You are on page 1of 47

‫‪-‬‬

‫مذكرة في التربية‬

‫‪1‬‬
‫المحتويات‬
‫‪.1‬الولد يتعلمون حسبما يعاملون ‪3............................................‬‬
‫‪.2‬خمسين فكرة لزرع الثقة في طفلك‪4...........................................‬‬
‫‪.3‬أساليب التربية ‪6..............................................................‬‬
‫‪.4‬عقاب البناء ‪ ..‬مهارة وفن ‪14.................................................‬‬
‫‪.5‬التربية بالمكافئة ‪27............................................................‬‬
‫‪.6‬التربية بالقصة ‪32..............................................................‬‬

‫الولد يتعلمون حسبما يعاملون‬

‫إذا عومل الولد بإنصاف فإنه يتعلم العدل ‪-‬‬


‫إذا عومل الولد بتشجيع فإنه يتعلم الثقة ‪-‬‬
‫إذا عومل الولد بتأييد فإنه يتعلم عدم الركون للغير ‪-‬‬
‫إذا عومل الولد بتسامح فإنه يتعلم العفو ‪-‬‬
‫إذا عومل الولد بأمان فإنه يتعلم الصدق ‪-‬‬
‫إذا عومل الولد بصداقة فإنه يتعلم حب الخرين ‪-‬‬
‫إذا عومل الولد بالمدح فإنه يتعلم التقدير ‪-‬‬
‫إذا عومل الولد بسخرية فإنه يتعلم النطواء ‪-‬‬
‫إذا عومل الولد بعداوة فإنه يتعلم الكراهية والحقد ‪-‬‬
‫إذا عومل الولد بالقسوة فإنه يتعلم العناد ‪-‬‬
‫إذا عومل الولد بانتقاد فإنه يتعلم التنديد ‪-‬‬
‫إذا عومل الولد بتأنيب فإنه يتعلم الشعور بالذنب ‪-‬‬

‫‪2‬‬
‫خمسين فكرة لزرع الثقة في طفلك‬
‫‪.1‬امدح طفلك أمام الغير‬
‫‪.2‬ل تجعله ينتقد نفسه‪.‬‬
‫‪.3‬قل له(لو سمحت) و(شكرا)‬
‫‪.4‬عامله كطفل واجعله يعيش طفولته‪.‬‬
‫‪.5‬ساعده في اتخاذ القرار بنفسه‪.‬‬
‫‪.6‬علمه السباحة‪.‬‬
‫‪.7‬اجعله ضيف الشرف في إحدى المناسبات‪.‬‬
‫‪.8‬اسأله عن رأيه‪ ,‬وخذ رأيه في أمر من المور‪.‬‬
‫‪.9‬اجعل له ركنا في المنزل لعماله واكتب اسمه على إنجازاته‪.‬‬
‫‪.10‬ساعده في كسب الصداقات‪ ,‬فان الطفال هذه اليام ل يعرفون كيف يختارون‬
‫أصدقائهم‬
‫‪.11‬اجعله يشعر بأهميته ومكانته وأن له قدرات وهبها ال له ‪.‬‬
‫‪.12‬علمه أن يصلي معك واغرس فيه مبادئ اليمان بال‪.‬‬
‫‪.13‬علمه مهارات إبداء الرأي والتقديم وكيف يتكلم ويعرض ما عنده للناس‪.‬‬
‫‪.14‬علمه كيف يقراء التعليمات ويتبعها‪.‬‬
‫‪.15‬علمه كيف يضع لنفسه مبادئ وواجبات ويتبعها وينفذها‪.‬‬
‫‪.16‬علمه مهارة السعافات الولية‪.‬‬
‫‪.17‬أجب عن جميع أسئلته‬
‫‪.18‬أوف بوعدك له‪.‬‬
‫‪.19‬علمه مهارة الطبخ البسيط كسلق البيض وقلي البطاطا وتسخين الخبز وغيرها‪.‬‬
‫‪.20‬عرفه بقوة البركة وأهمية الدعاء‪.‬‬
‫‪.21‬علمه كيف يعمل ضمن فريقه‪.‬‬
‫‪.22‬شجعه على توجيه السئلة‪.‬‬
‫‪.23‬أجعله يشعر أن له مكانة بين أصدقائه‪.‬‬
‫‪.24‬أفصح عن أسباب أي قرار تتخذه‪.‬‬
‫‪.25‬كن في أول يوم من أيام المدرسة معه‪.‬‬
‫‪.26‬ارو له قصصا من أيام طفولتك‪.‬‬
‫‪.27‬اجعل طفلك يلعب دور المدرس وأنت تلعب دور التلميذ‪.‬‬
‫‪.28‬علم طفلك كيف يمكن العثور عليه عندما يضيع‪.‬‬
‫‪.29‬علمه كيف يرفض ويقول (ل) للخطأ‪.‬‬
‫‪.30‬علمه كيف يمنح ويعطي‪.‬‬
‫‪.31‬أعطه مال يكفي ليتصرف به عند الحاجة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪.32‬شجعه على الحفظ والستذكار‪.‬‬
‫‪.33‬علمه كيف يدافع عن نفسه وجسده‪.‬‬
‫‪.34‬اشرح له ما يسأل عنه من شبهات وشكوك في نفسه‪.‬‬
‫‪.35‬ل تهدده على الطلق‪.‬‬
‫‪.36‬أعطه تحذيرات مسبقة‪.‬‬
‫‪.37‬علمه كيف يواجه الفشل‪.‬‬
‫‪.38‬علمه كيف يستثمر ماله‪.‬‬
‫‪.39‬جرب شيئا جديدا له ولك في آن معا مع معرفة النتائج مسبقا‪.‬‬
‫‪.40‬علمه كيف يصلح أغراضه ويرتبها‪.‬‬
‫‪.41‬شاطره في أحلمه وطموحاته وشجعه على ان يتمنى‪.‬‬
‫‪.42‬علمه عن اختلف الجنسين بين الذكر والنثى من وحي آيات القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪.43‬علمه القيم والمبادئ السليمة والكريمة‪.‬‬
‫‪.44‬علمه كيف يتحمل مسؤولية تصرفاته‪.‬‬
‫‪.45‬امدح أعماله وإنجازاته وعلمه كتابتها‪.‬‬
‫‪.46‬علمه كيف يتعامل مع الحيوان الليف‪.‬‬
‫‪.47‬اعتذر له عن أي خطأ واضح يصدر منك‪.‬‬
‫‪ ..48‬اجعل له يوما فيه مفاجآت‪.‬‬
‫‪.49‬عوده على قراءة القرآن كل يوم‪.‬‬
‫‪.50‬أخبره انك تحبه وضمه إلى صدرك‪ ,‬فهذا يزرع فيه الثقة بنفسه‬

‫‪4‬‬
‫أساليب‬
‫التربية‬

‫‪5‬‬
‫أساليب التربية‬
‫للتربية أساليب متعددة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫أولً‪ :‬التربية بالملحظة‪:‬‬


‫تعد هذه التربية أساسا جسّده النبي _صلى ال عليه وسلم_ في ملحظته لفراد المجتمع تلك‬
‫الملحظة التي يعقبها التوجيه الرشيد‪ ،‬والمقصود بالتربية بالملحظة ملحقة الولد وملزمته في‬
‫التكوين العقيدي والخلقي‪ ،‬ومراقبته وملحظته في العداد النفسي والجتماعي‪ ،‬والسؤال‬
‫المستمر عن وضعه وحاله في تربيته الجسمية وتحصيله العلمي‪ ،‬وهذا يعني أن الملحظة ل بد أن‬
‫تكون شاملة لجميع جوانب الشخصية‪.‬‬

‫ويجب الحذر من أن تتحول الملحظة إلى تجسس‪ ،‬فمن الخطأ أن نفتش غرفة الولد المميز‬
‫ونحاسبه على هفوة نجدها؛ لنه لن يثق بعد ذلك بالمربي‪ ،‬وسيشعر أنه شخص غير موثوق به‪،‬‬
‫وقد يلجأ إلى إخفاء كثير من الشياء عند أصدقائه أو معارفه‪ ،‬ولم يكن هذا هدي النبي _صلى ال‬
‫عليه وسلم_ في تربيته لبنائه وأصحابه‪.‬‬

‫كما ينبغي الحذر من التضييق على الولد ومرافقته في كل مكان وزمان؛ لن الطفل وبخاصة‬
‫المميز والمراهق يحب أن تثق به وتعتمد عليه‪ ،‬ويحب أن يكون رقيبا على نفسه‪ ،‬ومسؤولً عن‬
‫تصرفاته‪ ،‬بعيدا عن رقابة المربي‪ ،‬فتتاح له تلك الفرصة باعتدال‪.‬‬
‫وعند التربية بالملحظة يجد المربي الخطاء والتقصير‪ ،‬وعندها ل بد من المداراة التي تحقق‬
‫المطلوب دون إثارة أو إساءة إلى الطفل‪ ،‬والمداراة هي الرفق في التعليم وفي المر والنهي‪ ،‬بل‬
‫إن التجاهل أحيانا يعد السلوب المثل في مواجهة تصرفات الطفل التي يستفز بها المربي‪،‬‬
‫وبخاصة عندما يكون عمر الطفل بين السنة والنصف والسنة الثالثة‪ ،‬حيث يميل الطفل إلى جذب‬
‫النتباه واستفزاز الوالدين والخوة‪ ،‬فل بد عندها من التجاهل؛ لن إثارة الضجة قد تؤدي إلى‬
‫تشبثه بذلك الخطأ‪ ،‬كما أنه ل بد من التسامح أحيانا؛ لن المحاسبة الشديدة لها أضرارها التربوية‬
‫والنفسية‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ثانيا‪ :‬التربية بالعادة‪:‬‬

‫المبحث الول‪ :‬أصول التربية بالعادة‪:‬‬


‫الصل في التربية بالعادة حديث النبي _صلى ال عليه وسلم_ في شأن الصلة؛ لن التكرار الذي‬
‫يدوم ثلث سنوات كفيل بغرس العبادة حتى تصبح عادة راسخة في النفس‪ ،‬وكذلك إرشاد ابن‬
‫مسعود – رضي ال عنه – حيث قال‪" :‬وعودوهم الخير‪ ،‬فإن الخير عادة"‪ ،‬وبهذا تكون التربية‬
‫بالعادة ليست خاصة بالشعائر التعبدية وحدها‪ ،‬بل تشمل الداب وأنماط السلوك‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬كيفية التربية بالعادة‪:‬‬


‫ولكي نعوّد الطفل على العبادات والعادات الحسنة يجب أن نبذل الجهود المختلفة ليتم تكرار‬
‫العمال والمواظبة عليها بالترغيب والترهيب والقدوة والمتابعة وغيرها من الوسائل التربوية‪.‬‬

‫يبدأ تكوين العادات في سن مبكرة جدا‪ ،‬فالطفل في شهره السادس يبتهج بتكرار العمال التي تسعد‬
‫من حوله‪ ،‬وهذا التكرار يكون العادة‪ ،‬ويظل هذا التكوين حتى السابعة‪ ،‬وعلى الم أن تبتعد عن‬
‫الدلل منذ ولدة الطفل‪ ،‬ففي اليوم الول يحس الطفل بأنه محمول فيسكت‪ ،‬فإذا حمل دائما صارت‬
‫عادته‪ ،‬وكذلك إذا كانت الم تسارع إلى حمله كلما بكى‪ ،‬ولتحذر الم كذلك من إيقاظ الرضيع‬
‫ليرضع؛ لنها بذلك تنغص عليه نومه وتعوده على طلب الطعام في الليل والستيقاظ له وإن لم‬
‫يكن الجوع شديدا‪ ،‬وقد تستمر هذه العادة حتى سن متأخرة‪ ،‬فيصعب عليه تركها‪ ،‬ويخطئ بعض‬
‫المربين إذ تعجبهم بعض الكلمات المحرمة على لسان الطفل فيضحكون منها‪ ،‬وقد تكون كلمة‬
‫نابية‪ ،‬وقد يفرحون بسلوك غير حميد لكونه يحصل من الطفل الصغير‪ ،‬وهذا العجاب يكون‬
‫العادة من حيث ل يشعرون‪.‬‬

‫وترجع أهمية التربية بالعادة إلى أن حسن الخلق بمعناه الواسع يتحقق من وجهين‪ ،‬الول‪ :‬الطبع‬
‫ل على الدين والخلق الفاضل كان‬
‫والفطرة‪ ،‬والثاني‪ :‬التعود والمجاهدة‪ ،‬ولما كان النسان مجبو ً‬
‫تعويده عليه يرسخه ويزيده‪.‬‬

‫ولكي نعوّد الطفل على العبادات والعادات الحسنة يجب أن نبذل الجهود المختلفة ليتم تكرار‬
‫العمال والمواظبة عليها بالترغيب والترهيب والقدوة والمتابعة وغيرها من الوسائل التربوية‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ثالثا‪ :‬التربية بالشارة‪:‬‬
‫تستخدم التربية بالشارة في بعض المواقف كأن يخطئ الطفل خطأ أمام بعض الضيوف أو في‬
‫جمَع كبير‪ ،‬أو أن يكون أول مرة يصدر منه ذلك‪ ،‬فعندها تصبح نظرة الغضب كافية أو الشارة‬ ‫َم ْ‬
‫خفية باليد؛ لن إيقاع العقوبة قد يجعل الطفل معاندا؛ لن الناس ينظرون إليه‪ ،‬ولن بعض الطفال‬
‫يخجل من الناس فتكفيه الشارة‪ ،‬ويستخدم كذلك مع الطفل الديب المرهف الحس‪.‬‬

‫ل صنع كذا وكذا وعمله عمل ذميم‪ ،‬ولو كرر ذلك‬ ‫ويدخل ضمنه التعريض بالكلم‪ ،‬فيقال‪ :‬إن طف ً‬
‫لعاقبته‪ ،‬وهذا السلوب يحفظ كرامة الطفل ويؤدب بقية أهل البيت ممن يفعل الفعل نفسه دون علم‬
‫المربي‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬التربية بالموعظة وهدي السلف فيها‪:‬‬


‫تعتمد الموعظة على جانبين‪ ،‬الول‪ :‬بيان الحق وتعرية المنكر‪ ،‬والثاني‪ :‬إثارة الوجدان‪ ،‬فيتأثر‬
‫الطفل بتصحيح الخطأ وبيان الحق وتقل أخطاؤه‪ ،‬وأما إثارة الوجدان فتعمل عملها؛ لن النفس فيها‬
‫استعداد للتأثر بما يُلقى إليها‪ ،‬والموعظة تدفع الطفل إلى العمل المرغب فيه‪.‬‬

‫ومن أنواع الموعظة‪:‬‬


‫‪ -1‬الموعظة بالقصة‪ :‬وكلما كان القاص ذا أسلوب متميز جذاب استطاع شد انتباه الطفل والتأثير‬
‫فيه‪ ،‬وهو أكثر الساليب نجاحا‪.‬‬

‫‪ -2‬الموعظة بالحوار‪ :‬تشد النتباه وتدفع الملل إذا كان العرض حيويا‪ ،‬وتتيح للمربي أن يعرف‬
‫الشبهات التي تقع في نفس الطفل فيعالجها بالحكمة‪.‬‬

‫‪ -3‬الموعظة بضرب‪ :‬المثل الذي يقرب المعنى ويعين على الفهم‪.‬‬

‫‪ -4‬الموعظة بالحدث‪ :‬فكلما حدث شيء معين وجب على المربي أن يستغله تربويا‪ ،‬كالتعليق على‬

‫مشاهد الدمار الناتج عن الحروب والمجاعات ليذكر الطفل بنعم ال‪ ،‬ويؤثر هذا في النفس؛ لنه في‬
‫لحظة انفعال و ِرقّة فيكون لهذا التوجيه أثره البعيد‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫وهدي السلف في الموعظة‪ :‬الخلص والمتابعة‪ ،‬فإن لم يكن المربي عاملً بموعظته أو غير‬
‫مخلص فيها فلن تفتح له القلوب‪ ،‬ومن هديهم مخاطبة الطفل على قدر عقله والتلطف في مخاطبته‬
‫ليكون أدعى للقبول والرسوخ في نفسه‪ ،‬كما أنه يحسن اختيار الوقت المناسب فيراعي حالة الطفل‬
‫النفسية ووقت انشراح صدره وانفراده عن الناس‪ ،‬وله أن يستغل وقت مرض الطفل؛ لنه في تلك‬
‫الحال يجمع بين رقة القلب وصفاء الفطرة‪ ،‬وأما وعظه وقت لعبه أو أمام الباعد فل يحقق الفائدة‪.‬‬

‫حذَر المربي من كثرة الوعظ فيتخوّل بالموعظة ويراعي الطفل حتى ل يملّ‪ ،‬ولن‬
‫ويجب أن َي ْ‬
‫تأثير الموعظة مؤقت فيحسن تكرارها مع تباعد الوقات‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬التربية بالترغيب والترهيب وضوابطها‪:‬‬


‫الترهيب والترغيب من العوامل الساسية لتنمية السلوك وتهذيب الخلق وتعزيز القيم الجتماعية‪.‬‬

‫المبحث الول‪ :‬الترغيب‪:‬‬


‫ويمثل دورا مهما وضروريا في المرحلة الولى من حياة الطفل؛ لن العمال التي يقوم بها لول‬
‫مرة شاقة تحتاج إلى حافز يدفعه إلى القيام بها حتى تصبح سهلة‪ ،‬كما أن الترغيب يعلمه عادات‬
‫وسلوكيات تستمر معه ويصعب عليه تركها‪.‬‬

‫ل درجاته فابتسامة الرضا والقبول‪ ،‬والتقبيل والضم‪،‬‬


‫والترغيب نوعان‪ :‬معنوي ومادي‪ ،‬ولك ّ‬
‫والثناء‪ ،‬وكافة العمال التي تُبهج الطفل هي ترغيبٌ في العمل‪.‬‬
‫ويرى بعض التربويين أن تقديم الثابة المعنوية على المادية أولى؛ حتى نرتقي بالطفل عن حب‬
‫المادة‪ ،‬وبعضهم يرى أن تكون الثابة من جنس العمل‪ ،‬فإن كان العمل ماديا نكافئه ماديا والعكس‪.‬‬

