وما توصله إلى صاحبها من المنافع ،وضرب
الفاطمة مثل للموت الذى يهدم عليه لذاته (6) .في بعض نسخ المصدر "
اسندوا " والمعنى واحد .والمراد بالمر الولية وذلك لنقصها وعجزها
لن الوالى مأمور بالبروز للقيام بشأن الرعية والمرأة عورة ل تصلح
لذلك فل يصح أن تتولى المارة ول القضاء وان ادعت القدرة على ذلك
فنفس تلك الدعاء دليل على عدم قابليتها.
][139
من حرمني ،وأصل من قطعني ،وأن يكون صمتي فكرا ،ومنطقي ذكرا ،ونظري
عبرا ) - 9 .(1وقال صلى ال عليه وآله :قيدوا العلم بالكتاب )- 10 .(2
وقال صلى ال عليه وآله :إذا ساد القوم فاسقهم وكان زعيم القوم أذلهم،
واكرم الرجل الفاسق فلينتظر البلء - 11 .وقال صلى ال عليه وآله:
سرعة المشي يذهب ببهاء المؤمن - 12 .وقال صلى ال عليه وآله :ل
يزول المسروق منه في تهمة من هو بريئ حتى يكون أعظم جرما من
السارق ) - 13 .(3وقال صلى ال عليه وآله :إن ال يحب الجواد في حقه.
- 14وقال صلى ال عليه وآله :إذا كان امراؤكم خياركم وأغنياؤكم
سمحاءكم ) (4وأمركم شورى بينكم فظهر الرض خير لكم من بطنها ،وإذا
كان أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلءكم واموركم إلى نسائكم فبطن
الرض خير لكم من ظهرها - 15 .وقال صلى ال عليه وآله :من أصبح
وأمسى وعنده ثلث فقد تمت عليه النعمة في الدنيا من أصبح وأمسى
معافا في بدنه ،آمنا في سربه ) (5عنده قوت يومه فان كانت عنده
) (1العبر جمع العبرة وهى العتبار والموعظة (2) .قد كره كتابة الحديث جمع في
الصدر الول منهم ابن عباس -رضى ال عنه -واستدلوا بقوله صلى
ال عليه وآله " ل تكتبوا عنى شيئا غير القرآن " كما رواه مسلم لكن
هذه الرواية على فرض صحتها ل تنافي قوله " قيدوا العلم بالكتاب "
لن النهى فيها خاص بوقت نزول القرآن وذلك لخوف أن يشتبه بالقرآن
لنه نزل نجوما ولعل النهى مقدم والذن ناسخ عند أمن اللبس .وبعض
المتأخرين من العامة كره كتابة العلم وعلل بان النسان ربما يتكل عليها
فل يحفظ شيئا في ذهنه ،وهذا التعليل عليل جدا (3) .يعنى من سرق ماله
قد يتهم زيدا وعمرا ومن هو بريئ حتى صار جرمه اعظم من السارق) .
(4السمحاء جمع السامح وهو الجواد (5) .السرب بفتح السين وسكون
الراء والباء الموحدة الوجهة والطريق والطريقة يقال فلن آمن في
سربه أي مطمئن في طريقته ومذهبه وقيل أي في نفسه.
][140
الرابعة فقد تمت عليه النعمة في الدنيا والخرة ،وهو اليمان - 16 .وقال صلى ال
عليه وآله :ارحموا عزيزا ذل وغنيا افتقر ،وعالما ضاع في زمان جهال.
- 17وقال صلى ال عليه وآله :خلتان ) (1كثير من الناس فيهما مفتون
الصحة والفراغ - 18 .وقال صلى ال عليه وآله :جبلت القلوب على حب
من أحسن إليها وبغض من أساء إليها - 19 .وقال صلى ال عليه وآله :إنا
معاشر النبياء امرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم - 20 .وقال صلى ال
عليه وآله :ملعون من ألقى كله على الناس ) - 21 .(2وقال صلى ال عليه
وآله :العبادة سبعة أجزاء ،وأفضلها طلب الحلل - 22 .وقال صلى ال
عليه وآله :إن ال ل يطاع جبرا ،ول يعصى مغلوبا ،ولم يهمل العباد من
المملكة ،ولكنه القادر على ما أقدرهم عليه ،والمالك لما ملكهم إياه فان
العباد إن استمروا ) (3بطاعة ال لم يكن منها مانع ،ول عنها صاد ،وإن
عملوا بمعصية فشاء أن يحول بينهم وبينها فعل ،وليس من ]إن[ شاء أن
يحول بينك وبين شئ ]فعل[ ولم يفعله فأتاه الذي فعله كان هو الذي أدخله
فيه ) - 23 .(4وقال صلى ال عليه وآله لبنه إبراهيم وهو يجود بنفسه:
لول أن الماضي فرط الباقي وأن الخر لحق بالول ) (5لحزنا عليك يا
إبراهيم ،ثم دمعت عينه وقال :تدمع العين ويحزن القلب ول نقول إما ل
يرضى الرب ،وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون.
) (1الخلة -بالفتح -الخصلة (2) .الكل :الثقل والعيال والمؤونة (3) .في بعض
نسخ المصدر " ائتمروا " بدون الشرطية واليتمار المتثال(4) .
توضيح ذلك أن مجرد القدرة على الحيلولة بين العبد وفعله ل يدل على
كونه تعالى فاعله إذ القدرة على المنع غير المنع ول يوجب اسناد الفعل
إليه سبحانه (5) .الفرط -بفتحتين -السابق الوارد من القوم ليهيئ لهم
الدلء والرشاء والحياض ويستقى وهو فعل بمعنى فاعل مثل تبع بمعنى
تابع ومنه قوله صلى ال عليه وآله " أنا فرطكم على الحوض " أي
متقدمكم وسابقكم إليه.
][141
) (1أي الترقب والتهيؤ له بحيث يصدق عليه اسم المنتظر وليس معناه ترك السعي
والعمل لنه ينافى معنى الجهاد (2) .الغبطة :حسن الحال والمسرة
وأصله من غبطه غبطا إذا عظم نعمة في عينه وتمنى مثل حاله من غير
أن يريد زوالها عنه ،ورجل خفيف الحال يعنى قليل المال والحظ من
الدنيا .والصح " خفيف الحاذ " بالذال المعجمة أي خفيف الظهر من
العيال كما ذكره اللغويون لكن في جميع النسخ " الحال " ولعله تصحيف
كما أن في بعض النسخ من المصدر " حفيف الحال " بالحاء المهملة
وهو أيضا بمعنى قليل المال والمعيشة (3) .في بعض النسخ " ذوحظ من
صلح " (4) .والغامض الضعيف والحقير وأصله المبهم والمخفى ،يقال
نسب غامض أي ليعرف وغامضا في الناس يعنى من كان خفيا عنهم ل
يعرف سوى ال تعالى ومغمورا غير مشهور (5) .في المصدر " فصبر
عليه ومات -الخ " والتراث ما تخلفه الرجل لورثته من الميراث وهو
مصدر والتاء فيه بدل من الواو والبواكى جمع باكية ،وقلة بواكيه لقلة
عيالته .ول در من نظم الحديث فقال :أخص الناس باليمان عبد *
خفيف الحاذ مسكنه القفار له في الليل حظ من صلة * ومن صوم إذا
طلع النهار = <
][142
- 29وقال صلى ال عليه وآله :ما أصاب المؤمن من نصب ول وصب ) (1ول
حزن حتى الهم يهمه إل كفر ال به عنه من سيئاته - 30 .وقال صلى ال
عليه وآله :من أكل ما يشتهي ،ولبس ما يشتهي ،وركب ما يشتهي لم
ينظر ال إليه حتى ينزع أو يترك - 31 .وقال صلى ال عليه وآله :مثل
المؤمن كمثل السنبلة تخر مرة وتستقيم مرة ) (2ومثل الكافر مثل الرزة
ل يزال مستقيما ل يشعر .وسئل صلى ال عليه وآله من أشد الناس بلء
في الدنيا فقال :النبيون ثم الماثل فالماثل ويبتلي المؤمن على قدر إيمانه
وحسن عمله ) (3فمن صح إيمانه وحسن عمله اشتد بلؤه ،ومن سخف
إيمانه وضعف عمله قل بلؤه ) - 32 .(4وقال صلى ال عليه وآله :لو
كانت الدنيا تعدل عند ال مثل جناح بعوضة ما أعطى
= < وقوت النفس يأتي من كفاف * وكان له على ذاك اصطبار وفيه عفة وبه
خمول * إليه بالصابع ل يشار فذاك قد نجا من كل شر * ولم تمسسه
يوم البعث نار وقل الباكيات عليه لما * قضى نحبا وليس له يسار )(1
النصب - :محركة -التعب .والوصب -محركة -أيضا المرض والوجع) .
(2السنبلة واحدة السنبل من الزرع ما كان في اعل سوقه .والخر
السقوط من علو إلى سفل .والرز شجر عظيم صلب كشجر الصنوبر.
شجرة آرزة أي ثابتة ولعل المراد به قلب المؤمن والكافر ،فان قلب
المؤمن لرقته يتقلب أحواله مرة يسهل ومرة يصعب ،بخلف قلب الكافر
فانه ل يزال يصعب وهى كالحجارة بل أشد قسوة (3) .البلء ما يختبر
ويمتحن به من خير أو شر وأكثر ما يأتي مطلقا الشر وما اريد به الخير
يأتي مقيدا كما قال تعالى " بلء حسنا " وأصله المحسنة وال تعالى
يبتلى عبده بالصنع الجميل ليمتحن شكره وبما يكره ليمتحن به صبره.
وفى النهاية " فيه أشد الناس بلء النبياء ثم المثل فالمثل " أي
الشرف فالشرف والعلى فالعلى في الرتبة والمنزلة .والماثل جمع
المثل .وأماثل القوم خيارهم " انتهى (4) .سخف -كقرب -نقص
وضعف.
][143
كافرا ول منافقا منها شيئا - 33 .وقال صلى ال عليه وآله :الدنيا دول ) (1فما كان
لك أتاك على ضعفك وما كان منها عليك لم تدفعه بقوتك ،ومن انقطع
رجاءه مما فات استراح بدنه ،ومن رضي بما قسمه ال قرت عينه- 34 .
وقال صلى ال عليه وآله :إنه وال ما من عمل يقربكم من النار إل وقد
نبأتكم به ونهيتكم عنه ،وما من عمل يقربكم إلى الجنة إل وقد نبأتكم به
وأمرتكم ) (2به فان الروح المين نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى
تستكمل رزقها فأجملوا في الطلب ول يحملنكم استبطاء شئ من الرزق أن
يطلبوا ما عند ال بمعاصيه ،فانه ل ينال ما عند ال إل بطاعته )- 35 .(3
وقال صلى ال عليه وآله :صوتان يبغضهما ال إعوال عند مصيبة،
ومزمار عند نعمة ) - 36 .(4وقال صلى ال عليه وآله :علمة رضى ال
عن خلقه رخص أسعارهم وعدل سلطانهم،
) (1الدول :جمع الدولة وهى ما يتداول من المال والغلبة .والدنيا دول يعنى لثبات
لها ول قرار ،بل تتغير فتكون مرة لهذا ومرة لذاك (2) .منقول في الكافي
ج 74 - 2بلفظ أفصح (3) .النفث :اللقاء واللهام .والروع بالفتح
فالسكون :الفزع وبالضم موضع الفزع أعنى القلب فالمعنى في الحقيقة
واحد ال أن الروع بالفتح اسم للحدث أي الفزع وبالضم اسم للذات أي
القلب المفزع .وروح المين لقب جبرئيل عليه السلم لنه يوحى وينفث
في القلب المفزع فيطمئنه ويأمنه من الفزع والضطراب .ويستفاد منه
أن النسان وان بلغ أقصى مراتب الكمال وقد يعرض عليه ما يفزعه.
وقيل :أول موضع قال فيه رسول ال صلى ال عليه وآله ذلك كان في
احدى غزواته لما رأى أصحابه يسرعون إلى جمع الغنائم قال صلى ال
عليه وآله ذلك .والجمال في الطلب ترك المبالغة فيه (4) .العول والعولة
بالفتح فالسكون والعوال :رفع الصوت بالبكاء .والمزمار :ما يترنم به
من الناشيد .واللة التى يزمر فيها.
][144
وعلمة غضب ال على خلقه جور سلطانهم وغلء أسعارهم ) - 37 .(1وقال صلى
ال عليه وآله :أربع من كن فيه كان في نور ال العظم :من كان عصمة
أمره شهادة أن ل إله إل ال وإني رسول ال ،ومن إذا أصابته مصيبة قال:
إنا ل وإنا إليه راجعون ،ومن إذا أصاب خيرا قال :الحمد ل ومن إذا
أصاب خطيئة قال :أستغفر ال وأتوب إليه - 38 .وقال صلى ال عليه
وآله :من أعطى أربعا لم يحرم أربعا :من اعطى الستغفار لم يحرم المغفرة
ومن اعطى الشكر لم يحرم الزيادة ،ومن اعطى التوبة لم يحرم القبول ،و
من اعطى الدعاء لم يحرم الجابة - 39 .وقال صلى ال عليه وآله :العلم
خزائن ومفاتيحه السؤال فاسألوا رحمكم ال فانه يوجر أربعة :السائل،
والمتكلم ،والمستمع ،والمحب لهم - 40 .وقال صلى ال عليه وآله :سائلوا
العلماء ،وخاطبوا الحكماء ،وجالسوا الفقراء - 41 .وقال صلى ال عليه
وآله :فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة .وأفضل دينكم الورع- 42 .
وقال صلى ال عليه وآله :من أفتى الناس بغير علم لعنه ملئكة السماء
والرض - 43 .وقال صلى ال عليه وآله :إن عظيم البلء يكافئ به عظيم
الجزاء ،فإذا أحب ال عبدا ابتله فمن رضي قلبه فله عند ال الرضى،
ومن سخط فله السخط ) - 44 .(2وأتاه رجل فقال :يا رسول ال أوصني
فقال :ل تشرك بال شيئا وإن حرقت بالنار وإن عذبت وإل وقلبك مطمئن
باليمان ،ووالديك فأطعمهما و
) (1الرخص :ضد الغلء وأصله السهل واليسر .والسعار جمع السعر -بالكسر -
وهو الثمن " (2) .يكافئ به " على بناء المفعول أي يجازى أو يساوى.
في القاموس :كافاه مكافأة وكفاء :جازاه ،وفلنا ماثله ووافيه " .فإذا
أحب ال عبدا " أي أراد أن يوصل الجزاء العظيم إليه ويرضى عنه
ووجده أهل لذلك ابتله بعظيم البلء من المراض الجسمانية والمكاره
الروحانية.
][145
برهما حيين أو ميتين ،فان أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل فان ذلك من
اليمان ،والصلة المفروضة فل تدعها متعمدا فانه من ترك صلة فريضة
متعمدا فان ذمة ال منه بريئة ،وإياك وشرب الخمر وكل مسكر فانهما
مفتاحا كل شر - 45وأتاه رجل من بني تميم يقال له أبو أمية فقال له :إلى
ما تدعو الناس يا محمد ؟ فقال له رسول ال صلى ال عليه وآله :أدعو
إلى ال على بصيرة أنا ومن اتبعني ،وأدعو لى من إذا أصابك ضر فدعوته
كشفه عنك وإن استعنت به وأنت مكروب أعانك ،وإن سألته وأنت مقل
أغناك ،فقال :أوصني يا محمد ،فقال :ل تغضب ،قال :زدني ،قال :ارض
من الناس بما ترضى لهم به من نفسك ،فقال زدني ،فقال :ل تسب الناس
فتكتسب العداوة منهم ،قال :زدني ،قال :ل تزهد في المعروف عند أهله،
قال :زدني ،قال :تحب الناس يحبوك ؟ ؟ وألق أخاك بوجه منبسط ،ول
تضجر فيمنعك الضجر ]حظك[ من الخرة والدنيا .واتزر إلى نصف الساق،
وإياك وإسبال الزار ) (1والقميص فان ذلك من المخيلة وال ل يحب
المخيلة - 46 .وقال صلى ال عليه وآله :إن ال يبغض الشيخ الزان
والغني الظلوم والفقير المختال والسائل الملحف ،ويحبط أجر المعطي
المنان ،ويمقت البذخ الجري الكذاب ) - 47 .(2وقال صلى ال عليه وآله:
من تفاقر افتقر - 48 .وقال صلى ال عليه وآله :مدارة الناس نصف
اليمان ،والرفق بهم نصف العيش - 49 .وقال صلى ال عليه وآله :رأس
العقل بعد اليمان بال مداراة الناس في غير ترك حق ومن سعادة المرء
خفة لحيته - 50 .وقال صلى ال عليه وآله :ما نهيت عن شئ بعد عبادة
الوثان ما نهيت عن ملحاة الرجال ).(3
) (1يقال :أسبل ازاره إذا أرخاه وأسدله .والمخيلة :الكبر (2) .المختال :المتكبر.
والملحف :الملح في السؤال .والبذخ :الفخر والكبر .والجرى على وزن
فعيل من جرأ -ككرم -جراءة وجرأة فهو جرى .والمعنى ل يبالى ما قال
أو ما قيل فيه (3) .الملحاة :المنازعة والمخاصمة والمجادلة .ومنه "
من لحاك فقد عاداك ".
][146
- 51وقال صلى ال عليه وآله :ليس منا من غش مسلما أو ضره أو ماكره- 52 .
وقام صلى ال عليه وآله في مسجد الخيف فقال :نضر ال عبدا سمع
مقالتي فوعاها وبلغها من لم يسمعها ،فرب حامل فقه إلى من هو أفقه،
رب حامل فقه إلى غير فقيه ،ثلث ل يغل عليهن قلب امرء مسلم )(1
إخلص العمل ل ،والنصيحة لئمة المسلمين ،ولزوم جماعتهم ،المؤمنون
إخوة تتكافأ دماؤهم ،وهم يد على من سواهم يسعي بذمتهم أدناهم ).(2
- 53وقال صلى ال عليه وآله :إذا بايع المسلم الذمي فليقل " اللهم خر
لي وله " ) - 54 .(3وقال صلى ال عليه وآله :رحم ال عبدا قال خيرا
فغنم أو سكت عن سوء فسلم - 55 .وقال صلى ال عليه وآله :ثلث من
كن فيه استكمل خصال اليمان الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل،
وإذا غضب لم يخرجه الغضب من الحق ،وإذا قدر لم يتعاط ما ليس له ).(4
- 56وقال صلى ال عليه وآله :من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين
) - 57 .(5وقال صلى ال عليه وآله :قراءة القرآن في صلة أفضل من
قراءة القرآن في غير صلة وذكر ال أفضل من الصدقة والصدقة أفضل
من الصوم والصوم حسنة ،ثم قال :ل قول إل بعمل ،ول قول ول عمل إل
بنية ،ول قول ول عمل ول نية إل باصابة السنة.
) (1الغل -بالكسر -الحقد ،والغل -بالضم -طوق من حديد يجعل في العنق .وغل
غلول من باب قعد خان في المغنم (2) .تقدم معناه (3) .يقال :خرلى
واخترلى أي اجعل أمرى خيرا وألهمنى فعله واختر لى الصلح) .مجمع
البحرين( (4) .لم يتعاط أي لم يأخذ ولم يتناول ،وهذا الحديث أيضا مروى
في الكافي في باب المؤمن وصفاته -ج 2ص (5) .- 239أي من توجه
عليه التعزير فعلى الحاكم أن ل يبلغ به الحد ،بل ينقص على أقل حدود
المعزر فإذا بلغ به الحد فهو من المعتدين وفى بعض نسخ المصدر "
غير حق " والظاهر أنه تصحيف.
][147
- 58وقال صلى ال عليه وآله :الناة من ال والعجلة من الشيطان )- 59 .(1
وقال صلى ال عليه وآله :إن من تعلم العلم ليماري به السفهاء ) (2أو
يباهي به العلماء أو يصرف وجوه الناس إليه ليعظموه فليتبوأ مقعده من
النار ،فان الرئاسة ل تصلح إل ل ولهلها ،ومن وضع نفسه في غير
الموضع الذي وضعه ال فيه مقته ال ،ومن دعا إلى نفسه فقال :أنا
رئيسكم ) (3وليس هو كذلك لم ينظر ال إليه حتى يرجع عما قال ،ويتوب
إلى ال مما ادعى - 60 .وقال صلى ال عليه وآله :قال عيسى بن مريم
للحواريين :تحببوا إلى ال وتقربوا إليه ،قالوا :يا روح ال بماذا نتحبب
إلى ال ونتقرب ؟ قال :ببغض أهل المعاصي والتمسوا رضى ال بسخطهم
قالوا :يا روح ال فمن نجالس إذا ؟ قال :من يذكركم ال رؤيته ،ويزيد في
عملكم منطقه ،ويرغبكم في الخرة عمله - 61 .وقال صلى ال عليه وآله:
أبعدكم بي شبها البخيل البذي الفاحش ) - 62 .(4وقال صلى ال عليه
وآله :سوء الخلق شؤم - 63 .وقال صلى ال عليه وآله :إذا رأيتم الرجل ل
يبالي ما قال أو ما قيل فيه فانه لبغية أو شيطان ) - 64 .(5وقال صلى ال
عليه وآله :إن ال حرم الجنة على كل فاحش بذي ،قليل الحياء
) (1الناة -كقناة :-الوقار والحلم (2) .أي ليجادل ويخاصم ،من المراء (3) .في
بعض نسخ المصدر " أنا وليكم " (4) .البذى على فعيل :الذى تكلم
بالفحش .والبذاء :الكلم القبيح (5) .في بعض نسخ المصدر " لبغى ".
وفى بعض الكتب " لغية " واللم للملكية المجازية وهى بكسر المعجمة
وتشديد الياء المفتوحة المثناة من تحت :الضلل ،يقال :انه ولدغية أي
ولد زنا ،والغيى كالغنى :الدنى الساقط عن العتبار .ولعل ما في المتن
تصحيف هنا و ما يأتي.
][148
ل يبالي ما قال وما قيل فيه ،أما إنه إن تنسبه ) (1لم تجده إل لبغي أو شرك شيطان
قيل :يا رسول ال وفي الناس شياطين ؟ قال :نعم أوما تقرء قول ال" :
وشاركهم في الموال والولد " ) - 65 .(2وقال صلى ال عليه وآله :من
تنفعه ينفعك ،ومن ل يعد الصبر لنوائب الدهر يعجز ومن قرض الناس
قرضوه ،ومن تركهم لم يتركوه ) (3قيل :فأصنع ماذا يا رسول ال ؟ قال:
أقرضهم من عرضك ليوم فقرك ) - 66 .(4وقال صلى ال عليه وآله :أل
أدلكم على خير أخلق الدنيا والخرة :تصل من قطعك وتعطي من حرمك،
وتعفو عمن ظلمك - 67 .وخرج صلى ال عليه وآله يوما وقوم يدحون
حجرا فقال :أشدكم من ملك نفسه عند الغضب وأحملكم من عفا بعد
المقدرة ) - 68 .(5وقال صلى ال عليه وآله :قال ال :هذا دين أرتضيه
لنفسي ولن يصلحه إل السخاء وحسن الخلق فأكرموه بهما ما صحبتموه.
- 69وقال صلى ال عليه وآله :أفضلكم إيمانا أحسنكم أخلقا - 70 .وقال
صلى ال عليه وآله :حسن الخلق يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم ،فقيل
له :ما أفضل ما أعطى العبد قال :حسن الخلق - 71 .وقال صلى ال عليه
وآله :حسن الخلق يثبت المودة - 72 .وقال صلى ال عليه وآله :حسن
البشر يذهب بالسخيمة ).(6
) (1في بعض نسخ المصدر " ان تبينه " (2) .سورة السراء آية (3) .66قرض
فلنا :مدحه أو ذمه .وأقرضه أي أعطاه قرضا (4) .العرض بالفتح:
المتاع يقال :اشتريت المتاع بعرض أي بمتاع مثله (5) .يقال :دحى
الحجر بيده أي رمى به .وفى بعض نسخ المصدر " يدحرجون ".
وأحمله أي أعانه ويمكن أن يقرء " أحلمكم " بتقديم اللم(6) .
السخيمة :الضغينة والحقد الموجدة في النفس من السخمة وهى السواد.
][149
- 73وقال صلى ال عليه وآله :خياركم أحسنكم أخلقا الذين يألفون ويؤلفون74 .
-وقال صلى ال عليه وآله :اليدي ثلثة سائلة ومنفقة وممسكة ،وخير
اليدي المنفقة - 75 .وقال صلى ال عليه وآله :الحياء حياءان حياء عقل
وحياء حمق ،فحياء العقل العلم ،وحياء الحمق الجهل - 76 .وقال صلى
ال عليه وآله :من ألقى جلباب الحياء ل غيبة له - 77 .وقال صلى ال
عليه وآله :من كان يؤمن بال واليوم الخر فليف إذا وعد - 78 .وقال
صلى ال عليه وآله :المانة تجلب الرزق ،والخيانة تجلب الفقر- 79 .
وقال صلى ال عليه وآله :نظر الولد إلى والديه حبا لهما عبادة- 80 .
وقال صلى ال عليه وآله :جهد البلء أن يقدم الرجل فتضرب رقبته صبرا
) (1والسير ما دام في وثاق العدو ،والرجل يجد على بطن امرأته رجل.
- 81وقال صلى ال عليه وآله :العلم خدين المؤمن ،والحلم وزيره،
والعقل دليله ،والصبر أمير جنوده ،والرفق والده ،والبر أخوه ،والنسب
آدم ،والحسب التقوى ،والمروة إصلح المال ) - 82 .(2وجاءه رجل بلبن
وعسل ليشربه فقال صلى ال عليه وآله :شرابان يكتفى بأحدهما عن
صاحبه ،أشربه ول احرمه ولكني أتواضع ل ،فانه من تواضع ل رفعه ال
ومن تكبر يضعه ال ،ومن اقتصد في معيشته رزقه ال ،ومن بذر حرمه
ال ) (3ومن أكثر ذكر ال آجره ال.
) (1الجهد :المشقة والصبر أصله الحبس .يقال :قتل صبرا أي حبس على القتل أو
قتل مكتوفا مغلول ل يمكنه أن يدافع (2) .الخدين .الصديق والرفيق من
خادنه أي صادقه وصاحبه .يعنى ان من نسبه ينتهى إلى آدم وآدم من
طين ،فل يفتخر به .والمروة أصله المروءة فتقلب الهمزة واوا وتدغم
والمعنى كمال الرجولية .ونقل عن الشهيد )ره( في الدروس أنه قال" :
المروءة تنزيه النفس عن الدناءة التى ل يليق بها " (3) .بذر من التبذير
وهو تفريق المال في غير القصد.
][150
- 83وقال صلى ال عليه وآله :أقربكم مني غدا في الموقف أصدقكم للحديث،
وآداكم للمانة ،وأوفاكم بالعهد ،وأحسنكم خلقا ،وأقربكم من الناس- 84 .
وقال صلى ال عليه وآله :إذا مدح الفاجر اهتز العرش وغضب الرب85 .
-وقال له رجل :ما الحزم ؟ قال صلى ال عليه وآله :تشاور امرءا ذا رأي
ثم تطيعه - 86 .وقال صلى ال عليه وآله :يوما أيها الناس ما الرقوب فيكم
؟ قالوا :الرجل يموت و لم يترك ولدا ) (1فقال :بل الرقوب حق الرقوب
رجل مات ولم يقدم من ولده أحدا يحتسبه عند ال وإن كانوا كثيرا بعده ،ثم
قال :ما الصعلوك فيكم ؟ قالوا :الرجل الذي ل مال له ،فقال :بل الصعلوك
حق الصعلوك من لم يقدم من ماله شيئا يحتسبه عند ال وإن كان كثيرا من
بعده ،ثم قال :ما الصرعة فيكم ؟ قالوا :الشديد القوي الذي ل يوضع جنبه،
فقال :بل الصرعة حق الصرعة رجل وكز الشيطان في قلبه ،واشتد غضبه
وظهر دمه ،ثم ذكر ال فصرع بحلمه غضبه - 87 .وقال صلى ال عليه
وآله :من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح - 88 .وقال
صلى ال عليه وآله :الجلوس في المسجد انتظارا للصلة عبادة ما لم
يحدث ،قيل :يارسول ال وما يحدث ؟ قال صلى ال عليه وآله :الغتياب.
- 89وقال صلى ال عليه وآله :الصائم في عبادة وإن كان نائما على
فراشه ما لم يغتب مسلما - 90 .وقال صلى ال عليه وآله :من أذاع فاحشة
) (2كان كمبدئها ،ومن عير مؤمنا بشئ لم يمت حتى يركبه - 91 .وقال
صلى ال عليه وآله :ثلثة وإن لم تظلمهم ظلموك :السفلة وزوجتك
وخادمك ).(3
) (1الرقوب وزان رسول الذى يراقب ،من الرقبة بمعنى النتظار والمرأة التى
تراقب موت زوجها أو ولدها فترثه .والصعلوك :الفقير .والصرعة بضم
الول وفتح الثاني والثالث :الذى يصرع الناس وبالغ في الصرع ،من
صرعه أي طرحه على الرض .والوكز :الركز .يقال :وكزه في الرض
أي ركزه وغرزه فيه (2) .الذاعة :النتشار (3) .أي ولو لم تظلمهم أنت
لكن ظلموك لدناءة أخلقهم ونقصان عقولهم.
][151
- 92وقال صلى ال عليه وآله :أربع من علمات الشقاء جمود العين ،وقسوة
القلب ،وشدة الحرص في طلب الدنيا ،والصرار على الذنب - 93 .وقال له
رجل :أوصني فقال صلى ال عليه وآله :ل تغضب ثم أعاد عليه فقال :ل
تغضب ثم قال :ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند
الغضب - 94 .وقال صلى ال عليه وآله :إن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم
أخلقا - 95 .وقال صلى ال عليه وآله :ما كان الرفق في شئ إل زانه ،ول
كان الخرق في شئ إل شانه ) - 96 .(1وقال صلى ال عليه وآله :الكسوة
تظهر الغنى والحسان إلى الخادم يكبت العدو - 97 .وقال صلى ال عليه
وآله :امرت بمداراة الناس كما امرت بتبليغ الرسالة - 98 .وقال صلى ال
عليه وآله :استعينوا على اموركم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود- 99 .
وقال صلى ال عليه وآله :اليمان نصفان نصف في الصبر ونصف في
الشكر - 100 .وقال صلى ال عليه وآله :حسن العهد من اليمان- 101 .
وقال صلى ال عليه وآله :الكل في السوق دناءة - 102 .وقال صلى ال
عليه وآله :الحوائج إلى ال ]و[ أسبابها فاطلبوها إلى ال بهم فمن
أعطاكموها فخذوها عن ال بصبر - 103 .وقال صلى ال عليه وآله :عجبا
للمؤمن ل يقضي ال عليه قضاء إل كان خيرا له سره أو ساءه ،إن ابتله
كان كفارة لذنبة ،وإن أعطاه وأكرمه كان قد حباه ) - 104 .(2وقال صلى
ال عليه وآله :من أصبح وأمسى والخرة أكبر همه جعل ال الغنى في
قلبه ،وجمع له أمره ،ولم يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه ،ومن أصبح
وأمسى
) (1الخرق بضم الخاء المعجمة :ضد الرفق .وفى الحديث " الخرق شؤم والرفق
يمن " من خرقه خرقا من باب تعب إذا فعله فلم يرفق به فهو أخرق
والنثى خرقاء والسم ،الخرق بالضم فالسكون (2) .حباه أي اعطاه.
][152
والدنيا أكبر همه جعل ال الفقر بين عينيه ،وشتت عليه أمره ،ولم ينل من الدنيا إل
ما قسم له - 105 .وقال لرجل سأله عن جماعة امته فقال :جماعة امتي
أهل الحق وإن قلوا ) - 106 .(1وقال صلى ال عليه وآله :من وعده ال
على عمل ثوابا فهو منجز له ،ومن أوعده على عمل عقابا فهو فيه
بالخيار - 107 .وقال صلى ال عليه وآله :أل اخبركم بأشبهكم بي أخلقا ؟
قالوا :بلى يا رسول ال فقال :أحسنكم أخلقا ،وأعظمكم حلما ،وأبركم
بقرابته ،وأشدكم إنصافا من نفسه في الغضب والرضا - 108 .وقال صلى
ال عليه وآله :الطاعم الشاكر أفضل من الصائم الصامت )- 109 .(2
وقال :ود المؤمن في ال من أعظم شعب اليمان ،ومن أحب في ال و
أبغض في ال وأعطى في ال ومنع في ال فهو من أصفياء ال- 110 .
وقال صلى ال عليه وآله :أحب عباد ال إلى ال جل جلله أنفعهم لعباده
وأقومهم بحقه ،الذين يحبب المعروف وفعاله - 111 .وقال صلى ال عليه
وآله :من أتى إليكم معروفا فكافئوه ) (3وإن لم تجدوا فأثنوا فان الثناء
جزاء - 112 .وقال صلى ال عليه وآله :من حرم الرفق فقد حرم الخير
كله - 113 .وقال صلى ال عليه وآله :ل تمار أخاك ) (4ول تمازحه ،ول
تعده فتخلفه - 114 .وقال صلى ال عليه وآله :الحرمات التي تلزم كل
مؤمن رعايتها والوفاء بها حرمة الدين ،وحرمة الدب ،وحرمة الطعام.
) (1السؤال عن كمية الجماعة (2) .يقال :رجل طاعم أي حسن الحال في المطعم.
والمراد به هنا المفطر (3) .فكافئوه أي جازوه من كافأ الرجل مكافأة
بمعنى جازاه (4) .المراء :الجدال.
][153
- 115وقال صلى ال عليه وآله :المؤمن دعب لعب ،والمنافق قطب وغضب ).(1
- 116وقال صلى ال عليه وآله :نعم العون على تقوى ال الغنى- 117 .
وقال صلى ال عليه وآله :أعجل الشر عقوبة البغي - 118 .وقال صلى ال
عليه وآله :الهدية على ثلثة وجوه :هدية المكافأة ،وهدية ،مصانعة،
وهدية ل - 119 .وقال صلى ال عليه وآله :طوبى لمن ترك شهوة
حاضرة لموعود لم يره - 120 .وقال صلى ال عليه وآله :من عد غدا من
أجله ) (2فقد أساء صحبة الموت - 121 .وقال صلى ال عليه وآله :كيف
بكم إذا فسد نساؤكم ،وفسق شبانكم ) (3ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا
عن المنكر ،قيل له :ويكون ذلك يا رسول ال قال :نعم وشر من ذلك وكيف
بكم إذا امرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر ،قيل :يا رسول ال ويكون
ذلك ؟ قال :نعم وشر من ذلك ،وكيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر
معروفا - 122 .وقال صلى ال عليه وآله :إذا تطيرت فامض ،وإذا ظننت
فل تقض ،وإذا حسدت فل تبغ - 123 .وقال صلى ال عليه وآله :رفع عن
امتي تسع الخطاء والنسيان ) (4وما اكرهوا عليه
) (1الدعب -ككتف -اللعب والممازح .والقطب ايضا -ككتف -العبوس والذى
زوى ما بين عينيه وكلح (2) .من أجله أي من عمره (3) .في بعض
نسخ المصدر " شبابكم " وفى اللغة :الشباب بالفتح والتخفيف والشبان
بالضم والتشديد :جمع الشاب (4) .قيل الخطأ والنسيان مرفوع اثمهما ل
حكمهما إذ حكمهما من الضمان ل يرتفع .وقوله " وما اكرهوا عليه "
يستثنى منه القتل ،وفيه نظر ،والمسألة معنونة في كتب اصول الفقه
مبحث أصل البراءة مشروحة .والطيرة بكسر الطاء ،وفتح الياء
وسكونها :-ما يتشأم به من الفأل الردى .اصله من الطير ،لن اكثر تشأم
العرب كان به خصوصا الغراب وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم فنفاه
الشرع حتى روى ان الطيرة شرك وانما يذهبه التوكل = <
][154
وما ل يعلمون وما ل يطيقون ،وما اضطر وا إليه ،والحسد ،والطيرة ،والتفكر في
الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة ول لسان - 124 .وقال صلى ال
عليه وآله :ل يحزن أحدكم أن ترفع عنه الرؤيا فانه إذا رسخ في العلم
رفعت عنه الرؤيا - 125 .وقال صلى ال عليه وآله :صنفان من امتي إذا
صلحا صلحت امتي وإذا فسدا فسدت امتي قيل :يا رسول ال ومن هم ؟
قال :الفقهاء والمراء - 126 .وقال صلى ال عليه وآله :أكمل الناس عقل
أخوفهم ل وأطوعهم له ،وأنقص الناس عقل أخوفهم للسلطان وأطوعهم
له.
= < والمراد برفع المؤاخذة عن الحسد هو ما لم يظهره الحاسد كما ورد في
الخبار " ان المؤمن ل يظهر الحسد " ،فالظاهر ان جملة " ما لم ينطق
بشفة ول لسان " قيد للثلثة الخيرة ويؤيده ما في الكافي ج 2ص 463
" قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله " :وضع عن امتى تسع
خصال :الخطاء والنسيان وما ل يعلمون وما ل يطيقون وما اضطروا إليه
وما استكرهوا عليه والطيرة والوسوسة في التفكر في الخلق والحسد ما
لم يظهر بلسان أو يد " .ويحتمل ان يكون المراد بالتفكر في الوسوسة
التفكر فيما يوسوس الشيطان في النفس من أحوال المخلوقين وسوء
الظن به في أعمالهم وأحوالهم .ويمكن أن يكون فيه تقديم وتأخير من
النساخ والصحيح " :والوسوسة في التفكر في الخلق " كما في الكافي
وكما قيل " :وسوسة الشيطان للنسان عند تفكره في أمر الخلقة "
وروى " ثلث لم يسلم منها أحد :الطيرة والحسد والظن " .الخبر "
وأعلم ان هذه الموارد لبد ان تكون في صورة التى ل يستقل العقل
بقبحها كما إذا كان مقدماتها حصلت بيد المكلف وتكون من قبله ،حتى
تكون رفعها منة على المة .ونظيرها قوله تعالى في آخر سورة البقرة "
ربنا ل تؤاخذنا ان نسينا أو اخطأنا ربنا ول تحمل علينا اصرا كما حملته
على الذين من قبلنا ربنا ول تحملنا ما ل طاقة لنا به -الية " وتفصيلها
تطلب في مبحث اصل البراءة من كتب اصول الفقه.
][155
- 127وقال صلى ال عليه وآله :ثلثة مجالستهم تميت القلب :الجلوس مع النذال
) (1والحديث مع النساء ،والجلوس مع الغنياء - 128 .وقال صلى ال
عليه وآله :إذا غضب ال على امة لم ينزل العذاب عليهم غلت أسعارها و
قصرت أعمارها ،ولم تربح تجارتها ،ولم تزك ثمارها ،ولم تغزر أنهارها )
(2وحبس عنها أمطارها ،وسلط عليها أشرارها - 129 .وقال صلى ال
عليه وآله :إذا كثر الزنى بعدي كثر موت الفجأة ) (3وإذا طفف المكيال
أخذهم ال بالسنين والنقص ،وإذا منعوا الزكاة منعت الرض بركاتها من
الزرع والثمار والمعادن ،وإذا جاروا في الحكم تعاونوا على الظلم
والعدوان ،وإذا نقضوا العهود سلط ال عليهم عدوهم ،وإذا قطعوا الرحام
جعلت الموال في أيدي الشرار وإذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن
المنكر ولم يتبعوا الخيار من أهل بيتي سلط ال عليهم أشرارهم فيدعوا
عند ذلك خيارهم فل يستجاب لهم - 130 .ولما نزلت عليه " ول تمدن
عينيك إلى ما متعنا به ،أزواجا منهم زهرة -إلى آخر الية " ) (4قال :من
لم يتعز بعزاء ال انقطعت نفسه حسرات على
) (1النذال -جمع النذل .والنذل :الخسيس والمحتقر في جميع احواله .وفى بعض
النسخ هكذا " قال صلى ال عليه وآله :ثلثة مجالستهم تميت القلب:
الجلوس مع الغنياء والجلوس مع النذال ،والحديث مع النساء ".
ورواه الكليني في الكافي ج 2ص - 141كما في المتن (2) .غزر الماء
-بالضم -أي كثر (3) .الفجأة مصدر أي ما فاجأك يعنى ما جاءك بغتة
من غير أن تشعر به .الطفيف :النقصان والقليل والخسيس .والسنين:
الجدب والقحط وقلة المطار والمياه .والمراد بالنقص نقص ريع الرض
من الحبوب والثمرات قال ال تعالى في سورة العراف " 127 -ولقد
اخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون "(4) .
سورة طه.131 :
][156
الدنيا ) (1ومن مد عينيه إلى ما في أيدي الناس من دنياهم طال حزنه ،ومن سخط
ما قسم ال له من رزقه وتنغص عليه عيشه ) (2ولم ير أن ل عليه نعمة
إل في مطعم أو مشرب فقد جهل وكفر نعم ال وضل سعيه ،ودنا منه
عذابه - 131 .وقال صلى ال عليه وآله :ل يدخل الجنة إل من كان مسلما.
فقال أبو ذر :يارسول ال وما السلم ؟ فقال :السلم عريان ولباسه
التقوى وشعاره الهدى ) (3ودثاره الحياء ،وملكه الورع ،وكماله الدين،
وثمرته العمل الصالح ،ولكل شئ أساس وأساس السلم حبنا أهل البيت )
- 132 .(4وقال صلى ال عليه وآله :من طلب رضى مخلوق بسخط
الخالق سلط ال عزوجل عليه ذلك المخلوق - 133 .وقال صلى ال عليه
وآله :إن ال خلق عبيدا من خلقه لحوائج الناس يرغبون في المعروف
ويعدون الجود مجدا وال يحب مكارم الخلق.
) (1المراد ان من لم يصبر ولم يتسل نفسه بما عند ال من الجور والدرجات
الرفيعة وغير ذلك انقطعت نفسه حسرة على الدنيا وما فيها (2) .يقال:
تنغص عليه عيشه أي تكدر .وانغص :منع نصيبه ،من نغص أي لم يتم
له مراده وعيشه (3) .الشعار -بالكسر :-ما يلى شعر الجسد .والدثار -
بالكسر -ما يتدثر به النسان من كساء أو غيره فالشعار تحت الدثار
والدثار فوق الشعار .والهدى -بالضم :-الرشاد (4) .يعنى بيت النبوة
وذلك لطهارة نفوسهم وحياتهم ،قال ال عزوجل في سورة الحزاب "
انما يريد ال ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا " .ذلك
البيت أسسه ال تعالى وجعل اهله طاهرا مطهرا معصوما معيارا ليكونوا
الميزان والمقتدى لمجتمع العالم السلمي فيجب على المسلمين حبهم
والقتداء بهم حتى ينالوا السعادة والكمال في الدنيا والخرة ول يبعد
شمولها لغيرهم ممن اتصفوا بصفاتهم واخلقهم على حسب درجات
ايمانهم كقول رسول ال صلى ال عليه وآله لسلمان الفارسى " :سلمان
منا اهل البيت " .قال ال العزيز في سورة ابراهيم نقل عن قوله " :فمن
تبعني فانه منى ".
][157
- 134وقال صلى ال عليه وآله :إن ل عبادا يفزع إليهم الناس في حوائجهم
اولئك هم المنون من عذاب ال يوم القيامة - 135 .وقال صلى ال عليه
وآله :إن المؤمن يأخذ بأدب ال إذا أوسع ال عليه اتسع وإذا أمسك عنه
أمسك - 136 .وقال :يأتي على الناس زمان ل يبالي الرجل ما تلف من
دينه إذا سلمت له دنياه - 137 .وقال صلى ال عليه وآله :إن ال جبل
قلوب عباده على حب من أحسن إليها و بغض من أساء إليها - 138 .وقال
صلى ال عليه وآله :إذا فعلت امتي خمس عشرة خصلة حل بها البلء،
قيل :يارسول ال ماهن ؟ قال :إذا أخذوا المغنم دول ) ،(1والمانة مغنما،
و الزكاة مغرما ،وأطاع الرجل زوجته ،وعق امه ،وبر صديقه ،وجفا أباه،
و ارتفعت الصوات في المساجد ،واكرم الرجل مخافة شره ،وكان زعيم
القوم أرذلهم وإذا لبس الحرير ،وشربت الخمر ،واتخذ القيان والمعازف )
(2ولعن آخر هذه المة أولها فليرقبوا بعد ذلك ثلث خصال :ريحا حمراء،
ومسخا ،وفسخا - 139 .وقال صلى ال عليه وآله :الدنيا سجن المؤمن
وجنة الكافر - 140 .وقال صلى ال عليه وآله :يأتي على الناس زمان
يكون الناس فيه ذئابا فمن لم يكن ذئبا أكلته الذئاب - 141 .وقال صلى ال
عليه وآله :أقل ما يكون في آخر الزمان أخ يوثق به أو درهم من حلل )
.(3
) (1في بعض النسخ " إذا اكلوا " والمغنم الغنيمة .والدول جمع دولة وهو ما
يتداول فيكون مرة لهذا ومرة لذاك ،فتطلق على المال (2) .القيان -جمع
القينة :-المغنية ؟ .والمعازف جمع معزف :وهى من آلت الطرب
كالطنبور والعود ونحوه من عزف بمعنى صوت وغنى (3) .أي ل يكون
في آخر الزمان شئ اقل منهما.
][158
- 142وقال صلى ال عليه وآله :احترسوا من الناس بسوء الظن )- 143 .(1
وقال صلى ال عليه وآله :إنما يدرك الخير كله بالعقل ول دين لمن ل عقل
له - 144 .وأثنى قوم بحضرته على رجل حتى ذكروا جميع خصال الخير،
فقال رسول ال صلى ال عليه وآله :كيف عقل الرجل ؟ فقالوا يارسول ال
نخبرك عنه باجتهاده في العبادة وأصناف الخير تسألنا ) (2عن عقله ؟
فقال عليه السلم :إن الحمق يصيب بحمقه أعظم من فجور الفاجر ،وإنما
يرتفع العباد غدا في الدرجات وينالون الزلفى من ربهم على قدر عقولهم.
- 145وقال :قسم ال العقل ثلثة أجزاء فمن كن فيه كمل عقله ،ومن لم
تكن فيه فل عقل له :حسن المعرفة ل ،وحسن الطاعة ل ،وحسن الصبر
على أمر ال - 146 .وقدم المدينة رجل نصراني من أهل نجران وكان فيه
بيان وله وقار و هيبة فقيل :يا رسول ال ما أعقل هذا النصراني ،فزجر
القائل وقال :مه إن العاقل من وحد ال وعمل بطاعته ) - 147 .(3وقال
صلى ال عليه وآله :العلم خليل المؤمن ،والحلم وزيره ،والعقل دليله،
والعمل قيمه ،والصبر أمير جنوده ،والرفق والده ،والبر أخوه ،والنسب
آدم ،و الحسب التقوى ،والمروة إصلح المال - 148 .وقال صلى ال عليه
وآله :من تقدمت إليه يد كان عليه من الحق أن يكافئ ،فان لم يفعل
فالثناء ،فان لم يفعل فقد كفر النعمة - 149 .وقال صلى ال عليه وآله:
تصافحوا فان التصافح يذهب السخيمة ) - 150 .(4وقال صلى ال عليه
وآله :يطبع المؤمن على كل خصلة ول يطبع على الكذب ول على الخيانة.
) (1الحتراس والتحرس :التحفظ من حرسه حرسا أي حفظه (2) .في بعض نسخ
المصدر " تسأله " " (3) .مه " بالفتح -اسم فعل بمعنى انكفف(4) .
التصافح :المصافحة .والسخيمة :الضغينة والحقد.
][159
- 151وقال صلى ال عليه وآله :إن من الشعر حكما - ،وروي حكمة -وإن من
البيان سحرا - 152 .وقال صلى ال عليه وآله لبي ذر :أي عرى اليمان
أوثق ؟ قال :ال ورسوله أعلم فقال :الموالة في ال والمعاداة في ال
والحب في ال والبغض في ال - 153 .وقال صلى ال عليه وآله :من
سعادة ابن آدم استخارته ال ) (1ورضاه بما قضى ال ومن شقوة ابن آدم
) (2تركه استخارة ال وسخطه بما قضى ال - 154 .وقال صلى ال عليه
وآله :الندم توبة - 155 .وقال صلى ال عليه وآله :ما آمن بالقرآن من
استحل حرامه - 156 .وقال له رجل :أوصني فقال له :احفظ لسانك ،ثم قال
له :يارسول ال أوصني ،قال :احفظ لسانك ثم قال :يا رسول ال أوصني،
فقال :ويحك وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إل حصائد ألسنتهم )
- 157 .(3وقال صلى ال عليه وآله :صنايع المعروف تقي مصارع
السوء ،والصدقة الخفية تطفئ غضب ال ،وصلة الرحم زيادة في العمر،
وكل معروف صدقة ،وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في
الخرة ،وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الخرة ،وأول من يدخل
الجنة أهل المعروف - 158 .وقال صلى ال عليه وآله :إن ال يحب إذا
أنعم على عبد ]ه[ أن يرى أثر نعمته عليه ويبغض البؤس والتبؤس ).(4
) (1في بعض نسخ المصدر " استخارة ال " (2) .الشقوة :الشقاوة .والسخط:
ضد الرضا .وسخط عليه أي غضب عليه (3) .يقال :كب على وجهه :أي
صرعه وقلبه .والمناخر جمع المنخر بفتح الميم والخاء :وهو النف من
نخر -بالفتح -أي مد الصوت والنفس في خياشيمه .والحصائد -جمع
الحصد والحصيد والحصيدة :-من حصد الزرع أي قطع وحصائد
السنتهم :ما يقولونه من الكلم في حق الغير ،لنه حصد به (4) .تباءس
أي تفاقر وأرى تخشع الفقراء اخباتا وتضرعا.
][160
- 159وقال صلى ال عليه وآله :حسن المسألة نصف العلم ،والرفق نصف
العيش - 160 .وقال صلى ال عليه وآله :يهرم ابن آدم وتشب منه اثنتان:
الحرص والمل ) - 161 .(1وقال صلى ال عليه وآله :الحياء من اليمان.
- 162وقال صلى ال عليه وآله :إذا كان يوم القيامة لم تزل قدما عبد
حتى يسأل عن أربع :عن عمره فيم أفناه ،وعن شبابه فيم أبله ،وعما
اكتسبه من أين اكتسبه ،وفيم أنفقه ،وعن حبنا أهل البيت )- 163 .(2
وقال صلى ال عليه وآله :من عامل الناس فلم يظلمهم ،وحدثهم فلم
يكذبهم ،و وعدهم فلم يخلفهم فهو ممن كملت مروته ) (3وظهرت عدالته
ووجبت اخوته ) (4وحرمت غيبته - 164 .وقال صلى ال عليه وآله:
المؤمن حرام كله عرضه وماله ودمه - 165 .وقال صلى ال عليه وآله:
صلوا أرحامكم ولو بالسلم - 166 .وقال صلى ال عليه وآله :اليمان عقد
بالقلب ،وقول باللسان ،وعمل بالركان - 167 .وقال صلى ال عليه وآله:
ليس الغنى من كثرة العرض ) (5ولكن الغنى غنى النفس - 168 .وقال
صلى ال عليه وآله :ترك الشر صدقة - 169 .وقال صلى ال عليه وآله:
أربعة تلزم كل ذي حجى وعقل ) (6من امتي ،قيل :يا رسول ال ما هن ؟
قال :استماع العلم ،وحفظه ،ونشره ،والعمل به - 170 .وقال صلى ال
عليه وآله :إن من البيان سحرا ،ومن العلم جهل ،ومن القول عيا ).(7
) (1يعنى :ان ابن آدم إذا كبر وضعفت غرائزه وخلقته قوى فيه الحرص والمل) .
(2السؤال عى المحبة لنها أساس السلم والدين .وقد مضى بيانه(3) .
المروة أصله المروءة .تقلب الهمزة واوا وتدغم " (4) .ووجبت أخوته
" في المصدر " وجب أجره " ولعل ما في المتن هو الصواب(5) .
العرض -محركة -المتاع وحطام الدنيا (6) .الحجى بالكسر والقصر:
العقل والفطنة .وأصله الستر (7) .عيى في المنطق :حصر .وعيا تعيية
الرجل :أتى بكلم ل يهتدى إليه .وقيل< - :
][161
- 171وقال صلى ال عليه وآله :السنة سنتان سنة في فريضة الخذ بعدي بها
هدى ،وتركها ضللة ،وسنة في غير فريضة الخذ بها فضيلة ،وتركها
غير خطيئة - 172 .وقال صلى ال عليه وآله :من أرضى سلطانا بما
يسخط ال خرج من دين ال - 173 .وقال صلى ال عليه وآله :خير من
الخير معطيه ،وشر من الشر فاعله - 174 .وقال صلى ال عليه وآله :من
نقله ال من ذل المعاصي إلى عز الطاعة أغناه بل مال ،وأعزه بل
عشيرة ،وآنسه بل أنيس ،ومن خاف ال أخاف منه كل شئ ،ومن لم يخف
ال أخافه ال من كل شئ ،ومن رضي من ال باليسر من الرزق رضي ال
منه باليسير من العمل ،ومن لم يستحي من طلب الحلل من المعيشة خفت
مؤنته و رخى باله ،ونعم عياله ،ومن زهد في الدنيا أثبت ال الحكمة في
قلبه ،وأنطق بها لسانه ،وبصره عيوب الدنيا داءها ودوآها ،وأخرجه من
الدنيا سالما إلى دار القرار - 175 .وقال صلى ال عليه وآله :أقيلوا ذوي
الهنات عثراتهم ) - 176 .(1وقال صلى ال عليه وآله :الزهد في الدنيا
قصر المل ،وشكر كل نعمة ،والورع عن كل ما حرم ال - 177 .وقال
صلى ال عليه وآله :ل تعمل شيئا من الخير رياء ول تدعه حياء- 178 .
وقال صلى ال عليه وآله :إنما أخاف على امتي ثلثا شحا مطاعا وهوى
متبعا وإماما ضال - 179 .وقال صلى ال عليه وآله :من كثر همه سقم
بدنه ،ومن ساء خلقه عذب نفسه ،و من لحى الرجال ذهبت مروته
وكرامته - 180 .وقال صلى ال عليه وآله :أل إن شر امتي الذين يكرمون
مخافة شرهم ،أل
< -العى :التحير في الكلم وبالفتح العجز وعدم الهتداء بوجه مراده .وفى بعض
نسخ المصدر " غيا " بالغين المعجمة مصدر من باب ضرب أي ضل
وخاب وهلك ،والغية بالفتح والكسر :الضلل (1) .الهناة :الداهية وهى
المصيبة وجمعها هنوات .والعثرات جمع العثرة :وهى السقطة والزلة
والخطيئة والمعنى :تجاوزوا وتصفحوا عن زلت صاحب المصيبة.
][162
ومن أكرمه الناس اتقاء شره فليس مني - 181 .وقال صلى ال عليه وآله :من
أصبح من امتي وهمته غير ال فليس من ال ،ومن لم يهتم بأمور
المؤمنين فليس منهم ،ومن أقر بالذل طائعا فليس منا أهل البيت )182 .(1
-وكتب صلى ال عليه وآله إلى معاذ يعزيه بابنه ) " (2من محمد رسول
ال إلى معاذ بن جبل سلم عليك فاني أحمد ال إليك الذي ل إله إل هو أما
بعد فقد بلغني جزعك على ولدك الذي قضى ال عليه وإنما كان ابنك من
مواهب ال الهنيئة ) (3وعواريه المستودعة عندك ،فمتعك ال به إلى أجل
وقبضه لوقت معلوم فانا ل وإنا إليه راجعون ،ل يحبطن جزعك أجرك،
ولو قدمت على ثواب مصيبتك لعلمت أن المصيبة قد قصرت لعظيم ما أعد
ال عليها من الثواب لهل التسليم والصبر ،واعلم أن الجزع ل يرد ميتا
ول يدفع قدرا فأحسن العزاء ،وتنجز الموعود فل يذهبن أسفك على
) (1قال السبط الشهيد المفدى سيد الشهداء الحسين بن على صلوات ال وسلمه
عليهما في خطبته يوم عاشوراء إذ عرض عليه وأصحابه المان فأنف
من الذل " :أل وان الدعى ابن الدعى قد ركز بين اثنتين بين الذلة
والسلة ،هيهات منا الذلة ،يأبى ال ذلك لنا ورسوله والمؤمنون ،و
حجور طابت وطهرت وأنوف حمية ونفوس أبيه من أن تؤثر طاعة اللئام
على مصارع الكرام أل وانى زاحف بهذه السرة ومقلل من هذه الكثرة
مع قلة العدد وخذلة الناصر " ولنعم ما قال الحميرى :طعمت أن تسومه
الضيم قوم * وأبى ال والحسام الصنيع كيف يلوى على الدنية جيدا *
لسوى ال ما لواه الخضوع فأبى أن يعيش ال عزيزا * أو تجلى الكفاح
وهو صريع فتلقى الجموع فردا ولكن * كل عضو في الروع منه جموع
زوج السيف بالنفوس ولكن * مهرها الموت والخضاب النجيع )(2
التعزية :التسلية من عزى يعزى من باب تعب :صبر على ما نابه
والتعزي :التصبر والتسلى عند المصيبة وشعاره أن يقول " :انا ل وانا
إليه راجعون " .والعزاء ممدودا :الصبر والتعزي يجيئ بمعنى النسبة
من تعزى إلى فلن أي نسبه إليه (3) .المواهب جمع الموهبة :العطية،
الشئ الموهوب .والهنيئة :ما تيسر من غير مشقة.
][163
ما لزم لك ولجميع الخلق نازل بقدره ،والسلم عليك ورحمة ال وبركاته "183 .
-وقال صلى ال عليه وآله :من أشراط الساعة كثرة القراء ،وقله الفقهاء،
وكثرة المراء وقلة المناء ،وكثرة المطر ،وقلة النبات - 184 .وقال صلى
ال عليه وآله :أبلغوني حاجة من ل يستطيع إبلغي حاجته فانه من أبلغ
سلطانا حاجة من ل يستطيع إبلغها ثبت ال قدميه على الصراط يوم
القيامة ) - 185 .(1وقال صلى ال عليه وآله :غريبتان كلمة حكم من
سفيه فاقبلوها وكلمة سيئة من حكيم فاغفروها - 186 .وقال صلى ال
عليه وآله :للكسلن ثلث علمات :يتواني حتى يفرط ،ويفرط حتى يضيع،
ويضيع حتى يأثم - 187 .وقال صلى ال عليه وآله :من لم يستحي من
الحلل نفع نفسه ،وخفت مؤنته ،ونفى عنه الكبر ،ومن رضي من ال
باليسير من الرزق رضي ال عنه بالقليل من العمل ومن يرغب في الدنيا
فطال فيها أمله أعمى ال قلبه على قدر رغبته فيها ،ومن زهد فيها فقصر
فيها أمله أعطاه ال علما بغير تعلم ،وهدى بغير هداية ،وأذهب عنه )(2
العماء وجعله بصيرا ،أل إنه سيكون بعدي أقوام ل يستقيم لهم الملك إل
بالقتل والتجبر ول يستقيم لهم الغنى إل بالبخل ،ول تستقيم لهم المحبة في
الناس إل باتباع الهوى والتيسير في الدين ) (3أل فمن أدرك فصبر على
الفقر وهو يقدر على الغنى و صبر على الذل وهو يقدر على العز ،وصبر
على البغضاء في الناس وهو يقدر على المحبة ل يريد بذلك إل وجه ال
والدار الخرة أعطاه ال ثواب خمسين صديقا.
) (1سيأتي في كتاب عهد أمير المؤمنين عليه السلم للشتر لما وله مصر" :
قال :وتفقد أمور من ل يصل اليك منهم ممن تقتحمه العيون وتحقره
الرجال ،ففرغ لولئك ثقتك من أهل الخشية والتواضع فليرفع اليك
أمورهم ،ثم اعمل فيهم بالعذار إلى ال يوم تلقاه فان هؤلء من بين
الرعية أحوج إلى النصاف من غيرهم ،وكل فأعذر إلى ال في تأدية حقه
إليه " (2) .في بعض نسخ المصدر " فأذهب عنه " (3) .أي المسامحة
والمماطلة في أمر الدين.
][164
- 188وقال صلى ال عليه وآله :إياكم وتخشع النفاق وهو أن يري الجسد خاشعا
و القلب ليس بخاشع - 189 .وقال صلى ال عليه وآله :المحسن المذموم
مرحوم - 190 .وقال صلى ال عليه وآله :أقبلوا الكرامة وأفضل الكرامة
الطيب ،أخفه محمل و أطيبه ريحا - 191 .وقال صلى ال عليه وآله :إنما
تكون الصنيعة ) (1إلى ذي دين أو ذي حسب ،وجهاد الضعفاء الحج،
وجهاد المرأة حسن التبعل لزوجها ،والتودد نصف الدين ،وما عال امرء
قط على اقتصاد ) (2واستنزلوا الرزق بالصدقة ،أبى ال أن يجعل رزق
عباده المؤمنين من حيث يحتسبون - 192 .وقال صلى ال عليه وآله :ل
يبلغ عبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما ل بأس به حذرا لما به البأس.
- 2عو ) (3قال النبي صلى ال عليه وآله :إذا أراد ال بعبد خيرا جعل له
وزيرا صالحا إن نسي ذكره ،وإن ذكر أعانه .سيروا سير أضعفكم .الفرار
مما ل يطاق .من استوى يوماه فهو مغبون .الدنيا دار محنة ،الدنيا ساعة
فاجعلوها طاعة .مع كل فرحة ترحة ) (4استعينوا على الحوائج بالكتمان
لها .لكل شئ سنام ) (5وسنام القرآن سورة البقرة ،من لم يصبر على ذل
التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبدا .من سن سنه حسنة فله أجرها وأجر
من عمل بها .اختلف امتي رحمة ) (6أبدء بنفسك .شر الناس من أكل
وحده
) (1الصنيعة :الحسان .وجمعها الصنائع (2) .عال أي افتقر .وفى بعض النسخ "
واستزادوا الرزق " (3) .العوالي اللئالى لبن أبى جمهور مخطوط(4) .
الترح ضد الفرح وترح ترحا أي حزن .ومعنى الحديث أن مع كل سرور
حزن يعقبه حتى كانه معه أي المشيئة اللهية جرت بذلك لئل تسكن
نفوس العقلء إلى نعيمها (5) .سنام كل شئ أعله (6) .أي تزاورهم
وترددهم وضيافتهم كما في قوله تعالى " واختلف الليل والنهار " أي
مجيئ كل واحد عقيب الخر .وكما في قوله " ومختلف الملئكة " أي
محل نزولهم وصعودهم.
][165
ومنع رفده ،وجلد عبده .إذا تغير السلطان تغير الزمان .إذا كان الداء من السماء
فقد بطل هناك الدواء .الرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما
تناكر اختلف .السخي قريب من ال قريب من الجنة قريب من الناس.
اجتنب خمسا الحسد والطيرة والبغي وسوء الظن والنميمة .أنا عند ظن
عبدي بي ،من فتح له باب خير فلينتهزه فانه ل يدري متى يغلق عنه.
المور بتمامها والعمال بخواتمها .شاوروهن وخالفوهن .حبك للشئ
يعمي ويصم .المرأة كالضلع العوجاء .بلوا أرحامكم ولو بالسلم )(1
الفرار في وقته ظفر .الشباب شعبة من الجنون .ل خير في السرف ول
سرف في الخير .إن ال يحب الفأل الحسن .رأس العقل بعد اليمان التودد
إلى الناس .المقدور كائن .والهم فاضل .الصدقة تزيد في العمر وتستنزل
الرزق ،و وتقي مصارع السوء ،وتطفئ غضب الرب .ترك الفرص
غصص .الفرص تمر مر السحاب .أضيق المر أدناه من الفرج .حسن
العهد من اليمان .من تعلمت منه حرفا صرت له عبدا .الظفر بالجزم
والحزم .إذا جاء القضاء ضاق الفضاء .الدنيا سجن المؤمن .طالب العلم
محفوف بعناية ال .الندم توبة .الحاسد مغتاظ على من ل ذنب له .الحزم
باجالة الرأي ،والرأي بتحصين السرار .أعقل الناس محسن خائف،
وأجهلهم مسئ آمن .طالب العلم ل يموت أو يمتع جده بقدر كده .المؤمنون
عند شروطهم .الكعبة تزار ول تزور .السكوت عند الضرورة بدعة.
السلطان ظل ال يأوي إليه كل مظلوم ) (2العدل جنة واقية وجنة باقية.
أصلح وزيرك فإنه الذي يقودك إلى الجنة والنار .الجاه أحد الرفدين والخر
المال .المور مرهونة بأوقاتها .الهدية تذهب السخيمة .تصافحوا فإنه
يذهب بالغل.
) (1أي صلوا فشبه الرحم المقطوع الوصلة بارض منقطع عنها الغيث .وقال
العلقمي أي ندوها بصلتها .وذلك لنهم يطلقون النداوة على الصلة كما
يطلقون اليبس على القطيعة لنهم لما رأوا بعض الشياء تتصل وتختلط
بالنداوة ويحصل منها التجافي والتفرق باليبس استعاروا البلل للوصل
واليبس للقطيعة .فذكر البلل تخييل (2) .أخرجه البيهقى في شعب اليمان
بسند ضعيف عن عبد ال بن عمر بن الخطاب.
][166
الهدية تورث المودة وتجدر الخوة ) ،(1وتذهب الضغينة .تهادوا تحابوا .نعم الشئ
الهدية أمام الحاجة .اهد لمن يهديك .الهدية تفتح الباب المصمت .نعم
مفتاح الحاجة الهدية .المرء مخبو تحت لسانه ) .(2ما يصلح للمولى فعلى
العبد حزام .الهدايا رزق ال -من أهدي إليه شئ فليقبله .إن هذه القلوب
تمل كما تمل البدان فاهدوا إليها طرائف الحكم .في حديث القدسي يا داود
فرغ لي بيتا أسكنه :إن ل في أيام دهركم نفحات أل فترصدوا لها .السعيد
من وعظ بغيره .من نظر في العواقب سلم في النوائب .ل منع ول إسراف،
ول بخل ول إتلف .خير المور أوسطها .ما العلم إل ما حواه الصدر .الدنيا
دار بلية .تعمموا تزادوا حلما .العمامة من المروة ،هذان محرمان على
ذكور امتي يعني الذهب والحرير - 3 .الدرة الباهرة من الصداف الطاهرة:
) (3قال رسول ال صلى ال عليه وآله :العلم وديعة ال في أرضه،
والعلماء امناؤه عليه ،فمن عمل بعلمه أدى أمانته ،ومن لم يعمل بعمله
كتب في ديوان ال من الخائنين .قال صلى ال عليه وآله :إنكم لن تسعوا
الناس بأموالكم فسعوهم بأخلقكم .وقال صلى ال عليه وآله :تفرغوا من
هموم الدنيا ما استطعتم فإنه من أقبل على ال تعالى بقلبه جعل ال قلوب
العباد منقادة إليه بالود والرحمة ،وكان ال إليه بكل خير أسرع .وقال
صلى ال عليه وآله :ل يريد القدر إل الدعاء ،ول يزيد في العمر إل البر،
وإن الرجل ليحرم الرزق بالذهب يصيبه .وقال صلى ال عليه وآله :حسن
الظن بال من عبادة ال .وقال صلى ال عليه وآله :ل خير لك في صحبة
من ل يرى لك مثل الذي يرى لنفسه.
) (1أي حوطها وحجزها .والضغينة :الحقد والشحناء (2) .من خبأ يخبأ أي
مستور (3) .قال المؤلف في ج 1ص 10أنه للشيخ العلمة الشهيد
محمد بن مكى )ره((*) .
][167
- 4أقول :وجدت بخط الشيخ الجليل محمد بن علي الجبعي رحمه ال هذه أحاديث
محذوفة السناد كتبها الشيخ ابن مكي رحمه ال من خط سديد الدين ابن
مطهر رحمه ال وأجازها له شيخه السيد المرتضى النقيب المعظم النسابة
العلمة ،مفخر العترة الطاهرة ،تاج الملة والدين :أبو عبد ال محمد بن
السيد العلمة النقيب الزاهد جلل الدين أبي جعفر القاسم ابن السيد النقيب
فخر الدين أبي القاسم الحسين ابن السيد نقيب جلل الدين أبي جعفر
القاسم ابن أبي منصور الحسن ابن رضي الدين محمد بن أبي طالب ولي
الدين الحسن بن أحمد بن محسن بن الحسين القصري ابن محمد بن
الحسين بن علي بن الحسين الخطيب بالكوفة ابن علي المعروف بابن
المعية ابن الحسن بن إسماعيل الديباج ابن إبراهيم العمر بن الحسن
المثنى ابن المام السبط أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما
السلم عن شيوخه الثقات وهم عن رسول ال صلى ال عليه وآله:
الراحمون يرحمهم الرحمن يوم القيامة .أرحم من في الرض يرحمك من
في السماء .قال رسول ال صلى ال عليه وآله :الصوم جنة .قال رسول
ال صلى ال عليه وآله :اكفلوا لي بست أكفل لكم بالجنة :إذا حدث أحدكم
فل يكذب ،وإذا ائتمن فل يخن ،وإذا وعد فل يخلف .غضوا أبصاركم وكفوا
أيديكم ،واحفظوا فروجكم .قال أحمد بن أبي الحواري :تمنيت أن أرى أبي
سليمان الداراني في المنام فرأيته بعد سنة فقلت له :يا معلم ما فعل ال
بك ؟ فقال :يا أحمد جئت من باب الصغير فلقيت وسق شيح ) (5فأخذت
منه عودا ما أدري تخللت به أو رميت به فأنا في حسابه منذ سنة إلى هذه
الغاية ،تم الخبر والحمد ل رب العالمين .وبخطه أيضا ما صورته وعلى
هذه الحاديث خط السيد تاج الدين ابن
) (1الوسق وقر النخلة ،والشيح بالحاء المهملة :نبات أنواعه كثيرة كله طيب
الرائحة.
][168
معية رحمه ال ما صورته :سمع هذه الحاديث من لفظ مولينا الشيخ المام العالم
الفاضل العامل الزاهد الورع ،مفخر العلماء ،سللة الفضلء ،شمس الملة
والحق والدين محمد بن مكي أدام ال فضائله في يوم السبت حادي عشر
شوال من سنة أربع وخمسين وسبعمائة وأجزت له روايتها عني بالسند
المتقدم وغيره من طرقي مشايخ الحلة الذين رووها إلى آخر ما سيأتي في
آخر مجلدات الكتاب .وبخطه أيضا في أول هذه الحاديث إجازة اخرى من
السيد تاج الدين أبي عبد ال مفخر العلماء والفضلء شمس الحق والدين
صحيح ،وكتبه محمد بن معية في حادي عشر شوال سنة أربع وخمسين
وسبعمائة ،والحمد ل وحده وصلى ال على محمد وآله وسلم .وبخطه نقل
من خط الشهيد -رحمهما ال -عن النبي صلى ال عليه وآله :إن أعمى
العمى الضللة بعد الهدى ،خير الغنى غنى النفس .من يعص ال يعذبه.
عفو الملوك بقاء الملك .ل يجني على المرء إل يده ولسانه .صحبة
عشرين سنة قرابة .خير الرزق ما يكفي .الصحة والفراغ نعمتان
مكفورتان - 5 .دعوات الراوندي (1) :قال أسود بن أصرم قلت :يا رسول
ال أوصني فقال :أتملك يدك ؟ قلت :نعم ،قال :فتملك لسانك ؟ قلت :نعم،
قال :صلى ال عليه وآله :فل تبسط يدك إل إلى خير ،ول تقل بلسانك إل
معروفا - 6 .كنز الكراجكى (2) :قال النبي صلى ال عليه وآله :من سرته
حسنة وساءته سيئة فهو مؤمن .ل خير في عيش إل لرجلين :عالم مطاع
ومستمع واع .كفى بالنفس غنى ،وبالعبادة شغل .ل تنظروا إلى صغر
الذنب ولكن انظروا إلى من اجترأتم .قال صلى ال عليه وآله :آفة الحديث
الكذب ،وآفة العلم النسيان ،وآفة العبادة الفترة وآفة الظرف الصلف ).(3
ل حسب إل بتواضع ،ول كرم إل بتقوى ،ول عمل
][169
إل بنية ول عبادة إل بيقين .وقال صلى ال عليه وآله (1) :من أراد أن يكون أعز
الناس فليتق ال عزوجل .وقال صلى ال عليه وآله :من خاف ال سخت
نفسه الدنيا ،ومن رضي من الدنيا بما يكفيه كان أيسر ما فيها يكفيه .وقال
صلى ال عليه وآله :الدنيا خضرة حلوة ،وال مستعملكم فيها فانظروا
كيف تعملون] .وقال صلى ال عليه وآله :من ترك معصية ال مخافة من
ال أرضاه ال يوم القيامة ،ومن مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم
فقد خرج من اليمان .وقال صلى ال عليه وآله :دع ما يريبك إلى ما ل
يريبك فإنك لن تجد فقد شئ تركته ل عزوجل[ .وقال صلى ال عليه وآله:
باب التوبة مفتوح لمن أرادها فتوبوا إلى ال توبة نصوحا ) .(2وقال صلى
ال عليه وآله :بادروا بعمل الخير قبل أن تشغلوا عنه ،واحذروا الذنوب
فإن العبد يذنب الذنب فيحبس عنه الرزق - 7 .ومنه (3) :قال من كلم
رسول ال صلى ال عليه وآله في الخصال من واحدة إلى عشرة روى عن
رسول ال صلى ال عليه وآله أنه قال :خصلة من لزمها أطاعته الدنيا
والخرة ،وربح الفوز في الجنة .قيل :وما هي يا رسول ال ؟ قال :التقوى
من أراد أن يكون أعز الناس فليتق ال عزوجل ،ثم تل " :ومن يتق ال
يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث ل يحتسب " ) .(4وقال صلى ال عليه
وآله :المؤمن بين مخافتين بين أجل قد مضى ل يدري ما ال صانع فيه
وبين أجل قد بقي ما ال قاض فيه .وقال صلى ال عليه وآله :من وقى شر
ثلث فقد وقى الشر كله :لقلقه وقبقبه وذبذبه
) (1المصدر ص (2) .164أي خالصا ل لشوب فيه (3) .المصدر ص (4) .184
الطلق 2 :و .3
][170
فلقلقه لسانه وقبقبه بطنه وذبذبه فرجه .وقال صلى ال عليه وآله :أربع خصال من
الشقاء :جمود العين ،وقساوة القلب ،والصرار على الذنب ،والحرص
على الدنيا .وقال صلى ال عليه وآله :خمس ل يجتمعن إل في مؤمن حقا
يوجب ال له بهن الجنة :النور في القلب ،والفقة في السلم ،والورع،
والمودة في الناس ،وحسن السمت في الوجه .وقال صلى ال عليه وآله:
اضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة :اصدقوا إذا حدثتم ،وأوفوا
إذا وعدتم ،وأدوا إذا ائتمنتم ،واحفظوا فروجكم ،وغضوا أبصاركم ،وكفوا
أيديكم .وقال صلى ال عليه وآله :أوصاني ربي بسبع :أوصاني بالخلص
في السر والعلنية ،وأن أعفو عمن ظلمني ،واعطي من حرمني ،وأصل
من قطعني ،وأن يكون صمتي فكرا ،و نظري عبرا .وحفظ عنه صلى ال
عليه وآله ثمان :قال :أل اخبركم بأشبهكم بي خلقا ؟ قالوا :بلى يا رسول
ال ،قال :أحسنكم خلقا ،وأعظمكم حلما ،وأبركم بقرابته ،وأشدكم حبا
لخوانه في دينه ،وأصبركم على الحق ،وأكظمكم للغيظ ،وأحسنكم عفوا،
وأشدكم من نفسه إنصافا .وقال صلى ال عليه وآله :الكبائر تسع أعظمهن
الشراك بال عزوجل ،وقتل النفس المؤمنة وأكل الربا ،وأكل مال اليتيم،
وقذف المحصنة ،والفرار من الزحف ،وعقوق الوالدين واستحلل البيت
الحرام ،والسحر ،فمن لقى ال عزوجل وهو برئ منهن كان معي في جنة
مصاريعها من ذهب ) .(1وقال صلى ال عليه وآله :اليمان في عشرة:
المعرفة ،والطاعة ،والعلم ،والعمل ،والورع والجتهاد ،والصبر ،واليقين،
والرضا ،والتسليم فأيها فقد صاحبه بطل نظامه.
][171
وعن النبي صلى ال عليه وآله ) :(1قال :صل من قطعك ،وأحسن إلى من أساء
إليك .وقال صلى ال عليه وآله :قل الحق ولو على نفسك .وقال صلى ال
عليه وآله :اعتبروا فقد خلت المثلت ) (2فيمن كان قبلكم .وقال صلى ال
عليه وآله :كن لليتيم كالب الرحيم ،واعلم أنك تزرع كذلك تحصد .وقال
صلى ال عليه وآله :اذكر ال عند همك إذا هممت ،وعند لسانك إذا
حكمت ،وعند يدك إذا قسمت .وقال رسول ال صلى ال عليه وآله(3) :
أحسنوا مجاورة النعم ل تملوها ) (4ول تنفروها فانها قل ما نفرت من قوم
فعادت إليهم .وقال عليه الصلة والسلم :من قال :قبح ال الدنيا ،قالت
الدنيا :قبح ال أعصانا للرب .وقال صلى ال عليه وآله :من عف عن
محارم ال كان عابدا ،ومن رضي بقسم ال كان غنيا ،ومن أحسن مجاورة
من جاوره كان مسلما ،ومن صاحب الناس بالذي يجب أن يصاحبوه كان
عدل .وقال عليه وآله السلم :من اشتاق إلى الجنة سل عن الشهوات،
ومن أشفق ) (5من النار رجع عن المحرمات ،ومن زهد في الدنيا هانت
عليه المصيبات ،ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات .وقال عليه وآله
السلم :اجتهدوا في العمل ،فان قصر بكم الضعف فكفوا عن المعاصي.
) (1المصدر ص 194وفيه زيادة اختار المصنف بعضه (2) .المثلت الدواهي
والعقوبات (3) .المصدر ص (4) .271النعم المجاورة أي الحاصلة
وقوله " ل تملوها " أي ل تزجروها ول تزيلوها لنها إذا زالت قل أن
تعود (5) .الشفاق :الخوف.
][172
- 8اعلم الدين (1) :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :ل عيش إل لرجلين عالم
ناطق و متعلم واع .وقال صلى ال عليه وآله :إن للقلوب صدأ كصدأ
النحاس ) (2فاجلوها بالستغفار وتلوة القرأن .وقال صلى ال عليه وآله:
الزهد ليس بتحريم الحلل ولكن أن يكون بما في يدي ال أوثق منه بما في
يديه .وقال صلى ال عليه وآله :خصلتان ل تجتمعان في مؤمن :البخل
وسوء الظن بالرزق .وقال رسول ال صلى ال عليه وآله :من أكثر
الستغفار جعل ال له من كل هم فرجا ،ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من
حيث ل يحتسب .وقال صلى ال عليه وآله :كلمة الحكمة يسمعها المؤمن
خير من عبادة سنة .وقال صلى ال عليه وآله :صنايع المعروف تقي
مصارع السوء ،وصدقة السر تطفئ غضب الرب ،وصلة الرحم تزيد في
العمر وتدفع ميتة السوء وتنفي الفقر وتزيد في العمر .ومن كف غضبه
وبسط رضاه وبذل معروفه ووصل رحمه وأدى أمانته أدخله ال تعالى في
النور العظم ،ومن لم يتعز بعزاء ال تقطعت نفسه حسرات ،ومن لم ير
أن ل عنده نعمة إل في مطعم ومشرب قل عمله وكبر جهله ،ومن نظر إلى
ما في أيدي الناس طال حزنه ودام أسفه .وقال صلى ال عليه وآله :حسن
الخلق وصلة الرحام وبر القرابة تزيد في العمار وتعمر الديار ،ولو كان
القوم فجارا .وقال صلى ال عليه وآله :إن ال يحب التقياء الخفياء،
الذين إذا حضروا لم يعرفوا ،و إذا غابوا لم يفقدوا .قلوبهم مصابيح الهدى،
منجون من كل غبراء مظلمة.
) (1تأليف أبى محمد الحسن بن أبى الحسن محمد الديلمى صاحب ارشاد القلوب
مخطوط (2) .الصدأ -بفتح الصاد المهملة والدال والهمز -مادة لونها
يأخذ من الحمرة ،والشقرة تتكون على وجه الحديد ونحوه بسبب رطوبة
الهواء.
][173
وقال صلى ال عليه وآله :الوحدة من قرين السوء ،والحزم أن تستشير ذا الرأي
وتطيع أمره .وقال صلى ال عليه وآله :جاملوا الشرار بأخلقهم تسلموا
من غوائلهم ،وباينوهم بأعمالكم كيل تكونوا منهم .وقال صلى ال عليه
وآله لو أن المؤمن أقوم من قدح لكان له من الناس عامر ) (1واعلموا
أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلقكم .وقال صلى ال عليه
وآله :ما من أحد ولي شيئا من امور المسلمين فأراد ال به خيرا إل جعل
ال له وزيرا صالحا ،إن نسي ذكره ،وإن ذكر أعانه ،وإن هم بشر كفه
وزجره .وقال صلى ال عليه وآله :إن ال يبغض البخيل في حياته ،السخي
عند وفاته .وقال صلى ال عليه وآله :ادعو ال وأنتم موقنون بالجابة
واعلموا أن ال ل يقبل دعاء من قلب غافل .وقال صلى ال عليه وآله:
المل رحمة لمتي ولول المل ما رضعت والدة ولدها ،ول غرس غارس
شجرا .وقال صلى ال عليه وآله :إذا أشار عليك العاقل الناصح فاقبل.
وإياك والخلف عليهم فان فيه الهلك .وعاد صلى ال عليه وآله رجل من
النصار فقال :جعل ال ما مضى كفارة وأجرا ،وما بقي عافية وشكرا.
وقال صلى ال عليه وآله :خلقان ل يجتمعان في مؤمن الشح وسوء
الخلق .وقال صلى ال عليه وآله :ويل للذين يجتلبون الدنيا بالدين،
يلبسون للناس جلود الضأن من لين ألسنتهم كلمهم أحل من العسل،
وقلوبهم قلوب الذئاب يقول ال تعالى :أبي يغترون أم علي يجترؤون،
فوعزتي وجللي لبعثن عليهم فتنة تذر الحليم منهم حيران .وكتب صلى
ال عليه وآله إلى بعض أصحابه يعزيه أما بعد فعظم ال جل اسمه لك
الجر ،و ألهمك الصبر ،ورزقنا وإياك الشكر ،إن أنفسنا وأموالنا وأهالينا
مواهب ال الهنيئة وعواريه المستردة بها إلى أجل معدود ،ويقبضها لوقت
معلوم ،وقد جعل ال تعالى علينا
) (1كذا.
][174
الشكر إذا أعطى ،والصبر إذا ابتلى ،وقد كان ابنك من مواهب ال تعالى في غبطة و
سرور وقبضه منك بأجر مدخور ،إن صبرت واحتسبت فل تجزعن أن
تحبط جزعك أجرك ،وأن تندم غدا على ثواب مصيبتك .فانك لو قدمت على
ثوابها علمت أن المصيبة قد قصرت عنها ،واعلم أن الجزع ل يرد فائتا،
ول يدفع حسن قضاء ،فليذهب أسفك ما هو نازل بك مكان ابنك والسلم9 .
-كتاب المامة والتبصرة (2) :عن هارون بن موسى ،عن محمد بن علي،
عن محمد بن الحسين ،عن على بن أسباط ،عن ابن فضال ،عن الصادق،
عن أبيه ،عن آبائه عليهم السلم ،عن النبي صلى ال عليه وآله قال:
الشقي من شقي في بطن امه .ومنه بهذا السناد ،عن النبي صلى ال عليه
وآله :شر الرواية رواية الكذب ،وشر المور محدثاتها ،وشر العمى عمى
القلب ،وشر الندامة يوم القيامة ،وشر الكسب كسب الربا ،وشر المأكل أكل
مال اليتيم ظلما .ومنه بهذا السناد قال صلى ال عليه وآله :الشباب شعبة
من الجنون .ومنه بهذا السناد قال صلى ال عليه وآله :الشيخ شاب على
حب أنيس وطول حياة ،وكثرة مال .ومنه عن الحسن الحمزة العلوي ،عن
علي بن محمد بن أبي القاسم ،عن أبيه عن هارون بن مسلم ،عن مسعدة
بن صدقة ،عن الصادق ،عن أبيه ،عن آبائه عليهم السلم قال .قال رسول
ال صلى ال عليه وآله :صديق كل امرء عقله وعدوه جهله .وقال صلى
ال عليه وآله :صديق عدو علي عدو علي .ومنه ،عن سهل بن أحمد ،عن
محمد بن الشعث ،عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ،عن أبيه،
عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :العلم
رائد ،و العقل سائق ،والنفس حرون ).(2
) (1مخطوط (2) .الحرون -بفتح الحاء المهملة :-الفرس الذى ل ينقاد وإذا اشتد
به الجرى وقف .والرائد :رسول الذى يرسله القوم لينظر لهم مكانا
ينزلون فيه .والسائق فاعل من ساقه يسوقه فهو سائق .ومعنى الكلم
واضح.
][175
ومنه بهذا السناد قال صلى ال عليه وآله :العقل هدية ) .(1ومنه بهذا السناد قال
صلى ال عليه وآله :عش ما شئت فانك ميت ،واحبب من شئت فانك
مفارقه ،واعمل ما شئت فانك ملقيه .ومنه بهذا السناد :العلم رأس الخير
كله ،والجهل رأس الشر كله .ومنه بهذا السناد :علموا ول تعنفوا فان
المعلم العالم خير من المعنف ) .(2ومنه عن أحمد بن علي ،عن محمد بن
الحسن الصفار ،عن إبراهيم بن هاشم ،عن النوفلي عن السكوني ،عن
جعفر بن محمد ،عن أبيه ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال
صلى ال عليه وآله غريبتان غريبة :كلمة حكم من سفيه فاقبلوها ،وكلمة
سفه من حكيم فاغفروها - 10 .أعلم الدين :للديلمي أربعون حديثا رواها
ابن ودعان بحذف السناد :الول عن أنس قال :خطبنا رسول ال صلى ال
عليه وآله على ناقته العضباء فقال :أيها الناس كأن الموت فيها على
غيرنا كتب ،وكأن الحق على غيرنا وجب ،وكان ما نسمع من الموات
سفر عما قليل إلينا راجعون ،نبوؤهم أجداثهم ،ونأكل تراثهم كأنا مخلدون
بعدهم ،قد نسينا كل واعظة وأمنا كل جائحة ) (3طوبى لمن أنفق ما
اكتسبه من غير معصية ،وجالس أهل الفقه والحكمة ،وخالط أهل الذلة
والمسكنة .طوبى لمن ذلت نفسه وحسنت خليقته ،وصلحت سريرته،
وعزل عن الناس شره .طوبى لمن أنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل
من قوله ووسعته السنة ولم تشتهره البدعة ) .(4الثاني عن علقمة بن
الحصين قال :سمعت قيس بن عاصم المنقري يقول :قدمت على رسول ال
صلى ال عليه وآله في وفد من جماعة من بني تميم فقال لي :اغتسل بماء
وسدر،
) (1كذا (2) .العنف ضد الرفق والعتاب أي ل تشددوا بل ارفقوا بهم (3) .الجائحة:
الفة (4) .رواه الديلمى في الفردوس من حديث أنس بن مالك بسند
حسن هكذا " وسعته السنة ولم يعد عنها إلى البدعة ".
][176
ففعلت ثم عدت إليه وقلت :يا رسول ال عظنا عظة ننتفع بها ،فقال :يا قيس إن مع
العز ذل ،وإن مع الحياة موتا ،وإن مع الدنيا آخرة ،وإن لكل شئ حسيبا،
وعلى كل شئ رقيبا ،وإن لكل حسنة ثوابا ،ولكل سيئة عقابا ،وإن لكل أجل
كتابا ،وإنه يا قيس لبد لك من قرين يدفن معك وهو حي ،وتدفن معه وأنت
ميت ،فان كان كريما أكرمك وإن كان لئيما أسلمك ،ل يحشر إل معك ول
تحشر إل معه ول تسأل إل عنه ،ول تبعث إل معه ،فل تجعله إل صالحا،
فانه إن كان صالحا لم تأنس إل به ،وإن كان فاحشا ل تستوحش إل منه
وهو عملك .فقال قيس :يا رسول ال لو نظم هذا شعر ل فتخرت به على
من يلينا من العرب ،فقال رجل من أصحابه يقال له الصلصال :قد حضر
فيه شئ يا رسول ال أفتأذن لي بانشاده ؟ فقال :نعم فأنشأ يقول :تخير
قرينا من فعالك إنما * قرين الفتى في القبر ما كان يفعل فل بد للنسان من
أن يعده * ليوم ينادى المرء فيه فيقبل فان كنت مشغول بشئ فل تكن *
بغير الذي يرضى به ال تشغل فما يصحب النسان من بعد موته * ومن
قبله إل الذي كان يعمل أل إنما النسان ضيف لهله * يقيم قليل عندهم ثم
يرحل الثالث عن أبي الدرداء قال :خطبنا رسول ال صلى ال عليه وآله
يوم جمعة فقال :أيها الناس توبوا إلى ال قبل أن تموتوا ،وبادروا
بالعمال الصالحة قبل أن تشتغلوا ،وأصلحوا الذي بينكم وبين ربكم
تسعدوا ،وأكثروا من الصدقة ترزقوا ،وأمروا بالمعروف تحصنوا ،وانتهوا
عن المنكر تنصروا ،يا أيها الناس إن أكيسكم أكثركم ذكرا للموت وإن
أحزمكم أحسنكم استعدادا له ،أل وإن من علمات العقل التجافي عن دار
الغرور ،والنابة إلى دار الخلود ،والتزود لسكني القبور ،والتأهب ليوم
النشور ).(1
][177
الرابع :عن ابن عباس قال :سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول في خطبته:
أيها الناس إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم ،وإن لكم نهاية فانتهوا إلى
نهايتكم ،إن المؤمن بين مخافتين يوم قد مضى ل يدري ما ال قاض فيه،
ويوم قد بقي ل يدري ما ال صانع به فليأخذ العبد لنفسه من نفسه ،ومن
دنياه لخرته ،ومن شبابه لهرمه ومن صحته لسقمه ،ومن حياته لوفاته،
فوالذي نفسي بيده وما بعد الموت من مستعتب ) (1ول بعد الدنيا من دار
إل الجنة أو النار .الخامس :عن أبي سعيد الخدري قال :خطبنا رسول ال
صلى ال عليه وآله قال في خطبته :ل عيش إل لعالم ناطق ،أو مستمع
واع ،أيها الناس إنكم في زمان هدنة ،وأن السير بكم سريع ،وقد رأيتم
الليل والنهار كيف يبليان كل جديد ،ويقربان كل بعيد ويأتيان بكل موعود.
