You are on page 1of 68

‫أساليب التربية ( ص‪ – 3 .‬المبحث الثالث )‪.

‬‬

‫أوالً‪ :‬التربية بالمالحظة‪:‬‬


‫تعد هذه التربية أساساً جسَّده النبي _صلى اهلل عليه وسلم_ في مالحظته ألفراد المجتمع تلك المالحظة التي يعقبها التوجيه‬
‫الرشيد‪ ،‬والمقصود بالتربية بالمالحظة مالحقة الولد ومالزمته في التكوين العقيدي واألخالقي‪ ،‬ومراقبته ومالحظته في اإلعداد‬
‫النفسي واالجتماعي‪ ،‬والسؤال المستمر عن وضعه وحاله في تربيته الجسمية وتحصيله العلمي‪ ،‬وهذا يعني أن المالحظة ال بد أن‬
‫تكون شاملة لجميع جوانب الشخصية‪.‬‬
‫ويجب الحذر من أن تتحول المالحظة إلى تجسس‪ ،‬فمن الخطأ أن نفتش غرفة الولد المميز ونحاسبه على هفوة نجدها؛ ألنه لن‬
‫يثق بعد ذلك بالمربي‪ ،‬وسيشعر أنه شخص غير موثوق به‪ ،‬وقد يلجأ إلى إخفاء كثير من األشياء عند أصدقائه أو معارفه‪ ،‬ولم‬
‫يكن هذا هدي النبي _صلى اهلل عليه وسلم_ في تربيته ألبنائه وأصحابه‪.‬‬
‫كما ينبغي الحذر من التضييق على الولد ومرافقته في كل مكان وزمان؛ ألن الطفل وبخاصة المميز والمراهق يحب أن تثق به‬
‫وتعتمد عليه‪ ،‬ويحب أن يكون رقيباً على نفسه‪ ،‬ومسؤوالً عن تصرفاته‪ ،‬بعيداً عن رقابة المربي‪ ،‬فتتاح له تلك الفرصة باعتدال‪.‬‬
‫وعند التربية بالمالحظة يجد المربي األخطاء والتقصير‪ ،‬وعندها ال بد من المداراة التي تحقق المطلوب دون إثارة أو إساءة إلى‬
‫الطفل‪ ،‬والمداراة هي الرفق في التعليم وفي األمر والنهي‪ ،‬بل إن التجاهل أحياناً يعد األسلوب األمثل في مواجهة تصرفات الطفل‬
‫التي يستفز بها المربي‪ ،‬وبخاصة عندما يكون عمر الطفل بين السنة والنصف والسنة الثالثة‪ ،‬حيث يميل الطفل إلى جذب االنتباه‬
‫واستفزاز الوالدين واإلخوة‪ ،‬فال بد عندها من التجاهل؛ ألن إثارة الضجة قد تؤدي إلى تشبثه بذلك الخطأ‪ ،‬كما أنه ال بد من‬
‫التسامح أحياناً؛ ألن المحاسبة الشديدة لها أضرارها التربوية والنفسية‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬التربية بالعادة‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬أصول التربية بالعادة‪:‬‬
‫األصل في التربية بالعادة حديث النبي _صلى اهلل عليه وسلم_ في شأن الصالة؛ ألن التكرار الذي يدوم ثالث سنوات كفيل‬
‫بغرس العبادة حتى تصبح عادة راسخة في النفس‪ ،‬وكذلك إرشاد ابن مسعود – رضي اهلل عنه – حيث قال‪" :‬وعودوهم الخير‪،‬‬
‫فإن الخير عادة"‪ ،‬وبهذا تكون التربية بالعادة ليست خاصة بالشعائر التعبدية وحدها‪ ،‬بل تشمل اآلداب وأنماط السلوك‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬كيفية التربية بالعادة‪:‬‬
‫نعود الطفل على العبادات والعادات الحسنة يجب أن نبذل الجهود المختلفة ليتم تكرار األعمال والمواظبة عليها بالترغيب‬
‫ولكي ِّ‬
‫والترهيب والقدوة والمتابعة وغيرها من الوسائل التربوية‪.‬‬
‫يبدأ تكوين العادات في سن مبكرة جداً‪ ،‬فالطفل في شهره السادس يبتهج بتكرار األعمال التي تسعد من حوله‪ ،‬وهذا التكرار يكون‬
‫العادة‪ ،‬ويظل هذا التكوين حتى السابعة‪ ،‬وعلى األم أن تبتعد عن الدالل منذ والدة الطفل‪ ،‬ففي اليوم األول يحس الطفل بأنه‬
‫محمول فيسكت‪ ،‬فإذا حمل دائماً صارت عادته‪ ،‬وكذلك إذا كانت األم تسارع إلى حمله كلما بكى‪ ،‬ولتحذر األم كذلك من إيقاظ‬
‫الرضيع ليرضع؛ ألنها بذلك تنغص عليه نومه وتعوده على طلب الطعام في الليل واالستيقاظ له وإ ن لم يكن الجوع شديداً‪ ،‬وقد‬
‫تستمر هذه العادة حتى سن متأخرة‪ ،‬فيصعب عليه تركها‪ ،‬ويخطئ بعض المربين إذ تعجبهم بعض الكلمات المحرمة على لسان‬
‫الطفل فيضحكون منها‪ ،‬وقد تكون كلمة نابية‪ ،‬وقد يفرحون بسلوك غير حميد لكونه يحصل من الطفل الصغير‪ ،‬وهذا اإلعجاب‬
‫يكون العادة من حيث ال يشعرون‪.‬‬
‫وترجع أهمية التربية بالعادة إلى أن حسن الخلق بمعناه الواسع يتحقق من وجهين‪ ،‬األول‪ :‬الطبع والفطرة‪ ،‬والثاني‪ :‬التعود‬
‫والمجاهدة‪ ،‬ولما كان اإلنسان مجبوالً على الدين والخلق الفاضل كان تعويده عليه يرسخه ويزيده‪.‬‬
‫نعود الطفل على العبادات والعادات الحسنة يجب أن نبذل الجهود المختلفة ليتم تكرار األعمال والمواظبة عليها بالترغيب‬
‫ولكي ِّ‬
‫‪1‬‬
‫والترهيب والقدوة والمتابعة وغيرها من الوسائل التربوية‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬التربية باإلشارة‪:‬‬
‫تستخدم التربية باإلشارة في بعض المواقف كأن يخطئ الطفل خطأ أمام بعض الضيوف أو في َم ْج َمع كبير‪ ،‬أو أن يكون أول مرة‬
‫يصدر منه ذلك‪ ،‬فعندها تصبح نظرة الغضب كافية أو اإلشارة خفية باليد؛ ألن إيقاع العقوبة قد يجعل الطفل معانداً؛ ألن الناس‬
‫ينظرون إليه‪ ،‬وألن بعض األطفال يخجل من الناس فتكفيه اإلشارة‪ ،‬ويستخدم كذلك مع الطفل األديب المرهف الحس‪.‬‬
‫ويدخل ضمنه التعريض بالكالم‪ ،‬فيقال‪ :‬إن طفالً صنع كذا وكذا وعمله عمل ذميم‪ ،‬ولو كرر ذلك لعاقبته‪ ،‬وهذا األسلوب يحفظ‬
‫كرامة الطفل ويؤدب بقية أهل البيت ممن يفعل الفعل نفسه دون علم المربي‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬التربية بالموعظة وهدي السلف فيها‪:‬‬
‫تعتمد الموعظة على جانبين‪ ،‬األول‪ :‬بيان الحق وتعرية المنكر‪ ،‬والثاني‪ :‬إثارة الوجدان‪ ،‬فيتأثر الطفل بتصحيح الخطأ وبيان‬
‫الحق وتقل أخطاؤه‪ ،‬وأما إثارة الوجدان فتعمل عملها؛ ألن النفس فيها استعداد للتأثر بما ُيلقى إليها‪ ،‬والموعظة تدفع الطفل إلى‬
‫العمل المرغب فيه‪.‬‬
‫ومن أنواع الموعظة‪:‬‬
‫‪ -1‬الموعظة بالقصة‪ ،‬وكلما كان القاص ذا أسلوب متميز جذاب استطاع شد انتباه الطفل والتأثير فيه‪ ،‬وهو أكثر األساليب‬
‫نجاحاً‪.‬‬
‫‪ -2‬الموعظة بالحوار تشد االنتباه وتدفع الملل إذا كان العرض حيوياً‪ ،‬وتتيح للمربي أن يعرف الشبهات التي تقع في نفس الطفل‬
‫فيعالجها بالحكمة‪.‬‬
‫‪ -3‬الموعظة بضرب المثل الذي يقرب المعنى ويعين على الفهم‪.‬‬
‫‪ -4‬الموعظة بالحدث‪ ،‬فكلما حدث شيء معين وجب على المربي أن يستغله تربوياً‪ ،‬كالتعليق على مشاهد الدمار الناتج عن‬
‫الحروب والمجاعات ليذكر الطفل بنعم اهلل‪ ،‬ويؤثر هذا في النفس؛ ألنه في لحظة انفعال ِ‬
‫ورقّة فيكون لهذا التوجيه أثره البعيد‪.‬‬
‫وهدي السلف في الموعظة‪ :‬اإلخالص والمتابعة‪ ،‬فإن لم يكن المربي عامالً بموعظته أو غير مخلص فيها فلن تفتح له القلوب‪،‬‬
‫ومن هديهم مخاطبة الطفل على قدر عقله والتلطف في مخاطبته ليكون أدعى للقبول والرسوخ في نفسه‪ ،‬كما أنه يحسن اختيار‬
‫الوقت المناسب فيراعي حالة الطفل النفسية ووقت انشراح صدره وانفراده عن الناس‪ ،‬وله أن يستغل وقت مرض الطفل؛ ألنه‬
‫في تلك الحال يجمع بين رقة القلب وصفاء الفطرة‪ ،‬وأما وعظه وقت لعبه أو أمام األباعد فال يحقق الفائدة‪.‬‬
‫فيتخول بالموعظة ويراعي الطفل حتى ال يم ّل‪ ،‬وألن تأثير الموعظة مؤقت فيحسن‬
‫َّ‬ ‫ويجب أن َي ْح َذر المربي من كثرة الوعظ‬
‫تكرارها مع تباعد األوقات‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬التربية بالترغيب والترهيب وضوابطها‪:‬‬
‫الترهيب والترغيب من العوامل األساسية لتنمية السلوك وتهذيب األخالق وتعزيز القيم االجتماعية‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الترغيب‪:‬‬
‫ويمثل دوراً مهماً وضرورياً في المرحلة األولى من حياة الطفل؛ ألن األعمال التي يقوم بها ألول مرة شاقة تحتاج إلى حافز‬
‫يدفعه إلى القيام بها حتى تصبح سهلة‪ ،‬كما أن الترغيب يعلمه عادات وسلوكيات تستمر معه ويصعب عليه تركها‪.‬‬
‫والترغيب نوعان‪ :‬معنوي ومادي‪ٍّ ،‬‬
‫ولكل درجاته فابتسامة الرضا والقبول‪ ،‬والتقبيل والضم‪ ،‬والثناء‪ ،‬وكافة األعمال التي تُبهج‬
‫ترغيب في العمل‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫الطفل هي‬
‫ويرى بعض التربويين أن تقديم اإلثابة المعنوية على المادية أولى؛ حتى نرتقي بالطفل عن حب المادة‪ ،‬وبعضهم يرى أن تكون‬
‫اإلثابة من جنس العمل‪ ،‬فإن كان العمل مادياً نكافئه مادياً والعكس‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وهناك ضوابط خاصة تكفل للمربي نجاحه‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫• أن يكون الترغيب خطوة أولى يتدرج الطفل بعدها إلى الترغيب فيما عند اهلل من ثواب دنيوي وأخروي‪ ،‬فمثالً يرغب الطفل‬
‫في حسن الخلق بالمكافأة ثم يقال له‪ :‬أحسن خلقك ألجل أن يحبك والدك وأمك‪ ،‬ثم يقال ليحبك اهلل ويرضى عنك‪ ،‬وهذا التدرج‬
‫يناسب عقلية الطفل‪.‬‬
‫• أال تتحول المكافأة إلى شرط للعمل‪ ،‬ويتحقق ذلك بأال يثاب الطفل على عمل واجب كأكله وطعامه أو ترتيبه غرفته‪ ،‬بل تقتصر‬
‫المكافأة على السلوك الجديد الصحيح‪ ،‬وأن تكون المكافأة دون وعد مسبق؛ ألن الوعد المسبق إذا كثر أصبح شرطاً للقيام بالعمل‪.‬‬
‫• أن تكون بعد العمل مباشرة‪ ،‬في مرحلة الطفولة المبكرة‪ ،‬وإ نجاز الوعد حتى ال يتعلم الكذب وإ خالف الوعد‪ ،‬وفي المرحلة‬
‫المتأخرة يحسن أن نؤخر المكافأة بعد وعده ليتعلم العمل لآلخرة‪ ،‬وألنه ينسى تعب العمل فيفرح بالمكافأة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الترهيب‪:‬‬
‫أثبتت الدراسات الحديثة حاجة المربي إلى الترهيب‪ ،‬وأن الطفل الذي يتسامح معه والداه يستمر في إزعاجهما‪ ،‬والعقاب يصحح‬
‫السلوك واألخالق‪ ،‬والترهيب له درجات تبدأ بتقطيب الوجه ونظرة الغضب والعتاب وتمتد إلى المقاطعة والهجر والحبس‬
‫والحرمان من الجماعة أو الحرمان المادي والضرب وهو آخر درجاتها‪.‬‬
‫ويجدر بالمربي أن يتجنب ضرب الطفل قدر اإلمكان‪ i،‬وإ ن كان ال بد منه ففي السن التي يميز فيها ويعرف مغزى العقاب وسببه‪.‬‬
‫وللترهيب ضوابط‪ ،‬منها‪:‬‬
‫• أن الخطأ إذا حدث أول مرة فال يعاقب الطفل‪ ،‬بل يعلم ويوجه‪.‬‬
‫• يجب إيقاع العقوبة بعد الخطأ مباشرة مع بيان سببها وإ فهام الطفل خطأ سلوكه؛ ألنه ربما ينسى ما فعل إذا تأخرت العقوبة‪.‬‬
‫• إذا كان خطأ الطفل ظاهراً أمام إخوانه وأهل البيت فتكون معاقبته أمامهم؛ ألن ذلك سيحقق وظيفة تربوية لألسرة كلها‪.‬‬
‫• إذا كانت العقوبة هي الضرب فينبغي أن يسبقها التحذير والوعيد‪ ،‬وأن يتجنب الضرب على الرأس أو الصدر أو الوجه أو‬
‫البطن‪ ،‬وأن تكون العصا غير غليظة‪ ،‬ومعتدلة الرطوبة‪ ،‬وأن يكون الضرب من واحدة إلى ثالث إذا كان دون البلوغ‪ ،‬ويفرقها‬
‫فال تكون في محل واحد‪ ،‬وإ ن ذكر الطفل ربه واستغاث به فيجب إيقاف الضرب؛ ألنه بذلك يغرس في نفس الطفل تعظيم اهلل‪.‬‬
‫• ويجب أن يتولى المربي الضرب بنفسه حتى ال يحقد بعضهم على بعض‪.‬‬
‫• أال يعاقبه حال الغضب؛ ألنه قد يزيد في العقاب‪.‬‬
‫• أن يترك معاقبته إذا أصابه ألم بسبب الخطأ ويكفي بيان ذلك‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬ضوابط التربية بالترغيب والترهيب‪:‬‬
‫وهذه الضوابط _بإذن اهلل_ تحمي الطفل من األمراض النفسية‪ ،‬واالنحرافات األخالقية‪ ،‬واالختالالت االجتماعية‪ ،‬وأهم هذه‬
‫الضوابط‪:‬‬
‫‪ -1‬االعتدال في الترغيب والترهيب‪:‬‬
‫لعل أكثر ما تعانيه األجيال كثرة الترهيب والتركيز على العقاب البدني‪ ،‬وهذا يجعل الطفل قاسياً في حياته فيما بعد أو ذليالً ينقاد‬
‫لكل أحد‪ ،‬ولذا ينبغي أن يتدرج في العقوبة؛ ألن أمد التربية طويل وسلم العقاب قد ينتهي بسرعة إذا بدأ المربي بآخره وهو‬
‫الضرب‪ ،‬وينبغي للمربي أن يتيح للشفعاء فرصة الشفاعة والتوسط للعفو عن الطفل‪ ،‬ويسمح له بالتوبة ويقبل منه‪ ،‬كما أن اإلكثار‬
‫من الترهيب قد يكون سبباً في تهوين األخطاء واالعتياد على الضرب‪ ،‬ولذا ينبغي الحذر من تكرار عقاب واحد بشكل مستمر‪،‬‬
‫وكذلك إذا كان أقل من الالزم‪،‬‬
‫وعلى المربي أال يكثر من التهديد دون العقاب؛ ألن ذلك سيؤدي إلى استهتاره بالتهديد‪ ،‬فإذا أحس المربي بذلك فعليه أن ينفذ‬
‫العقوبة ولو مرة واحدة ليكون مهيباً‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫يعود على الطمع ويؤدي إلى عدم قناعة الطفل إال بمقدار أكثر من السابق‪.‬‬
‫والخروج عن االعتدال في اإلثابة ِّ‬
‫كما يجب على المربي أن يبتعد عن السب والشتم والتوبيخ أثناء معاقبته للطفل؛ ألن ذلك يفسده ويشعره بالذلة والمهانة‪ ،‬وقد يولد‬
‫الكراهية‪ ،‬كما أن على المربي أن يبين للطفل أن العقاب لمصلحته ال حقداً عليه‪.‬‬
‫وليحذر المربي من أن يترتب على الترهيب والترغيب الخوف من المخلوقين خوفاً يطغى على الخوف من الخالق _سبحانه_‪،‬‬
‫فيخوف الطفل من اهلل قبل كل شيء‪ ،‬ومن عقابه في الدنيا واآلخرة‪ ،‬وليحذر أن يغرس في نفسه مراعاة نظر الخلق والخوف منهم‬
‫ّ‬
‫دون مراقبة الخالق والخوف من غضبه‪ ،‬وليحذر كذلك من تخويف الطفل بالشرطي أو الطبيب أو الظالم أو غيرها؛ ألنه يحتاج‬
‫إلى هؤالء‪ ،‬وألن خوفه منهم يجعله جباناً‪.‬‬
‫وبعض المربين يكثر من تخويف الطفل بأن اهلل سيعذبه ويدخله النار‪ ،‬وال يذكر أن اهلل يرزق ويشفي ويدخل الجنة فيكون‬
‫التخويف أكثر مما يجعل الطفل ال يبالي بذكره النار؛ لكثرة ترديد األهل "ستدخل النار" أو "سيعذبك اهلل؛ ألنك فعلت كذا"‪ ،‬ولذا‬
‫يحسن أن نوازن بين ذكر الجنة والنار‪ ،‬وال نحكم على أحد بجنة أو نار‪ ،‬بل نقول‪ :‬إن الذي ال يصلي ال يدخل الجنة ويعذب‬
‫بالنار‪.‬‬
‫‪ -2‬مراعاة الفروق الفردية‪:‬‬
‫تتجلى حكمة المربي في اختياره لألسلوب التربوي المناسب من أوجه عدة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫• أن يتناسب الترهيب والترغيب مع عمر الطفل‪ ،‬ففي السنة األولى والثانية يكون تقطيب الوجه كافياً عادة أو حرمانه من شيء‬
‫يحبه‪ ،‬وفي السنة الثالثة حرمانه من ألعابه التي يحبها أو من الخروج إلى الملعب‪.‬‬
‫• أن يتناسب مع الخطأ‪ ،‬فإذا أفسد لعبته أو أهملها ُيحرم منها‪ ،‬وإ ذا عبث في المنزل عبثاً يصلُح بالترتيب ُكلِّف بذلك‪ ،‬ويختلف عن‬
‫العبث الذي ال مجال إلصالحه‪.‬‬
‫• أن يتناسب مع شخصية الطفل‪ ،‬فمن األطفال من يكون حساساً ليناً ذا حياء يكفيه العتاب‪ ،‬ومنهم من يكون عنيداً فال ينفع معه إال‬
‫العقاب‪ ،‬ومنهم من حرمانه من لعبه أشد من ضربه‪ ،‬ومنهم من حرمانه من أصدقائه أشد من حرمانه من النقود أو الحلوى‪.‬‬
‫• أن يتناسب مع المواقف‪ ،‬فأحياناً يكون الطفل مستخفياً بالخطأ فيكون التجاهل والعالج غير المباشر هو الحل األمثل‪ ،‬وإ ن عاد‬
‫إليه عوقب سراً؛ ألنه إن هتك ستره نزع عنه الحياء فأعلن ما كان يسر‪.‬‬
‫وقد يخطئ الطفل أمام أقاربه أو الغرباء‪ ،‬فينبغي أن يكون العقاب بعد انفراد الطفل عنهم؛ ألن عقابه أمامهم يكسر نفسه فيحس‬
‫بالنقص‪ ،‬وقد يعاند ويزول حياؤه من الناس‪.‬‬
‫• المراوحة بين أنواع الثواب والعقاب؛ ألن التكرار يفقد الوسيلة أثرها‪.‬‬
‫• مراعاة الفروق الفردية في التربية فالولد البالغ أو المراهق يكون عقابه على انفراد؛ ألنه أصبح كبيراً‪ ،‬ويجب أن يحترمه‬
‫إخوانه الصغار‪ ،‬ويعاتَب أمامهم عتاباً إذا كان الخطأ معلناً؛ ألن تأنيبه والقسوة عليه في الكالم يحدثان خلالً في العالقة بين‬
‫المراهق والمربي‪ ،‬ويكون ذلك أوجب في حق الولد البكر من الذكور؛ ألنه قدوة‪ ،‬وهو رجل البيت إذا غاب والده أو مرض أو‬
‫مات‪.‬‬
‫• ومن الفروق الفردية جنس الطفل فالبنت يكفيها من العقاب ما ال يكفي الذكر عادة؛ ألن جسدها ضعيف وهي تخاف أكثر وتنقاد‬
‫بسهولة‪.‬‬

‫توجيهات وأفكار في تربية الصغار‬

‫ض َّل له‪،‬ومن‪ i‬ي ِ‬


‫ضلل‬ ‫يهده اهلل فال م ِ‬
‫أعمالنا ‪ ،‬من ِ‬
‫ِ‬ ‫أنفسنا ومن سي ِ‬
‫ِّئات‬ ‫شرور ِ‬
‫ِ‬ ‫ونستغفره ‪ ،‬ونعو ُذ باهلل من‬ ‫ونستعينه‬
‫ُ‬ ‫نحمده‬
‫ُ‬ ‫الحمد هلل‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫هادي له‪،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له ‪ ،‬وأشهد أن محمداً عبده ورسوله‪،‬صلى اهلل عليه وعلى آله وأصحابه وسلم‬
‫َ‬ ‫فال‬

‫‪4‬‬
‫تسليماً كثيراً ‪.‬‬
‫كانت الحلقةُ األولى بعنوان ‪ :‬أربعون‬ ‫ٍ‬
‫وتوجيهات ‪ ،‬وقد َ‬ ‫وسائل‬ ‫وهي سلسلةُ‬ ‫ٍ‬
‫سبق أن بدأنا بها ‪َ ،‬‬
‫سلسلة َ‬
‫َ‬ ‫هذا الموضوعُ هو ضمن‬
‫الستغالل اإلجاز ِة الصيفي ِ‬
‫َّة ‪ ،‬ثَُّم هذه هي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الستغالل موسم ِّ‬
‫الحج ‪ ،‬ثم أربعون وسيلة‬ ‫ِ‬
‫الستغالل رمضان ‪ ،‬ثَُّم أربعون وسيلة‬ ‫وسيلة‬
‫الحلقةُ الرابعةُ ‪ ،‬وهي أيضاً ‪ :‬أربعون وسيلة ‪.‬‬
‫درس قب َل‬ ‫ٍ‬ ‫جمعت شيئاً منها في‬
‫ُ‬ ‫كنت قد‬
‫ِّغار ُ‬ ‫ِ‬
‫تربية الص ِ‬ ‫ووسائل في‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫وأفكار‬ ‫ٍ‬
‫توجيهات‬ ‫األفكار هي مجموعةُ‬ ‫وجيهات وهذه‬
‫ُ‬ ‫وهذه التَّ‬
‫ُ‬
‫واالنشغال و ِقلَّ ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سويف‬ ‫ِ‬
‫والتوجيهات ‪ ،‬وكان للتَّ‬ ‫ِ‬
‫الوسائل‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫لحاق‬
‫رس وإ ُ‬ ‫الد ِ‬
‫تجديد هذا َّ‬
‫ُ‬ ‫يراودني‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫سنوات تقريباً ‪ ،‬وكان‬ ‫ِ‬
‫خمس‬
‫دور في التَّ ِ‬
‫أخير ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫البضاعة ٌ‬
‫ُّ‬
‫والحق‬ ‫ِ‬
‫الطفولة ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫مرحلة‬ ‫الولد في‬‫تربية ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المسلم في‬ ‫مسؤوليةُ ِ‬
‫األب‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫بعنوان ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫درجة الماجستير‬ ‫تكميلي ِ‬
‫لنيل‬ ‫بحث‬
‫يدي ٌ‬ ‫وقع بين َّ‬ ‫َّ‬
‫ٌّ‬ ‫حتى َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألم ِ‬
‫صاحبه األستا ُذ ‪ :‬عدنان حسن‬
‫ُ‬ ‫ظ ِر واالستفادة منه ‪ ،‬فقد َ‬
‫جمع‬ ‫بالقراءة فيه َّ‬
‫والن َ‬ ‫هات‬ ‫َّ‬ ‫اآلباء‬
‫َ‬ ‫أنصح‬
‫ُ‬ ‫فريد‬
‫كتاب جامعٌ ٌ‬‫ُيقَا ُل فهو ٌ‬
‫خير‬ ‫والمتخصصين في هذا َّ‬
‫الش ِ‬ ‫لعلماء التَّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجيهات والتَّ ِ‬ ‫وارد والتَّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫الفوائد و َّ‬
‫كاتبه َ‬
‫أن ‪ ،‬جزى اهلل َ‬ ‫ِّ‬ ‫ربية‬ ‫جارب‬ ‫باحارث ‪ ،‬كثيراً من‬
‫ونفع اهللُ به ورعاه ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الجزاء َ‬
‫بهاء وجماالً ‪ ،‬ولقد‬ ‫ص في هذا ِّ‬ ‫متخص ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العقد ً‬ ‫لزاد َ‬
‫الفن َ‬ ‫ِّ‬ ‫والحكم عليها من‬ ‫واآلثار فيه‬ ‫األحاديث‬ ‫بتخريج‬
‫ِ‬ ‫الكتاب‬
‫ُ‬ ‫ولو ُك ِّم َل هذا‬
‫كثير منهم عن هذه‬ ‫ٍ َّ‬ ‫ُّ ِ‬
‫واألمهات في وقت تخلى ٌ‬ ‫اآلباء‬
‫َ‬ ‫ينفع به‬
‫الموضوع الذي أسأ ُل اهلل عز وجل أن َ‬ ‫ِ‬ ‫استفدت منه كثيراً في هذا‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المسؤوليَّة العظيمة ‪ ،‬تربية األبناء ‪.‬‬
‫الجهَّ ِ‬
‫ال من‬ ‫ِ‬
‫لألعاجم و ُ‬ ‫وربَّما تُِر ُكوا‬
‫األوالد ‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫والضحيةُ هم‬ ‫األم في وظيفتِها وزياراتِها ‪،‬‬
‫وربَّما ُّ‬ ‫ِ‬
‫فاألب في وظيفته وتجارتِه ‪ُ ،‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫والخادمات !‬ ‫السَّائقين‬
‫عند الس ِ‬
‫ُّؤال‬ ‫الموقف َ‬ ‫وتذكرا جيِّداً هذا‬ ‫ِ‬
‫األمانة ‪َّ ،‬‬ ‫أمام اهلل عن هذه‬ ‫األب ‪ ،‬واتَّقي اهلل أيَّتُها ُّ‬
‫األم ‪َّ ،‬‬ ‫أال فاتَّ ِ‬
‫َ‬ ‫فإنكما مسؤوالن َ‬ ‫ق اهلل أيُّها ُ‬
‫ِ‬
‫والحساب ‪:‬‬
‫راع ومسؤو ٌل عن رعيَّتِه ‪،‬‬ ‫فاإلمام ٍ‬
‫ُ‬ ‫راع وكلُّكم مسؤو ٌل عن رعيَّتِه ‪،‬‬ ‫المشهور " كلُّ ُكم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحديث‬ ‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪  ‬في‬
‫زوجها ومسؤولةٌ عن رعيَّتِها‪(."..‬متفق عليه )‬ ‫بيت ِ‬ ‫أهله ومسؤو ٌل عن رعيَّتِه ‪ ،‬والمرأةُ راعيةٌ في ِ‬ ‫راع في ِ‬ ‫والر ُج ُل ٍ‬ ‫َّ‬
‫الجن ِة "(متفق عليه )‪.‬‬ ‫بنصحه إال لم ي ِجد رائحةَ َّ‬ ‫ِ‬ ‫رعيةً فلم ُي ِحطها‬
‫عبد يسترعيه اهلل َّ‬ ‫وقال‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪ "  ‬ما ِمن ٍ‬
‫ون اللَّهَ َما‬
‫ص َ‬ ‫اس َواْل ِح َج َارةُ َعلَ ْيهَا َماَل ِئ َكةٌ ِغاَل ظٌ ِش َد ٌ‬
‫اد اَل َي ْع ُ‬ ‫الن ُ‬ ‫َأهِلي ُك ْم َن ًارا َوقُ ُ‬
‫ود َها َّ‬ ‫آمُنوا قُوا َأنفُ َس ُك ْم َو ْ‬
‫ين َ‬
‫َِّ‬
‫وقال تعالى { َيا َأيُّهَا الذ َ‬
‫ون } [التحريم ‪. ]6:‬‬ ‫ون َما يُْؤ َم ُر َ‬
‫َأم َر ُه ْم َوَي ْف َعلُ َ‬
‫َ‬
‫أن مرحلةَ الطفولة مرحلةٌ ُم ِه َّمةٌ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جداً‬ ‫فاه َم ‪ ،‬واعلما أيضاً َّ‬ ‫عاون والتَّ ُ‬
‫مسؤوليةَ تربية األوالد بينكما مشتركةٌ تقتضي التَّ َ‬ ‫َّ‬ ‫إذاً فاعلما َّ‬
‫أن‬
‫ولده بمبادئ‬ ‫لألب فهو أن يأخ َذ َ‬ ‫التأديب الالزم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فأما‬
‫مؤكداً على هذا المعنى ‪َّ :‬‬ ‫الماوردي ِّ‬
‫ُّ‬ ‫اإلمام‬
‫ُ‬ ‫الولَِد وتأديبِه ‪ ،‬قال‬ ‫ِ‬
‫في توجيه َ‬
‫شيء تجعلُه‬ ‫َّغير على ٍ‬ ‫ألن نشأةَ الص ِ‬ ‫ِّغ ِر ‪َّ ،‬‬ ‫الستئناسه بمبادئها في الص َ‬ ‫ِ‬ ‫عند ِ‬
‫الكبر‬ ‫ليأنس بها وينشَأ عليها فيسه َل عليه قبولُها َ‬ ‫ِ‬
‫اآلداب َ‬
‫ِّغ ِر كان تأديبه في ِ‬
‫الكَب ِر عسيراً ‪.‬‬ ‫متطبِّعاً به ‪ ،‬ومن ِ‬
‫ُأغف َل في الص َ‬
‫ُ‬
‫الوسائل والتوجيهات‬

‫الوسيلةُ األولى ‪:‬‬


‫لحظة ‪ ،‬وتخويفُه باهلل سبحانه وتعالى ال بأبيه وال بالحرامي وال‬ ‫ٍ‬ ‫نفسه َّ‬
‫كل‬ ‫مراقبة اهلل ‪ ،‬وغرس ذلك في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تعويده على‬ ‫الحرص على‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يخاف إال اهلل ‪.‬‬ ‫يرجو إال اهلل ‪ ،‬وال‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫األمهات ‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ق باهلل ‪ ،‬فال ُ‬ ‫َّغير يتعل ُ‬‫فإن الص َ‬ ‫كثير من َّ‬ ‫بالبعبع كما تفع ُل ٌ‬‫ِ‬
‫الحق‪  ‬عز وجل‬ ‫ِّ‬ ‫هات ‪ ،‬واسمع ِ‬
‫لقول‬ ‫واألم ُ‬ ‫َّ‬ ‫اآلباء‬ ‫مهم جداً يغف ُل عنه‬ ‫جانب ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫الديني ‪ ،‬وهذا‬
‫ِّ‬ ‫بالوازع‬
‫ِ‬ ‫يسميه علماء التَّ ِ‬
‫ربية‬ ‫وهذا ما ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َّة ِم ْن َخ ْر َد ٍل فَتَ ُك ْن‬
‫ال حب ٍ‬ ‫ِ‬
‫لسان لقمان } َي ُابَن َّي ِإَّنهَا ِإ ْن تَ ُك ْن مثْقَ َ َ‬
‫ولده ‪ ،‬يقول ‪ I‬على ِ‬ ‫نفس ِ‬‫الجانب في ِ‬
‫َ‬ ‫يؤص ُل هذا‬
‫لقمان وهو ِّ‬‫َ‬ ‫حاكياً عن‬
‫ير{ [لقمان‪.]16:‬‬ ‫ْأت بِهَا اللَّهُ ِإ َّن اللَّهَ لَ ِط ٌ‬
‫يف َخبِ ٌ‬
‫ضي ِ‬
‫اَأْلر ِ َ‬
‫ِ ِ‬
‫َّم َاوات َْأو في ْ‬
‫ٍ ِ‬
‫ص ْخ َرة َْأو في الس َ‬
‫ِ‬
‫في َ‬
‫‪5‬‬
‫الحبةُ في حقارتِها ال‬ ‫علم اهلل واطَّ ِ‬
‫العه عليه ‪ ،‬حتَّى وإ ن َ‬ ‫ِ‬
‫بعظمة ِ‬ ‫ِ‬ ‫العميقة التي تمل نفس ِ‬‫ِ‬ ‫ربي ِة‬
‫كانت هذه َّ‬ ‫بعظمة اهلل ‪،‬‬ ‫الولد‬ ‫ُؤ َ‬ ‫انظُر للتَّ َ‬
‫ِ‬
‫الهائل‬ ‫ِ‬
‫الكيان‬ ‫ِ‬
‫السماوات ذلك‬ ‫صلبة محشور ٍة ‪ ،‬أو كانت هذه َّ‬
‫الحبةُ في‬ ‫ٍ‬ ‫داخل صخر ٍة‬‫َ‬ ‫وزن لها وال قيمةَ ‪ ،‬ولو كانت هذه َّ‬
‫الحبةُ‬ ‫َ‬
‫فإن اهلل‬ ‫ِ‬
‫األرض ضائعةً ‪َّ ،‬‬ ‫كانت هذه َّ‬
‫الحبةُ في‬ ‫ذرةً تائهةً ‪ ،‬فكيف بهذه الحب ِ‬
‫َّة الحقير ِة ؟ أو حتَّى َ‬ ‫الكبير َّ‬ ‫النجم‬ ‫اسع الذي يبدو فيه‬ ‫َّ‬
‫الش ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫هات عن هذه التَّ ِ‬
‫ربية ؟!‬ ‫واألم ُ‬
‫َّ‬ ‫اآلباء‬ ‫بلطيف ِ‬
‫علمه ‪ ،‬فأين‬ ‫ِ‬ ‫ويظهرها‬ ‫‪ I‬سيبديها‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يعلم ما‬ ‫كذب ُقل له ‪َّ :‬‬ ‫كل ٍ‬‫‪،‬وأنه مطَِّلع عليه في ِّ‬
‫مكان َّ‬
‫كل ٍ‬ ‫بأن اهلل يراه في ِّ‬ ‫ِ‬
‫بخوف اهلل‪ ،‬وأخبره َّ‬ ‫ِ‬
‫إن اهلل ُ‬ ‫حال‪ ،‬فإذا َ‬ ‫ٌ‬ ‫ك‬
‫صغير َ‬ ‫قلب‬
‫امأل َ‬
‫فقل له ‪َّ :‬‬
‫إن اهلل‬ ‫ق ‪ ،‬وإ ذا عصاك ُ‬‫يغضب على السَّار ِ‬
‫ُ‬ ‫يراك وإ َّن اهلل‬ ‫فقل له ‪َّ :‬‬
‫إن اهلل َ‬ ‫سرق ُ‬
‫َ‬ ‫الن ِار ‪ ،‬وإ ذا‬
‫الكاذب في َّ‬
‫َ‬ ‫تُخفي ‪ ،‬وإ َّن‬
‫ذكره باهلل ‪. I‬‬ ‫كل ِ‬
‫أفعاله ِّ‬ ‫إن اهلل ُيحبُّك ‪ ،‬هكذا في ِّ‬
‫فقل له ‪َّ :‬‬‫أطاعك ُ‬ ‫يغضب عليك ‪ ،‬وإ ذا‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫بأمر سو ٍء َّ‬
‫تذك َر َّ‬
‫أن اهلل‪  ‬عز وجل معه يراه‬ ‫نفسه ِ‬ ‫فكلما َّ‬ ‫بعد ذلك ِ‬ ‫ِّ‬
‫حدثَته ُ‬ ‫العنان ‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫أطلق له‬ ‫المنهج ‪ ،‬ثَُّم َ‬
‫ِ‬ ‫فلنرب أبناءنا على هذا‬ ‫إذاً‬
‫ويعلم ما يصنعُ ‪.‬‬
‫ُ‬
‫صغير ‪ ،‬فيقو ُل له‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪ "  ‬يا‬ ‫ابن عب ٍ‬
‫َّاس وهو‬ ‫فنجده يوصي َ‬ ‫المنهج ‪ُ ،‬‬‫ِ‬ ‫النبي‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪  ‬على هذا‬ ‫ِّ‬
‫ويؤك ُد ُّ‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫فاسأل اهلل ‪ ،‬وإ ذا‬ ‫سألت‬ ‫أمامك ‪ ،‬إذا‬ ‫ِ‬ ‫كلمات ‪ِ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫غليم ‪ِّ -‬إني أعلِّ ُمك‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫تجده َ‬ ‫احفظ اهلل ْ‬ ‫ظك ‪،‬‬ ‫احفظ اهلل يحفَ ْ‬ ‫رواية ‪ :‬يا ّ‬ ‫غالم ‪ -‬وفي‬
‫ُ‬
‫األمةَ لو‬
‫وأن َّ‬ ‫كتبه اهلل عليك ‪َّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫فاستعن باهلل ‪ ،‬واعلَم َّ‬
‫يضروك إال بشيء قد َ‬ ‫بشيء لن ُّ‬ ‫يضروك‬ ‫اجتمعوا على أن ُّ‬ ‫ُ‬ ‫األمةَ لو‬
‫أن َّ‬ ‫استعنت‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬
‫ف "[‪.]1‬‬ ‫وجفَّت الص ُ‬
‫ُّح ُ‬ ‫األقالم َ‬
‫ُ‬ ‫لك ‪ُ ،‬ر ِف َعت‬‫كتبه اهلل َ‬
‫ينفعوك إال بشيء قد َ‬ ‫ينفعوك بشيء لن ُ‬ ‫اجتمعوا على أن ُ‬ ‫ُ‬
‫صغير ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫نفس ابن عب ٍ‬
‫َّاس وهو‬ ‫يغرس هذه المعاني الجميلة في ِ‬ ‫ُ‬ ‫هكذا كان‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪ ‬‬
‫ينهرني –‬ ‫ِ‬ ‫عود ٍ‬ ‫فمررنا من ٍ‬ ‫اد بن ٍ‬
‫تبن ‪ ،‬فقال لي أبي ‪ :‬ل َم أخذت ؟! – ُ‬ ‫فأخذت َ‬ ‫ُ‬ ‫تبن‬
‫جدار فيه ٌ‬ ‫أسير مع أبي َ‬ ‫كنت ُ‬ ‫زيد يقو ُل ‪ُ :‬‬ ‫َح َّم ُ‬
‫تبن يا ُبَن َّي ؟!‬ ‫ِ‬
‫الجدار ٌ‬ ‫تبن هل كان يبقى في‬ ‫عود ٍ‬‫مروا من هاهنا فأخ ُذوا َ‬ ‫اس كلَّهم ُّ‬ ‫أن َّ‬
‫الن َ‬ ‫تبن ! فقال أبي ‪ :‬لو َّ‬ ‫عود ٍ‬
‫فقلت ‪َّ :‬إنه ُ‬
‫ُ‬
‫أي ٍ‬
‫شيء‬ ‫يده على ِّ‬ ‫كبر ال ُّ‬
‫تمتد ُ‬ ‫ِ‬ ‫اليد على ِ‬ ‫ِ‬
‫األشياء ‪ ،‬ال ُّ‬ ‫ُّونهُم على األمانة حتى في ِ‬
‫أحقر األشياء حتى إذا َ‬ ‫تمتد ُ‬ ‫أحقر‬ ‫هكذا كانوا يرب َ‬
‫مهما كان صغيراً أو كبيراً ‪.‬‬
‫تذكر اهلل الذي خلقَك ؟ قال ‪ :‬كيف‬ ‫ِ‬ ‫سه ُل التَّستُري يقو ُل ‪ُ :‬‬
‫كنت مع خالي صغيراً وأنا ابن ثالث سنين وكان يقو ُل لي‪ :‬انظُر أال ُ‬
‫إلي ‪ ،‬اهللُ شاهدي ‪ ،‬ثالثاً ثَُّم‬ ‫ناظر َّ‬
‫لسانك ‪ :‬اهللُ معي ‪ ،‬اهللُ ٌ‬
‫ك به َ‬ ‫تحر َ‬
‫غير أن ِّ‬ ‫ك من ِ‬ ‫محمد بن ِسوار ‪ُ :‬قل بقلبِ َ‬ ‫أذكره ؟ قال لي خالي َّ‬ ‫ُ‬
‫سبعاً ثَُّم أحد عشر ‪.‬‬
‫َّغير حتَّى وإ ن كان ابن ِ‬
‫ثالث سنين !‬ ‫نفس الص ِ‬ ‫عز َّ‬
‫وجل في ِ‬ ‫ِ‬
‫رقابة اهلل َّ‬ ‫تأصي ُل‬
‫رب ِ‬
‫أمير المؤمنين يرانا ‪.‬‬ ‫فإن َّ‬
‫أمير المؤمنين ال يرانا َّ‬ ‫أماه إن كان ُ‬ ‫بائعةُ اللََّب ِن تقو ُل ِّ‬
‫ألمها ‪ :‬يا َّ‬
‫بقول أو ٍ‬
‫فعل‪.‬‬ ‫يغضب اهلل ٍ‬ ‫بعد ذلك أال‬
‫فيحرص َ‬ ‫قلبه ِّ‬
‫بحب اهلل ‪،‬‬ ‫وأنعم عليه ‪ ،‬ليمتلَئ ُ‬ ‫َّغير من هو اهلل ‪َّ ،‬‬
‫وأنه هو الذي خلقَه‬ ‫ِِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فعلم الص َ‬
‫ولدها َّ‬
‫كانت تلقِّ ُن أنساً َ‬ ‫‪:‬أن َّأم س ٍ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ٍ‬
‫يبلغ سنتين‪.‬‬
‫قبل أن َ‬ ‫الشهادتين َ‬ ‫ليم َ‬ ‫ابن سعد في الطبقات َّ ُ‬ ‫ذكر ُ‬ ‫َ‬
‫الوسيلةُ الثانيةُ ‪:‬‬
‫ِ‬
‫األوالد‬ ‫غالب‬ ‫فتجد‬
‫الجانب ‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫صغارنا هو إهما ُل هذا‬‫ِ‬ ‫اليوم على‬ ‫ٍ‬ ‫الوضوء والصَّالةَ ‪ ،‬وإ َّن‬ ‫التأكيد على ِ‬
‫َ‬ ‫أخطر شيء نلحظُه َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تعليمه‬ ‫ُ‬
‫كيف يصلِّي !‬ ‫يعرف َ‬‫ُ‬ ‫يبلغُ العاشرةَ من ُع ُم ِره ال‬
‫وضربِهم‬ ‫ِ‬
‫ٍ‬
‫لبعض !‬ ‫وسجو ِدهم ولَعبِهم َ‬ ‫وعهم ُ‬ ‫عند ر ُك ِ‬
‫المساجد َ‬ ‫محسوس ‪ ،‬فانظُر إليهم في‬ ‫ٌ‬ ‫مشاه ٌد‬
‫َ‬ ‫أمر‬
‫وهذا ٌ‬
‫الولد ما يراه ‪،‬‬
‫ِّق ُ‬‫أمامه ثَُّم ليطب ْ‬ ‫العظيم ؟ وذلك بالتَّطبي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العملي َ‬
‫ِّ‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫كن‬
‫الر َ‬ ‫صغارهم هذا ُّ‬ ‫لتعليم‬ ‫األم وقتاً يسيراً‬‫األب أو ُّ‬ ‫يجلس ُ‬ ‫ُ‬ ‫فلماذا ال‬
‫ٍ‬
‫تعنيف ‪.‬‬ ‫فإن أخطَأ ُو ِّجهَ بدون‬
‫بجوارهم ‪ ،‬ويفعلُون كما يفع ُل آباؤهم ‪ ،‬ولذلك‬ ‫ِ‬ ‫َّالة ‪ ،‬فيقفُون‬‫وأمهاتِهم في الص ِ‬ ‫لتقليد آبائهم َّ‬ ‫الصغار كثيراً ما يندفعون ِ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫أوالدنا ِّ َ‬ ‫َ‬ ‫إن‬
‫صلُّوا‪-‬‬
‫السنةُ فقد قا َل‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪َ "  ‬‬ ‫البيت ‪ ،‬بل هذه هي َّ‬ ‫وافل في ِ‬ ‫والن ِ‬ ‫واتب َّ‬‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫صالة َّ‬ ‫يحرص على‬ ‫َ‬ ‫األب بأن‬‫نوصي َ‬
‫وبةَ "[‪. ]2‬‬ ‫صاَل ِة اْل َم ْر ِء ِفي َب ْيتِ ِه ِإاَّل َّ‬
‫الصاَل ةَ اْل َم ْكتُ َ‬ ‫ض َل َ‬
‫ِ‬
‫اس‪ -‬في ُبُيوتِ ُك ْم ‪ ،‬فَِإ َّن َأ ْف َ‬ ‫َأيُّهَا َّ‬
‫الن ُ‬

