Professional Documents
Culture Documents
المذاهب المسرحية
قصص و حكايات
www.kesaswehekayat.tk
إن أول من قام بتقنين المذهب الكلسيكي في المسرحية ،وضبط قواعدها غير المكتوبة هو أرسطو )- 384
322ق.م ( وذلك في كتابة ) الشعر ( " ،لقد كان أرسطو يكتب كتابه هذا وبين يديه مآسي الثلثة الكبار :
إسخيلوس ،وسوفوكلس ،ويوربيبدز ،كما كان بين يديه أيضا ملهي أرستوفانز وغيره من لدات عصره ،
وكان هؤلء جميعا قد ماتوا قبل أن يولد ارسطو " .
مابعد ارسطو:
إن اليونانيين السكندريين الذين ورثوا علوم وأدب وثقافات أثينا وغيرها من المدن اليونانية ،كانت بطبيعة
الحال تنقصهم ملكة الخلق التي كان يمتاز بها أهل اليونان الصلية في القرن الخامس وجزء من القرن الرابع
قبل الميلد ،بهذا السبب اتجه السكندريون آلي أدب أولئك العباقرة اليونانيين يدرسونه ويقدسونه ،ويضعونه
المثل الذي ل يصح التبديل فيه أو الخروج علية ،ويخيل إلينا أن أولئك العلماء السكندريين هم الذين أرسو
قواعد المذهب الكلسيكي وقعدوا قواعده ،والدليل على ذلك ما نجده في كتاب " مادية العلماء " أو ال
،Deipnosophistaeللمؤلف أيينايوس العالم اليوناني المصري ،وهو من أهالي نوكراتيس ) حوالي 230
ق.م )
لقد نسي الناس المسرح والمسرحية طوال العصور المظلمة وجزءا من العصور الوسطى ،وظل هذا الحال حتى
دالت الدولة الرومانية ،وبعدها نهض مفكروا العرب فعرفوا وأجادوا كل شيء ما عدا المسرح ،والسبب في
ذلك هو أن المسرح كان غريبا عليهم ،وقد نقلوا معظم فلسفة اليونانيين ولسيما آراء ارسطو ومنها ما جاء في
كتابه عن الشعر .
إن الذي ساعد في انحطاط المسرح في القرون الوسطى هو الترجمة الخاطئة لبن رشد عن ارسطو ،وكذلك
حول المسرحيات من قطع أدبية ألفت للفعل والتمثيل في المسرح بواسطة شخصيات ومناظر إلى قطع إنشائية
يقرؤها القارئون على الناس !
ان من سمات الكلسيكية هو التأكيد على مبادىء العقل والتحليل ،بعكس الرومانسية التي تركز على الخيال
والعواطف ،كما تسعى الكلسيكية إلى ما هو صادق وجيد وجميل على مستوى شمولي ،أما الرومانسية فتسعى
إلى كل ماهو استثنائي وغير تقليدي.
1
ان الكلسيكيين يحاولون التقرب من الواقع من خلل تركيبات بسيطة ،حيث أنهم يدركون أن
الواقع معقد ،فالكاتب المسرحي مثل ،يركز على النواحي الساسية بحيث أن المسرحية تتبع خطا واحدا في
تقديم أحداثها التي يمكن لها أن تحدث في يوم واحد وفي مكان واحد أو في أماكن متقاربة .
أهم السس التي يقوم عليها المذهب الكلسيكي هي :
1-الوحدات الثلث :وحدة العقل ثم وحدة الزمان ووحدة المكان ،وبالنسبة إلى وحدة المكان فلم تعرف ال
حينما قال بها ف .ماجي V
Maggiسنة .1550
ن تكون 2-عظامية الشخاص المسرحية :معنى هذا أن اليونانيين والرومان القدماء كانوا يهتمون بأ ْ
الشخصيات التي تقوم بصميم الموضوع من اللهة أو أنصاف اللهة أو الملوك والملكات ،والسبب في ذلك هو
أن الملوك والملكات كانوا مصدر السلطات قديما ،لهذا كانوا يصلحون أن يقتدى بهم.
3-عظامية اللغة :يجب على الشخاص المشاركين في المسرحية أن ل ينطقوا بألفاظ غير حسنة ل تتفق مع
تلك الشخصية المهمة ،وكذلك يجب أن تكون المأساة ذات أسلوب واضح وفصيح يخاطب العقول قبل
العواطف .
4-وحدة المادة أو النغم :يجب في جو المأساة أن يخيم شبح الذعر والرأفة ،وإبعاد المور التي يبيحها
الرومانسيون من أمور مضحكة بحجة التفريج عن أعصاب الجمهور من شدة الحزن والفزع ،لنه في رأي
الكلسيكيين هناك أمور أخرى للتفريج عن أعصاب الجمهور مثل :الناشيد الرقص والشعر الجميل …..إلخ .
5-في رأي الكلسيكيين يجب أل تمثل مناظر القتل والعنف على المسرح ،وقد انتقدوا سوفوكلس على إظهار
)أوديب( والدم يتدفق من عينيه.
هذه بعض من خلصة آراء الكلسيكيين منذ العصر اليوناني الى أوائل القرن السادس عشر.
وخلصة القول :إن المذهب الكلسيكي مذهب اتباعي ،اتبع فن الشعر لكل من أرسطو وهوراس ،نشأ في
ايطاليا ،ونضج في فرنسا ،ومر في الدب النجليزي ،ورسا في الدب اللماني ،وكان له أصول ومبادىء
منها :تقليد القدماء والطبيعة ،والعقل ،والموضوعية والتجرد ،والخلق ،واصلح العادات ،والمعقول
والممكن ،واللياقة الدبية ودراسة العالم الداخلي ثم قانون الوحدات :الفعل والزمان والمكان .
إن الفترة الواقعة بين عامي 1685 - 1660التي تعتبر من تاريخ الدب الفرنسي هي العصر الذهبي للمذهب
الكلسيكي الحديث في فرنسا ،مهد الكلسيكية في أوروبا بأكملها ،وهي الفترة من حكم الملك لويس الرابع
عشر ،الذي كان يلقب بالملك الشمس ،وهو راعي الفنون والداب ،ويعتبر موجه الحياة الفكرية في عصرة
آنذاك …
وقد سبقت فترة حكم لويس الرابع عشر حقبة من الستعداد والضطراب الفكري الذي مهد للعصر الكلسيكي
العظيم ،وفي هذه الحقبة من الزمن كان يتولى توجيه دفة السياسة الفرنسية ) الكاردينال ريشيليو ( كنائب عن
الملك الضعيف لويس الثالث عشر .العمال التي قام بها الكاردينال هي أنه أزال الثر الرومانسي الذي تركة
السبانيون في فرنسا خلل مدة حملتهم على فرنسا واحتلل باريس ،وقد حرص ريشيليو على إحياء المذهب
1
الكلسيكي اليوناني القديم ،وقام بتشجيع الدباء والشعراء على احتذاء الشعراء اليونانيين والرومان
مع إمكانية التعديل في المذهب بما يلئم مقتضيات العصر .ويعد كورني) من شعراء المسرح( وماليرب" مهذب
اللغة الفرنسية " ،وديكارت وباسكال الفيلسوفان من ممثلي تلك الحقبة .أما في حياة الكلسيكية الحديثة )
(1685-1660في عهد لويس الرابع عشر فيمثله راسيين ومولييرالمسرحيان وبوالو )مقنن الكلسيكية
الحديثة ( وبوسويه " الشاعر" .
تقليد قدامى اليونانيون في مسرحياتهم من حيث الشكل مع بعض التيسيرات من أهمها :
أ -يباح وجود عقدة ثانوية أو أكثر ،ذلك بشرط أل تشوه وحدة العقل أو تضعف من العقدة الساسية -نعني وحدة
الموضوع .
ب -إمكانية اتساع وحدة الزمان ،فيجب أل تقف عند دورة شمسية واحدة كما قال أرسطو ،بل يمكن أن تمتد
إلى ثلث دورات ،أي ثلثة أيام .
