Professional Documents
Culture Documents
إن الدارس لفكر حضرة مؤسس الجماعة السلمية الحمدية عليه السلم ،قبل أن يأمره ال بتأسيس الجماعة
وبعدها ،ل يملك إل أن يَخْلُص بوضوح إلى القانون الذي بنى عليه فكره ،وهذا القانون يمكن أن يطلق عليه
".قانون الكمال" الذي آمن به حضرته منذ أول عهده إلى آخر يوم في حياته
إن هذا القانون ،بكل اختصار ،قانون نابع من إيمانه العميق بال تعالى وبصدق السلم والرسالة المحمدية التي
ينبع كمالها من الكمال اللهي .فبما أن ال تبارك وتعالى هو الكمال الكامل المتصف بالسماء الحسنى المتكاملة
غير المتناقضة وهو المنزه عن النقص والعيوب ،كذلك فإن كلمته ورسالته وسننه ومظاهر خلقه ل يمكن أن
يعتريها عيب أو تناقض أو تفاوت أو خطأ .وكمال السلم ،الذي هو مظهر كمال ال ،يرتكز على كمال عناصره
الثلثة وهي :كمال القرآن الكريم ؛ كمال الرسول صلى ال عليه وسلم؛ وكمال المة السلمية التي خصها ال
بهذه النعمة وهذه البركة .هذا هو المحور الذي آمن به حضرته وعمل على توضيحه والتدليل عليه بكل الحجج
.والبراهين
وعندما كان يتعرض السلم إلى أشد الهجمات انبرى حضرته عليه السلم ليقدم الدلة والبراهين على هذا
القانون الذي آمن به إيمانا عميقا .فقام بإعداد المجلد تلو الخر من كتابه "البراهين الحمدية على حقيقة كتاب ال
القرآن والنبوة المحمدية" بحجج وبراهين دامغةٍ دعا من شاء من المخالفين لنقضها وعرض لمن يستطيع نقض
خمسها أن يعطيه مبلغ 20000روبية ،وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت ويعادل كل ميراثه الذي ورثه عن أبيه من
عقارات وأملك .لقد كان مبعث ذلك ثقته العميقة بال تعالى وبصدق الرسالة السلمية ،وطرح هذا التحدي لمن
شاء من أعداء السلم ومن المشككين بصدق رسالته السمحة الكاملة .وقد بدأ هذا المشروع قبل أن يبلغه ال
ويكلفه بمهامه كإمام مهدي ومسيح موعود .كذلك وأثناء مسيرته العطرة التي دافع فيها عن السلم ،كتب
حضرته عليه السلم مجموعة من الكتب سمّى أحدها "مرآةَ كمالت السلم" تأكيدا على هذا المبدأ الذي كان
.محور إيمانه وفكره وجهاده
ولم يكن هذا القانون مجرد فرضية افترضها دون دليل ،بل إن الدلة على هذا القانون راسخة ومتصلة عميقا في
كل أركان اليمان .وإن القرآن الكريم قد عبر عن قانون الكمال هذا في مواضع عديدة بشكل مباشر وغير مباشر،
بل إن رسالة القرآن حقيقة تعمل على خلق اليمان بهذا القانون عند كل من يُقبل على هذا الكتاب بكل إيمان وحب
ويقين .كذلك فإنه لو تولد هذا القانون فإن النظرة إلى القرآن والنظر فيه سيفتحان أبوابا عظيمة من العلوم الدينية
التي تفيض وتتموج في هذا الكتاب الكريم .لقد كان حضرته محبا للقرآن الكريم وكان يعتبره كعبته التي يطوف
.حولها ،وكان يردّ كل فضل أنعم ال به عليه وكل علم قد تعلمه من لدنه إلى بركات هذا الكتاب الكامل