‫‪6‬‬
‫فوائد كثيرةٌ منها ‪:‬‬ ‫البيوت ُ‬ ‫ِ‬ ‫الن ِ‬
‫افلة في‬ ‫ِ‬
‫صالة َّ‬ ‫وفي‬
‫والدهم وهو ُيصلِّي ‪ ،‬وهذا ما‬ ‫مشاهدة الص ِ‬
‫ِّغار َ‬ ‫ِ‬ ‫الشياطين ‪ ،‬وكثرةُ‬ ‫وطرد َّ‬
‫ُ‬ ‫العبادة ‪ ،‬وإ حياء ِ‬
‫البيت‬ ‫ِ‬ ‫واألهل على‬‫ِ‬ ‫الز ِ‬
‫وجة‬ ‫تشجيعُ َّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وأفضلها ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األساليب‬ ‫ِ‬
‫أسهل‬ ‫ِ‬
‫بالعادة وهو من‬ ‫بأسلوب التَّ ِ‬
‫ربية‬ ‫ِ‬ ‫علماء التَّ ِ‬
‫ربية‬ ‫ِ‬ ‫عند‬
‫سمى َ‬ ‫ُي َّ‬
‫ين‪،‬‬ ‫ِِ‬ ‫قال‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪ "  ‬مروا َأواَل َد ُكم بِ َّ ِ‬ ‫النبوي في ِ‬
‫اء َس ْب ِع سن َ‬‫الصاَل ة َو ُه ْم َْأبَن ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُُ ْ‬ ‫أمر الصَّالة ‪،‬فقد َ‬ ‫ِّ‬ ‫المنهج‬
‫ِ‬ ‫وكم نغف ُل عن هذا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫ِ‬
‫مراحل ‪:‬‬
‫َ‬ ‫بثالث‬ ‫َّغير‬
‫مر الص ُ‬ ‫الحديث َي ُّ‬ ‫اج ِع "[‪ ، ]3‬وفي هذا‬ ‫اء َع ْش ٍر‪َ ،‬وفَِّرقُوا َب ْيَنهُ ْم في اْل َم َ‬ ‫اض ِرُب ُ‬
‫وه ْم َعلَ ْيهَا َو ُه ْم َْأبَن ُ‬ ‫َو ْ‬
‫عريض في الص ِ‬
‫َّالة ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫لميح والتَّ‬
‫َّغير بالتَّ ِ‬‫َّع الص ُ‬ ‫مندوب إليه أن ُي َشج َ‬ ‫ٌ‬ ‫أمر‬
‫َّبع ‪ ،‬وهذا ٌ‬ ‫· قب َل الس ِ‬
‫َّالة وأركانِها وما يقو ُل فيها ‪.‬‬ ‫األم أن يعلِّما صغيرهما على الص ِ‬
‫َ‬ ‫األب وعلى ِّ‬ ‫يجب على ِ‬ ‫َّبع ‪،‬وهنا ُ‬ ‫بعد الس ِ‬ ‫· وما َ‬
‫اض ِرُب ُ‬
‫وه ْم َعلَ ْيهَا‬ ‫النبي‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪َ "  ‬و ْ‬ ‫َّغير فكما قال ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعدها ‪ ،‬فإن لم يستجب الص ُ‬ ‫العشر وما َ‬ ‫عند‬
‫· ثَُّم المرحلةُ الثالثةُ َ‬
‫والعقوبات األخرى من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعد فَ َش ِل‬
‫وعظه‬ ‫الوسائل‬ ‫جميع‬
‫ِ‬ ‫البدني _ أي الضَّرب _ إال َ‬ ‫ُّ‬ ‫العقاب‬
‫ُ‬ ‫اء َع ْش ٍر " ‪ ،‬وال ُي َ‬
‫ستعم ُل‬ ‫َو ُه ْم َْأبَن ُ‬
‫يحب ‪. -‬‬ ‫بعض ما ُّ‬ ‫وهجره ‪ -‬أي ال يكلِّ ُمه وال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يمازحه ويحرمه َ‬ ‫ُ‬ ‫وتعنيفه‬
‫واالهتمام‬ ‫ِ‬
‫للمدرسة‬ ‫ديد على ِ‬
‫إيقاظه‬ ‫الش ُ‬ ‫الحرص َّ‬ ‫نشعر ‪ ،‬ومن هذا‬ ‫ِ‬ ‫جسيمة في ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وكم نقع في أخطاء تربوي ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أمر الصَّالة بدون أن َ‬ ‫َّة‬ ‫ُ‬
‫ولدها لها ‪ ،‬فال يصلِّيها إال‬ ‫بإيقاظ ِ‬
‫ِ‬ ‫والرحمةُ‬ ‫األم َّ‬
‫الشفَقَةُ َّ‬ ‫الفجر فتأخ ُذ َّ‬ ‫ِ‬ ‫أما صالةُ‬ ‫عقابه لو َّ‬
‫تأخ َر ‪َّ ،‬‬ ‫وربَّما ُ‬
‫ٍ‬
‫يتأخ َر لحظات ُ‬ ‫بذلك ‪ ،‬وأالَّ َّ‬
‫جماعة المسلمين !‬‫ِ‬ ‫بلغ العاشرةَ ‪ ،‬يندب له أن يصليها لوقتِها مع‬ ‫الولد َ‬‫أن َ‬ ‫للمدرسة ‪ ،‬مع َّ‬‫ِ‬ ‫عند ذهابِه‬ ‫َ‬
‫الحق‪  ‬عز‬ ‫ُّ‬ ‫إيقاظه وصالتِه مع المسلمين ‪ ،‬ولذلك قال‬ ‫والرحمةَ تكون في ِ‬ ‫الشفقةَ َّ‬ ‫وأن َّ‬ ‫الفعل ‪َّ ،‬‬ ‫مثل هذا ِ‬ ‫األم آثمةٌ في ِ‬ ‫أن َّ‬ ‫َّ‬
‫والشك َّ‬
‫وتأكيد أهمي ِ‬
‫َّة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بتعليمهم‬ ‫يكون‬ ‫ِ‬ ‫َأهِلي ُكم َنارا{[التحريم‪ ،]6:‬فإذا أردنا َّ‬ ‫َِّ‬
‫الشفَقَةَ ووقايةَ أوالدنا فذلك ُ‬ ‫آمُنوا قُوا َأنفُ َس ُك ْم َو ْ ْ ً‬
‫ين َ‬‫وجل } َيا َأيُّهَا الذ َ‬
‫مع المسلمين في وقتِها ‪.‬‬ ‫الفجر َ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صالة‬
‫شاء اهلل أن ُيصلِّي ‪ ،‬ثَُّم إذا َّأذ َن‬ ‫ِّ‬
‫الماء فيصلي ما َ‬
‫فتسخ ُن له َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫األخير‬ ‫كانت توقظُه في ثُلُ ِث الَّ ِ‬
‫ليل‬ ‫أمه َ‬ ‫أحمد َّ‬
‫أن َّ‬ ‫ِ‬
‫اإلمام َ‬ ‫ُيروى في سير ِة‬
‫المسجد تنتظر صغيرها حتى ينتهي من الص ِ‬
‫َّالة‬ ‫ِ‬ ‫عند عتَ ِ‬
‫بة‬ ‫وسارت معه حتَّى أدخلَته‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫قبعت َ َ‬ ‫المسجد ثَُّم َ‬
‫َ‬ ‫الفجر أخ َذت بيده َ‬ ‫لصالة‬
‫وأرجعته إلى بيتِها ‪.‬‬
‫َ‬
‫‪،‬فإذا انتهى أخ َذت ِ‬
‫بيده‬
‫أحمد من‬‫اإلمام َ‬ ‫ِ‬ ‫خلف‬ ‫ِ‬
‫واالهتمام به ‪ ،‬ولذلك كان َ‬ ‫ِ‬
‫الصغير‬ ‫ِ‬
‫تربية‬ ‫ِ‬
‫الحرص على‬ ‫رضوان اهلل تعالى علي ِه َّن في‬ ‫هات‬
‫األم ُ‬‫هكذا كانت َّ‬
‫ُ‬
‫َّغير تربيةً َّ‬
‫ربانيةً ‪.‬‬ ‫تربية هذا الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫تحرص على‬ ‫ٍ‬
‫صالحة‬ ‫َخْلفَهُ من ٍّأم‬
‫ُ‬
‫الوسيلةُ الثَّالثةُ ‪:‬‬
‫نتصو ُره ‪،‬‬
‫َّ‬ ‫أكثر ِم َّما‬ ‫َ ِ‬
‫والمشاه َدة َ‬ ‫بقليل ‪ ،‬وهم يتعلَّ ُمون بالقدو ِة‬ ‫قليد من السََّن ِة الثَّ ِ‬
‫انية أو قبلَها ٍ‬ ‫ِّغار يبدؤون التَّ َ‬ ‫القدوةُ الصَّالحةُ َّ‬
‫‪،‬فإن الص َ‬
‫عدةً ‪ ،‬منها ‪:‬‬ ‫أمها ‪ ،‬وهذا ِّ‬
‫يؤك ُد أموراً َّ‬ ‫أفعال ِّ‬
‫َ‬ ‫والده ‪ ،‬والطِّفلةُ تحاكي‬
‫أفعال ِ‬
‫َ‬ ‫فالطِّف ُل يحاكي‬
‫ٍ‬
‫حسنة ‪.‬‬ ‫أمامه إال بصور ٍة‬ ‫نظهر َ‬ ‫َ‬ ‫‪ -‬أال‬
‫ينبت في ِ‬
‫فالة‬ ‫بت ُ‬ ‫الن ِ‬
‫كمثل َّ‬‫جنان ِ‬ ‫ينبت في ٍ‬ ‫بت ُ‬ ‫وليس َّ‬
‫الن ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اقصات ؟!‬ ‫ي َّ‬ ‫ٍ‬
‫الن َ‬ ‫ارتضعوا ثُُد َّ‬
‫ُ‬ ‫ألطفال كما ٌل إذا‬ ‫وهل ُيرجى‬
‫صغار ِك ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫أمام‬
‫خاصةً َ‬ ‫َّ‬ ‫وأقوال ِك‬
‫ِ‬ ‫ألفعال ِك‬
‫ِ‬ ‫األم‬
‫فانتبهي أيَّتُها ُّ‬
‫وخذ أمثلةً على ذلك ‪:‬‬ ‫ق نفسيَّتَه ‪ُ ،‬‬ ‫فل ِّ‬
‫وتمز ُ‬ ‫ك الطِّ َ‬‫فإنها تهل ُ‬ ‫ِ‬
‫الحياة ‪َّ ،‬‬ ‫اإلبتعاد عن المتناقضات في‬ ‫ُ‬ ‫‪ -‬ثَُّم‬
‫رجع الطِّف ُل إلى بيتِه َ‬
‫وجد‬ ‫َ‬ ‫يغضب اهلل‪  ‬عز وجل ‪ ،‬ثَُّم إذا‬
‫ُ‬ ‫محر ٌم‬
‫وأنه َّ‬ ‫وخطره‪َّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫دخين مثالً‬ ‫خان والتَّ ِ‬ ‫الد ِ‬ ‫فل من ُّ‬ ‫يحذ ُر الطِّ َ‬
‫المدرس ِّ‬
‫· ِّ ُ‬
‫يدخن ‪ ،‬وأخاه أيضاً فما رأي ُكم وما هو تأثير ذلك على هذه النفسي ِ‬
‫َّة ؟‬ ‫ُ‬ ‫أباه ِّ ُ‬
‫يحرصون عليها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫والده أو أخاه اليصلُّون أو ال‬
‫فر ‪ ،‬ثَُّم يرى َ‬ ‫وأن تر َكها جريمةٌ و ُك ٌ‬ ‫َّالة وأهميَّتِها ‪َّ ،‬‬ ‫وأيضاً الطف ُل يسمع عن الص ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫العبادة ‪..‬‬ ‫هذا في ِ‬
‫أمور‬
‫األمور االجتماعي ِ‬
‫َّة ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫وخذ أمثلةً في‬ ‫ُ‬

‫‪7‬‬
‫علقماً ‪ ،‬وانظُر إلى ِ‬
‫تأثير‬ ‫ِ‬
‫لصغيرها َّ‬ ‫عند إعطائه عالجاً م َّراً مثالً ‪ِّ ،‬‬
‫مراً َ‬
‫وجدهُ َّ‬
‫َّغير َ‬
‫شربه الص ُ‬
‫حلو ‪ ،‬فإذا َ‬
‫العالج ٌ‬
‫َ‬ ‫أن هذا‬ ‫األم‬
‫تؤك ُد ُّ‬ ‫ُ‬ ‫· َ‬
‫ذلك في نفسي ِ‬
‫َّة الص ِ‬
‫َّغير ‪.‬‬
‫ب‬‫ضر ُ‬‫عندما ُي َ‬ ‫َّغير‪َّ :‬إنها ال تؤِل ُم ‪ ،‬فإذا بالص ِ‬
‫َّغير َ‬ ‫أن أباه قال للص ِ‬
‫فربَّما َّ‬ ‫كتب ُحقنةً و إبرةً لذلك الص ِ‬
‫َّغير ُ‬ ‫الطبيب مثالً َ‬‫َ‬ ‫· أو لو َّ‬
‫أن‬
‫نفسيةُ هذا الص ِ‬
‫َّغير ‪.‬‬ ‫تكون َّ‬ ‫يجد ألَمها في ِ‬
‫تتصو َر كيف ُ‬ ‫َّ‬ ‫نفسه !!ولك أن‬ ‫هذه الحقنةَ ُ َ‬
‫المدرسة فإذا بأبيه غداً يأخ ُذ َبي ِد‬
‫ِ‬ ‫اليوم عن‬
‫َّغير هذا َ‬‫فغاب الص ُ‬
‫َ‬ ‫نوم والديه ‪،‬‬ ‫بسبب نو ِمه أو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المدرسة‬ ‫عند غيابِه عن‬
‫· أو ُربَّما أيضاً َ‬
‫ث هذه‬ ‫حد ُ‬‫الكلمات ! فماذا ستُ ِ‬
‫ِ‬ ‫َّغير هذه‬ ‫ِ‬
‫المدرسة فيقو ُل له مثالً ‪َّ :‬‬ ‫َّغير فيدخ ُل على ِ‬ ‫الص ِ‬
‫إن فالناً كان مريضاً ‪ ،‬ويسمعُ الص ُ‬ ‫مدير‬
‫يعلم َّأنه لم ي ُكن مريضاً ؟!‬ ‫نفس الص ِ‬ ‫الكلمات في ِ‬
‫َّغير وهو ُ‬ ‫ُ‬
‫المدرسين َّ‬
‫فإنهُم‬ ‫سمعوا من ِّ‬ ‫نشعر ؟! َّإنك مهما‬ ‫حق هؤالء الص ِ‬ ‫نرتكبها في ِّ‬ ‫ٍ‬
‫وعظت ‪ ،‬ومهما ُ‬ ‫َ‬ ‫ونحن ال ُ‬‫ُ‬ ‫ِّغار‬ ‫ُ‬ ‫جريمة‬ ‫فأي‬
‫هذه أمثلةٌ ‪ُّ ..‬‬
‫فشر ‪.‬‬
‫شراً ٌّ‬
‫فخير وإ ْن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إن خيراً ٌ‬‫أمامهم ‪ْ ،‬‬ ‫لن يحملُوا في داخل نفوسهم سوى الصُّور التي يرونها َ‬
‫األمر فيقو ُل ‪:‬‬‫ولده لهذا ِ‬ ‫األمر وأهميَّتِه ‪ ،‬فهذا عمرو بن عتبةَ ينبِّه معلِّم ِ‬
‫رضوان اهلل تعالى عليهم إلى هذا ِ‬ ‫َّالح‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّلف الص ُ‬ ‫وقد تنبَّهَ الس ُ‬
‫تركت ‪.‬‬ ‫عندهم ما‬
‫والقبيح َ‬ ‫صنعت ‪،‬‬ ‫عندهم ما‬‫فالح َس ُن َ‬ ‫ِ‬ ‫إصالحك لولدي إصالحك ِ‬
‫لنفسك ‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫عيونهم معقودةٌ بعينك ‪َ ،‬‬
‫فإن َ‬ ‫ُ‬ ‫َلي ُكن َّأو َل‬
‫فأوالدكم وطالَُّبكم يفعلُون ما فعلتُم ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫سات ‪َّ ،‬إن ُكم مهما قلتُم‬
‫المدر ُ‬
‫ولتسم ِع ِّ‬
‫َ‬ ‫المدر ُسون‬
‫وليسمع ِّ‬
‫َ‬ ‫هات ‪،‬‬
‫األم ُ‬
‫ولتسمع َّ‬
‫َ‬ ‫اآلباء‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫فليسمع‬ ‫إذن‬
‫ٍ‬ ‫األم ِة‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫قدوات ‪.‬‬ ‫أجمع هي أزمةُ‬‫َ‬ ‫اليوم في َّ‬ ‫فاهلل اهلل في القُدوة ‪ ،‬وإ َّن األزمةَ التي يعي ُشها الت ُ‬
‫عليم َ‬
‫الرابعةُ ‪:‬‬ ‫الوسيلةُ َّ‬
‫األوالد واستقامتِهم ‪ ،‬ولقد كان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدعاء ‪ُّ ِ ُّ ،‬‬
‫وسالمه‬
‫ُ‬ ‫صلوات اهلل‬
‫ُ‬ ‫األنبياء‬
‫ُ‬ ‫صالح‬
‫ِ‬ ‫عجيب في‬
‫ٌ‬ ‫للدعاء واللجو ِء إلى اهلل‪  ‬عز وجل ٌ‬
‫أثر‬ ‫ُّ ُ‬
‫اجُن ْبنِي َوَبنِ َّي ْ‬
‫اَأْلصَن َام‬ ‫َأن َن ْعُب َد‬ ‫يخبر اهلل عنه } َو ْ‬ ‫بإصالح ِ‬ ‫الن ِ‬
‫أكثر َّ‬
‫ْ‬ ‫إبراهيم‪  ‬عز وجل يقو ُل كما ُ‬ ‫ُ‬ ‫أوالدهم ‪ ،‬فهذا‬ ‫ِ‬ ‫دعاء هلل‬
‫ً‬ ‫اس‬ ‫عليهم َ‬
‫الدع ِ‬ ‫طيِّبةً ِإَّن َ ِ‬ ‫ب ِلي ِم ْن لَ ُد ْن َ‬
‫اء { [ آل‬ ‫ك َسميعُ ُّ َ‬ ‫ك ُذ ِّرَّيةً َ َ‬ ‫ب َه ْ‬ ‫يخبر اهلل عنه أيضاً } قَا َل َر ِّ‬
‫{[إبراهيم‪ ،]35:‬وهذا زكريَّا يقو ُل كما ُ‬
‫الصاَل ِة َو ِم ْن ُذِّريَّتِي َربََّنا َوتَقَب ْ‬
‫َّل‬ ‫يم َّ‬ ‫ب ْ ِ ِ‬
‫اج َعْلني ُمق َ‬ ‫إبراهيم‪  ‬عز وجل } َر ِّ‬ ‫ِ‬ ‫عمران‪، ]38 :‬ويقو ُل اهلل‪  ‬عز وجل على ِ‬
‫لسان‬
‫اجَنا َو ُذِّريَّاتَِنا قَُّرةَ ْ‬
‫َأعُي ٍن‬ ‫ب لََنا ِم ْن َْأزو ِ‬
‫َ‬ ‫ون َربََّنا َه ْ‬ ‫ين َيقُولُ َ‬
‫َِّ‬
‫لسان المؤمنين الصَّالحين } َوالذ َ‬ ‫ويخبر اهلل ‪ I‬على ِ‬‫ُ‬ ‫اء{ [ إبراهيم‪]40:‬‬ ‫ُدع ِ‬
‫َ‬
‫اما {[ الفرقان‪.]74:‬‬ ‫اج َعْلَنا ِلْلمتَِّق َ ِإ‬
‫ين َم ً‬ ‫ُ‬ ‫َو ْ‬
‫األم للسانِها‬
‫فربَّما أطلقَت ُّ‬ ‫ضب ‪ُ ،‬‬
‫الغ َ ِ‬‫عند َ‬‫األم َ‬ ‫أنت أيَّتُها ُّ‬ ‫خاصةً ِ‬‫َّ‬ ‫ِ‬
‫األوالد ‪،‬‬ ‫الد ِ‬
‫عاء على‬ ‫األم من ُّ‬
‫واح َذر أيها األب‪ ،‬واحذري أيَّتُها ُّ‬
‫ِ‬
‫واللعن !‬ ‫ِّ‬
‫السب‬ ‫العنان في‬
‫َ‬
‫ك ِفي ِه َّن‪َ :‬د ْع َوةُ اْل َو ِالِد‪،‬‬
‫ات اَل َش َّ‬ ‫ث َدعو ٍ‬
‫ات ُم ْستَ َج َاب ٌ‬ ‫النبي‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪  ‬قال " ثَاَل ُ َ َ‬
‫أن َّ‬ ‫وعن أبي هريرةَ رضي اهلل عنه َّ‬
‫وم " [‪. ]4‬‬ ‫َو َد ْع َوةُ اْل ُم َس ِاف ِر ‪َ ،‬و َد ْع َوةُ اْل َم ْ‬
‫ظلُ ِ‬
‫اعةً‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬ ‫وقال‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪ "  ‬اَل تَ ْدعوا علَى َْأنفُ ِس ُكم‪ ،‬واَل تَ ْدعوا علَى َأواَل ِد ُكم‪ ،‬واَل تَ ْدعوا علَى ِ‬
‫َأم َوال ُك ْم‪ ،‬اَل تَُوافقُوا م ْن الله َس َ‬
‫ُ َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ َ‬
‫الد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُي ْسَأ ُل ِفيهَا َع َ‬
‫عاء‬ ‫هات من ُّ‬ ‫واألم ُ‬
‫َّ‬ ‫اآلباء‬
‫ُ‬ ‫فأكثروا أيُّها‬
‫صريح عن الدعاء على األوالد ‪ُ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫نهي‬
‫يب لَ ُك ْم " [‪ ،]5‬وهذا ٌ‬ ‫اء فََي ْستَ ِج ُ‬
‫طٌ‬
‫استعنت فاستَ ِعن باهلل‪.‬‬
‫َ‬ ‫معين ‪ ،‬وإ ذا‬ ‫خير ٍ‬ ‫فإنه ُ‬‫تربيتِهم َّ‬
‫واستعينوا باهلل في َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وسجود ُكم‬ ‫ِ‬
‫بركوع ُكم‬ ‫وألحُّوا عليه‬ ‫ألوالدكم ‪ِ ،‬‬‫ِ‬
‫الوسيلةُ الخامسةُ ‪:‬‬
‫يعو ُذ‬
‫النبي‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪ِّ  ‬‬ ‫َّاس‪  ‬رضي اهلل عنه قال ‪ :‬كان ُّ‬ ‫األذكار ‪ ،‬فعن ابن عب ٍ‬ ‫ِ‬
‫وتعليمهم‬ ‫ِ‬
‫األوالد‬ ‫ِ‬
‫تعويذ‬ ‫الحرص على‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫وهام ٍة ‪ ،‬ومن ِّ‬
‫كل‬ ‫شيطان َّ‬‫ٍ‬ ‫ام ِة ‪ ،‬من ِّ‬
‫كل‬ ‫ِ‬
‫بكلمات اهلل التَّ َّ‬ ‫سحق ‪ ،‬أعو ُذ‬
‫َ‬ ‫يعو ُذ بها إسماعي َل وإ‬‫إن أباكما كان ِّ‬ ‫والحسين ويقو ُل " َّ‬
‫َ‬ ‫الح َس َن‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫بكلمات اهلل‬ ‫وح َسيناً يقو ُل " أعي ُذكما‬ ‫ِ‬ ‫الم ٍة " [‪ .]6‬وعن‬ ‫ٍ‬
‫يعو ُذ َح َسناً ُ‬‫اآلداب بلفظ ‪ :‬كان‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪ِّ  ‬‬ ‫البيهقي في‬
‫ِّ‬ ‫عين َّ‬
‫إبراهيم‪  ‬عز‬
‫َ‬ ‫أوالدكم ‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫َ‬ ‫عو ُذوا بها‬ ‫الم ٍة " ‪ ،‬ويقو ُل‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪ِّ "  ‬‬ ‫كل ٍ‬
‫عين َّ‬ ‫وهام ٍة ‪ ،‬ومن ِّ‬ ‫شيطان َّ‬ ‫ٍ‬ ‫التام ِة ‪ ،‬من ِّ‬
‫كل‬ ‫َّ‬
‫إسماعيل وإ سحق‪  ‬عز وجل "[‪. ]7‬‬ ‫َ‬ ‫يعو ُذ بها‬
‫وجل كان ِّ‬
‫ذلك ما يلي ‪:‬‬‫الوسائل في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أفضل‬ ‫وحفظها ‪ ،‬ومن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األذكار‬ ‫صغارهم على تعلُِّم‬‫ِ‬ ‫تشجيع‬
‫ِ‬ ‫وليحرص الوالدان على‬ ‫ِ‬

‫‪8‬‬
‫كر ‪.‬‬ ‫وأمهاتِهم على ِّ‬
‫الذ ِ‬ ‫حرص آبائهم َّ‬ ‫غار‬
‫َ‬ ‫الص ُ‬
‫· القدوةُ ‪ ،‬وأن يرى ِّ‬
‫َّغير ِّ‬
‫يرد ُد‬ ‫تجد َّ‬ ‫ِ‬ ‫بلسان ِ‬
‫ِ‬ ‫الصغار كثرةَ ِّ‬
‫الذ ِ‬ ‫ِ‬
‫أن الص َ‬ ‫األم ُ‬
‫بلسان ِّ‬ ‫األب أو‬ ‫كر‬ ‫سمع ِّ ُ‬‫ِّغار ‪ ،‬فإذا َ‬
‫األم صوتَه ُليسمع الص َ‬
‫األب أو ُّ‬
‫يرفع ُ‬ ‫· أن َ‬
‫يشعر ‪.‬‬
‫األذكار بدون أن َ‬
‫َ‬ ‫هذه‬
‫الصغار قولَه‪  ‬صلى اهلل عليه‬ ‫األم على ِّ‬ ‫وم مثالً ِّ‬
‫رددي أيَّتُها ُّ‬ ‫الن ِ‬
‫فعند َّ‬
‫وأيسرها لفظاً ‪َ ،‬‬‫ِ‬ ‫األذكار القصيرة‬‫ِ‬ ‫الحرص على اختيار‬‫ُ‬ ‫·‬
‫اس ِم َ‬
‫ك َْأرفَ ُعهُ‬ ‫ت َج ْنبِي‪َ ،‬وبِ ْ‬
‫ض ْع ُ‬ ‫رددي قولَه‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪"  ‬بِاس ِم َ َّ‬
‫ك اللهُ َّم َو َ‬ ‫ْ‬ ‫عبادك " أو ِّ‬ ‫تبعث َ‬ ‫يوم ُ‬ ‫عذابك َ‬
‫رب قني َ‬ ‫وسلم‪ِّ "  ‬‬
‫"‪.‬‬
‫ِ‬ ‫للن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دعاء‬
‫َ‬ ‫وتعليمهم‬ ‫ق‪،‬‬ ‫البر أو في الحدائ ِ‬‫زهة في ِّ‬ ‫كالخروج ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األذكار ‪،‬‬ ‫السار ِة لتلقينهم َ‬
‫بعض‬ ‫المناسبات َّ‬ ‫األوقات وبعض‬ ‫· استغال ُل‬
‫خلق " ‪.‬‬
‫شر ما َ‬ ‫التام ِة من ِّ‬ ‫ِ‬
‫بكلمات اهلل َّ‬ ‫ِ‬
‫نزول المكان " أعو ُذ‬
‫ِ‬
‫األذكار ‪.‬‬ ‫َّغير شيئاً من هذه‬
‫ظ الص ُ‬ ‫َّة والهدايا ُكلَّما حف َ‬‫والحوافز التشجيعي ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المسابقات‬ ‫· وضعُ‬
‫أمه و أباه ِ‬
‫بهذه‬ ‫األذكار ‪ ،‬بل أقو ُل ‪ :‬ربَّما َّ‬
‫ذك َر هو َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بترديد هذه‬ ‫يعتمد على ِ‬
‫نفسه‬ ‫َّغير‬ ‫بعد فتر ٍة قصير ٍة َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أن الص َ‬ ‫وسيرى الوالدان َ‬
‫ِ‬
‫األذكار ‪.‬‬
‫الوسيلةُ السَّادسةُ ‪:‬‬
‫خاصةً ‪ ،‬وهذا موضوعٌ يطو ُل ؛ ولكن اسمع لهذه‬
‫َّ‬ ‫المتحر َك ِة‬
‫ِّ‬ ‫ُّو ِر‬ ‫ِ‬
‫عامةً ومن أفالم الكرتون أو الص َ‬ ‫الح َذ ُر من ِ‬
‫جهاز التلفاز َّ‬
‫التوجيهات ‪:‬‬
‫خيالي ٍ‬
‫بعيد‬ ‫ٍّ‬ ‫بطابع‬
‫ٍ‬ ‫ويطبعه‬ ‫وتفكيره‬ ‫عقليةَ الطِّ ِ‬
‫فل‬ ‫يفسد َّ‬ ‫ِ‬
‫الخرافة ُ‬ ‫وثنيةً ‪ ،‬وهذا َّ‬
‫النوعُ من‬ ‫عقائد َّ‬
‫َ‬ ‫أفالم الكرتون َّ‬
‫خياليةٌ تحم ُل‬ ‫· أكثر ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الواقع ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫عن‬
‫أثر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سب ِة‬ ‫ِ‬
‫والغرام كما هو الحا ُل ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِ‬
‫تتصو َر َ‬
‫َّ‬ ‫الكبار ‪،‬ولك أن‬ ‫لمسلسالت‬ ‫بالن َ‬ ‫الحب‬ ‫حول‬
‫قصصها َ‬ ‫ُ‬ ‫تدور‬
‫الكرتون ُ‬ ‫أفالم‬ ‫· أيضاً ُ‬
‫الب َش ِر أو من‬ ‫سواء كان ذلك بين ٍ‬
‫ذكر وأنثى من َ‬
‫َّات والقُب ِ‬
‫الت ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ساعات تلك الغرامي ِ‬
‫ٍ‬ ‫ولعد ِة‬
‫يوم َّ‬ ‫فل وهو يرى َّ‬
‫كل ٍ‬ ‫ذلك على الطِّ ِ‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫والغرام ‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫الحب‬ ‫ِ‬
‫عالقات‬ ‫ِ‬
‫تكوين‬ ‫وتحريض على‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫بالفاحشة‬ ‫تعريض‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫الحشرات ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الحيوانات أو‬
‫ِ‬ ‫المتحر ِ‬ ‫ِ‬
‫قصةً واحدةً ‪:‬‬ ‫عالمات العنصريَّة وتشويهُ الصُّور ِة ‪ ،‬مثا ُل ذلك ُ‬
‫أذكر َّ‬ ‫ُ‬ ‫تظهر فيها‬
‫ُ‬ ‫كة‬ ‫ِّ‬ ‫ُّو ِر‬
‫بعض األفالم من الص َ‬
‫· وأيضاً ُ‬
‫المستمر مع‬
‫َّ‬ ‫وصراعه‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫صاحب الغليون ‪،‬‬ ‫الغربي‬
‫ِّ‬ ‫بالرج ِل‬
‫ُ‬ ‫ولونه‬ ‫ِ‬
‫األبيض الموحي شكلُه ُ‬ ‫قصةَ البح ِ‬
‫َّار‬ ‫قصة ( بوباي ) وهي تحكي َّ‬
‫يكون‬ ‫ولونه بالرج ِل العربِ ِّي ‪ ،‬ثَُّم في ِ‬ ‫عر األسو ِد واللحي ِة الس ِ‬ ‫ير ذي َّ‬
‫الش ِ‬ ‫الشر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّراع ُ‬
‫نهاية الص ِ‬ ‫ُ ََ‬ ‫َّوداء ‪ ،‬الموحي شكلُه ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫األسمر ِّ‬ ‫خصمه‬
‫آخر القص ِ‬
‫َّة ‪.‬‬ ‫الباطل ‪ ..‬إلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صاحب‬ ‫ِ‬
‫األسمر‬ ‫الحق على‬ ‫صاحب ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لألبيض‬ ‫َّ‬
‫المؤز ُر‬ ‫االنتصار‬
‫ُ‬
‫والعنف ‪.‬‬ ‫التفكير ‪ ،‬واإلثارةُ‬ ‫ِ‬ ‫فساد‬ ‫ِ‬
‫المتحركةُ في الولد ُ‬ ‫ُّور‬ ‫وأقل ٍ‬‫· ُّ‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫أثر تحدثُه هذه الص ُ‬
‫نحن‬ ‫ِ‬
‫فل وذوبانها مع هذه اإلعالنات ‪ ،‬فلم َي ُعد لنا ُ‬
‫ِ‬ ‫َّة الطِّ ِ‬
‫وضياع شخصي ِ‬ ‫ِ‬ ‫غار عليها‬ ‫الص ِ‬ ‫قبال ِّ‬ ‫َّة وإ ِ‬ ‫اإلعالنات التجاري ِ‬
‫ِ‬ ‫· هذا فضالً عن‬
‫فكيف بالص ِ‬
‫ِّغار ؟!‬ ‫والكلمات القصير ِة ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫األلوان والموسيقى‬ ‫ِ‬ ‫الجذاب ِة ِ‬
‫ذات‬ ‫رات َّ‬ ‫بالرأي أمام المؤثِّ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ‬ ‫اختيار واستقال ٌل‬ ‫ٌ‬ ‫الكبار‬
‫الفنانين والرياضيِّين ‪ ،‬وقد ِ‬
‫ُأجرَيت دراسةٌ‬ ‫ألوالدنا من َّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫زائفة‬ ‫ٍ‬
‫وبطوالت‬ ‫ٍ‬
‫فاسدة ‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫قدوات‬ ‫التلفاز من ِ‬
‫رسم‬ ‫ِ‬ ‫جهاز‬
‫· وأيضاً كم يفع ُل ُ‬
‫ِ‬
‫قدوات‬ ‫أكثر‬
‫أن َ‬ ‫النتائج عن َّ‬‫ُ‬ ‫فأسفرت‬‫َ‬ ‫عند الطُالَّ ِب ‪،‬‬ ‫المثل األعلى والقُدو ِة َ‬ ‫حول ِ‬ ‫بالرياض َ‬ ‫ِ‬ ‫جامعة الملك سعود‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التربية في‬ ‫في كلي ِ‬
‫َّة‬
‫ِ‬ ‫جة الثَّ ِ‬
‫بالدر ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرياضي َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫راسة َّ‬ ‫الد ِ‬ ‫باب من عيَِّن ِة ِّ‬ ‫الش ِ‬‫َّ‬
‫المجال‬ ‫انية ‪ ،‬ثَُّم في‬ ‫بالد َرجة األولى ‪ ،‬ثَُّم في مجال اُألسر ِة َّ َ‬ ‫ِّ‬ ‫المجال‬ ‫ترك َزت في‬
‫سول‪  ‬صلى اهلل‬ ‫الر ِ‬ ‫حب َّ‬ ‫ِ‬
‫وضعف ِّ‬ ‫اختيار القدو ِة ‪،‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بحسن‬ ‫المفاهيم المتعلِّقَ ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وضعف‬ ‫اُألسري ‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫يدل على سو ِء التَّ ِ‬
‫وجيه‬ ‫الديني ‪ِ ،‬م َّما ُّ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫للكبار ذوي‬ ‫بالن ِ‬
‫سبة‬ ‫ِ‬
‫االستبيان ‪ ،‬وهذا ِّ‬ ‫ِ‬
‫إجابة‬ ‫عند‬
‫األقل َ‬ ‫الكريم على ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شخصه‬ ‫ِ‬
‫استحضار‬ ‫ِ‬
‫وعدم‬ ‫باب‬ ‫بعض َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نفوس‬ ‫عليه وسلم‪  ‬في‬
‫ِ‬
‫اإلعالم عليهم ؟!‬ ‫غار وأثَِر‬ ‫بالص ِ‬‫ول الممي َِّز ِة المتعلِّ َم ِة ‪ ،‬فكيف ِّ‬ ‫العقُ ِ‬
‫يمكن أن‬
‫بأخطاره ال ُ‬ ‫ِ‬ ‫غم من قناعاتِهم‬ ‫الر ِ‬‫اس على َّ‬ ‫الن َ‬‫أن َّ‬ ‫والعجيب َّ‬
‫ُ‬ ‫أسلفت – يطو ُل ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وأخطاره – كما‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التلفاز‬ ‫والحديث عن‬
‫ُ‬
‫بدون ٍ‬
‫تلفاز عيشةً‬ ‫َّة وعا ُشوا ِ‬ ‫الشيطاني ِ‬‫والحَي ِل َّ‬‫األوهام ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس من هذه‬ ‫الن ِ‬ ‫أعداد كبيرةٌ من َّ‬ ‫ص‬ ‫َّ‬
‫ٌ‬ ‫يتصوروا كيف يعي ُشون بدونه ‪ ،‬وقد تخل َ‬ ‫َّ‬