ج -قد يمتد نطاق وحدة المكان ،بحيث يمكن أن يشمل قصرا بأكمله أو مدينة كاملة .
د -البقاء على عظامية الشخصيات ،ولكن ل مانع من وضع واتخاذ الوصيفات في أدوار ل تعد أدوارا تافهة .
هـ -البقاء على السلوب الرستقراطي على أن يكون أسلوبا وسليما وشاعريا وواضحا ل لبس فيه .
و -من سمات الكلسيكية هي أنها ل تعرف الناشيد ول الكورس .
ز -في الكلسيكية الحديثة يتم إحلل الحب وأهواء النفس مكان القضاء والقدر ،كمحور تدور حوله أحداث
الرواية ،ومن هذا المنطلق أصبحت الكلسيكية ذات نزعة عالمية .
هذه هي بعض التيسيرات في محاكاة قدامى اليونان من حيث الشكل .
لقد كانت موضوعات مآسي وملهي الكلسيكيين الفرنسيين متخذة من الموضوعات اليونانية والرومانية ،
وكذلك متخذة من بطون التاريخ وأحداثه العظمية ،وبعد ذلك يطورون هذه المواضيع بما يوائم الداب الحديثة
السائدة في القرن السابع عشر .هذا ونرى أن الكلسيكية الحديثة كانت تعنى بالروح ول تعنى بالمظهر ،حيث
أن المظهر لم يكن يزيد على إطار مادي سرعان ما ينساه المتفرج على المسرحية .وفي المسرحيات الكلسيكية
الحديثة تكثر الحاديث الفردية " المنلوجات " والمناقشات التي يبطؤ معها الفعل وتقل معها الحركة.
إن الكلسيكية الحديثة كانت تشبه إلى حد كبير الكلسيكية اليونانية من حيث أنها تتجه إلى تسلية الطبقة
الخاصة ،وقد لحظ هذا أولس جليوس Aulus Giliusالذي أطلق على المذهب هذه التسمية ،وقد اختصت
الملهاة الكلسيكية الحديثة في معظم أحوالها بجعل جو المسرحية مضحكا على سخافة وأمراض المجتمع
الخلقية ،حتى أطلقوا على موليير " المشرع وواضع قوانين السلوك للمجتمع .
وإذا صح أن الكلسيكية الحديثة كانت تتجه إلى تسلية الطبقة الخاصة ،إل أنها نجحت في رفع الشعب إلى منزلة
هذه الطبقة بما كانت تقدمه إلى طبقاته من دروس في أزمات الروح والمشكلت النفسية في عالم المأساة وما
كانت ) تشرح ( به سلوك الناس وأخلق النماذج البشرية في عالم الملهاة.
وقد كان كورني أعظم من يمثل المأساة الكلسيكية الفرنسية ،وكان راسين نجمها اللمع.
1
المذهب الرومانسي .2
لقد نهضت دولة المسرح في اليونان القديمة وكذلك المبراطورية الرومانية القديمة ،
ولم يكن الرومانيون أو اليونانيون قد عرفوا كلمة " كلسي" أو " المذهب الكلسيكي " ،
وكذلك الحال مع شكسبير والذين عاشوا في عصره لم يعرفوا تلك الكلمة أل وهي"
رومانسي" أو " المذهب الرومانسي ،مع أن مسرحهم كان قد حيي حياة رومانسية
خالصه تماما كما كان المسرح الروماني واليوناني القديمان يحييان حياة كلسيكية
خالصه.
إنه يحتم علينا قبل أن نذكر الرومانسية في ميدان المسرح أن نذكر التحديد القصير
اليسير الذي وضعه هيني اللماني " " 1856 - 1797لتوضيح الفرق بين المذهب
الكلسيكي والمذهب الرومانسي ،لقد شبه هيني المذهب الكلسيكي بمذهب القيود ،
ذلك المذهب الذي يحدد أهدافه ويقف عندها ،حيث أن الفنان الكلسيكي يلتزم بقوانين
صارمة ل يستطيع الخروج عنها ،فهي دائما تبدو في إطار مادي محدود ،أما المذهب
الرومانسي فقد شبهه بمذهب النطلق …مذهب العاطفة والحرية ….المذهب الذي
يطير بأجنحة قوية في عالم الروحانيات غير المحدود ،فقد كان هيني يوجب على
الديب أو الفنان أن يجعل الرمز أهم أدواته .
لقد كان شكسبير في أواخر القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر ينظم
مسرحياته في إنجلترا كأنه ينظمها للعالم جميعا وللزمان كله وللبشرية كلها ،لقد كان
شكسبير إنسانا عالميا ،ولم يكن شاعرا محليا أو صناعة إنجليزية ،لهذا السبب لم
يعرفه النجليز ،وظلوا يجهلونه ما يقارب قرنا ونصف القرن أو أكثر ،حتى جاء شليجل
) ( 1845 - 1767وهو رجل غير إنجليزي وعرفهم به وبقيمته ،حتى أدركوا أنهم يملكون
كنزا ،أل وهو أديب أغلى من إمبراطوريتهم .
1
لقد حطم شكسبير قيود الكلسيكية وجعل المسرحية كائنا حيا يتنفس برئتين
قويتين ،ويطير بجناحين طليقين ل يخضعان لقانون غير قانون الفن والحس والذوق
والعاطفة ،القانون الذي يستوي أمامه الملوك والسوقة لنهم جميعا بشر ،ويضحك في
ظله الناس حينما تجد ّ لهم ظروف تبعث على الضحك ،ويبكون حينما تحز بهم ظروف ل
يكون لهم فيها من البكاء مفر … .وهذه هي الدنيا .
نود أن نبين أن هناك فرق بين المذهب الواقعي والمذهب الطبيعي ،ومن مجرد النظر إلى اسم كل منهما نســتنبط
الفرق بين المذهبين .....فالشيء الطبيعي هو الشيء الذي يكون منسوبا إلى الطبيعة ...الطبيعة كما خلقها الــ ،
تلك الطبيعة التي لم تتأثر بالعوامل الخارجية الطارئة التي صنعها النسان في الغالب بما يتواضع علية من تقاليــد
وآداب ،وما يسنه من شرائع وقوانين ،وما يبتدعه من أصول الذوق العام ،أم عن الشيء الــواقعي فهــو الشــيء
الذي تحول إليه الشيء الطبيعي بعد أن تأثر بتلك العوامل الخارجية الطارئة ،والعوامل التي صنعها المجتمع بما
تواضع عليه من تقاليد وآداب ،وما سنه من قوانين وشرائع .
قبل أن نبدأ في موضوعنا هذا يجب أن ننبه إلى أنه ما من إنسان في هذا الوجود إل وفيه قدر مــن الطبيعــة وقــدر
من الواقعية ...بل ليس ثمة أي مجتمع من المجتمعات إل وفيه من هذا وذاك ....إل أنــه إذا طغــت عليـة ســمات
المذهب الطبيعي قلنا عنه أنه مجتمع طبيعي ....فإذا غلبت عليه سمات المذهب الواقعي سمياه مجتمعا واقعيا
ترى ما الفرق بين الصورة والكلمة وبين الكائن الحي في التعبير عن الحقيقة ؟ ...لمــاذا يشــعر الجمهــور نفســه ،
الجالس في صالة المسرح بهذا الفــرق ،ولمــاذا يرفــض الجمهــور الســماح للمثــل بــأن يكشــف عمــا يســمح لملتــن
ورابلية بالنابة عنه ؟ ...ثم كيف يمكن أن يكون ثمة ضل من الشك في أن الممثل ل ينبغي أن يسمح لــه بالحريــة
نفسها التي يسمح بها للكاتب أو للمصور ؛ بل هو في الواقع ل يسمح له بهذه الجازة ؟
1
يعتبر المذهب الواقعي وسيلة وضيعة من وسائل التعبير ،خلعوهــا علــى العيــن عميــت أبصــارهم ،
فتسمعهم ينقنقون كالضفادع " الجمال هو الواقع ،والواقع هو الجمال -ذاك هو كــل مــا أعرفــه فــي هــذه الــدنيا -
وكل ما أحرص على أن أعلمه -فل تدع المعرفة وراء هذا " .