فقال له المقداد :يا نبي ال وما الهدنة ؟ فقال :دار بلء وانقطاع فإذا
التبست عليكم المور كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فانه شافع مشفع،
وصادق مصدق ،ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة ،ومن جعله خلفه ساقه
إلى النار ،وهو أوضح دليل إلى خير سبيل ،من قال به صدق ،ومن عمل به
أجر ،ومن حكم به عدل .السادس :عن نافع ،عن ابن عمر قال :قال رسول
ال صلى ال عليه وآله :ل يكمل عبد اليمان بال حتى يكون فيه خمس
خصال :التوكل على ال ،والتفويض إلى ال والتسليم لمر ال ،والرضا
بقضاء ال ،والصبر على بلء ال ،إنه من أحب في ال وأبغض في ال،
وأعطى ل ،ومنع ل فقد استكمل اليمان .السابع :عن أبي هريرة قال:
سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول في خطبته :أيها الناس إن
العبد ل يكتب من المسلمين حتى يسلم الناس من يده ولسانه ،ول ينال
درجة المؤمنين حتى يأمن أخوه بوائقه وجاره بوادره ) (2ول يعد من
المتقين حتى
) (1استعتبه أي طلب منه العتبى أي استرضاه ،يعنى ليس بعد الموت من
استرضاء (2) .البوائق جمع بائقة وهى الداهية والشر والغائلة،
والبوادر جمع بادرة وهى الغضب والحدة.
][178
يدع ما ل بأس به حذارا عما به البأس .إنه من خاف البيات أدلج ومن أدلج )(1
المسير وصل ،وإنما تعرفون عواقب أعمالكم لو قد طويت صحايف آجالكم،
أيها الناس إن نية المؤمن خير من عمله ،ونية الفاسق شر من عمله.
الثامن :عن ابن عباس قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله من انقطع
إلى ال كفاه كل مؤونة ،ومن انقطع إلى الدنيا وكله ال إليها ،ومن حاول
أمرا بمعصية ال كان أبعد له مما رجا وأقرب مما اتقى ،ومن طلب محامد
الناس بمعاصي ال عاد حامده منهم ذاما ،ومن أرضى الناس بسخط ال
وكله ال إليهم ،ومن أرضى ال بسخط الناس كفاه ال شرهم ،ومن أحسن
ما بينه وبين ال كفاه ال ما بينه وبين الناس ،ومن أحسن سريرته أصلح
ال علنيته ،ومن عمل لخرته كفى ال أمر دنياه .التاسع :عن نافع عن
ابن عمر قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :رحم ال عبدا تكلم فغنم،
أو سكت فسلم .إن اللسان أملك شئ للنسان ،أل وإن كلم العبد كله عليه
إل ذكر ال تعالى أو أمر بمعروف أو نهى عن منكر أو إصلح بين
المؤمنين ،فقال له معاذ بن جبل :يا رسول ال أنؤاخذ بما نتكلم ؟ فقال:
وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إل حصائد ألسنتهم ،فمن أراد
السلمة فليحفظ ما جرى به لسانه وليحرس ما انطوى عليه جنانه،
وليحسن عمله وليقصر أمله ،ثم لم يمض إل أيام حتى نزلت هذه الية " ل
خير في كثير من نجويهم إل من أمر بصدقة أو معروف أو إصلح بين
الناس " ) .(2العاشر :عن أبي موسى الشعري قال :قال رسول ال صلى
ال عليه وآله :ل تسبوا الدنيا فنعمت مطية المؤمن ،فعليها يبلغ الخير
وبها ينجو من الشر ،إنه إذا قال العبد :لعن ال الدنيا قالت الدنيا :لعن ال
أعصانا لربه .فأخذ الشريف الرضي بهذا المعنى فنظمه بيتا :يقولون
الزمان به فساد * فهم فسدوا وما فسد الزمان
][179
الحادى عشر :عن ابن عباس قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :يرى جزاء
ما قدم وقلة غنا ما خلف ) (1ولعله من حق منعه ومن باطل جمعه .الثاني
عشر :عن ابن عباس قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :أيها الناس
إن الرزق مقسوم لن يعدو امرء ما قسم له ،فأجملوا في الطلب وإن العمر
محدود لن يتجاوز أحد ما قدر له فبادروا قبل نفاد الجل ،والعمال
المحصية .الثالث عشر :عن أنس بن مالك قال :سمعت رسول ال صلى
ال عليه وآله يقول في بعض خطبه ومواعظه :أما رأيتم المأخوذين على
العزة والمزعجين بعد الطمأنينة الذين أقاموا على الشبهات ،وجنحوا إلى
الشهوات .حتى أتتهم رسل ربهم فل ما كانوا أملوا أدركوا ول إلى ما فاتهم
رجعوا ،قدموا على ما عملوا ،وندموا على ما خلفوا ،ولن يغني الندم وقد
جف القلم ،فرحم ال امرءا قدم خيرا وأنفق قصدا ،وقال صدقا ،وملك
دواعي شهوته ولم تملكه ،وعصى أمر نفسه فلم تملكه .الرابع عشر :عن
أبي هريرة قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :أيها الناس ل تعطوا
الحكمة غير أهلها فتظلموها ،ول تمنعوها أهلها فتظلموهم ،ول تعاقبوا
ظالما فيبطل فضلكم ،ول تراؤوا الناس فيحبط عملكم ،ول تمنعوا الموجود
فيقل خيركم ،أيها الناس إن الشياء ثلثة :أمر استبان رشده فاتبعوه،
وأمر استبان غيه فاجتنبوه ،و أمر اختلف عليكم فردوه إلى ال ،أيها
الناس أل انبئكم بأمرين خفيف مؤونتهما عظيم أجرهما لم يلق ال
بمثلهما :طول الصمت ،وحسن الخلق .الخامس عشر :عن ابن عمر قال:
خطبنا رسول ال صلى ال عليه وآله خطبة ذرفت منها العيون ووجلت
منها القلوب ) (2فكان مما ضبطت منها :أيها الناس إن أفضل الناس عبدا
من تواضع عن رفعة ،وزهد عن رغبة ،وأنصف عن قوة ،وحلم عن قدرة.
أل وإن أفضل الناس عبد أخذ في الدنيا الكفاف ،وصاحب فيها العفاف،
وتزود للرحيل ،وتأهب للمسير ،أل وإن أعقل الناس عبد عرف ربه
فأطاعه ،وعرف عدوه فعصاه ،وعرف دار إقامته فأصلحها ،وعرف
سرعة رحيله فتزود لها .أل وإن
][180
خير الزاد ما صحبه التقوى ،وخير العمل ما تقدمته النية ،وأعلى الناس منزلة عند
ال أخوفهم منه .السادس عشر :عن أبي هريرة قال :قال رسول ال صلى
ال عليه وآله :إنما يؤتي الناس يوم القيامة عن إحدى من ثلث :إما من
شبهة في الدين ارتكبوها ،أو شهوة للذة آثروها ،أو عصبية لحمة
اعملوها ،فإذا لحت ) (1لكم شبهة في الدين فاجلوها باليقين ،وإذا
عرضت لكم شهوة فاقمعوها بالزهد ،وإذا عنت لكم غضبة لكم غضبة
فأدوها بالعفو ،إنه ينادي مناد يوم القيامة من كان له على ال أجرا فليقم،
فل يقوم إل العافون ألم تسمعوا قوله تعالى " فمن عفا وأصلح فأجره على
ال " ) .(2السابع عشر :قال عبد ال بن مسعود قال رسول ال صلى ال
عليه وآله :قال ال تعالى :يا ابن آدم تؤتى كل يوم برزقك وأنت تحزن،
وينقص كل يوم من عمرك وأنت تفرح ،أنت فيما يكفيك وتطلب ما يطغيك
ل بقليل تقنع ول من كثير تشبع .الثامن عشر :عن أبي هريرة قال :بينا
رسول ال صلى ال عليه وآله جالس إذا رأيناه ضاحكا حتى بدت ثناياه،
فقلنا :يا رسول ال مما ضحكت ؟ فقال :رجلن من امتي جيئا بين يدي
ربي فقال أحدهما :يا رب خذ لي بمظلمتي من آخر ،فقال ال تعالى أعط
أخاك مظلمته ،فقال :يا رب لم يبق من حسناتي شئ ،فقال :يا رب فليحمل
من أوزاري ،ثم فاضت عينا رسول ال صلى ال عليه وآله وقال :إن ذلك
اليوم ليوم تحتاج الناس فيه إلى من يحمل عنهم أوزارهم ،ثم قال ال تعالى
للطالب بحقه :ارفع بصرك إلى الجنة فانظر ماذا ترى ،فرفع رأسه فرأى ما
أعجبه من الخير والنعمة ،فقال :يا رب لمن هذا ؟ فقال :لمن أعطاني ثمنه،
فقال :يا رب ومن يملك ثمن ذلك ؟ فقال :أنت ،فقال :كيف بذلك ؟ فقال:
بعفوك عن أخيك ،فقال :قد عفوت فقال ال تعالى :فخذ بيد أخيك فادخل
الجنة ،فقال رسول ال صلى ال عليه وآله " :فاتقوا ال وأصلحوا ذات
بينكم ".
][181
التاسع عشر :عن أنس بن مالك قال :قالوا :يا رسول ال من أولياء ال الذين ل
خوف عليهم ول هم يحزنون ؟ فقال :الذين نظروا إلى باطن الدنيا حين
نظر الناس إلى ظاهرها ،فاهتموا بآجلها حين اهتم الناس بعاجلها ،فأماتوا
منها ما خشوا أن يميتهم ،وتركوا منها ما علموا أن سيتركهم ،فما عرض
لهم منها عارض إل رفضوه ،ول خادعهم من رفعتها خادع إل وضعوه،
خلقت الدنيا عندهم فما يجد دونها ،وخربت بينهم فما يعمرونها ،وماتت في
صدورهم فما يحبونها ،بل يهدمونها فيبنون بها آخرتهم ،ويبيعونها
فيشترون بها ما يبقى لهم ،نظروا إلى أهلها صرعى قد حلت بهم المثلت،
فما يرون أمانا دون ما يرجون ،ول خوفا دون ما يحذرون .العشرون :عن
أبي هريرة قال :سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول :إنما أنتم
خلف ماضين وبقية متقدمين كانوا أكبر منكم بسطة ،وأعظم سطوة،
فازعجوا عنها أسكن ما كانوا إليها ]وغدرت بهم[ واخرجوا منها أوثق ما
كانوا بها ،فلم يمنعهم قوة عشيرة ،ول قبل منهم بذل فدية ،فارحلوا أنفسكم
بزاد مبلغ قبل أن تأخذوا على فجأة ،وقد غفلتم عن الستعداد .الحادى
والعشرون :عن سالم بن عبد ال ،عن ابن عمر قال :قال لي رسول ال
صلى ال عليه وآله :كن في الدنيا كانك غريب وعابر سبيل ،واعدد نفسك
في الموتى ،وإذا أصبحت فل تحدث نفسك بالمساء ،وإذا أمسيت فل تحدث
نفسك بالصباح ،وخذ من صحتك لسقمك ،ومن شبابك لهرمك ،ومن حياتك
لو فاتك .فانك ل تدري ما اسمك غدا .الثاني والعشرون :عن ابن عباس
قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله في بعض خطبه أو مواعظه :أيها
الناس ل يشغلنكم دنياكم ؟ عن آخرتكم ،فل تؤثروا هواكم على طاعة ربكم،
ول تجعلوا إيمانكم ذريعة إلى معاصيكم ،وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا
ومهدوا لها قبل أن تعذبوا وتزودوا للرحيل قبل أن تزعجوا فانها موقف
عدل واقتضاء حق ،وسؤال عن واجب ،وقد أبلغ في العذار من تقدم
بالنذار.
][182
الثالث والعشرون :عن أبي سعيد الخدري قال :سمعت رسول ال صلى ال عليه
وآله يقول عند منصرفه من احد والناس يحدقون به وقد أسند ظهره إلى
طلحة :أيها الناس أقبلوا على ما كلفتموه من إصلح آخرتكم ،وأعرضوا
عما ضمن لكم من دنياكم ،ول تستعملوا جوارحا غذيت بنعمته في التعرض
لسخطه بنقمته ،واجعلوا شغلكم في التماس مغفرته ،واصرفوا همتكم
بالتقرب إلى طاعته ،إنه من بدأ بنصيبه من الدنيا فإنه نصيبه من الخرة
ولم يدرك منها ما يريد ،ومن بدأ بنصيبه من الخرة وصل إليه من الدنيا.
الرابع والعشرون :عن أبي هريرة فال :قال رسول ال صلى ال عليه
وآله :إياكم وفضول المطعم فإنه يسم القلب بالقسوة ) ،(1ويبطئ
بالجوارح عن الطاعة ،ويصم الهمم عن سماع الموعظة ،وإياكم وفضول
النظر فإنه يبدر الهوى ) (2ويولد الغفلة وإياكم واستشعار الطمع فإنه
يشوب القلب شدة الحرص ،ويختم على القلوب بطابع حب الدنيا ،وهو
مفتاح كل سيئة ،ورأس كل خطيئة ،وسبب إحباط كل حسنة .الخامس
والعشرون :عن عبد ال بن عمر قال :سمعت رسول ال صلى ال عليه
وآله يقول :إنما هو خير يرجى أو شر يتقى أو باطل عرف فاجتنب ،أو حق
يتعين فطلب ،وآخرة أظل إقبالها فسعى لها ،ودنيا عرف نفادها فأعرض
عنها ،وكيف يعمل للخرة من ل ينقطع من الدنيا رغبته ،ول تنقضي فيها
شهوته ،إن العجب كل العجب لمن صدق بدار البقاء وهو يسعى لدار
الفناء ،وعرف أن رضى ال في طاعته ،وهو يسعى في مخالفته .السادس
والعشرون :عن أبي أيوب النصاري قال :سمعت رسول ال صلى ال
عليه وآله يقول :حلوا أنفسكم الطاعة ،وألبسوها قناع المخالفة )(3
فاجعلوا آخرتكم لنفسكم وسعيكم لمستقركم ،واعلموا أنكم عن قليل
راحلون ،وإلى ال صائرون ،ول
) (1وسمه يسمه وسمة :أي كواه وأثر فيه وجعل له علمة يعرف بها (2) .بدر
يبدر بدورا الشئ :عاجله وسبقه (3) .القناع :ما تغطى به المرأة رأسها.
][183
يغني عنكم هنالك إل صالح عمل قدمتموه ،وحسن ثواب أحرزتموه ،فإنكم إنما
تقدمون على ما قدمتم ،وتجازون على ما أسلفتم فل تخدعنكم زخارف دنيا
دنية عن مراتب جنات علية ،فكان قد انكشف القناع وارتفع الرتياب،
ولقى كل امرء مستقره ،وعرف مثواه ومنقلبه ) .(1السابع والعشرون:
عن أبي هريرة قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله في خطبته :ل
تكونوا ممن خدعته العاجلة ،وغرته المنية فاستهوته الخدعة فركن إلى
دار السوء سريعة الزوال وشيكة النتقال ) (2إنه لم يبق من دنياكم هذه
في جنب ما مضى إل كإناخة راكب أوصر حالب ) (3فعلى ما تعرجون
وماذا تنظرون ؟ فكأنكم وال وما أصبحتم فيه من الدنيا لم يكن ،وما
يصيرون إليه من الخرة لم يزل ،فخذوا اهبة ) (4ل زوال لنقله وأعدوا
الزاد لقرب الرحلة ،واعلموا أن كل امرء على ما قدم قادم ،وعلى ما خلف
نادم .الثامن والعشرون :عن عبد ال بن عباس قال :سمعت رسول ال
صلى ال عليه وآله يقول :أيها الناس بسط المل متقدم حلول الجل،
والمعاد مضمار العمل ،فمغتبط بما احتقب غانم ،ومتيسر بما فاته نادم )(5
أيها الناس إن الطمع فقر ،واليأس غنى ،والقناعة راحة ،والعزلة عبادة،
والعمل كنز ،والدنيا معدن ،وال ما يساوي ما مضى
) (1أي محل قراره وما انقلب إليه (2) .الوشيك :السريع (3) .أناخ فلن بالمكان:
أقام به .وصر بالناقة :شد ضرعها بالصرار لئل يرضع ولدها .والحالب
هو الذى يحلب الناقة أو الشاة أي أخرج ما في ضرعها من اللبن(4) .
الهبة -بضم الهمزة وسكون الهاء والباء الموحدة :-العدة يقال أخذ
للسفر اهبته أي عدته (5) .المغتبط :المسرور ،واحتقب الشئ جمعه،
وغانم فاعل من غنم يغنم .والمتيسر هو الذى يمكنه أن يفعل ما يشاء من
الخيرات.
][184
من دنياكم هذه بأهداب بردي هذا ) ،(1ولما بقي منها أشبه بما مضى من الماء
بالماء وكل إلى بقاء وشيك وزوال قريب ،فبادروا العمل وأنتم في مهل
النفاس ،وجدة الحلس ) (2قبل أن تأخذوا بالكظم ) (3فل ينفع الندم.
التاسع والعشرون عن عبد ال بن عمر قال :سمعت رسول ال صلى ال
عليه وآله يقول :يكون امتي في الدنيا على ثلثة أطباق :أما الطبق الول
فل يحبون جمع المال و ادخاره ،ول يسعون في اقتنائه واحتكاره ،وإنما
رضاهم من الدنيا سد جوعة وستر عورة ،وغناهم فيها ما بلغ بهم الخرة،
فاولئك المنون الذين ل خوف عليهم ول هم يحزنون .وأما الطبق الثاني
فانهم يحبون جمع المال من أطيب وجوهه وأحسن سبيله ،يصلون به
أرحامهم ويبرون به إخوانهم ويواسون به فقراءهم ،ولعض أحدهم على
الرضيف ) (4أيسر عليه من أن يكتسب درهما من غير حله ،أو يمنعه من
حقه أن يكون له خازنا إلى حين موته ،فاولئك الذين إن نوقشوا ) (5عذبوا
وإن عفي عنهم سلموا .وأما الطبق الثالث فانهم يحبون جمع المال مما حل
وحرم ،ومنعه مما افترض ووجب ،إن أنفقوه أنفقوه إسرافا وبدارا )،(6
وإن أمسكوه أمسكوه بخل و
) (1الهداب جمع هدب وهو خمل الثوب وطرته (2) .جدة الثوب -بكسر الجيم
وشد الدال -كونه جديدا .والحلس -بالحاء المهملة -جمع حلس -
بكسر الحاء -وهو ما يوضع على ظهر الدابة تحت السراج ،والرحل
الذى يبسط في البيت على الرض تحت حر الثياب والمتاع (3) .الكظم -
محركة :-مخرج النفس (4) .عض الشئ :أمسكه بأسنانه ،والرضيف
بالراء المهملة والضاد المعجمة -الحجارة المحماة (5) .نافشه الحساب
وفى الحساب :استقصى في حسابه .والمناقشة التشدد في المحاسبة(6) .
بدارا أي سراعا.
][185
احتكارا ،اولئك الذين ملكت الدنيا زمام قلوبهم حتى أوردتهم النار بذنوبهم.
الثلثون :عن أنس بن مالك قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :إن
من ضعف اليقين أن ترضى الناس بسخط ال تعالى ،وأن تحمدهم على
رزق ال تعالى ،وأن تذمهم على ما لم يؤتك ال ،إن رزق ال ل يجره
حرص حريص ،ول يرده كراهة كاره إن ال تبارك اسمه بحكمته جعل
الروح والفرح في الرضا واليقين ،وجعل الهم والحزن في الشك والسخط.
إنك إن تدع شيئا ل إل أتاك ال خيرا منه ،وإن تأتي شيئا تقربا إلى ال
تعالى إل أجزل ال لك الثواب عنه فاجعلوا همتكم الخرة ل ينفد فيها ثواب
المرضي عنه ،ول ينقطع فيها عقاب المسخوط عليه .الحادى والثلثون:
عن ابن عمر قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :ليس شئ تباعدكم
من النار إل وقد ذكرته لكم ،ول شئ يقربكم من الجنة إل وقد دللتكم عليه،
إن روح القدس نفث في روعي أنه لن يموت عبد منكم حتى يستكمل رزقه
فأجملوا في الطلب فل يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوا شيئا من
فضل ال بمعصيته فانه لن ينال ما عند ال إل بطاعته ،أل وإن لكل أمرء
رزقا هو يأتيه ل محالة ،فمن رضي به بورك له فيه ووسعه ،ومن لم
يرض به لم يبارك له فيه ،ولم يسعه ،إن الرزق ليطلب الرجل كما يطلبه
أجله .الثاني والثلثون :عن عيسى بن عمر ،عن معاوية قال :سمعت
رسول ال صلى ال عليه وآله يقول في خطبة أحد العيدين :الدنيا دار بلء
ومنزل بلغة وعناء ) (1قد نزعت عنها نفوس السعداء ،وانتزعت بالكرة
من أيدي الشقياء ،فأسعد الناس بها أرغبهم عنها وأشغلهم بها أرغبهم
فيها ،فهي الغاشة لمن استنصحها ) (2والمغوية لمن أطاعها ،والخاترة
لمن انقاد إليها ) ،(3والفائز من أعرض عنها ،والهالك من هوى فيها،
طوبى لعبد
) (1البلغة والبلغ :ما يكفى من العيش ول يفضل .والعناء :التعب (2) .الغاش
فاعل من غشه يغشه ،واستنصحه أي عده نصيحا (3) .الخاتر :الغادر.
][186
اتقى منها ربه ،وقدم توبته ،وغلب شهوته من قبل أن تلقيه الدنيا إلى الخرة
فيصبح في بطن موحشة غبراء مدلهمة ظلماء ) (1ل يستطيع أن يزيد في
حسنته ول ينقص من سيئته ،ثم ينشر فيحشر إما إلى الجنة يدوم نعيمها،
أو إلى النار ل ينفد عذابها .الثالث والثلثون :عن أنس بن مالك قال:
سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول :يا معشر المسلمين شمروا
فإن المر جد ،وتأهبوا فإن الرحيل قريب ،وتزودوا فان السفر بعيد،
وخففوا أثقالكم فان وراءكم عقبة كؤودا ) (2ول يقطعها إل المخفون .أيها
الناس إن بين يدي الساعة امورا شدادا ،وأهوال عظاما ،وزمانا صعبا
يتملك فيه الظلمة ،ويتصدر فيه الفسقة ،ويضام فيه المرون بالمعروف
ويضطهد ) (3فيه الناهون عن المنكر ،فاعدوا لذلك اليمان ،وعضوا عليه
بالنواجذ ) (4والجأوا إلى العمل الصالح ،واكرهوا عليه النفوس تفضوا
إلى النعيم الدائم ) .(5الرابع والثلثون :عن أبي سعيد الخدري ،قال:
سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول لرجل يعظه :ارغب فيما عند
ال يحبك ال ،وازهد ما في أيدي الناس يحبك الناس إن الزاهد في الدنيا
يريح ،ويريح قلبه وبدنه في الدنيا والخرة ،والراغب فيها يتعب قلبه
وبدنه في الدنيا والخرة ،ليجيئن أقوام يوم القيامة لهم حسنات كأمثال
الجبال فيأمر بهم إلى النار ،فقيل :يا بني ال أمصلون كانوا ؟ قال :نعم،
كانوا يصلون ويصومون ويأخذون وهنا من الليل ،لكنهم إذا لح لهم شئ
من أمر الدنيا وثبوا عليه.
) (1ادلهم الليل أي أظلم واشتد سواده (2) .كؤود وكأداء :صعبة شاقة المصعد) .
(3ضامه يضيمه ضيما قهره وظلمه .وضهده وأضهد به واضطهده:
قهره وجار عليه واذاه واضطره وحبسه بسبب المذهب أو الدين(4) .
النواجذ جمع الناجذ وهو أقصى الضراس (5) .أفضى إليه أي وصل
وانتهى به إليه.
][187
الخامس والثلثون :عن نافع عن ابن عمر قال :سمعت رسول ال صلى ال عليه
وآله يقول :أيها الناس هذه دار ترح ل دار فرح ) (1ودار التواء ) (2ل
دار استواء ،فمن عرفها لم يفرح لرجاء ولم يحزن لشقاء ،أل وإن ال
خلق الدنيا دار بلوى والخرة دار عقبى ،فجعل بلوى الدنيا لثواب الخرة
سببا ،وثواب الخرة من بلوى الدنيا عوضا ،فيأخذ ليعطي ويبتلي ليجزي،
وإنها لسريعة الذهاب ووشيكة النقلب فاحذروا حلوة رضاعها لمرارة
فطامها ) (3واهجروا لذيذ عاجلها لكربة آجلها ول تسعوا في عمارة قد
قضى ال خرابها ول تواصلوها وقد أراد ال منكم اجتنابها فتكونوا لسخطه
متعرضين ،ولعقوبته مستحقين .السادس والثلثون :عن أنس بن مالك
قال :سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول :أيها الناس اتقو ال حق
تقاته ،واسعوا في مرضاته ،وأيقنوا من الدنيا بالفناء ومن الخرة بالبقاء،
واعملوا لما بعد الموت فكأنكم بالدنيا لم تكن وبالخرة لم تزل .أيها الناس
إن من في الدنيا ضيف ،وما في أيديهم عارية ،وإن الضيف مرتحل،
والعارية مردودة .أل وإن الدنيا عرض حاضر يأكل منه البر والفاجر،
والخرة وعد صادق يحكم فيها ملك عادل قادر ،فرحم ال امرءا ينظر
لنفسه ومهد لرمسه ) (4مادام رسنه مرخيا وحبله على غاربه ملقيا قبل
أن ينفذ أجله وينقطع عمله .السابع والثلثون :عن أبي ذر رضي ال عنه
قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله لرجل وهو يوصيه :اقلل من
الشهوات يسهل عليك الفقر ،واقلل من الذنوب يسهل عليك الموت ،وقدم
مالك أمامك يسرك اللحاق به ،واقنع بما اوتيته يخف عليك الحساب ول
تتشاغل عما فرض عليك بما قد ضمن لك فإنه ليس بفائتك ما قد قسم لك،
) (1الترح ضد الفرح (2) .من -لوى يلوى ليا :-الحبل فتله وثناه .والتوى التواء
مطاوع لوى (3) .الفطام انقطاع الرضاع وفصل الولد عنه (4) .الرمس
مصدر بمعنى القبر مستويا ل يعلو عن وجه الرض.
][188
ولست بلحق ما قد زوي عنك فلتك جاهدا فيما أنصح نافدا ) (1واسع لملك ل
زوال له ،في منزل ل انتقال عنه .الثامن والثلثون :عن ابن عباس قال:
سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول :إنه ما سكن حب الدنيا قلب
عبد إل التاط ) (2فيها بثلث :شغل ل ينفد عناؤه ،وفقر ل يدرك غناه،
وأمل ل ينال منتهاه ،أل إن الدنيا والخرة طالبتان ومطلوبتان فطالب
الخرة تطلبه الدنيا حتى يستكمل رزقه وطالب الدنيا تطلبه الخرة حتى
يأخذه الموت بغتة ،أل وإن السعيد من اختار باقية يدوم نعيمها على فانية
ل ينفد عذابها وقدم لما تقدم عليه مما هو في يديه قبل أن يخلفه لمن يسعد
بإنفاقه وقد شقي هو بجمعه .التاسع والثلثون :عن أبي هريرة قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وآله :أل إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة والخرة قد
احتملت مقبلة ،أل وإنكم في يوم عمل ل حساب فيه ويوشك أن تكونوا في
يوم حساب ليس فيه عمل ،وإن ال يعطي الدنيا من يحب ويبغض ،ول
يعطي الخرة إل لمن يحب وإن للدنيا أبناء وللخرة أبناء .فكونوا من أبناء
الخرة ،ول تكونوا من أبناء الدنيا ،إن شر ما أتخوف عليكم اتباع الهوى
وطول المل ،فاتباع الهوى يصرف قلوبكم عن الحق ،وطول المل يصرف
هممكم إلى الدنيا ،وما بعدهما لحد من خير يرجاه في دنيا ول آخرة.
الربعون :عن الزهري ،عن أنس بن مالك قال :قال رسول ال صلى ال
عليه وآله :ما من بيت إل وملك الموت يقف على بابه كل يوم خمس مرات
فإذا وجد النسان قد نفد أجله وانقطع أكله ألقى عليه الموت فغشيته
كرباته ،وغمرته غمراته ،فمن أهل بيته الناشرة شعرها ،والضاربة
وجهها ،الصارخة بويلها ،الباكية بشجوها )(3
) (1كذا .ولعله " أصبح نافدا " فصحف .والمعنى ظاهر (2) .التاط بقليى ؟ ؟ أي
لصق به وأحببته (3) .أي بحزنها وغصتها وهيجانها.
][189
فيقول ملك الموت :ويلكم مم الجزع ؟ وفيم الفزع ؟ وال ما أذهب لحد منكم مال،
ول قربت له أجل ،ول أتيته حتى امرت ،ول قبضت روحه حتى استأمرت
وإن لي إليكم عودة ،ثم عودة ،حتى ل ابقي منكم أحدا ،ثم قال رسول ال
صلى ال عليه وآله والذي نفسي بيده لو يرون مكانه ويسمعون كلمه
لذهلوا عن ميتهم وبكوا على نفوسهم حتى إذا حمل الميت على نعشه
رفرف روحه فوق النعش وهو ينادي :يا أهلي وولدي ل تلعبن بكم الدنيا
كما لعبت بي ،جمعته من حله ومن غير حله وخلفته لغيري ،والمهنأ له
والتبعات علي ،فاحذروا ،من مثل ما نزل - 11 .روى الشهيد الثاني -
قدس ال روحه -في كتاب الغيبة ) (1بإسناده عن شيخ الطائفة ،عن
المفيد ،عن ابن قولويه ،عن أبيه ،عن سعد ،عن ابن عيسى ،عن أبيه عن
عبد ال بن سليمان النوفلي قال :كنت عند جعفر بن محمد الصادق عليهما
السلم فإذا بمولى لعبد ال النجاشي قد ورد عليه فسلم وأوصل إليه كتابه
ففضه وقرأه إذا أول سطر فيه " :بسم ال الرحمن الرحيم أطال ال بقاء
سيدي وجعلني من كل سوء فداءه ،ول أراني فيه مكروها ،فإنه ولي ذلك
والقادر عليه .إعلم سيدي ومولي -إلى أن قال -إني بليت بولية الهواز
فإن رأى سيدي ومولي أن يحد لي حدا أو يمثل لي مثال لستدل به على
ما يقربني إلى ال عزوجل وإلى رسوله ويلخص لي في كتابه ما يرى لي
العمل به وفيما أبذله وابتذله وأين أضع زكاتي وفيمن أصرفها وبمن آنس
وإلى من أستريح وبمن أثق وآمن ،وألجأ إليه بسري ،فعسى أن يخلصني
ال بهدايتك فإنك حجة ال على خلقه وأمينه في بلده ل زالت نعمته عليك
" .قال عبد ال بن سليمان فأجابه أبو عبد ال عليه السلم :بسم ال
الرحمن الرحيم جاملك ال بصنعه ،ولطف بك بمنه ،وكلك برعايته فإنه
ولي ذلك ،أما بعد فقد جاء إلي رسولك بكتابك فقرأته وفهمت جميع ما
ذكرته وسألت عنه وزعمت أنك بليت بولية الهواز فسرني ذلك وساءني
وساخبرك بما ساءني من ذلك وما سرني إن شاء ال ،فأما سروري
بوليتك فقلت :عسى أن يغيث -
][190
ال بك ملهوفا خائفا من أولياء آل محمد عليهم السلم ،ويعز بك ذليلهم ،ويكسو بك
عاريهم ويقوي بك ضعيفهم ويطفي بك نار المخالفين عنهم ،وأما الذي
ساءني من ذلك فإن أدنى ما أخاف عليك أن تعثر بولي لنا فل تشم حظيرة
القدس فإني ملخص لك جميع ما سألت عنه ،إن أنت عملت به ولم تجاوزه
رجوت أن تسلم إن شاء ال .أخبرني يا عبد ال أبي عن آبائه ،عن علي
بن أبي طالب عليهم السلم عن رسول ال صلى ال عليه وآله إنه قال" :
من استشاره أخوه المسلم فلم يمحضه النصيحة سلبه ال لبه " واعلم أني
سأشير عليك برأي إن أنت عملت به تخلصت مما أنت متخوفه ،واعلم أن
خلصك مما بك من حقن الدماء وكف الذى عن أولياء ال والرفق
بالرعية والتأني وحسن المعاشرة مع لين في غير ضعف ،وشدة في غير
عنف ،ومداراة صاحبك ومن يرد عليك من رسله ،وارتق فتق رعيتك )(1
بأن توفقهم على ما وافق الحق والعدل إن شاء ال .إياك والسعاة وأهل
النمائم فل يلتزقن بك أحد منهم ول يراك ال يوما ول ليلة وأنت تقبل منهم
صرفا ول عدل ،فيسخط ال عليك ويهتك سترك .واحذر مكر خوز الهواز
) (2فان أبي أخبرني عن آبائه ،عن أمير المؤمنين عليهم السلم أنه قال:
" اليمان ل يثبت في قلب يهودي ول خوزي أبدا " فأما من تأنس به
وتستريح إليه وتلجئ امورك إليه فذلك الرجل الممتحن المستبصر المين
الموافق لك على دينك .وميز أعوانك ) (3وجرب الفريقين ،فإن رأيت هناك
رشدا فشأنك وإياه .وإياك أن تعطي درهما أو تخلع ثوبا أو تحمل على دابة
في غير ذات ال لشاعر أو مضحك أو متمزح إل أعطيت مثله في ذات ال،
ولتكن جوائزك وعطاياك وخلعك
) (1الرتق ضد الفتق أي أصلح ذات بينهم (2) .الخوز بالمعجمتين وضم أولهما
جيل من الناس واسم لجميع بلد خوزستان (3) .أي اجعل لهم علمة
يعرفون بها وعلى هذا فمعنى " جرب الفريقين " أي جرب من تأنس
واعوانك ويمكن أن يراد بتمييز العوان تشخيص العدو والصديق منهم
فيكون التجربة متعلقة بهما.
][191
للقواد والرسل والخبار وأصحاب الرسائل وأصحاب الشرط والخماس :وما أردت
أن تصرفه في وجوه البر والنجاح والعتق والصدقة والحج والمشرب
والكسوة التي تصلى فيها وتصل بها والهدية التي تهديها إلى ال عزوجل
وإلى رسوله صلى ال عليه وآله من أطيب مكسبك ومن طرق الهدايا ،يا
عبد ال اجهد أن ل تكنز ذهبا ول فضة فتكون من أهل هذه الية " والذين
يكنزون الذهب والفضة ول ينفقونها في سبيل ال فبشرهم بعذاب أليم *
يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا
ما كنزتم لنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون " ) .(1ول تستصغرن شيئا من
حلو أو من فضل طعام وتصرفه في بطون خالية فسكن بها غضب الرب
تبارك وتعالى ،واعلم أني سمعت أبي يحدث عن آبائه ،عن أمير المؤمنين
عليهم السلم أنه سمع النبي صلى ال عليه وآله يقول لصحابه يوما" :
ما آمن بال واليوم الخر من بات شبعانا وجاره جايع " فقلنا :هلكنا يا
رسول ال فقال " :من فضل طعامكم ومن فضل تمركم وورقكم وخليقكم
وخرقكم ) (2تطفئون بها غضب الرب " وسانبئك بهوان الدنيا وهوان
زخرفها على من مضى من السلف والتابعين - .ثم ذكر حديث زهد أمير
المؤمنين عليه السلم في الدنيا وطلقه لها ) (3إلى أن قال :وقد وجهت
إليك بمكارم الدنيا والخرة عن الصادق المصدق رسول ال صلى ال عليه
وآله فإن أنت عملت بما نصحت لك في كتابي ثم كانت عليك من الذنوب
والخطايا كمثل أوزان الجبال وأمواج البحار رجوت ال أن يتجافى عنك جل
وعز بقدرته .يا عبد ال إياك أن تخيف مؤمنا فإن أبي محمد بن علي
حدثني ،عن أبيه ،عن جده
) (1التوبة 35 :و (2) .36قوله " فقلنا هلكنا " أي هلكنا بما قلت أو نحن نشبع
وجيراننا يبيتون جياعا وليس عندنا ما يشبعهم فقال صلى ال عليه وآله:
" من فضل طعامكم " أي انفقوا فضل طعامكم وفضل ثيابكم وان كان
خلقا باليا خرقا ،تسكن به غضب ربكم (3) .كما يأتي عن قريب عن كتاب
الربعين في قضاء حقوق المؤمنين.
][192
علي بن أبي طالب عليهم السلم أنه كان يقول " :من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه
بها أخافه ال يوم ل ظل إل ظله وحشره في صورة الذر لحمه وجسده،
وجميع أعضائه حتى يورده مورده .وحدثني أبي ،عن آبائه ،عن علي
عليهم السلم ،عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قال " :من أغاث لهفانا
من المؤمنين أغاثه ال يوم ل ظل إل ظله ،وآمنه يوم الفزع الكبر وآمنه
من سوء المنقلب ،ومن قضى لخيه المؤمن حاجة قضى ال له حوائج
كثيرة إحداها الجنة ،ومن كسى أخاه المؤمن من عرى كساه ال من
سندس الجنة واستبرقها وحريرها ،ولم يزل يخوض في رضوان ال مادام
على المكسو منه سلك .ومن أطعم أخاه من جوع أطعمه ال من طيبات
الجنة ،ومن سقاه من ظمأ سقاه ال من الرحيق المختوم رية ،ومن أخدم
أخاه أخدمه ال من الولدان المخلدين وأسكنه مع أوليائه الطاهرين ،ومن
حمل أخاه المؤمن على راحلة حمله ال على ناقة من نوق الجنة وباهى به
الملئكة المقربين يوم القيامة ،ومن زوج أخاه المؤمن امرأة يأنس بها
وتشد عضده ويستريح إليها زوجه ال من الحور العين ،وآنسه بمن أحبه
من الصديقين من أهل بيته وإخوانه وآنسهم به ،ومن أعان أخاه المؤمن
على سلطان جائر أعانه ال على إجازة الصراط عند زلة القدام ،ومن زار
أخاه المؤمن إلى منزله ل حاجة منه إليه كتب من زوار ال ،وكان حقيقا
على ال أن يكرم زائره .يا عبد ال وحدثني أبي ،عن آبائه ،عن علي
عليهم السلم انه سمع رسول ال صلى ال عليه وآله وهو يقول لصحابه
يوما " :معاشر الناس إنه ليس بمؤمن من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه فل
تتبعوا عثرات المؤمنين فانه من اتبع عثرة مؤمن اتبع ال عثراته يوم
القيامة وفضحه في جوف بيته " وحدثني أبي ،عن آبائه ،عن علي عليهم
السلم أنه قال " :أخذ ال ميثاق المؤمن أن ل يصدق في مقالته ،ول
ينتصف من عدوه ،وعلى أن ل يشفى غيظه إل بفضيحة نفسه لن كل
مؤمن ملجم ،وذلك لغاية قصيرة وراحة طويلة ،وأخذ ال ميثاق المؤمن
على
][193
أشياء أيسرها عليه مؤمن مثله يقول بمقالته يبغيه ويحسده ،والشيطان يغويه
ويضله ،والسلطان يقفو أثره ،ويتبع عثراته ،وكافر بال الذي هو مؤمن
به يرى سفك دمه دينا ،وإباحة حريمه غنما فما بقاء المؤمن بعد هذا " .يا
عبد ال وحدثني أبي ،عن آبائه ،عن علي عليهم السلم ،عن النبي صلى
ال عليه وآله قال " :نزل علي جبرئيل فقال :يا محمد إن ال يقرء عليك
السلم ويقول :اشتققت للمؤمن اسما من أسمائي ،سميته مؤمنا ،فالمؤمن
مني وأنا منه ،ومن استهان مؤمنا فقد استقبلني بالمحاربة .يا عبد ال
وحدثني أبي ،عن آبائه ،عن علي عليهم السلم ،عن النبي صلى ال عليه
وآله أنه قال يوما " :يا علي ل تناظر رجل حتى تنظر إلى سريرته ،فان
كانت سريرته حسنة فان ال عزوجل لم يكن ليخذل وليه ،وإن يكن
سريرته ردية فقد يكفيه مساويه ،فلو جهدت أن تعمل به أكثر مما عمل في
معاصي ال عزوجل ما قدرت عليه " .يا عبد ال وحدثني أبي عن آبائه،
عن علي عليهم السلم ،عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قال " :أدنى
الكفر أن يسمع الرجل من أخيه الكلمة فيحفظها عليه يريد أن يفضحه بها
اولئك ل خلق لهم " ) .(1يا عبد ال وحدثني أبي ،عن آبائه ،عن علي
عليهم السلم قال " :من قال في مؤمن ما رأت عيناه وسمعت اذناه ما
يشينه ويهدم مروته فهو من الذين قال ال عزوجل :إن الذين يحبون أن
تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم " ) .(2يا عبد ال وحدثني
أبي ،عن آبائه ،عن علي عليهم السلم قال " :من روى عن أخيه المؤمن
رواية يريد بها هدم مروته وثلبه أوبقه ال بخطيئته ) (3حتى يأتي بمخرج
مما قال ،ولن يأتي بالمخرج منه أبدا ،ومن أدخل على أخيه المؤمن سرورا
فقد أدخل على أهل بيت
) (1أي ل نصيب لهم في الخرة (2) .النور (3) .19 :ثلبه أي عابه ولمه واغتابه
أو سبه .وأوبقه أي أهلكه ،ذل .وفي بعض النسخ " بخطبه " والخطب
المر العظيم المكروه.
][194
رسول ال سرورا ،ومن أدخل على أهل البيت سرورا فقد أدخل على رسول ال
صلى ال عليه وآله سرورا ،ومن أدخل على رسول ال صلى ال عليه
وآله سرورا فقد سر ال ،ومن سر ال فحقيق على ال أن يدخله جنته ".
ثم إني اوصيك بتقوى ال وإيثار طاعته والعتصام بحبله فانه من اعتصم
بحبل ال فقد هدي إلى صراط مستقيم ،فاتق ال ول تؤثر أحدا على رضاه
وهواه فانه وصية ال عزوجل إلى خلقه ل يقبل منهم غيرها ول يعظم
سواها ،واعلم أن الخليق لم يوكلوا بشئ أعظم من التقوى فانه وصيتنا
أهل البيت ،فان استطعت أن ل تنال من الدنيا شيئا تسأل عنه غدا فافعل.
قال عبد ال بن سليمان فلما وصل كتاب الصادق عليه السلم إلى النجاشي
نظر فيه وقال صدق وال الذي ل إله إل هو مولي فما عمل أحد بما في
هذا الكتاب إل نجا ،فلم يزل عبد ال يعمل به أيام حياته - 12 .كتاب
الربعين ) :(1في قضاء حقوق المؤمنين لبن أخ السيد عز الدين أبي
المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني ،عن الشريف أبي الحارث محمد
بن الحسن الحسيني ،عن الفقيه قطب الدين سعيد بن هبة ال الراوندي،
عن الشيخ محمد بن علي بن محسن الحلبي ،عن الشيخ الفقيه أبي الفتح
محمد بن علي الكراجكي قال :وأخبرني الشيخ الفقيه أبو الفضل شاذان بن
جبرئيل القمي عن الشيخين أبي محمد عبد ال بن عبد الواحد وأبي محمد
عبد ال بن عمر الطرابلسي ،عن القاضي عبد العزيز أبي كامل
الطرابلسي ،عن الكراجكي ،عن الشيخ أبي عبد ال المفيد محمد بن محمد
ابن النعمان ،عن جعفر بن محمد بن قولويه ،عن أبيه مثله وفيه بعد قوله
" وهوان زخرفها على من مضى من السلف والتابعين ،فقد حدثني محمد
بن علي بن الحسين قال :لما تجهز الحسين عليه السلم إلى الكوفة فأتاه
ابن عباس فناشده ال والرحم أن يكون المقتول باللطف فقال :أنا أعرف
بمصرعي منك وما كدي من الدنيا إل فراقها أل اخبرك يا ابن عباس
بحديث أمير المؤمنين عليه السلم والدنيا فقال :بلى لعمري إني لحب أن
تحدثني بأمرها
][195
فقال :قال علي بن الحسين عليهما السلم :سمعت أبا عبد ال الحسين عليه السلم
يقول :حدثني أمير المؤمنين عليه السلم قال :إني كنت بفدك في بعض
حيطانها وقد صارت لفاطمة عليها السلم قال فإذا أنا بامرأة قد هجمت
علي وفي يدي مسحاة وأنا أعمل بها فلما نظرت إليها طار قلبي ،مما
تداخلني من جمالها فشبهتها ببثينة بنت عامر الجمحي وكانت من أجمل
نساء قريش ،فقالت يا ابن أبي طالب هل لك أن تتزوج بي فأغنيك عن هذه
المسحاة وأدلك على خزائن الرض فيكون لك الملك ما بقيت ولعقبك من
بعدك فقال لها عليه السلم :من أنت حتى أخطبك من أهلك ؟ قالت :أنا
الدنيا قال :قلت لها :فارجعي واطلبي زوجا غيري فلست من شأني ،وأقبلت
على مسحاتي وأنشأت أقول :لقد خاب من غرته دنيا دنية * وما هي أن
غرت قرونا بطائل أتتنا على زي العزيز بثينة * وزينتها في مثل تلك
الشمائل فقلت لها غري سواي فانني * عزوف عن الدنيا ولست بجاهل
وما أنا والدنيا فإن محمدا * أحل صريعا بين تلك الجنادل ) (1وهبها أتتنا
بالكنوز ودرها * وأموال قارون وملك القبائل أليس جميعا للفناء مصيرنا
* ويطلب من خزانها بالطوائل ) (2فغري سوائي إنني غير راغب * بما
فيك من عز وملك ونائل فقد قنعت نفسي بما قد رزقته * فشأنك يا دنيا
وأهل الغوائل فإني أخاف ال يوم لقائه * وأخشى عذابا ) (3دائما غير
زائل فخرج من الدنيا وليس في عنقه تبعة لحد حتى لقى ال محمودا غير
ملوم ول مذموم ثم اقتدت به الئمة من بعده بما قد بلغكم لم يخلطوا بشئ
من بوائقها عليه السلم أجمعين وأحسن مثواهم.
) (1في بعض نسخ الحديث " رهين بقفر بين تلك الجنادل " والجنادل :الصخور) .
(2جمع طائلة وهى العداوة (3) .في بعض نسخ الحديث " عتابا ".
][196
* )باب ) " * * (8وصية أمير المؤمنين إلى الحسن بن على عليهما السلم( " *
* " )والى محمد بن الحنفية( " * - 1قال السيد بن طاووس في كتاب
الوصايا ) :(1وقد وقع في خاطري أن أختم هذا الكتاب بوصية أبيك أمير
المؤمنين عليه السلم الذي عنده علم الكتاب صلى ال عليه إلى ولده
العزيز عليه ورسالته إلى الشيعة وذكر المتقدمين عليه ورسالته في ذكر
الئمة من ولده ،ورأيت أن يكون رواية الرسالة إلى ولده بطريق المخالفين
والموافقين ،فهو أجمع على ما تضمنه من سعادة الدنيا والدين فقال أبو
أحمد الحسن بن عبد ال بن سعيد العسكري في كتاب الزواجر والمواعظ
في الجزء الول منه من نسخة تأريخها ذوالقعدة سنة ثلث وسبعين
وأربعمائة ما هذا لفظه :وصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه
السلم لولده ولو كان من الحكمة ما يجب أن يكتب بالذهب لكانت هذه،
وحدثني بها جماعة ،فحدثني علي بن الحسين بن إسماعيل قال حدثنا
الحسن بن أبي عثمان الدمي قال :أخبرنا أبو حاتم المكتب يحيى بن حاتم
بن عكرمة قال :حدثني يوسف بن يعقوب بأنطاكية قال :حدثني بعض أهل
العلم قال :لما انصرف علي عليه السلم من صفين إلى قنسرين كتب به
إلى ابنه الحسن بن علي عليهما السلم من الوالد الفاني المقر للزمان .اه.
وحدثنا أحمد بن عبد العزيز قال :حدثنا سليمان بن الربيع النهدي قال:
حدثنا كادح بن رحمة الزاهدي قال :حدثنا صباح بن يحيى المزني .وحدثنا
علي بن عبد العزيز الكوفي الكاتب قال :حدثنا جعفر بن هارون بن زياد
قال :حدثنا محمد بن علي بن موسى الرضا ،عن أبيه ،عن جده جعفر
الصادق ،عن
) (1كشف المحجة لثمرة المهجة الفصل الرابع والخمسون والمائة ص " .157ط
" النجف الشرف.
][197
أبيه ،عن جده عليهم السلم أن عليا عليه السلم كتب إلى الحسن بن علي عليهما
السلم .وحدثنا علي بن محمد بن إبراهيم التستري قال :حدثنا جعفر بن
عنبسة قال :حدثنا عباد بن زياد قال :حدثنا عمرو بن أبي المقدام ،عن أبي
جعفر محمد بن علي عليها السلم قال :كتب أمير المؤمنين إلى الحسن بن
علي عليهما السلم .وحدثنا محمد بن علي بن زاهر الرازي قال :حدثنا
محمد بن العباس قال :حدثنا عبد ال بن داهر ،عن أبيه ،عن جعفر بن
محمد ،عن آبائه ،عن علي عليهم السلم قال :كتب علي عليه السلم إلى
ابنه الحسن عليه السلم .كل هؤلء حدثونا أن أمير المؤمنين عليه السلم
كتب بهذه الرسالة إلى الحسن عليه السلم .وأخبرني أحمد بن عبد الرحمن
بن فضال القاضي قال :حدثنا الحسن ابن محمد بن أحمد ،وأحمد بن جعفر
بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلم
قال :حدثنا جعفر بن محمد الحسني قال :حدثنا الحسن بن عبدل قال :حدثنا
الحسن بن ظريف بن ناصح ،عن الحسين بن علوان ،عن سعد بن طريف،
عن الصبغ ابن نباتة المجاشعي قال :كتب أمير المؤمنين عليه السلم إلى
ابنه محمد كذا .واعلم يا ولدي محمد ضاعف ال جل جلله عنايته بك
ورعايته لك أن قد روى الشيخ المتفق على ثقته وأمانته محمد بن يعقوب
الكليني تغمده ال جل جلله برحمته رسالة مولينا أمير المؤمنين عليه
السلم إلى جدك الحسن ولده سلم ال جل جلله عليهما .وروى رسالة
اخرى مختصرة عن مولينا علي عليه السلم إلى ولده محمد بن الحنفية
رضوان ال جل جلله عليه وذكر الرسالتين في كتاب الرسائل ،ووجدنا
نسخة عتيقة يوشك أن يكون كتابتها في زمن حياة محمد بن يعقوب )ره(
وهذا الشيخ محمد بن يعقوب )ره( كان حياته في زمن وكلء مولينا
المهدي عليه السلم عثمان بن سعيد العمري وولده أبي جعفر محمد وأبي
القاسم الحسين بن روح وعلي بن محمد السمري وتوفي محمد بن يعقوب
قبل وفاة محمد بن علي السمري لن علي بن محمد السمري توفي في
شعبان سنة تسع وعشرين وثلثمائة وهذا محمد بن يعقوب الكليني توفى
ببغداد سنة ثمان وعشرين وثلثمائة فتصانيف هذا الشيخ محمد بن يعقوب
و رواياته في زمن الوكلء المذكورين يجد طريقا إلى تحقيق منقولته
وتصديق مصنفاته ورأيت يا ولدي بين رواية حسن بن عبد ال العسكري
مصنف كتاب الزواجر والمواعظ
][198
الذي قدمناه وبين الشيخ محمد بن يعقوب في رسالة أبيك أمير المؤمنين عليه
السلم إلى ولده تفاوتا فنحن نوردها برواية محمد بن يعقوب الكليني فهو
أجمل وأفضل فيما قصدناه ،فذكر محمد بن يعقوب الكليني في كتاب
الرسائل باسناده إلى جعفر بن عنبسة عن عباد بن زياد السدي عن عمرو
بن أبي المقدام ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :لما أقبل أمير المؤمنين
عليه السلم من صفين كتب إلى ابنه الحسن عليه ]وعلى جده وأبيه وامه
وأخيه الصلة و[ السلم .بسم ال الرحمن الرحيم من الوالد الفان ،المقر
للزمان ) (1المدبر العمر المستسلم للدهر ) (2الذام للدنيا ،الساكن مساكن
الموتى ،الظاعن عنها غدا ) (3إلى الولد المؤمل ما ل يدرك ) (4السالك
سبيل من قد هلك ،غرض السقام ،ورهينة اليام ،ورمية المصائب )(5
وعبد الدنيا ،وتاجر الغرور ،وغريم المنايا ) (6وأسير الموت
) (1حذفت الياء ههنا للزدواج بين الفان والزمان .وقوله " المقر للزمان " أي
المقر له بالغلبة والقهر ،المعترف بالعجز في يد تصرفاته كانه قدره
خصما ذا بأس .وقوله " المدبر العمر " لنه عليه السلم حين ذاك مضى
من عمره ازيد من ستين سنة ولم يبق من عمره عليه السلم ال أقل
قليل (2) .عبارة اخرى عن قوله " المقر للزمان " وهو آكد منه .لنه قد
يقر النسان لخصمه ول يستسلم (3) .يريد عليه السلم قرب الرحيل،
والظاعن :الراحل (4) .أي يؤمل البقاء في الدنيا وهو مما ل يدركه احد
من أبناء آدم وغيره من موجودات هذا العالم (5) .الرهينة :المرهونة أي
أنه في قبضتها وحكمها :والرمية في الصل اسم للصيد و يجوز ان يكون
اسما لما يرمى وما أصابه السهم .ولهذا الحق به الهاء كالذبيحة
والنسان كالهدف ل فات الدنيا ول محالة يدركه الموت (6) .قال ابن أبى
الحديد قوله " عبد الدنيا وتاجر الغرور وغريم المنايا " لن النسان
طوع شهواته فهو عبد الدنيا ،وحركاته فيها مبنية على غرور ل أصل
له ،فهو تاجر الغرور ل محالة ،ولما كانت المنايا )أي الموت والهلك(
تطالبه بالرحيل عن هذه الدار كانت غريما له يقتضيه ما ل بد له من
أدائه .انتهى.
][199
][200
الدهر ،وفحش تقلبه ،وتقلب الليالي واليام ) (1وأعرض عليه أخبار الماضين،
وذكره بما أصاب من كان قبلك من الولين ،وسر في ديارهم ،واعتبر
آثارهم ،وانظر ما فعلوا وأين حلوا ونزلوا ،وعمن انتقلوا ،فانك تجدهم قد
انتقلوا عن الحبة ،وحلوا دار الغربة وكأنك عن قليل قد صرت كأحدهم،
فأصلح مثواك ،ول تبع آخرتك بدنياك ،ودع القول فيما ل تعرف ،والنظر
فيما ل تكلف ،وأمسك عن طريق إذا خفت ضللته فان الكف عند حيرة
الضللة خير من ركوب الهوال ،وأمر بالمعروف تكن من أهله ،و أنكر
المنكر بلسانك ويدك ،وباين من فعله بجهدك وجاهد في ال حق جهاده ول
تأخذك في ال لومة لئم ،وخض الغمرات إلى الحق حيث كان ،وتفقه في
الدين ،وعود نفسك التصبر على المكروه ) (2فنعم الخلق الصبر ،والجئ
نفسك في المور كلها إلى الهك فانك تلجئها إلى كهف حريز ) (3ومانع
عزيز ،وأخلص في المسألة لربك ،فان بيده العطاء والحرمان ،وأكثر
الستخارة ) (4وتفهم وصيتي ول تذهبن عنك صفحا ،فان خير القول ما
نفع ) (5واعلم أنه ل خير في علم ل ينفع ،ول ينتفع بعلم ل يحق تعلمه .يا
بني إني لما رأيتك قد بلغت سنا ،ورأيتني ازداد وهنا بادرت بوصيتي إليك
لخصال ،منها أن يعجل بي أجلي دون أن أفضى إليك بما في نفسي أو
أنقص في رأيي كما نقصت في جسمي ،أو أن يسبقني إليك بعض غلبات
الهوى وفتن الدنيا وتكون كالصعب النفور ) (6وإنما قلب الحدث كالرض
الخالية ما القي فيها
) (1الصولة :السطوة والقدرة .والفحش بمعنى الزيادة والكثرة (2) .التصبر :تكلف
الصبر (3) .الكهف :الملجأ .والحريز :الحصين (4) .المراد بالستخارة
هنا :اجالة الرأى في المر قبل فعله لختيار أفضل الوجوه .أو طلب الخير
من ال تعالى .ل ما هو المشهور اليوم ويفعله أكثر المقدسين بالسبحة
والمصحف (5) .الصفح :العراض (6) .اشارة إلى أن الصبى إذا لم
يؤدب الداب في حداثة سنه ولم ترض قواه لمطاوعة العقل وموافقته
ربما تميل به القوى الحيوانية إلى مشتهياتها وتصرفه عن وجه الصواب
<-
][201
من شئ إل قبلته ،فبادر بالدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبك ،وتستقبل بجد رأيك
من المر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته ) (1فتكون قد كفيت
مؤونة الطلب ،وعوفيت من علج التجربة ،فأتاك من ذلك ما كنا نأتيه،
واستبان لك منها ما ربما أظلم علينا فيه ) .(2يا بني إني وإن لم أكن قد
عمرت عمر من كان قبلي ،فقد نظرت في أعمارهم ،و فكرت في أخبارهم،
وسرت في آثارهم حتى عدت كأحدهم ،بل كأني بما انتهى إلي من امورهم
قد عمرت مع أولهم إلى آخرهم ،فعرفت صفو ذلك من كدره ،ونفعه من
ضرره ،واستخلصت لك من كل أمر نخيله ،وتوخيت لك جميله )(3
وصرفت عنك مجهوله ،ورأيت حيث عناني من أمرك ما يعني الوالد
الشفيق ،وأجمعت عليه ) (4من أدبك أن يكون ذلك وأنت مقبل العمر مقبل
الدهر ،ذو نية سليمة ،ونفس صافية ،و أن ابتدأك بتعليم كتاب ال عزوجل
وتأويله وشرايع السلم وأحكامه وحلله وحرامه ل اجاوز بك ذلك إلى
غيره ،ثم أشفقت أن يلتبس ما اختلف الناس فيه من أهوائهم و آرائهم مثل
الذي التبس عليهم وكان إحكام ذلك لك على ما كرهت من تنبيهك له أحب
إلى من إسلمك إلى أمر ل آمن عليك فيه الهلكة ) (5ورجوت أن يوفقك
ال فيه لرشدك
< -وما ينبغى له ،فيكون حينئذ كالصعب النفور من البل ،ووجه التشبيه أنه يعسر
حمله على الحق وجذبه إليه كما يعسر قود الجمل الصعب النفور
وتصريفه بحسب المنفعة " .ابن ميثم " ) (1وذلك ليكون جد رأيك أي
محققه وثابته مستعدا لقبول الحقايق التى وقف عليها أهل التجارب
وكفوك طلبها .والبغية -بالكسر :-الطلب (2) .استبان أي ظهر ووضح
وذلك لن العقل حفظ التجارب وإذا ضم رأيه إلى آرائهم ربما يظهر له ما
لم يكن ظهر لهم (3) .النخيل :المختار المصفى وفى بعض النسخ "
جليله " .وتوخيت أي تحريت (4) .أجمعت أي عزمت ،وهو عطف على
" يعنى " و " أن يكون " في محل النصب على أنه مفعول أول لرأيت
ويكون هنا تامة .والواو في قوله " وأنت " للحال (5) .أي أنك وأن كنت
تكره أن ينبهك احد لما ذكرت لك فانى اعد اتقان التنبيه على كراهتك له
أحب إلى من اسلمك أي القائك إلى أمر تخشى عليك فيه الهلكة.
][202
وأن يهديك لقصدك ،فعهدت إليك وصيتي بهذه .واعلم مع ذلك يا بني أن أحب ما
أنت آخذ به من وصيتي إليك تقوى ال والقتصار على ما فرضه ال عليك،
والخذ بما مضى عليه الولون من آبائك و الصالحون من أهل بيتك فانهم
لن يدعوا أن ينظروا لنفسهم كما أنت ناظر ،وفكروا كما أنت مفكر ،ثم
ردهم آخر ذلك إلى الخذ بما عرفوا ،والمساك عما لم يكلفوا فان أبت
نفسك عن أن تقبل ذلك دون أن تعلم كما علموا فليكن طلبك لذلك بتفهم و
تعلم ل بتورط الشبهات وعلو الخصومات ،وابدأ قبل نظرك في ذلك
بالستعانة بإلهك عليه والرغبة إليه وفي توفيقك ونبذ كل شائبة أدخلت
عليك كل شبهة ،أو أسلمتك إلى ضللة فان أيقنت أن قد صفا لك قبلك
فخشع وتم رأيك فاجتمع ،وكان همك في ذلك هما واحدا ،فانظر فيما فسرت
لك ،وإن لم يجتمع لك رأيك على ما تحب من نفسك وفراغ نظرك وفكرك،
فاعلم أنك إنما تخبط خبط العشواء )] (1وتتورط الظلماء[ ) (2وليس
طالب الدين من خبط ول خلط ،والمساك عند ذلك أمثل ) .(3وإن أول ما
أبدؤك به في ذلك وآخره أني أحمد إليك ال إلهي وإله الولين والخرين
ورب من في السماوات والرضين بما هو أهله ،وكما يجب وينبغي له،
ونسأله أن يصلي على سيدنا محمد النبي صلى ال عليه وآله ،وعلى
أنبياء ال بجميع صلة من صلى عليه من خلقه ،وأن يتم نعمته علينا بما
وفقنا له من مسألته بالستجابة لنا فان بنعمته تتم الصالحات .يا بني قد
أنبأتك عن الدنيا وحالها وانتقالها وزوالها بأهلها ،وأنبأتك عن الخرة وما
أعد ال فيها لهلها ،وضربت لك أمثال لتعتبر وتحذو عليها المثال
) (1العشواء :ضعيفة البصر أي تخبط خبط الناقة العشواء ل تأمن أن تسقط فيما ل
خلص منه ،واشعار لفظ الخبط له باعتبار أنه طالب للعلم من غير
استكمال شرائط الطلب وعلى غير وجهه فهو متعسف ،سالك على غير
طريق المطلوب كالناقة العشواء (2) .أي تدخل في الورطة وهى الهلكة.
) (3لن كف النفس عن الخبط والخلط في أمر الدين أقرب إلى الخير
وأفضل.
][203
إنما مثل من أبصر الدنيا كمثل قوم سفر نبا بهم منزل جدب فأموا منزل خصيبا
فاحتملوا وعثاء الطريق ) (1وفراق الصديق ،وخشونة السفر في الطعام
والمنام ليأتوا سعة دارهم ومنزل قرارهم فليس يجدون لشئ من ذلك ألما
ول يرون لنفقته معزما ول شئ أحب إليهم مما يقر بهم من منزلهم ،ومثل
من اغتر بها كقوم كانوا في منزل خصيب فنبا بهم إلى منزل جدب فليس
شئ أكره إليهم ،ول أهول لديهم من مفارقة ما هم فيه إلى ما يهجمون
عليه ،ويصيرون إليه ،ثم فزعتك بأنواع الجهالت لئل تعد نفسك عالما فان
العالم من عرف أن ما يعلم فيما ل يعلم قليل فعد نفسه بذلك جاهل وازداد
بما عرف من ذلك في طلب العلم اجتهادا فما يزال للعلم طالبا وفيه راغبا،
وله مستفيدا ،ولهله خاشعا ،ولرأيه متهما ،وللصمت لزما ،وللخطأ
جاحدا ،ومنه مستحييا وإن ورد عليه ما ل يعرف ل ينكر ذلك لما قد قدر به
نفسه من الجهالة ،وأن الجاهل من عد نفسه بما جهل من معرفة العلم
عالما وبرأيه مكتفيا فما يزال من العلماء مباعدا ،وعليهم زاريا ،ولمن
خالفه مخطيا ،ولما لم يعرف من المور مضلل ،وإذا ورد عليه من المر
ما ل يعرفه أنكره وكذب به ،وقال بجهالته ما أعرف هذا ،وما أراه كان،
وما أظن أن يكون وأنى كان ،ول أعرف ذلك لثقته برأيه ،وقلة معرفته
بجهالته فما ينفك مما يرى فيما يلتبس عليه رأيه ،ومما ل يعرف للجهل
مستفيدا ،وللحق منكرا ،وفي اللجاجة متجريا ،وعن طلب العلم مستكبرا .يا
بني تفهم وصيتي واجعل نفسك ميزانا فيما بينك وبين غيرك وأحب لغيرك
ما تحب لنفسك ،وأكره له ما تكره لها ،ل تظلم كما ل تحب أن تظلم،
وأحسن كما تحب أن يحسن إليك ،واستقبح لنفسك ما تستقبحه من غيرك،
وارض من الناس ما ترضى لهم منك ،ول تقل ما ل تعلم ،بل ل تقل كلما
علمت مما ل تحب أن
) (1نبا الشئ :بعد وتأخر .والجدب ضد الخصب .وجدب المكان أي انقطع عنه
المطر .والخطب -بالكسر :-كثرة العشب ورجل خصيب كثير الخير.
ووعثاء السفر :مشقته .وفى بعض النسخ " جديب ".
][204
يقال لك ،واعلم أن العجاب ضد الصواب ) (1وآفة اللباب ،وإذا هديت لقصدك فكن
أخشع ما تكون لربك ]وأسعى في كدحك ،ول تكن خازنا لغيرك[ .واعلم يا
بني إن أمامك طريقا ذا مسافة بعيدة ،وأهوال شديدة ،وإنه لغنا بك عن
حسن الرتياد ،وقدر بلغك من الزاد ) (2مع خفة الظهر ،فل تحملن على
ظهرك فوق بلغك ،فيكون ثقيل ووبال عليك ،وإذا وجدت من أهل الحاجة
من يحمل لك زادك ]إلى يوم القيامة[ فيوافيك به ]غدا[ حيث تحتاج إليه
فاغتنمه ،واغتنم من استقرضك في حال غناك وجعل قضاءه لك في يوم
عسرتك ]وحمله إياه ،وأكثر من تزويده وأنت قادر عليه فلعلك تطلبه فل
تجده[ واعلم أن أمامك عقبة كؤودا ) (3ل محالة أن مهبطها بك على جنة
أو نار ،فارتد لنفسك قبل نزولك .وأعلم أن الذي بيده خزائن ملكوت الدنيا
والخرة قد أذن لدعائك ،وتكفل لجابتك ،وأمرك أن تسأله ليعطيك وهو
رحيم كريم ،لم يجعل بينك وبينه من يحجبك عنه ،ولم يلجئك إلى من يشفع
لك إليه ،ولم يمنعك إن أسأت من التوبة ولم يعيرك بالنابة ،ولم يعاجلك
بالنقمة ،ولم يفضحك حيث تعرضت للفضيحة ولم يناقشك بالجريمة ،ولم
يؤيسك من الرحمة ،ولم يشدد عليك في التوبة ،فجعل توبتك التورع عن
الذنب ،وحسب سيئتك واحدة وحسنتك عشرا ،وفتح لك باب المتاب
والستعتاب ،فمتى شئت سمع ندإك ونجواك فأفضيت إليه بحاجتك وأبثثته
ذات نفسك ) (4وشكوت إليه همومك ،واستعنته على امورك ،ثم جعل في
يدك مفاتيح خزائنه بما أذن فيه من مسألته ،فمتى شئت استفتحت بالدعاء
أبواب خزائنه ،فألحح
) (1العجاب :استحسان ما يصدر عن النفس (2) .الرتياد :الطلب أصله واوى من
راد يرود ،وحسن الرتياد :اتيانه من وجهه والبلغ -بالفتح -الكفاية أي
ما يكفى من العيش ول يفضل (3) .الكؤود :صعبة شاقة المصعد(4) .
أفضيت :ألقيت وأبلغت إليه .وأبث فلنا الخير :اطلعه عليه.
][205
عليه في المسألة يفتح لك أبواب الرحمة ،ل يقنطك إن أبطأت عليك الجابة فإن
العطية على قدر المسألة ،وربما اخرت عنك الجابة ليكون أطول للمسألة
وأجزل للعطية ،ربما سألت الشئ فلم تؤتاه واوتيت خيرا منه عاجل أو
آجل أو صرت إلى ما هو خير لك ،فلرب أمر قد طلبته وفيه هلك دينك
ودنياك لو اوتيته ،ولتكن مسألتك فيما يعنيك مما يبقى لك جماله وينفى
عنك وباله ،والمال ل يبقى لك ول تبقى له ،فإنه يوشك أن ترى عاقبة
أمرك حسنا أو سيئا أو يعفو العفو الكريم .واعلم يا بني إنك إنما خلقت
للخرة ل للدنيا ،وللفناء ل للبقاء ،وللموت ل للحياة ،وأنك في منزل قلعة،
ودار بلغة ) (1وطريق إلى الخرة ،وأنك طريد الموت الذي ل ينجو هاربه،
ولبد أنه مدركك يوما ،فكن منه على حذر أن يدركك على حال سيئة قد
كنت تحدث نفسك منها بالتوبة فيحول بينك وبين ذلك ،فإذا أنت قد أهلكت
نفسك .يا بني أكثر من ذكر الموت وذكر ما تهجم عليه وتفضي بعد الموت
إليه واجعله أمامك حيث ]تراه حتى[ يأتيك وقد أخذت منه حذرك وشددت
له أزرك ،و ل يأتيك بغتة فيبهرك ) (2ول يأخذك على غرتك ،وأكثر ذكر
الخرة وما فيها من النعيم والعذاب الليم ،فإن ذلك يزهدك في الدنيا
ويصغرها عندك .وإياك أن تغتر بما ترى من إخلد أهلها وتكالبهم عليها )
(3وقد نبأك ال جل جلله عنها ونعت إليك نفسها وتكشفت لك عن
مساويها ،فانما أهلها كلب عاوية وسباع ضارية يهر بعضها بعضا )(4
ويأكل عزيزها ذليلها ]ويقهر كبيرها صغيرها[
) (1القلعة -بالضم فالسكون -أي ل يصلح للستيطان والقامة ،يقال منزل قلعة
أي ل يملك لنازله ،ويقلع عنه ول يدرى متى ينتقل عنه .والبلغة :ما يبلغ
به من العيش والمراد أنها دار تؤخذ فيها الكفاية للخرة (2) .أي يغلبك.
) (3التكالب :التواثب أي شدة حرصهم عليها (4) .ضارية أي مولعة
بالفتراس :ويهر أي يكره أن ينظر بعضها بعضا ويمقت.
][206
وكثيرها قليلها ،نعم معقلة واخرى مهملة قد أضلت عقولها ) (1وركبت مجهولها
سروح عاهة في داروعث ) (2ليس لها راع يقيمها ،ألعبتهم الدنيا فلعبوا
بها ،ونسوا ما وراءها ،رويدا حتى يسفر الظلم ) (3كان ورب الكعبة
يوشك من أسرع أن يلحق .واعلم أن كل من كانت مطيته الليل والنهار )(4
فإنه يساربه وإن كان ل يسير ،أبى ال إل خراب الدنيا وعمارة الخرة .يا
بني فإن تزهد فيما زهدتك فيه وتعزف نفسك عنها ) (5فهي أهل ذلك ،وإن
كنت غير قابل نصيحتي إياك فيها فاعلم يقينا أنك لن تبلغ أملك ول تعدو
أجلك فإنك في سبيل من كان قبلك فخفض ) (6في الطلب ،وأجمل في
المكتسب فانه رب طلب قد جر إلى حرب ) (7وليس كل طالب بناج ،وكل
مجمل بمحتاج ،وأكرم
) (1النعم -محركة :-البل أي أهلها على قسمين ،قسم كابل منعها عن الشر
عقالها وهم الضعفاء وأخرى مهملة تأتى من السوء ما تشاء وهم
القوياء ،و " معلقة " من العقال وعقل البعير شد وظيفه إلى ذراعه.
وقوله " أضلت عقولها " أي اضاعت عقولها وركبت طريقها المجهول
لها (2) .السروح -بالضم -جمع سرح -بفتح السين وسكون الراء :-
المال السائم من البل ونحوها الماشية .والعاهة :الفة .والوعث :الطريق
العسر يصعب السير فيه (3) .رويدا مصدر أرود ،مصغرا تصغير
الترخيم :مهل .ويسفر أي يكشف والمعنى عن قريب يكشف ظلم الجهل
عما خفى من الحقيقة بحلول الموت (4) .المطية :الدابة التى تركب(5) .
أي تزهد نفسك عنها ول تشتهيها (6) .أي فسهل من الخفض بمعنى
السهل (7) .الحرب -محركة :-سلب المال ،من حرب الرجل :سلبه ماله
وتركه بل شئ .وأيضا بمعنى الهلك والويل.
][207
نفسك عن دنية وإن ساقتك إلى الرغائب ) (1فانك لن تعتاض بما تبذل شيئا من
دينك وعرضك بثمن وإن جل ،ومن خير حظ امرء قرين صالح ،فقارن أهل
الخير تكن منهم ،وباين أهل الشر تبن عنهم ،ل يغلبن عليك سوء الظن
فانه ل يدع بينك وبين صديق صفحا ) (2بئس الطعام الحرام ،وظلم
الضعيف أفحش الظلم ،والفاحشة كاسمها ،والتصبر على المكروه يعصم
القلب ،وإذا كان الرفق خرفا كان الخرق رفقا ) (3وربما كان الداء دواء،
وربما نصح غير الناصح ،وغش المستنصح ) (4وإياك والتكال على
المنى فإنها بضائع النوكى ) (5ومطل عن الخرة والدنيا ) (6زك قلبك
بالدب كما يذكى النار بالحطب ،ول تكن كحاطب الليل وغثاء السيل ).(7
) (1الدنية مؤنث الدنى :الساقط الضعيف والخصلة المذمومة والنقيصة .والمراد أن
طلب المال لصيانة النفس وحفظه فلو أتعبت وبذلت نفسك لتحصيل المال
فقد ضيعت ما هو المقصود منه فل عوض لما ضيع .والرغائب :جمع
الرغيبة وهى المر المرغوب فيه ،والعطاء الكثير .وقوله " فانك لن
تعتاض " أي لن تجد عوضا عما تبذل (2) .الصفح العراض(3) .
الخرق -بضم الخاء وسكون الراء -وبالتحريك ضد الرفق ،والعنف يعنى
إذا كان العنف في مقام يلزمه لمصلحة كمقام التأديب واجراء الحدود
يكون ابداله بالرفق عنفا ويكون العنف في هذا المقام من الرفق .فل
يجوز وضع كل منهما موضع الخر (4) .المستنصح :المطلوب منه
النصح (5) .المنى جمع المنية -بالضم فالسكون :-ما يتمناه النسان
لنفسه ويعلل نفسه باحتمال الوصول إليه .والبضائع جمع بضاعة وهى
من المال ما اعد للتجارة .والنوكى -كسكرى -جمع النوك أي الحمق
وأيضا المقهور والمغلوب والمراد هنا الضعيف النفس في الرأى والعمل.
) (6المطل :التسويف والتعويق وفى المصدر " وتثبط في الخرة والدنيا
" وفى التحف " وتثبط عن الخرة والدنيا " ولعله هو الصواب والتثبط:
ايضا التعويق (7) .الحاطب الذى يجمع الحطب .وإذا كان ذلك في ظلمة
الليل خلط الحابل بالنابل وهو مثل يضرب لمن خلط في كلمه .والغثاء
بالغين المعجمة والثاء المثلثة -الزبد و البالى من ورق الشجر المخالط
زبد السيل.
][208
وكفر النعمة لؤم ،وصحبته الجاهل شؤم ،والعقل حفظ التجارب ،وخير ما جربت ما
وعظك ،ومن الكرم لين الشيم ) (1بادر الفرصة قبل أن تكون غصة ،ومن
الحزم العزم ،ومن سبب الحرمان التواني ،ليس كل طالب يصيب ول كل
راكب يؤوب ) (2ومن الفساد إضاعة الزاد ،لكل امرء عاقبة ،رب مصير
بما تصير ) (3ول خير في معين مهين ،ول تبيتن من أمر على عذر )(4
من حلم ساد ومن تفهم ازداد ،ولقاء أهل الخير عمارة القلب ،ساهل الدهر
ماذل لك قعوده ) .(5وإياك أن تطيح بك مطية اللجاج ) (6وإن قارفت سيئة
فعجل محوها بالتوبة ول تخن من ائتمنك وإن خانك ،ول تذع سره وإن
أذاع سرك ،ول تخاطر بشئ رجاء أكثر منه ،واطلب فانه يأتيك ما قسم لك،
والتاجر مخاطر ،وخذ بالفضل وأحسن البذل ،وقل للناس حسنا .وأي كلمة
حكم ) (7جامعة أن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لها ؟ !
إنك قل ما تسلم ممن تسرعت إليه ،أو تندم إذا فضلت عليه ،واعلم أن من
) (1الشيم -بالكسر فالفتح -جمع شيمة وهى الخلق والطبيعة والمراد الخلق
الحسنة (2) .آب يؤوب من السفر :رجع (3) .في التحف " رب يسير
أنمى من كثير " (4) .وكذا في النهج ،وفى التحف " ول تبيتن من أمر
على غرر " والغرر بالتحريك المغرور به (5) .القعود -بالفتح :-من
البل ما يقتعده الراعى في كل حاجة أي يتخذ مركبا ويقال للبل :الفصيل
من قياده (6) .أطاحه :أهلكه وأذهبه ،وفى التحف " أن تجمح بك ".
يقال جمحت المطية :تغلب على راكبه وذهب به وجمحت به أي طرحت
به وحمله على ركوب المهالك .واللجاج -بالفتح :-الخصومة .أي انى
احذرك من أن تغلبك الخصومات فل تملك نفسك من الوقوع في مضارها.
) (7وكذا في التحف ،وفى المصدر " وأحسن كلمة حكم ".
][209
الكرم الوفاء بالذمم ،والصدود آية المقت ) (1وكثرة العلل آية البخل ،ولبعض
إمساكك على أخيك مع لطف خير من بذل مع جنف ) (2ومن الكرم صلة
الرحم ومن يثق بك أو يرجو صلتك إذا قطعت قرابتك ؟ ) (3التجرم وجه
القطيعة ،احمل نفسك من أخيك عند صرمه إياك على الصلة ) ،(4وعند
صدوره على لطف المسألة ،وعند جموده على البذل ) (5وعند تباعده على
الدنو ،وعند شدته على اللين ،وعند تجرمه ) (6على العذار حتى كأنك له
عبد وكأنه ذو النعمة عليك ،وإياك أن تصنع ذلك في غير موضعه ،أو
تفعله في غير أهله .ول تتخذن عدو صديقك صديقا فتعادي صديقك ،ول
تعمل بالخديعة فانه خلق لئيم ،وامحض أخاك النصيحة ،حسنة كانت أو
قبيحة ،وساعده على كل حال ،وزل معه حيث زال ،ول تطلبن مجازاة أخيك
وإن حثا التراب بفيك ) (7وجد على عدوك بالفضل فانه أحرى للظفر،
وتسلم من الدنيا بحسن الخلق وتجرع الغيظ ،فاني لم أر جرعة أحلى منه
عاقبة ول ألذ منها مغبة ) (8ول تصرم أخاك على ارتياب ول تقطعه
) (1الذمم -بكسر الول وفتح الثاني :-جمع الذمة :العهد والمان والضمان،
والصدود العراض والميل عن الشئ .والمقت شدة البغض (2) .الجنف:
الجور ،وربما كان المساك مع حسن الخلق خير من البذل مع الجور قال
ال تعالى في سورة البقرة " 265 :قول معروف ومغفرة خير من صدقة
يتبعها أذى " (3) .يعنى بعد إذ أنت قطعت رحمك فمن ذا الذى يثق بك أو
يرجو صلتك ؟ .وقوله " والتجرم وجه القطيعة " لن التجرم اتيان الجرم
أو حصوله مرة بعد مرة وذلك موجب للقطيعة (4) .الصرم -بالضم أو
الفتح -القطيعة .وقوله " على الصلة " متعلق باحمل نفسك أي ألزم
نفسك بصلة صديقك إذا قطعك وهكذا بعده (5) .المراد بالجمود :البخل) .
(6التجرم :تفعل من باب جرم بمعنى حصول الجرم مرة بعد مرة(7) .
حثا التراب أي صبه (8) .المغبة -بشد الباء الموحدة :-العاقبة .أي لكظم
الغيظ لذة تجدها النفس عند الفاقة منه ،وهى ألذ وأحلى من لذة النتقام
وهى الخلص من الضرر المعقب لفعل الغضب.
][210
دون استعتاب ) (1ولن لمن غالظك فإنه يوشك أن يلين لك .ما أقبح القطيعة بعد
الصلة والجفاء بعد الخاء ،والعداوة بعد المودة ،والخيانة لمن ائتمنك،
والغدر بمن استأمن إليك ،وإن أرت قطيعة أخيك فاستبق له من نفسك بقية
يرجع إليها إن بداله ولك يوما ما ) (2ومن ظن لك خيرا فصدق ظنه )(3
ول تضيعن حق أخيك اتكال على ما بينك وبينه فإنه ليس لك بأخ من
أضعت حقه ،ول يكن أهلك أشقى الناس بك ،ول ترغبن في من زهد فيك،
ول يكونن أخوك أقوى على قطيعتك منك على صلته ) (4ول تكونن على
الساءة أقوى منك على الحسان ،ول على البخل أقوى منك على البذل،
ول على التقصير أقوى منك على الفضل ،ول يكبرن عليك ظلم من ظلمك
وإنما يسعى في مضرته ونفعك ،وليس جزاء من سرك أن تسوءه ،والرزق
رزقان رزق تطلبه ،ورزق يطلبك ،فان لم تأته أتاك ) .(5واعلم يا بني أن
الدهر ذو صروف ) (6فل تكن ممن يشتد لئمته ويقل عند الناس عذره ،ما
أقبح الخضوع عند الحاجة ،والجفاء عند الغنى ،إنما لك من دنياك ما
) (1الرتياب :التهام والشك :والستعتاب :طلب العتبى أي السترضاء (2) .أي
بقية من الصلة يسهل لك معها الرجوع إليه " ان بداله " أي ظهر له
حسن العودة يوما ما (3) .أي بلزوم الخير الذى ظن بك (4) .أمر عليه
السلم بلزوم حفظ الصداقة .يعنى إذا أتى أخوك بالقطيعة فقابلها أنت
بالصلة حتى تغلبه ول يكونن هو أقدر على ما يوجب القطيعة منك على ما
يوجب الصلة ،و هكذا بعده (5) .الرزق الطالب ما هو المقدر للنسان فان
لم يأته أتاه واما المطلوب ما كان مبدؤه الحرص (6) .صرف الدهر
وصروفه :نوائبه وحدثانه يعنى أن الدهر بحقيقته متغير ومتبدل ومتزلزل
ل يثبت بحال ول يدوم على وجه وقد اذن بقراقه ونادت بتغيره ونعت
نفسه وأهله فل يجوز ان تشتد ذمه ولومه .واللئمة :اللوم والذم.
][211
أصلحت به مثواك فأنفق في حق ول تكن خازنا لغيرك ،وإن كنت جازعا على ما
تفلت من بين يديك ) (1فاجزع على ]كل[ ما لم يصل إليك واستدلل على ما
لم يكن بما كان فإنما المور أشباه ،ول تكفر ذا نعمة فان كفر النعمة من
ألم الكفر ،واقبل العذر ول تكونن ممن ل ينتفع من الغطة إل بما لزمه
إزالته فان العاقل يتعظ بالدب ،و البهايم ل يتعظ إل بالضرب ،اعرف الحق
لمن عرفه لك ،رفيعا كان أو وضيعا ،واطرح عنك واردات الهموم بعزائم
الصبر وحسن اليقين ) (2من ترك القصد جار ،ونعم حظ المرء القنوع،
ومن شر ما صحب المرء الحسد ،وفي القنوط التفريط ،والشح يجلب
الملمة ،والصاحب مناسب ) (3والصديق من صدق غيبه ) (4والهوى
شريك العمى ) (5ومن التوفيق الوقوف عند الحيرة ،ونعم طارد الهموم
اليقين ،وعاقبة الكذب الندم ،وفي الصدق السلمة ،ورب بعيد أقرب من
قريب ،والغريب من لم يكن له حبيب ،ل يعدمك من شفيق سوء الظن ،ومن
حم ظمئ ) (6ومن تعدى الحق ضاق مذهبه ،ومن اقتصر على قدره كان
أبقى له ،نعم الخلق التكرم ) (7والم اللؤم البغي عند القدرة ،والحياء سبب
إلى كان جميل ،وأوثق العرى التقوى ،وأوثق سبب أخذت به سبب بينك
وبين ال
) (1أي ما تملص وتخلص من اليد فلم يمكن أن يحفظه .والمراد ل تجزع على ما
فاتك فان الجزع على ما لم تصله ،فالثاني ل يجوز لنه ل يحصر فينال
فالجزع عليه مذموم فكذا الول (2) .العزائم جمع العزيمة وهى ما جزمت
بها ولزمتها من الرادة المؤكدة الراسخة (3) .ينبغى أن يكون الصاحب
كالنسبب المشفق ويراعى في المصاحب ما يراعى في قرابة النسب(4) .
أي من حفظ لك حقك في ظهر الغيب (5) .يعنى في كونهما موجبين
للظلل وعدم الهتداء معهما إلى ما ينبغى من المصلحة .وفى بعض نسخ
الحديث " والهوى شريك العناء " والعناء الشقاء والتعب (6) .حم
الرجل :أصابته الحمى وظمئ أي عطش .وفى بعض نسخ الحديث " من
حمى طنى " يعنى من منع نفسه عما يضره نال العافية (7) .التكرم تكلف
الكرم ،وتكرم عنه :تنزه.
][212
سرك من أعتبك ) (1والفراط في الملمة يشب نيران اللجاجة ،كم من دنف قد نجا
) (2وصحيح قد هوى ،وقد يكون اليأس إدراكا إذا كان الطمع هلكا )(3
وليس كل عورة تظهر ول كل فريضة تصاب ،وربما أخطأ البصير قصده
وأصاب العمى رشده وليس كل من طلب وجد ،ول كل من توفى نجا ،أخر
الشر فانك إذا شئت تعجلته وأحسن إن أحببت أن يحسن إليك ،واحتمل
أخاك على ما فيه ،ول تكثر العتاب فانه يورث الضغينة ) (4واستعتب من
رجوت عتباه ،وقطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل ،ومن الكرم منع الحزم،
ومن كابر الزمان عطب ) (5ومن ينتقم عليه غضب ،ما أقرب النقمة من
أهل البغي وأخلق بمن غدر أن ل يوفى له ،زلة المتوفي أشد زلة ،وعلة
الكذب أقبح علة ،والفساد يبير الكثير ) (6والقتصاد ينمى اليسير ،والقلة
ذلة ،وبر الوالدين من أكرم الطباع ،والمخافة شر يخاف ،والزلل مع
العجل ،ول خير في لذة تعقب ندما العاقل من وعظته التجارب ،ورسولك
ترجمان عقلك ،والهدى يجلو العمى ،وليس مع الخلف ائتلف ،من خير
خوانا فقد خان ،لن يهلك من اقتصد ولن يفتقر من زهد ،ينبئ
) (1اعتبه :أعطاه العتبى وأرضاه أي ترك ما كان يغضب عليه من أجله ورجع إلى
ما أرضاه عنه بعد اسخاطه اياه عليه وحقيقته ازال عنه عتبه والهمزة
فيه همزة السلب كما في أشكاه والسم العتبى .وقوله " شرك " في
بعض نسخ الحديث " منك " بشد النون (2) .الدنف -محركة :-المرض
اللزم .والمريض الذى لزمه المرض بلفظ واحد في الجميع .يقال :رجل
دنف وامرأة دنف وهما دنف -مذكرا ومؤنثا -وهم وهن دنف مصدر
وصف به .والدنف -ككتف :-من لزمه المرض والجمع ادناف(3) .
يعنى إذا كان الطمع في الشئ هلكا كان اليأس من ذلك الشئ ادراكا
للنجاة (4) .الضغينة :الحقد (5) .عطب الرجل -كفرح -يعطب عطبا:
هلك (6) .أباره أهلكه.