‫‪9‬‬
‫والمتفوقين ‪ ،‬هذا من‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫األوائل‬ ‫أوالدهم من‬
‫ُ‬ ‫‪،‬وأصبح‬
‫َ‬ ‫جرُبوا هذا‬ ‫النفسي لَ َّما َّ‬
‫َّ‬ ‫واالستقرار‬ ‫وجدوا راحةَ ِ‬
‫القلب‬ ‫هنيةً سعيدةً ‪ ،‬بل واهلل ُ‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫الناحي ِة االجتماعي ِ‬
‫َّة ‪.‬‬ ‫َّ َ‬
‫المفزعُ الذي قا َل فيه‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪":  ‬ما ِم ْن ع ْب ٍد يستَر ِع ِ‬
‫يه‬ ‫الحديث ِ‬ ‫ُ‬ ‫الوقت ‪ -‬هذا‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫أما من الناحي ِة الشرعي ِ‬
‫َّة فيكفي ‪ -‬لضي ِ‬ ‫َّ‬
‫َ َْْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫األب وأسألُ ِك باهلل أيَّتُها‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫وت و ُهو َغ ٌّ ِ ِ ِ‬
‫اش ل َر ِعيَّته ِإاَّل َح َّر َم اللهُ َعلَ ْيه اْل َجَّنةَ " (متفق عليه) ‪ ،‬فأسألُك باهلل أيُّها ُ‬ ‫اللَّهُ َر ِعَّيةً َي ُم ُ‬
‫وت َي ْو َم َي ُم ُ َ َ‬
‫ِ‬
‫ألوالدك أم‬ ‫نصح‬ ‫غش لها ؟ هل هو‬ ‫نصح للرعي ِ‬
‫َّة أم ٌّ‬ ‫نهار هو‬ ‫وف الص ِ‬ ‫للبيت وع ُك ِ‬ ‫الوسائل ِ‬
‫ِ‬ ‫األم هل إدخا ُل ِ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ِّغار عليها لي َل َ‬ ‫مثل هذه‬ ‫ُّ‬
‫وجل عن هذا ِ‬
‫األمر ‪.‬‬ ‫عز َّ‬ ‫نفسك قب َل أن يسألَك اهلل َّ‬ ‫ٌّ‬
‫غش لهم ؟! اسأل َ‬
‫ِ‬
‫للتلفاز ؟‬ ‫هات سيقو ُل ‪ :‬طيب ما هو البدي ُل إذن‬‫األم ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلباء ومن َّ‬ ‫أن كثيراً من‬ ‫أعلم َّ‬ ‫ِ‬
‫للبديل عن التلفاز ‪َّ ،‬‬ ‫ومن المقترح ِ‬
‫ألنني ُ‬ ‫ات‬ ‫َ‬
‫فإنما عليه أن يقو َل ‪:‬‬‫محر ٌم َّ‬
‫األمر َّ‬ ‫علم َّ‬ ‫يطلب دائماً البدي َل ‪َّ ،‬‬ ‫قبل أن أذكر المقترح ِ‬
‫أن هذا َ‬ ‫المسلم إذا َ‬
‫َ‬ ‫فإن‬ ‫ُ‬ ‫المسلم ال‬
‫ُ‬ ‫ات ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أقو ُل َ‬
‫اس بقوِله ‪ :‬ما هو البدي ُل ؟!‬‫الن ِ‬
‫كثير من َّ‬
‫طالبنا ٌ‬
‫محرماً َ‬ ‫المسلم ‪ ،‬فلماذا ُكلَّما ذ َكرنا أمراً َّ‬
‫ِ‬ ‫وأطعت ‪ ،‬هذا هو األص ُل في‬
‫ُ‬ ‫سمعت‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫للتلفاز‪:‬‬ ‫ِ‬
‫البدائل‬ ‫بعض‬
‫أذكر َ‬ ‫بأس أن َ‬ ‫يجب أن يتربَّى المسلمون عليه ‪ ،‬وال َ‬ ‫هذا أص ٌل ُ‬
‫الوسيلةُ الثَّامنةُ ‪:‬‬
‫وتفيده ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫تنمي عق َل الص ِ‬
‫َّغير‬ ‫األلعاب العقلي ِ‬
‫َّة التي ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اختيار‬ ‫والحرص على‬ ‫اآللي‬ ‫ِ‬
‫الحاسب ِّ‬ ‫شراء‬ ‫مثالً‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الوسيلةُ التَّاسعةُ ‪:‬‬
‫ٍ‬
‫مناسبة لهم‪،‬‬ ‫رآن‬ ‫ٍ‬
‫تالوات للقُ ِ‬ ‫للص ِ‬
‫غار من‬ ‫َّة ِّ‬‫أشرطة خاص ٍ‬
‫ٍ‬ ‫خاصةً بهم‪،‬تحتوي على‬‫َّ‬ ‫غار مكتبةً‬‫الص ِ‬ ‫ِ‬
‫ألوالدك ِّ‬ ‫ِ‬
‫البدائل أيضاً اجعل‬ ‫ومن‬
‫ِ‬
‫باألطفال‪،‬‬ ‫َّة‬ ‫والقصص والمجالَّ ِت اإلسالمي ِ‬
‫َّة الخاص ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض الكتي ِ‬
‫ِّبات‬ ‫ِ‬ ‫وأناشيد ‪ ،‬وتحتوي أيضاً على‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫وأذكار‬ ‫ومواقف‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫وقصص‬
‫انتباههم ‪.‬‬ ‫َّ‬
‫وتشد‬ ‫غار‬ ‫ألوان ممي ََّز ٍة‬ ‫ٍ‬
‫جميل ذي ٍ‬ ‫جذ ٍ‬‫بشكل َّ‬
‫ٍ‬
‫َ‬ ‫الص ُ‬
‫ليحرص عليها ِّ‬
‫َ‬ ‫اب‬ ‫ولت ُكن‬
‫ممنوع‬ ‫فإن َّ‬
‫كل‬ ‫أكبر ‪َّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ٍ‬ ‫وضعها في غرفة مستقلة لوحدها وال تُفتَ ُح لهم إال بأوقات خاصَّة وساعات معيَّنة لكانت الفائدةُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ولو تَ َّم أيضاً‬
‫مرغوب كما يقا ُل ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫القصص‬ ‫ِ‬
‫لبعض‬ ‫ِ‬
‫األحيان‪ ،‬بل والقراءة‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ِ‬
‫والجلوس معهم في‬ ‫بأس من مشاركتِهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعودهم على تنظيمها والمحافظة عليها‪،‬وال َ‬ ‫ِّ‬
‫َّات وعقلي ِ‬
‫َّة الص ِ‬
‫ِّغار ‪.‬‬ ‫فإن لهذا أثراً كبيراً على سلوكي ِ‬
‫اب ‪َّ ،‬‬ ‫مناسب َّ‬
‫جذ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بأسلوب‬ ‫وروايتِها لهم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المناسبة لهم‬ ‫ِ‬
‫القصص‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫لرواية‬ ‫ِ‬
‫صغارهم‬ ‫بعض األحايين مع‬‫ِ‬ ‫األم في‬
‫األب أو ُّ‬
‫يجلس ُ‬‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫برهان ‪ ،‬لماذا ال‬ ‫خير‬
‫جرَبةُ ُ‬ ‫وجرب فالتَّ ُ‬
‫ِّ‬
‫؟!‬
‫الوسيلةُ العاشرةُ ‪:‬‬
‫ِ‬
‫حركة‬ ‫غار أص ٌل في خلقتِهم وتكوينِهم ‪ ،‬فال َ‬
‫يجزع الوالدان من كثر ِة‬ ‫الص ِ‬ ‫كبديل ‪ :‬اللعب ‪ ،‬واللعب في ِ‬
‫حياة ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ات‬‫ومن المقترح ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫أوالدهما ولعبِهم فهو ضرورةٌ ِّ‬
‫لنموهم ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ِّغار ‪ ،‬ولي ُكن ذلك باستشارتِهم ِ‬
‫فاهِم مع الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقت ِ‬‫ومن ذلك تخصيص ٍ‬
‫وأخذ آرائهم َّ‬
‫فإن لذلك أثراً كبيراً على‬ ‫وضبطه بالتَّ ُ‬ ‫للعب‬ ‫ُ‬
‫نفسيَّاتِهم ‪.‬‬
‫الوسيلةُ الحاديةُ عشرة ‪:‬‬
‫ومواهب‬ ‫تنمي قُ ُد ِ‬
‫رات‬ ‫ِ‬
‫األلعاب التي ِّ‬ ‫ِ‬
‫شراء‬ ‫هم‪،‬والحرص على‬ ‫ِ‬
‫األوالد وألعابِ‬ ‫المنزل ِللَ ِ‬
‫عب‬ ‫ِ‬ ‫خاص في‬
‫ٍّ‬ ‫توفير ٍ‬
‫مكان‬ ‫أيضاً محاولةُ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ركيب‬ ‫كألعاب ِّ‬
‫الفك والتَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآللي أو‬ ‫ِ‬
‫كالحاسب ِّ‬ ‫أسلفت‬
‫ُ‬ ‫تتلف ‪ ،‬وذلك كما‬
‫سرعان ما ُ‬ ‫بأشياء ال معنى لها‬ ‫إضاعة ِ‬
‫المال‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬
‫غار بدالً من‬ ‫ِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫نمو ِ‬
‫عقله ‪.‬‬ ‫تكون معينةً للص ِ‬
‫َّغير في ِّ‬ ‫ُّ‬
‫‪ ،‬وهذه كلها ُ‬
‫األخالقي‬ ‫ِ‬
‫بالفساد‬ ‫اآللي مليئةٌ‬ ‫ِ‬
‫للحاسب ِّ‬ ‫أفالم‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫األسواق ٌ‬
‫َ‬ ‫(الكمبيوتر)‪،‬ألنه بدَأت تغزو‬ ‫اآللي‬
‫للحاسب ِّ‬ ‫شراء أفالم‬ ‫عند‬
‫واحرص َ‬
‫األفالم خفيةً بينهم ‪ ،‬فهل يتنبَّهُ الوالدان لذلك !‬
‫َ‬ ‫الص ِ‬
‫غار هذه‬ ‫بعض ِّ‬
‫تباد َل ُ‬
‫والعقدي ‪ ،‬بل ُربَّما َ‬
‫ِّ‬
‫الوسيلةُ الثَّانيةُ عشرة ‪:‬‬

‫‪10‬‬
‫وع‬ ‫أن هذا َّ‬
‫الن َ‬ ‫ِ‬
‫تعريف الص ِ‬
‫َّغير َّ‬ ‫ُّو ِر ومحاولةُ‬ ‫األلعاب المجس ِ‬
‫ِ‬ ‫وجيهات في اللَّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ثَُّم أيضاً في التَّ‬
‫َّمة والص َ‬
‫َ‬ ‫ستطاع عن‬‫ِ‬ ‫الم‬
‫قدر ُ‬‫االبتعاد َ‬
‫ُ‬ ‫عب ‪،‬‬
‫البيت الذي فيه‬
‫َ‬ ‫ق عليه الذي قال فيه‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪َّ "  ‬‬
‫إن‬ ‫ِ‬
‫بالحديث المتَّفَ ِ‬ ‫يغضب اهلل‪  ‬عز وجل ‪ِّ ،‬‬
‫وأذك ُر هنا‬ ‫ِ‬
‫األلعاب‬ ‫من‬
‫ُ‬
‫صورةٌ ال تدخلُه المالئكةُ " ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحديث ‪.‬‬ ‫شاء اهلل حول هذا‬ ‫مزيد من التَّفصيل إن َ‬ ‫وسيأتي ٌ‬
‫َّغير ‪.‬‬ ‫العطاء أثرا كبيرا في نفسي ِ‬
‫َّة الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫فإن ِ‬
‫لمثل هذا‬ ‫ِ‬
‫واإلرشاد لألنفَ ِع ‪َّ ،‬‬ ‫اختيار اللُّعب ِة مع التَّ ِ‬
‫وجيه‬ ‫ِ‬ ‫َّغير َّ‬
‫حق‬ ‫إعطاء الص ِ‬ ‫أيضاً‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الوسيلةُ الثَّالثةُ عشرة ‪:‬‬
‫ات والدوري ِ‬
‫َّات‬ ‫اآلباء بالجلس ِ‬
‫ِ‬ ‫بعض‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫األلعاب ‪ ،‬وقد ينشغ ُل ُ‬ ‫بعض‬ ‫لممارسة‬ ‫المدينة‬ ‫خارج‬
‫َ‬ ‫نزهة‬ ‫األحيان في‬ ‫بعض‬ ‫اصطحابهم في‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫والجلوس معهم ‪.‬‬ ‫عن ِ‬
‫أوالدهم‬
‫ِ‬
‫أوقات‬ ‫بعض‬ ‫الوسائل عن ِ‬
‫البيت ال ُب َّد أن‬ ‫ِ‬ ‫تريد أن تُ ِ‬
‫األوالد وأن تقضي َ‬
‫َ‬ ‫تجالس‬
‫َ‬ ‫تحرص على أن‬
‫َ‬ ‫مثل هذه‬
‫خر َج َ‬ ‫دمت ُ‬‫وأقو ُل ‪ :‬ما َ‬
‫الفراغ معهم ‪.‬‬
‫ِ‬
‫رسول اهلل‪ ‬‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫حديث فاطمةَ رضي اهلل تعالى عنها " َّ‬ ‫ف ‪ ،‬فقد روي عنه‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪  ‬من‬‫السلَ ِ‬ ‫وهذا كان أيضاً من ِ‬
‫عهد َّ‬
‫علي ‪ ،‬فتوجَّه رسو ُل اهلل‪ ‬‬
‫الحسن والحسين ‪ -‬فقالت ‪ :‬ذهب بهما ُّ‬
‫َ‬ ‫يقصد‬
‫ُ‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم‪  ‬أتاها يوماً فقال ‪ :‬أين ابناي ؟‪-‬‬
‫الحر ؟ "[‪.]9‬‬
‫ابني قب َل ِّ‬
‫تقلب َّ‬
‫علي أال ُ‬ ‫مشرب ٍة [‪ ]8‬وبين أيديهما فض ٌل من ٍ‬
‫تمر فقال " يا ُّ‬ ‫َ‬ ‫فوجدهما يلعبان في‬
‫َ‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ‬‬
‫زهة ‪.‬‬ ‫والحسين ُّ‬
‫للن َ‬ ‫َ‬ ‫الحسن‬
‫َ‬ ‫أخرج‬
‫َ‬ ‫أن َّ‬
‫علياً‪  ‬رضي اهلل عنه‬ ‫اهد َّ‬ ‫و َّ‬
‫الش ُ‬
‫الرابعةُ عشرة ‪:‬‬ ‫الوسيلةُ َّ‬
‫ِ‬
‫وسائل‬ ‫اللعب ‪ ،‬وهذا أفض ُل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خالل‬ ‫ِ‬
‫األخطاء من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األطفال في لعبهم ولو في بعض األحايين ‪ ،‬وتوجيهُ‬ ‫مشاركة‬ ‫الحرص على‬
‫ُ‬
‫ط‪.‬‬‫ط وال تفري َ‬ ‫األمر فال إفرا َ‬ ‫ويتوسطُ في هذا ِ‬ ‫َّ‬ ‫التَّوجيه مداعبةُ الص ِ‬
‫ِّغار ومالطفتُهم ‪،‬‬
‫ك‪.‬‬ ‫فيضح ُ‬ ‫ِ‬
‫الحسن‬ ‫البارد ويمجُّه في ِ‬
‫وجه‬ ‫ِ‬ ‫فمه قليالً من ِ‬
‫الماء‬ ‫· فقد كان‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪  ‬يضع في ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫النبِ ِّي‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪َ  ‬م َّجةً َمجَّهَا في َو ْج ِهي َو ََأنا ْاب ُن‬ ‫ِ‬
‫ت م ْن َّ‬‫ال ‪َ :‬ع َقْل ُ‬ ‫الربِ ِ‬
‫يع قَ َ‬ ‫· وفي صحيح البخاري وغيره َع ْن م ْحم ِ‬
‫ود ْب ِن َّ‬ ‫َ ُ‬
‫ين ِم ْن َدْل ٍو "‪.‬‬ ‫َخم ِ ِ ِ‬
‫س سن َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫ويركُبهما على ِ‬
‫ظهره ‪]10[.‬‬ ‫ويجلس معهما ُ‬ ‫ُ‬ ‫والحسين‬
‫َ‬ ‫الحسن‬
‫َ‬ ‫يمازح‬
‫ُ‬ ‫· وكان‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪ ‬‬
‫· عن أبي هريرة أن النبي‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪  ‬كان يدلع لسانه للحسين بن علي ‪ ،‬فإذا رأى الصبي حمرة لسانه بهش إليه "[‬
‫‪]11‬‬
‫الناس ويتعثَّر في ثوبِه الطَّ ِ‬ ‫َّ‬
‫ويل فينز ُل‪  ‬صلى اهلل عليه‬ ‫ُ‬ ‫بالحسن يتخطى َّ َ‬
‫ِ‬ ‫مرةً الجمعةَ فإذا‬
‫يخطب َّ‬
‫ُ‬ ‫· وكان‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪ ‬‬
‫الحسن معه [‪.]12‬‬ ‫َ‬ ‫منبره فيرفعُ‬‫وسلم‪  ‬من ِ‬
‫ول اللَّ ِه‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪  ‬فَ َما َي ْن ِزعُ َي َدهُ ِم ْن َي ِد َها‪َ ،‬حتَّى‬
‫ْأخ ُذ بَِي ِد رس ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َأه ِل اْل َم ِد َين ِة لَتَ ُ‬
‫اَأْلمةُ ِم ْن ْ‬
‫ت َ‬ ‫س ْب ِن َم ِال ٍك قَ َ‬
‫ال ‪ِ :‬إ ْن َك َان ْ‬ ‫· َع ْن ََأن ِ‬
‫اجتِهَا‪]13[ .‬‬ ‫ِ ِِ‬
‫ت م ْن اْل َمد َينة في َح َ‬
‫ث َشاء ْ ِ‬
‫ب بِه َح ْي ُ َ‬
‫تَ ْذ َه ِ‬
‫َ‬
‫هات من‬ ‫األم ِ‬ ‫بعض َّ‬ ‫ِ‬ ‫منهجه مع الص ِ‬
‫بعض اآلباء أو ُ‬ ‫ِّغار ‪ ،‬فلماذا يتكب َُّر ُ‬ ‫ُ‬ ‫وأمي‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪ ،  ‬هكذا كان‬ ‫هكذا كان بأبي هو ِّ‬
‫واللعب معهم ؟!‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬
‫غار‬ ‫للجلوس مع ِّ‬ ‫ِ‬ ‫تخصيص ٍ‬
‫وقت‬ ‫ِ‬
‫الن ِ‬
‫اس فيقولُون له ‪:‬‬ ‫بعض َّ‬ ‫ِ‬
‫كالحصان ‪ ،‬فيراه ُ‬ ‫يسير بهم‬
‫يلعبون وهو ُ‬ ‫وأوالده على ِ‬
‫ظهره ُ‬ ‫ُ‬ ‫عمر يمشي على يديه ورجليه‬ ‫وقد كان ُ‬
‫اُألنس وس ِ‬
‫ُّهولة الخلق ‪ ،‬هكذا‬ ‫ِ‬ ‫كالصبي ‪ -‬أي في‬
‫ِّ‬ ‫أتفع ُل ذلك وأنت أمير المؤمنين ؟ فيقول ‪ :‬نعم ‪ ،‬ينبغي للرج ِل أن يكون في ِ‬
‫أهله‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫البيت ‪ -‬فإذا كان في ِ‬
‫القوم كان َر ُجالً ‪.‬‬ ‫نكون معهم في ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫لالنحراف‬ ‫أكثر عرضةً‬ ‫بعضهم معقَّداً ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وعندما تخلَّى‬
‫وبعضهم منطوياً وكان َ‬
‫ُ‬ ‫ومالعبتهم نشَأ ُ‬
‫َ‬ ‫أطفالهم‬ ‫هات عن‬
‫واألم ُ‬
‫َّ‬ ‫اآلباء‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫كثير من الص ِ‬
‫ِّغار ‪.‬‬ ‫َّياع كما نرى على ٍ‬ ‫والض ِ‬

‫‪11‬‬
‫ان فََي ْد ُعو لَهُ ْم ‪،‬‬ ‫صلَّى اللَّهُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم يُْؤ تَى بِ ِّ‬
‫الص ْبَي ِ‬ ‫النبِ ُّي َ‬
‫ان َّ‬‫البخاري من حديث عائشةَ قالت ‪َ :‬ك َ‬
‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫العجيب في هذا ما أخرجه‬‫ِ‬ ‫ومن‬
‫اء فََأتَْب َعهُ ِإيَّاهُ َولَ ْم َي ْغ ِسْلهُ"‪.‬‬
‫ال علَى ثَوبِ ِه فَ َدعا بِم ٍ‬
‫َ َ‬
‫فَُأتِي بِ َ ِ‬
‫صب ٍّي فََب َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ِ‬
‫طنه اْل َح َس ُن َْأو اْل ُح َس ْي ُن قَا َل فَ َر َْأي ُ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ْد ِره َْأو َب ْ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صلى اللهُ َعلَ ْيه َو َسل َم َو َعلَى َ‬ ‫ت ع ْن َد َر ُسول الله َ‬ ‫وفي المسند عن أبي ليلى قال ‪ُ :‬ك ْن ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اء ‪ .]14[ i"...‬وهذا‬ ‫طرائق يمشي ‪ -‬فَقُ ْمَنا ِإلَ ْيه فَقَا َل َد ُعوا ْابني اَل تُ ْف ِز ُعوهُ َحتَّى َي ْقض َي َب ْولَهُ ثَُّم َأتَْب َعهُ اْل َم َ‬ ‫َ‬ ‫َأس ِار َ‬
‫يع ‪ -‬يعني‬ ‫َب ْولَهُ َ‬
‫فريد منه‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪.  ‬‬
‫تربوي ٌ‬
‫ٌّ‬ ‫أنموذج‬
‫ٌ‬
‫الوسيلةُ الخامسةُ عشرة ‪:‬‬
‫الشماغ‬
‫ِ‬ ‫كلبس الثِّ ِ‬
‫ياب أو‬ ‫ِ‬ ‫الرجولي‬
‫ِّ‬ ‫عود الطِّف ُل على المظهَ ِر‬
‫عر ونحوهما ‪ِّ ،‬‬ ‫فل من ٍ‬
‫لباس و َش ٍ‬ ‫الخارجي للطِّ ِ‬
‫ِّ‬ ‫الحرص على المظهَ ِر‬‫ُ‬ ‫·‬
‫ِ‬
‫الميوعة ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مالبس‬ ‫عد عن‬ ‫والب ِ‬
‫ُ‬
‫لي المسلمون به‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫لتلتزمه في ِ‬ ‫ِّتر والحجاب من الص ِ‬ ‫ِّ‬
‫وعود الطفلةُ على الس ِ‬
‫القصير‪ ،‬وهذا م َّما ُابت َ‬
‫َ‬ ‫باس‬
‫َّاك والل َ‬‫الكبر ‪ ،‬وإ ي َ‬ ‫َ‬ ‫ِّغر‬ ‫· ِّ‬
‫يطلبون‬ ‫سألناهم أو وجَّهناهم قالوا لنا ‪َّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فنجد َّ‬ ‫ِ‬
‫اس ُ‬ ‫الن ُ‬ ‫ُ‬ ‫المالبس القصيرةَ ‪ ،‬وإ ذا‬
‫َ‬ ‫يبيعون‬
‫المعارض ُ‬ ‫أصحاب‬ ‫أن كثيراً من‬ ‫ولألسف ‪ُ ،‬‬
‫الح َج ِر ‪،‬‬
‫قش على َ‬ ‫كالن ِ‬
‫ِّغ ِر َّ‬ ‫العلم في الص َ‬ ‫نحرص ‪َّ ،‬‬ ‫ذلك ! ومن هؤالء َّ‬
‫فإنهُ كما ُيقا ُل ‪ُ :‬‬ ‫َ‬ ‫اس ؟ ُهم المسلمون ! ولذلك علينا أن‬ ‫الن ُ‬
‫تشعر ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّخ مث ُل هذه المفاهيم في نفسه من حيث ال ُ‬ ‫َّغير يتربَّى وتترس ُ‬ ‫والص ُ‬
‫لمجر ِد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لباس ُّ‬
‫لباسهم !‬ ‫إناث َّ‬ ‫ذكور أم ٌ‬ ‫بعض األطفال ال نمي ُِّز بينهم هل هم ٌ‬ ‫كور واإلناث ‪ ،‬حتَّى رأينا َ‬ ‫الذ ِ‬ ‫التمييز بين ِ‬‫ُ‬ ‫· أيضاً‬
‫ِ‬
‫المكان الذي فيه صورةٌ ‪ ،‬قال‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪َّ "  ‬‬
‫إن‬ ‫ور ؛ َّ‬
‫ألن المالئكةَ ال تدخ ُل في‬ ‫ص ٌ‬ ‫ِ‬
‫المالبس التي فيها ُ‬ ‫االبتعاد أيضاً عن‬
‫ُ‬
‫البيت الذي فيه صورةٌ ال تدخلُه المالئكةُ "(متفق عليه) ‪.‬‬
‫َ‬
‫ِّر لنا‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫فالمكان الذي ال تدخ ُل فيه المالئكةُ ُّ‬
‫يحل فيه َّ‬ ‫الشياطين ِ‬ ‫ط َّ‬
‫ياطين وال شك ‪ ،‬ولعل ذلك يفس ُ‬
‫الش ُ‬ ‫ُ‬ ‫بطفلك ؟‬ ‫ُ‬ ‫فهل ترضى أن يحي َ‬
‫لمثل هذا ِ‬
‫األمر‪.‬‬ ‫أن لباسه فيه صورةٌ ‪ ،‬فلننتبِه ِ‬ ‫وتعك ِر نفسيَّاتِهم ‪ُ ،‬‬
‫فتجد ُربَّما َّ َ‬
‫ِ‬
‫وصراخهم ُّ‬ ‫ِ‬
‫األطفال‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫هيج ِ‬
‫ان‬ ‫َّ‬
‫قضيةَ َ‬
‫الوسيلةُ السَّادسةُ عشرة ‪:‬‬
‫بالن ِ‬
‫سبة‬ ‫عندهم ‪ -‬هذا ِّ‬ ‫ون َ‬ ‫َّالم عليه ‪ ،‬ومنه احترام الضُّي ِ‬ ‫رأسه والس ِ‬ ‫بتقبيل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والس ُك ُ‬
‫وف ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وتقديره ‪،‬وذلك‬ ‫الكبير‬ ‫احترام‬ ‫تعويده على‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الرابعة ‪.‬‬ ‫بعد ِّ‬
‫سن‬ ‫خاصةً َ‬ ‫ِ‬
‫المجالس‬ ‫ِ‬
‫الرجال في‬ ‫خول على‬ ‫بالد ِ‬ ‫لإلناث ُّ‬ ‫ِ‬ ‫اح‬
‫َّم ِ‬ ‫ُّ‬
‫َّ‬ ‫وعدم الس َ‬
‫ُ‬ ‫للذ ُكور ‪-‬‬
‫الوسيلةُ السَّابعةُ عشرة ‪:‬‬
‫وأنه يستطيعُ أن يفع َل أفعاالً‬ ‫بأنه ُم ِه ٌّم َّ‬
‫وأشعره َّ‬‫ِ‬ ‫بالعكس ارفَع من معنويَّاتِ ِه‬ ‫ِ‬ ‫فل ‪ ،‬بل‬ ‫عند الطِّ ِ‬ ‫ِ‬
‫العالية َ‬ ‫تحطيم المعنوي ِ‬
‫َّات‬ ‫ِ‬ ‫الحذر من‬ ‫ُ‬
‫َّة متمي َِّز ٍة للص ِ‬
‫َّغير ‪.‬‬ ‫َّة قوي ٍ‬
‫لبناء شخصي ٍ‬ ‫س ِ‬ ‫فإن هذا من ِ‬
‫اُألس ِ‬ ‫عظيمةً ‪َّ ،‬‬
‫اآلباء َّأنه دلي ٌل على ِ‬
‫فساده‬ ‫ِ‬ ‫بعض‬ ‫فإن هذا دلي ٌل على فطنتِه وذكائه ‪ ،‬ال كما ُ‬ ‫شدةٌ وشراسةٌ َّ‬ ‫الحركة وفيه َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬
‫يعتقده ُ‬ ‫كثير‬
‫وإ ذا كان الطف ُل َ‬
‫ِ‬
‫والعقل ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الحركة‬ ‫تنفص ُم بين‬‫أن هناك رابطةً ال ِ‬ ‫الن ِ‬
‫فس َّ‬ ‫ِ‬
‫علماء َّ‬ ‫بعض‬ ‫! فقد َّ‬
‫قام به ُ‬ ‫الحديث الذي َ‬ ‫ُ‬ ‫البحث‬
‫ُ‬ ‫أك َد‬
‫وتشجيعه على هذا ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وينفعه ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫نشاطه وحركتِه فيما ُ‬
‫يفيده‬ ‫الستغالل ِ‬
‫ِ‬ ‫فعلى الوالدين توجيهُ الص ِ‬
‫َّغير‬
‫فمن الخطِأ هنا كثرةُ‬ ‫وتفو ِقه ‪ ،‬إذن ِ‬ ‫تدل على ذكائه ُّ‬ ‫َّغير التي ُّ‬ ‫العجيبة من الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والكلمات‬ ‫التصر ِ‬
‫فات‬ ‫ُّ‬ ‫بعض‬
‫ظ األبوان َ‬ ‫وربَّما الح َ‬ ‫ُ‬
‫المهام‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫ببعض‬ ‫تنمية ذكائه ومن ذلك تكليفُه‬ ‫َّغير ‪ ،‬وإ َّنما األسلم هو التَّوجيه ‪ ،‬بل ال ب َّد من ِ‬ ‫والكبت لهذا الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّراخ‬
‫عنيف والص ِ‬ ‫التَّ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫واالهتمام به‪.‬‬ ‫والحديث ‪،‬واإلجابةُ على أسئلته‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للكالم‬ ‫ناسبة وإ عطاؤه الفرصةَ‬ ‫الم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ومعاند لهما ؟‬
‫ٌ‬ ‫مزعج لوالديه‬‫ٌ‬ ‫غار أنه‬ ‫الص ِ‬ ‫بعض ِّ‬ ‫لماذا نالحظُ َ‬
‫والمود ِة له ‪،‬‬
‫َّ‬ ‫إظهار المحب ِ‬
‫َّة‬ ‫ِ‬ ‫‪،‬وعدم‬
‫ُ‬ ‫أحدهما‬‫بشد ٍة من ِقب ِل أبويه أو ِ‬
‫َ‬ ‫وضربه َّ‬ ‫ُ‬ ‫ب هو القسوةُ على الص ِ‬
‫َّغير‬ ‫أن لذلك سبباً ‪ ،‬والسََّب ُ‬ ‫شك َّ‬ ‫ال َّ‬
‫لولده أنه يحبُّه ُّ‬
‫ويعزه ‪.‬‬ ‫الوالد ِ‬ ‫وعالج ذلك أن ُيظ ِه َر‬ ‫واالنتقام منه ‪،‬‬ ‫يعاند قاصداً إزعاج ِ‬
‫والده‬ ‫َّغير ُ‬ ‫ولذلك َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فإن الص َ‬
‫ِ‬
‫نفوس‬ ‫ِ‬
‫للحسد في‬ ‫ِ‬
‫العوامل إثارةً‬ ‫أن َّ‬
‫أشد‬ ‫فق الباحثون على َّ‬ ‫بتفضيل إخوانِه عليه ‪،‬وقد اتَّ َ‬ ‫ِ‬ ‫المعاندة هو شعوره‬ ‫ِ‬ ‫سبب‬
‫وربَّما كان ُ‬ ‫ُ‬
‫مسمع منه ‪.‬‬ ‫أمام عينيه وعلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ٍ‬ ‫واآلخر َ‬ ‫العكس ‪ ،‬والموازنةُ بين الواحد‬ ‫ُ‬ ‫أخ أو أخت ‪ ،‬أو‬ ‫أخ على ٍ‬ ‫األطفال هو تفضي ُل ٍ‬

‫‪12‬‬
‫برد ِه إلى ِّ‬
‫الحق طوعاً‬ ‫العناد ِّ‬ ‫أكبر منه ‪ ،‬وأن ُيعالَ َج فيه‬ ‫ومع ذلك ال ب َّد أن يع َّو َد الصَّغير على الطَّ ِ‬
‫ُ‬ ‫أحد أبويه أو من هو ُ‬ ‫اعة إذا أمره ُ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬
‫والمكابر ِة ‪ ،‬ولئال ينشأ على ذلك‬ ‫ِ‬ ‫الحق خير من ِ‬ ‫أمكن ‪ ،‬وإ ال فال َّ‬
‫فيذيق أهلَه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫العناد‬ ‫بقاء الص ِ‬
‫َّغير على‬ ‫أن اإلكراهَ على ِّ ٌ‬ ‫شك َّ‬ ‫إن َ‬
‫دعت الحاجةُ لذلك ‪.‬‬
‫المبِّر ِح إذا َ‬
‫غير َ‬ ‫والبأس بالض ِ‬
‫َّرب ِ‬ ‫َ‬ ‫األمرين ‪،‬‬
‫َّ‬
‫الوسيلةُ التَّاسعةُ عشرة ‪:‬‬
‫ِ‬
‫وآداب‬ ‫والخروج‬
‫ِ‬ ‫الد ِ‬
‫خول‬ ‫عند ُّ‬ ‫واالستئذان والس ِ‬
‫َّالم َ‬ ‫ِ‬ ‫راب‬ ‫آداب الطَّ ِ‬
‫عام َّ‬
‫والش ِ‬ ‫َّة واإلجتماعي ِ‬
‫َّة ‪ ،‬مثل ِ‬ ‫اآلداب اإلسالمي ِ‬
‫ِ‬ ‫تعويده على‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وغير ذلك ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العطاس‬
‫ِ‬
‫األطفال ‪-‬‬ ‫َّهر على‬ ‫وم ِّ‬
‫المبك ِر ‪ ،‬فللس ِ‬ ‫الن ِ‬
‫وتعويده على َّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وغيرها ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ومالبسه وكتبِه وألعابِه‬ ‫نظيم غرفتِه‬
‫تعويده على تَ ِ‬
‫ُ‬ ‫ومنه أيضاً‬
‫آثار سيِّئةٌ في استيعابِه وسلوكه وصحَّتِه ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يذهبون إلى المدرسة‪ٌ -‬‬ ‫خاصَّة الذين ُ‬
‫ِ‬
‫التصاقه بها ‪.‬‬ ‫خاصةً من ِقَب ِل ِّ‬
‫أمه لكثر ِة‬ ‫َّ‬ ‫وتكرارها عليه‬ ‫وتشجيعه عليها‬ ‫اآلداب كلِّها‬
‫ِ‬ ‫تعويده على هذه‬
‫ُ‬ ‫فيجب إذن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اآلداب‬ ‫ِ‬
‫وغيرها من‬ ‫ِ‬
‫العاطس‬ ‫يتقُنون حتى السَّالم أو حتَّى تشميت‬ ‫ولألسف َّأنهم ربَّما ال ِ‬
‫ِ‬ ‫كثير من ِ‬
‫أبناء المسلمين‬ ‫لحظُ على ٍ‬
‫ُ ُ‬ ‫والذي ُي َ‬
‫!‬
‫الوسيلةُ العشرون ‪:‬‬
‫فيعتاد‬
‫َ‬ ‫العَب ِث أو الص ِ‬
‫ُّراخ ‪،‬‬ ‫ف عن َ‬ ‫قود و ُك َّ‬ ‫قال له ‪ُ :‬خذ هذه الحلوى وافعل كذا ‪ ،‬أو ُخذ هذه ُّ‬
‫الن َ‬ ‫مثل أن ُي َ‬
‫ِّغار ‪َ ،‬‬ ‫الحذر من رشو ِة الص ِ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫بمقابل ‪.‬‬ ‫على هذا فال يعم ُل شيئاً إال‬
‫شجيع للص ِ‬
‫َّغير ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المكافأة أو التَّ ِ‬ ‫بأس من‬ ‫ِ‬ ‫فعند ِ‬ ‫ِ‬
‫المكافأة والتَّ ِ‬
‫الحسن ال َ‬ ‫الفعل‬ ‫شجيع ‪َ ،‬‬ ‫يخالف مبدَأ‬
‫ُ‬ ‫وهذا ال‬
‫الوسيلةُ الحاديةُ والعشرون ‪:‬‬
‫يسمع كلمةَ ( ال )‬ ‫غير ذلك ‪َّ ،‬‬
‫لعب أو ِ‬ ‫يطلبه من ٍ‬
‫أكل أو ٍ‬ ‫مخالفة هواه أحياناً فال ُيعطى َّ‬ ‫ِ‬ ‫ال ُب َّد من‬
‫اعتاد على ذلك ولم َ‬ ‫َ‬ ‫فإنه إن‬ ‫كل ما ُ‬
‫يقال له ( ال ) !‬
‫بباله أن َ‬ ‫وتصرفاتِه فال يخطر ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫سلوكه‬ ‫فسوف يؤثُِّر ذلك على‬
‫َ‬ ‫أو ( غير موجود ) في منزِله ‪،‬‬
‫ُ‬
‫فيصيبه‬
‫َ‬ ‫المتنو َع ِة‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫الحياة‬ ‫ِ‬
‫بمشكالت‬ ‫فيصطدم‬
‫َ‬ ‫ق رغباتِه‬
‫عدم تحقُّ ِ‬
‫يحتمل َ‬
‫َ‬ ‫أصبح من الص ِ‬
‫َّعب مستقبالً أن‬ ‫َ‬
‫تعو َد على هذا الس ِ‬
‫ُّلوك‬ ‫وإ ذا َّ‬
‫االنحراف ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وربَّما‬
‫اليأس ُ‬
‫ُ‬
‫َّ‬
‫الوسيلةُ الثانيةُ والعشرون ‪:‬‬
‫ِ‬
‫بالملعقة مثالً‬ ‫األكل‬ ‫مشكلة كمحاولتِ ِه‬
‫ٍ‬ ‫وقع في‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجيهات ‪ ،‬تشجيعُ الص ِ‬ ‫أهم التَّ‬
‫َ‬ ‫َّغير على اإلقدام وإ عطاؤه الثقةَ بنفسه ‪ ،‬فإذا َ‬ ‫وهي من ِّ‬
‫تحت عيني ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أحد أبويه ‪.‬‬ ‫خلع مالبسه ‪ ،‬فال ُب َّد من إعطائه الفرصةَ للمحاولة بل وتشجيعه ‪ ،‬بشرط أن َ‬
‫يكون َ‬ ‫لبس نعليه أو ِ‬‫أو ِ‬
‫ُّعوبات والتغلُّ ِب عليها ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫هة الص‬ ‫يعتاد على مواج ِ‬ ‫ِ‬
‫بالعمل عنه ‪ ،‬بل ال ُب َّد أن َ‬ ‫القيام‬ ‫ِأ‬
‫َ‬ ‫فمن الخط إذن المبادرةُ بمساعدته أو ُ‬
‫يتحم ُل‬ ‫ِ‬
‫إلصالحها ‪ ،‬فاجعله َّ‬ ‫ٍ‬
‫جديدة له مثالً وأتى إليك‬ ‫أفسد تركيب ٍ‬
‫لعبة‬ ‫َّة ‪ ،‬فإذا َ‬‫تحم ِل المسؤولي ِ‬
‫ومث ُل ذلك أيضاً في تدريبِه على ُّ‬
‫َ‬
‫رأيت منه‬
‫َ‬ ‫يستطع ‪ ،‬وشجِّعه إن‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بتنظيفه وإ ن لم‬ ‫خطأه ويحاو ُل هو إصالحها ‪ ،‬وال بأس لو سكب شيئاً مثالً على السج ِ‬
‫َّاد فطالبه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫مستقبله ‪.‬‬ ‫كبير في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عمل في ِ‬
‫مثل التَّنظيف مثالً‬ ‫وحسن ٍ‬
‫َ‬ ‫أثر ٌ‬ ‫ليزداد ثقةً بنفسه ‪ ،‬ولهذا ٌ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫إقباالً‬
‫الوسيلةُ الثَّالثةُ والعشرون ‪:‬‬
‫االهتمام باألجهز ِة والمخترع ِ‬
‫ات ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫والخطاب ِة أو‬ ‫ِ‬
‫كاإللقاء مثالً‬ ‫ِ‬
‫وتشجيعه ‪،‬‬ ‫الن ِ‬
‫افعة‬ ‫َّغير وهواياتِه َّ‬ ‫ِ‬
‫مواهب الص ِ‬ ‫تنمي ِة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫الحرص على َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫َّغيرات ‪ ،‬وال ُب َّد‬ ‫ِ‬
‫الفتيات الص‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫عند‬ ‫ِ‬
‫وتجميله َ‬ ‫تنظيم ِ‬
‫البيت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمور ‪ ،‬أو‬ ‫الميول ِ‬
‫لمثل هذه‬ ‫ِ‬ ‫بعض‬ ‫الص ِ‬ ‫َّ‬
‫غار لديهم ُ‬ ‫بعض ِّ‬ ‫فإننا نرى َ‬
‫تشجيعه ومكافأتُه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والمحاوالت بل وعليهم‬ ‫ِ‬
‫األخطاء‬ ‫يتحم َل األبوان كثرةَ‬
‫أن َّ‬
‫ُ‬
‫الرابعةُ والعشرون ‪:‬‬ ‫الوسيلةُ َّ‬
‫صغير ال يعق ُل أو َّ‬
‫أن‬ ‫ٌ‬ ‫ظناً َّ‬
‫بأنه‬ ‫ِ‬
‫اإلجابة عليها َّ‬ ‫وعدم‬
‫ُ‬ ‫وبعضها تافهٌ ‪ ،‬ومن الخطِأ إهمالُها‬
‫ُ‬ ‫مهم‬
‫وبعضها ٌّ‬
‫ُ‬ ‫ِّغار كثيرةٌ َّ‬
‫جداً ‪،‬‬ ‫أسئلةُ الص ِ‬
‫األب مشغول عنه ‪.‬‬ ‫األم أو َ‬ ‫َّ‬