"ا ْليَوْمَ َأ ْكمَلْتُ َلكُ ْم دِينَكُمْ وََأ ْتمَمْتُ عََل ْيكُ ْم ِن ْع َمتِي وَرَضِيتُ َلكُمُ الِْسْلَ َم دِينًا"
إن هذا العلن الذي تضمنته هذه الية الكريمة كان إعلنا عظيما جدا وهاما .ويروى أن أحد اليهود عندما سمع
بهذه الية قال لحد المسلمين " :وال لو نزلت علينا آية كمثل هذه الية لجعلنا يوم نزولها عيدا لنا" .فلقد كان هذا
العلن اللهي حُلمَ كل الديان من قبل ،لكي تعلن تلك الديان أل ناسخ لها من بعدها ،وأنها ستكون الدين الخير
.الكامل المتكامل الذي يصلح للبشر في كل الوقات
ولكن هيهات ،فلم تكن تلك الديان إل نقطة في بحر هذا الدين العظيم ،ولم تكن سوى مظهر صغير لقصر كبير
أراد ال تبارك وتعالى أن يضع المصطفى صلى ال عليه وسلم فيه اللبنة الخيرة ويسكنَه ويدخلَه المسلمون معه
ق لدين محمد صلى ال عليه وسلم أن يسمى ب"السلم" لنه قد ظهر فيه الكمال اللهي وحقق
بسلم آمنين .فح ّ
.المقاصد التي أرادها ال من الدين منذ خلق ال الرض ومن عليها
وبما أن القرآن الكريم هو كلم ال القطعي الذي ل ريب فيه ول شك والذي لم يختلط بقول البشر ،والخلق هو فعل
ال ،فل يمكن أن يتناقض قول ال في كتابه القرآن مع فعله في خلقه .وعلى العكس تماما ،فل بد أن يكون التقان
الكامل للخلق مظهرا لكلمة ال ،كما ل بد لكلمة ال أن تظهر في صور عديدة من الخلق .وهكذا ،فقد تنبّه حضرته
عليه السلم إلى هذه الحقيقة وصاغها بكل وضوح ،وهي الحقيقة التي عبر عنها القرآن الكريم ،حيث قال ال
:تعالى
عمَلً وَهُوَ"
حيَاةَ ِل َيبْلُ َوكُمْ َأّيكُمْ َأحْسَنُ َ
ي ٍء َقدِيرٌ ( )2اّلذِي خَلَقَ ا ْلمَوْتَ وَا ْل َ
َتبَا َركَ اّلذِي ِب َيدِهِ ا ْلمُ ْلكُ وَهُوَ عَلَى كُلّ شَ ْ
ل تَرَى مِنْ
ت فَا ْرجِعِ ا ْلبَصَرَ َه ْ
ن مِنْ تَفَاوُ ٍ
حمَ ِ
خلْقِ الرّ ْ
طبَاقًا مَا تَرَى فِي َ
سمَوَاتٍ ِ
سبْعَ َ
ا ْلعَزِيزُ ا ْل َغفُورُ ( )3اّلذِي خَلَقَ َ
حسِيرٌ (5
سئًا وَهُوَ َ
"(فُطُورٍ ( )4ثُمّ ارْجِعِ ا ْلبَصَ َر كَ ّر َتيْنِ َينْقَِلبْ إَِل ْيكَ ا ْلبَصَرُ خَا ِ
فالمتدبر في الخلق سيجد التناسق العجيب ولن يجد فطورا أو تفاوتا .كذلك فإن كلم ال ل يمكن أن يتضمن فطورا
وتفاوتا أيضا .كما بين حضرته أن التدبر في الخلق سيفيد في فهم كلمة ال تعالى ،كما أن التدبر في كلمة ال
سيفتح آفاقا عظيمة لفهم قوانين الخلق وكشف أسرار العلوم والقوانين التي من شأنها أن ترتقي بحياة النسان على
كل الصعد .وهذه القاعدة المستمدة من قانون الكمال أصبحت أحد الركان التي بنى عليها منهجه في النظر في
.القرآن الكريم وتفسيره وفهم دقائقه
وهكذا نرى حجم التحدي الذي وضع نفسه فيه وجماعته ،مقابل فكر إسلمي غاب عنه هذا القانون وبرز هذا
الغياب أكثر فأكثر مع تقدم الزمان .بل إن تغييب هذا القانون قد أودى بالفكر السلمي إلى مهاوٍ عميقة ،حتى
أصبح يؤصّلُ النقص وعدم الكمال ويقننُه ويضعُ له قواعد وعلوما تدرس في الجامعات والمعاهد والمدارس .إن
