You are on page 1of 14

‫قائمة بالموضوعات التي انتحلها محمد ومكانها في القرآن ومكانها في‬

‫المؤلفات اليهودية التي أخذ عنها‬

‫رقم الموضوع السورة المصدر المقتبس منه‬

‫‪ 1‬وجود سبع سموات وسبعة أبواب لجهنم (سورة السراء ‪ 46 :17‬و ‪) 88‬‬
‫(سورة الحجر ‪ )44 :15‬حكيكاه باب ‪ 9‬فصل ‪ 2‬وكتاب ذوهر الفصل ‪2‬‬

‫العجل الذهبي ذو الخوار ( سورة العراف ‪( )157 :7‬وسورة طه ‪) 91 :20‬‬


‫كتاب فرقى ربي ألعازار فصل ‪45‬‬

‫رفع الجبل فوق رؤوس اليهود سورة العراف ‪ 170 :7‬عبوداه زاراه الفصل‬
‫الثاني‬

‫تركيب الشهوة في الملكين هاروت وماروت وارتكابهما شرب الخمر والزنا‬


‫والقتل وتعليم الناس السحر سورة البقرة ‪ 96 :2‬مدراس يلكوت الفصل ‪44‬‬

‫اجتماع سليمان الملك بمجلسه المكون من الجن والعفاريت والطيور وأخبار‬


‫الهدهد عن ملكة سبأ وكيفية إحضار عرشها لسليمان سورة النمل ‪-17 :27‬‬
‫‪ 45‬الترجوم الثاني لربي شلومو ‪ -‬الفصل الرابع عشر عن كتاب أستير‬

‫طرح نمرود لبراهيم في النار وعدم مقدرة النار على إحراقه ورد فى ‪-:‬‬
‫( سورة البقرة ‪( )260 :2‬سورة النعام ‪( )84-74 :6‬سورة النبياء ‪-52 :21‬‬
‫‪ ()72‬سورة مريم ‪ ( )50-42 :19‬سورة الشعراء ‪( )79-69 :26‬سورة‬
‫العنكبوت ‪ 15 :29‬و‪ ( )16‬سورة الصافات ‪ ( )95-81 :37‬سورة الزخرف ‪:43‬‬
‫‪ ( )27 -25‬سورة الممتحنة ‪ )40 :60‬مدراس رباه فصل ‪ 14‬في تفسير تك‬
‫‪7 17 :15‬‬

‫تعلم قايين من الغراب كيفية دفن أخيه سورة المائدة ‪ 35-30 :5‬كتاب‬
‫فرقي ربى أليعزر فصل ‪21‬‬

‫كان عرشه على الماء سورة هود ‪ 9 :11‬تفسير راشي في تك ‪2 :1‬‬

‫العراف وهو الحجاب الرقيق بين الجنة والنار سورة العراف ‪44 :7‬‬
‫مدراس تفسير جامعة ‪10 14 :7‬‬

‫كان الطوفان من الماء المغلي سورة هود ‪ 42 :11‬كتاب روش هشاناه‬


‫فصل ‪ 2 :16‬سنهدرين فصل ‪108‬‬

‫اللوح المحفوظ سورة البروج ‪ 21 :85‬و‪ 22‬فرقى ابوت باب ‪ 5‬فصل ‪6‬‬

‫الكتب السابقه هى كتب قصصية خرافيه من أفكار الناس وإختراعاتهم‬


‫كانت تقص للتسلية وتسمى قصص شعبيه ول تمت للحقيقه بصلة ‪ ,‬وهى‬
‫ليست كتب موحى بها وبالتالى فهى ليست مقدسة ‪ ,‬وبعضها كتب التفاسير‬
‫للكتب المقدسه وحيث أن كتب اليهود سهلة القراءه والفهم فهى ل تحتاج‬
‫إلى تفسير أو تأويل‬
‫‪ -1‬قصة قايين وهابيل‪ :‬القصة كما وردت فى القرآن القصة كما أوردها‬
‫جهال اليهود **‬
‫ل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا‬ ‫‪ -‬لم يذكر القرآن اسم ابني آدم « وات ُ‬
‫قربانا ً فتُقبل من أحدهما ولم يُتقبل من الخر‪ .‬قال‪ :‬لقتلنَّك‪ .‬قال‪ :‬إنما‬
‫ط يدي‬ ‫ت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباس ٍ‬ ‫يتقبل الله من المتَّقين‪ .‬لئن بسط َ‬
‫إليك لقتلك‪ .‬إني أخاف الله رب العالمين‪ .‬إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك‬
‫وعت له نفسه قتل أخيه‬ ‫فتكون من أصحاب النار‪ ،‬وذلك جزاء الظالمين‪ .‬فط َّ‬
‫فقتله فأصبح من الخاسرين‪ .‬فبعث الله غرابا ً يبحث في الرض ليريه كيف‬
‫يواري سوأة أخيه‪ .‬قال‪ :‬يا ويلتي! أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري‬
‫سوأة أخي‪ .‬فأصبح من النادمين‪ .‬من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه‬
‫من قتل نفسا ً بغير نفس أو فساد في الرض فكأنما قتل الناس جميعاً‪،‬‬
‫ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً» (سورة المائدة ‪** .)32-5:27‬‬
‫‪ -‬وقد روى اليهود روايات مختلفة بطرق شتى عما دار بين قايين وهابيل‬
‫من هذه المحاورة الوهمية ‪ ،‬فورد في ترجوم يوناثان بن عزيا‪ ،‬وفي‬
‫الترجوم المسمى بيروشلمي‪ ،‬أن قايين (واسمه في الكتب العربية قابيل)‬
‫قال‪« :‬ل عقاب ول حساب على الخطية‪ ،‬ول ثواب ول مجازاة على الصلح»‪.‬‬
‫غير أن هابيل اعترف بوجود عقاب وثواب‪ ،‬لذلك ضرب قايين أخاه بحجر‬
‫وقتله‪ .‬وورد في كتاب «فرقى ربي اليعزر» (فصل ‪ )21‬ما ورد في القرآن‬
‫بخصوص دفن جثة هابيل‪ ،‬إل أن الغراب الذي وارى القتيل (في الرواية‬
‫َ‬
‫اليهودية) عل ّم آدم (وليس قابيل) كيف يواري الجثة‪.‬‬

‫وهاك نص الرواية اليهودية‪« :‬كان آدم ومعينته (حواء) جالسين يبكيان‬


‫ويندبان عليه (على هابيل) ولم يعرفا ماذا يفعلن بهابيل لنهما لم يعرفا‬
‫الدفن‪ .‬فأتى غراب‪ ،‬كان أحد أصحابه قد مات‪ ،‬وأخذه وحفر في الرض‬
‫ودفنه أمام أعينهما‪ .‬فقال آدم‪ :‬سأفعل كما فعل هذا الغراب‪ .‬فأخذ جثة‬
‫هابيل وحفر في الرض ودفنها»‪ .‬أما ما ذكر في الية ‪ 32‬من سورة المائدة‬
‫فل علقة بينه وبين ما ذكر في اليات المتقدمة عن إبنى آدم ‪ .‬أما الية ‪31‬‬
‫" من قتل نفس بغير نفس أو فساد فى الرض فكأنما قتل الناس جميعا‬
‫ومن أحياها فقد أحيا الناس جميعا" يفسرها كتاب «مشناه سنهدرين»‬
‫(فصل ‪ 4‬فقرة ‪ )5‬وقد ذكرت هذه القصة بالتفصيل في القرآن ناقصة‬
‫ومبتورة غير مستوفية‪ .‬ويمكن الرجوع إلى أصلها من كتب التفسير‬
‫ت؟ صوت دم أخيك (كلمة دم في‬ ‫اليهودية في تفسيرهم للية «ماذا فعل َ‬
‫ي من الرض» (تكوين ‪)4:10‬‬ ‫خ إل َّ‬
‫الصل العبري للتوراة بصيغة الجمع) صار ٌ‬
‫خ‬‫قال‪« :‬وجدنا قايين الذي قتل أخاه أنه قيل عنه «صوت دماء أخيك صار ٌ‬
‫قل «دم أخيك» بل «دماء أخيك» يعني دمه ودم ذّريته ‪ ،‬ولهذا‬ ‫ي»‪ .‬فلم ي ُ‬
‫إل َّ‬
‫خلق آدم وحده ليعلّمك أن كل من أهلك نفسا ً من إسرائيل فالكتاب‬ ‫السبب ُ‬
‫يحسبه كأنه أهلك العالم جميعاً‪ .‬وكل من أحيا نفسا ً فالكتاب يحسبه كأنه‬
‫أحيا العالم جميعاً‪ .‬وقد نقلت الية‪ 31‬من سورة المائدة حرفيا ً تقريبا ً من‬
‫أقوال هذا المفسر اليهودي القديم‪ .‬ولكن بما أن القرآن أخذ نصف هذه‬
‫القصة فقط ‪ ،‬فيلزم لفهم معناها وفهم القصة بالكامل الرجوع إلى أصل‬
‫هذه الية القرآنية من كتاب التكوين اليهودى فى العهد القديم من الكتاب‬
‫المقدس‪2 0‬‬