‫‪13‬‬
‫كسر ِ‬
‫لنفس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كثرت أسئلتُه ‪ ،‬وهذا من ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بل َّ‬
‫أكبر األخطاء التربويَّة وفيها ٌ‬ ‫ويغضب عليه إذا َ‬
‫ُ‬ ‫َّغير‬
‫ينهر الص َ‬‫واألمهات ُ‬ ‫اآلباء‬ ‫بعض‬
‫إن َ‬
‫عكسي على الص ِ‬
‫َّغير ‪.‬‬ ‫أثر‬ ‫ِّ ِ‬
‫ٌّ‬ ‫وربَّما كان له ٌ‬ ‫الطفل ُ‬
‫ِ‬
‫سماعها ‪.‬‬ ‫والده أو والدتِه ُمقبِالً على‬
‫ألجوبة ِ‬
‫ِ‬ ‫يكون متطلِّعاً‬ ‫ِ‬
‫لتوجيه الص ِ‬ ‫أفضل ٍ‬ ‫بل َّ‬
‫عندما ُ‬ ‫ِّغار هو َ‬ ‫وقت‬ ‫َ‬ ‫إن‬
‫ِ‬
‫توجيه‬ ‫يحرص على‬ ‫والتوبيخ ‪،‬وهذا خطٌأ ! بل عليه أن‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫التهر َ‬
‫الكبير إجابةً إال ُّ‬‫ُ‬ ‫ك له‬
‫َّغير أسئلةً غريبةً ال يمل ُ‬
‫سأل الص ُ‬ ‫بل ُربَّما َ‬
‫عقله وإ ِ‬
‫دراكه ‪.‬‬ ‫بحسب ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬
‫َّغير‬
‫الصغير‬ ‫ف اإلجابةَ ‪َّ ،‬‬
‫ألن‬ ‫كب َر ِ‬
‫سيعر ُ‬ ‫َّغير ‪ ،‬فنقو ُل ‪ :‬وجِّهه َّ‬
‫أسئلة الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫صغير وإ ذا َ‬
‫ٌ‬ ‫بأنه‬ ‫أجد إجابةً على‬
‫اآلباء ‪ :‬ال ُ‬ ‫بعض‬
‫وربَّما يقول ُ‬ ‫ُ‬
‫آخر فأعطاه إجابةً منحرفةً !‬ ‫أحد ٌ‬ ‫أجابه ٌ‬
‫فربَّما َ‬ ‫عندك ُ‬‫إن لم َي ِجد اإلجابةَ َ‬
‫وسعة ِ‬
‫عقله ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إدراكه‬ ‫األسئلة دلي ٌل على ِ‬
‫سعة‬ ‫ِ‬ ‫كثير‬ ‫ِّ‬
‫والطف ُل ُ‬
‫الوسيلةُ الخامسةُ والعشرون ‪:‬‬
‫أكثر‬ ‫ِ‬ ‫فإن ِّ‬
‫الط َ َّ‬ ‫األم ‪َّ -‬‬ ‫ِ‬ ‫تعليمه في سنواتِه‬ ‫الحرص على ِ‬
‫فل يتعل ُم في سنواته األولى َ‬ ‫األب وانتبهي أيَّتُها ُّ‬‫الخمس األولى ‪ ،‬وانتبه أيُّها ُ‬ ‫ُ‬
‫اآلباء ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يتصو ُر‬
‫َّ‬ ‫بكثير ِم َّما‬
‫ٍ‬
‫ِ‬
‫الخمس األولى‪.‬‬ ‫َّة تتِ ُّم في الس ِ‬
‫َّنوات‬ ‫َّة التربوي ِ‬
‫فإن ‪ % 90‬من العملي ِ‬ ‫ٍ‬
‫بسهولة أكثر‪َّ ،‬‬ ‫إن الطفل كلما كانت سنه أصغر يكتسب العادات‬ ‫َّ‬
‫َّ‬
‫يستغل‬ ‫البديهي أن‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫واإلعجاب ‪ ،‬فمن‬ ‫عبارات الثَّ ِ‬
‫ناء‬ ‫ِ‬ ‫خرج منه‬ ‫ِ ِ‬ ‫أن الطِّ َ‬
‫فل في هذه الفتر ِة يمي ُل إلى إرضاء والده ويحاو ُل أن ُي َ‬ ‫كما َّ‬
‫الحسَنةَ ‪.‬‬ ‫الهامةَ في ِ‬
‫تعليمه وتوجي ِهه ِ‬
‫الوجهةَ َ‬ ‫الوالد هذه الفترةَ َّ‬
‫ُ‬
‫وم ِرن‬ ‫فأما إذا تُِر َ‬
‫ِّغ ِر ‪َّ ،‬‬ ‫المجال ‪َ :‬أ ْقوم التَّ ِ‬
‫ِ‬
‫الولد وطبعه فنشأ عليه ُ‬
‫ك ُ‬ ‫قويم ما كان في الص َ‬ ‫َُ‬ ‫الجوزي رحمه اهلل تعالى في هذا‬
‫ِّ‬ ‫ابن‬
‫يقو ُل ُ‬
‫‪ ،‬كان ُّ‬
‫رده صعباً ‪.‬‬
‫الوسيلةُ السَّادسةُ والعشرون ‪:‬‬
‫ارتكاب الخطِأ‬
‫ِ‬ ‫وجرَأه على‬
‫عو َده َّ‬ ‫إظهار ذلك ُربَّما َّ‬ ‫ستر خطئه وإ خفائه ‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫ِ‬ ‫التغا ُف ُل عن الطِّ ِ‬
‫َ‬ ‫وعدم فضحه إذا أخطَأ وحاو َل هو َ‬ ‫ُ‬ ‫فل‬
‫ِ‬
‫بظهور أخطائه ‪.‬‬ ‫وأصبح ال يبالي‬
‫َ‬ ‫مرةً أخرى‬ ‫َّ‬
‫تفضح الطِّف َل‪ ،‬وإ َّنما‬ ‫ِأ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ولذلك نقو ُل ِ‬
‫حرص الطف ُل على إخفاء ذلك الخط فال َ‬ ‫َ‬ ‫مقصود أو‬ ‫غير‬
‫األم ‪ :‬إذا أخطَأ الطف ُل خطًأ َ‬
‫لألب أو ِّ‬
‫ِ‬
‫األخطاء ِ‬
‫غير‬ ‫كثير‬ ‫ِ‬ ‫األمر َّ‬
‫انتباهك لمثل هذا ِ‬‫ِ‬ ‫حاول التغا ُف َل عنه وإ ظهار ِ‬ ‫ِ‬
‫َّغير ُ‬‫خاصةً والص ُ‬ ‫َّ‬ ‫المعاتبة‬ ‫تعو َد كثرةَ‬
‫‪،‬ألنه إذا َّ‬ ‫عدم‬ ‫َ‬
‫ات‪.‬‬‫وكر ٍ‬
‫ات َّ‬ ‫مر ٍ‬ ‫ِ‬
‫األعمال أيضاً َّ‬ ‫جوع لهذه‬
‫الر ِ‬ ‫تعو َد على ُّ‬ ‫ِ‬
‫المعاتبة َّ‬ ‫وتعو َد على كثر ِة‬
‫مرةً أخرى َّ‬ ‫عاد للخطِأ َّ‬
‫فإنه إذا َ‬ ‫ِ‬
‫المقصودة َّ‬
‫العقاب َّ‬
‫والز ْج َر ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫كل خطٍأ أو زلَّ ٍة ِ‬
‫توج ُ‬ ‫سراً وليس ُّ‬
‫ب َّ‬ ‫ِأ‬
‫وإ ن عاد للخط الذي أخفاه ثانيةً فأقو ُل ‪ :‬ينبغي أن يعاقَ َ‬
‫الوسيلةُ السَّابعةُ والعشرون ‪:‬‬
‫وقوةً ‪.‬‬
‫نفسه عزيمةً َّ‬ ‫والسلَ ِ‬ ‫ألبناء الص ِ‬
‫ِ‬ ‫بمواقف بطولي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫تذكير الص ِ‬
‫َّالح ‪ y‬ليتأسَّى بهم وتمتلَئ ُ‬
‫ف الص ِ‬ ‫َّحابة َّ‬ ‫َّة‬ ‫َ‬ ‫مستمر‬
‫ٍّ‬ ‫بوجه‬ ‫َّغير‬ ‫ُ‬
‫النومِ‬ ‫ِ‬
‫ألوالده قب َل َّ‬ ‫قصةً من هذه القصصِ‬
‫األب َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫بإلحاح ‪،‬فلماذا ال يروي ُ‬
‫ٍ‬ ‫يطلبونها من آبائهم‬
‫ِّغار يتعلقُون بالقصص ‪ ،‬بل ُ‬
‫فإن الص َ‬
‫يناسبهم ؟!‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫بأسلوب‬ ‫ويبسطُها لهم‬
‫ص الخيالي ِ‬
‫َّة‬ ‫القص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ونمو عقوِلهم‬ ‫األمر سعةَ ِ‬
‫ثقافة الص ِ‬ ‫االستمرار على هذا ِ‬
‫ِ‬
‫‪،‬بعكس رواية َ‬ ‫عجيبة‬ ‫بسرعة‬ ‫ِّغار َّ‬ ‫عند‬
‫وسيلحظُ األبوان َ‬
‫ِ‬
‫اآلباء‪.‬‬ ‫بعض‬
‫كما يفع ُل ُ‬
‫الوسيلةُ الثَّامنةُ والعشرون ‪:‬‬
‫ِّغار وإ فادتِهم‬
‫توجيه الص ِ‬‫ِ‬ ‫ص في‬ ‫ِ‬
‫تحرص وتُخل ُ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫المدارس من‬ ‫ومدرسيها َّ‬
‫‪،‬فإن هناك من‬ ‫المدرسة الجي ِ‬
‫ِّدة بإدارتِها ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫انتقاء‬ ‫الحرص على‬
‫ُ‬
‫َّ‬
‫فلما سألتُه ‪ :‬من عل َمك هذا ؟ قال ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫واألذكار َّ‬ ‫ِ‬ ‫فل الذي ِّ‬
‫يرد ُد ويحفظُ كثيراً من األدعية‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫الخير في نفوسهم ‪ ،‬وال أنسى ذلك الط َ‬ ‫وزرع ِ‬ ‫ِ‬
‫األستا ُذ فالن ‪.‬‬
‫ص ِال ًحا‬
‫وه َما َ‬
‫ان َُأب ُ‬
‫]و َك َ‬
‫قال َ‬
‫وصدق اهللُ‪  ‬عز وجل إذ َ‬
‫َ‬ ‫وبر ‪،‬وسيرون َأثَر ذلك على ِ‬
‫أوالدهم ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫كل ٍ‬
‫خير ٍّ‬ ‫ِ‬
‫المخلصين َّ‬ ‫وجزى اهلل‬

‫‪14‬‬
‫هر ‪.‬‬ ‫آخر َّ‬
‫الش ِ‬ ‫الحص ِ‬
‫ص وانتظار ِ‬ ‫هم لهم سوى ضياع‬
‫المدر ُسون الذين ال َّ‬
‫[ [الكهف‪،]82:‬وليحذر أولئك ِّ‬
‫َ‬
‫الوسيلةُ التَّاسعةُ والعشرون ‪:‬‬
‫ِ‬
‫أخالقهم‬ ‫الحرام أثراً كبيراً على ِ‬
‫فسادهم وسو ِء‬ ‫ِ‬ ‫‪،‬وأن ِ‬
‫ألكل‬ ‫ِ‬
‫األوالد َّ‬ ‫صالح‬ ‫ِ‬
‫وواضحاً على‬ ‫ِ‬
‫الحالل أثَراً كبيراً‬ ‫أن ِ‬
‫ألكل‬ ‫األب َّ‬
‫ِ‬ ‫اعلم أيُّها ُ‬
‫والجزاء‬ ‫ِ‬
‫وأوالدك ‪،‬‬ ‫وأموالهم يحفظك اهلل ِ‬
‫بمالك‬ ‫ِ‬ ‫شاه ٌد واللَّبيب باإلشار ِة يفهم ‪ ،‬فاحفَظ اهلل في ِ‬
‫أبناء المسلمين‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫محسوس ُم َ‬
‫ٌ‬ ‫أمر‬
‫‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫دان ‪.‬‬
‫تدين تُ ُ‬ ‫ِ‬
‫العمل‪ ،‬وكما ُ‬ ‫من ِ‬
‫جنس‬
‫الوسيلةُ الثالثون ‪:‬‬
‫أوالدهم بالتساوي ‪ ،‬وقبوِلهم جميعاً على عالَّتِهم وال ِّ‬
‫يفر ْق‬ ‫جميع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والعواطف على‬ ‫ِّ‬
‫الحب‬ ‫توزيع‬
‫ِ‬ ‫االجتهاد في‬
‫ُ‬ ‫واألم ِ‬
‫هات‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫اآلباء‬ ‫على‬
‫َّغائن ‪.‬‬
‫األحقاد والض َ‬
‫َ‬ ‫فإن هذا كلَّه يولِّ ُد فيهم‬ ‫ِ‬
‫المقارنات بينهم َّ‬ ‫بعض ‪،‬وال تعقُ ْد‬‫ٍ‬ ‫بعضهم أفض َل من‬
‫بينهم حتى وإ ن كان ُ‬
‫فيلجُأ إلى‬ ‫نحو أخيه الص ِ‬ ‫َّ‬ ‫يجد َّ‬ ‫الكبير ألخيه الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومثا ُل هذا ‪ :‬بغض ِ‬
‫َّغير ‪َ ،‬‬ ‫االهتمام من الوالدين قد ات َجه َ‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫عندما ُ‬ ‫َّغير َ‬ ‫الولد‬ ‫ُ‬
‫نظر والديه إليه ‪ ،‬فهذه األحوا ُل ال‬ ‫ِ‬ ‫الالإرادي ‪ ،‬أو ُربَّما َّادعى‬ ‫التبو ِل‬ ‫ِ‬ ‫الن ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلنطواء على َّ‬
‫ب َ‬ ‫المرض واأللَ َم ليجذ َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫البكاء أو ُّ‬ ‫فس أو‬
‫ِ‬
‫الجديد َّ‬
‫وأنه‬ ‫محاسن الطِّ ِ‬
‫فل‬ ‫ِ‬
‫الحمل‬ ‫أثناء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫فيذ َك ُر له َ‬ ‫لمنع حدوث هذا ‪ُ ،‬‬ ‫الالزمة ِ‬ ‫االحتياطات‬ ‫ساق الولَ ُد إليها‪ ،‬بل ينبغي أخ ُذ‬ ‫ينبغي أن ُي َ‬
‫بحب الص ِ‬
‫َّغير له ‪.‬‬ ‫الكبير ِّ‬ ‫يشعر‬ ‫ِ‬ ‫وأنه يحبُّه ‪ ..‬إلى ِ‬ ‫كبر َّ‬
‫َ‬ ‫آخر ذلك م َّما ُ‬ ‫ليلعب معه إذا َ‬ ‫َ‬ ‫قادم‬
‫ٌ‬
‫الوسيلةُ الحاديةُ والثالثون ‪:‬‬
‫ك الطِّف ُل‬ ‫ِ‬
‫بإهمالها أن ُيتر َ‬ ‫وأقصد‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫إهمالها ‪،‬‬ ‫وعدم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الفرصة‬ ‫الحفظ ‪ ،‬فعلى الوالدين استغال ُل هذه‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫عجيبة على‬ ‫ِّغار بقدر ٍة‬‫يمتاز الص ُ‬
‫ُ‬
‫يسمعونها من‬ ‫ِ‬
‫القصص واألغاني التي‬ ‫بعض‬ ‫ِ‬ ‫الد ِ‬ ‫غار يحفظُ عبارةَ ِّ‬ ‫الص ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫واإلعالن أو يحفظُ َ‬ ‫عاية‬ ‫بعض ِّ‬ ‫أي شيء ‪ ،‬ولذلك نرى َ‬ ‫يحفظُ َّ‬
‫لفاز أو من زمالئهم ‪.‬‬ ‫التِّ ِ‬
‫الحرص‬ ‫اقتراح وفكرةٌ ‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫الخاص إن استطاعوا ‪ ،‬وهذا‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫وجود المربِّي‬ ‫والحرص على‬ ‫اآلباء استغال ُل هذه الفرصة‬ ‫ِ‬ ‫ولذلك على‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِّغ ِر ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫للقرآن من ُذ الص َ‬ ‫بتلقين الص ِ‬
‫ِّغار‬ ‫ِ‬ ‫استطعت ذلك‪ -‬يبدُأ‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫ألوالدك ‪-‬إن‬ ‫خاص‬
‫ٍّ‬ ‫مرب ومؤدب‬ ‫وجود ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫على‬
‫ِ‬
‫لتربية‬ ‫إحضار ٍ‬
‫واحد‬ ‫ِ‬ ‫يغف ُل عن‬‫ويعجز أو َ‬ ‫ِ‬
‫أومتجره‬ ‫َّستِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلباء َّ‬ ‫ِ‬ ‫وإ ِّني‬
‫ُ‬ ‫فإن لديه عدداً كبيراً من العمالة في مؤس َ‬ ‫بعض‬ ‫أعجب من‬
‫ُ‬
‫بعمله وتجارتِه ‪.‬‬ ‫خاصةً إذا كان األب مشغوالً ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫واالهتمام بهم‬ ‫ِ‬
‫أوالده‬
‫ُ‬
‫القرآن ‪.‬‬ ‫قرؤهم‬ ‫وي ِ‬ ‫خاص ِّ‬ ‫ٍّ‬ ‫وقد كان هذا هو منهج َّ ِ‬
‫َ‬ ‫يؤدُبهم ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫لمرب‬ ‫يدفعون أوالدهم‬ ‫السلَف‪ ،  ‬حيث كانوا ُ‬
‫دفع إليك‬
‫أمير المؤمنين قد َ‬‫إن َ‬ ‫للمؤد ِب قال له ‪ :‬يا أحمر ‪َّ :‬‬ ‫ِّ‬ ‫ولده األمين‬ ‫دفع َ‬ ‫شيد لَ َّما َ‬
‫الر َ‬
‫أن هارون َّ‬ ‫مقد َمتِه ‪َّ ،‬‬
‫ذكر ابن خلدون في َّ‬ ‫فقد َ‬
‫أمير المؤمنين ‪ ،‬أقرئه‬ ‫نفسه ‪ ،‬وثمرةَ قلبِه ‪ ،‬فصي ََّر َ‬ ‫مهجةَ ِ‬
‫وضعك ُ‬ ‫َ‬ ‫واجبةٌ ‪ ،‬فكن له بحيث‬ ‫يدك عليه مبسوطةً ‪ ،‬وطاعتُك له َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِئ‬ ‫ِ‬
‫بمواقع الكالم وبد ه ‪ ،‬وامنعه من الضَّحك إال في أوقاته‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬ ‫وبصره‬ ‫ِّ‬
‫األشعار‪ ،‬وعلمه السَُّن َن‪ِّ ،‬‬ ‫وروه‬
‫األخبار‪ِّ ،‬‬ ‫‪،‬وعرفه‬
‫القرآن ِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫معن في مسامحتِه فيستحلي الفرا َ‬
‫غ ويألفه ‪،‬‬ ‫ذهنه ‪ ،‬وال تُ ِ‬‫فتميت َ‬
‫َ‬ ‫تحزنه‬
‫َ‬ ‫غير أن‬ ‫تَ ُم َّر َّن بك ساعةٌ إال وأنت مغتَنِ ٌم فائدةً ُ‬
‫تفيده إيَّاها من ِ‬
‫آخر ِ‬
‫كالمه ‪.‬‬ ‫ظ ِة ‪ ..‬إلى ِ‬ ‫بالشد ِة ِ‬
‫والغل َ‬ ‫َّ‬ ‫والمالين ِة‪،‬فإن أبى فعليك‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫بالقرب‬ ‫استطعت‬
‫َ‬ ‫وقومه ما‬
‫ِّ‬
‫صالح ِ‬
‫أوالدك‬ ‫أمام‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍّ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫لصغارك ‪ ،‬وال يكلفُك ذلك شيئاً‪،‬كم يكلفك ؟ ألف لاير ؟! ليس بشيء َ‬ ‫خاص‬
‫ٍّ‬ ‫بمرب‬ ‫اإلتيان‬ ‫إذن فاحرص على‬
‫ِ‬
‫اآلباء ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لقلوب‬ ‫يجد طريقَه‬ ‫َّ‬
‫وأتمنى أن َ‬ ‫االقتراح‬
‫ِ‬ ‫للقرآن ‪ ،‬وإ ِّني ِّ‬
‫ُأؤك ُد على هذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وحفظهم‬
‫يكون ثقةً عدالً حافظاً للقُ ِ‬
‫رآن أو‬ ‫ِ‬ ‫مرب ٍ‬ ‫ِ‬
‫بإحضار ٍّ‬ ‫ِ‬
‫المهم أن َ‬
‫ُّ‬ ‫ألوالدهم جميعاً ‪،‬‬ ‫واحد‬ ‫اآلباء‬ ‫ك ثالثةٌ أو أربعةٌ من‬‫بأس أن يشتر َ‬ ‫وال َ‬
‫غار ‪.‬‬ ‫التعام ِل مع ِّ‬
‫الص ِ‬ ‫ُ‬ ‫ومجيداً ِّ‬
‫لفن‬ ‫ُمجيداً له ُ‬
‫ِ‬
‫ويسمعوا منه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األوالد َّ‬
‫ليتقبلُوا منه‬ ‫أمام‬ ‫ِ‬ ‫وال ُب َّد من ِ‬
‫ُ‬ ‫خاصةً َ‬
‫َّ‬ ‫واحترامه ‪،‬‬ ‫المدرس‬
‫تقدير هذا المربِّي و ِّ‬
‫الوسيلةُ الثَّانيةُ والثَّالثون‪:‬‬
‫برامج‬ ‫ِ‬
‫األشرطة فيها‬ ‫ٍ‬
‫بأعداد من هذه‬ ‫سجيالت ِ‬
‫بحمد اهلل مليئةٌ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫باألطفال ‪ ،‬والتَّ‬ ‫المفيدة الخاص ِ‬
‫َّة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األشرطة‬ ‫بعض‬ ‫ِ‬ ‫الحرص على‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ركيز واالنتباه وسرعة التعلم والحفظ ‪.‬‬ ‫َّ‬
‫َّغير على الت ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تعليميةٌ بأسلوب ُممي ٍَّز جميل‬
‫َّ‬
‫يساعد الص َ‬
‫ُ‬

‫‪15‬‬
‫خلف القارئ‬
‫غار َ‬ ‫الص ِ‬
‫ترديد من ِّ‬
‫ٌ‬ ‫ات كثير ٍة ‪ ،‬وفي ِ‬
‫بعضها‬ ‫مر ٍ‬
‫اآليات َّ‬
‫ُ‬ ‫رد ُد‬ ‫َّ‬
‫المركزةُ فيها تُ َّ‬ ‫رآن ‪ ،‬هناك القراءةُ البطيئةُ‬ ‫ِ‬
‫أشرطة القُ ِ‬ ‫ففي‬
‫لقين ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بطريقة التَّ ِ‬ ‫سمى‬ ‫الص ِ‬
‫غار وهي ما تُ َّ‬ ‫كثير من ِّ‬ ‫نتائج طيِّبةٌ على ٍ‬
‫‪ ،‬وكان لهذا ُ‬
‫الشهداء أو حديقةُ الحيوان أو األصابعُ الخمسة أو غيرها ِم َّما تُمتلئ‬
‫شريط أم سلمةَ أو أسرةُ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫وهناك أشرطةٌ قصصيةٌ جميلةٌ مث ُل‬
‫َّ‬
‫اإلسالميةُ ‪.‬‬ ‫سجيالت‬
‫ُ‬ ‫به التَّ‬
‫األناشيد‬
‫ُ‬ ‫أناشيد وإ َّنما تلك‬
‫َ‬ ‫ليست َّأيةَ‬ ‫َّغير إيماناً َّ‬
‫وحباً باهلل ‪َ .‬‬ ‫غار جميلةٌ بكلماتِها التي ُ‬
‫تزيد الص َ‬ ‫بالص ِ‬
‫َّة ِّ‬ ‫أناشيد خاص ٍ‬
‫ٍ‬ ‫وهناك أشرطةُ‬
‫َّغير إيماناً َّ‬
‫وحباً باهلل‪.‬‬ ‫تزيد الص َ‬
‫التي ُ‬

‫الوسيلةُ الثَّالثةُ والثَّالثون ‪:‬‬


‫جام غضبِها على‬
‫األم َّ‬
‫فهم بينهما صبَّت ُّ‬ ‫حصل خصام أو سوء ٍ‬ ‫األم أو ِ‬
‫األب ‪ ،‬فإذا‬ ‫ضحيةً لمزاجي ِ‬
‫َّة ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّغار‬ ‫ِأ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫يكون الص ُ‬‫من الخط أن َ‬
‫ُّ‬
‫نغضب عليهم أيضاً ‪.‬‬
‫َ‬ ‫األب كذلك ‪ ،‬وهذا من الظ ِلم الذي ال يرضاه اهلل ‪ ،‬وما ُ‬
‫ذنب هؤالء حتى‬ ‫غار ‪ ،‬أو ُ‬ ‫الص ِ‬
‫ِّ‬
‫الز ِ‬
‫جر‬ ‫ِ‬
‫الغالب من َّ‬ ‫غار في‬ ‫ٍ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫شاه ٌد ‪َّ ،‬‬
‫الص ُ‬
‫هانةٌ وال يسلَ ُم ِّ‬
‫خصام بين األبوين مرفوضةٌ ُم َ‬ ‫بعد‬
‫غار َ‬ ‫طلبات وأسئلة ِّ‬ ‫فإن‬ ‫أمر ُم َ‬ ‫وهذا ٌ‬
‫مثل هذه الظُّ ِ‬
‫روف ‪.‬‬ ‫َّرب في ِ‬ ‫وربَّما الض ِ‬
‫ُ‬
‫األمر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وعلى األبوين ضبطُ َّ‬
‫ظهر هذا فأقو ُل ‪ :‬من الظلم العظيم أن ينتق َل هذا ُ‬ ‫وعدم الخصام بين األوالد ‪ ،‬وإ ن َ‬
‫ُ‬ ‫اإلمكان‬ ‫قدر‬
‫النفس َ‬
‫سبب ‪.‬‬‫بدون ٍ‬ ‫ِ‬
‫األوالد ِ‬ ‫إلى‬
‫الرابعةُ والثالثون ‪:‬‬ ‫الوسيلةُ َّ‬
‫ارع ‪ ،‬فهي قاصمةُ الظَّ ِ‬
‫هر ‪،‬‬ ‫الحي في َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ارع أو الجلوس مع ِ‬
‫أوالد ِّ‬ ‫َ‬ ‫الش ِ‬ ‫الخروج إلى َّ‬
‫َ‬ ‫الوقوف على ِ‬
‫باب َّ‬
‫الد ِار وال‬ ‫َ‬ ‫عو َد الطِّف ُل‬
‫أالي َّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫دخين واللِّواطُ‬ ‫ارع يتعلَّ ُم األلفا َ‬
‫ظ السيِّئةَ وبذاءةَ اللِّ ِ‬ ‫فمن َّ‬
‫َّياع التي‬
‫سلسلة الض ِ‬ ‫رات ‪ ..‬إلى ِ‬
‫آخر‬ ‫ِّ‬
‫والمخد ُ‬ ‫سان‪ ،‬ومنه يبدُأ الضَّياعُ فالتَّ ُ‬ ‫الش ِ‬
‫ِ‬
‫لألسف ‪.‬‬ ‫اليوم و‪8‬‬ ‫ِ‬
‫بعض شباب المسلمين َ‬ ‫يعي ُشها ُ‬
‫ِ‬
‫األحياء !‬ ‫شوارع‬ ‫ِّغار يملؤون‬
‫َ‬ ‫ومع ذلك مازلنا نرى الص َ‬
‫نريد‬ ‫الشارعُ في أي ِ‬
‫َّام ‪ ،‬وإ َّننا ُ‬ ‫ٍ‬
‫سنوات يهدمه َّ‬ ‫فإن ما ُيبنى في‬‫ارع ؟ َّ‬
‫الش ِ‬‫ِّغار إلى َّ‬
‫خروج الص ِ‬ ‫هات إلى ِ‬
‫خطر‬ ‫واألم ُ‬ ‫اآلباء‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫فمتى يتنبهُ‬
‫الموضوع ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫األب تجاهَ هذا‬ ‫وقفةً َّ‬
‫جادةً منك أيُّها ُ‬
‫الوسيلةُ الخامسةُ والثَّالثون ‪:‬‬
‫واإلشراف عليه‬
‫ُ‬ ‫تجهيزه‬
‫ُ‬ ‫ويتم‬
‫الحي ‪ُّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫وصغار ِّ‬ ‫ِ‬
‫ألطفال‬ ‫الحي‬
‫وسط ِّ‬ ‫استراحة في ِ‬
‫ٍ‬ ‫وجود ٍ‬
‫ملعب أو‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وأخطاره ‪،‬‬ ‫ارع‬
‫الش ِ‬ ‫آلثار َّ‬
‫حل ِ‬ ‫وهي ٌّ‬
‫ِ‬
‫إليجاد مثل‬ ‫اع‬
‫ط ِ‬
‫المست َ‬ ‫ِ‬ ‫ِّعون ُّ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِ‬
‫األمور وال ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ومتابعتُه من ِقَب ِل‬
‫قدر ُ‬‫العون َ‬ ‫يد‬
‫ويمدون َ‬ ‫أظن أن المسؤولين في البلديَّات إال ويشج ُ‬ ‫أولياء‬
‫هذا الطَّ ِ‬
‫رح ‪.‬‬
‫وارع‬
‫الش ِ‬‫َّياع الذي يعي ُشه صغارنا في َّ‬‫ُّط والض ِ‬ ‫بد َل التخب ِ‬
‫والتحمس لها َ‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫اآلباء‬ ‫تبني ِ‬
‫مثل هذه الفكر ِة من‬ ‫الجديةُ في ِّ‬‫َّ‬ ‫المهم هو‬
‫ُّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫اآلباء ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لقلوب‬ ‫رح طريقَه‬ ‫َّ‬ ‫الر ِ‬
‫ذيلة ‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫يجد هذا الط ُ‬
‫فأتمنى أن َ‬ ‫َّار َّ‬
‫واألرصفة يتخطفُهم تُج ُ‬
‫الوسيلةُ السَّادسةُ والثالثون ‪:‬‬
‫ببرامجها ِ‬
‫لحفظ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ونتمنى أن نرى تطويراً لها واهتماماً‬ ‫نشكر القائمين عليها‬ ‫للص ِ‬ ‫المراكز الصيفي ِ‬
‫ِ‬
‫غار فكرةٌ جديدةٌ جميلةٌ ُ‬ ‫َّة ِّ‬ ‫فكرةُ‬
‫أوالد المسلمين ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والمتفوقين منهم ‪ ،‬ولو َّ‬
‫أن‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫واالهتمام بالموهوبين‬ ‫الصغار والتَّ ِ‬
‫ركيز عليهم‬ ‫تبني ِّ‬ ‫ِ‬
‫ولألسف من ِّ‬ ‫نستفيد ِم َّما يفعلُه َّ‬
‫النصارى‬ ‫ُ‬ ‫ولعلَّنا‬
‫المستقب ِل نفعاً عظيماً‪.‬‬ ‫لنفع اهلل بهم في‬ ‫المتفوقين والتَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ركيز عليهم َ‬ ‫ِّ‬ ‫متابعة‬ ‫حرصوا على‬‫ُ‬ ‫والمدرسين‬
‫ِّ‬ ‫المدارس‬ ‫مدراء‬
‫َ‬
‫الوسيلةُ السَّابعةُ والثَّالثون ‪:‬‬
‫ِ‬
‫برؤية الصَّالحين‬ ‫عيونهم ِ‬
‫تكتح ُل‬ ‫واجعل َ‬ ‫روس والمحاضر ِ‬
‫ات ‪،‬‬ ‫كالد ِ‬ ‫الن ِ‬
‫افعة ُّ‬ ‫ِ‬
‫للمجالس َّ‬ ‫أخذ ِ‬
‫أوالدك معك‬ ‫احرص أيُّها األب على ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫والتأد ِب فيها ‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫الر ِ‬
‫جال‬ ‫ِ‬
‫مجالس ِّ‬ ‫دهم على‬ ‫ول لمكانتِهم ‪ِّ ،‬‬
‫وعو ُ‬ ‫الوص َ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫ويتمنون‬ ‫أمام أقرانِهم‬
‫يفخرون بذلك َ‬ ‫فإنهُم ُ‬ ‫والمشائخ ‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫‪16‬‬
‫تريا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تحفيظ القُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫واحرص على ِ‬
‫األم أن َ‬‫األب ويا أيَّتُها ُّ‬
‫أردت أيُّها ُ‬
‫َ‬ ‫والحرص ‪ ،‬وإ ذا‬ ‫المتابعة‬ ‫المساجد مع‬ ‫رآن في‬ ‫بمدارس‬ ‫إلحاقهم‬
‫ِ‬
‫القرآن‬ ‫وبنات فالنة ‪ ،‬فأعمارهم اآلن في الثَّ ِ‬
‫امنة والعاشر ِة ويحفظُون من‬ ‫ِ‬ ‫لحفظ ِ‬
‫أبناء ٍ‬
‫فالن‬ ‫الحلقات فانظُر ِ‬
‫ِ‬ ‫بح لهذه‬
‫الر ِ‬
‫مقدار ِّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫تزيد أو تقل وأبناؤك ما زالُوا على أوضاعهم ‪.‬‬‫عشرين جزءاً ُ‬
‫ِ‬
‫األفذاذ‬ ‫أن كثيراً من الع ِ‬
‫لماء‬ ‫الدنيا واآلخر ِة ‪،‬ونحن نسمع ونقرُأ في ُكتُ ِب السَِّي ِر والتَّ ِ‬
‫راجم َّ‬ ‫يفوز به الوالدان في ُّ‬
‫كسب ُ‬ ‫َّإنه أعظم ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وغيرهم ‪ ،‬وذلك يعني شيئاً ‪ ،‬وهو أنَّ‬ ‫ِ‬ ‫الوهابِ‬
‫ومحمد بن عبد َّ‬ ‫َّ‬ ‫والبخاري وابن تيميَّة‬
‫ِّ‬ ‫كأحمد بن حنبل‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫قبل العاشرة‬‫القرآن َ‬
‫َ‬ ‫حفظُوا‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫انطلق منها هؤالء العلماء ُ‬
‫َ‬ ‫الركيزةُ والقاعدةُ التي‬ ‫ِ‬
‫القرآن هو َّ‬ ‫ظ‬
‫حف َ‬
‫يكون ذلك إال بالص ِ‬
‫َّبر‬ ‫علماء هذه َّ ِ‬
‫ِ‬
‫األمة ولن َ‬ ‫ابنكما عالماً من‬
‫يكون ُ‬
‫شاء اهلل تعالى أن َ‬
‫فاحرصا أيُّها األبوان فليس بعيداً إن َ‬
‫والمتابع ِة ‪.‬‬
‫َ‬
‫َّ‬
‫الوسيلةُ الثامنةُ والثالثون ‪:‬‬
‫األم َّ‬
‫أن له إخواناً من المسلمين ال‬ ‫وحب الض ِ‬
‫ُّعفاء والمساكين ‪ ،‬وأخبره أيها األب وأخبريه أيَّتُها ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫والعطاء‬ ‫الصغار على ِ‬
‫البذل‬ ‫عود ِّ َ‬ ‫ِّ‬
‫يلبسون ‪.‬‬
‫يجدون ما يأكلُون وال ما ُ‬ ‫ُ‬
‫البذل في ِ‬
‫الكَب ِر ويأخ َذ عليه ‪.‬‬ ‫ليتعو َد َ‬
‫ببعضها َّ‬‫ِ‬ ‫والتصد ِ‬
‫ق‬ ‫ُّ‬ ‫التبر ِع‬ ‫الر ِ‬
‫ياالت وشجِّعه على ُّ‬ ‫بعض ِّ‬
‫أعطه َ‬
‫شراء ِ‬
‫كيس‬ ‫ِ‬ ‫وبعض حاجيَّاتِه وليدفَع هو من حصَّالته الخاص ِ‬
‫َّة على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫البسيطة‬ ‫مشتريات ِ‬
‫البيت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ق على‬ ‫أشركه في اإلنفا ِ‬ ‫ِ‬
‫غيف ِ‬
‫للبيت مثالً ‪.‬‬ ‫الر ِ‬ ‫َّ‬
‫جمع‬
‫ب ِ‬ ‫وح ِّ‬ ‫الب ِ‬
‫خل ُ‬ ‫تحر ُره من ُ‬ ‫فإن هذه الوسائ َل ِّ‬ ‫ألوالد جيرانِه المحتاجين ‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ببعض ألعابِه‬‫ِ‬ ‫ع‬
‫تبر َ‬
‫َّغير الذي َّ‬ ‫قصةَ ذلك الص ِ‬ ‫ص عليه َّ‬ ‫قُ َّ‬
‫والعطاء ‪.‬‬ ‫والبذل‬
‫َ‬ ‫راء والمساكين‬ ‫حب الفُقَ ِ‬ ‫وتعو ُده َّ‬ ‫المال ‪ِّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫الوسيلةُ التَّاسعةُ والثَّالثون ‪:‬‬
‫وهلَ ِعه ‪ ،‬وذلك أن ُن َجِّنَبه‬ ‫تدل على جبنِه َ‬ ‫فإن كثرةَ مخاو ِفه ُّ‬ ‫ِ‬
‫واألشخاص ‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫األشياء‬ ‫َّغير ِم َّما حولَه من‬ ‫تخويف الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫لنح َذر من كثر ِة‬
‫ِ‬ ‫اإلمكان ِم َّما يؤذيه ويخيفُه كالتَّ‬
‫بعض‬‫رح ‪ ،‬كما تفع ُل ُ‬ ‫الج ِ‬ ‫الدِم من ُ‬ ‫بخروج َّ‬‫ِ‬ ‫أسلفت أو‬
‫ُ‬ ‫البعبع كما‬
‫ِ‬ ‫بالحرامي مثالً أو‬
‫ِّ‬ ‫خويف‬ ‫ِ‬ ‫قدر‬‫َ‬
‫الش ِ‬
‫ياطين‬ ‫ِ‬
‫المرعبة حو َل َّ‬ ‫ِ‬
‫القصص‬ ‫ِ‬
‫ببعض‬ ‫ِ‬
‫تخويفه‬ ‫خويف للصَّغير ‪ ،‬أو من‬ ‫ِ‬ ‫خرج ‪ ..‬على ِ‬
‫سبيل التَّ‬ ‫هات بقوِلها ‪ :‬انظُر َد َم فالن‬ ‫األم ِ‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫الص ِ‬
‫غار ‪.‬‬ ‫بعض ِّ‬ ‫ِ‬ ‫خوافاً رعديداً كما نرى في‬ ‫ع وينشُأ َّ‬ ‫عب والفَ َز َ‬ ‫الر َ‬ ‫فل ُّ‬ ‫نفس الطِّ ِ‬‫األمور تزرعُ في ِ‬ ‫فإن هذه‬ ‫والجن ‪َّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫َ‬
‫الوسيلةُ األربعون ‪:‬‬
‫كذبه‬ ‫قبل هذا َّ‬ ‫الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّغير ال ُي ِ‬ ‫األم َّ‬ ‫اعلم أيُّها األب ِ‬
‫فيكون ُ‬ ‫ُ‬ ‫فإن خيالَه واسعٌ‬ ‫أما َ‬ ‫مر ‪َّ ،‬‬ ‫بعد الخامسة من ُ‬ ‫الكذب إال َ‬‫َ‬ ‫ك‬‫در ُ‬ ‫أن الص َ‬ ‫وأنت أيَّتُها ُّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وضيح والتَّ ِ‬ ‫ٍ‬
‫بحاجة للتَّ‬ ‫متعم ٍد ‪ ،‬وهو‬ ‫ٍ‬
‫بعض‬
‫وزجره كما يفع ُل ُ‬ ‫ِ‬ ‫عقابه‬ ‫المرحلة بدالً من‬ ‫وجيه في هذه‬ ‫ِ‬ ‫مقصود وال َّ‬ ‫في هذه الفتر ِة َ‬
‫غير‬
‫الكذب عليه ‪.‬‬ ‫منه َّأنه َّ‬
‫تعم َد‬ ‫ظناً َّ‬ ‫ِ‬
‫اآلباء َّ‬
‫َ‬
‫يشعر ‪،‬‬ ‫الكذب فيهم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّغير من بيئتِه ‪،‬‬ ‫واعلما أيضاً َّ‬
‫بدون أن َ‬ ‫َ‬ ‫ألوالده يزرعُ‬ ‫بوعوده‬ ‫فالوالد الذي ال يفي‬
‫ُ‬ ‫يكتسبهُ الص ُ‬ ‫ُ‬ ‫ق‬‫الكذب ُخلُ ٌ‬‫َ‬ ‫أن‬
‫ت‪َ :‬ها تَ َعا َل‬ ‫اع ٌد ِفي َب ْيتَِنا‪ ،‬فَقَالَ ْ‬
‫ُأمي يوما‪ ،‬ورسو ُل اللَّ ِه‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪  ‬قَ ِ‬
‫ال‪َ :‬د َعتْني ِّ َ ْ ً َ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ام ٍر رضي اهلل عنه قَ َ‬ ‫ع ْن ع ْب ِد اللَّ ِه ْب ِن ع ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ال لَهَا َر ُسو ُل اللَّ ِه‪  ‬صلى‬ ‫ُأع ِط ِ‬
‫يه تَ ْم ًرا ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫ت‪ْ :‬‬ ‫َأن تُع ِط ِ‬
‫يه ؟" قَالَ ْ‬ ‫ِ‬
‫ال لَهَا َر ُسو ُل الله‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪َ ":  ‬و َما ََأر ْدت ْ ْ‬
‫َّ ِ‬ ‫ك‪َ .‬فقَ َ‬‫ُأع ِطي َ‬ ‫ْ‬
‫اب َع ْن َأبِي ُهر ْيرةَ َع ْن رس ِ‬
‫ول‬ ‫ت َعلَ ْي ِك ِك ْذَبةٌ " [‪ ]15‬وفي المسند َع ِن ْاب ِن ِشه ٍ‬ ‫َأما ِإَّن ِك لَ ْو لَ ْم تُ ْع ِط ِه َش ْيًئا ‪ُ ،‬كتَِب ْ‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫اهلل عليه وسلم‪َ ":  ‬‬
‫اك ثَُّم لَ ْم ُي ْع ِط ِه فَ ِه َي َك ْذَبةٌ " [‪. ]16‬‬ ‫صبِ ٍّي تَ َع َ‬
‫ال َه َ‬ ‫اللَّ ِه‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪  ‬قال‪ ":‬م ْن قَ َ ِ‬
‫ال ل َ‬ ‫َ‬
‫نفس ولديه الضَّاربِ‬
‫الكذب في ِ‬ ‫يضربه ‪ ،‬يزرعُ‬ ‫ِ‬
‫َّغير وهو في الحقيقة ال‬ ‫َّ‬ ‫واألب الذي ُيمثِّ ُل َّأنه‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ضرب أخاه الص َ‬ ‫َ‬ ‫ولده ألنه‬
‫يضرب َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يشعر ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والمضروب وهو ال ُ‬
‫يريده ‪،‬‬
‫شيء ُ‬‫لنيل ٍ‬‫ديد ‪ ،‬أو ِ‬ ‫العقاب َّ‬
‫الش َ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫يكذب الطِّف ُل حتَّى َّ‬
‫يتجن َ‬ ‫ُ‬ ‫للكذب ‪ :‬تقليد والديه ‪ ،‬وقد‬ ‫ِ‬ ‫َّغير‬ ‫ِ‬
‫من األسباب التي تدفعُ الص َ‬