هذا ما جعل السلم الذي بين يدي الناس بعيدا عن روحه الحقيقية ،وهذا ما زعزع ثقة المسلمين بدينهم ،وما
جعلهم عرضة للهجوم من أعدائهم بسبب بعض العقائد الركيكة المتناقضة المتضاربة التي ل أصل لها في السلم
حقيقة .وقد كان حضرة مؤسس الجماعة السلمية الحمدية عليه السلم مدافعا عن الكمال وناقضا لكل ما بني
على تغييبه .فإذا كان نقض كل الفكار التي بنيت على غياب قانون الكمال ،وعرض كل فكرة أو ظاهرة جديدة
على هذا القانون لتقرير قبولها أو رفضها يعتبر تجديدا فقد كان مجددا بهذا المعنى .أما إن كان القصد إيجاد مبادئ
.جديدة أو خلق أمور محدثة في الدين الكامل فهذا ما هو بريء منه ،وما يمكن اعتباره أصوليا في مقابله
ولشديد السف ،فلقد كان القرآن الكريم الضحية الولى لغياب قانون الكمال في الفكر التقليدي.وإذا حاولنا أن
ننظر في آثار غيابه فسنجد أنها وخيمة جدا ،وقد ألقت بظللها الثقيلة على الفكر السلمي التقليدي عامة .وما
نقصده بالفكر السلمي التقليدي عامة هو الفكر السني الشائع المتفق عليه إلى حد كبير بين أهل السنة .ول يتسع
.المجال هنا لعرض ما يقول به الفكر الشيعي الذي أسرف في تغييب الكمال بشكل لفت
فبخصوص متن القرآن الكريم ،فقد ابتدع الفكر التقليدي بدعة الناسخ والمنسوخ التي جعلها علما لمعرفة الحكام
العاملة والحكام المعطلة أو المرفوعة .وهكذا فقد افترضت هذه العقيدة أن هذا الكتاب الكريم يحتوي آيات معطلة
ل يجوز العمل بها بسبب نزول آيات بعدها نسخت حكمها ،كما يفترض وجود آيات رفعت محل وبقي حكمها
الذي ل بد من العمل به مع عدم وجود تلك اليات في القرآن الكريم .والخطر من ذلك ،أنه ل يوجد تحديد متفق
عليه لهذه اليات المنسوخة والناسخة .إن مبحث الناسخ والمنسوخ هو مبحث طويل جدا ومتشعب ،كما أن
أضراره على الفكر السلمي متشعبة جدا أيضا ،أل أننا بكل ثقة يمكن أن نقول أن نقض هذه العقيدة وحدها بكل
ما يتعلق بها من جزئيات سينهض بالفكر السلمي بشكل كبير .وقد قام حضرته عليه السلم بنقض هذه العقيدة
والتدليل على بطلنها بالدلة القرآنية وغيرها ،كما قدمت الجماعة تفسيرا لشهر اليات التي اعتقد الفكر التقليدي
بنسخها بشكل سهل ومقنع .ومن أشهر العقائد التي شوهتها عقيدة الناسخ والمنسوخ هي عقيدة الجهاد .فقد افترض
القائلون بالنسخ أن آية واحدة ،وهي آية السيف ،قد نسخت ما يزيد على مائة آية أخرى تدعو إلى الحرية الدينية
والعفو والتسامح .ونحتوا مبدأ مرحلية الجهاد الذي ما هو إل قمة النتهازية ،كما أن آثاره السيئة قد جعلت من
.يؤمن بهذه العقيدة يعاشر الناس بالنفاق ويتحين الفرصة للنقضاض عليهم
وقد افترض الفكر التقليدي ،أن القرآن مجمل وحمال أوجه ول سبيل للستفادة منه بغير الحديث الشريف .وأن
الحديث هو الذي يحكم على القرآن وليس العكس؛ إذ أن الحديث مفصل والقرآن مجمل .لقد بين حضرته عليه
السلم أن القرآن هو كتاب كامل يقيني ل شك فيه ول ريب ،بينما الحديث ل يمكن أن يرقى إلى هذه المرتبة بل
