Professional Documents
Culture Documents
الحركة في الذكر
الحركة في الذكر
الركة ف الذكر أمر مستحسن ،لنا تنشط السم لعبادة الذكر وهي
جائزة شرعا بدليل ما أخرجه المام أحد ف مسنده والافظ القدسي
برجال الصحيح من حديث أنس رضي ال عنه قال( :كانت البشة
يرقصون بي يدي رسول ال صلى ال عليه وسلم ،ويقولون بكلم لم:
ممد عبد صال ،فقال صلى ال عليه وسلم“ :ماذا يقولون؟” فقيل :إنم
يقولون :ممد عبد صال ،فلما رآهم ف تلك الالة ل ينكر عليهم ،وأقرهم
على ذلك ،والعلوم أن الحكام الشرعية تؤخذ من قوله صلى ال عليه
وسلم وفعله وتقريره ،فلما أقرهم على فعلهم ول ينكر عليهم تبي أن هذا
جائز.
وف الديث دليل على صحة المع بي الهتزاز الباح ومدحِ رسول ال
صلى ال عليه وسلم ،وأن الهتزاز بالذكر ل يُسمى رقصا مرما ،بل هو
جائز لنه ينشط السم للذكر ،ويساعد على حضور القلب مع ال تعال؛
إذا صحت النية .فالمور بقاصدها ،وإنا العمال بالنيات وإنا لكل
امرىء ما نوى.
ولنستمع إل المام علي رضي ال عنه كيف يصف أصحاب النب صلى ال
عليه وسلم ،قال أبو أراكة( :صلّيتُ مع علي صلة الفجر ،فلما انفتل عن
يينه مكث كأنّ عليه كآبة ،حت إذا كانت الشمس على حائط السجد قيد
رمح صلى ركعتي ،ث قلب يده فقال :وال لقد رأيت أصحاب ممد صلى
ال عليه وسلم ،فما أرى اليوم شيئا يشبههم ،لقد كانوا يصبحون صفرا
شعثا غبا ،بي أيديهم كأمثال ُركَب ا َلعْزى ،قد باتوا ل سجدا وقياما،
يتلون كتاب ال يتراوحون بي جباههم وأقدامهم ،فإذا أصبحوا فذكروا
ال مادوا [أي تركوا] كما ييد الشجر ف يوم الريح ،وهلت أعينهم حت
[“البداية والنهاية ف التاريخ” للمام الافظ الفسر الؤرخ إساعيل بن كثي َت ْنَبلّ -وال -ثيابُهم)
القرشي الدمشقي التوف 774هـ .ج /8ص .6وأخرجه أيضا أبو نعيم ف “اللية” ج /1ص .]76
ويهمنا من عبارة المام علي رضي ال عنه قوله( :مادوا كما ييد الشجر
ف يوم الريح) ،فإنك تده صريا ف الهتزاز ،ويُبطل قولَ من يدّعي أنه
بدعة مرمة ،ويثبت إباحة الركة ف الذكر مطلقا .وقد استدل الشيخ عبد
الغن النابلسي رحه ال بذا الديث ف إحدى رسائله على ندب الهتزاز
بالذكر ،وقال :هذا صريح بأن الصحابة رضي ال عنهم كانوا يتحركون
حركة شديدة ف الذكر .على أن الرجل غي مؤاخذ حي يتحرك ويقوم
ويقعد على أي نوع كان حيث إنه ل يأت بعصية ول يقصدها كما ذكرنا.
إلّ أن هناك جاعة من الدخلء على الصوفية -نسبوا أنفسهم إليهم وهم
منهم براء -شوّهوا جال حلقات الذكار با أدخلوا عليها من بدع ضالة،
وأفعال منكرة ،ترمها الشريعة الغراء؛ كاستعمال آلت الطرب الحظورة،
والجتماع القصود بالحداث ،والغناء الفاحش ،فلم َيعُدْ وسيلةً عملية
لتطهي القلب من أدرانه ،وصلته بال تعال ،بل صار لتسلية النفوس
الغافلة ،وتقيق الغراض الدنيئة.
