You are on page 1of 12

www.muslimat.

net ‫موقع مسلمات‬


‫موقع مسلمات ‪www.muslimat.net‬‬

‫‪‬‬
‫الحمد ل الذي تفرد بالجلل‪ ،‬والعظمة والعز والكبرياء والجمال‪ ،‬وأشكره شكر عبد معترف‬
‫بالتقصير عن شكر بعض ما أسدى من النعام والفضال‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك‬
‫له‪ ،‬وأشهد أن محمًدا عبده ورسوله‪ ،‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليًما كثيًرا‪.‬‬
‫أما بعد‪..‬‬
‫‪((1‬‬
‫صبر‪ ،‬ونسأله سبحانه أن ينفعنا بما نقول ونسمع‪.‬‬
‫شكر وال ّ‬
‫فحديثنا اليوم عن رمضان بين ال ّ‬

‫لماذا نطرق هذا الموضوع؟‬


‫نطرق هذا الموضوع لن اليمان نصفان‪ :‬نصف صبر ونصف شكر‪ ..‬قال ‪} :‬عجبا لمر‬
‫المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك إل للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيًرا له ‪ ،‬وإن أصابته‬
‫ضراء صبر فكان خيًرا له{ رواه مسلم‪.‬‬
‫والعبد كثيًرا ما يتقلب بين نعمة وبلء‪ ،‬فيغفل قلبه عن النعم فينسى الشكر ويتبرم من المصائب‬
‫فينسى الصبر‪ .‬ورمضان يظهر فيه الصبر وما يقابله من الشكر‪.‬‬

‫ما هو الشكر؟‬
‫حتى ندرك معنى الشكر علينا أن نعرف‪:‬‬
‫ما الذي يشكر في النسان؟‬ ‫‪.1‬‬
‫ومتى يكون الشكر؟‬ ‫‪.2‬‬

‫أول‪ :‬ماذا يشكر في النسان؟‬


‫قال ابن القيم –رحمه ال‪) :‬الشكر ظهور أثر نعمة ال على لسان عبده ثناًء واعتراًفا‪ ،‬و على قلبه‬
‫شهوًدا ومحبًة‪ ،‬وعلى جوارحه انقياًدا و طاعة(اهـ‪.‬‬
‫يتبين من كلم ابن القيم – رحمه ال – أن الشكر اجتماع كل ملكات العبد من لسان وجوارح وقلب‬
‫ل‪.‬‬
‫في انتساق واحد‪ ،‬إذ القلب معترف بالنعمة‪) ،‬شهوًدا ومحبة(أي‪ :‬أحس بوجود النعمة أو ً‬
‫وهذا القلب المعترف الشاهد لنعمة ال أثر على اللسان فصدق عند الثناء على المنعم‪ ،‬معترًفا بنعم‬
‫ال‪ ،‬لسانه ذاكر وكله إحساس بعظم النعمة‪ ،‬تجده صادًقا في ثنائه على ربه‪] .‬ومن الناس إذا قيل له‬
‫اشكر ال على النعم التي نعيشها قال)الحمد ل( من طرف لسانه دون الحساس بحقيقة النعمة ‍!‬
‫ولسان حاله يقول ‪) :‬أين هذه النعم؟( [‬
‫و هذا القلب المعترف المحب أثر على الجوارح‪،‬أيضًا فذلت وخشيت انقياًدا وطاعًة و لننتبه إلى أنه‬
‫ليس مجرد ظهور أثر النعمة بكلم أو فعل فقط‪ ،‬بل ل بد من النقياد والطاعة‪.‬‬
‫ثانًيا ‪ :‬متى يكون شكر النعم؟‬
‫يكون شكر النعم عند الحساس بالنعم‪ :‬تجدًدا أو تذكًرا أو تفكًرا‪.‬‬
‫ل‪:‬‬
‫ولنضرب لذلك مث ً‬
‫شخص امتن ال عليه بنعمة الولد والذرية‪:‬‬
‫في أول وقت حصول النعمة يكون الحساس بالنعمة تجدًدا‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫بعد فترة من الزمن وتذكر تغيير حاله فيكون الحساس بها تذكًرا‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫)‪ (1‬محاضرة ألقيت في شعبان الماضي ‪1423 .‬هـ‬
‫موقع مسلمات ‪www.muslimat.net‬‬
‫عند وجود النعمة وتقلبه فيها مع عدم اللتفات لها واستشعارها حينئذ يكون‬ ‫‪-3‬‬
‫الحساس بها تفكًرا‪.‬‬
‫وهذا ما سنقوم به عند الكلم عن رمضان‪ ،‬بعرض النعم المتتالية ولفت النظر إلى شكرها‪ ،‬وقبل‬
‫ل من الشكر والصبر في الدين‪.‬‬ ‫ذلك سنوضح مكانة ك ّ‬

‫مكانة الشكر في الدين‪:‬‬


‫من المعلوم أنه ل يمكن تقرير مسألة شرعية إل بدليل من الكتاب أو السنة الصحيحة‪ ،‬وهذا ما‬
‫سنقوم به لتقرير عظم مكانة الشكر في الدين‪.‬‬
‫قال تعالى‪:‬‬
‫لْفِئَدَة َلَعّلُكْم‬
‫صاَر َوا َ‬
‫لْب َ‬
‫سْمَع َوا َْ‬
‫ل َلُكُم ال ّ‬
‫جَع َ‬
‫شْيًئا َو َ‬
‫ن َ‬
‫ن ُأّمَهاِتُكْم ل َتْعَلُمو َ‬
‫طو ِ‬
‫ن ُب ُ‬
‫جُكْم ِم ْ‬
‫خَر َ‬
‫ل َأ ْ‬‫‪َ‬وا ُّ‬
‫ن ‪] ‬النحل‪[78:‬‬ ‫شُكُرو َ‬
‫َت ْ‬
‫* يظهر من الية أن الشكر غاية الخلق‪ .‬فمن أجله جعل ال لنا السمع والبصار والفئدة‪ ،‬وهو‬
‫روح العبادة فال تعالى يأمر آل داود بالعمل وهذا العمل في ذاته شكر ل ‪‬اعملوا آل داود شكًرا‬
‫‪]‬سبأ ‪[13:‬‬

‫* والشكر قرين اليمان‪.‬‬


‫عِليًما ‪] ‬النساء‪[147 :‬‬
‫شاِكًرا َ‬
‫ل َ‬
‫ن ا ُّ‬
‫شَكْرُتْم َوَءاَمْنُتْم َوَكا َ‬
‫ن َ‬
‫ل ِبَعَذاِبُكْم ِإ ْ‬ ‫قال تعالى‪َ  :‬ما َيْفَع ُ‬
‫ل ا ُّ‬