‫ة مشت َّ ً‬
‫ة متفرقه‬ ‫‪ -‬قصةإنقاذ إبراهيم من نار نمرود‪ :‬وردت هذه القصة مفَّرق ً‬
‫سور كثيرة فيصعب على القارئ أن يتتبع تفاصيلها ‪ ،‬فوردت‬ ‫الجزاء في ُ‬
‫فى أكثر من تسع سور( سورة البقرة ‪ ) 2:260‬وفي (سورة النعام ‪-6:74‬‬
‫‪ ) 84‬وفي ( سورة مريم ‪ ) 50-19:41‬وفي ( سورة النبياء ‪) 72-21:51‬‬
‫وفي ( سورة الشعراء ‪ ) 79-26:69‬؛ وفي ( سورة العنكبوت ‪29:16‬؛ ) وفي‬
‫( سورة الصافات ‪112-37:83‬؛) وفي ( سورة الزخرف ‪28-43:26‬؛ ) وفي (‬
‫سورة الممتحنة ‪ )60:4‬؛ وفي غيرها‪ .‬ولكن من يقرأ قصة إبراهيم في‬
‫أوائل كتاب «قصص النبياء» أو كتاب «عرائس المجالس» (أو في غيرهما)‬
‫يجد أن جميع هذه القصص الواردة في القرآن أو في الحاديث مأخوذة من‬
‫أحد كتب اليهود المسمى «مدراش رباه»‪ .‬ولبرهنة ذلك نورد أول ً هذه القصة‬
‫بنصها كما وردت في القرآن و«عرائس المجالس» وغيره ثم نوردها بنصها‬
‫من الكتاب اليهودي المذكور أعله‪ ،‬ثم نقارن هاتين الروايتين الواحدة‬
‫بالخرى فينجلي الحق‪ .‬قال أبو الفداء في كتابه «التواريخ القديمة من‬
‫المختصر في أخبار البشر»‪« :‬كان آزر أبو إبراهيم يصنع الصنام ويعطيها‬
‫لبراهيم ليبيعها‪ ،‬فكان إبراهيم يقول‪ :‬من يشتري ما يضره ول ينفعه؟ ثم‬
‫لما أمر الله إبراهيم أن يدعو قومه إلى التوحيد‪ ،‬دعا أباه فلم يُجبه‪ ،‬ودعا‬
‫قومه‪ .‬فلما فشل أمره واتصل بنمرود بن كوش وهو ملك تلك البلد‪ ..‬أخذ‬
‫نمرود إبراهيم الخليل ورماه في نار عظيمة‪ ،‬فكانت النار عليه بردا ً وسلماً‪،‬‬
‫ل من قومه»‪ .‬وورد في‬ ‫وخرج إبراهيم من النار بعد أيام‪ ،‬ثم آمن به رجا ٌ‬
‫«عرائس المجالس»‪« :‬لما خرج إبراهيم قبل ذلك من المغارة في الليل رأى‬
‫الكواكب قبل أن رأى القمر‪ ،‬فقال‪« :‬هذا ربي»‪« .‬فلما جن عليه الليل رأى‬
‫كوكبا ً قال هذا ربي‪ .‬فلما أفل قال ل أحب الفلين‪ .‬فلما رأى القمر بازغاً‬
‫قال هذا ربي‪ .‬فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لكونن من القوم الضالين‪.‬‬
‫فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر (لنه رأى ضوءها أعظم)‬
‫فلما أفلت قال يا قوم أني بريء مما تشركون‪ .‬إني وجهت وجهي للذي‬
‫فطر السموات والرض حنيفا ً وما أنا من المشركين» (النعام ‪.)79-6:76‬‬
‫م إبراهيم إلى نفسه جعل يصنع‬ ‫قالوا‪ :‬وكان أبوه يصنع الصنام‪ ،‬فلما ض َّ‬
‫الصنام ويعطيها لبراهيم ليبيعها‪ ،‬فيذهب بها إبراهيم‪ ،‬فينادي‪ :‬من يشتري‬
‫ما يضُّر ول ينفع؟ فل يشتري أحدٌ منه‪ .‬فإذا بارت عليه ذهب بها إلى نهر‬
‫سدْتي» استهزاءً بقومه وبما هم عليه‬ ‫فضرب رؤوسها وقال لها‪« :‬اشربي‪ .‬ك َ‬
‫من الضللة والجهالة‪ ،‬حتى فشا عيبه واستهزاؤه بها في قومه وأهل قريته‪،‬‬
‫جونني في الله وقد هداني؟‪ ..‬وتلك‬ ‫جه قومه في دينه‪ ،‬فقال‪« :‬أتحا ّ‬‫فحا َّ‬
‫حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه‪ ،‬نرفع درجات من نشاء‪ .‬إن ربك حكيم‬
‫حجة‪ .‬ثم أن‬ ‫عليم» (سورة النعام ‪ 6:80‬و‪ )83‬حتى خصمهم وغلبهم بال ُ‬
‫م تعبد ما ل يسمع ول يبصر‬ ‫إبراهيم دعا آباه آزر إلى دينه «فقال يا أبت ل ِ َ‬
‫ول يغني عنك شيئاً؟» (سورة مريم ‪ )19:42‬إلى آخر القصة‪ .‬فأبى أبوه‬
‫الجابة إلى ما دعاه إليه‪ ،‬ثم أن إبراهيم جاهر قومه بالبراءة مما كانوا‬
‫يعبدون‪ ،‬وأظهر دينه «قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم القدمون؟‬
‫فإنهم عدو لي إل رب العالمين» (سورة الشعراء ‪ )77-26:75‬قالوا‪ :‬فمن‬
‫تعبد أنت؟ قال‪ :‬رب العالمين‪ .‬قالوا‪ :‬تعني نمرود؟ فقال‪ :‬ل‪ ،‬الذي خلقني‬
‫فهو يهدين‪ .‬إلى آخر القصة‪ .‬ففشا ذلك في الناس حتى بلغ نمرود الجبار‪،‬‬
‫فدعاه فقال له‪ :‬يا إبراهيم‪ ،‬أرأيت إلهك الذي بعثك وتدعو إلى عبادته وتذكر‬
‫من قدرته التي تعظمه بها على غيره ما هو؟ قال إبراهيم‪« :‬ربي الذي‬
‫يحيي ويميت» (سورة البقرة ‪ )2:258‬فقال نمرود‪ :‬أنا أحيي وأميت‪ .‬قال‬
‫إبراهيم‪ :‬كيف تحيي وتميت؟ قال‪ :‬آخذ رجلين قد استوجبا القتل في حكمي‬
‫فأقتل أحدهما فأكون قد أمتُّه‪ ،‬ثم أعفو عن الخر فأكون قد أحييته‪ .‬فقال‬
‫ت بها من‬ ‫ْ‬
‫له إبراهيم عند ذلك‪« :‬إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأ ِ‬
‫المغرب» (سورة البقرة ‪ )2:258‬فبُهت عند ذلك نمرود ولم يُجبه‪ .‬وبعد ذلك‬
‫لما أزف وقت وليمة قومه السنوية خرجوا جميعهم من المدينة‪ ،‬فرجع‬
‫إبراهيم إلى المدينة لحاجة‪ ،‬وكسر أصنامهم جذاذاً‪ ،‬كما ورد في هذه العبارة‬
‫التية من هذا الكتاب‪« :‬إذا هم قد جعلوا طعاما ً فوضعوه بين يدي اللهة‬
‫وقالوا‪ :‬إذا كان حين رجوعنا فرجعنا وقد باركت اللهة في طعامنا أكلنا‪.‬‬
‫فلما نظر إبراهيم إلى الصنام وإلى ما بين أيديهم من الطعام‪ ،‬قال لهم‬
‫على طريق الستهزاء‪« :‬أل تأكلون؟» فلما لم تجبه‪ .‬قال‪« :‬ما لكم ل‬
‫تنطقون؟ فراغ عليهم ضربا ً باليمين» (سورة الصافات ‪ 37:91‬و‪ )92‬وجعل‬
‫يكسرهن بفأس في يده حتى لم يبق إل الصنم الكبر‪ ،‬فعلق الفأس في‬
‫عنقه ثم خرج‪ .‬فذلك قوله‪« :‬فجعلهم جذاذا ً إل كبيرا ً لهم لعلهم إليه‬
‫يرجعون» (سورة النبياء ‪ )21:58‬فلما جاء القوم من عبيدهم إلى بيت‬
‫آلهتهم ورأوها بتلك الحالة‪« :‬قالوا من فعل هذا بآلهتنا؟ إنه لمن الظالمين‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم» (سورة النبياء ‪ 21:59‬و‪)60‬‬
‫هو الذي نظنه صنع هذا‪ .‬فبلغ ذلك نمرود الجبار وأشراف قومه «قالوا‪:‬‬
‫فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون» (سورة النبياء ‪ )21:61‬عليه أنه‬
‫سدي)‪ .‬وقال‬ ‫هو الذي فعل ذلك‪ .‬وكرهوا أن يأخذوه بغير بيِّنة (قاله قتادة وال ُّ‬
‫الضحاك‪ :‬لعلهم يشهدون بما نصنع به ونعاقبه‪ .‬فلما أحضروه قالوا له‪:‬‬
‫«أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟ قال إبراهيم‪ :‬بل فعله كبيرهم هذا‪.‬‬
‫غضب من أن تعبدوا معه هذه الصنام الصغار وهو أكبر منها فكسرهن‪،‬‬
‫فاسألوهم إن كانوا ينطقون» (سورة النبياء ‪ 21:62‬و‪ )63‬قال النبي‪ :‬لم‬
‫يكذب إبراهيم عليه السلم إل ثلث كذبات‪ ،‬كلها في الله تعالى‪ .‬قوله‪« :‬إني‬
‫سقيم» (سورة الصافات ‪ )37:89‬وقوله‪ :‬بل فعله كبيرهم هذا‪ ،‬وقوله للملك‬
‫الذي عرض لسارة‪ :‬هي أختي‪ .‬فلما قال لهم إبراهيم ذلك رجعوا إلى‬
‫نفوسهم فقالوا‪« :‬إنكم أنتم الظالمون» (سورة النبياء ‪ )21:64‬هذا الرجل‬
‫في سؤالكم إياه‪ ،‬وهذه آلهتكم التي فعل بها ما فعل حاضرة‪ ،‬فاسألوها‪.‬‬