‫وهناك ضوابط خاصة تكفل للمربي نجاحه‪ ،‬ومنها‪:‬‬


‫• أن يكون الترغيب خطوة أولى يتدرج الطفل بعدها إلى الترغيب فيما عند ال من ثواب دنيوي‬
‫وأخروي‪ ،‬فمثلً يرغب الطفل في حسن الخلق بالمكافأة ثم يقال له‪ :‬أحسن خلقك لجل أن يحبك‬
‫والدك وأمك‪ ،‬ثم يقال ليحبك ال ويرضى عنك‪ ،‬وهذا التدرج يناسب عقلية الطفل‪.‬‬
‫• أل تتحول المكافأة إلى شرط للعمل‪ ،‬ويتحقق ذلك بأل يثاب الطفل على عمل واجب كأكله‬
‫وطعامه أو ترتيبه غرفته‪ ،‬بل تقتصر المكافأة على السلوك الجديد الصحيح‪ ،‬وأن تكون المكافأة‬
‫دون وعد مسبق؛ لن الوعد المسبق إذا كثر أصبح شرطا للقيام بالعمل‪.‬‬
‫• أن تكون بعد العمل مباشرة‪ ،‬في مرحلة الطفولة المبكرة‪ ،‬وإنجاز الوعد حتى ل يتعلم الكذب‬
‫وإخلف الوعد‪ ،‬وفي المرحلة المتأخرة يحسن أن نؤخر المكافأة بعد وعده ليتعلم العمل للخرة‪،‬‬
‫ولنه ينسى تعب العمل فيفرح بالمكافأة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الترهيب‪:‬‬
‫أثبتت الدراسات الحديثة حاجة المربي إلى الترهيب‪ ،‬وأن الطفل الذي يتسامح معه والداه يستمر في‬
‫إزعاجهما‪ ،‬والعقاب يصحح السلوك والخلق‪ ،‬والترهيب له درجات تبدأ بتقطيب الوجه ونظرة‬
‫الغضب والعتاب وتمتد إلى المقاطعة والهجر والحبس والحرمان من الجماعة أو الحرمان المادي‬
‫والضرب وهو آخر درجاتها‪.‬‬

‫ويجدر بالمربي أن يتجنب ضرب الطفل قدر المكان‪ ،‬وإن كان ل بد منه ففي السن التي يميز فيها‬
‫ويعرف مغزى العقاب وسببه‪.‬‬

‫‪:‬وللترهيب ضوابط‪ ،‬منها‬


‫• أن الخطأ إذا حدث أول مرة فل يعاقب الطفل‪ ،‬بل يعلم ويوجه‪.‬‬

‫• يجب إيقاع العقوبة بعد الخطأ مباشرة مع بيان سببها وإفهام الطفل خطأ سلوكه؛ لنه ربما ينسى‬
‫ما فعل إذا تأخرت العقوبة‪.‬‬

‫• إذا كان خطأ الطفل ظاهرا أمام إخوانه وأهل البيت فتكون معاقبته أمامهم؛ لن ذلك سيحقق‬
‫وظيفة تربوية للسرة كلها‪.‬‬

‫• إذا كانت العقوبة هي الضرب فينبغي أن يسبقها التحذير والوعيد‪ ،‬وأن يتجنب الضرب على‬
‫الرأس أو الصدر أو الوجه أو البطن‪ ،‬وأن تكون العصا غير غليظة‪ ،‬ومعتدلة الرطوبة‪ ،‬وأن يكون‬
‫الضرب من واحدة إلى ثلث إذا كان دون البلوغ‪ ،‬ويفرقها فل تكون في محل واحد‪ ،‬وإن ذكر‬
‫الطفل ربه واستغاث به فيجب إيقاف الضرب؛ لنه بذلك يغرس في نفس الطفل تعظيم ال‪.‬‬

‫• ويجب أن يتولى المربي الضرب بنفسه حتى ل يحقد بعضهم على بعض‪.‬‬

‫• أل يعاقبه حال الغضب؛ لنه قد يزيد في العقاب‪.‬‬

‫• أن يترك معاقبته إذا أصابه ألم بسبب الخطأ ويكفي بيان ذلك‪.‬‬

‫‪:‬المبحث الثالث‪ :‬ضوابط التربية بالترغيب والترهيب‬


‫‪10‬‬
‫وهذه الضوابط _بإذن ال_ تحمي الطفل من المراض النفسية‪ ،‬والنحرافات الخلقية‪،‬‬
‫والختللت الجتماعية‪ ،‬وأهم هذه الضوابط‪:‬‬

‫‪ -1‬العتدال في الترغيب والترهيب‪:‬‬


‫لعل أكثر ما تعانيه الجيال كثرة الترهيب والتركيز على العقاب البدني‪ ،‬وهذا يجعل الطفل قاسيا‬
‫في حياته فيما بعد أو ذليلً ينقاد لكل أحد‪ ،‬ولذا ينبغي أن يتدرج في العقوبة؛ لن أمد التربية طويل‬
‫وسلم العقاب قد ينتهي بسرعة إذا بدأ المربي بآخره وهو الضرب‪ ،‬وينبغي للمربي أن يتيح للشفعاء‬
‫فرصة الشفاعة والتوسط للعفو عن الطفل‪ ،‬ويسمح له بالتوبة ويقبل منه‪ ،‬كما أن الكثار من‬
‫الترهيب قد يكون سببا في تهوين الخطاء والعتياد على الضرب‪ ،‬ولذا ينبغي الحذر من تكرار‬
‫عقاب واحد بشكل مستمر‪ ،‬وكذلك إذا كان أقل من اللزم‪،‬‬

‫وعلى المربي أل يكثر من التهديد دون العقاب؛ لن ذلك سيؤدي إلى استهتاره بالتهديد‪ ،‬فإذا أحس‬
‫المربي بذلك فعليه أن ينفذ العقوبة ولو مرة واحدة ليكون مهيبا‪.‬‬
‫والخروج عن العتدال في الثابة يعوّد على الطمع ويؤدي إلى عدم قناعة الطفل إل بمقدار أكثر‬
‫من السابق‪.‬‬

‫كما يجب على المربي أن يبتعد عن السب والشتم والتوبيخ أثناء معاقبته للطفل؛ لن ذلك يفسده‬
‫ويشعره بالذلة والمهانة‪ ،‬وقد يولد الكراهية‪ ،‬كما أن على المربي أن يبين للطفل أن العقاب‬
‫لمصلحته ل حقدا عليه‪.‬‬

‫وليحذر المربي من أن يترتب على الترهيب والترغيب الخوف من المخلوقين خوفا يطغى على‬
‫الخوف من الخالق _سبحانه_‪ ،‬فيخوّف الطفل من ال قبل كل شيء‪ ،‬ومن عقابه في الدنيا والخرة‪،‬‬
‫وليحذر أن يغرس في نفسه مراعاة نظر الخلق والخوف منهم دون مراقبة الخالق والخوف من‬
‫غضبه‪ ،‬وليحذر كذلك من تخويف الطفل بالشرطي أو الطبيب أو الظلم أو غيرها؛ لنه يحتاج إلى‬
‫هؤلء‪ ،‬ولن خوفه منهم يجعله جبانا‪.‬‬

‫وبعض المربين يكثر من تخويف الطفل بأن ال سيعذبه ويدخله النار‪ ،‬ول يذكر أن ال يرزق‬
‫ويشفي‬

‫ويدخل الجنة فيكون التخويف أكثر مما يجعل الطفل ل يبالي بذكره النار؛ لكثرة ترديد الهل‬
‫"ستدخل النار" أو "سيعذبك ال؛ لنك فعلت كذا"‪ ،‬ولذا يحسن أن نوازن بين ذكر الجنة والنار‪ ،‬ول‬
‫نحكم على أحد بجنة أو نار‪ ،‬بل نقول‪ :‬إن الذي ل يصلي ل يدخل الجنة ويعذب بالنار‪.‬‬

‫‪ -2‬مراعاة الفروق الفردية‪:‬‬

‫‪11‬‬
‫تتجلى حكمة المربي في اختياره للسلوب التربوي المناسب من أوجه عدة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫• أن يتناسب الترهيب والترغيب مع عمر الطفل‪ ،‬ففي السنة الولى والثانية يكون تقطيب الوجه‬
‫كافيا عادة أو حرمانه من شيء يحبه‪ ،‬وفي السنة الثالثة حرمانه من ألعابه التي يحبها أو من‬
‫الخروج إلى الملعب‪.‬‬

‫• أن يتناسب مع الخطأ‪ ،‬فإذا أفسد لعبته أو أهملها يُحرم منها‪ ،‬وإذا عبث في المنزل عبثا يصلُح‬
‫بالترتيب كُلّف بذلك‪ ،‬ويختلف عن العبث الذي ل مجال لصلحه‪.‬‬

‫• أن يتناسب مع شخصية الطفل‪ ،‬فمن الطفال من يكون حساسا لينا ذا حياء يكفيه العتاب‪ ،‬ومنهم‬
‫من يكون عنيدا فل ينفع معه إل العقاب‪ ،‬ومنهم من حرمانه من لعبه أشد من ضربه‪ ،‬ومنهم من‬
‫حرمانه من أصدقائه أشد من حرمانه من النقود أو الحلوى‪.‬‬

‫• أن يتناسب مع المواقف‪ ،‬فأحيانا يكون الطفل مستخفيا بالخطأ فيكون التجاهل والعلج غير‬
‫المباشر هو الحل المثل‪ ،‬وإن عاد إليه عوقب سرا؛ لنه إن هتك ستره نزع عنه الحياء فأعلن ما‬
‫كان يسر‪.‬‬

‫وقد يخطئ الطفل أمام أقاربه أو الغرباء‪ ،‬فينبغي أن يكون العقاب بعد انفراد الطفل عنهم؛ لن‬
‫عقابه أمامهم يكسر نفسه فيحس بالنقص‪ ،‬وقد يعاند ويزول حياؤه من الناس‪.‬‬

‫• المراوحة بين أنواع الثواب والعقاب؛ لن التكرار يفقد الوسيلة أثرها‪.‬‬

‫• مراعاة الفروق الفردية في التربية فالولد البالغ أو المراهق يكون عقابه على انفراد؛ لنه أصبح‬
‫كبيرا‪ ،‬ويجب أن يحترمه إخوانه الصغار‪ ،‬ويعاتَب أمامهم عتابا إذا كان الخطأ معلنا؛ لن تأنيبه‬
‫ل في العلقة بين المراهق والمربي‪ ،‬ويكون ذلك أوجب في حق‬ ‫والقسوة عليه في الكلم يحدثان خل ً‬
‫الولد البكر من الذكور؛ لنه قدوة‪ ،‬وهو رجل البيت إذا غاب والده أو مرض أو مات‪.‬‬

‫• ومن الفروق الفردية جنس الطفل فالبنت يكفيها من العقاب ما ل يكفي الذكر عادة؛ لن جسدها‬
‫ضعيف وهي تخاف أكثر وتنقاد بسهولة‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫عقاب البناء ‪..‬‬
‫مهارة وفن‬

‫عقاب البناء ‪ ..‬مهارة وفن‬


‫‪13‬‬
‫إن التربية ل تعني الشدة والضرب والتحقير ‪ ،‬كما يظن الكثير ‪ ،‬وإنما هي مساعدة الناشئ‬
‫للوصول إلى أقصى كمال ممكن ‪ ...‬هذا وإن ديننا الحنيف رفع التكليف عن الصغار‪ ،‬ووجه إلى‬
‫العقاب كوسيلة مساعدة للمربي ليعالج حالة معينة قد ل تصلح إل بالعقاب الـمـنـاسـب‬
‫الـرادع‪ ،‬وذلـك بـعـد سـن التمييز كما يبدو من الحديث النبوي الشريف‪ :‬مــروا أولدكـم‬
‫بالصلة ‪ ،‬وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر« ونستشف من هذا الحديث‬
‫الشريف أن الضرب من أجــل تعويد الطفل الصلة ل يصح قبل سن العاشرة ‪ ،‬ويحسن أن‬
‫يكون التأديب بغير الضرب قـبـل هـذه الـسـن ‪ .‬وأمـا نـوعـيـة العقاب فليس من‬
‫الضروري إحداث اللم فيه ‪ ،‬فالتوبيخ العادي الخفيف ‪ ،‬ولهجة الصوت القاسية مثلً يحدثان عند‬
‫الطفل حسن التربية نفس التأثير الذي يحدثه العقاب الجسمـي الشديد عند من عود على ذلك ‪.‬‬
‫وكلما ازداد العقاب قل تأثيره على الطفل ‪ ،‬بل ربما يـؤدي إلـى الـعـصـيـان وعدم‬
‫الستقـرار ‪ .‬فالعقـاب يجب أن يتناسب مع العمر ‪ ،‬إذ ليس من العدل عقاب الطـفـل فـي‬
‫السنة الولـى أو الـثانية من عمره ‪ ،‬فتقطيب الوجه يكفي مع هذه السن ‪ ،‬إذ أن الطفل ل يدرك‬
‫معنى العـقـاب بعد ‪ .‬وفي السنة الثالثة قد تؤخذ بعض ألعاب الطفل لقاء ما أتى من عمل شاذ‪.‬‬

‫ول يصح بحال أن يكـون العقـاب سخرية وتشهيرا أو تنابزا باللـقـاب ‪ ،‬كما قال تعالى ‪(( :‬يَا‬
‫عسَى أَن‬
‫عسَى أَن َيكُونُوا خـيْرا ّم ْنهُمْ ول ِنسَا ٌء مّن ّنسَاءٍ َ‬
‫سخَ ْر قَ ْومٌ مّن قَ ْومٍ َ‬ ‫ن آ َمنُوا ل َي ْ‬
‫َأ ّيهَا اَلذِي َ‬
‫سكُمْ ول َتنَا َبزُوا بِالَلْـقَـابِ)) [ الحجرات‪ ]11:‬أين هذا التأديب‬ ‫خيْرا ّم ْنهُنّ ول تَ ْل ِمزُوا أَن ُف َ‬‫ن َ‬ ‫َيكُ ّ‬
‫الرباني ممن ينادون أبناءهم ‪ :‬يا أعور ‪ ،‬يا أعرج ‪ ،‬فيمتهنون كرامتهم ‪ ..‬أو يعيرونهم فيجرئونهم‬
‫على الباطل بندائهم ‪ :‬يا كذاب ‪ ...‬يا لص ‪.‬‬

‫وقد يلجأ الهل لهذا وفقا لنموذج اجتماعي وأخلقي ‪.‬‬

‫ويعود ضرب البناء من قبل آبائهم إلى أسباب اجتماعية‬


‫ونفسية وثقافية منها‪:‬‬

‫‪.1‬الجهل التربوي‪:‬‬
‫العديد من الهل ل يدركون الثار السلبية لسلوب التسلط على شخصية الطفل ومستقبله‪.‬‬

‫‪.2‬أسلوب التسلط‪:‬‬
‫قد ينعكس هذا السلوب على الهل من التربية التي عاشوها في صغرهم‪.‬‬

‫‪.3‬العتقاد‪:‬‬

‫‪14‬‬
‫بأن أسلوب العنف هو فقط المجدي من أجل ضبط النظام والهدوء في البيت وهو أسهل‬
‫الساليب للوصول إلى الهدف‪.‬‬

‫قد يدرك بعض الهل الثار السلبية لضرب البناء فيمتنعون عن استخدامه ويلجأون لسلوب‬
‫التهكم والسخرية‪ ،‬العقوبة المعنوية والتي ل تقل تأثيرا على نفسية أبنائهم‪.‬‬

‫‪.4‬الظروف الجتماعية‪:‬‬
‫التي يمر بها الهل في العمل والبيت قد يفرغها أحد الوالدين في إطار السرة مما ينعكس‬
‫سلبا على نمو ونفسية أطفالهم‪.‬‬

‫آثار العقاب الجسدي على البناء‬


‫إن الطفال الذين يتعرضون للقهر أو للتخويف أو للضرب يحاولون الحصول على القوة من خلل‬
‫النتقام الذي يوجهونه للخرين لنهم يحسون باللم وسوف يمارسون كل نشاط يؤدي الى إيذاء‬
‫الخرين‪ ،‬فالنتقام عند طفل الثانية قد يحدث من خلل بعثرة أطباق الطعام وبعد بلوغه قد يكون‬
‫النتقام من خلل الجنوح ومقارعة القيم الجتماعية‪.‬‬

‫ويؤكد الخصائي النفسي سامي محاجنة المحاضر في جامعة حيفا أن تأثيرات العقاب على الفرد‬
‫قد تتراوح من تأثيرات بسيطة الى تأثيرات مرضية‪،‬‬

‫•فمن الناحية الولى البسيطة قد ل يتعلم الطفل شيئا بواسطة العقاب ونحن أصل أردنا‬
‫بالعقاب تعليمه أشياء مرغوبة ومنعه عن أمور غير مرغوب بها‪ ،‬وذلك لن العقاب‬
‫أصل معروف على أنه وسيلة لقمع سلوك غير مرغوب به‪ .‬من خلل هذا التعريف ل‬
‫يمكن للطفل أن يتعلم أشياء جديدة أو ما هي الشياء المرغوب بها‪ ،‬بالتالي استعمال‬
‫العقاب يؤدي الى تقليل احتمالت السلوك بما أنه ل يتم تعليم الطفل أشياء جديدة وإنما‬
‫فقط قمع سلوكيات غير مرغوب بها‪.‬‬
‫•من الناحية الكثر شدة ‪ ،‬استعمال العقاب القاسي والمتكرر قد يؤدي الى نمو نماذج‬
‫سلوك مرضية أولها سلوك خنوع بمعنى أنه تنعدم اليه المبادرة والستقللية والتي قد‬
‫تترجم بالحياة اليومية الى ما نسميه الخجل لكن بشكل مبالغ فيه حيث ينعدم استعداد‬
‫الطفل التعبير عن قدراته كذلك قد ينشأ لديه شعور بالشك بقدراته وذلك لنه عوقب‬

‫‪15‬‬
‫على سلوكيات قام بها وذلك بالنسبة له يعني انه غير قادر على تنسيق سلوكيات‬
‫ترضي والديه‪.‬‬
‫•من الناحية الخرى قد يتكون داخله تراكم لغضب وخيبات أمل كثيرة التي قد تترجم‬
‫بحالت معينة الى انفجارات عنف وغضب شديدة مستقبل هذه السلوكيات قد تصبح‬
‫أشد‪ ،‬مما يؤدي الى رؤية شخصية سلبية تجاه الذات والصعب كما تشدد البحاث أنه‬
‫غالبا ما يتحول هذا الطفل المعاقب الى أم أو أب معاقب‪.‬‬

‫وقد صدرت مؤخرا من جامعة نيو هامشبر البريطانية دراسة علمية تؤكد أن التلميذ الذين‬
‫تعرضوا للضرب كثيرا في المنزل تدهورت قدراتهم في التفكير والقراءة والحساب‪.‬‬

‫ويؤكد العامل الجتماعي أحمد سليمان أن هناك تأثيرا آخر للعقاب البدني على الطفل يتمثل في‬
‫تكوين ميول واتجاهات سلبية نحو الشخص المعاقب مثل كراهية الب والم أو المعلم وتظل هذه‬
‫الكراهية سببا يعوق تقدمه دائما في الحياة العملية وتحول دون أن يكون عضوا مؤثرا في مجتمعه‪،‬‬
‫كما وأكد على ظاهرة وراثة العنف من الباء الى البناء وأشار الى دراسة علمية تبين أن ‪٪96‬‬
‫من الباء الذين يضربون أبناءهم قد تعرضوا للضرب في صغرهم‪.‬‬

‫العقاب بعيدا عن الضرب‬


‫يؤكد الستاذ سامي محاجنة أن الفائدة من العقاب تنتهي فور انتهاء استعماله بمعنى أن الفائدة منه‬
‫جارية ما دام استعماله وفي اللحظة التي يتوقف بها استعمال العقاب تتوقف أيضا الفائدة منه‪.‬‬