أم الفرق فهو مسألة حب ،فذاك الذي يحب هذه الدنيا فيرى الجمال فــي كــل مكــان ؛ إنــه الــه يحــول النقــص إلــى
كمال بالعلم والمعرفة ...إنه يستطيع أن يبريء العرج والمريض ،ويمكنه أن ينفخ روح الشجاعة في الضعاف
المنحوبين ؛ بل في وسعة أن يتعلم كيف يشفي العمى فيرد عليه بصره ! ...إن القوة قد ألقت بمقاليدها بيــن يــدي
الفنان الذي يسيطر فيما اعتقد في هذه العالم .
إن إمكانية أن يقع المذهب الواقعي من نفوس الجماهير موقــع الستحســان أمــر محتمــل تمــام الحتمــال فــي فــترة
وجيزة من الزمن ،ولكن ليس في فترة غيرها فالجماهير ل تهتــم دائمــا بــالبحث عــن المعرفــة ......كل ....بــل
هي ل تهتم حتى بعصارة الفهام ،أو ذاك الجوهر الفرد البسيط الدائم ،الذي هو جوهر الحق ،المستقر فــي كــل
مكان إلى البد ،ول يراه إنسان .إن ما يعني الجماهير هو الجري وراء المال ،تلك القوه السمينة البهيميــة الــتي
يرغون منها ما يمكن أن تتيح لهم -تلك القوة التي هـي أشــبه بـالمرأة ،يصــافحها المصــافحون حينمــا ل يقنعـون
منها بقبلة ،تلك القوة التي أشبه بالسيد السند ،حينما ينفح بعشر قطع مـن الــذهب إلـى " ســائلة الفقيــر " ....تلــك
القوة التي ل يعنيها إل أن تتصدق بالقليل من المال في مواضع تكون فيها المحبة أولى وأجدى .
فطالما كانت الجماهير تتألف من تلك الطبقة الخسيسة الحوشية ...تلك الطبقة المساومة الــتي ل تبــذل مــن الخيــر
إل فتاته ،فلسوف تضل مفتونة بهذا المذهب الواقعي الذي هو حيلة الفنان الوضيع العاجز .
إنه ليس ثمة ما يدعوا إثارة القلـق فـي نفـوس رواد المسـرح ،وليـس ثمـة مـا يـدعوهم إلـى استشـعار الكآبـة ....
عفوا ....استشعار الغيظ إن أردت ..أما الكآبة فليس ثمة ما يدعوا إلى مثقال ذرة منها ،إذ أن هذا العدد المعدود
من رواد المسرح الذين يشغفون بالجمال ويمقتون المذهب الواقعي ؛ هم أقلية صغيرة تتألف من ستة ملييــن مــن
النفس ،وهم مبعثرون هنا وهناك في أطراف المعمــورة ،وهــم كــذلك ل يــذهبون إلــى المســارح الحديثــة ،وإن
ذهبوا فنادرا .
1
المذهب الطبيعي .1
لقد أراد بعض الكتاب الطبيعيون أن يصفوا لنا عالم بأسره فلم يستطيعوا أن يصفوا
سوى مستشفى كل ما يحتويه هو أناس مجانين أو ناقصو العقل أو منحرفون ،وقد
حدث هذا في المسرح حينما أصابته ريح المذهب الطبيعي ،لقد كان ابسن جبار
المذهب الواقعي في المسرح وهو الذي كتب بعض مسرحيات اصطبغت بعض معالم
المذهب الطبيعي إل أنها لم تنزل إلى مستوى حضيض المسرحيات الطبيعية كما فعل
تلميذه الذين تتلمذوا على زول وكذلك على الكاتب السويدي أوجست مترندبرج .
إنه لمن المؤلم أن يؤدي هذا المذهب الطبيعي مذاهب الدب بجميع أربابه إلى الدمار
الخلقي والصحي ،ولعل السبب في ذلك هو إلتزام المذهب الطبيعي بالصدق في
تسجيل مجريات الحياة والمبالغة في التزام ذلك ،دون أن يعمل الدباء حسابا إلى
العواطف المكتوبة التي تنفجر بالطلع المكشوف على ما يجمل به أن يختفي ويستتر
من موبقات العالم الجنسي ،والذي يدهشنا أن المذهب الطبيعي لم يجتذب نحوه سوى
ضعاف العقول والبنية من الدباء وكذلك المفكرين المرضى والعليلين .
لقد حاول بعض الدباء أن يتلمذوا على ابسن ،وحاولوا أن يقلدوا طريقته في الحوار
وأسلوبه الموضوعي في تصوير الشخصيات لكنهم فشلوا ،ولعل السبب في فشلهم هو
أن أسلوب ابسن في تصوير شخصياته أسلوب تحليلي ينتهي دائما إلى تعقيد القواعد
وتقنين القوانين …… .هذا ليس أسلوب المذهب الطبيعي والطبيعيين ،لن الطبيعيين
من أسمهم نستدل على أنهم ل يعنون بالقواعد والقوانين في تصوير شخصياتهم ،فهم
إنما ينقلون لنا من الحياة صورة طبيعية صادقة ،طليقة من القوانين متحللة من
القواعد ،غير مقيدة بالداب والشرائع ،فمسرحيات الطبيعيين تضع الشخصيات بين
1
المشاهد عارية سافرة ،كأنها مقاطع طويلة وعريضة لهضبة من الهضاب أو
سهل من السهول .هذا وينحصر عملهم على إعطائك صورة لهذا المقطع ،أما ما وراء
هذا فمتروك لك أنت وحدك تستنتج مما ترى ما يحلو لك من أفكار وآراء ونظريات على
هدى ما ترى من طبقات ذلك المقطع .
إن الطبيعيون من رجال المسرح قد ساروا على نهج زول وأصحابه من قصر نشاطهم
على تصوير حياة الطبقة الدنيا ،ونقل ما تزخر به تلك الحياة إلى المسرح ليراه الناس
على حقيقته ،ول ندري ما الذي جعل أولئك الطبيعيين يقصرون نشاطهم على تصوير
تلك الطبقة على ما قصره علية زول وأصحابه … .وبالحرى كل ما يشين تلك الطبقة
من سقوط وتهافت أخلقي وشذوذ وضعة ،ولؤم ودنس وحب بهيمي … .فهل هم فعلوا
ذلك لمجرد أنهم قلدوا زول ؟ … .أو فعلوه لنهم كانوا يؤمنون أن الذي يكشف النفس
النسانية على حقيقتها كشفا تاما هو تصويرها وهي غارقة في حمأة الرذيلة ،دون أن
يكسوها بما تكسوها به الفضائل من أثواب النفاق والياء ،كأنه في نظرهم تلك الفضائل
نفاق مصطنع ورياء مجلوب ،اخترعته الحضارة وتوسلت به النسانية في أطوار ضعفها
لتجعله سلحا للضعفاء يقيهم شرة القوياء ؟…….
لقد صرح الطبيعيون أن هدفهم هو أن يضعوا الناس أمام الحقيقة التي خلقوا عليها ل
لبس فيها ول غموض ول تعميه ،وصرحوا أن غرضهم من تصوير الناس على هذا النحو
هو أن يفهم المصلحون حقيقة النفس النسانية قبل أن يحاولوا إصلحها ،فالطبيب
النطاسي هو الذي يتحسس مواضع الداء ويتعرف أسبابه والصل الذي عنه نشأ ،
بطبيعي الحال ما دامت المسألة مسألة تشخيص لمراض النفس النسانية فليس يهم
الطبيعيين من هذه النفس إل أمراضها ،والعجيب أن زول -أمير القصة الطبيعية في
الدب الفرنسي -أدرك ما للمسرح من خطر في هذا الميدان ،فحاول أن يغزوه بتمثيله
من النوع الطبيعي اسمها " تيريزراكان " ففشل ،وفشلي تمثيليته … .ومن ثمة عاد إلى
القصة وقصر نشاطه عليها .