‫وذلك قول إبراهيم‪« :‬فاسألوهم إن كانوا ينطقون» (سورة النبياء ‪)21:63‬‬
‫فلما اتجهت الحجة عليهم لبراهيم قال لهم‪« :‬أفتعبدون من دون الله ما ل‬
‫ينفعكم شيئا ً ول يضركم؟ أف لكم ولما تعبدون من دون الله‪ ،‬أفل تعقلون؟»‬
‫(سورة النبياء ‪ 21:66‬و‪ )67‬فلما لزمتهم الحجة وعجزوا عن الجواب «قالوا‪:‬‬
‫رقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين» (النبياء ‪ .)21:68‬قال عبد الله بن‬ ‫ح ِّ‬
‫عمر‪ :‬إن الذي أشار عليهم بتحريق إبراهيم بالنار رجل من الكراد‪ .‬قال‬
‫شعيب الجبائي‪ :‬اسمه ضينون‪ ،‬فخسف الله به الرض‪ ،‬فهو يتجلجل فيها‬
‫إلى يوم القيامة‪ .‬فلما أجمع نمرود وقومه على إحراق إبراهيم حبسوه في‬
‫بيت وبنوا له بنيانا ً كالحظيرة‪ ،‬فذلك قوله‪« :‬قالوا ابنوا له بنيانا ً فألقوه في‬
‫الجحيم» (سورة الصافات ‪ )37:97‬ثم جمعوا له من أصلب الحطب وأضاف‬
‫الخشب»‪ .‬ثم ذكر المؤلف كيف أن الله وقى إبراهيم بنعمته من حرارة‬
‫النار‪ ،‬وخرج منها سالما غانماً‪ .‬ثم قال‪ :‬وفي الخبر إن إبراهيم إنما نجا‬
‫بقوله «حسبي الله‪ ،‬عليه يتوكل المتوكلون» (سورة الزمر ‪« )39:38‬حسبنا‬
‫الله ونعم الوكيل» (سورة آل عمران ‪ .)3:173‬قال الله‪« :‬يا نار كوني برداً‬
‫وسلما ً على إبراهيم» (سورة النبياء ‪ . )21:69‬وبما أننا أوردنا هذه القصة‬
‫بحذافيرها من القرآن والحاديث علينا أن نوردها من كتب اليهود‪ ،‬ونقارن‬
‫بين هذه القصة المتواترة بين اليهود وبين ما ذكر أعله‪ ،‬ليظهر الفرق‬
‫بينها‪ :‬ورد في «مدراش رباه» (فصل ‪ 17‬في تفسير تكوين ‪« :)15:7‬إن‬
‫تارح كان يصنع الصنام‪ ،‬فخرج مرة إلى محل ما وأناب عنه إبراهيم في‬
‫بيعها‪ ،‬فإذا أتى أحد يريد الشراء كان إبراهيم يقول له‪ :‬كم عمرك؟ فيقول‬
‫له‪ :‬عمري خمسون أو ستون سنة‪ ،‬فكان إبراهيم يقول له‪ :‬ويل لمن كان‬
‫عمره ستين سنة ويرغب في عبادة الشيء الذي لم يظهر في حيز الوجود‬
‫إل منذ أيام قليلة‪ .‬فكان يعتري الرجل الخجلوينصرف إلى حال سبيله‪ .‬ومرة‬
‫أتت امرأة وفي يدها صحن دقيق قمح‪ ،‬وقالت له‪ :‬يا هذا‪ ،‬ضع هذا أمامهم‪.‬‬
‫فقام وأخذ عصا في يده وكسرها كلها جذاذا ً ووضع العصا في يد كبيرهم‪.‬‬
‫فلما أتى أبوه قال له‪ :‬من فعل بهم كذلك؟ فقال له إبراهيم‪ :‬ل أخفي عليك‬
‫شيئاً‪ .‬إن امرأة أتت ومعها صحن دقيق قمح وقالت لي‪ :‬يا هذا ضع هذا‬
‫أمامهم‪ .‬فوضعته أمامهم‪ ،‬فقال هذا‪ :‬أريد أن آكل أولً‪ ،‬وقال ذلك‪ :‬أريد أنا‬
‫أن آكل أولً‪ .‬فقام كبيرهم وأخذ العصا وكسرهم‪ .‬فقال له أبوه‪ :‬لماذا تلفق‬
‫ي خرافة؟ فهل هذه الصنام تدرك وتعقل؟ فقال له إبراهيم‪ :‬أل تسمع‬ ‫عل َّ‬
‫َ‬
‫أذناك ما تتكلم به شفتاك؟ فألقى والده القبض عليه وسل ّمه إلى نمرود‪،‬‬
‫فقال له نمرود‪ :‬فلنعبد النار‪ .‬فقال له إبراهيم‪ :‬فلنعبد المياه التي تطفئ‬
‫النار‪ .‬فقال له نمرود‪ :‬فلنعبد المياه‪ :‬فقال له إبراهيم‪ :‬إذا كان المر كذلك‬
‫فلنعبد السحاب الذي يجيء بالمياه‪ .‬فقال له نمرود‪ :‬فلنعبد السحاب‪ ،‬فقال‬
‫له إبراهيم‪ :‬إذا كان المر كذلك فلنعبد الرياح التي تسوق السحاب‪ .‬فقال له‬
‫نمرود‪ :‬فلنعبد الرياح‪ .‬فقال له إبراهيم‪ :‬فلنعبد النسان الذي يقاوم الرياح‪.‬‬
‫فقال له نمرود‪ :‬إذا كان مرادك المحاولة فأنا ل أعبد إل النار‪ ،‬وها أنا ألقيك‬
‫في وسطها‪ ،‬وليأت الله الذي تعبده وينقذك منها‪ .‬ونزل إبراهيم في أتون‬
‫النار ونجا»‪ .‬ما هو إسم والد إبراهيم ؟ فى القرآن أسفار موسى الخمسة‬
‫أب أبراهيم حسب قول مؤرخ أب إبراهيم «آزر» (سورة النعام ‪ )6:74‬اسم‬
‫أب إبراهيم في «مدراش رباه» وفي خمسة أسفار موسى هو تارح ‪.‬‬
‫( تكوين ‪ )27 :11‬قال يوسابيوس (المؤرخ اليوناني الذي تُرجم تاريخه إلى‬
‫اللغة السريانية) إن اسم أب إبراهيم هو «آثر» وهو خطأ مبين‪ .‬والرجح أن‬
‫هذا الخطأ نشأ عن تسمية اليهود له في بعض الحيان «زارح»‪ .‬من الملحظ‬
‫فى الجدول السابق تشابة السم الوارد فى القرآن آزر مع السم الذىأورده‬
‫المؤرخ اليونانى آثر فهل إختلط السم على محمد السم عندما سمعه أثناء‬
‫تجارته فى الشام ؟ أم أن جامع القرآن إتخذ إسم أبا إبراهيم «آزر» من‬
‫اللغة الفارسية‪ .‬فيكتب الفرس هذا السم «آزر» ويلفظونه كأنه مشتق من‬
‫لغة الفرس القديمة‪ .‬ومعنى آزر بالفارسية القديمة «نار»‪ .‬وفي اللغة‬
‫الكلدانية «النار خطأ فى ترجمة كلمة أور فى القرآن أور فى كتب اليهود‬
‫المقدسة أور فى القرآن وكتب جهاله اليهود قال الله لبراهيم‪« :‬أنا الرب‬
‫الذي أخرجك من أور الكلدانيين» (تكوين ‪ .)15:7‬ومعنى أور بلغة البابليين‬
‫القديمة «مدينة»‪ .‬وجاءت جزءا ً من كلمة «أورشليم» ومعناها «مدينة شليم»‬
‫أي «مدينة إله السلم»‪ .‬واسم أور الكلدانيين الن «المغيَّر» وكان إبراهيم‬
‫أول ً ساكنا ً في هذه المدينة‪ .‬ولكن توجد في اللغة العبرية والرامية‬
‫ور» تشبه «أور» في النطق والكتابة‪ ،‬غير أن‬ ‫َ‬
‫والكلدانية لفظة أخرى وهي «أ ْ‬
‫معنى «أور» في اللغة العبرية «النور»‪« : .‬قالوا ابنوا له بنيانا ً فألقوه في‬
‫الجحيم» (سورة الصافات ‪ )37:97‬ثم جمعوا له من أصلب الحطب وأضاف‬
‫الخشب»‪.‬ثم ذكر المؤلف كيف أن الله وقى إبراهيم بنعمته من حرارة النار‪،‬‬
‫قال الله‪« :‬يا نار كوني بردا ً وسلما ً على إبراهيم» (سورة النبياء ‪. )21:69‬‬
‫أما مفسٌر يهودي يوناثان بن عزييل بعد تدوين التوراه بقرون ‪ ،‬الذى تكن له‬
‫أدنى معرفة بلغة البابليين القديمة وأخذ يترجم هذه الية إلى اللغة‬
‫الكلدانية‪ ،‬فقال‪« :‬أنا الرب الذي أخرجك من تنور نار الكلدانيين»! وقال هذا‬
‫المفسر الجاهل في تفسيره على ( تكوين ‪«) 11:38‬لما طرح نمرود‬
‫إبراهيم في أتون النار لمتناعه عن السجود لصنامه لم يؤذن للنار أن‬
‫تضره»‪ .‬فنمرود الجبار (حسب كلم موسى الوارد في سفر التكوين هو إبن‬
‫نوح عليه لسلم ( راجع تكوين ‪ )8 : 10‬لم يكن في أيام إبراهيم‪ ،‬بل كان‬
‫قبل مولد إبراهيم بأجيال عديدة‪ .‬ومع أن اسم نمرود ورد في الحاديث‬
‫والتفاسير السلمية‪ ،‬إل أنه لم يرد في هذه القصة الواردة في القرآن‬
‫ح أن الذي أدخل اسم نمرود في القصة جاهل بالكتابة والتاريخ‪،‬‬ ‫ذاته‪ .‬وواض ٌ‬
‫شأنه شأن من يقول إن السكندر ذا القرنين ألقى عثمان أحد سلطين‬
‫العثمانيين في النار‪ ،‬ولم يقل ذلك إل لنه يجهل مقدار الزمان بين‬
‫ق في النار مطلقاً‪.‬قال‬ ‫ر أن عثمان لم يُل َ‬‫السكندر وعثمان‪ ،‬ولنه لم يد ِ‬