‫* وهذا الشكر هو سبب المنة الخاصة على بعض العباد‪.‬‬


‫ن‪‬‬
‫شاِكِري َ‬
‫عَلَم ِبال ّ‬
‫ل ِبَأ ْ‬
‫س ا ُّ‬
‫ن َبْيِنَنا َأَلْي َ‬
‫عَلْيِهْم ِم ْ‬
‫ل َ‬
‫ن ا ُّ‬
‫ض ِلَيُقوُلوا َأَهُؤلِء َم ّ‬
‫ضُهْم ِبَبْع ٍ‬ ‫‪َ‬وَكَذِل َ‬
‫ك َفَتّنا َبْع َ‬
‫]النعام ‪[ 53:‬‬

‫* و النسان إما شكور أ و كفور‪.‬‬


‫شاِكًرا َوِإّما َكُفوًرا ‪ ] ‬النسان‪.[3 :‬‬
‫ل ِإّما َ‬ ‫‪ِ ‬إّنا َهَدْيَناُه ال ّ‬
‫سِبي َ‬

‫* وعّلق ال سبحانه المزيد بالشكر‪ ،‬والمزيد منه ل نهاية له‪.‬‬


‫شِديٌد ‪ ] ‬إبراهيم‪.[ 7 :‬‬
‫عَذاِبي َل َ‬
‫ن َ‬
‫ن َكَفْرُتْم ِإ ّ‬
‫شَكْرُتْم لِزيَدّنُكْم َوَلِئ ْ‬
‫ن َ‬ ‫‪َ ‬وِإْذ َتَأّذ َ‬
‫ن َرّبُكْم َلِئ ْ‬

‫* وأخبر سبحانه أنه إنما يعبده من شكره‪ ،‬ومن لم يشكره لم يكن من أهل عبادته‪.‬‬
‫ن ‪] ‬البقرة‪:‬‬
‫ن ُكْنُتْم ِإّياُه َتْعُبُدو َ‬
‫ل ِإ ْ‬
‫شُكُروا ِّ‬
‫ت َما َرَزْقَناُكْم َوا ْ‬
‫طّيَبا ِ‬
‫ن َ‬ ‫‪َ ‬ياَأّيَها اّلِذي َ‬
‫ن َءاَمُنوا ُكُلوا ِم ْ‬
‫‪.[172‬‬
‫وكما قلنا‪ :‬الشكر قرين اليمان‪ ،‬والشكر غاية الخلق‪ ..‬وعليه يتبين أن الشكر عبادة‪.‬‬

‫* وأثنى ال على رسله بهذه الصفة فقال عن نوح عليه السلم‪:‬‬


‫شُكوًرا ‪ ] ‬السراء‪.[ 3 :‬‬
‫عْبًدا َ‬
‫ن َ‬
‫ح ِإّنُه َكا َ‬
‫حَمْلَنا َمَع ُنو ٍ‬ ‫‪ُ ‬ذّرّيَة َم ْ‬
‫ن َ‬

‫وأثنى على خليله بشكره نعمه‪:‬‬


‫صَرا ٍ‬
‫ط‬ ‫جَتَباُه َوَهَداُه ِإَلى ِ‬
‫لْنُعِمِه ا ْ‬
‫شاِكًرا َِ‬
‫ن المشركين* َ‬
‫ك ِم َ‬
‫حِنيًفا َوَلْم َي ُ‬
‫ل َ‬‫ن ُأّمًة َقاِنًتا ِّ‬ ‫‪ِ ‬إ ّ‬
‫ن ِإْبَراِهيَم َكا َ‬
‫سَتِقيٍم ‪ ] ‬النحل‪.[121-120 :‬‬ ‫ُم ْ‬

‫* وجعل ال ‪ ‬أول وصية وصى بها النسان الشكر له وللوالدين‪:‬‬


‫موقع مسلمات ‪www.muslimat.net‬‬
‫شُكْر ِلي وَِلَواِلَدْي َ‬
‫ك‬ ‫نا ْ‬
‫ن َأ ِ‬
‫عاَمْي ِ‬
‫صاُلُه ِفي َ‬
‫ن َوِف َ‬
‫عَلى َوْه ٍ‬
‫حَمَلْتُه ُأّمُه َوْهًنا َ‬
‫ن ِبَواِلَدْيِه َ‬
‫سا َ‬ ‫‪َ ‬وَو ّ‬
‫صْيَنا الْن َ‬
‫صيُر ‪ ] ‬لقمان ‪.[14 :‬‬ ‫ي اْلَم ِ‬
‫ِإَل ّ‬
‫قال ابن عيينة في تفسيرها )من صلى الصلوات الخمس فقد شكر ال(‪.‬‬

‫قال الحسن البصري ‪ -‬رحمه ال تعالى‪): -‬الخير الذي ل شر فيه‪ :‬العافية مع الشكر‪ ،‬فكم من منَعم‬
‫عليه غير شاكر(‬

‫ل نعمة زالت‬
‫وقال الفضيل بن عياض ‪-‬رحمه ال تعالى‪):-‬عليكم بملزمة الشكر على النعم‪ ،‬فق ّ‬
‫عن قوم فعادت إليهم(‪.‬‬

‫عبيد – رحمه ال – لرجل يشكو ضيق حاله‪ :‬أيسرك ببصرك هذا مائة ألف درهم؟‬ ‫قال يونس بن ُ‬
‫قال الرجل‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬فبيديك مائة ألف؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬فبرجليك مائة ألف؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬فذكره نعم ال‬
‫عليه فقال يونس‪ :‬أرى عندك مئين اللوف وأنت تشكو الحاجة !‪..‬اهـ‪.‬‬
‫هذا هو حال النسان‪ ،‬ل يشكر ال بل يشتكي ال إلى خلقه‪ ،‬ول يصبر على قليل ألم مع كثير نعم‪.‬‬

‫واعلم أن وجودك بل عاهات من النعم‪ ،‬والعجيب أن أهل العاهات أكثر شكًرا!!‬


‫ولعدم الحساس بالنعمة؛ فإنها عندما تزول نادًرا ما تعود‪ .‬لذلك وأنت في النعمة استشعرها وتدبرها‬
‫وتحسسها حتى تبصرها‪ ،‬ول تكن أعمى‪ ..‬ل تبصر إل حين تصطدم بالفقد‪.‬‬
‫‪-------------------------------------------‬‬