][213
عن امرء دخيله ) (1رب باحث عن حتفه ) (2ل يشوبن بثقة رجاء ) (3وما كل ما
يخشى يضر ،ولرب هزل قد عاد جدا ،من أمن الزمان خانه ،ومن تعظم
عليه أهانه ،ومن ترغم عليه أرغمه ،ومن لجأ إليه أسلمه ،وليس كل من
رمى أصاب ،وإذا تغير السلطان تغير الزمان ،خير أهلك من كفاك ،المزاح
تورث الضغائن ،أعذر من اجتهد ،وربما أكدى الحريص ) .(4رأس الدين
صحة اليقين ،تمام الخلص تجنب المعاصي ،خير المقال ما صدقه الفعال،
السلمة مع الستقامة ،والدعاء مفتاح الرحمة ،سل عن الرفيق قبل
الطريق وعن الجار قبل الدار ،وكن عن الدنيا على قلعة ) (5احمل من أدل
عليك ) (6واقبل عذر من اعتذر إليك ،وخذ العفو من الناس ،ول تبلغ من
أحد مكروها ) (7وأطع أخاك وإن عصاك ،وصله وإن جفاك ،وعود نفسك
السماح ) (8وتخير لها من كل خلق أحسنه ،فان الخير عادة .وإياك أن
تكثر من الكلم هذرا وأن تكون مضحكا وإن حكيت ذلك عن غيرك وأنصف
من نفسك ،واياك ومشاورة النساء فان رأيهن إلى الفن ،وعزمهن إلى
الوهن ) (9واكفف عليهن من أبصارهن بحجابك إياهن فان شدة الحجاب
خير لك
) (1الدخيل من دخل في قوم وانتسب إليهم وليس منهم .ودخيل الرجل داخلته
ودخيلة المرء :باطنه وضميره (2) .الباحث الحافر .والحتف :الموت أي
كم من حافر قبره بيده .يضرب لمن يطلب ما يؤدى أي هلكه (3) .في
بعض نسخ الحديث والتحف " ل تشترين بثقة رجاء " (4) .أكدى الرجل
أي لم يظفر بحاجته (5) .أي على رحلة وعدم سكونك للتوطن (6) .أدل
عليه وثق بمحبته فأفرط عليه ،واجترأ عليه والمراد هنا المعنى الثاني) .
(7في التحف " ول تبلغ إلى أحد مكروهه " (8) .أي صير نفسك معتادة
بالسماحة والجود (9) .الفن -بالتحريك :-ضعف الرأى .والوهن:
الضعف.
][214
) (1أي ادخال من ل يوثق به عليهن اما مساو لخروجهن في المفسدة أو أشد وكل
ما كان كذلك ل يجوز الرخصة فيه ،وانما كان أشد في بعض الصور لن
دخول من ل يوثق به عليهن أمكن لخلوته بهن والحديث معهن فيها يزاد
من الفساد (2) .أي ل تكرمها بكرامة تتعدى صلحها أول تجاوز باكرامها
نفسها فتكرم غيرها بشفاعتها (3) .أين هذه الوصية من حال الذين
يصرفون النساء في مصالح المة ويعدون أنفسهم -على ما يلهجون بها
:-المصلح ويرفعون الصوات بانتصار المرأة ومطالبة حقها في الشؤون
الجتماعية ويزعمون أن العفاف اهتضام المرأة وصيانتها عن الفساد
تضييع حقها ويقولون كلمة حق أرادوا به الباطل ،فأوقدوا نيران
الشهوات وأفسدوا المة .وإذا قيل لهم ل تفسدوا في الرض قالوا انما
نحن مصلحون أل انهم هم المفسدون ولكن ل يشعرون (4) .عثر يعثر
عثورا على السر وغيره :اطلع عليه (5) .التغاير :اظهار الغيرة على
المرأة بسوء الظن في حالها من غير موجب (6) .أي ان الخير الذى ل
ينال ال بشر ل يكون خيرا بل يكون شرا لن طريقه شر فكيف يكون
خيرا .وهكذا ما ل ينال ال بعسر ل يكون يسرا .وقيل :ان العسر الذى
يخشاه النسان هو ما يضطره لرذيل الفعال فهو يسعى كل جهده ليتحامى
الوقوع فيه فان جعل الرذائل وسيلة لكسب اليسر أي السعة فقد وقع أول
المر فيما يهرب منه فما الفائدة في يسره وهو ل يحميه من النقيصة) .
(7توجف أي تسرع سيرا سريعا .والمطايا جمع المطية وهى الدابة التى
تركب .والمناهل جمع منهل :موضع الشرب على الطريق وما ترده ابل
ونحوها للشرب.
][215
استطعت أن ل يكون بينك وبين ال ذو نعمة فافعل ،فانك مدرك قسمك وآخذ سهمك،
وإن اليسير من ال أكرم وأعظم من الكثير من خلقه وإن كان كل منه ،فان
نظرت -فلله المثل العلى -فيما تطلب من الملوك ومن دونهم من السفلة
لعرفت أن لك في يسير ما تصيب من الملوك افتخارا ،وإن عليك في كثير
ما تطلب من الدناة عارا ) (1إنك ليس بايعا شيئا من دينك وعرضك بثمن،
والمغبون من غبن نفسه من ال ،فخذ من الدنيا ما آتاك ،وتول عما تولى
عنك ،فان أنت لم تفعل فأجمل في الطلب ،وإياك ومقاربة من رهبته على
دينك وعرضك ،وباعد السلطان لتأمن خدع الشيطان وتقول :متى أرى ما
أنكر نزعت ،فانه هكذا هلك من كان قبلك ،إن أهل القبلة قد أيقنوا بالمعاد،
فلو سمت بعضهم ببيع آخرته بالدنيا لم تطب بذلك نفسا ) (2وقد يتخيله
الشيطان بخدعه ومكره حتى يورطه في هلكة بعرض من الدنيا ) (3يسير
حقير وينقله من شئ إلى شئ حتى يؤيسه من رحمة ال ويدخله في
القنوط فيجد الراحة إلى ما خالف السلم وأحكامه فان نفسك أبت إل حب
الدنيا وقرب السلطان فخالفتك إلى ما نهيتك عنه مما فيه رشدك فأملك
عليه لسانك فإنه ل ثقة للملوك عند الغضب ،فل تسأل عن أخبارهم ول
تنطق بأسرارهم ول تدخل فيما بينهم .وفي الصمت السلمة من الندامة،
وتلفيك ما فرط من صمتك أيسر من إدراك فائدة ما فات من منطقك ،وحفظ
ما في الوعاه بشد الوكاء ،وحفظ ما في يديك أحب
) (1الدناءة :جمع دان أو الدنى وهو الخسيس (2) .أي فلو عرضت للبيع من سام
السلعة يسوم أي عرضها وذكر ثمنها .والمعنى أنك لو عرضت ببعضهم
بأن يبيع آخرته بالدنيا لم ترض بذلك ولم تطب نفسا بهذه التجارة(3) .
حتى يورطه أي يلقيه في الورطة ويوقعه في المهلكة " .بعرض الدنيا "
أي بحطام الدنيا ومتاعها .يعنى أن الشيطان ما زال يسول له بشئ حقير
من متاع الدنيا حتى يئس من رحمة ال ويخرجه منها فينجر المر في
متابعته إلى ما خالف السلم.
][216
][217
كلما كررته يتضوع - 2 .من الوالد الفان ،والمقر للزمان ،المدبر العمر ،المستسلم
للدهر ،الذام للدنيا ،الساكن مساكن الموتى ،الظاعن عنها إليهم غدا إلى
المولود المؤمل ما ل يدرك السالك سبيل من ]قد[ هلك ،غرض السقام
ورهينة اليام ورمية المصائب وعبد الدنيا وتاجر الغرور وغريم المنايا
وأسير الموت وحليف الهموم وقرين الحزان ونصب الفات وصريع
الشهوات وخليفة الموات -أما بعد -فإن فيما تبينت من إدبار الدنيا عني
وجموح الدهر علي وإقبال الخرة إلى ما يزعني عن ذكر من سواي
والهتمام بما ورائي غير أنه حيث تفرد بي دون هموم الناس هم نفسي
فصدفني رأيي وصرفني هواي وصرح لي محض أمري فأفضى بي إلى جد
ل يكون فيه لعب وصدق ل يشوبه كذب] .و[ وجدتك بعضي بل وجدتك كلي
حتى كأن شيئا ]لو[ أصابك أصابني وكأن الموت لو أتاك أتاني ،فعناني من
أمرك ما يعنيني من أمر نفسي فكتبت إليك كتابي هذا مستظهرا به إن أنا
بقيت لك أو فنيت ) .(1فإني اوصيك بتقوى ال أي بني ولزوم أمره
وعمارة قلبك بذكره والعتصام بحبله وأي سبب أوثق من سبب بينك وبين
ال إن ]أنت[ أخذت به .أحي قلبك بالموعظة وموته بالزهد وقوه باليقين
وذل بالموت ) (2وقرره بالفناء وبصره فجائع الدنيا وحذره صولة الدهر
وفحش تقلب الليالي واليام و أعرض عليه أخبار الماضين وذكره بما
أصاب من كان قبله وسر في بلدهم وآثارهم و انظر ما فعلوا وأين حلوا
وعمن انتقلوا فإنك تجدهم انتقلوا عن الحبة وحلوا دار الغربة وناد في
ديارهم :أيتها الديار الخالية أين أهلك ؟ ثم قف على قبورهم فقل :أيتها
الجساد البالية والعضاء المتفرقة كيف وجدتم الدار التي أنتم بها ؟ أي
بني و كأنك عن قليل قد صرت كأحدهم فأصلح مثواك ول تبع آخرتك بدنياك
ودع القول
) (1تقدم تفسير جملت الحديث في ما نقل عن كتاب كشف المحجة (2) .في النهج
" وأمته بالزهادة وقوه باليقين ونوره بالحكمة وذل بذكر الموت ".
][218
فيما ل تعرف والخطاب فيما ل تكلف وأمسك عن طريق إذا خفت ضلله فان الكف
عن حيرة الضللة خير من ركوب الهوال ،وأمر بالمعروف تكن من أهله
وأنكر المنكر بلسانك ويدك وباين من فعله بجهدك وجاهد في ال حق
جهاده ول تأخذك في ال لومة لئم ،وخض الغمرات إلى الحق حيث كان )
(1وتفقه في الدين وعود نفسك التصبر ) (2وألجئ نفسك في المور كلها
إلى إلهك فإنك تلجئها إلى كهف حريز ،ومانع عزيز ،وأخلص في المسألة
لربك فان بيده العطاء والحرمان وأكثر الستخارة ،وتفهم وصيتي ول
تذهبن ]عنها[ صفحا ) (3فإن خير القول ما نفع ،واعلم أنه ل خير في علم
ل ينفع ول ينتفع بعلم حتى ل يقال به .(4) .أي بني إني لما رأيتك قد بلغت
سنا ) (5ورأيتني أزداد وهنا بادرت بوصيتي إياك خصال منهن مخافة أن
يعجل بي أجلي ) (6دون أن أفضي إليك بما في نفسي أو أنقص في رأيي
كما نقصت في جسمي أو يسبقني إليك بعض غلبات الهوى وفتن الدنيا
فتكون كالصعب النفور ،وإنما قلب الحدث كالرض الخالية ما القي فيها من
شئ قبلته فبادرتك بالدب قبل أن يقسو قلبك ويشغل لبك لتستقبل بجد رأيك
من المر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته ) (7فتكون قد كفيت
مؤونة الطلب وعوفيت
) (1في بعض نسخ الحديث " للحق " مكان " بالموت " .الغمرات :الشدائد(2) .
في النهج " وعود نفسك التصبر على المكروه ونعم الخلق التصبر ".
والتصبر :تكلف الصبر (3) .الصفح :العراض .وفى بعض النسخ " ل
تذهبن منك صفحا " (4) .في النهج " ول ينتفع بعلم ل يحق تعلمه ".
وذلك تنبيه على أن من العلوم ما ل خير فيه وهى التى نهت الشريعة عن
تعلمها كالسحر والكهانة والنجوم والنيرنجات ونحوها (5) .في النهج "
انى لما رأيتنى قد بلغت سنا " (6) .في النهج " بادرت بوصيتي اليك
وأوردت خصال منها قبل أن يعجل بى أجلى " (7) .وذلك ليكون جد رأيك
أي محققه وثابته مستعدا لقبول الحقائق التى وقف عليها أهل التجارب
وكفوك طلبها .والبغية بالكسر :الطلب .وفى بعض النسخ " تعقله
وتجربته ".
][219
من علج التجربة فأتاك من ذلك ما قد كنا نأتيه واستبان لك منه ما ربما أظلم علينا
فيه .أي بني وإنى وإن لم أكن عمرت عمر من كان قبلي فقد نظرت في
أعمالهم وفكرت في أخبارهم وسرت في آثارهم حتى عدت كأحدهم بل كأني
بما انتهى إلي من امورهم قد عمرت مع أولهم إلى آخرهم فعرفت صفو
ذلك من كدره ونفعه من ضره ،فاستخلصت لك من كل أمر نخيله وتوخيت
لك جميله ،وصرفت عنك مجهوله ورأيت حيث عناني من أمرك ما يعني
الوالد الشفيق وأجمعت عليه من أدبك أن يكون ذلك وأنت مقبل بين ذي
النقية والنية وأن أبدأك بتعليم كتاب ال ) (1وتأويله وشرائع السلم
وأحكامه وحلله وحرامه ،ل اجاوز ذلك بك إلى غيره ثم أشفقت أن يلبسك
ما اختلف الناس فيه أهواؤهم مثل الذي لبسهم ) (2وكان إحكام ذلك لك
على ما كرهت من تنبيهك له أحب إلي من إسلمك إلى أمر ل آمن عليك
فيه الهلكة ،ورجوت أن يوفقك ال فيه لرشدك وأن يهديك لقصدك فعهدت
إليك وصيتي هذه .واعلم مع ذلك ) :(3أي بني أن أحب ما أنت آخذ به إلي
من وصيتي تقوى ال والقتصار على ما افترض عليك والخذ بما مضى
عليه الولون من آبائك والصالحون من أهل ملتك فانهم لم يدعوا أن ]ي[
نظروا لنفسهم كما أنت ناظر وفكروا كما أنت مفكر ثم ردهم آخر ذلك إلى
الخذ بما عرفوا والمساك عما لم يكلفوا ،فإن أبت نفسك أن تقبل ذلك دون
أن تعلم ]كما[ كانوا علموا فليكن طلبك ذلك بتفهم وتعلم ل بتورط الشبهات
وعلو الخصومات ،وابدأ قبل نظرك في ذلك بالستعانة بإلهك عليه والرغبة
) (1في النهج " وأنت مقبل العمر ،مقتبل الدهر ،ذونية سليمة ونفس صافية وأن
أبتدئك بتعليم كتاب ال " .وفى بعض نسخ الكتاب " ذى الفئة " (2) .في
النهج " أن يلتبس عليك ما اختلف الناس فيه من أهوائهم وآرائهم مثل
الذى التبس عليهم " (3) .في المصدر وأحكم مع ذلك.
][220
إليه في توفيقك وترك كل شائبة أدخلت عليك شبهة ) (1وأسلمتك إلى ضللة وإذا
أنت أيقنت أن قد صفا ]لك[ قلبك فخشع ،وتم رأيك فاجتمع وكان همك في
ذلك هما واحدا فانظر فيما فسرت لك وإن أنت لم يجتمع لك ما تحب من
نفسك من ]فراغ[ فكرك ونظرك فاعلم أنك إنما تخبط خبط العشواء ،وليس
طالب الدين من خبط ول خلط والمساك عند ذلك أمثل .وإن أول ما أبدأ به
من ذلك وآخره أني أحمد إليك إلهي وإلهك وإله آبائك الولين والخرين
ورب من في السماوات والرضين بما هو أهله ]و[ كما هو أهله وكما
يحب وينبغي ونسأله أن يصلي عنا على نبينا صلى ال عليه وآله وعلى
أهل بيته وعلى أنبياء ال ورسله بصلة جميع من صلى عليه من خلقه
وأن يتم نعمه علينا فيما وفقنا له من مسألته بالجابة لنا فان بنعمته تتم
الصالحات .فتفهم أي بني وصيتي واعلم أن مالك الموت هو مالك الحياة
وأن الخالق هو المميت وأن المفني هو المعيد وأن المبتلي هو المعافي
وأن الدنيا لم تكن لتستقيم إل على ما خلقها ال تبارك وتعالى عليه من
النعماء والبتلء والجزاء في المعاد أو ما شاء مما ل نعلم ،فإن أشكل
عليك شئ من ذلك فاحمله على جهالتك به وإنك أول ما خلقت ]خلقت[
جاهل ثم عملت وما أكثر ما تجهل من المر ويتحير فيه رأيك ويضل فيه
بصرك ثم تبصره بعد ذلك ،فاعتصم بالذي خلقك ورزقك وسواك فليكن له
تعمدك ) (2وإليه رغبتك ومنه شفقتك .واعلم ]يا بني[ أن أحدا لم ينبئ عن
ال تبارك وتعالى كما أنبأ عنه نبينا صلى ال عليه وآله فارض به رائدا )
] (3وإلى النجاة قائدا[ فإني لم آلك نصيحة )(4
) (1في النهج " أولجتك في شبهة أو أسلمتك إلى ضللة " (2) .في النهج " له
تعبدك " (3) .الرائد :هو الذى يذهب لطلب المنزل لصاحبه أو من ترسله
في طلب الكلء ليتعرف موقعه والرسول قد عرف عن ال وأخبرنا
بمرضاته ،فهو رائد سعادتنا (4) .أي لم اقصر في نصيحتك.
][221
وإنك لم تبلغ في النظر لنفسك ]وإن اجتهدت مبلغ[ نظري لك ،واعلم] .يا بني[ أنه
لو كان لربك شريك لتتك رسله ،ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ،ولعرفت
صفته وفعاله ولكنه إله واحد كما وصف نفسه ،ل يضاده في ذلك أحد ول
يحاجه وأنه خالق كل شئ وأنه أجل من أن يثبت لربوبيته بالحاطة قلب أو
بصر ) (1وإذا أنت عرفت ذلك فافعل كما ينبغي لمثك في صغر خطرك وقلة
مقدرتك وعظم حاجتك إليه أن يفعل مثله في طلب طاعته والرهبة له
والشفقة من سخطه ،فانه لم يأمرك إل بحسن ولم ينهك إل عن قبيح .أي
بني إني قد أنبأتك عن الدنيا وحالها وزوالها وانتقالها بأهلها ،وأنبأتك عن
الخرة وما أعد لهلها فيها وضربت لك فيها المثال ،إنما مثل من أبصر
الدنيا كمثل قوم سفر نبابهم منزل جدب فأموا منزل خصيبا ]وجنابا مريعا[
فاحتملوا وعثاء الطريق ) (2وفراق الصديق وخشونة السفر في الطعام
والمنام ) (3ليأتوا سعة دارهم ومنزل قرارهم ،فليس يجدون لشئ من ذلك
ألما ول يرون نفقته مغرما ول شيئا أحب إليهم مما قربهم من منزلهم،
ومثل من اغتر بها كمثل قوم كانوا بمنزل خصب فنبابهم إلى منزل جدب
فليس شئ أكره إليهم ول أهول لديهم من مفارقة ما هم فيه إلى ما
يهجمون عليه ) (4ويصيرون إليه ،وقرعتك بأنواع الجهالت لئل تعد
نفسك عالما ،فإن ورد عليك شي ل تعرفه أكبرت ذلك فان العالم من عرف
أن ما يعلم فيما ل يعلم قليل فعد نفسه بذلك جاهل ،فازداد بما عرف من
ذلك في طلب العلم اجتهادا ،فما يزال للعلم طالبا ،وفيه راغبا ،وله
مستفيدا ،ولهله خاشعا ولرأية متهما ) (5وللصمت لزما ،وللخطأ حاذرا،
ومنه مستحييا.
) (1كذا وفى النهج " من أن يثبت ربوبيته باحاطة قلب أو بصر " (2) .الجناب:
الناحية .والريع :كثير العشب .ووعثاء الطريق :مشقته (3) .في النهج "
خشونة السفر وجشوبة المطعم " والجشوبة بضم الجيم :الغلظ أو كون
الطعام بل أدم (4) .هجم عليه أي انتهى إليه بغتة (5) .في المصدر "
ولهله خاشعا مهتما ".
][222
وإن ورد عليه ما ل يعرف لم ينكر ذلك لما قرر به نفسه من الجهالة وإن الجاهل
من عد نفسه بما جهل من معرفة العلم عالما ،وبرأيه مكتفيا ،فما يزال
للعلماء مباعدا ،وعليهم زاريا ،ولمن خالفه مخطئا ،ولما لم يعرف من
المور مضلل فإذا ورد عليه من المور ما لم يعرفه أنكره وكذب به وقال
بجهالته :ما أعرف هذا ،وما أراه كان ،وما أظن أن يكون ،وأنى كان ؟
وذلك لثقته برأيه ،وقلة معرفته بجهالته ،فما ينفك بما يرى مما يلتبس
عليه رأيه مما ل يعرف للجهل مستفيدا وللحق منكرا ،وفي الجهالة متحيرا
وعن طلب العلم مستكبرا .أي بني تفهم وصيتي واجعل نفسك ميزانا فيما
بينك وبين غيرك ،فأحبب لغيرك ما تحب لنفسك ،واكره له ما تكره لنفسك،
ول تظلم كما ل تحب أن تظلم وأحسن كما تحب أن يحسن إليك ،واستقبح
من نفسك ما تستقبح من غيرك ،وارض من الناس لك ما ترضى به لهم
منك ،ول تقل بما ل تعلم ،بل ل تقل كلما تعلم ،ول تقل ما ل تحب أن يقال
لك .واعلم أن العجاب ضد الصواب وآفة اللباب ،فإذا أنت هديت لقصدك
فكن أخشع ما تكون لربك .واعلم أن أمامك طريقا ذا مشقة بعيدة ،وأهوال
شديدة ،وأنه ل غنى بك فيه عن حسن الرتياد ) (1وقدر بلغك من الزاد )
(2وخفة الظهر ،فل تحملن على ظهرك فوق بلغك ،فيكون ثقل ووبال
عليك ،وإذا وجدت من أهل الحاجة من يحمل لك زادك فيوافيك به حيث
تحتاج إليه فاغتنمه ،واغتنم من استقرضك )(3
) (1الرتياد :الطلب أصله واوى من راد يرود وحسن الرتياد :اتيانه من وجهه) .
(2البلغ بالفتح :الكفاية أي ما يكفى من العيش ول يفضل (3) .في
قوله " :من استقرضك الخ " حث على الصدقة والمراد انك إذا أنفقت
المال على الفقراء وأهل الحاجة كان أجر ذلك وثوابه ذخيرة لك تنالها في
القيامة فكأنهم حملوا عنك زادك ويؤدونه اليك وقت الحاجة.
][223
في حال غناك واجعل وقت قضائك في يوم عسرتك ) .(1واعلم أن أمامك عقبة
كؤودا ،ل محالة مهبطا بك على جنة أو على نار ،المخف فيها أحسن حال
من المثقل فارتد لنفسك قبل نزولك ) .(2واعلم أن الذي بيده ملكوت خزائن
الدنيا والخرة قد أذن بدعائك وتكفل بإجابتك ،وأمرك أن تسأله ليعطيك
وهو رحيم ،لم يجعل بينك وبينه ترجمانا ،ولم يحجبك عنه ،ولم يلجئك إلى
من يشفع إليه لك ،ولم يمنعك إن أسات التوبة ) (3ولم يعيرك بالنابة ،ولم
يعاجلك بالنقمة ،ولم يفضحك حيث تعرضت للفضيحة ،ولم يناقشك
بالجريمة ،ولم يؤيسك من الرحمة ،ولم يشدد عليك في التوبة فجعل
النزوع عن الذنب حسنة ) (4وحسب سيئتك واحدة ،وحسب حسنتك
عشرا ،وفتح لك باب المتاب والستيناف ) (5فمتى شئت سمع نداءك
ونجواك ،فأفضيت إليه بحاجتك ،وأنبأته عن ذات نفسك ،وشكوت إليه
همومك ،واستعنته على امورك وناجيته بما تستخفي به من الخلق من
سرك ) (6ثم جعل بيدك مفاتيح خزائنه ،فألحح في المسألة يفتح لك باب
الرحمة بما أذن لك فيه من مسألته.
) (1كذا وفى النهج " واغتنم من استقرضك في حال غناك ليجعل قضاءه لك في
يوم عسرتك " (2) .فارتد لنفسك أصله من راديرود إذا طلب وتفقد وتهيأ
مكانا لينزل إليها والمراد ابعث رائدا من قبلك من العمال الصالحة توقفك
الثقة به على جودة المنزل .وفى النهج " ولم يمنعك ان أسأت من التوبة
" .والنابة الرجوع إلى ال (3) .التوبة مفعول لقوله عليه السلم " ولم
يمنعك " (4) .النزوع :الرجوع والكف (5) .المتاب :التوبة .والستئناف:
الخذ في الشئ وابتداؤه .وفى بعض النسخ " استيتاب " (6) .المناجاة:
المكالمة سرا.
][224
فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب خزائنه ،فألحح ) (1ول يقنطك إن أبطأت عنك
الجابة فإن العطية على قدر المسألة ،وربما اخرت عنك الجابة ليكون
أطول للمسألة وأجزل للعطية ،وربما ،سألت الشئ فلم تؤته وأوتيت خيرا
منه عاجل وآجل ،أو صرف عنك لما هو خير لك فلرب أمر قد طلبته فيه
هلك دينك لو اوتيته ،ولتكن مسألتك فيما يعنيك مما يبقى لك جماله ]أ[
وينفى عنك وباله والمال ل يبقى لك ول تبقى له ،فإنه يوشك أن ترى
عاقبة أمرك حسنا أو سيئا أو يعفو العفو الكريم .واعلم أنك خلقت للخرة ل
للدنيا وللفناء ل للبقاء وللموت ل للحياة وأنك في منزل قلعة ودار بلغة،
وطريق إلى الخرة ،أنك طريد الموت الذي ل ينجو ]منه[ هاربه ولبد أنه
يدركك يوما ،فكن منه على حذر أن يدركك على حال سيئة قد كنت تحدث
نفسك فيها بالتوبة ،فتحول بينك وبين ذلك ،فإذا أنت قد أهلكت نفسك .أي
بني أكثر ذكر الموت وذكر ما تهجم عليه وتفضي بعد الموت إليه ،واجعله
أمامك حتى يأتيك وقد أخذت منه حذرك ) (2ول يأخذك على غرتك وأكثر
ذكر الخرة وما فيها من النعيم والعذاب الليم فإن ذلك يزهدك في الدنيا
ويصغرها عندك ،وقد نبأك ال عنها ونعتت لك نفسها ) (3وكشفت عن
مساويها ،فإياك أن تغتر بما ترى من إخلد أهلها إليها ،وتكالبهم عليها )
(4وإنما أهلها كلب عاوية
) (8يقال :ألح في السؤال :ألحف فيه وأقبل عليه مواظبا (2) .الحذر -بالكسر :-
الحتراز والحتراس .والغرة -بالكسر فالتشديد ،-الغفلة (3) .النعى:
الخبار بالموت والمراد أن الدنيا تخبر بحالها من التغير والتحول عن
فنائها (4) .التكالب ،التواثب وتكالبهم عليها أي شدة حرصهم عليها(*) .
][225
وسباع ضارية ،يهر بعضها على بعض ) ،(1يأكل عزيزها ذليلها وكبيرها صغيرها
قد أضلت أهلها عن قصد السبيل ،وسلكت بهم طريق العمى ) (2وأخذت
بأبصارهم عن منهج الصواب ،فتاهوا في حيرتها ) (3وغرقوا في فتنتها،
واتخذوها ربا ،فلعبت بهم ،ولعبوا بها ونسوا ما وراءها .فإياك يا بني أن
تكون قد شانته كثرة عيوبها ) (4نعم معقلة واخرى مهملة قد أضلت
عقولها ،وركبت مجهولها ،سروح عاهة بواد وعث ،ليس لها راع يقيمها.
رويدا حتى يسفر الظلم ،كأن قد وردت الظعينة ) (5يوشك من أسرع أن
يؤوب .واعلم أن من كانت مطيته الليل والنهار ،فإنه يساربه وإن كان ل
يسير ) (6أبى ال إل خراب الدنيا وعمارة الخرة .أي بني فإن تزهد فيما
زهدك ال فيه من الدنيا وتعزف نفسك عنها ،فهي أهل ذلك ،وإن كنت غير
قابل نصيحتي إياك فيها فاعلم يقينا أنك لن تبلغ أملك ولن تعدو أجلك وأنك
في سبيل من كان قبلك ،فاخفض في الطلب ) (7وأجمل في
) (1الضارية :المولعة بالفتراس .يهر أي يكره أن ينظر بعضها بعضا ويمقت(2) .
العمى والعماءة :الغواية (3) .فتاهوا أي ضلوا الطريق .والحيرة :التحير
والتردد (4) .الشين :ضد الزين .أي اياك أن تكون الذى شانته كثرة
عيوب الدنيا .وعقل البعير بالتشديد شد وظيفه إلى ذراعه .والنعم -
محركة :-البل أي أهلها على قسمين قسم كابل منعها عن الشر عقالها
وهم الضعفاء واخرى مهملة تأتى من السوء ما تشاء وهم القوياء(5) .
الظعينة :الهودج .عبر به عليه السلم عن المسافرين في طريق الدنيا
إلى الخرة كأن حالهم أن وردوا على غاية سيرهم .وقوله " :يؤوب "
أي يرجع (6) .وفى بعض النسخ " وان كان واقعا ل يسير "(7) .
فاخفض أي وارفق من الخفض بمعنى السهل .وأجمل فيما تكتسب أي
اسع سعيا جميل ل بحرص ول بطمع.
][226
المكتسب فإنه رب طلب قد جر إلى حرب ،وليس كل طالب بناج وكل مجمل بمحتاج.
وأكرم نفسك كل دنية ،وإن ساقتك إلى رغبة ،فإنك لن تعتاض بما تبذل من
نفسك عوضا ،ول تكن عبد غيرك وقد جعلك ال حرا ،وما خير خير ل ينال
إل بشر ويسر ل ينال إل بعسر .وإياك أن توجف بك مطايا الطمع ،فتوردك
مناهل الهلكة ،وإن استطعت أن ل يكون بينك وبين ال ذو نعمة فافعل،
فانك مدرك قسمك ،وآخذ سهمك .وإن اليسير من ال تبارك وتعالى أكثر
وأعظم من الكثير من خلقه ،وإن كان كل منه ولو نظرت -ول المثل
العلى -فيما تطلب من الملوك ومن دونهم من السفلة لعرفت أن لك في
يسير ما تصيب من الملوك افتخارا ،وأن عليك في كثير ما تصيب من الدناة
عارا .فاقتصد في أمرك تحمد .مغبة علمك ) (1إنك لست بائعا شيئا من
دينك وعرضك بثمن ،والمغبون من غبن نصيبه من ال ،فخذ من الدنيا ما
أتاك واترك ما تولى ،فإن أنت لم تفعل فأجمل في الطلب .وإياك ومقارنة
من رهبته على دينك وباعد السلطان ول تأمن خدع الشيطان ) (2وتقول:
متى أرى ما أنكر نزعت ،فإنه كذا هلك من كان قبلك من أهل القبلة وقد
أيقنوا بالمعاد ،فلو سمت بعضهم بيع آخرته بالدنيا لم يطب بذلك نفسا ،ثم
قد يتخيله الشيطان بخدعه ومكره حتى يورطه في هلكته بعرض من الدنيا
حقير وينقله من شر إلى شر حتى يؤيسه من رحمة ال ويدخله في
القنوط ،فيجد الوجه إلى ما خالف السلم وأحكامه ،فإن أبت نفسك إل حب
الدنيا وقرب السلطان فخالفت ما نهيتك عنه بما فيه رشدك ،فأملك عليك
لسانك فإنه ل بقية للملوك عند الغضب ،ول تسأل عن أخبارهم ،ول تنطق
عند أسرارهم ،ول تدخل فيما بينك وبينهم .وفي الصمت السلمة من
الندامة ،وتلفيك ما فرط من صمتك أيسر من إدراكك
) (1كذا والمغبة :عاقبة الشئ (2) .كذا .والخدع -بضمتين -جمع الخدوع وهو
الكثير الخداع.
][227
ما فات من منطقك ]وحفظ ما في الوعاء بشد الوكاء[ وحفظ ما في يديك أحب إلي
من طلب ما في يد غيرك ،ول تحدث إل عن ثقة فتكون كاذبا والكذب ذل.
وحسن التدبير مع الكفاف أكفى لك من الكثير مع السراف ،وحسن اليأس
) (1خير من الطلب إلى الناس ،والعفة مع الحرفة خير من سرور مع
فجور ) (2والمرء أحفظ سره ) .(3ورب ساع فيما يضره ) .(4من أكثر ]أ[
هجر ) (5ومن تفكر أبصر ،ومن خير حظ امرء قرين صالح ،فقارن أهل
الخير تكن منهم ،وباين أهل الشر تبن عنهم ،ول يغلبن عليك سوء الظن،
فإنه ل يدع بينك وبين خليل صلحا وقد يقال :من الحزم سوء الظن .بئس
الطعام الحرام .وظلم الضعيف أفحش الظلم .والفاحشة كاسمها والتصبر
على المكروه يعصم القلب ) .(6وإن كان الرفق خرقا كان الخرق رفقا،
وربما كان الدواء داءا والداء دواء ،وربما نصح غير الناصح وغش
المستنصح ،وإياك والتكال على المنى فإنها بضائع النوكى ،وتثبط عن
خير الخرة والدنيا ،زك قلبك بالدب كما تذكي النار بالحطب ،ول تكن
كحاطب الليل وعثاء السبيل ) (7وكفر
) (1وفى النهج " مرارة اليأس " (2) .وفى النهج " والحرفة مع العفة خير من
الغنى مع الفجور " (3) .أي الولى أن ل تبوح بسرك إلى أحد فانت احفظ
من غيرك فان أذعته انتشر فلم تلم ال نفسك ل نك كنت عاجزا عن حفظ
سر نفسك فغيرك أعجز .إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه * فصدر
الذى يستودع السر أضيق (4) .ربما كان النسان يسعى فيما يضره
لجهله أو سوء قصده (5) .يقال :فلن أهجر في منطقه أي تكلم بالهذيان،
وكثير الكلم ل يخلو من الهجار وهجر في مرضه هذى (6) .في المصدر
" نقص للقلب " (7) .يقال " :هو حاطب ليل " أي يخلط في كلمه.
والوعثاء :التعب والمشقة .وفى كشف المحجة " وغثاء السيل " وهو
الصواب.
][228
النعمة لؤم .وصحبة الجاهل شؤم ،والعقل حفظ التجارب ،وخير ما جربت ما وعظك
ومن الكرم لين الشيم .بادر الفرصة قبل أن تكون غصة ،من الحزم العزم،
ومن سبب الحرمان التواني ليس كل طالب يصيب ،ول كل راكب يؤوب،
ومن الفساد إضاعة الزاد .ولكل أمر عاقبة ،رب يسير أنمى من كثير،
سوف يأتيك ما قدر لك ،التاجر مخاطر ) (1ول خير في معين مهين ،ل
تبيتن من أمر على غرر ) (2من حكم ساد ،ومن تفهم ازداد ،ولقاء أهل
الخير عمارة القلوب ،ساهل الدهر ما ذل لك قعوده ،وإياك أن تجمح بك
مطية اللحاج ،وإن قارفت سيئة فعجل محوها بالتوبة ،ول تخن من ائتمنك
وإن خانك ،ول تذع سره وإن أذاعه ،ول تخاطر بشئ رجاء أكثر منه
واطلب فإنه يأتيك ما قسم لك ،خذ بالفضل وأحسن البذل ،وقل للناس حسنا.
وأي كلمة حكم جامعة أن تحب للناس ما تحب لنفسك ؟ وتكره لهم ما تكره
لها .إنك قل ما تسلم ممن تسرعت إليه أو تندم إن تتفضل عليه .واعلم أن
من الكرم الوفاء بالذمم ،والدفع عن الحرم ) (3والصدود آية المقت ،وكثرة
العلل آية البخل ،ولبعض إمساكك عن أخيك مع لطف خير من بذل مع
جنف ،ومن التكرم صلة الرحم ومن يرجوك أو يثق بصلتك إذا قطعت
قرابتك ؟ ) (4والتحريم وجه القطيعة ،احمل نفسك مع أخيك عند صرمه
على الصلة وعند صدوده على اللطف والمسألة ،وعند جموده على البذل،
وعند تباعده على الدنو
) (1أي بنفسه وماله .والمهين اما بضم الميم بمعنى فاعل الهانة ول يصلح لن
يكون معينا فيفسد ما يصلح ،أو بفتحها بمعنى الحقير فانه أيضا ل يصلح
لضعف قدرته .وفى النهج بعد هذا الكلم " ول في صديق ظنين "
والظنين -بالظاء :المتهم - :وبالضاد :البخيل (2) .الغرر -بالتحريك -
المغرور به .وفى النهج " ول تبين من أمر على عذر " (3) .الحرم -
بضمتين :-جمع الحريم :ما يدافع عنه ويحميه (4) .قوله عليه السلم
ومن يرجوك استفهام ،أو عطف على قوله " :الرحم " يعنى صلة من
يرجوك الخ .والتحريم من الصلة سبب لقطع القرابة.
][229
وعند شدته ؟ ؟ على اللين ،وعند جرمه على العتذار ،حتى كأنك له عبد ،وكأنه
ذونعمة عليك ،وإياك أن تضع ذلك في غير موضعه ،وأن تفعله بغير أهله.
ل تتخذن عدو صديقك صديقا فتعادي صديقك ،ول تعمل بالخديعة فانها
خلق اللئيم ،وامحض أخاك النصيحة ،حسنة كانت أو قبيحة ،وساعده على
كل حال ،وزل معه حيث زال ،ول تطلبن مجازاة أخيك ولو حثا التراب
بفيك ،وخذ على عدوك بالفضل فإنه أحرى للظفر ) (1وتسلم من الناس
بحسن الخلق ،وتجرع الغيظ ،فإني لم أر جرعة أحلى منها عاقبة ول ألذ
مغبة ،ول تصرم أخاك على ارتياب ول تقطعه دون استعتاب ،ولن لمن
غالظك ،فإنه يوشك أن يلين لك .ما أقبح القطيعة بعد الصلة ،والجفاء بعد
الخاء ،والعداوة بعد المودة ،والخيانة لمن ائتمنك ،وخلف الظن لمن
ارتجاك ،والغدر بمن استأمن إليك ،فإن أنت غلبتك قطيعة أخيك فاستبق لها
من نفسك بقية ترجع إليها إن بدا ذلك له يوما ،ومن ظن بك خيرا فصدق
ظنه .ول تضيعن حق أخيك اتكال على ما بينك وبينه ،فإنه ليس لك بأخ من
أضعت حقه ،ول يكن أهلك أشقى الخلق بك ،ول ترغبن فيمن زهد فيك ،ول
تزهدن فيمن رغب إليك إذا كان للخلطة موضعا ،ول يكونن أخوك أقوى
على قطيعتك منك على صلته ،ول يكونن على الساءة أقوى منك على
الحسان ،ول على البخل أقوى منك على البذل ،ول على التقصير أقوى
منك على الفضل ،ول يكبرن عليك ظلم من ظلمك فإنه إنما يسعى في
مضرته ونفعك وليس جزاء من سرك أن تسوءه ،والرزق رزقان :رزق
تطلبه ورزق يطلبك فإن لم تأته أتاك .واعلم أي بني أن الدهر ذو صروف،
فل تكونن ممن تشتد لئمته ،ويقل عند الناس عذره ،ما أقبح الخصوع عند
الحاجة ،والجفاء عند الغنى ،إنما لك من دنياك ما أصلحت به مثواك )،(2
فأنفق في حق ول تكن خازنا لغيرك ،وإن كنت جازعا
) (1في النهج " فانه أحلى الظفرين " أي ظفر النتقام وظفر التملك بالحسان) .
(2المثوى :المقام ،أي حظك من الدنيا ما أصلحت به منزلتك من الكرامة
في الدنيا والخرة.
][230
على ما تفلت من يديك فاجزع على كل ما لم يصل إليك .واستدلل على ما لم يكن بما
كان ،فإنما المور أشباه ،ول تكفرن ذانعمة ،فإن كفر النعمة من ألم الكفر.
واقبل العذر ،ول تكونن ممن ل ينتفع من العظة إل بما لزمه ) (1فإن
العاقل ينتفع بالدب ،والبهايم ل تتعظ إل بالضرب ،اعرف الحق لمن عرفه
لك رفيعا كان أو وضيعا ،واطرح عنك واردات الهموم بعزائم الصبر
وحسن اليقين .من ترك القصد جار ،ونعم حظ المرء القناعة ،ومن شر ما
صحب المرء الحسد .وفي القنوط التفريط .والشح يجلب الملمة.
والصاحب مناسب ،والصديق من صدق غيبه ،والهوى شريك العمى .ومن
التوفيق الوقوف عند الحيرة ،ونعم طاردا لهم اليقين .وعاقبة الكذب الذم،
وفي الصدق السلمة ،وعاقبة الكذب شر عاقبة ،رب بعيد أقرب من قريب
وقريب أبعد من بعيد ،والغريب من لم يكن له حبيب ل يعدمك من حبيب
سوء ظن ،ومن حمى طنى ) (2ومن تعدى الحق ضاق مذهبه ومن اقتصر
على قدره كان أبقى له ،نعم الخلق التكرم ،وألم اللؤم البغي عند القدرة،
والحياء سبب إلى كل جميل ،وأوثق العرى التقوى ،وأوثق سبب أخذت به
سبب بينك وبين ال .ومنك من أعتبك ) ،(3والفراط في الملمة تشب
نيران اللجاج ،وكم من دنف قد نجا ) (4وصحيح قد هوى .فقد يكون اليأس
إدراكا إذا كان الطمع هلكا ،وليس كل عورة ]تظهر ،ولكل فريضة[
تصاب .وربما أخطأ البصير قصده ،وأصاب العمى رشده ،ليس كل من
طلب وجد ،ول كل من توقى
) (1وفى النهج " ممن ل تنفعه العظة ال إذا بالغت في أيلمه " (2) .حمى الشئ
يحميه حميا وحمى وحماية :منعه ودفعه عنه وحمى القوم حماية :قام
بنصرهم والمريض :ما يضره .وطنى اللديغ من لدغ العقرب :عوفي.
وطنى فلنا :عالجه من طناه والمعنى من منع نفسه عما يضره نال
العافية (3) .ولعل المعنى :من عليك من استرضاك ويؤيده ما في بعض
نسخ الحديث " :سرك من أعتبك " (4) .الدنف -محركة -المريض
الذى طال به المرض.
][231
نجا ) (1أخر الشر فإنك إذا شئت تعجلته ) (2وأحسن إن أحببت أن يحسن إليك
واحتمل أخاك على ما فيه ،ول تكثر العتاب فإنه يورث الضغينة ،ويجر إلى
البغضة ) (3واستعتب من رجوت إعتابه ،وقطيعة الجاهل تعدل صلة
العاقل ،ومن الكرم منع الحزم ) .(4من كابر الزمان عطب ومن ينقم عليه
غضب ) .(5ما أقرب النقمة من أهل البغي .وأخلق بمن غدر أل يوفى له )
.(6زلة المتوقي أشد زلة .وعلة الكذب أقبح علة .والفساد يبير الكثير.
والقتصاد يثمر اليسير ) (7والقلة ذلة ،وبر الوالدين من كرم الطبيعة،
والزلل مع العجل ،ول خير في لذة تعقب ندما .والعاقل من وعظته
التجارب ،والهدى يجلو العمى .ولسانك ترجمان عقلك ،ليس مع الختلف
أئتلف ،من حسن الجوار تفقد الجار ،لن يهلك من اقتصد ،ولن يفتقر من
زهد .بين عن امرء دخيله ،رب باحث عن حتفه ) (8ل تشترين بثقة رجاء،
ما كل ما يخشى يضر ،رب هزل عاد جدا ) (9من أمن الزمان خانه ،ومن
تعظم عليه أهانه ) (10ومن ترغم عليه أرغمه ،ومن لجأ
) (1توقى أي تجنب وحذر وخاف ) (2قيل :لن فرص الشر ل تنقضي لكثرة طرقه
وطريق الخير واحد وهو الحق (3) .البغضة -بالكسر :-شدة البغض) .
(4الحزم :ضبط المر واحكامه والحذر من فواته والخذ فيه بالثقة وهنا
بمعنى الشدة والغلظة (5) .عطب الرجل -كفرح -يعطب عطبا :هلك وفى
بعض النسخ " من تنقم عليه غضب " (6) .الخلق :الجدر .يقال :هو
خليق به أي جدير (7) .في بعض نسخ الكتاب " يدبر الكثير " .وفى
بعض نسخ الحديث " يبيد الكثير والقتصاد ينمى اليسير " (8) .بحث في
الرض :حفرها .والحتف :الموت .وفى المثل " كالباحث عن حتفه بظلفه
" يضرب لمن يطلب ما يؤدى إلى تلف النفس .وفى بعض نسخ الحديث
" ل تشوبن " (9) .هزل في كلمه هزل -كضرب :-مزح وهو ضد
الجد (10) .تنبيه على وجوب الحذر من الزمان ودوام ملحظة تغيراته
والستعداد لحوادثه قبل نزولها واستعار لفظ الخيانة باعتبار تغيره عند
الغفلة عنه والمن فيه فهو في ذلك كالصديق الخائن.
][232
إليه أسلمه .وليس كل من رمى أصاب ) (1إذا تغير السلطان تغير الزمان ) (2وخير
أهلك من كفاك ،والمزاح يورث الضغائن ،وربما أكدى الحريص ) (3رأس
الدين صحة اليقين ،وتمام الخلص تجنبك المعاصي ،وخير المقال ما
صدقه الفعال ،والسلمة مع الستقامة ،والدعاء مفتاح الرحمة ،سل عن
الرفيق قبل الطريق ،وعن الجار قبل الدار ،وكن من الدنيا على قلعة .احمل
لمن أدل عليك ،واقبل عذر من اعتذر إليك ،وخذ العفو من الناس ،ول تبلغ
إلى أحد مكروهه ،أطع أخاك وإن عصاك وصله وإن جفاك .وعود نفسك
السماح ،وتخير لها من كل خلق أحسنه .فان الخير عادة ،وإياك أن تذكر
من الكلم قذرا ) (4أو تكون مضحكا وإن حكيت ذلك عن غيرك ).(5
وأنصف من نفسك قبل أن ينتصف منك ) (6وإياك ومشاورة النساء فإن
رأيهن إلى أفن ) (7وعزمهن إلى وهن ،واكفف عليهن من أبصارهن
بحجبك إياهن فان شدة الحجاب خير لك ولهن .وليس خروجهن بأشد من
إذ خالك من ل يوثق به عليهن ،وإن استطعت أن
) (1تنبيه على ما ينبغى من ترك السف على ما يفوت من المطالب والتسلى بمن
أخطأ في طلبه واليه أشار أبو الطيب :ما كل من طلب المعالى نافذا * فيها
ول كل الرجال فحول ) (2تنبيه على أن تغير السلطان في رأيه ونيته
وفعله في رعيته من العدل إلى الجور يسلتزم تغير الزمان عليهم إذ يغير
من العداد للعدل إلى العداد للجور (3) .يقال :أكدى الرجل أي لم يظفر
بحاجته (4) .القذر :الوسخ ،وفى بعض نسخ الحديث " هذرا " مكان "
قذرا " وهذر في كلمه :خلط وتكلم بما ل ينبغى (5) .ذلك لستلزامه
الهوان وقلة الهيبة في النفوس (6) .أي عامل الناس بالنصاف قبل أن
يطلبوا منك النصف (7) .الفن -بالتحريك :-ضعف الرأى .والوهن:
الضعف.
][233
ل يعرفن غيرك فافعل ،ول تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها ،فان ذلك أنعم
لحالها وأرخى لبالها ،وأدوم لجمالها ،فان المرأة ريحانة ،وليست
بقهرمانه ،ول تعد بكرامتها نفسها ،ول تطعمها أن تشفع لغيرها فتميل
مغضبة عليك معها ،ول تطل الخلوة مع النساء فيملكنك ) (1أو تملهن
واستبق من نفسك بقية من إمساكك عنهن وهن يرين أنك ذو إقتدار خير
من أن يظهرن منك على انتشار ،وإياك والتغاير في غير موضع غيرة فان
ذلك يدعو الصحيحة منهن إلى السقم ،ولكن أحكم أمرهن فإن رأيت ذنبا
فعاجل النكير على الكبير والصغير .وإياك أن تعاقب فتعظم الذنب و تهون
العتب .وأحسن للمماليك الدب .وأقلل الغضب ول تكثر العتب في غير ذنب،
فإذا استحق أحد منهم ذنبا فأحسن العدل فإن العدل مع العفو أشد من
الضرب لمن كان له عقل .والتمسك بمن ل عقل له أوجب القصاص ).(2
واجعل لكل امرء منهم عمل تأخذه به ،فإنه أحرى أن ل يتواكلوا ،و أكرم
عشيرتك ،فإنهم جناحك الذي به تطير وأصلك الذي إليه تصير ،وبهم
تصول وهم العدة عند الشدة ) (3فأكرم كريمهم وعد سقيمهم ،وأشركهم
في أمورهم وتيسر عند معسور ]ل[ -هم .واستعن بال على أمورك ،فانه
أكفى معين .أستودع ال دينك ودنياك وأسأله خير القضاء لك في الدنيا
والخرة والسلم عليك ورحمة ال .جش ) (4الصبغ بن نباتة المجاشعي
كان من خاصة أمير المؤمنين عليه السلم وعمر بعده ،روى عنه عهد
الشتر ووصيته إلى محمد ابنه أخبرنا عبد السلم بن الحسين الديب عن
أبي بكر الدوري ،عن محمد بن أحمد بن أبي الثلج ،عن جعفر بن محمد
الحسني عن علي بن عبدل ،عن الحسن بن ظريف ،عن الحسين بن
علوان ،عن سعد بن طريف عن الصبغ بن نباته بالوصية.
) (1في بعض النسخ " فيملنك " (2) .في الكشف " وخف القصاص " (3) .العدة
-بالضم -الستعداد وبالكسر :الجماعة (4) .رجال النجاشي ص .7
][234
بيان :قوله عليه السلم ) - 3 (1د ) (2من وصية أمير المؤمنين عليه السلم لولده
الحسن عليه السلم :كيف وأنى بك يا بني إذا صرت في قوم صبيهم غاو،
وشابهم فاتك ،وشيخهم ل يأمر بمعروف ول ينهى عن منكر ،وعالمهم خب
مواه ) (3مستحوذ عليه هواه ،متمسك بعاجل دنياه أشدهم عليك إقبال
يرصدك بالغوايل ،ويطلب الحيلة بالتمني ،ويطلب الدنيا بالجتهاد ،خوفهم
أجل ،ورجاؤهم عاجل ،ل يهابون إل من يخافون لسانه و ]ل يكرمون إل
من[ يرجون نواله ،دينهم الربا ،كل حق عندهم مهجور ،يحبون من غشهم
ويملون من داهنهم ،قلوبهم خاوية ،ل يسمعون دعاء ،ول يجيبون سائل،
قد استولت عليهم سكرة الغفلة ،إن تركتهم لم يتركوك ،وإن تابعتهم
اغتالوك ،إخوان الظاهر و أعداء السرائر ،يتصاحبون على غير تقوى،
فإذا افترقوا ذم بعضهم بعضا ،تموت فيهم السنن ،وتحيى فيهم البدع،
فأحمق الناس من أسف على فقدهم ،أوسر بكثرتهم ،فكن عند ذلك يا بني
كابن اللبون ل ظهر فيركب ،ول وبر فيسلب ،ول ضرع فيحلب ،فما طلبك
لقوم إن كنت عالما عابوك ،وإن كنت جاهل لم يرشدوك ،وإن طلبت العلم
قالوا :متكلف متعمق ،وإن تركت طلب العلم قالوا :عاجز غبي ) (4وإن
تحققت لعبادة ربك قالوا :متصنع مراء ،وإن لزمت الصمت قالوا :ألكن،
وإن نطقت قالوا :مهذار ،وإن أنفقت قالوا :مسرف ،وإن اقتصدت قالوا:
بخيل ،وإن احتجت إلى ما في أيديهم صارموك ) (5وذموك ،وإن لم تعتد
بهم كفروك ،فهذه صفة أهل زمانك
) (1كان هنا بياض مقدار نصف الصفحة (2) .العدد القوية لدفع المخاوف اليومية
تأليف الشيخ الفقيه رضى الدين على بن يوسف ابن المطهر الحلى.
مخطوط (3) .الخب -بتشديد الباء الموحدة :-الخداع .وموه الخبر:
زوره عليه وزخرفه ولبسه أو بلغه خلف ما هو (4) .الغبى ضد الذكى) .
(5أي قاطعوك .والصرم القطع.
][235
فاصغاك ) (1من فرغ عن جورهم ،وأمن من الطمع فيهم ،فهو مقبل على شأنه،
مدار لهل زمانه .ومن صفة العالم أن ل يعظ إل من يقبل عظته ،ول ينصح
معجبا برأيه ،ول يخبر بما يخاف إذاعته .ول تودع سرك إل عند كل ثقة،
ول تلفظ إل بما يتعارفون به الناس ،ول تخالطهم إل بما يفعلون ،فاحذر كل
الحذر وكن فردا وحيدا .واعلم أن من نظر في عيب نفسه شغل عن عيب
غيره ،ومن كابد المور عطب ومن اقتحم اللجج غرق ،ومن أعجب برأيه
ضل ،ومن استغنى بعقله زل ،ومن تكبر على الناس ذل .ومن مزح استخف
به ،ومن كثر من شئ عرف به ،ومن كثر كلمه كثر خطاؤه ،ومن كثر
خطاؤه قل حياءه ،ومن قل حياؤه ،قل ورعه ،ومن قل ورعه قل دينه ،ومن
قل دينه مات قلبه ،ومن مات قلبه دخل النار .قيل :وقف رجل على الحسن
بن علي عليهما السلم فقال :يا ابن أمير المؤمنين بالذي أنعم عليك بهذه
النعمة التي ما نلتها منه بشفيع منك إليه ،بل إنعاما منه عليك إل ما
أنصفتني من خصمي فانه غشوم ظلوم ،ل يوقر الشيخ الكبير ول يرحم
الطفل الصغير .وكان متكئا فاستوى جالسا وقال له :من خصمك حتى
أنتصف لك منه ؟ فقال له :الفقر ،فأطرق عليه السلم ساعة ثم رفع رأسه
إلى خادمه وقال :احضر ما عندك من موجود ،فأحضر خمسة آلف درهم
فقال :ادفعها إليه ،ثم قال :له بحق هذه القسام التي أقسمت بها علي متى
أتاك خصمك جائرا إل ما أتيتني منه متظلما .بيان.(2) :
* )باب ) * * (9وصية أمير المؤمنين صلوات ال عليه( * " )للحسين صلى ال
عليه( " - 1ف ) (1يا بني أوصيك بتقوى ال في الغنى والفقر ،وكلمة
الحق في الرضى و الغضب ،والقصد في الغنى والفقر ،وبالعدل على
الصديق والعدو ،وبالعمل في النشاط والكسل ،والرضى عن ال في الشدة
والرخاء .أي بني ما شر بعده الجنة بشر ،ول خير بعده النار بخير ،وكل
نعيم دون الجنة محقور ،وكل بلء دون النار عافية .واعلم أي بني أنه من
أبصر عيب نفسه شغل عن عيب غيره ،ومن تعرى من لباس التقوى لم
يستتر بشئ من اللباس ،ومن رضي بقسم ال لم يحزن على ما فاته ومن
سل سيف البغي قتل به ،ومن حفر بئرا لخيه وقع فيها ،ومن هتك حجاب
غيره انكشفت عورات بيته ) (2ومن نسي خطيئة استعظم خطيئة غيره،
ومن كابد المور عطب ) (3ومن اقتحم الغمرات غرق ،ومن أعجب برأيه
ضل ،ومن استغنى بعقله زل ،ومن تكبر على الناس ذل ،ومن خالط العلماء
وقر ،ومن خالط النذال حقر ) (4ومن سفه على الناس شتم ) (5ومن دخل
مداخل السوء اتهم ،ومن مزح
) (1تحف العقول ص (2) .88في بعض النسخ " عوراته " (3) .كابدها :أي
قاساها وتحمل المشاق في فعلها بل اعداد اسبابها .وعطب أي هلك
والغمرات الشدائد .وفى النهج " ومن اقتحم اللجج عرق " (4) .النذال -
جمع النذل :الخسيس من الناس ،المحتقر في جميع أحواله والمراد بهم
ذوى الخلق الدنية (5) .يعنى ومن عابهم شتم وسب بهم.
][237
استخف به ،ومن أكثر من شئ عرف به ومن كثر كلمه كثر خطاؤه ،ومن كثر
خطاؤه ) (1قل حياؤه ومن قل حياؤه قل ورعه ،ومن قل ورعه مات قلبه،
ومن مات قلبه دخل النار .أي بني من نظر في عيوب الناس ورضي لنفسه
بها فذاك الحمق بعينه ،ومن تفكر اعتبر ،ومن اعتبر اعتزل ،ومن اعتزل
سلم ،ومن ترك الشهوات كان حرا ،ومن ترك الحسد كانت له المحبة عند
الناس .أي بني عز المؤمن غناه عن الناس ،والقناعة مال ل ينفد ،ومن
أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير ،ومن علم أن كلمه من عمله قل
كلمه إل فيما ينفعه .أي بني العجب ممن يخاف العقاب فلم يكف ،ورجا
الثواب فلم يتب و يعمل .أي بني الفكرة تورث نورا والغفلة ظلمة ،والجد ال
] -ة[ ضللة ،والسعيد من وعظ بغيره ،والدب خير ميراث ،وحسن الخلق
خير قرين ،ليس مع قطيعة الرحم نماء ،ول مع الفجور غنى .أي بني
العافية عشرة أجزاء تسعة منها في الصمت إل بذكر ال ،وواحد في ترك
مجالسة السفهاء .أي بني من تزيا ) (2بمعاصي ال في المجالس أورثه
ال ذل ،ومن طلب العلم علم .يا بني رأس العلم الرفق وآفته الخرق )(3
ومن كنوز اليمان الصبر على المصائب .والعفاف زينة الفقر ،والشكر
زينة الغنى ،كثرة الزيارة تورث المللة
) (1وفى بعض نسخ الحديث ]خطؤه[ في الموضعين والمعنى واحد (2) .تزيا :أي
صار ذا زى (3) .الخرق :الشدة ،ضد الرفق.
][238
والطمأنينة قبل الخبرة ضد الجزم ) (1وإعجاب المرء بنفسه يدل على ضعف عقله.
أي بني كم نظرة جلبت حسرة ،وكم من كلمة سلبت نعمة .أي بني ل شرف
أعلى من السلم ،ول كرم أعز من التقوى ،ول معقل أحرز من الورع )(2
ول شفيع أنجح من التوبة ،ول لباس أجمل من العافية ،ول مال أذهب
بالفاقة من الرضى بالقوت ،ومن اقتصر على بلغة الكفاف تعجل الراحة
وتبوء خفض الدعة ) .(3أي بني الحرص مفتاح التعب ومطية النصب )(4
وداع إلى التقحم في الذنوب ،والشره جامع لمساوي العيوب ) (5وكفاك
تأديبا لنفسك ما كرهته من غيرك .لخيك عليك مثل الذي لك عليه ،ومن
تورط في المور بغير نظر في العواقب فقد تعرض للنوائب ،التدبير قبل
العمل يؤمنك الندم ،من استقبل وجوه الراء عرف مواقع الخطاء ،الصبر
جنة من الفاقة ،البخل جلباب المسكنة ،الحرص علمة الفقر ،وصول معدم
خير من جاف مكثر ) (6لكل شئ قوت وابن آدم
) (1الطمأنينة اسم من الطمينان :توطين النفس وتسكينها .والخبرة :العلم بالشئ
والحزم :ضبط المر واحكامه والخذ فيه بالثقة (2) .المعقل :الحصن
والملجأ .والورع امنع الحصون واحرزها عن وساوس الشيطان وعن
عذاب ال .والنجاح :الظفر والفوز أي ل يظفر النسان بشفاعة شفيع
بالنجاة من سخط ال وعذابه مثل ما يظفر بالتوبة (3) .البلغة -بالضم :-
ما يكتفى به من القوت ول فضل فيه .والكفاف -بفتح الكاف :-ما كفى
عن الناس من الرزق واغنى .والخفض :لين العيش وسعته .والدعة -
بالتحريك :-الراحة والضافة للمبالغة :أي تمكن واستقر في متسع
الراحة (4) .النصب -بالتحريك :-أشد التعب (5) .الشره -بكسر الشين
وشد الراء :الحرص والغضب والطيش والعطب وقد يطلق على الشر
أيضا ،وفى بعض النسخ بدون التاء (6) .الوصول -بفتح الواو :-الكثير
العطاء .والمعدم :الفقير .والجاف :فاعل من جفا يجفو جفاء المعرض
والسئ الخلق .والمكثر :الذى كثر ماله ،يعنى من يصل إلى الناس بحسن
الخلق والمودة مع فقره خير ممن يكثر في العطاء وهو جاف أي سيئ
الخلق.
][239
قوت الموت .أي بني ل تؤيس مذنبا ،فكم من عاكف على ذنبه ختم له بخير ،وكم
من مقبل على عمله مفسد في آخر عمره ،صائر إلى النار ،نعوذ بال منها.
أي بني كم من عاص نجا ،وكم من عامل هوى ،ومن تحرى الصدق خفت
عليه المؤن ) (1في خلف النفس رشدها ،الساعات تنقص العمار ،ويل
للباغين من أحكم الحاكمين ،وعالم ضمير المضمرين .يا بني بئس الزاد
إلى المعاد العدوان على العباد ،في كل جرعة شرق وفي كل اكلة غصص )
(2لن تنال نعمة إل بفراق اخرى ،ما أقرب الراحة من النصب ،والبؤس
من النعيم ،والموت من الحياة ،والسقم من الصحة .فطوبى لمن أخلص ل
عمله وعلمه وحبه وبغضه وأخذه وتركه وكلمه و صمته وفعله وقوله.
وبخ بخ ) (3لعالم عمل فجد ،وخاف البيات فأعد واستعد ،إن سئل نصح
وإن ترك صمت ،كلمه صواب وسكوته من غير عي جواب ) (4والويل كل
الويل لمن بلي بحرمان وخذلن وعصيان ،فاستحسن لنفسه ما يكرهه من
غيره وأزرى على الناس بمثل ما يأتي ) .(5واعلم أي بني أنه من لنت
كلمته وجبت محبته ،وفقك ال لرشده وجعلك من أهل طاعته بقدرته إنه
جواد كريم .بيان.(6) :
) (1التحرى :القصد والجتهاد في الطلب .والمؤن -بضم الميم وفتح الهمزة :-
جمع المؤونة وهى القوت أو الشدة والثقل (2) .الشرق :الغصة وهى
اعتراض الشئ في الحلق وعدم اساغته ويطلق الول في المشروبات
والثانى في المأكولت " (3) .بخ " اسم فعل للمدح واظهار الرضى
بالشئ ويكرر للمبالغة ،فيقال :بخ بخ بالكسر والتنوين (4) .العى :العجز
عن الكلم (5) .أزرى عليه عمله .أي عاتبه وعابه عليه (6) .كان هنا
بياض مقدار نصف صفحة.
][240
* )باب ) * * (10عهد أمير المؤمنين عليه السلم إلى الشتر )ره( حين وله
مصر( * - 1ف (1) :هذا ما أمر به عبد ال علي أمير المؤمنين مالك بن
الحارث الشتر في عهده إليه حين وله مصر ،جباية خراجها ومجاهدة
عدوها واستصلح أهلها وعمارة بلدها ) .(2أمره بتقوى ال وإيثار
طاعته واتباع ما أمره ال به في كتابه :من فرائضه وسننه التي ل يسعد
أحد إل باتباعها ول يشقى إل مع جحودها وإضاعتها .وأن ينصر ال بيده
وقلبه ولسانه ،فانه قد تكفل بنصر من نصره إنه قوي عزيز .وأمره أن
يكسر من نفسه عند الشهوات فان النفس أمارة بالسوء إل ما رحم ربي إن
ربي غفور رحيم .وأن يعتمد كتاب ال عند الشبهات فإن فيه تبيان كل شئ
وهدى ورحمة لقوم يؤمنون .وأن يتحرى رضي ال ،ول يتعرض لسخطه،
ول يصر على معصيته ،فانه ل ملجأ من ال إل إليه .ثم اعلم يا مالك أني
قد وجهتك إلى بلد قد جرت عليها دول قبلك من عدل وجور وإن الناس
ينظرون من امورك في مثل ما كنت تنظر فيه من امور الولة قبلك
ويقولون فيك ما كنت تقول فيهم .وإنما يستدل على الصالحين بما يجري
ال لهم على ألسن عباده .فليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح
بالقصد
) (1تحف العقول ص (2) .126مختار هذا العهد منقول في النهج مع اختلف
يسير .والشتر هو مالك بن الحارث الشتر النخعي من اليمن كان من
أكابر أصحابه عليه السلم ذا النجدة والشجاعة روى أن الطرماح لما
دخل على معاوية قال له :قل لبن أبى طالب :انى جمعت العساكر بعدد
حب جاورس الكوفة وها أنا قاصده فقال له الطرماح :ان لعلى عليه
السلم ديكا أشتر يلتقط جميع ذلك .فانكسر من قوله معاوية.
][241
فيما تجمع وما ترعى به رعيتك .فأملك هواك ولتسخ بنفسك عما ل يحل لك ،فان
سخاء النفس النصاف منها فيما أحببت وكرهت ) .(1وأشعر قلبك الرحمة
للرعية والمحبة لهم واللطف بالحسان إليهم .ول تكونن عليهم سبعا
ضاريا تغتنم أكلهم ) (2فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في
الخلق ،تفرط منهم الزلل ) (3وتعرض لهم العلل ،ويؤتي على أيديهم في
العمد والخطأ ،فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك ال
من عفو ]ه[ فانك فوقهم ووالي المر عليك فوقك وال فوق من ولك بما
عرفك من كتابه وبصرك من سنن نبيه صلى ال عليه وآله .عليك بما كتبنا
لك في عهدنا هذا ،ل تنصبن نفسك لحرب ال ،فإنه ليدي لك بنقمته )(4
ول غنى بك عن عفوه ورحمته .فل تندمن على عفو ول تبجحن بعقوبة )
(5ول تسرعن إلى بادرة وجدت عنها مندوحة ،ول تقولن إني مؤمر آمر
فأطاع ) (6فإن ذلك إدغال في القلب ومنهكة للدين وتقرب من الفتن ،فتعوذ
بال من درك الشقاء .وإذا أعجبك ما أنت فيه من سلطانك فحدثت لك به
ابهة أو مخيلة ) (7فانظر إلى عظم
) (1في المصدر " وشح بنفسك عما ل يحل لك فان الشح النصاف منها فيما
احببت و كرهت " وكذا في النهج (2) .الضارى من الكلب :ما لهج
بالصيد وتعوده أكله وأولع به أي السباع كالسد والنمر (3) .تفرط:
تسبق .والزلل :الخطأ .وأراد بالعلل المور الصارفة لهم عما ينبغى من
اجراء أو امر الوالى على وجوهها (4) .يعنى ل تخالف أمر ال بالظلم
والجور فليس لك يد أن تدفع نقمته (5) .بجح كفرح لفظا ومعنى(6) .
البادرة :حدة الغضب .والمندوحة :السعة والفسحة .والمؤمر -كمعظم :-
المسلط .والدغال :الفساد .والنهك :الضعف ونهكه أضعفه (7) .البهة -
بضم الهمزة وفتح الباء مشددة وسكونها :-العظمة والكبرياء .والمخيلة:
الكبر والعجب.
][242
ملك ال فوقك ،وقدرته منك على ما ل تقدر عليه من نفسك ،فان ذلك يطامن إليك
من طماحك ) (1ويكف عنك من غربك ويفئ إليك ما عزب من عقلك .و
إياك ومساماته في عظمته ) (2أو التشبه به في جبروته ،فان ال يذل كل
جبار ،و يهين كل مختال فخور .أنصف ال وأنصف الناس من نفسك ومن
خاصتك ومن أهلك ومن لك فيه هوى من رعيتك ،فانك إن ل تفعل تظلم
ومن ظلم عباد ال كان ال خصمه دون عباده ،ومن خاصمه ال أدحض
حجته ) (3وكان ل حربا حتى ينزع ويتوب .وليس شئ أدعى إلى تغيير
نقمة وتعجيل نقمة من إقامة على ظلم ،فان ال يسمع دعوة المظلومين
وهو للظالمين بمرصاد ،ومن يكن كذلك فهو رهين هلك في الدنيا
والخرة .وليكن أحب المور إليك أوسطها في الحق وأعمها في العدل
وأجمعها ) (4للرعية فإن سخط العامة يجحف برضى الخاصة ) (5وإن
سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة ،وليس أحد من الرعية أثقل على
الوالي مؤونة في الرخاء ،وأقل له معونة في البلء ،وأكره للنصاف،
وأسأل باللحاف ) (6وأقل شكرا عند العطاء وأبطأ عذرا عند المنع،
وأكره للنصاف ،وأضعف صبرا عند ملمات المور من الخاصة
) (1يطامن أي يخفض ويسكن .والطماح :الفخر والنشوز والجماح .وارتفاع البصر
والغرب :الحدة .ويفئ :يرجع ما غاب عن عقلك (2) .المساماة :المفاخرة
والمباراة في السمو أي العلو (3) .أدحض :أبطل .وحربا أي محاربا.
وينزع أي يقلع عن ظلمه .وأدعى :أي أشد دعوة (4) .في النهج "
أجمعها لرضى الرعية " (5) .يجحف أي يذهب برضى الخاصة(6) .
اللحاف :اللحاح والشدة في السؤال.
][243
وإنما عمود الدين وجماع المسلمين والعدة للعداء أهل العامة من المة ،فليكن لهم
صغوك ) (1واعمد لعم المور منفعة وخيرها عاقبة ،ول قوة إل بال.
وليكن أبعد رعيتك منك وأشنؤهم عندك أطلبهم لعيوب الناس ،فان في
الناس عيوبا الوالي أحق من سترها فل تكشفن ما غاب عنك .واستر
العورة ما استطعت يستر ال منك ما تحب ستره من رعيتك ،واطلق عن
الناس عقد كل حقد ) (2واقطع عنك سبب كل وتر ،واقبل العذر ،وادرء
الحدود بالشبهات .وتغاب عن كل ما ل يصح لك ]ول تستر شبهة[ ) (3ول
تعجلن إلى تصديق ساع فان الساعي غاش وإن تشبه بالناصحين ) .(4ل
تدخلن في مشورتك بخيل يخذلك عن الفضل ويعدك الفقر ) ،(5ول جبانا
يضعف عليك المور ول حريصا يزين لك الشره بالجور ،فإن البخل
والجور و الحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بال كمونها في
الشرار ) (6أيقن إن شر وزرائك من كان للشرار وزيرا ومن شركهم في
الثام وقام بامورهم في عباد ال فل يكونن لك بطانة تشركهم في أمانتك )
(7كما شركوا في سلطان غيرك فأردوهم
) (1الصغو :الميل .وفى بعض النسخ " صفوك " (2) .أي احلل عقد الحقاد من
قلوب الناس بحسن السيرة مع الناس .والوتر -بالكسر :-العداوة أي
اقطع عنك أسباب العداوات بترك الساءة إلى الرعية (3) .كذا .وليست
هذه الجملة في المصدر (4) .الساعي :النمام بمعايب الناس .والغاش:
الخائن (5) .في النهج " يعدل بك عن الفضل والفضل " هنا الحسان
بالبذل والجود .ويعدك أي يخوفك .والشره -بالتحريك :أشد الحرص.
وفى النهج " يضعفك عن المور " بمعنى تحملك عن الضعف (6) .أي
يجتمع كلها فيهم سوء الظن بكرم ال وفضله .وفى بعض النسخ " كونها
في الشرار " ،وفى النهج " فان البخل والجبن والحرص "(7) .
البطانة -بالكسر :-الخاصة ،من بطانة الثوب خلف ظهارته.
][244
) (1الثمة :جمع آثم ،كظلمة :جمع ظالم .والعباب -بضم العين :-معظم السيل
وعباب البحر :موجه (2) .تصفح :تأمل ونظر مليا .والمساوي :جمع
مساءة وهى القبيح .وفى النهج " و أنت واجد منهم خير الخلف ممن له
مثل أرائهم ونفاذهم وليس عليه مثل آصارهم وأوزاهم ممن لم يعاون
ظالما على ظلمه ول آثما على اثمه " (3) .أحنى عليك :أي أشفق ،و "
عطفا " مصدر جيئ به من غير لفظ فعله .واللف -بالكسر :-اللفة
والمحبة (4) .اجحف بهم .استأصلهم وأهلكهم .وفى النهج بعده " :فاتخذ
أولئك خاصة لخلواتك وحفلتك " والمعاهدين :أهل الكتاب (5) .أي ليكن
أفضلهم لديك أكثرهم قول بالحق المر (6) .رفى النهج " مساعدة "
وقوله " :فيما يكون منك " أي يقع ويصدر (7) .أي ل يساعدك على ما
كره ال حال كونه نازل من ميلك إليه .ومن قوله عليه السلم " ثم ليكن
" إلى هنا تنبيه على من ينبغى أن يتخذ عونا ووزيرا ،وميزه باوصاف
أخص (8) .رضهم أي عودهم على أن ل يطروك أي يزيدوا في مدحك
من أطرى اطراء :أحسن الثناء وبالغ في المدح .ول يبجحوك أي ول
يفرحوك بنسبة عمل اليك .قوله " :تدنى " < -
][245
فان كثرة الطراء تحدث الزهو وتدنى من الغرة والقرار بذلك يوجب المقت من ال.
ل يكونن المحسن والمسئ عندك بمنزلة سواء فان في ذلك تزهيد لهل
الحسان في الحسان ،وتدريب لهل الساءة ،فألزم كل منهم ما ألزم نفسه
) (1أدبا منك ،ينفعك ال به وتنفع به أعوانك .ثم اعلم أنه ليس شئ بأدعى
لحسن ظن وال برعيته من إحسانه إليهم و تخفيفه المؤونات عليهم وقلة
استكراهه إياهم على ما ليس له قبلهم ،فليكن في ذلك أمر يجتمع لك به
حسن ظنك برعيتك ،فان حسن الظن يقطع عنك نصبا طويل وإن أحق من
حسن ظنك به لمن حسن بلؤك عنده ) (2وأحق من ساء ظنك به لمن ساء
بلؤك عنده .فأعرف هذه المنزلة لك وعليك لتزدك بصيرة في حسن الصنع
واستكثار حسن البلء عند العامة مع ما يوجب ال بها لك في المعاد .ول
تنقض سنة صالحة عمل بها صدور هذه المة واجتمعت بها اللفة
وصلحت عليها الرعية .ول تحدثن سنة تضر بشئ مما مضى من تلك
السنن ،فيكون الجر لمن سنها والوزر عليك بما نقضت منها .وأكثر
مدارسة العلماء ومثافنة الحكماء ) (3في تثبيت ما صلح عليه أهل بلدك
وإقامة ما استقام به الناس من قبلك ،فان ذلك يحق الحق ويدفع الباطل
ويكتفي به دليل ومثال ،لن السنن الصالحة هي السبيل إلى طاعة ال.
< -أي تقرب .والزهو :العجب .والغرة -بالكسر :-الحمية والنفة .وهذا كله أمر
بأن يلزم أهل الورع والصدق منهم ثم أن يروضهم ويؤد بهم بالنهي عن
الطراء له أو يوجبوا له سرورا بقول باطل ينسبونه فيه إلى فعل ل
يفعله (1) .التدريب :العتياد والتجرى .وقوله " :وما ألزم نفسه " في
مقابلة الحسان أو الساءة بمثلها (2) .أي اختبارك عنده (3) .المثافنة:
المجالسة والملزمة .وفى بعض نسخ النهج " ومنافثة " أي المحادثة.
)*(
][246
ثم اعلم أن الرعية طبقات ل يصلح بعضا إل ببعض ،ول غنى ببعضها عن بعض
فمنها جنود ال ،ومنها كتاب العامة والخاصة .ومنها قضاة العدل ،ومنها
عمال النصاف والرفق ،ومنها أهل الجزية والخراج من أهل الذمة
ومسلمة الناس ) (1ومنها التجار وأهل الصناعات ،ومنها طبقة السفلى
من ذوي الحاجة والمسكنة وكل قد سمي ال سهمه ووضع على حد
فريضته في كتابه أو سنة نبيه صلى ال عليه وآله .وعهد عندنا محفوظ )
.(2فالجنود بإذن ال حصون الرعية ،وزين الولة ،وعز الدين ،وسبيل
المن والخفض ) (3وليس تقوم الرعة إل بهم ،ثم لقوام للجنود إل بما
يخرج ال لهم من الخراج الذي يصلون به إلى جهاد عدوهم ويعتمدون
عليه ويكون من وراء حاجاتهم ،ثم ل بقاء لهذين الصنفين إل بالصنف
الثالث من القضاة والعمال و الكتاب لما يحكمون من المور ،ويظهرون
من النصاف ،ويجمعون من المنافع ،ويؤتمنون عليه من خواص المور
وعوامها .ولقوام لهم جميعا إل بالتجار ،وذوي الصناعات فيما يجمعون
من مرافقهم ) (4ويقيمون من أسواقهم ويكفونهم من الترفق بأيديهم مما
ل يبلغه رفق غيرهم.
) " (1مسلمة الناس " قال بعض شراح النهج :هذا تفصيل لهل الخراج ويجوز أن
يكون تفسيرا لهل الجزية والخراج معا لن للمام أن يقبل أهل الخراج
من سائر المسلمين وأهل الذمة (2) .أراد بالسهم الذى سماه ال
الستحقاق لكل من ذوى الستحقاق في كتابه اجمال من الصدقات
كالفقراء والمساكين وعمال الخراج والصدقة وفصله في سنة نبيه صلى
ال عليه وآله ،وحده الذى وضع ال عليه عهدا منه إلى أهل بيت نبيه
هو مرتبته ومنزلته من أهل المدينة الذين ل يقوم ال بهم فان للجندي
منزلة وحدا محدودا وكذلك العمال والكتاب و القضاة وغيرهم فان لكل
منهم حدا يقف عنده وفريضة يلزمها عليها عهد من ال محفوظ عند نبيه
وأهل بيته عليهم السلم (3) .يعنى الراحة والسعة والعيش(4) .
المرافق :المنافع.
][247
ثم الطبقة السفلى من أهل الحاجة والمسكنة الذين يحق رفدهم ) (1وفي فئ ال لكل
سعة ،ولكل على الوالي حق بقدر يصلحه وليس يخرج الوالي من حقيقة ما
ألزمه ال من ذلك إل بالهتمام والستعانة بال وتوطين نفسك على لزوم
الحق والصبر فيما خف عليه وثقل .فول من جنودك أنصحهم في نفسك ل
ولرسوله ولمامك وأنقاهم جيبا ) (2وأفضلهم حلما وأجمعهم علما
وسياسة ممن يبطئ عن الغضب ويسرع إلى العذر ،ويرأف بالضعفاء
وينبو على القوياء ) (3ممن ل يثيره العنف ول يقعد به الضعف ،ثم ألصق
بذوي الحساب وأهل البيوتات الصالحة والسوابق الحسنة ثم أهل النجدة
والشجاعة والسخاء والسماحة ،فإنهم جماع من الكرم ) (4وشعب من
العرف ،يهدون إلى حسن الظن بال واليمان بقدره .ثم تفقد أمورهم بما
يتفقد الوالد من ولده ،ول يتفاقمن في نفسك شئ قويتهم به ) (5ول تحقرن
لطفا تعاهدتهم به وإن قل ،فانه داعية لهم إلى بذل النصيحة وحسن الظن
بك .فل تدع تفقد لطيف أمورهم اتكال على جسيمها ،فان لليسير من لطفك
موضعا ينتفعون به وللجسيم موقعا ل يستغنون عنه.
) (1الرفد :العطاء والمعونة (2) .الجيب من القميص :طوقة .وأيضا :الصدر
والقلب ،يقال :فلن نقى الجيب أي أمين الصدر والقلب .وأيضا :المين،
يقال :رجل ناصح الجيب أي أمين لغش فيه وقد يقرء في بعض النسخ
" اتقاهم " (3) .النبو :العلو والرتفاع وينبو أي يشتد ويعلو عليهم
ليكف أيديهم عن الظلم .والعنف -مثلثة العين :-الشدة والمشقة ،ضد
الرفق .ويحتمل أن يكون بمعنى اللوم كما جاء في اللغة أيضا (4) .أي
مجموع منه .والعرف :المعروف .ومراده عليه السلم شرح أوصاف
الذين يؤخذ منهم الجند ويكون منهم رؤساؤه (5) .تفاقم المر :عظم أي
ل تعد ما قويتهم به عظيما ول ما تلطفك حقيرا بل لكل موضع وموقع.
][248
وليكن آثر رؤوس جنودك من واساهم في معونته وأفضل عليهم في بذله ممن
يسعهم ويسع من ورائهم من الخلوف من أهلهم ) (1حتى يكون همهم هما
واحدا في جهاد العدو ،ثم واتر اعلمهم ) (2ذات نفسك في إيثارهم،
والتكرمة لهم ،والرصاد بالتوسعة .وحقق ذلك بحسن الفعال والثر
والعطف ،فإن عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك .وإن أفضل قرة العيون
للولة استفاضة العدل في البلد ) (3وظهور مودة الرعية لنه ل يظهر
مودتهم إل سلمة صدورهم ول تصح نصيحتهم إل بحوطتهم على ولة
أمورهم ) (4وقلة استثقال دولتهم وترك استبطاء انقطاع مدتهم ) (5ثم ل
تكلن جنودك إلى مغنم وزعته بينهم بل أحدث لهم مع كل مغنم بدل مما
سواه مما أفاء ال عليهم ،تستنصر بهم به ويكون داعية لهم إلى العودة
لنصر ال ولدينه ،واخصص أهل النجدة ) (6في أملهم إلى منتهى غاية
آمالك من النصيحة بالبذل وحسن الثناء عليهم ولطيف التعهد لهم رجل
رجل وما أبلى في كل مشهد ،فإن كثرة الذكر
) (1آثر أي أكرم وأفضل وأعلى منزلة .من واساهم أي ساعدهم وعاونهم .وأفضل
عليهم أي أفاض وأحسن إليهم ،فل يقتر عليهم في الفرض ول ينقص
منهم شيئا ويجعل البذل شامل لمن تركوهم في الديار .والخلوف -
بضمتين جمع خلف بفتح فسكون :-من يخلف في الديار من النساء
والعجزة (2) .واتر :أمر من المواترة وهى ارسال الكتب بعضها أثر
بعض .والعلم :الطلع ويحتمل أن يكون وآثر بالثاء :أمر من المفاعلة
أي أكرم وفضل .والعلم :جمع علم :سيد القوم ورئيسهم(3) .
الستفاضة :النتشار والتساع .وفى النهج " الستقامة " (4) .الحوطة:
الحيطة :مصدر حاطه بمعنى حفظه وتعهده أي بحفظهم على ولتهم و
حرصهم على بقائهم (5) .استثقل الشئ :عده أو وجده ثقيل .واستبطأ
الشئ :عده أو وجده بطيئا ،فيعدون زمنهم قصيرا (6) .النجدة :الشدة
والبأس والشجاعة .والناكل :الجبان الضعيف والمراد هنا المتأخر القاعد.
][249
منك لحسن فعالهم تهز الشجاع وتحرض الناكل إن شاء ال .ثم ل تدع أن يكون لك
عليهم عيون ) (1من أهل المانة والقول بالحق عند الناس ،فيثبتون بلء
كل ذي بلء منهم ليثق أولئك بعلمك ببلئهم .ثم أعرف لكل امرء منهم ما
أبلى ول تضمن بلء امرء إلى غيره ول تقصرن به دون غاية بلئه )(2
وكاف كل منهم بما كان منه ،واخصصه منك بهزه .ول يدعونك شرف
امرء إلى أن تعظم من بلئه ما كان صغيرا ،ول ضعة امرء ) (3على أن
تصغر من بلئه ماكان عظيما .ول يفسدن امرءا عندك علة إن عرضت له
) (4ول نبوة حديث له قد كان له فيها حسن بلء ،فان العزة ل يؤتيه من
يشاء والعاقبة للمتقين .وإن استشهد أحد من جنودك وأهل النكاية في
عدوك فأخلفه في عياله بما يخلف به الوصي الشفيق الموثق به حتى ل
يرى عليهم أثر فقده ،فان ذلك يعطف عليك قلوب شيعتك ويستشعرون به
طاعتك ويسلسون لركوب معاريض التلف الشديد في وليتك ) .(5وقد
كانت من رسول ال صلى ال عليه وآله سنن في المشركين ومنا بعده
سنن ،قد جرت بها سنن وأمثال في الظالمين ومن توجه قبلتنا وتسمى
بديننا .وقد قال ال لقوم أحب إرشادهم " :يا أيها الذين آمنوا أطيعو ال
وأطيعوا الرسول واولي المر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى ال
والرسول إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر ذلك خير وأحسن تأويل )(6
" وقال " :ولو ردوه إلى الرسول وإلى اولي المر
) (1العين :الرقيب والناظر والجاسوس (2) .ل تضم عمل امرء إلى غيره ول
تقصر به في الجزاء دون ما يبلغ منتهى عمله .والهز التشويق(3) .
الضعة :من مصادر وضع -كشرف :-صار وضيعا أي دنيا (4) .أي ل
تفسدن عندك أحدا علة تعرض له .ونبوة الزمان :خطبه وجفوته(5) .
يسلسون :ينقادون ويسهل عليهم (6) .سورة النساء.62 :
][250
منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولول فضل ال عليكم ورحمته لتبعتم الشيطان
إل قليل " ) (1فالرد إلى ال الخذ بمحكم كتابه ) (2والرد إلى الرسول
الخذ بسنته الجامعة غير المتفرقة ) (3ونحن أهل رسول ال الذين نستنبط
المحكم من كتابه ونميز المتشابه منه ونعرف الناسخ مما نسخ ال ووضع
إصره ) .(4فسر في عدوك بمثل ما شاهدت منا في مثلهم من العداء
وواتر إلينا الكتب بالخبار بكل حدث يأتك منا أمر عام ) (5وال المستعان.
ثم انظر في أمر الحكام بين الناس بنية صالحة فإن الحكم في إنصاف
المظلوم من الظالم ،والخذ للضعيف من القوي ،وإقامة حدود ال على
سنتها ومنهاجها مما يصلح عباد ال وبلده .فاختر للحكم بين الناس أفضل
رعيتك في نفسك وأنفسهم للعلم والحلم والورع والسخاء ممن ل تضيق به
المور ول تمحكه الخصوم ) (6ول يتمادى في إثبات الزلة ول يحصر من
الفئ ) (7إلى الحق إذا عرفه ول تشرف نفسه
) (1سورة النساء (2) .85 :محكم الكتاب :نصه الصريح (3) .أي الخذ بما أجمع
عليه مما ل يختلف في نسبته إليه ،فل يكون مما افترق به الراء في
نسبته إليه (4) .الصر :الثقل أي ثقل التكليف كما قال ال تعالى في
سورة العراف " :156 :ويضع عنهم اصرهم والغلل التى كانت
عليهم " (5) .واتر :أمر من المواترة .والحدث -بفتحتين :-الحادثة أي
المر الحادث (6) .ل تمحكه :ل تغضبه -من محك الرجل :نازع في
الكلم وتمادى في اللحاجة عند المساومة -أي ول تحمله مخاصمة
الخصوم عند اللحاجة على رأيه .والزلة :السقطة والخطيئة (7) .حصر:
ضاق صدره أي إذا عرف الحق ل يضيق صدره من الرجوع إليه .وفى
بعض النسخ " في انبات الزلة ول يحصر من العى ".
][251
على طمع ) (1ول يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه ) (2وأوقفهم في الشبهات ،وآخذهم
بالحجج ،وأقلهم تبرما بمراجعة الخصوم ) (3وأصبرهم على تكشف
المور ،و أصرمهم ) (4عند اتضاح الحكم ،ممن ل يزدهيه إطراء ) (5ول
يستميله إغراق ول يصغى للتبليغ ،فول قضاءك من كان كذلك وهم قليل .ثم
أكثر تعهد قضائه ) (6وافتح له في البذل ما يزيح علته ) (7ويستعين به،
وتقل معه حاجته إلى الناس ،و أعطه من المنزلة لديك ما ل يطمع فيه
غيره من خاصتك ،ليأمن بذلك اغتيال الرجال إياه عندك ،وأحسن توقيره
في صحبتك ،وقربه في مجلسك .وأمض قضاءه ،وأنفذ حكمه ،واشدد
عضده ،واجعل أعوانه خيار من ترضى من نظرائه من الفقهاء وأهل
الورع والنصيحة ل ولعباد ال ،ليناظرهم فيما شبه عليه ،ويلطف عليهم
لعلم ما غاب عنه ،ويكونون شهداء على قضائه بين الناس إن شاء ال .ثم
حملة الخبار لطرافك قضاة تجتهد فيهم نفسه ) (8ل يختلفون ول
يتدابرون في حكم ال وسنة رسول ال صلى ال عليه وآله فإن الختلف
في الحكم إضاعة للعدل وغرة في الدين ) (9وسبب من الفرقة .وقد بين
ال ما يأتون وما ينفقون وأمر
) (1الشراف على الشئ :الطلع عليه من فوق (2) .أي ينبغى له التأمل في الحكم
فل يكتفى بما يبدو له باول فهم (3) .التبرم :الضجر .والملل(4) .
وأصرمهم :أقطعهم للخصومة عند وضوح الحكم (5) .ل يزدهيه :افتعال
من الزهو :العجب والفخر .والطراء :المبالغة في المدح أي ل تحمله
على الكبر والعجب ول يستخفه زيادة الثناء عليه .وفى النهج " ول
يستميله اغراء " (6) .تعهد :تفقد وتحفظ (7) .يزيح :يبعد ويزول وفى
النهج " يزيل " .أي وسع له حتى يكون ما يأخذه كافيا لمعيشته(8) .