‫علماء المسلمين في تفنيد هذا العتراض إن ما ذكرتموه يساعدنا مساعدة‬
‫عظمى على تأييد صحة السلم‪ ،‬لن محمدا ً لم ينتحل هذه القصة من اليهود‬
‫ول من النصارى‪ ،‬بل أنزلها عليه جبريل بالوحي‪ .‬وبما أن اليهود الذين هم‬
‫ذرية إبراهيم خليل الله قبلوها‪ ،‬فشهادتهم تؤيد وتصدق على عبارة القرآن‬
‫في هذه القضية‪.‬غيرأنه إذا كان عوام اليهود وجهالهم قد قبلوها ل يعنى‬
‫أنها قصة حقيقية وهى لم تكتب فى كتاب الله خاصة أن نمرود الجبار لم‬
‫يعيش فى أيام إبراهيم ‪ - 3 0‬حكاية ملكة سبا فى كيفية مجيئها إلى‬
‫سليمان‪ :‬مقارنة بين ما جاء فى القرآن وكتاب الترجوم الثانى اليهودىعن‬
‫حشر لسليمان‬ ‫كتاب أستير القرآن كتاب الترجوم الثانى عن كتاب أستير «و ُ‬
‫جنوده من الجن والنس والطير فهم يوزعون‪ ..‬وتفقد الطير‪ ،‬فقال‪ :‬مالي‬
‫ذّبنه عذابا ً شديدا ً أو لذبحنه أو‬
‫ل أرى الهدهد أم كان من الغائبين؟ لع ِ‬
‫ليأتيني بسلطان مبين‪ .‬فمكث غير بعيد فقال‪ :‬أُحطت بما لم تُحط به‪،‬‬
‫وجئتك من سبإ بنبأ يقين‪ .‬إني وجدت امرأة تملكهم‪ ،‬وأُوتيَت من كل شيء‪،‬‬
‫ولها عرش عظيم‪ .‬وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله‪ ،‬وزيَّن‬
‫لهم الشيطان أعمالهم فصدَّهم عن السبيل‪ ،‬فهم ل يهتدون‪ .‬أل يسجدون‬
‫لله الذي يخرج الخبء في السموات والرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون‪.‬‬
‫الله ل إله إل هو رب العرش العظيم‪ .‬قال سننظر أصدقت أم كنت من‬
‫ل عنهم فانظر ماذا يرجعون‪.‬‬ ‫الكاذبين‪ .‬اذهب بكتابي هذا فأَلقه إليهم ثم تو َّ‬
‫ب كريم‪ .‬إنه من سليمان وإنه بسم الله‬ ‫ي كتا ٌ‬ ‫ي إل َّ‬ ‫قالت يا أيها المل ألق َ‬
‫ي وأتوني مسلمين‪ .‬قالت‪ :‬يا أيها المل أفتوني‬ ‫ّ‬ ‫عل‬ ‫تعلوا‬ ‫الرحمن الرحيم‪ .‬أل‬
‫ً‬
‫في أمري‪ ،‬ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون‪ .‬قالوا‪ :‬نحن أولو قوة وأولو‬
‫بأس شديد‪ ،‬والمر إليك فانظري ماذا تأمرين‪ .‬قالت‪ :‬إن الملوك إذا دخلوا‬
‫سلة إليهم‬ ‫قرية أفسدوها وجعلوا أعَّزة أهلها أذلة‪ ،‬وكذلك يفعلون‪ .‬وإني ُ‬
‫مر ِ‬
‫بهدية فناظرة بما يرجع المرسلون‪ .‬فلما جاء سليمان قال‪ :‬أتمدونني بمال؟‬
‫فما آتاني الله خير مما آتاكم‪ ،‬بل أنتم بهديتكم تفرحون‪ .‬ارجع إليهم‬
‫قبل لهم بها‪ ،‬ولنخرجنَّهم منها أذلة وهم صاغرون‪ .‬قال‪:‬‬ ‫فلنأتينهم بجنود ل ِ‬
‫يا أيها المل‪ ،‬أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين؟ قال عفريت من‬
‫الجن‪ :‬أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك‪ ،‬وإني عليه لقوي أمين‪ .‬قال‬
‫الذي عنده علم من الكتاب‪ :‬أنا آتيك به قبل أن يرتدَّ إليك طرفك‪ .‬فلما رآه‬
‫مستقرا ً عنده قال‪ :‬هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر‪ .‬ومن شكر‬
‫فإنما يشكر لنفسه‪ ،‬ومن كفر فإن ربي غني كريم‪ .‬قال‪ :‬نكِّروا لها عرشها‬
‫ننظر أتهتدي أم تكون من الذين ل يهتدون‪ .‬فلما جاءت قيل‪ :‬أهكذا عرشك؟‬
‫قالت‪ :‬كأنه هو‪ .‬وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين‪ .‬وصدَّها ما كانت تعبد‬
‫من دون الله أنها كانت من قوم كافرين‪ .‬قيل لها‪ :‬ادخلي الصرح‪ .‬فلما رأته‬
‫حسبته لجة وكشفت عن ساقيها‪ .‬قال‪ :‬إنه صرح ممرد من قوارير‪ .‬قالت‪:‬‬
‫ربي إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين» (سورة‬
‫ه‪ ،‬أمر بإحضار‬ ‫النمل ‪ 27:17‬و ‪ .)44-20‬لما انشرح قلب سليمان بخمر ِ‬
‫حيوانات الصحراء وطيور الهواء وزحافات الرض والجن والرواح والعفاريت‬
‫لترقص أمامه‪ ،‬ليُظهر عظمته لجميع الملوك الذين كانوا خاضعين خاشعين‬
‫أمامه‪ .‬فاستدعى كتبة الملك بأسمائهم‪ ،‬فأتوا إليه ما عدا المسجونين‬
‫وضت له حراستهم‪ .‬وكان ديك الصحراء في تلك‬ ‫والسرى والرجل الذي ُ‬
‫ف ِّ‬
‫م‬‫الساعة يمرح بين الطيور ولم يوجد‪ ،‬فأمر الملك أن يحضروه بالقوة‪ ،‬وه َّ‬
‫بإهلكه‪ ،‬فرجع ديك الصحراء ووقف أمام حضرة الملك سليمان وقال‬
‫مل أذنك واسمع أقوالي‪ .‬ألم تمض ثلثة‬ ‫َ‬
‫له‪«:‬اسمع يا مولي‪ ،‬ملك الرض‪ ،‬وأ ِ‬
‫أشهر من حين ما تفكرت في قلبي وصممت تصميما ً أكيدا ً في نفسي أن ل‬
‫آكل ول أشرب ماء قبل أن أرى كل العالم وأطير فيه‪ .‬وقلت‪ :‬ما هي الجهة‬
‫أو ما هي المملكة غير المطيعة لسيدي الملك؟ فشاهدت ورأيت مدينة‬
‫حصينة اسمها قيطور في أرض شرقية‪ ،‬وترابها أثقل من الذهب والفضة‬
‫غرست فيها الشجار من البدء‪ ،‬وهم شاربون‬ ‫كزبالة في السواق‪ ،‬وقد ُ‬
‫الماء من جنة عدن‪ .‬ويوجد جماهير يحملون أكاليل على رؤوسهم فيها‬
‫نباتات من جنة عدن لنها قريبة منها‪ .‬ويعرفون الرمي بالقوس‪ ،‬ولكن ل‬
‫يمكن أن يقتلوا بها‪ .‬وتحكمهم جميعهم امرأة اسمها ملكة سبا‪ .‬فإذا تعلقت‬
‫إرادة مولي الملك فليمنطق حقوي هذا الشخص وأرتفع وأصعد إلى حصن‬
‫قيطور إلى مدينة سبا ‪ ،‬وأنا أقيِّد ملوكهم بالسلسل وأشرافهم بأغلل ا‬
‫لحديد وأحضرهم إلى سيدي الملك»‪ .‬فوقع هذا الكلم عند الملك موقعاً‬
‫حسناً‪ ،‬فدُعي كتبة الملك وكتبوا كتابا ً ربطوه بجناحي ديك الصحراء‪ ،‬فقام‬
‫وارتفع إلى السماء وربط تاجه وتقوى وطار بين الطيور‪ .‬فطاروا خلفه‬
‫وتوجهوا إلى قلعة قيطور إلى مدينة سبا‪ .‬واتفق في الفجر أن ملكة سبا‬
‫كانت خارجة إلى البحر للعبادة‪ ،‬فحجبت الطيور الشمس‪ .‬فوضعت يدها على‬
‫ثيابها ومزقتها ودُهشت واضطربت‪ .‬ولما كانت مضطربة دنا منها ديك‬
‫الصحراء‪ ،‬فرأت كتابا ً مربوطا ً في جناحه ففتحته وقرأته‪ ،‬وهاك ما كتب فيه‪:‬‬
‫«مني أنا الملك سليمان‪ ،‬سلم لمرائك‪ .‬لنك تعرفين أن القدوس المبارك‬
‫جعلني ملكا ً على وحوش الصحراء وعلى طيور الهواء وعلى الجن وعلى‬
‫الرواح وعلى العفاريت وكل ملوك الشرق والغرب والجنوب والشمال‪،‬‬
‫ت للسؤال عن صحتي فحسناً‬ ‫ت وأتي ِ‬
‫يأتون للسؤال عن سلمتي‪ .‬فإذا أرد ِ‬
‫جدا ً أمامي‪ .‬وإذا‬ ‫س َّ‬
‫ُ‬ ‫يخرون‬ ‫الذي‬ ‫الملوك‬ ‫تفعلين‪ ،‬وأنا أجعلك أعظم من جميع‬
‫لم تطيعي ولم تأتي للسؤال عن صحتي أرسل عليك ملوكا ً وجنوداً‬
‫ت‪ :‬ما هم الملوك والجنود والفرسان الذين عند الملك‬ ‫وفرساناً‪ .‬وإذا قل ِ‬
‫سليمان؟ إن حيوانات الصحراء هم ملوك وجنود وفرسان‪ .‬وإذا قلت‪ :‬ما هي‬
‫الفرسان؟ قلت إن طيور الهواء هي فرسان‪ ،‬وجيوشي الرواح والجن‬
‫والعفاريت‪ .‬هم الجنود الذين يخنقونكم في فرشكم في داخل بيوتكم‪.‬‬
‫حيوانات الصحراء يقتلونكم في الخلء‪ .‬طيور السماء تأكل لحمكم‬