هو في غالبيته العظمى في مرتبة الظن من حيث ثبوت روايته عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فكيف يقدم
الظن على اليقين؟ وقد أكد حضرته أن كلم الرسول صلى ال عليه وسلم في أصله ل يمكن أن يتناقض مع
القرآن ،وأن التناقض أو التعارض – إن لم يكن هنالك من سبيل لزالته – فهو ناتج عن عملية انتقال الحاديث
إلينا وتدوينها .إل أنه ل ينبغي التجرؤ على الحديث ورفضه والنظر إليه بعدم الهتمام ،فما لم نستطع إزالة
التعارض فيه مع القرآن الكريم نتركه ول نكذبه ،ولكن الحديث هو خادم للقرآن وشارح له وليس حكما عليه ول
.قاضيا فيه
وقد فرق حضرته بين الحديث وبين السنة النبوية التي هي فعل الرسول وتقريره التي انتقلت إلينا بطريق يقيني ل
ريب في نسبته للرسول صلى ال عليه وسلم .وهذه الفعال ما هي إل التطبيق الدقيق للقرآن الذي تجلى في أبهى
صوره في حياة المصطفى صلى ال عليه وسلم .لقد ساق من الدلة ،من ضمن ما ساقه حول مكانة الحديث ،قوله
أن الحديث لم يكن مدونا ومجموعا في أبرز وأهم عصور السلم وهي مرحلة الصحابة وأول مرحلة التابعين،
!فهل يصح أن نقول أن مصدرا من مصادر الشريعة كان غائبا آنئذ
كذلك فقد بين حضرته الخطأ الذي وقع فيه المفسرون من خلل إقحام السرائيليات من القصص في تفسير القرآن
الكريم ،وبين أن القصص الموجودة في القرآن الكريم ،وإن تشابهت مع القصص السرائيلية ،إل أنه من الخطأ
أخذ تفصيلتها من هناك والتحكم بالتفسير وحصره .فهذه القصص كما قدمها القرآن الكريم تذكر الجزء المفيد من
كل قصة والذي يتضمن أنبا ًء غيبية تتعلق بالمسلمين .وهكذا فبدل من أخذ العبرة من تلك القصص وفهم النباء
الغيبية الواردة فيها ،فقد حوّل الفكر التقليدي القرآن الكريم إلى كتاب قصص مفرقة غير مكتملة وغير مرتبه
.ترتيبا زمنيا مع ترتيب القرآن الكريم
وفي مقابل عدم تيقن الفكر التقليدي من أهمية الترتيب عامة وترتيب سور القرآن وآياته خاصة؛ فقد أكد حضرته
عليه السلم أن القرآن الكريم مرتب ترتيبا حكيما محكما بحيث أن كل كلمة أو آية أو سورة هي في موضعها،
وسياقُها يرسم صورة متكاملة لرسالة القرآن الكريم وتفسيره ومعانيه .فمن خلل النتباه إلى هذه الحقيقة يمكن
الستفادة في التفسير بحيث أن كل ما شذ عن هذا الحكام ل بد وأن يكون من خطأ المفسر .وقد أمعن حضرته في
ل عليها بعدها مباشرة،
تبيان كمالت القرآن الكريم ،فأثبت مثل أن القرآن الكريم لم يقدم حجة إل وساق الدلي َ
.وأضاف هذه القاعدة إلى قواعد التفسير العظيمة في فكر الجماعة السلمية الحمدية
وهكذا فمن خلل إصلح العقيدة في القرآن الكريم وما يتبعها من إصلح كل العقائد الساسية المرتكزة على
.القرآن ،فقد عمل حضرته على إصلح العقيدة والذبّ عنها بكل قواه
وفيما يخص الشريعة فلم يغفل حضرته عن الكمال الذي في الشريعة السلمية أيضا .لقد بين حضرته عليه