‫بعد أن عرفنا الشكر ومنزلته بقي أن نتعرف على الصبر‪.‬‬

‫ما هو الصبر ؟‬
‫الصبر‪ :‬اسم لغالب فعل النسان الممدوح ويختلف باختلف مواقعه‪.‬‬
‫سمي صبًرا‬ ‫* فإن كان حبس النفس لمصيبة ُ‬
‫سمي شجاعًة‬ ‫* وإن كان في محاربة ُ‬
‫سمي كتماًنا‬ ‫* وإن كان إمساك الكلم ُ‬
‫سمي زهًدا‬ ‫* وإن كان عن فضول العيش ُ‬
‫سمي عفًة‬ ‫* وإن كان عن شهوة الفرج ُ‬
‫سمي شرف النفس‬ ‫* وإن كان عن شهوة طعام ُ‬
‫سمي حلًما‬
‫* وإن كان عن إجابة داعي النفس عند الغضب ُ‬

‫فكل هؤلء صبروا‪ ..‬وعليه يتبين أن غالب أحوال النسان الشريفة ما هي إل صبر‪.‬‬

‫مكانة الصبر في الدين‪:‬‬


‫ذكر ال الصبر في كتابه في أكثر من تسعين موضًعا‪.‬‬ ‫•‬
‫عَلى‬
‫صلِة َوِإّنَها َلَكِبيَرةٌ ِإل َ‬
‫صْبِر َوال ّ‬ ‫وقرنه بالصلة‪ ،‬قال تعالى‪َ  :‬وا ْ‬
‫سَتِعيُنوا ِبال ّ‬ ‫•‬
‫ن ‪ ] ‬البقرة‪.[45 :‬‬
‫شِعي َ‬
‫خا ِ‬
‫اْل َ‬
‫موقع مسلمات ‪www.muslimat.net‬‬
‫وجعلت المامة في الدين موروثة بسبب الصبر واليقين‪ ،‬قال تعالى‪َ  :‬و َ‬
‫جَعْلَنا‬ ‫•‬
‫ن ‪ ] ‬السجدة‪.[24 :‬‬ ‫صَبُروا َوَكاُنوا ِبآَياِتَنا ُيوِقُنو َ‬
‫ن ِبَأْمِرَنا َلّما َ‬
‫ِمْنُهْم َأِئّمًة َيْهُدو َ‬

‫وما أعطي أحد عطاء خيرًا وأوسع من الصبر‪.‬‬


‫والمصابرة أعلى درجة من الصبر‪ ،‬و تكون بالمثابرة في إنجاز العمال وعدم اليأس من إنجازها‪،‬‬
‫واعلم أنه مهما استمر العبد في العمل وفي نفسه يأس فسينقطع عنه إل ول بد‪.‬‬

‫لل‬ ‫ثم إن انتظار الفرج الموعود في حد ذاته عبادة‪ .‬لن هذا النتظار ما هو إل توكل ‪ِ ‬إ ّ‬
‫ن ا َّ‬
‫ن ‪] ‬التوبة‪ .[120 :‬قال رسول ال ‪} :‬واعلم أن النصر مع الصبر وأن‬ ‫سِني َ‬
‫حِ‬
‫جَر اْلُم ْ‬
‫ضيُع َأ ْ‬
‫ُي ِ‬
‫الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا{ رواه أحمد والترمذي ‪.‬‬
‫فمهما ضاقت بك المور تذكر أن انتظار الفرج عبادة‪ .‬فعندما تنتظر عودة غائب‪ ،‬أو صلح زوج‬
‫أو ولد؛ كل هذا النتظار مع التوكل على ال في حد ذاته عبادة‪.‬‬

‫العلقة بين الشكر والصبر‪:‬‬


‫بعد أن عرفنا كل من الصبر والشكر بقي أن نعرف العلقة بينها‪...‬‬
‫فالصبر يستلزم الشكر ول يتم إل به و بالعكس‪ ،‬متى ذهب أحدهما ذهب الخر‪.‬‬
‫] فمن كان في نعمة ففرضه الشكر والصبر [‬
‫أما الشكر فواضح‪ ،‬وأما الصبر فعن المعصية‪ .‬لن النعم توقع البطر في القلب فيستخدم هذه النعمة‬
‫في معصية المنعم‪ ،‬والذي يعصي ربه ل يعصيه إل بنعمه عليه‪ ،‬إذ أنه ل يتصور من عبد أن يرى‬
‫ما حرم ال إل بنعمة البصر‪ ،‬ول يسمع ما حرم ال إل بنعمة السمع‪ ،‬ول يتفوه بما حرم ال إل‬
‫بنعمة اللسان‪ ...‬وهكذا‪.‬‬
‫]ومن كان في بلية ففرضه الصبر والشكر[‬
‫أما الصبر فواضح‪ ،‬وأما الشكر فبالقيام بحق ال في تلك البلية‪.‬لن العبد مع عظم المصيبة قد ينسى‬
‫حق ال‪ ،‬بأن ينشغل عن طاعة ال بتلك المصيبة‪ ،‬كأن يبتلى بفقد عزيز‪ ،‬فمن شدة الحزن واللم‬
‫ل‪ ،‬أو ل يتصرف على منهج الشريعة في تلك المصيبة كالنياحة‪.‬‬ ‫يغفل عن فريضة الصلة مث ً‬
‫فالشكر إذن له وجهان عند المصيبة‪:‬‬
‫عدم النشغال عن طاعة ال في تلك المصيبة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أن يتصرف وفق منهج الشريعة في تلك المصيبة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫فإن ل على العبد عبودية في البلء‪ ،‬كما له عليه عبودية في النعماء‪.‬‬
‫ما العلقة بين الشكر والصبر ورمضان ؟‬
‫ن اْلُهَدى‬‫ت ِم َ‬ ‫س َوَبّيَنا ٍ‬ ‫ن ُهًدى ِللّنا ِ‬ ‫ل ِفيِه اْلُقْرآ ُ‬
‫ن اّلِذي ُأْنِز َ‬ ‫ضا َ‬‫شْهُر َرَم َ‬ ‫يقول ال تبارك وتعالى‪َ  :‬‬
‫خَر ُيِريُد ا ُّ‬
‫ل‬ ‫ن َأّياٍم ُأ َ‬
‫سَفٍر َفِعّدٌة ِم ْ‬ ‫عَلى َ‬‫ضا َأوْ َ‬ ‫ن َمِري ً‬ ‫ن َكا َ‬ ‫صْمُه َوَم ْ‬ ‫شْهَر َفْلَي ُ‬ ‫شِهَد ِمْنُكُم ال ّ‬‫ن َ‬‫ن َفَم ْ‬
‫َواْلُفْرَقا ِ‬
‫ن‪] ‬البقرة‪:‬‬ ‫شُكُرو َ‬ ‫عَلى َما َهَداُكْم َوَلَعّلُكْم َت ْ‬‫ل َ‬ ‫سَر َوِلُتْكِمُلوا اْلِعّدَة َوِلُتَكّبُروا ا َّ‬‫سَر َول ُيِريُد ِبُكُم اْلُع ْ‬ ‫ِبُكُم اْلُي ْ‬
‫‪[185‬‬
‫ففي سياق الكلم عن فرضية صيام هذا الشهر الكريم‪ ،‬وإنزال القرآن فيه؛ أمرنا ال بشكره والتكبير‬
‫عند انتهائه‪.‬‬
‫وأما الصبر؛ فقد سمي رمضان بشهر الصبر لشتماله على أنواع الصبر الثلثة – الصبر على‬
‫طاعة ال‪ ،‬وعن معصية ال‪ ،‬وعلى أقدار ال – لذلك قال ال في الحديث القدسي‪ " :‬كل عمل ابن‬
‫آدم له إل الصيام فإنه لي وأنا أجزي به "‬
‫موقع مسلمات ‪www.muslimat.net‬‬
‫على ماذا نشكر ونصبر؟‬
‫اشكر ال‪:‬‬
‫ن عليك بنعمة يجب الفرح بها‪..‬‬ ‫على ما أنعم به عليك من بلوغ مواسم الخيرات فقد م ّ‬
‫ن ‪ ] ‬يونس‪. [ 58 :‬‬ ‫خْيٌر ِمّما َيجَْمُعو َ‬
‫حوا ُهَو َ‬
‫ك َفْلَيْفَر ُ‬
‫حَمِتِه َفِبَذِل َ‬
‫ل َوِبَر ْ‬
‫ل ا ِّ‬
‫ضِ‬ ‫‪ُ ‬ق ْ‬
‫ل ِبَف ْ‬
‫ي سابًقا‬
‫وفي حديث الثلثة الذين استشهد منهم اثنان وبقي الثالث بعدهما‪ ،‬ومات على فراشه‪ ،‬فُرِئ َ‬
‫لهما فتعجب الناس من ذلك‪ ،‬فقال رسول ال ‪) :‬أليس عاش بعدهما وصلى كذا وكذا ؟ وأدرك‬
‫ن بينهما كما بين السماء والرض( ‪.‬‬ ‫شهر رمضان فصامه ؟! والذي نفسي بيده إ ّ‬