‫كذلك فائدة أخرى للعقاب هي مفعوليته السريعة أي أننا نصل الى النتائج بسرعة لكن من الناحية‬
‫الخرى بواسطة العقاب ونتيجة مفعوليته السريعة هذه ل تتاح أمام الفرد ( الطفل المعاقب في هذه‬
‫الحالة) أن يتعلم ما هو العمل الصحيح بدل ذلك الذي عوقب من أجله‪.‬‬

‫خلصة القول‪ :‬إن الفائدة من العقاب محدودة جدا هذا إذا أخذنا بعين العتبار هذين المرين‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫معنى ذلك‪ ،‬أنه من الواجب نهج سبل أخرى تتيح لنا بنفس الوقت أن تكون مفعولية الوسيلة دائمة‬
‫قدر المكان وكذلك يستطيع الفرد (الطفل المعاقب ) أن يتعلم ما هو السلوك الصحيح‪ ،‬هذه السبل‬
‫أصعب ما تتطلب هي صبر طويل وال ننتظر النتائج الفورية مثلما ننتظر ذلك عندما نستعمل‬
‫العقاب‪.‬‬

‫ل نحتاج الى وضع قوانين وحدود واضحة وثابتة ل نسمح للطفل بتعديها حتى لو‬
‫في هذه السبل أو ً‬
‫كلف ذلك احتجاج كبير من قبل الطفل‪،‬كل ذلك بدون حاجة للعقاب‪ .‬خلل ذلك قد تتاح فرص وقد‬
‫يسلك الطفل سلوكيات مرغوبة بطريق الصدفة فمن واجب الوالدين أن ينتبها لذلك وأن يشجعا‬
‫الطفل على ذلك‪.‬‬

‫أخيرا‪ :‬اذا أردنا أن نعلم الطفل المر الصحيح فيجب أن ننتبه أننا نملك فرصة من الزمن طويلة‬
‫نسبيا ( الطفولة كلها) وأننا خلل كل هذه الفترة يجب أن ننتبه أن النتائج الفورية قد تؤدي الى‬
‫أمور سلبية‪.‬‬

‫فن العقاب‪ ...‬الوسائل التربوية البديلة عن العقاب الجسدي‬

‫يقول الستاذ محمد قطب‪ :‬التربية بالعقوبة أمر طبيعي بالنسبة للبشر عامة والطفل خاصة‪ ،‬فل‬
‫ينبغي أن نستنكر من باب التظاهر بالعطف على الطفل ول من باب التظاهر بالعلم‪ ،‬فالتجربة‬
‫العلمية ذاتها تقول‪ ( :‬إن الجيال التي نشأت في ظل تحريم العقوبة ونبذ استخدامها أجيال مائعة ل‬
‫تصلح لجديات الحياة ومهامها والتجربة أولى بالتباع من النظريات اللمعة)‪.‬‬

‫والعطف الحقيقي على الطفولة هو الذي يرعى صالحها في مستقبلها ل الذي يدمر كيانها ويفسد‬
‫مستقبلها‪.‬‬

‫لنفرض أن طفل رمى ورقة على الرض‪ .‬ل نقول إن هذا الطفل لم يخطئ ولم يحرم ل بل ننظر‬
‫إليه ونوجهه قائلين‪ :‬المسلم يا بني نظيف‪ ،‬أو هكذا تفعل المسلمة النظيفة‪ ..‬فيخجل الصغير‪.‬‬

‫ن رفع الورقة عن الرض يشجع ويقال له‪ :‬بارك ال فيك‪ ..‬أنت مسلم نظيف‪.‬‬
‫وإ ْ‬

‫‪17‬‬
‫يحتاج المربون وسائل بديلة عن الضرب كعقاب عند ارتكاب الخطاء ولتقويم سلوكهم فما هي‬
‫أساليب العقاب التي يستخدمونها بعيدا عن الضرب‪.‬‬

‫أساليب العقاب التي يستخدمونها بعيدا عن الضرب‬


‫والهمهمة‪( :‬في السنة الولى أو الثانية من عمرة)‬ ‫‪.1‬النظرة الحادة‬
‫يعتقد أبو فراس أن نظراته الحادة كفيلة أن تردع أطفاله عن الخطأ وفي بعض الحيان يضطر‬
‫للهمهمة والزمجرة كإشارة منه الى زيادة غضبه ويؤكد أبو فراس أن على الباء والمهات مراعاة‬
‫أخطاء أبنائهم وأن يكون العقاب بحجم الخطأ فل يعقل أن يكون عقاب البن الذي تكاسل عن غسل‬
‫يديه بعد الطعام مثل عقاب من سب جيرانه وشتمهم‪ ،‬فعلى الباء أن يتدرجوا في ردود فعلهم وفق‬
‫مستوى أخطاء أبنائهم‪.‬‬

‫(في السنة الثالثة)‬ ‫‪.2‬الحرمان من الشياء المحببة إليه‪:‬‬


‫يلجأ الكثير من الباء والمهات الى عقوبتهم بحرمانهم من الشياء المحببة اليهم فيقول الستاذ‬
‫خالد حجاجرة إن ابنته في الصف الثالث تشعر بضيق شديد عند حرمانها من الذهاب الى بيت‬
‫جدها وعليه اغتنم هذه الوسيلة كثيرا لتأديبها‪ ،‬وتؤكد المعلمة سامية مراد ‪-‬مركزة فرع الطفولة‬
‫المبكرة في مدرسة خديجة بنت خويلد‪ -‬أن حرمان الطفل من شيء يحبه أو لعبة يلعبها أو سلوك‬
‫مشابه يردعه عن التصرف الخاطىء الذي قام به البن حسب تفسير الهل فرغبة الهل أن يتعلم‬
‫ابنهم أن هذا التصرف خاطىء أو مضر لمن حوله‪.‬‬

‫لكن الحرمان يجب أن يكون لفترة محدودة فقط لساعة أو ليوم والعقاب يجب أن يتم بعد تكرار‬
‫الخطأ عدة مرات والتوجيه له عدة مرات أيضا ‪ ،‬فالحرمان الطويل يجلب الضرر النفسي للطفل‪.‬‬

‫مثال على الحرمان‪ :‬الحرمان من مصروف أو نزهة‪ ،‬أو أي شيء يحبه الطفل كالدراجة‪ ،‬أو‬
‫التاري ‪ ،‬أو التليفزيون‪.‬‬

‫‪.3‬أن يترك يتحمل نتائج عمله بعد تنبيهه مسبقا‬


‫مثل ‪ :‬مشكلة التأخر في الستيقاظ من النوم‪ ،‬ينبه مسبقا ثم يترك يتحمل العقوبة في المدر‬

‫‪(:‬من سنتين حتى ‪ 12‬سنة)‬ ‫‪.4‬الحبس المؤقت والهمال‬


‫يعتقد الخصائي النفسي أيمن محمد عال أن هذا النوع من العقاب مفيد جدا رغم أن الكثيرين ل‬
‫يستعملونه ويمكن تنفيذه من جيل سنتين فحينما يخطىء الطفل نفعل التي ‪:‬‬

‫‪18‬‬
‫‪.1‬تطلب من الطفل أن ينتقل إلى زاوية العقاب حيث يجلس على كرسي محدد في جانب‬
‫الغرفة أو أن يقف في ركن من الغرفة‪.‬‬
‫‪.2‬يتم إهماله لفترة محدودة من الوقت وتوضع ساعة منبهة مضبوطة على مدة انتهاء‬
‫العقوبة وهي من خمس دقائق إلى عشر دقائق كافية إن شاء ال ‪ ،‬يطلب من الطفل‬
‫التنفيذ فورا بهدوء وحزم‪ ،‬وإذا رفض يأخذ بيده إلى هناك مع بيان السبب لهذه العقوبة‬
‫باختصار‪ ،‬ول يتحدث مع الطفل أثناءها أو ينظر إليه‪ .‬وتأخذ أشكال الهمال صورا‬
‫أقسى حينما يدخل الب أو الم فيسلمون ول يخصون ذلك البن بتحية خاصة أو ل‬
‫يسألون عن برامجه في ذلك اليوم أو مدح غيره من أبناء جيله أمامه على أن ل يكون‬
‫ذلك إل للعقاب عند الخطاء الكبيرة وينصح عدم الكثار من هذا السلوب إل للحاجة‬
‫الملحة‪.‬‬
‫‪.3‬وإذا انتهت العقوبة اطلب من طفلك المعاقب أن يشرح لك أسباب العقوبة حتى تتأكد‬
‫من فهمه لسبب العقوبة‪.‬‬
‫‪.4‬إذا كرر الهرب من مكان العقوبة يتحمل عندها الحجز في غرفة تغلق عليه مع مراعاة‬
‫أن الحجز في غرفة ل يستخدم إل بقدر الضرورة الملحة ولمدة محدودة‪ ،‬والصل‬
‫الحجز في زاوية أو على كرسي في غرفة مفتوحة‪.‬‬

‫‪ .5‬مدح غيره أمامه‪:‬‬


‫بشرط أن يكون للعقاب فقط ‪ ،‬وليس في كل الحوال‪ ،‬كما ينبغي عدم الكثار من هذا السلوب‬
‫في العقاب لما في تكراره من أثر سيئ على نفس الطفل‪.‬‬

‫‪.5‬لهجر والخصام ‪:‬‬


‫على أل يزيد على ثلثة أيام ‪ ،‬وأن يرجع عنه مباشرة عندما يعترف الطفل بخطئه‪.‬‬

‫‪.6‬التهديد ‪:‬‬
‫بعد أن تستنفد كل الوسائل التربوية الخرى تضطر تخويف أبنائك وتهديدهم بالضرب وإذا أصر‬
‫البعض على الخطأ الشديد ولم يأبهوا بتهديدك تضطر أخيرا لتنفيذ تهديداتك بالضرب غير المؤذي‬
‫ول المبرح‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪.7‬شد الذن‪:‬‬
‫وقد فعله النبى (صلى ال عليه وسلم) ) كما أخرجه ابن السني ‪ ،‬فعن عبد ال بن بسر المازنى‬
‫الصحابى (رضى ال عنه) قال‪« :‬بعثتنى أمى إلى رسول ال (صلى ال عليه وسلم) بقطف من‬
‫عنب‪ ،‬فأكلت منه قبل أن أبلغه إياه‪ ،‬فلما جئت أخذ بأذنى وقال‪« :‬يا غدر»‪.‬‬

‫الضرب‪( :‬ل يضرب الطفل قبل سن العاشرة)‬ ‫‪.8‬آخر العلج‬

‫الضرب آخر الوسائل وليس أولها وللضرب شروط وآداب ول يكون إل في المور الكبيرة كترك‬
‫الصلة ولكن يجب إن يسبقه الخطوات التأديبية السابقة وفي مشاركة د‪ .‬أحمد قعدان المحاضر في‬
‫أكاديمية القاسمي ما يغنينا في هذا الجانب‪:‬‬

‫•قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ":‬مروا أولدكم بالصلة وهم أبناء سبع ‪،‬‬
‫واضربوهم عليها وهم أبناء عشر"‪ (.‬رواه أبو داود وحسنه)‪.‬‬
‫•عن انس ‪ -‬رضي ال عنه‪ -‬قال ‪:‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬مروهم‬
‫بالصلة لسبع سنين‪ ،‬واضربوهم عليها لثلث عشرة"‪ (.‬رواه الدار قطني) ‪.‬‬
‫•أقصى الضرب للتأديب ثلثة وللقصاص عشرة‪ :‬عن أبي هريرة ‪ -‬رضي ال عنه‪-‬‬
‫قال ‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪ ":‬ل يجلد فوق عشر جلدات إل في‬
‫حد من حدود"‪ (.‬أخرجه البخاري)‪.‬‬
‫•كان عمر بن عبد العزيز ‪ -‬رحمه ال تعالى‪ -‬يكتب إلى المصار‪ :‬ل يقرن المعلم‬
‫فوق ثلث‪ ،‬فإنها مخافة للغلم‪.‬‬
‫• عن الضحاك قال ‪ :‬ما ضرب المعلم غلما فوق ثلث فهو قصاص‪.‬‬

‫وهناك شروط للضرب لبد أن تراعى‬

‫‪ -‬الضرب للتأديب كالملح للطعام (أى القليل يكفى والكثير يفسد)‪.‬‬

‫‪ -‬ل تضرب بعد وعدك بعدم الضرب لئل يفقد الثقة فيك‪.‬‬

‫‪ -‬مراعاة حالة الطفل المخطئ وسبب الخطأ‪.‬‬

‫‪ -‬ل يضرب الطفل على أمر صعب التحقيق‪.‬‬

‫‪ -‬يعطى الفرصة إذا كان الخطأ للمرة الولى‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ -‬ل يضرب أمام من يحب‪.‬‬

‫‪ -‬المتناع عن الضرب فورًا إن أصر الطفل على خطئه ولم ينفع الضرب‪.‬‬

‫‪ -‬عدم الضرب أثناء الغضب الشديد وعدم النفعال أثناء الضرب‪.‬‬

‫‪ -‬نسيان الذنب بعد الضرب وعدم تذكير الطفل به‪.‬‬

‫‪ -‬ل تأمر الطفل بعدم البكاء أثناء الضرب‪.‬‬

‫‪ -‬ل ترغم الطفل على العتذار بعد الضرب وقبل أن يهدأ ؛ لن ذلك فيه إذلل ومهانة‪ ،‬وأشعره‬
‫أنك عاقبته لمصلحته‪ ،‬وابتسم في وجهه‪ ،‬وحاول أن تنسيه الضرب‪.‬‬

‫مواصفات أداة الضرب‬


‫•أن تكون معتدلة الحجم‬
‫•أن تكون معتدلة الرطوبة فل تكون رطبة تشق الجلد لثقله‪ ،‬ول شديدة اليبوسة فل تؤلم‬
‫لخفتها‪.‬‬

‫طريقة الضرب‬
‫•أن يكون مفرقا ل مجموعا في محل واحد‪.‬‬
‫• أن يكون بين الضربتين زمن يخف به اللم الول‪.‬‬
‫•أل يرفع الضارب ذراعه لينقل السوط لعضده حتى يرى بياض إبطه فل يرفعه لئل‬
‫يعظم ألمه‪.‬‬
‫•وقد كان ابن عمر ‪ -‬رضي ال عنهما‪ -‬يقول للضارب‪ :‬ل ترفع إبطك إي ل تضرب‬
‫بكل قوة يدك‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫مكان الضرب‬

‫•أن ل يضرب الوجه او الفرج‪ -‬والرأس عند الحنفية‪.‬‬


‫‪ -‬عن علي ‪ -‬رضي ال عنه‪ -‬انه أتي برجل سكران أو في حد فقال‪ :‬اضرب وأعط‬
‫كل عضو حقه واتق الوجه والمذاكير‪.‬‬
‫‪ -‬عن النبي صلى ال عليه وسلم انه قال‪ ":‬اذا ضرب احدكم فليتق الوجه"( رواه ابو‬
‫داود)‪.‬‬
‫• عند بعض السلف فإن أفضل مكان للضرب اليدين والرجلين‪.‬‬

‫ل ضرب مع الغضب‬
‫•قال أبو بكر الصديق ‪ -‬رضي ال عنه‪": -‬ل يقضين بين اثنين وهو غضبان)( رواه‬
‫الجماعة)‪.‬‬
‫•إذا ذكر الطفل اسم ال تعالى‪ :‬يجب وقف الضرب إذا ذكر الطفل ال تعالى ‪ :‬عن أبي‬
‫سعيد الخدري ‪ -‬رضي ال عنه‪ -‬قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ":‬إذا‬
‫ضرب أحدكم خادمه فذكر ال فارفعوا أيديكم" (رواه الترمذي))‪ ..‬وفي هذا تعظيم ل‬
‫في نفس الطفل)‪.‬‬

‫تحذير‬

‫إن الفراط في العقوبة الجسمية له مضار جسيمة منها‪:‬‬

‫‪o‬أن يألفها الولد‪.‬‬


‫‪o‬أن يصبح بليدا‪.‬‬
‫‪o‬أن يلجأ لتحقيق ذاته بأساليب منحرفة‪.‬‬
‫‪o‬وعندما يكبر إما أن يكون فاشل ذليل يخاف من ظله أو جبارا قاسيا يقهر من دونه‪،‬‬
‫وكلهما خسارة ما بعدها خسارة‪.‬‬

‫الثواب والعقاب مطلوبان‬


‫ان تربية الطفال بالثواب والعقاب مطلوبة لكنها مؤطرة بشروط‪ ،‬ومقننة بقوانين ‪ ،‬فالعقاب الذي‬
‫يطلب تطبيقه في تربية البناء هو الذي ل يؤلم نفسيا ول يهدر الكرامة‪.‬‬
‫ونؤكد ان العقاب يجب ان يكون بحكمة‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫التأديب‪:‬‬
‫ال ترى الى ما روي عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه قال ‪ ":‬مروا صبيانكم بالصلة اذا بلغوا‬
‫سبعا‪ ،‬واضربوهم عليها اذا بلغوا عشرا"‪ .‬ويكون ذلك بطريق التأديب والتهذيب ل بطريق‬
‫العقاب‪..‬‬

‫ل شك ان الطفل كأي كائن حي يجهل أكثر مما يعلم‪ ،‬فإذا علم فعل الصواب وسار سيرا محمودا‪.‬‬
‫لذلك تكون مرحلة تعلمه من الصغر اولى الخطوات في تقويمه‪ ،‬وقد ورد ان النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم كان يصحح البنى الفكرية للطفل مستعمل شتى الوسائل والساليب التي تمتاز بالرفق واللين‬
‫ومنها ما ذكره ابو هريرة ‪ -‬رضي ال عنه‪ -‬قال ‪ ":‬اخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة‬
‫فجعلها في فيه ‪ ،‬فقال الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ":‬كخ كخ‪ ،‬ارم بها اما علمت انّا ل نأكل‬
‫الصدقات"‪.‬‬

‫ماذا يقول الهل في هذا الموضوع‬


‫أم سليمان‪ -‬ربة بيت‬

‫تحدثنا بصراحة أن جيل اليوم ل ينفع معه غير أسلوب الضرب لن ما يفعلونه يخرج الهل عن‬
‫شعورهم من شدة عنادهم فيتجه الهل للضرب لنه أسهل الساليب للوصول الى غايتهم‬
‫ولضغوطات الحياة الكثيرة‪.‬‬

‫أما آمال محمد‬

‫ربة بيت وأم لربعة أبناء في مختلف الجيال فتقول‪ :‬لم أجد أصعب من تربية البناء فإنها‬
‫مسئولية كبيرة بحاجة الى اهتمام ورعاية من الوالدين وبالنسبة لتعاملنا فإننا نحاول أن نربي أبناءنا‬
‫بل ضرب ونقيم علقتنا على التفاهم والحوار ولكن أفقد صوابي في فترة المتحانات ويكون البيت‬
‫في حالة استنفار وتتحول حالتي النفسية الى عصبية للغاية مع أنني أحاول ضبط أعصابي ول‬
‫أخفي عليكم أنني ل أضربهم ال إذا قصروا في دروسهم‪.‬‬