إن الذي فشل فيه زول نجح فيه تولستوى ) ( 1910 - 1828الروسي العظيم ،فقد كان
طبيعيا إلى حد بعيد في تمثيلية " سلطان الظلم " حيث صور في هذه التمثيلية قوة تأثير
البيئة وتحكمها على الفرد ،ولقد تجنب تولستوى الوقوع في الخطأ الذي وقع فيه زول ،
ولعلة حينما جنب نفسه الوقوع فيه ،قد وقف مثل ابسن في أعلى درجات السلم
الواقعي وفي أول درجات السلم الطبيعي .
1
المذهب الرمزي .2
إن الرمزية في المسرحية ضرب من ضروب الرومانسية أكثر شهرة وأقل استغلقا مممن
العاطفية .فا الرمزية شىء ينحني جادة الصواب ،ثم هي شميء معقمول بحكمم المترتيب
وهي اليوم تستعمل في العمالم كلمه ،فنحمن ليمكمن أن نسمميها شميء مسمرحيا إذا كنما
نقصد بالشي المسرحي الشي الزاهر المبهر ن ومع ذلك فالرمزية هي لباب المسرح إذ
لم يكن بدا من أن ندرج فنها من بين الفنون الرفيعه والرمزية ليست شيء يخشمى منمة
إنها الرقة نفسها وهي شيء يفهمة الملوك وذي المناصب الرفيعمة ،وثممة نفمر يخشمون
من الرمزية ويكرهونها ويمدعون أن سمب ذلمك همو أنهما تحممل فمي ىطياتهما البلء والذي
،وأنها ليست في الدب شيء .ثمم همم يقمدمون لمذلك أنهمم يعيشمون فمي عمالم واقعمي
غلأنهم ليستطيعون أن يفسروا لنا لماذا يستخدمون الرموز لكي يقولو لنما همذا الكلم ،
ول كيف كانوا طوال حياتهم يستخدمون هذة الرمموز نفسمها المتي يجمدونها ،ممما يعسمر
1
عليهم أدراكها الي هذا الحد .وذاك أن الرمز ليسمت فمي أصمول الفنمون كلهما
فحسب بل أنها في جذور الحياة جميعا ،بل نحن لنستطيع جعل هذة الحياة شئا نحتملمة
إلعن طريق الرموز التي نستخدمها علمى المدوام .وممن همذا القمول يمكمن القمول بمأن
الرمزية .
شبه الرومانسية في أنها ل تهدف الى مجرد تصوير الجوانب الظاهرة من الواقع .وهممي
تضيف في خطراتها المتي همي أقمل ممن خطمرات الرومانسمية عنصمرا خياليما أو شماعريا
لمظمماهر الواقمع السممطحية .كممما أن الرمزيممة ل تقيممد نفسممها بخلممق الصممورة السمماحرة
فحسمب ،وانمما تؤلمف صمورة محمددة عمن معنمى العممل الفنمي المختمص ممن النمواحي
الفكرية والخلقيه أو العاطفية .فالرمز موضموع أو عممل ليقتصمر علمى القيممة الذاتيمة
وأنما يشمل أيضا القيمة الخارجية .فمالرمز فمي الفمن همو ربماط ممن القيمم ن والكماتب
المسرحي الذي ينغمس في الرمزية يحاول أن يبين سلسلة من المعماني والقيمم يشمعر
بشانة ل يستطيع أن يعبر عنها تعبيرا وافيا أو مقنعا أل إذا سملك تلمك المسمالك القصميرة
الى المستويات العميقه من العواطف والوجدان.
أللوان التي تثيرها الرمزية مختلفة فهي ترضي الرغبة الشديدة فمي الهمرب ممن الممور
المالوفة و المور الدنيوية ،كما أنها تمتع المرء ذا التجاة الخلقي الممتين والمذي يحمس
بأنة قد أضاع وقته في المسرح سدى اذ لم يعد منة بجوهرة فكرية فلسفية أو أخلقيممة ،
اضافة الي ذلك ترضي الجوانب الشاعر يه والخيالية اذ أنها تحرك نشاط الجانب البيمماني
العقلي .
ومقممدار الرمزيممة يختلممف اختلف كممبير حممتى فممي المسممرحيات ذات الطبيعممة الرمزيممة
الكيدة .وكثير مما نجمد الرمزيمة فمي معظمم المسمرحيات المتي ممن همذا النموع عرضمية
بالنسبة لموضوع كانت طريقة معالجته رومانسية أو واقعية بشكل عام .
فكتماب المسمرح يميلمون إلمى اسمتخدام الحيمل الرمزيمة لبمراز قيمم ل يمكمن أن تظهمر
بوضوح كاف أو بقوة في التصوير الواقعي للوجود البشري وحدة ز وقد تكون مثممل هممذه
الرمزية شيئا صعب المنمال ،وليمس فيهما ممن قيممة تتعمدى الشمبيه البيماني فمي إيحائهما
بمشابهة المعني ،ولكنها قد تكون عنصرا أساسيا في بنا المسرحية فتحتل مكان عنصممر
ظاهري .
.1مسرحيات ابسن " بيت الدمية " و " البطة البرية ".
.2مسرحيات لوليم باتلر ييتس " كاثلين ني هوليهان ". CATHLEEN NI HOULIHAN
1
.3ومن أحسن المثله علي المسرحيات الرمزية تلك المسرحيات التي
وجدت في العصور الوسطي التي كانت تعرف بالمسرحيات الخلقية .
.4مسرحيات بيتس في مسرحية "موطن الحبيب " THE LAND OF HEART,S DESIRR
1
المذهب التعبيري .3
أسم أطلقه النقاد اللمان ،نشا نتيجة احتجاج النقاد فمي محاولمة الرومانسمية والواقعيمة
أبعاد العناصر التي ل تدخل صمنها .وهذا المذهب كما يوحي اسممه ،محماوله لكتشماف
تقنية وطريقه للتعمبير عمما يعتقمد الكماتب المسمرحي بأنمة يشمكل الحقيقمة الباطنمة فمي
مسرحية ،وهو طريقة أوفى ،وأكثر تأثيرا من طرق بقية المذاهب المسمرحية .فهمو ممن
جهة يشكل احتجاجا لي ما في الرومانسية من أباطيل عاطفية ،ومن جهة اخرى يشكل
احتجاجا على اتجاة الواقعية غلي الكتفاء بالتصوير المدقيق للممور الظاهريمة فمي الحيماة
واللهجمات والوسمط الجتمماعي والخلق والعواطمف والفكمار عنمد طبقمة ممن طبقمات
المجتمع.
فالتعبيري يرى أن الرومانسية تحاول أن تستبدل التأويل المين للتجربة النسانية بتأويل
مزيف ؛ ويرى أن الواقعية تضيع الحقائق السميكيولوجية الباطنمة نتيجمة أنشمغالها بالنقمل
الدقيق للظواهر .ثم أن التعبيرية تكشف عن تمأثير النشمغال المعاصمر بتجمارب الرجمل
المعاصرالفنية والمعقدة والشعورية واللشعورية على المسرحية ،وتفضح عن ضيق كل
من الكاتب المسرحي والمخرج ذرعا بالقيود التي فرضتها المسرحية الطبيعية في نهايمة
القرن التاسع عشر ،وتظهر رغبه شديدة في الستغلل الكاممل لجميمع مما فمي المسمرح
الحديث من وسمائل هائلمة فمي المعمدات وفمي أل أضماءه ،وتحماول أن تخمرج بالوسمائل
التخيليه القويه ما في المسرحية التجربية من مفاهيم فلسفية أو مادية .والتعبيرية تتيممح
أقصى مجال من الحرية في أستخدام الساليب والوسائل الفنية والجواء .فقد نجد في
المسرحية الواحدة أنتقال فجائيا –لنعطي له أحيانا تفسيرا – من الشعر الي النثر ،ومممن
الواقعية الموضوعية الي ذروت المولموج المذاتي ،وممن حموار واقعمي تقليمدي المي كلم
مسرف اليجاز ز واما كان التركيز ينصب على تجارب الفرد أو الجماهير الساسممية فمأن
المسرحية التعبيرية تتجهنحو تبسيط الحبكة المسرحية وتقليل الفعل الموضوعي ،وذلك
لكي ل ينصرف النتباه عن المور الرئيسية .