‫منكم»‪.‬فلما سمعت ملكة سبا أقوال الكتاب ألقت ثانية يدها على ثيابها‬
‫ومزقتها‪ ،‬وأرسلت واستدعت الرؤساء والمراء وقالت لهم‪ :‬ألم تعرفوا ما‬
‫ي الملك سليمان؟ فأجابوا‪ :‬ل نعرف الملك سليمان‪ ،‬ول نعتد‬ ‫أرسله إل َّ‬
‫غ إلى أقوالهم بل أرسلت واستدعت‬ ‫تص‬ ‫فلم‬ ‫‪.‬‬‫ً‬ ‫حسابا‬ ‫له‬ ‫نحسب‬ ‫ول‬ ‫بمملكته‪،‬‬
‫ِ‬
‫كل مراكب البحر وشحنتها هدايا وجواهر وحجارة ثمينة‪ ،‬وأرسلت إليه ستة‬
‫آلف ولدا ً وابنة وكلهم ولدوا في سنة واحدة وشهر واحد ويوم واحد وساعة‬
‫واحدة‪ ،‬وكانوا كلهم لبسين ثيابا ً أرجوانية‪ .‬ثم كتبت كتابا ً أرسلته إلى الملك‬
‫سليمان على أيديهم وهذا نصه‪« - :‬من قلعة قيطور إلى أرض إسرائيل‪،‬‬
‫سفر سبع سنين‪ .‬إنه بواسطة صلواتك وبواسطة استغاثاتك التي ألتمسها‬
‫منك سآتي إليك بعد ثلث سنين»‪ .‬فحدث بعد ثلث سنين أن أتت ملكة سبا‬
‫إلى الملك سليمان‪ .‬ولما سمع أنها أتت أرسل إليها بنايا بن يهوياداع الذي‬
‫كان كالفجر الذي يبزغ في الصباح‪ ،‬وكان يشبه كوكب الجلل (أي الزهرة)‬
‫التي تتلل وهي ثابتة بين الكواكب‪ ،‬ويشبه السوسن المغروس على مجاري‬
‫المياه‪ .‬ولما رأت ملكة سبا بنايا بن يهوياداع نزلت من العربة‪ ،‬فقال لها‪:‬‬
‫لماذا نزلت من عربتك؟ فأجابته‪ :‬ألست أنت الملك سليمان؟ فأجابها‪ :‬لست‬
‫أنا الملك سليمان بل أحد خدامه الواقفين أمامه‪ .‬ففي الحال التفتت إلى‬
‫خلفها ونطقت بمثل للمراء وهو‪ :‬إذا لم يظهر أمامك السد فقد رأيتم‬
‫ذريته‪ .‬فإذا لم تروا الملك سليمان فقد شاهدتم جمال شخص واقف أمامه‪.‬‬
‫فأتى بنايا بن يهوياداع أمام الملك‪ .‬ولما بلغ الملك أنها أتت أمامه‪ ،‬قام‬
‫وذهب وجلس في بيت بلوري‪ .‬ولما رأت ملكة سبا أن الملك جالس في بيت‬
‫بلوري توهمت في قلبها قائلة‪ :‬إن الملك جالس في الماء‪ ،‬فرفعت ثوبها‬
‫لتعبر‪ ،‬فرأى أن لها شعرا ً على الساقين‪ .‬فقال لها‪ :‬إن جمالك هو جمال‬
‫النساء وشعرك هو شعر الرجل‪ ،‬فالشعر هو حيلة الرجل ولكنه يعيب المرأة‪.‬‬
‫سرتها لي فأعرف‬ ‫فقالت‪ :‬يا مولي الملك‪ ،‬سأنطق لك بثلثة أمثال‪ .‬فإذا ف َّ‬
‫أنك حكيم‪ ،‬وإل كنت كسائر الناس‪( ..‬ففسر لها الملك سليمان الثلثة‬
‫سَّر بك وأجلسك على عرش‬ ‫المثال‪ ،‬فقالت‪ :‬يتبارك الرب إلهك الذي ُ‬
‫ً‬
‫المملكة لتجري قضاءً وعدلً‪ .‬وأعطت للملك ذهبا وفضة‪ ،‬وأعطاها الملك كل‬
‫ما اشتهت»‪ .‬الختلفات بين القصتين القرآن الترجوم الثانى عن كتاب‬
‫أستير وما ورد في هذه السورة عن العرش العظيم يختلف قليل ً عما ورد‬
‫في الترجوم ‪ -‬العفريت من الجن يقوم يحمل العرش وعمل المستحيلت‬
‫جه إلى مكان ما كانت‬ ‫واثنا عشر نسرا ً من ذهب‪ .‬ومتى أراد سليمان التو ُّ‬
‫تنزل هذه النسور القوية وتصعد بعرشه وتحمله إلى حيث أراد‪ .‬فكانت تلك‬
‫مي«الهدهد»‪.‬‬ ‫مي حامل رسالة سليمان يس ّ‬ ‫النسور (حسب قول الترجوم يس ّ‬
‫مي حامل رسالة سليمان ديك الصحراء لم يرد لها ذكر في القرآن إل‬ ‫يس ّ‬
‫أنها ذكرت في الحاديث طلبت ملكة سبا من سليمان حل بعض المثال التي‬
‫وصف ساقي الملكة‪ ،‬وجب استيفاء وتكملتها من الحاديث السلمية‪ .‬وهذا‬
‫ما جاء في كتاب «عرائس المجالس» (ص ‪ ،)438‬فقد ذكر أنه لما أرادت‬
‫ملكة سبا الدخول إلى قصر سليمان وتوهمت أن البلور ماء‪ ،‬كشفت عن‬
‫ساقيها لتخوضه إلى سليمان‪ .‬فنظر سليمان فإذا هي أحسن الناس ساقاً‬
‫وقدماً‪ ،‬إل أنها كانت شعراء الساقين‪ .‬فصرف بصره عنها وناداها أنه صرح‬
‫ممرد من قوارير‪ .‬وما ورد في القرآن بخصوص حكم سليمان على الجن‬
‫والعفاريت يطابق ما ورد في كتاب «الترجوم» المذكور سابق ولن القرآن‬
‫ف الرواية ولم يكمل القصة فقد اتت غير مطابقة لمواصفات‬ ‫لم يستو ِ‬
‫التسلسل الواقعى بل بناها على الخيال الذى يمكن الطعن فى صحته إل أنه‬
‫لقصة ملكة سبا (وفي العبرية شبا) أساس حقيقي‪ ،‬فقد جاءت قصة زيارتها‬
‫إلى سليمان في الكتاب المقدس فقال‪« :‬وسمعت ملكة سبا بخبر سليمان‬
‫لمجد الرب فأتت لتمتحنه بمسائل‪ .‬فأتت إلى أورشليم بموكب عظيم جداً‬
‫بجمال حاملة أطيابا ً وذهبا ً كثيرا ً جدا ً وحجارة كريمة‪ ،‬وأتت إلى سليمان‬
‫وكلمته بكل ما كان بقلبها‪ .‬فأخبرها سليمان بكل كلمها‪ .‬لم يكن أمراً‬
‫مخفيا ً عن الملك لم يخبرها به‪ .‬فلما رأت ملكة سبا كل حكمة سليمان‬
‫والبيت الذي بناه وطعام مائدته ومجلس عبيده وموقف خدامه وملبسهم‬
‫ح بعد‪.‬‬ ‫سقاته ومحرقاته التي كان يُصعدها في بيت الرب لم يبق فيها رو ٌ‬ ‫و ُ‬
‫ً‬
‫فقالت للملك‪ :‬صحيحا كان الخبر الذي سمعتُه في أرضي عن أمورك وعن‬
‫حكمتك‪ ،‬ولم أصدق الخبار حتى جئت وأبصرت عيناي‪ .‬فهوذا النصف لم‬
‫ت حكمة وصلحا ً على الخبر الذي سمعته‪ .‬طوبى لرجالك وطوبى‬ ‫ُ‬
‫أخبَر به‪ .‬زد َ‬
‫لعبيدك هؤلء الواقفين أمامك دائما ً السامعين حكمتك‪ .‬ليكن مباركا ً الرب‬
‫سَّر بك وجعلك على كرسي إسرائيل‪ ،‬لن الرب أحب إسرائيل‬ ‫إلهك الذي ُ‬
‫إلى البد‪ .‬جعلك ملكا ً لتُجري حكما ً وبراً‪ .‬وأعطت الملك مئة وعشرين وزنة‬
‫ت بعد مثل ذلك الطيب في‬ ‫ذهب وأطيابا ً كثيرة جدا ً وحجارة كريمة لم يأ ِ‬
‫الكثرة الذي أعطته ملكة سبا للملك سليمان» (‪1‬ملوك ‪ 10-10:1‬و‪2‬أخبار‬
‫اليام ‪ . )9:5‬وفي سفري الملوك وأخبار اليام شيء عن عرش سليمان‬
‫الرفيع‪ ،‬ولكن لم يرد شيء عن حمله ونقله‪ .‬ولكن هذه الرواية وهمية‪. 0‬‬
‫فقد قال علماء اليهود إن هذا المفسر بنى أوهامه على ما اقترفه من‬
‫ت» من سفر الجامعة‬ ‫و ْ‬
‫شدّ ْ‬ ‫شدّاه و ِ‬ ‫الخطأ في ترجمة كلمتين عبريتين هما « ِ‬
‫‪ .2:8‬ومعناهما «سيدة وسيدات» لنه لما كان يندر وجود هاتين الكلمتين‬
‫في العبرية‪ ،‬خلط هذا المفسر الجاهل بينهما لعدم معرفته بمعناهما‬
‫سرهما بالجن‪ .‬وكان له إلمام بالكلمتين‬ ‫الصحيح‪ ،‬فاشتبهتا عليه بكلمتين ف َّ‬
‫شديم)‪ .‬وكل من تحرى قصة ملكة سبا‬ ‫شدو‪ ،‬و ِ‬ ‫الدالتين على الجن (وهما ِ‬
‫التي ترجمناها من كتاب «الترجوم» يظهر له بل شك أن هذه الخرافة تشبه‬
‫الحكايات الواردة في كتاب ألف ليلة وليلة شبها ً كثيراً‪ .‬ولكن لما لم يكن‬
‫هم أنهم أخذوها عن‬ ‫محمد عارفا ً بذلك‪ ،‬وقد سمع هذه الرواية من اليهود‪ ،‬تو َّ‬
‫التوراة وتلوها عليه‪ ،‬فأوردها في القرآن‪ - 4 .‬قصة هاروت وماروت‪ :‬القرآن‬
‫تلمود اليهود«مدراش يَلْكوت» (فصل ‪ )47‬قال القرآن‪« :‬وما كفر سليمان‬
‫ولكن الشياطين كفروا‪ .‬يعلّمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل‬