‫‪17‬‬
‫َّحيح‬ ‫ِ‬
‫المناسب والص ِ‬ ‫للعالج‬ ‫تصل‬ ‫ِ‬
‫الكذب ‪ ،‬حتَّى‬ ‫َّغير إلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫تبحث عن السََّبب ‪ ،‬لماذا لجأ الص ُ‬
‫َ‬ ‫األسباب ‪ ،‬فحاول دائماً أن‬ ‫وغيرها من‬
‫ميم ‪.‬‬ ‫الخلُ ُ َّ‬ ‫ق والتَّ ِ‬‫والرف ِ‬ ‫رغيب واللِّ ِ‬
‫أسلوب التَّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ق الذ ُ‬ ‫عنده هذا ُ‬‫يتأص ُل َ‬
‫َّ‬ ‫شجيع ‪ ،‬فال‬ ‫ين ِّ‬ ‫استخدام‬ ‫مع‬

‫ِ‬
‫بالواجب‬ ‫عند اهلل عظيم إن حرصتُما على ِ‬
‫القيام‬ ‫أجركما َ‬ ‫ِّغار ‪ ،‬فأقو ُل ‪ :‬أيُّها الوالدان ‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫لتربية الص ِ‬
‫ٌ‬ ‫إن َ‬ ‫هذه أربعون وسيلة وتوجيها‬
‫واب من اهلل‪.‬‬‫األجر والثَّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واحتساب‬ ‫غار وتربيتِهم‬
‫الص ِ‬ ‫ِ‬
‫متابعة ِّ‬ ‫وعدم ِ‬
‫الملل في‬ ‫ِ‬ ‫َّبر‬ ‫عليكما تجاه ِ‬
‫أوالدكما ‪ ،‬فال ُب َّد من الص ِ‬ ‫َ‬
‫التغيير لبطلَت‬ ‫تقب ُل‬ ‫الغزالي بقوِله ‪ :‬ولو كانت‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫كل شيء بالتَّ ِ‬ ‫أن َّ‬
‫وثقا َّ‬
‫َ‬ ‫األخالق ال َ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ممكن ‪ ،‬وهذا ما أك َده‬
‫ٌ‬ ‫دريب والمتابعة والمجاهدة‬
‫اآلدمي‬
‫ِّ‬ ‫ِّنوا أخالقَكم " وكيف ُين َك ُر هذا في ِّ‬
‫حق‬ ‫أديبات ‪ ،‬ولما قال رسو ُل اهلل‪  ‬صلى اهلل عليه وسلم‪ "  ‬حسُ‬
‫ُ‬ ‫الوصايا والمواعظُ والتَّ‬
‫أديب‬ ‫ِ‬
‫األكل إلى التَّ ِ‬ ‫والكلب من شر ِه‬ ‫ِ‬
‫االستيحاش إلى اُألنس ‪،‬‬ ‫َّقر ‪ -‬من‬ ‫ِ‬ ‫وتغيير ُخلُ ِ‬
‫ُ‬ ‫البازي ‪ -‬أي ‪ :‬الص ُ‬
‫ُّ‬ ‫ممكن ‪ ،‬إذ ُي َنق ُل‬
‫ٌ‬ ‫البهيمة‬ ‫ق‬ ‫ُ‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫الحيوان‬ ‫ق ‪ ،‬فإذا كان هذا ممكناً في ِّ‬
‫حق‬ ‫تغيير لألخال ِ‬
‫السالسة واالنقياد ‪،‬وكل ذلك ٌ‬
‫َ‬ ‫الجماح إلى‬
‫ِ‬ ‫واإلمساك والتَّخلية ‪َ ،‬‬
‫والفر ُس من‬
‫ِ‬
‫البهيمة أولى ‪.‬‬ ‫وأقدر على ِ‬
‫الفهم من‬ ‫األعجم ففي ِّ ِ‬ ‫ِ‬
‫حق الولد الذي هو أعق ُل َ ُ‬
‫يكون ذلك إالَّ بالتَّ ِ‬
‫دريب‬ ‫عند اهلل‪  ‬عز وجل ولن َ‬‫األجر َ‬ ‫ونحتسب‬
‫َ‬
‫تربية ِ‬
‫أوالدنا‬ ‫ِ‬ ‫نصبر على‬ ‫نحرص وأن‬ ‫َ‬ ‫لذلك أقو ُل ‪ :‬علينا أن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫والمتابعة ‪.‬‬
‫ق ل ُك ِّل أبوين حريصين على‬ ‫والد ِ‬
‫عاء بالتَّوفي ِ‬ ‫بالحب والتَّ ِ‬
‫قدير ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫هات معطَّ َرةً‬‫واألم ِ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫اآلباء‬ ‫ِ‬
‫وجيهات إلى‬ ‫ِ‬
‫الكلمات وهذه التَّ‬ ‫وأهدي هذه‬
‫قص والتَّ ِ‬
‫قصير ‪.‬‬ ‫الن ِ‬
‫ذر في َّ‬ ‫الع َ‬
‫والتمس لي ُ‬
‫َ‬
‫والهن ِ‬
‫ات‬ ‫َّ‬ ‫تجاوز عن الزالَّت‬
‫َ‬ ‫وغفر اهلل لمن‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫وصالحهم ‪،‬‬ ‫أوالدهما‬‫تربية ِ‬
‫ِ‬
‫أعي ٍن‬ ‫أزواجنا وذريَّاتِنا َّ‬
‫قرةَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫وأمهاتِهم ‪ ،‬ربَّنا َهب لنا من‬ ‫أعين آلبائهم َّ‬ ‫قرةَ ٍ‬ ‫اجعلهُم َّ‬ ‫ِ‬
‫أوالد المسلمين وبناتهم ‪ ،‬اللهُ َّم َ‬ ‫َ‬ ‫الله َّم ِ‬
‫أصلح‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫حسَنةً وفي اآلخر ِة َح َسَنةً و ِقنا‬ ‫ِ‬
‫واجعلنا للمتَّقين إماماً ‪ ،‬ربَّنا آتنا في ُّ‬
‫أبناء المسلمين والمسلمات ‪،‬‬ ‫الن ِار ‪ ،‬اللهُ َّم أصلح َ‬
‫عذاب َّ‬
‫َ‬ ‫الدنيا َ‬ ‫َ‬
‫لإلسالم والمسلمين ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫تكون ِع َّزاً‬
‫الذريةَ الصَّالحةَ التي ُ‬ ‫َّ‬ ‫اللهُ َّم نسألُك‬
‫الراشدين‬
‫والعصيان واجعلهُم من َّ‬ ‫سوق‬
‫فر والفُ َ‬ ‫اإليمان وزيِّنه في قلوبِهم ِّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫وكره إليهم ال ُك َ‬ ‫َ‬ ‫أبناء المسلمين وحبِّب إليهم‬ ‫اللهُ َّم أصلح َ‬
‫ونتوب إليك ‪.‬‬ ‫نستغفرك‬ ‫أن ال إلهَ إال أنت‬ ‫نشهد َّ‬‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وبحمدك‬ ‫سبحانك اللهُ َّم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫محم ٍد وعلى ِآله وصحبِه وسلَّ َم تسليماً كثيراً ‪.‬‬ ‫وبارك على نبيِّنا َّ‬ ‫َ‬ ‫وصلَّى اهلل وسلَّ َم‬

‫تربية األطفال‪ ..‬الوسائل والمعوقات‬

‫األطفال تلك الزهرات الندية‪ ,‬والبراعم الطرية‪ ،‬التي خلقها اهلل من رحم الحياة الزوجية التي تكون سكناً ورحمة بين األبوين‪،‬‬
‫وليتمم لهما هذه السعادة‪ ,‬فيخلفهما من بعدهما‪ ،‬ويبر بهما إذا كبرا‪ ،‬وهم زينة الدنيا وبرائتها التي يهفو لها كل حي‪ ،‬وهم النواة‬
‫الحقيقة للمجتمع الناشئ الذي يكفل استمرار األمة المسلمة‪ .‬وتصحيح بناء هذا المجتمع الناشئ وتشكيله بشكل قويم هو مساهمة‬
‫حملها اهلل تعالى لألبوين‪ ,‬ورتب أحكاماً كثيرة‬
‫كبيرة نحو تصحيح الكتلة الكبرى والرقي بها‪ ..‬إن مسئولية األطفال عظيمة‪ ،‬وقد َ‬
‫متعلقة بهم ترعى وتضمن لهم حقوقهم كالرضاعة والحضانة وحسن التربية‪ ،‬وقد شددت الشريعة الغرى على التربية والنشأة‪..‬‬
‫ولعل ما جاءت به السنة المطهرة من هديه صلى اهلل عليه وسلم مع األطفال منذ والدتهم إشارة لبداية ربطهم بالدين والتنشئة‬
‫عليه‪ ،‬فأمرنا باألذان في أذنه وتحنيكه‪ ،‬كذلك حض صلى اهلل عليه وسلم على تربية االبن تربية على الصدق؛ فال يمد أحدنا يده‬
‫لطفله كأن بها شيئاً وهو كاذب كما جاء النهي عن ذلك في حديث عبد اهلل بن عامر‪.‬‬
‫ولعل من أهم الطرق التي يمكن بها إيصال األخالق والتصرفات الحميدة إلى أطفالنا "القدوة"‪ ،‬فال ينبغي أن يرى الطفل إال ما‬
‫يحسن من أبويه؛ فالطفل يفتح عينيه وأذنيه وقلبه على ما يشاهده ويسمعه منهما‪ ،‬ولذا تنعكس على شخصيته كل األشياء التي‬
‫خيرة نشأ الطفل على‬
‫يستقبلها منهما بوله وشغف في هذا السن‪ ،‬وقد تعود عليه سلباً وإ يجاباً بحسب طبيعتها فإن كانت األسرة ّ‬
‫‪18‬‬
‫حب الخير وإ ن كانت عكس ذلك بدا ذلك على الطفل وسلوكه‪ ،‬ولذا فقد ينشأ الطفل بعيداً عن طاعة اهلل إذا كان والداه أو أحدهما‬
‫كذلك‪ ،‬وقد يتعلم كل صفة وخلق ذميم وقد ينزلق في لجج الدخان والمخدرات ورفقة السوء كذلك‪ ..‬فشخصية الطفل كما أسلفنا‬
‫انعكاس لنوع التربية التي تلقاها في صغره‪ ،‬ويكفي أن نعرف أن أغلب سمات الشخصية لدى األطفال تتكون خالل الخمس‬
‫سنوات األولى والتي قد يهملها الكثير من اآلباء‪ ..‬وليس من الحسن أبداً أن يستمع الطفل إلى نقاش األبوين الحاد؛ ألن هذا قد‬
‫يؤثر عليه ويسبب له شخصية مضطربة وغير هادئة‪..‬‬
‫وعلى اآلباء أن يراعوا النمو العقلي لدى الطفل خاصة في سن السابعة حيث يكون أكثر إدراكاً لما يرى ويسمع‪ .‬ولعل لغة‬
‫الحوار هي من أنجح الوسائل إليصال المفاهيم السليمة إلى عقل األطفال‪ .‬ومن المهم أن يجد االبن مع والديه فرصة ليتجاوب‬
‫فكرياً معهما‪ ،‬ويتعلم الحديث منهما والقدرة على المشاركة في الموضوعات والحوارات‪ ،‬ومن الخطأ الشائع أن بعض اآلباء يظن‬
‫أن األطفال ال يدركون األمور وال يعقلونها؛ فيكبر االبن في ظل هذه القيود وال يجد الحوار إال مع رفقته الصغار وهم عندما‬
‫يتحاورون يتشاجرون فال يكبر عقله‪ ,‬ولذا كان على األبوين تعويد أنفسهم على الحوار مع أبنائهم دائماً وخصوصاً عند وقوع‬
‫األبناء أو أحدهم في الخطأ‪.‬‬
‫نبين أن االرتكازات التي تقوم عليها عملية التربية السليمة قد ال تتوفر لدى بعض اآلباء‪ ،‬ومن هنا ربما يرى‬
‫ومن الحسن أن ّ‬
‫بعض المختصين من األفضل ألولئك اآلباء توصية من يعلمون فيه الخير واكتمال صفات المربين‪ ،‬ليكفل لهم تربية أنبائهم‬
‫وتوجيههم‪ ،‬وهذا ال ينزع عن األبوين مهمتهما األولى بالتمام‪ ،‬إذ يبقى بعد ذلك شيء يقدر عليه كل أحد من البشر وال يصح إال‬
‫أن يكون من األبوين‪ ..‬وفي العموم أعتقد أن الصفات المطلوبة في المربي هي صفات يسيرة غير معجزة للمتوسطين من الناس‪.‬‬
‫المرحلة اإلبتدائية‬
‫الشك أن سنوات الطفل األولى هي من أخصب أوقات التلقي والتأثير لديه‪ ،‬وهي المرحلة المثالية لغرس الخصال الجميلة فيه‪،‬‬
‫ولسنا بذلك نوهن بقية المراحل ونغض من طرفها‪ ،‬بل ربما كانت تلك المرحلة يتسم بها الطفل بالقدرة المذهلة على التلقي‬
‫واالكتساب‪ ،‬ولكن حين نتأمل المرحلة االبتدائية تبرز سمات مميزة وأساسية لتكوين تلك الشخصية الطرية وأهم ما يميزها ما‬
‫تحمله من جوانب حسنة وسيئة‪ ,‬تؤثر في صياغة شخصية الطفل‪ ،‬ومن أهم الجوانب الحسنة اختيار المعلم الجاد في تعامله مع‬
‫الطالب المتحبب إليهم‪ ،‬الذي يغرس في نفوسهم المبادئ العالية‪ ،‬ويصنع فيهم الشخصية الجادة‪ ،‬ويرسم لهم الطريق رسماً‬
‫واضحاً‪ ،‬ويدلهم عليها ويسوقهم إليها بخطى ثابتة‪ ,‬فيعلمهم فن التخاطب وفن الكلمة وفن القراءة وقوة الطموح‪ ،‬ويكون قدوة‬
‫حسنةً لهم‪.‬‬
‫ومن الجوانب الحسنة أيضاً االهتمام بالمناهج للمرحلة االبتدائية‪ ،‬وتكثيف الحوار والمناقشة والقراءة واإلطالع‪ ،‬ومن الجوانب‬
‫الحسنة وجود مكتبة علمية في المدرسة ووضع درس لذلك‪ .‬ومن الجوانب الحسنة االهتمام بالنشاط الالصفي الذي يفتح للطالب‬
‫باب المواهب واالبتكار‪ .‬هذا جزء من الجوانب اإليجابية التي يمكن استغاللها‪.‬‬
‫وأما الجوانب السيئة فيمكن التطرق لها عبر هذه النقاط‪:‬‬
‫ـ الضعف عند بعض المدرسين وعدم استشعاره للمسؤولية‪.‬‬
‫ـ عدم متابعة الطالب بعد المدرسة وربما يتلقفه أحد وهو خارج إلى بيته‪.‬‬
‫ـ اإلهمال من جانب األبوين وعدم مصارحة الطفل ومجالسته وسؤاله عن دراسته وزمالئه‪.‬‬
‫ـ عدم وجود ما يحبب الطفل للمدرسة من برامج حية وأنشطة متنوعة‪.‬‬
‫ـ الدراسة النظرية المملة دون التطبيق العلمي كالوضوء مثالً‪ ,‬الصالة‪ ,‬آداب الزيارة‪ ..‬وغيرها من الوسائل‪.‬‬
‫ـ انعدام التوعية االجتماعية‪ ،‬وكذلك فقد الطالب للرؤية المستقبلية لحياته‪ ،‬وعدم معرفته لألمور التي البد من أن يعرفها في‬
‫مستقبله‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫ـ عدم اإليضاح للطالب باألخطار المحدقة به كالغزو الفكري‪ ,‬خطر اليهود‪ ,‬المخدرات‪ ,‬وسائل اإلعالم‪ ,‬العفن الفني‪ ,‬العته‬
‫الرياضي وغيرها من األخطار‪.‬‬
‫لعب األطفال‬
‫ساحات لعب األطفال أماكن يرسم فيها خطوط عريضة من شخصياتهم وأبعاد طويلة من تفكيرهم قد يصل إلى ترسيخ نواح‬
‫عقدية في نفوسهم‪ ،‬وهو ضرورة من ضروريات مرحلة الطفولة‪ ،‬وهي حقيقة علمية ثابتة حتى في أطفال الحيوانات‪ .‬أما عن‬
‫أبرز ضوابطه فهي أن يكون بأدوات مباحة‪ ،‬وكذا أن يكون مأمون الخطر والضرر‪ ،‬وأن يمارس باعتدال بحيث ال يستهلك جل‬
‫وقت الطفل ويكون شغله الشاغل‪ ،‬وأن يكون تحت إشراف الوالدين وتحت مراقبتهما حتى يتم التوجيه والتصويب للخطأ إن وقع‬
‫منهم‪.‬‬
‫وسائل تربية األطفال‬
‫هم جديد قديم الجذور يشغل ذهن كثير من الدعاة والمصلحين والمربين الغيورين على مستقبل هذه األمة‪ ،‬فما هي‬
‫دعوة األطفال ّ‬
‫الوسائل الممكنة لذلك والتي من خاللها يمكن للمربي والمربية استنتاج جدول وبرنامج قومي متضمن ومناسب لمن تحت أيديهم‬
‫من األطفال ويتمشى مع جميع الظروف واألحوال؟‬
‫لعل من أهم الوسائل التي يحسن بالمربي أن يلم بها غرس العقيدة في النفوس والفهم الحقيقي لمعنى العقيدة وأنها ليست شعارات‬
‫تردد أو طقوس ينادى لها بدون روح وحياة في القلب‪ ،‬فيغرس في قلبه (من ربك؟) بمعنى من إلهك الذي تعبده‪ ،‬ويبين له شيئاً‬
‫من صفات اهلل‪ ،‬وأن اهلل يسمعك ويراك ال يخفى عليه شيء‪ ،‬وأن اهلل هو القوي وهو القادر على كل شيء‪ ،‬وأنه هو الرزاق وأن‬
‫حياتنا وموتنا بيده‪ ،‬ويشرح لهم بوضوح حديث ابن عباس رضي اهلل عنه "يا غالم إني معلمك كلمات‪ ،‬احفظ اهلل يحفظك‪ i"...‬ثم‬
‫يغرس في نفوسهم العبادة هلل وحده مثل الصالة والصيام والصدقة‪ ،‬وأن الصالة تقرب العبد لربه‪ ،‬وأن اهلل هو الذي أمرنا بها‪ ،‬ثم‬
‫نبين له أحكام الصالة وكيف يصلي؟ ثم نبين لهم حب النبي صلى اهلل عليه وسلم ومن هو الرسول؟ وماحقه علينا وما واجبنا نحوه‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ثم حقوق اآلخرين كحق الوالدين والجار والصديق القريب والمعلم وغير ذلك‪.‬‬
‫ومن الوسائل النافعة وضع مكتبة في البيت‪ ،‬وتكون مكتبة مصغرة يستطيع الطفل أن يتعامل مع هذه المكتبة وأن يقرأ الكتب‬
‫الموجودة بين يديه‪ ،‬وهذه الكتب ينبغي أن تكون مختارة مناسبة للطفل‪.‬‬
‫ومن الوسائل وضع البرامج الهادفة من وسائل اإلعالم وأشرطة الفيديو أو بعض األشياء الهادفة‪ ،‬ويا ليت األخوة في كلية الدعوة‬
‫واإلعالم يركزون على جانب اإلخراج الطيب ألشرطة مرئية للطفل ويتبنون ذلك‪ ،‬وعلى أقل األحوال يخرج لنا في السنة شريط‬
‫أو شريطان تجمع بين الترويح والجد‪.‬‬
‫ومن الوسائل النافعة والجيدة التعاقد مع مربي فاضل يجتمع أبناء الحي أو الشارع الواحد عنده فيربيهم على األخالق الطيبة‬
‫والصراحة وتنمية مواهبهم وأفكارهم‪.‬‬
‫ومن الوسائل التشجيع للطفل إذا رأى منه أحد أبواه خيراً‪ ,‬فإذا صلى الفجر مثالً ال مانع أن يسبقه األب إلى البيت‪ ,‬وإ ذا وصل إلى‬
‫راض عنه‪ ،‬كما كان صلى اهلل عليه وسلم يشجع‬ ‫ٍ‬ ‫البيت قادماً من المسجد شكره ودعا له وأعطاه هدية يفرح بها ويشعره أنه‬
‫صغار الصحابة في طرح المسائل العلمية ويشجعهم على الرمي بل يرمي معهم‪.‬‬
‫ومن الوسائل إبعادهم عن المعوقات التي يمكن أن تقف في طريق دعوتهم‪ .‬وكذلك من الوسائل القدوة الحسنة فال ينهى المربي‬
‫الولد عن الكذب وهو يكذب‪.‬‬

‫ومن الوسائل إذكاء اإليمان في قلب الطفل‪ ،‬وربطه باليوم اآلخر وغرس حب الجنة ورؤية اهلل فيه حتى يزهد في الدنيا وال يلتفت‬
‫إليها‪ ،‬فاإليمان باليوم اآلخر قضية البد من ذكرها‪ .‬وال تذكر من جانب الخوف وهو الخوف من الموت وإ نما تذكر على أنها حياة‬
‫عظيمة وحياة جزاء وحساب‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫المعوقـــــات‬
‫أما عن المعوقات فالمعوقات كثيرة ومنها‪ ،‬تشاغل األبوين عن أداء دورهم ومهمتهم‪ ،‬أو عدم اهتمامهما بذلك‪ ،‬فتجد االهتمام في‬
‫المأكل والمشرب واللباس دون االهتمام بروح الطفل وتوجيهه الوجهة السليمة‪ ،‬ولعل بعض البيوت ترمي بأطفالها على الخادمة‬
‫أو المربية فيكون لها تأثير سلبي على الطفل‪ ،‬وربما غرست في نفسه أمراً من جوانب العقيدة يصعب عليه التخلص منها بعد‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ومن المعوقات الكبيرة وسائل اإلعالم التي ينسى بعض اآلباء أطفالهم عندها بال رقابة أو أدنى اهتمام‪ ،‬خاصة تلك األفالم التي‬
‫تنخر في جانب العقيدة‪ ،‬والحرب اليوم مركزة على الطفل واإلحصائيات في حقائق األفالم أو األلعاب التي تعرض مخيفة جدا‪.‬‬
‫ومن المعوقات األلعاب اإللكترونية التي يظهر كثير منها بشكل مركز ومستهدف لهدم العقيدة واألخالق‪ ،‬وهي ذات أثر في‬
‫صرف الطفل عن الجوانب المهمة في التربية‪ ،‬مما تكون سبباً في سلب عقله وأسر فؤاده وتعلقه بها حتى تكون شغله الشاغل‪.‬‬
‫ومن المعوقات المدرسة إذا كان المدرس ال يدرك مستوى المسؤولية التي أنيطت بعاتقه و األمانة التي يحملها‪ ,‬ودوره في‬
‫المدارس التي ينبغي أن تكون محاضن إيمانية لألطفال‪.‬‬
‫الوسائل اإلعالمية‬
‫وسائل اإلعالم اليوم بأنواعها وقنواتها المتعددة لها تأثير كبير في تشكيل فكر الطفل وتوجيه سلوكه نظراً لما تبثه من مواد‬
‫إعالمية فيها من التشويق واإلثارة والجذب الشيء الكثير‪ ،‬وإ ذا تساءلنا عن ماهية هذه الوسائل التي تسهم بإعداد الطفل المسلم‪،‬‬
‫فإننا يمكن أن نتحدث عن المستوى الذي ينبغي أن تصله الوسائل اإلعالمية لتحقيق هذا الهدف‪ ،‬ويتشكل المستوى في أمور منها‪:‬‬
‫• أن تكون البرامج المقدمة للطفل منبثقة أساساً من العقيدة اإلسالمية أو على األقل ال تتعارض معها‪.‬‬
‫• أن تهدف البرامج الموجهة للطفل أو تثير اهتمامه إلى غرس محبة اهلل ورسوله في نفس الطفل وتربي في نفسه تقوى اهلل‬
‫وخشيته في نفس الوقت‪.‬‬
‫• أن تقدم للطفل البرامج التي تغرس في نفسه االعتزاز بدينه وتاريخه وحضارته‪ ,‬وكل ما جاء به الدين‪.‬‬
‫• أن تشجع هذه البرامج حاجات الطفولة وتكون على درجة عالية من الجودة واإلخراج‪ ,‬والتنافس مع البرامج المستوردة‪.‬‬
‫• أن تسهم هذه البرامج في تنمية قدرات الطفل وتوجيهها السليم وتنمي مواهبه واستعداداته اإليجابية‪.‬‬
‫• أن تغرس وسائل اإلعالم في نفس الطفل األخالقيات الفاضلة والسلوك القويم من خالل القصص المقدمة والبرامج المختلفة‬
‫والمنوعة‪.‬‬

‫أسرار حياة الطفل الخجول واالنطوائي‬

‫تتفق اآلراء التربوية على أهمية مرحلة الطفولة في بناء شخصية اإلنسان المستقبلية‪ ،‬فإذا ما اعترى تربية الطفل أي خلل فإن‬
‫ذلك سيؤدي حتما إلى نتائج غير مرضية تنعكس سلبا على الفرد والمجتمع معا‪ ،‬ومشكلة الخجل التي يعاني منها بعض األطفال‬
‫يجب على الوالدين والمربين مواجهتها وتداركها‪ .‬فكثير من األطفال يشبون منطوين على أنفسهم‪ ،‬خجولين يعتمدون اعتمادا‬
‫كامال على والديهم‪ ،‬ويلتصقون بهم‪ ،‬ال يعرفون كيف يواجهون الحياة منفردين‪ ،‬ويظهر ذلك بوضوح عند بداية احتكاكهم بالعالم‬
‫الخارجي كالمدرسة والنادي والشارع‪ ،‬الطفل الخجول يقول عنه األطباء أنه طفل لديه حالة عاطفية وانفعالية معقدة تنطوي علي‬
‫الشعور بالنقص‪ ,‬وهو طفل متردد في قراراته منعزال‪ ,‬وسلوكه يتسم بالجمود والخمول‪ ,‬وينمو محدود الخبرة ال يستطيع التكيف‬
‫مع اآلخرين ‪.‬‬
‫وتعد الوراثة أحد األسباب الرئيسية لوالدة طفل خجول‪ ..‬ومن األسباب الرئيسية أيضا ‪:‬‬
‫• األطفال الذين يعانون من حرمان الحتياجاتهم األساسية مثل المأكل والمشرب‪ ،‬مكان النوم المالئم ( المسكن ) سوء التغذية‬

‫‪21‬‬
‫وسوء العالج الصحي أو الطبي‪.‬‬
‫• الحرمان العاطفي ‪ :‬كغياب الحنان والدفء والتعامل الرحيم مع الطفل ووضعه في أولويتنا ( عدم الرضاعة ‪ ,‬أم تتكلم في‬
‫الهاتف وتطعم ابنها بالقنينة من بعيد ‪ .‬إطعام األم لطفلها وفي يدها سيجارة ) فمن الضروري مخاطبة الطفل وإ شعاره باالرتباط‬
‫النفسي والمعنوي ‪ ,‬خاصة في حالة إعطائه وجبة غذائية أو تبديل مالبسه ‪ ،‬فالطفل لديه القدرة على تخزين هذه المضامين‬
‫فيعكسها في مرحلة يكون فيها قادرا على الحديث والتكلم‪.‬‬
‫• الحرمان التربوي ‪ :‬ونقصد هنا ضرورة تحضير الجو المناسب والمستلزمات المناسبة للطفل لتنميته فكريا وعقليا مثل األلعاب‬
‫‪ ,‬وضرورة تواجد الوالدين فترة معينة خالل اليوم مع الطفل إلكسابه معايير تربوية جديدة ‪.‬‬
‫• مخاوف األم الزائدة في حماية أطفالها‪ ,‬فهذه المخاوف تساعد في نمو صفة الخجل في نفسية أبنائها ‪ ,‬حيث ينشأ األبناء ولديهم‬
‫خوف من كل ما يحيط بهم سواء في الشارع أو مع األقران‪ ,‬ويتولد لديهم شعور أن المكان اآلمن الوحيد لهم هو وجودهم بجوار‬
‫األم‬
‫• عيوب الطفل الجسمية أو المادية مثل قصر القامة أو هزال الجسد أو ضعف السمع أو السمنة المفرطة‪ ,‬أو قلة المصروف كلها‬
‫أمور تؤدي إلي إصابة الصغار بالخجل في مواجهة اآلخرين‬
‫• التدليل المفروط من جانب الوالدين للطفل‪ :‬كعدم سماح األم لطفلها بأن يقوم باألعمال التي أصبح قادرا عليها؛ اعتقادا منها أن‬
‫هذه المعاملة من قبيل الشفقة والرحمة للطفل‪ ،‬وعدم محاسبتها له حينما يفسد أساس المنزل ‪ .‬وهذه المعاملة المتميزة والدالل‬
‫المفرط للطفل من جانب والديه بالطبع لن يجدها خارج المنزل‪ ،‬سواء في الشارع أو الحي أو النادي أو المدرسة؛ فغالبا ما يؤدي‬
‫ذلك إلى شعور الطفل بالخجل الشديد‪ ،‬خاصة إذا قوبلت رغبته بالصد وإ ذا عوقب على تصرفاته بالتأنيب والعقاب والتوبيخ‪.‬‬
‫• أكثر فئة من االنطوائيين ‪ ,‬األطفال الذين يعانون حاالت التنكيل الجسدي والنفسي والجنسي وحاالت اإلهمال ‪ ،‬هذه الفئة أكثر‬
‫تعرضا لهذه الظاهرة وخاصة األوالد المعنفين جنسيا‪.‬‬
‫ويمكننا أن نقي أطفالنا من مشاعر الخجل واالنطواء على الذات من خالل إتباع التعاليم اآلتية‪:‬‬
‫* توفير جو هاديء في المنزل بعيدا عن التوتر وعدم تعريضهم للمواقف التي تؤثر في نفوسهم وتشعرهم بالقلق والخوف وعدم‬
‫االطمئنان ‪ .‬ويتحقق ذلك بتجنب القسوة في معامالتهم‪ ،‬وبتجنب المشاحنات والمشاجرات التي تتم بين الوالدين‬
‫* يتحتم على اآلباء أن يوفروا ألوالدهم الصغار قدرا معقوال من الحب والعطف والحنان‪ ،‬وعدم نقدهم وتعريضهم لإلهانة أو‬
‫التحقير‪ ،‬وخصوصا أمام أصدقائهم أو أقرانهم؛ ألن النقد الشديد واإلهانة أو التحقير –وخصوصا أمام أصدقائهم‪ -‬يشعر الطفل‬
‫بأنه غير مرغوب فيه‪ ،‬ويزيد من خجله وانطوائه‪.‬‬
‫* ابتعاد اآلباء عن إظهار قلقهما الزائد علي أبنائهما ‪ ,‬وإ تاحة الفرصة أمامهم لالعتماد علي أنفسهم ‪ ,‬ومواجهة بعض المواقف‬
‫التي قد تؤذيه بهدوء وثقة‪ ،‬فكل إنسان ‪-‬كما يؤكد علماء النفس‪ -‬لديه غزيرة طبيعية يولد بها تدفعه للمحافظة على نفسه وتجنب‬
‫المخاطر ‪ ,‬وبالتالي فهو يستطيع أن يحافظ على نفسه أمام الخطر الذي قد يواجهه بغزيرته الطبيعية‪.‬‬
‫* تعويد الطفل علي الحياة االجتماعية سواء باستضافة األقارب في المنزل‪ ,‬أو إشراكه في ألعاب جماعية‪.‬أو مصاحبتهم آلبائهم‬
‫وأمهاتهم في زيارة األصدقاء واألقارب‪ ،‬أو الطلب منهم برفق أن يتحدثوا أمام غيرهم‪ ،‬سواء كان المتحدث إليهم كبيرا أو‬
‫صغيرا‪ ،‬وهذا التعويد يضعف في نفوسهم ظاهرة الخجل ويكسبهم الثقة بأنفسهم‪.‬‬
‫وإ ليك عزيزتي األم خاصة ‪:‬‬
‫* امتدحي كل إيجابياته االجتماعية كمساعدته ألحد أخوته‪ ،‬أو اللعب معهم‪ ،‬أو حين يبدأ في الحديث مع اآلخرين‬
‫تدربيه كيف يثق بنفسه من خالل التحدث عنه أمام اآلخرين بفخر وإ عزاز‪ ،‬واتركيه يتصرف في شؤونه بطريقته‬
‫* حاولي أن ِّ‬
‫دون أن تُ ْملي عليه ما يجب أن يفعل‬

‫‪22‬‬
‫تعرض إلى الضرب‪،‬‬
‫* ال تتدخلي لتدافعي عنه في المواقف الخالفية بينه وبين أخوته‪ ،‬بل دعيه يتصرف من تلقاء نفسه‪ ،‬حتى لو َّ‬
‫يتعرض له أحد المتشاجرين‬
‫والحالة الوحيدة التي يمكنك التدخل فيها إذا كان هناك خطر ما َّ‬
‫* ِّ‬
‫شجعيه على ممارسة أي نوع من أنواع الرياضة‪ ،‬فهذا يمنحه لياقة بدنية‪ ،‬فيزداد ثقة بنفسه‪.‬‬
‫شجعيه – في بعض األحيان ‪ -‬على اللعب مع بعض أقاربه أو جيرانه أو زمالئه بالمدرسة األصغر ًّ‬
‫سنا (أصغر بسنة أو‬ ‫* ِّ‬
‫سنتين فقط بحد أقصى)‪ ،‬حتى يتعلم القيادية ال التبعية‪.‬‬
‫كل له دور‪ ،‬ومن خالل هذه اللعبة يمكنك أن تعلِّمي ابنك كيف يحسن التصرف‬
‫* حاولي أن تمثلي مع أوالدك لعبة الضيوف‪ٌّ ،‬‬
‫سواء كان ضيفًا أو مضيفًا‪.‬‬
‫* عليك أن تتركي للطفل الحرية في اختيار أصدقائه وطريقة لبسه حتى في حالة عدم موافقتك علي هذه الطريقة‬