السلم أن الشريعة لزمة لنشوء الحالة الروحانية في النسان ،وهي ليست مجرد أمور شكلية ل قيمة لها .لقد تفرد
حضرته بتبيان أثر السلوك والطعمة والشربة على الحالة الخلقية للنسان ،كما بين أثر الحالة الخلقية على
الحالة الروحانية .وبين أن إصلح السلوك والعادات الذي تتضمنه الشريعة سيؤدي إلى إصلح الخلق،
وإصلح الخلق سيفتح الطريق لنشوء الحالة الروحانية .وقد كتب حضرته عليه السلم كتابا عظيما بعنوان
"فلسفة تعاليم السلم" بين من خلله الفلسفة وراء كل الوامر والنواهي السلمية .كما بين أن الحالة الروحانية
.ل تنشأ فجأة وتختفي فجأة بل هي عملية خلق تحتاج إلى كثير من المثابرة والمحافظة
إن الهدف السمى للدين بل ولخلق النسان بداية هي العبودية ل تعالى وحده .وهكذا فإن كل العقائد نابعة أصل
من عقيدة التوحيد كما أنها تؤول إليها وتخدمها .كذلك فإن الشريعة هي النظام الذي يضع النسان على طريق
العبودية ويكفل أن يكون سلوكه موجهًا نحو العبودية ل تعالى .ومن خلل العقائد الراسخة في النفوس والشريعة
التي تظهر على الجوارح يصبح المؤمن مؤمنا عابدا موحدا ل تعالى .وهكذا فقد أراد ال تعالى أل يكون حضرته
مجرد مصلح أو مجدد ينادي بتقويم العقائد وبأهمية الشريعة ،بل أراد ال تعالى أن يكلفه بدعوى تتضمن في
.طياتها إصلحا للعقائد والسلوك بطريقة عجيبة هي في حقيقتها آية من آيات صدقه
إن دعواه من ناحية فكرية تستند على ثلثة مواضيع :وهي حياة المسيح عيسى ابن مريم عليه السلم ووفاته،
ونزول عيسى عليه السلم في آخر الزمان وقتله الدجال ،والمفهوم الحقيقي لخاتم النبيين ،لقب حضرة سيده
.وسيدنا محمد المصطفى صلى ال عليه وسلم
لقد أعلن حضرته أن المسيح عيسى ابن مريم عليه السلم قد توفي كغيره من النبياء ول حقيقة لرفعه إلى السماء
بجسده وحياته فيها حتى هذا الوقت ،وقدم الدلة والبراهين الواضحة على هذا المر من القرآن الكريم والحديث
الشريف ومن الكتاب المقدس وغيره من المصادر التاريخية والطبية .كما بين حضرته عليه السلم المقصود
بنزوله في آخر الزمان ما هو إل قدوم شخص يشابهه في صفاته وفي ظروف بعثته من المة السلمية .أما
مفهوم خاتم النبيين فقد بين حضرته أن المقصود به هو الفضلية المطلقة للرسول صلى ال عليه وسلم على
النبياء والمرسلين ،وأن الفهم التقليدي لهذا الموضوع لم يصن مقام المصطفى صلى ال عليه وسلم وأفضليته
.وخاتميته
إن هذه المواضيع الثلثة تعتبر تطبيقا عظيما لقانون الكمال .فالفهم الصحيح لموضوع حياة المسيح عليه السلم
ووفاته يقوم عقيدة التوحيد وينقيها ،كما ُيقوّم النظرة إلى النصوص القرآنية ويجلّي كمال القرآن ودقة تعابيره
وعدم وجود التناقض في آياته .أما النزول في آخر الزمان لمواجهة الدجال فيعمل على تقويم النظرة إلى الحديث
الشريف وإلى أنبائه ،كما يقدم مثال على الطريقة الصحيحة للتعامل معه والستفادة منه .أما موضوع خاتم
النبيين ،فهو يعمل على إبراز كمال الرسول صلى ال عليه وسلم وكمال أمته بشكل خاص ،إضافة إلى أن