‫جنة "‬‫وتأمل‪ ..‬كم من شخص في قبره يتمنى أن يصوم يوًما واحًدا يتقي به عذاب النار فإن" الصيام ُ‬
‫فالمطلوب من العبد الفرح وليس الشكر فحسب‪ ،‬فإن لم تفرح برمضان فاعلم أن في النفس غبشًا‪.‬‬
‫واعلم أنه بمجرد وجودك في شهر رمضان وقد مضت عليك هذه اليام هذا في حد ذاته نعمة تحتاج‬
‫إلى لهج بالشكر إذ ل زلنا على وجه الرض وما دخلنا باطنها‪.‬‬

‫ومن الناس من تكون عنده حالة من الحزن والرفض عند دخول رمضان – والعياذ بال‪ -‬ليس لجل‬
‫المساك عن الطعام فقط بل لجل الحرمان من شهوات النفس والبدن‪ ،‬وامتناع المحيطين به عن‬
‫مجاراته في شهواته‪.‬‬
‫واعلم أن الفرح بهذا الشهر وفعل الطاعات فيه يحتاج إلى صبر ‪.‬‬

‫فا صبر‪ :‬على فعل الطاعات فيه ‪.‬‬


‫بعد الفرح بهذا الموسم ل يجدي الحماس فقط بل لبد من الصبر على مداومة الفعل‪ ،‬فما هو إل‬
‫زمن وينتهي‪ ،‬وربما يأتي العام المقبل وأنت في عداد الموتى‪ ،‬أو موجود وأصابك المرض‪ ،‬أو‬
‫موجود ‪-‬نسأل ال السلمة‪ -‬وقد ضعف إيمانك‪ ،‬واعلم أن تتابع فرص الطاعات على النسان مع‬
‫تتابع تضييعها يؤدي إلى ضعف اليمان‪.‬‬
‫لذا‪ ..‬على النسان شكر ال على بلوغ هذا الشهر والصبر على اغتنامه‪.‬‬

‫اشكر ال‪:‬‬
‫على عظيم أجر الصيام‪.‬‬
‫يقول ال تعالى في الحديث القدسي " كل عمل ابن آدم له إل الصيام فإنه لي وأنا أجزي به "‪.‬متفق عليه‪.‬‬
‫وما ذاك إل لما اشتمل عليه الصوم من أنواع الصبر الثلثة‪:‬‬
‫صبر على طاعة ال‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫صبر عن معصية ال‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫صبر على أقدار ال‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ب‪‬‬ ‫سا ٍ‬
‫حَ‬
‫جَرُهْم ِبَغْيِر ِ‬
‫ن َأ ْ‬ ‫فكان أجرالصبر بغير حساب‪ ،‬قال تعالى‪ِ :‬إّنَما ُيَوّفى ال ّ‬
‫صاِبُرو َ‬
‫] الزمر‪.[ 10 :‬‬
‫فالصوم يختص من بين باقي العمال بأنه سر بين العبد وربه والمطلب مراقبة ال‪ ،‬وهذه المراقبة‬
‫ماهي إل صبر على تحري مايرضي ال فيقبل عليه العبد‪ ،‬وعلى تحري مايغضب الرب فينفر منه‬
‫العبد‪.‬‬

‫فاصبر‪:‬‬
‫على مراقبة ال‪.‬‬
‫واعلم أن الرجل يصيب الذنب في السر فيصبح وعليه مذلته‪.‬‬
‫موقع مسلمات ‪www.muslimat.net‬‬
‫قال ابن الجوزي‪:‬‬
‫إن للخلوة تأثيرات تبين في الجلوة‪ .‬كم من مؤمن ل ‪ ‬يحترمه عند الخلوات‪ ،‬يترك ما يشتهي‬
‫ل له‪ ،‬فيكون بذلك الفعل كأنه طرح عوًدا هندًيا على مجمر‬
‫حذاًرا من عقابه أو رجاءً لثوابه أو إجل ً‬
‫فيفوح طيبه فيستنشقه الخلئق ول يدرون أين هو‪ .‬وعلى قدر المجاهدة في ترك ما يهوى تقوى‬
‫محبته‪ ،‬وعلى قدر زيادة دفع ذلك المحبوب المتروك يزيد الطيب‪ ،‬ويتفاوت تفاوت العود‪ .‬اهـ‬
‫فأنت تحب الكل في النهار‪ ،‬وفي رمضان ستدفع هذا المحبوب المتروك لجل امتثال أمر ال‪،‬‬
‫والسنة تأخير السحور وأنت في وقت النوم أطيب لك من الكل لكنك تركت المحبوب في الوقت‬
‫المحبوب لما هو أحب منه‪ ،‬وهذا من معاني المراقبة‪.‬‬