كذا .وفى بعض النسخ " حملة الختيار " وفى بعضها " حمل الختيار
" .ولعل الصحيح " ثم اختيار حملة الخبار لطرافك قضاة تجتهد فيه
نفوسهم " (9) .الغرة -بالكسر :-الغفلة.
][252
برد مال يعلمون إلى من استودعه ال علم كتابه ،واستحفظه الحكم فيه ،فإنما
اختلف القضاة في دخول البغي بينهم واكتفاء كل امرء منهم برأيه دون
من فرض ال وليته ،وليس يصلح الدين ول أهل الدين على ذلك .ولكن
على الحاكم أن يحكم بما عنده من الثر والسنة ،فإذا أعياه ذلك ) (1رد
الحكم إلى أهله فإن غاب أهله عنه ناظر غيره من فقهاء المسلمين ليس له
ترك ذلك إلى غيره ،وليس لقاضيين من أهلة الملة أن يقيما على اختلف
في ]ال[ حكم دون ما رفع ذلك إلى ولي المر فيكم فيكون هو الحاكم بما
علمه ال ،ثم يجتمعان على حكمه فيما وافقهما أو خالفهما ،فانظر في ذلك
نظرا بليغا فان هذا الدين قد كان أسيرا بأيدي الشرار يعمل فيه بالهوى
وتطلب به الدنيا ،واكتب إلى قضاة بلدانك فليرفعوا إليك كل حكم اختلفوا
فيه على حقوقه .ثم تصفح تلك الحكام فما وافق كتاب ال وسنة نبيه
والثر من إمامك فأمضه واحملهم عليه ،وما اشتبه عليك فاجمع له
الفقهاء بحضرتك فناظرهم فيه ثم أمض ما يجتمع عليه أقاويل الفقهاء
بحضرتك من المسلمين فان كل أمر اختلف فيه الرعية مردود إلى حكم
المام وعلى المام الستعانة بال والجتهاد في إقامة الحدود وجبر الرعية
على أمره ،ول قوة إل بال .ثم انظر إلى أمور عمالك ،واستعملهم اختبارا،
ول تولهم امورك محاباة ) (2وأثرة ،فإن المحاباة والثرة جماع الجور
والخيانة ،وإدخال الضرورة على الناس وليست تصلح المور بالدغال )
(3فاصطف لولية أعمالك أهل الورع والعلم والسياسة ،وتوخ منهم أهل
التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة والقدم في السلم ،فإنهم أكرم
أخلقا ،وأصح أعراضا ،وأقل في المطامع إشرافا،
) (1أعياه :أعجزه ولم يهتد لوجه مراده " (2) .محاباة " أي اختصاصا وميل.
والثرة -بالتحريك :-اختصاص المرء نفسه بأحسن الشئ دون غيره
ويعمل كيف يشاء ،يعنى استعمل عمالك بالختبار والمتحان ل اختصاصا
واستبدادا (3) .الدغال :الفساد وادخال في المر بما يخالفه ويفسده.
)*(
][253
وأبلغ في عواقب المور نظرا من غيرهم ،فليكونوا أعوانك على ما تقلدت .ثم أسبغ
عليهم في العمالت ووسع عليهم في الرزاق فإن في ذلك قوة لهم على
استصلح أنفسهم وغنى ]لهم[ عن تناول ما تحت أيديهم وحجة عليهم إن
خالفوا أمرك أو ثلموا أمانتك ) .(1ثم تفقد أعمالهم وابعث العيون عليهم
من أهل الصدق والوفاء ،فإن تعهدك في السر أمورهم حدوة لهم ) (2على
استعمال المانة والرفق بالرعية ،وتحفظ من العوان ،فإن أحد منهم بسط
يده إلى خيانة اجتمعت بها أخبار عيونك اكتفيت بذلك شاهدا ،فبسطت عليه
العقوبة في بدنه وأخذته بما أصاب من عمله ،ثم نصبته بمقام المذلة
فوسمته بالخيانة وقلدته عار التهمة .وتفقد ما يصلح أهل الخراج ) (3فإن
في صلحه وصلحهم صلحا لمن سواهم ول صلح لمن سواهم إل بهم
لن الناس كلهم عيال على الخراج وأهله ،فليكن نظرك في عمارة الرض
أبلغ من نظرك في استجلب الخراج فإن الجلب ل يدرك إل بالعمارة ،ومن
طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلد وأهلك العباد ولم يستقم له أمره إل
قليل ،فاجمع إليك أهل الخراج من كل بلدانك ومرهم فليعلموك حال بلدهم
وما فيه صلحهم ورخاء جبايتهم ) (4ثم سل عما يرفع إليك أهل العلم به
من غيرهم ،فان كانوا شكوا ثقل ) (5أو علة من انقطاع شرب أو إحالة
أرض اغتمرها
) (1أي نقصوا وخانوا في أدائها وأحدثوا فيها (2) .الحدوة :السوق والحث(3) .
في النهج " وتفقد أمر الخراج بما يصلح أهله " (4) .الجباية :الخراج) .
(5أي من الخراج أو علة اخرى كانقطاع الشرب )بالكسر أي النصيب
من الماء( أو احالة أرض يعنى تغييرها عما كانت عليه من الستواء
لجل الغتمرار أي النغماس في الماء بالغرق فلم ينجب زرعها ول أثمر
نخلها .وقوله " :أو أجحف بهم " أي ذهب بمادة الغذاء من الرض فلم
تنبت.
][254
غرق أو أجحف بهم العطش أو آفة خففت عنهم ما ترجو أن يصلح ال به أمرهم
وإن سألوا معونة على إصلح ما يقدرون عليه بأموالهم فاكفهم مؤونته،
فان عاقبة كفايتك إياهم صلحا ،فل يثقلن عليك شئ خففت به عنهم
المؤونات ،وفانه ذخر يعودون به عليك لعمارة بلدك وتزيين وليتك مع
إقتنائك مودتهم وحسن نياتهم ) (1واستفاضة الخير وما يسهل ال به من
جلبهم ) ،(2فان الخراج ل يستخرج بالكد والتعاب مع أنها عقد تعتمد
عليها إن حدث حدث كنت عليهم معتمدا لفضل قوتهم بما ذخرت عنهم من
الحمام ) (3والثقة منهم بما عودتهم من عدلك ورفقك ومعرفتهم بعذرك
فيما حدث من المر الذي اتكلت به عليهم فاحتملوه بطيب أنفسهم ،فان
العمران محتمل ما حملته وإنما يؤتى خراب الرض لعواز ) (4أهلها
وإنما يعوز أهلها لسراف الولة ) (5وسوء ظنهم بالبقاء ،وقلة انتفاعهم
بالعبر .فاعمل فيما وليت عمل من يحب أن يدخر حسن الثناء من الرعيه
والمثوبة من ال والرضا من المام .ول قوة إل بال .ثم انظر في حال
كتابك فاعرف حال كل امرء منهم فيما يحتاج إليه منهم فاجعل لهم منازل
ورتبا ،فول على امورك خيرهم ،واخصص رسائلك التي تدخل فيها مكيدتك
وأسرارك بأجمعهم ) (6لوجوه صالح الدب ممن يصلح للمناظرة في
) (1في بعض النسخ " نيتهم " .وفى النهج " مع استجلبك حسن ثنائهم وتبجحك
باستفاضة العدل فيهم معتمدا فضل قوتهم بما ذخرت عندهم " (2) .في
بعض النسخ " حليهم " (3) .كذا وفى بعض النسخ " الجمام " وفى
النهج " من اجمامك " والجمام :الراحة (4) .فان العمران ما دام قائما
فكل ما حملت أهله سهل عليهم أن يحملوه .والعواز :الفقر والحاجة) .
(5في النهج " لشراف أنفس الولة على الجمع " .أي لتطلع أنفسهم
إلى جمع المال (6) .باجمعهم متعلق باخصص ،أي ما يكون من رسائلك
حاويا لشئ من المكائد و السرار فاخصصه بمن كان ذا أخلق وصلح
ورأى ونصيحة وذهن وغير ذلك من الوصاف < -
][255
جلئل المور من ذوي الرأي والنصيحة والذهن ،أطواهم عنك لمكنون السرار
كشحا ممن ل تبطره الكرامة ول تمحق به الدالةفيجترى بها عليك في خلء
أو يلتمس إظهارها في ملء ،ول تقصر به الغفلة ) (1عن إيراد كتب
الطراف عليك ،و إصدار جواباتك على الصواب عنك ،وفيما يأخذ ]لك[
ويعطى منك ،ول يضعف عقدا اعتقده لك ،ول يعجز عن إطلق ما عقد
عليك ،ول يجهل مبلغ قدر نفسه في المور ،فإن الجاهل بقدر نفسه يكون
بقدر غيره أجهل .وول ما دون ذلك من رسائلك وجماعات كتب خرجك
ودواوين جنودك قوما تجتهد نفسك في اختيارهم ،فإنها رؤوس أمرك
أجمعها لنفعك وأعمها لنفع رعيتك .ثم ل يكن اختيارك إياهم على فراستك
واستنامتك ) (2وحسن الظن بهم ،فإن الرجال يعرفون فراساة الولة
بتضرعهم وخدمتهم ) (3وليس وراء ذلك من النصيحة والمانة ]شئ[.
ولكن اختبرهم بما ولوا للصالحين قبلك فأعمد لحسنهم كان في العامة أثرا
وأعرفهم فيها بالنبل والمانة ) (4فإن ذلك دليل على نصيحتك ل ولمن
وليت أمره ،ثم مرهم بحسن الولية ولين الكلمة واجعل لرأس كل أمر من
امورك رأسا منهم ،ل يقهره كبيرها ) (5ول يتشتت عليه كثيرها ،ثم تفقد
ما غاب عنك من حالتهم وامور من يرد عليك رسله وذوي الحاجة وكيف
وليتهم وقبولهم وليهم
< -المذكورة .وطوى الحديث :كتمه .وطوى كشحا عنه أي أعرض عنه وقاطعه.
وبطر الرجل يبطر بطرا -محركة -إذا دهش وتحير في الحق .وبالمر
ثقل به .وبطره النعمة :أدهشهالدالة :الجرأة (1) .أي ول تكون غفلته
موجبة لتقصيره في اطلعك على ما يرد من أعمالك ول في اصدار
الجوبة عنه على وجه الصواب (2) .الفراسة -بالكسر :-حسن النظر
في المور .والستنامة .السكون والستيناس أي ل يكون انتخاب الكتاب
تابعا لميلك الخاص (3) .وفى النهج " بتصنعهم وحسن خدمتهم "(4) .
النبل -بالضم .-الذكاء و :النجابة والفضل (5) .أي ل يقهره عظيم تلك
العمال ول يخرج عن ضبطه كثيرها.
][256
وحجتهم ) (1فإن التبرم والعز والنخوة من كثير من الكتاب إل من عصم ال .وليس
للناس بد من طلب حاجاتهم ،ومهما كان في كتابك من عيب فتغابيت عنه
ألزمته ) (2أو فضل نسب إليك مع مالك عند ال في ذلك من حسن الثواب.
ثم التجار وذوي الصناعات فاستوص وأوص بهم خيرا ،المقيم منهم
والمضطرب بماله ) (3والمترفق بيده فانهم مواد للمنافع وجلبها في
البلد في برك وبحرك وسهلك وجبلك ،وحيث ل يلتئم الناس لمواضعها )
(4ول يجترئون عليها من بلد أعدائك من أهل الصناعات التي أجرى ال
الرفق منها على أيديهم ،فاحفظ حرمتهم وآمن سبلهم ،وخذلهم بحقوقهم،
فإنهم سلم ل يخاف بائقته ) (5وصلح ل تحذر غائلته ،احب المور إليهم
أجمعها للمن ،وأجمعها للسلطان ،فتفقد امورهم بحضرتك وفي حواشي
بلدك .واعلم مع ذلك أن في كثير منهم ضيقا فاحشا ) (6و شحا قبيحا،
واحتكارا للمنافع ،وتحكما في البياعات ،وذلك باب مضرة للعامة ،و عيب
على الولية ،فامنع الحتكار فإن رسول ال صلى ال عليه وآله نهى عنه،
وليكن البيع والشراء بيعا سمحا ) (7بموازين عدل وأسعار ل تجحف
بالفريقين مع البائع
) (1في بعض النسخ " وقبولهم ولينهم وحجتهم " .والتبرم :التضجر (2) .تغابيت
أي تغافلت عن عيب في كتابك يكون ذلك العيب لصقا بك (3) .المضطرب
بماله :المتردد بأمواله في الطراف والبلدان .والمترفق بيده :المكتسب
به وأصله ما به يتم النتفاع كالدوات .والجلب :الذي يجلب الرزاق
والمتاع إلى البلدان (4) .يلتئم :يجتمع وينضم أي بحيث ل يمكن اجتماع
الناس في مواضع تلك المرافق ول يجترئون أي ول يكون لهم الجرأة
على القدام من تلك المكنة من بلد العداء .والرفق -بالفتح :-النفع) .
(5البائقة :الداهية والشر .والغائلة :الفتنة والفساد والشر .أي فان
التجار و الصناع مسالمون ول تخشى منهم فتنة ول داهية (6) .الضيق:
عسر المعاملة .البياعات :جمع بياعة :ما يباع (7) .السمحة :السهلة
التى ل ضيق فيها وبيع السماح :ما كان فيه تساهل في بخس الثمن وفى
الخبر " السماح رباح " أي المساهلة في الشياء تربح صاحبها.
][257
والمبتاع ) .(1فمن قارف حكرة بعد نهيك فنكل وعاقب في غير إسراف .فإن رسول
ال صلى ال عليه وآله فعل ذلك .ثم أل ال في الطبقة السفلى من الذين ل
حيلة لهم والمساكين والمحتاجين و ذوي البؤس والزمنى ) ،(2فإن في
هذه الطبقة قانعا ومعترا ) (3فاحفظ ال ما استحفظك من حقه فيها واجعل
لهم قسما من غلت صوافي السلم ) (4في كل بلد ،فإن للقصى منهم مثل
الذي للدنى ،وكل قد استرعيت حقه فل يشغلنك عنهم نظر ) (5فإنك ل
تعذر بتضييع الصغير لحكامك الكبير المهم ) ،(6فل تشخص همك عنهم،
ول تصعر خدك لهم وتواضع ل يرفعك ال ) (7واخفض جناحك للضعفاء
واربهم ) (8إلى ذلك منك حاجة وتفقد من امورهم ما ل يصل إليك منهم
ممن تقتحمه العيون ) (9وتحقره الرجال ،ففرغ لولئك ثقتك ) (10من أهل
الخشية والتواضع
) (1المبتاع :المشترى .وقارف :أي فعل وقارب وخالط .والحكرة -بالضم :اسم من
الحتكار (2) .البؤس -بضم الباء -وفى النهج " البؤسى " -كصغرى
:-شدة الفقر .والزمنى -بالفتح جمع زمن -ككتف :-المصاب بالزمانة -
بالفتح -وهى العاهة وتعطيل القوى و عدم بعض العضاء (3) .القانع -
من قنع بالكسر كعلم .-إذا رضى بما معه وما قسم له .ومن قنع بالفتح
كمنع إذا سأل وخضع .والمعتر -بتشديد الراء ،المتعرض للعطاء من غير
أن يسأل (4) .الصوافى .جمع صافية :الرض التى جل عنها أهلها أو
ماتوا ول وارث لهم .وصوافى السلم هي ارض الغنيمة .وغلت :جمع
غلة وهى الدخل الذى يحصل من الزرع .والتمر واللبن والجارة والبناء
ونحو ذلك وغلت صوافي السلم :ثمراتها (5) .في النهج " بطر ") .
(6في بعض النسخ " الكثير المهم " " .فل تشخص " أي ل تصرف
اهتمامك عن ملحظة شؤونهم (7) .والصعر :الميل في الخد اعجابا
وكبرا أي ل تعرض بوجهك عنهم (8) .كذا .وفى نسخة " ارئهم "(9) .
تقتحمة العيون :تكره أن تنظر إليه احتقارا " (10) .ففرغ " أي فاجعل
للتفحص عنهم وعن حالهم أشخاصا ممن تثق بهم يتفرغون أنفسهم
لمعرفة أحوالهم ويبذلون جهدهم فيهم.
][258
فليرفع إليك امورهم ،ثم اعمل فيهم بالعذار إلى ال يوم تلقاه ،فإن هؤلء أحوج
إلى النصاف من غيرهم وكل فأعذر إلى ال في تأدية حقه إليه ،وتعهد أهل
اليتم والزمانة والرقة في السن ،ممن ل حيلة له ول ينصب للمسألة نفسه،
فاجر لهم أرزاقا فإنهم عباد ال فتقرب إلى ال بتخلصهم ،وضعهم
مواضعهم في أقواتهم وحقوقهم ،فإن العمال تخلص بصدق النيات ،ثم إنه
ل تسكن نفوس الناس أو بعضهم إلى أنك قد قضيت حقوقهم بظهر الغيب
دون مشافهتك بالحاجات ) (1وذلك على الولة ثقيل .والحق كله ثقيل .وقد
يخففه ال على أقوام طلبوا العاقبة ) (2فصبروا نفوسهم ووثقوا بصدق
موعود ال لمن صبر واحتسب فكن منهم واستعن بال واجعل لذوي
الحاجات منك قسما تفرغ لهم فيه شخصك وذهنك من كل شغل ،ثم تأذن
لهم عليك وتجلس لهم مجلسا تتواضع فيه ل الذي رفعك وتقعد عنهم
جندك وأعوانك ) (3من أحراسك وشرطك تخفض لهم في مجلسك ذلك
جناحك وتلين لهم كنفك ) (4في مراجعتك ووجهك حتى يكلمك متكلمهم
غير متعتع ) ،(5فإني سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول في غير
موطن " :لن تقدس امة ل يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي غير متعتع
" .ثم احتمل الخرق منهم والعي ) (6ونح عنك الضيق
) (1المشافهة :المخاطبة بالشفه أي من فيه إلى فيه والمراد حضورهم (2) .في
بعض النسخ " العافية " (3) .تأمر بأن يقعد عنهم ول يتعرض لهم.
والحراس :جمع حارس وهو من يحرس الحاكم من وصول المكروه
إليه .أي أعوان الحاكم .والشرط -بضم ففتح :-جمع شرطة -بضم
فسكون -وهم طائفة من أعوان الولة وسموا بذلك لنهم اعلموا أنفسهم
بالعلمات يعرفون بها .وهم المعروفون الن بالضابطة (4) .الكنف -
بالتحريك -الجانب ،الظل (5) .التعتعة في الكلم :التردد فيه من عى أو
عجز والمراد غير خائف منك ومن أعوانك وفى النهج " غير متتعتع "
في الموضعين ولعله أصح (6) .الخرق -بالضم :-العنف .والعى بالكسر
:-العجز عن النطق أي اطق واصبر ،ل تضجر من هذا ول تغضب لذاك.
][259
والنف ) (1يبسط ال عليك أكناف رحمته ) (2ويوجب لك ثواب أهل طاعته ،فأعط
ما أعطيت هنيئا ) (3وامنع في إجمال وإعذار وتواضع هناك ،فان ال يحب
المتواضعين ؟ ؟ وليكن أكرم أعوانك عليك ألينهم جانبا ،وأحسنهم مراجعة،
وألطفهم بالضعفاء ،إن شاء ال .ثم إن امورا من امورك ل بد لك من
مباشرتها ،منها إحابة عمالك ما يعيى عنه كتابك ) ،(4ومنها إصدار
حاجات الناس في قصصهم ،ومنها معرفة ما يصل إلى الكتاب والخزان مما
تحت أيديهم ،فل تتوان فيما هنالك ول تغتنم تأخيره واجعل لكل أمر منها
من يناظر فيه ولته بتفريغ لقلبك وهمك ،فكلما أمضيت أمرا فأمضه بعد
التروية ) (5ومراجعة نفسك ومشاورة ولي ذلك ،بغير احتشام ول رأي )
(6يكسب به عليك نقيضه .ثم أمض لكل يوم علمه فان لكل يوم ما فيه،
واجعل لنفسك فيما بينك وبين ال أفضل تلك المواقيت ،وأجزل تلك القسام
) (7وإن كانت كلها ل إذا صحت فيها النية ) (8وسلمت منها الرعية،
وليكن في خاص ما تخلص ل به دينك إقامة فرائضه التي هي له خاصة،
فأعط ال من بدنك في ليلك ونهارك ما يجب ،فان ال جعل النافلة لنبيه
خاصة دون خلقه فقال " :ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى
) (1المراد بالضيق :ضيق الصدر من هم أو سوء خلق .والنف -بالتحريك :-
الستكبار والترفع .أي بعد عن نفسك هذا وذلك (2) .الكناف :الطراف.
) (3هنيئا :سهل لينا أي ل تخشنه وإذا منعت فامنع بلطف وعذر (4) .أي
يعجز عنه (5) .التروية :النظر في المر والتفكر فيه (6) .الحتشام من
الحشمة -بالكسر :-الستحياء والنقباض والغضب (7) .أجزل :أعظم) .
(8في النهج " إذا صلحت ".
][260
أن يبعثك ربك مقاما محمودا " ) (1فذلك أمر اختص ال به نبيه وأكرمه به ليس
لحد سواه وهو لمن سواه تطوع فإنه يقول " :ومن تطوع خيرا فان ال
شاكر عليم ) " (2فوفر ما تقربت به إلى ال وكرمه وأد فرائضه إلى ال
كامل غير مثلوب ول منقوص ) (3بالغا ذلك من بدنك ما بلغ .فإذا قمت في
صلتك بالناس فل تطولن ول تكونن منفرا ول مضيعا ) (4فان في الناس
من به العلة وله الحاجة ،وقد سألت رسول ال صلى ال عليه وآله حين
وجهني إلى اليمن :كيف اصلي بهم ؟ فقال " :صل بهم كصلة أضعفهم
وكن بالمؤمنين رحيما " .وبعد هذا ) (5فل تطولن احتجابك عن رعيتك.
فإن احتجاب الولة عن الرعية شعبة من الضيق ،وقلة علم بالمور.
والحتجاب يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه فيصغر عندهم الكبير ،ويعظم
الصغير ،ويقبح الحسن ،ويحسن القبيح ،ويشاب الحق بالباطل ) (6وإنما
الوالي بشر ل يعرف ما توارى عنه الناس به من المور و ليست على
القول سمات ) (7يعرف بها الصدق من الكذب ،فتحصن من الدخال في
الحقوق بلين الحجاب ) (8فإنما أنت أحد رجلين :إما امرء سخت نفسك
بالبذل في الحق ففيم احتجابك ،من واجب حق تعطيه ؟ أو خلق كريم تسديه
؟ وإما مبتلى
) (1سورة السراء (2) .81 :سورة البقرة .153 :وفى النهج ]ووف ما تقربت[) .
(3المثلوب :المعيوب .وفى النهج " المثلوم " أي المخدوش .وبالغا أي
وان بلغ من اتعاب بدنك أي مبلغ (4) .أي بالتطول والتنقص .والمطلوب
المتوسط (5) .وفى النهج " وأما بعد " (6) .يشاب :يخلط (7) .سمات:
جمع سمة -بكسر السين :-العلمة .وفى النهج " وليست على الحق
سمات تعرف بها ضروب الصدق من الكذب " (8) .الدخال في الحقوق:
الفساد فيها .ومن المحتمل " الدغال في الحقوق ".
][261
بالمنع فما أسرع كف الناس عن مسألتك إذا أيسوا من بذلك مع أن أكثر حاجات
الناس إليك مال مؤونة عليك فيه من شكاية مظلمة أو طلب إنصاف .فانتفع
بما وصفت لك واقتصر فيه على حظك ورشدك إن شاء ال .ثم إن للملوك
خاصة وبطانة فيهم استئثار وتطاول وقلة إنصاف ) (1فاحسم مادة أولئك
بقطع أسباب تلك الشياء ،ول تقطعن لحد من حشمك ول حامتك قطيعة )
(2ول تعتمدن في اعتقاد عقدة تضر بمن يليها من الناس في شرب أو
عمل مشترك يحملون مؤونتهم على غيرهم فيكون مهنأ ذلك لهم دونك
وعيبه عليك في الدنيا والخرة ) (3عليك بالعدل في حكمك إذا انتهت
المور وألزم الحق من لزمه من القريب والبعيد ،وكن في ذلك صابرا
محتسبا ،وافعل ذلك بقرابتك حيث وقع وابتغ عاقبته بما يثقل عليه منه )(4
فان مغبة ذلك محمودة .وإن ظنت الرعية بك حيفا فأصحر لهم بعذرك )(5
واعدل عنك ظنونهم
) (1الستئثار :تقديم النفس على الغير .والتطاول :الترفع والتكبر (2) .الحسم:
القطع .والحشم -محركة :-الخدم .وفى النهج " حاشيتك " .والحامة
الخاصة .والقطيعة -من القطاع :-المنحة من الرض (3) .العقدة:
الولية على البلد ،وما يمسك الشئ ويوثقه ،وموضع العقد وهو ما عقد
عليه والضيعة ،والعقار الذى اعتقده صاحبه ملكا ،والبيعة المعقودة لهم،
والمكان الكثير الشجر أو النخل والكلء الكافي للبل .وفى النهج هكذا "
ول تقطعن لحد من حاشيتك و حامتك قطيعة ول يطمعن منك في اعتقاد
عقدة تضر بمن يليها من الناس " .والمهنأ ،ما يأتيك بل مشقة والمنفعة
الهنيئة (4) .في النهج " واقعا ذلك من قرابتك وخاصتك حيث وقع وابتغ
عاقبته بما يثقل عليك منه " .والمغبة :العاقبة (5) .الحيف :الظلم.
والصحار :البراز والظهار .أي إذا فعلت فعل وظنت الرعية أنه ظلم
فأبرز لهم عذرك وبينه .وعدل عنه :نحاه عنه.
][262
بإصحارك ،فان تلك رياضة منك لنفسك ،ورفق منك برعيتك ،وإعذار تبلغ فيه
حاجتك من تقويمهم على الحق في خفض وإجمال ) .(1ل تدفعن صلحا
دعاك إليه عدوك فيه رضى ) (2فان في الصلح دعة لجنودك وراحة من
همومك وأمنا لبلدك ،ولكن الحذر كل الحذر ) (3من مقاربة عدوك في
طلب الصلح فان العدو ربما قارب ليتغفل ،فخذ بالحزم وتحصن كل مخوف
تؤتي منه .وبال الثقة في جميع المور .وإن لجت بينك ) (4وبين عدوك
قضية عقدت له بها صلحا أو ألبسته منك ذمة فحط عهدك بالوفاء وارع
ذمتك بالمانة واجعل نفسك جنة دونه ) (5فانه ليس شئ من فرائض ال
جل وعز الناس أشد عليه اجتماعا في تفريق أهوائهم ،وتشتيت أديانهم من
تعظيم الوفاء بالعهود ) (6وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون
المسلمين لما استوبلوا ) (7من الغدر والختر ،فل تغدرن بذمتك ول تخفر
بعهدك ) (8ول تختلن عدوك ،فانه ل يجترئ على ال إل جاهل ،قد جعل
ال عهده وذمته أمنا أفضاه بين العباد برحمته ) (9وحريما يسكنون إلى
منعته ،ويستفيضون به
) (1الخفض :السكون والدعة (2) .في النهج " ول فيه رضى " (3) .في النهج "
ولكن الحذر كل الحذر من عدوك بعد صلحه " (4) .اللجاج :العناد
والخصومة .لج في المر :لزمه وأبى أن ينصرف عنه (5) .أي دون ما
أعطيت ،كما في النهج (6) .الناس مبتدأ وخبره أشد والجملة خبر ليس،
يعنى ان الناس مع تفرق أهوائهم وتشتت آرائهم لم يجتمعوا على فريضة
أشد اهتماما من اجتماعهم على تعظيم الوفاء بالعهود حتى أن المشركين
التزموا به مع أنهم ليسوا من المسلمين (7) .استوبلوا :استوخموا من
عواقب الغدر والختر وهو الغدر أيضا (8) .فل تخفر أي فل تنقض بعهدك
وفى النهج " ول تخيسن " من خاس بعهده أي خانه ونقضه(9) .
الفضاء أصله التساع وهنا محار ويراد به الفشاء والنتشار .والحريم:
ما حرم أن يمس .والمنعة :القوة التى تمنع من يريد باحد سوءا.
][263
إلى جواره ،فل خداع ،ول مدالسة ،ول إذ عال فيه ) .(1فل يدعونك ضيق أمر
لزمك فيه عهد ال على طلب انفساخه ،فان صبرك على ضيق ترجو
انفراجه وفضل عاقبته خير من غدر تخاف تبعته ) (2وأن تحيط بك من ال
طلبة ]فيه[ ،ول تستقيل فيها دنياك ول آخرتك .وإياك والدماء وسفكها
بغير حلها فانه ليس شئ أدعى لنقمة ،ول أعظم لتبعة ول أحرى لزوال
نعمة ،وانقطاع مدة من سفك الدماء بغير الحق .وال مبتدء بالحكم بين
العباد فيما يتسافكون من الدماء ،فل تصونن سلطانك ) (3بسفك دم حرام،
فان ذلك يخلقه ويزيله ،فإياك والتعرض لسخط ال فان ال قد جعل لولي
من قتل مظلوما سلطانا قال ال " :ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه
سلطانا فل يسرف في القتل إنه كان منصورا ) " (4ول عذر لك عند ال
ول عندي في قتل العمد لن فيه قود البدن ) .(5فان ابتليت بخطأ وفرط
عليه سوطك أو يدك لعقوبة فان في الوكزة فما فوقها مقتلة فل تطمحن بك
نخوة سلطانك عن أن تؤدي إلى أهل المقتول حقهم دية مسلمة يتقرب بها
إلى ال زلفى ) .(6إياك والعجاب بنفسك والثقة بما يعجبك منها وحب
الطراء ،فإن
) (1المدالسة :الخيانة .والدغال :الفساد (2) .التبعة :ما يترتب على الفعل من
الخير أو الشر واستعماله في الشر أكثر .و " أن تحيط " عطف على
تبعة .والطلبة اسم من المطالبة أي وتخاف أن تتوجه عليك من ال
مطالبة بحقه في الوفاء الذى غدرته ول يمكن أن تسأل ال أن يقيلك من
هذه المطالبة بعفوه عنك (3) .في النهج " ول تقوين سلطانك "(4) .
سورة السرى (5) .43 :القود -بالتحريك :-القصاص " (6) .فرط
عليه " عجل بما لم تكن تريده أي أردت تأديبا فاعقب قتل .والوكزة:
الضربة بجمع الكف .وهى تعليل :لقوله " وفرط عليه " .قوله " :فل
تطمحن " جواب الشرط أي ل يرتفعن بك كبرياء السلطان عن تأدية الدية
إلى أهل المقتول في القتل الخطاء.
][264
][265
احترس كل ذلك بكف البادرة ) (1وتأخير السطوة ،وارفع بصرك إلى السماء عند ما
يحضرك منه حتى يسكن غضبك فتملك الختيار ،ولن تحكم ذلك من نفسك
حتى تكثر همومك بذكر المعاد ) .(2ثم اعلم أنه قد جمع ما في هذا العهد
من صنوف ما لم آلك فيه رشدا إن أحب ال إرشادك وتوفيقك أن تتذكر ما
كان من كل ما شاهدت منا فتكون وليتك هذه من حكومة عادلة ،أو سنة
فاضلة ،أو أثر عن نبيك صلى ال عليه وآله ،أو فريضة في كتاب ال
فتقتدي بما شاهدت مما عملنا به منها .وتجتهد نفسك في اتباع ما عهدت
إليك في عهدي و استوثقت من الحجة لنفسي ،لكيل تكون لك علة عند
تسرع نفسك إلى هواها ،فليس يعصم من السوء ،ول يوفق للخير إل ال
جل ثناؤه .وقد كان مما عهد إلي رسول ال صلى ال عليه وآله في
وصايته تحضيضا على الصلة والزكوة وما ملكت أيمانكم ،فبذلك أختم لك
ما عهدت ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم .وأنا أسأل ال سعة
رحمته وعظيم مواهبه وقدرته على إعطاء كل رغبة ) (3أن يوفقني وإياك
لما فيه رضاه من القامة على العذر الواضح إليه وإلى خلقه ) (4مع حسن
الثناء في العباد وحسن الثر في البلد وتمام النعمة وتضعيف الكرامة )(5
و أن يختم لي ولك بالسعادة والشهادة وإنا إليه راغبون والسلم على
رسول ال وعلى آله الطيبين الطاهرين وسلم كثيرا .جش (6) :الصبغ بن
نباتة كان من خاصة أمير المؤمنين عليه السلم وعمر بعده
) (1البادرة :الحدة أو ما يبدر من اللسان عند الغضب من السب ونحوه (2) .في
النهج " بذكر المعاد إلى ربك " (3) .أي اعطاه كل سائل ما سأله ،كانه
قال :القادر على اعطاء كل سؤال (4) .المراد من العذر الحجة الواضحة
العادلة ،يعنى فانه حجة لك عند من قضيت عليه وعذر عند ال فيمن
اجريت عليه عقوبة أو حرمته من منفعة (5) .أي زيادة الكرامة اضعافا.
) (6الرجال ص .7
][266
روى عنه عهد الشتر ووصيته إلى محمد ابنه أخبرنا ابن الجندي ،عن علي بن
همام عن الحميري ،عن هارون بن مسلم ،عن الحسين بن علوان ،عن
سعد بن طريف ،عن الصبغ بالعهد .ايضاح :قوله عليه السلم )* .(1
)باب ) " * * (11وصيته عليه السلم لكميل بن زياد النخعي( " * - 1
بشا (2) :أخبرنا الشيخ أبو البقاء إبراهيم بن الحسين بن إبراهيم البصري
بقرأتي عليه في المحرم سنة ست عشر وخمسمائة بمشهد مولينا أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم ،عن أبي طالب محمد بن الحسن
بن عتبة ،عن أبي الحسن محمد بن الحسين ابن أحمد ،عن محمد بن
وهبان الدبيلي ،عن علي بن أحمد بن كثير العسكري ،عن أحمد بن أبي
سلمة محمد بن كثير ) (3عن أحمد بن أحمد بن الفضل الصفهاني ،عن
أبي راشد بن علي بن وائل القرشي ،عن عبد ال بن حفص المدني ،عن
أبي ) (4محمد بن إسحاق ،عن سعيد بن زيد بن أرطاة قال :لقيت كميل بن
زياد وسألته عن فضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم فقال:
أل اخبرك بوصية أوصاني بها يوما هي خير لك من الدنيا بما فيها ؟ فقلت:
بلى فقال :أوصاني يوما فقال لي :يا كميل ابن زياد سم كل يوم باسم ال
ول حول ول قوة إل بال وتوكل على ال ،واذكرنا
) (1كان هنا بياض مقدار ورق .وذلك لن عمر المؤلف -رضوان ال عليه -لم
يف بترصيف بعض مجلدات الكتاب وبيان مشكله وتوضيح معضله ومنها
هذا المجلد (2) .بشارة المصطفى ص 29الطبعة الولى (3) .في
المصدر عن على بن أحمد بن كثير العسكري ،عن أحمد بن المفضل أبى
سلمة الصفهانى قال أخبرني أحمد بن راشد بن على بن وائل القرشى) .
(4في المصدر " عن محمد بن اسحاق ".
][267
وسم بأسمائنا ،وصل علينا واستعذ بال ربنا وادرأ بذلك عن نفسك ) (1وما تحوطه
عنايتك ) (2تكف شر ذلك اليوم إن شاء ال .يا كميل إن رسول ال صلى
ال عليه وآله أدبه ال عزوجل وهو أدبني وأنا اؤدب المؤمنين واورث
الدب المكرمين .يا كميل ما من علم إل وأنا أفتحه وما من سر إل والقائم
عليه السلم يختمه .يا كميل ذرية بعضها من بعض وال سميع عليم .يا
كميل ل تأخذ إل عنا تكن منا .يا كميل ما من حركة إل وأنت محتاج فيها
إلى معرفة ) .(3يا كميل إذا أكلت الطعام فسم باسم ال الذي ل يضر مع
اسمه داء وهو الشفاء من جميع الدواء ) .(4يا كميل إذا أكلت الطعام
فواكل به ،ول تبخل به فإنك لم ترزق الناس شيئا ،وال يجزل لك الثواب
بذلك .يا كميل أحسن خلقك وأبسط جليسك ) (5ول تنهرن خادمك يا كميل
إذا أنت أكلت فطول أكلك ليستوفى من معك ويرزق منه غيرك .يا كميل إذا
استوفيت طعامك فاحمد ال على ما رزقك ،وارفع بذلك صوتك ليحمده
سواك ،فيعظم بذلك أجرك .يا كميل ل توقرن معدتك طعاما ودع فيها للماء
موضعا وللريح مجال ).(6
) (1في التحف وفى بعض النسخ من الكتاب " أدر بذلك على نفسك " وأدر امر من
درى بالشئ أن توصل إلى عمله (2) .تحوطه :تحفظه ،وتعهده عنايتك) .
(3في بعض النسخ " إلى معونة " (4) .في بعض النسخ " جميع
السواء " (5) .بسط الرجل :-سره .وفى المصدر " إلى جليسك " وفى
بعض النسخ " ل تتهم خادمك " " (6) .ل توقرن " أي ل تثقلن معدتك
من الطعام .وفى بعض النسخ " ل توفرن " بالفاء.
][268
يا كميل ل تنقد طعامك فان رسول ال صلى ال عليه وآله ل ينقده .يا كميل ل ترفعن
يدك من الطعام إل وأنت تشتهيه فإذا فعلت ذلك فأنت تستمرئه ) .(1يا كميل
صحة الجسم من قلة الطعام وقلة الماء .يا كميل البركة في المال من إيتاء
الزكاة ومواساة المؤمنين ،وصلة القربين وهم القربون ]لنا[ .يا كميل زد
قرابتك المؤمن على ما تعطي سواه من المؤمنين وكن بهم أرأف و عليهم
أعطف ،وتصدق على المساكين .يا كميل ل تردن سائل ولو بشق تمرة أو
من شطر عنب .يا كميل الصدقة تنمى عند ال .يا كميل حسن خلق المؤمن
من التواضع ،وجماله التعفف ،وشرفه الشفقة وعزه ترك القال والقيل )
.(2يا كميل إياك والمراء فانك تغري بنفسك السفهاء إذا فعلت وتفسد
الخاء .يا كميل إذا جادلت في ال تعالى فل تخاطب إل من يشبه العقلء
وهذا ]قول[ ضرورة .يا كميل هم على كل حال سفهاء كما قال ال تعالى "
أل إنهم هم السفهاء ولكن ل يعلمون " ) .(3يا كميل في كل صنف قوم
أرفع من قوم ،وإياك ومناظرة الخسيس منهم ،و إن أسمعوك فاحتمل وكن
من الذين وصفهم ال تعالى بقوله " وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلما "
).(4
) (1استمرأ الطعام :استطيبه ووجده مرئيا (2) .القال والقيل -مصدران :-ما
يقوله الناس .وقيل :القال البتداء والسؤال والقيل الجواب (3) .البقرة:
(4) .13الفرقان.64 :
][269
يا كميل قل الحق على كل حال ،ووازر المتقين ،واهجر الفاسقين .يا كميل جانب
المنافقين ،ول تصاحب الخائنين .يا كميل إياك إياك والتطرق إلى أبواب
الظالمين والختلط بهم والكتساب منهم وإياك أن تطيعهم وأن تشهد في
مجالسهم بما يسخط ال عليك .يا كميل إذا اضطررت إلى حضورهم فداوم
ذكر ال تعالى والتوكل عليه و استعذ بال من شرهم ،واطرق عنهم )(1
وأنكر بقلبك فعلهم ،واجهر بتعظيم ال تعالى لتسمعهم فانهم يهابوك وتكفي
شرهم .يا كميل إن أحب ما امتثله العباد إلى ال بعد القرار به وبأوليائه
عليهم السلم التجمل والتعفف والصطبار .يا كميل ل بأس بأن ل يعلم
سرك .يا كميل ل ترين الناس افتقارك واضطرارك ،واصطبر عليه احتسابا
بعز وتستر .يا كميل ل بأس بأن تعلم أخاك سرك .يا كميل ومن أخوك ؟
أخوك الذي ل يخذلك عند الشدة ول يغفل عنك عند الجريرة ) (2ول
يخدعك حين تسأله ول يتركك وأمرك حتى تعلمه فإن كان مميل أصلحه )
.(3يا كميل المؤمن مرآة المؤمن ]لنه[ يتأمله ،ويسد فاقته ،ويجمل
حالته .يا كميل المؤمنون إخوة ،ول شئ آثر عند كل أخ من أخيه ) .(4يا
كميل إذا لم تحب أخاك فلست أخاه .يا كميل إنما المؤمن من قال بقولنا،
فمن تخلف عنا قصر عنا ،ومن قصر عنا
) (1أطرق الرجل :سكت ولم يتكلم وارخى عينه ينظر إلى الرض (2) .الجريرة:
الجناية ،لنها تجر العقوبة إلى الجاني (3) .المميل -اسم فاعل من أمال
:-صاحب ثروة ومال كثير (4) .آثر أي أقدم واكرم.
][270
لم يلحق بنا ،ومن لم يكن معنا ففي الدرك السفل من النار .يا كميل كل مصدور
ينفث فمن نفث إليك منا بأمر أمرك بستره فإياك أن تبديه ) (1فليس لك من
إبدائه توبة فإذا لم تكن توبة فالمصير إلى لظى ) .(2يا كميل إذاعة سر آل
محمد عليهم السلم ل يقبل ال تعالى منها ول يحتمل أحدا عليها .يا كميل
وما قالوه لك مطلقا فل تعلمه إل مؤمنا موفقا ) .(3يا كميل ل تعلموا
الكافرين من أخبارنا فيزيدوا عليها فيبدو كم بها ]إلى[ يوم يعاقبون عليها.
يا كميل ل بد لماضيكم من أوبة ) (4ولبد لنا فيكم من غلبة .يا كميل
سيجمع ال تعالى لكم خير البدء والعاقبة .يا كميل أنتم ممتعون بأعدائكم،
تطربون بطربهم ،وتشربون بشربهم ،و تأكلون بأكلهم ،وتدخلون
مداخلهم ،وربما غلبتم على نعمتهم إي وال على إكراه منهم لذلك ،ولكن
ال عزوجل ناصركم وخاذلهم ،فإذا كان وال يومكم ،وظهر صاحبكم لم
يأكلوا وال معكم ،ولم يردوا مواردكم ،ولم يقرعوا أبوابكم ،ولم ينالوا
نعمتكم أذلة خاسئين أينما ثقفوا اخذوا وقتلوا تقتيل .يا كميل احمد ال
تعالى والمؤمنون على ذلك وعلى كل نعمة .يا كميل قل عند كل شدة ل
حول ول قوة إل بال العلي العظيم تكفها .و قل عند كل نعمة الحمد ل تزد
منها ،وإذا ابطأت الرزاق عليك فاستغفر ال يوسع عليك فيها.
) (1المصدور :الذى يشتكى من صدره .وينفث المصدور أي رمى بالنفاثة .المراد
ان من مل صدره من محبتنا وأمرنا ل يمكن له أن يقيها ول يبرزها ،فإذا
أبرزها وأمر بسترها فاسترها .وفى بعض النسخ " فمن نفث اليك منا
بأمر فاستره " (2) .اللظى :النار ولهبها (3) .في المصدر " فل يعلمه
ال مؤمنا موفقا " (4) .الوب :الرجوع ،آب يؤوب من سفر رجع.
][271
يا كميل إذا وسوس الشيطان في صدرك فقل :أعوذ بال القوي من الشيطان الغوي
وأعوذ بمحمد الرضي من شر ما قدر وقضى ،وأعوذ بإله الناس من شر
الجنة و الناس أجمعين وسلم تكفي مؤونة إبليس والشياطين معه ولو أنهم
كلهم أبالسة مثله .يا كميل إن لهم خدعا وشقاشق ) (1وزخازف ووساوس
وخيلء على كل أحد قدر منزلته في الطاعة والمعصية ،فبحسب ذلك
يستولون عليه بالغلبة .يا كميل ل عدو أعدى منهم ول ضار أضر بك
منهم ،امنيتهم أن تكون معهم غدا إذا اجتثوا في العذاب ]الليم[ ) (2ل يفتر
عنهم بشرره ،ول يقصر عنهم خالدين فيها أبدا .يا كميل سخط ال تعالى
محيط بمن لم يحترز منهم باسمه ونبيه وجميع عزائمه وعوذه جل وعز
وصلى ال على نبيه وآله وسلم .يا كميل إنهم يخدعونك بأنفسهم ،فإذا لم
تجبهم مكروا بك وبنفسك بتحسينهم إليك شهواتك ) (3وإعطائك أمانيك
وإرادتك ويسولون لك ،وينسونك ،وينهونك ويأمرونك ،ويحسنون ظنك
بال عزوجل حتى ترجوه فتغتر بذلك فتعصيه وجزاء العاصي لظى .يا كميل
احفظ قول ال عزوجل " الشيطان سول لهم وأملى لهم " ) (4و المسول
الشيطان والمملي ال تعالى .يا كميل اذكر قول ال تعالى لبليس لعنه ال
" وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الموال والولد وعدهم وما
يعدهم الشيطان إل غرورا " ) .(5يا كميل إن إبليس ل يعد عن نفسه،
وإنما يعد عن ربه ليحملهم على معصيته فيورطهم.
) (1الشقاشق :جمع شقشقة وهى شئ يخرجه البعير من فيه إذا هاج (2) .اجتثوا
أي اقتلعوا ،وفى بعض النسخ " جثوا في العذاب " (3) .في بعض النسخ
" بتحبيبهم اليك " (4) .محمد " ص " (5) .27 :السراء.66 :
][272
يا كميل إنه يأتي لك بلطف كيده فيأمرك بما يعلم أنك قد ألفته من طاعة ل تدعها
فتحسب أن ذلك ملك كريم ،وإنما هو شيطان رجيم ،فإذا سكنت إليه
واطمأننت حملك على العظائم المهلكة التي ل نجاة معها .يا كميل إن له
فخاخا ينصبها فاحذر أن يوقعك فيها ) .(1يا كميل إن الرض مملوة من
فخاخهم فلن ينجو منها إل من تشبث بنا وقد أعلمك ال أنه لن ينجو منها
إل عباده وعباده أولياؤنا .يا كميل وهو قول ال عزوجل " إن عبادي ليس
لك عليهم سلطان " وقوله عزوجل " إنما سلطانه على الذين يتولونه
والذين هم به مشركون " ) .(2يا كميل انج بوليتنا من أن يشركك في
مالك وولدك كما امر .يا كميل ل تغتر بأقوام يصلون فيطيلون ،ويصومون
فيداومون ،ويتصدقون فيحسبون أنهم موقوفون ) .(3يا كميل اقسم بال
لسمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول :إن الشيطان إذا حمل قوما
على الفواحش مثل الزنى ،وشرب الخمر ،والربا ،وما أشبه ذلك من الخنى
) (4والمأثم حبب إليهم العبادة الشديدة ،والخشوع ،والركوع ،والخضوع
والسجود ثم حملهم على ولية الئمة الذين يدعون إلى النار ويوم القيامة
ل ينصرون .يا كميل إنه مستقر ومستودع ) (5واحذر أن تكون من
المستودعين .يا كميل إنما تستحق أن تكون مستقرا إذا لزمت الجادة
الواضحة التي ل تخرجك إلى عوج ول تزيلك عن منهج ما حملناك عليه و
]ما[ هديناك إليه.
) (1الفخاخ جمع فخ وهو آلة الصيد (2) .النحل (3) .102 :أي موقوفون
ومسئولون عنها فحسب دون ولية الئمة (4) .الخنى :الفحش ،والمأثم:
الخطيئة (5) .يعنى به اليمان فانه مستقر ومستودع.
][273
يا كميل ل رخصة في فرض ول شدة في نافلة .يا كميل إن ال عزوجل ل يسألك إل
عما فرض وإنما قدمنا عمل النوافل بين أيدينا للهوال العظام والطامة يوم
القيامة .يا كميل إن الواجب ل أعظم من أن تزيله الفرائض والنوافل
وجميع العمال وصالح الموال ) (1ولكن من تطوع خيرا فهو خير له .يا
كميل إن ذنوبك أكثر من حسناتك ،وغفلتك أكثر من ذكرك ،ونعم ال عليك
أكثر من كل عملك .يا كميل إنه ل تخلو من نعمة ال عزوجل عندك
وعافيته فل تخل من تحميده وتمجيده ،وتسبيحه ،وتقديسه ،وشكره،
وذكره على كل حال .يا كميل ل تكونن من الذين قال ال عزوجل " نسوا
ال فأنسيهم أنفسهم " ) (2ونسيهم إلى الفسق " اولئك هم الفاسقون ".
يا كميل ليس الشأن أن تصلي وتصوم وتتصدق إنما الشأن أن تكون
الصلة فعلت بقلب نقي وعمل عند ال مرضي وخشوع سوي ،وإبقاء للجد
فيها .يا كميل عند الركوع والسجود وما بينهما تبتلت العروق والمفاصل
حتى تستوفى ]ولء[ إلى ما تأتي به من جميع صلواتك .يا كميل انظر فيم
تصلي ،وعلى ما تصلي ،إن لم تكن من وجهه وحله فل قبول .يا كميل إن
اللسان يبوح من القلب ) (3والقلب يقوم بالغذاء ،فانظر فيما تغذي قلبك
وجسمك ،فإن لم يكن ذلك حلل لم يقبل ال تعالى تسبيحك ول شكرك .يا
كميل افهم واعلم أنا ل نرخص في ترك أداء المانات لحد من الخلق فمن
روى عني في ذلك رخصة فقد أبطل وأثم وجزاؤه النار بما كذب ،اقسم
لسمعت رسول ال صلى ال عيله وآله يقول لي قبل وفاته بساعة مرارا
ثلثا :يا أبا الحسن أد المانة إلى البر والفاجر فيما قل وجل حتى في الخيط
والمخيط.
) (1كذا .ولعل معناه حقوق ال ل يؤدى بهذه المور فحسب (2) .سورة الحشر:
(3) .19باح إليه بالسر .أظهره .وفى بعض النسخ " ينزح ".
][274
يا كميل ل غزو إل مع إمام عادل ،ول نفل ) (1إل مع إمام فاضل .يا كميل أرأيت لو
لم يظهر نبي ) (2وكان في الرض مؤمن تقي أكان في دعائه إلى ال
مخطئا أو مصيبا بلى وال مخطئا حتى ينصبه ال عزوجل ]لذلك[ ويؤهله
له .يا كميل الدين ل فل تغترن بأقوال المة المخدوعة التي قد ضلت بعد
ما اهتدت ،وأنكرت وجحدت بعد ما قبلت .يا كميل الدين ل تعالى فل يقبل
ال تعالى من أحد القيام به إل رسول أو نبيا أو وصيا .يا كميل هي نبوة
ورسالة وإمامة ول بعد ذلك إل متولين ،ومتغلبين ،و ضالين ،ومعتدين .يا
كميل إن النصارى لم تعطل ال تعالى ،ول اليهود ،ول جحدت موسى ول
عيسى ،ولكنهم زادوا ونقصوا وحرفوا وألحدوا فلعنوا ومقتوا ولم يتوبوا
ولم يقبلوا .يا كميل " إنما يتقبل ال من المتقين " .يا كميل إن أبانا آدم لم
يلد يهوديا ول نصرانيا ول كان ابنه إل حنيفا مسلما ،فلم يقم بالواجب عليه
فأداه ذلك إلى أن لم يقبل ال قربانه بل قبل من أخيه فحسده وقتله وهو من
المسجونين في الفلق الذين عدتهم اثنا عشر :ستة من الولين ،وستة من
الخرين ،والفلق السفل من النار ) ،(3ومن بخاره حر جنهم ،وحسبك فيما
حر جهنم من بخاره .يا كميل نحن وال الذين اتقوا والذين هم محسنون .يا
كميل إن ال عزوجل كريم حليم عظيم رحيم دلنا على أخلقه،
) (1النفل -محركة -الغنيمة (2) .في المصدر " لو أن ال لم يظهر نبيا "(3) .
الفلق -محركة -عود يربط حبل من أحد طرفيه إلى الخر وتجعل رجل
المجرم داخل ذلك الحبل وتشدا فيضرب عليهما.
][275
وأمرنا بالخذ بها ،وحمل الناس عليها فقد أديناها غير مختلفين ،وأرسلناها غير
منافقين ،وصدقناها غير مكذبين ،وقبلناها غير مرتابين ،لم يكن لنا وال
شياطين نوحي إليها ،وتوحي إلينا كما وصف ال تعالى قودا ذكرهم ال
عزوجل بأسمائهم في كتابه لو قرء كما أنزل " شياطين النس والجن
يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا " ) .(1يا كميل الويل لهم
فسوف يلقون غيا .يا كميل لست وال متملقا حتى اطاع ول ممنا حتى
اعصى ) (2ول مهانا لطعام العراب حتى أنتحل إمرة المؤمنين ) (3أو
أدعي بها .يا كميل نحن الثقل الصغر والقرآن الثقل الكبر ،وقد أسمعهم
رسول ال صلى ال عليه وآله ،وقد جمعهم فنادى الصلة جامعة يوم كذا
وكذا ،وأيام سبعة وقت كذا وكذا ،فلم يتخلف أحد فصعد المنبر فحمد ال
وأثنى عليه ثم قال :معاشر الناس إني مؤد عن ربي عزوجل ول مخبر عن
نفسي فمن صدقني فقد صدق ال ،ومن صدق ال أثابه الجنان ،ومن
كذبني كذب ال عزوجل ،وكذب ال أعقبه النيران ثم ناداني فصعدت
فأقامني دونه ورأسي إلى صدره والحسن والحسين عن يمينه و شماله ،ثم
قال :معاشر الناس أمرني جبرئيل عن ال عزوجل أنه ربي وربكم أن
أعلمكم أن القرآن هو الثقل الكبر ،وأن وصيي هذا وابناي من خلفهم من
أصلبهم حامل وصاياي هم الثقل الصغر ،يشهد الثقل الكبر للثقل الصغر
ويشهد الثقل الصغر للثقل الكبر كل واحد منهما ملزم لصاحبه غير
مفارق له حتى يردا إلى ال فيحكم بينهما وبين العباد .يا كميل فإذا كنا
كذلك فعلم يتقدمنا من تقدم وتأخر عنا من تأخر ؟ .يا كميل قد أبلغهم
رسول ال صلى ال عليه وآله رسالة ربه ونصح لهم ،ولكن ل يحبون
الناصحين.
) (1النعام (2) .112 :كذا وفى التحف " ول ممنيا حتى ل اعصى " (3) .انتحل
الشعر أو القول ادعاه لنفسه .وانتحل مذهب كذا انتسب إليه.
][276
يا كميل قال رسول ال صلى ال عليه وآله لي قول والمهاجرين والنصار
متوافرون يوما بعد العصر يوم النصف من شهر رمضان قائم على قدميه
فوق منبره :علي ]مني[ وابناي منه والطيبون مني وأنا منهم وهم
الطيبون بعد امهم ،وهم سفينة من ركبها نجى ومن تخلف عنها هوى
الناجي في الجنة والهاوي في لظى .يا كميل الفضل بيد ال يؤتيه من يشاء
وال ذو الفضل العظيم .يا كميل على م يحسدوننا وال أنشأنا قبل أن
يعرفونا فتراهم بحسدهم إيانا عن ربنا يزيلونا .يا كميل من ل يسكن الجنة
فبشره بعذاب أليم وخزي مقيم وأكبال ومقامع وسلسل طوال ،ومقطعات
النيران ومقارنة كل شيطان .الشراب صديد ،واللباس حديد ،والخزنة
فظظة ) (1والنار ملتهبة والبواب موثقة مطبقة ينادون فل يجابون
ويستغيثون فل يرحمون ،نداهم يا مالك ليقض علينا ربك قال :إنكم ماكثون
لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون .يا كميل نحن وال الحق
الذي قال ال عزوجل " :ولو اتبع الحق أهوائهم لفسدت السموات
والرض ومن فيهن " .يا كميل ثم ينادون ال تقدست أسماؤه بعد أن
يمكثوا أحقابا اجعلنا على الرخاء فيجيبهم " اخسؤا فيها ول تكلمون " .يا
كميل فعندها ييئسون من الكره ،واشتدت الحسرة ،وأيقنوا بالهلكة والمكث
جزاء بما كسبوا عذبوا .يا كميل قل الحمد ل الذي نجانا من القوم
الظالمين .يا كميل أنا أحمد ال على توفيقه إياي ،والمؤمنين على كل حال.
يا كميل إنما حظي من حظي بدينا زائلة مدبرة ،فافهم وتحظى بآخرة باقية
ثابتة.
][277
يا كميل كل يصير إلى الخرة والذي يرغب فيه منها ثواب ال عزوجل والدرجات
العلى من الجنة التي ل يورثها إل من كان تقيا .يا كميل إن شئت فقم.
أقول :وسيجئ في باب مواعظ أمير المؤمنين عليه السلم وخطبه وحكمه
عين هذه الوصية منه عليه السلم لكميل بن زياد هذا من كتاب تحف
العقول أيضا لكن أخصر من هذه الوصيته ،وسيأتي في باب ما جمع من
جوامع كلم أمير المؤمنين عليه السلم وفي غيره أيضا ما يناسب هذا
الباب إن شاء ال تعالى )) * .(3باب ) " * * (12كتاب كتبه عليه السلم
لدار شريح( " * - 1لى ) (3عن صالح بن عيسى العجلي ،عن محمد بن
محمد بن علي ،عن محمد بن الفرج ،عن عبد ال بن محمد العجلي ،عن
عبد العظيم الحسني ،عن أبيه ،عن أبان مولى زيد ابن علي ،عن عاصم بن
بهدلة قال :قال لي شريح القاضي :اشتريت دارا بثمانين دينارا وكتبت
كتابا ،وأشهدت عدول فبلغ ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه
السلم فبعث إلي موله قنبرا فأتيته فلما أن دخلت عليه قال :يا شريح
اشتريت دارا و
) (1المصدر ص (2) .171هنا بياض مقدار ورق (3) .المجلس الحادى
والخمسون ص .187وشريح القاضى هو الذى استعمله عمر ابن
الخطاب على القضاء بالكوفة فلم يزل قاضيا ستين سنة ال ثلث سنين
في فتنة ابن الزبير وقيل فلم يزل بالكوفة قاضيا من عهد عمر الى مدة
75سنة ولم يعطل فيها غير عامين أو أربعة استعفى الحجاج بن يوسف
في فتنة ابن الزبير فاعفاه ومات سنة 87وعمره مائة وثمان سنين
وأدرك الجاهلية ول يعد من الصحابة بل كان من التابعين ،وقيل عزله
على عليه السلم عن القضاء مدة عشرين يوما ثم نصبه.
][278
كتبت كتابا وأشهدت عدول ووزنت مال ؟ قال :قلت :نعم قال :يا شريح اتق ال فانه
سيأتيك من ل ينظر في كتابك ،ول يسئل عن بينتك ،حتى يخرجك من دارك
شاخصا ) (1ويسلمك إلى قبرك خالصا ،فانظر أن ل تكون اشتريت هذه
الدار من غير مالكها ،ووزنت مال من غير حله ،فإذا أنت قد خسرت
الدارين جميعا الدنيا و الخرة ،ثم قال عليه السلم :يا شريح فلو كنت
عندما اشتريت هذه الدار أتيتني فكتبت لك كتابا على هذه النسخة إذا لم
تشترها بدرهمين .قال :قلت :وما كنت تكتب يا أمير المؤمنين قال :كنت
أكتب لك هذا الكتاب :بسم ال الرحمن الرحيم هذا ما اشترى عبد ذليل من
ميت ازعج بالرحيل ) (2اشترى منه دارا في دار الغرور ،من جانب الفانين
إلى عسكر الهالكين ،وتجمع هذه الدار حدودا أربعة فالحد الول منها
ينتهي إلى دواعي الفات ،والحد الثاني منها ينتهى إلى دواعي العاهات،
والحد الثالث منها ينتهي إلى دواعي المصيبات ،والحد الرابع منها ينتهي
إلى الهوى المردي والشيطان المغوي ،وفيه يشرع باب هذه الدار )،(3
اشترى هذا المفتون بالمل ،من هذا المزعج بالجل ،جميع هذه الدار
بالخروج من عز القنوع والدخول في ذل الطلب فما أدرك هذا المشتري
]فيما اشتري منه[ من درك فعلى مبلي أجسام الملوك ) ،(4وسالب نفوس
الجبابرة مثل كسرى وقيصر وتبع وحمير ) (5ومن جمع المال إلى المال
فأكثر ،وبنى فشيد ،ونجد فزخرف ) (6وادخر بزعمه للولد ،إشخاصهم
جميعا إلى موقف العرض والحساب لفصل القضاء ،و
) (1شاخصا أي ذاهبا مبعدا (2) .ازعج على صيغة المجهول :أي اقلع (3) .يشرع
أي يفتح في الحد الرابع (4) .كذا وفى بعض النسخ " مبلبل اجسام
الملوك " .أي مهيج داءاتها ،المهلكة لها (5) .تبع :ملوك اليمن .حمير
أبو قبيلة من اليمن (6) .شيد أي رفع .ونجد بشد الجيم أي زين.
][279
خسر هنالك المبطلون ،شهد على ذلك العقل إذا خرج من أسر الهوى ،ونظر بعين
الزوال لهل الدنيا ،وسمع منادي أهل الزهد ينادي في عرصاتها ما أبين
الحق لذي عينين ،إن الرحيل أحد اليومين ،تزودوا من صالح العمال
وقربوا المال بالجال فقد دنا الرحلة والزوال .بيان :قوله عليه السلم )
) * .(1باب " * * (13تفسيره عليه السلم كلم الناقوس " * أقول :قد
مضى بعض أخبار هذا الباب في كتاب العلم في باب غرائب العلوم وفي
كتاب قصص النبياء في باب أحوال عيسى عليه السلم يعني أخبار هذا
الباب فتذكر - 1 .قب (2) :وروى أنه عليه السلم يعني أمير المؤمنين قد
فسر صوت الناقوس ذكره صاحب مصباح الواعظ وجمهور أصحابنا عن
الحارث العور ،وزيد وصعصعة ابنا صوحان والبراء بن مسيرة )(3
والصبغ بن نباتة ،وجابر بن شرجيل ،ومحمود ابن الكوا أنه قال عليه
السلم يقول :سبحان ال حقا حقا ،إن المولى صمد يبقى ،يحلم عنا رفقا
رفقا ،لول عمله كنا نشقى ،حقا حقا صدقا صدقا ،إن المولى يسائلنا
ويواقفنا ويحاسبنا ،يا مولينا ل تهلكنا وتداركنا واستخدمنا واستخلصنا،
حلمك عنا قد جرأنا يا مولينا عفوك عنا ،إن الدنيا قد غرتنا وشغلتنا
واستهوتنا واستلهتنا واستغوتنا ،يا ابن الدنيا جمعا جمعا يا ابن الدنيا مهل
مهل يا ابن الدنيا دقا دقا ،وزنا وزنا ،تفني الدنيا قرنا قرنا ،ما من يوم
يمضي عنا إل يهوى منا ركنا ،قد ضيعنا دارا تبقى،
) (1هنا بياض مقدار نصف صفحة (2) .مناقب آل أبي طالب لبن شهر آشوب باب
مسابقته بالعلم (3) .كذا.
][280
واستوطنا دارا تفنى ،تفنى الدنيا قرنا قرنا كل موتا كل موتا ،كل موتا ،كل دفنا ،كل
فيها موتا ) (1نقل نقل دفنا دفنا ،يا ابن الدنيا مهل مهل ،وزن ما يأتي
وزنا وزنا ،لول جهلي ما إن كانت عندي الدنيا إل سجنا ،خيرا خيرا شرا
شرا شيئا شيئا حزنا حزنا ،ماذا من ذاكم ذا أم ذا ،هذا أسنا ترجو تنجو
تخشى تردى ،عجل قبل الموت الوزنا ،ما من يوم يمضي عنا إل أوهن منا
ركنا إن المولى قد أنذرنا ،إنا نحشر غرل بهما .قال :ثم انقطع صوت
الناقوس فسمع الديراني ذلك وأسلم وقال :إني وجدت في الكتاب إن في
آخر النبياء من يفسر ما يقول الناقوس )) .(2باب " * (14خطبه
صلوات ال عليه المعروفة " * - 1ف ) (3خطبة الوسيلة (4) :الحمدل
الذي أعدم الوهام أن تنال إلى وجوده ) (5وحجب العقول أن تختال )(6
ذاته لمتناعها من الشبه والتشاكل ،بل هو الذي ل تتفاوت ذاته ،ول
تتبعض بتجزية العدد في كماله .فارق الشياء ل باختلف الماكن ،ويكون
فيها
) (1كذا (2) .هنا بياض مقدار صفحة (3) .التحف ص (4) .92هذه الخطبة قد
أخرجها الكليني -رحمه ال -في كتاب الروضة بتمامها مع اختلف كثير
ولذلك تعرضنا لتلك الختلفات في الهامش .والحراني رحمة ال عليه
اختار منها ما اقتضاه كتابه )تحف العقول( وقد صرح به (5) .أعدم فلنا
منه أي منع وفى الروضة " منع الوهام " (6) .في الروضة " أن
يتخيل ".
][281
ل على الممازجة .وعلمها ل بأداة ،ل يكون العلم إل بها .وليس بينه وبين معلومه
علم غيره ) (1كان عالما لمعلومه .إن قيل كان فعلي تأويل أزلية الوجود.
وإن قيل :لم يزل فعلى تأويل نفي العدم ) (2فسبحانه وتعالى عن قول من
عبد سواه ،فاتخد إلها غيره علوا كبيرا ،نحمده بالحمد الذي ارتضاه من
خلقه وأوجب قبوله على نفسه .أشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .شهادتان ترفعان القول وتضعان العمل )
(3خف ميزان ترفعان منه ،وثقل ميزان توضعان فيه ،وبهما الفوز بالجنة
والنجاة من النار والجواز على الصراط وبالشهادة تدخلون الجنة وبالصلة
تنالون الرحمة ،فأكثروا من الصلة على نبيكم " إن ال وملئكته يصلون
على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " .أيها الناس
إنه ل شرف أعلى من السلم ،ول كرم أعز من التقوى ،ول معقل أحرز
من الورع .ول شفيع أنجح من التوبة .ول لباس أجل من العافية .ول وقاية
أمنع من السلمة .ول مال أذهب بالفاقة من الرضي والقنوع .ومن اقتصر
على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة .والرغبة مفتاح التعب والحتكار مطية
النصب .والحسد آفة الدين .والحرص داع إلى التقحم في الذنوب ،وهو داع
إلى الحرمان ) (4والبغي سائق إلى الحين .والشرة جامع لمساوى العيوب
) .(5رب طمع خائب .و
) (1يحتمل الفاضة والتوصيف فعلى الول فالمراد أنه ل يتوسط بينه وبين معلومه
علم غيره وعلى الثاني فالمراد أن ذاته المقدسة كافية للعلم ول يحتاج
إلى علم أي صورة علمية غير ذاته تعالى ،بهذه الصورة العلمية
وبارتسامها كان عالما بمعلومه كما في الممكنات (2) .أي ليس كونه
موجودا في الزل عبارة عن مقارنته للزمان أزل لحدوث الزمان بل
بمعنى أن ليس لوجوده ابتداء أو أنه تعالى ليس بزماني و " كان " يدل
على الزمانية فتأويله أن معنى كونه أزل أن وجوده يمتنع عليه العدم
ولعل المعنى الخير في الفقرة الثانية متعين (3) .تضعان خلف ترفعان
أي تثقلن .وفى الروضة " وتضاعفان العمل " (4) .قد مضى هذه
الكلمات مع اختلف يسير في وصيته لبنه الحسين عليهما السلم(5) .
الحين -بفتح المهملة والمثناة التحتانية :-الهلك والمحنة والشرة غلبة
الحرص والغضب والطيش والحدة والنشاط .وفى بعض النسخ " الشره
" وهو الحرص أيضا.
][282
أمل كاذب ورجاء يؤدي إلى الحرمان ،وتجارة تؤول إلى الخسران .أل ومن تورط
في المور غير ناظر في العواقب فقد تعرض لمفضحات النوائب .وبئست
القلدة الدين للمؤمن ) .(1أيها الناس إنه ل كنز أنفع من العلم .ول عز
أنفع من الحلم .ول حسب أبلغ من الدب .ول نصب ) (2أوجع من الغضب.
ول جمال أحسن من العقل .ول قرين شر من الجهل .ول سوأة أسوء من
الكذب ) (3ول حافظ أحفظ من الصمت .ول غائب أقرب من الموت .أيها
الناس إنه من نظر في عيب نفسه شغل عن عيب غيره .ومن رضي برزق
ال لم يأسف على ما في يد غيره .ومن سل سيف البغي قتل به .ومن حفر
لخيه بئرا وقع فيها .ومن هتك حجاب غيره انكشفت عورات بيته .ومن
نسي زلته ) (4استعظم زلل غيره .ومن أعجب برأيه ضل .ومن استغنى
بعقله زل .ومن تكبر على الناس ذل .ومن سفه على الناس شتم .ومن
خالط العلماء وقر .ومن خالط النذال حقر .ومن حمل ما ل يطيق عجز.
أيها الناس إنه ل مال ]هو[ أعود من العقل ) .(5ول فقر هو أشد من
الجهل ول واعظ هو أبلغ من النصح ) (6ول عقل كالتدبير .وعبادة
كالتفكر .ول مظاهرة أوثق من المشاورة ) .(7ول وحدة أوحش من
العجب .ول ورع كالكف ) (8ول حلم
) (1وفى الروضة " وبئست القلدة قلدة الذنب للمؤمن " (2) .النصب :التعب
والمشقة الذي يتفرع على الغضب وهو من أخس المتاعب إذ ل ثمرة له
ول داعى إليه العدم تملك النفس وفى بعض نسخ الروضة " ول نسب
أوضع من الغضب " (3) .السوأة :الخلة القبيحة والجمع سوءات(4) .
الزلة :السقطة والخطيئة .وفى بعض النسخ والروضة " ومن نسى زل
" (5) .العود :النفع (6) .النصح :الخلوص (7) .المظاهرة :المعاونة.
والعجب :الكبر واعجاب المرء بنفسه وبفضائله وأعماله (8) .وفى
الروضة " كالكف عن المحارم " وفى بعض نسخ الروضة " ول حكم
كالصبر والصمت " .أي ول حكمة.
][283
كالصبر والصمت .أيها الناس إن في النسان عشر خصال يظهرها لسانه :شاهد
يخبر عن الضمير وحاكم يفصل بين الخطاب ،وناطق يرد به الجواب.
وشافع تدرك به الحاجة وواصف تعرف به الشياء وأمير يأمر بالحسن
وواعظ ينهى عن القبيح ومعز تسكن به الحزان وحامد تجلى به الضغائن،
ومؤنق يلهى السماع ) .(1أيها الناس ]إنه[ ل خير في الصمت عن الحكم
كما أنه ل خير في القول بالجهل ) .(2اعلموا أيها الناس أنه من لم يملك
لسانه يندم .ومن ل يتعلم يجهل .ومن ل يتحلم ل يحلم ) .(3ومن ل يرتدع
ل يعقل .ومن ل يعقل يهن ،ومن يهن ل يوقر و من يتق ينج ) .(4ومن
يكسب مال من غير حقه يصرفه في غير أجره ) .(5ومن ل يدع وهو
محمود يدع وهو مذموم ) .(6ومن لم يعط قاعدا منع قائما ) .(7ومن يطلب
العز بغير حق يذل .ومن عاند الحق لزمه الوهن .ومن تفقه وقر .وتكبر
حقر .ومن ل يحسن ل يحمد.
) (1المعز من التعزية بمعنى التسلية ،والضغائن جمع الضغينة بمعنى الحقد ،وفى
الروضة وحاضر تجلى به الضغائن " .والمونق :العجب .وفى الروضة "
ومونق يتلذذ به " (2) .الحكم -بالضم :-الحكمة (3) .أي ل يحصل ملكة
الحلم ال بالتحلم وهو تكلف الحلم (4) .الردع :الرد والكف " .ومن ل
يرتدع " أي من ل ينزجز عن القبائح بنصح الناصحين ل يكون عاقل ول
يكمل عقله ول يعقل قبح القبائح .وفى الروضة " ومن ل يوقر يتوبخ ".
) (5أي فيما ل يوجر عليه في الدنيا والخرة (6) .أي من ل يترك الشر
وما ينبغى على اختيار يدعه على اضطرار ول يحمد بهذا الترك (7) .أي
من لم يعط المحتاجين حال كونه قاعدا يقوم عنده الناس ويسألونه ؟
يبتلى بان يفتقر إلى سؤال غيره فيقوم بين يديه ويسأله ول يعطيه.
][284
أيها الناس إن المنية قبل الدنية .والتجلد قبل التبلد ) (1والحساب قبل العقاب.
والقبر خير من الفقر .وعمي البصر خير من كثير من النظر .والدهر يوم
لك ويوم عليك ) (2فاصبر فبكليهما تمتحن .أيها الناس أعجب ما في
النسان قلبه ) .(3وله مواد من الحكمة وأضداد من خلفها .فإن سنح له
الرجاء أذله الطمع ) .(4وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص وإن ملكه
اليأس قتله السف .وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ .وإن أسعد
بالرضى نسي التحفظ ) .(5وإن ناله الخوف شغله الحزن ) .(6وإن اتسع
بالمن استلبته الغرة وإن جددت له نعمة أخذته العزة ) .(7وإن أفاد مال
أطغاه الغنى وإن عضته فاقة ) (8شغله البلء .وإن أصابته مصيبة فضحه
الجزع .وإن أجهده الجوع قعد به الضعف .وإن أفرط في الشبع كظته
البطنة ) ،(9فكل تقصير به
) (1المنية :الموت .والدنية :الذلة يعنى أن الموت خير من الذلة ،فالمراد بالقبلية
القبلية بالشرف .وفى النهج " المنية ول الدنية والتعلل ول التوسل "
وهو أوضح .والتجلد :تكلف الشدة والقوة .والتبلد ضده (2) .زاد في
الروضة " فإذا كان لك فل تبطر وإذا كان عليك -الخ " ولعله سقط من
قلم النساخ (3) .في النهج " ولقد علق بنياط هذا النسان بضعة هي
أعجب ما فيه وذلك القلب " (4) .سنح له :بدا وظهر (5) .التحفظ:
التوقى والتحرز من المضرات (6) .وفى الروضة والنهج " شغله الحذر
" (7) .الغرة -بالكسر :-الغترار والغفلة .واستلبته أي سلبته عن
رشده ويمكن أن تكون " العزة " بالهمال والزاى " (8) .أفاد مال " أي
أعطاه اياه .وعضته أي اشتد عليه الفاقة والفقر (9) .وفى الروضة
والنهج " وان جهده الجوع قعد به الضعف " .والكظة -بالكسر :-ما
يعترى النسان عند المتلئه من الطعام ،يقال :كظ الطعام فلنا أي ملءه
حتى ل يطيق التنفس .والبطنة بالكسر :المتلء المفرط من الكل.
][285
مضر وكل أفراط له مفسد .أيها الناس من قل ذل .ومن جاد ساد .ومن كثر ماله
رأس ) .(1ومن كثر حلمه نبل ) .(2ومن فكر في ذات ال تزندق ) .(3ومن
أكثر من شئ عرف به .ومن كثر مزاحه استخف به .ومن كثر ضحكه
ذهبت هيبته .فسد حسب ]من[ ليس له أدب ،إن أفضل الفعال صيانة
العرض بالمال .ليس من جالس الجاهل بذي معقول .من جالس الجاهل
فليستعد لقيل وقال ) .(4لن ينجو من الموت غني بماله .ول فقير لقلله.
أيها الناس إن للقلوب شواهد تجري النفس عن مدرجة أهل التفريط ).(5
فطنة الفهم للمواعظ مما يدعو النفس إلى الحذر من الخطأ ) .(6وللنفوس
خواطر للهوى والعقول تزجر وتنهى ) .(7وفي التجارب علم مستأنف.
والعتبار يقود إلى الرشاد .وكفاك أدبا لنفسك ما تكرهه من غيرك ).(8
عليك لخيك المؤمن مثل
) (1رأس بفتح الهمزة أي هو رئيس للقوم ويحتمل أن يكون من رأس يرؤس أي
مشى متبخترا أو أكل كثيرا (2) .النبل :الفضل والشرف والنجابة(3) .
تزندق أي اتصف بالزندقة (4) .في اللغة :يستعمل " القول " في الخير.
" والقال والقيل والقالة " في الشر .والقول مصدر والقال والقيل اسمان
له .والقال البتداء والقيل الجواب .والقلل :قلة المال (5) .المدرج
والمدرجة :المذهب والمسلك يعنى أن للقلوب شواهد تعرج النفس عن
مسالك أهل التقصير إلى درجات المقربين (6) .الفطنة :الحذق والفهم
وهى مبدأ وخبره قوله " :مما يدعو " يعنى أن الفطنة هي مما يدعو
النفس إلى الحذر من المخاطرات (7) .الخواطر ،جمع خاطر :ما يخطر
بالقلب والنفس من أمر أو تدبير والعقول تزجر وتنهى عنها (8) .وفى
الروضة " وعليك ".
][286
الذي لك عليه .لقد خاطر من استغنى برأيه )] .(1و[ التدبير قبل العمل يؤمنك من
الندم .ومن استقبل وجوه الراء عرف مواقف الخطاء ) .(2ومن أمسك
عن الفضول عدلت رأيه العقول ) .(3ومن حصر شهوته فقد صان قدره.
ومن أمسك لسانه أمنه قومه ونال حاجته ) .(4وفي تقلب الحوال علم
جواهر الرجال .واليام توضح لك السرائر الكامنة .وليس في البرق
الخاطف مستمتع لمن يخوض في الظلمة ) .(5ومن عرف بالحكمة لحظته
العيون بالوقار والهيبة .وأشرف الغنى ترك المنى .والصبر جنة من الفاقة.
والحرص علمة الفقر .والبخل جلباب المسكنة .والمودة قرابة مستفادة.
ووصول معدم خير من جاف مكثر ) .(6والموعظة كهف لمن وعاها .ومن
أطلق طرفه كثر أسفه ) .(7ومن ضاق خلقه
) (1يقال :خاطر بنفسه عرضها للخطر أي أشرف نفسه للهلك (2) .أي استشار
الناس واقبل نحو آرائهم ولحظها واحدا واحدا وتفكر فيها فمن طلب
الراء من وجوهها الصحيحة انكشف له مواقع الخطاء واحترس منه) .
(3أي حكم القول بعدالة رأيه وصوابه (4) .أمنه -بالفتح -أي أمن قومه
من شره ،ويحتمل بالمد من باب الفعال أي آمن من شر قومه أو عد
قومه أمينا ونال الحاجة التى توهم حصولها في اطلق اللسان (5) .يقال:
خطف البرق البصر :استلبه بسرعة وذهب به .والمستمتع :المنتفع و
المتلذذ ،يعنى ل ينفعك ما يبصر وما يسمع كالبرق الخاطف بل ينبغى أن
تواظب وتستضئ دائما بانوار الحكم لتخرجك من ظلمات الجهل ،ويحتمل
أن يكون المراد ل ينفع ما يبصر وما يسمع من اليات والمواعظ مع
النغماس في ظلمات المعاصي والذنوب (6) .قد مضى هذه العبارة وبيان
ما فيها في وصيته عليه السلم لبنه الحسين سلم ال عليه ويحتمل
أيضا أن يكون المراد أن الفقير المتودد خير من الغنى المتجافى .قوله" :
وعاها " أي حفظها وجمعها (7) .الطرف -بسكون الراء :العين .و -
بالتحريك :اللسان أي ومن اطلق عينه ونظره كثر أسفه .وفى الروضة
بعد هذا الكلم هكذا " وقد أوجب الدهر شكره على من نال سؤله وقل ما
ينصفك اللسان في نشر قبيح أو احسان ".
][287
مله أهله .ومن نال استطال ) .(1قل ما تصدقك المنية .التواضع يكسوك المهابة.
وفي سعة الخلق كنوز الرزاق ) .(2من كساه الحياء ثوبه خفي على
الناس عيبه .تحرى القصد من القول فإنه من تحرى القصد خفت عليه
المؤن ) (3في خلف النفس رشدها .من عرف اليام لم يغفل عن
الستعداد .أل وإن مع كل جرعة شرقا وفي كل اكلة غصصا .ل تنال نعمة
إل بزوال اخرى .لكل ذي رمق قوت .ولكل حبة آكل .وأنت قوت الموت )
.(4اعلموا أيها الناس أنه من مشى على وجه الرض فإنه يصير إلى
بطنها .والليل والنهار يتسارعان في هدم العمار .أيها الناس كفر النعمة
لؤم ) .(5وصحبته الجاهل شؤم .من الكرم لين الكلم .إياك والخديعة فانها
من خلق اللئام .ليس كل طالب يصيب .ول كل غائب يؤوب .ل ترغب فيمن
زهد فيك .رب بعيد هو أقرب من قريب .سل عن الرفيق قبل الطريق وعن
الجار قبل الدار .استر عورة أخيك لما تعلمه فيك ) .(6اغتفر زلة
) (1النيل :اصابة الشئ .يقال :نال من عدوه أي بلغ منه مقصوده يعنى من أصاب
شيئا من اسباب الشرف كالمال والعلم يتفضل ويترفع غالبا ويمكن أن
يكون هذا نظير قوله " :من جاد ساد " فالمراد أن الجود والكرم غالبا
يوجبان الفخر والستطالة .والمنية :البغية وما يتمنى النسان ،يعنى في
الغالب امنيتك كاذبة (2) .وفى الروضة بعد هذا الكلم كذا " كم من عاكف
على ذنبه في آخر أيام عمره " (3) .أي أقصد الوسط العدل من القول
وجانب التعدي والفراط والتفريط ليخف عليك المؤونة (4) .قد مضى
هذه الكلمات في وصاياه عليه السلم أيضا (5) .اللوم -بالفتح غير
مهموز :-الملمة ومهموزا :ضد الكرم .واللئام :جع لئيم و -بالضم :-
الدنى وقد لؤم الرجل -بالضم -لؤما (6) .في الروضة بعد هذه الجملة
هكذا " أل ومن أسرع في المسير أدركه المقيل ،استر عورة أخيك كما
يعلمها فيك " .وفى بعض النسخ " لما يعلمها ".
][288
صديقك ليوم يركبك عدوك .من غضب على من ل يقدر أن يضره طال حزنه وعذب
نفسه .من خاف ربه كف ظلمه .ومن لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة
البهيمة .إن من الفساد إضاعة الزاد .ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة
غدا .وما مناكرتم إل لما فيكم من المعاصي والذنوب ) .(1ما أقرب الراحة
من التعب .والبؤس من التغيير ) .(2ما شر بشر بعده الجنة .وما خير بخير
بعده النار .وكل نعيم دون الجنة محقور وكل بلء دون النار عافية .عند
تصحيح الضمائر تبدو الكبائر ) .(3تصفية العمل أشد من العمل .وتخليص
النية عن الفساد أشد على العاملين من طول الجهاد .هيهات لول التقى كنت
أدهى العرب ) .(4عليكم بتقوى ال في الغيب والشهادة ) ،(5و كلمة الحق
في الرضى والغضب ،والقصد في الغنى والفقر ،وبالعدل على العدو و
الصديق ،وبالعمل في النشاط والكسل ،والرضى عن ال في الشدة
والرخاء .ومن كثر كلمه كثر خطاؤه ،ومن كثر خطاؤه قل حياؤه ،ومن قل
حياؤه قل ورعه .ومن قل ورعه مات قلبه ،ومن مات قلبه دخل النار .من
تفكر اعتبر .ومن اعتبر
) (1في الروضة " هيهات هيهات وما تناكرتم ال لما فيكم من المعاصي والذنوب "
أي ليس تناكرتم ال لذنوبكم وعيوبكم (2) .وفى الروضة وبعض النسخ "
من النعيم " والمراد بالتغيير سرعة تقلب أحوال الدنيا (3) .أي إذا أراد
النسان تصحيح ضميره عن النيات الفاسدة والخلق الذميمة تظهر له
العيوب الكبيرة الكامنة في النفس والخلق الذمية التى خفيت عليه تحت
أستار الغفلت (4) .الدهاء جودة الرأى ،والحذق وبمعنى المكر والحتيال
وهو المراد ههنا .وفى الروضة " لول التقى لكنت أدهى العرب " ومن
كلم له عليه السلم " وال ما معاوية بأدهى منى ولكنه يغدر ويفجر.
ولول كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس ،ولكن كل غدرة فجرة وكل
فجرة كفرة .ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة .وال ما استغفل
بالمكيدة ول استغمز بالتشديدة " (5) .قد مضى هذا الكلم إلى آخر
الخطبة في وصيته صلوات ال عليه لبنه الحسين عليه السلم ولم يذكر
في الروضة وفيها بعد هذا الكلم " أيها الناس ان ال عزوجل وعد نبيه
محمدا صلى ال عليه وآله الوسيلة ووعد الحق " إلى آخر ما خطبه
عليه السلم.
][289
اعتزل .ومن اعتزل سلم .ومن ترك الشهوات كان حرا .ومن ترك الحسد كانت له
المحبة عند الناس .عز المؤمن غناه عن الناس .القناعة مال ل ينفد .ومن
أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير .ومن علم أن كلمه من عمله قل
كلمه إل فيما ينفعه .العجب ممن يخاف العقاب فل يكف ،ويرجو الثواب
ول يتوب ويعمل .الفكر تورث نورا .والغفلة ظلمة .والجهالة ضللة] .و[
السعيد من وعظ بغيره .والدب خير ميراث .حسن الخلق خير قرين .ليس
مع قطيعة الرحم نماء .ول مع الفجور غنى .العافية عشرة أجزاء تسعة
منها في الصمت إل بذكر ال ]وحده[ وواحد في ترك مجالسة السفهاء.
رأس العلم الرفق وآفته الخرق .ومن كنوز اليمان الصبر على المصائب.
والعفاف زينة الفقر .والشكر زينة الغنى .كثرة الزيارة تورث المللة:
والطمأنينة قبل الخبرة ضد الحزم .إعجاب المرء بنفسه يدل على ضعف
عقله .ل تؤيس مذنبا ،فكم من عاكف على ذنبه ختم له بخير .وكم من مقبل
على عمله مفسد في آخر عمره ،صائر إلى النار .بئس الزاد إلى المعاد
العدوان على العباد .طوبى لمن أخلص ل عمله وعلمه وحبه وبغضه
وأخذه وتركه وكلمه وصمته وفعله وقوله .ل يكون المسلم مسلما حتى
يكون ورعا ،ولن يكون ورعا حتى يكون زاهدا ولن يكون زاهدا حتى
يكون حازما ،ولن يكون حازما حتى يكون عاقل ،وما العاقل إل من عقل
عن ال وعمل للدار الخرة .وصلى ال على محمد النبي وعلى أهل بيته
الطاهرين - 2 .ف ) :(1خطبته عليه السلم المعروفة بالديباج :الحمد ل
فاطر الخلق وخالق الصباح ومنشر الموتى وباعث من في القبور وأشهد
أن ل إله إل ال وحده ل شريك له وأن محمدا عبده ورسوله صلى ال
عليه وآله .عباد ال ! إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى ال جل ذكره
اليمان بال
][290
وبرسله وما جاءت به من عند ال والجهاد في سبيله ،فانه ذروة السلم )(1
وكلمة الخلص ،فإنها الفطرة .وإقامة الصلة فانها الملة .وإيتاء الزكاة
فانها فريضة .وصوم شهر رمضان ،فإنه جنة حصينة .وحج البيت
والعمرة ،فإنهما ينفيان الفقر ويكفران الذنب ويوجبان الجنة .وصلة
الرحم ،فانها ثروة في المال ) (2و منسأة في الجل وتكثير للعدد .والصدقة
في السر فإنها تكفر الخطأ وتطفئ غضب الرب تبارك وتعالى .والصدقة في
العلنية ،فإنها تدفع ميتة السوء .وصنايع المعروف فإنها تقي مصارع
السوء .وأفيضوا في ذكر ال جل ذكره ) (3فإنه أحسن الذكر وهو أمان من
النفاق وبراءة من النار وتذكير لصاحبه عند كل خير يقسمه ال جل وعز
وله دوي تحت العرش ) .(4وارغبوا فيما وعد المتقون ،فإن وعد ال
أصدق الوعد وكل ما وعد فهو آت كما وعد ،واقتدوا بهدي رسول ال
صلى ال عليه وآله ) (5فإنه أفضل الهدى .واستنوا بسنته ،فإنها أشرف
السنن .وتعلموا كتاب ال تبارك وتعالى ،فإنه أحسن الحديث وأبلغ
الموعظة ،وتفقهوا فيه ،فإنه ربيع القلوب واستشفوا بنوره فإنه شفاء لما
في الصدور .وأحسنوا تلوته ،فإنه أحسن القصص " ،وإذا قرئ )عليكم(
القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ) " (6وإذا هديتم لعلمه
فاعملوا بما علمتم منه لعلكم تفلحون ،فاعلموا عباد ال أن العالم العامل
بغير علمه كالجاهل الحائر الذي ل يستفيق من جهله ) (7بل الحجة عليه
أعظم وهو عند ال ألوم ،والحسرة
) (1الذروة -بالكسر والضم :-من كل شئ أعله (2) .الثروة :الكثرة .وفى النهج
" مثراة " .المنسأة -من النسأ :-التأخير (3) .أفيضوا :أسرعوا
واندفعوا (4) .الدوى :الصوت (5) .الهدى بالفتح :الطريقة والسيرة،
وبالضم الرشاد (6) .سورة العراف (7) .203 :أي كالجاهل المتحير
الذى ل أفاق من جهله.