وما يُؤسَف له أن بعض أدعياء العلم قد تجموا على حِلَقِ الذكر ول ييزوا
بي هؤلء الدخلء النحرفي وبي الذاكرين السالكي الخلصي الذي
يزيدهم ذكر ال رسوخا ف اليان ،واستقامة ف العاملة ،وسُموّا ف اللق
واطمئنانا ف القلب.
من هذا نرى أن ابن عابدين رحه ال تعال يبيح التواجد والركة ف
الذكر ،وأن الفتوى عنده الواز ،وأن النصوص الانعة الت ساقها ف
حاشيته الشهورة ف الزء الثالث تُحمل على ما إذا كانت ف ِحلَق الذكر
منكرات :من آلت اللهو والغناء ،والضرب بالقضيب ،والجتماع مع
الرد السان ،وإنزال العان على أوصافهم ،والتغزل بم ،وما إل ذلك من
الخالفات.
ول يتمسك الانعون الستندون إل كلم ابن عابدين برأيهم؛ إل لعدم
إطلعهم على كلمه ف مموعة الرسائل حيث َفرّق -كما مرّ -بي
الدخلء والصادقي ،وأباح فيها التواجد للعارفي الواصلي ،والقتدين بم
من القلدين ،فراجع الصدرين َيبِنْ لك الق.
ول شك أن التواجد هو تكلف الوجد وإظهاره من غي أن يكون له وجد
حقيقة ،ول حرج فيه إذا صحت النية كما قال العلمة ابن عابدين ف
حاشيته:
فإذا كان التواجد جائزا شرعا ول حرج فيه كما نص عليه الفقهاء،
فالوجد من باب أْول .وما وَجْدُ الصوفية وتواجدهم إل قبس ما كان عليه
أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم.
وها هو مفت السادة الشافعية بكة الكرمة العلمة الكبي أحد زين دحلن
رحه ال يورد ف كتابه الشهور ف السية النبوية مشهدا من إحدى
حالتم ،ويعلق عليه فيقول( :وبعد فتح خيب قدم من البشة جعفر بن أب
طالب رضي ال عنه ومن معه من السلمي وهم ستة عشر رجلً فتلقى
النب صلى ال عليه وسلم جعفر وقبّل جبهته وعانقه وقام له -وقد قام
لصفوان بن أُمية لا قدم عليه ،ولعدي بن حات رضي ال عنهما -ث قال
صلى ال عليه وسلم“ :ما أدري بأيهما أفرح بفتح خيب أم بقدوم جعفر؟”
وقال صلى ال عليه وسلم لعفر“ :أشبهتَ َخلْقي وخُلُقي” ،فرقص رضي
ال عنه من لذة هذا الطاب ،فلم ينكر عليه صلى ال عليه وسلم رقصه،
وجُعل ذلك أصلً لرقص الصوفية عندما يدون من لذة الواجيد ف مالس
[“السية النبوية والثار الحمدية” لزين دحلن ،على هامش السية اللبية ج /2ص الذكر والسماع)
.252والديث رواه البخاري ف صحيحه ف كتاب الصلح].
وقال العلمة اللوسي ف تفسيه عند قوله تعال{ :الذينَ يذكُرونَ الَ قِياما
وقُعودا وعلى جُنوبِهم} [آل عمران( :]191 :وعليه فيُحمل ما حُكي عن
ابن عمر رضي ال عنهما وعروة بن الزبي وجاعة رضي ال عنهم من أنم
خرجوا يوم العيد إل الصلى ،فجعلوا يذكرون ال تعال ،فقال بعضهم :أمَا
قال ال تعال{ :يذكرون ال قياما وقعودا}؟ فقاموا يذكرون ال تعال على
أقدامهم ،على أنّ مرادهم بذلك التبك بنوع موافقة للية ف ضمن فرد من
مدلولا) [“روح العان” للعلمة ممود اللوسي ج /4ص .]140 أفراد