‫اشكر ال‪:‬‬
‫على عظيم أجر العمال في رمضان‬
‫عن أبي هريرة ‪ ‬عن النبي ‪ ‬قال‪} :‬من صام رمضان إيماًنا واحتساًبا غفر له ما تقدم من ذنبه{‬
‫متفق عليه‪.‬‬

‫فالعبد قد يصوم طيلة العام من النوافل كيومي الثنين والخميس‪ ،‬واليام البيض وله في ذلك أجر‪،‬‬
‫لكن صيام رمضان كان جزاؤه أن يغفر له ما تقدم من ذنبه‪.‬‬
‫كذلك القيام‪ ،‬قد يقوم العبد طيلة العام وله في ذلك أجر لكن قيام رمضان جزاؤه أن يغفر له ما تقدم‬
‫من ذنبه‪.‬‬
‫فالعمال في رمضان لها ميزان مختلف وأجر مختلف فاشكر ال‪.‬‬

‫واصبر‪:‬‬
‫على تحصيل الخلص‪ ،‬فالخلص عزيز‪..‬‬
‫وتنبه هنا إلى أن المضاعفة ليست لكل أحد ول تكون بمجرد القيام بالعمل‪ ،‬بل يعمل العمل وفي‬
‫ن‪ :‬أي امتثال لمر ال ‪ ،‬وتصديق بوعده‪.‬‬‫ب" إيما ٌ‬
‫ن واحتسا ٌ‬
‫قلبه " إيما ٌ‬
‫ب‪ :‬بطلب الجر من ال تعالى‪ ،‬والناس يتفاوتون في الجر على حسب ما قام في قلوبهم من‬ ‫واحتسا ٌ‬
‫اليمان والتقوى‪.‬‬

‫اشكر ال‪:‬‬
‫أن يسر للمة طريقة العلم بدخول الشهر‪.‬‬
‫ففي الحديث‪}:‬صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته{ رواه البخاري‪.‬‬
‫والرؤية تكون بالعين المجردة‪ ،‬فهل أحسسنا بهذه النعمة ؟!‬
‫كثير هم أولئك الذين يدخلون الشك في الناس فتراهم يقولون‪ :‬وصل الناس إلى القمر ونحن لزلنا‬
‫ننظر إلى القمر بالعين المجردة !!‬
‫فما الموقف في مثل هذه الحالت؟‬

‫اصبر‪:‬‬
‫على الشائعات المشككة‪ ،‬ثم إن الدليل جاء فيه )لرؤيته( أي بالعين المجردة‪.‬‬
‫فإن الناس لو كلفوا الحساب لضاق عليهم لنه ل يعرفه إل أفراد‪ ،‬والشرع إنما يعرف الناس بما‬
‫يعرفه جماهيرهم‪.‬‬
‫فلو كان أحدهم في صحراء لعلم بدخول الشهر وصام فرضه‪.‬‬
‫موقع مسلمات ‪www.muslimat.net‬‬
‫اشكر ال‪:‬‬
‫على ما تفضل به على هذه المة فأعطاها خمس خصال لم تعطها أمة من المم‪:‬‬
‫خلوف فم الصائم أطيب عند ال من ريح المسك‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫تستغفر لهم الملئكة حتى يفطروا‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫يزين ال في كل يوم جنته ويقول‪} :‬يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم‬ ‫‪.3‬‬
‫المؤونة والذى ويصيروا إليك{ رواه أحمد‪.‬‬
‫فال يعلم أننا في هذه الحياة الدنيا في أذى‪ ،‬وكل ما معنا ما هو إل مجرد مؤونة‪ ،‬ستأتي لحظة قريبا‬
‫جدا "يوشك " أن ننفض عنا هذه المؤونة وهذا الذى‪ ،‬ويصير العبد الصالح إلى جنات النعيم‪.‬‬
‫تصفد فيه مردة الشياطين فل يخلصون فيه إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫يغفر ال لهذه المة في آخر ليلة منه ‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫يغفر لمن كان متعبًدا ‪ ..‬ولنسأل أنفسنا ما حالنا في آخر ليلة من ليالي رمضان؟!‬

‫واصبر‪:‬‬
‫حتى تلقي عنك المؤونة وهذا الذى وتصير إلى الجنة ونعيمها‪..‬‬

‫اشكر ال‪:‬‬
‫أن جعل الصوم جنة‪.‬‬
‫جنة‪ :‬حصن حصين من النار‪ .‬فالصوم حفظ من المعاصي‪ ،‬وردء من السيئات‪ ،‬وحجاب من النار‪،‬‬
‫وجنة من غضب الجبار‪.‬‬
‫عن أبي هريرة‪ :‬عن النبي ‪ ‬قال ‪} :‬الصيام جنة‪ ،‬فل يرفث ول يجهل‪ ،‬وإن امرؤ قاتله أو‬
‫شاتمه فليقل‪ :‬إني صائم { رواه البخاري‪.‬‬

‫اصبر‪:‬‬
‫حتى يكون الصوم كذلك‪.‬‬
‫قال النبي ‪ } :‬إذا كان صوم أحدكم فل يرفث ول يصخب‪ ،‬فإن سابه أحد أو قاتله فليقل ‪ :‬إني‬
‫صائم{ رواه البخاري‪.‬‬
‫وقل بصوت‪ :‬إني صائم‪ ..‬فالنبي ‪ ‬كان إذا رأى من الدنيا ما يعجبه وخاف أن تتعلق نفسه قال‪:‬‬
‫}لبيك إن العيش عيش الخرة{ مسند المام الشافعي ‪.‬‬
‫فالشاهد أن النبي ‪ ‬كان يقول بصوت ‪ ":‬لبيك إن العيش عيش الخرة " مذكًرا نفسه ومزهًدا‬
‫إياها في الدنيا‪ .‬قال السعدي‪ :‬فقول الصائم بصوت " إني صائم " فيه فائدة فكأنه يريد قول ‪ :‬اعلم‬
‫أنه ليس بي عجز عن مقابلتك على ما تقول‪ ،‬ولكني صائم‪ ،‬أحترم صيامي وأراعي كماله‪ ،‬وأمر ال‬
‫ورسوله‪ ،‬واعلم أن الصيام يدعوني إلى ترك المقابلة ويحثني على الصبر‪ ،‬فما عملته أنا خير‬
‫وأعلى مما عملته معي أيها المخاصم " أ‪.‬هـ‪.‬‬