][291
أدوم على هذا العالم المنسلخ من علمه مثل ما على هذا الجاهل المتحير في جهله و
كلهما حائر بائر مضل مفتون ،مبتور ما هم فيه ) (1وباطل ما كانوا
يعملون .عباد ال ! ل ترتابوا فتشكوا .ول تشكوا فتكفروا .ول تكفروا
فتندموا ول ترخصوا لنفسكم فتدهنوا ) (2وتذهب بكم الرخص مذاهب
الظلمة فتهلكوا .ول تداهنوا في الحق إذا ورد عليكم وعرفتموه فتخسروا
خسرانا مبينا .عباد ال ! إن من الحزم أن تتقوا ال .وإن من العصمة أل
تغتروا بال .عباد ال ! إن أنصح الناس لنفسه أطوعهم لربه وأغشهم
لنفسه أعصاهم له .عباد ال ! إنه من يطع ال يأمن ويستبشر ومن يعصه
يخب ويندم ول يسلم .عباد ال ! سلوا ال اليقين ،فان اليقين رأس الدين
وارغبوا إليه في العافية ،فان أعظم النعمة العافية ،فاغتنموها للدنيا
والخرة وارغبوا إليه في التوفيق ،فإنه اس وثيق ) (3واعلموا أن خير ما
لزم القلب اليقين ،وأحسن اليقين التقى ،وأفضل امور الحق عزائمها،
وشرها محدثاتها ،وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضللة ،وبالبدع هدم
السنن .المغبون من غبن دينه .والمغبوط من سلم له دينه وحسن يقينه.
والسعيد من وعظ بغيره .والشقي من انخدع لهواه .عباد ال ! اعلموا أن
يسير الرياء شرك .وأن إخلص العمل اليقين .والهوى يقود إلى النار.
ومجالسة أهل اللهو ينسي القرآن ويحضر الشيطان .والنسئ زيادة في
الكفر ) (4وأعمال العصاة تدعوا إلى سخط الرحمن .وسخط الرحمن يدعو
إلى النار .ومحادثة النساء تدعو إلى البلء ويزيغ القلوب .والرمق لهن
يخطف
) (1البائر :الفاسد ،الهالك ،الذى ل خير فيه وفى المثل " حائر بائر " أي ل يطيع
مرشدا ول يتجه لشئ .والمبتور :المقطوع (2) .ل ترخصوا أي ل تجعله
رخيصا والرخصة -بالضم :-التسهيل والتخفيف .والدهان :المصانعة
كالمداهنة أي المساهلة (3) .الس -بالتثليث :الساس (4) .النسيئ
التأخير.
][292
نور أبصار القلوب ) (1ولمح العيون .مصائد الشيطان ومجالسة السلطان يهيج
النيران .عباد ال ! اصدقوا ،فإن ال مع الصادقين .وجانبوا الكذب ،فإنه
مجانب لليمان وإن الصادق على شرف منجاة وكرامة ) (2والكاذب على
شفا مهواة وهلكة وقولوا الحق تعرفوا به .واعلموا به تكونوا من أهله.
وأدوا المانة إلى من أئتمنكم عليها .وصلوا أرحام من قطعكم .وعودوا
بالفضل على من حرمكم .وإذا عاقدتم فأوفوا .وإذا حكمتم فاعدلوا .وإذا
ظلمتم فاصبروا .وإذا اسئ إليكم فاعفوا واصفحوا كما تحبون أن يعفى
عنكم .ول تفاخروا بالباء " ول تنابزوا باللقاب بئس السم الفسوق بعد
اليمان " ول تمازحوا ول تغاضبوا ول تباذخوا ) " (3ول يغتب بعضكم
بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا ) " (4ول تحاسدوا فان الحسد
يأكل اليمان كما تأكل النار الحطب ول تباغضوا فإنها الحالقة ) (5وأفشوا
السلم في العالم وردوا التحية على أهلها بأحسن منها .وارحموا الرملة )
(6واليتيم وأعينوا الضعيف والمظلوم والغارمين في سبيل ال وابن
السبيل والسائلين وفي الرقاب والمكاتب والمساكين ،وانصروا المظلوم
وأعطوا الفروض ) (7وجاهدوا أنفسكم
) (1الرمق :طول النظر إلى الشئ وفعله من باب قتل واللمحة -بالفتح :-النظرة
بالعجلة والنظرة الخفيفة أي ونظر العيون اليهن بنظر خفيف من حبائل
الشيطان ومكائده (2) .الشرف -بالتحريك :-العلو والمكان العالي.
والمنجاة -بالفتح :-الباعث على النجاة ويقال :الصدق منجاة أي منج.
وشفا كل شئ طرفه وجانبه .والمهواة :ما بين الجبلين ونحوه(3) .
التمازح :التداعب والتلعب ،والتباذخ :التفاخر (4) .سورة الحجرات:
(5) .12الحالقة :الخصلة السيئة التى تحلق أي تهلك كل خصلة حسنة) .
(6الرملة :الضعفاء .ويطلق أيضا على المسكين ومن ل أهل له ومن
ماتت زوجها (7) .في بعض النسخ " القروض ".
][293
في ال حق جهاده .فانه شديد العقاب وجاهدوا في سبيل ال .واقروا الضيف ).(1
وأحسنوا الوضوء .وحافظوا على الصلوات الخمس في أوقاتها فإنها من
ال جل وعز بمكان " ومن تطوع خيرا )فهو خير له( فإن ال شاكر عليم )
" (2وتعاونوا على البر والتقوى ول تعاونوا على الثم والعدوان )." (3
و " اتقوا ال حق تقاته ول تموتن إل وأنتم مسلمون ) ." (4واعلموا
عباد ال ! أن المل يذهب العقل ويكذب الوعد ويحث على الغفلة ويورث
الحسرة فاكذبوا المل فإنه غرور وإن صاحبه مأزور ) (5فاعملوا في
الرغبة والرهبة فإن نزلت بكم رغبة فاشكروا وأجمعوا معها رغبة فإن ال
قد تأذن للمسلمين بالحسنى ) (6ولمن شكر بالزيادة فإني لم أر مثل الجنة
نام طالبها ول كالنار نام هاربها ،ول أكثر مكتسبا ممن كسبه ليوم تذخر
فيه الذخائر وتبلى فيه السرائر .وإن من ل ينفعه الحق يضره الباطل ومن
ل يستقيم به الهدى ) (7تضره الضللة ومن ل ينفعه اليقين يضره الشك.
وإنكم قد أمرتم بالظعن ) (8ودللتم على الزاد ،أل إن أخوف ما أتخوف
عليكم اثنان طول المل واتباع الهوى .أل وإن الدنيا قد أدبرت وآذنت
بانقلع ) (9أل وإن الخرة قد أقبلت وآذنت باطلع.
) (1قرى الضيف .أضافه (2) .سورة البقرة .153 :وقوله " :تطوع " أي تبرع) .
(3سورة المائدة (4) .5 :سورة آل عمران (5) .97 :المأزور :الثم -
من وزر -وقياسه موزور (6) .الحسنى :العاقبة الحسنة (7) .لنه ليس
بين الهدى والضللة شئ فان وراء الهدى ضلل كله .وفى النهج " ومن
لم يستقم به الهدى يجربه الضلل إلى الردى " (8) .الظعن :الرحيل
والمر تكويني والمراد بالزاد عمل الصالحات وترك السيئات (9) .آذنت
أي أعلمت واعلمها هو ما أودع في طبيعتها من التقلب والتحول ومن
نظر < -
][294
أل وإن المضمار اليوم والسباق غدا ،أل وإن السبقة الجنة والغاية النار .أل وإنكم
في أيام مهل من ورائه أجل ) (1يحثه ]ال[ -عجل .فمن أخلص ل عمله
في أيامه قبل حضور أجله نفعه عمله ،ولم يضره أجله .ومن لم يعمل في
أيام مهله ضره أمله ،ولم ينفعه عمله .عباد ال ! افزعوا إلى قوام دينكم )
(2بإقام الصلة لوقتها .وإيتاء الزكاة في حينها والتضرع والخشوع.
وصلة الرحم ،وخوف المعاد .وإعطاء السائل ،وإكرام الضعفة ]والضعيف[
) (3وتعلم القرآن والعمل به ،وصدق الحديث ،والوفاء بالعهد وأداء المانة
إذا ائتمنتم ،وارغبوا في ثواب ال وارهبوا عذابه ،وجاهدوا في سبيل ال
بأموالكم وأنفسكم .وتزودوا من الدنيا ما تحرزون به أنفسكم .واعملوا
بالخير تجزوا بالخير يوم يفوز بالخير من قدم الخير .أقول قولي وأستغفر
ال لي ولكم - 3 .من مناقب ابن الجوزي ) (4الخطبة المنبرية:
< -إليها يحصل له اليقين بفنائها .والطلع من أطلع على فلن أي أشرف وأتاه
ويفهم منه التيان بفجأة .وفى النهج " ان الدنيا قد آذنت بوداع والخرة
قد أشرفت باطلع أل وان اليوم المضمار وغدا السباق " والمضمار:
الموضع الذى تضمر فيه الخيل .وتضميره أن تربط ويكثر علفها وماؤها
حتى تسمن ثم يقلل علفها وماؤها وتجرى في الميدان حتى تهزل وذلك
في مدة أربعين يوما وهذه المدة أيضا تسمى المضمار .والسباق:
المسابقة واجراء الخيل في مضمار فتسابق فيه .والسبقة -بفتح فسكون
:-المرة من السبق -وبفتحتين :-الغاية المحبوبة التى يحب السابق أن
يصل إليها .و -بضم فسكون :-ما يتراهن عليه المتسابقون وهذا الكلم
على سبيل الستعارة أي العمل في الدنيا للستباق في الخرة (1) .المهل
-بالفتح :-المهلة .وأيضا .الرفق .وفى النهج " أمل " .أي المل في
البقاء واستمرار الحياة (2) .الفزاع :الخافة ،الغاثة وازالة الفزع "
ضد " (3) .في بعض النسخ " الضعيفة والضعيف " (4) .المصدر ص
.70
][295
روى مجاهد ،عن ابن عباس قال :خطب أمير المؤمنين عليه السلم يوما على منبر
الكوفة فقال :الحمدل وأحمده وأومن به وأستعينه وأستهديه ،وأشهد أن ل
إله إل ال وحده ل شريك له ،وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى
ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ،ثم قال :أيتها
النفوس المختلفة ،والقلوب المتشتته ،الشاهدة أبدانهم ،الغائبة عقولهم ،كم
أدلكم على الحق وأنتم تنفرون نفور المعزى من وعوعة السد ،هيهات أن
أطلع بكم ذروة العدل أو اقيم اعوجاج الحق اللهم إنك تعلم أنه لم يكن مني
منافسة في سلطان ،ول التماس فضول الحطام ،ولكن لرد المعالم من
دينك ،وأظهر الصلح في بلدك فيأمن المظلومون من عبادك ،وتقام
المعطلة من حدودك .اللهم إنك تعلم أني أول من أناب ،وسمع فأجاب لم
يسبقني إل رسولك .اللهم ل ينبغي أن يكون الوالي على الدماء والفروج
والمغانم والحكام ومعالم الحلل والحرام ،وإمامة المسلمين ]وامور
المؤمنين[ البخيل لن تهمته في جميع الموال ،ول الجاهل فيدلهم بجهله
على الضلل ،ول الجافي فينفرهم بجفائه ،ول الخائف فيتخذ قوما دون
قوم ،ول المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق ول المعطل للسنن فيؤدي
ذلك إلى الفجور ،ول الباغي فيدحض الحق ،ول الفاسق فيشين الشرع.
فقام إليه رجل فقال :يا أمير المؤمنين ما تقول في رجل مات وترك امرأة
وابنتين وأبوين فقال :لكل واحد من البوين السدس وللبنتين الثلثان ،قال:
فالمرأة قال :صار ثمنها تسعا وهذا من أبلغ الجوبة - 4 .خطبة(1) :
ويعرف بالبالغة :روى ابن أبي ذئب عن أبي صالح العجلي قال :شهدت
أمير المؤمنين كرم ال وجهه وهو يخطب فقال :بعد أن حمدال تعالى
وصلى على محمد رسوله صلى ال عليه وآله :أيها -
) (1في المصدر ص 72وسنده هكذا " القرشى " عن على بن الحسين عليه
السلم عن عبد ال ابن صالح العجلى عن رجل من بنى شيبان قال." ..
][296
الناس إن ال أرسل إليكم رسول ليزيح به علتكم ،ويوقظ به غفلتكم ،وإن أخوف ما
أخاف عليكم اتباع الهوى وطول المل ،أما اتباع الهوى فيصدكم ) (1عن
الحق ،وأما طول المل فينسيكم الخرة .أل وإن الدنيا قد ترحلت مدبرة وإن
الخرة قد أقبلت مقبلة ،ولكل واحد منهما بنون فكونوا من أبناء الخرة ول
تكونوا من أبناء الدنيا فان اليوم عمل ول حساب ،وغدا حساب ول عمل ،و
اعلموا أنكم ميتون ومبعوثون من بعد الموت ،ومحاسبون على أعمالكم
ومجازون بها فل تغرنكم الحياة الدنيا ول يغرنكم بال الغرور ،فانها دار
بالبلء محفوفة وبالعناء والغدر موصوفة وكل ما فيها إلى زوال وهي بين
أهلها دول وسجال ) (2ل تدوم أحوالها ،ول يسلم من شرها نزالها ،بينا
أهلها منها في رخاء وسرور إذا هم في بلء وغرور ،العيش فيها مذموم،
والرخاء فيها ل يدوم ،أهلها فيها أهداف وأغراض مستهدفة ) (3وكل فيها
حتفه مقدور وحظه من نوائبها موفور ،وأنتم عباد ال على محجة من قد
مضى ،وسبيل من كان ثم انقضى ) (4ممن كان أطول منكم أعمارا ،و أشد
بطشا وأعمر ديارا ،أصبحت أجسادهم بالية ،وديارهم خالية وآثارهم عافية
فاستبدلوا بالقصور المشيدة ،والنمارق الموسدة ) (5بطون اللحود
ومجاورة اللدود في دار ساكنها مغترب ،ومحلها مقترب .بين قوم
مستوحشين متجاورين غير متزاورين ل يستأنسون بالعمران ،ول
يتواصلون تواصل الجيران .على ما بينهم من قرب الجوار ودنو الدار،
وكيف يكون بينهم تواصل ،وقد طحنتهم البلى ،وأظلتهم الجنادل و
) (1في المصدر " فيضلكم " (2) .أي تارة لهم وتارة عليهم (3) .زاد في المصدر
" وأسبابها مختلفة " (4) .في المصدر " واعلموا عباد ال أنكم وما
أنتم فيه من زهرة الدنيا على سبيل من قد مضى -الخ " وجعل ما في
المتن نسخة (5) .في المصدر " والنمارق الموسدة الصخور والحجار
في القبور التى خرب فناؤها وتهدم بناؤها فمحلها مقترب وساكنها
مغترب الخ " .والمغترب :الظاعن.
][297
الثرى .فأصبحوا بعد الحياة أمواتا ،وبعد غضارة العيش رفاتا .قد فجع بهم الحباب
وسكنوا التراب ،وظعنوا فليس لهم إياب ،وتمنوا الرجوع فحيل بينهم وبين
ما يشتهون " كل إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون
" ) .(1وقد أخرج أبو نعيم طرفا من هذه الخطبة في كتابه المعروف
بالحلية - 5 .خطبة (2) :في مدح رسول ال صلى ال عليه وآله :ذكرها
الحسن بن عرفة ،عن سعيد بن عمير قال :خطب أمير المؤمنين عليه
السلم فقال :الحمد ل داحي المدحوات ) (3وداعم المسموكات ،وجابل
القلوب على فطرتها شقيها ،وسعيدها وغويها ورشيدها ،اللهم واجعل
شرائف صلواتك ونوامي بركاتك على سيدنا محمد عبدك ورسولك وحبيبك
الخاتم لما سبق ،والفاتح لما انغلق ،المعلن بالحق ،الناطق بالصدق ،الدافع
جيشات الباطيل ) (4والدامغ هيشات الضاليل
) (1زاد في المصدر بعد قوله " يبعثون " " وكأن قد صرتم إلى ما صاروا إليه
وقدمتم على ما قدموا عليه فكيف بكم إذا تناهت المور وبعثر ما في
القبور وحصل ما في الصدور ان ربهم بهم يومئذ لخبير ،وكأني وال بكم
وقد وقفتم للتحصيل بين يدى الملك الجليل فطارت القلوب لشفاقها من
سالف الذنوب وهبطت عنكم الحجب والستار وظهرت العيوب والسرار،
وزال الشك والرتياب هنالك تجزى كل نفس بما كسبت ان ال سريع
الحساب جعلنا ال واياكم عاملين بكتابه متبعين لسنة رسوله ،حتى يحلنا
دار المقامة من فضله ،انه حميد مجيد برحمته وكرمه " (2) .المصدر
ص 74و 75وسنده هكذا " عبد ال بن ابى المجد ،عن عبد الوهاب ابن
المبارك ،عن أحمد بن محمد بن حداد ،عن ابى بكر بن أحمد بن على بن
ابراهيم ابن منحويه ،عن محمد بن أحمد بن اسحاق ،عن عبد ال بن
سليمان ،عن الحسن بن عرفة عن عباد بن الحبيب ،عن مجالد ،عن
سعيد بن عمير " (3) .أي باسط المبسوطات .وقوله " داعم المسموكات
" أي مقيمها وحافظها .وقوله " جابل القلوب " أي خالقها (4) .يأتي
معنى الجيشاب والهيشات بعد تمام الخطبة.
][298
فاضطلع قائما بأمرك ) (1مستوفزا في مرضاتك ،غير ناكل عن قدم ) (2ولواه في
عزم مراعيا لعهدك .محافظا لودك ،حتى أوري قبس القابس وأضاء
الطريق للخابط ) (3وهدى به الناس بعد خوض الفتن والثام ،والخبط في
عشو الظلم ،فأنارت نيرات الحكام بارتفاع العلم ،فهو أمينك المأمون،
وخازن علمك المخزون ،وشهيد يوم الدين وحجتك على العالمين ،وبعيثك
بالحق ورسولك الصدق إلى الخلق اللهم فافسح له مفسحا في ظلك .واجزه
بمضاعفات الخير من فضلك ،اللهم اجمع بيننا وبينه في برد العيش ،وقرار
النعمة ،ومنتهى الرغبة ،ومستقر اللذة ،ومنتهى الطمأنينة ،وأرجاء الدعة
وأفناء الكرامة .القدم ) (4بتسكين الدال التقدم ،والجيشات من جاشت القدر
تجيش إذا غلت .والهيشات الجماعات وهاشوا إذا تحركوا - 6 .خطبة(5) :
اخرى في مدح رسول ال صلى ال عليه وآله والئمة عليهم السلم.
رواها أحمد بن عبد ال الهاشمي ،عن الحسن بن علي بن محمد بن موسى
بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلم قال الحسين
عليه السلم خطب أمير المؤمنين خطبة بليغة في مدح رسول ال صلى ال
عليه وآله فقال بعد حمد ال والصلة على نبيه :لما أراد ال أن ينشئ
المخلوقات ]ويبدع الموجودات[ أقام الخلئق في صورة
) (1فاضطلع أي نهض قويا والضلعة :القوة .والمستوفز :المسارع المستعجل) .
(2الناكل :الناكص والمتأخر .أي غير جبان يتأخر عند وجوب القدام.
والواهى :الضعيف (3) .ورى الزند -كوعى -وورى -كولى :-خرجت
ناره ،واوريته ووريته واستوريته .والقبس شعلة من النار والقابس الذى
يطلب النار .والكلم تمثيل لنجاح طالب الحق ببلوغ طلبتهم منه واشراق
النفوس المستعدة لقبوله بما سطع من أنواره .والخابط :الذى يسير ليل
على غير الجادة (4) .هذا من كلم صاحب المناقب (5) .في المصدر
المطبوع ص 76بزيادات واختلف.
][299
واحدة قبل دحو الرض ورفع السماوات ،ثم أفاض نورا من نور عزه فلمع قبسا
من ضيائه وسطع ،ثم اجتمع في تلك الصورة ،وفيها صورة رسول ال
صلى ال عليه وآله ) (1فقال له تعالى :أنت المرتضى المختار ،وفيك
مستودع النوار ،من أجلك أضع البطحاء وأرفع السماء ،وأجرى الماء،
واجعل الثواب والعقاب والجنة والنار وأنصب أهل بيتك علما للهداية،
وأودع فيهم أسراري بحيث ل يغيب عنهم دقيق ول جليل ،ول يخفى عنهم
خفي ،اجعلهم حجتي على خليقتي ،وأسكن قلوبهم أنوار عزتي ،و أطلعهم
على معادن جواهر خزائني .ثم أخذ ال تعالى عليهم الشهادة بالربوبية
والقرار بالوحدانية ،وأن المامة فيهم ،والنور معهم ،ثم إن ال سبحانه
أخفى الخليقة في غيبه ؟ ،وغيبها في مكنون علمه ،ونصب العوالم ،وموج
الماء ،وأثار الزبد ،وأهاج الدخان فطفا عرشه على الماء ،ثم أنشأ الملئكة
من أنوار أبدعها وأنواع اخترعها ،ثم خلق المخلوقات فأكملها ،ثم قرن
بتوحيده نبوة نبيه ،فشهدت له السماوات و الرض والملئكة والعرش
والكرسي والشمس والقمر والنجوم ]وما في الرض[ بالنبوة والفضيلة،
ثم خلق آدم وأبان للملئكة فضله وأراهم ما خصه به من سابق العلم فجعله
محرابا وقبلة لهم فسجدوا له وعرفوا حقه .ثم إن ال تعالى بين لدم عليه
السلم حقيقة ذلك النور ومكنون ذلك السر فأودعه شيئا وأوصاه وأعلمه
أنه السر في المخلوقات ،ثم لم يزل ينتقل من الصلب الطاهرة إلى الرحام
الزكية إلى أن وصل إلى عبد المطلب فألقاه إلى عبد ال ثم صانه ال عن
الخثعمية حتى وصل إلى آمنة ،فلما أظهره ال بواسطة نبينا صلى ال عليه
وآله استدعى الفهوم إلى القيام بحقوق ذلك السر اللطيف ،وندب العقول
إلى الجابة لذلك المعنى المودع في الذر قبل النسل ،فمن واقفه قبس من
لمحات ذلك النور اهتدى إلى السر وانتهى إلى العهد المودع في باطن
المر وغامض العلم ،ومن غمرته الغفلة وشغلته المحنة عشى بصر قلبه
عن إدراكه فل يزال ذلك النور ينتقل فينا أهل
) (1في المصدر " وفيها هيئة نبينا صلى ال عليه وآله ".
][300
البيت ويتشعشع في غرايزنا إلى أن يبلغ الكتاب أجله فنحن أنوار الرض
والسماوات ومحض خالص الموجودات ،وسفن النجاة ،وفينا مكنون العلم،
وإلينا مصير المور ،وبمهدينا تنقطع الحجج ،فهو خاتم الئمة ،ومنقذ
المة ،ومنتهى النور وغامض السر ،فليهنأ من استمسك بعروتنا ،وحشر
على محبتنا - 7 .نهج البلغة ) ،(1ومن كتاب عيون الحكمة والمواعظ
لعلي بن محمد الواسطي من خطبه صلوات ال عليه .الحمد ل الذي ل يبلغ
مدحته القائلون ول يحصى نعماءه العادون ول يؤدي حقه المجتهدون،
الذي ل يدركه بعد الهمم ،ول يناله غوص الفطن ) (2الذي ليس لصفته حد
محدود ،ول نعت موجود ،ول وقت معدود ،ول أجل ممدود ،فطر الخلئق
بقدرته ،ونشر الرياح برحمته ،ووتد بالصخور ميدان أرضه ،أول الدين
معرفته ،وكمال معرفته التصديق به ،وكمال التصديق به توحيده ،وكمال
توحيده الخلص له ،وكمال الخلص ]له[ نفي الصفات عنه ،لشهادة كل
صفة أنها غير الموصوف ،وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة ،فمن
وصف ال سبحانه فقد قرنه ،ومن قرنه فقد ثناه ،ومن ثناه فقد جزأه ومن
جزأه فقد جهله ]ومن جهله فقد أشار إليه ) .[(3ومن أشار إليه فقد حده،
ومن حده فقد عده ،ومن قال فيم فقد ضمنه ،و من قال علم فقد أخلى منه،
كائن ل عن حدث ،موجود ل عن عدم ،مع كل شئ ل بمقارنة ،وغير كل
شئ ل بمزايلة ،فاعل ل بمعنى الحركات واللة ،بصير إذ ل منظور إليه من
خلقه ،متوحد إذ ل سكن يستأنس به ،ول يستوحش لفقده .أنشأ الخلق
إنشاء ،وابتدأه ابتداء ،بل روية أجالها ،ول تجربة استفادها
) (1الخطبة الولى .وكتاب عيون الحكمة مخطوط (2) .الفطن :جمع فطنة.
وغوصها :استغراقها في بحر المعقولت (3) .هذه الجملة ليست في غير
واحد من النسخ المخطوطة العتيقة ول في شرحي ابن ميثم وابن أبى
الحديد .والظاهر أنها زيادة من النساخ وفى البحار الطبع المعروف
بكمبانى خط عليها الكاتب بعد ما كتبها .وليس لها معنى مستقيما صحيحا
ال بتكلف.
][301
ول حركة أحدثها ،ول همامة نفس اضطرب فيها ) ،(1أحال الشياء لوقاتها ،و
لئم بين مختلفاتها ،وغرز غرائزها ،وألزمها أشباحها ) (2عالما بها قبل
ابتداءها محيطا بحدودها وانتهائها ،عارفا بقرائنها وأحنائها ) .(3ثم أنشأ
سبحانه فتق الجواء ،وشق الرجاء ،وسكائك الهواء ،فأجرى ) (4فيها
ماء متلطما تياره ) (5متراكما زخاره ،حمله على متن الريح العاصفة ،و
الزعزع القاصفة ،فأمرها برده ،وسلطها على شده :وقرنها إلى حده،
الهواء من تحتها فتيق ،والماء من فوقها دفيق .ثم أنشأ سبحانه ريحا
اعتقم مهبها ،وأدام مربها ) (6وأعصف مجراها ،و أبعد منشأها ،فأمرها
بتصفيق الماء الزخار ،وأثارة موج البحار ،فمخضته مخض السقاء )(7
وعصفت به عصفها بالفضاء ،ترد أوله إلى آخره ،وساجيه إلى مائره حتى
عب عبابه ) (8ورمى بالزبد ركامه .فرفعه في هواء منفتق ،وجو منفهق )
(9
) (1همامة نفس -بالفتح -اهتمامها بالمور وقصدها إليه والضطرب الحركة
والحركة في الهمامة النتقال من رأى إلى رأى .والحالة بمعنى التحويل
والنقل (2) .الشباح :الشخاص (3) .الحناء جمع حنو -بالكسر -أي
الجانب وفى كلمه عليه السلم دللة على جواز اطلق العارف عليه
سبحانه (4) .السكاكة -بالضم -الهواء الملقى أعناق السماء جمعها
سكائك (5) .التيار :الموج .والمتراكم :ما يكون بعضها فوق بعض،
والزخار الشديد الزخر أي المتداد والرتفاع (6) .أي جعل هبوبها عقيما
والريح العقيم التى ل تلقح سحابا ول شجرا وكذلك كانت تلك الرياح.
والمرب مصدر ميمى من أرب بالمكان مثل الب به أي لزمه " فادام
مربها " أي ملزمتها أو ان ادام من ادمت الدلو ملتها .والمرب .بكسر
اوله المكان والمحل (7) .التصفيق :التحريك .ومخضته :حركته بشدة) .
(8الساجى :الساكن .والمائر :الذى يذهب ويجئ أو المتحرك مطلقا.
وعب أي ارتفع ،والعباب بالضم معظم الماء وكثرته وارتفاعه .والركام:
ثبجه وما تراكم منه بعضه على بعض (9) .النفهاق :التساع.
][302
فسوى منه سبع سماوات ،جعل سفلهن موجا مكفوفا (1) ،وعلياهن سقفا محفوظا
وسمكا مرفوعا ،بغير عمد يدعمها ،ول دسار ينتظمها ) (2ثم زينها بزينة
الكواكب و ضياء الثواقب ) (3وأجرى فيها سراجا مستطيرا وقمرا منيرا،
في فلك دائر ،وسقف سائر ،ورقيم مائر ) .(4ثم فتق ما بين السماوات
العلى ،فملهن أطوارا من ملئكته ،منهم سجود ل يركعون ،وركوع ل
ينتصبون ،وصافون ل يتزايلون ،ومسبحون ل يسأمون ) (5ل يغشاهم نوم
العيون ،ول سهو العقول ،ول فترة البدان ،ول غفلة النسيان ،ومنهم
امناء على وحيه ،وألسنة إلى رسله ،ومختلفون بقضائه وأمره ،ومنهم
الحفظة لعباده ،والسدنة لبواب جنانه ،ومنهم الثابته في الرضين السفلى
أقدامهم ،و المارقة من السماء العليا أعناقهم ،والخارجة من القطار
أركانهم ،والمناسبة لقوائم العرش أكتافهم ،ناكسة دونه أبصارهم،
متلفعون تحته بأجنحتهم ) (6مضروبة بينهم وبين من دونهم حجب العزة،
وأستار القدرة ،ل يتوهمون ربهم بالتصوير ،ول يجرون عليه صفات
المصنوعين ،ول يحدونه بالماكن ول يشيرون إليه بالنظائر .ومنها في
صفة خلق آدم عليه السلم :ثم جمع سبحانه من حزن الرض ) (7وسهلها
وعذبها وسبخها تربة سنها بالماء
][303
حتى خلصت ) ،(1ولطها بالبلة حتى لزبت ) ،(2فجبل منها صورة ذات أحناء
ووصول ) (3وأعضاء وفصول ،أجمدها حتى استمسكت ،وأصلدها حتى
صلصلت ) (4لوقت معدود ،وأجل معلوم ،ثم نفخ فيها من روحه ،فمثلت
إنسانا ذا أذهان يجيلها وفكر يتصرف بها ،وجوارح يختدمها ) (5وأدوات
يقلبها ،ومعرفة يفرق بها بين الحق والباطل ،والذواق والمشام واللوان
والجناس معجونا بطينة اللوان المختلفة والشباه المؤتلفة ،والضداد
المتعادية ،والخلط المتباينة ،من الحر والبرد والبلة والجمود ]والمساءة
والسرور[ واستأدى ال سبحانه الملئكة وديعته لديهم ) ،(6وعهد وصيته
إليهم في الذعان بالسجود له ،والخشوع لتكرمته ،فقال سبحانه" :
اسجدوا لدم فسجدوا إل إبليس " ]وقبيله[ اعترته الحمية ،وغلبت عليه
الشقوة ،وتعزز بخلقة النار ،واستوهن خلق الصلصال .فأعطاه ال النظرة
استحقاقا للسخطة ،واستتماما للبلية ،وإنجازا للعدة ،فقال :إنك من
المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم " ).(7
) (1سن الماء :صبه من غير تفريق واما الصب المتفرق فهو الشن بالمعجمة.
وخلصت أي صارت طينة خالصة .وفى بعض النسخ من النهج " حتى
خضلت بتقديم الضاد المعجمة على اللم أي ابتلت (2) .لطها أي خلطها
وعجنها .ولزبت -بفتح الزاى -أي التصقت وثبتت (3) .الوصول
الفصول باعتبار (4) .اصلدها أي جعلها صلبة .والصلد من الحجر الصلب
الملس .وقيل صلبت حتى تسمع لها صلصلة إذا هبت عليها رياح فلذلك
سماه ال الصلصال (5) .أي يجعلها في مآربه واوطارها كالخدم الذين
تستعملهم في خدمتك (6) .أي طلب منها اداءها (7) .ص 81 :و .82
][304
- 8ومن خطبة له عليه السلم ) (1الحمدل الذي بطن خفيات المور ) (2ودلت
عليه أعلم الظهور ،وامتنع على عين البصير فل قلب من لم يره ينكره،
ول عين من أثبته تبصره ،سبق في العلو فل شئ أعل منه ،وقرب في
الدنو فل شئ أقرب منه ،فل استعلؤه باعده عن شئ من خلقه ،ول قربه
ساواهم في المكان به ،لم يطلع العقول على تحديد صفته ،ولم يحجبها عن
واجب معرفته ،فهو الذي تشهد له أعلم الوجود على إقرار قلب ذي
الجحود ) (3تعالى ال عما يقول المشبهون به والجاحدون له علوا كبيرا.
- 9ومن خطبة له عليه السلم ) (4الحمد ل الذي لم تسبق له حال حال )
(5فيكون أول قبل أن يكون آخرا ويكون ظاهرا قبل أن يكون باطنا )(6
وكل مسمى بالوحدة غيره قليل ) (7وكل عزيز غيره ذليل ،وكل قوي غيره
ضعيف ،وكل مالك غيره مملوك ،وكل عالم غيره متعلم ،وكل قادر غيره
يقدر ويعجزه ،وكل سميع غيره يصم عن لطيف الصوات ويصمه كبيرها،
ويذهب عنه ما بعد منها ،وكل بصير غيره يعمى عن خفي اللوان ولطيف
الجسام ،وكل ظاهر غيره غير باطن ،وكل باطن غيره غير ظاهر ،لم
يخلق
) (1النهج تحت رقم (2) .49بطنت المر أي عرفت باطنه (3) .الجحود :النكار
مع العلم ،وظاهر الكلم أن انكار الجاحد مقصور على اللسان ول ينكر
أحد وجود الصانع بالقلب لظهور الدلة (4) .النهج تحت رقم (5) .63
لنه سبحانه ليس زمانيا وكذلك صفاته التى هي عين ذاته فل يلحقها
التقدم والتأخر (6) .أي العالم ببواطن الشياء (7) .أي متصف بالقلة.
ووصف غيره سبحانه بالوحدة تقليل له وفى ذاته تعالى مشعر بعلو الذات
عن التركيب المشعر بلزوم النحلل وتفردها بالعظمة والسلطان.
][305
ما خلقه لتشديد سلطان ،ول تخوف من عواقب زمان ،ول استعانة على ند مثاور
ول شريك مكاثر ) ،(1ول ضد منافر ،ولكن خليق مربوبون ،وعباد
داخرون ،لم يحلل في الشياء فيقال هو فيها كائن ،ولم ينأ عنها فيقال هو
منها بائن ،لم يؤده خلق ما ابتدأ ) ،(2ول تدبير ما ذرأ ،ول وقف به عجز
عما خلق ،ول ولجت عليه شبهة فيما قضى وقدر ،بل قضاء متقن وعلم
محكم وأمر مبرم ) (3المأمول مع النقم ،المرهوب مع النعم - 10 .ومن
خطبة له عليه السلم ) (4الحمد ل المعروف من غير رؤية ،والخالق من
غير روية ) (5الذي لم يزل قائما دائما إذ ل سماء ذات أبراج ،ول حجب
ذات أرتاج ،ول ليل داج ،ول بحرساج ) (6ول جبل ذوفجاج ،ول فج ذو
اعوجاج ،ول أرض ذات مهاد ) ،(7ول خلق ذو اعتماد ،ذلك مبتدع الخلق
ووارثه ،وإله الخلق ورازقه ،والشمس والقمر دائبان في مرضاته ،يبليان
) (8كل جديد ،ويقربان كل بعيد ،قسم أرزاقهم ،و أحصى آثارهم وأعمالهم،
وعدد أنفاسهم ،وخائنة أعينهم ،وما تخفي صدورهم من
) (1الند المثل والنظير .والمثاور :المواثب والمحارب .والشريك المكاثر أي
المفاخر بالكثرة والذى يريد الغلبة بالكثرة .والمنافرة أيضا المفاخرة(2) .
آده المر أي أثقله (3) .أبرم الحبل أي جعله طاقين ثم فتله (4) .النهج
تحت رقم (5) .88الروية الفكر وامعان النظر (6) .الرتاج جمع رتج -
بالتحريك -أي الباب العظيم .والداجى :المظلم .و الساجى :الساكن.
والفجاج :جمع فج وهو الطريق الواسع بين جبلين (7) .المهاد -ككتاب
:-الفراش (8) .دئب عمله إذا جد وتعب .وابلؤهما كل جديد انه يبلى
بمضي اليام والشهور وكذلك تقريبهما كل بعيد.
][306
) (1عازه فعزني أي غالبني فغلبني أي قهر من رام مشاركته في شئ من عزته .و
والتدمير الهلك .وناواه أي باعده وعاداه وخالفه (2) .النهج تحت رقم
(3) .161الوهاد جمع وهدة وهى الرض المنخفضة .وساطح المهاد أي
جاعله سطحا سهل .والنجاد :جمع نجد ما ارتفع منها .وتسييل الوهاد
بمياه المطار وتخصيب النجاد بانواع النبات (4) .أي ليس بجسم حتى
يتطرق إليه الفناء .وقوله " ول محجوب فيحوى " المحجوب الذى ستره
جسم فيكون الساتر حاويا له (5) .أي امتداد بصر بل حركة من جفن) .
(6ازدلف الربوة :تقربها من النظر .أي تقدمها في النظر فان الربوة
أول ما يقع في العين من الرض عند مد البصر.
][307
انبساط خطوة ،في ليل داج ،ول غسق ساج ،يتفيؤ عليه القمر المنير ) (1وتعقبه
الشمس ذات النور ) (2في الفول والكرور ) (3وتقلب الزمنة والدهور،
من إقبال ليل مقبل وإدبار نهار مدبر ) (4قبل كل غاية ومدة ،وكل إحصاء
وعدة ،تعالى عما ينحله المحددون من صفات القدار ) ،(5ونهايات
القطار ،وتأثل المساكن ) (6وتمكن الماكن ،فالحد لخلقه مضروب ،وإلى
غيره منسوب ،لم يخلق الشياء من اصول أزلية ،ولمن أوائل أبدية )(7
بل خلق ما خلق فأقام حده ) ،(8وصور ما صور فأحسن صورته ،ليس
لشئ منه امتناع ،ول له بطاعة شئ انتفاع ،علمه بالموات الماضين
كعلمه بالحياء الباقين ،وعلمه بما في السماوات العلى كعلمه بما في
الرضين السفلى - 12 .ومن خطبة له عليه السلم ) (9ل يشغله شأن ،ول
يغيره زمان ،ول يحويه مكان ،ول يصفه لسان ،ول يعزب عنه عدد قطر
الماء ) (10ول نجوم السماء ،ول سوافي الريح في الهواء ،ول دبيب
النمل
) (1أصل التفيؤ للظل نسخ نور الشمس ،ولما كان الظلم بالليل عاما كالضياء
بالنهار عبر عن نسخ نور القمر له بالتفيوء ،تشبيها له بنسخ الظل
لضياء الشمس (2) .الضمير في تعقبه راجع إلى القمر ويحتمل ان يعود
إلى الغسق فان الشمس تسوقه من موضع إلى موضع (3) .الفول:
المغيب .والكرور :الرجوع بالشروق (4) .الغرض بيان علمه تعالى
بالجزئيات وأنه ل يغيب عنه شئ (5) .أي عما ينسبه المحددون لذاته
والمعرفون لها " .من صفات القدار " جمع قدر -بسكون الدال -وهو
حال الشئ من الطول والعرض والعمق والصغر والكبر .قوله " :نهايات
القطار " أي نهاية البعاد الثلثة (6) .التأثل :التأصل (7) .في قوله
عليه السلم هذا اشارة إلى ابطال القول بان العيان الثابتات مندرجة في
غيب الذات اندراج الشجرة في النواة واللوازم في الملزومات(8) .
واقامة حد الشياء :اتقان الحدود على وفق الحكمة من المقادير
والشكال .والنهايات والجال (9) .النهج تحت رقم (10) .176ل يعزب
أي ل يخفى.
][308
على الصفا ) (1ول مقيل الذر في الليلة الظلماء ،يعلم مساقط الوراق ،وخفي طرف
الحداق ،وأشهد أن ل إله إل ال غير معدول به ) (2ول مشكوك فيه ،ول
مكفور دينه ول مجحود تكوينه ،شهادة من صدقت نيته ،وصفت دخلته )
(3وخلص يقينه وثقلت موازينه - 13 .ومن خطبة له عليه السلم )(4
فمنها لم يولد سبحانه فيكون في العز مشاركا ولم يلد فيكون موروثا هالكا،
ولم يتقدمه وقت ول زمان ،ولم يتعاوره زيادة ول نقصان ،بل ظهر للعقول
بما أرانا من علمات التدبير المتقن ،والقضاء المبرم ) (5فمن شواهد
خلقه خلق السماوات موطدات بل عمد ) (6قائمات بل سند ،دعاهن فأجبن
طائعات مذعنات غير متلكئات ول مبطئات ) (7ولول إقرارهن له بالربوبية
وإذعانهن بالطواعية ) (8لما جعلهن
) (1السوافى الريح جمع سافية من سفت الريح التراب والورق أي حملته .والصفا
-مقصورا -جمع صفاة -وهى الحجر الملس .والذر صغار النمل والذرة
واحدة منها ،ومقيلها محل استراحتها ،والتخصيص بالصفا لعدم التأثير
بالدبيب كالتراب إذ يمكن في التراب ونحوه ان يعلم الدبيب بالثر(2) .
عدل بال أي جعل له عديل ونظيرا (3) .الدخلة -بالكسر والضم -باطن
المر (4) .النهج تحت رقم (5) .180تعاور القوم أي اختلفوا وتناوبوا.
وتعاور الزيادة والنقصان من لواحق المكان ولما كان نفى المور
المذكورة مستلزما لنفى المكان والجسمية أضرب عليه السلم عن
ظهوره سبحانه على حذو الجسمانيات والممكنات بظهوره بالثار واليات
البينات للعقول ل الحواس واللت .والتدبير في حقه سبحانه كون أفعاله
على وفق الحكمة والمصلحة ل اجالة الفكر والروية والمبرم :المحكم) .
(6وطدت الرض كوعدت أطدها إذا اثبتها بالوطئ وغيرها حتى تتصلب.
وتوطيد السماوات احكام خلقها واقامتها في مقامها على وفق الحكمة) .
(7تلكأ :توقف وزنا ومعنى (8) .الطواعية -كثمانية :-الطاعة.
][309
موضعا لعرشه ،ول مسكنا لملئكته ،ول مصعدا للكلم الطيب والعمل الصالح من
خلقه جعل نجومها أعلما يستدل به الحيران في مختلف فجاج القطار ،لم
يمنع ضوء نورها ادلهمام ،سجف الليل المظلم ) (1ول استطاعت جلبيب
سواد الحنادس ) (2أن ترد ما شاع في السموات من تللوء نور القمر.
فسبحان من ل يخفى عليه سواد غسق داج ،ول ليل ساج ،في بقاع
الرضين المتطأطئات ،ول في يفاع السفع المتجاورات ) (3وما يتجلجل به
الرعد في افق السماء ،وما تلشت عنه بروق الغمام ) (4وما تسقط من
ورقة تزيلها عن مسقطها عواصف النواء ،وانهطال السماء ) (5ويعلم
مسقط القطرة ومقرها ،ومسحب
) (1ادلهمام الظلمة كثافتها وشدتها ،واسود مدلهم مبالغة .والسجف -بالكسر -
الستر كالسجف بالفتح (2) .جلبيب جمع جلباب -بالكسر -ثوب واسع
تغطى به المرأة ثيابها من فوق كالملحفة وقيل هو الخمار .والحنادس
جمع حندس -بكسر الحاء -الليل المظلم (3) .طأطأ رأسه أي خفضه
فتطأطأ أي تواضع وانحنى ووصف الرضين بالمتطأطئات لكونها موطأ
للقدام وتحت السماوات .واليفاع :التل أو مطلق مرتفع الرض .والسفع
جمع سفعاء :السواد تضرب إلى الحمرة والمراد الجبال ،والغرض احاطة
علمه بالسافل والعالي (4) .الجلجلة :صوت الرعد .وتلشت أي اضمحلت
أي يعلم ما يصوت به الرعد و ما يضمحل عنه البرق (5) .العواصف
الرياح الشديدة .والنواء جمع نوء -بالفتح -وهى ثمان وعشرون منزلة
ينزل القمر كل ليلة في منزلة منها .ويسقط في المغرب كل ثلث عشرة
ليلة منزلة مع طلوع الفجر وتطلع اخرى مقابلتها ذلك الوقت في المشرق
فينقضى جميعها مع انقضاء السنة .وكانت العرب تزعم أن مع سقوط
المنزلة وطلوع رقيبها يكون مطر وينسبونه إليها فيقولون مطرنا بنوء
كذا ،وانما سمى نوءا لنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع
بالمشرق أي نهض وطلع .وقيل :المراد بالنوء الغروب وهو من
الضداد ،واضافة العواصف إلى النواء من الضافة إلى الظرف لكثرة
هبوب العواصف في أوقات النواء على مجرى العادة < -
][310
الذرة ومجرها ) ،(1وما يكفي البعوضة من قوتها ،وما تحمل النثى في بطنها.
والحمد ل الكائن قبل أن يكون كرسي أو عرش ،أو سماء أو أرض ،أو
جان أو إنس ل يدرك بوهم ،ول يقدر بفهم ،ول يشغله سائل ،ول ينقصه
نائل ،ول ينظر بعين ول يحد بأين ،ول يوصف بالزواج ،ول يخلق بعلج،
ول يدرك بالحواس ،ول يقاس بالناس ،الذي كلم موسى تكليما ،وأراه من
آياته عظيما ،بل جوارح ول أدوات ،ول نطق ول لهوات ) (2بل إن كنت
صادقا أيها المتكلف لوصف ربك ،فصف جبرئيل أو ميكائيل وجنود
الملئكة المقربين ،في حجرات القدس مرجحنين ،متولهة عقولهم ) (3أن
يحدوا أحسن الخالقين ،وإنما يدرك بالصفات ذووا الهيئات والدوات ومن
ينقضي إذا بلغ أمد حده بالفناء ،فل إله إل هو ،أضاء بنوره كل ظلم،
وأظلم بظلمته كل نور - 14 .ومن خطبة له عليه السلم ) :(4في التوحيد
وتجمع هذه الخطبة من اصول العلم ما ل تجمعه خطبة .فمنها :ما وحده
من كيفه ،ول حقيقته أصاب من مثله ،ول إياه عنى من شبهه ،ول صمده
من أشار إليه وتوهمه ) ،(5كل معروف بنفسه مصنوع ،وكل قائم في
سواه معلول ) (6فاعل بل اضطراب آلة ،مقدر ل بجول فكرة ،غني ل
باستفادة ،ل
< -ل لتاثير النوء في الرياح والمطار كما كانت تزعمه العرب وكانوا يقولون
مطرنا بنوء كذا .وهطل المطر :نزل متتابعا متفرقا عظيم القطر .وانهطال
المطر تتابعه .والمراد بالسماء هنا المطر (1) .سحبه :جره على وجه
الرض (2) .اللهوات جمع لهاة -اللحمة المشرفة على الحلق في أقصى
الفم (3) .المرجحن -كالمقشعر :-المائل لثقله والمتحرك يمينا وشمال
كناية عن انحنائهن لعظمة ال سبحانه .والمتولهة :الحائرة أو متخوفة) .
(4النهج تحت رقم (5) .184صمده أي قصده (6) .أي كل ما يحتاج في
وجوده وتقومه إلى غيره كالعراض فهو معلول محتاج إلى العلة.
][311
تصحبه الوقات ،ول ترفده الدوات ) (1سبق الوقات كونه ،والعدم وجوده ،و
البتداء أزله ،بتشعيره المشاعر عرف أن ل مشعر له ،وبمضادته بين
المور عرف أن ل ضد له ،وبمقارنته بين الشياء عرف أن ل قرين له،
ضاد النور بالظلمة ،والوضوح بالبهمة ،والجمود بالبلل ،والحرور
بالصرد ،مؤلف بين متعادياتها ،مقارن بين متبايناتها ،مقرب بين
متباعداتها ،مفرق بين متدانياتها ،ل يشمل بحد ،ول يحسب بعد ،وإنما تحد
الدوات أنفسها وتشير اللت إلى نظائرها ،منعتها " منذ " القدمة
وحمتها " قد " الزلية ) (2وجنبتها " لول " التكملة ) (3بها تجلى
صانعها للعقول ،وبها امتنع عن نظر العيون ) (4ل يجري عليه السكون
والحركة ،وكيف يجري عليه ما هو أجراه ،ويعود فيه ما هو أبداه ،ويحدث
فيه ما هو أحدثه ،إذا لتفاوتت ذاته و لتجزأ كنهه ،ول امتنع من الزل
معناه ،ولكان له وراء إذ وجد له أمام ،ول التمس التمام إذ لزمه النقصان،
وإذا لقامت آية المصنوع فيه ،ولتحول دليل بعد أن كان مدلول عليه،
وخرج بسلطان المتناع من أن يؤثر فيه ما يؤثر في غيره .الذي ل يحول
ول يزول ول يجوز عليه الفول ،لم يلد فيكون مولودا ،ولم يولد فيصير
محدودا ،جل عن اتخاذ البناء ،وطهر عن ملمسة النساء ،ل تناله الوهام
فتقدره ،ول تتوهمه الفطن فتصوره ،ول تدركه الحواس فتحسه ،ول
تلمسه اليدي فتمسه ) (5ول يتغير بحال ،ول يتبدل في الحوال ،ول تبليه
الليالي و
) (1رفده أي أعانه (2) .حمى الشئ -كرضى -أي منعه " (3) .لول " ل يستعمل
ال في ناقص عن بعض الوجوه .كما أن قولك عند نظرك إلى المستحسنة
من الشياء والمتوقد من الذهان :ما أحسنها لول أن فيها كذا من قبول
الفناء وتوقف ادراكها على شروط كثيرة يجنبها ويبعدها عن كونها
كاملة (4) .أي بعقولنا حكمنا بامتناعه عن نظر عيوننا (5) .لمسه -
كنصره -أي أفضى إليه بيده .ومسسته أي لمسته.
][312
اليام ) (1ول يغيره الضياء والظلم ) (2ول يوصف بشئ من الجزاء ول
بالجوارح والعضاء ،ول بعرض من العراض ،ول بالغيرية والبعاض،
ول يقال له حد ول نهاية ،ول انقطاع ول غاية ،ول أن الشياء تحويه
فتقله أو تهويه ) (3أو أن شيئا يحمله فيميله أو يعدله ،وليس في الشياء
بوالج ) (4ول عنها بخارج ،يخبر ل بلسان ولهوات ،ويسمع ل بخروق
وأدوات ) (5يقول ول يلفظ ،ويحفظ ول يتحفظ ويريد ول يضمر ،يحب
ويرضى من غير رقة ،ويبغض ويغضب من غير مشقة ،يقول لما أراد
كونه كن فيكون ،ل بصوت يقرع ،ول بنداء يسمع ،وإنما كلمه سبحانه
فعل منه أنشأه ،ومثله لم يكن من قبل ذلك كائنا ،ولو كان قديما لكان إلها
ثانيا .ل يقال كان بعد أن لم يكن فتجري عليه الصفات المحدثات ،ول يكون
بينها وبينه فصل ،ولله عليها فضل ،فيستوي الصانع والمصنوع ،ويتكافأ
المبتدع والبديع .خلق الخليق على غير مثال خل من غيره ،ولم يستعن
على خلقها بأحد من خلقه ،و أنشأ الرض فأمسكها من غير اشتغال )(6
وأرساها على غير قرار ،وأقامها بغير قوائم ورفعها بغير دعائم ،وحصنها
من الود والعوجاج ) (7ومنعها من التهافت و النفراج ،أرسى أوتادها،
وضرب أسدادها ،واستفاض عيونها ) (8وخد أوديتها
) (1لعل المعنى لو صدق اطلق واحد من هذه اللفاظ عليه سبحانه لصدق البواقى،
و ل يصدق عليه شئ منها لستلزام الجميع الجسمية ،وليس الغرض
الستدلل على نفى بعضها ببعض .وقوله " ل يتغير بحال " أي بتغير
الوصاف كالشباب والشيب ،ول يتبدل في الحوال أي ل يصير ظالما في
حال الغضب ،عادل في غيره ،جوادا في حال بخيل في غيره (2) .الظلم
-بالفتح -ذهاب النور (3) .أي ل يحويه جسم حتى يرتفع بارتفاعه
وينخفض بانخفاضه (4) .عدله -بالتخفيف والتشديد -أي أقامه
والوالج :الداخل (5) .اللهوات -بالفتح -جمع لهاة تقدم معناها أنها
اللحمة في سقف أقصى الفم (6) .أي لم يشغله امساكها عن غيره من
المور (7) .العوجاج عطف تفسير على الود -وزان فرس (8) .-
الوتاد :جمع وتد .والسداد :جمع سد ،والمراد بها الجبال .والخد -
بتشديد الدال -الشق.
][313
فلم يهن ما بناه ،ول ضعف ما قواه ،هو الظاهر عليها بسلطانه وعظمته ،وهو
الباطن لها بعلمه ومعرفته ،والعالي على كل شئ منها بجلله وعزته ،ل
يعجزه شئ منها طلبه ،ول يمتنع عليه فيغلبه ،ول يفوته السريع منها
فيسبقه ،ول يحتاج إلى ذي مال فيرزقه ،خضعت الشياء له ،وذلت
مستكينة لعظمته ،ل تستطيع الهرب من سلطانه إلى غيره فتمتنع من نفعه
وضره ،ول كفء له فيكافيه ،ول نظير له فيساويه وهو المفني لها بعد
وجودها ،حتى يصير موجودها كمفقودها ،وليس فناء الدنيا بعد ابتداعها
بأعجب من إنشائها واختراعها ،وكيف ولو اجتمع جميع حيوانها من
طيرها وبهائمها وما كان من مراحها وسائمها وأصناف أسناخها )(1
وأجناسها ومتبلدة اممها وأكياسها ) (2على إحداث بعوضة ما قدرت على
إحداثها ،ول عرفت كيف السبيل إلى إيجادها ولتحيرت عقولها في علم
ذلك ،وتاهت ) (3وعجزت قواها و تناهت ،ورجعت خاسئة حسيرة )(4
عارفة بأنها مقهورة ،مقرة بالعجز عن إنشائها مذعنة بالضعف عن
إفنائها .وأنه سبحانه يعود بعد فناء الدنيا وحده ،ل شئ معه كما كان قبل
ابتدائها كذلك يكون بعد فنائها ،بل وقت ول مكان ،ول حين ول زمان،
عدمت عند ذلك الجال والوقات ،وزالت السنون والساعات ،فل شئ إل
]ال[ الواحد القهار الذي إليه مصير جميع المور بل قدرة منها كان ابتداء
خلقها ،وبغير امتناع منها كان فناؤها ،ولو قدرت على المتناع لدام
بقاؤها ،لم يتكأده صنع شئ منها إذ صنعه ،ولم يؤده منها خلق ما برأه
وخلقه ،ولم يكونها لتشديد سلطان ،ول لخوف من زوال
) (1مراحها -بضم الميم :-اسم مفعول من اراح البل ،ردها إلى المراح -كالمناخ
-أي المأوى .والسائم :الراعى .يريد ما كان في مأواه وما كان في
مرعاه .والسناخ :الصناف والنواع (2) .المتبلدة :الغبية .والكياس -
جمع كيس -وهو الحاذق والعاقل (3) .تاهت أي تحيرت وضلت(4) .
الخاسئ :الذليل الصاغر .وقيل هو البعيد مما يريده .والحسير :الكال
المعيى.
][314
ول نقصان ،ول للستعانة بها على ند مكاثر ،ول للحتراز بها من ضد مثاور )،(1
ول للزدياد بها في ملكه ،ول لمكاثرة شريك في شركه ،ول لوحشة كانت
منه فأراد أن يستأنس إليها ،ثم هو يفتيها بعد تكوينها ،للسأم دخل عليه
في تصريفها وتدبيرها ول لراحة واصلة إليه ،ول لثقل شئ منها عليه ،ل
يمله طول بقائها فيدعوه إلى سرعة إفنائها ،لكنه سبحانه دبرها بلطفه،
وأمسكها بأمره ،وأتقنها بقدرته ،ثم يعيدها بعد الفناء من غير حاجة منه
إليها ،ول استعانة بشئ منها عليها ،ول لنصراف من حال وحشة إلى حال
استئناس ،ول من حال جهل وعمى إلى علم والتماس ،ول من فقر وحاجة
إلى غنى وكثرة ،ول من ذل وضعة ) (2إلى عز وقدرة - 15 .ومن خطبة
له عليه السلم ) (3الحمدل الذي أظهر من آثار سلطانه وجلل كبريائه ما
حير مقل العيون من عجائب قدرته ) ،(4وردع خطرات هماهم النفوس )
(5عن عرفان كنه صفته وأشهد أن ل إله إل ال شهادة إيمان وإيقان
وإخلص وإذعان .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ،أرسله وأعلم الهدى
دارسة ،ومناهج الدين طامسة ) (6فصدع بالحق ،و نصح للخلق ،وهدى
إلى الرشد ،وأمر بالقصد صلى ال عليه وآله .واعلموا عباد ال أنه لم
يخلقكم عبثا ،ولم يرسلكم همل ،علم مبلغ نعمه عليكم ،وأحصى إحسانه
إليكم ،فاستفتحوه واستنجحوه واطلبوا إليه واستميحوه )(7
) (1الند -بكسر النون وتشديد الدال -المثل والنظير .والمكاثرة :المغالبة بالكثرة.
والثور :الهيجان والوثب ،ثاوره مثاورة وثوارا أي وثبه (2) .الضعة -
بالفتح -انحطاط الدرجة ،ضد الرفعة (3) .النهج تحت رقم (4) .193
المقلة هي شحمة العين التى تجمع السواد والبياض (5) .الهمهمة الكلم
الخفى وصوت يسمع ول يفهم محصوله وقيل :همومها في طلب العلم) .
(6طامسة أي مندرسه وممحوة .والصدع الشق (7) .أي سلوه الفتح
والنجاح وهو الفوز بالمقاصد .واستميحوه أي التمسوا منه العطاء.
][315
فما قطعكم عنه حجاب ،ول اغلق عنكم دونه باب ،فإنه لبكل مكان ،وفي كل حين
وأوان ،ومع كل إنس وجان ،ل يثلمه العطاء ،ول ينقصه الحباء ) (1ول
يستنفده سائل ،ول يستقصيه نائل ،ول يلويه شخص عن شخص ) (2ول
يلهيه صوت عن صوت ول تحجزه هبة عن سلب ،ول يشغله غضب عن
رحمة ،ول تولهه رحمة عن عقاب ) (3ول تجنه البطون عن الظهور ،ول
تقطعه الظهور عن البطون ،قرب فنأى ) (4وعل فدنا ،وظهر فبطن )(5
وبطن فعلن ،ودان ولم يدن ،لم يذرء الخلق باحتيال ،ول استعان بهم لكلل
) - 16 .(6وله عليه السلم من خطبة ) (7يعلم عجيج الوحوش في
الفلوات ،ومعاصي العباد في الخلوات ،واختلف النينان في البحار
الغامرات ) ،(8وتلطم الماء بالرياح العاصفات - 17 .وله عليه السلم من
خطبة ) (9تعرف بخطبة الشباح ،هي من جلئل خطبه .روى مسعدة بن
صدقة عن جعفر بن محمد الصادق عليهما السلم أن رجل أتى أمير
المؤمنين عليا عليه السلم فقال يا أمير المؤمنين صف لنا ربنا لنزداد له
حبا وبه معرفة فغضب عليه السلم
) (1الحباء :العطاء (2) .أي ل يميله أحد عن غيره (3) .أي ل تغفله ول تجعله
والها متحيرا (4) .أي قرب علما وقدرة ولطفا ورحمة فنأى جلل وعظمة
ومجدا (5) .أي ظهر سبحانه من حيث اللء وبطن من حيث الذات "
فعلن " أي من حيث السمات و " دان ولم يدن " أي جازى وحاسب ،ولم
يحاسبه أحد (6) .ذرأ أي خلق ،والحتيال :التفكر في العمل (7) .النهج
تحت رقم (8) .196العجيج رفع الصوت ،والنينان جمع النون وهو
الحوت (9) .النهج تحت رقم.88 :
][316
وصعد المنبر وهو مغضب ) (1فحمد ال وأثنى عليه وصلى على النبي .وقال:
الحمد ل الذي ل يفره المنع والجمود ) (2ول يكديه العطاء والجود إذ كل
معط مستقص سواه ،وكل مانع مذموم ما خله ) (3وهو المنان بفوائد
النعم وعوائد المزيد والقسم ) (4عياله الخلئق ضمن أرزاقهم ،وقدر
أقواتهم ،ونهج سبيل الراغبين إليه والطالبين ما لديه ،وليس بما سئل
بأجود منه بما لم يسأل ،الول الذي لم يكن له قبل فيكون شئ قبله ،والخر
الذي ليس له بعد فيكون شئ بعده والرادع أناسي البصار عن أن تناله أو
تدركه ) (5ما اختلف عليه دهر فيختلف منه الحال ،ول كان في مكان
فيجوز عليه النتقال ،ولو وهب تنفست عنه معادن الجبال وضحكت عنه
أصداف البحار ) (6من فلز اللجين والعقيان ،ونثارة الدر وحصيد المرجان
ما أثره ذلك في وجوده ) (7ول أنفد سعة ما عنده ،ولكان عنده من ذخائر
) (1لعل غضبه عليه السلم لعلمه بان غرض السائل وصفه بصفات الجسام كما
يزعم أكثر العوام ويناسبه بعض كلمات الخطبة ،أو لنه سأل بيان كنه
حقيقته سبحانه أو وصفه بصفات أبلغ وارفع مما نطق به الكتاب والثار
لزعمه أنه ل يكفى في معرفة ال تعالى ،ويشعر بذلك بعض ألفاظ
الخطبة (2) .وفر الشئ :أتم وكمل .ول يكديه أي ل يفقره (3) .لنه منع
على وفق المصلحة (4) .اضافة الفوائد إلى النعم بيانية ؟ ،والعوائد إلى
المزيد من قبيل اضافة الموصوف إلى الصفة أي عوائده المزيدة على
العباد (5) .أناسى :جمع انسان ،وانسان العين هو ما يرى وسط الحدقة
ممتازا عنها في لونها (6) .أبدع عليه السلم في تسمية انفلق المعادن
عن الجواهر تنفسا .كالحيوان يتنفس فيخرج من صدره الهواء .فان
أغلب ما يكون من ذلك بل كله عن تحرك المواد الملتهبة في جوف
الرض إلى الخارج والتعبير بالتنفس يناسب تكون المعدنيات من بخار
الرض .كما أبدع أيضا في تسمية انفتاح عن الدر ضحكا (7) .العقيان:
ذهب الخاص يثمو ؟ في معدنه .ونثارة الدر -بالضم -ما تناثر منه.
وحصيد المرجان :محصوده وذلك اشارة إلى أن المرجان نبات .وأنفده
بمعنى أفناه.
][317
النعام ما ل تنفده مطالب النام ،لنه الجواد الذي ل يغيضه سؤال السائلين ) (1ول
يبخل إلحاح الملحين .ومنها :ل تقدر عظمة ال سبحانه على قدر عقلك
فتكون من الهالكين ،هو القادر الذي إذا ارتمت الوهام ) (2لتدرك منقطع
قدرته ،وحاول الفكر المبرء من خطر الوساوس أن يقع عليه في عميقات
غيوب ملكوته ) (3وتولهت القلوب إليه لتجري في كيفيات صفاته،
وغمضت ) (4مداخل العقول في حيث ل تبلغه الصفات لتنال علم ذاته
ردعها وهي تجوب مهاوي سدف الغيوب ،متخلصة إليه سبحانه )(5
فرجعت إذ جبهت معترفة بأنه ل ينال بجور العتساف كنه معرفته ) (6ول
يخطر ببال أولى الرويات خاطرة من تقدير جلل عزته ،الذي ابتدع الخلق
على غير مثال امتثله ،ول مقدار
) (1أي ل يغيضه ،من أغاضه ال .وفى بعض نسخ النهج المخطوطة " يغيظه ".
والح في السؤال أي بالغ فيه (2) .ارتمت الوهام أي ذهبت أمام الفكار.
وارتمى مطاوع رمى يقال :رماه فارتمى الصيد رماه ،ارتمت به البلد:
اخرجته .والوهام خطرات القلب .ومنقطع قدرته أي موضع النقطاع) .
(3المراد بملكوته عزه وسلطانه .وتولهت أي اشتدت عشقها وحنت
إليه (4) .غمض الشئ -بفتح الغين المعجمة -أي خفى مأخذه ،ومداخل
العقل طرق الفكر (5) .أي ردها ،والجملة جزاء للشرط السابق قوله "
إذا ارتمت " ،والضمير المنصوب راجع إلى الوهام وغيرها .والواد
للحال .وتجوب أي تقطع .والمهاوى جمع مهواة وهى الحفرة أوما بين
الجبلين ويراد بها المهلكة .والسدف جمع سدفة وهى القطعة من الليل
المظلم .ومتخلصة أي متوجهة ؟ ؟ إليه .وجبهه كمنعه -أي ضرب
جبهته (6) .الجور :العدول عن الطريق ،والعتساف قطع المسافة على
غير جادة معلومة والمراد بجور اعتسافها شدة جولنها في ذلك الملك
الذى ل جادة له ول يفضى إلى المقصود.
][318
احتذى عليه من خالق معبود كان قبله ) ،(1وأرانا من ملكوت قدرته ،وعجايب ما
نطقت به آثار حكمته ،واعتراف الحاجة من الخلق إلى أن يقيمها بمساك
قوته ) (2ما دلنا باضطرار قيام الحجة له على معرفته ،وظهرت في البدايع
التي أحدثها آثار صنعته ،وأعلم حكمته ،فصار كل ما خلق حجة له ودليل
عليه ،وإن كان خلقا صامتا فحجته بالتدبير ناطقة ودللته على المبدع
قائمة .وأشهد أن من شبهك بتباين أعضاء خلقك ،وتلحم حقاق مفاصلهم
المحتجبة لتدبير حكمتك ) (3لم يعقد غيب ضميره على معرفتك ،ولم يباشر
قلبه اليقين بأنه ل ند لك ،وكأنه لم يسمع تبرء التابعين من المتبوعين إذ
يقولون " تال إن كنا لفي ضلل مبين إذ نسويكم برب العالمين " كذب
العادلون بك ) (4إذ شبهوك بأصنامهم ،ونحلوك حلية المخلوقين بأوهامهم
) (5وجزؤوك تجزئة المجسمات بخواطرهم وقدروك على الخلقة المختلفة
القوى بقرائح عقولهم .وأشهد أن من ساواك بشئ من خلقك فقد عدل بك
والعادل بك كافر بما تنزلت به محكمات آياتك ،ونطقت عنه شواهد حجج
بيناتك ،وإنك أنت ال الذي لم تتناه في العقول فتكون في مهب فكرها
مكيفا ،ول في رويات خواطرها فتكون محدودا مصرفا ).(6
) (1احتذى عليه أي قاس وطبق عليه .وفى بعض نسخ النهج " خالق معهود ") .
(2بمساك قوته -بالكسر -ما يمسك به .والموصول في " ما دلنا "
مفعول ثان لرانا وفيه دللة على احتياج الباقي في بقائه إلى مؤثر(3) .
التلحم التلصق .والحقاق -بالكسر -جمع حق -بالضم -وهى في
الصل وعاء من خشب .وحقاق المفاصل النقر التى يرتكز فيها العظام.
واحتجابها استتارها بالجلد واللحم والجار في قوله عليه السلم " لتدبر
حكمتك " متعلق بالمحتجبة أي المستورة للتدبير الذى اقتضته الحكمة،
والمراد من شبهه بالنسان ونحوه (4) .أي الذين عدلوا بك غيرك
وشبهوك به (5) .نحلوك أي اعطوك ،وحلية المخلوقين صفاتهم الخاصة
بهم (6) .أي محاطا بالحدود(*) .
][319
ومنها :قدر ما خلق فأحكم تقديره ،ودبره فألطفت تدبيره ،ووجهه لوجهته ،فلم
يتعدد حدود منزلته ،ولم يقصر دون النتهاء إلى غايته ،ولم يستصعب إذا
مر بالمضي على إرادته ،وكيف صدرت المور عن مشيته ،المنشئ
أصناف الشياء بل روية فكر آل إليها ،ول قريحة غريزة أضمر عليها ،ول
تجربة أفادها من حوادث الدهور ،ول شريك أعانه على ابتداع عجائب
المور ،فتم خلقه ،وأذعن لطاعته ،وأجاب إلى دعوته ولم يعترض دونه
ريث المبطئ ،ول أناة المتلكئ ) (1فأقام من الشياء أودها ،و نهج
حدودها ،ولءم بقدرته بين متضادها ،ووصل أسباب قرائنها ) (2وفرقها
أجناسا مختلفات في الحدود والقدار ،والغرائز والهيئات ،بدايا خلئق أحكم
صنعها ،وفطرها على ما أراد وابتدعها .ومنها في صفة السماء :ونظم بل
تعليق رهوات فرجها ،ولحم صدوع انفراجها ،ووشج بينها وبين
أزواجها ،وذلل للهابطين بأمره والصاعدين بأعمال خلقه حزونة معراجها
) (3و ناداها بعد إذ هي دخان ،فالتحمت عرى أشراجها ) (4وفتق بعد
الرتتاق صوامت
) (1الريث البطوء ،والناة -كقناة -اسم من التأني في المر أي تمكث ولم يعجل
والتلكؤ :التوقف والمعنى نفى الريث والناة عن الشياء في اجابة الدعوة
والذعان للطاعة (2) .القرائن النفوس المقرونة بالبدان واعتدال المزاج
سبب بقاء الروح أي وصل أسباب أنفسها بتعديل أمزجتها (3) .الرهوات
جمع الرهوة وهى المكان المرتفع والمنخفض ونظمها تصفيتها .قال ابن
الثير في النهاية في حديث علي عليه السلم :ونظم رهوات فرجها أي
المواضع المتفتحة منها وهو مأخوذ من قولهم رها رجليه رهوا أي فتح.
ول حم أي ألصق .والصدوع جمع صدع وهو الشق واضافة الصدوع إلى
النفراج من اضافة الخاص إلى العام .ووشج بينها أي شبك الهابطين
والساعدين الرواح العلوية والسفلية .والحزونة :الصعوبة (4) .التهمت
عرى اشراجها :الشراج جمع شرج وهى مقبض الكوز ،والدلو .وتسمى
مجرة السماء شرجا تشبيها بشرج العيبة ،واشراج الوادي ما أنفسح
منه.
][320
أبوابها ،وأقام رصدا من الشهب الثواقب على نقابها ،وأمسكها من أن تمور في
خرق الهواء بأيده ) (1وأمرها أن تقف مستسلمة لمره ،وجعل شمسها
آية مبصرة لنهارها ،وقمرها آية ممحوة من ليلها ،فأجراهما في مناقل
مجراهما ،وقدر سيرهما في مدارج درجهما ،لتميز بين الليل والنهار بهما،
وليعلم عدد السنين والحساب بمقاديرهما ،ثم علق في جوها فلكها ،وناط
بها زينتها من خفيات دراريها ) (2و مصابيح كواكبها ،ورمى مسترقي
السمع بثواقب شهبها ،وأجراها على أذلل تسخيرها ،من ثبات ثابتها،
ومسير سائرها ،وهبوطها وصعودها ونحوسها وسعودها .ومنها في صفة
الملئكة عليهم السلم :ثم خلق سبحانه لسكان سماواته ،وعمارة الصفيح
العلى ) (3من ملكوته خلقا بديعا من ملئكته ،مل بهم فروج فجاجها،
وحشى بهم فتوق أجوائها ،وبين فجوات تلك الفروج زجل المسبحين منهم
في حظائر القدس ) (4وسترات الحجب ،و سرادقات المجد ،ووراء ذلك
الرجيج الذي تستك منه السماع سبحات نور تردع البصار عن بلوغها )
(5فتقف خاسئة على حدودها ،أنشأهم على صور مختلفات ،و أقدار
متفاوتات ،اولي أجنحة تسبح جلل عزته ،ل ينتحلون ما ظهر في الخلق
من
) (1وأمسكها من أن تمور أي تضطرب في الهواء " .بأيده " أي بقوته(2) .
دراريها :كواكبها وأقمارها (3) .الصفيح :السماء (4) .الزجل :رفع
الصوت .والحظائر :جمع حظيرة وهى الموضع الذى يحاط عليه لتأوى
إليه الغنم ،والبل توقيا من البرد والريح وهو مجاز ههنا عن المقامات
المقدسة للرواح الطاهرة (5) .الرجيج :الضطراب والزلزلة وفسروا
السبحات بالنور والبهاء والجلل والعظمة وقيل :سبحات الوجه محاسنه
لنك إذا رأيت الوجه .الحسن .قلت سبحان ال ،ولعل المراد بها النوار
التي تحجب البصار ،ويعبر عنها بالحجب.
][321
صنعه ،ول يدعون أنهم يخلقون شيئا معه مما انفرد به " بل عباد مكرمون ل
يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون " جعلهم فيما هنالك أهل المانة على
وحيه ،وحملهم إلى المرسلين " ودايع أمره ونهيه ،وعصمهم من ريب
الشبهات ،فما منهم زائغ من سبيل مرضاته ،وأمدهم بفوائد المعونة،
وأشعر قلوبهم تواضع إخبات السكينة ) (1وفتح لهم أبوابا ذلل إلى
تماجيده ) (2ونصب لهم منارا واضحة على أعلم توحيده لم تثقلهم
موصرات الثام ) (3ولم ترتحلهم عقب الليالي واليام ،ولم ترم الشكوك
بنوازعها عزيمة إيمانهم ،ولم تعترك الظنون على معاقد يقينهم ) (4ول
قدحت قادحة الحن فيما بينهم ول سلبتهم الحيرة ما لق من معرفته
بضمائرهم ) (5وما سكن من
) (1الشعار من اللباس ما يلبس تحت الدثار ،وأخبت الرجل إذا خضع وخشع ل
تعالى (2) .الذلل بضمتين جمع ذلول وهو ضد الصعب .وفتح البواب
المذكورة كناية عن سهولة التمجيد لعدم معارضة شيطان أو نفس امارة
بالسوء (3) .موصرات الثام :مثقلتها (4) .رحل البعير وارتحله حط
عليه الرحل والرحل مركب للبعير .والعقبة -بالضم :-النوبة والجمع
عقب .أي لم يؤثر فيهم ارتحال الليالى واليام كما يؤثر ارتحال النسان
البعير في ظهره .والنوازع بالعين المهملة من نزع في القوس إذا جذبها
ومدها ونوازع الشكوك الشبهات .وقيل الشهوات .وفى بعض نسخ
المصدر " النوازغ " بالغين المعجمة من نزغ الشيطان بين القوم إذا
أفسد ،ويقال نزغه الشيطان أي وسوس إليه .والعزيمة :التصميم والجزم
على رأى .والمعترك موضوع العرك أي القتال .اعترك البل في الورد
ازدحمت (5) .قدح بالزند -كمنع -رام اليراء به .والحن -جمع -احنة
وهى الحقد و الحسد والغضب أي ل يثير الغضب فيما بينهم .ولق الشئ
بغيره :لصق ومنه ليقة الدواة لنه يلصق المداد بها والغرض نفى الحيره
عنهم كالحنة لنها ل تكون العن الشبه والوسواس .و يحتمل أن يكون
المراد بالحيرة الوله لشدة الحب وكمال المعرفة .وسيجئ اثبات ؟ ؟ الوله
لهم في الكلمات التية.
][322
عظمته وهيبة جللته في أثناء صدورهم ) (1ولم تطمع فيهم الوساوس فتقترع
برينها على فكرهم منهم من هو في خلق الغمام الدلح ) (2وفي عظم
الجبال الشمخ ،وفي قترة الظلم اليهم ) (3ومنهم من قد خرقت أقدامهم
تخوم الرض السفلى ،فهي كرايات بيض قد نفذت في مخارق الهواء
وتحتها ريح هفافة ) (4تحبسها على حيث انتهت من الحدود المتناهية ،قد
استفرغتهم أشغال عبادته ،ووصلت حقائق اليمان بينهم وبين معرفته،
وقطعهم اليقان به إلى الوله إليه .ولم تجاوز رغباتهم ما عنده إلى ما عند
غيره ،قد ذاقوا حلوة معرفته ،وشربوا بالكأس الروية من محبته ،و
تمكنت من سويداء قلوبهم وشيجة خيفته ،فحنوا بطول الطاعة اعتدال
ظهورهم ،و لم ينفد طول الرغبة إليه مادة تضرعهم ) (5ول أطلق عنهم
عظيم الزلفة ربق خشوعهم
) (1الثناء -جمع ثنى -بالكسر -أي خللها (2) .فتقترع أي تضرب .والرين
بالنون :الطبع ،والتغطية ،والدنس ،ورانت النفس أي خبثت .والدلح جمع
دالح وهو الثقيل من السحاب (3) .الشمخ -بالضم والتشديد -جمع
شامخ وهو من الجبل العالي .والقترة -بالضم -بيت الصايد يتستر به
عند تصييده ويجمع على قتر مثل غرفة وغرف .واليهم الذى ل يهتدى
فيه ومنه فلة يهماء .وفى بعض النسخ " البهم " بالباء الموحدة وهم
الملئكة المأمورون بالمطر (4) .التخوم -بضم التاء -معالم الرض
وحدودها وهى جمع تخم -بالضم .-ومخارق الهواء :المواضع التى
تمكنت فيها تلك الرايات بخرق الهواء .والريح الهفافة :الطيبة الساكنة.
وقوله " قد استفرغتهم " أي عن الشتغال بانفسهم (5) .قوله " ع " "
بالكاس " الباء بمعنى من والروية أي التى يزيل العطش ،وسويداء
القلب وسوداؤه حبته .والوشيجة ليف يفتل ثم يشبك بين الخشبتين فينقل
عليه البر المحصود ونحوه .وشيجة القوم أي دخلء فيهم .والوشيجة
أيضا واحدة الوشائج وهى عروق الذنين .وحنيت الشئ عطفته .وقوله
" ع " " مادة تضرعهم " أي الداعي إليه .فبقدر صعودهم إلى مدارج
الطاعة يزداد قربهم ،وكلما ازداد قربهم ازداد علمهم بعظمة ال سبحانه:
فلذلك ل ينقص تضرعهم وخشوعهم.
][323
ولم يتولهم العجاب ) (1فيستكثروا ما سلف منهم ،ول تركت لهم استكانة الجلل
نصيبا في تعظيم حسناتهم ،ولم تجر الفترات فيهم على طول دؤوبهم )(2
ولم تغض رغباتهم فيخالفوا عن رجاء ربهم ولم تجف لطول المناجاة
أسلت ألسنتهم ،ول ملكتهم الشغال فتنقطع بهمس الجؤار إليه أصواتهم،
ولم تختلف في مقاوم الطاعة مناكبهم ) (3ولم يثنوا إلى راحة التقصير في
أمره رقابهم ،ول تعدو على عزيمة جدهم بلدة الغفلت ول تنتضل في
هممهم خدائع الشهوات ) (4قد اتخذوا ذا العرش ذخيرة ليوم فاقتهم
ويمموه عند انقطاع الخلق إلى المخلوقين برغبتهم ،ل يقطعون أمد غاية
عبادته ،ول يرجع بهم الستهتار بلزوم طاعته إل إلى مواد من قلوبهم غير
منقطعة من رجائه و مخافته ) (5لم تنقطع أسباب الشفقة منهم فينوا في
جدهم ) (6ولم تأسرهم الطماع فيؤثروا
) (1أطلق السير أي حل اسره .والربق -بكسر الراء -جمع ربقة ،وتولى المر
تقلده (2) .الدؤوب :التعب (3) .السلت :الطراف .والهمس الصوت
الخفى .والجؤار -كغراب -رفع الصوت بالدعاء والتضرع والستغاثة أي
ليس لهم أشغال خارجة عن العبادة .المراد بمقاوم الطاعة صفوف العبادة
وبعدم اختلف مناكبهم عدم تقدم بعضهم على بعض في الصف أو عدم
انحراف صفوفهم (4) .البلدة ضد الذكاوة والفطانة والمراد بالخدائع
الوساوس الصارفة عن العبادة وانتضالها تواردها وتتابعها (5) .يمموه
أي يقصدوه بالرغبة والرجاء .والمد :الغاية ،المنتهى " ،ويرجع " فعل
متعد ولزم تقول رجع زيد ورجعته .والستهتار الولوع بالشئ والحرص
عليه .والمادة مشتقة من مد البحر وغيره إذا زاد ،وكل ما أعنت به قوما
في حرب وغيره فهو مادة لهم .و المراد بالمادة المعين المقوى .و " من
" في قوله " من قلوبهم " ابتدائية ،أي مواد ناشئة من قلوبهم ؟ ؟ غير
منقطعة ،وفى قوله " من رجائه " بيانية ،فتكون المواد عبارة عن
الرجاء والخوف الباعثين لهم على لزوم الطاعة (6) .الونى :الفتور
والتأنى .و " لم تأسرهم " أي لم تجعلهم أسيرا وهو المقيد والمشدد.
][324
][325
فخضع جماح الماء المتلطم لثقل حملها ،وسكن هيج ارتمائه إذ وطئته بكلكلها وزل
مستخذيا إذ تمعكت عليه بكواهلها ،فأصبح ،بعد اصطخاب أمواجه ساجيا
مقهورا ،و في حكمة الذل منقادا أسيرا ) (1وسكنت الرض مدحوة في
لجة تياره وردت من نخوة بأوه واعتلئه ،وشموخ أنفه وسمو غلوائه،
وكعمته على كظة جريته فهمد بعد نزقاته ،ولبد زيفان وثباته ) (2فلما
سكن هيج الماء من تحت أكنافها وحمل شواهق الجبال الشمخ البذخ على
أكتافها ) (3فجر ينابيع العيون من عرانين انوفها ،وفرقها في سهوب
بيدها وأخاديدها وعدل حركاتها بالراسيات من جلميدها )(4
< -الموج الشديد وأعلى الموج .والصفق :الضرب يسمع له صوت واصطفقت
المواج أي ضرب بعضها بعضا .والتقاذف :الترامي بقوة .وثبج البحر -
محركة :-معظمه ووسطه .واللطم ضرب الخد بالكف والتطمت المواج
ضرب بعضها بعضا (1) .الكلكل في الصل :الصدر .استعارة لما لقى
الماء من الرض .ومستخذيا أي منكسرا مسترخيا .وقوله " إذ تمعكت
عليه " مستعار من تمعكت الدابة أي تمرغت في التراب والمعك الدلك في
التراب ،والكاهل ما بين الكتفين .والصطخاب افتعال من الصخب وهو
ارتفاع الصوت والمراد اضطراب الصوات .والساجى الساكن ،والحكمة -
محركة -حديدة في اللجام تكون على حنك الفرس تمنعه عن مخالفة
راكبه (2) .الدحو :البسط .والتيار :الموج ،واللجة :معظم الماء .والبأو:
الكبر والزهو .والغلواء -بضم الغين وفتح اللم :-النشاط وتجاوز الحد.
وكعم البعير -كمنع -شدفاه لئل يعض أو يأكل .والكظة -بالكسر :-ما
يعرض من امتلء البطن بالطعام ولعل المراد ما يشاهد في جرى الماء
من ثقل الندفاع .لن كظة الجرية ما يشاهد من الماء الكثير في جريانه
من الثقل .همد :ذهب حرارته والنزق والنزقان :الطيش .ولبد -كفرح
ونصر -أي قام ووثب .والزيفان -محركة :-التبختر في المشى.
والوثبة :الطفرة (3) .الكناف الجوانب .والشاهق المرتفع من الجبال.
والبذخ :الشمخ ال أن فيه ضخامة مع الرتفاع .و " حمل " عطف على
أكتاف (4) .عرانين جمع عرنين -بالكسر -وهو ما صلب من عظم
النف وهو الذى تحت الحاجبين والمراد أعالي الجبال غير أن الستعارة
من ألطف أنواعها في هذا المقام< - .
][326
< -والسهوب :جمع سهب -بالفتح -أي الفلة البعيدة الكناف .والبيد جمع بيداء
وهى الفلة التى يبيد سالكها أي يهلك .والخاديد جمع الخدود وهو الشق
في الرض والمراد مجارى النهار .والضمائر كلها راجع إلى الرض.
والراسيات :الثابتات ،والجلميد جمع جلمود ،وهو الحجر الصلد(1) .
والشناخيب .جمع شنخوب -بالضم -أي رؤوس الجبال العالية .والشم:
المرتفعة العالية .والصياخيد جمع صيخود وهو الصخرة الشديدة .ورسب
في الماء -كنصر :-ذهب سفل ،وجبل راسب أي ثابت .والقطع -كعنب -
جمع قطعة -بالكسر -وهى الطائفة من الشئ والمراد بأديمها سطحها.
والتغلغل الدخول ومبالغة فيه .وتسرب الوحش وانسرب في حجره أي
دخل .والجوبة :الحفرة .والخيشوم أقصى النف وضمير " تغلغلها "
للجبال و " خياشيمها " للرض والمجاز ظاهر .والجرثومة :قيل التراب
المجتمع في أصول الشجر ولعل المراد بجراثيمها المواضع المرتفعة
منها .وركوب الجبال اعناق السهول :استعلؤها عليها ،وأعناقها:
سطوحها (2) .المتنسم :موضع التنسم ،وهو طلب التنسم وفائدته ترويح
القلب حتى ل يتاذى بغلبة الحرارة وفيه بقاء الحيوان .ومرافق الدار ما
يستعان به ويحتاج إليه في التعيش .واخراج أهل الرض على تمام
مرافقها ايجادهم واسكانهم في الرض بعد تهيئة ما يصلحهم لمعاشهم و
التزود إلى معادهم ،ومن جملة تلك المرافق سكون الرض وكونها
خارجة من الماء على حد خاص من الصلبة والرخاوة ،غير صقيل
يتأذى أهلها بانعكاس الشعة ،قابلة لنفجار وحفر البار ونزول المطار
وتكون المعادن وتولد انواع الحيوانات والحياة بعد الموت حتى يتجدد فيه
الحبوب والثمار والعشاب ونحو ذلك مما ل يحصيه ال ال عزوجل -
والراوبى جمع الرابية :ما ارتفع من الرض .والجدول النهر الصغير.
والناشئة :ما ينشأ من السحاب أي يبتدى ظهوره .واللمعة -بالضم -في
الصل :قطعة من النبت .والقزع جمع قزعة -محركة فيهما -وهى < -
][327
إذا تمخضت لجة المزن فيه والتمع برقه في كففه ،ولم ينم وميضه في كنهور ربابه
ومتراكم سحابه ،أرسله سحا متداركا قد أسف هيد به ) (1تمريه الجنوب
درر أهاضيبه ،ودفع شآبيبه ،فلما ألقت السحاب برك بوانيها وبعاع ما
استقلت به من العبء المحمول عليها ) (2أخرج به من هوامد الرض
النبات ،ومن زعر الجبال العشاب ،فهي تبهج بزينة رياضها ،وتزدهي بما
البسته من ريط أزاهيرها وحلية ما سمطت به من ناضر أنوارها )(3
وجعل ذلك بلغا للنام ،ورزقا للنعام وخرق الفجاج في آفاقها ،وأقام
المنار للسالكين على جواد طرقها.
][328
فلما مهد أرضه وأنفذ أمره اختار آدم عليه السلم خيرة من خلقه ،وجعله أول
جبلته ،وأسكنه جنته ،وأرغد فيها اكله ،وأوعز إليه ) (1فيما نهاه عنه،
وأعلمه أن في القدام عليه التعرض لمعصيته ،والمخاطرة بمنزلته ،فأقدم
على ما نهاه عنه موافاة لسابق علمه ،فأهبطه بعد التوبة ) (2ليعمر أرضه
بنسله ،وليقيم الحجة به على عباده ،ولم يخلهم بعد أن قبضه مما يؤكد
عليهم حجة ربوبيته ،ويصل بينهم وبين معرفته ،بل تعاهدهم بالحجج على
ألسن الخيرة من أنبيائه ،ومتحملي ودائع رسالته قرنا فقرنا حتى تمت
بنبينا محمد صلى ال عليه وآله حجته ،وبلغ المقطع عذره ونذره ،وقدر
الرزاق فكثرها وقللها وقسمها على الضيق والسعة ،فعدل فيها ليبتلي من
أراد بميسورها ومعسورها وليختبر بذلك الشكر والصبر من غنيها
وفقيرها ،ثم قرن بسعتها عقابيل ) (3فاقتها وبسلمتها طوارق آفاتها،
وبفرج أفراحها غصص أتراحها ) (4وخلق الجال فأطالها وقصرها
وقدمها وأخرها ووصل بالموت أسبابها وجعله خالجا لشطانها وقاطعا
لمرائر أقرانها .عالم السر من ضمائر المضمرين ،ونجوى المتخافتين ،و
خواطر رجم الظنون ) (5وعقد عزيمات اليقين ،ومسارق إيماض الجفون،
وما ضمنته
) (1أوعزت إلى فلن في فعل أو ترك أي تقدمت وأمرت (2) .هذا الكلم صريح في
أن الهباط كان بعد التوبة .وهو ظاهر من قوله عليه السلم في الخطبة
الولى من النهج " ثم بسط ال سبحانه في توبته ولقاه كلمة رحمته
ووعده المرد إلى جنته فأهبطه إلى دار البلية وتناسل الذرية " ويناسبه
ترتيب الكلم في سورة طه وغيرها (3) .العقابيل :الشدائد .جمع عقبولة
-بالضم -وهى قروح صغار تخرج بالشفة غب الحمى وبقايا المرض) .
(4الفرح :السرور ،والفرج -كغرف -جمع فرجة وهى التفصى من
الهم .و الترح -بالتحريك :-الهم والهلك والنقطاع (5) .خالجا أي
جازبا لشطانها وهى جمع شطن -كسبب -وهو الحبل الطويل.
والمرائر :جمع مريرة وهى الحبال المفتولة على اكثر من طاق وقيل
الحبال الشديدة الفتل .والقران جمع قرن -محركة -وهو في الصل
الحبل تجمع به البعيران ولعل المراد بمرائر القران الجال والعمار التى
يرجى امتدادها لقوة المزاج والبنية .و التخافت :المكالمة السرية.