.1اشتمال المسرحية التعبيرية على شخصية رئيسية واحدة تعاني أزمة روحية أو ذهنية
أو نفسية ،على أن تري البيئة والنماس فمي المسمرحية ممن خلل نظمرة تلمك السخصمية
1
الرئسية إليها.على أن تكون متفرسمة يترجمهما مؤلمف المسمرحية ويعمبر عنهما
بوسائل المسرحيه الرمرية .
.3المشهد الول غالبا ما يكون من مشاهد الحياة ،وذلك لتيسيرالدخول الى الموضوع .
.4تهدف الى تصوير دخيلة النفس وتجسم تجارب العقل الباطن ،فليس المهمتصوير
المظاهر الخارجية المحتملة الوقوع .
.5شخصيات الروايه التعبيريه نماذج ،لافراد عائدين ومن ثمة يسمون بأسماء رمزية أو
ندعوهم :الرجل او المرأه أو الشاعر أو الشرطى ....الخ .
.6اللغة مقتضبة يكثر فيها حذف أواخر الجمل ..وهي لغه سريعه تلغرافية ...ويفضل أن
تكون لغة دارجة تبتعد عن اللغة الرسمية التي ليستعملها الناس في تفكيرهم الخاص.
.7التمثيل يكون فيها سريعا شديد التحدر ،خياليا ،متنوع المناظر مصحوب بالموسيقى
والصوات الرمزية ،حافل بالحيل المسرحية كالقنعة والملبس الغريبمه والضماءه المتي
تثير الخيال.
مسرحية " من الصباح إلى منتصمف الليل" و " الغاز "Gasل" جورج قيصر"
1
المذهب السريالي .4
الممذهب السمريالي أو السمريالزم ممذهب فمي الفمن والدب أسسمه الشماعر الفرنسمي
أندريه بريتون في باريس عام . 1924حيث سقطت المبادىء والفكار التي كانت سائدة
في العالم قبل الحرب العالمية الولى ،فخاب ظن الناس في كل ما كان سائدا من قيممم
ممأثورة ونظريمات ثابتمة ،والتمسموا فمي علج مشمكلتهم الجتماعيمة مبمادئ وفلسمفات
جديدة .فنشأت نزعة جارفة تمدعو إلمى التحلمل ممن الخلق وتحريمر الغمرائز والرغبمات
المكبوتة في النفس البشرية .وأكثر ممن ذلمك لشمباع الغمرائز والرغبمات إشمباعا حمرا ل
يخضع لي قيد ،ول تردعه أية مواضعة من مواضمعات المجتممع .حيمث لمم تقتصمر همذه
النزعة على الحيماة ،بمل امتمدت إلمى الفمن والدب ،ممما أدى إلمى ظهمور السمريالية أو
مذهب ما فوق الواقع أو ما وراء الواقع أو المذهب الذي يستند إلى اللوعي .فهممو ذلممك
المذهب الذي يحلق بنا وراء الحدود المألوفة ،والذي يحاول أن يمد الدب والفنون لهممذا
السبب بما لم تألفه الداب والفنون من المواد الغريبة عليها ،أو الممواد المتي لمم يسمبق
للكتاب أو الفنانين أن يستعملوها أما رهبة منها أو وجهل بها أو لعدم قدرتهم علمي تكيمف
طريقه تناولها ،ومن ذلك المزج بين المسرحية الواحدة أو القصة الواحمدة أو الصمورة أو
التمثال الواحد بين تجارب العقل الواعي والعقل الباطن ..ومن ضرورات هذا الممزج أل
يخضع الكاتب أو الشاعرأو الفنان لصول المنطق والتفكيمر المعقمد السمليم ،وذلمك لن
من أهم قواعد السريالزم أن تتغلب سمات العقل والباطن وصبغته على سمممات العقممل
الواعي وصبغته في عملية الممزج بيمن تجمارب كمل منهمما فمي روايمة الكماتب أو قصميدة
1
الشماعر أو صمورة الرسمام أو التمثمال… وممن أثمار غلبمة العقمل البماطن علمى
العقل الواعي هذا التحليل من أصول المنطق والتفكير المعقد السليم .
فهو كالمذهب الدادي الذي انبثقت منة السريالية فإنه يسمتخدم الفمن سملحا ضمد الشمر
والقيود التي يراهما السمرياليون فمي المجتممع .فالسمريالية تحماول أن تكشمف عمن واقمع
جديد يتجاوز الواقع الفعلي .فا السريالية كلمة جديدة تعني ما فوق الواقعية.
ومن ينعم النظر في هذا الكلم يدرك كيف الرومانسية توشك أن تقترب من السممريالزم
لن أصل الرومانسية تغليب العاطفة والخيال علي المور العقلية .فالسممرياليون يممدعون
أنهم يصنعون أشكال وصورا بمدون وعمي ،وبمدون تفكيمر لكمن بأحسماس فطمري خمالص
دعي السرياليون أن بإمكانهم صنع عممالم ،وعن طريق الصدفة .وباستخدام هذا المنهج ي ّ
في مجال الفن والدب أكثر جممال ممن العمالم الحقيقمي .فهمم بهمذه الطريقمة يحماولون
مفاجأة المشاهد وعرض مايعتقمدونه العمالم العميمق والحقيقمي ممن الطبيعمة البشمرية .
والحركة السريالية مازلت تؤثر على الفنانين والكتاب في العالم .
فانطلقا من اليحاء والشارة التي آمن بها السرياليون ،لمم يحفلموا كمثيرا بوضمع خاتممة
لمسرحية أو قصة ،وأنما تركو للمشاهد أو القارىء مهمة تصمور الخماتمه المتي يريمدها ،
والتي ترسمها له قواه النفسية أو المطلقة من كبتها .وآمنوا أيضا بأن المقماطع والوزان
في الشعر ،وأوضاع الجملة وأساليبها في النثر الفني مظهر من مظاهر الصنعة يعمترض
طريق الخلق الفني ،ويقتل إحساس الفنان الخلق .لذلك يجب أن يعبر السريالي عممما
اختلج في أعماقه ولوعيه بحرارة عفوية .
ومهما يكن من اختلف لراء في السريالزم ،فالكاتب أو الفنان الذي يأخذ بهذا الممذهب
يفضل أليرتبط بالوضاع المعروفة في المذاهب الخرى ،وهمو لمذالك يأبممى التقيمد فمي
المسرحية مثل بالقالب الواحد يصب مسرحيته فيه كما كان يصنع الكماتب الكلسميكي أو
الكماتب المواقعي بمل همو يمؤثر التنقمل فمي المسمرحية الواحمدة بيمن الجمواء المختلفمة
….الجواء السائبة المتحللة من العرف والتقاليد … وهذا التحلل من العرف والتقاليد هو
سمه من سمات الرومنسية ،إل أنمه فمي السمريالزم تحلمل نشمأ ممما كرثمت بمه الحمرب
العالمية الولى ) ( 1918– 1914نفوس من اصطلوا حرها فزعزعت فيهم القيم الخلقية
وجعلتها تفلت من ربقة العقل ) القديم ( الذي زلزلت أركانه نظرية النسبية الجديدة وما
أذهل به فرويد عقول العمالم ممن أبحماثه السميكلوجية العجيبمة المتي أثبتمت ممدى تسملط
عقلنا البماطن وهيمنتمه القماهرة علينما وتحكممه فمي تكيمف أخلقنما ،وبالتمالي فمي عقلنما
الواعي .