‫هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقول فتنة فل تكفر» (سورة‬
‫البقرة ‪ . )2:102‬وقد ورد في «عرائس المجالس» في تفسير هذه‬
‫الية‪«:‬قال المفسرون إن الملئكة لما رأوا ما يصعد إلى السماء من أعمال‬
‫بني آدم الخبيثة (وذلك في زمن إدريس النبي) عيَّروهم بذلك وأنكروا‬
‫عليهم‪ ،‬وقالوا لله‪ :‬إن هؤلء الذين جعلتهم خلفاء في الرض واخترتهم‬
‫َ‬
‫ت فيكم ما ركبت فيهم‬ ‫يعصونك‪ .‬فقال تعالى‪ :‬لو أنزلتُكم إلى الرض ورك ّب ُ‬
‫لفعلتم مثل ما فعلوا‪ .‬قالوا‪ :‬سبحانك ربنا ما كان ينبغي أن نعصيك‪ .‬قال‬
‫ملَكين من خياركم أُهبِطهما إلى الرض‪ .‬فاختاروا هاروت‬ ‫الله‪ :‬اختاروا َ‬
‫وماروت‪ ،‬وكانا من أصلح الملئكة وأعبدهم‪ .‬قال الكلبي‪ :‬قال الله‪ :‬اختاروا‬
‫ثلثة منكم‪ .‬فاختاروا عزا وهو هاروت وعزابيا وهو ماروت وعزرائيل‪ .‬وإنما‬
‫غيَّر اسمهما لما اقترفا من الذنب‪ ،‬كما غيَّر الله اسم إبليس (وكان اسمه‬
‫عزازيل)‪ .‬فركَّب الله فيهم الشهوة التي ركبها في بني آدم وأَهبطهم إلى‬
‫شرك والقتل‬ ‫الرض‪ ،‬وأمرهم أن يحكموا بين الناس بالحق‪ ،‬ونهاهم عن ال ّ ِ‬
‫بغير الحق والزنا وشرب الخمر‪ .‬فأما عزرائيل فإنه لما وقعت الشهوة في‬
‫قلبه استقال ربه‪ ،‬وسأله أن يرفعه إلى السماء‪ .‬فأقاله ورفعه‪ .‬وسجد‬
‫أربعين سنة ثم رفع رأسه ولم يزل بعد ذلك مطأطأ رأسه حياءً من الله‬
‫تعالى‪ .‬وأما الخران فإنهما ثبتا على ذلك يقضيان بين الناس يومهما‪ ،‬فإذا‬
‫أمسيا ذكرا اسم الله العظم‪ ،‬وصعدا إلى السماء‪ .‬قال قتادة‪ :‬فما مَّر‬
‫عليهما شهر حتى افتتنا‪ ،‬وذلك أنه اختصمت إليهما ذات يوم «الزهرة»‬
‫ي‪ :‬كانت من أهل فارس‪ ،‬وكانت ملكة في‬ ‫وكانت من أجمل النساء‪ .‬قال عل ٌّ‬
‫بلدها‪ .‬فلما رأياها أخذت بقلبيهما‪ ،‬فراوداها عن نفسها فأبت وانصرفت‪ .‬ثم‬
‫عادت في اليوم الثاني‪ ،‬ففعل ً مثل ذلك‪ ،‬فقالت‪ :‬ل‪ ،‬إل أن تعبدا ما أعبد‬
‫وتصل ِّيا لهذا الصنم وتقتل النفس وتشربا الخمر‪ .‬فقال‪ :‬ل سبيل إلى هذه‬
‫الشياء‪ ،‬فإن الله قد نهانا عنها‪ .‬فانصرفت ثم عادت في اليوم الثالث ومعها‬
‫ميل إليهما ما فيها‪ ،‬فراوداها عن نفسها‬ ‫قدح من خمر‪ ،‬وفي نفسها من ال َ‬
‫فأبت‪ ،‬وعرضت عليهما ما قالت بالمس‪ ،‬فقال‪ :‬الصلة لغير الله أمر عظيم‪،‬‬
‫وقتل النفس عظيم‪ ،‬وأهون الثلثة شرب الخمر‪ .‬فشربا الخمر فانتشيا‬
‫ووقعا بالمرأة وزنيا بها‪ ،‬فرآهما إنسان فقتله‪ ..‬قال الربيع بن أنس‪:‬‬
‫ي والسعدي والكلبي إنها‬ ‫وسجدا للصنم فمسخ الله الزهرة كوكباً‪ .‬وقال عل ٌّ‬
‫قالت‪ :‬ل تدركاني حتى تعلّماني الذي تصعدان به إلى السماء‪ .‬فقال‪ :‬نصعد‬
‫ي حتى تعلمانيه‪ .‬قال أحدهما‬ ‫باسم الله الكبر‪ .‬فقالت‪ :‬فما أنتما بمدرك َّ‬
‫لصاحبه‪ :‬علِّمها‪ ،‬فقال‪ :‬إني أخاف الله‪ .‬فقال الخر‪ :‬فأين رحمة الله؟‬
‫َ‬
‫فعل ّماها ذلك فتكلمت به وصعدت إلى السماء‪ ،‬فمسخها الله كوكباً»‪ .‬ذكرت‬
‫هذه القصة في موضعين أو في ثلثة مواضع من تلمود اليهود‪ ،‬ول سيما‬
‫في «مدراش يَلْكوت» (فصل ‪ )47‬وهاك نص ترجمتها‪« . - :‬استفهم تلميذ‬
‫يوسف الربانيمن أستاذهم عن عزائيل‪ ،‬فقال لهم‪ :‬لما قام جيل الطوفان‬
‫(يعني القوم الذين كانوا موجودين في عصر طوفان نوح) ودانوا بالعبادة‬
‫ملَكان «شمحزاي»‬ ‫الباطلة‪ ،‬سخط عليهم القدوس تبارك اسمه‪ .‬فقام َ‬
‫و«عزائيل» وقال بحضرته‪ :‬يا رب العالم‪ ،‬ألم نقل لك بحضرتك لما خلقت‬
‫عالمك‪ :‬من هو النسان حتى تذكره؟ (مزمور ‪ .)8:4‬فقال لهما‪ :‬وأما العالم‬
‫فماذا يحصل له؟ فقال له‪ :‬يا رب العالم نتسلط عليه‪ .‬فقال لهما‪ :‬إنه‬
‫مكشوف ومعلوم بأنه إذا تسلطتم على الرض تتسلط عليكم الشهوة‬
‫الردية‪ ،‬وتكونون أكثر من بني آدم عناداً‪ .‬فقال له‪ :‬ائذن لنا أن نسكن مع‬
‫الخلئق‪ ،‬وترى كيف نقدس اسمك‪ .‬فقال لهما‪ :‬اهبطا واسكنا معهم‪ .‬فنظر‬
‫شمحزاي صبية واسمها إسطهر (أستير) فشخص وقال لها‪ :‬أطيعيني‪.‬‬
‫فقالت له‪ :‬ل أصغي لك ما لم تعلمني السم المختص (بالله) الذي في ساعة‬
‫ذكرك إياه أصعد إلى الفلك‪ .‬فعلمها إياه‪ ،‬فذكرته وصعدت إلى الفلك أيضاً‬
‫ولم تدنِّس عرضها‪ .‬قال القدوس تبارك اسمه‪ :‬بما أنها نزهت نفسها عن‬
‫التجاوز فاذهبوا واجعلوها بين السبعة الكواكب لتكونوا طاهرين من جهتها‬
‫ن جميلت ولم‬ ‫وضعت بين الثريا‪ .‬وتن َّ‬
‫جسا مع بنات آدم اللواتي ك َّ‬ ‫إلى البد‪ .‬ف ُ‬
‫يقدرا على قمع شهوتهما‪ ،‬فقاما واتخذا زوجات وولدا ولدين (هوآء)‬
‫و(هيآء)‪ .‬فاستعان عزائيل بالحلي المتنوعة وأنواع زخرفات النساء‬
‫المبهرجة على إغواء بني آدم وإغرائهم على اقتراف التعدّي‪( .‬ومما يجب‬
‫التنبيه إليه أن عزرائيل الذي تقدم ذكره في الحاديث المذكورة آنفا ً هو‬
‫ذات عزائيل المذكور في التلمود)‪ .‬الختلف بين القرآن والتلمود فى قصة‬
‫هاروت وماروت التلمود القرآن إسمهما فى تلمود «مدارش يلكوت»‪-:‬‬
‫بشمحزاي وعزائيل‪ .‬الحديث قال إن الملكين اللذين أخطئا هما هاروت‬
‫وماروت‪ ،‬مع اعترافه بأنهما كانا يسميان في الصل باسمين آخرين‪ .‬هاروت‬
‫وماروت هما اسما إلهين قديمين كاذبين كانا يعبدهما الرمن في الزمنة‬
‫القديمة‪ .‬وقد ذكر مؤرخو الرمن أن الرمن كانوا يعبدون إلهين اسمهما‬
‫باللغة الرمنية «هوروت وموروت» وهاك نص عبارة أحد مؤرخي الرمن‪. -:‬‬
‫«هوروت وموروت كانا بل شك من أعوان اللهة «اسبانداراميت» وهما بطل‬
‫جبل «مازيس» و«أمينابيغ» أيضاً‪ .‬وربما كانت توجد آلهة أخرى ل علم لنا بها‬
‫إلى الن‪ ،‬وكانوا من أعظم المساعدين على تقوية الرض وجعلها مخصبة‬
‫كثيرة الكسب»‪ .‬و تعليم الملئكة للناس المور مذكورة في البقرة ‪،2:102‬‬
‫حيث قيل‪« :‬فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم‬
‫بضارين به من أحد إل بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ول ينفعهم»‪ .‬ويقصد‬
‫بالملكين المشار إليهما هنا «هاروت وماروت»‪ .‬غير أن القرآن انتحل ذكر‬
‫تعليم الملكين للناس أيضا ً مما ورد في «مدراش يلكوت» حيث ذكر أن‬
‫عزازيل استعان بالحلي المتنوعة وأنواع زخرفات النساء المبهجة لغواء‬
‫بني آدم على اقتراف الفجور‪ .‬انت «اسبانداراميت» اللهة التي عبدها‬
‫الفرس أيضا ً لن «الزردشتيين» كانوا يعتقدون أنها روح الرض‪ ،‬وأنها سبب‬
‫كل ما نبت على الرض من المحصولت الطيبة والثمار اليانعة‪ .‬وكان سكان‬
‫أرمينيا يسمون إله الكروم «أمينابيغ» وقالوا إن هوروت وموروت هما‬