والخواطر :ما يخطر في القلب من تدبير امر ،يقال خطر ببالى .ورجم
الظنون كل ما يسبق إليه الظن من غير برهان.
][329
أكنان القلوب ،وغيابات الغيوب ،وما أصغت لستراقه مصائخ السماع ،ومصائف
الذر ،ومشاتي الهوام ) (1ورجع الحنين من المولهات وهمس القدام،
ومنفسح الثمرة من ولئج غلف الكمام ،ومنقمع الوحوش من غيران
الجبال وأوديتها ،و مختبئ البعوض بين سوق الشجار وألحيتها ،ومغرز
الوراق من الفنان ،ومحط المشاج من مسارب الصلب ) (2وناشئة
الغيوم ومتلحمها ،ودرور قطر السحاب في متراكمها ،وما تسفي
العاصير بذيولها ،وتعفو المطار بسيولها ،،وعوم نبات الرض في كثبان
الرمال ،ومستقر ذوات الجنحة بذرى شناخيب الجبال ،وتغريد ذوات
المنطق في دياجير الوكار ،وما أو عبته الصداف ،وحضنت عليه أمواج
البحار وما غشيته سدفة ليل ،أو ذر عليه شارق نهار ،وما اعتقبت عليه
أطباق الدياجير ،و سبحات النور ،وأثر كل خطوة ،وحس كل حركة ،ورجع
كل كلمة ) ،(3و
) (1أومض البرق ايماضا إذا لمع لمعا خفيا .والكن -بالكسر -اسم لكل ما يستتر
فيه النسان لدفع الحر والبرد من البنية .وغيابة كل شئ ما يسترك منه.
والمصائخ جمع مصاخ وهو مكان الصاخة وهو ثقبة الذن .أي خروقها
التى تسمع .والمصائف محل القامة في الصيف .والذر صغار النمل.
والمشاتي محل القامة في الشتاء (2) .والمولهات :الحزينات .ورجع
الجنين :ترديده .والهمس أخفى ما يكون من صوت القدم على الرض.
ومنفسح الثمرة :موضع نموها في الكمام .الولئج جمع وليجة بمعنى
البطانة الداخلية .والغلف -بضمتين وبضمة -جمع غلف ككتاب ،والكم
-بالكسر وعاء الطلع وغطاء النور :والمنقمع :موضع الخفاء .والمختبأ
موضع الختباء والستتار .وسوق الشجار جمع ساق أي أسفلها الذى
تقوم عليه فروعها ،واللحية جمع لحاء وهو قشر الشجرة .وغرزه في
الرض -كضربه -إذا أدخله ،ومغرز الوراق موضع وصلها والفنان
الغصون ،والمسارب المواضع التى يختفى ،والمشاج قيل مفرد كاعشار
وأكياش ،وقيل جمع مشج بالفتح أو مشج -محركة -أو مشيج على فعيل
مثل يتيم وأيتام وأصله مأخوذ من مشج إذا خلط لنها مختلطة من جراثيم
مختلفة كل منها يصلح لتكوين عضو من أعضاء البدن (3) .التلحم
التلؤم واللتصاق والشتباك .ومتلحم الغيوم ما التصق منها بعضها
ببعض .والدرور :السيلن ،والقطر -بالفتح :-المطر والواحدة القطرة.
وسفت الريح التراب أي ذرته ورمت به .والعاصير :جمع اعصار وهى
ريح تثير السحاب أو تقوم على < -
][330
تحريك كل شفة ومستقر كل نسمة ،ومثقال كل ذرة ،وهماهم كل نفس هامة ،وما
عليها من ثمر شجرة ،أو ساقط ورقة ،أو قرارة نطفة ،أو نقاعة دم
ومضغة ) (1أو ناشئة خلق وسللة ،لم يلحقه في ذلك كلفة ،ول اعترضته
في حفظ ما ابتدع من خلقه عارضة ،ول اعتورته في تنفيذ المور )(2
وتدابير المخلوقين مللة ول فترة ،بل نفذ ]في[ -هم علمه ،وأحصاهم عدة،
ووسعهم عدله ،وغمرهم فضله مع تقصيرهم ) (3عن كنه ما هو أهله.
اللهم أنت أهل الوصف الجميل ،والتعداد الكثير إن تؤمل فخير مأمول ،وإن
ترج فأكرم مرجو ،اللهم وقد بسطت لي ]لسانا[ فيما ل أمدح به غيرك ،ول
اثني به على أحد سواك ،ول أوجهه إلى معادن الخيبة ومواضع الريبة،
وعدلت بلساني عن مدائح الدميين ،والثناء على المربوبين المخلوقين،
اللهم ولكل مثن على من أثنى عليه مثوبة من جزاء أو عارفة من عطاء،
وقد رجوتك دليل على ذخائر الرحمة وكنوز المغفرة ،اللهم وهذا مقام من
أفردك بالتوحيد الذي هو لك ،و
< -الرض كالعمود .و " تعفو " أي تمحو .والعوم :السباحة .والكثيب :التل من
الرمل .وذروة -بالضم والكسر -أعله جمعها ذرى .والشناخيب رؤوس
الجبال كما مر .وغرد الطائر -كفرح :-رفع صوته ،وذوات المنطق من
الطيور ماله صوت وغناء كأن غيرهم أبكم ول يقدر على النطق.
والدياجير جمع ديجور وهو الظلمة .واوعبتة :أي جمعته .وحضنت عليه
أي ربته وما حضنته المواج العنبر والمسك وغيرهما .والسدفة -بالضم
:-الظلمة .وذر :طلع .وسبحات النور :درجاته وأطواره ومراته .والرجع
ترديد الصوت (1) .الهمهمة :الصوت الخفى أو ترديد الصوت في الحلق
-و " هامة " أي ذات همة والضمير في عليها راجع إلى الرض وان لم
يسبق ذكرها ويعتمد في مثله على فهم المخاطب كقوله تعالى " كل من
عليها فان " .والنقاعة نقرة يجمع فيها الدم ،والمضغة عطف على "
نقاعة " أي يعلم مقر جميع ذلك " استفدنا كثيرا في شرح هذه الخطب
من بهجة الحدائق للسيد محمد ابن امير شاه " (2) .اعتورته أي تداولته
وتناولته (3) .غمرهم أي غطاهم وسترهم كما يغمر البحر ما غاص فيه.
][331
لم ير مستحقا لهذه المحامد والممادح غيرك ،وبي فاقة إليك ل يجبر مسكنتها إل
فضلك ،ول ينعش من خلتها إل منك وجودك ) (1فهب لنا في هذا المقام
رضاك ،وأغننا عن مد اليدي إلى سواك ،إنك على كل شئ قدير- 18 .
جوابه عليه السلم لليهودي :جاء رجل من اليهود إلى أمير المؤمنين علي
عليه السلم فقال :يا أمير المؤمنين متى كان ربنا عزوجل ؟ فقال له عليه
السلم :يا يهودي ]ما كان[ لم يكن ربنا فكان و إنما يقال متى كان لشئ لم
يكن فكان هو كائن بل كينونة كائن لم يزل ليس له قبل ،هو قبل القبل،
وقبل الغاية ،انقطعت عنه الغايات ،فهو غاية كل غاية - 19 .من كتاب
مطالب السؤول ) (2لمحمد بن طلحة :من خطب أمير المؤمنين عليه
السلم ما ذكر بعد انصرافه من صفين :أحمده استتماما لنعمته ،واستسلما
لعزته ،واستعصاما من معصيته ،وأستعينه فاقة إلى كفايته إنه ل يضل من
هداه ،ول يئل من عاداه ،ول يفتقر من كفاه ،فانه أرجح ما وزن )(3
وأفضل ما خزن ،وأشهد أن ل إله إل ال شهادة ممتحنا إخلصها معتقدا
مصاصها ،نتمسك بها أبدا ما أبقانا ،وندخرها لهوال ما يلقانا ،فانه عزيمة
اليمان ،وفاتحة الحسان ،ومرضاة الرحمن ،ومدحرة الشيطان ).(4
وأشهد أن محمد عبده ورسوله ،أرسله بالدين المشهور ،والعلم المأثور ،و
الكتاب المسطور ،والنور الساطع ،والضياء اللمع ،والمر الصادع ،إزاحة
للشبهات واحتجاجا بالبينات ،وتحذيرا باليات ،وتخويفا بالمثلت ،والناس
في فتن انجذم
) (1نعشه :رفعه .والخلة -بالفتح :الفقر .والمن :الحسان (2) .المصدر ص 58
وفى النهج تحت رقم (3) .2وأل يئل :نجى وخلص .والضمير في " انه
" راجع إلى الحمد المفهوم من أحمده -وقد يكون الضمير عائدا ل(4) .
مصاص كل شئ خالصه ،والهاويل جمع الهوال ،ودحره -كمنعه -
طرده وأبعده.
][332
فيها حبل الدين ،وتزعزعت سواري اليقين ،فاختلف النجر ) (1وتشتت المر،
وضاق المخرج ،وعمى الصدر ،فالهدى خامل ،والعمى شامل ،عصي
الرحمن ونصر الشيطان ،وخذل اليمان ،فانهارت دعائمه ،وتنكرت
معالمه ،ودرست سبله وعفت شركه ) (2أطاعوا الشيطان فسلكوا مسالكه
ووردوا مناهله ،بهم سارت أعلمه وقام لواؤه ،في فتن داستهم بأخفافها،
ووطئتهم بأظلفها ،وقامت على سنابكها ) (3فهم فيها تائهون ،حائرون
جاهلون مفتونون ،في خير دار وشر جيران ،نومهم سهود ) (4وكحلهم
دموع ،بأرض عالمها ملجم ،وجاهلها مكرم - 20 .ومنها ) (5أيها الناس
شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة ،وعرجوا عن طريق المنافرة ،وضعوا
تيجان المفاخرة ،أفلح من نهض بجناح ،أو استسلم فأراح ماء آجن ،ولقمة
يغص بها آكلها ،ومجتني الثمرة لغير وقت إيناعها ) (6كالزارع بغير
أرضه .فان أن أقل يقولوا :حرص على الملك ،وإن أسكت يقولوا جزع من
الموت هيهات بعد اللتيا والتي وال لبن أبي طالب آنس بالموت من الطفل
بثدي امه بل
) (1المثلت -بفتح فضم :-العقوبات ،وانجذم أي انقطع ،والسوارى جمع سارية
العمود والدعامة ،وتزعزت أي اضطربت ،والنجر -بفتح النون وسكون
الجيم :-الصل (2) .انهارت أي هوت وسقطت ،وتنكرت أي تغيرت من
حال تسر إلى حال تكره .ودرست كاندرست أي انطمست .والشرك -
بضمتين -جمع شراك وهى الطريق (3) .الظلف جمع ظلف -بالكسر -
للبقر والشاة وشبههما كالخف للبعير ،والقدم للنسان .والسنابك جمع
سنبك -كقنفد -وهو طرف الحافر (4) .السهود عدم النوم وذلك كما
يقال :جوده بخل ،وهكذا بعده (5) .المصدر ص (6) .59عرج عن
الشئ :تركه ،والظاهر أن المعنى فاز من قام في طلب المقصود إذا تهيأ
أسبابه ،ووجد أعوانا ،والجناح عبارة عنها أو انفاد لما يجرى عليه وقعد
عن الطلب رأسا إذا فقد أسبابه ،والمراد بالماء الجن الخلفة والمارة
مطلقا والجن :المتغير الطعم واللون ،ل يستساغ.
][333
) (1اندمج الشئ إذ أدخل في شئ واستحكم فيه ،والرشية جمع رشاء بمعنى الحبل
والطوى :جمع طوية وهى البئر والبعيدة أي العميقة (2) .مطالب السؤول
ص .59والنهج تحت رقم (3) .28المنية :الموت (4) .الظعن :الرحيل.
) (5مطالب السؤول ص .59والنهج تحت رقم (6) .34الغمرة :الشدة
وغمرات الموت شدائده .ويرتج أي يغلق .والحوار :هو مراجعة الكلم.
والعمة :عمى البصيرة .أي ل تهتدون لفهمه .وتتحيرون وتترددون،
والذهول :النيسان لشغل والترك والغيبة عن الرشد.
][334
مألوسة فأنتم ل تعقلون ،ما أنتم لي بثقة سجيس الليالي ،وما أنتم لي بركن يمال
بكم ،ول زوافر عز يفتقر إليكم ) (1ما أنتم إل كابل ضل رعاتها ،فكلما
جمعت من جانب انتشرت من جانب ،لبئس لعمر ال سعر نار الحرب أنتم،
تكادون ول تقتدون ) (2وتنتقص أطرافكم ول تمتعضون ) ،(3ول ينام
عنكم وأنتم في غفلة ساهون ،غلب وال المتخاذلون ،وأيم ال إني لظل
بكم أن لو حمس الوغى ) (4واستحر الموت فقد انفرجتم عن ابن أبي
طالب انفراج الرأس ) (5وال إن امرءا يمكن عدوه من نفسه يعرق لحمه
ويهشم عظمه ،ويفري جلده لعظيم عجزه ،ضغيف قلبه ) ،(6حرج صدره،
أنت ) (7فكن ذاك إن شئت فأما أنا فوال دون أن اعطي ذاك ضرب
بالمشرفية تطير منه فراش الهام ) ،(8وتطيح السواعد والقدام ) (9ويفعل
ال بعد ذلك ما يشاء.
) (1المألوسة :المخلوطة بمس الجنون .وسجيس -بفتح فكسر -كلمة تقال بمعنى
أبدا وأصله من سجس الماء بمعنى تغير وكدر .أي انهم ليسوا بثقاة عنده
يركن إليهم أبدا .وزوافر المجد :أسبابه وأعمدته .ومن البناء ركنه ،ومن
الرجل عشيرته وأنصاره .وقوله " يمال بكم " أي يمال على العدو بعزكم
وقوتكم ،وهو وصف لهم بالضعف والذل (2) .السعر :أصله مصدر "
سعر النار " من باب نفع :-أوقدها أي لبئس ما توقد به الحرب أنتم -
ويقال :ان " سعر " جمع ساعر .وفى النهج " تكادون ول تكيدون ") .
(3امتعض أي غضب (4) .حمس -كفرح -اشتد وصلب .والوغى:
الحرب (5) .مثل لشدة التفرق يعنى أن الرأس إذا انفرج عن الجسد ل
يعود إليه ثانيا (6) .عرق اللحم -كنصر -أكله ولم يبق منه على العظم.
والهشم :الكسر ،وفراه يفريه :مزقه .وفى النهج " ضعيف ما ضمنت
عليه جوانح صدره " (7) .الخطاب في " أنت " عام لكل من مكن عدوه
من نفسه " (8) .أنا " مبتدأ و " ضرب " خبره بمعنى الضارب و "
أعطى " على صيغة المعلوم (9) .أي ل يمكن عدوه من نفسه حتى يكون
دون ذلك ضرب بالمشرفية .وهى السيوف التى تنسب إلى مشارف وهى
قرى من أرض العرب تدنو من الريف .وقيل :ان المشرفية نسبة إلى
موضع في بلد اليمن ل إلى مشارف الشام .وفراش (*) < -
][335
- 23ومن خطبة عليه السلم ) :(1الحمدل وإن أتى الدهر بالخطب الفادح والحدث
الجليل ) (2فانه ل ينجو من الموت من خافه ،ول يعطي البقاء من أحبه،
أل وإن الوفاء توأم الصدق ،ول أعلم جنة أوقى منه ،وما يغدر من علم
كيف المرجع ) (3ولقد أصبحنا في زمان اتخذ أكثر أهل الغدر كيسا ونسبهم
أهل الجهل فيه إلى حسن الحيلة ،ما لهم قاتلهم ال ؟ قد يرى الحول القلب
بوجه الحيلة ،ودونها مانع من أمر ال تعالى ونهيه ) (4فيدعها رأي عين
بعد القدرة عليها ،وينتهز فرصتها من ل حريجة له في الدين )- 24 .(5
ومن كلمه في بعض مواقف صفين ) :(6معاشر المسلمين استشعروا
الخشية ،وتجلببوا السكينة ،وعضوا على النواجذ فانه أنبى للسيوف عن
الهام ) (7وأكملوا اللمة ،وقلقلوا السيوف في أغمادها قبل
< -الهام :العظام الرقيقة التى تلى القحف .وقوله " تطيح السواعد " أي تسقط
وفعله كباع (1) .مطالب السؤول ص (2) .59قولهم :جل الخطب أي
عظم المر والشأن .والفادح :الثقيل .والحدث :المر الحادث المنكر(3) .
المرجع اما مصدر أي علم كيف الرجوع إلى ال ،أو اسم مكان أي علم
بكيفية المعاد (4) .رجل حول قلب -بضم الول وتشديد الثاني من
اللفظين :-أي بصير بتحويل المور وتقليبها قد يرى وجه الحيلة في
بلوغ مراده لكن يجد دون الوصول بمراده مانعا من أمر ال ونهيه ،فيدع
الحيلة وهو قادر عليها وتركها خوفا من عقاب ال سبحانه (5) .النتهاز
اغتنام الفرصة والحريجة -بالحاء المهملة :-التحرج أي التحرز من
الثم (6) .المصدر ص (7) .51استشعر :لبس الشعار ،وهو ما يلى
البدن من الثياب ،والجلباب ما تغطى به المرأة ثيابها من فوق .والنواجذ
جمع الناجذ وهو أقص الضراس والهام :الرأس (1) .اللمة -بفتح اللم
والهمزة الساكنة -الدرع واكمالها أن يراد عليها البيضة < -
][336
سلها والحظوا الخزر ،واطعنوا الشزر ،ونافحوا بالظبى ،وصلوا السيوف بالخطا ،و
اعلمو أنكم يعين ال تعالى ) (1ومع ابن عم رسول ال صلى ال عليه وآله
فعاودوا الكر واستحيوا من الفر ،فانه عار في العقاب ،ونار يوم الحساب،
وطيبوا عن أنفسكم نفسا ،و امشوا إلى الموت مشيا سجحا ) ،(2وعليكم
بهذا السواد العظم والرواق المطنب فاضربوا ثبجه ،فان الشيطان كامن
في كسره ،قد قدم للوثبة يدا ،وأخر للنكوص رجل ،فصمدا صمدا حتى
ينجلي لكم عمود الحق وأنتم العلون وال معكم ولن يتركم أعمالكم ).(3
- 25ومن كلمه في خطبة ) (4رحم ال امرءا تبع حكما فوعى ،ودعي
إلى رشاد فدنا ،وأخذ بحجزة )(5
< -ونحوها وقد يراد بها آلت الحرب والدفاع واكمالها استيفاؤها .وفائدة القلقلة
التحرز من عدم خروجها حالة الحاجة .والخزر -محركة :النظر بلحظ
العين .والشرر -بالفتح الطعن عن اليمين والشمال .والمنافجة:
المضاربة والمدافعة .والظبى -بالضم :جمع ظبة -بالضم أيضا -وهى
طرف السيف وحده .و " صلوا " من الوصل ،أي اجعلوا سيوفكم متصلة
بخطا أعدائكم .أو إذا قصرت سيوفكم عن الوصول إلى أعدائكم فصلوها
بخطاكم .وقوله " بعين ال " أي ملحوظون بها " (2) .طيبوا عن
أنفسكم نفسا " أي ارضوا ببذلها فكم تبذلونها اليوم لتحروزها غدا
والسجح -بضمتين وتقديم المعجمة :-السهل (3) .والرواق ككتاب
الفسطاط ،والمطنب :المشدود بالطناب .وثبج الشئ -بالتحريك -وسطه.
والكسر -بكسر الكاف -شقه السفل -وكمن -كنصر -أي استخفى،
والمراد بالسواد العظم أهل الشام وبالرواق المطنب معاوية نفسه،
والشيطان الكامن لعله عمرو بن العاص .وقوله فصمدا صمدا أي فاثبتوا
على قصدكم ،والصمد :القصد .ولن يتركم أي ل ينقصكم شيئا(4) .
مطالب السؤول ص (5) .59الحجزة -بالضم :-موضع شد الزار.
ومعقده ومن السراويل موضع التكة و المراد القتداء والتمسك.
][337
هاد فنجا ،وراقب ربه ،وخاف ذنبه ،وقدم خالصا ،واكتسب مذخورا ) (1واجتنب
محذورا ،ورمى غرضا ) (2وأحرز عوضا ،وكابر هواه ) ،(3وكذب مناه
وجعل الصبر عطية نجاته ،والتقوى عدة وفاته ،وركب الطريقة الغراء،
ولزم المحجة البيضاء ،واغتنم المهل ) (4وبادر الجل ،وتزود من العمل
قبل انقطاع المل - 26 .ومن خطبه عليه السلم (5) :يوبخ أهل الكوفة
وقد تثاقلوا في الخروج إلى الخوارج معه :أيتها الفئة المجتمعة أبدانهم
المتفرقة أديانهم إنه وال ما غرت دعوة من دعاكم ،ول استراح قلب من
قاساكم ) (6كلمكم يوهن الصم الصلب ،وفعلكم يطمع فيكم عدوكم
المرتاب ،إذا دعوتكم إلى أمر فيه صلحكم والذب عن حريمكم اعتراكم
الفشل وجئتم بالعلل ،ثم قلتم :كيت وكيت وذيت وذيت أعاليل بأضاليل
وأقوال الباطيل ثم سألتموني التأخير ،دفاع ذي الدين المطول ) (7هيهات
هيهات إنه ل يدفع الضيم -
) (1أي عمل بما افترض ال عليه ويذخر ثوابه ليوم حاجته (2) .أي قصد إلى
الحق فأصابه (3) .كابره :غالبه وخالفه ،والمكابرة :المغالبة(4) .
الغراء :النيرة الواضحة ،والمحجة :جادة الطريق ومعظمه والمراد سبيل
الحق ومنهج العدل .والمهل هنا بمعنى مدة الحياة مع العافية (5) .روى
أن هذه الخطبة خطبها أمير المؤمنين عند اغارة الضحاك بن قيس بعد
قصة الحكمين وعزمه على المسير إلى قتال معاوية (6) .قاساه -مقاساة
-اللم :كابده وعالج شدته " (7) .كيت وكيت " يكنى بهما عن الحديث
والخبر ،يقول فلن كيت وكيت .و هكذا ذيت وذيت كناية عن الحديث
والفعل .وقوله " أعاليل بأضاليل " خبر مبتدأ محذوف أي وإذا دعوتكم
إلى القتال تعللتم بأعاليل هي باطلة ضلل عن سبيل ال .والمطول تطويل
الموعد والمطل فيه ،والكثير المطل -بالفتح -وهو التسويف بالعدة أي
دفاعكم كدفاعه.
][338
الذل ) (1ول يدرك الحق إل بالجد ،فخبروني يا أهل العراق مع أي إمام بعدي
تقاتلون أم أية دار تمنعون ،الذليل وال من نصرتموه ،والمغرور من
غررتموه وأصبحت ول أطمع في نصركم ،ول أصدق قولكم ،فرق ال بيني
وبينكم وأبدلكم بي غيري وأبدلني بكم من هو خير لي منكم ،أما إنه
ستلقون بعدي ذل شامل وسيوفا قاطعة ،وأثرة قبيحة ،يتخذها الظالمون
عليكم سنة .فتبكي عيونكم ،ويدخل الفقر بيوتكم وقلوبكم ،وتتمنون في
بعض حالتكم إنكم رأيتموني فنصرتموني ،و أرقتم دماءكم دوني فل يبعد
ال إل من ظلم .يا أهل الكوفة أعظكم فل تتعظون ،وأوقظكم فل تستيقظون
إن من فاز بكم فقد فاز بالخيبة ،ومن رمى بكم فقد رمى بأفوق ناصل ،اف
لكم لقد لقيت منكم ترحا ) (2يوما اناديكم ويوما اداجيكم ) (3فل أحرار عند
النداء ول ثبتة عند المصائب فيال ماذا منيت به منكم ) (4لقد منيت بصم
ل يسمعون وكمه ل يبصرون ،وبهم ل يعقلون ،أما وال لو أني حين
أمرتكم بأمري حملتكم على المكروه مني فإذا استقمتم هديتم وإن أبيتم
بدأت بكم لكانت الزلفي ولكني تواخيت لكم وتوانيت عنكم وتماديت في
غفلتكم فكنت أنا وأنتم كما قال الول :أمرتهم بأمري بمنعرج اللوى * فلم
تستبينوا الرشد إل ضحى الغد )(5
) (1كذا ،والضيم :الظلم -وفى النهج وأمالى الشيخ ج 1ص " 183ول يدفع
الضيم الذليل " .وهو الصوب (2) .الفوق من السهام :المكسور الفوق.
والفوق موضع الوتر من السهم .والناصل :العارى عن النصل ول يخفى
طيش السهم الذى ل فوق له ول نصل فانه ل يكاد يتجاوز عن القوس،
أي من رمى بهم فكأنما رمى بسهم ل يثبت في الوتر حتى يرمى ،وان
رمى به لم يصب مقتل إذا ل نصل له .والترح :ضد الفرح (3) .أي
اداريكم .وفى النهج " اناجيكم " (4) .منيت أي بليت (5) .البيت من
قصيدة دريد بن الصمة .ومنعرج اللوى اسم مكان ،وأصل اللوى من
الرمل :الجدد بعد الرملة .ومنعرجه :منعطفه يمنة ويسرة.
][339
اللهم إن دجلة والفرات نهران أصمان أبكمان فأرسل عليهم ماء بحرك ،و انزع
عنهم ماء نصرك ،حبذا إخواني الصالحين ،إن دعوا إلى السلم قبلوه،
وقرؤا القرآن فأحكموه ،وندبوا إلى الجهاد فطلبوه ،فحقيق لهم الثناء
الحسن ،واشوقاه إلى تلك الوجوه ،ثم ذرفت عيناه ونزل عن المنبر ،وقال:
إنا ل وإنا إليه راجعون إلى ما صرت إليه ،صرت إلى قوم إن أمرتهم
خالفوني وإن اتبعتهم تفرقوا عني جعل ال لي منهم فرجا عاجل .ثم دخل
منزله فجاءه رجل من أصحابه فقال :يا أمير المؤمنين إن الناس قد ندموا
على تثبطهم وقعودهم وعلموا أن الحظ في إجابتك لهم ،فعاودهم في
الخطبة فلما أصبح من الغد دخل المسجد العظم ونودي في الناس
فاجتمعوا فلما غص المسجد بالناس صعد المنبر وخطب هذه الخطبة- 27 .
فقال بعد أن حمد ال تعالى :أيها الناس أل ترون إلى أطرافكم قد انتقصت
وإلى بلدكم تغرى ،وأنتم ذو عدد جم وشوكة شديدة ،فما بالكم اليوم ل
أبوكم من أين تؤتون ومن أين تسخرون ،وأنى تؤفكون ،انتبهوا رحكم ال
وتحركوا لحرب عدوكم فقد أبدت الرغوة عن الصريخ لذي عينين وقد
أضاء الصبح لذي عشاء فاسمعوا قولي هداكم ال إذا قلت ،وأطيعوا أمري
إذا أمرت فوال لئن أطعتموني لن تغووا ،وإن عصيتموني لن ترشدوا،
خذوا للحرب اهبتها ) (1وأعدوا لها عدتها ،واخرجوا لها فقد شبت
وأوقدت نارها ،وتحرك لكم الفاسقون لكي يطفئوا نور ال ويغزوا عباد
ال ،فوال أن لو لقيتم وحدي وهم أضعاف ما هم عليه لما كنت بالذي
أهابهم ،ول أستوحش ]منهم و[ من قتالهم ،فإني من ضللتهم التي هم
عليها والحق الذي ]أنا عليه لعلى بصيرة ويقين ،وإني إلى لقاء ربي
لمشتاق ،وبحسن ثوابه لمنتظر ،وهذا القلب الذي ألقاهم به هو القلب
الذي[ لقيت به الكفار مع رسول ال صلى ال عليه وآله ،وهو القلب الذي
لقيت به أهل الجمل وأهل صفين ليلة الهرير فإذا أنا نفرتكم فانفروا خفافا
وثقال ،وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل ال
][340
ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ،اللهم اجعلنا وإياهم على الهدى وجنبا وإياهم
البلوى ،واجعل الخرة لناولهم خيرا من الولى ،فلما فرغ من كلمه أجابه
الناس سراعا ،فخرج بهم إلى الخوارج - 28 .ونقل :أن جماعة حضروا
لديه وتذاكروا فضل الخط وما فيه فقالوا :ليس في الكلم أكثر من اللف
ويتعذر النطق بدونها فقال لهم في الحال هذه الخطبة من غير سابق فكرة
ول تقدم روية ،وسردها وليس فيها ألف .حمدت من عظمت منته ،وسبغت
نعمته ،وتمت كلمته ،ونفذت مشيته ،و بلغت حجته ،وعدلت قضيته،
وسبقت غضبه رحمته ،حمدته حمد مقر بربوبيته متخضع لعبوديته،
متنصل من خطيئته ،معترف بتوحيده ،مستعيذ من وعيده مؤمل من ربه
مغفرة تنجيه ،يوم يشغل كل عن فصيلته وبنيه ،ونستعينه ونسترشده
ونؤمن به ونتوكل عليه ،وشهدت له شهود عبد مخلص موقن ،وفردته
تفريد مؤمن متيقن ،ووحدته توحيد عبد مذعن ،ليس له شريك في ملكه،
ولم يكن له ولي في صنعه ،جل عن مشير ووزير ) (1وعون ومعين
ونظير ،علم فستر ،وبطن فخبر ،وملك فقهر ،وعصي فغفر ،وعبد فشكر،
وحكم فعدل ،وتكرم وتفضل ،لن يزول ،ولم يزل ،ليس كمثله شئ ،وهو قبل
كل شئ ،وبعد كل شئ ،رب متفرد بعزته متمكن بقوته ،متقدس بعلوه،
متكبر بسموه ،ليس يدركه بصر ،ولم يحط به نظر ،قوي منيع بصير سميع
) (2رؤوف رحيم ،عجز عن وصفه من وصفه ،وضل عن نعته من عرفه،
قرب فبعد ،وبعد فقرب ،يجيب دعوة من يدعوه ويرزقه و يحبوه ،ذو لطف
خفي ،وبطش قوي ،ورحمة موسعة ،وعقوبة موجعه ،رحمته جنة
عريضة مونقة ،وعقوبته جحيم ممدودة موبقة ،وشهدت ببعث محمد عبده
ورسوله ونبيه وصفيه وحبيبه وخليله ،بعثه في خير عصر وحين فترة
وكفر ،رحمة لعبيده ومنة لمزيده ،ختم به نبوته ،ووضحت به حجته،
فوعظ ونصح وبلغ وكدح ،رؤوف
) (1وفى " كف " أي مصباح الكفعمي " وتنزه عن مثل -خ ل " (2) .زاد في كف
" على حكيم ".
][341
بكل مؤمن ،رحيم سخي رضي ولي زكي ،عليه رحمة وتسليم ،وبركة وتعظيم
وتكريم ،من رب غفور رحيم ،قريب مجيب حليم .وصيتكم معشر من حضر
بوصية ربكم وذكرتكم سنة نبيكم ،فعليكم برهبة تسكن قلوبكم ،وخشية
تدري دموعكم ،وتقية تنجيكم قبل يوم يذهلكم و يبتليكم .يوم يفوز فيه من
ثقل وزن حسنته ،وخف وزن سيئته ،وعليكم بمسألة ) (1ذل وخضوع،
وتملق وخشوع ،وتوبة ونزوع وليغنم كل ) (2منكم صحته قبل سقمه
وشيبته قبل هرمه ،وسعته قبل فقره ) (3وفرغته قبل شغله ،وحضره قبل
سفره ،و حياته قبل ]موته ،قبل[ يهن ويهرم ،ويمرض ويسقم ،ويمله
طبيبه ،ويعرض عنه حبيبه ،وينقطع عمره ،ويتغير عقله .ثم قيل :هو
موعوك وجسمه منهوك ،ثم جد في نزع شديد ،وحضره كل قريب وبعيد،
فشخص ببصره ،وطمح بنظره ،ورشح جبينه وخطفت عرينه ،وجدبت
نفسه وبكت عرسه ،وحضر رمسه ،ويتم منه ولده ،وتفرق عنه عدده،
وفصم جمعه ،و ذهب بصره وسمعه ،وجرد وغسل ،وعري ونشف
وسجى ،وبسط له وهيئ ،ونشر عليه كفنه ) (4وشد منه ذقنه ،وحمل فوق
سرير ،وصلى عليه بتكبير بغير سجود وتعفير ونقل من دور مزخرفة،
وقصور مشيدة ،وفرش منجدة ) (5فجعل في ضريح ملحود ضيق
مرصود ،بلبن منضود ،مسقف بجلمود ،وهيل عليه عفره ،وحشى مدره،
وتحقق حذره ،ونسي خبره ،ورجع عنه وليه ونديمه ونسيبه وحميمه،
وتبدل به قرينه وحبيبه ،فهو حشو قبر ،ورهين حشر ،يدب في جسمه دود
قبره ،ويسيل صديده من
) (1في بعض نسخ المصدر " ولتكن مسئلتكم مسألة " (2) .زاد في كف " وندم
ورجوع ،وليغتنم كل مغتنم " (3) .في كف " عدمه وخلوته قبل فقره ".
) (4زاد في كف " وقمص وعمم ولف وودع وسلم " (5) .زاد في كف
" وحجر منضدة ".
][342
منخره ،وتسحق تربته لحمه ،وينشف دمه ،ويرم عظمه ،حتى يوم حشره فينشره
من قبره ،وينفخ في صور ،ويدعى لحشر ونشور ،فثم بعثرت قبور،
وحصلت سريرة ]في[ صدور .وجئ بكل نبي وصديق وشهيد ومنطيق،
وقعد لفصل حكمه قدير ) ،(1بعبده خبير بصير ،فكم حسرة تضنيه ) (2في
موقف مهيل ،ومشهد جليل ،بين يدي ملك عظيم بكل صغيرة وكبيرة عليم،
فحينئذ يلجمه عرقه ،ويخفره قلقه ،فعبرته غير مرحومة وصرخته غير
مسموعة ) (3وبرزت صحيفته ،وتبينت جريرته ،فنظر في سوء عمله )(4
وشهدت عينه بنظره ،ويده ببطشه ،ورجله بخطوه ،وجلده بلمسه ،وفرجه
بمسه ،و يهدده منكر ونكير ،وكشف له حيث يصير ،فسلسل جيده ،وغلت
يده ،فسيق يسحب وحده .فورد جهنم بكره شديد ،وظل يعذب في جحيم،
ويسقى شربة من حميم ،تشوي وجهه وتسلخ جلده ) (5يستغيث فيعرض
عنه خزنة جهنم ،ويستصرخ فيلبث حقبه بندم ،نعوذ برب قدير من شر كل
مصير ،ونسأله عفو من رضي عنه ،ومغفرة من قبل منه وهو ولي
مسألتي ،ومنجح طلبتي ،فمن زحزح عن تعذيب ربه جعل في جنته بقربه
وخلد في قصور ) (6ونعمه ،وملك بحور عين وحفدة ،وتقلب في نعيم
وسقى من تسنيم ) (7مختوم بمسك وعنبر ) (8يشرب من خمر معذوب
شربه ،ليس ينزف لبه.
) (1في بعض نسخ المصدر " قعد وتولى لفصل حكمه عند رب قدير " (2) .أي
تهزله وتضعفه ،وفى بعض نسخ المصدر " فكم زمرة تغنيه " (3) .زاد
في كف " وحجته مقبولة " (4) .زاد في كف " فنطق كل عضو بسوء
عمله " (5) .زاد في كف " يضرب زبينه بمقمع من حديد يعود جلده بعد
نضجه بجلد جديد " والزبينة :الشرطي (6) .زاد في كف " وطيف عليه
بكؤوس وسكن حضيرة مشيدة ومكن فردوس " (7) .زاد في كف "
ويشرب من عين سلسبيل ،ممزوجة بزنجبيل " (8) .زاد في كف "
مستديم للحبور مستشعر للسرور يشرب من خمور في روض مشرق < -
][343
هذه منزلة من خشي ربه وحذر نفسه ،وتلك عقوبة من عصى منشئه ،وسولت له
نفسه معصية مبدئه ،لهو ذلك قول فصل ،وحكم عدل ،خير قصص قص،
ووعظ به و نص ،تنزيل من حكيم حميد ) .(1أقول :وهذه الخطبة قد نقلها
الكفعمي في كتاب المصباح ولكن مع اختلف شديد ولذلك قد تعرضنا لتلك
الختلفات في الهامش - 29 .كا :من الروضة ) (2عن أحمد بن محمد
الكوفي ،عن جعفر بن عبد ال المحمدي عن أبي روح فرج بن قرة ،عن
جعفر بن عبد ال ،عن مسعدة بن صدقة ،عن أبي عبد ال عليه السلم
قال :خطب أمير المؤمنين عليه السلم بالمدينة فحمد ال وأثنى عليه
وصلى على النبي وآله .ثم قال :أما بعد فإن ال تبارك وتعالى لم يقصم
جباري دهر إل من بعد تمهيل ورخاء ،ولم يجبر كسر عظم من المم إل
بعد أزل وبلء ) (3أيها الناس في دون ما استقبلتم من عطب واستدبرتم
من خطب معتبر ) (4وما كل ذي قلب بلبيب ول كل ذي سمع بسميع ،ول
كل ذي ناظر عين ببصير ،عباد ال أحسنوا فيما يعنيكم ) (5النظر فيه ثم
انظروا إلى عرصات من قد أقاده ال بعلمه ) (6كانوا على سنة من
< -مغدق ليس يصدع من شربه " .والحبور :السرور (1) .زاد في كف " نزل به
روح قدس مبين على نبى مهتد مكين صلت عليه رسل سفرة مكرمون
بررة ،عذت برب رحيم من شر كل رجيم فيتضرع متضرعكم وليبتهل
مبتهلكم فنستغفر رب كل مربوب لى ولكم " (2) .ص 63تحت رقم .22
) (3الزل :الشدة والضيق (4) .الخطب الشأن والمر .وفى بعض نسخ
المصدر " .ما استقبلتم من خطب واستدبرتم من خطب " (5) .أي فيما
يهمكم .وفى بعض النسخ باعجام الغين وهو تصحيف (6) .من القود
فانهم قد أصابوا دماء بغير حق.
][344
آل فرعون ،أهل جنات وعيون وزروع ومقام كريم ،ثم انظروا بما ختم ال لهم بعد
النضرة والسرور والمر والنهي ،ولمن صبر منكم العاقبة في الجنان وال
مخلدون ول عاقبة المور .فيا عجبا ومالي ل أعجب من خطأ هذه الفرق
على اختلف حججها في دينها ل يقتفون ) (1أثر نبي ،ول يقتدون بعمل
وصي ،ول يؤمنون بغيب ،ول يعفون عن عيب المعروف فيهم ما عرفوا،
والمنكر عندهم ما أنكروا ،وكل امرء منهم إمام نفسه أخذ منها فيما يرى
بعرى وثيقات وأسباب محكمات ،فل يزالون بجور ولم يزدادوا إل خطأ ،ل
ينالون تقربا ،ولن يزدادوا إل بعدا من ال عزوجل ،انس بعضهم ببعض
وتصديق بعضهم لبعض ،كل ذلك وحشة مما ورث النبي المي ،ونفورا
مما أدى إليهم من أخبار فاطر السماوات والرض ،أهل حسرات وكهوف
شبهات ،وأهل عشوات وضللة وريبة ) ،(2من وكله ال إلى نفسه ورأيه
فهو مأمون عند من يجهله غير المتهم عند من ل يعرفه ،فما أشبه هؤلء
بأنعام قد غاب عنها رعاؤها ،وواأسفا من فعلت شيعتي من بعد قرب
مودتها اليوم كيف يستذل بعدي بعضها بعضا ،وكيف يقتل بعضها بعضا،
المتشتت غدا عن الصل النازلة بالفرع ،المؤملة الفتح من غير جهته كل
حزب منهم آخذ ]منه[ بغصن أينما مال الغصن مال معه ،مع أن ال وله
الحمد سيجمع هؤلء لشر يوم لبني امية كما يجمع قزع الخريف ) (3يؤلف
ال بينهم ،ثم
) (1في بعض النسخ " ل يقتصون " وهو بمعناه (2) .في بعض نسخ المصدر "
أهل خسران وكفر وشبهات " .والعشوة -بالتثليث :-ركوب المر على
غير بيان (3) .القزع -بالقاف والزاى ثم العين المهملة :-قطع السحاب
المتفرقة وانما خص الخريف لنه أول الشتاء والسحاب يكون فيه متفرقا
غير متراكم ول مطبق ثم يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك كما في النهاية.
][345
يجعلهم ركاما كركام السحاب ) ،(1ثم يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستثارهم )(2
كسيل الجنتين سيل العرم حيث بعث عليه فارة فلم تثبت عليه أكمة ،ولم
يرد سننه رض طود ،يذعذعهم ال في بطون أودية ،ثم يسلكهم ينابيع في
الرض ،يأخذ بهم من قوم حقوق قوم ،ويمكن بهم قوما في ديار قوم
تشريدا لبني امية ) (3ولكيل يغتصبوا ما غصبوا ،يضعضع ال بهم ركنا،
وينقض بهم طي الجنادل من إرم ويمل منهم بطنان الزيتون ) (4فوالذي
فلق الحبة وبرئ النسمة ليكونن ذلك وكأني
) (1الركام :المراكب بعضه فوق بعض ونسبة هذا التأليف إليه تعالى مع أنه لم يكن
برضاه على سبيل المجاز تشبيها لعدم منعهم عن ذلك وتمكينهم من
أسبابه وتركهم واختيارهم بتأليفهم وحثهم عليه ونظير هذا كثير في
اليات والخبار (2) .أي محل انبعاثهم وتهييجهم وكانه أشار عليه السلم
بذلك إلى فتن أبى مسلم المروزى واستئصالهم لبنى امية وانما شبههم
بسيل العرم لتخريبهم البلد وأهلها الذين كانوا في خفض ودعة ،واريد
بالجنتين جماعتان من البساتين جماعة عن يمين بلدتهم وجماعة عن
شمالها روى أنها كانت أخصب البلد واطيبها ،لم تكن فيها عاهة ول
هامة .وفسر العرم تارة بالصعب واخرى بالمطر الشديد واخرى بالجرذ
واخرى بالوادي واخرى بالحباس التى تبنى في الودية .ومنه قيل :انه
اصطرخ أهل سبأ ،قيل :انما اضيف السيل إلى الجرذ لنه نقب عليهم سدا
ضربته لهم بلقيس فحقنت به الماء وتركت فيه ثقبا على مقدار ما
يحتاجون إليه أو المسناة التى عقدت سدا على أنه جمع عرمة وهى
الحجارة المركومة وكان ذلك بين عيسى ومحمد صلى ال عليه وآله
وعليه) .الوافى( ) (3الكمة :التل .والرض :الدق الجريش .والطود:
الجبل .وفى بعض النسخ " رص طود " بالصاد المهملة فيكون بمعنى
اللزاق والضم والشد ولعله الصواب والمجرور في " سننه " يرجع إلى
السيل أو إلى ال تعالى .والذعذعة -بالذالين المعجمتين والعينين
المهملتين التفريق .والتشريد :التنفير .وفى بعض النسخ " يدغدغهم ".
) (4التضعضع :الهدم .والجنادل جمع جندل وهو الصخر العظيم أي
ينقص ال ويكسر بهم البنيان التى طويت وبنيت بالجنادل والحجار من
بلد ارم وهى دمشق والشام إذ كان < -
][346
أسمع صهيل خيلهم ،وطمطمة رجالهم ) (1وأيم ال ليذوبن ما في أيديهم بعد العلو
والتمكين في البلد كما تذوب اللية على النار ) .(2من مات منهم مات
ضال ،وإلى ال عزوجل يفضي منهم من درج ) (3و يتوب ال عزوجل
على من تاب .ولعل ال يجمع شيعتي بعد التشتت لشر يوم لهؤلء وليس
لحد على ال عز ذكره الخيرة بل ل الخيرة والمر جميعا .أيها الناس إن
المنتحلين للمامة من غير أهلها كثير ولو لم تتخاذلوا عن مر الحق ولم
تهنوا عن توهين الباطل لم يتشجع ) (4عليكم من ليس مثلكم ،ولم يقومن
قوي عليكم على هضم الطاعة وإزوائها عن أهلها ) (5لكن تهتم كما تاهت
بنو إسرائيل على عهد موسى ]بن عمران[ ولعمري ليضاعفن عليكم التيه
من بعدي أضعاف ما تأهت بنو إسرائيل .ولعمري أن لو قد استكملتم من
بعدي مدة سلطان بني امية لقد اجتمعتم على سلطان الداعي إلى الضللة
وأحييتم الباطل وخلفتم الحق وراء ظهوركم ،و قطعتم الدنى من أهل بدر،
ووصلتم البعد من أبناء الحرب لرسول ال صلى ال عليه وآله ،و لعمري
أن لو قد ذاب ما في أيديهم لدنا التمحيص للجزاء ،وقرب الوعد ،وانقضت
المدة ،وبدا لكم النجم ذو الذنب من قبل المشرق ،ولح لكم القمر المنير،
فإذا كان ذلك فراجعوا التوبة.
< -مستقر ملكهم في أكثر الزمان تلك البلد لسيما زمانه صلى ال عليه وآله "
قاله المؤلف -رحمه ال " :-والمراد بالزيتون مسجد دمشق أو جبال
الشام أو بلد بالصين كما في القاموس (1) .الصهيل -كامير :-صوت
الفرس .والطمطمة في الكلم أن يكون فيه عجمة (2) .اللية :الشحمة) .
(3أي يرجع من مات .وفى بعض نسخ المصدر " يقضى " بالقاف
بمعنى القضاء والمحاكمة (4) .في بعض نسخ المصدر " يتخشع "(5) .
الزواء :الصرف.
][347
واعلموا أنكم إن اتبعتم طالع المشرق سلك بكم مناهج الرسول صلى ال عليه وآله
فتداويتم من العمى والصمم والبكم ،وكفيتم مؤونة الطلب والتعسف ،ونبذتم
الثقل الفادح عن العناق ) (1ول يبعد ال إل من أبى وظلم واعتسف،
وأخذ ما ليس له وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون - 30 .كا :من
الروضة ) ،(2عن علي بن الحسين المؤدب وغيره ،عن أحمد ابن محمد
بن خالد ،عن إسماعيل بن مهران ،عن عبد ال بن أبي الحارث الهمداني،
عن جابر ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :خطب أمير المؤمنين عليه
السلم فقال :الحمد ل الخافض الرافع ،الضار النافع ،الجواد الواسع،
الجليل ثناؤه الصادقة أسماؤه ،المحيط بالغيوب وما يخطر على القلوب،
الذي جعل الموت بين خلقه عدل وأنعم بالحياة عليهم فضل فأحيا وأمات
وقدر القوات ،أحكمها بعلمه تقديرا ،وأتقنها بحكمته تدبيرا ،إنه كان خبيرا
بصيرا ،هو الدائم بل فناء ،والباقي إلى غير منتهى ،يعلم ما في الرض
وما في السماء وما بينهما وما تحت الثرى .أحمده بخالص حمده،
المخزون بما حمده به الملئكة والنبيون ،حمدا ل يحصى له عدد ،ول
يتقدمه أمد ) (3ول يأتي بمثله أحد أو من به ،وأتوكل عليه وأستهديه
وأستكفيه وأستقصيه بخير وأسترضيه ) .(4وأشهد أن ل إله إل ال وحده
ل شريك له ،وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
) (1يقال :فدحه الدين أي أثقلة .أي طريق الديون المثقلة ومظالم العباد واطاعة
أهل الجور وظلمهم عليكم عن أعناقكم )منه( (2) .ص 170تحت رقم
(3) .193في بعض النسخ " أحد " أي بالتقدم الزمانى بأن يكون حمده
أحد قبل ذلك ،أو بالتقدم المعنوي بان يحمد أفضل منه .والمد :الغاية) .
(4استقصيه -بالصاد المهملة -من قولهم استقصى في المسألة وتقصى
إذا بلغ الغاية وبالضاد المعجمة كما في بعض نسخ المصدر من قولهم:
استقضى فلن أي طلب إليه أن يقضيه وقوله " بخير " بسبب طلب
الخير.
][348
أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ،صلى ال
عليه وآله .أيها الناس إن الدنيا ليست لكم بدار ول قرار ،إنما أنتم فيها
كركب عرسوا فأناخوا ) (1ثم استقلوا فغدوا وراحوا ،دخلوا خفافا وراحوا
خفافا ) (2لم يجدوا عن مضي نزوعا ) (3ول إلى ما تركوا رجوعا ،جد
بهم فجدوا ،وركنوا إلى الدنيا فما استعدوا حتى إذا اخذ بكظمهم وخلصوا
إلي دار قوم جفت أقلمهم ) (4لم يبق من أكثرهم خبر ول أثر ،قل في
الدنيا لبثهم ،وعجل إلى الخرة بعثهم فأصبحتم حلول في ديارهم ،ظاعنين
على آثارهم ،والمطايا بكم تسير سيرا ،ما فيه أين ول تفتير ،نهاركم
بأنفسكم دؤوب ،وليلكم بأرواحكم ذهوب ) (5فأصبحتم تحكون من حالهم
حال ،وتحتذون من مسلكهم مثال ) (6فل تغرنكم الحياة الدنيا فانما أنتم
فيها سفر حلول ) (7الموت بكم نزول ،تنتضل فيكم مناياه ) (8وتمضي
بأخباركم
) (1الركب جمع راكب .والتعريس :نزول القوم في السفر في آخر الليل نزلة للنوم
والستراحة .أناخوا أي أقاموا .و " استقلوا " أي مضوا وارتحلوا(2) .
أي دخلوا في الدنيا عند ولدتهم خفافا بلزاد ول مال وراحوا عند الموت
كذلك ويحتمل أن يكون كناية عن السراع (3) .نزع عن الشئ نزوعا:
كف وقلع عنه أي لم يقدروا على الكف عن المضى والظرفان متعلقان
بالنزوع والرجوع (4) .أي جفت اقلم الناس عن كتابة آثارهم لبعد
عهدهم ومحو ذكرهم " (5) .حلول " جمع حال .و " ظاعنين " أي
سائرين .والين :العياء " ول تفتير " أي ليست تلك الحركة موجبة
لفتور تلك المطايا فتسكن عن السير زمانا .و " نهاركم بانفسكم دؤوب "
أي نهاركم يسرع ويجد ويتعب بسبب أنفسكم ليذهبها .ويحتمل أن يكون
الباء للتعدية أي نهاركم يتعبكم في أعمالكم وحركاتكم وذلك سبب لفناء
أجسادكم " (6) .تحكون " أي أحوالكم تحكى وتخبر عن أحوالهم.
والحتذاء :القتداء (7) .هما جمعان أي مسافرون حللتم بالدنيا .والنزول
-بفتح النون -أي نازل (8) .النتضال :رمى السهام للسبق .والمنايا
جمع المنية وهى الموت ولعل الضمير < -
][349
مطاياه إلى دار الثواب والعقاب والجزاء والحساب .فرحم ال امرءا راقب ربه،
وتنكب ذنبه ) (1وكابر هواه ،وكذب مناه ،امرء أزم نفسه من التقوى
بزمام ،وألجمها من خشية ربها بلجام ،فقادها إلى الطاعة بزمامها،
وقدعها عن المعصية بلجامها ) (2رافعا إلى المعاد طرفه ) (3متوقعا في
كل أوان حتفه ) (4دايم الفكر ،طويل السهر ،عزوفا عن الدنيا ،سأما
كدوحا لخرته متحافظا ) (5امرءا جعل الصبر مطية نجاته ،والتقوى عدة
وفاته ،ودواء أجوائه فاعتبر وقاس ،وترك الدنيا والناس ،يتعلم للتفقة
والسداد ،وقد وقر قلبه ذكر المعاد وطوى مهاده ) (6وهجر وساده،
منتصبا على أطرافه ،داخل في أعطافه ،خاشعا ل عزوجل ،يراوح بين
الوجه والكفين ) (7خشوع في السر لربه ،لدمعه صبيب ولقلبه وجيب )(8
شديدة أسباله ،ترتعد من خوف ال جل ذكره أوصاله ) (9قد عظمت
< -راجع إلى الدنيا بتأويل الدهر أو بتشبيهها بالرجل الرامى أي ترمى اليكم المنايا
في الدنيا سهاما فتهلككم والسهام المراض والبليا الموجبة للموت
ويحتمل أن يكون فاعل تنتضل الضمير الراجع إلى الدنيا ويكون المرمى
المنايا والول أظهر )منه( (1) .تنكب أي تجنب .وكابر أي خالف وغالب.
وفى بعض نسخ المصدر " كابد " أي قاساه وتحمل المشاق في فعله) .
(2قدعه كمنعه :-كفه .وفى بعض نسخ المصدر " وقرعها "(3) .
طرفه أي عينه (4) .الحتف :الموت (5) .عزفت عن كذا أي زهدت فيه
وانصرفت عنه .سأما أي ملول .والكدح :السعي والهتمام (6) .الجوى:
الحرقة من وجد أو حزن .و " طوى مهاده " أي على اقدامه(7) .
أعطاف جمع عطاف وهو الرداء " .يراوح " أي يضع جبهته تارة
للسجود ويرفع بدنه تارة في الدعاء ففى اعمال كل واحد منهما راحة
للخرى (8) .أي هو صاب كثير الصب لدمعه .ولقلبه وجيب أي
اضطراب .واسبال جمع سبل -بالتحريك -المطر والدمع إذا هطل(9) .
الوصال :المفاصل.
][350
فيما عند ال رغبته ،واشتدت منه رهبته ،راضيا بالكفاف من أمره ) (1يظهر دون
ما يكتم ،ويكتفي بأقل مما يعلم .أولئك ودايع ال في بلده ،المدفوع بهم
عن عباده ،لو أقسم أحدهم على ال جل ذكره وتعالى لبره ،أو دعا على
أحد نصره ال ،يسمع إذا ناجاه ،ويستجيب له إذا دعاه ،جعل ال العاقبة
للتقوى ،والجنة لهلها مأوى ،دعاؤهم فيها أحسن الدعاء " سبحانك اللهم
" دعاهم المولى على ما آتاهم ،وآخر دعواهم أن الحمد ل رب العالمين.
- 31كا :من الروضة ) (2عن علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن ابن محبوب
عن محمد بن النعمان أو غيره ،عن أبي عبد ال عليه السلم أنه ذكر هذه
الخطبة لمير المؤمنين عليه السلم يوم الجمعة :الحمد ل أهل الحمد
ووليه ،ومنتهى الحمد ومحله ،البدئ البديع الجل العظم ،العز الكرم،
المتوحد بالكبرياء ،والمتفرد باللء ،القاهر بعزه ،والمسلط بقهره،
الممتنع بقوته ،المهيمن بقدرته ،والمتعالي فوق كل شئ بجبروته،
المحمود بامتنانه وباحسانه ،المتفضل بعطائه وجزيل فوائده ،المتوسع
برزقه ،المسبغ بنعمه ،نحمده على آلئه ،وتظاهر نعمائه ،حمدا يزن عظمة
جلله ويمل قدر آلئه وكبريائه .وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له
الذي كان في أوليته متقادما ،وفي ديموميته متسيطرا ) (3خضع الخليق
لوحدانيته وربوبيته ،وقديم أزليته ،ودانوا لدوام أبديته ) .(4وأشهد أن
محمدا صلى ال عليه وآله عبده ورسوله وخيرته من خلقه ،اختاره بعلمه،
و
) (1زاد في الوافى " وان أحسن طول عمره " (2) .ص 173تحت رقم (3) .194
أي هو في دوامه مسلط على جميع خلقه (4) .أي أقروا وأذعنوا بدوام
أبديته أو أطاعوا وخضعوا وذلوا لكونه دائم البدية.
][351
اصطفاه لوحيه ،وائتمنه على سره ،وارتضاه لخلقه ،وانتدبه لعظيم أمره ،ولضياء
معالم دينه ،ومناهج سبيله ،ومفتاح وحيه ،وسببا لباب رحمته ،ابتعثه على
حين فترة من الرسل ،وهدأة من العلم ) (1واختلف من الملل ،وضلل عن
الحق ،وجهالة بالرب ،وكفر بالبعث والوعد ،أرسله إلى الناس أجمعين
رحمة للعالمين بكتاب كريم قد فصله وفضله وبينه وأوضحه وأعزه،
وحفظه من أن يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه تنزيل من حكيم حميد.
ضرب للناس فيه المثال وصرف فيه اليات لعلهم يعقلون ،أحل فيه الحلل
وحرم فيه الحرام وشرع فيه الدين لعباده عذرا ونذرا لئل يكون للناس
على ال حجة بعد الرسل ،ويكون بلغا لقوم عابدين ،فبلغ رسالته وجاهد
في سبيله وعبده حتى أتاه اليقين صلى ال عليه وآله وسلم تسليما كثيرا.
اوصيكم عباد ال واوصي نفسي بتقوى ال الذي ابتدأ المور بعلمه ،وإليه
يصير غدا ميعادها ،وبيده فناؤها وفناؤكم ،وتصرم أيامكم ،وفناء آجالكم،
وانقطاع مدتكم ،فكان قد زالت عن قليل عنا وعنكم كما زالت عمن كان
قبلكم ،فاجعلوا عباد ال اجتهادكم في هذه الدنيا التزود من يومها القصير،
ليوم الخرة الطويل فإنها دار عمل والخرة دار القرار والجزاء فتجافوا
عنها ،فان المغتر من اغتر بها لن تعدوا الدنيا إذا تناهت إليها امنية أهل
الرغبة فيها ،المحبين لها ،المطمئنين إليها ،المفتونين بها أن تكون كما
قال ال عزوجل " كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الرض مما
يأكل الناس والنعام الية ) " (2مع أنه لم يصب امرء منكم في هذه الدنيا
حبرة إل أورثته عبرة ) (3ول يصبح فيها في جناح أمن إل وهو يخاف
فيها نزول جائحة ) (4أو تغير نعمة أو زوال عافية ما فيه ،مع أن الموت
من وراء
) (1الهدأة -بفتح الهاء وسكون الدال :-السكون عن الحركات (2) .يونس.24 :
الحبرة بالفتح -النعمة .والعبرة :الدمعة (4) .الجائحة :الفة النبي تهلك
الثمار والموال .وكل مصيبة عظيمة.
][352
ذلك وهول المطلع ،والوقوف بين يدي الحكم العدل تجزى كل نفس بما عملت" ،
ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى " " .فاتقوا
ال عز ذكره وسارعوا إلى رضوان ال والعمل بطاعته والتقرب إليه بكل
ما فيه الرضا فانه قريب مجيب ،جعلنا ال وإياكم ممن يعمل بمحابه
ويجتنب سخطه ،ثم إن أحسن القصص وأبلغ الموعظة ،وأنفع التذكر كتاب
ال جل وعز " :وإذا قرء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون " )
" .(1أستعيذ بال من الشيطان الرجيم " بسم ال الرحمن الرحيم:
والعصر إن النسان لفي خسر إل الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا
بالحق وتواصوا بالصبر " ) " (2إن ال وملئكته يصلون على النبي يا
أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما " ) .(3اللهم صل على محمد
وآل محمد ،وبارك على محمد وآل محمد ،وتحنن ) (4على محمد وآل
محمد ،وسلم على محمد وآل محمد ،كأفضل ما صليت وباركت وترحمت
وتحننت وسلمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ،اللهم أعط
محمدا الوسيلة و الشرف والفضيلة والمنزلة الكريمة ،اللهم اجعل محمدا
وآل محمد أعظم الخلئق كلهم شرفا يوم القيامة ،وأقربهم منك مقعدا،
وأوجههم عندك يوم القيامة جاها ،وأفضلهم عندك منزلة ونصيبا ،اللهم
أعط محمدا أشرف المقام وحباء السلم ) (5وشفاعة السلم اللهم وألحقنا
به غير خزايا ول ناكبين ) (6ول نادمين ول مبدلين إله الحق آمين .ثم
جلس قليل ثم قام فقال:
) (1العراف (2) .203 :العصر :إلى (3) .3الحزاب (4) .56 :التحنن :الترحم) .
(5الحباء :العطاء أي أعطه عطية سلمتك بأن يكون سالما عن جميع ما
يوجب نقصا أو خزيا) .منه( ) (6في بعض نسخ المصدر " ول ناكثين ".
][353
الحمد ل أحق من خشي وحمد ،وأفضل من اتقي وعبد ،وأولى من عظم و مجد،
نحمده لعظيم غنائه ،وجزيل عطائه ،وتظاهر نعمائه .وحسن بلئه .ونؤمن
بهداه الذي ل يخبو ضياؤه .ول يتمهد سناؤه ) (1ول يوهن عراه ،ونعوذ
بال من سوء كل الريب .وظلم الفتن ،ونستغفره من مكاسب الذنوب )(2
ونستعصمه من مساوي العمال ومكاره المال والهجوم في الهوال
ومشاركة أهل الريب ) (3والرضا بما بعمل الفجار في الرض بغير الحق،
اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات ،الحياء منهم والموات ،الذين
توفيتهم على دينك وملة نبيك صلى ال عليه وآله ،اللهم تقبل حسناتهم
وتجاوز عن سيئاتهم ،وأدخل عليهم المغفرة والرحمة والرضوان ،واغفر
للحياء من المؤمنين والمؤمنات ،الذين وحدوك ،وصدقوا رسولك،
وتمسكوا بدينك وعملوا بفرائضك ،واقتدوا بنبيك ،وسنوا سنتك ،وأحلوا
حللك ،وحرموا حرامك ،وخافوا عقابك ،ورجوا ثوابك ،ووالوا أولياءك،
وعادوا أعداءك ،اللهم اقبل حسناتهم ،وتجاوز عن سيئاتهم ،وأدخلهم
برحمتك في عبادك الصالحين ،إله الحق آمين - 32 .كا :من الروضة )(4
خطبة لمير المؤمنين عليه السلم علي بن الحسن المؤدب عن أحمد بن
محمد بن خالد ،وأحمد بن محمد ) ،(5عن علي بن الحسن التيمي جميعا
عن إسماعيل بن مهران قال :حدثني عبد ال بن الحارث ،عن جابر ،عن
أبي جعفر
) (1في بعض نسخ المصدر " ل يهمد " والسنا مقصورا ضوء البرق وممدودا:
الرفعة (2) .أي من شر كل شك وشبهة يعترى في الدين (3) .أي الذين
يشكون ويرتابون في الدين أو الذين يريبون الناس فيهم بالخيانة
والسرقة (4) .المصدر ص 352تحت رقم (5) .550أحمد بن محمد
عطف على على بن الحسن وهو العاصمى ،والتيمي هو ابن فضال وقل
من تفطن لذلك )قاله المؤلف( وفى بعض نسخ المصدر " أحمد بن محمد
بن أحمد " وفى بعضها " عن على الحسين المؤدب ".
][354
عليه السلم قال :خطب أمير المؤمنين عليه السلم الناس بصفين ،فحمد ال وأثنى
عليه وصلى على محمد النبي صلى ال عليه وآله ثم قال :أما بعد فقد جعل
ال تعالى عليكم حقا بولية أمركم ومنزلتي التي أنزلني ال عز ذكره بها
منكم ،ولكم من الحق مثل الذي لي عليكم ) (1والحق أجمل الشياء في
التواصف وأوسعها في التناصف ) (2ل يجري لحد إل جرى عليه ،ول
يجري عليه إل جرى له ،ولو كان لحد أن يجري ذلك له ،ول يجري عليه
لكان ذلك ال عزوجل خالصا دون خلقه لقدرته على عباده ولعدله في كل
ما جرت عليه ضروب قضائه ) (3ولكن جعل حقه على العباد أن يطيعوه
وجعل كفارتهم ) (4عليه بحسن الثواب تفضل منه وتطول بكرمه ،وتوسعا
بما هو من المزيد له أهل ثم جعل من حقوقه حقوقا فرضها لبعض الناس
على بعض فجعلها تتكافى ) (5في وجوهها
) (1الذى له عليهم من الحق هو وجوب طاعته وامحاض نصيحته والذى لهم عليه
من الحق هو وجوب معدلته فيهم (2) .التواصف أن يصف بعضهم لبعض
والتناصف أن ينصف بعضهم بعضا وانما كان الحق أجمل الشياء في
التواصف لنه يوصف بالحسن والوجوب وكل جميل وانما كان أوسعها
في التناصف لن الناس لو تناصفوا في الحقوق لما ضاق عليهم أمر من
المور وفى النهج " والحق أوسع الشياء في التواصف واضيقها في
التناصف " وهو أوضح ومعناه أن الناس كلهم يصفون الحق ولكن ل
ينصف بعضهم بعضا .وفى بعض نسخ المصدر " التراصف " موضع
التواصف (3) .أي أنواعه المتغيرة المتوالية .وفى بعض نسخ المصدر "
صروف قضائه " (4) .انما سمى جزاؤه تعالى على الطاعة كفارة لنه
يكفر ما يزعمونه من أن طاعتهم له تعالى حق لهم عليه يستوجبون به
الثواب مع أنه ليس كذلك لن الحق له عليهم حيث أقدرهم على الطاعة
والهمهم اياها ولهذا سماه التفضل والتطول والتوسع بالنعام الذى هو
للمزيد منه أهل لنه الكريم الذى ل تنفد خزائنه بالعطاء والجود تعالى
مجده وتقدس .وفى نهج البلغة " وجعل جزاءهم عليه " وعلى هذا فل
يحتاج إلى التكلف (5) .أي جعل كل وجه من تلك الحقوق مقابل بمثله،
فحق الوالى -وهو الطاعة من < -
][355
ويوجب بعضها بعضا ،ول يستوجب بعضها إل ببعض ) (1فأعظم مما افترض ال
تبارك وتعالى من تلك الحقوق حق الوالي على الرعية ،وحق الرعية على
الوالي فريضة فرضها ال عزوجل لكل على كل ،فجعلها نظام الفتهم ،وعزا
لدينهم ) (2وقواما لسنن الحق فيهم .فليست تصلح الرعية إل بصلح
الولة ول تصلح الولة إل باستقامة الرعية ،فإذا أدت الرعية من الوالي
حقه وأدى إليها الوالي كذلك عز الحق بينهم ،فقامت مناهج الدين،
واعتدلت معالم العدل وجرت على أذللها السنن ) (3وصلح بذلك الزمان،
وطاب بها العيش ،وطمع في بقاء الدولة ،ويئست مطامع العداء وإذا
غلبت الرعية على واليهم وعل الوالي الرعية ،اختلف هنالك الكلمة
وظهرت مطامع الجور ،وكثر الدغال في الدين ،وتركت معالم السنن )(4
فعمل بالهوى ،وعطلت الثار ،وكثر علل النفوس ) (5ول يستوحش
لجسيم حق عطل ول لعظيم باطل اثل ،فهنالك تذل البرار وتعز الشرار،
وتخرب البلد )(6
< -الرعية -مقابل بمثله وهو العدل فيهم وحسن السيرة (1) .كما أن الوالى إذا لم
يعدل لم يستحق الطاعة (2) .فانها سبب اجتماعهم به ويقهرون اعداءهم
ويعز دينهم .وقوله " :قواما " أي به يقوم جريان الحق فيهم وبينهم) .
(3في القاموس :ذل الطريق -بالكسر :-محجته .وامور ال جارية
اذللها وعلى أذللها أي مجاريها جمع ذل -بالكسر (4) .-الدغال:
بكسر الهمزة -وهو أن يدخل في الشئ ما ليس منه وهو البداع
والتلبيس أو -بفتحها -جمع الدغل -بالتحريك :الفساد (5) .قال
البحراني :علل النفوس أمراضها بملكات السوء كالغل والحسد والعداوة
ونحوها وقيل :عللها وجوه ارتكابها للمنكرات فتاتي في كل منكر بوجه
ورأى فاسد (6) .التأثيل :التأصيل .ومجد مؤثل أي مجموع ذو أصل .وفى
النهج " فعل " مكان أثل والتبعة ما يتبع اعمال العباد من العقاب وسوء
العاقبة.
][356
وتعظم تبعات ال عزوجل عند العباد .فهلم أيها الناس إلى التعاون على طاعة ال
عزوجل ،والقيام بعدله ،و الوفاء بعهده ،والنصاف له في جميع حقه ،فانه
ليس العباد إلى شئ أحوج منهم إلى التناصح في ذلك ،وحسن التعاون
عليه ،وليس أحد وإن اشتد على رضى ال حرصه ،وطال في العمل
اجتهاده ببالغ حقيقة ما أعطى ال من الحق أهله ،ولكن من واجب حقوق
ال عزوجل على العباد النصيحة له بمبلغ جهدهم .والتعاون على إقامة
الحق فيهم ،ثم ليس امرء وإن عظمت في الحق منزلته وجسمت في الحق
فضيلته ،بمستغن عن أن يعان على ما حمله ال عزوجل من حقه ،ول
لمرء مع ذلك خسئت به المور ،واقتحمته العيون ) (1بدون ما أن يعين
على ذلك ويعان عليه وأهل الفضيلة في الحال وأهل النعم العظام أكثر في
ذلك حاجة وكل في الحاجة إلى ال عزوجل شرع سواء ) .(2فأجابه رجل
من عسكره ل يدرى من هو ،ويقال :إنه لم ير في عسكره قبل
) " (1ول لمرء " يعنى مع عدم الستغناء عن الستعانة وقوله " :خسئت به
المور " يقال :خسئت الكلب خسئا طردته وخسأ الكلب بنفسه يتعدى ول
يتعدى .وقد تعدى بالباء أي طردته المور أو يكون الباء للسببية أي
بعدت بسببه المور .وفى بعض نسخ المصدر " حست " بالمهملتين أي
اختبرته .واقتحمه :احتقره ،وفى النهج " ول امرء وان صغرته النفوس
واقتحمته العيون " .وقوله " :بدون ما أن يعين " أي بأقل من أن
يستعان به ويعان والحاصل كما في الوافى أن الشريف والوضيع جميعا
محتاجون في أداء الحقوق إلى اعانة بعضهم بعضا واستعانة بعضهم
ببعض وكل من كانت النعمة عليه اعظم فاحتياجه في ذلك أكثر لن
الحقوق عليه أوفر لزياد الحقوق بحسب ازدياد النعم " (2) .سواء "
بيان لقوله " :شرع " وتأكيد وانما ذكره عليه السلم ذلك لئل يتوهم
أنهم يستغنون باعانة بعضهم بعضا عن ربهم تعالى بل هو الموفق
والمعين لهم في جميع امورهم ول يستغنون بشئ عن ال تعالى وانما
كلفهم بذلك ليختبر طاعتهم ويثيبهم على ذلك واقتضت حكمته البالغة أن
يجرى الشياء باسبابها وهو المسبب لها والقادر على امضائها بل سبب.
)منه(
][357
ذلك اليوم ول بعده .فقام وأحسن الثناء على ال عزوجل بما أبلهم وأعطاهم من
واجب حقه عليهم والقرار ) (1بكل ما ذكر من تصرف الحالت به وبهم،
ثم قال :أنت أميرنا ،ونحن رعيتك بك أخرجنا ال عزوجل من الذل،
وبإعزازك أطلق عباده من الغل ) ،(2فاختر علينا فأمض اختيارك ،وائتمر
فأمض ائتمارك ) (3فانك القائل المصدق ،والحاكم الموفق ،والملك المخول
) ،(4ل نستحل في شئ من معصيتك ،ول نقيس علما بعلمك ،يعظم عندنا
في ذلك خطرك ) ،(5ويجل عنه في أنفسنا فضلك .فأجابه أمير المؤمنين
عليه السلم فقال :إن من حق من عظم جلل ال في نفسه و جل موضعه
من قلبه أن يصغر عنده لعظم ذلك كل ما سواه ،وإن أحق من كان كذلك
لمن عظمت نعم ال عليه ،ولطف إحسانه إليه ،فإنه لم تعظم نعم ال على
أحد إل زاد حق ال عليه عظما ،وإن من أسخف حالت الولة عند صالح
الناس ) (6أن يظن بهم حب الفخر ،ويوضع أمرهم على الكبر ،وقد كرهت
أن يكون جال في ظنكم أني احب الطراء ) (7واستماع الثناء ،ولست بحمد
ال كذلك ،ولو
) " (1أبلهم " :انعمهم " .من واجب حقه " يعنى من حق أمير المؤمنين " ع ".
) (2أشار به إلى قوله تعالى " :ويضع عنهم اصرهم والغلل التى كانت
عليهم " أي يخفف عنهم ما كانوا به من التكاليف الشاقة (3) .اليتمار
بمعنى المشاورة (4) .أي الملك الذى اعطاك ال للمرة علينا وجعلنا
خدمك وتبعك (5) .أي في العلم بأن تكون كلمة " في " تعليلية ويحتمل
أن يكون اشارة إلى ما دل عليه من الكلم من اطاعته عليه السلم.
والخطر :القدر والمنزلة (6) .السخف :رقة العيش ورقة العقل،
والسخافة رقة كل شئ ،أي أضعف أحوال الولة عند الرعية أن يكونوا
متهمين عندهم بهذه الخصلة المذمومة (7) .جال بالجيم -من الحولن -
بالواو .-والطراء :مجاوزة الحد في الثناء.
][358
كنت احب أن يقال ذلك لتركته انحطاطا ل سبحانه ) (1عن تناول ما هو أحق به من
العظمة والكبرياء ،وربما استحلى الناس ) (2الثناء بعد البلء فل تثنوا
علي بجميل ثناء لخراجي نفسي إلى ال وإليكم ) (3من البقية في حقوق
لم أفرغ من أدائها و فرائض لبد من إمضائها ،فل تكلموني بما تكلم به
الجبابرة .ول تتحفظوا مني بما يتحفظ به عند أهل البادرة ،ول تخالطوني
بالمصانعة ) (4ول تظنوا لي استثقال
) (1أي تواضعا له تعالى وفى بعض نسخ المصدر القديمة " ولو كنت أحب أن يقال
ذلك لتناهيت له أغنانا ال واياكم عن تناول ما هو أحق به من التعاظم
وحسن الثناء " والتناهى :قبول النهى والضمير في " له " راجع إلى
ال تعالى .وفى النهج كما في النسخ المشهورة (2) .يقال :استحله أي
وجده حلوا قال ابن ميثم رحمه ال :هذا يجرى مجرى تمهيد العذر لمن
أثنى عليه ،فكأنه يقول :وأنت معذور في ذلك حيث رأيتنى اجاهد في ال
و أحث الناس على ذلك ومن عادة الناس أن يستهل الثناء عند أن يبلو
بلءا حسنا في جهاد أو غيره من سائر الطاعات ثم أجاب عن هذا العذر
في نفسه بقوله " :ول تثنوا على بجميل ثناء " أي ل تثنوا على لجل ما
ترونه منى من طاعة ال فان ذلك انما هو اخراج لنفسي إلى ال من
حقوقه الباقية على لم افرغ بعد أدائها وهى حقوق نعمه وفرائضه التى
لبد من المضى فيها وكذلك اليكم من الحقوق التى أوجبها ال على من
النصيحة في الدين والرشاد إلى الطريق الفضل والتعليم لكيفية سلوكه.
) (3أي لعترافي بين يدى ال وبمحضر منكم ،ان على حقوقا في ايالتكم
ورئاستي عليكم لم اقم بها بعد وأرجو من ال القيام بها .وفى بعض نسخ
المصدر " من التقية " يعنى من أن يتقوني في مطالبة حقوق لكم لم
افرغ من ادائها وعلى هذا يكون المراد بمستحلى الثناء الذين يثنيهم
الناس اتقاء شرهم وخوفا من بأسهم (4) .أهل البادرة الملوك
والسلطين .والبادرة :الحدة والكلم الذى يسبق من النسان في الغضب
أي ل تثنوا على كما يثنى على أهل الحدة من الملوك خوفا من سطوتهم
أو ل تحتشموا منى كما يحتشم من السلطين والمراء كترك المسارة
والحديث اجلل وخوفا منهم وترك مشاورتهم ،أو اعلمهم ببعض المور
والقيام بين أيديهم .والمصانعة :الرشوة والمداراة.
][359
في حق قيل لي ،ول التماس إعظام لنفسي ،فإنه من استثقل الحق أن يقال له ،أو
العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه .فل تكفوا عن مقالة
بحق ،أو مشورة بعدل ،فاني لست في نفسي بفوق أن اخطئ ول آمن ذلك
من فعلي ) (1إل أن يكفي ال من نفسي ما هو أملك به مني ،فإنما أنا وأنتم
عبيد مملوكون لرب ل رب غيره ،يملك منا ما ل نملك من أنفسنا ،وأخرجنا
مما كنا فيه ) (2إلى ما صلحنا عليه ،فأبدلنا بعد الضللة بالهدى وأعطانا
البصيرة بعد العمى .فأجابه الرجل الذي أجابه من قبل فقال :أنت أهل ما
قلت ،وال ]وال[ فوق ما قلته ،فبلؤه عندنا ما ل يكفر ) (3وقد حملك ال
تبارك وتعالى رعايتنا ،وولك سياسة امورنا ،فأصبحت علمنا الذي نهتدي
به ،وإمامنا الذي نقتدي به ،وأمرك كله رشد ،وقولك كله أدب ،قد قرت بك
في الحياة أعيننا ،وامتلت من سرور بك قلوبنا .وتحيرت من صفة ما فيك
من بارع الفضل ) (4عقولنا .ولسنا نقول لك
) (1هذا من قبيل هضم النفس ،ليس بنفى العصمة مع أن الستثناء يكفينا مؤونة
ذلك وقال المؤلف -رحمه ال :-هذا من النقطاع إلى ال والتواضع
الباعث لهم على النبساط معه بقول الحق وعد نفسه من المقصرين في
مقام العبودية والقرار بأن عصمته من نعمه تعالى عليه (2) .أي من
الجهالة عدم العلم والمعرفة والكمالت التى يسرها ال تعالى لنا ببعثة
الرسول صلى ال عليه وآله ،قال ابن أبى الحديد :ليس هذا اشارة إلى
خاص نفسه عليه السلم لنه لم يكن كافرا فاسلم ولكنه كلم يقوله
ويشير به إلى القوم الذين يخاطبهم في أفياء الناس فيأتى بصيغة الجمع
الداخلة فيها نفسه توسعا (3) .أي نعمته عندنا وافرة بحيث ل نستطيع
كفرها وسترها ،أول يجوز كفرانها وترك شكرها (4) .برع في الشئ فاق
أقرانه فيه.
][360
أيها المام الصالح تزكية لك .ول نجاوز القصد في الثناء عليك .ولم يكن ) (1في
أنفسنا طعن على يقينك ،أو غش في دينك فنتخوف أن يكون أحدثت بنعمة
ال تبارك وتعالى تجبرا ،أو دخلك كبر ،ولكنا نقول لك ما قلنا تقربا إلى ال
عزو جل بتوقيرك ،وتوسعا بتفضيلك ،وشكرا بإعظام أمرك ،فانظر لنفسك
ولنا ،و آثر أمر ال على نفسك وعلينا ،فنحن طوع فيما أمرتنا ،ننقاد من
المور مع ذلك فيما ينفعنا .فأجابه أمير المؤمنين عليه السلم فقال :وأنا
أستشهدكم عند ال على نفسي لعلمكم فيما وليت به من اموركم وعما قليل
يجمعني وإياكم الموقف بين يديه ،والسؤال عما كنا فيه ،ثم يشهد بعضنا
على بعض ،فل تشهدوا اليوم بخلف ما أنتم شاهدون غدا ،فان ال
عزوجل ل يخفى عليه خافية ،ول يجوز عنده إل مناصحة الصدور في
جميع المور .فأجابه الرجل -ويقال لم ير الرجل بعد كلمه هذا لمير
المؤمنين عليه السلم فأجابه -وقد عال الذي ) (2في صدره فقال والبكاء
تقطع منطقه ،وغصض الشجى تكسر صوته إعظاما لخطر مرزئته،
ووحشة من كون فجيعته ) .(3فحمد ال وأثنى عليه ثم شكى إليه هول ما
أشفى عليه ) (4من الخطر العظيم والذل الطويل في فساد زمانه ،وانقلب
جده ) (5وانقطاع ما كان من دولته ،ثم
) (1قال المؤلف -رحمه ال " :لم يكن " على بناء المجهول من كننت الشئ:
سترته .أو -بفتح الياء وكسر الكاف -من وكنت الطائر بيضه يكنه إذا
حضنه وفى بعض نسخ المصدر " لم يكن " وفى النسخة القديمة " لن
يكون " (2) .عال -بالمهملة :-اشتد وتفاقم وغلبه وثقل عليه وأهمه) .
(3الغصة -بالضم :-ما اعترض في الحلق وكذا الشجا .والمرزئة:
المصيبة وكذا الفجيعة والضميران راجعان إلى أمير المؤمنين عليه
السلم (4) .أي أشرف عليه ،والضمير في قوله " :إليه " راجع إلى ال
تعالى (5) .الجد :البحت وقد يقر الحد وهو الحدود والحكام والعقوبة وما
يعترى النسان من الغضب.
][361
نصب المسألة إلى ال عزوجل بالمتنان عليه ،والمدافعة عنه بالتفجع وحسن
الثناء .فقال :يا رباني العباد ،ويا سكن البلد ) (1أين يقع قولنا من فضلك،
وأين يبلغ وصفنا من فعلك ،وأنى نبلغ حقيقة حسن ثنائك أو نحصي جميل
بلئك ؟ و كيف وبك جرت نعم ال علينا ،وعلى يدك اتصلت أسباب الخير
إلينا ،ألم تكن لذل الذليل ملذا وللعصاة الكفار إخوانا ) (2فبمن إل بأهل
بيتك وبك أخرجنا ال عزوجل من فظاعة تلك الخطرات ،أو بمن فرج عنا
غمرات الكربات ) (3وبمن إل بكم أظهر ال معالم ديننا ،واستصلح ما كان
فسد من دنيانا ،حتى استبان بعد الحور ذكرنا ) ،(4وقرت من رخاء العيش
أعيننا ،لما وليتنا بالحسان جهدك ووفيت لنا بجميع وعدك ،وقمت لنا على
جميع عهدك ،فكنت شاهد من غاب منا وخلف أهل البيت لنا ،وكنت عز
ضعفائنا ،وثمال فقرائنا ) ،(5وعماد عظمائنا يجمعنا في المور عدلك،
ويتسع لنا في الحق تأنيك ) ،(6فكنت لنا انسا إذا
) (1السكن -بالتحريك :كل ما يسكن إليه وفى بعض نسخ المصدر " يا ساكن
البلد " (2) .أي كنت تعاشر من يعصيك ويكفر نعمتك معاشرة الخوان
شفقة منك عليهم أو المراد الشفقة على الكفار والعصاة والهتمام في
هدايتهم ويحتمل أن يكون المراد المنافقين الذين كانوا في عسكره وكان
يلزمه رعايتهم بظاهر الشرع هذا قول المؤلف والظاهر " ألم نكن "
بالنون على صيغة المتكلم مع الغير والمعنى كنا ملذا لذل الذليل ل للذليل
واخوانا للعصاة والكفرة فبك وأهل بيتك دون غيركم أخرجنا ال من
فظاعة ؟ (3) .الفظاعة :الشناعة .وفظاعة تلك الخطرات :شناعتها
وشدتها والغمرات الشدائد والمزدحمات (4) .قال الجوهرى :نعوذ بال
من الحور بعد الكور أي من النقصان بعد الزيادة .وفى بعض نسخ
المصدر " بعد الجور " بالمعجمة (5) .في النهاية الثمال -بالكسر :-
الملجأ والغياث وقيل هو المطعم في الشدة (6) .أي صار مداراتك وتأنيك
وعدم مبادرتك في الحكم علينا بما نستحقه سببا لوسعة < -
][362
رأيناك ،وسكنا إذا ذكرناك ،فاي الخيرات لم تفعل ،وأي الصالحات لم تعمل ولو أن
المر الذي نخاف عليك منه يبلغ تحويله جهدنا ) (1وتقوى لمدافعته
طاقتنا ،أو يجوز الفداء عنك منه بأنفسنا ،وبمن نفديه بالنفوس من أبنائنا،
لقدمنا أنفسنا وأبناءنا قبلك ،ولخطرناها ) (2وقل خطرها دونك ،ولقمنا
بجهدنا في محاولة من حاولك ،وفي مدافعة من ناواك ) (3ولكنه سلطان ل
يحاول ،وعز ل يزاول ) (4ورب ل يغالب ،فإن يمنن علينا بعافيتك،
ويترحم علينا ببقائك ،و يتحنن علينا بتفريج ) (5هذا من حالك إلى سلمة
منك لنا ،وبقاء منك بين أظهرنا نحدث ل عزوجل بذلك شكرا نعظمه،
وذكرا نديمه ) (6ونقسم أنصاف أموالنا صدقات ،وأنصاف رقيقنا عتقاء )
(7ونحدث له تواضعا في أنفسنا ،ونخشع في جميع امورنا ،وأن يمض بك
إلى الجنان ،ويجري عليك حتم سبيله ،فغير متهم فيك قضاؤه ،ول مدفوع
عنك بلؤه ،ول مختلفة مع ذلك قلوبنا بأن اختياره لك ما عنده على ما كنت
فيه ،ولكنا نبكي من غير إثم لعز هذا السلطان أن يعود ذليل )(8
< -الحق علينا وعدم تضيق المور بنا (1) .في بعض نسخ المصدر " تحريكه
جهدنا " أي تغييره وصرفه (2) .أي جعلناها في معرض المخاطرة
والهلك أو صيرناها خطرا ورهنا وعوضا لك قال الجزرى :فيه " الهل
مشمر للجنة فان الجنة ل خطر لها " أي ل عوض لها ول مثل .والخطر
-بالتحريك -في الصل :الرهن وما يخاطر عليه ومثل الشئ وعدله ول
يقال ال في الشئ الذى له قدر ومزية " (3) .حاولك " أي قصدك .و "
ناواك " أي عاداك .وقوله " :ولكنه " أي الرب تعالى (4) .أي ذو عز
وغلبة .وزاوله أي حاوله وطالبه (5) .في بعض نسخ المصدر "
بتصريح " (6) .الضميران راجعان إلى الشكر والذكر (7) .الرقيق:
المملوك (8) .في اكثر نسخ المصدر " لعز هذا السلطان " فقوله " لعز
" متعلق بالبكاء و " أن يعود " بدل اشتمال له أي نبكى لتبدل عز هذا
السلطان ذل .وفى بعض نسخ المصدر " لعن ال هذا < -
][363
وللدين والدنيا أكيل ) (1فل نرى لك خلفا نشكو إليه ول نظيرا نأمله ول نقيمه ).(2
33كا :من الروضة ) (3خطبة لمير المؤمنين عليه السلم :عن علي بن
إبراهيم ،عن أبيه ومحمد بن علي جميعا عن إسماعيل بن مهران ،و أحمد
بن محمد بن أحمد ،عن علي بن الحسن التيمي ،وعلي بن الحسين ،عن
أحمد بن محمد بن خالد جميعا عن إسماعيل بن مهران ،عن المنذر بن
جيفر ،عن الحكم بن ظهير ،عن عبد ال بن جرير ) (4العبدي ،عن الصبغ
بن نباتة قال :أتى أمير المؤمنين عليه السلم عبد ال بن عمرو ولد أبي
بكر وسعد بن أبي وقاص يطلبون منه التفضيل لهم ) (5فصعد المنبر ومال
الناس إليه فقال :الحمدل ولي الحمد ومنتهى الكرم ل تدركه الصفات ،ول
يحد باللغات ،ول يعرف بالغايات ،وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك
له ،وأن محمدا رسول ال نبي الهدى ،وموضع التقوى ،ورسول الرب
العلى ،جاء بالحق من عند الحق لينذر بالقرآن المبين ،والبرهان
المستنير فصدع ) (6بالكتاب المبين ) (7ومضى على ما مضت عليه
الرسل الولون .أما بعد أيها الناس فل تقولن رجال قد كانت الدنيا غمرتهم
فاتخذوا العقار وفجروا النهار ،وركبوا أفره الدواب ) (8ولبسوا ألين
الثياب ،فصار ذلك عليهم
< -السلطان " أي هذه السلطنة التى ل تكون صاحبها (1) .الكيل يكون بمعنى
المأكول وبمعنى الكل والمراد هنا الثاني (2) .كأن الرجل كان هو الخضر
عليه السلم )الوافى( (3) .المصدر ص 360تحت رقم (4) .551في
بعض نسخ المصدر " حريز " وفى جامع الرواة ص 107ج " 1حريث
" (5) .يعنى في قسمة الموال والعطاء بين المسلمين (6) .في بعض
نسخ المصدر " بالقرآن المبين والبرهان المستبين (7) .أي تكلم به
جهارا أو شق جماعاتهم بالتوحيد وفصل بين الحق والباطل (8) .الدابة
الفارهة :النشيطة القوية.