1
في البداية أطلق علي حركمة السمريالزم ) دادا ( أي بابما ،وهمي الكلممة المتي
ارتجلوها لثورتهم العاصفة بجميع القيم الخلقية ،والسخرية وما وسعتهم السممخرية بممما
توارثه الناس من آداب وتقاليد وشرائع ومثل .وأنهم اتخذوا أحط الطرق وأوقحهمما لنشممر
همذه المروح الجديمدة وإشماعتها بيمن النماس .وقمد وجمدوا أن إنجيلهمم الجديمد وقيمهمم
الجديدة في تعاليم مماركس ،تلمك التعماليم المتي كمانت أكمبر مخمدر للطبقمات العاملمة ،
ولهذا نشبت بينهم وبين رجال السياسة والديان عامة ،ولسيما الكاثوليكيين ،مصادمات
فكريه عنيفة ،إذا كانوا يغرون الشعب بالتحرر من الكثلكة إلى الواقعية الشتراكية .
أما الفن الجيد الذي كانوا ينشدونه فقمد وجمدوه فمي تلمك الكتابمة اللشمعورية أو الكتابمة
التلقائية والتي كان أندريه بريتون أول من ارتفع بها إلى السريالزم الصممحيح ،وبممالحرى
كان أول من انتشلها من بؤرة الفوضى التي قضت فيها فترة الحصانة في موسكو.
وأول هذ الطوار التي مر بها السمريالزم ممن الفمترة ) (1924– 1920وهي الفترة التي
كان فيها السريالزم يلتمس طريقه إلمى الفنمون والداب والسياسمة باسمتخدام الوسمائل
التي يستطيع بها تسمخير العقمل البماطن للنتماج فمي همذا الميمدان الفسميح الرحمب .أمما
الطمور الثماني فكمان ممن الفمترة ) ( 1930 _ 1925وهو الطور التي تحقق فيه كيان
السريالزم ،وذلك بقيام الشيوعية الدولية ،وكان ذلك مصحوبا بالنتاج الفعلي في عمالم
الدب والفنون وفقا لصوله اللشعورية ) التلقائية( الخالصة… أما الطور الثالث الذي مر
به السريالزم هو ذلك الطور الذي أخذ فيه معتنقو السريالزم بالتحلل تمدريجيا ممن ربقمة
موسمكو السياسمية ،وهمو تحلمل يكماد يكمون ردة إلمى الصمول المتي ثمار عليهما منشمئو
السريالزم المذين كمانو ينكمرون الوطنيمة ويسمتهزئون بالشمرائع ويسمخرون ممن التقاليمد
ويزرون بالديان… مما نتج عن هذه المردة أن أصمبح كتماب السمريالزم وفنمانوه يتهماونون
إلى حد ما في الكتابة اللشعورية أو التلقائيمة المتي يكتبهما الكماتب وهمو شمبه ذاهمل عمن
نفسه ،وعادوا يجيزون الكتابة الشعور يه إلى حد ما – كما أجازوا ذلك فمي الفمن أيضما .
أممما السممريالزم فممي طمموره الحممديث ،ظهممر بطريقممة جديممدة أو وجممه جديممد مممن أوجممه
السريالزم ،وهي طريقة الضطراب الذهني )البارانويما ( المتي ينتماب الكماتب السمريالي
فيها حاله أشبه بالشرود الفكري يصدر فيها عن ممزاج سموداوي يجعمل أفكماره ممفككمة
يكاد الربط بينها يكون معدوما… .وقد تأثر بالفن الحديث الكثير من كتاب المسرح الذين
يثيرون في القارئ أو المتفرج الكثير من مشاعر الرحممة وأحاسميس الحنمان بجممال مما
يصموره خيمالهم المنطلمق ممن صمورة المروح النسماني المسمتكن فمي أغموار النفمس ول
يحسن إظهارها إل هؤلء السرياليون.
استطاع المذهب السريالي أن يقدم للمسرح وجه نظر جديدة حيث تميزت المسرحيات
السريالية بمجموعة من الخصائص منها:
1
أن المسرحيات السريالية تكاد تكمون تشمبه المسمرحيات الطبيعيمة ممن حيمث
عدم اشتمالها على ذروة ،ومن حيث أنها مجرد صورة ل تربطها إل فكرة عامة.
المسرحية السريالية تشبه الحلمم أو أحلم اليقظمة والمتي همي ممن آثمار سملطان العقمل
الباطن.
مسمرحية قلبي في بلد الحملم ) (My Heart is in the Highlandsل )وليم ساروين(
1
المذهب الصوفي .5
في أواخر القرن التاسع عشر ،وفي الثلمث الول ممن القمرن العشمرين الميلدي ،قمامت
حركة أدبية قوية في أيرلندا كان أبطالها يهدفون إلمى مما تهمدف إليمه الحركمة السياسمية
الثورية هناك من النفصال عن إنجلترا.
ومن ثم كان لهذه الحركة طابعها الفذ المستقل عن الدب النجليزي بعامة ،شعره ونثره
وأغراضه.
وقد تميزت تلك الحركة في دنيا المسرح بانطباعات عدة أهمها ما كان يدعو إليه الكاتب
المسرحي جون ملينجتون سين John Millington Synge 1871 - 1909م ،وليدي أوجستا
جريجوري Lady Augusta Gregory 1852 - 1932م ،ووليم بتلر ييتس William Butler
Yeats 1865-1939م ،من الثمورة علمى الممذهب المواقعي وتجريمد المسمرح والمسمرحية
للغراض الدبية الخالصة البعيدة عن الفكار ،التي ل تنشد إصلحا ً ول تهتم بنقد المجتمع،
أو التبشير بفلسفة اجتماعية خاصة ،وكان سين يتحمس لهمذا تحمسما ً شمديدًا ،ويحتمج لمه
بأنه ل بد للمسرحية أن تكون عمل ً فنيما ً خالصما ً يسممو بمالنفس البشمرية ويعلمو بهما فموق
عذاب هذه الحياة المملة المتعبة المكتظة باللم والمواجع ،تماما ً كمما تفعمل الموسميقي
السيمفونية.
من أجل ذلك اتجه الكتاب نحو السطورة والسطورة الدينية ،ونحو تصوير الروح الريفي
الذي تزيده طبيعة الجزيرة اليرلندية فتنة على فتنة وسحرا ً فوق سحر.
وقد اتجهت ليدي جريجوري ووليم ييتس بالمسرحية اتجاها ً صوفيا ً روحانيًا ،وهمو مما يكماد
يشبه ما حدث في عالم التصوف الشرقي ،حينمما انقسمم المتصموفة فمي الشمرق فكمان
منهم من حافظ على روح الشمريعة ،وإن سماروا بفمرائض المدين فمي طريمق كلمه تزكيمة
روحية وصفاء مستنير وتطهير وجداني ل غبار عليه ،وكان منهم فئة أخرى ضالة استعلت
علممى العلممم والشممريعة ،فزعمممت أنهممما للعامممة ،العامممة الممتي ل بممد أن تؤخممذ بممالعلوم
والفرائض والشرائع والقوانين تضبط حركتها وتقيد تصرفاتها في كل شيء ،في العبادات
وفي المعاملت على السواء .أما الخاصة وهم صفوة المتصوفة فيمما يزعمم همؤلء ،فهمم
أهل الحقيقة ،وهم لذلك ل يتقيدون بما يدعو إليه الدين من فرائض ،وما يلزم بممه العامممة
1
من علم ومن شرائع وقوانين ،وكل الفريقين يدعو إلى التخلص ممن ممادة همذا
العالم والندماج في الذات اللهية.
وتكماد ليمدي أوجسمتا جريجموري تمثمل الفئة الولمى ،ويكماد وليمم بتلمر ييتمس يمثمل الفئة
الثانية.
الوجودية نسبة إلى الوجود ،ولكمل شميء عنمد الوجموديين وجمود وصمورة ،والصمورة همي
مجموعة من الخصائص والصفات الثابتمة المتي يتصمف بهما الشميء ،فهمي جموهر الشميء
الموجود أو ماهيته ،أو ما هويته ،كما يعبر عنها بعض الوجوديين نسبة إلى ما هو؟.