.المواضيع الثلثة مع بعضها البعض تبرز كل عناصر الكمال في السلم
إن هذه المواضيع الثلثة ل تقوم العقائد فقط وإنما تعمل على خلق آلية لفهم العقائد والتعامل مع النصوص .ومن
العجيب جدا أن يكون النظر فيها الخطوة الولى التي بحسمها يفتح الطريق أمام كل من يسمع بدعوى المام
المهدي والمسيح الموعود عليه السلم .و المتدبر سيجد أن هذه المور الثلثة كانت تشكّل في طياتها ثالوثا يختزل
كل عناصر فساد الفهم التقليدي من خلل أمثلة مركزة شاملة ،وتدمير هذا الثالوث يؤدي إلى إصلح هذا الفساد
من جذوره .ويمكن القول أن الفهم الصحيح أصبح يشكل ثالوثا جديدا لليمان والتوحيد في مقابل ثالوث الفساد في
العقائد عند عامة المسلمين .كما أن ثالوث التوحيد هذا يحطم ثالوث الشرك النصراني بشكل حاسم ودقيق
.ومختصر ،ويحقق النبأ الخاص بكسر الصليب في آخر الزمان على يد المسيح الموعود
أما بعد تجاوز هذه المور واضمحلل أثرها على السلم ،فإن مسيرة التجديد في الجماعة السلمية الحمدية
ستبقى مستمرة إلى البد إن شاء ال تعالى .إن ما يميز فكر الجماعة السلمية الحمدية الذي اختط قواعده
الصلية حضرة المؤسس عليه السلم هو أنه فكر متجدد غير جامد قادر على التصدي لكل ما يستجد من أمور.
فالقانون الساس التي بقوم عليها كما أسلفنا هو قانون الكمال ،مما يجعل كل مسألة مستجدة أو فرعية يجب أن
تخضع لهذا القانون لكي يتقرر القبول بها أو رفضها .إن هذا القانون وإن كان بسيطا في عرضه وفي مضمونه
إل أنه يتطلب عرض كل الدلة المتعلقة بأي مسألة ودفع أي تناقض ظاهر بين هذه الدلة تحت هيمنته .وهذا
يجعل الدلة شاملة متكاملة ويجعل النتائج المستخلص َة نتائج أقرب إلى الكمال .أما إذا لم تكن الدلة خاضعة لهذا
القانون ،فقد تنحرف بعيدا بصاحبها وتورث بعض الخطاء العقدية القاتلة التي تترك أثرا مدمرا في الحاضر أو
.في المستقبل أحيانا
وهكذا ،فإن التجديد في الجماعة السلمية الحمدية هو أصولية قانون الكمال وثباته وحركية التعامل مع كل ما
يستجد من مسائل فهمت خطأ في الماضي وبرزت في هذا الوقت ،أو برزت في هذا الوقت وفهمت خطأ ،أو ما
يمكن التنبه له من أفكار قد تكون برزت في الماضي والحاضر وستترك أثرا سيئا متوقعا في المستقبل .فقد آمنا
كما آمن حضرة المؤسس عليه السلم بهذا الكمال المتكامل ل تعالى ورسالة السلم وكتابه ونبيه سيدنا محمد
صلى ال عليه وسلم ،وعقدنا العزم على الجهاد في ال ورأينا أن ال تبارك وتعالى قد هدانا سبله .فحمدنا ال
تعالى على هذه النعمة التي أنعم بها علينا .فالحمد ل الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لول أن هدانا ال ،والصلة
والسلم على نبينا وإمامنا وحبيبنا ومعلمنا حضرة سيدنا محمد صلى ال عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
.وآخر دعوانا أن الحمد ل رب العالمين
المهندس تميم أبو دقة
2005/8/5