‫اللهان المساعدان للهة الرض إذ توهموا أنهما الروحان المتسلطان على‬
‫الرياح‪ ،‬وهما اللذان يحملن ويسخران الرياح التي كانت تجمع السحاب الذي‬
‫يأتي بالمطر ليصدم قمة جبل أراراط الشامخة فتهطل المطار على‬
‫الرض‪ ،‬وحينئذ تقوى الرض على إنبات النباتات وإخراج المحصولت‪..‬‬
‫فيتضح من هذا أن هوروت وموروت كانا في الصل روحين للرياح‪ ،‬ومما‬
‫يؤيد ذلك أن كثيرا ً ما ذكر في كتب الهنود القديمة كلمة «المرتون»‪ .‬فإن‬
‫قدماء الهند كانوا يعتقدون أنهم آلهة الزوابع القاصفة والرياح العاصفة‪.‬‬
‫وبناءً على ذلك انتقلت كلمة «مرت» إلى اللغة الرمنية وصارت «موروت»‪.‬‬
‫قة من كلمة «مور» باللغة الرمنية‪ ،‬وهي‬ ‫هم الرمن أن موروت مشت َّ‬ ‫فتو َّ‬
‫مضاف إليه لكلمة معناها «أم» ثم وضعوا لفظة «هور» في مقابلة كلمة‬
‫«مور» لحصول المناسبة‪ ،‬فإن معنى «هور» بلغتهم مضاف إليه لكلمة‬
‫معناها «أب»‪ .‬وبهذه الكيفية صاغوا كلمة هوروت وموروت‪ .‬وهذا هو أصل‬
‫وضعهما ومنشئهما‪ .‬فيكون المقصود من قوله إن هذين الملكين هبطا من‬
‫السماء ومال إلى التناسل أن هذين الروحين اللذين في قبضتهما الرياح‬
‫ساعدا الرض على إنبات المحصولت وإخراج الثمار بتسخيرهما الرياح التي‬
‫كانت تسوق سحب المطار‪ .‬أما «اسطهر» وهو اسم الصبية الواردة في‬
‫القصة اليهودية فهي ذات «عشتاروت» إحدى اللهة الكاذبة التي كان يعبدها‬
‫عبَدة الصنام القدماء‪ ،‬وهي الزهرة‪ ،‬أي الكوب السيار التي ورد اسمها في‬
‫الحاديث التي ذكرناها آنفاً‪ .‬وكان أهل بابل في قديم الزمان يعتقدون أن‬
‫هذا الكوكب السيار إلهة‪ ،‬فكان كل سكان بابل وسوريا يعبدونها‪ ،‬لنهم‬
‫زعموا أنها رئيسة التوليد وإنتاج الذرية‪ ،‬وتوهموا أيضا ً أنها كانت تفرح من‬
‫كل أنواع الفسق والفجور‪ .‬ووجدت كلمة «أشتر» وهو اسمها منقوش في‬
‫قوالب أجر قديمة اكتُشفت في بلد ما بين النهرين‪ ،‬ووجدت كتابة منقوشة‬
‫بالحرف الشورية الثرية القديمة على قوالب اللِّبن المشوي‪ ،‬فإن بعض‬
‫وجدت فيها روايات كثيرة‬ ‫هذه القوالب كانت عند القدماء بمنزلة كتبهم‪ ،‬و ُ‬
‫عن «أشتر» أي الزهرة‪ .‬وهاك ترجمة قصة منها‪ ،‬تُرجمت من اللغة البابلية‬
‫القديمة‪ ،‬فأفادتنا عن شخص وهمي ل وجود له اسمه «جلجميش» عشقته‬
‫«أشتر» ولكنه لم يمل إليها‪« :‬لبس جلجميش تاجه‪ .‬ولما أرادت اللهة أشتر‬
‫أن تستميله إليها قالت له‪ :‬قبِّلني يا جلجميش‪ ،‬ويا ليتك تكون عريسي‪.‬‬
‫أعطني ثمرك عطية‪ ،‬وليتك كنت بعلي وأنا زوجة لك فكنت أركب عربة من‬
‫لزورد وذهب وعجلتاها من ذهب وعريشاها من الماس‪ ،‬وكنا نقطر البغال‬
‫العظيمة إليها يوماً‪ .‬فادخل إلى بيتنا مع عطر السرور‪ .‬غير أن جلجميش‬
‫ض أن يتخذها زوجة له»‪ .‬ثم ذكر في هذه‬ ‫استهزأ بأشتر وأنَّبها ولم ير َ‬
‫القوالب باقي القصة ونصها‪« :‬فاغتاظت اللهة أشتر وصعدت إلى السموات‬
‫ومثلت أمام الله أنو»‪ .‬وهو إله السماء الذي كان يعبده البابليون‪ ،‬وكانوا‬
‫يعتقدون أن اشتر هي ابنته‪ .‬وليس ذلك فقط بل ورد في الكتاب الهندي‬
‫المكتوب بلغة سانسكريت القديمة واسمه «المهابهارته» ما يشبه هذه‬
‫سند» نال في قديم‬ ‫ُ‬
‫سند» و«أب ْ ُ‬‫الخرافة‪ ،‬إذ قيل فيه إن روحين اسمهما « ُ‬
‫الزمان من الله «برهما» فضل ً واستحقاقا ً بواسطة تقشفهما وزهدهما‪.‬‬
‫فتسلطا على السماء والرض واستوليا عليها استيلء‪ .‬فداخل هذا الله‬
‫الجزع لئل تخرج جميع أملكه من يده ما لم يقتل خصميه اللذين شاطراه‬
‫صل إلى إهلكهما خلف حورية اسمها «تلوتما» ووهبها لهما‪.‬‬ ‫الملك‪ .‬وليتو َّ‬
‫ولما شاهدها هذان الخان أخذها «سند» من يدها اليمنى وأخذها «أبسند»‬
‫من يدها اليسرى‪ ،‬ورغب كل منهما أن يتَّخذها قرينة له‪ .‬فنشأ عن ذلك بين‬
‫قتل‪ ،‬فبارك الله‬ ‫الخين العداوة والبغضاء‪ ،‬واستفحل الشر حتى اقتتل ف ُ‬
‫«برهما» الحورية «تلوتما» وأثنى عليها ثناءً جميلً‪ ،‬وقال لها‪ :‬ستحيطين‬
‫بجميع الدنيا التي تشرق عليها الشمس‪ ،‬ول يمكن لحد أن يفتح عينيه فيك‬
‫وق جمالك الرائع الباهر‪( .‬كتاب‬ ‫لعظم بهائك وسنا أشعة زينتك وتف ُّ‬
‫سند وأبسند وباكهيانم» أي قصة سند‬ ‫ُ‬
‫«المهابهارته» في باب رواية « ُ‬
‫وأبسند)‪ .‬فنرى أنه ورد في هذه الخرافة ذكر الصعود إلى الفلك‪ ،‬والحورية‬
‫التي كان جمالها رائعا ً وباهراً‪ ،‬ولو أنها تختلف اختلفا ً قليل ً عن الزهرة‬
‫وأشتر‪ ،‬فالزهرة أشتر (حسب الرواية اليهودية والحاديث السلمية) كانت‬
‫على الرض قبل صعودها إلى الفلك‪ .‬ولكنها حسب الرواية الهندية البابلية‬
‫كانت ذات صلة بالسماء من أول المر‪ ،‬لعتقادهم أن أشتر كانت إلهة‪،‬‬
‫وكذلك «تلوتما» الحورية‪ .‬وهنالك اختلف آخر وهو أن الروحين في الرواية‬
‫الهندية اللذين عشقاها كان أول ً على الرض‪ ،‬ولكنهما في الرواية اليهودية‬
‫والسلمية هبطا من الفلك‪ .‬وقال الهنود إن هذين الخين تناسل من إلهة‬
‫اسمها «دتي» فيكون أصلهما حسب الرواية الهندية أيضا ً من السماء‪.‬‬
‫والحاصل أن جميع هذه القصص تشبه بعضها من وجوه كثيرة‪ ،‬وكانت سائدة‬
‫بين الوثنيين في الزمنة القديمة‪ .‬وقال الباحثون إنه لما كان اليهود يميلون‬
‫إلى الخرافات‪ ،‬أخذوا من عبدة أصنام بابل قصة «أشتر» ولما نسوا أصلها‬
‫ونوها في التلمود‬ ‫اعتقدوا في الزمنة الحديثة أنها حكاية صحيحة‪ ،‬فد َّ‬
‫بالصورة التي وجدوها عليها‪ .‬ولما سمع المسلمون هذه الحكاية من اليهود‬
‫ونوها مختصرة في القرآن كأنها صحيحة‪،‬‬ ‫ولم يعرفوا أنها خرافة‪ ،‬د َّ‬
‫وأوردوها مفصلة في الحاديث‪ .‬وقد قبلها اليهود هذد القصة لنهم أخطأوا‬
‫فهم معنى فقرة في سفر التكوين‪ .‬وكل ما كتب في التلمود عن معاشرة‬
‫الملئكة للنساء الدميات ناشئ عن تفسير تلك الفقرة‪ ،‬وهي‪« :‬وحدث لما‬
‫ولد لهم بنات أن أبناء الله رأوا بنات‬ ‫ابتدأ الناس يكثرون على الرض و ُ‬
‫الناس أنهن حسنات‪ ،‬فاتخذوا لنفسهم نساء من كل ما اختاروا‪ ..‬كان في‬
‫الرض طغاة (في العبرية‪ :‬النفيليم) في تلك اليام‪ .‬وبعد ذلك أيضا ً إذ دخل‬
‫بنو الله على بنات الناس وولدن لهم أولداً‪ .‬هؤلء هم الجبابرة الذين منذ‬
‫الدهر ذوو اسم» (تكوين ‪ 6:1‬و‪ 2‬و‪ .)4‬والقول «أبناء الله» يصف التقياء‬
‫الصالحين الذين تناسلوا من شيث‪ ،‬ابن آدم الثالث‪ .‬والرجح أن معنى كلمة‬
‫نفيل (وجمعها «نفيليم» في العبرية) هو مثل قولنا في اللغة العربية‬
‫«نبيل» وجمعها نبلء‪ .‬وقال البعض إنها تدل على العتاة الذين يتعدّون على‬