أما الوجود فهو كينونة الشيء بالفعل في هذا العالم ،والشميء ل تكمون لمه صمورة إل إذا
ل ،ولذلك كان الوجود سمابقا ً علمى الصمورة فمي نظمر الوجموديين ،وهمم فمي ذلمك
وجد أو ً
يختلفون عن أفلطون في نظرية المثل المشهورة التي تجعل الصور سابقة علممى وجممود
ل ،ثم تتولى هي بنفسها صيرورتها إلىالشياء .وهكذا يقول الوجوديون بوجمود الشياء أو ً
الصورة التي تريد.
1
والوجوديون يقصدون بهذا الكلم عن الوجود والصورة ،النسان قبل أي شيء
آخر ،بل لعلهم ل يقصدون بمه شميئا ً آخمر غيمر النسمان ،ويمذهب "جمان بمول سمارتر Jean
،"Paul Sartreإلى أن وجود الشياء يأتي بعد صورتها إل في النسان ،إذ يتحقق وجوده
ل ،ثم تتحقق صورته :أي صفاته ،أو ماهيته ،أو هويته ،بعد ذلك.أو ً
وهذه الفئة من الوجوديين ،هي الفئة المادية المتي تنكمر وجمود الخمالق -سمبحانه -المذي
يخلق الناس وهم ينكرون وجود الخالق لن النسان الوجودي في نظرهم هو الذي يتولى
خلق أعماله ،ويحدد صفاته أو ماهيته أو صورته بنفسه ،وعلى ضوء ما يراه بعممد أن يفكممر
ويختمار اختيمارا ً حمرا ً ل يمليمه عليمه أحمد ممن الخمارج .حمتى ولمو كمان همذا المملمي ممن
الوجوديين أنفسهم.
على أن من الوجوديين فئة أخرى تؤمن بوجود الخالق ،وهؤلء همم الوجوديمون المدينيون،
أو الوجودية المؤلهة ،أي التي تعترف بوجود إله خلق النسان ،لكنه لم يخلق أعممماله .إن
الله في نظر هؤلء الوجوديين المدينيين يخلمق النسمان ،ثمم النسمان بعمد ذلمك همو المذي
يخلق أعماله بنفسه ،أي أنهم يرفضون فكرة الجبر ،ويؤمنمون بفكمرة الختيمار .وممن هنما
ل ،ثم بالصورة التي يخلقها النسان ثانيا ً.
كانوا يؤمنون بوجود النسان أو ً
أما الوجوديون الملحدون الذين ل يؤمنون بوجود إلمه ،فزعيمهمم همو "جمان بمول سمارتر"،
ومنهم "مارتين هيمدجر ،"Martin Heideggerو" ألبير كامي ،"Albert Camusو" سيمون
دي بوفوار ."Simone de Beauvoirوتقوم فلسفة هؤلء على وجوب أن ينظر النسان
في مجتمعه ،وفي العالم الذي يعيش فيه ،وما يجب عليه أن يقوم بمه فمي همذا المجتممع
وفي ذلك العالم ،ليكون وجوده مشروعا ً.
1
المذهب التجريبي .7
المسرح التجريبي مفهوم حديث ،يرجعه بعمض النقماد إلمى ستانسلفسمكي فمي محماولته
لنشاء معمل مسرحي لحد تلميذه ،وإلى أنتونيان آرتود ،Antonin Artaudفي مسرحه
"القسوة" ،وتجارب العنف كما في مسرح فايس ،وكلها وغيرها تجارب تحق عليها صفة
التجريب ،أو صفة الطليعية ،طبقا ً لمفاهيم العصمر الحمديث .إذ إن التجريمب أصمل ً همو مما
كان يتعلق بعرض خاص ،له مواصفات فكرية وتنفيذية كالتي حققها ماكس رينهارت Max
،Reinhardtفي مسرحه الخاص الصغير.
والحقيقة أنه ليمس هنماك تاريمخ ثمابت لتحديمد نشمأة المسمرح التجريمبي ،وإن كمانت ثممة
بدايات قد طالعنا بها ظهور المسرح الحديث ،فمي أواخمر القمرن التاسمع عشمر الميلدي،
وفي مقدمة هذه البدايات مسرح "أندريه أنطموان ،"Andre Antoineمؤسس المسمرح
الحر في فرنسا ،إذ ُيعد ّ مسرحه من أوائل المسمارح التجريبية ،التي ذاع صيتها في جميع
أرجاء العالم ،وكان تجريبا ً لجمهور عام.
كانت بداية المسرح الحر بداية متواضعة ،ومع ذلك أصمبح مسمرحه المبنمي ممن الخشمب
في الفنون الجميلة بباريس ،حيث قدم أنطوان أول عروضه للمسمرح التجريمبي ،صمرخة
مدويمة ورممزا ً للقموي التقدميمة فمي عصمره ،وقمد نجمح أنطموان ،الممثمل والمخمرج ،منمذ
اللحظة الولى في وصل التعاون بيمن مسمرحه وكتماب الدب ،خاصمة الكماديميين منهمم،
وعلمى رأسمهم إميمل زول .أمما مسمرحه فقمد كمان يتسمع 343متفرجًا ،وكانت تسودهم
روابط السرة .وقد كان مسرح أنطوان ،بحمق ،ثمورة علمى التقاليمد المسمرحية ،واتجاهما ً
جديدا ً نحو السلوب الطبيعي بكل تفاصيله ،فالممثلون في المسمرح التجريمبي يتحركمون
على المسرح حركة طبيعية ،ولول مرة أدار الممثل ظهره للجماهير ،وكانت مفاجمأة لمم
يعهدها أحد من قبل ،وغالى أنطوان في أسلوبه ،حيمن اقتضمت بعمض المنماظر أن تظهمر
تماما كالطبيعة ،فتجد محل جزار بلحوم حقيقية ،ومحل صانع أحذيمة بكمل عمدده وعمدته.
ولم يكن أنطوان ليرضى مطلقًا ،إل أن يحاكي الطبيعة بحذافيرها.
وظهمر ،فيممن ظهمر ممن أعلم المسمرح التجريمبي الحمديث فمي فرنسما ،المخمرج "جماك
كوبوه" ،الذي أنشأ مسرح "الفييه كولممبيه" عمام 1913م .وممن دوافمع تأسميس مسمرحه
الجديد ،ضيقه الشديد بالوسمط المسمرحي والمسمرحيين فمي أيمامه .وقمد كمان "كوبموه"،
حين أسس مسرحه ،غير مهيمما ً باتجماه مسمرحي معيمن ،إل أنمه أوضمح فلسمفة مسمرحه
الجديد بنشرة يختلف فحواها عمقًا ،عما سبق أن جاءت بمه نشمرات المسمارح التجريبيمة
الخرى ،في عصره.
1
وحين بدأ "كوبوه" مسرحه ،بدأه بأحد عشر ممث ً
ل ،راحوا يقممرأون المسممرحيات
بصوت عال ،ويرتجلون المشاهد التمثيليمة ،ويمؤدون التمرينمات اللقائيمة والحركيمة ،المتي
تعينهم على الداء الفني السليم.
وهكذا ضرب مسرحه أروع المثلة في حقل التجريب المسرحي ،حتى صارت مسرحياته
السس ،التي نهج على منوالها تلميذه من بعده ،أمثال :جوفيه وديلن وبيتويف وباتي.
أما دعاة التجريمب بمعنماه الطليعمي ،مضممونا ً وشمكل ً والتزاممًا ،فقمد مارسموه بشمجاعة،
وأبدوا فيه نشاطا ً ملحوظًا ،نحو تطوير حركة الطليعيين المسرحيين ،في مجال المسرح،
في النصف الثاني من القرن العشرين الميلدي ،حسمب رأي "جيممس روز ايفمانز" ،المتي
أنتجت عددا ً من الشكال المسرحية ،ما زالت تواصل رسالتها ،ومنها على سبيل المثممال؛
مسرح اللمعقول ،ومسرح البموب ،المسمرح التجريمبي المذي يتنماول موضموعات حديثمة،
ومسرح الجريدة الحية ،والمسرح التسجيلي.