‫فن التعامل مع األبناء في مرحلة الطفولة‬

‫إن مرحلة الطفولة مرحلة مهمة جداً في بناء شخصية االبن‪ ،‬ورغم أن اآلباء يهتمون بتكوين األسرة واختيار الزوجة إال أنهم ال‬
‫يهتمون بأسلوب تربية األبناء‪ ،‬وإ نما يستخدمون ما تيسر من أساليب التربية وما بقي في ذاكرتهم من أساليب اآلباء‪ ،‬رغم أنها قد‬
‫ال تكون مناسبة‪ ،‬بل إن بعض اآلباء يهمل تربية ابنه بحجة أنه صغير وأنه مشغول بكسب المادة واألنس مع األصدقاء أو القيام‬
‫ببعض األعمال المهمة‪ ،‬فإذا أفاق أحدهم إلى أبنائه وعاد إلى أسرته‪ ..‬إذا األبناء قد تعودوا عادات سيئة وألفوا سلوكاً ال يليق‪،‬‬
‫وهنا يصعب توجيههم وتعديل سلوكهم‪.‬‬
‫إن مسؤولية تربية األبناء مسؤولية عظيمة‪ ،‬يقول الرسول صلى اهلل عليه وسلم في الحديث‪" :‬الرجل راع ومسؤول عن رعيته‪،‬‬
‫والمرأة راعية ومسؤولة في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها"‪( ،‬رواه البخاري ومسلم)‪ .‬إن اآلباء الذين أهملوا تربية أبنائهم في‬
‫الصغر واستخدموا أساليب غير مناسبة فرطوا في أغلى ثروة يملكونها‪ ،‬وماذا تنفع المادة بعد ضياع األبناء؟! وما يفيد السهر مع‬
‫األصدقاء واألب سوف يتجرع األلم حينما ُيصدم بعقوق ابنه وانحراف سلوكه؟!‬
‫وتعود اإلهمال وممارسة ألوان السلوك السيئ‪.‬‬
‫وأخيراً يتحرك اآلباء إلصالح سلوك أبنائهم‪ ،‬ولكن هيهات‪ ..‬لقد قسا عوده ّ‬
‫أما اآلباء الذين أحسنوا تربية أبنائهم فسوف يجنون ثماراً يانعة من صالح أبنائهم واستقامتهم مما يسعدهم في الدنيا واآلخرة ‪،‬‬
‫يقول الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬إذا مات العبد انقطع عمله إال من ثالث‪ :‬صدقة جارية‪ ،‬أو علم ينتفع به‪ ،‬أو ولد صالح يدعو‬
‫له"‪( ،‬رواه مسلم)‪.‬‬
‫وسوف نستعرض في هذه المقالة ما يأتي‪:‬‬
‫‪1‬ـ توجيهات من الكتاب والسنة حول تربية األبناء‪.‬‬
‫‪2‬ـ خصائص النمو لدى األبناء في مرحلة الطفولة وفنيات التعامل معها‪.‬‬
‫‪3‬ـ توجيهات التعامل مع األبناء‪.‬‬
‫أسأل اهلل أن يصلح أبناءنا جميعاً وأن يهدي شباب المسلمين‪ ،‬وأن يوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح‪ ،‬وأن يرزقنا اإلخالص في‬
‫القول والعمل‪.‬‬
‫توجيهات من الكتاب والسنة حول تربية األبناء‪:‬‬
‫اس َواْل ِح َج َارةُ َعلَ ْيهَا َماَل ِئ َكةٌ ِغاَل ظٌ ِش َد ٌاد اَل‬
‫الن ُ‬ ‫َأهِلي ُك ْم َن ًارا َوقُ ُ‬
‫ود َها َّ‬ ‫آمُنوا قُوا َأنفُ َس ُك ْم َو ْ‬
‫ين َ‬
‫َِّ‬
‫{يا َأيُّهَا الذ َ‬
‫يقول اهلل سبحانه وتعالى‪َ :‬‬
‫ون} [التحريم‪.]6 :‬‬ ‫َّ‬
‫ون َما يُْؤ َم ُر َ‬
‫َأم َر ُه ْم َوَي ْف َعلُ َ‬
‫ون اللهَ َما َ‬
‫ص َ‬‫َي ْع ُ‬
‫يقول ابن كثير‪ :‬أي تأمر نفسك وأهلك من زوجة وولد وإ خوان وقرابة وإ ماء وعبيد بطاعة اهلل‪ ،‬وتنهى نفسك وجميع من تعول‬
‫عن معصية اهلل تعالى‪ ،‬وتعلمهم وتؤدبهم‪ ،‬وأن تقوم عليهم بأمر اهلل‪ ،‬وتأمرهم به وتساعدهم عليه‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫وفي معنى هذه اآلية الكريمة الحديث الذي رواه اإلمام أحمد وأبو داود عن سبرة قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬مروا‬
‫الصبي بالصالة إذا بلغ سبع سنين‪ ،‬فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها"‪.‬‬
‫قال الفقهاء‪ :‬وهكذا الصوم ليكون ذلك تمريناً له على العبادات؛ لكي يبلغ وهو مستمر على العبادة والطاعة ومجانبة المعصية‬
‫وترك المنكر‪ ،‬واهلل الموفق‪.‬‬
‫في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬ما من مولود يولد إال على الفطرة‪،‬‬
‫فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه‪ ."..‬قال العلماء‪ :‬هذا نص على مسؤولية األسرة في المحافظة على فطرة األبناء وصيانتها‬
‫عن االنحراف‪.‬‬
‫خصائص النمو لدى األبناء في مرحلة الطفولة وفنيات التعامل معها‪:‬‬
‫سوف سنتعرض أبرز خصائص النمو لدى األبناء وأساليب التعامل معها‪.‬‬
‫أ ـ الخصائص الجسمانية‪:‬‬
‫يصبح النمو الجسمي لألطفال في هذه المرحلة سريعاً‪ ،‬خاصة من ناحية الطول‪ ،‬وتصل عضالته إلى مستوى مناسب من‬
‫النضج‪ ،‬مما يعينه على ممارسة الحركات الكلية‪ ،‬مثل‪ :‬الجري والقفز والتسلق‪ ،‬أما عضالته الصغيرة والدقيقة فإنها تنمو بشكل‬
‫أقل في هذه المرحلة المبكرة‪ ،‬لذا فإنه ينبغي مالحظة ما يأتي‪:‬‬
‫‪1‬ـ أنه قد يبدو من األبناء في هذه المرحلة‪ :‬التململ‪ ،‬وعدم االستقرار‪ ،‬والضوضاء في أثناء جلوسهم فترة طويلة على وتيرة‬
‫واحدة في البيت أو الفصل‪ ،‬وهذا يالحظ بشكل واضح لدى طالب الصف األول االبتدائي‪.‬‬
‫‪2‬ـ ال يزال التآزر الحركي الدقيق في بدايته؛ لذا فإنه يحسن التدرج في تعليمهم الكتابة‪ ،‬حتى ال ينمو لديهم اتجاه سلبي تجاه الكتابة‬
‫والمدرسة بشكل عام‪.‬‬
‫‪3‬ـ يجد بعض الطالب صعوبة في تركيز النظر على الحروف الصغيرة واألشياء الدقيق‪.‬‬
‫‪4‬ـ البد من االعتناء بأمر الطفل بأداء الصالة‪ ،‬نظراً لقدرته الجسمية على ذلك‪ ،‬وللتوجيه النبوي الشريف‪ ،‬ولما لذلك من أثر على‬
‫سلوكه مستقبالً‪.‬‬
‫ب ـ الخصائص العقلية‪:‬‬
‫يطّرد النمو العقلي‪ ،‬ويستطيع الطفل في هذه المرحلة إدراك العالقة عقلياً بعيداً عن التجريد‪ ،‬وتزداد قدرته على الفهم والتعلم‬
‫وتركيز االنتباه‪ ،‬وتكثر لدى األبناء األسئلة؛ لذا يالحظ ما يأتي‪:‬‬
‫‪1‬ـ أن األبناء في هذه المرحلة شغوفون بالسؤال‪ ،‬ومعرفة األشياء التي تثير انتباههم؛ لذا فاستغالل هذه الفترة وتقديم المعلومات‬
‫بأسلوب شيق وسهل يساعدهم على تحقيق الفائدة المرجوة‪.‬‬
‫‪2‬ـ يحرص األبناء على التسميع واإلجابة أمام األب واألم والمعلم‪ ،‬سواء كان الجواب صحيحاً أو خاطئاً‪ ،‬وهنا يبرز دورنا في‬
‫ضبط النقاش وإ دارته بحيث يتحدث كل ابن في دوره‪ ،‬مع تشجيع األبناء على اإلجابة الصحيحة وعلى النقاش والتفكير والتأمل‪.‬‬
‫ج ـ الخصائص االنفعالية‪:‬‬
‫ينمو السلوك االنفعالي‪ ،‬ويتميز بالتنوع‪ ،‬مثل‪ :‬الغضب والخوف والحنان والغيرة‪ ،‬ولكنه غالباً ال يدوم على وتيرة واحدة لفترة‬
‫طويلة‪ ،‬وهنا ينبغي التنبه إلى أن األبناء في هذه المرحلة بحاجة إلى الثناء والتشجيع‪ ،‬سواء باأللفاظ أو من خالل الجوائز العينية‬
‫الرمزية التي لها أثر كبير في نفوس األبناء‪.‬‬
‫د ـ الخصائص االجتماعية‪:‬‬
‫تبرز الحياة االجتماعية لدى األطفال في هذه المرحلة من خالل جماعة األصدقاء‪ ،‬حيث يميل الطفل إلى اللعب مع أقرانه في‬
‫المنزل والمدرسة‪ ،‬ويسودها التعاون والمنافسة وممارسة األدوار القيادية‪ ،‬ومن ثم فإنه ينبغي أن نعمل على أن تكون المنافسة‬

‫‪24‬‬
‫بين األطفال بريئة بعيدة عن الغيرة والحسد‪ ،‬وأن ُيشجع الطفل على تكوين شخصية قوية من خالل األلعاب المفيدة وممارسة‬
‫األدوار االجتماعية الناجحة‪.‬‬
‫ويتأرجح الطفل في هذه المرحلة بين الميل لالستقالل االجتماعي وبقايا االعتماد على اآلخرين‪ ،‬وبشكل عام فإنه يزداد وعي‬
‫الطفل بالبيئة االجتماعية ونمو األلفة والمشاركة االجتماعية؛ لذا ينبغي مراعاة ما يأتي‪:‬‬
‫‪1‬ـ يهتم األطفال باأللعاب الجماعية المنظمة؛ لذا يحسن توفير األلعاب المفيدة‪ ،‬وإ عطاء الطفل الفرصة للعب؛ لتحقيق الثقة بالنفس‬
‫والنجاح‪.‬‬
‫‪2‬ـ تكثر المشاحنات بين أبناء هذه المرحلة‪ ،‬وهنا يأتي دور المربي في حسن حلها‪ ،‬ومعرفة من تكثر لديه المخاصمات وأسبابها؛‬
‫إلعارته االهتمام المناسب‪.‬‬
‫‪3‬ـ يستعمل بعض األطفال كلمات غير الئقة‪ ،‬كما يميل بعض األطفال إلى النميمة‪ ،‬ويصدر ذلك ألسباب‪ ،‬منها لفت النظر إليهم؛‬
‫لذا يبرز دور المربي في تعليم األطفال أحسن األلفاظ واآلداب‪.‬‬
‫‪4‬ـ إن هذه المرحلة تتصف بالتنافس بين األطفال‪ ،‬ودور المربي هو استثمار هذا التنافس ليكون حافزاً لحفظ كتاب اهلل تعالى‬
‫وللتعليم دون أن يترك آثاراً سالبة‪.‬‬
‫‪5‬ـ في هذه المرحلة تبرز فطرة التدين‪ ،‬فيحاكي الطفل والديه في الصالة وتالوة القرآن وحفظ بعض اآليات واألذكار‪ ،‬وتبرز‬
‫جوانب الخير في نفس الطفل؛ لذا ينبغي للمربي أن يرعى هذه الفطرة وينميها بالمعلومات الصحيحة المناسبة والقدوة الحسنة‪.‬‬
‫توجيهات للتعامل مع األبناء‪:‬‬
‫هذه بعض التوجيهات التربوية حول تربية األبناء األطفال‪ ،‬انتقيتها من كتب التربية وعلم النفس ومن تجارب الحياة‪ ،‬وهي ما‬
‫يأتي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬تبدأ تتحدد شخصية االبن أو البنت من السنة الثانية؛ لذا البد أن نبدأ معه بترسيخ العقيدة‪ ،‬وحب اهلل‪ ،‬واآلداب اإلسالمية‪،‬‬
‫والصدق‪ ،‬والتقدير‪ ،‬بالرفق واألسلوب الحسن‪ ،‬عن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬إن اهلل‬
‫رفيق يحب الرفق‪ ،‬ويعطي على الرفق ما ال يعطي على العنف‪ ،‬وما ال يعطي على ما سواه"‪( ،‬رواه مسلم)‪ .‬وعنها رضي اهلل‬
‫عنها قالت‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬إن الرفق ال يكون في شيء إال زانه‪ ،‬وال ينزع من شيء إال شانه" (رواه‬
‫مسلم)‪.‬‬
‫وقد أثبتت الدراسات والبحوث التي أجريت في هذا المجال أن ألساليب التربية الخاطئة ـ مثل القوة والتدليل ـ آثارا سلبية على‬
‫تربية األبناء وسلوكهم‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬زرع المحبة والعطف‪:‬‬
‫يحتاج الطفل إلى أن يكون محل محبة اآلخرين وعطفهم‪ ،‬ويتغذى عاطفياً من خالل ما يجد من أمه وأبيه وذويه‪ ،‬كما يتغذى‬
‫جسدياً بالطعام الذي ينمي جسده ويبعث فيه دفء الحياة‪ ،‬وقد وجه شرعنا المطهر إلى ذلك‪ ،‬عن أبي هريرة رضي اهلل عنه قال‪:‬‬
‫ّقبل النبي صلى اهلل عليه وسلم الحسن بن علي رضي اهلل عنهما وعنده األقرع بن حابس فقال‪ :‬إن لي عشرة من الولد ما قبلت‬
‫منهم أحداً‪ .‬فنظر إليه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فقال‪" :‬من ال يرحم ال ُيرحم"‪( ،‬متفق عليه)‪.‬‬
‫هكذا يوصي الرسول صلى اهلل عليه وسلم إلى تكوين العالقة العاطفية مع األنباء‪ ،‬وألنهم حينما يحرمونها من اآلباء واإلخوان‬
‫سوف تتأثر صحتهم النفسية‪ ،‬وقد يلجؤون إلى أصدقاء السوء الذين يحاولون أن يصطادونهم بالعبارات المنمقة ثم يوقعونهم في‬
‫االنحرافات‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬الحاجة إلى اللعب والمغامرة والمخاطرة‪:‬‬
‫يحتاج األطفال للعب والمغامرة من خالل لون النشاط واأللعاب التي يقومون بها؛ وذلك لتجريب قدراتهم والكتساب مزيد من‬

‫‪25‬‬
‫القدرات والتغلب على الصعوبات ويبالغ بعض اآلباء واألمهات في منعهم‪ ،‬إال أن شيئا من المغامرة والتجريب مهم لنمو شخصية‬
‫الطفل وقدراته‪.‬‬
‫رابعاً ‪ :‬مالحظة المواهب والقدرات لدى األبناء‪:‬‬
‫واالهتمام بجوانب اإلبداع لدى االبن ورعايتها بما يناسبها ويتوفر لدى األب‪ ،‬فتقديم تلك الرعاية سوف يفيد االبن كثيراً‪ ،‬ورغم‬
‫أهمية رعاية األبناء الموهوبين من المؤسسات التربوية إال أنه ينبغي أال يهمل األب ابنه وينتظر المؤسسات األخرى‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬الحاجة إلى األمن‪:‬‬
‫يدرك األطفال ما هم عليه من ضعف‪ ،‬ويشعرون بحاجتهم إلى من يحميهم ويرعاهم‪ ،‬وهم يحتاجون إلى حضن دافئ ممن هم‬
‫أكبر منهم سناً وأعظم قدرة‪ ،‬ويلجأ اإلنسان كلما انتابه ما يهدده أو يفزعه إلى تلك القوة التي تمده باألمن واالستقرار؛ ولذا ينبغي‬
‫أن تستثمر في تعليقهم باهلل واالعتماد عليه؛ ألنه هو سبحانه مصدر قوة المسلم وأمنه وسعادته‪.‬‬
‫وفق اهلل الجميع إلى كل خير‪ ،‬وسدد خطانا‪ ،‬وصلى اهلل على نبينا محمد‪..‬‬

‫األنماط السلبية في تربية الطفل‬

‫‪ ‬تتبع األسرة عدة أنماط في تربية الطفل والتي تؤثر على تكوين شخصيته وهى ‪:‬‬
‫النمط األول ‪ :‬اإلسراف في تدليل الطفل واإلذعان لمطالبة مهما كانت ‪.‬‬
‫أضرار هذا النمط ‪:‬‬
‫‪-1‬عدم تحمل الطفل المسئولية‬
‫‪ -2‬االعتماد على الغير‬
‫‪ -3‬عدم تحمل الطفل مواقف الفشل واإلحباط في الحياة الخارجية حيث تعود على أن تلبى كافة مطالبه‬
‫‪ -4‬توقع هذا اإلشباع المطلق من المجتمع فيما بعد‬
‫‪ -5‬نمو نزعات األنانية وحب التملك للطفل‬
‫النمط الثاني ‪  :‬اإلسراف في القسوة والصرامة والشدة مع الطفل وإ نزال العقاب فيه بصورة مستمرة وصده وزجره كلما أراد أن‬
‫يعبر عن نفسه‬
‫أضرار هذا النمط ‪:‬‬
‫‪ -1‬قد يؤدى بالطفل إلى االنطواء أو االنزواء أو انسحاب فى معترك الحياة االجتماعية‬
‫‪ -2‬يؤدى لشعور الطفل بالنقص وعدم الثقة في نفسه‬
‫‪ -3‬صعوبة تكوين شخصية مستقلة نتيجة منعه من التعبير عن نفسه‬
‫‪ -4‬شعوره الحاد بالذنب‬
‫‪ -5‬كره السلطة الوالية وقد يمتد هذا الشعور إلى معارضة السلطة الخارجية في المجتمع‬
‫‪ -6‬قد ينتهج هو نفسه منهج الصرامة والشدة في حياته المستقبلية عن طريق عمليتي التقليد أو التقمص لشخصية أحد الوالدين أو‬
‫كالهما‬
‫النمط الثالث ‪ :‬النمط المتذبذب بين الشدة واللين ‪ ،‬حيث يعاقب الطفل مرة في موقف ويثاب مرة أخرى من نفس الموقف مثال‬
‫أضرار هذا النمط ‪:‬‬
‫‪ -1‬يجد صعوبة في معرفة الصواب والخطاء‬
‫‪ -2‬ينشأ على التردد وعدم الحسم في األمور‬

‫‪26‬‬
‫‪ -3‬ممكن أن يكف عن التعبير الصريح عن التعبير عن أرائه ومشاعره‬
‫النمط الرابع ‪ :‬اإلعجاب الزائد بالطفل حيث يعبر اآلباء واألمهات بصورة مبالغ فيها عن إعجابهم بالطفل وحبة ومدحه والمباهاه‬
‫به‬
‫أضرار هذا النمط ‪:‬‬
‫‪ -1‬شعور الطفل بالغرور الزائد والثقة الزائدة بالنفس‬
‫‪ -2‬كثرة مطالب الطفل‬
‫‪ -3‬تضخيم من صورة الفرد عن ذاته ويؤدى هذا إلى إصابته بعد ذلك باإلحباط والفشل عندما يصطدم مع غيرة من الناس الذين‬
‫ال يمنحونه نفس القدر من اإلعجاب‬
‫النمط الخامس ‪:‬‬
‫فرض الحماية الزائدة على الطفل وإ خضاعه لكثير من القيود ومن أساليب الرعاية الزائدة الخوف الزائد على الطفل وتوقع‬
‫تعرضه لألخطار من أي نشاط ‪.‬‬
‫أضرار هذا النمط ‪:‬‬
‫‪ -1‬يخلق مثل هذا النمط من التربية شخصا هيابا يخشى اقتحام المواقف الجديدة‬
‫‪ -2‬عدم االعتماد على الذات‬
‫النمط السادس ‪ :‬اختالف وجهات النظر في تربية الطفل بين األم واألب كأن يؤمن األب بالصرامة والشدة بينما تؤمن األم باللين‬
‫وتدليل الطفل أو يؤمن أحدهما بالطريقة الحديثة واألخر بالطريقة التقليدية‬
‫أضرار هذا النمط ‪:‬‬
‫‪ -1‬قد يكره الطفل والده ويميل إلى األم وقد يحدث العكس بأن يتقمص صفات الخشونة من والدة‬
‫‪ -2‬ويجد مثل هذا الطفل صعوبة في التميز بين الصح والخطاء أو الحالل والحرام كما يعانى من ضعف الوالء ألحدهما أو‬
‫كالهما ‪.‬‬
‫‪ -3‬وقد يؤدى ميله وارتباطه بأمه إلى تقمص صفات األنثوية‬

‫األساليب الخاطئة في تربية األبناء وآثرها على شخصياتهم‬

‫األسرة هي المؤسسة التربوية األولي التي يترعرع فيها الطفل ويفتح عينيه في أحضانها حتى يشب ويستطيع االعتماد على نفسه‬
‫بعدها يلتحق بالمؤسسة الثانية وهي المدرسة المكملة للمنزل ولكن يبقى وتتشكل شخصية الطفل خالل الخمس السنوات األولى‬
‫أي في األسرة لذا كان م الضروري ان تلم األسرة باألساليب التربوية الصحية التي تنمي شخصية الطفل وتجعل منه شابا واثقا‬
‫من نفسه صاحب شخصية قوية ومتكيفة وفاعلة في المجتمع ‪.....‬‬
‫وتتكون األساليب غير السوية والخاطئة في تربية الطفل اما لجهل الوالدين في تلك الطرق او ألتباع أسلوب اآلباء واألمهات‬
‫والجدات او لحرمان األب او األم من اتجاه معين فاألب عندما ينحرم من الحنان في صغره تراه يغدق على طفله بهذه العاطفة او‬
‫العكس بعض اآلباء يريد ان يطبق نفس األسلوب المتبع في تربية والده له على ابنه وكذلك الحال بالنسبة لألم‬

‫وسأتطرق هنا لتلك االتجاهات الغير سوية والخاطئة التي ينتهجها الوالدين او احدهما في تربية الطفل والتي تترك بآثارها سلبا‬
‫على شخصية األبناء‬
‫سنتحدث في حلقات متواصلة ان شاء اهلل عن تلك األساليب واالتجاهات الخاطئة وآثرها على شخصية الطفل وهي ‪:‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ -1‬التسلط‬
‫‪ -2‬الحماية الزائدة‬
‫‪ -3‬اإلهمال‬
‫‪ -4‬التدليل‬
‫‪ -5‬القسوة‬
‫‪-6‬التذبذب في معاملة الطفل‬
‫‪-7‬إثارة األلم النفسي في الطفل‬
‫‪-8‬التفرقة بين األبناء وغيرها ‪ i...‬فكونوا معنا‪i.....‬‬

‫التسلط أو السيطرة‬

‫ويعني تحكم األب او األم في نشاط الطفل والوقوف أمام رغباته التلقائية ومنعه من القيام بسلوك معين لتحقيق رغباته التي‬
‫يريدها حتى ولو كانت مشروعة او الزام الطفل بالقيام بمهام وواجبات تفوق قدراته وإ مكانياته ويرافق ذلك استخدام العنف او‬
‫الضرب او الحرمان أحيانا وتكون قائمة الممنوعات أكثر من قائمة المسموحات كأن تفرض األم على الطفل ارتداء مالبس معينة‬
‫او طعام معين او أصدقاء معينين ايضا عندما يفرض الوالدين على االبن تخصص معين في الجامعة اودخول قسم معين في‬
‫الثانوية قسم العلمي او األدبي‪...‬او‪ i.... i‬او ‪ ......‬الخ‬
‫ظنا من الوالدين ان ذلك في مصلحة الطفل دون ان يعلموا ان لذلك االسلوب خطر على صحة الطفل النفسية وعلى شخصيته‬
‫مستقبال ونتيجة لذلك األسلوب المتبع في التربية ‪ i...‬ينشأ الطفل ولديه ميل شديد للخضوع واتباع اآلخرين ال يستطيع ان يبدع او‬
‫ان يفكر‪ ...‬وعدم القدرة على إبداء الرأي والمناقشة ‪ i...‬كما يساعد اتباع هذا األسلوب في تكوين شخصية قلقة خائفة دائما من‬
‫السلطة تتسم بالخجل والحساسية الزائدة ‪ ..‬وتفقد الطفل الثقة بالنفس وعدم القدرة على اتخاذ القرارات وشعور دائم بالتقصير‬
‫وعدم االنجاز ‪ ..‬وقد ينتج عن اتباع هذا األسلوب طفل عدواني يخرب ويكسر اشياء اآلخرين ألن الطفل في صغره لم يشبع‬
‫حاجته للحرية واالستمتاع بها‪.‬‬

‫الحماية الزائدة‬

‫يعني قيام احد الوالدين او كالهما نيابة عن الطفل بالمسؤوليات التي يفترض ان يقوم بها الطفل وحده والتي يجب ان يقوم بها‬
‫الطفل وحده حيث يحرص الوالدان او احدهما على حماية الطفل والتدخل في شؤونه فال يتاح للطفل فرصة اتخاذ قرارة بنفسه‬
‫وعدم إعطاءه حرية التصرف في كثير من أموره ‪:‬‬
‫كحل الواجبات المدرسية عن الطفل او الدفاع عنه عندما يعتدي عليه احد األطفال وقد يرجع ذلك بسبب خوف الوالدين على‬
‫الطفل السيما اذا كان الطفل األول او الوحيد او اذا كان ولد وسط عديد من البنات او العكس فيبالغان في تربيته ‪.....‬الخ‪i‬‬
‫وهذا األسلوب بال شك يؤثر سلبا على نفسية الطفل وشخصيته فينمو الطفل بشخصية ضعيفة غير مستقلة يعتمد على الغير في‬
‫أداء واجباته الشخصية وعدم القدرة على تحمل المسؤولية ورفضها إضافة إلى انخفاض مستوى الثقة بالنفس وتقبل اإلحباط‬
‫كذلك نجد هذا النوع من األطفال الذي تربي على هذا األسلوب اليثق في قراراته التي يصدرها ويثق في قرارات اآلخرين‬
‫ويعتمد عليهم في كل شيء ويكون نسبة حساسيته للنقد مرتفعة عندما يكبر يطالب بأن تذهب معه امه للمدرسة حتى مرحلة‬
‫متقدمة من العمر يفترض ان يعتمد فيها الشخص على نفسه وتحصل له مشاكل في عدم التكيف مستقبال بسبب ان هذا الفرد حرم‬
‫من اشباع حاجته لالستقالل في طفولته ولذلك يظل معتمدا على اآلخرين دائما ‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫اإلهمــــــال‬

‫يعني ان يترك الوالدين الطفل دون تشجيع على سلوك مرغوب فيه او االستجابة له وتركه دون محاسبته على قيامه بسلوك غير‬
‫مرغوب وقد ينتهج الوالدين او احدهما هذا األسلوب بسبب االنشغال الدائم عن األبناء وإ همالهم المستمر لهم‪ ،‬فاألب يكون معظم‬
‫وقته في العمل ويعود لينام ثم يخرج وال يأتي اال بعد ان ينام األوالد واألم تنشغل بكثرة الزيارات والحفالت او في الهاتف او‬
‫على االنترنت او التلفزيون وتهمل أبناءها او عندما تهمل األم تلبية حاجات الطفل من طعام وشراب وملبس وغيرها من الصور‬
‫واألبناء يفسرون ذلك على انه نوع من النبذ والكراهية واإلهمال فتنعكس بآثارها سلبا على نموهم النفسي ويصاحب ذلك أحيانا‬
‫السخرية والتحقير للطفل فمثال عندما يقدم الطفل لألم عمال قد أنجزه وسعد به تجدها تحطمه وتنهره وتسخر من عمله ذلك‬
‫وتطلب منه عدم إزعاجها بمثل تلك األمور التافهة كذلك الحال عندما يحضر الطفل درجة مرتفعة ما في احد المواد الدراسية ال‬
‫يكافأ ماديا وال معنويا بينما ان حصل على درجة منخفضة تجده يوبخ ويسخر منه ‪ ،‬وهذا بالشك يحرم الطفل من حاجته الى‬
‫اإلحساس بالنجاح ومع تكرار ذلك يفقد الطفل مكانته في األسرة ويشعر تجاهها بالعدوانية وفقدان حبه لهم وعندما يكبر هذا‬
‫الطفل يجد في الجماعة التي ينتمي إليها ما ينمي هذه الحاجة ويجد مكانته فيها ويجد العطاء والحب الذي حرم منه وهذا يفسر‬
‫بالشك هروب بعض األبناء من المنزل الى شلة األصدقاء ليجدوا ما يشبع حاجاتهم المفقودة هناك في المنزل وتكون خطورة ذلك‬
‫األسلوب المتبع وهو اإلهمال أكثر ضررا على الطفل في سني حياته األولى بإهماله ‪,‬وعدم إشباع حاجاته الفسيولوجية والنفسية‬
‫لحاجة الطفل لآلخرين وعجزه عن القيام باشباع تلك الحاجات ومن نتائج إتباع هذا األسلوب في التربية ظهور بعض‬
‫االضطرابات السلوكية لدى الطفل كالعدوان والعنف او االعتداء على اآلخرين أو العناد أو السرقة أو إصابة الطفل بالتبلد‬
‫االنفعالي وعدم االكتراث باألوامر والنواهي التي يصدرها الوالدين‪.‬‬

‫التدليل‬

‫ويعني ان نشجع الطفل على تحقيق معظم رغباته كما يريد هو وعدم توجيهه وعدم كفه عن ممارسة بعض السلوكيات الغير‬
‫مقبولة سواء دينيا او خلقيا او اجتماعيا والتساهل معه في ذلك‪..‬‬
‫عندما تصطحب األم الطفل معها مثال الى منزل الجيران او األقارب ويخرب الطفل أشياء اآلخرين ويكسرها ال توبخه او تزجره‬
‫بل تضحك له وتحميه من ضرر اآلخرين ‪ ،‬كذلك الحال عندما يشتم او يتعارك مع احد األطفال تحميه وال توبخه على ذلك‬
‫السلوك بل توافقه عليه وهكذا ‪.......‬‬
‫وقد يتجه الوالدين او احدهما إلى اتباع هذا األسلوب مع الطفل اما إلنه طفلهما الوحيد او ألنه ولد بين اكثر من بنت او العكس او‬
‫إلن األب قاسي فتشعر األم تجاه الطفل بالعطف الزائد فتدهلل وتحاول ان تعوضه عما فقده او ألن األم او األب تربيا بنفس‬
‫الطريقة فيطبقان ذلك على ابنهما ‪..‬‬
‫والشك ان لتلك المعاملة مع الطفل آثار على شخصيته ودائما خير األمور الوسط ال افراط وال تفريط وكما يقولون الشي اذا زاد‬
‫عن حده انقلب إلى ضده فمن نتائج تلك المعاملة ان الطفل ينشأ ال يعتمد على نفسه غير قادر على تحمل المسؤولية بحاجة‬
‫لمساندة اآلخرين ومعونتهم كما يتعود الطفل على ان يأخذ دائما وال يعطي وان على اآلخرين ان يلبوا طلباته وان لم يفعلوا ذلك‬
‫يغضب ويعتقد انهم اعداء له ويكون شديد الحساسية وكثير البكاء وعندما يكبر تحدث له مشاكل عدم التكيف مع البيئة الخارجية (‬
‫المجتمع ) فينشأ وهو يريد ان يلبي له الجميع مطالبه يثور ويغضب عندما ينتقد على سلوك ما ويعتقد الكمال في كل تصرفاته‬
‫وانه منزه عن الخطأ وعندما يتزوج يحمل زوجته كافة المسؤوليات دون ادنى مشاركة منه ويكون مستهترا نتيجة غمره بالحب‬
‫دون توجيه ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫إثارة األلم النفسي‬

‫ويكون ذلك بإشعار الطفل بالذنب كلما أتى سلوكا غير مرغوب فيه او كلما عبر عن رغبة سيئة ايضا تحقير الطفل والتقليل من‬
‫شأنه والبحث عن أخطاءه ونقد سلوكه مما يفقد الطفل ثقته بنفسه فيكون مترددا عند القيام بأي عمل خوفا من حرمانه من رضا‬
‫الكبار وحبهم وعندما يكبر هذا الطفل فيكون شخصية انسحابية منطوية غير واثق من نفسه يوجه عدوانه لذاته وعدم الشعور‬
‫باألمان يتوقع األنظار دائمة موجهة إليه فيخاف كثيرا ال يحب ذاته ويمتدح اآلخرين ويفتخر بهم وبإنجازاتهم وقدراتهم اما هو‬
‫فيحطم نفسه ويزدريها‪.‬‬

‫التذبذب في المعاملة‬

‫ويعني عدم استقرار األب او األم من حيث استخدام أساليب الثواب والعقاب فيعاقب الطفل على سلوك معين مره ويثاب على‬
‫نفس السلوك مرة أخرى وذلك نالحظه في حياتنا اليومية من تعامل بعض اآلباء واألمهات مع أبناءهم مثال ‪ :‬عندما يسب الطفل‬
‫أمه او أباه نجد الوالدين يضحكان له ويبديان سرورهما ‪ ،‬بينما لو كان الطفل يعمل ذلك العمل أمام الضيوف فيجد أنواع العقاب‬
‫النفسي والبدني فيكون الطفل في حيرة من أمره ال يعرف هل هو على صح ام على خطأ فمرة يثيبانه على السلوك ومرة يعاقبانه‬
‫على نفس السلوك وغالبا ما يترتب على اتباع ذلك األسلوب شخصية متقلبة مزدوجة في التعامل مع اآلخرين ‪ ،‬وعندما يكبر هذا‬
‫الطفل ويتزوج تكون معاملة زوجته متقلبة متذبذبة فنجده يعاملها برفق وحنان تارة وتارة يكون قاسي بدون أي مبرر لتلك‬
‫التصرفات وقد يكون في أسرته في غاية البخل والتدقيق في حساباته ن ودائم التكشير أما مع أصدقائه فيكون شخص اخر كريم‬
‫متسامح ضاحك مبتسم وهذا دائما نلحظه في بعض الناس ( من برا اهلل اهلل ومن جوا يعلم اهلل ) ويظهر أيضا اثر هذا التذبذب في‬
‫سلوك ابناءه حيث يسمح لهم بأتيان سلوك معين في حين يعاقبهم مرة أخرى بما سمح لهم من تلك التصرفات والسلوكيات أيضا‬
‫يفضل احد أبناءه على اآلخر فيميل مع جنس البنات او األوالد وذلك حسب الجنس الذي أعطاه الحنان والحب في الطفولة وفي‬
‫عمله ومع رئيسة ذو خلق حسن بينما يكون على من يرأسهم شديد وقاسي وكل ذلك بسبب ذلك التذبذب فادى به إلى شخصية‬
‫مزدوجة في التعامل مع اآلخرين ‪.‬‬

‫التفرقة‬

‫ويعني عدم المساواة بين األبناء جميعا والتفضيل بينهم بسبب الجنس او ترتيب المولود او السن او غيرها نجد بعض األسر‬
‫تفضل األبناء الذكور على اإلناث او تفضيل األصغر على األكبر او تفضيل ابن من األبناء بسبب انه متفوق او جميل او ذكي‬
‫وغيرها من أساليب خاطئة وهذا بالشك يؤثر على نفسيات األبناء اآلخرين وعلى شخصياتهم فيشعرون الحقد والحسد تجاه هذا‬
‫المفضل وينتج عنه شخصية أنانية يتعود الطفل ان يأخذ دون ان يعطي ويحب ان يستحوذ على كل شيء لنفسه حتى ولو على‬
‫حساب اآلخرين ويصبح ال يرى اال ذاته فقط واآلخرين ال يهمونه ينتج عنه شخصية تعرف مالها وال تعرف ما عليها تعرف‬
‫حقوقها وال تعرف واجباتها ‪.‬‬

‫أطفالنا ومعاني الرجولة ‪..‬‬

‫الحمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على رسول اهلل وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه وبعد‪:‬‬

‫‪30‬‬
‫فإن مما يعاني منه كثير من الناس ظهور الميوعة وآثار التّرف في شخصيات أوالدهم‪ ،‬ولمعرفة ح ّل هذه المشكلة البد من‬
‫ّ‬
‫الرجولة في شخصيات أطفالنا؟ إن موضوع هذا السؤال هو من المشكالت‬
‫السؤال التالي‪ :‬كيف ننمي عوامل ّ‬
‫اإلجابة على ّ‬
‫الرجولة في شخصية الطّفل‪ ،‬ومن ذلك ما‬
‫عدة حلول إسالمية وعوامل شرعية لتنمية ّ‬
‫التّربوية الكبيرة في هذا العصر‪ ،‬وهناك ّ‬
‫يلي‪:‬‬

‫الـتـكـنـيـة‬

‫سنه فيزداد نضجه‪،‬‬


‫بأنه أكبر من ّ‬
‫ويشعر الطّفل ّ‬
‫ينمي اإلحساس بالمسئولية‪ُ ،‬‬
‫بأم فالن ّ‬
‫مناداة الصغير بأبي فالن أو الصغيرة ّ‬
‫فع ْن‬
‫الصغار؛ َ‬
‫يكني ّ‬ ‫ويحس بمشابهته للكبار‪ ،‬وقد كان النبي صلى اهلل عليه وسلم ّ‬ ‫ّ‬ ‫ويرتقي بشعوره عن مستوى الطفولة المعتاد‪،‬‬
‫يما‬ ‫ِ‬ ‫ان ِلي ٌ‬
‫َأخ ُيقَا ُل لَهُ َُأبو ُع َم ْي ٍر – قَا َل‪:‬‬ ‫الن ِ‬ ‫النبِ ُّي صلى اهلل عليه وسلم ْ‬
‫َأح َس َن َّ‬ ‫ان َّ‬ ‫ََأن ٍ‬
‫َأحسبهُ فَط ً‬
‫ُ‬ ‫اس ُخلُقًا‪َ ،‬و َك َ‬ ‫ال‪َ { :‬ك َ‬ ‫س رضي اهلل عنه قَ َ‬
‫الن َغ ْي ُر؟! } (طائر صغير كان يلعب به) [رواه البخاري‪.]5735 :‬‬ ‫ال‪َ :‬يا ََأبا ُع َم ْي ٍر‪َ ،‬ما فَ َع َل ُّ‬ ‫ان ِإ َذا َج َ‬
‫اء قَ َ‬ ‫– َو َك َ‬

‫ص ِغ َيرةٌ ( الخميصة ثوب من حرير )‬ ‫اء َ‬ ‫يصةٌ َس ْو َد ُ‬


‫ِ‬ ‫النبِ ُّي صلى اهلل عليه وسلم بثِي ٍ ِ‬
‫اب فيهَا َخم َ‬ ‫َ‬ ‫وع ْن ُِّأم َخ ِال ٍد بِ ْن ِت َخ ِال ٍد قالت‪ُ { :‬أتِي َّ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫َأخ َذ‬
‫سنها ) فَ َ‬ ‫ت اْلقَ ْو ُم‪ ،‬قَا َل‪ :‬اْئ تُونِي بِ ُِّأم َخ ِال ٍد‪ .‬فَُأتِ َي بِهَا تُ ْح َم ُل ( وفيه إشارة إلى صغر ّ‬ ‫َأن َن ْك ُس َو َهِذ ِه؟ فَ َس َك َ‬
‫ال‪َ :‬م ْن تََر ْو َن ْ‬
‫فَقَ َ‬
‫َأخضر َأو َأصفَر فَقَا َل‪ :‬يا َُّأم َخ ِال ٍد‪َ ،‬ه َذا سَناه‪ ،‬وسَناه بِاْلحب ِشي ِ‬
‫َّة َح َس ٌن }‬ ‫َأخِلِقي‪ ،‬و َك ِ‬ ‫يصةَ بَِي ِد ِه فََأْلَب َسهَا َوقَا َل‪َْ :‬أبِلي َو ْ‬ ‫ِ‬
‫ََ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ان فيهَا َعلَ ٌم ْ َ ُ ْ ْ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫اْل َخم َ‬
‫[رواه البخاري‪.]5375 :‬‬

‫ان اْلحب ِشي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫ِِ‬ ‫وفي رواية للبخاري أيضاً‪ { :‬فَجع َل ي ْنظُر ِإلَى علَِم اْل َخ ِم ِ ِ‬
‫َّة‬ ‫يصة َوُيش ُير بَِيده ِإلَ َّي َوَيقُو ُل‪َ :‬يا َُّأم َخالد‪َ ،‬ه َذا َسَنا‪َ ،‬والسََّنا بِل َس ِ َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ُ‬
‫اْل َح َس ُن } [رواه البخاري‪.]5397 :‬‬

‫أخذه للمجامع العامة وإ جالسه مع الكبار‬

‫وهذا مما يلقّح فهمه ويزيد في عقله‪ ،‬ويحمله على محاكاة الكبار‪ ،‬ويرفعه عن االستغراق في اللهو واللعب‪ ،‬وكذا كان الصحابة‬
‫ِ‬
‫يصحبون أوالدهم إلى مجلس النبي صلى اهلل عليه وسلم ومن القصص في ذلك‪ :‬ما جاء عن ُم َع ِاوَيةَ بن قَُّرة َع ْن َأبِيه قَا َل‪َ { :‬ك َ‬
‫ان‬
‫ظ ْه ِر ِه فَُي ْق ِع ُدهُ َب ْي َن‬ ‫يه ِم ْن َخْل ِ‬
‫ف َ‬ ‫َنبِ ُّي اللَّ ِه صلى اهلل عليه وسلم ِإ َذا جلَس ي ْجِلس ِإلَ ْي ِه َنفَر ِم ْن َأصحابِ ِه و ِفي ِهم رج ٌل لَه ْاب ٌن ص ِغير يْأتِ ِ‬
‫َ ٌ َ‬ ‫َْ َ َْ ُ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ َ ُ‬
‫َي َد ْي ِه‪ ..‬الحديث } [رواه النسائي وصححه األلباني في أحكام الجنائز]‪.‬‬

‫تحديثهم عن بطوالت السابقين والالحقين والمعارك ا إلسالمية وانتصارات المسلمين‬

‫بعض‬‫لتعظم الشجاعة في نفوسهم‪ ،‬وهي من أهم صفات الرجولة‪ ،‬وكان للزبير بن العوام رضي اهلل عنه طفالن أشهد أحدهما َ‬
‫ول‬‫اب رس ِ‬ ‫المعارك‪ ،‬وكان اآلخر يلعب بآثار الجروح القديمة في كتف أبيه كما جاءت الرواية عن عروة بن الزبير { َّ‬
‫َأص َح َ َ ُ‬ ‫َأن ْ‬
‫ت َك َذ ْبتُ ْم‪ .‬فَقَالُوا‪ :‬ال َن ْف َع ُل‪ ،‬فَ َح َم َل َعلَ ْي ِه ْم‬
‫ك؟ فَقَا َل‪ِ :‬إِّني ِإ ْن َش َد ْد ُ‬ ‫اللَّ ِه صلى اهلل عليه وسلم قَالُوا ِل ُّلزب ْي ِر يوم اْليرم ِ‬
‫وك‪َ :‬أال تَ ُش ُّد فََن ُش َّد َم َع َ‬ ‫َ َْ َ َْ ُ‬
‫ام ِه ( أي لجام الفرس )‬ ‫َأخ ُذوا ( أي الروم ) بِِلج ِ‬
‫َ‬ ‫َأح ٌد‪ ،‬ثَُّم َر َج َع ُم ْقبِالً فَ َ‬‫صفُوفَهُ ْم فَ َج َاو َز ُه ْم َو َما َم َعهُ َ‬ ‫ق ُ‬ ‫( أي على الروم ) َحتَّى َش َّ‬
‫ك الض ِ‬ ‫َأصابِ ِعي ِفي تِْل َ‬ ‫ال عروةُ‪ُ :‬ك ْن ُ ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫ب َو ََأنا‬‫َّرَبات َأْل َع ُ‬ ‫َ‬ ‫ت ُْأدخ ُل َ‬ ‫ض ِرَبهَا َي ْو َم َب ْدر‪ ،‬قَ َ ُ ْ َ‬ ‫ض ْرَبةٌ ُ‬ ‫ض ْرَبتَْي ِن َعلَى َعاتقه َب ْيَنهُ َما َ‬ ‫ض َرُبوهُ َ‬‫فَ َ‬
‫س َو َو َّك َل بِ ِه َر ُجالً } [رواه‬ ‫ين فَ َح َملَهُ َعلَى فَ َر ٍ‬ ‫ِِ‬ ‫ِئٍ‬
‫الزَب ْي ِر َي ْو َم ذ َو ُه َو ْاب ُن َع ْش ِر سن َ‬ ‫ان َم َعهُ َع ْب ُد اللَّ ِه ْاب ُن ُّ‬
‫ال ُع ْر َوةُ‪َ :‬و َك َ‬
‫ير‪ .‬قَ َ‬
‫صغ ٌ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫البخاري‪.]3678 :‬‬