‫رانية محمد ‪-‬مربية وأم لثلثة أبناء‪-‬‬

‫إذا علمت الم أبناءها المحافظة على مبادئهم وقيمهم وحبهم بالحوار فإنها حتما ل تحتاج الى‬
‫الضرب فأنا وزوجي ل نلجأ لضرب أولدنا كما يفعل بعض الهالي‪ ،‬وأشد عقاب نتبعه هو‬
‫توبيخهم بالكلم والحرمان من شيء يحبونه‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫أم أحمد ممرضة‪ :‬تقول‪:‬‬

‫بعد تجربتي مع ابني البكر استنتجت أن الضرب أسلوب غير ناجح للتربية وأحاول تجنب ضرب‬
‫أولدي قدر المكان واستعمال أسلوب القناع والتفاهم‪ .‬فضربي لبنتي أفقدها شخصيتها وكان ذلك‬
‫نتيجة ضغط اجتماعي وخاصة من مربية صفها في المرحلة الولى فدائما تضجر من قوة‬
‫شخصيتها عندها اضطر لمعاقبتها بالضرب المبرح حتى أفقدتها شخصيتها وأصبحت تخاف من‬
‫كل شيء وأنا أندم أشد الندم على ما ارتكبته بحق ابنتي التي لم تتجاوز العشر سنوات‪.‬‬

‫وللطفال رأي ‪...‬‬


‫*هديل قاسم ثاني ابتدائي‪:‬‬

‫يتعامل والداي معي حسب الموقف فإذا تيقنا أنني أخطات ينبهانني وإذا أعدت الكرة فإنهما‬
‫يضربانني‪ ،‬أما أمي فتثور عندما ينخفض مستواي الدراسي وتنخفض درجاتي لذا أشعر أن بابا‬
‫أقرب الي فإنه دائما يمازحني ويشتري لي كل ما أطلبه‪ ،‬وفي المستقبل سوف أعاقب أبنائي كما‬
‫يعاقبني والداي لننا فعل مشاغبون وعنيدون‪.‬‬

‫* وجدان ابو عياش ثالث ابتدائي‪:‬‬

‫أنا أحب بابا وماما كثيرا لنهما يلبيان لي كل حاجاتي‪ ،‬مع أنني أغضب كثيرا عندما يحرمانني من‬
‫المصروف أو من شراء لعبة وعدت بها‪ ،‬وأغضب أكثر عندما تضربني أمي مع أنها تنبهني دائما‬
‫قبل الضرب أما عندما تواجهني مشكلة فإنني الجأ الى أبي لنه سيحل لي المشكلة بهدوء ودون‬
‫ضرب أو صراخ‪ .‬وأنا شخصيا ل أؤيد العقاب بتاتا بل على الهل التصرف بهدوء وتفاهم وهكذا‬
‫سأتعامل مع أبنائي في المستقبل‪.‬‬

‫* نور ناظم‪-‬ثاني ابتدائي‪:-‬‬

‫بابا وماما أغلى ما في الكون لنهما دائما يشتريان لي أشياء جميلة أحب بابا كثيرا وكذلك أحب‬
‫ماما أيضا لنها ترعاني وتخاف علي وعندما أطلب شيئا تناقشني في شرائه وإذا كنت حقا بحاجة‬
‫له ‪،‬وتناقشني أيضا إذا أخطأت مع أحد إخوتي أما إذا تكرر الخطأ فإنها تهددني فقط‪.‬‬

‫*يحيى سليمان ‪-‬خامس ابتدائي‪:-‬‬

‫‪24‬‬
‫يغضبني من بابا وماما أنهما يتأثران جدا عندما أحصل على درجة منخفضة في المتحان لنهما‬
‫تعودا على درجات عالية‪ ،‬عندها تقوم أمي بضربي وفي فترة المتحانات تحرمني من الخروج‬
‫الى بيت عمي للعب مع أبنائه الذين أحبهم ومع هذا أحب بابا وماما كثيرا لنهما يحضران لي كل‬
‫شيء أطلبه ويعاملنني بحنان ولطف ويساعدانني في دروسي‪.‬‬

‫* روان احمد ‪-‬رابع ابتدائي‪:-‬‬

‫بابا وماما أحلى الناس لنني أشعر بحبهما لي ويشتريان لي اللعاب والحلويات ولكنهما يعاقبانني‬
‫عندما أضرب أخي الصغر والوحيد وهذا يؤلمني كثيرا لنني ل أحبذ الضرب للصغار‪.‬‬

‫*أحمد راسم ‪ -‬أول اعدادي‪:-‬‬

‫لم استوعب لماذا تعود أمي من العمل غاضبة وتمل البيت صراخا إذا لعبنا داخل البيت‬
‫وعندما يعود أبي يطلب عدم الزعاج لنه متعب فأنا ل أشعر بهما مثل خليل ابن عمي الذي‬
‫أراه دائما يركب على ظهر أبيه ويداعبه وأمه تتكلم بهدوء دون صراخ أو ضرب‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫التربية‬
‫بالمكافئة‬

‫التربية بالمكافئة‬

‫‪26‬‬
‫لقد اهتم السلم بقضية المكافئة على العمل الصالح والعمل المثمر وفي ذلك يقول ال تعالى‪ ":‬مَن‬
‫شرُ َأ ْمثَالِهَا" فهذه مكافئة على عمل واحد إيجابي يكافئ بعشر أمثاله‪ ،‬وهذا تعزيز‬
‫عْ‬‫سنَ ِة فَلَهُ َ‬
‫جَاء بِا ْلحَ َ‬
‫ودعم معنوي‪ ،‬ودافع مستمر في عمل الصالحات ؛ بل إن المر يتجاوز المكافئة على العمل إلى‬
‫المكافئة على النية الصالحة ففي حديث ابن عباس عن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم فيما‬
‫يروي عن ربه تبارك وتعالى قال‪" :‬إن ال كتب الحسنات والسيئات‪ ،‬ثم بين ذلك‪ ،‬فمن هم بحسنة‬
‫فلم يعملها‪ ،‬كتبها ال عنده حسنة كاملة‪ .‬وإن هم بها‪ ،‬فعملها‪ ،‬كتبها ال عز وجل عنده عشر‬
‫حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة‪ .‬وإن هم بسيئة فلم يعملها‪ ،‬كتبها ال عنده حسنة‬
‫كاملة‪ .‬وإن هم بها فعملها‪ ،‬كتبها ال سيئة واحدة [‪ "]1‬وحديث عمر بن الخطاب رضي ال عنه‬
‫الخر المشهور‪ ":‬إنما العمال بالنيات‪ "..‬فالنتائج والمكافئات التي ينالها النسان عند إنجازه أمرا‬
‫ما تحفزه على عمل أشياء أخرى إيجابية‪ ،‬فالتعزيز اليجابي يقوي السلوك ويزيد من احتمالية‬
‫تكرار السلوك اليجابي مرة أخرى‪.‬‬

‫وهناك نوعان من التعزيز في التربية‪ :‬التعزيز اليجابي‪ ،‬والتعزيز السلبي‪:‬‬

‫التعزيز اليجابي‪:‬‬
‫في التعزيز اليجابي تشكل المكافئة حافز فعال إذ تُعطى مباشرة بعد السلوك المرغوب فيه كي‬
‫يزيد من احتمالية حدوث ذلك السلوك مرة أخرى‪ .‬فتعزيز السلوك اليجابي يحفز البن في‬
‫مواصلة الداء اليجابي‪ .‬مثال ذلك‪ :‬قد يُعطى الطفل مكافئة من الوقت ليعمل على الحاسوب بعد‬
‫إتمام جزء من واجباته المنزلية‪ .‬فإذا كان الطفل يحب العمل على الحاسوب‪ ،‬فمن المحتمل أن‬
‫يستمر في إتمام الجزء الباقي من الواجب لينال مكافئة أخرى‪ .‬والتعزيز اليجابي وسيلة جيدة‬
‫لغرس النضباط واستمراره ‪،‬فل شك أن بعض من النضباط الذاتي أمر ضروري للطفل خلل‬
‫مرحلة تعلمه‪.‬‬

‫إل إنه عند ممارسة التعزيز‪ ،‬فإننا نحتاج لنسأل‪ :‬ما الشيء الذي أعززه في الطفل؟ فأحيانا من غير‬
‫قصد قد نعزز سلوك خاطئ‪ .‬مثال ذلك‪ :‬عندما يرفض الطفل أن يعمل أو يسمع الوامر‪ ،‬فقد تتجه‬
‫وتعده بشيء إذا فعل ذلك المر لكي يستجيب لمرك‪ .‬فإن ما تحفزه الن هو الستمرار في‬
‫الرفض والعناد واستجداء المكافئة‪ .‬ففي المرة القادمة‪ ،‬سوف يعيد الكرة مرة أخرى رغبة في‬
‫الحصول على مكافئة جديدة‪.‬‬

‫التعزيز السلبي‪:‬‬
‫وهو مناسب لزالة سلوك سلبي أو خاطئ وذلك عن طريق حافز غير محبوب للطفل‪ .‬مثال ذلك‪،‬‬

‫‪27‬‬
‫تستخدم كثير من المهات لكي تفطم رضيعها وضع شيء مر أو فلفل حار على مصاصة الطفل‪،‬‬
‫وعندما يتناول الطفل الرضاعة يجد أن طعمها مر‪ ،‬ومع التكرار ووجود الطعم المر فإنه يترك‬
‫الرضاعة‪.‬‬

‫وكثير من الناس يخلط بين العقاب والتعزيز السلبي‪ ،‬فالتعزيز السلبي عكس العقاب تماما‪ .‬فالتحفيز‬

‫السلبي يقوي السلوك اليجابي بسبب اجتناب أو منع حالة سلبية كنتيجة لسلوك ما‪ .‬أما العقاب فهو‬
‫يضعف السلوك بسبب حالة سلبية أُدخلت أو جُربت كنتيجة لسلوك ما‪ .‬مثال على التحفيز السلبي‪،‬‬
‫أنت تتضايق كثيرا من زحمة المرور‪ ،‬فتخرج يوما مبكرا ‪ ،‬فل تجد تلك الزحمة التي تضايقك‪ ،‬ثم‬
‫تخرج مرة أخرى مبكرا فتجد الطريق خاليا‪ ،‬فسلوكك لمغادرة البيت مبكرا تقوّى عن طريق نتيجة‬
‫‪.‬اجتناب زحمة السيارات‬

‫والفرق بين المكافئة والعقاب‪ ،‬أن المكافئة هي أي شيء يزيد السلوك ‪ ،‬والعقاب هو أي شيء يقلل‬
‫‪.‬السلوك‬

‫وبطريقة ملخصة‪ :‬أي حدث يزيد استجابة يُسمى تحفيز‪ ،‬وأي حدث يقلل الستجابة يُسمى عقاب‪،‬‬
‫‪.‬وأي حدث يُوجد يُسمى إيجابي ‪ ،‬وأي حدث يُزال يُسمى سلبي‬

‫ملحوظات مهمة للتحفيز‬


‫‪:‬أولً‪ :‬تحفيز الخير‬
‫عند منح أبنائنا هدية تحفيزية للخير‪ ،‬فإننا نقرن مع ذلك أن هناك هدية أعظم وأبقى وأفضل عند‬
‫ال لمن فعل الخير‪ ،‬إن الربط المستمر بين المكافئة والرغبة بما عند ال عامل قوي لدفعهم لعمل‬
‫ما يرضاه ال‪ .‬فل يعطى على كل عمل ينجزه مكافئة‪ ،‬إذ يكون العمل دائما من أجل الحصول‬
‫على المكافئة؛‪ ،‬بل ل بد أن يعلم أن هناك أعمالً يجب أن تعمل من أجل ال عز وجل فيتعلم‬
‫الخلص وأن ل ينال أجره إل من ال وحده‪.‬‬

‫وفي هذا الموقف ينبغي توسيع وتصحيح مفهوم العبودية لدى الطفال فليست العبودية محصورة‬
‫فقط في الصلة أو الصيام‪ ،‬بل كل عمل خير يعمله يعتبر عباده إذا صلحت النية فالبتسامة‬
‫والحترام والتقدير ومعاونة المحتاج‪ ،‬كلها عبادة محبوبة ل‪ .‬فليس هناك عدد محصور لعمل الخير‬
‫فكل سرور تدخل في قلوب الخرين هو عبادة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الطراء الرائع المعتدل‪:‬‬

‫‪28‬‬
‫فمن أقوى وسائل التعزيز الثناء الصادق‪ ،‬والمديح المتزن‪ ،‬والكلم الجميل الممتلئ بالتقدير‬
‫والشكر‪ .‬فبالضافة ليسر هذا المر إل إنه ينقل التعزيز من التركيز على الشياء المادية إلى‬
‫العواطف البوية‪ ،‬فالطفل بحاجة لظهار الشكر والمديح على إنجازاته وسلوكياته المقبولة الجيدة؛‬
‫فإن هذا السلوب يعزز شعور الحب بين الطفل ووالديه‪ ،‬فالتعزيز اللفظي من المحفزات القوية في‬
‫تنمية السلوك وتقويمه‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬المكافئة المادية‪:‬‬


‫كثير من الناس عندما يسمعون لفظة المكافئة‪ ،‬يتجه تفكيرهم إلى الشياء المادية‪ ،‬وليس المر‬
‫كذلك فيمكن تعزيز السلوك عن طريق كلمات الشكر والثناء مع لفت النتباه إلى هذا السلوك‬
‫اليجابي‪ ،‬أو عن طريق هدية بسيطة‪ ،‬أو الخروج في رحلة‪ ،‬أو قراءة قصة مع إشعار أن ذلك‬
‫نتيجة لهذا السلوك اليجابي ‪ ،‬فل يشترط في نوعية المكافئة أن يكون أمر مادي ‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬التوازن في المكافئة‪:‬‬


‫فل بد أن تكون الهدية متناسبة مع طبيعة العمل المنجز‪ ،‬فيجب أن يكون هناك اعتدال في نوعية‬
‫ل بسيطا أن أكافئه مكافئة كبيرة‬
‫المكافئة‪ ،‬فل إفراط أو تفريط‪ ،‬فليس من المعقول مثلً إذا عمل عم ً‬
‫وعظيمة‪ ،‬بل كل عمل بحسبه‪ .‬فالفراط في الهدية ل تعطي الطفل المقياس الموضوعي أو‬
‫المصداقية الحقيقية التي من خللها يقيس سلوكه؛ بل يولد لدى الطفل الغرور والتكبر وأنه قد‬
‫وصل إلى القمة مع أن عمله قد يكون تحت المتوسط‪ ،‬وهذا التكبر قد ينمو مع نمو شخصيته مما‬
‫يجعله يفقد المصداقية والحترام في عيون الخرين‪.‬‬

‫وقد علمنا السلم أن ل نبالغ ونتجاوز الحد في الثناء فقد جاء في الحديث عندما سمع رسول ال‬
‫ل يبالغ في ثناء آخر فقال ‪":‬ويلك قطعت عنق صاحبك‪ ،‬قطعت عنق‬ ‫صلى ال عليه وآله وسلم رج ً‬
‫صاحبك" مرارا‪ .‬ثم قال‪" :‬من كان منكم مادحا أخاه ل محالة‪ ،‬فليقل ‪ :‬أحسب فلنا وال حسيبه ول‬
‫أزكي على ال أحدا‪ ،‬أحسبه كذا وكذا إن كان يعلم ذلك منه ‪ ")]2[(.‬فالمكافئة إذا لم تكن متوافقة مع‬
‫السلوك وغير مبالغ فيها وإل سيكون لها تأير سلبي‪ ،‬فالمكافئة تكون أحيانا عقابا للطفل‪ .‬فهي قد‬
‫تكون مسكن مؤقت للسلوك السلبي‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬التعزيز أمر نسبي‪:‬‬


‫ل ما قد ل تروق لطفل آخر‪ ،‬ولذلك من المهم أن نقدم المكافئة التي‬ ‫فالمكافئة التي تجذب طف ً‬
‫يرغب فيها الطفل بذاته‪ .‬وكذلك من المهم التنويع في نوعية المكافئة ‪ ،‬فالمكافئة المتكررة تفقد‬
‫جاذبيتها وقيمتها المعنوية لدى الطفل‪ ،‬وانتقاء المكافئة وتغييرها يتطلب ممارسة وحنكة من‬
‫المربي‪ ،‬وقد يكون هناك إخفاق في اختيار المكافئة إل إنه يجب أن يكون هناك ملحظة لتصرفات‬
‫الطفل تجاه المكافئة ومحاولة كشف رغباته ومواهبه وتحقيقها في المكافئة‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬وقت التعزيز‪:‬‬

‫‪29‬‬
‫فلكي تكون المكافئة فعّالة بحق‪ ،‬أعط المكافئة مباشرة عند حدوث السلوك المرغوب وذلك لترتبط‬
‫المكافئة بالسلوك‪ .‬ومن المهم كذلك أن يفهم الطفل السبب وراء حصوله على المكافئة‪ .‬فمثلً تقول‬
‫له‪ :‬بسبب طريقة تعاملك الرائع والممتاز مع أخوك حصلت على هذه المكافئة‪ .‬فاستخدام المكافئة‬
‫بطريقة صحيحة ومعتدلة يمكن أن تقود الطفل بعد توفيق ال عز وجل إلى التجاه الصحيح‪.‬وإذا لم‬
‫يكن بالمكان مكافئة الطفل مباشرة ‪ ،‬فيمكن استخدام المعزز المشروط‪ ،‬وذلك باستخدام الجدول‬
‫ووضع العلمات أو النجمات‪ .‬فعندما يحرز الطفل على قدر معين من العلمات أو النجوم‬
‫لسلوكيات معينة‪ ،‬فإنه يحصل على المكافئة‪ ،‬فالعلمات هي المعزز المشروط‪.‬‬

‫ومن الخطأ أن تكون المكافئة دائما عن طريق التعزيز المشروط؛ بل ل بد من استخدام التعزيز‬
‫المتغير‪ ،‬أي المكافئة على أساس عشوائي أو غير متوقع‪ .‬فعندما يصبح السلوك السليم عادة للطفل‬
‫أو عندما يعمل الطفل سلوكا جديدا إيجابيا فإنه يكافئ عليه‪ .‬فمثلً‪ ،‬إذا فاجأت طفلك بمكافئة بسبب‬
‫ممارسته للقراءة فإن الطفل سيقرأ أكثر ‪ ،‬إذ يأمل أن تعيد له المفاجأة‪ .‬فالتعزيز المتغير يساعد في‬
‫استمرار السلوك القويم والمحافظة على السلوك الممارس‪.‬‬

‫والتعزيز المتغير قد يأتي بنتائج عكسية إذا استخدم في إزالة السلوك غير المرغوب فيه‪ .‬مثال‬
‫ذلك‪ ،‬إذا بكاء الطفل لمر ما‪ ،‬ثم أعطيته حلوى أو لعبة لكي يسكت عن الصراخ؛ فإنك بذلك تشكل‬
‫لديه عادة وهو‪ :‬البكاء طريق للحصول على مكافئة‪ .‬والفضل لزالة السلوك السيئ أن يعالج‬
‫بالتجاهل أو بأي طريقة تربوية أخرى‪ .‬فمن الخطأ استخدام المكافئة لجعل الطفل ينصاع للوامر‪،‬‬
‫وإنما يجب أن تستخدم المكافئة لتتحكم في السلوك وتوجه‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫التربية‬
‫بالقصة‬