‫واعلم أن للصوم ثلث مراتب ‪:‬‬


‫صوم العموم‪ :‬وهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة‪..‬‬
‫وهذا كل الناس يقوم به‪.‬‬
‫صوم الخصوص‪ :‬وهو كف النظر‪ ،‬واللسان‪ ،‬واليد‪ ،‬والسمع عن الثام‪.‬‬
‫صوم خصوص الخصوص‪ :‬وهو صوم القلب عن الهمم الدنية‪ ،‬والفكار المبعدة عن ال تعالى‪،‬‬
‫وكفه عما سوى ال بالكلية‪ .‬وهذا ل يبلغه العبد إل بجهد وصبر‪.‬‬
‫موقع مسلمات ‪www.muslimat.net‬‬

‫اشكر ال‪:‬‬
‫على زوال المعوقات لفعل القربات‬
‫قال الرسول ‪}:‬إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة‪ ،‬وغلقت أبواب جهنم‪ ،‬وسلسلت‬
‫الشياطين{رواه البخاري‪.‬‬
‫فالنسان مبتلى بالشيطان وهوى النفس‪ .‬وفي رمضان زال أحد هذه المعوقات وهو الشيطان‬
‫"سلسلت الشياطين " أي ‪ :‬حبست ‪.‬‬
‫فاشكر ال على زوال هذا المعوق‪ ..‬وبقي عائق هوى النفس فاصبر عليه واطلب القبول وضاعف‬
‫شكرك‪.‬‬

‫اصبر‪:‬‬
‫على طلب القبول من ال بعد انقياد نفسك للطاعات ‪.‬‬
‫وتذكر أن إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلم كانا يرفعان القواعد من البيت و يقولن‪:‬‬
‫سِميُع اْلَعِليُم ‪ ] ‬البقرة‪.[127 :‬‬
‫ت ال ّ‬
‫ك َأْن َ‬ ‫‪َ ‬رّبَنا َتَقّب ْ‬
‫ل ِمّنا ِإّن َ‬
‫يسألن ال القبول برغم شرف عملهما وهم من هم ‪ .‬فكن بين أمرين؛ طلب العانة على الطاعات‬
‫وطلب القبول من ال‪..‬‬
‫فكم من مستكثر من الخير في الدنيا ليس له في الخرة من نصيب‪ ،‬وقد بين النبي ‪ ‬المفلس حقيقة‬
‫فقال‪} :‬المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصيام وصدقة وصلة وزكاة ويأتي قد شتم هذا وسفك‬
‫دم هذا وأكل مال هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما‬
‫عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه وطرح في النار{ رواه مسلم‪.‬‬

‫اشكر ال‪:‬‬
‫على أن أعطاك أجر صيام من تدرب من أبناءك وأعلم أن لك أجر صيامهم ل ينقص من أجورهم‬
‫شيئًا‪ .‬والدال على الخير كفاعله‪.‬‬

‫اصبر‪:‬‬
‫على تدريبك لولدك وصغار بيتك على الصيام ‪.‬‬
‫عن الربيع بنت معوذ‪ -‬رضي ال عنها – قالت‪ } :‬كنا نصومه بعد ونصّوم صبياننا‪ ،‬ونجعل لهم‬
‫اللعبة من العهن فإذا بكي أحدهم على الطعام أعطيناه ذلك حتى يكون عند الفطار{ رواه البخاري‪.‬‬
‫فابذل جهودك واصبر على تدريبهم فإنك مأجور‪.‬‬

‫اشكر ال‪:‬‬
‫على أن دعوة الصائم ل ترد‪.‬‬
‫قال رسول ال ‪} : ‬ثلثة ل ترد دعوتهم الصائم حتى يفطر‪ ،‬المام العادل‪ ،‬ودعوة المظلوم{‬
‫رواه أحمد والترمذي وابن ماجة‪.‬‬
‫قال‪ " :‬الصائم حتى يفطر" أي‪ :‬من الفجر إلى غروب الشمس له دعوة ل ترد‪ .‬فتأمل‪،،‬‬
‫بل ربما ضيقنا على أنفسنا ساعة الفطار فقط وهذا خطأ في التصّور‪ ..‬إذ للصائم دعوة مستجابة‬
‫مادام أنه صائم حتى يفطر‪.‬‬
‫موقع مسلمات ‪www.muslimat.net‬‬
‫اصبر‪:‬‬
‫على الجتهاد في الدعاء والتأدب بأدبه‪.‬‬
‫ومن بينها مسألة اللحاح في الدعاء فإنه مطلوب‪ ،‬لن البعض قد يسول له الشيطان يقول له‪ :‬بما أن‬
‫دعاء الصائم مقبول فل حاجة إلى اللحاح‪.‬‬
‫سَنًة َوِفي‬
‫حَ‬
‫ل َرّبَنا آِتَنا ِفي الّدْنَيا َ‬ ‫ولننتبه إلى أن يكون الدعاء بخيري الدنيا والخرة ‪َ ‬وِمْنُهْم َم ْ‬
‫ن َيُقو ُ‬
‫ب الّناِر‪ ] ‬البقرة ‪.[201 :‬‬
‫عَذا َ‬
‫سَنًة َوِقَنا َ‬
‫حَ‬
‫خَرِة َ‬
‫ال ِ‬
‫فيا من يرقب ساعات الجابة ويطلب من غيره الدعاء له ‪ ،،‬هاهي الفرص بين يديك ‪..‬‬

‫اشكر ال ‪:‬‬
‫على أنه سبحانه الشكور يعطي على العمل القليل الجر الكثير‪.‬‬
‫ت ‪ ] ‬البقرة ‪[184:‬‬
‫فرمضان ما هو إل أيام قلئل قال ال تعالى ‪َ ‬أّياًما َمْعُدوَدا ٍ‬
‫قال السعدي‪ :‬ولما ذكر أنه فرض عليهم الصيام‪ ,‬أخبر أنه أيام معدودات‪ ,‬أي‪ :‬قليلة في غاية‬
‫السهولة‪.‬اهـ‬
‫عن أبي هريرة ‪ ‬عن النبي ‪ ‬قال‪} :‬من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا‪ُ ،‬‬
‫غفر له ما تقدم من ذنبه{‬
‫متفق عليه‪ .‬فيا لها من فرصة ل تضيعها‪.‬‬