‫‪31‬‬
‫قال ابن حجر رحمه اهلل في شرح الحديث‪ :‬وكأن الزبير آنس من ولده عبد اهلل شجاعة وفروسية فأركبه الفرس وخشي عليه أن‬
‫يهجم بتلك الفرس على ما ال يطيقه‪ ،‬فجعل معه رجالً ليأمن عليه من كيد العدو إذا اشتغل هو عنه بالقتال‪ .‬وروى ابن المبارك في‬
‫الجهاد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد اهلل بن الزبير "أنه كان مع أبيه يوم اليرموك ‪ ,‬فلما انهزم المشركون حمل فجعل‬
‫يجهز على جرحاهم" وقوله‪ُ " :‬يجهز " أي ُيكمل قتل من وجده مجروحاً‪ ,‬وهذا مما يدل على قوة قلبه وشجاعته من صغره‪.‬‬

‫تعليمه األدب مع الكبار‬


‫القاع ِد‪ ،‬والقلي ُل‬
‫والمار على ِ‬
‫ُّ‬ ‫ير على الكبِ ِ‬
‫ير‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬
‫النبِ ِّي صلى اهلل عليه وسلم قَا َل‪ُ { :‬يسل ُم الصَّغ ُ‬
‫ومن جملة ذلك ما رواه َأبو ُه َر ْي َرةَ َع ْن َّ‬
‫ير } [رواه البخاري‪.]5736 :‬‬ ‫على الكثِ ِ‬
‫‪ ‬إعطاء الصغير قدره وقيمته في المجالس‬
‫الم‬ ‫ِ ِِ‬ ‫النبِ ُّي صلى اهلل عليه وسلم بِقَ َد ٍح فَ َش ِر ِ‬ ‫ال‪ُ { :‬أتِي َّ‬
‫يوضح ذلك الحديث التالي‪ :‬عن َس ْه ِل ْب ِن َس ْع ٍد قَ َ‬
‫ب م ْنهُ َو َع ْن َيمينه ُغ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ومما ّ‬
‫ول اللَّ ِه‬
‫َأح ًدا َيا َر ُس َ‬
‫ك َ‬ ‫ضِلي ِم ْن َ‬
‫ت ألوثِ َر بِفَ ْ‬ ‫ال‪َ :‬ما ُك ْن ُ‬ ‫ُأع ِطَيهُ األ ْشَي َ‬
‫اخ؟ قَ َ‬ ‫الم‪َ ،‬أتَْأ َذ ُن ِلي ْ‬
‫َأن ْ‬ ‫ِ‬ ‫َأص َغ ُر اْلقَ ْوِم َواَأل ْشَي ُ‬
‫اخ َع ْن َي َساره فَقَا َل‪َ :‬يا ُغ ُ‬ ‫ْ‬
‫طاهُ ِإيَّاهُ } [رواه البخاري‪.]2180 :‬‬ ‫َأع َ‬
‫فَ ْ‬
‫تعليمهم الرياضات الرجولية‬
‫َأن َعلِّ ُموا ِغْل َم َان ُك ْم‬
‫اح ْ‬ ‫امةَ ْب ِن َس ْه ٍل قَا َل‪َ { :‬كتَ َ‬
‫ب ُع َم ُر ِإلَى َأبِي ُعَب ْي َدةَ ْب ِن اْل َج َّر ِ‬ ‫ُأم َ‬
‫ِ‬
‫كالرماية والسباحة وركوب الخيل وجاء َع ْن َأبي َ‬
‫اْل َع ْو َم } [رواه اإلمام أحمد في أول مسند عمر بن الخطاب]‪.‬‬

‫تجنيبه أسباب الميوعة والتخنث‬


‫وليه من رقص كرقص النساء‪ ،‬وتمايل كتمايلهن‪ ،‬ومشطة كمشطتهن‪ ،‬ويمنعه من لبس الحرير وال ّذهب‪ .‬وقال مالك رحمه‬ ‫فيمنعه ّ‬
‫َّ‬ ‫َأن رس َ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َأن يْلبس اْل ِغْلمان َش ْيًئا ِم ْن َّ‬
‫ول الله صلى اهلل عليه وسلم َنهَى َع ْن تَ َختُِّم الذ َه ِب‪ ،‬فَ ََأنا َأ ْك َر ُههُ‬ ‫الذ َه ِب َّ‬
‫َألنهُ َبلَ َغني َّ َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫اهلل‪"َ .‬و ََأنا َأ ْك َرهُ ْ َ َ َ‬
‫ير ِم ْنهم والص ِ‬
‫َّغ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ير" [موطأ مالك]‪.‬‬ ‫ل ِّلر َجال اْل َكب ِ ُ ْ َ‬

‫تجنب إهانته خاصة أمام اآلخرين‬

‫عدم احتقار أفكاره وتشجيعه على المشاركة‬

‫إعطاؤه قدره وإ شعاره بأهميته‬

‫وذلك يكون بأمور مثل‪:‬‬

‫ان فَ َسلَّ َم‬


‫ول اللَّ ِه صلى اهلل عليه وسلم َم َّر َعلَى ِغْل َم ٍ‬ ‫س ْب ِن َم ِال ٍك رضي اهلل عنه { َّ‬
‫َأن َر ُس َ‬ ‫السالم عليه‪ ،‬وقد جاء َع ْن ََأن ِ‬
‫(‪ )1‬إلقاء ّ‬
‫َعلَ ْي ِه ْم } [رواه مسلم‪.]4031 :‬‬

‫(‪ )2‬استشارته وأخذ رأيه‪.‬‬

‫سنه وقدراته‪.‬‬
‫(‪ )3‬توليته مسئوليات تناسب ّ‬

‫(‪ )4‬استكتامه األسرار‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫ان قَا َل‪ :‬فَ َسلَّ َم َعلَ ْيَنا‬
‫ب َم َع اْل ِغْل َم ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ال‪َ { :‬أتَى َعلَ َّي َر ُسو ُل الله صلى اهلل عليه وسلم َو ََأنا َأْل َع ُ‬‫س قَ َ‬‫ويصلح مثاالً لهذا والذي قبله حديث ََأن ٍ‬
‫ت‪َ :‬ما‬ ‫اج ٍة‪ .‬قَالَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ت‪َ :‬ب َعثَني َر ُسو ُل الله صلى اهلل عليه وسلم ل َح َ‬
‫ِ‬ ‫ك؟ ُقْل ُ‬
‫ت‪َ :‬ما َحَب َس َ‬ ‫ُأمي‪َ ،‬فلَ َّما ِجْئ ُ‬
‫ت قَالَ ْ‬ ‫ْأت َعلَى ِّ‬
‫ط ُ‬‫اج ٍة فَ َْأب َ‬ ‫ِ‬
‫فََب َعثَني ِإلَى َح َ‬
‫َأح ًدا } [رواه مسلم‪.]4533 :‬‬ ‫ت‪ :‬ال تُح ِّدثَ َّن بِ ِسِّر رس ِ َّ ِ‬ ‫ت‪ِ :‬إَّنهَا ِسٌّر‪ .‬قَالَ ْ‬
‫ول الله صلى اهلل عليه وسلم َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫اجتُهُ؟ ُقْل ُ‬‫َح َ‬

‫َأخ َذ بَِي ِدي فَ َْأر َسلَنِي‬


‫ان فَ َسلَّ َم َعلَ ْيَنا‪ ،‬ثَُّم َ‬
‫الم ِفي اْل ِغْل َم ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫س قال‪ْ { :‬انتَهَى ِإلَْيَنا َر ُسو ُل الله صلى اهلل عليه وسلم َو ََأنا ُغ ٌ‬ ‫وفي رواية عن ََأن ٍ‬
‫ت ِإلَ ْي ِه } [رواه أبو داود في كتاب األدب من سننه‪ ،‬باب في السالم‬ ‫بِ ِر َسالَ ٍة َوقَ َع َد ِفي ِظ ِّل ِج َدار‪َْ -‬أو قَا َل ِإلَى ِج َدار ‪َ -‬حتَّى َر َج ْع ُ‬
‫على الصبيان]‪.‬‬

‫اء َنبِ ُّي‬


‫ت‪َ :‬ما َج َ‬ ‫ت فَِإ َذا ََأنا بَِنبِ ِّي اللَّ ِه صلى اهلل عليه وسلم َخْلِفي ُم ْقبِالً فَ ُقْل ُ‬ ‫َأس َعى َم َع اْل ِغْل َم ِ‬
‫ان فَاْلتَفَ ُّ‬ ‫الما ْ‬
‫ت ُغ ً‬ ‫وعن ْابن َعب ٍ‬
‫َّاس قال‪ُ { :‬ك ْن ُ‬
‫طَأةً‬‫طَأنِي َح ْ‬ ‫َأخ َذ بِقَفَ َ‬
‫اي فَ َح َ‬ ‫ال‪َ :‬فلَ ْم َأ ْش ُع ْر َحتَّى تََن َاولَنِي فَ َ‬‫اب َدار‪ ،‬قَ َ‬‫اء َب ِ‬ ‫َأختَبَِئ َو َر َ‬ ‫ت َحتَّى ْ‬ ‫اللَّ ِه صلى اهلل عليه وسلم ِإال ِإلَ َّي‪ ،‬قَ َ‬
‫ال‪ :‬فَ َس َع ْي ُ‬
‫ت‪َ :‬أ ِج ْ‬
‫ب َنبِ َّي‬ ‫ت ُم َع ِاوَيةَ فَ ُقْل ُ‬ ‫ان َكاتَِبهُ فَ َس َع ْي ُ‬
‫ت فََأتَْي ُ‬ ‫ب فَ ْادعُ ِلي ُم َع ِاوَيةَ‪ .‬قَ َ‬
‫ال‪َ :‬و َك َ‬ ‫( ضربه بكفّه ضربة مالطفة ومداعبة ) فَقَا َل‪ :‬ا ْذ َه ْ‬
‫اج ٍة } [رواه اإلمام أحمد في مسند بني هاشم]‪.‬‬ ‫َّ ِ‬
‫الله صلى اهلل عليه وسلم فَِإ َّنهُ َعلَى َح َ‬

‫وهناك وسائل أخرى لتنمية الرجولة لدى األطفال منها‪:‬‬

‫(‪ )1‬تعليمه الجرأة في مواضعها ويدخل في ذلك تدريبه على الخطابة‪.‬‬

‫وقصات ال ّشعر والحركات والمشي‪ ،‬وتجنيبه لبس الحرير الذي‬


‫(‪ )2‬االهتمام بالحشمة في مالبسه وتجنيبه الميوعة في األزياء ّ‬
‫هو من طبائع النساء‪.‬‬

‫فإن ِّ‬
‫الن َعم ال تدوم‪.‬‬ ‫والراحة والبطالة‪،‬وقد قال عمر‪ :‬اخشوشنوا ّ‬
‫الدعة والكسل ّ‬
‫(‪ )3‬إبعاده عن التّرف وحياة ّ‬

‫للرجولة ومناقضة لصفة ال ِج ّد‪.‬‬


‫(‪ )4‬تجنيبه مجالس اللهو والباطل والغناء والموسيقى؛‪ i‬فإنها منافية ّ‬

‫الرجولة وتنميها في نفوس األطفال‪ ،‬واهلل الموفّق للصواب‪.‬‬


‫والسبل التي تزيد ّ‬
‫هذه طائفة من الوسائل ّ‬

‫[‪ ]74‬وسيلة لتربية األوالد‬

‫هناك سبل معينة على تربية األوالد‪ ،‬وأمور يجدر بنا مراعاتها‪ ،‬وينبغي لنا سلوكها مع فلذات األكباد‪ ،‬فمن ذلك ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬العناية باختيار الزوجة الصالحة ‪ :‬فال يليق باإلنسان أن يقدم على الزواج إال بعد استخارة اهلل‪ -‬عز وجل‪ -‬واستشارة أهل‬
‫الخبرة والمعرفة؛ فالزوجة هي أم األوالد‪ ،‬وسينشئون على أخالقها وطباعها‪ ،‬ثم إن لها‪ -‬في الغالب‪ -‬تأثيرا على الزوج نفسه؛‬
‫لذلك قيل ‪" :‬المرء على دين زوجته؛ لما يستنزله الميل إليها من المتابعة‪ ،‬ويجتذبه الحب لها من الموافقة‪ ،‬فال يجد إلى المخالفة‬
‫سبيال‪ ،‬وال إلى المباينة والمشاقة طريقا"‪.‬‬
‫قال أكثم بن صيفي لولده ‪" :‬يا بني ال يحملنكم جمال النساء عن صراحة النسب؛ فإن المناكح الكريمة مدرجة للشرف"‪.‬‬
‫وقال أبو األسود الدؤلي لبنيه ‪" :‬قد أحسنت إليكم صغارا وكبارا‪ ،‬وقبل أن تولدوا‪ ،‬قالوا ‪ :‬وكيف أحسنت إلينا قبل أن نولد؟ قال ‪:‬‬
‫اخترت لكم من األمهات من ال تسبون بها"‪ .‬وأنشد الرياشي ‪:‬‬
‫فأول إحساني إليكم تخيري *** لماجدة األعراق باب عفافها‬
‫‪ -2‬سؤال اهلل الذرية الصالحة ‪ :‬فهذا العمل دأب األنبياء والمرسلين‪ ،‬وعباد اهلل الصالحين كما قال‪ -‬تعالى‪ -‬في زكريا‪ -‬عليه‬
‫‪33‬‬
‫الدع ِ‬ ‫طيِّبةً ِإَّن َ ِ‬ ‫ب ِلي ِم ْن لَ ُد ْن َ‬
‫اء} [آل عمران ‪.]38 :‬‬ ‫ك َسميعُ ُّ َ‬ ‫ك ُذِّرَّيةً َ َ‬ ‫{ر ِّ‬
‫ب َه ْ‬ ‫السالم‪َ -‬‬
‫ين ِإ َماماً}‬ ‫َأعي ٍن و ْ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكما حكى عن الصالحين أن من صفاتهم أنهم يقولون ‪{ :‬ربََّنا َه ْ ِ‬
‫اج َعْلَنا لْل ُمتَّق َ‬ ‫ب لََنا م ْن َْأز َواجَنا َو ُذِّريَّاتَنا قَُّرةَ ْ ُ َ‬ ‫َ‬
‫[الفرقان ‪.]74 :‬‬
‫‪ -3‬الفرح بمقدم األوالد‪ ،‬والحذر من تسخطهم ‪ :‬فاألوالد هبة من اهلل‪ -‬عر وجل‪ -‬والالئق بالمسلم أن يفرح بما وهبه اهلل‪ ،‬سواء‬
‫كان ذلك ذكرا أم أنثى‪ ،‬وال ينبغي للمسلم أن يتسخط بمقدمهم‪ ،‬أو أن يضيق بهم ذرعاً‪ ،‬أو أن يخاف أن يثقلوا كاهله بالنفقات؛‬
‫{ن ْح ُن َن ْر ُزقُهُ ْم َوِإ يَّا ُك ْم} [اإلسراء ‪.]31 :‬‬
‫فاهلل‪ -‬عز وجل‪ -‬هو الذي تكفل برزقهم كما قال‪ -‬سبحانه وتعالى‪َ -‬‬
‫كما يحرم على المسلم أن يتسخط بالبنات‪ ،‬ويحزن لمقدمهن‪ ،‬فما أجدره بالبعد عن ذلك؛ حتى يسلم من التشبه بأخالق الجاهلية‪،‬‬
‫وينجو من االعتراض على قدر اهلل‪ ،‬ومن رد هبته – عز وجل –‪.‬‬
‫ففضل البنات ال يخفى‪ ،‬فهن البنات‪ ،‬وهن األخوات‪ ،‬وهن الزوجات‪ ،‬وهن األمهات‪ ،‬وهن – كما قيل – نصف المجتمع‪ ،‬ويلدن‬
‫النصف اآلخر‪ ،‬فهن المجتمع بأكمله‪.‬‬
‫ومما يدل على فضلهن – أن اهلل – عز وجل – سمى إتيانهن هبة‪ ،‬وقدمهن على الذكور‪ ،‬فقال – عز وجل – ‪{ِ :‬للَّ ِه ُمْل ُ‬
‫ك‬
‫ور} [ الشورى ‪.]49 :‬‬ ‫ق ما ي َشاء يهب ِلم ْن ي َشاء ِإَناثاً ويهب ِلم ْن ي َش ُّ‬ ‫اَأْلر ِ‬ ‫ِ‬
‫اء الذ ُك َ‬
‫َََ ُ َ َ ُ‬ ‫ض َي ْخلُ ُ َ َ ُ َ َ ُ َ َ ُ‬ ‫َّم َاوات َو ْ‬
‫الس َ‬
‫وقال – عليه الصالة والسالم – ‪ " :‬من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن ستراً له من النار"‪.‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم ‪ " :‬ال يكون ألحد ثالث بنات‪ ،‬أو ثالث أخوات‪ ،‬أو بنتان أو أختان‪ ،‬فيتقي اهلل فيهن‪ ،‬ويحسن إليهن إال‬
‫دخل الجنة"‪.‬‬
‫‪ -4‬االستعانة باهلل على تربيتهم ‪ :‬فإذا أعان اهلل العبد على أوالده‪ ،‬وسدده ووفقه‪ -‬أفلح وأنجح‪ ،‬وإ ن خذل ووكل إلى نفسه‪ -‬فإنه‬
‫سيخسر ويكون عمله وباال عليه‪ ،‬كما قيل ‪:‬‬
‫إذا صح عون الخالق المرء لم يجد *** عسيرا من اآلمال إال ميسرا‬
‫وكما قيل ‪:‬‬
‫إذا لم يكن عون من اهلل للفتى *** فأول ما يجني على اجتهاده‬
‫‪ -5‬الدعاء لألوالد‪ ،‬وتجنب الدعاء عليهم ‪ :‬فإن كانوا صالحين دعي لهم بالثبات والمزيد‪ ،‬وإ ن كانوا طالحين دعي لهم بالهداية‬
‫والتسديد‪.‬‬
‫والحذر كل الحذر من الدعاء عليهم؛ فإنهم إذا فسدوا وانحرفوا‪ -‬فإن الوالدين أول من يكتوي بذلك‪.‬‬
‫‪ -6‬تسميتهم بأسماء حسنة ‪ :‬فالذي يجدر بالوالدين أن يسموا أوالدهم أسماء إسالمية عربية حسنة‪ ،‬وأن يحذروا من تسميتهم‬
‫باألسماء الممنوعة‪ ،‬أو األسماء المكروهة‪ ،‬أو المشعرة بالقبح‪ ،‬فاألسماء تستمر مع األبناء طيلة العمر‪ ،‬وتؤثر بهم‪ ،‬وبأخالقهم‪.‬‬
‫قال ابن القيم‪ -‬رحمه اهلل‪" : -‬فقل أن ترى اسماً قبيحاً إال وهو على مسمى قبيح كما قيل ‪:‬‬
‫وقل أن أبصرت عيناك ذا لقب *** إال ومعناه لو فكرت في لقبه‬
‫واهلل‪ -‬سبحانه‪ -‬بحكمته في قضائه وقدره يلهم النفوس أن تضع األسماء على حسب مسمياتها؛ لتناسب حكمته‪ -‬تعالى‪ -‬بين‬
‫اللفظ ومعناه كما تناسبت بين األسباب ومسبباتها‪.‬‬
‫قال أبو الفتح ابن جني ‪ :‬ولقد مر بي دهر وأنا أسمع االسم ال أدري معناه‪ ،‬فآخذ معناه من لفظه‪ ،‬ثم أكتشفه‪ ،‬فإذا هو ذلك بعينه‪ ،‬أو‬
‫قريب منه‪.‬‬
‫فذكرت ذلك لشيخ اإلسالم ابن تيمية‪ -‬رحمه اهلل‪ -‬فقال ‪ :‬وأنا يقع لي كثيرا"‪.‬‬
‫وقال ابن القيم‪ -‬رحمه اهلل‪" : -‬وبالجملة فاألخالق واألعمال‪ ،‬واألفعال القبيحة‪ -‬تستدعي أسماء تناسبها‪ ،‬وأضدادها تستدعي‬
‫أسماء تناسبها‪ ،‬وكما أن ذلك ثابت في أسماء األوصاف فهو كذلك في أسماء األعالم‪ ،‬وما سمي رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬

‫‪34‬‬
‫محمداً وأحمد إال لكثرة خصال الحمد فيه؛ ولهذا كان لواء الحمد بيده‪ ،‬وأمته الحمادون‪ ،‬وهو أعظم الخلق حمدا لربه‪ -‬تعالى‪-‬‬
‫لهذا أمر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بتحسين األسماء فقال ‪" :‬حسنوا أسماءكم "؟ فإن صاحب االسم الحسن قد يستحي من‬
‫اسمه‪ ،‬وقد يحمله اسمه على فعل ما يناسبه‪ ،‬وترك ما يضاده؛ ولهذا ترى أكثر السفل أسماؤهم تناسبهم‪ ،‬وأكثر العلية أسماؤهم‬
‫تناسبهم‪ ،‬وباهلل التوفيق"‪.‬‬
‫قال الشيخ العالمة بكر أبو زيد‪ -‬حفظه اهلل‪" : -‬فعلى المسلمين عامة‪ ،‬وعلى أهل هذه الجزيرة العربية خاصة‪ -‬العناية في تسمية‬
‫مواليدهم بما ال ينابذ الشريعة بوجه‪ ،‬وال يخرج عن سنن لغة العرب؛ حتى إذا أتى إلى بالدهم الوافد‪ ،‬أو خرج منها القاطن‪ -‬فال‬
‫يسمع اآلخرون إال ‪ :‬عبد اهلل‪ ،‬وعبد الرحمن‪ ،‬ومحمد‪ ،‬وأحمد‪ ،‬وعائشة‪ ،‬وفاطمة‪ ،‬وهكذا من األسماء الشرعية في قائمة يطول‬
‫ذكرها زخرت بها كتب السير والتراجم‪.‬‬
‫أما تلك األسماء األعجمية المولدة ألمم الكفر المرفوضة لغة وشرعا‪ ،‬والتي قد بلغ الحال من شدة الشغف بها التكني بأسماء‬
‫اإلناث منها‪ ،‬وهذه معصية المجاهرة مضافة إلى معصية التسمية بها‪ -‬فاللهم ال شماتة‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬إنديرا‪ ،‬جاكلين‪ ،‬ديانا‪ ،‬سوزان‪ -‬ومعناها اإلبرة‪ ،‬أو المحرقة‪ -‬فالي‪ ،‬فكتوريا‪ ،‬كلوريا‪ ،‬الرا‪ ،‬لندا‪ ،‬مايا‪ ،‬منوليا‪ ،‬هايدي‪،‬‬
‫يارا‪.‬‬
‫وتلك األسماء األعجمية فارسية أو تركية‪ ،‬أو بربرية ‪ :‬مرفت‪ ،‬جودت‪ ،‬حقي‪ ،‬فوزي‪ ،‬شيرهان‪ ،‬شيرين‪ ،‬نيفين‪.‬‬
‫وتلك التافهة الهمل ‪ :‬زوزو‪ ،‬فيفي‪ ،‬ميمي‪.‬‬
‫وتلك األسماء الغرامية الرخوة المتخاذلة ‪ :‬أحالم‪ ،‬أريج‪ ،‬تغريد‪ ،‬غادة‪ ،‬فاتن‪ ،‬هيام"‪.‬‬
‫وما أجمل قول البيحاني في منظومته ‪:‬‬
‫سم الذي جئت به محمدا *** أو طاهرا أو مصطفى أو أحمدا‬
‫نعم وإ ن شئت فعبد اهلل *** لكي يعيش تحت لطف اهلل‬
‫والبنت سميها بأم هاني *** ال باسم فيروز وال اسمهان‬
‫‪ -7‬تكنيتهم بكنى طيبة في الصغر ‪ :‬كأن يكنى الولد بأبي عبد اهلل‪ ،‬أو أبي أحمد أو غير ذلك؛ حتى ال تسبق إليهم األلقاب السيئة‪،‬‬
‫فتستمر معهم طيلة العمر؛ فقد كان السلف الصالح يكنون أوالدهم وهم صغار‪ ،‬فتبقى معهم هذه الكنى حتى فراق الدنيا‪ ،‬وكتب‬
‫التراجم والسير زاخرة بذلك‪.‬‬
‫‪ -8‬غرس اإليمان والعقيدة الصحيحة في نفوس األوالد ‪ :‬فمما يجب‪ -‬بل هو أوجب شيء على الوالدين‪ -‬أن يحرصوا كل‬
‫الحرص‪ ،‬على هذا األمر‪ ،‬وأن يعاهدوه بالسقي والرعاية‪ ،‬كأن يعلم الوالد أوالده منذ الصغر أن ينطقوا بالشهادتين‪ ،‬وأن‬
‫يستظهروها‪ ،‬وينمي في قلوبهم محبة اهلل‪ -‬عز وجل‪ -‬وأن ما بنا من نعمة فمنه وحده‪ ،‬ويعلمهم‪ -‬أيضا‪ -‬أن اهلل في السماء‪ ،‬وأنه‬
‫سميع بصير‪ ،‬ليس كمثله شيء‪ ،‬إلى غير ذلك من أمور العقيدة‪ ،‬وهكذا يوجههم إذا كبروا إلى قراءة كتب العقيدة المناسبة لهم‪.‬‬
‫‪ -9‬غرس القيم الحميدة والخالل الكريمة في نفوسهم ‪ :‬يحرص الوالد على تربيتهم على التقوى‪ ،‬والحلم‪ ،‬والصدق‪ ،‬واألمانة‪،‬‬
‫والعفة‪ ،‬والصبر‪ ،‬والبر‪ ،‬والصلة‪ ،‬والجهاد‪ ،‬والعلم؛ حتى يشبوا متعشقين للبطولة‪ ،‬محبين لمعالي األمور‪ ،‬ومكارم األخالق‪.‬‬
‫‪ -10‬تجنيبهم األخالق الرذيلة‪ ،‬وتقبيحها في نفوسهم ‪ :‬فيكره الوالد لهم الكذب‪ ،‬والخيانة‪ ،‬والحسد‪ ،‬والحقد‪ ،‬والغيبة‪ ،‬والنميمة‪،‬‬
‫واألخذ من اآلخرين‪ ،‬وعقوق الوالدين‪ ،‬وقطيعة األرحام‪ ،‬والجبن‪ ،‬واألثرة‪ ،‬وغيرها من سفاسف األخالق ومرذولها؛ حتى ينشأوا‬
‫مبغضين لها‪ ،‬نافرين منها‪.‬‬
‫‪ -11‬تعليمهم األمور المستحسنة‪ ،‬وتدريبهم عليها ‪ :‬كتشميت العاطس‪ ،‬وكتمان التثاؤب‪ ،‬واألكل باليمين‪ ،‬وآداب قضاء الحاجة‪،‬‬
‫وآداب السالم ورده‪ ،‬وآداب الرد على الهاتف‪ ،‬واستقبال الضيوف‪ ،‬والتكلم بالعربية وغير ذلك‪.‬‬
‫فإذا تدرب الولد على هذه اآلداب واألخالق‪ ،‬واألمور المستحسنة منذ الصغر‪ -‬ألفها وأصبحت سجية له؛ فما دام أنه في الصبا‬

‫‪35‬‬
‫فإنه يقبل التعليم والتوجيه‪ ،‬ويشب على ما عود عليه كما قيل ‪:‬‬
‫وينشأ ناشئ الفتيان منا *** على ما كان عوده أبوه‬
‫وكما قيل ‪:‬‬
‫إن الغصون إذا قومتها اعتدلت *** وال يلين إذا قومته الخشب‬
‫وكما قال صالح بن عبد القدوس ‪:‬‬
‫وإ ن من أدبته في الصبا *** كالعود يسقى الماء في غرسه‬
‫حتى تراه ناضرا مورقاً *** بعد الذي قد كان من يبسه‬
‫‪ -12‬الحرص على استعمال العبارات المقبولة الطيبة مع األوالد‪ ،‬والبعد عن العبارات المرذولة السيئة ‪ :‬فمما ينبغي للوالدين‬
‫مراعاته أن يحرصا على انتقاء العبارات الحسنة المقبولة الطيبة‪ ،‬البعيدة عن اإلسفاف في مخاطبة األوالد‪ ،‬وأن يربأوا بأنفسهم‬
‫عن السب‪ ،‬والشتم‪ ،‬واللجاج وغير ذلك من العبارات البذيئة المقذعة‪.‬‬
‫فإذا أعجب الوالدين شيء من عمل األوالد‪ -‬على سبيل المثال‪ -‬قاال ‪ :‬ما شاء اهلل‪ ،‬وإ ذا رأيا ما يثير االهتمام قاال ‪ :‬سبحان اهلل‪،‬‬
‫اهلل اكبر‪ ،‬وإ ذا أحسن األوالد قاال لهم ‪ :‬بارك اهلل فيكم‪ ،‬أحسنتم‪ ،‬وإ ذا أخطأوا قاال ‪ :‬ال يا بني‪ ،‬ما هكذا‪ ،‬إلى غير ذلك من العبارات‬
‫المقبولة الحسنة؛ حتى يألف األوالد ذلك‪ ،‬فتعف ألسنتهم عن السباب والتفحش‪.‬‬
‫‪ -13‬الحرص على تحفيظ األوالد كتاب اهلل ‪ :‬فهذا العمل من أجل األعمال التي يمكن أن يقوم بها الوالدان؛ فاالشتغال بحفظه‪،‬‬
‫والعمل به اشتغال بأعلى المطالب‪ ،‬وأشرف المواهب‪ ،‬ثم إن فيه حفظاً ألوقاتهم‪ ،‬وحماية لهم من الضياع واالنحراف‪ ،‬فإذا حفظوا‬
‫القرآن أثر ذلك في سلوكهم وأخالقهم‪ ،‬وفجر ينابيع الحكمة في قلوبهم‪.‬‬
‫‪ -14‬تحصينهم باألذكار الشرعية ‪ :‬وذلك بإلقائها إليهم إن كانوا صغارا‪ ،‬وتحفيظهم إياها إن كانوا مميزين‪ ،‬وتبيين فضلها‪،‬‬
‫وتعويدهم على االستمرار عليها‪.‬‬
‫‪ -15‬الحرص على مسألة التربية بالقدوة ‪ :‬فهذه مسألة مهمة‪ ،‬فينبغي للوالدين أن يكونا قدوة لألوالد في الصدق‪ ،‬واالستقامة‪،‬‬
‫وغير ذلك‪ ،‬وأن يتمثال ما يقوالنه‪.‬‬
‫ومن األمور المستحسنة في ذلك أن يقوم الوالدان بالصالة أمام األوالد؛ حتى يتعلم األوالد الصالة عملياً من الوالدين‪ ،‬وهذا من‬
‫والحكم التي شرعت ألجلها صالة النافلة في البيت‪.‬‬
‫ومن ذلك كظم الغيظ‪ ،‬وحسن استقبال الضيوف‪ ،‬وبر الوالدين‪ ،‬وصلة األرحام‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫‪ -16‬الحذر من التناقض ‪ :‬فال يليق بالوالدين أن يأمرا األوالد بأمر ثم يعمال بخالفه‪ ،‬فالتناقض‪ -‬كما مر‪ -‬يفقد النصائح أثرها‪.‬‬
‫‪ -17‬الوفاء بالوعد ‪ :‬وهو داخل فيما مضى إال أنه أفرد ألهميته‪ ،‬ولكثرة وقوع الناس في الخلف فيه‪ ،‬فكثير من الوالدين إذا أراد‬
‫التخلص من إحراج أحد األوالد‪ -‬وعده بالوعود الكثيرة‪ ،‬فيعده بشراء الحلوى‪ ،‬أو بالذهاب إلى الحديقة‪ ،‬أو بشراء دراجة‪ ،‬أو‬
‫غير ذلك‪ ،‬وربما ال يقوم الوالد بذلك أبدا‪ ،‬مما يجعل الولد ينشأ على إلف ذلك الخلق الرذيل‪.‬‬
‫فالذي يليق بالوالد‪ ،‬بل ويجب عليه إذا وعد أحدا من أبنائه وعدا‪ -‬أن يتمه ويفي به‪ ،‬وإ ن حال بينه وبين إتمامه حائل اعتذر من‬
‫الولد‪ ،‬وبين له مسوغات ذلك‪.‬‬
‫‪ -18‬إبعاد المنكرات وأجهزة الفساد عن األوالد ‪ :‬فمما يجب على الوالد تجاه أوالده أن يحميهم من المنكرات‪ ،‬وأن يطهر بيته‬
‫منها‪ ،‬حتى يحافظ على سالمة فطر األوالد‪ ،‬وعقائدهم‪ ،‬وأخالقهم‪.‬‬
‫‪ -19‬إيجاد البدائل المناسبة لألوالد ‪ :‬فكما أنه يجب على الوالدين إبعاد المنكرات فكذلك يجدر بهم أن يوجدوا البدائل المناسبة‬
‫المباحة‪ ،‬سواء من األلعاب‪ ،‬أو األجهزة التي تجمع بين المتعة والفائدة‪ ،‬حتى يجد األوالد ما يشغلون به وقت فراغهم‪.‬‬
‫‪ -20‬تجنيبهم أسباب االنحراف الجنسي ‪ :‬وذلك بإبعاد أجهزة الفساد عنهم‪ ،‬وتجنيبهم مطالعة القصص الغرامية‪ ،‬والمجالت‬