وتلك الشكال ،وما إليهما ممن أشمكال التجريمب الطليعمي ،همدفها البحمث عمن المكانمات
الجديدة ،والغوار البعيدة ،لفن الدراما بأوسع المفاهيم.
والمسرح التجريبي بأشكاله المسرحية المتعددة ،ل يجتذب ،خاصمة فمي بدايمة عهمده ،إل
الخاصة المتخصصة ،إذ إن النتماج ،فمي الغمالب ،يتمتمع بدرجمة عاليمة ممن التقمدير الفنمي
والفكري ،خاصمة مما يتعلمق بتكتيمك الفمن المسمرحي .إل أنمه بمضمي الموقت أخمذ شمكل ً
جماهيريًا ،كمسرح اللمعقول والمسرح التسجيلي.
ومن أشهر المسارح التجريبية المعاصرة في إنجلترا ،مسمرح "سمتوك أون ترنمت" ،المذي
يتخذ لنفسه شكل المسرح في المدائرة .وتقمدم فرقتمه عديمدا ً ممن التجمارب المسمرحية،
التي ل تعتمد على الديكور ،وإنما على كافة المؤثرات التكنولوجية التي تسهم فممي إثممراء
العممل المسمرحي .والمسمرح فمي المدائرة ،أو مسمرح الحلقمةُ) ،انظمر صمورة المسمرح
الدائري( ،يتمتع بمزايا عدة ،أهمها:
أ .منصة للتمثيمل تختلمف جمذريًا ،عمن منصمة التمثيمل التقليديمة المغلقمة ،بحيمث تعطمي
الممثل فرصة أكبر لكتساب حصيلة جديدة من حرفية الداء ،وهو محماط بالجمماهير ممن
جميع الجهات.
ج .مسرح يربط المتفرج والجمهور برباط الود ،ويجعل ممن وجمه الممثمل شمبيها ً بنظيمره
في السينما والتليفزيون ،من حيث الرؤية والثر الدرامي المباشر.
1
وُيعد مسمرح "الهامسمتيد "Hampsteadبحي سويس كوتدج Swiss Cottage
أشهر المسارح الطليعية بإنجلترا ،ويتسع المسرح لحموالي 150متفرج .ولهذا المسرح
فلسفة خاصة في مجال التجريمب ،إذ يشمجع المحمترفين ممن الممثليمن للدلء بخمبرتهم،
واختبار مواهبهم على أعلي المستويات ،بغض النظمر عمن الجمور الضمئيلة ،المتي يمدفعها
لقاء ما ُيتاح لهم من فرص.
وهناك أمثلة عديدة ،ل حصر لها ،من المسارح التجريبية المماثلة ،الممتي أصمبحت توصممف
بالمسمارح الطليعيمة ،ولكمل ممن همذه المسمارح ،بمالطبع ،فلسمفته وأسملوبه فمي العممل
الطليعي.
كانت تجربمة "أنطموان" ثمورة علمى القمديم بكمل مفماهيمه ومقومماته ،والتجماه بالمسمرح
جذريا ً نحو محاكاته للطبيعة .وكانت محاولة "فسفولود ميرهولمد "Vesvolod Meyerhold
الروسي ،في الستعانة بالرمزيمة والتعبيريمة ،فمي تجسميد العممل المسمرحي ،ثمورة ضمد
أسمتاذه "كونسمتانتين ستانسلفسمكي ،"Konstantin Stanislavskiمحقق الواقعية؛ ثم
كانت تجربمة "كوبموه" الفرنسمي ،نحمو اكتشماف مسمرح الغمد ،مسمرح الجماعمة ،ورفضمه
اليمان باتجاه معين دون آخر؛ ثم كانت الحركة الطليعية الحديثة في أوروبا ،التي تمثلممت
في مسرح "اللمعقول" ،ومما بعمده كمسمرح "الواقعمة" ،والمسمرح "المفتموح" ،والمسمرح
"الحر" ،والمسارح المشابهة ،التي انتشرت في أواخر الستينيات ،وبداية السبعينيات من
القرن العشرين الميلدي في أمريكا.
1
ل يكشمف المسمرح الملحممي عمن شخصميات ،ول يعقمد عقمدة مسمرحية ،بمل
يروي قصة ويسردها .والقصة هي التي تستلفت النظر ،وهي التي يتحتم عليها أن ترشممد
الممثلين وتهديهم .من ناحية أخرى ،ل تبسط المسرحية الملحمية حدثا ً كمبيرا ً واحمدًا ،بمل
تحبك عديدا ً من الحداث الصغيرة التي تلقي الضوء على موقف ما من زوايا مختلفة.
وخاتمة الدراما الملحمية أو الملهماة ليسمت لهما فمي الواقمع إل أهميمة ثانويمة .فكمثير ممن
المتفرجين الذين شاهدوا "فيدرا" ل يذكرون بالطبع الطريقة التي تنتهمي بهما المسمرحية،
فالقصة بالفعل هي التي تسمتلفت النظمر .ول يسمري همذا القمول علمى مسمرح "برخمت"
فقط كما في "فيدرا" و"أندروماك" ،بل في كمل مسمرح ملحممي جمدير بهمذا السمم .مثل ً
تروي "أنتيجونا" قصة امرأة شابة تعمرض نفسمها للمموت طاعمة للقموانين غيمر المكتوبمة.
ن تطلمق لنفسمها العنمان وتصمرح لبمن زوجهما بأنهماوتروي "فيدرا" قصة زوجة رجمل مسم ّ
تحبه؛ لنها ظنت أن زوجها قد مات ،ويعمود المزوج .وتمروي مسمرحيات شكسمبير قصصما ً
من الجممال بحيمث حولهما البعمض إلمى حكايمات زادت ممن شمهرة مؤلفهما وذيموع صميته.
وتروي "حرب طروادة" قصة رجلين حسني النية ظنا أن الحكمة يمكن أن تجنبهما شرور
الحرب ،وتروي "الخرتيت" قصة رجل يرفض أن يتبع حركة تقليد القطيع الممتي تممدفع إلممى
العبودية.
وسر جاذبية هذه القصص الملحمية يكمن في نهاية المر في موقف ل مخرج منه:
"فيدرا" أمام حب محرم" ،أنتيجونا" أمام إخلص محرم ،عطيل السود أمام امرأة بيضاء
من الجمال والطهر بحيث ترمز إلى التملك المحرم ،وهكذا.
أما عن الطبمائع والدراسمة النفسمية التقليديمة المتي أشمتهر بهما المسمرح الملحممي فهمي
مقتضبة.
ويحاول الشاعر اللماني برخت في مسرحه الملحمي أن يبين الكائنات في مواجهة بنمماء
اجتماعي يكونها ويوجهها ويلزمها ،والجدية توجمد عنمد برخمت فمي مسمرحه بالقمدر المذي
يريد أن يبين به في المسرحية الواحدة بيئة اجتماعية بعاداتها ومعتقداتها ،وتطورا ً موازيا ً
لها في الفكار والفعال وطباع البشر ،هذه الحركمة التاريخيمة المزدوجمة همي مما أراد أن
يبرزه في مسرحه الملحمي الذي يلقي الضوء على أثر متبادل ،أثر البشر على المجتمع،
وأثمر المجتممع علمى البشمر .وبهمذا القمدر يعمبر المسمرح الملحممي عمن إثمراء للمعرفمة
النسانية.
وقد اتهم برخت المسرح التقليدي بأنه يقدم طبائع ثابتة فقط ل غير ،وأكد على الواقعيممة
التي تقول بأن النسان غالبا ما يكون نتاجا ً للحداث .وتعد ّ مسرحية "جاليليوجماليلي" ممن
أشهر مسرحيات برخت والمذهب الملحممي فمي الموقت ذاتمه ،وهمي تمروي حيماة العمالم
جاليليو.
1
مع خالص تحياتي و تمنياتي القلبية بالستفادة
1