‫اصبر‪:‬‬
‫واصبر على المداومة على هذا العمل‪ ،‬فلما سئلت عائشة ‪ ‬عن أحب العمال لرسول ال ‪‬‬
‫قالت‪ :‬أدومها وإن قل‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬
‫وهناك فهم خاطئ لهذه المسألة فالبعض يظن أن القليل هو المطلوب والصواب‪ :‬أن الكثير مطلوب‬
‫ل العمل أو كثر‪.‬‬
‫ضا مع المداومة‪ ،‬فالشرط في العمل مع المداومة ق ّ‬
‫أي ً‬
‫اسأل نفسك‪ :‬من رمضان الماضي إلى رمضان هذا كم مرة صليت القيام؟؟ نسأل ال المغفرة‪.‬‬
‫لذلك اسأل ال طيلة هذا الشهر الدوام على الطاعة‪ .‬واحذر أن تقع فيما يضيع عملك }رب صائم‬
‫ليس له من صيامه إل الجوع‪ ،‬ورب قائم ليس له من قيامه إل السهر{ أخرجه ابن ماجه عن أبي‬
‫هريرة ‪.‬‬

‫اشكر ال‪:‬‬
‫على نعمه بكثرة الجود والصدقة‪.‬‬
‫عبيدِال بن عبد‬‫روى البخاري ‪ :‬حدثنا موسى بن إسماعيل‪ :‬حدثنا بن سعد‪ :‬أخبرنا ابن شهاب عن ُ‬
‫عتبة‪ :‬أن ابن عباس‪ ‬قال‪ :‬كان النبي ‪ ‬أجود الناس بالخير‪ ،‬وكان أجود ما يكون في‬ ‫ال بن ُ‬
‫خ‪ ،‬يعرض عليه النبي‬ ‫سِل َ‬
‫ل يلقاه كل ليلة في رمضان حتى َين َ‬ ‫ل‪ ،‬وكان جبري ُ‬‫رمضان‪ ،‬حين يلقاُه جبري ُ‬
‫سلة‪.‬‬ ‫‪ ‬الُقرآن‪ ،‬فإذا لقيه جبري ُ‬
‫ل ‪ ،‬كان أجود بالخير من الريح الُمر َ‬
‫يقول السندي في شرح هذا الحديث‪:‬‬
‫)أنه كان ‪ ‬يختار الكثار من الجود في رمضان لفضله‪ ،‬أو لشكر نزول جبريل عليه كل ليلة(‬
‫أي‪ :‬لما كان نزول جبريل على الرسول ‪ ‬نعمة؛ كان ‪ ‬يشكرها بكثرة الجود‪ ،‬ومن صور شكر‬
‫النعم الجود‪.‬‬

‫اصبر‪:‬‬
‫على صد قطاع الطريق‪.‬‬
‫خاصة في مسألة الجود‪ ،‬فمن الناس من يخذل ويقول‪ :‬هؤلء ليسوا محتاجين‪ ،‬أو الجمعية الفلنية ل‬
‫توصل الصدقات وغير ذلك من التخذيل‪.‬‬
‫موقع مسلمات ‪www.muslimat.net‬‬
‫وتذكر أن الرسول أخبر عمن تصدق على زانية وعلى غني وعلى سارق فقال‪ :‬اللهم لك الحمد على‬
‫سارق وعلى زانية وعلى غني فأتي فقيل له‪ :‬أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته‬
‫وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها وأما الغني فلعله أن يعتبر فينفق مما أعطاه ال‪).‬زيادة‬
‫الجامع الصغير للسيوطي(‪ .‬ول يعني هذا عدم التحري‪ ،‬بل ذلك مطلوب لكن بعد التحري قم بالعمل‬
‫واصبر على صد قطاع الطريق‪.‬‬

‫اشكر ال‪:‬‬
‫على يسر الشريعة وإشباعها لحاجات النسان‪ .‬فالشرع لم يتجاهل أن النسان يفرح بفطره وأكله‬
‫وشربه ول يعاب ذلك مادام في الحد الطبيعي‪.‬‬
‫قال رسول ال }وللصائم فرحتان يفرحهما‪ :‬إذا أفطر فرح بفطره‪ ،‬وإذا لقي ربه فرح بصومه{‬
‫متفق عليه‪.‬‬

‫واصبر‪:‬‬
‫على البعد عن تحكيم العقل في الوامر الشرعية‪.‬‬
‫فل تؤخر الفطار على اعتبار أن في زيادة الصوم زيادة في الجر‪ ..‬ل‪ ،‬فالجر في اتباع السنة من‬
‫تعجيل الفطر ونحوها من السنن‪.‬‬
‫واصبر عن الستجابة للغراءات فتغرق في ألوان الطعام والشراب‪ ،‬فتـثقل عن العبادات‬
‫والطاعات‪.‬‬

‫اشكر ال‪:‬‬
‫على أن شرع لنا الكل في الليل إلى الفجر بعد أن كان النوم يمنعهم من ذلك ‪.‬‬
‫جِر ُثّم َأِتّموا‬
‫ن اْلَف ْ‬
‫سَوِد ِم َ‬ ‫لْ‬ ‫طا َ‬‫خْي ِ‬
‫ن اْل َ‬ ‫ط الْبَيضُ ِم َ‬ ‫خْي ُ‬ ‫ن َلُكُم اْل َ‬
‫حّتى َيَتَبّي َ‬
‫شَرُبوا َ‬ ‫قال تعالى‪َ  :‬وُكُلوا َوا ْ‬
‫ل ‪ ] ‬البقرة ‪.[187 :‬‬ ‫صَياَم ِإَلى الّلْي ِ‬‫ال ّ‬
‫قال ابن كثير في تفسيره للية‪:‬‬
‫طَر‬
‫ن ِإَذا َأْف َ‬‫سلم َفِإّنُه َكا َ‬ ‫لْ‬ ‫لْمر ِفي ِاْبِتَداء ا ِ‬ ‫عَلْيِه ا َْ‬
‫ن َ‬ ‫ن َوَرْفع ِلَما َكا َ‬ ‫سِلِمي َ‬
‫ل َتَعاَلى ِلْلُم ْ‬‫نا ّ‬ ‫صة ِم ْ‬ ‫خ َ‬ ‫َهِذِه ُر ْ‬
‫صّلى‬ ‫ك َفَمَتى َناَم َأْو َ‬ ‫شاء َأْو َيَنام َقْبل َذِل َ‬‫صلة اْلِع َ‬ ‫جَماع ِإَلى َ‬ ‫شْرب َواْل ِ‬ ‫لْكل َوال ّ‬ ‫ل َلُه ا َْ‬
‫حّ‬ ‫حدهْم ِإّنَما َي ِ‬‫َأ َ‬
‫شّقة َكِبيَرة‪.‬‬ ‫ك َم َ‬‫ن َذِل َ‬
‫جُدوا ِم ْ‬ ‫جَماع ِإَلى الّلْيَلة اْلَقاِبَلة َفَو َ‬ ‫شَراب َواْل ِ‬ ‫طَعام َوال ّ‬ ‫عَلْيِه ال ّ‬
‫حُرَم َ‬ ‫شاء َ‬ ‫اْلِع َ‬