‫‪31‬‬
‫التربية بالقصة‬
‫قصص مناسبة للطفال‬
‫من خلل النظر إلى الواقع المؤلم يتبين لنا مدى أهمية التربية كعامل أساسيّ في تنشئة جيل يعمل‬
‫لخدمة المة‪ ،‬ويدفعها نحو العزة والرفعة‪ ،‬ويسمو بها نحو القمة‪ ،‬وعندما نتأمل الواقع جيدا‪ ،‬وننظر‬
‫بشفافية أكثر؛ يتضح لنا أن البذور إذا عُني بها خرج الزرع طيبا‪ ،‬فكذلك الطفولة إذا عُني بها‬
‫خرج لنا جيلً صالحا‪.‬‬

‫وهنا وعند تأمل القرآن الكريم والسنة المطهرة يتبادر لنا سؤال مهم وهو‪:‬‬
‫هل من الممكن أن يتربى هؤلء الطفال من خلل القرآن والسنة وهل يمكن استثمار قصص‬
‫القرآن أو السنة في هذا المشروع الضخم؟؟؟‬

‫نقول‪:‬‬ ‫للجابة على هذا السؤال‬


‫بعد الحمد ل والصلة والسلم على رسول ال وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه‬
‫فلشك أن القرآن الكريم والسنة المطهرة كفيلن بأن يكونا أداة عظيمة في تربية الجيل وإرشاده‬
‫نحو كل جليل وهذا من المسلمات عند كل مسلم حيث يقول ال تبارك وتعالى‪(:‬ذَِلكَ ا ْل ِكتَابُ ل َريْبَ‬
‫فِي ِه هُدىً لِ ْل ُمتّقِينَ) (البقرة‪. )2:‬‬

‫• وفي ظل البيئة السيئة التي ولدّها التأثر بالغرب وسيطرت وسائله العلمية المختلفة على بيوت‬
‫المسلمين وانهماك الوالدين في العمال المختلفة كاضطرار بعض السر لخروج الم للعمل وقد‬
‫ل إضافيا أصبح الباء بعيدون عن تربية أبنائهم وإذا جلسوا معهم إما أن يكونوا‬‫يعمل الب عم ً‬
‫معكري المزاج فل يجد الولد سوى الصراخ والعويل دون كلمة حانية أو بسمة رفيقة أو مداعبة‬
‫رقيقة ويظن الب أو الم أن التوبيخ والنهر هو الطريقة المثلى للتربية بل قد يكون أصلً ل‬
‫يعرف سوى هذه الطريقة‪.‬‬

‫• وكم نسمع من بعض الناصحين اضرب ولدك يصبح مؤدبا!‬


‫[اشخط ‪ ..‬أزعق ‪ ..‬زعّق ‪ ..‬كشر ‪ ..‬برطم ‪ ] ..‬ستكون النتيجة ولدا مهذبا صالحا وهذا خطأ كبير‬
‫في التربية فالتأديب بتعليق العصا ليراه أهل البيت من السنة ولكن أن يكون الوحيد فهذا أمر‬
‫مرفوض‪.‬‬

‫• يجب أن تكون أساليب التربية مستفادة من الوحي العظيم الكتاب والسنة فهذه الشريعة جاءت بكل‬
‫ما يصلح به البشر شؤونهم ‪ ،‬ومن تلك الساليب المستقاة منها تربية البناء بل المجتمع بالقصة‬
‫فالتربية بالقصة وتوصيل المعنى بالحساس وتحقيق الهدف بالمثال من أفضل الساليب وأكثرها‬
‫نجاحا وأنجعها نتيجة إن شاء ال‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫فنحن نجد بأن الموعظة بالقصة تكون مؤثرة وبليغة في نفس الطفل‪ ،‬وكلما كان القاصْ ذا أسلوب‬
‫متميز جذاب؛ استطاع شد انتباه الطفل والتأثير فيه؛ وذلك لما للقصة من أثر في نفس قارئها أو‬
‫سامعها‪ ،‬ولما تتميز به النفس البشرية من ميل إلى تتبع المواقف والحداث رغبة في معرفة النهاية‬
‫التي تختم بها أي قصة‪ ،‬وذلك في شوق ولهفة‪.‬‬
‫ن القصة المحكمة الدقيقة تطرق السامع بشغف‪ ،‬وتنفذ إلى النفس البشرية بسهولة‬ ‫فممّا ل شكّ فيه أ ّ‬
‫ويسر‪ ...‬ولذا كان السلوب القصصي أجدى نفعا وأكثر فائدة؛ فالقصة أمر محبب للناس‪ ،‬وتترك‬
‫ل الطفل إلى سماع الحكاية‪ ،‬ويصغي إلى‬ ‫أثرها في النفوس والمعهود حتى في حياة الطفولة أن يمي َ‬
‫رواية القصة‪...‬‬

‫هذه الظاهرة الفطرية ينبغي للمربّين أن يفيدوا مِنها في مجالت التعليم خاصة وأن إعلمنا أجرم‬
‫عندما جعل من العاهرة بطلة ومن العاهر بطل‪ ،‬وإعلمنا أجرم كثيرا في حق أبنائنا فلم يترك‬
‫عاهرة إل وصورها وعقد معها لقاء‪.‬‬

‫لذلك لبد أن يربط الولد بأنبياء ال عز وجل‪( :‬أُوَل ِئكَ اّلذِينَ َهدَى اللّهُ َف ِب ُهدَا ُهمُ اقْ َتدِهْ )(النعام‪ :‬من‬
‫سنَةٌ)(الحزاب‪:‬‬
‫حَ‬‫ل اللّ ِه ُأسْوَ ٌة َ‬ ‫الية ‪ )90‬وبرسول ال صَلّى اللّهُ عََل ْيهِ َوسَّلمَ ‪( :‬لَ َق ْد كَانَ َل ُكمْ فِي َرسُو ِ‬
‫من الية ‪)21‬‬

‫وتربيتهم على ما كان عليه صحابة رسول ال صَلّى اللّهُ عََليْهِ َوسَّلمَ‪:‬‬
‫إن لم تكونوا مثلهم فتشبهوا إن التشبه بالكرام فلح‬

‫والقصة خير وسيلة للوصول إلى ذلك ولهذا كان النبي صَلّى الّلهُ عَلَ ْي ِه َوسَّلمَ كثيرا ما يقص على‬
‫أصحابه قصص السابقين للعظة والعتبار وقد كان ما يحكيه مقدّما بقوله‪ " :‬كان فيمن قبلكم " ثم‬
‫يقص صَلّى اللّهُ عََل ْيهِ َوسَّلمَ على مسامعهم القصة وما انتهت إليه‪.‬‬
‫ص الْ َقصَصَ َلعَّل ُهمْ‬
‫لقد كان النبي صَلّى اللّهُ عََليْهِ َوسَّل َم يتمثل منهجا ربانيا (فَاقْصُ ِ‬
‫َيتَ َف ّكرُونَ)(لعراف‪ :‬من الية ‪.)176‬‬

‫وتلك القصص كانت قصصا تتميز بالواقعية والصدق‪ ،‬لنها تهدف إلى تربية النفوس وتهذيبها‪،‬‬
‫وليس لمجرد التسلية والمتاع حيث كان الصحابة رضوان ال عليهم أجمعين يأخذون من كل قصة‬
‫العظة والعبرة‪ ،‬كما يخرجون منها بدرس تربوي سلوكي مستفاد ينفعه وينفع من بعدهم في‬
‫الدارين‪ :‬في دار الدنيا والخرة‪.‬‬

‫• ولكن هل العلم الموجه للطفل عموما استفاد من هذا السلوب " التربية بالقصة " لتحصيل‬
‫أسباب‬
‫تربوية أم أنه إعلم هدّام أو سلبي على أقل وصف ؟ للسف كثي ٌر منه سلبي فالقصص التي‬
‫تعرض في أفلم الكرتون فيها محاذير ومنكرات عديدة منها ‪:‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ -1‬قصص تثير الفزع والرعب والرهبة‪:‬‬
‫القصص التي يغلب عليها طيف الفزع والرهبة‪ ،‬تترك في الذائقة اشتياقا ممزوجا بالجزع‪ ،‬وفي‬
‫النفس جبنا وعقدا‪ ،‬وأمثال ذلك‪ :‬قصص (أمنا الغولة‪ ،‬وقصص المردة‪ ،‬والعفاريت) هذه القصص‬
‫تهدم الشخصية‪ ،‬وتقتل الحس الفكري لدى الطفل‪ ،‬ول تؤسس الطفل الشجاع‪ ،‬ولكنها تؤسس الطفل‬
‫الجبان المتخاذل‪ ،‬الذي يتملك الخوف من فرائسه‪.‬‬

‫فالطفل يظل معايش الفكرة حتى بعد النصراف‪ ،‬من لحظة المعايشة الفكرية للقصة‪ ،‬يتخيل بالفعل‬
‫أن هناك عفاريت تحاصره بالظلم‪ ،‬وأن هناك (أمنا الغولة عند البئر) إلخ‪ ،...‬ولو نظر كل منا‬
‫لنفسه‪ ،‬لوجد أنه ل يزال يعيش بوجدانه قصصا قرأها في صباه‪ ،‬فيجب أن نؤسس الطفل على‬
‫الشجاعة‪ ،‬لكي نبني أمة شجاعة‪ ،‬ل أن نؤسس الطفل على الجبن فنبني أمة ضعيفة‪.‬‬

‫‪ -2‬القصص الشعبية التي تحتوي على مواقف منافية للخلق‪:‬‬


‫وأمثلة ذلك‪ :‬قصص (طرزان‪ -‬وسوبرمان‪ -‬والجاسوسية)‪ ،‬التي ل تحتوي على قيم إنسانية أو‬
‫أخلقية ‪ ،‬بقدر ما تمجد العنف كوسيلة لحل المشاكل‪ ،‬وتجعل القوة البدنية‪ ،‬هي العامل القوى في‬
‫حسم المواقف‪.‬‬

‫مثال‪ :‬طرح شخصية (طرزان)‪ ،‬الذي تربى بين الحيوانات‪ ،‬ول يعرف وسيلة لحل مشاكله إل‬
‫بالقوة البدنية‪ ،‬هذه الفكرة تسقط سلوك الطفل العقلني‪ ،‬إلى السلوك العدواني‪ ،‬دون استخدام العقل‪،‬‬
‫فيجب طرح قصص تدرب الناشئة على حل المشاكل بإحلل العقل محل القوة‪.‬‬

‫‪ -3‬قصص تثير العطف على قوى الشر أو تمجيدها‪:‬‬


‫القصص‪ ،‬التي تثير العطف على قوى الشر‪ ،‬وتمجده مثل انتصار الشر على الخير‪ ..،‬الظالم على‬
‫المظلوم‪...‬الشرير على الشرطي‪.‬‬

‫ويطرحونها بحجة أنهم يكشفون السلوك الخاطئ للطفل كمن يكذب على أولده ثم يقول هذا كذب‬
‫أبيض وفي الحقيقة الولد يتربى على الكذب فليس هناك كذب أبيض ول أسود ‪ ،‬أما عن إثارة‬
‫العطف على قوى الشر والنتصار له في النهاية قد تجعل الولد يسلك السلوك الخاطئ ‪ ،‬ليبقى‬
‫ضمن طائفة القوياء المنتصرين‪.‬‬

‫مثال ذلك‪( :‬قصص الرجل الخارق‪ ،‬وسوبر مان‪ ،‬الرجل الحديدي ‪ ،‬جلندايزر )‬

‫‪34‬‬
‫‪ -4‬قصص تعيب الخرين وتسخر منهم‪:‬‬
‫القصص القائمة على السخرية من الخرين وتدبير المقالب لهم وإيقاع الذى بهم‪ ،‬منها السخرية‬
‫من علة المعاق أو عيب خلقي في نطق البعض وتدبير المقالب للكبير مثلً وإيقاع الذى بالعمى‪،‬‬
‫بإيقاعه في فخ ما أو غيرها‪ ،‬دون تعظيم الثر الواقع على المخطئ أو مدبر المقلب‪ ،‬ومن المثلة‬
‫الشهيرة لهذا الفكر الخاطئ تربويا‪ :‬الفلم المتحركة في قصة " توم وجيري " ‪ ،‬وهذه القصة رغم‬
‫ما بلغته من شهرة جماهيرية لدى الجيال إل أنها فاسدة تربويا‪ ،‬ترسّب هذه الفلم في وعي‬
‫الطفل نمطا سلوكيا خاطئا‪ ،‬يقلده الطفل ويتمثل به ليحقق ذات المتعة والشقاوة الفكرية على من‬
‫حوله‪ ،‬ويحس بالتفوق على الخرين‪ ،‬وكذلك تلك الفلم التي تسخر من السود وتؤدي إلى نبذ‬
‫الجنس الخر السود فهذا يرسب الضغينة والحقد في نفوس الطفال‪ ،‬ويؤسس التفرقة والتشرذم ل‬
‫الوحدة والتآلف‪.‬‬

‫فتلك مقتطفات من واقع القصص المقدمة للطفال والتي كان يفترض أن تكون تربوية‪.‬‬
‫ربما يقول البعض إن القصص المناسب طرحها للطفال قليلة وغير مفيدة وهذا كلم غير صحيح‬
‫ففي الكتاب والسنة الكثير من القصص المفيد وكل قصص الكتاب والسنة مفيد‪.‬‬

‫فمن القصص المناسبة للطفال والتي سنتاول بعضها‪:‬‬


‫‪ .1‬قصة يونس في بطن الحوت‬
‫‪ .2‬قصة أبي هريرة مع الشيطان‬
‫‪ .‬قصة خشبة المقترض‬
‫‪ .4‬قصة الثلثة أصحاب الغار‬
‫‪ .5‬قصة أصحاب الخدود‬
‫‪ .6‬قصة أنس مع سر النبي صَلّى اللّهُ عََل ْيهِ َوسَلّ َم‬
‫‪ .7‬قصة عبد ال بن عمر مع الراعي ‪ " ..‬قل له أكلها الذئب "‬
‫‪ .8‬قصة أم موسى‬
‫‪ .9‬قصة عمر واللبن‬
‫‪ .10‬قصة يوسف‬
‫‪ .11‬قصة معاذ ومعوذ‬
‫‪ .12‬قصة ال ُقبّرة‬
‫‪ .13‬قصة الجمل‬
‫‪ .14‬قصة صاحبة الوشاح " ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا "‬
‫‪ .15‬قصة ابن عمر والنخل‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫وإليك بعضا منها مع بيان لكيفية الستفادة منها وتطبيقها على‬
‫الواقع ؟‬

‫قصة الثلثة أصحاب الغار‬

‫س ِمعْتُ َرسُولَ اللّهِ صَلّى‬ ‫ع ْن ُهمَا قَالَ َ‬ ‫ع َمرَ َرضِيَ اللّهُ َ‬ ‫ع ْبدَ اللّ ِه بْنَ ُ‬ ‫روى البخاري في صحيحه عن َ‬
‫حتّى َأوَوْا ا ْل َمبِيتَ إِلَى غَارٍ فَ َدخَلُوهُ‬ ‫ن َقبَْلكُمْ َ‬ ‫ط ِممّنْ كَا َ‬ ‫اللّهُ عََليْهِ َوسَّلمَ يَقُولُ‪ :‬ا ْنطَلَقَ ثَلَاثَ ُة رَهْ ٍ‬
‫ن َتدْعُوا‬ ‫خرَةِ إل أَ ْ‬ ‫صْ‬
‫ن َهذِهِ ال ّ‬ ‫سدّتْ عََل ْيهِمْ ا ْلغَارَ فَقَالُوا ِإنّ ُه ل ُي ْنجِي ُكمْ مِ ْ‬‫جبَلِ َف َ‬‫خرَةٌ ِمنْ ا ْل َ‬ ‫صْ‬ ‫فَا ْنحَ َدرَتْ َ‬
‫شرْب‬ ‫غ ِبقُ ‪ُ -‬‬ ‫ش ْيخَانِ َكبِيرَانِ َو ُكنْتُ ل أَ ْ‬ ‫ن َ‬‫عمَاِل ُكمْ ‪ ،‬فَقَالَ َرجُلٌ ِم ْن ُهمْ الّل ُهمّ كَانَ لِي َأبَوَا ِ‬ ‫اللّهَ ِبصَالِحِ َأ ْ‬
‫حتّى نَامَا َفحََلبْتُ َل ُهمَا‬ ‫شيْ ٍء يَ ْومًا فََلمْ ُأرِحْ عََل ْي ِهمَا َ‬‫شيّ ‪َ -‬قبَْلهُمَا أَهل ول مَال َف َنأَى بِي فِي طَلَبِ َ‬ ‫ا ْل َع ِ‬
‫غ ِبقَ َقبَْل ُهمَا أَهْل َأوْ مَال فََل ِبثْتُ وَالْ َقدَحُ عَلَى َي َديّ َأ ْن َتظِرُ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫جدْ ُت ُهمَا نَا ِئ َميْنِ َو َكرِهْتُ أَ ْ‬
‫غبُو َق ُهمَا فَ َو َ‬
‫َ‬
‫ع ْندَ ِرجَْليّ‬ ‫صيَاح ِب ُبكَاء بسبب الجوع ‪ِ -‬‬ ‫ص ْبيَ ُة َيتَضَاغَ ْونَ ‪ -‬ال ّ‬ ‫ظ ُهمَا وَال ّ‬ ‫ظهُمَا ُ [َ َف َكرِهْتُ َأنْ أُوقِ َ‬ ‫ستِيقَا َ‬ ‫اْ‬
‫غبُوقَ ُهمَا الّل ُهمّ ِإنْ‬
‫ش ِربَا َ‬‫س َتيْ َقظَا فَ َ‬
‫حتّى َب َرقَ الْ َفجْر فَا ْ‬ ‫حتّى طَلَعَ ا ْل َفجْ ُر ] َ‬ ‫فََلمْ َيزَلْ ذَِلكَ دَ ْأبِي َودَ ْأبَ ُهمَا َ‬
‫س َتطِيعُونَ‬ ‫ش ْيئًا ل َي ْ‬ ‫خرَةِ فَانْ َف َرجَتْ َ‬ ‫صْ‬ ‫ن َهذِهِ ال ّ‬ ‫عنّا مَا َنحْنُ فِي ِه مِ ْ‬ ‫ج ِهكَ فَفَرّجْ َ‬ ‫ت ذَِلكَ ا ْب ِتغَاءَ َو ْ‬ ‫ت فَعَلْ ُ‬ ‫ُكنْ ُ‬
‫خرُوج‪.‬‬ ‫ا ْل ُ‬