][364
عارا وشنارا ) (1إن لم يغفر لهم الغفار إذا منعتهم ما كانوا فيه يخوضون،
وصيرتهم إلى ما يستوجبون ،فيفقدون ذلك فيسألون ويقولون ظلمنا ابن
أبي طالب وحرمنا ومنعنا حقوقنا ،فال عليهم المستعان ،من استقبل قبلتنا
وأكل ذبيحتنا وآمن بنبينا ]صلى ال عليه وآله[ وشهد شهادتنا ،ودخل في
ديننا أجرينا عليه حكم القرآن وحدود السلم .ليس لحد على أحد فضل إل
بالتقوى ،أل وإن للمتقين عند ال تعالى أفضل الثواب وأحسن الجزاء
والمآب ،لم يجعل ال تبارك وتعالى الدنيا للمتقين ثوابا وما عند ال خير
للبرار .انظروا أهل دين ال فيما أصبتم في كتاب ال ) (2وتركتم عند
رسول ال صلى ال عليه وآله ،وجاهدتم به في ذات ال أبحسب أم بنسب
أم بعمل أم بطاعة أم زهادة ) (3وفيما أصبحتم فيه راغبين فسارعوا إلى
منازلكم -رحمكم ال -التي امرتم بعمارتها ،العامرة التي ل تخرب ،الباقية
التي ل تنفد ،التي دعاكم إليها و حضكم عليها ) (4ورغبكم فيها ،وجعل
الثواب عنده عنها فاستتموا نعم ال عز ذكره بالتسليم لقضائه ،والشكر
على نعمائه فمن لم يرض بهذا فليس منا ول إلينا وإن الحاكم يحكم بحكم
ال ،ول خشية عليه من ذلك ،اولئك هم المفلحون -وفي نسخة ول وحشة
واولئك لخوف عليهم ول هم يحزنون .-وقال :وقد عاتبتكم بدرتي التي
اعاتب بها أهلي فلم تبالوا ،وضربتكم بسوطي الذي اقيم به حدود ربي فلم
ترعووا ) (5أتريدون أن أضربكم بسيفي ،أما إني أعلم الذي
) (1الشنار :العيب والعار (2) .أي من مواعيده الصادقة على العمال الصالحة
واراد بتركهم عند رسول ال صلى ال عليه واله ضمانه لهم بذلك كأنه
وديعة لهم عنده (3) .استفهام انكار يعنى ليس ذلك بحسب ول نسب بل
بعمل وطاعة وزهادة .وقوله " :فيما اصبحتم فيه راغبين " أي انظروا
أيضا فيما اصبحتم فيه راغبين هل هو الذى اصبتم في كتاب ال تعالى
يعنى ليس هو بذاك وانما هو الدنيا وزهرتها (4) .الحض :الحث
والترغيب (5) .الرعواء :الكف والنزجار ،وقيل :هو الندم والنصراف
عن الشئ.
][365
تريدون ،ويقيم أودكم ) (1ولكن ل أشتري صلحكم بفساد نفسي ) (2بل يسلط ال
عليكم قوما فينتقم لي منكم ،فل دنيا استمتعتم بها ،ول آخرة صرتم إليها،
فبعدا و سحقا لصحاب السعير - 34 .كا (3) :من الروضة خطبة لمير
المؤمنين عليه السلم عن أحمد بن محمد ،عن سعيد بن المنذر ) (4بن
محمد ،عن أبيه ،عن جده ،عن محمد بن الحسين ،عن أبيه ،عن جده ،عن
أبيه قال :خطب أمير المؤمنين عليه السلم ورواها غيره بغير هذا السناد
وذكر أنه خطب بذي قار ) (5فحمد ال وأثنى عليه :ثم قال :أما بعد فإن ال
تبارك وتعالى بعث محمدا صلى ال عليه وآله بالحق ليخرج عباده من
عبادة عباده إلى عبادته ،ومن عهود عباده إلى عهوده ،ومن طاعة عباده
إلى طاعته ،ومن ولية عباده إلى وليته بشيرا ونذيرا وداعيا إلى ال
بإذنه وسراجا منيرا ،عودا وبدءا وعذرا ونذرا ،بحكم قد فصله )(6
وتفصيل قد أحكمه ،وفرقان قد فرقه ) (7وقرآن قد بينه ليعلم العباد ربهم
إذ جهلوه ،وليقروا به إذ جحدوه ،وليثبتوه بعد إذ أنكروه ،فتجلى
) (1الود -بالتحريك :-العوجاج (2) .أي ل أطلب لحكم بالظلم وبما لم يأمرنى
به ربى فاكون قد اصلحتكم بافساد نفسي (3) .المصدر ص 386تحت
رقم (4) .586في بعض نسخ المصدر " سعد بن المنذر " (5 .موضع
بين الكوفة وواسط " .القاموس " " (6) .عودا وبدءا " يعنى إلى
لدعوة بعد ما بدأ فيها والمراد تكرير الدعوة " .عذرا ونذرا " كل منهما
مفعول له لقوله " :بعث " أي عذرا للمحقين ونذرا للمبطلين ،أو حال أي
عاذرا ومنذرا .وله " :بحكم " المراد به الجنس أي بعثه مع أحكام
مفصلة مبينة (7) .الفرقان هو القرآن وكل ما فرق بين الحق والباطل.
والمراد بتفريقه انزاله متفرقا أو تعلقه بالحكام المتفرقة.
][366
لهم سبحانه في كتابه ) (1من غير أن كونوا رأوه ،فأراهم حلمه كيف حلم )(2
وأراهم عفوه كيف عفا ،وأراهم قدرته كيف قدر ،وخوفهم من سطوته،
وكيف خلق ما خلق من اليات ،وكيف محق من محق من العصاة
بالمثلت ،واحتصد من احتصد بالنقمات ) (3وكيف رزق وهدى أعطى،
وأراهم حكمه كيف حكم ) (4وصبر حتى يسمع ما يسمع ويرى .فبعث ال
عزوجل محمدا صلى ال عليه وآله بذلك .ثم إنه سيأتي عليكم من بعدي
زمان ليس في ذلك الزمان شئ أخفى من الحق ،ول أظهر من الباطل ،ول
أكثر من الكذب على ال تعالى و رسوله صلى ال عليه وآله صلى ال
عليه وآله ،وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور ) (5من الكتاب إذا تلى
حق تلوته ،ول سلعة أنفق بيعا (6ول أغلى ثمنا من الكتاب إذا حرف عن
مواضعه ،وليس في العباد ول في البلد شئ ،هو أنكر من المعروف ول
أعرف من المنكر ،وليس فيها فاحشة أنكر ول عقوبة أنكى من الهدى )(7
عند الضلل في ذلك الزمان ،فقد نبذ الكتاب حملته ،وتناساه حفظته )(8
حتى تمالت بهم الهواء ،وتوارثوا ذلك من الباء وعملوا بتحريف الكتاب
كذبا وتكذيبا فباعوه بالبخس ) (9وكانوا فيه من الزاهدين .فالكتاب وأهل
الكتاب في ذلك الزمان طريدان منفيان ،وصاحبان مصطحبان في طريق
واحد ،ل يؤويهما مؤو ،فحبذا ذانك الصاحبان ،واها لهما ولما يعملن
) (1أي ظهر من غير أن يرى بالبصر بل نبههم عليه في القرآن من قصص الولين
وما حل بهم من النقمة عند مخالفة الرسل (2) .في نسخة " حكمه كيف
حكم " ) (3المثلت -بفتح الميم وضم الثاء -جمع المثلة وهى العقوبة.
والحتصاد :المبالغة في القتل والستيصال مأخوذ من حصد الزرع(4) .
في نسخة " حلمه كيف حلم " .وهو الصواب (5) .السلعة -بالكسر :-
المتاع .البوار ،الكساد (6) .النفاق :الرواج (7) .النكاية :الجرج والقرح.
) (8تناساه :أرى من نفسه أنه نسيه (9) .البخس :بالموحدة ثم المعجمة
ثم المهملة :الناقص.
][367
له ) (1فالكتاب وأهل الكتاب في ذلك الزمان في الناس وليسوا فيهم ،ومعهم و
ليسوا معهم ،وذلك لن الضللة ل توافق الهدى ،إن اجتمعا وقد اجتمع
القوم على الفرقة ،وافترقوا على الجماعة ،وقد ولو أمرهم وأمر دينهم من
يعمل فيهم بالمكر والمنكر .والرشاء والقتل ،كأنهم أئمة الكتاب وليس
الكتاب إمامهم ،لم يبق عندهم من الحق إل اسمه ،ولم يعرفوا من الكتاب
إل خطه وزبره ) (2يدخل الداخل لما يسمع من حكم القرآن فل يطمئن
جالسا حتى يخرج من الدين ينتقل من دين ملك إلى دين ملك ،ومن ولية
ملك إلى ولية ملك ،ومن طاعة ملك إلى طاعة ملك ،ومن عهود ملك إلى
عهود ملك ،فاستدرجهم ال تعالى من حيث ل يعلمون وإن كيده متين
بالمل والرجاء ) (3حتى توالدوا في المعصية ،ودانوا بالجور .والكتاب لم
يضرب عن شئ منه صفحا ،ضلل تائهين ،قد دانوا بغير دين ال عز ذكره
وأدانوا لغير ال ) .(4مساجدهم في ذلك الزمان عامرة من الضللة ،خربة
من الهدى وفقراؤها وعمارها أخائب خلق ال وخليقته ،من عندهم جرت
الضللة وإليهم تعود ،وحضور مساجدهم المشي إليها كفر بال العظيم إل
من مشى إليها وهو عارف بضللتهم ،فصارت مساجدهم من فعالهم على
ذلك النحو خربه من الهدى ،عامرة من الضللة ،قد بدلت
) " (1واها " كلمة تلهف وتوجع .قوله " :لما يعملن " في بعض نسخ المصدر
" لم يعمدان له " بالدال أي العلة الغائية من خلقها (2) .بكسر الزاى
وسكون الباء أي كتابته .وقوله " :يدخل الداخل " أي في الدين وخروجه
لما يرى من عدم عمل أهله به وبدعهم وجورهم (3) .متعلق بقوله "
استدرجهم " استدراج ال تعالى عباده أنه كلما جدد العبد خطيئة جدد له
نعمة وأنساه الستغفار وأن يأخذه قليل قليل ويباغته " (4) .دانوا " أي
أمروا بطاعة غيره تعالى .و " أدانوا " لم يرد هذا البناء فيما عندنا من
كتب اللغة و في النسخة القديمة " وكانوا لغير ال " )منه(.
][368
سنة ال وتعديت حدوده ول يدعون إلى الهدى ،ول يقسمون الفئ ،ول يوفون
بذمة .يدعون القتيل منهم على ذلك شهيدا ،قد أتوا ال بالفتراء والجحود،
و استغنوا بالجهل عن العلم ومن قبل ما مثلوا بالصالحين كل مثلة )(1
وسموا صدقهم على ال فرية ،جعلوا في الحسنة العقوبة السيئة ،وقد بعث
ال عزوجل إليكم رسول من أنفسكم عزيزا عليه ما عنتم حريص عليكم
بالمؤمنين رؤف رحيم ) " (2وأنزل عليه كتابا عزيزا ل يأتيه الباطل من
بين يديه ول من خلفه تنزيل من حكيم حميد قرآنا عربيا غير ذي عوج
لينذر من كان حيا ) (3ويحق القول على الكافرين فل يلهينكم المل ،ول
يطولن عليكم الجل ،فإنما أهلك من كان قبلكم أمد أملهم ،وتغطية الجال
عنهم حتى نزل بهم الموعود ) (4الذي ترد عنه المعذرة ،و ترفع عنه
التوبة ،وتحل معه القارعة والنقمة ) .(5وقد أبلغ ال عزوجل إليكم
بالوعد ،وفصل لكم القول ،وعلمكم السنة وشرع لكم المناهج ليزيح العلة )
(6وحث على الذكر ،ودل على النجاة وإنه من انتصح ل واتخذ قوله دليل
هداه للتي هي أقوم ) (7ووفقه للرشاد ،وسدده
) (1المثلة -بالضم :-النكال ،قال الفيض رحمه ال :-ومن روى مثلوا -بالتشديد
-أراد جدعوهم بقطع الذن والنوف " (2) .من أنفسكم " أي من
جنسكم عربي مثلكم .وقرء من انفسكم -بفتح الفاء -أي من أشرفكم "
عزيز عليه " أي شديد شاق " .ما عنتم " عنتكم ولقاؤكم المكروه" .
حريص عليكم " أي على ايمانكم وصلح شأنكم (3) .أي عاقل فهما فان
الغافل كالميت (4) .المراد بالموعود الموت (5) .القارعة :الشديدة من
شدائد الدهر (6) .زاح الشئ يزيح زيحا أي بعد وذهب وأزاحه غيره" .
الصحاح " ) (7النتصاح :قبول النصيحة يعنى من اطاع اوامر ال تعالى
وعلم انه انما يهديه إلى مصالحه ويرد عن مفاسده يهديه للحالة التى
اتباعها اقوم وهى من اللفاظ القرآنية " ان هذا القرآن يهدى للتى هي
اقوم " وتلك الحالة هي المعرفة بال وتوحيده كما في الوافى.
][369
ويسره للحسنى ،فان جار ال آمن محفوظ ،وعدوه خائف مغرور ،فاحترسوا من
ال عز ذكره بكثرة الذكر ،واخشوا منه بالتقى ،وتقربوا إليه بالطاعة فإنه
قريب مجيب .قال ال عزوجل " :وإذا سألك عبادي عني فإني قريب اجيب
دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون " )(1
فاستجيبوا ل وآمنوا به وعظموا ال الذي ل ينبغي لمن عرف عظمة ال
أن يتعظم ) (2فان رفعة الذين يعلمون ما عظمة ال أن يتواضعوا له ،وعز
الذين يعلمون ما جلل ال أن يذلوا له وسلمة الذين يعلمون ما قدرة ال
أن يستسلموا له ،فل ينكرون أنفسهم بعد حد المعرفة ،ول يضلون بعد
الهدى ،فل تنفروا من الحق نفار الصحيح من الجرب ) (3والباري من
ذي السقم .واعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه ،ولن
تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه ،ولن تمسكوا به حتى
تعرفوا الذي نبذه ،ولن تتلوا الكتاب حق تلوته حتى تعرفوا الذي حرفه،
ولن تعرفوا الضللة حتى تعرفوا الهدى ،ولن تعرفوا التقوى حتى تعرفوا
الذي تعدى ،فإذا عرفتم ذلك عرفتم البدع ،والتكلف ،ورأيتم الفرية على ال
وعلى رسوله والتحريف لكتابه ورأيتم كيف هدى ال من هدى ،فل
يجهلنكم ) (4الذين ل يعلمون علم القرآن إن علم القرآن ليس بعلم ،ما هو
إل من ذاق طعمه ،فعلم بالعلم جهله ،وبصر به عماه ) ،(5وسمع به
صممه ،وأدرك به علم ما فات ،وحيى به بعد إذ مات ،وأثبت عند ال عز
ذكره الحسنات ،ومحابه السيئات ،وأدرك به رضوانا من ال تبارك وتعالى.
) (1البقرة (2) .186 :أي يطلب لنفسه العظمة (3) .أي الذى به الجرب وهو داء
معروف (4) .من التجهيل أي ل ينسبوكم إلى الجهل " (5) .فعلم بالعلم
جهله " أي ما جهل مما يحتاج إليه في جميع المور أو كونه جاهل < -
][370
فاطلبوا ذلك من عند أهله خاصة ) (1فإنهم خاصة نور يستضاء به ،وأئمة يقتدى
بهم .وهم عيش العلم وموت الجهل .هم الذين يخبركم حكمهم عن علمهم،
و صمتهم عن منطقهم ) (2وظاهرهم عن باطنهم ل يخالفون الدين ول
يختلفون فيه ،فهو بينهم شاهد صادق وصامت ناطق ) (3فهم من شأنهم
شهداء بالحق ومخبر صادق ) (4ل يخالفون الحق ول يختلفون فيه ،قد
خلت لهم من ال سابقة ،ومضى فيهم من ال عزوجل حكم صادق ،وفي
ذلك ذكرى للذاكرين .فاعقلوا الحق إذا سمعتموه عقل رعاية ،ول تعقلوه
عقل رواية ،فان رواة الكتاب كثير ورعاته قليل ،وال المستعان.
< -قبل ذلك أو كمل علمه حتى اقر بأنه جاهل فان غايه كل كمال في المخلوق
القرار بالعجز عن استكماله والعتراف بثبوته كما ينبغى للرب تعالى أو
يقال :ان الجاهل لتساوي نسبة الشياء إليه لجهله بجميعها يدعى علم كل
شئ واما العالم فهو يميز بين ما يعلمه وما ل يعلمه فبالعلم عرف جهله
ول يخفى جريان الحتمالت في الفقرتين التاليتين وان الول أظهر في
الجميع بأن يكون المراد بقوله " :وبصر به عماه " أي أبصر به ما
عمى عنه أو تبدلت عماه بصيرة " .وسمع به " يمكن أن يقرء بالتخفيف
أي سمع ما كان صم عنه أو بالتشديد أي بدل بالعلم صممه يكونه سميعا
)قاله المؤلف في المرآة( (1) .كنى عليه السلم بقوله " :من عند أهله "
عن نفسه ومن يحذو حذوه من أولده واهله عليهم السلم (2) .ذلك لن
صمت العارف ابلغ من نطق غيره (3) .انما ل يخالفون الدين لنهم
قوامه وأربابه وانما ل يختلفون فيه لن الحق في التوحيد واحد فالدين أو
القرآن بينهم شاهد صادق يأخذون بحكمه كما يؤخذ بحكم الشاهد
الصادق .و " صامت ناطق " لنه ل ينطق بنفسه بل لبد له من مترجم
فهو صامت في الصورة وفى المعنى انطق الناطقين .لن الوامر
والنواهي والداب كلها مبنية عليه ومتفرعة عنه فهو شأن من شأنهم
)الوافى( (4) .مخبر صادق في حقهم حال كونهم شهداء بالحق غير
مخالفين له ول مختلفين فيه.
][371
- 35ما (1) :عن الحسين بن عبيدال ،عن علي بن محمد بن محمد العلوي ،عن
محمد بن موسى الرقي ،عن علي بن محمد بن أبي القاسم ،عن أحمد بن
أبي عبد ال البرقي عن عبد العظيم بن عبد ال الحسني ،عن أبيه ،عن
أبان مولى زيد بن علي ،عن عاصم ابن بهدلة ،عن شريح القاضي قال:
أمير المؤمنين عليه السلم لصحابه يوما وهو يعظهم :ترصدوا مواعيد
الجال ،وباشروها بمحاسن العمال ،ول تركنوا إلى ذخائر ) (2الموال
فتخليكم خدائع المال ،إن الدنيا خداعة صراعة مكارة غرارة سحارة
أنهارها لمعة وثمراتها يانعة ) (3ظاهرها سرور وباطنها غرور ،تأكلكم
بأضراس المنايا ،وتبيركم ) (4باتلف الرزايا ،لهم بها أولد الموت وآثروا
زينتها وفطلبوا رتبتها .جهل الرجل ومن ذلك الرجل المولع بلذتها،
والساكن إلى فرحتها والمن لغدرتها ،دارت عليكم بصروفها ،ورمتكم
بسهام حتوفها ) (5فهي تنزع أرواحكم نزعا وأنتم تجمعون لها جمعا
للموت تولدون ،وإلى القبور تنقلون ،وعلى التراب تتوسدون ) (6وإلى
الدود تسلمون وإلى الحساب تبعثون ،يا ذوي الحيل والراء والفقه
والنباء ،اذكروا مصارع الباء فكأنكم بالنفوس قد سلبت ،و بالبدان قد
عريت ،وبالمواريث قد قسمت ،فتصير يا ذا الدلل والهيبة ) (7والجمال
إلى منزلة شعثاء ،ومحلة غبراء ،فتنوم على خدك في لحدك في منزل قل
زواره ومل عماله ،حتى تشق عن القبور ،وتبعث إلى النشور.
) (1المالى ج 2ص (2) .266الركون :الميل والعتماد (3) .ينع الثمرة :أدرك
وطاب وحان قطافه فهو يانع (4) .المنايا جمع منية وهى الموت .وأباره
أي أهلكه (5) .الحتف :الموت جمعه حتوف (6) .في بعض النسخ " على
التراب ينومون " (7) .الدلل -بالفتح :-الوقار والتغنج.
][372
فان ختم لك بالسعادة صرت إلى الحبور ) (1وأنت ملك مطاع وآمن ل تراع يطوف
عليكم ولدان كأنهم الجمان ) (2بكأس من معين ،بيضاء لذة للشاربين أهل
الجنة فيها يتنعمون ،وأهل النار فيها يعذبون ،هؤلء في السندس والحرير
يتبخترون ،وهؤلء في الجحيم والسعير يتقلبون ،هؤلء تحشا جماجمهم
بمسك الجنان وهؤلء يضربون بمقامع النيران ،هؤلء يعانقون الحور في
الحجال ،وهؤلء يطوقون أطواقا في النار بالغلل في قلبه فزع قد أعيى
الطباء ،وبه داء ل يقبل الدواء .يا من يسلم إلى الدود ويهدى إليه اعتبر
بما تسمع وترى وقل لعينيك تجفو لذة الكرى وتفيض من الدموع بعد
الدموع تترى ) ،(3بيتك القبر بيت الهوال والبلى ،وغايتك الموت .يا قليل
الحياء ،اسمع يا ذا الغفلة والتصريف من ذي الوعظ والتعريف ،جعل يوم
الحشر يوم العرض والسؤال ،والحباء والنكال ،يوم تقلب إليه أعمال النام،
وتحصى فيه جميع الثام ،يوم تذوب من النفوس أحداق عيونها وتضع
الحوامل ما في بطونها .ويفرق بين كل نفس وحبيبها ،ويحار في تلك
الهوال عقل لبيبها ،إذا تنكرت الرض بعد حسن عمارتها ،وتبدلت بالخلق
بعد أنيق زهرتها ) (4أخرجت من معادن الغيب أثقالها ،ونفضت إلى ال
أحمالها يوم ل ينفع الجد ) (5إذا عاينوا الهول الشديد فاستكانوا ،وعرف
المجرمون بسيماهم فاستبانوا فانشقت القبور بعد طول انطباقها،
واستسلمت النفوس إلى ال بأسبابها ،كشف عن الخرة غطاؤها ،وظهر
للخلق أبناؤها ،فدكت الرض دكا دكا ) ،(6ومدت
) (1الحبور :السرور .وراعه المر :أفزعه (2) .الجمان ،اللؤلؤ (3) .جفا صاحبه
أعرض عنه .والكرى :النعاس .وتترى أي متواليا (4) .النيق :الحسن
المعجب (5) .في المصدر " ل ينفع الحذر " (6) .دكت الرض أي سوى
صعودها وهبوطها.
][373
لمر يراد بها مدا مدا ،واشتد المثارون إلى ال ) (1شدا شدا ،وتزاحفت الخليق
إلى المحشر زحفا زحفا ) (2ورد المجرمون على العقاب ردا ردا ،وجد
المر ويحك يا إنسان جدا جدا ،وقربوا للحساب فردا فردا ،وجاء ربك و
الملك صفا صفا ،يسألهم عما عملوا حرفا حرفا ،فجئ بهم عراة البدان،
خشعا أبصارهم ،أمامهم الحساب ،ومن ورائهم جهنم يسمعون زفيرها
ويرون سعيرها ،فلم يجدوا ناصرا ول وليا يجيرهم من الذل ،فهم يعدون
سراعا ) (3إلى مواقف الحشر يساقون سوقا فالسموات مطويات بيمينه
كطي السجل للكتب ،والعباد على الصراط وجلت قلوبهم ،يظنون أنهم ل
يسلمون ،ول يؤذن لهم فيتكلمون ،ول يقبل منهم فيعتذرون ،قد ختم على
أفواهم ،واستنطقت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون .يالها من ساعة ما
أشجى مواقعها من القلوب ،حين ميز بين الفريقين فريق في الجنة وفريق
في السعير .من مثل هذا فليهرب الهاربون ،إذا كانت الدار الخرة لها يعمل
العاملون - 36 .ما (4) :عن محمد بن أحمد بن شاذان ،عن محمد بن علي
بن المفضل ،عن علي بن حسن النحوي ،عن الحسن بن علي الزفري )(5
عن العباس بن بكار الضبي عن أبي بكر الهذلي ،عن عكرمة ،عن ابن
عباس قال :خطب أمير المؤمنين عليه السلم فقال :الحمد ل الذي ل
يحويه مكان ،ول يحده زمان ،عل بطوله ودنى بحوله ،سابق كل
) (1ثار إليه وثب عليه وفى بعض النسخ " المبارون " (2) .تزاحف القوم في
الحرب :زحف بعضهم إلى بعض وتدانوا .والزحف :الجيش يزحفون إلى
العدو أي يمشون .ويقال زحف إليه كمنع زحفا إذا مشى نحوه .وزحفا
زحفا أي زحفا بعد زحف متفرقين (3) .في بعض النسخ " يقودون
سراعا " (4) .المالى ج 2ص (5) .296كذا وفى المصدر " الرمزنى
".
][374
غنيمة وفضل ،وكاشف كل عظيمة وإزل ) (1أحمده على جود كرمه وسبوغ نعمه
وأستعينه على بلوغ رضاه والرضا بما قضاه وأومن به إيمانا وأتوكل عليه
إيقانا وأشهد أن ل إله إل ال الذي رفع السماء فبنيها وسطح الرض
فطحيها وأخرج منها ماءها ومرعيها والجبال أرسيها ) (2ل يؤوده خلق
وهو العلي العظيم ،وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى
المشهور والكتاب المسطور والدين المأثور إبلء لعذره وإنهاء لمره ،فبلغ
الرسالة وهدى من الضللة وعبد ربه حتى أتاه اليقين فصلى ال عليه وآله
وسلم كثيرا .أوصيكم بتقوى ال فان التقوى أفضل كنز وأحرز حرز وأعز
عز ،فيه نجاة كل هارب ودرك كل طالب وظفر كل غالب وأحثكم على طاعة
ال فانها كهف العابدين وفوز الفائزين وأمان المتقين ،واعلموا أيها الناس
إنكم سيارة قد حدا بكم الهادي وحدي لخراب الدنيا حادي ،وناداكم للموت
منادي ،فل تغرنكم الحياة الدنيا ول يغرنكم بال الغرور أل وإن الدنيا دار
غرارة خداعة تنكح في كل يوم بعل وتقتل في كل ليلة أهل ،وتفرق في كل
ساعة شمل ،فكم من منافس فيها وراكن إليها من المم السالفة قد قذفتهم
في الهاوية ودمرتهم تدميرا وتبرتهم تتبيرا وأصلتهم سعيرا ) (3أين من
جمع فأوعى ،وشد فأوكى ،ومنع فأكدى ) (4بل أين من عسكر العساكر ،و
دسكر الدساكر ) (5وركب المنابر ،أين من بنى الدور ،وشرف القصور،
وجمهر -
) (1ال زال -بكسر الهمزة :-الداهية " (2) .طحيها " أي بسطها .و " أرسيها "
أي أثبتها (3) .التدمير :الهلك والتتبير :الهلك أيضا ،وأصله النار:
أدخله أياها وأثواه فيها .والسعير :لهب النار (4) .أوكى ايكاء -القربة
وعلى ما في القربة :شدها بالوكاء ،والوكاء رباط القربة ونحوها .وأكدى
اكداء -الرجل :-لم يظفر بحاجته ،أو بخل في العطاء .وأكداه عن كذا:
رده عنه ومنعه (5) .قال الفيومى في المصباح :الدسكرة بناء يشبه
القصر ،حوله بيوت ،ويكون < -
][375
اللوف ) (1قد تداولتهم أيامها ،وابتلعتهم أعوامها ،فصاروا أمواتا وفي القبور
رفاتا قد يئسوا ما خلفوا ) (2ووقفوا على ما أسلفوا ،ثم ردوا إلى ال
مولهم الحق أل له الحكم وهو أسرع الحاسبين .وكأني بها وقد أشرفت
بطليعها وعسكرت بفظايعها ،فأصبح المرء بعد صحته مريضا ،وبعد
سلمته نقيصا ) (3يعالج كربا ويقاسي تعبا ،في حشرجة السباق ) (4و
تتابع الفواق ،وتردد النين ،والذهول عن البنات والبنين ،والمرء قد
اشتمل عليه شغل شاغل وهو هائل ،قد اعتقل منه اللسان وتردد منه
البنان ،فأصاب مكروها وفارق الدنيا مسلوبا ،ل يملكون له نفعا ول لما حل
به دفعا ،يقول ال عزوجل في كتابه " :فلول إن كنتم غير مدينين *
ترجعونها إن كنتم صادقين ) " (5ثم من دون ذلك أهوال يوم القيامة ويوم
الحسرة والندامة ،يوم تنصب الموازين ،وتنشر الدواوين بإحصاء كل
صغيرة وإعلن كل كبيرة ،يقول ال في كتابه " ووجدوا ما عملوا حاضرا
ول يظلم ربك أحدا " )] (6ثم قال .[:أيها الناس الن الن من قبل الندم
ومن قبل أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب ال وإن كنت
لمن الساخرين * أو تقول لو أن ال هداني لكنت من المتقين * أو تقول
حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين "
< -للملوك :قال الزهرى :وأحسبه معربا .والدسكره :القربة (1) .شرف البيت -
من باب التفعيل :-جعل له شرفا .وجمهر الشئ :جمعه (2) .في المصدر
" قد نسوا ما خلفوا " (3) .في المصدر " نقيضا " بالضاد المعجمة) .
(4حشرج الرجل أي غرغر عند الموت وتردد نفسه .والفواق -بالضم
:-ما يأخذ النسان عند النزع ،وترجيع الشهقة العالية (5) .الواقعة86 :
و 87وقوله " غير مدينين " أي غير مجزيين يوم القيامة أو غير
مملوكين مقهورين من دانه إذا اذله واستعبده وأصل التركيب للذل
والنقياد (6) .الكهف.47 :
][376
فيرد الجليل جل ثناؤه " بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من
الكافرين " ) (1فوال ما سئل الرجوع إل ليعمل صالحا ،ول يشرك بعبادة
ربه أحدا] .ثم قال [:أيها الناس الن الن ما دام الوثاق مطلقا ،والسراج
منيرا ،وباب التوبة مفتوحا ،ومن قبل أن يجف القلم ،وتطوى الصحيفة،
فل رزق ينزل ،ول عمل يصعد ،المضمار اليوم ،والسباق غدا ،فانكم ل
تدرون إلى جنه أو إلى نار .وأستغفر ال لي ولكم } .باب ) * { 15مواعظ
أمير المؤمنين عليه السلم وخطبه أيضا وحكمه( * - 1مع ،لى(2) :
الطالقاني ،عن أحمد بن محمد الهمداني ،عن الحسن بن القاسم قراءة ،عن
علي بن إبراهيم بن المعلى ،عن أبي عبد ال محمد بن خالد ،عن عبد ال
ابن بكر المرادي ،عن موسى بن جعفر ،عن أبيه ،عن جده ،عن علي بن
الحسين عن أبيه عليهم السلم قال :بينا أمير المؤمنين عليه السلم ذات
يوم جالس مع أصحابه يعبيهم للحرب إذ أتاه شيخ عليه شخبة السفر )(3
فقال أين أمير المؤمنين ؟ فقيل هو ذا فسلم عليه ثم قال :يا أمير المؤمنين
إني أتيتك من ناحية الشام وأنا شيخ كبير قد سمعت فيك من الفضل ما ل
احصى ،وإني أظنك ستغتال ) (4فعلمني مما علمك ال ،قال :نعم .يا شيخ
من اعتدل يوماه فهو مغبون ،ومن كانت الدنيا همته اشتدت حسرته
) (1الزمر 58 :إلى (2) .61معاني الخبار ص ،197المجالس ص (3) .236
عباهم تعبئة وتعبيئا :جهزهم .والشخبة :التعب والمشقة .وفى المصدر
بالحاء المهملة بمعنى تغير اللون من مرض ونحوه .وفى أمالى الشيخ ج
2ص " 49في هيئة السفر " (4) .غاله واغتاله :اخذه من حيث ل
يدرى وقتله.
][377
عند فراغها ،ومن كانت غده شر يوميه فمحروم ،ومن لم يبال ما رزء ) (1من
آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك ،ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب
عليه الهوى ،ومن كان في نقص فالموت خير له .يا شيخ إن الدنيا خضرة
حلوة ولها أهل وإن الخرة لها أهل ،ظلفت أنفسهم عن مفاخرة أهل الدنيا
) (2ل يتنافسون في الدنيا ،ول يفرحون بغضارتها ،ول يحزنون لبؤسها.
يا شيخ من خاف البيات قل نومه ،ما أسرع الليالي واليام في عمر العبد،
فاخزن لسانك ،وعد كلمك يقل كلمك إل بخير .يا شيخ ارض للناس ما
ترضى لنفسك ،وأت إلى الناس ما تحب أن يؤتي إليك .ثم أقبل على
أصحابه فقال :أيها الناس أما ترون إلى أهل الدنيا يمسون ويصبحون على
أحوال شتى ،فبين صريع يتلوى ،وبين عائد ومعود ) (3وآخر بنفسه
يجود ،وآخر ل يرجى وآخر مسجى ) (4وطالب الدنيا والموت يطلبه،
وغافل و ليس بمغفول عنه ،وعلى أثر الماضي يصير الباقي .فقال له زيد
بن صوحان العبدي :يا أمير المؤمنين أي سلطان أغلب وأقوى ؟ قال:
الهوى قال :فأي ذل أذل ؟ قال :الحرص على الدنيا ،قال :فأي فقر أشد ؟
قال :الكفر بعد اليمان ،قال :فأي دعوة أضل ؟ قال :الداعي بما ل يكون
قال :فأي عمل أفضل ؟ قال :التقوى ،قال فأي عمل أنجح ؟ قال :طلب ما
عند ال ،قال :فأي صاحب شر ؟ قال :المزين لك معصية ال ،قال:
) (1رزأه :أصابه ونقصه (2) .ظلف نفسه عن الشئ :كف عنه (3) .تلوى أي
انعطف وانطوى .والصريع :المطروح على الرض .والمعود الذى يعوده
الناس في مرض (4) .سجى الميت تسجية :مد عليه ثوبا يستره.
][378
فأي الخلق أشقى ؟ قال :من باع دينه بدنيا غيره ،قال :فأي الخلق أقوى ؟ قال:
الحليم ،قال :فأي الخلق أشح ؟ قال :من أخذ المال من غير حله فجعله في
غير حقه ،قال :فأي الناس أكيس ؟ قال :من أبصر رشده من غيه فمال إلى
رشده ،قال :فمن أحلم الناس ؟ قال :الذي ل يغضب ،قال :فأي الناس أثبت
رأيا ؟ قال :من لم يغره الناس من نفسه ولم تغره الدنيا بتشوفها ) (1قال:
فأي الناس أحمق ؟ قال المغتر بالدنيا وهو يرى ما فيها من تقلب أحوالها،
قال :فأي الناس أشد حسرة ؟ قال :الذي حرم الدنيا والخرة ذلك هو
الخسران المبين ،قال :فأي الخلق أعمى ؟ قال :الذي عمل لغير ال ،يطلب
بعمله الثواب من عند ال عزوجل قال :فأي القنوع أفضل ؟ قال :القانع بما
أعطاه ال ،قال :فأي المصائب أشد ؟ قال :المصيبة بالدين ،قال :فأي
العمال أحب إلى ال عزوجل ؟ قال :انتظار الفرج ،قال :فأي الناس خير
عند ال عزوجل ؟ قال :أخوفهم ل وأعملهم بالتقوى وأزهدهم في الدنيا،
قال :فأي الكلم أفضل عند ال عزوجل ؟ قال :كثرة ذكره والتضرع إليه
ودعاؤه ،قال :فأي القول أصدق ؟ قال :شهادة أن ل إله إل ال قال :فأي
العمال أعظم عند ال عزوجل ؟ قال :التسليم والورع ،قال :فأي الناس
أكرم ؟ قال :من صدق في المواطن .ثم أقبل عليه السلم على الشيخ فقال:
يا شيخ إن ال عزوجل خلق خلقا ضيق الدنيا عليهم نظرا لهم ،فزهدهم
فيها وفي حطامها ،فرغبوا في دار السلم الذي دعاهم إليه ،وصبروا على
ضيق المعيشة ،وصبروا على المكروه ،واشتاقوا على ما عند ال من
الكرامة ،وبذلوا أنفسهم ابتغاء رضوان ال ،وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة
فلقوا ال وهو عنهم راض ،وعلموا أن الموت سبيل من مضى ومن بقي،
فتزودوا لخرتهم غير الذهب والفضة ،ولبسوا الخشن ،وصبروا على
القوت ) (2وقدموا الفضل ،و
) (1التشوف :التزين (2) .في المصدر " فصبروا على الذل ".
][379
) (1في المصدر " اولئك المصابيح في الدنيا " (2) .المالى ج 2ص (3) .49
مخطوط (4) .المجالس ص (5) .22المصدر ص .66
][380
ابن آدم إل قال له ذلك اليوم :يا ابن آدم أنا يوم جديد ،وأنا عليك شهيد ،فقل في
خيرا واعمل في خيرا ،أشهد لك به يوم القيامة فانك لن تراني بعده أبدا4 .
-لى (1) :عن محمد بن علي ،عن عمه محمد بن أبي القاسم ،عن هارون
بن مسلم ،عن مسعدة بن صدقة ،عن الصادق جعفر بن محمد ،عن أبيه،
عن آبائه عليهم السلم أن أمير المؤمنين عليه السلم خطب بالبصرة،
فقال بعد ما حمد ال عزوجل وأثنى عليه وصلى على النبي وآله :المدة
وإن طالت قصيرة ،والماضي للمقيم عبرة ،والميت للحي عظة ،وليس
لمس مضى عودة ،ول المرء من غد على ثقة ]إن[ الول للوسط رائد
والوسط للخر قائد ،وكل لكل مفارق ،وكل بكل لحق ،و الموت لكل
غالب ،واليوم الهائل لكل آزف ،وهو اليوم الذي ل ينفع فيه مال ول بنون
إل من أتى ال بقلب سليم .ثم قال عليه السلم :معاشر شيعتي اصبروا
على عمل ل غنى بكم عن ثوابه ،و اصبروا عن عمل ل صبر لكم على
عقابه ،إنا وجدنا الصبر على طاعة ال أهون من الصبر على عذاب ال
عزوجل ،اعملوا أنكم في أجل محدود ،وأمل ممدود ،ونفس معدود ،ولبد
للجل أن يتناهى ،وللمل أن يطوى ،وللنفس أن يحصى ،ثم دمعت عيناه،
وقرأ " وإن عليكم لحافظين * كراما كاتبين * يعلمون مال تفعلون " ).(2
- 5يد ،لى (3) :عن ابن عصام ،عن الكليني ،عن محمد بن علي بن معن،
عن محمد بن علي بن عاتكة ،عن الحسن بن النضر الفهري ،عن عمرو
الوزاعي ،عن عمرو بن شمر ،عن جابر بن يزيد الجعفي ،عن أبي جعفر
محمد بن علي الباقر ،عن أبيه ،عن جده عليهم السلم قال :قال أمير
المؤمنين عليه السلم في خطبة خطبها بعد موت النبي صلى ال عليه وآله
بتسعة ) (4أيام وذلك حين فرغ من جمع القرآن فقال:
][381
الحمد ل الذي أعجز الوهام أن تنال إل وجوده ،وحجب العقول أن تتخيل ذاته في
امتناعها من الشبه والشكل ،بل هو الذي لم يتفاوت في ذاته ،ولم يتبعض
بتجزئة العدد في كماله ،فارق الشياء ل على اختلف الماكن ،وتمكن
منها ل على الممازجة ،وعلمها ل بأداة ،ل يكون العلم إل بها ،وليس بينه
وبين معلومة علم غيره ،إن قيل " :كان " فعلى تأويل أزلية الوجود ،وإن
قيل " :لم يزل " فعلى تأويل نفي العدم ،فسبحانه وتعالى عن قول من عبد
سواه واتخذ إلها غيره علوا كبيرا .نحمده بالحمد الذي ارتضاه لخلقه
وأوجب قبوله على نفسه ،وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له،
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ،شهادتان ترفعان القول وتضاعفان
العمل ،خف ميزان ترفعان منه ،وثقل ميزان توضعان فيه ،وبهما الفوز
بالجنة ،والنجاة من النار ،والجواز على الصراط ،وبالشهادتين تدخلون
الجنة وبالصلة تنالون الرحمة ،فأكثروا من الصلة على نبيكم وآله " إن
ال وملئكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا
تسليما " أيها الناس إنه ل شرف أعلى من السلم ،ول كرم أعز من
التقوى .ول معقل آحرز من الورع ،ول شفيع أنجح من التوبة ،ول كنز
أنفع من العلم ،ول عز أرفع من الحلم ،ول حسب أبلغ من الدب ،ول نصب
أوضع من الغضب ،ول جمال أزين من العقل ،ول سوءة أسوء من الكذب،
ول حافظ أحفظ من الصمت ،ول لباس أجمل من العافية ،ول غائب أقرب
من الموت .أيها الناس إنه من مشى على وجه الرض فانه يصير إلى
بطنها ،والليل والنهار مسرعان في هدم العمار ،ولكن ذي رمق قوت،
ولكل حبة آكل ،وأنت قوت الموت ،وإن من عرف اليام لم يغفل عن
الستعداد ،لن ينجو من الموت غني بماله ،ول فقير لقلله ،أيها الناس من
خاف ربه كف ظلمه ،ومن لم يرع في كلمه أظهر هجره ،ومن لم يعرف
الخير من الشر فهو بمنزلة البهم ) ،(1ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة
غدا ،هيهات هيهات وما تناكرتم إل لما فيكم من المعاصي
والذنوب ،فما أقرب الراحة من التعب ،والبؤس من النعيم ،وما شر بشر بعده
الجنة ،وما خير بخير بعده النار ،وكل نعيم دون الجنة محقور ،وكل بلء
دون النار عافية - 6 .لى (1) :عن محمد بن القاسم السترابادي ،عن
أحمد بن الحسن الحسيني عن الحسن بن علي العسكري ،عن آبائه عليهم
السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم :كم من غافل ينسج ثوبا
ليلبسه وإنما هو كفنه ،ويبني بيتا ليسكنه وإنما هو موضع قبره - 7 .لى:
) (2قيل لمير المؤمنين عليهم السلم :ما الستعداد للموت ؟ قال :أداء
الفرائض ،واجتناب المحارم ،والشتمال على المكارم ،ثم ل يبالي أوقع
على الموت أم وقع الموت عليه ،وال ما يبالي ابن أبي طالب أوقع على
الموت ،أم وقع الموت عليه - 8 .لى (3) :قال أمير المؤمنين عليه السلم
في بعض خطبه :أيها الناس إن الدنيا دار فناء والخرة دار بقاء ،فخذوا
من ممركم لمقركم ،ول تهتكوا أستاركم عند من ل يخفى عليه أسراركم،
وأخرجوا من الدنيا قلوبكم من قبل أن تخرج منها أبدانكم ،ففي الدنيا
حييتم ،وللخرة خلقتم ،إنما الدنيا كالسم يأكله من ل يعرفه ،إن العبد إذا
مات قالت الملئكة :ما قدم ،وقال الناس :ما أخر ،فقدموا فضل يكن لكم،
ول تؤخروا كل يكن عليكم ،فإن المحروم من حرم خير ماله والمغبوط من
ثقل بالصدقات والخيرات موازينه ،وأحسن في الجنة بها مهاده ،وطيب
على الصراط بها مسلكه - 9 .لى (4) :عن ابن إدريس ،عن أبيه ،عن ابن
أبي الخطاب ،عن المغيرة ) (1المجالس ص .67وسيأتى بهذا السند أيضا
عن العيون (2) .المجالس ص (3) .68المصدر ص (4) .68المصدر ص
.126
][383
ابن محمد ،عن بكر بن خنيس ،عن أبي عبد ال الشامي ،عن نوف البكالي قال:
أتيت أمير المؤمنين عليه السلم وهو في رحبة مسجد الكوفة فقلت:
السلم عليك يا أمير -المؤمنين ورحمة ال وبركاته ،فقال :وعليك السلم
يا نوف ورحمة ال وبركاته ،فقلت له :يا أمير المؤمنين عظني ،فقال :يا
نوف أحسن يحسن إليك ،فقلت زدني يا أمير المؤمنين ،فقال :يا نوف ارحم
ترحم ،فقلت :زدني يا أمير المؤمنين ،قال :يا نوف قل خيرا تذكر بخير،
فقلت :زدني يا أمير المؤمنين ،قال :اجتنب الغيبة فانها ادام كلب النار .ثم
قال :قال عليه السلم :يا نوف كذب من زعم أنه ولد من حلل وهو يأكل
لحوم الناس بالغيبة وكذب من زعم أنه ولد من حلل وهو يبغضني
ويبغض الئمة من ولدي ،وكذب من زعم أنه ولد من حلل وهو يحب
الزناء وكذب من زعم أنه يعرف ال عزوجل وهو مجتر على معاصي ال
كل يوم وليلة ،يا نوف أقبل وصيتي ل تكونن نقيبا ول عريفا ول عشارا
ول بريدا ،يا نوف صل رحمك يزيد ال في عمرك وحسن خلقك يخفف ال
في حسابك ،يا نوف إن سرك أن تكون معي يوم القيامة فل تكن للظالمين
معينا ،يا نوف من أحبنا كان معنا يوم القيامة ،ولو أن رجل أحب حجرا
لحشره ال معه ،يا نوف إياك أن تتزين للناس وتبارز ال بالمعاصي
فيفضحك ال يوم تلقاه ،يا نوف احفظ عني ما أقول لك تنل به خير الدنيا
والخرة - 10 .ن ،لى (1) :عن علي بن أحمد بن موسى ،عن محمد بن
هارون الصوفي عن عبيدال موسى الروياني ،عن عبد العظيم بن عبد ال
الحسني قال :قلت لبي -جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلم يا ابن
رسول ال حدثني بحديث عن آبائك عليهم السلم فقال :حدثني أبي ،عن
جدي ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال أمير -المؤمنين عليه السلم :ل
يزال الناس بخير ما تفاوتوا فإذا استووا هلكوا .قال :قلت له :زدني يا ابن
رسول ال ،فقال :حدثني أبي ،عن جدي ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال
أمير المؤمنين عليه السلم لو تكاشفتم ما تدافنم.
][384
قال :فقلت له :زدني يا ابن رسول ال فقال :حدثني أبي ،عن جدي ،عن آبائه عليهم
السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم :إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم
فسعوهم بطلقة الوجه وحسن اللقاء فاني سمعت رسول ال صلى ال
عليه وآله يقول " :إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلقكم ".
قال :فقلت له :زدني يا ابن رسول ال فقال :حدثني أبي ،عن جدي ،عن
آبائه عليهم السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم :من عتب على
الزمان طالت معتبته .قال :فقلت له :زدني يا ابن رسول ال فقال :حدثني
أبي ،عن جدي ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه
السلم :مجالسة الشرار تورث سوء الظن بالخيار .قال :فقلت له :زدني
يا ابن رسول ال ،قال :حدثني أبي ،عن جدي ،عن آبائه عليهم السلم قال:
قال أمير المؤمنين عليه السلم :بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد.
قال :فقلت له :زدني يا ابن رسول ال ،فقال :حدثني أبي ،عن جدي ،عن
آبائه عليهم السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم :قيمة كل امرء ما
يحسنه .قال :فقلت له :زدني يا ابن رسول ال ،قال :حدثني أبي ،عن
جدي ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم :المرء
مخبو تحت لسانه .قال :فقلت له :زدني يا ابن رسول ال ،فقال :حدثني
أبي ،عن جدي عن آبائه عليهم السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه
السلم :ما هلك امرء عرف قدره قال :فقلت له :زدني يا ابن رسول ال،
فقال :حدثني أبي ،عن جدي ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال أمير
المؤمنين عليه السلم :التدبير قبل العمل يؤمنك من الندم .قال :قلت له:
زدني يا ابن رسول ال ،فقال :حدثني أبي ،عن جدي ،عن آبائه عليهم
السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم :من وثق بالزمان ،صرع .قال:
فقلت له :زدني يا ابن رسول ال فقال :حدثني أبي ،عن جدي ،عن آبائه
عليهم السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم :خاطر بنفسه من
استغنى برأيه.
][385
قال :فقلت له :زدني يا ابن رسول ال ،فقال :حدثني أبي ،عن جدي ،عن آبائه
عليهم السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم :قلة العيال أحد
اليسارين .قال :فقلت له :زدني يا ابن رسول ال فقال :حدثني أبي ،عن
جدي ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم :من
دخله العجب هلك .قال :فقلت له :زدني يا ابن رسول ال ،فقال :حدثني
أبي ،عن جدي ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه
السلم :من أيقن بالخلف جاد بالعطية .قال :فقلت له :زدني يا ابن رسول
ال فقال :حدثني أبي ،عن جدي ،عن آبائه عليهم السلم قال :قال أمير
المؤمنين عليه السلم :من رضي بالعافية ممن دونه رزق السلمة ممن
فوقه .قال :فقلت له :حسبي - 11 .جا ،ما (1) :عن المفيد ،عن علي بن
محمد بن حبيش الكاتب ،عن الحسن بن علي الزعفراني ،عن إبراهيم بن
محمد الثقفي ،عن عبد ال بن محمد بن عثمان ،عن علي بن محمد بن أبي
سعيد ،عن فضيل بن الجعد ،عن أبي إسحاق الهمداني قال :لما ولى أمير
المؤمنين عليه السلم محمد بن أبي بكر مصر وأعمالها كتب له كتابا
وأمره أن يقرأه على أهل مصر وليعمل بما وصاه به فيه فكان الكتاب :بسم
ال الرحمن الرحيم من عبد ال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى أهل
مصر ومحمد بن أبي بكر ،سلم عليكم فإني أحمد إليكم ال الذي ل إله إل
هو أما بعد فإني اوصيكم بتقوى ال فيما أنتم عنه مسؤولون وإليه
تصيرون ،فإن ال تعالى يقول " :كل نفس بما كسبت رهينة " )(2
ويقول " :ويحذركم ال نفسه وإلى ال المصير " ) (3ويقول " :فوربك
لنسئلنهم أجمعين * عما كانوا يعملون " ) .(4واعلموا عباد ال إن ال
عزوجل سائلكم عن الصغير من عملكم
) (1مجالس المفيد ص .152وأمالى الشيخ ج 1ص (2) .24المدثر (3) .43 :آل
عمران (4) .28 :الحجر.93 :
][386
والكبير فإن يعذب فنحن أظلم وإن يعف فهو أرحم الراحمين .يا عباد ال إن أقرب ما
يكون العبد إلى المغفرة والرحمة حين يعمل ل بطاعته وينصحه في
التوبة .عليكم بتقوى ال فإنها تجمع الخير ،ول خير غيرها ويدرك بها من
الخير ما ل يدرك بغيرها من خير الدنيا وخير الخرة قال ال عزوجل" :
وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا
حسنة ولدار الخرة خير ولنعم دار المتقين ) .(1اعلموا يا عباد ال إن
المؤمن من يعمل الثلث من الثواب أما الخير فان ال يثيبه بعمله في دنياه
قال ال سبحانه لبراهيم " وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الخرة لمن
الصالحين " ) (2فمن عمل ل تعالى أعطاه ال أجره في الدنيا والخرة،
وكفاه المهم فيهما ،وقد قال ال تعالى " يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم
للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض ال واسعة إنما يوفى الصابرون
أجرهم بغير حساب ) " (3فما أعطاهم .ال في الدنيا لم يحاسبهم به في
الخرة .قال ال تعالى " :للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) " (4والحسنى
هي الجنة والزيادة هي الدنيا .وإن ال تعالى يكفر بكل حسنة سيئة قال ال
عزوجل " إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ) " (5حتى إذا
كان يوم القيامة حسبت لهم حسناتهم ،ثم أعطاهم بكل واحدة عشر أمثالها
إلى سبعمائة ضعف قال ال عزوجل " جزاء من ربك عطاء حسابا )" (6
وقال " اولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون )" (7
فارغبوا في هذا رحمكم ال ،واعملوا له و
) (1النحل (2) .31 :العنكبوت (3) .26 :الزمر " .13 :بغير حساب " أي أجرا ل
يهتدى إليه حساب الحساب (4) .يونس (5) .27 :هود (6) .116 :النبأ:
.36أي حسب لهم حسناتهم ثم أعطاهم بكل واحدة عشر أمثالها(7) .
السبأ.37 :
][387
][388
قال ال تعالى " :الذين تتوفيهم الملئكة طيبين يقولون سلم عليكم ادخلوا الجنة بما
كنتم تعملون " ) .(1ويقول " :الذين تتوفيهم الملئكة ظالمي أنفسهم
فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن ال عليم بما كنتم تعملون *
فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين " ) .(2يا عباد
ال إن الموت ليس منه فوت فاحذروه قبل وقوعه وأعدوا له عدته فإنكم
طرد الموت ،إن أقمتم له أخذكم ،وإن فررتم منه أدرككم ،وهو ألزم لكم من
ظلكم ،الموت معقود بنواصيكم ،والدنيا تطوي خلفكم ،فأكثروا ذكر الموت
عندما تنازعكم إليه أنفسكم من الشهوات وكفى بالموت واعظا ،وكان
رسول ال صلى ال عليه وآله كثيرا ما يوصي أصحابه بذكر الموت فقال:
" أكثروا ذكر الموت فإنه هاذم اللذات حائل بينكم وبين الشهوات .يا عباد
ال ما بعد الموت لمن ل يغفر له أشد من الموت ،القبر فاحذروا ضيقه
وضنكه وظلمته وغربته ،إن القبر يقول كل يوم :أنا بيت الغربة ،أنا بيت
التراب أنا بيت الوحشة ،أنا بيت الدود والهوام ،والقبر روضة من رياض
الجنة أو حفرة من حفر النيران ،إن العبد المؤمن إذا دفن قالت له الرض:
مرحبا وأهل ،قد كنت ممن أحب أن تمشي على ظهري ،فإذا وليتك فستعلم
كيف صنيعي بك ،فيتسع له مد البصر .وإن الكافر إذا دفن قالت له الرض:
ل مرحبا بك ول أهل ،لقد كنت من أبغض من يمشي على ظهري ،فإذا
وليتك فستعلم كيف صنيعي بك ،فتضمه حتى تلتقي أضلعه ،وإن المعيشة
الضنك التي حذر ال منها عدوه عذاب القبر ،إنه يسلط على الكافر في
قبره تسعة وتسعين تنينا فينهشن لحمه ويكسرن عظمه ،يترددن عليه
كذلك إلى يوم يبعث ،لو أن تنينا منها تنفخ في الرض لم تنبت زرعا أبدا.
]اعلموا[ يا عباد ال إن أنفسكم الضعيفة وأجسادكم الناعمة الرقيقة التي
) (1النحل (2) .34 :النحل 30 :و (3) .31الهاذم بالذال المعجمة بمعنى الهادم.
][389
) (1في مجالس المفيد " تنزعوا أجسادكم " وهو الصواب.
][390
مثل اجورهم ول ينقص ذلك من أجرهم شئ ،وانظر إلى الوضوء فإنه من تمام
الصلة ،تمضمض ثلث مرات ،واستنشق ثلثا ،واغسل وجهك ثم يدك
اليمنى ثم اليسرى ثم امسح رأسك ورجليك فإني رأيت رسول ال صلى ال
عليه وآله يصنع ذلك ،واعلم أن الوضوء نصف اليمان ثم ارتقب وقت
الصلة فصلها لوقتها ،ول تعجل بها قبله لفراغ ،ول تؤخرها عنه لشغل،
فان رجل سأل رسول ال صلى ال عليه وآله عن أوقات الصلة فقال
رسول ال صلى ال عليه وآله :أتاني جبرئيل عليه السلم وقت الصلة
حين زالت الشمس فكانت على حاجبه اليمن ،ثم أتاني وقت العصر فكان
ظل كل شئ مثله ،ثم صلى المغرب حين غربت الشمس ،ثم صلى العشاء
الخرة حين غاب الشفق ثم صلى الصبح فأغلس بها والنجوم مشبكة فصل
لهذه الوقات .وألزم السنة المعروفة والطريق الواضح ،ثم انظر ركوعك
وسجودك فان رسول ال صلى ال عليه وآله كان أتم الناس صلة وأخفهم
عمل فيها .واعلم أن كل شئ من عملك تبع لصلتك فمن ضيع الصلة فانه
لغيرها أضيع ،أسأل ال الذي يرى ول يرى وهو بالمنظر العلى أن يجعلنا
وإياك ممن يحب ويرضى حتى يعيننا وإياك على شكره وذكره ،وحسن
عبادته وأداء حقه وعلى كل شئ اختار لنا في ديننا ودنيانا وآخرتنا .وأنتم
يا أهل مصر فليصدق قولكم فعلكم وسركم علنيتكم ،ول تخالف ألسنتكم
قلوبكم ،واعلموا أنه ل يستوي إمام الهدى وإمام الردى ووصي النبي
صلى ال عليه وآله وعدوه .إني ل أخاف عليكم مؤمنا ول مشركا ،أما
المؤمن فيمنعه ال بإيمانه وأما المشرك فيحجزه ال عنكم بشركه ولكني
أخاف عليكم المنافق ،يقول ما تعرفون ،ويعمل ما تنكرون .يا محمد بن أبي
بكر اعلم أن أفضل العفة الورع في دين ال ،والعمل بطاعته وإني اوصيك
بتقوى ال في أمر سرك وعلنيتك ،وعلى أي حال كنت عليه ،الدنيا دار
بلء ودار فناء والخرة دار الجزاء ودار البقاء ،واعمل لما يبقى واعدل
عما يفنى ول تنس نصيبك من الدنيا .اوصيك بسبع هن جوامع السلم:
تخشى ال عزوجل ول تخشى الناس في ال.
][391
وخير القول ما صدقه العمل ،ول تقض في أمر واحد بقضائين مختلفين فيختلف
أمرك وتزيغ عن الحق ،وأحب لعامة رعيتك ما تحب لنفسك وأهل بيتك،
واكره لهم ما تكره لنفسك ولهل بيتك ،فان ذلك أوجب للحجة ،وأصلح
للرعية ،و خض الغمرات إلى الحق ول تخف في ال لومة لئم .وأنصح
المرء إذا استشارك ،واجعل نفسك اسوة لقريب المسلمين وبعيدهم جعل
ال مودتنا في الدين ،وحلنا وإياكم حلية المتقين أبقى لكم طاعتكم حتى
يجعلنا وإياكم بها إخوانا على سرر متقابلين ،أحسنوا أهل مصر موازرة
محمد أميركم وأثبتوا على طاعته تردوا حوض نبيكم صلى ال عليه وآله،
أعاننا ال وإياكم على ما يرضيه والسلم عليكم ورحمة ال وبركاته .بشا:
) (1أخبرنا الشيخ المام أبو محمد الحسن بن الحسين بن بابويه قراءة
عليه بالري سنة عشرة وخمسمائة عن شيخ الطائفة مثله -إلى قوله -
فأنتم أتقى ل عز وجل منه وأنصح لولي المر ،ثم قال :والخبر بكماله
أوردته في كتاب الزهد والتقوى - 12 .لى (2) :عن أبيه ،عن سعد ،عن
ابن هاشم ،عن ابن أبي نجران ،عن ابن حميد ،عن محمد بن قيس ،عن
أبي جعفر عليه السلم قال :كان أمير المؤمنين عليه السلم بالكوفة إذا
صلى العشاء الخرة ينادي الناس ثلث مرات حتى يسمع أهل المسجد أيها
الناس تجهزوا رحمكم ال فقد نودي فيكم بالرحيل ،فما التعرج على الدنيا
بعد نداء فيها بالرحيل ،تجهزوا رحمكم ال وانتقلوا بأفضل ما بحضرتكم
من الزاد وهو التقوى واعلموا أن طريقكم إلى المعاد وممركم على الصراط
والهول العظم أمامكم على طريقكم عقبة كؤودة ومنازل مهولة مخوفة ،ل
بد لكم من الممر عليها والوقوف بها فاما برحمة من ال فنجاة من هولها
وعظم خطرها وفظاعة منظرها وشدة مختبرها وإما بهلكة ليس بعدها
انجبار.
][392
ج (1) :عن أحمد بن الوليد ،عن أبيه ،عن الصفار ،عن ابن معروف ،عن ابن
مهزيار ،عن ابن محبوب ،عن عمرو بن أبي المقدام ،عن جابر ،عن أبي
جعفر عليه السلم مثله - 13 .لى (2) :عن الدقاق ،عن محمد بن الحسن
الطاري ،عن محمد بن الحسين الخشاب ،عن محمد بن محسن ،عن
المفضل بن عمر ،عن الصادق جعفر بن محمد ،عن أبيه ،عن جده ،عن
أبيه عليهم السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم :وال ما دنياكم
عندي إل كسفر على منهل ) (3حلوا ،إذ صاح بهم سائقهم فارتحلوا ،ول
لذاذتها في عيني إل كحميم أشربه غساقا وعلقم أتجرع به زعاقا وسم
أفعاة ) (4أسقاه دهاقا وقلدة من نار أوهقها حناقا ،ولقد رقعت مدرعتي
هذه حتى استحييت من راقعها وقال لي اقذف بها قذف التن ،ل يرتضيها
ليرقعها فقلت :له اعزب عني .في عند الصباح يحمد القوم السرى *
وتنجلي عني عللت الكرى ) (5ولو شئت لتسربلت بالعبقري المنقوش
من ديباجكم ،ولكلت لباب هذا البر بصدور دجاجكم ،ولشربت الماء الزلل
برقيق زجاجكم ،ولكني أصدق ال جلت عظمته حيث يقول " من كان يريد
الحيوة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم ل يبخسون * أولئك
الذين ليس لهم في الخرة إل النار " ) (6فكيف أستطيع
) (1مجالس المفيد ص (2) .116المجالس (3) .368السفر -بالفتح فالسكون -
جمع سافر وهو المسافر .والمنهل موضع شرب الماء على الطريق .اعلم
أن الخبر بتمامه مر في المجلد 40ص 346مع توضيح لغاته وتفسير
غريبه مفصل من المؤلف -رحمه ال -فل حاجة إلى بيان مشكله ههنا.
) (4في المصدر " الفعى " (5) .العللة :بقية كل شئ .وفى بعض
النسخ " غللت " بالمعجمة جمع غللة وهى شعار تلبس تحت الثوب
استعار لما يشمل النسان من حالة النوم .وفى المحكى عن مجمع المثال
" غيابات " وفى بعض نسخ المجمع " عمايات " والكرى النعاس(6) .
هود 15 :و .16
][393
الصبر على نار لو قذفت بشررة إلى الرض لحرقت نبتها ولو اعتصمت نفس بقلة
لنضجها وهج النار في قلتها ،وأيما خير لعلي ؟ ! أن يكون عند ذي
العرش مقربا ؟ أو يكون في لظى خسيئا مبعدا ،مسخوطا عليه بجرمه
مكذبا ؟ وال لن أبيت على حسك السعدان مرقدا وتحتي أطمار على سفاها
ممددا ،أواجر في أغللي مصفدا أحب إلي من أن ألقى في القيامة محمدا
خائنا في ذي يتمة أظلمه ]بفلسه[ متعمدا ولم أظلم اليتيم وغير اليتيم لنفس
تسرع إلى البلء قفولها ،ويمتد في أطباق الثرى حلولها وإن عاشت رويدا
فبذي العرش نزولها .معاشر شيعتي احذروا فقد عضتكم الدنيا بأنيابها،
تختطت منكم نفسا بعد نفس كذئابها ،وهذه مطايا الرحيل قد انيخت
لركابها ،أل إن الحديث ذوشجون فل يقولن قائلكم إن كلم علي متناقض
لن الكلم عارض .ولقد بلغني أن رجل من قطان المدائن تبع بعد الحنيفية
علوجه ولبس من نالة دهقانه منسوجه ،وتضمخ بمسك هذه النوافج
صباحه ،وتبخر بعود الهند رواحه ،وحوله ريحان حديقة يشم تفاحه ،وقد
مد له مفروشات الروم على سرره ،تعسا له بعد ما ناهز السبعين من
عمره ،وحوله شيخ يدب على أرضه من هرمه ،وذو يتمة تضور من ضره
ومن قرمه فما واساهم بفاضلت من علقمه ،لئن أمكنني ال منه لخضمنه
خضم البر ،ولقيمن عليه حد المرتد ،ولضربنه الثمانين بعد حد ،ولسدن
من جهله كل مسد تعسا له أفل شعر ؟ أفل صوف ؟ أفل وبر ؟ أفل رغيف
قفار الليل إفطار مقدم ) (1أفل عبرة على خد في ظلمة ليال تنحدر ؟ ولو
كان مؤمنا لتسقت له الحجة إذا ضيع ما ل يملك .وال لقد رأيت عقيل
أخي وقد أملق حتى استماحني من بركم صاعة ،و عاودني في عشر وسق
من شعيركم يطعمه جياعه ،ويكاد يلوي ثالث أيامه خامصا ما استطاعه،
ورأيت أطفاله شعث اللوان من ضرهم ،كأنما اشمازت وجوههم من قرهم.
) (1في بعض النسخ أفل رغيف لليل افطار معدم ".
][394
فلما عاودني في قوله وكرره أصغيت إليه سمعي فغره ،وظنني واتغ ديني فأتبع ما
سره أحميت له حديدة ينزجر ) (1إذ ل يستطيع منها دنوا ول يصبر ،ثم
أدنيتها من جسمه ،فضج من ألمه ضجيج ذي دنف يئن من سقمه ،وكاد
يسبني سفها من كظمه ،ولحرقة في لظى أضنى له من عدمه ،فقلت له،
ثكلتك الثواكل يا عقيل أتئن من الذى ول أئن من لظى ،وال لو سقطت
المكافأة عن المم ،وتركت في مضاجعها باليات في الرمم لستحييت من
مقت رقيب يكشف فاضحات من الوزار تنسخ ،فصبرا على دنيا تمر
بلوائها ،كليلة بأحلمها تنسلخ ،كم بين نفس في خيامها ناعمة .وبين أثيم
في جحيم يصطرخ ،فل تعجب ) (2من هذا .وأعجب بل صنع منا من طارق
طرقنا بملفوفات زملها في وعائها ،ومعجونة بسطها في إنائها ،فقلت له:
أصدقة أم نذر أم زكاة ؟ وكل ذلك يحرم علينا أهل بيت النبوة ،وعوضنا
منه خمس ذي القربى في الكتاب والسنة ،فقال لي :ل ذاك ول ذاك ولكنه
هدية .فقلت له :ثكلتك الثواكل أفعن دين ال تخدعني بمعجونة عرقتموها
بقندكم وخبيصة صفراء أتيتموني بها بعصير تمركم ،أمختبط أم ذوجنة ،أم
تهجر ؟ أليست النفوس عن مثقال حبة من خردل مسؤولة ،فماذا أقول في
معجونة أتزقمها معمولة وال لو اعطيت القاليم السبعة بما تحت أفلكها
واسترق لي قطانها ) (1مذعنة باملكها على أن أعصي ال في نملة
أسلبها شعيرة فألوكها ما قبلت ول أردت ،ولدنياكم أهون عندي من ورقة
في في جرادة تقضمها ،وأقذر عندي من عراقة خنزير يقذف بها أجذمها،
وأمر على فؤادي من حنظلة يلوكها ذوسقم فيبشمها .فكيف أقبل ملفوفات
عكمتها في طيها ،ومعجونة كأنها عجنت بريق حية أو قيئها.
) (1في المصدر " لينزجر " (2) .في المصدر " ول تعجب " (3) .قطان جمع
قاطن وهو الساكن والذى اقام في بلدة وتوطنها.
][395
أللهم إني نفرت عنها نفار المهرة من كيها " -اريه السها ويريني القمر " )- (1
ءأمتنع من وبرة من قلوصها ساقطة وأبتلع إبل في مبركها رابطة ؟ !
أدبيب العقارب من وكرها ألتقط ؟ أم قواتل الرقش في مبيتي أرتبط ؟
فدعوني أكتفي من دنياكم بملحي وأقراصي ؟ فبتقوى ال أرجو خلصي.
ما لعلي ونعيم يفنى ،ولذة تنحتها المعاصي .سألقى وشيعتي ربنا بعيون
ساهرة .وبطون خماص " ليمحص ال الذين آمنوا ويمحق الكافرين "
ونعوذ بال من سيئات العمال ،وصلى ال على محمد وآله - 14 .فس) :
(2قال أمير المؤمنين عليه السلم يوما وقد تبع جنازة فسمع رجل يضحك
فقال :كأن الموت فيها على غيرنا كتب ،وكأن الحق فيها على غيرنا وجب
وكأن الذي نسمع من الموات سفر عما قليل إلينا راجعون ،ننزلهم
أجداثهم .و نأكل تراثهم كأنا مخلدون بعدهم ،قد نسينا كل واعظة ،ورمينا
بكل جائحة ،أيها الناس طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس ،وتواضع
من غير منقصة ،وجالس أهل التفقه ) (3والرحمة ،وخالط أهل الذل
والمسكنة ،وأنفق مال جمعه في غير معصية .أيها الناس طوبى لمن ذل
في نفسه ،وطاب كسبه ،وصلحت سريرته ،وحسنت خليقته ،وأنفق الفضل
من ماله ،وأمسك الفضل من كلمه ،وعدل ) (4عن الناس شره ،وسعته
السنة ولم يتعد إلى البدعة .يا أيها الناس طوبى لمن لزم بيته ،وأكل
كسرته ،وبكى على خطيئته ،و كان من نفسه في تعب ) (5والناس منه في
الراحة.
) (1هذا مثل ،وقد هجا به الكميت الحجاج هكذا :شكونا إليه خراب السواد * فحرم
علينا لحوم البقر فكنا كما قال من قبلنا * " اريها السها وتريني القمر "
) (2تفسير القمى " ره " ص (3) .428في بعض النسخ " اهل الفقه
" (4) .في بعض النسخ " كف عن الناس " (5) .في بعض النسخ " في
شغل ".
][396
- 15ل (1) :عن ابن المتوكل ،عن علي ،عن أبيه ،عن النوفلي ،عن السكوني عن
جعفر بن محمد ،عن أبيه ،عن آبائه ،عن أمير المؤمنين عليهم السلم قال:
كانت الفقهاء والحكماء إذا كاتب بعضهم بعضا كتبوا بثلث ليس معهن
رابعة :من كانت الخرة همه كفاه ال همه في الدنيا ) ،(2ومن أصلح
سريرته أصلح ال علنيته ،ومن أصلح فيما بينه وبين ال عزوجل أصلح
ال فيما بينه وبين الناس - 16 .ل (3) :عن أبيه ،عن علي ،عن أبيه ،عن
حماد بن عيسى ،عمن ذكره ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قال أمير
المؤمنين عليه السلم في وصيته لبنه محمد بن الحنفية :إياك والعجب،
وسوء الخلق ،وقلة الصبر فإنه ل يستقيم لك على هذه الخصال الثلث
صاحب ،ول يزال لك عليها من الناس مجانب ،وألزم نفسك التودد وصبر
على مؤونات الناس نفسك ،وابذل لصديقك نفسك ومالك ،ولمعرفتك )(4
رفدك ومحضرك ،وللعامة بشرك ومحبتك ،ولعدوك عدلك وإنصافك،
واضنن بدينك وعرضك عن كل أحد فإنه أسلم لدينك ودنياك - 17 .ما(5) :
عن المفيد ،عن الحسين بن محمد التمار ،عن محمد بن الحسين ،عن أبي
نعيم ،عن صالح بن عبد ال ،عن هشام بن أبي مخنف ،عن العمش ،عن
أبي أسحاق السبيعي ،عن الصبغ بن نباتة قال :إن أمير المؤمنين عليه
السلم خطب ذات يوم فحمد ال وأثنى عليه وصل على النبي صلى ال
عليه وآله قال :أيها الناس اسمعوا مقالتي وعوا كلمي إن الخيلء من
التجبر والنخوة من التكبر ،وإن الشيطان عدو حاضر يعدكم الباطل ،أل إن
المسلم أخو المسلم فل تنابزوا ول تخاذلوا فإن شرائع الدين واحدة وسبيله
قاصدة من أخذ بها لحق ،ومن تركها مرق ،ومن فارقها محق ،ليس
المسلم بالخائن إذا ائتمن ،ول بالمخلف إذا وعد ،ول بالكذوب إذا نطق،
نحن أهل بيت -
) (1الخصال ج 1ص (2) .64في بعض النسخ " من الدنيا " (3) .الخصال ج 1
ص (4) .72أي لصحابك (5) .المالى ج 1ص 9و .10
][397
الرحمة ،وقولنا الحق ،وفعلنا القسط ،ومنا خاتم النبيين ،وفينا قادة السلم وامناء
الكتاب ،ندعوكم إلى ال ورسوله وإلى جهاد عدوه والشدة في أمره
وابتغاء رضوانه وإلى إقام الصلة ،وإيتاء الزكاة ،وحج البيت ،وصيام
شهر رمضان وتوفير الفئ لهله .أل وإن أعجب العجب أن معاوية بن أبي
سفيان الموي وعمرو بن العاص السهمي يحرضان الناس على طلب
الدين بزعمهما ،وإني وال لم اخالف رسول ال صلى ال عليه وآله قط
ولم أعصه في أمر قط أقيه بنفسي في المواطن التي تنكص فيها البطال،
وترعد فيها الفرائص بقوة أكرمني ال بها فله الحمد ،ولقد قبض النبي
صلى ال عليه وآله وأن رأسه في حجري ،ولقد وليت غسله اغسله بيدي
وتقلبه الملئكة المقربون معي ،وأيم ال ما اختلف امة بعد نبيها إل ظهر
باطلها على حقها إل ما شاء ال .قال :فقام عمار بن ياسر -رحمة ال
عليه -فقال :أما أمير المؤمنين فقد أعلمكم أن المة لم يستقم عليه فتفرق
الناس وقد نفذت بصائرهم - 18 .فس (1) :قال أمير المؤمنين عليه
السلم :للظالم غدا يكفيه عضه يديه ،و الرحيل وشيك ،وللخلء ندامة إل
المتقين - 19 .ب (2) :عن ابن ظريف ،عن ابن علوان ،عن جعفر ،عن
أبيه عليهما السلم قال :قال علي عليه السلم ،ما ملئ بيت قط خيره إل
أوشك أن يمل غيره ،وما ملئ بيت قط غيره إل أن يوشك أن يمل خيره )
.(3
) (1تفسير القمى ص (2) .612قرب السناد ص (3) .57كذا .وهكذا في المصدر،
ويمكن أن يتكلف في معناه ويقال :المراد من غيره تغير الحال وانتقالها
عن الصلح إلى الفساد وذلك لما تحقق من أن الشئ إذا جاوز حده
انعكس ضده .لكن الظاهر فيه تصحيف والصحيح " ما ملئ بيت قط حبرة
ال أوشك أن يملء عبرة ،وما ملئ بيت قط عبرة ال يوشك أن يملء
حبرة " وقد مر نظيره ص 351والحبرة بالفتح النعمة وسعة العيش،
والعبرة بالفتح الدمعة قبل أن تفيض أو الحزن بل بكاء ذكرهما الفيروز
آبادي.
][398
- 20ب (1) :عن أبي البختري ،عن جعفر ،عن أبيه عليهما السلم أن عليا عليه
السلم قال لرجل وهو يوصيه :خذ مني خمسا :ل يرجون أحدكم إل ربه،
ول يخاف إل ذنبه ،ول يستحي أن يتعلم ما ل يعلم ،ول يستحي إذا سئل
عما ل يعلم أن يقول ل أعلم ،واعلموا أن الصبر من اليمان بمنزلة الرأس
من الجسد - 21 .ما (2) :عن المفيد ،عن أحمد بن الوليد ،عن أبيه ،عن
الصفار ،عن ابن عيسى ،عن ابن محبوب ،عن علي بن أبي حمزة ،عن
أبي بصير ،عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلم قال:
قال أمير المؤمنين عليه السلم :أفضل ما توسل به المتوسلون اليمان
بال ،ورسوله ،والجهاد في سبيل ال ،وكلمة الخلص فإنها الفطرة،
وإقام الصلة فإنها الملة ،وإيتاء الزكاة فإنها من فرائض ال ،وصيام شهر
رمضان فانه جنة من عذاب ال ،وحج البيت فإنه ميقات للدين ) (3و
مدحضة للذنب ) (4وصلة الرحم فإنها مثراة للمال ،ومنسأة للجل )(5
والصدقة في السر فإنها تذهب الخطيئة ،وتطفئ غضب الرب ،وصنايع
المعروف فإنها تدفع ميتة السوء ،وتقي مصارع الهوان .أل فاصدقوا فان
ال مع من صدق ،وجانبوا الكذب فان الكذب مجانب اليمان أل وإن
الصادق على شفا منجاة وكرامة ،أل وإن الكاذب على شفا مخزاة وهلكة
أل وقولوا خيرا تعرفوا به ،واعملوا به تكونوا من أهله ،وأدوا المانة إلى
من ائتمنكم ،وصلوا من قطعكم ،وعودوا بالفضل على من ساء لكم ).(6
ع (7) :عن أبيه ،عن سعد ،عن إبراهيم بن مهزيار ،عن أخيه ،عن حماد
) (1المصدر ص (2) .72المالى ج 1ص (3) .220في بعض النسخ " منفاة
للفقر " (4) .المدحضة -بفتح الميم :-المزلة والمزلقة (5) .أي مكثر
للثروة .والنسيئ :التاخير .والمراد بالجل :العمر (6) .في المصدر "
وعودوا بالفضل عليهم " (7) .علل الشرائع المجلد الول الباب الثاني
والثمانون بعد المائة.
][399
ابن عيسى ،عن إبراهيم بن عمر بإسناده يرفعه إلى علي بن أبي طالب عليه السلم
مثله .ين (1) :عن حماد مثله - 22 .ل (2) :عن أبيه ،عن سعد ،عن أيوب
بن نوح ،عن الربيع بن محمد المسلي ،عن عبد العلى ،عن نوف قال :بت
ليلة عند أمير المؤمنين عليه السلم فكان يصلي الليل كله ،ويخرج ساعة
بعد ساعة فينظر إلى السماء ،ويتلو القرآن قال :فمر بي بعد هدوء من
الليل فقال :يا نوف أراقد أنت أم رامق ) (3قلت :بل رامق أرمقك ببصري
يا أمير المؤمنين قال :يا نوف طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في
الخرة اولئك الذين اتخذوا الرض بساطا ،وترابها فراشا ،وماءها طيبا،
والقرآن دثارا والدعاء شعارا ،وقرضوا من الدنيا تقريضا على منهاج
عيسى بن مريم عليه السلم .إن ال عزوجل أوحى إلى عيسى بن مريم
عليه السلم :قل للمل من بني -إسرائيل :ل تدخلوا بيوتا من بيوتي إل
بقلوب طاهرة ،وأبصار خاشعة ،وأكف نقية ،وقل لهم :اعلموا أني غير
مستجيب لحد منكم دعوة ،ول لحد من خلقي قبله مظلمة .يا نوف إياك أن
تكون عشارا ،أو شاعرا ،أو شرطيا ،أو عريفا ) (4أو صاحب عرطبة،
وهي الطنبور ،أو صاحب كوبة ،وهو الطبل فان نبي ال داود عليه السلم
خرج ذات ليلة فنظر إلى السماء فقال :إنها الساعة التي ل ترد فيها دعوة
إل دعوة عريف ،أو دعوة شاعر ،أو دعوة عاشر ) (5أو شرطي ،أو
صاحب عرطبة ) (6أو صاحب كوبة.
) (1مخطوط (2) .الخصال ج 1ص (3) .164الراقد :النائم .والرامق :اللحظ
والناظر في الشئ (4) .العريف -بالفتح والتخفيف :العالم بالشئ ومن
يعرف أصحابه ،والقيم بأمر القوم والنقيب وهو دون الرئيس(5) .
العشار والعاشر الذى ياخذ العشرية والخراج والجباية (6) .العرطبة:
العود.
][400
- 23ل ) (1عن الحسن بن حمزة العلوي ،عن يوسف بن محمد الطبري ،عن سهل
بن نجدة (2) ،قال :حدثنا وكيع ،عن زكريا بن أبي زائدة ،عن عامر
الشعبي ،قال تكلم أمير المؤمنين عليه السلم بتسع كلمات ارتجلهن ارتجال
فقأن عيون البلغة ،وأيتمن جواهر الحكمة ،وقطعن جميع النام عن
اللحاق بواحدة منهن ثلث منها في المناجاة ،و ثلث منها في الحكمة،
وثلث منها في الدب .فأما اللتي في المناجاة فقال :إلهي كفى بي عزا أن
أكون لك عبدا ،وكفى بي فخرا أن تكون لي ربا ،أنت كما احب فاجعلني كما
تحب .وأما اللتي في الحكمة فقال :قيمة كل امرء ما يحسنه ،وما هلك
امرء عرف قدره ،والمرء مخبو تحت لسانه .واللتي في الدب فقال :امنن
على من شئت تكن أميره ،واحتج إلى من شئت تكن أسيره ،واستغن عمن
شئت تكن نظيره - 24 .ل (3) :عن العطار ،عن أبيه وسعد معا ،عن
البرقي ،عن الحسن بن علي ابن أبي عثمان ،عن موسى بن بكر ،عن أبي
الحسن الول ،عن أبيه عليهما السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم
عشرة يفتنون أنفسهم وغيرهم ،ذو العلم القليل يتكلف أن يعلم الناس
كثيرا ،والرجل الحليم ذو العلم الكثير ليس بذي فطنة ،والذي يطلب مال
يدرك ول ينبغي له ،والكاد عند المتئد ) ،(4والمتئد :الذي ليس له مع
تؤدته علم وعالم غير مريد للصلح ،ومريد للصلح ليس بعالم ،والعالم
يحب الدنيا ،و الرحيم بالناس يبخل بما عنده ،وطالب العلم يجادل فيه من
هو أعلم ،فإذا علمه لم يقبل منه - 25 .ل (5) :عن أبيه ،عن محمد بن
يحيى العطار ،وأحمد بن إدريس معا ،عن سهل عن محمد بن الحسن
الزيات ،عن عمرو بن عثمان الخزاز ،عن ثابت بن دينار ،عن سعد بن
طريف الخفاف ،عن الصبغ بن نباتة قال :كان أمير المؤمنين عليه السلم
يقول:
) (1الخصال :ج 2ص (2) .45في المصدر " سهل بن نحره " (3) .المصدر ج 2
ص (4) .53اتأد في المر :تمهل وتأنى .والتؤدة -كلمزة -الرزانة
وتأنى (5) .المصدر ج 2ص .94
][401
الصدق أمانة ،والكذب خيانة ،والدب رئاسة ،والحزم كياسة ،والسرف متواة
والقصد مثراة ) (1والحرص مفقرة ،والدناءة محقرة ،والسخاء قربة،
واللؤم غربة والرقة استكانة ،والعجز مهانة ،والهوى ميل ،والوفاء كيل،
والعجب هلك ،و الصبر ملك ) - 26 .(2ن (3) :عن المفسر ،عن أحمد
بن الحسن الحسيني ،عن الحسن بن علي العسكري ،عن آبائه عليهم
السلم قال :قال أمير المؤمنين صلوات ال وسلمه عليه :كم من غافل
ينسج ثوبا ليلبسه وإنما هو كفنه ،ويبنى بيتا ليسكنه وإنما هو موضع
قبره - 27 .ما (4) :عن أحمد بن محمد الجعابي ،عن عبد ال بن محمد بن
عبد ال بن ياسين قال :سمعت العبد الصالح علي بن محمد بن علي الرضا
عليهم السلم بسر من رأى يذكر عن آبائه عليهم السلم قال :قال أمير
المؤمنين عليه السلم :العلم وراثة كريمة ،والداب حلل حسان ،والفكر
مرآة صافية ،والعتذار منذر ناصح ،وكفى بك أدبا لنفسك تركك ما كرهته
من غيرك - 28 .ما (5) :عن المفيد ،عن الحسين بن محمد التمار ،عن
محمد بن القاسم النباري ،عن أحمد بن عبيد ،عن عبد الرحيم بن قيس
الهللي ،عن العمري ،عن أبي حمزة السعدي ،عن أبيه قال :أوصى أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب إلى الحسن ابن علي عليهما السلم فقال :فيما
أوصى إليه :يا بني ل فقر أشد من الجهل ،ول عدم أشد من عدم العقل ،ول
وحدة أوحش من العجب ) (6ول حسب كحسن الخلق ،ول
) (1المتواة :ما يسبب الخسارة والضياع .والمثراة :ما يسبب مزيد الثروة(2) .
الملك -بالكسر والفتح :-القوام (3) .عيون أخبار الرضا عليه السلم
ص (4) .165المالى ج 1ص 113و (5) .114المصدر ج 1ص
(6) .145في بعض النسخ " ول وحشة أوحش من العجب ".
][402
ورع كالكف عن محارم ال ،ول عبادة كالتفكر في صنعة ال عزوجل ،يا بني العقل
خليل المرء ،والحلم وزيره ،والرفق والده ،والصبر من خير جنوده .يا بني
إنه ل بد للعاقل من أن ينظر في شأنه ،فليحفظ لسانه ،وليعرف أهل زمانه.
يا بني إن من البلء الفاقة ،وأشد من ذلك مرض البدن ،وأشد من ذلك
مرض القلب ،وإن من النعم سعة المال ،وأفضل من ذلك سعة البدن،
وأفضل من ذلك تقوى القلوب .يا بني للمؤمن ثلث ساعات ،ساعة يناجي
فيها ربه ،وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يخلو فيها بين نفسه ولذتها
فيما يحل ويجمل ،وليس للمؤمن بد من أن يكون شاخصا في ثلث ):(1
مرمة لمعاش ،أو خطوة لمعاد ،أو لذة في غير محرم - 29 .ما (2) :عن
المفيد ،عن الجعابي ،عن ابن عقدة ،عن محمد بن إسماعيل ابن إبراهيم
أبى علي قال :حدثني عم أبي الحسين بن موسى ،عن أبيه ،عن موسى عن
أبيه جعفر بن محمد ،عن أبيه محمد بن علي ،عن أبيه علي بن الحسين
عليهم السلم قال :قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم :أن
المؤمن ل يصبح إل خائفا وإن كان محسنا ول يمسى إل خائفا وإن كان
محسنا ،لنه بين أمرين :بين وقت قد مضى ل يدري ما ال صانع به ،وبين
أجل قد اقترب ل يدري ما يصيبه من الهلكات .أل وقولوا خيرا تعرفوا به،
واعملوا به تكونوا من أهله ،صلوا أرحامكم وإن قطعوكم ،وعودوا بالفضل
على من حرمكم ،وأدوا المانة إلى من ائتمنكم ،وأوفوا بعهد من عاهدتم،
وإذا حكمتم فاعدلوا - 30 .ما (3) :روي أن أمير المؤمنين عليه السلم
خرج ذات ليلة من المسجد وكانت ليلة قمراء فأم الجبانة ) (4ولحقه
جماعة يقفون أثره فوقف عليهم ثم قال :من أنتم ؟
) (1شخص -بفتحتين -شخوصا :خرج من موضع إلى موضع (2) .المالى ج 1
ص (3) .211المصدر ج 1ص (4) .219أم المر :قصده .والجبانة
بشد الباء مواضع بالكوفة وأهلها يسمون المقبرة < -
][403
قالوا :شيعتك يا أمير المؤمنين ،فتفرس في وجوههم ثم قال :فمالي ل أرى عليكم
سيماء الشيعة قالوا :وما سيماء الشيعة يا أمير المؤمنين ؟ فقال :صفر
الوجوه من السهر عمش ،العيون من البكاء ،حدب الظهور من القيام،
خمص البطون من الصيام ،ذبل الشفاه من الدعاء ) (1عليهم غبرة
الخاشعين .وقال عليه السلم :الموت طالب ومطلوب ل يعجزه المقيم ،ول
يفوته الهارب ،فقدموا ول تنكلوا فإنه ليس من الموت محيص ،إنكم إن لم
تقتلوا تموتوا ،والذي نفس علي بيده للف ضربة بالسيف على الرأس
أهون من موت على فراش - 31 .ومن كلمه عليه السلم ) (2أيها الناس
أصبحتم أغرضا تنتضل فيكم المنايا ) (3وأموالكم نهب للمصائب ،ما
طعمتم في الدنيا من طعام فلكم فيه غصص ،وما شربتموه من شراب فلكم
فيه شرق ،واشهد بال ما تنالون من الدنيا نعمة تفرحون بها إل بفراق
اخرى تكرهونها .أيها الناس إنا خلقنا وإياكم للبقاء ل للفناء ولكنكم من دار
تنقلون فتزودوا لما أنتم صائرون إليه وخالدون فيه والسلم - 32 .ما) :
(4عن ابن الصلت ،عن ابن عقدة ،عن القاسم بن جعفر المعروف بابن
الشامي عن عباد بن أحمد القزويني قال :حدثني عمي ،عن أبيه ،عن
مطرف ،عن الشعبي ،عن صعصعة بن صوحان قال :عادني أمير المؤمنين
عليه السلم في مرض ثم قال :أنظر فل تجعلن عيادتي إياك فخرا على
قومك ،وإذا رأيتهم في أمر فل تخرج منه
< -جبانة .منها جبانة كندة ،وجبانة السبيع ،وجبانة ميمون ،وجبانة عرزم،
وجبانة سالم و غيرها وجميعها بالكوفة (1) .الحدب ما ارتفع من الرض
وغيره .وخمص بطنه أي ضمر وفرغ وذبل النبات :قل ماؤه وجف
وذهبت نضارته (2) .المالى ج 1ص (3) .220مر معناه غير مرة(4) .
المالى ج 1ص .357
][404
فإنه ليس بالرجل غنى عن قومه ،إذا خلع منهم يدا واحدة يخلعون منه أيدي كثيرة
فإذا رأيتهم في خير فأعنهم عليه ،وإذا رأيتهم في شر فل تخذلنهم ،وليكن
تعاونكم على طاعة ال ،فانكم لن تزالوا بخير ما تعاونتم على طاعة ال
تعالى وتناهيتم عن معاصيه - 33 .ما (1) :عن جماعة ،عن أبي المفضل،
عن عبد ال بن أبي داود السجستاني عن إبراهيم الحسن المقسمي
الطرسوسي ،عن بشر بن زاذان ،عن عمرو بن صبيح عن جعفر بن
محمد ،عن آبائه عليهم السلم ،عن علي بن أبي طالب عليه السلم أنه
قال :إن الدنيا عناء وفناء ،،وعبر وغير ،فمن فنائها أن الدهر موتر
قوسه ،مفوق نبله تصيب الحي بالموت ،والصحيح بالسقم ،ومن عناها أن
المرء يجمع ما ل يأكل ،ويبني ما ل يسكن ،ومن عبرها أنك ترى المغبوط
مرحوما أو المرحوم مغبوطا ليس بينهما إل نعيم زال أو بؤس نزل ،ومن
غيرها أن المرء يشرف عليه أمله فيختطفه دونه أجله .قال :وقال علي
عليه السلم أربع للمرء ل عليه اليمان والشكر فان ال تعالى يقول " :ما
يفعل ال بعذابكم إن شكرتم وآمنتم " ) (2والستغفار فانه قال " :وما كان
ال ليعذبهم وأنت فيهم وما كان ال معذبهم وهم يستغفرون )" (3
والدعاء فانه قال تعالى " :قل ما يعبؤ بكم ربي لول دعاؤكم )- 34 ." (4
ما (5) :عن جماعة ،عن أبي المفضل ،عن عبيدال بن الحسن بن إبراهيم
العلوي ،عن أبيه ،عن عبد العظيم الحسني ،عن أبي جعفر الثاني ،عن
أبيه ،عن آبائه ،عن أمير المؤمنين عليهم السلم قال :قال :أربع أنزل ال
تعالى تصديقي بها في كتابه قلت :المرء
) (1المصدر ج 2ص (2) .107النساء .147 :أي ل حاجة له سبحانه إلى عذابكم
ان شكرتم نعمته (3) .النفال (4) .33 :الفرقان .77 :أي ما يصنع بكم.