‫واصبر‪:‬‬
‫على تأخير أكلة السحور وأنت محتسب‪.‬‬
‫قال ‪} :‬ل تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطار وأخروا السحور{ رواه أحمد‪ .‬متبعا لهدي‬
‫النبي ‪ ،‬فالمحتسب يغير حياته كلها لجل ال‪ ،‬فهو يأكل في وقت محبوب فيه النوم ‪،‬ويمسك في‬
‫وقت محبوب فيه الكل ‪،‬فيترك المحبوب في الوقت المحبوب لما هو أحب منه‪.‬‬
‫اشكر ال‪:‬‬
‫على عظيم فضله في هذا الشهر بإنزال القرآن ‪،‬وقد ذكر ال ذلك في ثنايا الكلم عن الصوم قال‬
‫شِهَد‬
‫ن َ‬
‫ن َفَم ْ‬
‫ن اْلُهَدى َواْلُفْرَقا ِ‬ ‫ت ِم َ‬
‫س َوَبّيَنا ٍ‬‫ن ُهًدى ِللّنا ِ‬ ‫ل ِفيِه اْلُقْرآ ُ‬
‫ن اّلِذي ُأْنِز َ‬‫ضا َ‬ ‫شْهُر َرَم َ‬ ‫تعالى ‪َ  :‬‬
‫سَر َول ُيِريُد‬‫ل ِبُكُم اْلُي ْ‬
‫خَر ُيِريُد ا ُّ‬
‫ن َأّياٍم ُأ َ‬
‫سَفٍر َفِعّدٌة ِم ْ‬‫عَلى َ‬ ‫ضا َأْو َ‬ ‫ن َمِري ً‬ ‫ن َكا َ‬ ‫صْمُه َوَم ْ‬‫شْهَر َفْلَي ُ‬ ‫ِمْنُكُم ال ّ‬
‫ن‪ ] ‬البقرة ‪[185 :‬‬ ‫شُكُرو َ‬ ‫عَلى َما َهَداُكْم َوَلَعّلُكْم َت ْ‬ ‫ل َ‬ ‫سَر َوِلُتْكِمُلوا اْلِعّدَة َوِلُتَكّبُروا ا َّ‬
‫ِبُكُم اْلُع ْ‬
‫وقال ‪} ‬اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لصحابه{ رواه أحمد في مسنده‪.‬‬
‫موقع مسلمات ‪www.muslimat.net‬‬

‫واصبر‪:‬‬
‫على ملزمة قراءته وفهم معانيه‪.‬‬
‫واحرص على تدبره بأن تختار لنفسك جزًءا معيًنا وتقرأ تفسيره مع مداومة قراءة كتاب ال‪ ،‬أو‬
‫كلما قرأت آية ولم تفهمها فاقرأ تفسيرها‪ ،‬والنفع الجمع بين الطريقتين‪.‬‬

‫اشكر ال ‪:‬‬
‫على ما شرع من أنواع القربات وتعدد طرق الوصول إلى رضاه‪ .‬واغتنم شهر رمضان لطرق‬
‫أبواب الطاعات‪.‬‬
‫}تعين الرجل على دابته فتحمله عليها صدقة{‪} ،‬إماطة الذى صدقة{‪} ،‬تبسمك في وجه أخيك‬
‫صدقة{ متفق عليه‪.‬‬

‫اصبر‪:‬‬
‫على تدريب النفس والجوارح لتكون لك كما يريد ال‪.‬‬
‫قال تعالى في الحديث القدسي‪} :‬ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ‪ ،‬فإذا أحببته كنت‬
‫سمعه الذي يسمع به‪ ،‬وبصره الذي يبصر به‪ ،‬ويده التي يبطش بها‪ ،‬ورجله التي يمشي بها{ رواه‬
‫البخاري‪.‬‬

‫اشكر ال‪:‬‬
‫أن جعل ليلة القدر خير من ألف شهر‬
‫شْهٍر ‪ ]‬القدر‪[3 :‬‬ ‫ف َ‬
‫ن َأْل ِ‬ ‫‪َ ‬لْيَلُة اْلَقْدِر َ‬
‫خْيٌر ِم ْ‬
‫ما هي إل أيام معدودة تتحرى فيها مثل هذه الليلة المباركة‪ ،‬هذا وفي الحديث }إن الشهر قد‬
‫حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله‪ ،‬ول يحرم خيرها إل محروم{‬
‫أخرجه ابن ماجة‪.‬‬

‫اصبر‪:‬‬
‫على مدافعة الهوى والمشاغل والتفرغ في هذه العشر‪.‬‬
‫عن مسروق قال‪ :‬قالت عائشة رضي ال عنها}كان إذا دخلت العشر أحيا رسول ال ‪ ‬الليل وأيقظ‬
‫أهله وشد المئزر{ أخرجه النسائي في سننه‪.‬‬
‫فالمسألة تحتاج إلى جد وصبر‪.‬‬

‫ب السير من هو صابر‬‫ويدرك غ ّ‬ ‫وما هي إل أيام وسوف تنقضي‬


‫‪-------------------------‬‬
‫و أخيًرا احذر من أن تكون من القوم الذين ل يقدرون ال حق قدره‬
‫قيل للحسن‪-:‬ياأبا سعيد من أين أتى هذا الخلق ؟ قال ‪-:‬من قلة الرضا عن ال ‪ ،‬قيل ‪ -:‬ومن أين أتي‬
‫قلة الرضا عن ال؟قال ‪ -:‬من قلة المعرفة بال؟‬

‫ل اللهم‬
‫هذا ونسأل ال أن يجعلنا من الفائزين برمضان‪ ،‬وأن يوفقنا فيه لما يحب ويرضى‪ ،‬وص ّ‬
‫وسلم على نبينا محمد‪ ،‬والحمد ل رب العالمين‪.‬‬

You might also like