‫ت َأحَبّ النّاسِ إَِل ّ‬


‫ي‬ ‫عمّ كَانَ ْ‬ ‫َ قَالَ ال ّن ِبيّ صَلّى اللّهُ عََليْهِ َوسَّلمَ َوقَالَ الخر الّل ُهمّ كَانَتْ لِي ِبنْتُ َ‬
‫ت ل َتنَالُ ذَِلكَ ِم ْنهَا‬ ‫سنِينَ َفجَا َء ْتنِي [فَقَالَ ْ‬
‫ن ال ّ‬ ‫سنَ ٌة مِ ْ‬
‫حتّى أََلمّتْ ِبهَا َ‬ ‫سهَا فَا ْم َت َنعَتْ ِمنّي َ‬‫عنْ نَ ْف ِ‬ ‫َفَأرَ ْد ُتهَا َ‬
‫ن ُتخَلّيَ‬‫شرِينَ َومِائَ َة دِينَارٍ عَلَى أَ ْ‬ ‫عْ‬ ‫عطَ ْي ُتهَا ِ‬‫ج َمعْ ُتهَا ] َفأَ ْ‬‫حتّى َ‬‫س َعيْتُ فِيهَا َ‬ ‫ط َيهَا مِائَ َة دِينَارٍ َف َ‬ ‫حتّى ُت ْع ِ‬ ‫َ‬
‫ح ّرجْتُ‬ ‫ض ا ْلخَاتَ َم إل ِبحَقّ ِه ] فَ َت َ‬
‫حتّى ِإذَا قَ َدرْتُ عََل ْيهَا قَالَتْ ا ّتقِ اللّ َه ول تَفُ ّ‬ ‫سهَا فَ َفعَلَتْ َ‬ ‫َب ْينِي َو َب ْينَ نَ ْف ِ‬
‫ت الذّهَبَ اّلذِي‬ ‫ب النّاسِ إَِليّ َوتَ َركْ ُ‬ ‫ع ْنهَا [ فَ ُقمْتُ َو َت َركْ ُتهَا] وَ ِهيَ َأحَ ّ‬ ‫ن ا ْل ُوقُوعِ عََل ْيهَا فَا ْنصَ َرفْتُ َ‬ ‫مِ ْ‬
‫ع ْن ُهمْ‬
‫خرَةُ [فَ َفرَجَ َ‬ ‫صْ‬ ‫عنّا مَا َنحْنُ فِي ِه فَانْ َف َرجَتْ ال ّ‬ ‫ج ِهكَ فَافْرُجْ َ‬ ‫ت ا ْب ِتغَاءَ َو ْ‬
‫ت فَعَلْ ُ‬
‫طيْ ُتهَا الّل ُهمّ ِإنْ ُكنْ ُ‬ ‫عَ‬ ‫َأ ْ‬
‫خرُوجَ ِم ْنهَا‬‫ن ا ْل ُ‬
‫غ ْيرَ َأ ّن ُهمْ ل َيسْ َتطِيعُو َ‬ ‫ن] َ‬ ‫الثُّل َثيْ ِ‬

‫جرَهُمْ ( َأيْ ‪:‬‬ ‫ط ْي ُت ُهمْ َأ ْ‬


‫عَ‬‫جرَا َء فَأَ ْ‬ ‫جرْتُ ُأ َ‬ ‫س َتأْ َ‬
‫ث الّل ُهمّ ِإنّي ا ْ‬
‫قَالَ ال ّن ِبيّ صَلّى اللّهُ عََل ْيهِ َوسَّلمَ َوقَالَ الثّالِ ُ‬
‫حتّى َك ُثرَتْ ِمنْ ُه الموال َفجَا َءنِي َب ْعدَ حِينٍ‬ ‫جرَهُ َ‬ ‫ت َأ ْ‬
‫حدٍ َت َركَ اّلذِي َلهُ َوذَهَبَ َف َثمّرْ ُ‬ ‫غيْ َر رَجُلٍ وَا ِ‬ ‫َثمَنه) َ‬
‫ج ِركَ ِمنْ ا ْلِإبِلِ وَا ْلبَ َقرِ وَا ْل َغ َنمِ وَال ّرقِيقِ فَقَالَ‬ ‫ل مَا َترَى مِنْ َأ ْ‬ ‫جرِي فَقُلْتُ َلهُ كُ ّ‬ ‫ع ْبدَ اللّهِ َأ ّد إَِليّ َأ ْ‬
‫فَقَالَ يَا َ‬
‫ش ْيئًا الّل ُهمّ َفإِنْ‬
‫ستَاقَهُ فََلمْ َي ْت ُركْ ِمنْهُ َ‬ ‫ستَ ْه ِزئُ ِبكَ َفَأخَذَ ُه كُلّ ُه فَا ْ‬
‫ئ بِي فَقُلْتُ ِإنّي ل َأ ْ‬ ‫ع ْبدَ اللّهِ لَا َتسْ َت ْهزِ ُ‬
‫يَا َ‬
‫خ َرجُوا َي ْمشُونَ ‪.‬‬ ‫خرَةُ َف َ‬ ‫صْ‬ ‫عنّا مَا َنحْنُ فِي ِه فَانْ َف َرجَتْ ال ّ‬ ‫ج ِهكَ فَا ْفرُجْ َ‬‫ت ذَِلكَ ا ْب ِتغَاءَ َو ْ‬ ‫ت فَعَلْ ُ‬ ‫ُكنْ ُ‬

‫الفوائد من هذه القصة‪:‬‬

‫‪36‬‬
‫سبِيلِ ِه َلعَّل ُكمْ تُفِْلحُونَ)‬
‫قال ال تعالى ‪( :‬يَا َأ ّيهَا اّلذِينَ آ َمنُوا اتّقُوا اللّهَ وَا ْب َتغُوا إَِليْهِ ا ْل َوسِيلَةَ َوجَا ِهدُوا فِي َ‬
‫‪ ،‬قال قتادة ‪ :‬تقربوا إليه بطاعته ‪ ،‬والعمل بما يرضيه ‪.‬‬

‫‪ -1‬العمال الصالحة وقت الرخاء يستفيد منها النسان وقت الشدة ‪ ،‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ( أحفظ ال يحفظك ‪ ،‬أحفظ ال تجده تجاهك ‪ ،‬تعرف إلى ال في الرخاء ‪ ،‬يعرفك في الشدة)‬
‫‪.‬‬

‫‪ -2‬يجب على المسلم أن يلجأ إلى ال وحده دائما بالدعاء وخاصة حين نزول الشدائد ‪ ،‬ومن‬
‫ن اللّ ِه مَا لَ يَن َف ُعكَ َولَ‬
‫ل َت ْدعُ مِن دُو ِ‬
‫الشرك الكبر دعاء الموات الغائبين ‪ ،‬قال ال تعالى ‪َ ( :‬و َ‬
‫ن الظّالِمِينَ) ‪ -‬الظالمين ‪ :‬المشركين ‪.‬‬ ‫ك ِإذًا مّ َ‬
‫ك فَإِن َفعَلْتَ َفِإنّ َ‬
‫ضرّ َ‬
‫َي ُ‬

‫‪ -3‬مشروعية التوسل إلى ال بالعمال الصالحة ‪ ،‬وهي نافعة ومفيدة ‪ ،‬ول سيما عند الشدة ‪،‬‬
‫وعدم مشروعية التوسل بالذوات والجاه ‪.‬‬

‫‪ -4‬حب ال مقدم على حب ما تهوى النفوس من الشهوات ‪.‬‬

‫‪ -5‬من ترك الزنى والفجور خوفا من المولى نجاه ال من البلوى ‪.‬‬

‫‪ -6‬من حفظ حقوق العمال حفظه ال وقت الشدة ‪ ،‬ونجاه من المحنة ‪.‬‬

‫‪ -7‬الدعاء إلى ال مع التوسل بالعمل الصالح يفتت الصخور ‪.‬‬

‫‪ -8‬بر الوالدين وإكرامهما على الزوجة والولد ‪.‬‬

‫‪ -9‬حق الجير يحفظ له ‪ ،‬ول يجوز تأخيره ‪ ،‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ( أعطوا‬
‫الجير حقه قبل أن يجف عرقه) ‪.‬‬

‫‪ -10‬استحباب تنمية مال الجير الذي ترك حقه ‪ ،‬وهو عمل جليل ‪ ،‬وهو من حق الجير ‪.‬‬

‫‪ -11‬شرع من قبلنا هو شرع لنا إذا أخبر به ال تعالى أو رسوله صلى ال عليه وسلم على طريق‬
‫المدح ‪ ،‬ولم يثبت نسخه ‪ ،‬وهذه القصة قصها علينا رسول ال صلى ال عليه وسلم في مدح هؤلء‬
‫النفر الثلثة لنقتدي بهم في عملهم ‪.‬‬

‫‪ -12‬طلب الخلص في العمل حيث قال كل واحد ( اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج‬
‫عنا ما نحن فيه) ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫سمِيعُ‬
‫شيْءٌ وَهُ َو ال ّ‬ ‫‪ -13‬إثبات الوجه ل سبحانه من غير تشبيه ‪ ،‬قال ال تعالى ‪َ( :‬ليْ َ‬
‫س َك ِمثْلِهِ َ‬
‫ال َبصِيرُ)‬

‫قصة خشبة المقترض‬


‫وهذه قصة خشبة المقترض المين فلننظر كيف يمكن أن نربي أبنائنا على المانة ورد المانة من‬
‫خلل سرد القصص ؟‬

‫ن َرسُولِ اللّ ِه صَلّى اللّهُ‬


‫عنْهُ عَ ْ‬
‫ضيَ اللّهُ َ‬
‫ن َأبِي ُه َريْرَ َة رَ ِ‬
‫روى البخاري رحمه ال في صحيحه ‪ :‬عَ ْ‬
‫عََليْهِ‬

‫ن ُيسْلِفَ ُه أَ ْلفَ دِينَارٍ [في رِوَايَة َأبِي‬


‫سرَائِيلَ أَ ْ‬
‫سأَلَ َبعْضَ َبنِي ِإ ْ‬
‫ل َ‬‫سرَائِي َ‬
‫ن َبنِي ِإ ْ‬
‫َوسَّلمَ َأنّ ُه َذكَرَ َرجُل مِ ْ‬
‫ن ُيسْلِف النّاس ِإذَا َأتَا ُه ال ّرجُل ِبكَفِيلٍ " وفي رواية بها مجهول‬ ‫ن َبنِي ِإسْرَائِيل كَا َ‬‫سََلمَة " َأنّ َرجُلًا مِ ْ‬
‫أنه النجاشي ]‬

‫ص َدقْتَ‬
‫شهِيدًا قَالَ َف ْأ ِتنِي بِا ْلكَفِيلِ قَالَ كَفَى بِاللّ ِه كَفِيلًا قَالَ َ‬
‫ل كَفَى بِاللّ ِه َ‬
‫ش ِهدُهُمْ فَقَا َ‬
‫ش َهدَاءِ ُأ ْ‬
‫فَقَالَ ا ْئ ِتنِي بِال ّ‬
‫س ْبحَان اللّه َنعَ ْم " ] ‪ .‬رضي بكفالة ال‪ ,‬مما يدل على إيمان صاحب الدين ‪ ,‬وثقته بال عز‬ ‫[ فَقَالَ " ُ‬
‫وجل ‪.‬‬

‫ل ُمسَمّى ‪.‬‬
‫َفدَ َف َعهَا إَِليْ ِه [ َأيْ ا ْلأَلْف دِينَار ] إِلَى َأجَ ٍ‬
‫جتَهُ‬
‫خرَجَ فِي ا ْل َبحْرِ فَ َقضَى حَا َ‬ ‫َف َ‬

‫شبَ ًة َفنَقَرَهَا [ َأيْ حَ َفرَهَا] ‪.‬‬


‫خَ‬‫جدْ َفَأخَذَ َ‬
‫س مَ ْر َكبًا َي ْر َكبُهَا يَ ْق َدمُ عََليْ ِه لِلجَلِ اّلذِي َأجَّلهُ فََلمْ َي ِ‬
‫ُثمّ ا ْل َتمَ َ‬
‫صحِيفَ ًة ِمنْ ُه إِلَى صَاحِبِهِ‬
‫ف دِينَارٍ َو َ‬ ‫َفَأ ْدخَلَ فِيهَا أَ ْل َ‬

‫ن فُلَان أَ ْلفَ دِينَارٍ‬


‫س َتسْلَفْت مِ ْ‬
‫ك َتعْلَمُ َأنّي ُكنْتُ ا ْ‬ ‫حرِ فَقَالَ الّل ُهمّ ِإ ّن َ‬ ‫ض َعهَا ُثمّ َأتَى ِبهَا إِلَى ا ْل َب ْ‬‫ج مَ ْو ِ‬ ‫ُثمّ َزجّ َ‬
‫ضيَ ِبكَ وََأنّي‬‫شهِيدًا َفرَ ِ‬‫شهِيدًا فَقُلْتُ كَفَى بِاللّهِ َ‬ ‫سأََلنِي َ‬ ‫سأََلنِي كَفِيلَا فَقُلْتُ كَفَى بِاللّهِ كَفِيلًا فَ َرضِيَ َو َ‬ ‫َف َ‬
‫ع َكهَا‬
‫ستَ ْودِ ُ‬
‫ج َد مَ ْر َكبًا َأ ْبعَثُ إَِل ْيهِ اّلذِي َلهُ فََلمْ َأ ْق ِدرْ وَِإنّي َأ ْ‬
‫ج َهدْتُ َأنْ َأ ِ‬
‫َ‬

‫ي َدخَلَتْ فِي ا ْل َبحْر ]‬ ‫ت فِيهِ [َأ ْ‬ ‫حتّى وََلجَ ْ‬ ‫حرِ َ‬ ‫َف َرمَى ِبهَا فِي ا ْل َب ْ‬
‫رماها وهو واثق بال ‪ ,‬متوكل عليه ‪ ,‬مطمئن أنه استودعها من ل تضيع عنده الودائع ‪.‬‬
‫ن َأسْلَفَ ُه َي ْنظُرُ َلعَلّ‬‫خرَجَ ال ّرجُلُ اّلذِي كَا َ‬ ‫خرُجُ إِلَى بََلدِهِ َف َ‬ ‫صرَفَ وَهُ َو فِي ذَِلكَ يَ ْل َتمِسُ َم ْر َكبًا َي ْ‬ ‫ُثمّ ا ْن َ‬
‫ط َعهَا بِا ْل ِمنْشَارِ ]‬
‫شرَهَا [قَ َ‬ ‫حطَبًا فََلمّا َن َ‬
‫خذَهَا لهله َ‬ ‫شبَةِ اّلتِي فِيهَا ا ْلمَالُ َفَأ َ‬ ‫خَ‬‫َم ْر َكبًا قَ ْد جَاءَ ِبمَالِ ِه فَِإذَا بِا ْل َ‬
‫عرَفَ " ‪.‬‬ ‫جدَ ا ْلمَال ) فَ َقرَأَهَا َو َ‬ ‫صحِي َفةَ ( َو َ‬ ‫جدَ ا ْلمَالَ وَال ّ‬ ‫َو َ‬
‫قال صلى ال عليه وسلم ‪ُ :‬ثمّ َقدِ َم اّلذِي كَانَ َأسْلَ َفهُ َفَأتَى بِا ْلأَلْفِ دِينَارٍ فَقَالَ وَاللّ ِه مَا زِلْتُ جَا ِهدًا فِي‬
‫شيْءٍ قَالَ‬ ‫ت إَِليّ ِب َ‬ ‫ل ُكنْتَ َب َعثْ َ‬ ‫ت فِيهِ قَالَ هَ ْ‬
‫جدْتُ َم ْر َكبًا َقبْلَ اّلذِي َأ َتيْ ُ‬ ‫ب ل ِتيَكَ ِبمَاِلكَ َفمَا َو َ‬ ‫ب مَ ْركَ ٍ‬ ‫طَلَ ِ‬

‫‪38‬‬
‫خشَبَةِ‬
‫ك اّلذِي َب َعثْتَ فِي ا ْل َ‬
‫ع ْن َ‬
‫جئْتُ فِي ِه قَالَ َفإِنّ اللّهَ َقدْ َأدّى َ‬
‫جدْ َم ْر َكبًا َقبْلَ اّلذِي ِ‬
‫خ ِب ُركَ َأنّي َلمْ َأ ِ‬
‫ُأ ْ‬
‫شدًا ‪.‬‬‫ص ِرفْ بِا ْلأَلْفِ الدّينَارِ رَا ِ‬ ‫فَانْ َ‬

‫عنْك ‪َ ,‬وقَ ْد بََل َغنَا ا ْلأَلْف‬


‫ص َرفَ بِا ْلأَلْفِ الدّينَار رَاشِدًا ) وفي حديث آخر " َقدْ َأدّى اللّه َ‬
‫قَوْله ‪ ( :‬وَانْ َ‬
‫فِي التّابُوت ‪َ ,‬فَأ ْمسِكْ عََليْك أَلْفك "‬

‫يعني لما تيسرت للمدين العودة إلى بلده ‪,‬جاء بسرعة إلى صاحب الدين ‪ ,‬ومعه ألف دينار أخرى ‪,‬‬
‫خوفا منه أن تكون اللف الولى لم تصل إليه ‪ ,‬فبدأ يبين عذره وأسباب تأخره عن الموعد ‪,‬‬
‫فأخبره الدائن بأن ال عز وجل الذي جعله الرجل شاهده وكفيله ‪ ,‬قد أدى عنه دينه في موعده‬
‫المحدد ‪.‬‬

‫عنْد َرسُول اللّه صَلّى اللّه عََليْ ِه َوسَلّمَ َي ْكثُر ِمرَا ُؤنَا وََلغَطنَا ‪َ ,‬أيّهمَا آمَن‬
‫ل َأبُو ُه َر ْيرَة وَلَ َقدْ رََأيْتنَا ِ‬
‫قَا َ‬
‫"؟‬

‫وَفِي الحديث من الفوائد‪:‬‬


‫ن صَحّ َت َوكّله َتكَفّلَ اللّه ِب َنصْرِ ِه وَعَوْنه ‪.‬فما أحوج النسان في زمن •‬
‫ن مَ ْ‬
‫َفضْل التّ َوكّل عَلَى اللّه وَأَ ّ‬
‫طغت فيه المادة ‪ ,‬وتعلق الناس فيه بالسباب إل من رحم ال‪ ,‬إلى أن يجدد في نفسه قضية الثقة‬
‫بال ‪ ,‬والعتماد عليه في قضاء الحوائج ‪ ,‬وتفريج الكروب ‪ ,‬فقد يتعلق العبد بالسباب ‪ ,‬ويركن‬
‫إليها ‪ ,‬وينسى مسبب السباب الذي بيده مقاليد المور ‪ ,‬وخزائن السماوات والرض ‪ ,‬ولذلك نجد‬
‫أن ال عز وجل يبين في كثير من المواضع في كتابه هذه القضية ‪ ,‬كما في قوله تعالى ‪{ :‬وكفى‬
‫بال شهيدا} (الفتح ‪ , )28‬وقوله ‪{ :‬وكفى بال وكيل } (الحزاب ‪ , )3‬وقوله ‪ { :‬أليس ال بكاف‬
‫عبده } (الزمر ‪ , )36‬كل ذلك من أجل ترسيخ هذا المعنى في النفوس ‪ ,‬وعدم نسيانه في زحمة‬
‫الحياة ‪ ,‬وجاءتنا السنة بقصة هذين الرجلين من المم السابقة ‪ ,‬اللذين ضربا أروع المثلة لهذا‬
‫‪ .‬المعنى‬