‫الضعاف ويظلمونهم‪ .‬وترجم كتاب «ترجوم أونتلوس» كلمة «نفيليم»‬
‫قة‬ ‫َ‬ ‫الواردة في الية المتقدمة بكلمة كلدية معناها بالعربية «الجبابرة» مشت ّ‬
‫من أصل هذه الكلمة العبرية‪ ،‬ول شك أن هذا هو الصواب‪ .‬ولكن لما كان أحد‬
‫مفسري قدماء اليهود (واسمه يوناثان بن عزئيل) يجهل معنى كلمة‬
‫هم أن معناها «الملئكة الساقطين»‬ ‫«نفيليم» العبرية النادرة الستعمال تو َّ‬
‫سر آية تكوين ‪ 4:6‬بأن شمحزاي وعزئيل هبطا من السماء وكانا على‬ ‫فف َّ‬
‫الرض في تلك اليام‪ .‬فمن هنا نرى أن منشأ هذه الخرافة من أولها إلى‬
‫آخرها عن أشتر المذكورة في «مدراش يلكوت» هو الخطأ الذي اقترفه هذا‬
‫الرجل وغيره ممن نحا نحوه‪ ،‬فقبلوا إحدى خرافات عبدة الصنام البابليين‬
‫جهلً‪ ،‬وتوهموا أنها تبين معنى آية في التوراة التبس عليهم معناها فلم‬
‫يفهموها‪ .‬ومع ذلك فل عذر لهم‪ ،‬فإن أحد علماء اليهود المفسرين‪ ،‬وهو‬
‫سر هذه اللفظة وشرح معناها‬ ‫أقدم منهم عهدا ً وزمنا ً وأرسخ منهم قدماً‪ ،‬ف َّ‬
‫الحقيقي الذي التبس عليهم‪ .‬ووصل هذه الخرافات نهايتها القصوى حينما‬
‫فق المنسوب كذبا ً وزورا ً إلى النبي أخنوخ أن عدد‬ ‫ورد في الكتاب المل َّ‬
‫الملئكة الذين هبطوا من السماء بلغ ‪ ،200‬وسبب هبوطهم جميعا ً أنهم‬
‫اقترفوا الفسق مع النساء‪ .‬ونورد هنا الفقرة التية من «كتاب أخنوخ»‬
‫المشار إليه‪ ،‬مترجمة من اللغة الحبشية‪ ،‬لن الصل اليوناني لهذا الكتاب‬
‫وصل إلينا بحالة مهشمة ناقصة‪ .‬وإليك ترجمة هذه العبارة‪« :‬رأت (بنات‬
‫الناس) أن الملئكة وهم أبناء السموات قد افتتنوا بهن‪ ،‬وقالوا بعضهم‬
‫لبعض‪ :‬تعالوا نأخذ لنفسنا زوجات من بنات الناس ونخلف أولدا ً لنفسنا‪.‬‬
‫َ‬
‫فقال لهم سميازا (أي شمحزاي) الذي هو رئيسهم‪ ..‬وعل ّم إزازيل (أي‬
‫عزازيل) بني آدم صناعة السيوف والخناجر والتروس والدروع لصدورهم‪،‬‬
‫وأراهم وأعقابهم ومصنوعاتهم (يعني الساور والحلي) واستعمال الكحل‬
‫لتزجيج أهداب عيونهم‪ ،‬واستعمل جميع أنواع الصباغة المتنوعة وعملة الدنيا‬
‫(أي النقود التي يتعامل بها النسان في هذه الدنيا)»‪( .‬كتاب أخنوخ فصل ‪6‬‬
‫آية ‪ 2‬و‪ 3‬وفصل ‪ 8‬آية ‪ .)1‬هل الله أمسك الجبل فوق رؤوس بنى إسرائيل‬
‫ليوقع الرعب والفزع فى أفئدتهم قصص وفروض اقتبسها المسلمون من‬
‫َ‬
‫اليهود لم تكن مطابقة لنصوص التوراة‪ ،‬بل موافقة للخرافات التي أل ّفها‬
‫كَتَبة اليهود‪ .‬أورد القرآن في قصص يوسف وداود وشاول (طالوت) أموراً‬
‫شتى لم يرد لها ذكر في العهد القديم‪ ،‬ولكنها وردت في خرافات اليهود‪،‬‬
‫منها م الجبل فى القرآن الجبل فى كتب جهال اليهود الجبل فى قصة‬
‫هندية ورد في العراف ‪« 7:171‬وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه‬
‫واقع بهم خذوا ما أتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون»‪ .‬وورد مثله‬
‫في البقرة ‪ 2:63‬و‪ 93‬ومعنى ذلك أن الله سبحانه شرع في إعطاء التوراة‬
‫لبني إسرائيل‪ ،‬ولما رأى منهم عدم الرضى بقبولها رفع أو نتق جبل سيناء‬
‫فوقهم وأمسكه على رؤوسهم ليوقع الرعب والفزع في أفئدتهم‪ .‬وردت‬
‫هذه القصة في الكتاب اليهودي «عبوداه زاراه» الفصل الثاني ونصها‪« :‬قد‬
‫سترتكم بالجبل كغطاء»‪ .‬ول حاجة للقول إن هذه الخرافة ل أثر لها في‬
‫سري اليهود‪ .‬فورد في‬ ‫التوراة‪ ،‬ولكن منشأها وهم وسوء فهم بعض مف ِّ‬
‫سفر الخروج ‪ 32:19‬أنه لما نزل موسى من الجبل ورأى بني إسرائيل‬
‫يعبدون العجل الذي صنعوه‪ ،‬غضب وطرح من يديه اللوحين اللذين كانا‬
‫منقوشا ً فيهما العشر الوصايا وكسرهما في أسفل الجبل‪ .‬فمن قوله «في‬
‫أسفل الجبل» يُفهم أن هذين اللوحين كُسرا عند سفح الجبل وليس تحت‬
‫الجبل‪ .‬ولكن لما كان اليهود الذين في العصور المتأخرة مولعين بالغرائب‪،‬‬
‫لووا معنى الكلمات وصرفوها عن حقيقتها وابتدعوا الخرافة المتقدمة‬
‫لتفسير هذه الية تشبه قصة هندية وردت في مجلة «كتب سانسكريت»‬
‫بخصوص «كرشنا» أحد آلهتهم‪ ،‬فقد رووا أنه في ذات يوم لما رغب أن يقي‬
‫سكان مدينة «كوكلة» مسقط رأسه من غوائل زوبعة وأمطار رفع جبلً‬
‫َ‬
‫اسمه «كووردهنة» من قاعدته الحجرية‪ ،‬وهو أعظم كل الجبال‪ ،‬وعل ّقه‬
‫سبعة أيام وسبع ليال بأطراف أصابعه فوق رؤوسهم كمظلة‪ .‬ول نعرف‬
‫باليقين إذا كان اليهود قد أخذوا هذه القصة من الهنود أم ل‪ ،‬ولكن من‬
‫الواضح أن القصة الواردة في القرآن هي نفس القصة الواردة في كتب‬
‫اليهود‪ .‬ومع ذلك فهذه القصة ويوجد أيضا ً في القرآن غرائب بخصوص ما‬
‫حصل في البرية في أيام موسى‪ ،‬منها قوله إن العجل الذهبي المشار إليه‬
‫خوار» وأنه خار لما أُخرج من أتون النار‪ ،‬فورد في العراف ‪7:148‬‬ ‫«له ُ‬
‫وفي سورة طه ‪ 20:87‬و‪« 88‬فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجل ً جسداً‬
‫له خوار»‪ .‬وأصل هذه القصة موجود في كتاب «فرقى ربي ألعازار» (فصل‬
‫‪ ،)45‬وهاك ترجمة أصل أقواله العبرية‪« :‬وهذا العجل خرج خائرا ً فرآه بنو‬
‫إسرائيل‪ .‬وقال «ربي يهوداه» إن سمائيل كان مختفيا ً في داخله وكان‬
‫يخور ليغش إسرائيل»‪ .‬ول شك أن محمدا ً أخذ هذا النبأ من اليهود الذين‬
‫(من سوء حظه) خدعوه لنهم اختلقوا هذه الخرافة من عالم أوهامهم‪ .‬ولم‬
‫ماه‬‫يلتفت محمد إلى اسم الشخص المذكور في هذه القصة اليهودية‪ ،‬فس ّ‬
‫«السامري»‪ .‬وكثيرا ً ما وردت كلمة «السامري» في العهد الجديد‪ ،‬ومرة في‬
‫العهد القديم‪ .‬وكان اليهود يعتبرون السامريين أعداءهم ويعتقدون أنهم‬
‫زاغوا عن سواء السبيل بسبب الخطأ والجهالة‪ .‬ولكن بما أن مدينة السامرة‬
‫ن إل بعد وفاة موسى بنحو أربعمائة سنة‪ ،‬فيتعذر علينا أن نفهم كيف‬ ‫لم تُب َ‬
‫ماه‪ .‬ل بد أن محمدا ً قصد أن يكتب‬
‫ّ‬ ‫مس‬
‫ُ‬ ‫وجود‬ ‫قبل‬ ‫السم‬ ‫وجود‬ ‫يمكن‬
‫ً‬
‫«السمائيل» عوضا عن السامري‪ .‬ولكن بما أنه لم يكن يعلم أن اليهود‬
‫يسمون ملك الموت «سمائيل» توهم أن هذا هو اسم الرجل الذي صنع‬
‫العجل الذهبي كما هو واضح من منطوق القرآن‪ .‬فالقرآن إذن مخالف‬
‫للتوراة في هذه القضية‪ ،‬لن التوراة ذكرت أن هارون هو الذي صنع العجل‬
‫خوفا ً من اليهود‪ .‬ثم إن ما ذكر في سورة البقرة ‪ 2:51‬وفي النساء ‪4:153‬‬
‫من أن بعض السرائيليين رأوا الله فماتوا‪ ،‬ثم بعثهم وأحياهم ثانية‪ ،‬فهو‬
‫سلت لجلهم‬ ‫مأخوذ من خرافات اليهود‪ ،‬وقد ورد فيها أن التوراة ذاتها تو َّ‬
‫فعادت أرواحهم إلى أجسادهم‪ )1( .‬في اقتباسات أخرى‪:‬‬

You might also like