من عبأت الجيش إذا هيأته (5) .المالى ج 2ص .180
][405
مخبو تحت لسانه فإذا تكلم ظهر ،فأنزل ال تعالى " ولتعرفنهم في لحن القول " )
(1قلت :فمن جهل شيئا عاداه ،فأنزل ال " بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه
ولما يأتهم تأويله " ) (2وقد قلت قدر -أو قال :قيمة -كل امرء ما يحسن،
فأنزل ال في قصة طالوت " إن ال اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم
والجسم " ) (3وقلت :القتل يقل القتل ،فأنزل ال " ولكم في القصاص
حيوة يا اولي اللباب " ) - 35 .(4ما (5) :عن محمد بن العباس النحوي،
عن العباس بن الفرج الرياشي عن سعيد بن أوس النصاري قال :سمعت
الخليل بن أحمد يقول :أحث كلمة على طلب علم قول علي بن أبي طالب
عليه السلم " قدر كل امرء ما يحسن " - 36 .ما (6) :باسناد المجاشعي،
عن أمير المؤمنين عليه السلم قال :ل تتركوا حج بيتكم ل يخلو منكم ما
بقيتم فإنكم إن تركتموه لم تنظروا ،وإن أدنى ما يرجع به من أتاه أن يغفر
له ما سلف ،واوصيكم بالصلة وحفظها فإنها خير العمل وهي عمود
دينكم ،وبالزكاة فإني سمعت نبيكم صلى ال عليه وآله يقول :الزكاة قنطرة
السلم فمن أداها جاز القنطرة ،ومن منعها احتبس دونها وهي تطفئ
غضب الرب ،وعليكم بصيام شهر رمضان فإن صيامه جنة حصينة من
النار ،وفقراء المسلمين أشركوهم في معيشتكم ،والجهاد في سبيل ال
بأموالكم وأنفسكم فإنما يجاهد في سبيل ال رجلن إمام هدى أو مطيع له
مقتد بهداه ،وذرية نبيكم صلى ال عليه وآله ل تظلمون بين أظهركم ،و
أنتم تقدرون على الدفع ،واوصيكم بأصحاب نبيكم ل تسبوهم وهم الذين لم
يحدثوا بعده حدثا ولم يؤوا محدثا ،فان رسول ال صلى ال عليه وآله
أوصى بهم ،وأوصيكم بنساءكم
) (1محمد " ص " (2) .30 :يونس (3) .39 :البقرة .247 :البسطة :الفضيلة في
الجسم والمال (4) .البقرة (5) .179 :المالى ج 2ص (6) .108
المصدر ج 2ص .136
][406
وما ملكت أيمانكم ول تأخذكم في ال لومة لئم يكفكم ال من أرادكم وبغى عليكم
وقولوا للناس حسنا كما أمركم ال عزوجل ،ول تتركوا المر بالمعروف و
النهي عن المنكر فيولي ال اموركم شراركم ثم تدعون فل تستجاب لكم
دعاؤكم وعليكم بالتواضع والتباذل ،وإياكم والتقاطع والتدابر والتفرق،
وتعاونوا على البر والتقوى ،ول تعاونوا على الثم والعدوان ،واتقو ال إن
ال شديد العقاب - 37 .مع (1) :عن أبيه ،عن سعد ،عن اليقطيني ،عن
يونس ،عن أبي أيوب عن أبي حمزة ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :قال
أمير المؤمنين عليه السلم :جمع الخير كله في ثلث خصال :النظر
والسكوت والكلم ،وكل نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو ،وكل سكوت ليس
فيه فكرة فهو غفلة ،وكل كلم ليس فيه ذكر فهو لغو .فطوبى لمن كان
نظره عبرة ،وسكوته فكرة ،وكلمه ذكرا ،وبكى على خطيئته وآمن الناس
شره - 38 .ف (2) :ومن حكمه صلوات ال عليه وترغيبه وترهيبه
ووعظه :أما بعد فان المكر والخديعة في النار فكونوا من ال على وجل،
ومن صولته على حذر ) (3إن ال ل يرضى لعباده بعد إعذاره وإنذاره
استطرادا واستدراجا من حيث ل يعلمون ،ولهذا يضل سعي العبد حتى
ينسى الوفاء بالعهد ،ويظن أنه قد أحسن صنعا ول يزال كذلك في ظن
ورجاء وغفلة عما جاءه من النبأ ،يعقد على نفسه العقد ويهلكها بكل
الجهد وهو في مهلة من ال على عهد ،يهوي مع الغافلين ،ويغدو مع
المذنبين ،ويجادل في طاعة ال المؤمنين ،ويستحسن تمويه المترفين )(4
فهؤلء
][407
قوم شرحت قلوبهم بالشبهة ،وتطاولوا على غيرهم بالفرية ) (1وحسبوا أنها ل
قربة وذلك لنهم عملوا بالهوى ،وغيروا كلم الحكماء ،وحرفوه بجهل
وعمى ،و طلبوا به السمعة والرياء ) (2بل سبيل قاصدة ،ول أعلم
جارية ،ول منار معلوم إلى أمدهم ،وإلى منهلهم واردوه ) (3وحتى إذا
كشف ال لهم عن ثواب سياستهم ) (4و استخرجهم من جلبيب غفلتهم،
استقبلوا مدبرا واستدبروا مقبل ،فلم ينتفعوا بما أدركوا من امنيتهم ول بما
نالوا من طلبتهم ول ما قضوا من وطرهم ) (5وصار ذلك عليهم وبال
فصاروا يهربون مما كانوا يطلبون .وإني احذركم هذه المزلة وآمركم
بتقوى ال الذي ل ينفع غيره ،فلينتفع بنفسه إن كان صادقا على ما يجن
ضميره ) (6فإنما البصير من سمع وتفكر ونظر وأبصر وانتفع بالعبر
وسلك جددا واضحا ) (7يتجنب فيه الصرعة في الهوى ،ويتنكب طريق
العمى ،ول يعين على فساد نفسه الغواة بتعسف في حق أو تحريف في
نطق أو تغيير
) (1تطاول عليه :اعتدى وترفع عليه .والفرية -بالكسر :-القذف والكذبة العظيمة
التى يتعجب منها (2) .السمعة -بالضم :-ما يسمع ،يقال :فعله رئاء
وسمعة أي فعله ليراه الناس ويسمعوه (3) .المنار -بالفتح :-ما يجعل
في الطريق للهتداء .والمنهل :المورد وموضع الشرب على الطريق
ويسمى أيضا المنزل الذى في المفاوز على طريق المسافر منهل لن فيه
ماء (4) .في بعض نسخ المصدر " عن جزاء معصيتهم " (5) .المنية:
البغية وما يتمنى .والطلبة -بالكسر :-اسم من المطالبة -وبالفتح :-
المرة .والوطر -بفتحتين :الحاجة (6) .أي يستره .وفى بعض النسخ "
فلينتفع بتقية ان كان صادقا على ما يحن ضميره " (7) .الجدد -بفتحتين
-الرض الصلبة المستوية التى يسهل المشى فيها .ويتنكب :عدل
وتجنب .والغواة -بالضم :-جمع غاوى اسم فاعل من غوى .وتعسف في
الحق أو القول :أخذه على غير هداية أو حمله على معنى ل تكون دللته
عليه ظاهرة.
][408
في صدق .ول قوة إل بال .قولوا ما قيل لكم وسلموا لما روي لكم ول تكلفوا ما لم
تكلفوا فإنما تبعته عليكم فيما كسبت أيديكم ولفظت ألسنتكم أو سبقت إليه
غايتكم ،واحذروا الشبهة فإنها وضعت للفتنة واقصدوا السهولة واعلموا
فيما بينكم بالمعروف من القول والفعل واستعملوا الخضوع واستشعروا
الخوف والستكانة ل .واعملوا فيما بينكم بالتواضع والتناصف والتباذل )
(1وكظم الغيظ ،فإنها وصية ال .وإياكم والتحاسد والحقاد ،فإنهما من
فعل الجاهلية " ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا ال إن ال خبير بما
تعملون " ) .(2أيها الناس اعلموا علما يقينا أن ال لم يجعل للعبد وإن
اشتد جهده وعظمت حيلته وكثرت نكايته أكثر مما قدر له في الذكر الحكيم،
ولم يحل بين المرء على ضعفه وقلة حيلته وبين ما كتب له في الذكر
الحكيم .أيها الناس إنه لن يزداد امرء نقيرا بحذقه ) (3ولن ينتقص نقيرا
لحمقه ،فالعالم بهذا ،العامل به أعظم الناس راحة في منفعة .والتارك له
أكثر الناس شغل في مضرة .رب منعم عليه في نفسه مستدرج بالحسان
إليه .ورب مبتلى عند الناس مصنوع له ) .(4فأفق أيها المستمتع من
سكرك ) (5وانتبه من غفلتك وقصر من عجلتك )(6
) (1التناصف :النصاف (2) .سورة الحشر (3) .18 :النقير :النكتة التى في ظهر
النواة .والمراد بها هنا الحقير والقليل من الشئ والمراد بالذكر الحكيم:
اللوح المحفوظ ،ول يكون للنسان أن ينال من الكرامة فوق ما كتب له
في اللوح المحفوظ (4) .أي ل يغتر المنعم عليه بالنعمة .فربما تكون هذه
النعمة استدراجا له من ال ثم يأخذه من حيث ل يشعر .وكذلك ل يقنط
المبتلى عند الناس فقد تكون البلوى صنعا من ال له ليرفع بها مقامه
ومنزلته (5) .في بعض النسخ " فافق أيها المستمع من سكرك "(6) .
أي العجلة في طلب الدنيا.
][409
وتفكر فيما جاء عن ال تبارك وتعالى فيما ل خلف فيه ول محيص عنه ولبد منه،
ثم ضع فخرك ،ودع كبرك ،واحضر ذهنك ،واذكر قبرك ومنزلك ،فان عليه
ممرك وإليه مصيرك .وكما تدين تدان ) .(1وكما تزرع تحصد .وكما تصنع
يصنع بك .وما قدمت إليه تقدم عليه غدا ل محالة .فلينفعك النظر فيما
وعظت به .وع ) (2ما سمعت ووعدت ،فقد اكتنفك بذلك خصلتان ،ول بد
أن تقوم بأحدهما :إما طاعة ال تقوم لها بما سمعت ،وإما حجة ال تقوم
لها بما علمت .فالحذر الحذر والجد الجد ،فانه ل ينبئك مثل خبير إن من
عزائم ال في الذكر الحكيم ) (3التي لها يرضى ولها يسخط ولها يثيب
وعليها يعاقب أنه ليس بمؤمن وإن حسن قوله وزين وصفه وفضله غيره
إذا خرج من الدنيا فلقى ال بخصلة من هذه الخصال لم يتب منها :الشرك
بال فيما افترض عليه من عبادته ،أو شفاء غيظ بهلك نفسه ،أو يقر
بعمل فعمل بغيره ،أو يستنجح حاجة إلى الناس ) (4باظهار بدعة في دينه،
أو سره أن يحمده الناس بما لم يفعل من خير ،أو مشى في الناس بوجهين
و لسانين والتجبر والبهة .واعلم ]وأعقل ذلك ف[ -ان المثل دليل على
شبهه أن البهائم همها بطونها وأن السباع همها التعدي والظلم ،وإن
النساء همهن زينة الدنيا والفساد فيها و إن المؤمنين مشفقون مستكينون
خائفون.
) (1أي كما تجازى " بصيغة الفاعل " تجازى " بصيغة المفعول " بفعلك وبحسب
ما عملت " (2) .ع " أمر من وعى يعى أي احفظ (3) .العزائم جمع:
عزيمة وعزيمة ال :فريضته التى افترضها (4) .في بعض النسخ "
حاجته " .ويستنجح :سأل أن يقضوها له .والتجبر :التكبر والبهة:
النخوة.
][410
- 37موعظته عليه السلم ووصفه المقصرين ) :(1ل تكن ممن يرجو الخرة بغير
عمل ويرجو التوبة ) (1بطول المل ،يقول في الدنيا قول الزاهدين ويعمل
فيها عمل الراغبين ،إن اعطي منها لم يشبع وإن منع لم يقنع ،يعجز عن
شكر ما اوتي ويبتغي الزيادة فيما بقي ،ينهى الناس ول ينتهي و يأمر
الناس ما ل يأتي ،يحب الصالحين ول يعمل بأعمالهم ،ويبغض المسيئين
وهو منهم ويكره الموت لكثرة سيئاته ول يدعها في حياته ،يقول :كم
أعمل فأتعني ) (2أل أجلس فأتمنى ،فهو يتمنى المغفرة ويدأب في
المعصية ) .(3وقد عمر ما يتذكر فيه من تذكر ،يقول فيما ذهب :لو كنت
عملت ونصبت لكان خيرا لي ويضيعه غير مكترث لهيا ) (4إن سقم ندم
على التفريط في العمل .وإن صح أمن مغترا .يؤخر العمل ،تعجبه نفسه ما
عوفي ) (5ويقنط إذا ابتلي ،تغلبه نفسه على ما يظن ول يغلبها على ما
يستيقن ) (6ل يقنع من الرزق بما قسم له ول يثق منه بما قد ضمن له،
ول يعمل بما فرض عليه .فهو من نفسه في شك ،إن استغنى بطر وفتن )
(7وإن افتقر قنط ووهن ،فهو
) (1التحف ص (1) .157وفى النهج " ويرجئ التوبة " أي يؤخر التوبة (2) .في
بعض النسخ " لم اعمل " .وأتعنى :أتعب نفسي من العناء أي القيت
نفسي في التعب والمشقة (3) .يدأب :يستمر ويجد في المعصية(4) .
نصبت :اجتهدت واتعبت فيه .و " غير مكترث لهيا " أي ل يعبأ به ول
يباليه (5) .أي مادام في العافية (6) .يعمل بالظن في اعمال الدنيا ول
يعمل للخرة باليقين .وهو على يقين من ان السعادة والشرف في
الفضيلة والزهد في الدنيا ول يكتسبهما ولكن إذا ظن وتوهم لذة حاضرة
وشهوة عاجلة بادر إليها (7) .بطر أي اغتر بالنعمة ففتن.
][411
) (1أي ول ينقص منهما شيئا من وفره أي كثره وجعله وفرا أي كثيرا (2) .يقال:
ادل على فلن أي أخذه من فوقه واستعلى عليه (3) .يبادر في الدنيا إلى
ما كان يفنى ويترك ما يبقى من العمال التى كانت للخرة ،ومع أنه
يخشى من الموت ل يخاف الفوت ،وفى النهج " يخشى الموت ول يبادر
الفوت " (4) .ولم يسهر أي ينام الليل كله والسهر -بالتحريك :-عدم
النوم في الليل (5) .يعزف :يزهد ويمنع (6) .أي كان في مدة عمره الذى
يعيش في خلط واشتباه.
][412
قسا وعاد ) ،(1فهو أبدا عليه ول له ،ل يدري عمله إلى ما يؤديه إليه ،حتى متى
وإلى متى ) .(2اللهم اجعلنا منك على حذر .احفظ وع انصرف إذا شئت.
- 38وصيته عليه السلم لكميل بن زياد ) (3يا كميل سم كل يوم باسم ال
وقل ل حول ول قوة إل بال .وتوكل على ال واذكرنا وسم بأسمائنا وصل
علينا .وأدر بذلك على نفسك ) (4وما تحوطه عنايتك ،وتكف شر ذلك اليوم
إن شاء ال .يا كميل إن رسول ال صلى ال عليه وآله أدبه ال وهو عليه
السلم أدبني وأنا أؤدب المؤمنين وأورث الداب المكرمين .يا كميل ما من
علم إل وأنا أفتحه وما من سر إل والقائم عليه السلم يختمه .يا كميل ذرية
بعضها من بعض وال سميع عليم .يا كميل ل تأخذ إل عنا تكن منا .يا كميل
ما من حركة إل وأنت محتاج فيها إلى معرفة .يا كميل إذا أكلت الطعام فسم
باسم الذي ل يضر مع اسمه داء وفيه شفاء من كل السواء .يا كميل وآكل
الطعام ول تبخل عليه ،فانك لن ترزق الناس شيئا ،وال يجزل لك الثواب
بذلك .أحسن عليه خلقك .وابسط جليسك ول تتهم خادمك (5) .يا كميل إذا
أكلت فطول أكلك ليستوفى من معك ويرزق منه غيرك .يا كميل إذا
استوفيت طعامك فأحمد ال على ما رزقك وارفع بذلك صوتك
) (1في بعض النسخ " :نسى " (2) .كذا في النسخ .وهو استفهام توبيخي(3) .
التحف ص " (4) .171ادر " أمر من أدار الشئ يديره .تحوطه أي
تحفظه وتعهده عنايتك (5) .بسط الرجل :-جرأه وسره ،وفى بعض
النسخ " ول تنهرن خادمك ".
][413
يحمده سواك فيعظم بذلك أجرك .يا كميل ل توقرن معدتك طعاما ) (1ودع فيها للماء
موضعا وللريح مجال ول ترفع يدك من الطعام إل وأنت تشتهيه ،فان فعلت
ذلك فأنت تستمرئه ) ،(2فان صحة الجسم من قلة الطعام وقلة الماء .يا
كميل البركة في مال من آتى الزكاة وواسى المؤمنين ووصل القربين ).(3
يا كميل زد قرابتك المؤمن على ما تعطي سواه من المؤمنين وكن بهم
أرأف وعليهم أعطف .وتصدق على المساكين .يا كميل ل ترد سائل ولو
من شطر حبة عنب أو شق تمرة ،فان الصدقة تنمو عند ال .يا كميل
أحسن حلية المؤمن التواضع ،وجماله التعفف ،وشرفه التفقه ،وعزه ترك
القال والقيل ) .(4يا كميل في كل صنف قوم أرفع من قوم ،فإياك ومناظرة
الخسيس منهم وإن أسمعوك واحتمل وكن من الذين وصفهم ال " وإذا
خاطبهم الجاهلون قالوا سلما " ) .(5يا كميل قل الحق على كل حال ،وواد
المتقين واهجر الفاسقين ،وجانب المنافقين ،ول تصاحب الخائنين .يا كميل
ل تطرق أبواب الظالمين ) (6للختلط بهم والكتساب معهم ،وإياك
) " (1ل توقرن " أي ل تثقلن معدتك من الطعام .وفى بعض النسخ " توفرن ") .
(2استمرأ الطعام :استطيبه ووجده مريئا (3) .واسى المؤمنين :عاونهم.
) (4القال والقيل -مصدران :-ما يقوله الناس .وقيل :القال البتداء
والسؤال والثانى الجواب (5) .سورة الفرقان (6) .64 :ل تطرق أي ل
تقرع .وأطرق الرجل :سكت ولم يتكلم وبمعنى أرخى عينيه ينظر إلى
الرض.
][414
أن تعظمهم وأن تشهد في مجالسهم بما يسخط ال عليك وإن اضطررت إلى
حضورهم فداوم ذكر ال والتوكل عليه واستعذ بال من شرورهم وأطرق
عنهم وأنكر بقلبك فعلهم واجهر بتعظيم ال ]ل[ -تسمعهم فانك بها تؤيد
وتكفى شرهم .يا كميل إن أحب ما امتثله العباد إلى ال بعد القرار به
وبأوليائه التعفف والتحمل والصطبار .يا كميل ل ترى الناس إقتارك،
واصبر عليه إحتسابا بعز وتستر .يا كميل ل بأس أن تعلم أخاك سرك .ومن
أخوك ؟ أخوك ،الذي ل يخذلك عند الشديدة ،ول يقعد عنك عند الجريرة )
(1ول يدعك حتى تسأله ،ول يذرك وأمرك حتى تعلمه ،فان كان مميل
أصلحه ) .(2يا كميل المؤمن مرآة المؤمن ،لنه يتأمله فيسد فاقته ويجمل
حالته .يا كميل المؤمنون إخوة ول شئ آثر عند كل أخ من أخيه ) .(3يا
كميل إن لم تحب أخاك فلست أخاه ،إن المؤمن من قال بقولنا ،فمن تخلف
عنه قصر عنا ،ومن قصر عنا لم يلحق بنا ،ومن لم يكن معنا ففي الدرك
السفل من النار .يا كميل كل مصدور ينفث ) (4فمن نفث إليك منا بأمر
أمرك بستره ،فاياك أن تبديه وليس لك من إبدائه توبة وإذا لم تكن توبة
فالمصير إلى لظى ).(5
) (1الجريرة :الجناية ،لنها تجر العقوبة إلى الجاني .ول يذرك أي ل يدعك .قيل:
ول فعل منه بهذا المعنى ال المضارع والمر (2) .المميل -اسم فاعل من
أمال :-صاحب ثروة كثيرة ومال كثير (3) .أي أقدم وأكرم(4) .
المصدور :الذى يشتكى من صدره .وينفث المصدور أي رمى بالنفاثة.
والمراد ان من ملء صدره من محبتنا وأمرنا ل يمكن له أن يقيها ول
يبرزها فإذا أبرزها وأمرك بسترها فاسترها وفى بعض النسخ " مصدود
" (5) .اللظى :النار ولهبها.
][415
يا كميل إذاعة سر آل محمد صلوات ال عليهم ل يقبل منها ول يحتمل أحد عليها
وما قالوه فل تعلم إل مؤمنا موفقا ) .(1يا كميل قل عند كل شدة " :ل حول
ول قوة إل بال " تكفها ،وقل عند كل نعمة " :الحمدل " تزدد منها .وإذا
أبطأت الرزاق عليك فاستغفر ال يوسع عليك فيها .يا كميل انج بوليتنا
من أن يشركك الشيطان في مالك وولدك .يا كميل إنه مستقر ومستودع )
(2فاحذر أن تكون من المستودعين وإنما يستحق أن يكون مستقرا إذا
لزمت الجادة الواضحة التي ل تخرجك إلى عوج ) (3ول تزيلك عن منهج.
يا كميل ل رخصة في فرض ول شدة في نافلة .يا كميل إن ذنوبك أكثر من
حسناتك ،وغفلتك أكثر من ذكرك ،ونعم ال عليك أكثر من عملك .يا كميل
إنك ل تخلو من نعم ال عندك وعافيته إياك ،فل تخل من تحميده وتمجيده
وتسبيحه وتقديسه وشكره وذكره على كل حال .يا كميل ل تكونن من الذين
قال ال " نسوا ال فأنسيهم أنفسهم ) " (4ونسبهم إلى الفسق فهم
فاسقون .يا كميل ليس الشأن أن تصلي وتصوم وتتصدق ،الشأن أن تكون
الصلة بقلب نقي وعمل عند ال مرضي ،وخشوع سوي ،وانظر فيما
تصلي ،وعلى ما تصلي ،إن لم يكن من وجهه وحله فل قبول.
) (1في بعض النسخ " تعلمه ال مؤمنا موفقا " .وفى بعضها " فل يعلمه ال مؤمنا
موفقا " .وكذا في بشارة المصطفى (2) .يعنى به اليمان فانه مستقر
ومستودع (3) .العوج -بكسر العين -للمعانى ،و -بفتحها -للشياء) .
(4سورة الحشر.19 :
][416
يا كميل اللسان ينزح القلب ) (1والقلب يقوم بالغذاء ،فانظر فيما تغذي قلبك
وجسمك فإن لم يكن حلل لم يقبل ال تسبيحك ول شكرك .يا كميل إفهم
واعلم أنا ل نرخص في ترك أداء المانة لحد من الخلق ،فمن روى عني
في ذلك رخصة فقد أبطل وأثم وجزاؤه النار بما كذب ،اقسم لسمعت رسول
ال صلى ال عليه وآله يقول لي قبل وفاته بساعة مرارا ثلثا :يا أبا
الحسن أد ]اء[ المانة إلى البر والفاجر فيما جل وقل حتى الخيط والمخيط.
يا كميل ل غزو إل مع إمام عادل ول نفل إل من إمام فاضل ) .(2يا كميل
لو لم يظهر نبي وكان في الرض مؤمن تقي لكان في دعائه إلى ال مخطئا
أو مصيبا ،بل وال مخطئا حتى ينصبه ال لذلك ويؤهله له .يا كميل الدين
ل فل يقبل ال من أحد القيام به إل رسول أو نبيا أو وصيا .يا كميل هي
نبوة ورسالة وإمامة وليس بعد ذلك إل موالين متبعين أو عامهين
مبتدعين ،إنما يتقبل ال من المتقين ) .(3يا كميل إن ال كريم حليم عظيم
رحيم دلنا على أخلقه وأمرنا بالخذ بها وحمل الناس عليها ،فقد أديناها
غير متخلفين وأرسلناها غير منافقين وصدقناها غير مكذبين وقبلناها غير
مرتابين .يا كميل لست وال متملقا حتى أطاع ول ممنيا ) (4حتى ل
اعصى ،ول مائرا ) (5لطعام العراب حتى أنحل ) (6إمرة المؤمنين
وادعى بها.
) (1في المصباح نزحت البئر من باب نفع نزوحا استقيت ماءها كله .وفى بعض
بالنسخ وبشارة المصطفى " يبوح من القلب " (2) .النفل -محركة -
الغنيمة ) (3أي ما يقوم به النبي والرسول والمام .وعمه أي تحير في
طريقه .وفى بعض النسخ " ضالين مبتدعين " .وفى بشارة المصطفى "
ال متولين ومتغلبين وضالين ومعتدين " (4) .في بشارة المصطفى "
ممنا " (5) .مايره أتى بالميرة وهى الطعام الذى يدخر (6) .أنحل فلنا
شيئا :أعطاه اياه وخصه به .وفى بشارة المصطفى " حتى انتحل ".
][417
يا كميل إنما حظي من حظى بدنيا زائلة مدبرة ونحظى بآخرة باقية ثابتة .يا كميل
إن كل يصير إلى الخرة والذي نرغب فيه منها رضى ال والدرجات العلى
من الجنة التي يورثها من كان تقيا .يا كميل من ل يسكن الجنة فبشره
بعذاب أليم وخزي مقيم .يا كميل أنا أحمد ال على توفيقه وعلى كل حال،
إذا شئت فقم - 39 .شا (1) :من كلم أمير المؤمنين عليه السلم ما اشتهر
بين العلماء وحفظه ذووا الفهم والحكماء .أما بعد أيها الناس فإن الدنيا قد
أدبرت وآذنت بوداع ،وإن الخرة قد أقبلت وأشرفت باطلع .أل وإن
المضمار اليوم وغدا السباق ،والسبقة الجنة والغاية النار .أل وإنكم في
أيام مهل من ورائه أجل يحثه عجل ،فمن أخلص ال عمله لم يضره أمله،
ومن بطأ به عمله في أيام مهله قبل حضور أجله فقد خسر عمله وضره
أمله .أل فاعملوا في الرغبة والرهبة ،فإن نزلت بكم رغبة فاشكروا ال،
واجمعوا معها رهبة ،وإن نزلت بكم رهبة فاذكروا ال ،واجمعوا معها
رغبة ،فإن ال قد تأذن للمحسنين بالحسنى ،ولمن شكره بالزيادة ،ول
كسب خير من كسب ليوم تدخر فيه الذخائر ،وتجمع فيه الكبائر ،وتبلى فيه
السرائر ،وإني لم أر مثل الجنة نام طالبها ،ول مثل النار نام هاربها .أل
وإنه من ل ينفعه اليقين يضره الشك ومن ل ينفعه حاضر لبه ورأيه فغائبه
عنه أعجز .أل وإنكم قد امرتم بالظعن ودللتم على الزاد ،وإن أخوف ما
أخاف عليكم اثنان :اتباع الهوى وطول المل ،لن اتباع الهوى يصد عن
الحق وطول المل ينسي الخرة .أل وإن الدنيا قد ترحلت مدبرة وأن
الخرة قد ترحلت مقبلة ،ولكل واحدة منهما بنون فكونوا إن استطعتم من
أبناء الخرة ،ول تكونوا من أبناء ،الدنيا ،فإن اليوم عمل ول حساب وغدا
حساب ول عمل.
][418
- 40شا (1) :ومن كلم أمير المؤمنين عليه السلم في الحكمة والموعظة :قوله:
خذوا رحمكم ال من ممركم لمقركم ،ول تهتكوا أستاركم عند من ل يخفى
عليه أسراركم ،وأخرجوا من الدنيا قلوبكم قبل أن يخرج منها أبدانكم
فللخرة خلقتم ،وفي الدنيا حبستم .أن المرء إذا هلك قالت الملئكة :ما
قدم ،وقال الناس ما خلف .فلله آباؤكم قدموا بعضا يكن لكم ،ول تخلفوا كل
فيكن عليكم فإنما مثل الدنيا مثل السم يأكله من ل يعرفه .ومن ذلك قوله
عليه السلم ل حياة إل بالدين ،ول موت إل بجحود اليقين ،فاشربوا من
العذب الفرات ينبهكم من نومة السبات ،وإياكم والسمائم المهلكات .ومن
ذلك قوله عليه السلم الدنيا دار صدق لمن عرفها ،ومضمار الخلص لمن
تزود منها ،في مهبط وحي ال تعالى ،ومتجر أوليائه .اتجروا تربحوا
الجنة .ومن ذلك قوله عليه السلم لرجل سمعه يذم الدنيا من غير معرفة
لما يجب أن يقول في معناها :الدنيا دار صدق لمن صدقها ،ودار عافية
لمن فهم عنها ،دار غنى لمن تزود منها ،مسجد أنبياء ال ،ومهبط وحيه،
ومصلى ملئكته ،ومتجر أوليائه اكتسبوا فيها الرحمة ،وربحوا فيها الجنة.
فمن ذا يذمها وقد آذنت ببينها ،ونادت بفراقها ،ونعت نفسها فشوقت
بسرورها إلى السرور ،وحذرت ببلئها إلى البلء تخويفا وتحذيرا وترغيبا
وترهيبا .فيا أيها الذام للدنيا ! والمغتر بتغريرها متى غرتك ؟ أبمصارع
آبائك من البلى ؟ أم بمضاجع امهاتك تحت الثرى ؟ كم عللت بكفيك،
ومرضت بيديك ؟ تبتغي لهم الشفاء ،وتستوصف لهم الطباء ،وتلتمس لهم
الدواء ،لم تنفعهم بطلبتك ،ولم تشفعهم بشفاعتك ،قد مثلت لك الدنيا بهم
مصرعك ومضجعك ،حيث ل ينفعك بكاؤك ،ول تغني عنك أحباؤك .ومن
ذلك قوله عليه السلم :أيها الناس خذوا عني خمسا فوال لو رحلتم المطي
فيها لنضيتموها ) (2قبل أن تجدوا مثلها ل يرجون أحد إل ربه ،ول
يخافن إل ذنبه
][419
ول يستحيين العالم إذا سئل عما ل يعلم أن يقول :ال يعلم ،الصبر من اليمان
بمنزلة الرأس من الجسد ،ول إيمان لمن ل صبر له .ومن ذلك قوله عليه
السلم :كل قول ليس ل فيه ذكر فلغو ،وكل صمت ليس فيه فكر فسهو،
وكل نظر ليس فيه اعتبار فلهو .وقوله عليه السلم :ليس من ابتاع نفسه
فأعتقها كمن باع نفسه فأوبقها .وقوله عليه السلم :من سبق إلى الظل
ضحى ،ومن سبق إلى الماء ظمى .وقوله عليه السلم :حسن الدب ينوب
عن الحسب .وقوله عليه السلم :الزاهد في الدنيا كلما ازدادت له تجليا
ازداد عنه توليا .وقوله عليه السلم :المودة أشبك النساب ،والعلم أشرف
الحساب .وقوله عليه السلم :إن يكن الشغل مجهدة ،فاتصال الفراغ
مفسدة .وقوله عليه السلم :من بالغ في الخصومة أثم ،ومن قصر فيها
خصم .وقوله عليه السلم :العفو يفسد من اللئيم بقدر إصلحه من الكريم.
وقوله عليه السلم :من أحب المكارم اجتنب المحارم .وقوله عليه السلم:
من حسنت به الظنون رمقته الرجال بالعيون .وقوله عليه السلم :غاية
الجود أن تعطي من نفسك المجهود .وقوله عليه السلم :ما بعد كائن ،ول
قرب بائن .وقوله عليه السلم :جهل المرء بعيوبه من أكبر ذنوبه .وقوله
عليه السلم :تمام العفاف الرضا بالكفاف .وقوله عليه السلم :أتموا الجود
ابتناء المكارم واحتمال المغارم .وقوله عليه السلم :أظهر الكرم صدق
الخاء في الشدة والرخاء .وقوله عليه السلم :الفاجر إن سخط ثلب ،وإن
رضي كذب ،وأن طمع خلب ) .(1وقوله عليه السلم :من لم يكن أكثر ما
فيه عقله كان بأكثر ما فيه قتله .وقوله عليه السلم :احتمل زلة وليك
لوقت وثبة عدوك.
وقوله عليه السلم :حسن العتراف يهدم القتراف .وقوله عليه السلم :لم يضع
من مالك ما بصرك صلح حالك .وقوله عليه السلم .القصد أسهل من
التعسف ،والكف أدرع من التكلف .وقوله عليه السلم :شر الزاد إلى
المعاد احتقاب ظلم العباد .وقوله عليه السلم :ل نفاد لفائدة إذا شكرت ،ول
بقاء لنعمة إذا كفرت .وقوله عليه السلم :الدهر يومان :يوم لك ويوم
عليك .فان كان لك فل تبطر ،و إن كان عليك فاصبر .وقوله عليه السلم:
رب عزيز أذله خلقه ،وذليل أعزه خلقه .وقوله عليه السلم :من لم يجرب
المور خدع ،ومن صارع الحق صرع .وقوله عليه السلم :لو عرف الجل
قصر المل .وقوله عليه السلم :الشكر زينة الغنى ،والصبر زينة البلوى.
وقوله عليه السلم :قيمه كل امرئ ما يحسنه .وقوله عليه السلم :الناس
أبناء ما يحسنون .وقوله عليه السلم :المرء مخبو تحت لسانه ).(1
وقوله عليه السلم :من شاور ذوي اللباب دل على الصواب .وقوله عليه
السلم :من قنع باليسير استغنى عن الكثير ،ومن لم يستغن بالكثير افتقر
إلى الحقير .وقوله عليه السلم :من صحت عروقه أثمرت فروعه .وقوله
عليه السلم :من أمل إنسانا هابه ،ومن قصر عن معرفة شئ عابه .ومن
كلمه عليه السلم :المؤمن من نفسه في تعب ،والناس منه في راحة.
وقال عليه السلم :من كسل لم يؤد حق ال عليه .وقال عليه السلم :أفضل
العبادة الصبر ،والصمت ،وانتظار الفرج .وقال عليه السلم :الصبر على
ثلثة أوجه :فصبر على المصيبة ،وصبر عن المعصية
) (1أي مستور حاله في سكوته فإذا تكلم ظهر مقداره وعقله.
][421
وصبر على الطاعة .وقال عليه السلم :الحلم وزير المؤمن ،والعلم خليله ،والرفق
أخوه ،والبر والده والصبر أمير جنوده .وقال عليه السلم :ثلثة من كنوز
الجنة :كتمان الصدقة ،وكتمان المصيبة وكتمان المرض .وقال عليه
السلم :احتج إلى من شئت تكن أسيره ،واستغن عمن شئت تكن نظيره
وأفضل على من شئت تكن أميره .وكان يقول عليه السلم :ل غنى مع
فجور ،ول راحة لحسود ،ول مودة لملول .وقال عليه السلم لحنف بن
قيس :الساكت أخو الراضي ،ومن لم يكن معنا كان علينا .وقال عليه
السلم :الجود من كرم الطبيعة ،والمن مفسدة للصنيعة .وقال عليه السلم:
ترك التعاهد للصديق داعية القطيعة .وكان يقول عليه السلم :إرجاف
العامة بالشئ دليل على مقدمات كونه ) .(1وقال عليه السلم :اطلبوا
الرزق فإنه مضمون لطالبه .وقال عليه السلم :أربعة ل ترد لهم دعوة:
المام العادل لرعيته ،والولد البار لوالده والوالد البار لولده ،والمظلوم.
يقول ال وعزتي وجللي ل تنصرن لك ولو بعد حين .وقال عليه السلم:
خير الغنى ترك السؤال ،وشر الفقر لزوم الخضوع .وقال عليه السلم:
المعروف عصمة البوار ،والرفق نعشة من العثار ) .(2وقال عليه السلم:
ضاحك معترف بذنبه خير من باك مدل على ربه ) .(3وقال عليه السلم:
لول التجارب عميت المذاهب .وقال عليه السلم :ل عدة أنفع من العقل،
ول عدو أضر من الجهل .وقال عليه السلم :من اتسع أمله قصر عمله.
) (1ارجفوا في الخبار :خاضوا فيها (2) .النعشة :قيام العاثر من عثرته (3) .ال
دلل :العغنج ونوع من التبختر.
][422
وقال عليه السلم :أشكر الناس أقنعهم ،وأكفر هم للنعم أجشعهم ) .(1في أمثال )(2
هذا الكلم المفيد للحكمة ،وفصل الخطاب لم نستوف ما جاء في معناه عنه
لئل ينتشر به الخطاب ويطول الكتاب ،وفيما أثبتناه منه مقنع لذوي
اللباب - 41 .جا ) :(3عن محمد بن الحسين المقري ،عن علي بن
الحسين الصيدلني ،عن أحمد بن محمد مولى بني هاشم ،عن أبي نصر
المخزومي ،عن الحسن بن أبي الحسن البصري قال :لما قدم علينا أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم البصرة مر بي وأنا أتوضأ فقال:
يا غلم أحسن وضوءك يحسن ال إليك .ثم جازني فأقبلت أقفوا أثره
فحانت منه التفاتة فنظر إلي فقال :يا غلم ألك إلي حاجة ؟ قلت :نعم
علمني كلما ينفعني ال به فقال يا غلم من صدق ال نجى ،ومن أشفق
على دينه سلم من الردى .ومن زهد في الدنيا قرت عينه بما يرى من ثواب
ال عزوجل .أل أزيدك يا غلم ؟ قلت :بلى يا أمير المؤمنين قال :من كن
فيه ثلث خصال سلمت له الدنيا والخرة :من أمر بالمعروف وائتمر به،
ونهى عن المنكر وانتهى عنه ،وحافظ على حدود ال ،يا غلم أيسرك أن
تلقى ال يوم القيامة وهو عنك راض ؟ قلت :نعم يا أمير المؤمنين :قال كن
في الدنيا زاهدا وفي الخرة راغبا ،وعليك بالصدق في جميع امورك فان
ال تعبدك وجميع خلقه بالصدق ) (4ثم مشى حتى دخل سوق البصرة
فنظر إلى الناس يبيعون ويشترون فبكى بكاء شديدا ثم قال :يا عبيد الدنيا
وعمال أهلها إذا كنتم بالنهار تحلفون ،وبالليل في فراشكم تنامون ،وفي
خلل ذلك عن الخرة تغفلون ،فمتى تجهزون الزاد ) (5وتفكرون في
المعاد ؟ ! فقال له رجل :يا أمير المؤمنين إنه لبد لنا من المعاش فكيف
نصنع ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلم :إن طلب المعاش من حله ل
يشغل عن عمل الخرة فان قلت لبد
) (1أي أشدهم حرصا (2) .تتمة كلم المفيد )ره( وذكرها هنا غير مناسب انما
يناسب كتاب الرشاد (3) .مجالس المفيد ص (4) .69تعبده أي دعاه
للطاعة أو اتخذه عبدا له (5) .في المصدر " تحرزون الزاد ".
][423
لنا من الحتكار لم تكن معذورا .فولى الرجل باكيا فقال له أمير المؤمنين عليه
السلم :أقبل علي أزدك بيانا ،فعاد الرجل إليه فقال له :اعلم يا عبد ال إن
كل عامل في الدنيا للخرة لبد أن يوفى أجر عمله في الخرة ،وكل عامل
دينا للدنيا عمالته في الخرة نار جهنم ،ثم تل أمير المؤمنين عليه السلم
قوله تعالى " فأما من طغى وآثر الحيوة الدنيا فان الجحيم هي المأوى " )
- 42 .(1جا ) :(2عن أحمد بن الوليد ،عن أبيه ،عن الصفار ،عن ابن
معروف عن ابن مهزيار ،عن عاصم ،عن فضيل الرسان ،عن يحيى بن
عقيل قال :قال علي عليه السلم :إنما أخاف عليكم اثنتين اتباع الهوى،
وطول المل ،فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق ،وأما طول المل فينسي
الخرة ،ارتحلت الخرة مقبلة ،وارتحلت الدنيا مدبرة ولكل بنون فكونوا
من بني الخرة ول تكونوا من أبناء الدنيا .اليوم عمل ول حساب وغدا
حساب ول عمل - 43 .من كتاب عيون الحكم والمواعظ ) (3لعلي بن
محمد الواسطي استنسخناه من أصل قديم في المواعظ وذكر الموت وهو
خمسمائة وثمانية وثمانون حكمة .قوله عليه السلم :رحم ال عبدا سمع
حكما فوعى ،ودعي إلى الرشاد فدنا ،وأخذ بحجزة هاد فنجى ،وراغب
ربه ،وخاف ذنبه ،قدم خالصا ،وعمل صالحا ،اكتسب مذخورا ،واجتنب
محذورا ،رمى غرضا ،وأحرز عوضا ،كابد هواه ،وكذب مناه جعل الصبر
مطية نجاته ،والتقوى عدة وفاته ،ركب الطريقة الغراء ،ولزم المحجة
البيضاء ،اغتنم المهل ،وبادر الجل ،وتزود من العمل - 44 .ومن خطبة له
عليه السلم تعرف بالغراء :منها :جعل لكم أسماعا لتعي ما عناها،
وأبصارا لتجلو عن عشاها ،وأشلء جامعة
) (1النازعات (2) .39 :مجالس المفيد ص .121ورواه أيضا بسندين آخرين ص
55وص (3) .203مخطوط.
][424
لعضائها ) (1ملئمة لحنائها ،في تركيب صورها ) (2ومدد عمرها ،بأبدان قائمة
بأرفاقها وقلوب رائدة لرزاقها في مجللت نعمه ،وموجبات سننه،
وحواجز عافيته ) .(3وقدر لكم أعمارا سترها عنكم ،وخلف لكم عبرا من
آثار الماضين قبلكم ،من مستمتع خلقهم ،ومستفسح خناقهم ) (4أرهقهم
المنايا دون المال ،لم يمهدوا في سلمة البدان ) (5ولم يعتبروا في انف
الوان ،فهل ينتظر أهل بضاضة الشاب إل حواني الهرم ) (6وأهل غضارة
الصحة إل نوازل السقم ؟ وأهل مدة البقاء إل آونة الفناء ،مع قرب الزيال،
وازوف النتقال ،وعلز القلق ،وألم المضض ،وغصص الجرض )(7
وتلفت
) (1تجلو أي تكشف .وكلمة " عن " زائدة .والشلء جمع شلو -بالكسر -وهو
العضو (2) .الملئمة :الموافقة .والحناء جمع حنو وهو الجانب .وفى
النهاية " ملئمة لحنائها " أي معاطفها .والغرض الشارة إلى الحكم
والمصالح المرعية في تركيب العضاء وترتيبها وجعل كل منها في
موضع يليق بها .والظرف متعلق بالملئمة .وقال بعض شراح النهج كانه
قال مركبة أو مصورة فأتى بلفظة في كما تقول ركب في سلحه وبسلحه
أي متسلحا " (3) .مجللت " و " موجباب " من أضافة الصفة إلى
الموصوف ،والحواجز :الموانع و حواجز العافية ما يمنع المضار
ويدفعها .وهى صفة مضافة إلى موصوفها كسابقتيها (4) .المستمتع على
صيغة المفعول :ما ينتفع به .والخلق -بالفتح :-النصيب .والفسحة -
بالضم :السعة :وخنقه إذا عصر حلقه والخناق -بالكسر :-ما يخنق به
من حبل ،والمراد مدة آجالهم في الدنيا (5) .أرهقهم المنايا أي أدركتهم
مسرعة أي أدركتهم المنايا قبل وصولهم إلى آمالهم .وتمهيد المر:
اصلحه (6) .انف -بضمتين :-أول المر .والبضاضة :رقة اللون
وصفاؤه :والحوانى جمع حانية وهى العلة التى تحت الظهر .والهرم كبر
السن (7) .الغضارة :طيب العيش والسعة والنعمة والخصب .والنوازل
جمع نازلة وهى الشديدة من شدائد الدهر .والونة جمع أوان .والزيال:
مصدر زايله مزايلة وزيال أي فارقه .والزوف :الدنو والقرب .والعلز -
بالتحريك قلق وخفة يصيب المريض والمحتضر والسير .والمضض < -
][425
الستعانة ) (1بنصرة الحفظة والقرباء والعزة والقرناء ،فهل دفعت القارب أو
نفعت النواحب ،وقد غودر في محلة الموات رهينا ،وفي ضيق المضجع
وحيدا ،قد هتكت الهوام جلدته ،وأبلت النواهك جدته ،وعفت العواصف
آثاره ،ومحا الحدثان معالمه ) (2وصارت الجساد شحبة بعد بضتها،
والعظام نخرة بعد قوتها ،والرواح مرتهنة بثقل أعبائها ) (3موقنة بغيب
أنبائها ،ل تستزاد من صالح عملها ،ول تستعتب من سيئ زللها ) (4أو
لستم ترون أبناء القوم والباء وإخوانهم والقرباء ؟ تحتذون
- < -محركة :-وجع المصيبة وبلوغ الحزن من القلب .وجرض بريقه -كفرح :-
ابتلعه بالجهد على هم وحزن (1) .التلفت :أبلغ من اللتفات .والباء في "
بنصرة الخ " متعلق بالستعانة أو بالتلفت فيكون بمعنى " إلى "
واضافة التلفت تفيد الملبسة .والحفظة في النهج " الحفدة " وهو
الصواب و معناها :العوان والخدم وقيل :أولد الولد (2) .غودر أي
ترك وبقى .و " رهينا " أي موثوقا بذنوبه أو بأعماله .والهوام -بشد
الميم -جمع الهامة وهى من الحيوان كل ذات سم يقتل كالحيات واما ما
يسم ول يقتل فهو السامة كالعقرب والزنبور .والنواهك -جمع ناهك -
وهو المبالغ في جميع الشياء من نهكه الحمى أي أضناه .وجد الشئ
جدة :صار جديدا .و " عفت " أي محت .والعواصف :الرياح الشديدة.
والمعالم :جمع معلم -بفتح الميم -وهو ما يستدل به .والحدثان مصدر
يدل على الضطراب بمعنى ما يحدث (3) .الشحبة -بفتح الشين -
الهالكة .وشحب يشحب شحوبا أي تغير من سفر أو هزال أو عمل .وقد
مر .والبضة :رقة اللون وصفاؤها ونخرة أي بالية .والعباء :الثقال،
جمع عبء -بالكسر -وهو الحمل وأعباء الرواح ذنوبها " (4) .ل
تستزاد -الخ " أي ل يطلب منها العمل فانه ل عمل بعد الموت " .ول
تستعتب " -مبنى للمفعول -أي ل يطلب منها تقديم العتبى يعنى التوبة
عن العمل القبيح ،أو مبنى للفاعل أي ل يمكنها أن تطلب الرضا والقالة
من السيئات.
][426
) (1القدة -بالكسر والدال المهملة :-الطريقة .و " تطأون جادتهم " أي تسيرون
على سبيلهم بل انحراف عنهم في شئ أي يصيبكم ما أصابهم بدون أي
تفاوت .وقسى القلب :صلب وغلظ (2) .المعنى :المقصود والمراد ،أي
كان المأمور والمنهى والمخاطب بالمواعظ والزواجر والوعد والوعيد
غير تلك القلوب (3) .المزلق :المكان الذى تزل فيه القدم ول تثبت.
والدحض هو انقلب الرجل بغتة فسقط المار .والزلل :هو انزلق القدم.
وتارات الهوال :دفعاتها " (4) .أنصب الخوف بدنه " أي أتعبه .والغرار
-بالكسر :-قلة النوم ،أو قليله ،و لعل المعنى لم يترك العبادة له نوما
قليل " .وأسهر التهجد " أي أزال قيام الليل نومه القليل ،فأذهبه بالمرة.
والهواجر جمع هاجرة أي صار رجاء الثواب موجب لن أظمأ نفسه في
هاجرة اليوم بالصوم فيها " (5) .ظلف الرهب " أي منع الخوف .وفى
النهج " ظلف الزهد " .وأوجف دابته أي حركها مسرعا وحثها على
السير .والبان -بكسر الهمزة وتشديد الباء الموحدة :-حينه ووقته يعنى
القيامة .وتنكب الشئ :مال عنه .والمخالج :الطرق المتشعبة عن الطريق
العظم .وخلج أي جذب كأنها تجذب النسان إليها .والوضح :جادة
الطريق والجار والمجرور متعلق بالمخالج أي المخالج المتشعبة عن
الطريق الواضح (6) .فتله -كضربه -صرفه عن وجهه .وفاتلت
الغرور :وساوس الشيطان " .ولم < -
][427
ظافرا بفرحة البشرى ،وراحة النعمى في أنعم نومه ) (1وآمن يومه ،قد عبر معبر
العاجلة حميدا ،وقدم زاد الجلة سعيدا ،وبادر من وجل ،وأكمش في مهل،
ورغب في طلب ،وذهب عن هرب ) (2وراغب في يومه غده ،ونظر قدما
أمامه ،فكفى بالجنة ثوابا ،ونوال وكفى بالنار عقابا ووبال ،وكفى بال
منتقما ونصيرا ،وكفى بالكتاب حجيجا وخصيما .ومنها :أم هذا الذي أنشأه
في ظلمات الرحام ]وشغف الستار نطفة دهاقا وعلقة محاقا ،وجنينا
وراضعا[ ) (3ووليدا ويافعا ) (4ثم منحه قلبا حافظا ،ولسانا لفظا ،وبصرا
لحظا ،ليفهم معتبرا ،ويقصر مزدجزا ،حتى إذا قام اعتداله ،واستوى مثاله
) (5نفر مستكبرا ،وخبط سادرا ماتحا في غرب هواه ،كادحا سعيا لدنياه
في لذات طربه ،وبدوات أربه ،ثم ل يحتسب رزية ) (6ول يخشع نعيه،
فمات في قبيلته
< -تعم عليه " أي لم تخف عليه المور المشتبهة حتى يقع فيها على غير بصيرة.
) (1النعمى -بالضم :-الخفض والدعة وما انعم به عليك .وأنعم النوم:
أطيبه و المراد بالنوم اما الراحة في الجنة اطلقا لسم الملزوم على
لزمه ،أو الراحة في البرزخ أو لن مكث الجسد في القبر يشبه النوم) .
(2الوجل :الخوف أي سارع إلى العمال الصالحة من خوف ال تعالى.
وأكمش أي أسرع في مدة حياته .وقوله " ذهب عن هرب " أي فر مما
يهرب عن مثله (3) .الشغف :جمع شغاف وهو في الصل غلف القلب
استعارة لموضع الولد .والدهاق الذى أفرغ افراغا شديدا ،والمحق:
المحو (4) .اليافع :الغلم الذى شارف الحتلم (5) .أي بلغت قامته حد
ما قدر لها من النمو (6) .السادر :الذى ل يهتم ول يبالى ما صنع
والمتحير .والماتح -بالتاء المثناة من فوق :-الذى يستقى الماء بالدلو
من أعلى البئر والمايح -بالياء المثناة من تحت :-الذى ينزل البئر
ليملء الدلو .والغرب هو الدلو العظيمة التى تتخذ من جلد ثور شبه بها
لسعة المانى .وكدح في < -
][428
عزيزا وعاش في هفوته يسيرا ) ،(1لم يفد عوضا ،ولم يقض مفترضا ،دهمته
فجعات المنية في غبر جماحه وسنن مراحه ) (2فظل سادرا ،وبات ساهرا،
في غمرات اللم ،وطوارق الوجاع ]والسقام[ ) (3بين أخ شقيق ،ووالد
شفيق ،وداعية بالويل جزعا ،ولدمة للصدر قلقا ،والمرء في سكرة
ملهية ،وغمرة كارثة ،وأنة موجعة ) (4وجذبة مكربة ،وسوقة متعبة ،قد
أدرج في أكفانه مبلسا ،وجذب منقادا
< -العمل كدوحا :سعى .ولعل المراد ببدوات أربه .ما يخطر بباله ويبدو له أي
يظهر آرائه المختلفة باختلف دواعيه والحاصل أنه ذهب إلى ما يبدو له
من رغباته غير متقيد بالشريعة ول ملتزم حدود الفضيلة .والرب
محركة :الحاجة .واحتساب الرزية :العتداد بها .أي ل يظنها ول يفكر
في وقوعها .والرزية :المصيبة (1) .النعى :خبر الموت .وفى النهج "
ول يخشع تقية " .وقوله " فمات في قبيلته عزيزا " في بعض النسخ "
فمات في فتنته غريرا " وهكذا في النهج وهو الصواب ظاهرا .والغرير:
المغرور ،والهفوة :الزلة (2) .دهمته أي غشيته .وفجعات المنية أسبابها
وافجعته أي أوجعته والفجيعة .المصيبة و " غبر جماحه " جمع غابر
بمعنى الباقي والمراد بقايا هواه وشهواته وعتوه الذى ذهب كثير منها.
والسنن -محركة :-النهج والطريقة .والمراح -ككتاب اسم من مرح
الرجل إذا أشر وبطر ونشط وتبختر .والمعنى هجمت عليه المراض
والوجاع واسباب الموت في أثناء غفلته وعتوه واغتراره " (3) .فظل
سادرا " أي كان في جميع النهار متحيرا لشدة ما نزل به .وغمرة الشئ:
شدته .وطوارق الوجاع :ما يأتي منها ليل وسمى التى بالليل طارقا
لحاجته إلى دق الباب لن الطرق بمعنى الضرب وكثيرا ما يشتد الوجاع
والسقام ليل (4) .الشقيق :الخ ،واتصاف الخ بالشقيق للمبالغة في
العطوفة والرحمة .واللدمة :الضارية .والكارثة :الشديدة الشاقة.
والونة بفتح فتشديد .من الن أي التوجع .و المراد بجذبة مكربة جذبات
النفاس عند النزع .والسوقة :من ساق المريض نفسه عند الموت سوقا
وسياقا .ومبلسا أي آيسا من أهله .وماله أو من الرجوع إلى الدنيا .و "
سلسا " أي
][429
سلسا ،ثم القي على العواد رجيع وصب ،ونضو سقم ،تحمله حفدة الولدان وحشدة
الخوان ،إلى دار غربته ،ومنقطع زورته ) (1حتى إذا انصرف المشيع
ورجع المتفجع أقعد في حفرته نجيا لبهتة السؤال ،وعثرة المتحان ).(2
وأعظم ما هنالك بلية نزل الحميم ،وتصيلة الجحيم ،وفورات السعير ،و
سورات الزفير ) (3ل فترة مريحة ،ول دعة مزيحة ،ول قوة حاجزة ،ول
موتة ناجزة ول سنة مسلية ،بين أطوار الموتات وعذاب الساعات .إنا بال
عائذون ) .(4عباد ال أين الذين عمروا فنعموا ،وعلموا ففهموا ،ونظروا
فلهوا ،وسلموا فنسوا ،امهلوا طويل ،ومنحوا جميل ،وحذروا أليما،
ووعدوا جسيما ،احذروا الذنوب المورطة ،والعيوب المسخطة .اولى
السماع والبصار ،والعافية والمتاع ! هل من مناص ،أو خلص ،أو معاذ
أو ملذ ،أو قرار ،أو مجاز ) (5أم ل ؟ فأنى تؤفكون ؟ أم أين تصرفون ؟ أم
بماذا
سهل لعدم قدرته على الممانعة (1) .الرجيع من الدواب ما رجعته من سفر إلى
سفر وهو الكال .والوصب :التعب والمرض .و " نضو " بالكسر:
المهزول .والحفدة :العوان .والحشدة :المسارعون إلى التعاون.
والزورة من زاره يزوره ومنقطع الزورة :حيث ل يزور (2) .النجى :من
تحادثه سرا .وبهتة السؤال :دهشته وحيرته .والعثرة :الزلة (3) .الحميم
في الصل ،الماء الحار ،والتصلية :الحراق :والمراد هنا دخول جهنم.
وفارت القدر :جاشت .والسعير النار أو لهبها .والسورة :الشدة .والزفير:
صوت النار عند توقدها (4) .الفترة :السكون بعد حدة واللين بعد شدة.
أي ل يفتر العذاب حتى يستريح المعذب من اللم ،ول تكون دعة -أي
راحة -حتى تزيح عنه ما أصابه من التعب ،وليست له قوة بحجز عنه.
ول بموتة حاضرة تذهب باحساسه عن الشعور بتلك اللم .والناجز:
الحاضر والسريع .والسنة :اوائل النوم .والمسلية :الملتهية عن اللم.
والطوار النواع والمراد بالموتات :العقوبات (5) .في بعض النسخ " أو
فرار أو محار " أي مرجع إلى الدنيا بعد فراقها.
][430
تغترون ؟ وإنما حظ أحدكم من الرض ،ذات الطول والعرض ،قيد قده ) (1متعفرا
على خده .الن عباد ال والخناق مهمل ) (2والروح مرسل في فينة
الرشاد ) (3وراحة الجساد ،ومهل البقية ،وانف المشية ،وإنظار التوبة،
وانفساح الحوبة ) (4قبل الضنك والمضيق ،والروع والزهوق ،وقبل قدوم
الغائب المنتظر ) (5وأخذ العزيز المقتدر - 44 .ومن خطبة له عليه
السلم :فاتعظوا عباد ال بالعبر النوافع ،واعتبروا بالي السواطع،
وازدجروا بالنذر البوالغ ) (6وانتفعوا بالذكر والمواعظ ،فكأن قد علقتكم
مخالب المنية وانقطعت عنكم علئق المنية ،ودهمتكم مفظعات المور )(7
والسياقة إلى الورد المورود ) (8وكل نفس معها سائق وشهيد ،وسائق
يسوقها إلى محشرها ،وشاهد يشهد عليها بعملها - 45 .ومن خطبة له
عليه السلم :هل يحس به أحد إذا دخل منزل ؟ أم هل يراه
) " (1قيد قده " -بكسر القاف وفتحها من الثاني :-مقدار طوله ،يريد مضجعه
من القبر (2) .الخناق -بكسر الخاء المعجمة :-الحبل يخنق به والمراد
الموت أو أسبابه " (3) .فينة الرشاد " بفتح الفاء وتقديم الياء على
النون :الساعة والحين .ويمكن أن يقرء " فينة الرتياد " يعنى الطلب) .
(4والنف بضمتين المستأنف يعنى لو أردتم استيناف المشيئة لمكنكم.
والحوبة :الحاجة ،وانفساح الحوبة :سعة وقت الحاجة أي العمل الذى
يحتاج إليه العبد (5) .الروع :الخوف .والزهوق :الضمحلل .والمراد
بالغائب المنتظر :الموت (6) .الى :جمع آية وهى الدليل .والسواطع:
الظاهرة الدللة .والبوالغ :جمع البالغة غاية البيان لكشف عواقب
التفريط .والنذر جمع النذير بمعنى النذار أو المخوف (7) .المنية:
الموت .وفظع المر إذا اشتد (8) .الورد -بالكسر -الصل فيه :الماء
يورد للرى والمراد به الموت أو المحشر ولعل الوصف بالمورود للدللة
على أنه لبد من ورده.
][431
إذا توفى أحدا ،بل كيف يتوفى الجنين في بطن امه ،أيلج عليه من بعض جوارحها
أم الروح أجابته باذن ربها ،أم هو ساكن معها في أحشائها ،كيف يصف
إلهه من يعجز عن صفة مخلوق مثله - 46 .ومن خطبة له عليه السلم:
عباد ال ،ال ال ) (1في أعز النفس عليكم ،وأحبها إليكم ،فان ال قد
أفصح سبيل الحق ،وأنار طرقه ،بشقوة لزمة ،أو سعادة دائمة )(2
فتزودوا في أيام الفناء ليام البقاء ،فقد دللتم على الزاد ،وامرتم بالظعن )
(3وحثثتم على السير ،فانما أنتم كركب وقوف ل يدرون متى يؤمرون
بالمسير .أل فما يصنع بالدنيا من خلق للخرة ؟ وما يصنع بالمال من عما
قليل يسلبه ويبقى عليه تبعته وحسابه ؟ عباد ال إنه ليس لما وعد ال من
الخير مترك ،ول فيما نهى عنه من الشر مرغب .عباد ال احذروا يوما
تفحص فيه العمال ،ويكثر فيه الزلزال وتشيب فيه الطفال ،اعلموا عباد
ال أن عليكم رصدا من أنفسكم ،وعيونا من جوارحكم وحفاظ صدق
يحفظون أعمالكم وعدد أنفاسكم ،ل تستركم منه ظلمة ليل داج ،ول يكنكم
منه باب ذو رتاج ) (4وإن غدا من اليوم قريب ،يذهب اليوم بما فيه ويجئ
الغد بما ل خفاء به ،فكان كل امرء منكم قد بلغ من الرض منزل وحدته
ومحط حفرته ،فياله من بيت وحدة ،ومنزل وحشة ،ومفرد غربة ،وكأن
الصيحة قد أتتكم ،والساعة قد غشيتكم ،وبررتم لفصل القضاء ،قد زاحت
عنكم الباطيل واضمحلت عنكم العلل ) (5واستحقت بكم الحقايق،
وصدرتكم المور مصادرها
) (1أي راقبوا ال في أعز النفس ولعل المراد بها النفس المطمئنة (2) .مرفوعان
على الخبرية أي فعاقبتكم أو جزاؤكم شقوة أو سعادة واللزم غير مفارق
والدائم :غير الزائل (3) .والظعن :الرحيل (4) .الداجي :المظلم .والرتاج
-ككتاب :الباب العظيم إذا كان محكم الغلق (5) .زاحت أي بعدت ،والعلل:
جمع العلة وهى المرض الشاغل.
][432
فاتعظوا بالغير ،واعتبروا بالعبر ،وانتفعوا بالنذر - 47 .ومن كلمه عليه السلم:
قاله بعد تلوته " الهيكم التكاثر حتى زرتم المقابر " ) (1ياله مراما ما
أبعده ،وزورا ما أغفله وحطاما ما أفرغه وخطرا ما أفظعه ،أفبمصارع
آبائهم يفتخرون ؟ أم بعديد الهلكى يتكاثرون ،يرتجعون منهم أجسادا خوت
) (2وحركات سكنت ) (3ولن يكونوا عبرا أحق من أن يكون مفتخرا،
ولن يهبطوا منهم جناب ذلة أحجى من أن يقوموا بهم مقام عزة ) (4لقد
نظروا إليهم بأبصار العشوة وضربوا منهم في غمرة جهالة ) (5ولو
استنطقوا عنهم عرصات تلك الديار الخاوية ،والربوع الخالية لقالت:
ذهبوا في الرض ضلل ) ،(6وذهبتهم في أعقابهم جهال ،تطأون في
هامهم ) (7وتستثبتون في أجسادهم ،وترتعون فيما لفظوا ،وتسكنون فيما
خربوا وإنما اليام بينهم وبينكم بواك ونوائح عليكم.
) (1أي شغلكم عن طاعة ال وصرفكم عن الخرة مكاثرة بعضكم لبعض (2) .خوت
أي سقطت بناؤها وخلت من أرواحها (3) .المعنى أنهم يذكرون آباءهم
ويفتخرون بهم فكأنهم ردوهم إلى الدنيا وارتجعوهم من القبور .وقيل هو
استفهام وان لم يكن حرف الستفهام مذكورا أي يرتجعون منهم أجسادا
خوت .وكلمة " من " يحتمل أن يكون للتجريد فالمعنى أيرتجعون من
أجسادهم اجسادا خوت ومن حركاتهم حركات سكنت .ويحتمل أن يكون
صلة للرتجاع فيكون الجساد الخاوية كالهبة التى يرتجعها الواهب ،وأن
يكون للتبعيض فالضمير المجرور لعامة أهل المقابر (4) .الجناب بالفتح:
الناحية والفناء .و " أحجى " أي أولى (5) .العشوة بالفتح :سوء البصر
بالليل .وضرب في الماء :سبح أي خاضوا وسبحوا من ذكرهم في غمرة
الجهالة (6) .الخاوية :الخالية والمنهدمة .والربوع :الماكن والمساكن.
والضلل -كعشاق -جمع ضال (7) .هام -جمع هامة -وهى أعلى
الرأس.
][433
أولئكم سلف غايتكم ،وفراط مناهلكم الذين كانت لهم مقاوم العز ،وحلبات الفخر
ملوكا وسوقا ) (1وسلكوا في بطون البرزخ سبيل ،سلطت الرض عليهم
فيه فأكلت من لحومهم ،وشربت من دمائهم ،فأصبحوا في فجوات قبورهم
جمادا ل ينمون وضمارا ل يوجدون ) (2ل يفزعهم ورود الهوال ،ول
يحزنهم تنكر الحوال ،ول يحفلون بالرواجف ،ول يأذنون للقواصف )(3
غيبا ل ينتظرون ،وشهودا ل يحضرون وإنما كانوا جميعا فتشتتوا ،والفا
فافترقوا ) (4وما عن طول عهدهم ،ول بعد محلهم عميت أخبارهم،
وصمت ديارهم ) (5ولكنهم سقوا كأسا بدلتهم بالنطق خرسا ) (6وبالسمع
صمما ،وبالحركات سكونا ،فكأنهم في ارتجال الصفة صرعى سبات )(7
جيران ل يتأنسون ،وأحباء ل يتزاورون ،بليت بينهم عرى التعارف،
وانقطعت منهم أسباب
) " (1سلف الغاية " :السابق إليها .والغاية :الحد الذى ينتهى إليه الشئ حسيا أو
معنويا .والمراد :الموت .وفرط فلن القوم كنصر أي تقدمهم إلى الورد
لصلح الحوض والدلء ،والفرط -بالتحريك :-المتقدم إلى الماء.
والمناهل :مواضع ما تشرب الشاربة من النهر ،وقد تقدم .ومقاوم :جمع
مقام .والحلبات جمع حلبة بالفتح و هي الدفعة من الخيل في الرهان ،أو
هي الخيل تجتمع للنصرة من كل أوب .والسوق -بضم ففتح جمع سوقه
بالضم :بمعنى الرعية (2) .الفجوة الفرجة والمراد هنا شق القبر .وقوله
" ول ينمون " من النمو وهو الزيادة من الغذاء .والضمار :خلف
العيان الغائب والذى ل يرجى ايابه " (3) .ل يحفلون بكسر الفاء :أي ل
يبالون .والرواجف جمع راجفة :الزلزلة توجب الضطراب .والقواصف
من قصف الرعد :اشتدت هدهدته .وأذن له :استمع (4) .الف جمع آلف
أي مؤتلف مع غيره (5) .صم يصم بالفتح فيها :خرس عن الكلم .وهذه
النسبة إلى الديار مجاز (6) .المراد من خرس الديار عدم صعود الصوت
من سكانها (7) .ارتجال الصفة :وصف الحال بل تأمل فالواصف لهم
بأول النظر يظنهم صرعوا من السبات -بالضم :-أي النوم.
][434
الخاء ،فكلهم وحيد وهم جميع ،وبجانب الهجر وهم أخلء ،ل يتعارفون لليل
صباحا ول لنهار مساء .أي الجديدين ظعنوا فيه كان عليهم سرمدا )(1
شاهدوا من أخطار دارهم أفظع مما خافوا ) (2ورأوا من آياتها أعظم مما
قدروا ) (3فكلتا الغايتين مدت لهم إلى مباءة فأتت مبالغ الخوف والرجاء )
(4فلو كانوا ينطقون بها لعيوا ) (5بصفة ما شاهدوا وما عاينوا .ولئن
عميت آثارهم ،وانقطعت أخبارهم ،لقد رجعت فيهم أبصار العبر )(6
وسمعت عنهم آذان العقول ،وتكلموا من غير جهات النطق فقالوا :كلحت
الوجوه النواضر ،وخوت الجسام النواعم ) (7ولبسنا أهدام البلى،
وتكاءدنا ضيق المضجع ) (8وتوارثنا الوحشة ،وتهكمت علينا الربوع
الصموت ) (9فانمحت محاسن أجسادنا،
) (1الجديدان :الليل والنهار .فان ذهبوا في نهار فل يعرفون له ليل أو في ليل فل
يعرفون نهارا (2) .الخطر بالتحريك :الشراف على الهلك .وقوله" :
أفظع " أي اشد شناعة (3) .أي تصوروه :بعقولهم (4) .المباءة :مكان
التبوء والستقرار أي ضرب لها أجل ينتهون فيه إلى مباءة وهى المرجع
إلى الجنة أو النار فاتت ذلك المرجع مبالغ الخوف والرجاء عظمة ،أو
تجاوزت عن أن يبلغها خوف خائف أو رجاء راج لعظمتها (5) .العى
العجز ،وعيى عن الكلم :عجز (6) .أي نظرت إليهم بعد الموت نظرة
ثانية .والعبر :جمع عبرة (7) .كلح أي عبس .والنواضر :الحسنة
البواسم .خوت أي تهدمت بنيتها ،وتفرقت أعضاؤها (8) .أهدام جمع هدم
وهو الثوب البالى .وتكأد المر بتشديد الهمزة -أي شق على(9) .
تهكمت أي تهدمت .والربوع :أماكن القامة .والصموت :جمع صامت
وهى التى ل تنطق ،والمراد القبور.
][435
وتنكرت معارف صورنا ،وطالت في مساكن الوحشة إقامتنا ،ولم نجد من كرب
فرجا ،ول من ضيق متسعا .فلو مثلتهم بعقلك أو كشف عنهم محجوب
الغطاء لك ،وقد ارتسخت أسماعهم بالهوام فاستكت ،واختلجت )(1
أبصارهم بالتراب فخسفت ،وتقطعت اللسنة في أفواههم بعد دلقتها )(2
وهمدت القلوب في صدورهم بعد يقظتها ) (3وعاث في كل جارحة منهم
جديد بلى سمجها ) (4وسهل طرق الفة إليها مستسلمات ،فل أيد تدفع ول
قلوب تجزع لرأيت أشجان قلوب وأقذاء عيون ،لهم من كل فظاعة صفة
حال ل تنتقل ،وغمرة ل تنجلي ) (5فكم أكلت الرض من عزيز جسد وأنيق
لون كان في الدنيا غذي ترف ) (6وربيب شرف ،يتعلل بالسرور في ساعة
حزنه ،ويفزع إلى السلوة إن مصيبة نزلت به ،ضنا بغضارة عيشه،
وشحاحة بلهوه ولعبه ) (7فبينا هو يضحك إلى الدنيا وتضحك
) (1ارتسخت من رسخ الغدير رسوخا إذا نش ماؤه أي أخذ في النقصان ونضب
يعنى نضب مستودع قوة السماع وذهبت مادته بامتصاص الهوام وهى
الديدان هنا .واستكت الذن بتشديد الكاف أي صمت وانسدت .وقوله "
فاختلجت أبكارهم " في النهج " ،اكتحلت أبصارهم " والظاهر هو
الصواب (2) .خسفت عين فلن :فقأها .ودلقة اللسن :حدتها في النطق.
) (3الهمود :الموت وطفو النار والسكون .واليقظة نقيض النوم(4) .
عاث أي أفسد .والبلى التحلل والفناء .وسمج الصورة تسميجا :أي قبحها
أي أفسد الفناء في كل عضو منهم فقبحه (5) .اشجان القلوب :همومها.
واقذاء .العيون :ما يسقط فيها فيؤلمها .والفظاعة والغمرة :الشدة(6) .
" من عزيز جسد " من اضافة الصفة .والنيق :الحسن المعجب .والغذى
اسم بمعنى المفعول أي مغذي بالنعيم .والترف التنعم (7) .الربيب بمعنى
المربى من ربه يربه بالضم إذا رباه .وتعلل المر تشاغل به .و السلوة -
بالفتح :-ما يسلى عن الهم أي ينسبه .والضن :البخل .وغضارة العيش:
طيبه < -
][436
الدنيا إليه ،في ظل عيش غفول ) (1إذ وطئ الدهر به حسكه ،ونقضت اليام قواه،
ونظرت إليه الحتوف من كثب ،فخالطه بث ل يعرفه ،ونجي هم ما كان
يجده ) (2وتولدت فيه فترات علل آنس ما كان بصحته ،ففزع إلى ما كان
عوده الطباء من تسكين الحار بالقار ) (3وتحريك البارد بالحار ،فلم يطفئ
ببارد إل ثور حرارة ،ول حرك بحار إل هيج برودة ،ول اعتدل بممازج
لتلك الطبايع إل أمد منها كل ذات داء ) (4حتى فتر معلله ،وذهل ممرضه،
وتعايا أهله بصفة دائه ،وخرسوا عن جواب السائلين عنه ،وتنازعوا دونه
شجي خبر يكتمونه )(5
< -والشح :البخل " (1) .فبينا هو يضحك إلى الدنيا " أي مشتاقا أي متوجها
إليها .و " يضحك الدنيا إليه " يجرى على وفق مراده .ووصف العيش
بالغفلة لنه إذا كان هنيئا يوجبها (2) .الحسك :نبات تعلق قشرته
بصوف .والمراد ابتلؤه بآلم الدهر .والحتوف جمع الحتف -بالفتح -
وهو الموت والهلك .والكثب -بالتحريك :-أي قرب ،يعنى توجهت إليه
المهلكات على قرب منه .والبث :الحزن .وخالطه الحزن أي دخل في
باطنه والنجى :المناجى ،فعيل من ناجاه مناجاة أي ساره .والهم :الحزن.
) (3الفترة -بالفتح :-انكسار الحدة واللين على الحال .و " آنس " حال
من ضمير " فيه " .أي تولد فيه الضعف بسبب العلل حال كونه أشد انسا
بصحته من جميع الوقات السابقة والقار هنا ضد الحار (4) .أي ما طلب
تعديل مزاجه بدواء يمازج ما فيه من الطبايع ليعدلها ال وساعد كل
طبيعة على تولد الداء (5) .معلل المريض :من يسليه عن مرضه بترجية
الشفاء ،كما أن ممرضه من يتولى خدمته في مرضه لمرضه .وذهله
وذهل عنه -كمنع -أي نسبه أو تناساه عمدا .وتعايا أي أظهر العيى أي
العجز ،وعييت بأمرى كرضيت :إذا لم تهتد لوجهه ،وتعايا أهله بصفة
دائه أي اشتركوا في العجز والحيرة عن وصف دائه للطبيب ومن يسأل
عن حاله .وخرس .كفرح -أي انعقد لسانه ومنع من الكلم خلقة والمراد
سكتوا كالخرس عن جواب السائلين فل يخبرون عن عافيته < -
][437
فقائل يقول :هو لما به ،وممن لهم إياب عافيته ،ومصبر لهم على فقده ،يذكرهم
اسى الماضين من قبله ) .(1فبينا هو كذلك على جناح من فراق الدنيا
وترك الحبة إذ عرض له عارض من غصصه ،فتحيرت نوافذ فطنته )(2
ويبست رطوبة لسانه ،فكم من مهم من جوابه عرفه فعي عن رده ،ودعاء
مؤلم بقلبه سمعه فتصام عنه ) (3من كبير كان يعظمه أو صغير كان
يرحمه ) (4وإن للموت لغمرات هي أفظع من أن تستغرق بصفة أو تعتدل
على عقول أهل الدنيا ) - 48 .(5ومن كلمه عليه السلم إنكم مخلوقون
اقتدارا ،ومربوبون اقتسارا )(6
لعدم ظهور أماراتها ،وعن عدمها ويأسهم من البرء لكونه مكروها لنفوسهم فل
ينطق بذكره لسانهم .و " شجى " :الحزن والخبر الذى يكتمونه هو
موته ،وقال بعض شراح النهج :أي تخاصموا في خبر ذى شجى أي خبر
ذى غصة ينازعونه وهم حول المريض سرا دونه وهو ل يعلم بنجواهم
وبما يفيضون فيه من أمره " (1) .هو لمابه " أي للمر الذى نزل به أي
أشفى على الموت " .وممن لهم اياب عافيته " الممنى :مخيل المنية.
والياب :الرجوع أي يبعثهم على الرجاء بعود عافيته فيقول :قد رأينا
أسوء حال منه ثم عوفي .والسى :جمع السوة وهى ما يتأسى به
الحزين ويتسلى وسمى المصبر اسوة لنه يذكرهم التأسي بالماضين في
موت أقاربهم وأحبابهم أو صبرهم عليه (2) .أي الفكار الدقيقة الصائبة.
) (3تصام عنه أي أظهر الصمم بعدم اللتفات للعجز عن الكلم(4) .
المراد بالكبير الذى يعظمه الوالد ،والصغير الولد .والغمرات الشدائد،
والفظيع الشديد .والستغراق :الستيعاب أي شدائد الموت أشد من أن
يشمله بيان ووصف (5) .تعتدل أي تستقيم عليها بالقبول والدراك ،أي
لغفلتهم عنها ل تتناسب عند عقولهم قيد ركونها (6) .مربوبون:
مملوكون .والقتسار :الغلبة والقهر.
][438
واعلموا عباد ال إنكم وما أنتم فيه من هذه الدنيا على سبيل من قد مضى ممن كان
أطول منكم أعمارا ،وأشد بطشا ،وأعمر ديارا ،وأبعد آثارا ،فأصبحت
أصواتهم هامدة جامدة ) (1من بعد طول تقلبها ،وأجسادهم بالية ،وديارهم
خالية وآثارهم عافية ) (2واستبدلوا بالقصور المشيدة والسرر والنمارق
الممهدة ) (3الصخور والحجار المسندة في القبور اللطية الملحدة )(4
التي قد بين الخراب فناؤها وشيد التراب بناؤها ،فمحلها مقترب ،وساكنها
مغترب ) (5بين أهل عمارة موحشين وأهل محلة متشاغلين ،ل يستأنسون
بالعمران ،ول يتواصلون الجيران والخوان ،على ما بينهم من قرب
الجوار ،ودنو الدار ،وكيف يكون بينهم تواصل ،وقد طحنهم بكلكلة البلى،
فأكلهم الجنادل والثرى ) (6فأصبحوا بعد الحياة أمواتا ،وبعد غضارة
العيش رفاتا ،فجع بهم الحباب ،وسكنوا التراب ،وظعنوا فليس لهم إياب.
هيهات هيهات كل إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون،
وكأن قد صرتم إلى ما صاروا إليه من البلى ،والوحدة في دار الموت،
وارتهنتم في ذلك
< -والنين :التأوه .وحفى النين أي كثرة التأوه .والعرنين :النف أو ما صلب
منه .والعلز قلق وخفة وهلع يصيب المريض والمحتضر .والفيض:
الموت .والرمق بقية الحياة .والمضض -محركة :-وجع المصيبة،
وبلوغ الهم والحزن من القلب .والغصص جمع غصة .والجرض :الريق،
جرض بريقه كفرح ابتلعه بالجهد على هم وحزن (1) .الهمود :طفوء
النار أو ذهاب حرارتها والفعل كنصر (2) .أي ممحوة وعفا أثره أي
انمحى واندرس (3) .النمارق جمع نمرقة وهى الوسادة يتكأ عليها.
الممهدة :المبسوطة (4) .الستناد إلى الشئ :العتماد عليه .ولطأ
بالرض -كمنع وفرح :-لصق (5) .المغترب :الظاعن (6) .الكلكل -
كجعفر :-صدر البعير ،شبه عليه السلم البلى أي الفناء بالجمل يرض
صدره ما برك عليه .والجنادل :الحجارة .والثرى :التراب.
][440
المضجع ،وضمكم ذلك المستودع ،فكيف بكم لو قد تناهت المور ،وبعثرت القبور )
(1وحصل ما في الصدور ،ووقعتم للتحصيل ) (2بين يدي الملك الجليل
فطارت القلوب لشفاقها من سالف الذنوب ،وهتكت منكم الحجب والستار،
و ظهرت منكم الغيوب والسرار ،هنالك تجزى كل نفس بما كسبت إن ال
يقول " :ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ".
اغتنموا أيام الصحة قبل السقم ،والشيبة قبل الهرم ،وبادروا التوبة قبل
الندم ،ول يحملنكم المهلة على طول الغفلة ،فان الجل يهدم المل ،واليام
موكلة بنقص المدة ،وتفريق الحبة ،فبادروا رحمكم ال بالتوبة قبل
حضور النوبة ،وبرزوا للغيبة التي ل ينتظر معها الوبة ) (3واستعينوا
على بعد المسافة بطول المخافة ،فكم من غافل وثق لغفلته ،وتعلل بمهلته،
فأمل بعيدا وبنى مشيدا ،فنقص بقرب أجله بعد أمله ،فاجأته منيته بانقطاع
امنيته ،فصار بعد العز والمنعة والشرف والرفعة مرتهنا بموبقات عمله )
(4قد غاب فما يرجع ،وندم فما انتفع ،وشقي بما جمع في يومه وسعد به
غيره في غده ،وبقي مرتهنا بكسب يده ذاهل عن أهله وولده ،ل يغني عنه
ما ترك فتيل ) (5ول يجد إلى مناص سبيل .فعلى م عباد ال التعرج والدلج
) (6وإلى أين المفر والمهرب ؟ وهذا الموت
) (1أي بلغكم إلى النهاية ووصلتم إلى منتهى تلك الحوال وهو البعث والنشور .و
بعثر الرجل متاعه إذا فرقه وبدده وبعثرت القبور أي قلب ثراها واخرج
موتاها (2) .في مطالب السؤول " ووقفتم للتحصيل " (3) .الوبة:
الرجوع (4) .الموبقات :المهلكات (5) .الفتيل :الخيط في شق النبات .أي
ل يغنى عنه شيئا بقدر الفتيل .والمناص :الخلص (6) .التعرج :الصعود،
والدلج :السفر بالليل.
][441
في الطلب ،يخترم الول فالول ) (1ل يتحنن على ضعيف ،ول يعرج على شريف )
(2والجديدان ) (3يحثان الجل تحثيثا ،ويسوقانه سوقا حثيثا ) (4وكل ما
هو آت فقريب ،ومن وراء ذلك العجب العجب ،فأعدوا الجواب ليوم
الحساب ،وأكثروا الزاد ليوم المعاد .عصمنا ال وإياكم بطاعته ،وأعاننا
وإياكم على ما يقرب إليه ويزلف لديه فإنما نحن به وله .إن ال وقت لكم
الجل ،وضرب لكم المثال ،وألبسكم الرياش ،وأرفع لكم المعاش ،وآثركم
بالنعم السوابغ ،وتقدم إليكم بالحجج البوالغ ،وأوسع لكم في الرفد الروافغ
) (5فتشمروا فقد أحاط بكم الحصاء ،و ارتهن لكم الجزاء ) (6القلوب
قاسية عن حظها ،لهية عن رشدها ،اتقو ال تقية من شمر تجريدا ،وجد
تشميرا ،وانكمش في مهل ،وأشفق في وجل ،ونظر في كرة الموئل،
وعاقبة المصدر ،ومغبة المرجع ،وكفى بال منتقما ونصيرا ،وكفى بكتاب
ال حجيجا وخصيما ) .(7رحم ال عبدا استشعر الحزن ،وتجلبب الخوف،
وأضمر اليقين ،وعري عن الشك
) (1اخترمه :أهلكه واستأصله .واخترمه المرض :هزله واخترمه المنية :أخذته
وتحنن عليه :ترحم (2) .فلن ل يعرج على قوله أي ل يعتمد عليه.
وعلى المكان أن حبس مطيته عليه وأقام فيه (3) .أي الليل والنهار(4) .
التحثيث :التحريص والتنشيط على فعل .والحثيث :السريع (5) .الرفد
العطاء ،والروافغ الواسعة (6) .في النهج " وارصد لكم الجزاء "(7) .
شمر تشمرا :مر مسرعا .وانكمش الرجل :أسرع وجد .أي وبالغ في حث
نفسه على المسير إلى ال تعالى مع تمهل البصيرة .والوجل :الخوف.
والموئل :مستقر السير والمراد هنا ما ينتهى إليه النسان من سعادة
وشقاء ،وكرته .حملته واقباله< - .
][442
في توهم الزوال ،فهو منه على وبال ،فزهر مصباح الهدى في قلبه وقرب على
نفسه البعيد ،وهون الشديد ،فخرج من صفه العمى ،ومشاركة الموتى،
وخيار من مفاتيح الهدى ،ومغاليق أبواب الردى ،واستفتح بما فتح به
العالم أبوابه ،وخاض بحاره ،وقطع غماره ،ووضحت له سبيله ومناره،
واستمسك من العرى بأوثقها ،واستعصم من الجبال بأمتنها ،خواض
غمرات ،فتاح مبهمات] ،دفاع معضلت ،دليل فلوات ،يقول فيفهم ،ويسكت
فيسلم ،قد أخلص ل ،فاستخلصه ،فهو من معادن دينه وأوتاد أرضه ،قد
ألزم نفسه العدل ،فكان أول عدله نفي الهوى عن نفسه ،يصف الحق
ويعمل به ل يدع للخير غاية إل أمها[ ول مطية إل قصدها] .تم القسم الول
من كتاب الروضة ويليه القسم الثاني أوله كتاب الغارات[
< -والمغبة -بفتح الميم والغين وتشديد الباء :-العاقبة .والحجيج :الخصيم
والمخاصم .فاعلم انى استفدت كثيرا في ترجمة لغات هذه الخطب من
كتاب بهجة الحدائق من شروح النهج للسيد علء الدين محمد بن المير
شاه أبى تراب من سادات گلستانة الصفهانى -رحمه ال -المتوفى سنة
1110الهجرى القمرى .ول الحمد أول وآخرا) .على اكبر الغفاري(
1386
][443
كلمة المصحح :بسم ال الرحمن الرحيم نحمدك اللهم على التوفيق ،ونصلي على
رسولك وآله هداة الطريق .أما بعد :فاني لمغتبط بهذه الفرصة التي اتيحت
لي لتصحيح هذا الجزء الذي هو في أجزاء الكتاب كالكوكب الدري ،وفي
نظام هذا السلك المنضد كالدر -الوضئ .لما فيه من عقائل الدب ،وكرائم
الخطب ،وينابيع الحكم ،والمواعظ والزواجر والعبر ،ومحاسن الكتب
والثر ما يشفي الغليل من غلته ،ويبرئ العليل من علته ،ويطهر النفوس
عن درن الرذائل ،ويرحض القلوب عن ظلمة -الثام ،فمن امتثل أوامره
وائتمر ،وانتهى عن نواهيه وازدجر ،واتعظ بمواعظه واعتبر ،فهو أفضل
من تقمص وائتزر .والكتاب بما في غضونه من الدروس الراقية يغنينا عن
سرد جمل الثناء عليه أو تسطير الكلم في إطرائه ،غير أنه لم يخرج في
زمان مؤلفه الفحل والبطل ،وسارع إلى رحمة ربه الكريم ولم يمهله الجل.
فبقي مسودة دون تصحيح ألفاظه ،وتفسير غرائبه ولغاته .فهو مع كونه
جؤنة مشحونة بنفائس العلق ،ذوحظ وافر من السقاط
][443
كلمة المصحح :بسم ال الرحمن الرحيم نحمدك اللهم على التوفيق ،ونصلي على
رسولك وآله هداة الطريق .أما بعد :فاني لمغتبط بهذه الفرصة التي اتيحت
لي لتصحيح هذا الجزء الذي هو في أجزاء الكتاب كالكوكب الدري ،وفي
نظام هذا السلك المنضد كالدر -الوضئ .لما فيه من عقائل الدب ،وكرائم
الخطب ،وينابيع الحكم ،والمواعظ والزواجر والعبر ،ومحاسن الكتب
والثر ما يشفي الغليل من غلته ،ويبرئ العليل من علته ،ويطهر النفوس
عن درن الرذائل ،ويرحض القلوب عن ظلمة -الثام ،فمن امتثل أوامره
وائتمر ،وانتهى عن نواهيه وازدجر ،واتعظ بمواعظه واعتبر ،فهو أفضل
من تقمص وائتزر .والكتاب بما في غضونه من الدروس الراقية يغنينا عن
سرد جمل الثناء عليه أو تسطير الكلم في إطرائه ،غير أنه لم يخرج في
زمان مؤلفه الفحل والبطل ،وسارع إلى رحمة ربه الكريم ولم يمهله الجل.
فبقي مسودة دون تصحيح ألفاظه ،وتفسير غرائبه ولغاته .فهو مع كونه
جؤنة مشحونة بنفائس العلق ،ذوحظ وافر من السقاط والغلط،
فقاسيت ما قاسيت في تصحيحه ،ولم آل جهدا في تحقيقه ،وتحملت
المشاق في توضيحه ،ولم أرم الطناب في تعليقه .مع أن الباع قصير،
والمر خطير .ولست بمستعظم عملي ،ول مستكثر جهدي ،وما ابرء
نفسي ،وأنا معترف بأن الذي خلق من عجل قلما يسلم من الخطأ والزلل،
فالمرجو من أساتذتي العظام أن يمروا على هفواتي مر الكرام ،فان
العصمة ل الملك العلم ،وما توفيقي إل بال عليه توكلت وإليه انيب .على
اكبر الغفاري