‫إن هذه القصة تدل على عظيم لطف ال وحفظه ‪ ,‬وكفايته لعبده إذا توكل عليه وفوض المر إليه •‬
‫‪ ,‬وأثر التوكل على ال في قضاء الحاجات ‪ ,‬فالذي يجب على النسان أن يحسن الظن بربه على‬
‫الدوام ‪ ,‬وفي جميع الحوال ‪ ,‬وال عز وجل عند ظن العبد به ‪ ,‬فإن ظن به الخير كان ال له بكل‬
‫‪ .‬خير أسرع ‪ ,‬وإن ظن به غير ذلك فقد ظن بربه ظن السوء‬

‫إذا بلغ العبد الغاية من الزهد ‪ ،‬أخرجه ذلك إلى التوكل •‬


‫فإذا اتكلت فكن بربك واثقا ل ما تحصل عندك الموثوق‬
‫حقّ َت َوكّلِ ِه َلرُ ِز ْقتُمْ َكمَا يُ ْر َزقُ‬
‫ل اللّ ِه صَلّى اللّهُ عََليْهِ َوسَّلمَ َلوْ َأ ّن ُكمْ ُك ْن ُتمْ تَ َوكّلُونَ عَلَى اللّهِ َ‬
‫قَالَ َرسُو ُ‬
‫خمَاصًا َو َترُوحُ ِبطَانًا‬ ‫طيْرُ َت ْغدُو ِ‬‫‪ .‬ال ّ‬
‫شيْءٍ َقدْرا) (الطلق‪(...3:‬‬ ‫ل َ‬
‫جعَلَ اللّهُ ِلكُ ّ‬
‫سبُهُ ِإنّ اللّهَ بَالِ ُغ َأ ْمرِهِ َقدْ َ‬ ‫حْ‬ ‫) َومَ ْ‬
‫ن َيتَ َوكّلْ عَلَى اللّهِ َفهُ َو َ‬

‫‪39‬‬
‫قصة جرة الذهب‬
‫كما جاء في الحديث الصحيح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬اشترى رجل من رجل عقارا‬
‫!! له (أرضا) فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب‬
‫!! المشتري (للبائع) ‪ :‬خذ ذهبك مني ‪ ،‬إنما اشتريت منك الرض ‪ ،‬ولم أشتر منك الذهب‬
‫‪ - .‬البائع (ممتنعا) ‪ :‬إنما بعتك الرض وما فيها ‪ – .‬يحتكمان إلى رجل‬
‫الحكم ‪ :‬ألكما ولد ؟‬
‫‪ .‬أحدهما ‪ :‬لي غلم‬
‫‪ .‬الخر ‪ :‬لي جارية‬
‫‪ .‬الحكم ‪ :‬أنحكوا (زوجوا) الغلم للجارية وأنفقوا عن أنفسكما منه ‪ ،‬وتصدقا‬

‫من فوائد القصة‬


‫‪) .‬أداء المانة مطلوب لقول ال تعالى ‪ِ( :‬إنّ اللّهَ َي ْأ ُم ُركُمْ َأنْ ُت َؤدّوا ا ْلَأمَانَاتِ إِلَى أَهِْلهَا ‪1-‬‬
‫‪ .‬القناعة كنز ل يفنى تعود بالخير والبركة على صاحبها ‪2-‬‬
‫مشروعية الحتكام إلى عالم بالكتاب والسنة ‪ ،‬دون الذهاب إلى المحاكم المدنية التي تضيع ‪3-‬‬
‫شيْ ٍء فَ ُردّو ُه إِلَى اللّهِ وَال ّرسُولِ‬
‫ع ُتمْ فِي َ‬ ‫)الموال والوقات عملً بقول ال تعالى ‪َ ( :‬فِإنْ َتنَازَ ْ‬
‫‪ :-‬من رضي بما أعطاه ال كان من أغنى الناس لقوله صلى ال عليه وسلم ‪4-‬‬
‫‪) .‬أ‪( -‬وأرضَ بما قسمه ال لك تكن أغنى الناس‬
‫‪ .‬ب‪ -‬ليس الغنى عن كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس‬
‫الرزق مقسوم ‪ ،‬ل بد أن يصل إليك في وقته ومقداره قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪5- :‬‬
‫( لو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من الموت لدركه رزقه كما يدركه الموت) قال الشيخ‬
‫‪.‬اللباني رحمه ال‪ :‬رواه الطبراني في الوسط والصغير بإسناد حسن‬
‫على المسلم أن يقنع بالحلل ‪ ،‬ويترك الحرام والطمع فيما ليس له ‪ ،‬ويأخذ بالسباب المشروعة ‪6-‬‬
‫‪ :‬للرزق ‪ ،‬وأن العمل الصالح يكفل له السعادة في الدنيا والخرة ‪ ،‬قال النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫(‬
‫‪) .‬اتقوا ال وأحملوا في الطلب‬
‫‪ .‬الحكم العادل يرضي المحتكمين ‪7-‬‬
‫‪ .‬عدم الطمع فيما ليس للنسان ‪8-‬‬
‫كيف نربي أبنائنا على مراقبة ال وأن ال معنا ويراقبنا ؟‬

‫‪40‬‬
‫‪:‬قصة ابن عمر والراعي‬
‫) ذكر هذه القصة ابن الجوزي رحمه ال في صفة الصفوة ( ‪188 / 2‬‬
‫قال نافع ‪ :‬خرجت مع ابن عمر في بعض نواحي المدينة ومعه أصحاب له فوضعوا سفرة فمر‬
‫بهم راع‬
‫‪.‬فقال له عبد ال ‪ :‬هلم يا راعي فأصب من هذه السفرة‬
‫فقال ‪ :‬إني صائم‬
‫فقال له عبد ال ‪ :‬في مثل هذا اليوم الشديد حره وأنت في هذه الشعاب في آثار هذه الغنم وبين‬
‫الجبال ترعى هذه الغنم وأنت صائم‬
‫فقال الراعي ‪ :‬أبادر أيامي الخالية فعجب ابن عمر‬
‫وقال ‪ :‬هل لك أن تبيعنا شاة من غنمك نجتزرها ونطعمك من لحمها ما تقطر عليه وتعطيك ثمنها‬
‫قال ‪ :‬إنها ليست لي إنها لمولي‬
‫! قال ‪ :‬فما عسيت أن يقول لك مولك إن قلت أكلها الذئب ‪...‬؟‬
‫فمضى الراعي وهو رافع إصبعه إلى السماء وهو يقول فأين ال ؟؟؟‬
‫قال ‪ :‬فلم يزل ابن عمر يقول ‪ :‬قال ‪ :‬الراعي فأين ال‬
‫فما عدا أن قدم المدينة فبعث إلى سيده فاشترى منه الراعي والغنم فأعتق الراعي ووهب له الغنم‬
‫رحمه ال‬

‫‪ :‬فهذه القصة احتوت على كثير من الفوائد والعبر منها‬


‫الحث على الكرم فعبد ال بن عمر لم يستأثر بالسفرة مع أصحابه دون الراعي وقد مر بهم بل‬
‫دعاه ليأكل معهم وهكذا فإن الولد الكريم إذا أحضر طعاما إلى المدرسة أو الرحلة فإنه يضيّف‬
‫أصحابه ويعرض عليهم مشاركته فيه‬
‫وكذلك الصيام وأن الراعي على الرغم من أنه يعمل عملً شاقا وفي يوم حار لكنه يحتسب ذلك‬
‫ليوم الحساب والجزاء‬
‫وكيف أن ابن عمر رضي ال عنهما أحب أن يختبر أمانة الراعي فأعجبه جوابه وقيل أنه بكى‬
‫لقول الراعي وهو رافع إصبعيه إلى السماء فأين ال‬
‫وهنا درس عظيم الخر وهو تنمية الصلة بال وخشيته في الغيب والشهادة وغرس روح المراقبة‬
‫‪ :‬في النفوس كالشاعر الذي قال‬
‫ي رقيب‬ ‫خلوت ولكن قل عل ّ‬ ‫إذا ما خلوت الدهر يوما فل تقل‬
‫ول أن ما تُخفي عليه يغيب‬ ‫ول تحسبن ال يغفل سـاعـة‬

‫‪:‬ونفس الغرض الذي أراده ابن السّماك‬

‫يا مدمن الذنب أما تستحي والُ في الخلـوة ثانيكـا‬


‫وستره طول مساويكا‬ ‫غـرك من ربـك إمهالـه‬

‫‪41‬‬
‫وفي القصة العاقبة الحميدة لمن نال هذه الصفات فالراعي الذي سمعنا عنه في هذه القصة كان‬
‫ل يأكل من تعب يده برعي الغنم وكان مع ذلك عابدا يصوم في النهار حتى في اليام الحارة‬ ‫عام ً‬
‫وكان أمينا في عمله يراقب ال عز وجل في نفسه وأن مطلع عليه فصلته بال قوية ولذلك رفض‬
‫المكسب الحرام مع أنه قادر عليه ومتمكن منه ولم يستغل عمله وأمانته ولم يسرق منها فأعقبه ال‬
‫الحسنى فعندما رأى عبد ال بن عمر تلك الصفات أعتقه واشترى له الغنم ووهبه له‬
‫فمن عبد يرعى غنم صاحبه إلى حر يملك حللً كثيرا‬
‫)) وإنه سنة عظمية يجب تربية البناء عليها (( من ترك شيئا ل عوضه ال خيرا منه‬
‫إنها قاعدة لو شربها أطفالنا منذ الصغر لجنبتهم الكثير من الحرام والمنكرات في الكبر‬
‫تربية البناء على تجنب الغش وتحريمه ؟‬
‫لما نهى عمر رضي ال عنه في خلفته عن خلط اللبن بالماء وخرج ذات ليلة في حواشي المدينة‬
‫وأسند ظهره إلى جدار ليرتاح فإذا بامرأة تقول لبنتها إل تمذقين اللبن بالماء فقالت الجارية كيف‬
‫أمذق وقد نهى أمير المؤمنين عن المذق فقالت الم فما يدري أمير المؤمنين ‪ ,‬فقالت الجارية إن‬
‫‪.‬كان عمر ل يعلمه فإله عمر يعلم ما كنت لفعله وقد نهى عنه‬
‫فوقعت مقالتها من عمر فما أصبح دعا عاصما ابنه فوصفها له ومكانها وقال اذهب يا بني‬
‫فتزوجها فتزوجها عاصم بن عمر فولدت له بنتا فتزوجها عبد العزيز بن مروان بن الحكم فأتت‬
‫‪.‬بعمر بن عبد العزيز‬
‫‪ :‬ومن فوائد تلك القصة‬
‫‪ -1‬أن ما أثبته القرآن والسنة من الكتب السابقة نثبته أما خلفه فل نصدقه ول نكذبه إذا لم عرض‬
‫النصوص ‪.‬‬
‫‪ -2‬اجتهاد السلف في تربية أبنائهم ‪.‬‬
‫‪ -3‬استشعار مراقبة ال في السر والعلن ‪.‬‬
‫‪ -4‬عدم التحرج من تقديم النصيحة للوالدين ‪.‬‬
‫‪ -5‬اختيار الزوج والزوجة الصالحة للبنت والبن ‪.‬‬

‫قصة صاحبة الوشاح‬


‫" ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا "‬

‫كيف نربي الطفال على تجنب الظلم ؟‬


‫روى البخاري ‪ -‬رحمه ال تعالى‪ -‬عن عائشة ‪ -‬رضي ال عنها‪ -‬قالت‪ :‬أسلمت امرأة سوداء‬
‫لبعض العرب‪ ،‬وكان لها حفش في المسجد ‪ -‬الحفش‪ :‬هو البيت الصغير الضيق(‪ -.)1‬قالت‪:‬‬
‫فكانت تأتينا فتحدث عندنا‪ ،‬فإذا فرغت من حديثها قالت‪:‬‬

‫أل إنّه من بلدة الكفر نجاني‬ ‫ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا‬

‫فلما أكثرت قالت لها عائشة‪ :‬وما يوم الوشاح؟! قالت‪ :‬خرجت جويرية لبعض أهلي وعليها وشاح‬
‫من أدم‪ ،‬فسقط منها‪ ،‬فانحطت عليه الحديّا وهي تحسبه لحما‪ ،‬فأخذته‪ .‬فاتهموني به‪ - ،‬أي بسرقة‬

‫‪42‬‬
‫الوشاح‪ -‬فعذبوني حتى بلغ من أمري أنهم طلبوا في قتلي‪ ،‬وبينما هم حولي وأنا في كربي إذ‬
‫أقبلت الحديّا حتى وازت (‪ )2‬برؤوسنا‪ ،‬ثم ألقته فأخذوه‪ ،‬فقلت لهم‪ :‬هذا الذي اتهمتموني به وأنا‬
‫منه بريئة ] (‪.)3‬‬

‫ما يؤخذ من القصة‪:‬‬


‫َوفِي الحديث من الفوائد ‪:‬‬
‫‪ .1‬استجابة دعوة المظلوم ولو كان كافرا؛ لن المرأة ما أسلمت إل بعد قدومها إلى المدينة‪.‬‬
‫‪ .2‬الخروج من البلد الذي يحصل للمرء فيه المحنة ؛ فلعله يتحول إلى ما هو خير منه؛ كما وقع‬
‫لهذه المرأة وكما أخبر ال‪(( :‬ومن يهاجر في سبيل ال يجد في الرض مراغما كثيرا وسعة))(‪)4‬‬
‫إرغاما لنوف الذين اضطهدوه‪ ،‬وسعة له في الرزق‪.‬‬
‫‪ .3‬الهجرة من دار الكفر إلى دار السلم‪.‬‬
‫إباحة المبيت والقيلولة في المسجد لمن ل مسكن له من المسلمين رجلً كان أو امرأة بشرط أمن‬
‫الفتنة‪ ،‬وإباحة الستظلل في المسجد بخيمة ونحوها‪.‬‬

‫قصة أبي هريرة مع الشيطان‬


‫كيف نعلم أولدنا التوقي من الشيطان والتعود على الذكار ؟‬
‫قال البخاري رحمه ال ( باب الوكالة )‪:‬‬

‫ل اللّ ِه صَلّى اللّهُ عََليْهِ َوسَّلمَ ِبحِ ْفظِ َزكَا ِة َرمَضَا َ‬


‫ن‬ ‫عنْ ُه قَالَ‪َ :‬وكَّلنِي َرسُو ُ‬ ‫ضيَ اللّهُ َ‬ ‫ن َأبِي ُه َريْرَ َة رَ ِ‬ ‫عَ ْ‬
‫ل اللّ ِه صَلّى اللّهُ عََليْهِ َوسَّلمَ‬ ‫لرْ َف َع ّنكَ إِلَى َرسُو ِ‬ ‫خ ْذتُهُ َوقُلْتُ وَاللّ ِه َ‬ ‫طعَامِ َفأَ َ‬‫حثُو ِمنْ ال ّ‬ ‫جعَلَ َي ْ‬ ‫ت َف َ‬ ‫َفَأتَانِي آ ٍ‬
‫ص َبحْتُ فَقَالَ ال ّن ِبيّ صَلّى اللّهُ عََليْهِ‬ ‫عنْ ُه َفأَ ْ‬
‫شدِيدَ ٌة قَالَ َفخَلّيْتُ َ‬ ‫عيَالٌ وَلِي حَاجَ ٌة َ‬ ‫حتَاجٌ وَعََليّ ِ‬ ‫قَالَ ِإنّي ُم ْ‬
‫ح ْمتُهُ‬ ‫عيَال فَ َر ِ‬ ‫شدِيدَةً َو ِ‬‫شكَا حَاجَ ًة َ‬ ‫ل اللّهِ َ‬ ‫َوسَّلمَ يَا َأبَا ُه َر ْيرَةَ مَا َفعَلَ َأسِي ُركَ ا ْلبَا ِرحَةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُو َ‬
‫ل رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عََل ْيهِ َوسَّلمَ‬ ‫س َيعُودُ ِلقَوْ ِ‬ ‫س َيعُودُ َفعَ َرفْتُ َأنّهُ َ‬ ‫ل َأمَا ِإنّ ُه قَ ْد َكذَ َبكَ َو َ‬‫سبِيلَ ُه قَا َ‬
‫َفخَّليْتُ َ‬
‫لرْ َف َع ّنكَ إِلَى َرسُولِ اللّ ِه صَلّى اللّهُ عََليْهِ‬ ‫ت َ‬ ‫خ ْذتُهُ فَقُلْ ُ‬
‫طعَامِ َفَأ َ‬
‫ن ال ّ‬ ‫حثُو مِ ْ‬‫ص ْدتُ ُه فَجَا َء َي ْ‬‫س َيعُودُ َفرَ َ‬ ‫ِإنّهُ َ‬
‫ص َبحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ‬ ‫سبِيلَ ُه َفأَ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ح ْمتُ ُه فَخَّليْ ُ‬‫عيَالٌ ل أَعُودُ َفرَ ِ‬ ‫حتَاجٌ وَعََليّ ِ‬ ‫عنِي َفِإنّي ُم ْ‬ ‫ل دَ ْ‬ ‫َوسَّلمَ قَا َ‬
‫عيَال‬ ‫شدِيدَةً َو ِ‬ ‫شكَا حَاجَ ًة َ‬ ‫اللّهِ صَلّى اللّهُ عََليْهِ َوسَّلمَ يَا َأبَا ُه َر ْيرَةَ مَا َفعَلَ َأسِي ُركَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللّهِ َ‬
‫خ ْذتُهُ‬ ‫طعَامِ َفَأ َ‬ ‫ن ال ّ‬‫حثُو مِ ْ‬‫صدْتُ ُه الثّاِلثَ َة فَجَا َء َي ْ‬‫سيَعُو ُد فَ َر َ‬ ‫سبِيلَهُ قَالَ َأمَا ِإنّهُ َقدْ َك َذ َبكَ َو َ‬ ‫َف َرحِ ْمتُ ُه َفخَّليْتُ َ‬
‫عنِي أُعَّل ْمكَ‬ ‫عمُ ل َتعُودُ ُثمّ َتعُو ُد قَالَ دَ ْ‬ ‫ث َمرّاتٍ َأ ّنكَ َتزْ ُ‬ ‫خرُ ثَلَا ِ‬ ‫لرْ َف َع ّنكَ إِلَى َرسُولِ اللّهِ وَ َهذَا آ ِ‬ ‫ت َ‬‫فَقُلْ ُ‬
‫شكَ فَاقْرَأْ آ َيةَ ا ْل ُك ْرسِيّ اللّ ُه لا إِلَ َه إِل ُهوَ‬ ‫ت إِلَى ِفرَا ِ‬ ‫ك اللّ ُه ِبهَا قُلْتُ مَا ُهوَ قَالَ ِإذَا أَ َويْ َ‬ ‫كَِلمَاتٍ َينْ َف ُع َ‬
‫صبِحَ‬ ‫حتّى تُ ْ‬ ‫ن َ‬‫شيْطَا ٌ‬
‫ن اللّ ِه حَا ِفظٌ ول يَ ْق َر َب ّنكَ َ‬ ‫خ ِتمَ الْآيَ َة فَِإ ّنكَ َلنْ َيزَالَ عََل ْيكَ مِ ْ‬ ‫حتّى َت ْ‬ ‫حيّ ا ْل َقيّومُ َ‬ ‫ا ْل َ‬
‫ت يَا‬ ‫ل َأسِي ُركَ ا ْلبَا ِرحَةَ قُلْ ُ‬ ‫ل اللّ ِه صَلّى اللّهُ عََليْهِ َوسَّلمَ مَا فَعَ َ‬ ‫ص َبحْتُ فَقَالَ لِي َرسُو ُ‬ ‫سبِيلَ ُه فََأ ْ‬‫َفخَّليْتُ َ‬
‫ي قُلْتُ قَالَ لِي ِإذَا َأ َويْتَ‬ ‫سبِيلَ ُه قَالَ مَا ِه َ‬ ‫ت َ‬ ‫ت َينْ َف ُعنِي اللّ ُه ِبهَا َفخَلّيْ ُ‬ ‫عمَ َأنّ ُه ُيعَّل ُمنِي كَِلمَا ٍ‬‫ل اللّ ِه زَ َ‬ ‫َرسُو َ‬
‫حيّ الْ َقيّومُ َوقَالَ لِي لَنْ‬ ‫خ ِتمَ الْآيَ َة اللّ ُه لَا إَِلهَ إِلّا هُ َو ا ْل َ‬
‫حتّى َت ْ‬ ‫ن أَوِّلهَا َ‬ ‫سيّ مِ ْ‬ ‫شكَ فَا ْقرَأْ آيَ َة ا ْلكُ ْر ِ‬ ‫إِلَى ِفرَا ِ‬
‫خ ْيرِ فَقَالَ‬ ‫شيْءٍ عَلَى ا ْل َ‬ ‫حرَصَ َ‬ ‫صبِحَ َوكَانُوا َأ ْ‬ ‫حتّى ُت ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ش ْيطَا ٌ‬‫ن اللّ ِه حَافِظٌ وَل يَ ْق َر َبكَ َ‬ ‫َيزَالَ عََل ْيكَ مِ ْ‬
‫ل يَا َأبَا‬ ‫ن ُتخَاطِبُ ُم ْنذُ ثَلثِ َليَا ٍ‬ ‫ال ّن ِبيّ صَلّى اللّهُ عََل ْيهِ َوسَّلمَ َأمَا ِإنّ ُه َقدْ صَ َد َقكَ وَ ُهوَ َكذُوبٌ َتعَْلمُ مَ ْ‬
‫شيْطَانٌ‪.‬‬ ‫ُه َر ْيرَةَ قَالَ ل قَالَ ذَاكَ َ‬

‫‪43‬‬
‫وفي رواية انه كان على تمر الصدقة أبو هريرة فوجد أثر كف كأنه أخذ منه وقوله من الطعام‬
‫المراد منه البر ونحوه مما يزكى به‪.‬‬

‫قوله‪ ( :‬لرفعنك ) أي لذهبن بك أشكوك لرسول ال صلى ال عليه وسلم ليقطع يدك لنك سارق‪.‬‬

‫وقوله‪( :‬أني محتاج ولي عيال) يعني فقير في نفسي ولي عيال أظهر حاجة أخرى ثم قال مؤكدا‬
‫حاجته ولي حاجة شديدة يعني زائدة صعبة كدين أو جوع مهلك ونحو ذلك هذا تأكيد بعد تأكيد‪.‬‬

‫وقوله‪( :‬ل يزال عليك من ال حافظ ) يعني ل يزال من عند ال أو أمر ال حافظ من قدرته‬
‫سبحانه أو من الملئكة ل يقربك شيطان ل إنسي ول جني ل يقربك شيطان في أمر ديني ول‬
‫دنيوي ودليله صلى ال عليه وسلم عندما قال له صدقك أي في تعليمه لك وهو كذوب أي في سائر‬
‫أقواله لن هذه عادة الشيطان‪.‬‬

‫وهكذا وجدنا أيها الخوة والخوات حلقة من حلقات الصراع بين المسلم والشيطان وقد حصل لعدد‬
‫من الصحابة مواقف مثل موقف أبي هريرة رضي ال عنه وهذه الوقائع والقصص لها مدلولت‬
‫كثيرة منها‪:‬‬

‫الشيطان قد يعلم ما ينتفع به المؤمن‪.‬‬ ‫‪ -1‬أن‬


‫الحكمة قد يعلمها الفاجر لكنه ل ينتفع بها لنه ل يعمل بها لكن تؤخذ عنه‪.‬‬ ‫‪ -2‬أن‬
‫الشخص قد يعلم شيئا ول ينتفع به (يعلم بالشيء ول يعمل به )‬ ‫‪ -3‬أن‬
‫الشيطان قد يَصدق وقد يصدق ببعض ما يصدق به المؤمن ومع ذلك ل يكون مؤمنا‪.‬‬ ‫‪ -4‬أن‬
‫الكذاب قد يصدق لقول الرسول صلى ال عليه وسلم (صدقك وهو كذوب )‬ ‫‪ -5‬أن‬
‫عادة الشيطان الكذب الغالب على الشيطان الكذب وأنه نادرا ما يصدق وكذوب صيغه‬ ‫‪ -6‬أن‬
‫مبالغه‬
‫للشيطان قد يتصور في صورة يمكن للنسي أن يراه لن ال يقول في كتابه (ِإنّ ُه َيرَا ُكمْ ُهوَ ‪7-‬‬
‫حيْثُ ل َترَ ْو َنهُمْ ‪( )..‬لعراف‪ )27:‬فالشيطان ومن هم من شاكلته من الشياطين يمكنهم‬ ‫ن َ‬‫َو َقبِيلُ ُه مِ ْ‬
‫أن يرونكم وانتم ل ترونهم فقال ال من حيث ل ترونهم فكيف رآهم أبو هريرة والصحابة؟؟ لما‬
‫تصور بصورة أخرى غير الصورة التي خلق عليها فيمكننا رؤيته فإذا كان بشكله الحقيقي ل يمكن‬
‫أن نراه‬
‫والشخص الذي يقام بحفظ الشياء يسمى وكيل يوكل بحفظ الصدقة وعليه الهتمام بها ‪8-‬‬
‫‪.‬وصيانتها‬
‫أن الجن يأكلون من طعام النس وقول ال تعالى ( َوشَا ِر ْكهُمْ فِي ا ْلَأمْوَالِ وَا ْلَأوْلدِ ‪9- )..‬‬
‫(السراء‪ )64:‬فيدخل الطعام في الموال فإذا أردت أن ل يشارككم الشيطان في الطعام فسم بال‬
‫عند الطعام وغط الناء و قل بسم ال لن الشيطان يأكل من الناء المفتوح ويشرب من الناء‬
‫المفتوح فالفائدة من تغطيته والتسمية هو منع الشيطان منه وقال الرسول صلى ال عليه وسلم (ولو‬
‫أن تعرض عليه عودا وتسم بال) فلو وضعت عودا بدل من الغطاء وقلت بسم ال ل يستطيع‬
‫الشيطان أن يأكل أو يشرب منه وكذلك أيضا يفيد في منع نزول الداء من السماء فإن في السنة ليلة‬

‫‪44‬‬
‫ينزل بها الداء كما أخبر بها النبي صلى ال عليه وسلم فهذا شي غيبي فإذا غطيت الناء لم ينزل‬
‫‪:‬الداء إذا الفائدة من تغطية الناء‬
‫منع نزول الداء •‬
‫منع الشيطان أن يشركك في مطعومك ومشروبك •‬
‫فاسم ال أيضا يمنع الشيطان من النظر إليك فإذا أراد النسان أن يخلع ثيابه أو أن يأتي ‪10-‬‬
‫الرجل أهله فما هو الحل أفنبقى نحن نهبا لعين الجن يرون عوراتنا؟؟ ل لن النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم أخبر بأن الرجل إذا أراد أن يخلع ثيابه فسم ال فان الشيطان ل يستطيع أن ينظر إلى‬
‫عورته‪.‬وكذلك بسم ال تمنع الشيطان من مشاركه في الولد فانه ورد في تفسير قوله ( َوشَا ِر ْكهُمْ‬
‫فِي ا ْلَأمْوَالِ وَا ْلَأوْلدِ ‪ )..‬أن الشيطان يشارك النسان في وطئ زوجته فإذا قلت بسم ال قبل الجماع‬
‫‪ .‬منعت الشيطان من المشاركة‬
‫أن الجن يسرقون و يتكلمون بكلم النس كلم تسمعه وباللغة التي عليها الرجل حدثوا أن أبا ‪11-‬‬
‫علقم النحوي وكان رجل متقعرا في الكلم أنه كان مرة يمشي في الطريق فأصابه شي فسقط‬
‫فتجمع عليه أهل السوق واحد يعصر إبهامه وواحد يقرأ في أذنه وواحد يؤذن في الذن الخرى‬
‫فقال ‪ :‬ما لكم تكأكأتم علي كتكأكؤكم على ذو جنة افرنقعوا عني فقالوا‪ :‬شيطانه يتكلم بالفارسية أو‬
‫الهندية فقوله تكأكأتم علي كتكأكؤكم أي تجمعتم علي كتجمعكم على ذو جنة أي كمن دخل عليه‬
‫جني و افرنقعو‬
‫‪ .‬ا عني أي انفضوا من حولي;‬
‫أن الجن يسرقون ويخدعون كما في قوله ل أعود فعاد ‪12-‬‬
‫فضل آية الكرسي ومن الروايات الخرى يؤخذ فضل آخر سورة البقرة ‪13-‬‬
‫أن السارق ل يقطع في المجاعة ‪14-‬‬
‫قبول العذر والستر على من يظن به الصدق ‪15-‬‬
‫إطلع النبي صلى ال عليه وسلم على المغيبات ‪16-‬‬
‫جواز جمع زكاة الفطر قبل ليلة الفطر لتفريقها بعد ذلك ‪17-‬‬
‫أن زكاة الفطر تخرج طعاما ‪18-‬‬
‫يقين الصحابة بكلم النبي صلى ال عليه وسلم وتصديقهم به ‪19-‬‬
‫قراءة آية الكرسي قبل النوم ‪20-‬‬
‫أن التشريع على كلم الشيطان أتى من الرسول صلى ال عليه وسلم عندما قال ‪:‬صدقك ‪21-‬‬
‫‪ .‬وليس التشريع من كلم الشيطان‬
‫أن آية الكرسي تمنع شياطين الجن والنس سواء أكان في المور الدينية أو الدنيوية (ل ‪22-‬‬
‫يقربنك شيطان حتى تصبح ) والشيطان هنا نكرة‬
‫كرامة ال لبي هريرة عندما استطاع أن يلقي القبض على الشيطان أي لم يستطع الشيطان ‪23-‬‬
‫أن يفلت منه ففيه إن المؤمن قوي اليمان يستطيع أن يمسك الشيطان ول يمكنه من الهروب وذكر‬
‫ابن القيم في فوائد الذكر انه ربما من كثرة ذكر المؤمن ل عز وجل ربما أن يقرب منه الشيطان‬
‫ليمسه‬
‫‪.‬بسوء فيصرع الشيطان فتجتمع عليه الشياطين فيقولون ما به فيقولون صرعه النسي‬
‫أن ذكر ال تعالى هو الذي يحمي المؤمن من الشيطان وعلى رأس الذكر القرآن وأفضل آية ‪24-‬‬
‫في القران هي آية الكرسي‬

‫‪45‬‬
‫أن النسان إذا كان صاحب حاجة يجب أن يبين حاجته حتى يعرف عذره ول يرتاب في ‪25-‬‬
‫أمره‬
‫رفع الشأن المهم إلى العلماء (وكانوا أبو هريرة رضي ال عنه لرفعنك إلى رسول ال عليه ‪26-‬‬
‫وسلم‬
‫حرص أبي هريرة على العلم (وكانوا احرص شي إلى العلم) فأطلق سراحه لجل الفائدة فهم ‪27-‬‬
‫يحرصون على العلم‬
‫يمكن أن يثور اعتراض وهو كيف استطاع أبو هريرة أن يمسك الشيطان لن الرسول صلى ‪28-‬‬
‫حدٍ ِمنْ‬ ‫ال عليه وسلم امتنع عن إمساكه لدعوة سلمان (قَالَ رَبّ اغْ ِف ْر لِي وَ َهبْ لِي مُلْكا ل َي ْن َبغِي ِلَأ َ‬
‫شيَاطِينَ‬ ‫حيْثُ َأصَابَ) (صّ‪( )36:‬وَال ّ‬ ‫جرِي ِبَأ ْمرِهِ ُرخَا ًء َ‬‫ح َت ْ‬
‫خرْنَا َلهُ الرّي َ‬
‫سّ‬‫َب ْعدِي ‪( )..‬صّ‪َ ( )35:‬ف َ‬
‫ل َبنّاءٍ وَغَوّاصٍ) (صّ‪ )37:‬فكيف امسك أبو هريرة بالشيطان الذي رآه وأراد حمله للنبي عليه‬ ‫كُ ّ‬
‫السلم ؟؟‬
‫أجاب الحافظ بن حجر على هذا الشكال بأن النبي صلى ال عليه وسلم هم أن يمسك بالشيطان‬
‫الكبر رأس الشياطين فعند ذلك يكون فيه مضاهاه لما حدث لسليمان أما الشيطان الذي في حديث‬
‫الباب إما أن يكون الشيطان الذي مع الصحابي (لكل إنسان شيطان ) أو أن يكون شيطان من‬
‫الشياطين وليس رأس الشياطين‪.‬فإن قال قائل ما هي الميزة التي موجودة في آية الكرسي حتى‬
‫تمنع الشياطين من إيذائنا ؟؟‬
‫آية الكرسي هي أعظم آية في القرآن كما قال رسول ال صلى ال عليه وسلم لذلك الصحابي وأن‬
‫هذه الية إذا قرأها المؤمن في دبر كل صلة لم يمنعه من الدخول إلى الجنة إل أن يموت كما قال‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم في الصحيح الذي رواه النسائي رحمه ال وغيره فآية الكرسي تقرأ‬
‫‪ :‬قبل النوم وفي أدبار الصلوات من أسباب فضلها‬
‫اشتمالها على السم العظم (ال ل اله إل هو الحي القيوم ) في البقرة وال عمران وطه وعلت •‬
‫في وجوه الحي القيوم على بعض القوال على احتمال أنها السم العظم‬
‫ي الْ َقيّومُ) الحي في نفسه •‬ ‫حّ‬ ‫هذه الية هي عشر جمل مستقلة(اللّهُ ل إِلَ َه إِلّا ُهوَ) متفرد اللوهية ( ا ْل َ‬
‫ل يموت أبدا القيوم ‪ :‬القيم لغيره ومن آياته أن تقوم السماء بأمره كل الموجودات ل قوام لها بدون‬
‫سنَةٌ وَل نَوْم) ل‬ ‫خذُ ُه ِ‬
‫ال عز وجل ول غنى لها من ال وكل الموجودات مفتقرة إلى ال (ل َت ْأ ُ‬
‫يعتريه سبحانه ل غفلة ول ذهون ول نعاس ول استيقاظ من النوم ول فقدان الوعي ( َلهُ مَا فِي‬
‫ع ْندَهُ إِلّا ِبِإذْنِهِ)‬
‫ن ذَا اّلذِي َيشْفَعُ ِ‬ ‫سمَاوَاتِ َومَا فِي ا ْلَأرْض) الجميع عبيده وتحت قهره وفي ملكه ( مَ ْ‬ ‫ال ّ‬
‫ل يتجافى احد أن يشفع احد لحد عند ال إل إذا أذن ال لذلك فالنبي صلى ال عليه وسلم لكي‬
‫يشفع لبد له من أن يستأذن وإذا أراد أن يستأذن يوم القيامة يأتي تحت العرش فيخر ساجدا ما شاء‬
‫ال له أن يسجد فيعلمه من المحامد ما يفتح عليه من الثناء بعد ذلك يقول ال يا محمد ارفع رأسك‬
‫وسل تعطى واشفع تشفع فسيد القوم ل يشفع حتى يؤذن له( َيعَْلمُ مَا َبيْنَ َأ ْيدِي ِهمْ َومَا خَ ْل َف ُهمْ) احاطته‬
‫شيْءٍ مِنْ عِ ْل ِمهِ إِلّا ِبمَا شَاءَ ) ل يطلع على علم‬ ‫سبحانه وتعالى بجميع المخلوقات ( وَل ُيحِيطُونَ ِب َ‬
‫سمَاوَاتِ وَا ْلَأرْضَ) والكرسي موضع قدمي الرب سبحانه‬ ‫سيّهُ ال ّ‬
‫ال احد إل أحد أطلعه ال ( َوسِعَ ُك ْر ِ‬
‫وتعالى والعرش ل يقدر قدره إل ال والكرسي عظيم جدا في غاية التساع فالسماوات والرض‬
‫ليست إل كحلقة في صحراء فهذا هو الكرسي فكيف العرش وما الكرسي في العرش إل كحلقة في‬
‫صحراء وال أكبر من الكرسي ومن السماوات والرض فاستوى على العرش استواء يليق بعظمته‬
‫ظ ُهمَا ) ل يثقله ول يشق عليه حفظ السماوات والرض وما فيها من الجن‬ ‫وجلله ( وَل َيؤُودُ ُه حِ ْف ُ‬

‫‪46‬‬
‫والنس والملئكة وهو يسير على ال سبحانه وتعالى (وَ ُهوَ ا ْلعَِليّ ا ْل َعظِيمُ) (البقرة‪ )255:‬كقوله‬
‫‪ .‬تعالى وهو الكبير المتعال وتبين آية الكرسي عظم ال تعالى‬

‫ما هي الوسائل التي نحذر بها من الشيطان ؟؟‬


‫‪ -‬الحذر والحيطة واخذ التأهب‬
‫‪ -‬العتصام واللتزام بالكتاب والسنة‬
‫ب أَ ْ‬
‫ن‬ ‫ك رَ ّ‬
‫شيَاطِينِ وَأَعُوذُ ِب َ‬
‫ل رَبّ أَعُوذُ ِبكَ ِمنْ َه َمزَاتِ ال ّ‬
‫‪ -‬اللتجاء والحتماء بال تعالى ( َوقُ ْ‬
‫حضُرُونِ) (المؤمنون)‬ ‫َي ْ‬
‫‪ -‬الستعاذه بال‬
‫‪ -‬الشتغال بذكر ال تعالى‬
‫‪ -‬أن يلتزم النسان بالصحبة الصالحة‬
‫‪ -‬مخالفة الشيطان في كل المور‬
‫‪ -‬الستغفار‬

‫__________________‬
‫(‪ )1‬انظر فتح الباري (‪ )7/186‬ط‪ :‬دار الريان للتراث‪ .‬والنهاية في غريب الحديث والثر لبن‬
‫الثير (‪ )1/407‬ط‪ :‬دار الفكر‪.‬‬
‫(‪ )2‬وازت‪ :‬أي قابلت‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري ‪ -‬الفتح ‪ -‬رقم (‪.)3835‬‬
‫(‪ )4‬النساء‪.100 :‬‬

‫‪47‬‬

You might also like