‫‪36‬‬
‫الخليعة‪ ،‬التي يروج لها تجار الغرائز واألعراض‪ ،‬وعدم السماح لهم بسماع األغاني‪ ،‬أو اإلطالع على الكتب الجنسية التي تبحث‬
‫في التناسليات صراحة‪ ،‬وتشعل مخازن البارود الكامنة فيهم‪.‬‬
‫‪ -21‬تجنيبهم الزينة الفارهة والميوعة القاتلة ‪ :‬فينبغي للوالد أن يمنع أوالده من اإلفراط في التجمل‪ ،‬والمبالغة في التأنق‬
‫والتطيب‪ ،‬وأن ينهاهم عن التعري والتكشف‪ ،‬والتشبه بأعداء اهلل الكافرين؛ ألن هذه األعمال تتسبب في قتل مروءتهم‪ ،‬وإ فساد‬
‫طباعهم‪ ،‬وتقود إلى إغواء اآلخرين وفتنتهم‪ ،‬وتدعو إلى جر األوالد إلى الفاحشة والرذيلة‪ ،‬خصوصاً إذا كانوا صغارا‪ ،‬أو ذوي‬
‫منظر حسن‪.‬‬
‫‪ -22‬تعويدهم على الخشونة والرجولة‪ ،‬والجد واالجتهاد‪ ،‬وتجنيبهم الكسل والبطالة والراحة والدعة ‪ :‬فال يليق باألب أن يعود‬
‫أوالده على الكسل والراحة والبطالة والدعة‪ ،‬بل عليه أن يأخذهم بأضدادها‪ ،‬وال يريحهم إال بما يجم أنفسهم للشغل‪ ،‬فإن للكسل‬
‫والبطالة عواقب سوء‪ ،‬ومغبة ندم‪ ،‬وللجد والتعب عواقب حميدة إما في الدنيا‪ ،‬وإ ما في العقبى‪ ،‬وإ ما فيهما؛ فأروح الناس أتعب‬
‫الناس‪ ،‬وأتعب الناس أروح الناس‪ ،‬فالسيادة في الدنيا والسعادة في العقبى‪ -‬ال يوصل إليها إال على جسر من التعب‪.‬‬
‫فالراحة تعقبها الحسرة‪ ،‬والتعب يعقب الراحة‪ ،‬وصدق من قال ‪:‬‬
‫بصرت بالراحة الكبرى فلم أرها *** تنال إال على جسر من التعب‬
‫‪ -23‬ومما ينبغي في ذلك تعويدهم االنتباه آخر الليل ‪ :‬فإنه وقت الغنائم‪ ،‬وتفريق الجوائز‪ ،‬فمستقل‪ ،‬ومستكثر‪ ،‬ومحروم‪ ،‬فمن‬
‫اعتاده صغيرا سهل عليه كبيرا‪.‬‬
‫‪ -24‬تجنيبهم فضول الطعام‪ ،‬والكالم‪ ،‬والمنام‪ ،‬ومخالطة األنام ‪ :‬فإن الخسارة في هذه الفضالت‪ ،‬وهي تفوت على العبد خير‬
‫دنياه وآخرته‪ ،‬ولهذا قيل ‪ :‬من أكل كثيرا شرب كثيرا؛ فنام كثيرا‪ ،‬فخسر كثيرا‪.‬‬
‫‪ -25‬تشويقهم للذهاب إلى المسجد صغارا وحملهم على الصالة فيه كبارا ‪ :‬كأن يعمد الوالد إلى تشويق أوالده للذهاب للمسجد‬
‫قبل تمام السابعة من أعمارهم‪ ،‬فيشوقهم قبل ذلك بأسبوع بأنه سيذهب بالولد إلى المسجد‪ ،‬ثم يذهب به‪ ،‬ويحرص على ضبطه‬
‫فيه‪ ،‬وال يسمح له بأن يكثر الحركة ويشغل المصلين‪ ،‬أما إذا كبروا فإنه يجب عليه أن يقوم عليهم‪ ،‬وأن يأمرهم بالصالة في‬
‫المسجد مع جماعة المسلمين‪ ،‬وأن يحرص على هذا األمر‪ ،‬ويصطبر عليه‪.‬‬
‫ك َواْل َع ِاقَبةُ ِللتَّ ْق َوى} [طه ‪.]132 :‬‬ ‫طبِ ْر َعلَ ْيهَا ال َن ْسَألُ َ‬
‫ك ِر ْزقاً َن ْح ُن َن ْر ُزقُ َ‬ ‫اص َ‬ ‫ِ‬
‫ك بِالصَّالة َو ْ‬
‫َأهلَ َ‬
‫ْأم ْر ْ‬
‫{و ُ‬‫قال اهلل‪ -‬تعالى‪َ : -‬‬
‫‪ -26‬مراقبة ميول الولد‪ ،‬وتنمية مواهبه‪ ،‬وتوجيهه لما يناسبه ‪ :‬بحيث يجد في المنزل ما ينمي مواهبه ويصقلها‪ ،‬ويعدها للبناء‬
‫واإلفادة‪ ،‬ويجد من يوجهه إلى ما يناسبه ويالئمه‪.‬‬
‫قال ابن القيم‪ -‬رحمه اهلل تعالى‪" : -‬ومما ينبغي أن يعتمد حال الصبي‪ ،‬وما هو مستعد له من األعمال‪ ،‬ومهيأ له منها‪ ،‬فيعلم أنه‬
‫مخلوق له‪ ،‬فال يحمله على غيره ما كان مأذونا فيه شرعا؛ فإنه إن حمله على غير ما هو مستعد له‪ -‬لم يفلح فيه‪ ،‬وفاته ما هو‬
‫مهيأ له‪ ،‬فإذا رآه حسن الفهم‪ ،‬صحيح اإلدراك‪ ،‬جيد الحفظ‪ ،‬واعياً‪ -‬فهذه عالمات قبوله‪ ،‬وتهيئه للعلم؛ لينقشه في لوح قلبه ما دام‬
‫خالياً‪ ،‬وإ ن رآه مياالً للتجارة والبيع والشراء أو ألي صنعة مباحة‪ -‬فليمكنه منها؛ فكل ميسر لما خلق له "‪.‬‬
‫‪ -27‬تنمية الجرأة األدبية في نفس الولد ‪ :‬وذلك بإشعاره بقيمته‪ ،‬وزرع الثقة في نفسه؛ حتى يعيش كريما شجاعا صريحا جريئا‬
‫في آرائه‪ ،‬في حدود األدب واللياقة‪ ،‬بعيدا عن اإلسفاف والصفاقة؛ فهذا مما يشعره بالطمأنينة‪ ،‬ويكسبه القوة واالعتبار‪ ،‬بدال من‬
‫التردد‪ ،‬والخوف‪ ،‬والهوان‪ ،‬والذلة‪ ،‬والصغار‪.‬‬
‫‪ -28‬استشارة األوالد ‪ :‬كاستشارتهم ببعض األمور المتعلقة بالمنزل أو غير ذلك‪ ،‬واستخراج ما لديهم من أفكار‪ ،‬كأخذ رأيهم في‬
‫أثاث المنزل‪ ،‬أو لون السيارة التي سيشتريها األب‪ ،‬أو أخذ رأيهم في مكان الرحلة أو موعدها‪ ،‬ثم يوازن الوالد بين آرائهم‪،‬‬
‫ويطلب من كل واحد منهم أن يبدي مسوغاته‪ ،‬وأسباب اختياره لهذا الرأي‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫ومن ذلك إعطاؤهم الحرية في اختيار حقائبهم‪ ،‬أو دفاترهم‪ ،‬أو ما شاكل ذلك؛ فإن كان ثم محذور شرعي فيما يختارونه بينه لهم‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫فكم في هذا العمل من زرع للثقة في نفوس األوالد‪ ،‬وكم فيه من إشعار لهم بقيمتهم‪ ،‬وكم فيه من تدريب لهم على تحريك أذهانهم‪،‬‬
‫وشحذ قرائحهم‪ ،‬وكم فيه من تعويد لهم على التعبير عن آرائهم‪.‬‬
‫‪ -29‬تعويد الولد على القيام ببعض المسؤوليات ‪ :‬كاإلشراف على األسرة في حالة غياب ولي األمر‪ ،‬وكتعويده على الصرف‪،‬‬
‫واالستقاللية المالية‪ ،‬وذلك بمنحه مصروفا ماليا كل شهر أو أسبوع؛ ليقوم بالصرف منه على نفسه وبيته‪.‬‬
‫‪ -30‬تعويد األوالد على المشاركة االجتماعية ‪ :‬وذلك بحثهم على المساهمة في خدمة دينهم‪ ،‬وإ خوانهم المسلمين‪ ،‬إما بالجهاد في‬
‫سبيل اهلل‪ ،‬أو بالدعوة إلى اهلل‪ ،‬أو إغاثة الملهوفين‪ ،‬أو مساعدة الفقراء والمحتاجين‪ ،‬أو التعاون مع جمعيات البر‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ -31‬التدريب على اتخاذ القرار ‪ :‬كأن يعمد األب إلى وضع االبن في مواضع التنفيذ‪ ،‬وفي المواقف المحرجة‪ ،‬التي تحتاج إلى‬
‫حسم األمر‪ ،‬والمبادرة في اتخاذ القرار‪ ،‬وتحفل ما يترتب عليه‪ ،‬فإن أصاب شجعه وشد على يده‪ ،‬وإ ن أخطأ قومه وسدده بلطف؛‬
‫فهذا مما يعوده على مواجهة الحياة‪ ،‬والتعامل مع المواقف المحرجة‪.‬‬
‫‪ -32‬فهم طبائع األوالد ونفسياتهم ‪ :‬وهذه المسألة تحتاج إلى شيء من الذوق‪ ،‬وسبر الحال‪ ،‬ودقة النظر‪.‬‬
‫وإ ذا وفق المربي لتلك األمور‪ ،‬وعامل أوالده بذلك المقتضى‪ -‬كان حريا بأن يحسن تربيتهم‪ ،‬وأن يسير بهم على الطريقة المثلى‪.‬‬
‫‪ -33‬تقدير مراحل العمر لألوالد ‪ :‬فالولد يكبر‪ ،‬وينمو تفكيره‪ ،‬فال بد أن تكون معاملته مالئمة لسنه وتفكيره واستعداده‪ ،‬وأال‬
‫يعامل على أنه صغير دائما‪ ،‬وال يعامل‪ -‬أيضا‪ -‬وهو صغير على أنه كبير؛ فيطالب بما يطالب به الكبار‪ ،‬ويعاتب كما يعاتبون‪،‬‬
‫ويعاقب كما يعاقبون‪.‬‬
‫‪ -34‬تالفي مواجهة األوالد مباشرة ‪ :‬وذلك قدر المستطاع خصوصا في مرحلة المراهقة‪ ،‬بل ينبغي أن يقادوا عبر اإلقناع‪،‬‬
‫والمناقشة الحرة‪ ،‬والحوار الهادئ البناء‪ ،‬الذي جمع بين العقل والعاطفة‪.‬‬
‫‪ -35‬الجلوس مع األوالد ‪ :‬فمما ينبغي لألب‪ -‬مهما كان له من شغل‪ -‬أن يخصص وقتا يجلس فيه مع األوالد‪ ،‬يؤنسهم فيه‪،‬‬
‫ويسليهم‪ ،‬ويعلمهم ما يحتاجون إليه‪ ،‬ويقص عليهم القصص الهادفة؛ ألن اقتراب الولد من أبويه ضروري جدا؛ وله آثاره‬
‫الواضحة‪ ،‬فهذا أمر مجرب؛ فاآلباء الذين يقتربون من أوالدهم؛ ويجلسون معهم‪ ،‬ويمازحونهم‪ -‬يجدون ثمار ذلك على أوالدهم‪،‬‬
‫حيث تستقر أحوال األوالد‪ ،‬وتهدأ نفوسهم‪ ،‬وتستقيم طباعهم‪.‬‬
‫أما اآلباء الذين تشغلهم الدنيا عن أوالدهم‪ -‬فإنهم يجدون غب ذلك على األوالد‪ ،‬فينشأ األوالد وقد اسودت الدنيا أمامهم‪ ،‬ال‬
‫يعرفون مواجهة الحياة‪ ،‬فيتنكبون الصراط‪ ،‬ويحيدون عن جادة الصواب‪ ،‬وربما تسبب ذلك في كراهية األوالد للوالدين‪ ،‬وربما‬
‫قادهم ذلك إلى الهروب من المنزل‪ ،‬واالنحدار في هاوية الفساد‪.‬‬
‫‪ -36‬العدل بين األوالد ‪ :‬فما قامت السماوات واألرض إال بالعدل‪ ،‬وال يمكن أن تستقيم أحوال الناس إال بالعدل؛ فمما يجب على‬
‫الوالدين تجاه أوالدهم أن يعدلوا سنهم‪ ،‬وأن يتجنبوا تفضيل بعضهم على بعض‪ ،‬سواء في األمور المادية كالعطايا والهدايا‬
‫والهبات‪ ،‬أو األمور المعنوية‪ ،‬كالعطف‪ ،‬والحنان‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫‪ -37‬إشباع عواطفهم ‪ :‬فمما ينبغي مراعاته مع األوالد إشباع عواطفهم‪ ،‬وإ شعارهم بالعطف‪ ،‬والرحمة‪ ،‬والحنان؛ حتى ال‬
‫يعيشوا محرومين من ذلك‪ ،‬فيبحثوا عنه خارج المنزل؛ فالكلمة الطيبة‪ ،‬واللمسة الحانية‪ ،‬والكلمة الصادقة‪ ،‬وما جرى مجرى ذلك‬
‫له أثره البالغ في نفوس األوالد‪.‬‬
‫‪ -38‬النفقة عليهم بالمعروف ‪ :‬وذلك بكفايتهم‪ ،‬والقيام على حوائجهم؛ حتى ال يضطروا إلى البحث عن المال خارج المنزل‪.‬‬
‫‪ -39‬إشاعة اإليثار بينهم ‪ :‬وذلك بتقوية روح التعاون بينهم‪ ،‬وتثبيت أواصر المحبة فيهم‪ ،‬وتعويدهم على السخاء‪ ،‬والشعور‬
‫باآلخرين‪ ،‬حتى ال ينشأ الواحد منهم فرديا ال هم له إال نفسه‪.‬‬
‫ثم إن تربيتهم على تلك الخالل تقضي على كثير من المشكالت التي تحدث داخل البيوت‪.‬‬
‫‪ -40‬اإلصغاء إليهم إذا تحدثوا وإ شعارهم بأهمية كالمهم ‪ :‬بدالً من االنشغال عنهم‪ ،‬واإلشاحة بالوجه وترك اإلنصات لهم‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫فالذي يجدر بالوالد إذا تحدث ولده‪ -‬خصوصا الصغير‪ -‬أن يصغي له تماما‪ ،‬وأن يبدي اهتمامه بحديثه‪ ،‬كأن تظهر عالمات‬
‫التعجب على وجهه‪ ،‬أو يبدي بعض األصوات أو الحركات التي تدل على اإلصغاء واالهتمام واإلعجاب‪ ،‬كأن يقول ‪ :‬رائع‪،‬‬
‫حسن‪ ،‬صحيح‪ ،‬أو أن يقوم بالهمهمة‪ ،‬وتحريك الرأس وتصويبه‪ ،‬وتصعيده‪ ،‬أو أن يجيب على أسئلته أو غير ذلك‪ ،‬فمثل هذا‬
‫العمل له آثار إيجابية كثيرة منها ‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن هذا العمل يعلم الولد الطالقة في الكالم‪.‬‬
‫ب‪ -‬يساعده على ترتيب أفكاره وتسلسلها‪.‬‬
‫ج‪ -‬يدربه على اإلصغاء‪ ،‬وفهم ما يسمعه من اآلخرين‪.‬‬
‫د‪ -‬أنه ينمي شخصية الولد‪ ،‬ويصقلها‪.‬‬
‫هـ‪ -‬يقوي ذاكرته‪ ،‬ويعينه على استرجاع ما مضى‪.‬‬
‫و‪ -‬يزيده قرباً من والده‪.‬‬
‫‪ -41‬تفقد أحوال األوالد‪ ،‬ومراقبتهم من بعد ‪ :‬ومن ذلك ما يلي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬مالحظتهم في أداء الشعائر التعبدية من صالة‪ ،‬ووضوء‪ ،‬ونحوها‪.‬‬
‫ب‪ -‬مراقبة الهاتف المنزلي‪.‬‬
‫ج‪ -‬النظر في جيوبهم وأدراجهم من حيث ال يشعرون‪ ،‬كأن ينظر في أدراجهم إذا ذهبوا للمدرسة‪ ،‬أو ينظر في جيوبهم إذا ناموا‪،‬‬
‫ثم يتصرف بعد ذلك بما يراه مناسبا‪.‬‬
‫د‪ -‬السؤال عن أصحابهم‪.‬‬
‫هـ‪ -‬مراقبة ما يقرؤونه‪ ،‬وتحذيرهم من الكتب التي تفسد أديانهم‪ ،‬وأخالقهم‪ ،‬وإ رشادهم إلى الكتب النافعة‪.‬‬
‫‪ -42‬إكرام الصحبة الصالحة للولد ‪ :‬وذلك بتشجيع الولد على صحبتهم‪ ،‬وحثه على االستمرار معهم‪ ،‬وبحسن استقبالهم إذا‬
‫زاروا الولد‪ ،‬بل والمبادرة إلى استزارتهم‪ ،‬وتهيئة ما يلزم لهم من تيسيرات مادية ومعنوية‪ ،‬كأن يكرمهم بما يالئمهم‪ ،‬ويحرص‬
‫على استقبالهم بالبشر والترحاب‪ ،‬ويشعرهم بقيمتهم‪ ،‬ويبادلهم أطراف الحديث‪ ،‬ويسألهم عن أحوالهم وأحوال ذويهم وأهليهم‪.‬‬
‫فهذه الصنيع يشعر األصحاب بمنزلتهم‪ ،‬ويشعر الولد بقيمته واعتباره‪ ،‬كما أنه حافز للولد على طاعة والديه واحترامهما‪ ،‬كما أنه‬
‫حافز له على التمسك بهؤالء‪ ،‬والبعد عن رفقة السوء‪.‬‬
‫أما النفور من الصحبة الصالحة للولد والجفاء في معاملتهم‪ -‬فال يليق‪ ،‬وال ينبغي؛ ألنه يشعر الولد بعدم قبولهم والرضا عنهم‪،‬‬
‫فيسعى لمقاطعتهم‪ ،‬أو يتخفى في عالقته بهم‪ ،‬أو يتركهم‪ ،‬فيقع فريسة ألصحاب السوء‪.‬‬
‫‪ -43‬مراعاة الحكمة في إنقاذ الولد من رفقة السوء ‪ :‬فال ينبغي للوالد أن يبادر إلى العنف واستعمال الشدة منذ البداية‪ ،‬فال يسارع‬
‫إلى إهانتهم أمام ولده‪ ،‬أو طردهم إذا زاروه ألول مرة‪ ،‬ألن الولد متعلق بهم‪ ،‬ومقتنع بصحبته لهم‪.‬‬
‫بل ينبغي لألب أن يتدرج في ذلك‪ ،‬فيبدأ بإقناع ولده بسوء صحبته‪ ،‬وضررهم عليه‪ ،‬ثم يقوم بعد ذلك بتهديده وتخويفه وإ شعاره‬
‫بأنه ساع لتخليصه منهم‪ ،‬وأنه سيذهب إلى أولياء أمورهم كي يبعدوا أبناءهم عنه‪ ،‬فإذا حذر ابنه وسلك معه ما يستطيع‪ ،‬وأعيته‬
‫الحيلة في ذلك‪ ،‬ورأى أن بقاءه معهم ضرر محقق‪ -‬فهناك يسعى لتخليصه منهم بما يراه مناسبا‪.‬‬
‫‪ -44‬التغافل ‪-‬ال الغفلة‪ -‬عن بعض ما يصدر من األوالد من عبث أو طيش ‪ :‬فذلك نمط من أنماط التربية‪ ،‬وهو مبدأ يأخذ به‬
‫العقالء في تعاملهم مع أوالدهم ومع الناس عموما؛‪ i‬فالعاقل ال يستقصي‪ ،‬وال يشعر من تحت يده أو من يتعامل معهم بأنه يعلم‬
‫عنهم كل صغيرة وكبيرة؛ ألنه إذا استقصى‪ ،‬وأشعرهم بأنه يعلم عنهم كل شيء ذهبت هيبته من قلوبهم‪.‬‬
‫ليس الغبي بسيد في قومه *** لكن سيد قومه المتغابي‬
‫ثم إن تغافله يعينه على تقديم النصح بقالب غير مباشر‪ ،‬من باب ‪ :‬إياك أعني واسمعي يا جاره‪ ،‬ومن باب ‪ :‬ما بال أقوام‪ .‬وربما‬

‫‪39‬‬
‫كان ذلك أبلغ وأوقع‪.‬‬
‫‪ -45‬البعد عن تضخيم األخطاء ‪ :‬فمما يجدر بالوالدين أن يأخذوا به؛ وأال يضخموا األخطاء‪ ،‬ويحطوها أكبر من حجمها‪ ،‬بل‬
‫عليهم أن ينزلوها منازلها‪ ،‬وأن يدركوا أنه ال يخلو أحد من األخطاء‪ ،‬فجميع البيوت تقع فيها األخطاء فمقل ومستكثر؛ فكسر‬
‫الزجاج‪ ،‬أو بعض األواني‪ ،‬أو العبث ببعض مرافق المنزل‪ ،‬ونحو ذلك‪ -‬ال يترتب عليه كبير فساد؛ فكل الناس يعانون من ذلك‪.‬‬
‫‪ -46‬اصطناع المرونة في التربية ‪ :‬فإذا اشتدت األم على الولد الن األب‪ ،‬وإ ذا عنف األب النت األم؛ فقد يقع الوالد‪ -‬على سبيل‬
‫المثال‪ -‬في خطأ فيؤنبه والده تأنيباً يجعله يتوارى؛ خوفاً من العقاب الصارم‪ ،‬فتأتي األم‪ ،‬وتطيب خاطره‪ ،‬وتوضح له خطأه‬
‫برفق‪ ،‬عندئذ يشعر الولد بأنهما على صواب‪ ،‬فيقبل من األب تأنبيه‪ ،‬ويحفظ لألم معروفها‪ ،‬والنتيجة أنه سيتجنب الخطأ مرة‬
‫أخرى‪.‬‬
‫‪ -47‬التربية بالعقوبة ‪ :‬فاألصل في تربيه األوالد لزوم الرفق واللين إال أن العقوبة قد يحتاج إليها المربي‪ ،‬بشرط أال تكون ناشئة‬
‫عن سورة جهل‪ ،‬أو ثورة غضب‪ ،‬وأال يلجأ إليها إال في أضيق الحدود‪ ،‬وأال يؤدب الولد على خطأ ارتكبه للمرة األولى‪ ،‬وأال‬
‫يؤدبه على خطأ أحدث له ألماً‪ ،‬وأال يكون أمام اآلخرين‪.‬‬
‫ومن أنواع العقوبة‪ -‬العقاب النفسي‪ ،‬كقطع المديح‪ ،‬أو إشعار الولد بعدم الرضا‪ ،‬أو توبيخه أو غير ذلك‪.‬‬
‫ومنها العقاب البدني الذي يؤلمه وال يضره‪.‬‬
‫‪ -48‬إعطاء األوالد فرصة للتصحيح ‪ :‬فمما ينبغي للوالد مراعاته في التربية‪ -‬أن يعطي أوالده فرصة للتصحيح إذا أخطأوا‪،‬‬
‫حتى ينهضوا لألمثل‪ ،‬ويرتقوا لألفضل‪ ،‬ويتخذوا من الخطأ سبيالً للصواب؛ فالصغير يسهل قياده‪ ،‬ويهون انقياده كما قال زهير‬
‫بن أبي سلمى ‪:‬‬
‫وإ ن سفاه الشيخ ال حلم بعده *** وإ ن الفتى بعد السفاهة يحلم‬
‫وكما قيل ‪:‬‬
‫إن الغالم مطيع من يؤدبه *** وال يطيعك ذو سن لتأديب‬
‫فال ينبغي للوالد أن يأخذ موقفا واحدا من أحد أوالده‪ ،‬فيجعله ذريعة لوصمه وعيبه‪ ،‬كأن يسرق مرة فيناديه باسم السارق دائما‪،‬‬
‫دون أن يعطيه فرصة للتصحيح وهكذا‪...‬‬
‫‪ -49‬الحرص على أن يكون التفاهم قائما بين الوالدين ‪ :‬فعلى الوالدين أن يحرصا كل الحرص عليه‪ ،‬وأن يسلكا كافة السبل‬
‫الموصلة إليه‪ ،‬وعليهما أن يجتنبا الوسائل المفضية للشقاق‪ ،‬ويبتعدا عن عتاب بعضهما لبعض أمام األوالد؛ حتى يتوفر الهدوء‬
‫في البيت‪ ،‬وتسود األلفة فيه‪ ،‬فيجد األوالد فيه الراحة والسكن‪ ،‬واألنس والسرور‪ ،‬فيتعلقوا بالبيت أكثر من الشارع‪.‬‬
‫‪ -50‬تقوى اهلل في حالة الطالق ‪ :‬فإذا لم يحصل بين الوالدين وفاق‪ ،‬وقدر اهلل بينهما الطالق‪ -‬فعليهما بتقوى اهلل‪ ،‬وأال يجعال‬
‫األوالد ضحية لعنادهما وشقاقهما‪ ،‬وأال يغري كل واحد منهما باآلخر‪ ،‬بل عليهما أن يعينا األبناء على كل خير‪ ،‬ويوصي كل‬
‫واحد منهما األوالد ببر اآلخر‪ ،‬بدال من التحريش‪ ،‬وإ يغار الصدور‪ ،‬وتبادل التهم‪ ،‬وتأليب األوالد‪ ،‬وإ ال فإن النتيجة الحتمية‪ -‬في‬
‫الغالب‪ -‬أن األوالد يتمردون على الجميع‪ ،‬والوالدان هما السبب في ذلك؛ فال يلوما إال أنفسهما‪ ،‬كما قال أبو ذؤيب الهذلي ‪:‬‬
‫فال تقضبن من سيرة أنت سرتها *** وأول راض سنة من يسيرها‬
‫‪ -51‬العناية باختيار المدارس المناسبة لألوالد‪ ،‬والحرص على متابعتهم في المدارس ‪ :‬فعلى الوالد أن يحرص كل الحرص‬
‫على اختيار المدارس المناسبة ألوالده من حيث طالبها‪ ،‬وإ دارتها‪ ،‬ومدرسوها‪ ،‬ومناهجها‪ ،‬والتي تعنى باستقامة طالبها‪ ،‬وتهتم‬
‫بأخالقهم‪ ،‬وشمائلهم‪ ،‬قوال وعمال؛ ألن األغلب أن الولد إنما يختار أصدقاءه من المدرسة من أبناء صفه الذين يشاكلونه في‬
‫المزاج والطبيعة‪.‬‬
‫وعلى الوالد أن يقوم بمتابعة األوالد في المدارس باستمرار‪ ،‬حتى يتأكد بنفسه من صالح الولد واستقامته‪ ،‬ولئال يفاجأ في يوم من‬

‫‪40‬‬
‫األيام بأن ولده على خالف ما كان يتوقعه ويؤمله‪ ،‬وألجل أن يدرك الولد بأن والده وراءه يسأل عنه ويتابعه‪.‬‬
‫‪ -52‬إقامة الحلقات العلمية داخل البيوت ‪ :‬بحيث تعقد تلك الحلقات في مواعيد محددة‪ ،‬ويقرأ فيها بعض الكتب المالئمة لألوالد‪،‬‬
‫فيتعلمون بذلك القراءة‪ ،‬وحسن االستماع‪ ،‬وأدب الحوار‪.‬‬
‫‪ -53‬إقامة المسابقات الثقافية بين األوالد‪ ،‬ووضع الجوائز والحوافز لها ‪ :‬فذلك العمل مما يشحذ هممهم‪ ،‬ويحرك أذهانهم‪،‬‬
‫ويدربهم على البحث والنظر في كتب أهل العلم‪ ،‬ويعدهم للرقي في مستوياتهم‪.‬‬
‫‪ -54‬تكوين مكتبة منزلية ميسرة ‪ :‬تحتوي على كتب وأشرطة مالئمة لسنهم ومداركهم‪ ،‬فالمكتبة من أعظم روافد الثقافة‪.‬‬
‫‪ -55‬اصطحاب األوالد لمجالس الذكر ‪ :‬كالمحاضرات‪ ،‬والندوات التي تعقد في المساجد وغيرها؛ فهي مما يثري الولد‬
‫بالمعلومات‪ ،‬ويمده بالخير‪ ،‬ويعده لمواجهة الحياة‪ ،‬ويجيب على أسئلته التي تتردد في ذهنه‪.‬‬
‫كما أنها تغذيه باإليمان‪ ،‬وتربط على قلبه‪ ،‬وتربيه على أدب االستماع‪.‬‬
‫‪ -56‬الرحلة مع األوالد ‪ :‬إما إلى مكة المكرمة‪ ،‬أو المدينة النبوية‪ ،‬أو غيرها من األماكن المباحة‪ ،‬حتى يتعرف الوالد على‬
‫األوالد أكثر وأكثر‪ ،‬وألجل أن يجمهم‪ ،‬ويشرح صدورهم‪ ،‬ويكسبهم خبرات جديدة‪ ،‬إلى غير ذلك من فوائد السفر التي ال تخفى‪.‬‬
‫‪ -57‬ربطهم بالسلف الصالح في اإلقتداء واالهتداء ‪ :‬حتى يسيروا على خطاهم‪ ،‬ويترسموا منهجهم‪ ،‬ولكي يجدوا فيهم القدوة‬
‫الصالحة التي يجدر بهم أن يقتدوا بها‪ ،‬فإن كان لدى الولد ميول إلى العلم وجد من يقتدي به‪ ،‬وإ ن كان شجاعا مقداما وجد من‬
‫يترسم خطاه‪ ،‬وإ ن كان كسوال وجد في سيرة السلف ما يبعث فيه الروح‪ ،‬وعلو الهمة‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫فسير السلف الصالح حافلة بكل خير‪ ،‬فما أروع أن يرتبط المسلم بهم‪ ،‬وأن يحذو حذوهم‪ ،‬بدال من اإلقتداء بالهابطين والهازلين‬
‫من الالعبين‪ ،‬والمطربين‪ ،‬والمنحرفين‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬
‫‪ -58‬العناية بتعليم البنات ما يحتجن إليه من أمور دينهن ودنياهن ‪ :‬فكم من الناس من فرط في هذا الحق‪ ،‬وكم من النساء من‬
‫يجهلن‪ -‬على سبيل المثال‪ -‬أحكام الحيض والنفاس ومسائل الدماء عموما‪ ،‬بالرغم من أنه يتعلق بها ركنان من أركان اإلسالم‬
‫وهما الصالة‪ ،‬والصيام‪ ،‬بل والحج‪ ،‬وكم من النساء من تجهل إقامة الصالة على الوجه المطلوب‪ .‬فينبغي أن يعنى كل والد بتعليم‬
‫بناته أمور دينهن‪ ،‬كما ينبغي أن يعلمن أمور حياتهن الخاصة من كي‪ ،‬وغسيل‪ ،‬وطبخ‪ ،‬وخياطة‪ ،‬وتدبير للمنزل‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫وبذلك يكن على أتم استعداد الستقبال الحياة الزوجية‪.‬‬
‫‪ -59‬منع البنات من الخروج وحدهن ‪ :‬سواء للسوق‪ ،‬أو للطبيب‪ ،‬أو غير ذلك‪ ،‬بل ال بد من وجود المحرم معهن‪ ،‬وأال يخرجن‬
‫إال للحاجة الملحة‪.‬‬
‫‪ -60‬منع البنات من التشبه بالرجال‪ ،‬ومنع البنين من التشبه بالنساء‪.‬‬
‫‪ -61‬منع األوالد بنين وبنات من التشبه بالكفار‪.‬‬
‫‪ -62‬منع البنين من االختالط بالنساء‪ ،‬ومنع البنات من االختالط بالرجال ‪ :‬بل ينبغي أن يعيش االبن في محيط الذكور‪ ،‬والبنت‬
‫في محيط اإلناث‪ ،‬خصوصا إذا بدأ االبن أو البنت بالتمييز‪.‬‬
‫‪ -63‬العناية بصحة األوالد ‪ :‬فكم من الناس من قد فرط بهذا األمر‪ ،‬ولم يرعه حق رعايته؛ فاألوالد أمانة‪ ،‬ومن األمانة أن يعتني‬
‫الوالد بصحتهم‪ ،‬خصوصاً وهم صغار؛ ألن كثيراً من العاهات واألمراض تبدأ مع األوالد وهم صغار‪ ،‬فإذا أهمل عالجها الزمت‬
‫األوالد طيلة أعمارهم‪ ،‬وربما قضت عليهم‪.‬‬
‫ومما يحسن بالوالدين في هذا الصدد أن يقوموا على شؤون األوالد إذا أصيبوا بعاهات مزمنة‪ ،‬أو إذا ولدوا وهم معاقون‪ ،‬أو‬
‫مصابون ببعض التشوهات الخلقية‪ ،‬أو ما شاكل ذلك؛ فحري بالوالدين أن يقوموا على رعاية األوالد‪ ،‬وأن يحسنوا تربيتهم‪ ،‬وأن‬
‫يشعروهم بمكانتهم‪ ،‬كما يحسن بالوالدين أن يحتسبوا األجر عند اهلل‪ ،‬وأن يحذروا كل الحذر من التسخط واالعتراض على قضاء‬
‫اهلل‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫بل عليهم أن يحمدوا اهلل على ما آتاهم‪ ،‬وأن يتحروا الخيرة فيما قضاه اهلل‪ ،‬فربما كانت الخيرة خفية‪ ،‬وربما أن اهلل يرحم األسرة‬
‫جميعها‪ ،‬ويدر عليها األرزاق‪ ،‬ويدفع عنها صنوف الباليا بسبب هؤالء المساكين‪.‬‬
‫‪ -64‬عدم استعجال النتائج في التربية ‪ :‬فعلى الوالد إذا بذل مستطاعه لولده‪ ،‬وبين له وحذره ونصح له واستنفذ كل طاقته‪ -‬أال‬
‫يستعجل النتائج‪ ،‬بل عليه أن يصبر‪ ،‬ويصابر‪ ،‬ويستمر في دعائه لولده وحرصه عليه؛ فلربما استجاب الولد بعد حين‪ ،‬وادكر بعد‬
‫أمة‪.‬‬
‫‪ -65‬الحذر من اليأس ‪ :‬فإذا ما رأى الوالد من أوالده إعراضا أو نفورا أو تماديا‪ -‬فعليه أال ييأس من صالحهم واستقامتهم؛‬
‫فاليأس من روح اهلل ليس من صفات المؤمنين‪ ،‬بل عليه أن ينتظر الفرج من اهلل‪ -‬عز وجل‪ -‬فلعل نفحة من نفحات الرحيم‬
‫الكريم ترد الولد إلى رشده‪ ،‬وتقصره عن غيه‪.‬‬
‫‪ -66‬اليقين بأن التربية الصالحة ال تذهب سدى ‪ :‬فلو لم يأب اإلنسان من نصحه ألوالده وحرصه على هدايتهم وصالحهم‪ -‬إال‬
‫أن يكون أعذر إلى اهلل بذلك‪.‬‬
‫فالنصح ثمرته مضمونة بكل حال؛ فإما أن يستقيم األوالد في الحال‪ ،‬وإ ما أن يفكروا في ذلك‪ ،‬وإ ما أن يقصروا بسببه عن التمادي‬
‫في الباطل‪ ،‬أو أن يعذر اإلنسان إلى اهلل‪ -‬كما مر‪.-‬‬
‫بل كثيراً ما يصلح األوالد بعد وفاة والدهم الذي رباهم على الفضائل؛ حيث لم يدكروا إال بعد أمة‪.‬‬
‫‪ -67‬إعانة األوالد على البر ‪ :‬فبر الوالدين وإ ن كان واجبا على األبناء‪ -‬إال أنه يجدر باآلباء أن يعينوا أبناءهم على البر‪ ،‬وأن‬
‫يشجعوهم‪ ،‬وأال يقفوا حجر عثرة أمامهم‪.‬‬
‫‪ -68‬حفظ الجميل لألبناء ‪ :‬فمما يحسن بالوالدين أن يحفظوا الجميل لألبناء‪ ،‬وأن يشكروهم عليه‪ ،‬ويذكروهم به؛ حتى ينبعث‬
‫األوالد للبر واإلحسان‪ ،‬ويستمروا عليه‪.‬‬
‫‪ -69‬التغاضي عن بعض الحقوق ‪ :‬فيحسن بالوالدين أن يتغاضوا عن بعض حقوقهم‪ ،‬وأال يطالبوا أوالدهم بكل شيء‪ ،‬بل يحسن‬
‫بهم أن يوفروا لهم ما يعدهم للكمال‪ ،‬والعلم‪ ،‬وسائر الفضائل خصوصاً إذا كان الوالد في نشاطه‪ ،‬واألوالد في حال إقبال على‬
‫العلم‪ ،‬والقرآن‪ ،‬وسائر الفضائل‪ ،‬وهم في مقتبل أعمارهم‪ .‬فإذا أخذ الوالدان بهذه السيرة كان األوالد على مقربة من الكمال‪،‬‬
‫والفضل‪ ،‬والعلم‪ ،‬والصالح‪.‬‬
‫وال ريب أن الوالد في هذه الحالة سيجني تلك الثمار في حياته وبعد مماته‪.‬‬
‫‪ -70‬استشارة من لديه خبرة بالتربية ‪ :‬من العلماء‪ ،‬والدعاة‪ ،‬والمعلمين‪ ،‬والمربين‪ ،‬ممن لديهم خبرة في التربية‪ ،‬وسبر ألحوال‬
‫الشباب‪ ،‬وتفهم ألوضاعهم‪ ،‬وما يحيط بهم‪ ،‬وما يدور في أذهانهم‪ ،‬فحبذا استشارتهم‪ ،‬واالستنارة برأيهم في هذا الصدد‪ ،‬فهذا‬
‫األمر يعين على تربية األوالد‪.‬‬
‫‪ -71‬قراءة الكتب المفيدة في التربية ‪ :‬فهي مما يعين على تربية األوالد؛ ألنها ناتجة عن تجربة‪ ،‬وممارسة‪ ،‬وخبرة‪ ،‬وعصارة‬
‫فكر‪ ،‬ونتاج تمحيص وبحث‪.‬‬
‫ومن تلك التي يجدر بالمسلم اقتناؤها واإلفادة منها ما يلي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬العيال البن أبي الدنيا‪.‬‬
‫ب‪ -‬تحفة المودود في أحكام المولود البن القيم‪.‬‬
‫ج‪ -‬المسؤولية في اإلسالم د‪ .‬عبد اهلل قادري‪.‬‬
‫د‪ -‬أثر التربية اإلسالمية في أمن المجتمع د‪ .‬عبد اهلل قادري‪.‬‬
‫ح‪ -‬تذكير العباد بحقوق األوالد للشيخ عبد اهلل الجار اهلل‪.‬‬
‫ط‪ -‬األوالد وتربيتهم في اإلسالم لمحمد المقبل‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫ك‪ -‬نظرات في األسرة المسلمة للدكتور محمد بن لطفي الصباغ‪.‬‬
‫ي‪ -‬تربية األوالد في اإلسالم للشيخ عبد اهلل ناصح علوان‪.‬‬
‫‪ -72‬استحضار فضائل التربية في الدنيا واآلخرة ‪ :‬فهذا مما يعين الوالد على الصبر والتحمل‪ ،‬فإذا صلح األوالد كانوا قرة عين‬
‫له في الدنيا‪ ،‬وسببا إليصال األجر له بعد موته‪ ،‬ولو لم يأته من ذلك إال أن يكفى شرهم‪ ،‬ويسلم من تبعتهم‪.‬‬
‫‪ -73‬استحضار عواقب اإلهمال والتفريط في تربية األوالد ‪ :‬فاألوالد أوالده‪ ،‬ولن ينفك عنهم بحال من األحوال‪ ،‬والعرب تقول‬
‫‪" :‬أنفك منك وإ ن ذن"‪ ،‬وتقول ‪" :‬عيصك منك وإ ن كان أشبا"‪ .‬فإذا أهملهم وقصر في تربيتهم كانوا شجى في حلقه في هذه الدنيا‪،‬‬
‫وكانوا سببا لتعرضه للعقاب في العقبى‪.‬‬
‫‪ -74‬وخالصة القول في تربية األوالد ‪ :‬أن يسعى الوالد في جلب ما ينفعهم‪ ،‬ودفع ما يضرهم عاجالً وآجالً‪.‬‬

‫التقصير في تربية األوالد‬


‫كما أن للوالدين حقاً على األوالد‪ -‬فكذلك لألوالد حق على الوالدين‪ ،‬وكما أن اهلل‪ -‬عز وجل‪ -‬أمرنا ببر الوالدين‪ -‬كذلك أمرنا‬
‫باإلحسان إلى األوالد‪ ،‬فاإلحسان إليهم والحرص على تربيتهم‪ -‬أداء لألمانة‪ ،‬وإ همالهم والتقصير في حقوقهم‪ -‬غش وخيانة‪.‬‬
‫من مظاهر التقصير والخطأ في تربية األوالد‬
‫بالرغم من عظم مسؤولية تربية األوالد إال أن كثيرا من الناس قد فرط بها‪ ،‬واستهان بأمرها‪ ،‬ولم يرعها حق رعايتها‪ ،‬فأضاعوا‬
‫أوالدهم‪ ،‬وأهملوا تربيتهم‪ ،‬فال يسألون عنهم‪ ،‬وال يوجهونهم‪.‬‬
‫وإ ذا رأوا منهم تمردا أو انحرافا بدأوا يتذمرون ويشكون من ذلك‪ ،‬وما علموا أنهم هم السبب األول في ذلك التمرد واالنحراف‪.‬‬
‫والتقصير في تربية األوالد يأخذ صورا شتى‪ ،‬ومظاهر عديدة تتسبب في انحراف األوالد وتمردهم‪ ،‬فمن ذلك ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬تنشئة األوالد على الجبن والخوف والهلع والفزع ‪ :‬فمما يالحظ على أسلوبنا في التربية‪ -‬تخويف األوالد حين يبكون‬
‫ليسكتوا؛ فنخوفهم بالغول‪ ،‬والبعبع‪ ،‬والحرامي‪ ،‬والعفريت‪ ،‬وصوت الريح‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬وأسوأ ما في هذا‪ -‬أن نخوفهم باألستاذ‪،‬‬
‫أو المدرسة‪ ،‬أو الطبيب؛ فينشأ الولد جبانا رعديدا يفرق من ظله‪ ،‬ويخاف مما ال يخاف منه‪.‬‬
‫وأشد ما يغرس الخوف والجبن في نفس الطفل‪ -‬أن نجزع إذا وقع على األرض‪ ،‬وسال الدم من وجهه‪ ،‬أو يده‪ ،‬أو ركبته‪ ،‬فبدالً‬
‫من أن تبتسم األم‪ ،‬وتهدئ من روع ولدها وتشعره بأن األمر يسير‪ -‬تجدها تهلع وتفزع‪ ،‬وتلطم وجهها‪ ،‬وتضرب صدرها‪،‬‬
‫بكاء‪ ،‬ويتعود الخوف من رؤية الدم‪ ،‬أو الشعور باأللم‪.‬‬
‫وتطلب النجدة من أهل البيت‪ ،‬وتهول المصيبة‪ ،‬فيزداد الولد ً‬
‫‪ -2‬تربيتهم على التهور‪ ،‬وسالطة اللسان والتطاول على اآلخرين‪ ،‬وتسمية ذلك شجاعة ‪ :‬وهذا خلل في التربية‪ ،‬وهو نقيض‬
‫األول‪ ،‬والحق إنما هو في التوسط‪.‬‬
‫‪ -3‬تربيتهم على الميوعة‪ ،‬والفوضى‪ i،‬وتعويدهم على الترف والنعيم والبذخ ‪ :‬فينشأ الولد مترفاً منعماً‪ ،‬همه خاصة نفسه فحسب‪،‬‬
‫فال يهتم باآلخرين‪ ،‬وال يسأل عن إخوانه المسلمين‪ ،‬ال يشاركهم أفراحهم‪ ،‬وال يشاطرهم أتراحهم؛ فتربية األوالد على هذا النحو‬
‫مما يفسد الفطرة‪ ،‬ويقتل االستقامة‪ ،‬ويقضي على المروءة والشجاعة‪.‬‬
‫‪ -4‬بسط اليد لألوالد‪ ،‬وإ عطاؤهم كل ما يريدون ‪ :‬فبعض الوالدين يعطي أوالده كل ما سألوه‪ ،‬وال يمنعهم شيئاً أرادوه‪ ،‬فتجد يده‬
‫مبسوطة لهم بالعطاء‪ ،‬وهم يعبثون باألموال‪ ،‬ويصرفونها في اللهو والباطل‪ ،‬مما يجعلهم ال يأبهون بقيمة المال‪ ،‬وال يحسنون‬
‫تصريفه‪.‬‬
‫‪ -5‬إعطاؤهم ما يريدون إذا بكوا بحضرة الوالد‪ ،‬خصوصا الصغار ‪ :‬فيحصل كثيرا أن يطلب الصغار من آبائهم أو أمهاتهم‬
‫طلبا ما‪ ،‬فإذا رفض الوالدان ذلك لجأ الصغار إلى البكاء؛ حتى يحصل لهم مطلوبهم‪ ،‬عندها ينصاع الوالدان لألمر‪ ،‬وينفذان‬
‫الطلب‪ ،‬إما شفقة على الولد‪ ،‬أو رغبة في إسكاته والتخلص منه‪ ،‬أو غير ذلك؛ فهذا من الخلل بمكان‪ ،‬فهو يسبب الميوعة‬
‫والضعف لألوالد‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫يقول الدكتور محمد الصباغ ‪" :‬سمعت من مالك بن نبي‪ -‬رحمه اهلل‪ -‬أن رجالً جاء يسترشده لتربية ابن له أو بنت ولد حديثاً‪،‬‬
‫فسأله ‪ :‬كم عمرها؟ قال ‪ :‬شهر‪ ،‬قال ‪ :‬فاتك القطار‪ ،‬قال ‪ :‬وكنت أظن بادئ األمر أني مبالغ‪ ،‬ثم إني عندما نظرت وجدت أن‬
‫ما قلته الحق‪ ،‬وذلك أن الولد يبكي‪ ،‬فتعطيه أمه الثدي‪ ،‬فينطبع في نفسه أن الصراخ هو الوسيلة إلى الوصول إلى ما يريد‪ ،‬ويكبر‬
‫على هذا‪.‬‬
‫‪ -6‬شراء السيارات لهم وهم صغار‪.‬‬
‫‪ -7‬الشدة والقسوة عليهم أكثر من الالزم ‪ :‬إما بضربهم ضربا مبرحا إذا أخطأوا‪ -‬ولو للمرة األولى‪ -‬أو بكثرة تقريعهم وتأنيبهم‬
‫عند كل صغيرة وكبيرة‪ ،‬أو غير ذلك من ألوان الشدة والقسوة‪.‬‬
‫‪ -8‬شدة التقتير عليهم ‪ :‬فبعض اآلباء يقتر على أوالده أكثر من الالزم‪ ،‬مما يجعلهم يشعرون بالنقص‪ ،‬ويحسون بالحاجة‪ ،‬وربما‬
‫قادهم ذلك إلى البحث عن المال بطريقة أو بأخرى‪ ،‬إما بالسرقة‪ ،‬أو بسؤال الناس‪ ،‬أو باالرتماء في أحضان رفقة السوء وأهل‬
‫اإلجرام‪.‬‬
‫‪ -9‬حرمانهم من العطف والشفقة والحنان ‪ :‬ما يجعلهم يبحثون عن ذلك خارج المنزل؛ لعلهم يجدون من يشعرهم بذلك‪.‬‬
‫‪ -10‬االهتمام بالمظاهر فحسب ‪ :‬فكثير من الناس يرى أن حسن التربية يقتصر على الطعام الطيب‪ ،‬والشراب الهنيء‪ ،‬والكسوة‬
‫الفخمة‪ ،‬والدراسة المتفوقة‪ ،‬والظهور أمام الناس بالمظهر الحسن‪ ،‬وال يدخل عندهم تنشئة الولد على التدين الصادق‪ ،‬والخلق‬
‫الكريم‪.‬‬
‫‪ -11‬المبالغة في إحسان الظن باألوالد ‪ :‬فبعض اآلباء يبالغ في إحسان الظن بأوالده‪ ،‬فتجده ال يسأل عنهم‪ ،‬وال يتفقد أحوالهم‪،‬‬
‫وال يعرف شيئاً عن أصحابهم؛ وذلك لفرط ثقته بهم‪ ،‬فتراه ال يقبل عدال وال صرفا في أوالده‪ ،‬فإذا وقع أوالده أو أحد منهم في‬
‫بلية‪ ،‬أو انحرف عن الجادة السوية‪ ،‬ثم نبه األب عن ذلك‪ -‬بدأ يدافع عنهم‪ ،‬ويلتمس المعاذير لهم‪ ،‬ويتهم من نبهه أو نصحه‬
‫بالتهويل‪ ،‬والتعجل‪ ،‬والتدخل فيما ال يعنيه‪.‬‬
‫‪ -12‬المبالغة في إساءة الظن بهم ‪ :‬وهذا نقيض السابق‪ ،‬فهناك من يسيء الظن بأوالده‪ ،‬ويبالغ في ذلك مبالغة تخرجه عن‬
‫طوره‪ ،‬فتجده يتهم نياتهم‪ ،‬وال يثق بهم البتة‪ ،‬ويشعرهم بأنه خلفهم في كل صغيرة وكبيرة‪ ،‬دون أن يتغاضى عن شيء من‬
‫هفواتهم وزالتهم‪.‬‬
‫‪ -13‬التفريق بينهم ‪ :‬فتجد من الناس من يفرق بين أوالده‪ ،‬وال يعدل بينهم بالسوية‪ ،‬سواء كان ذلك ماديا أو معنويا‪.‬‬
‫‪ -14‬التسخط بالبنات ‪ :‬وهذا‪ -‬قبل أن يكون خلالً في التربية‪ -‬هو خلل في العقيدة‪ .‬فتسخط البنات أمر خطير وفيه عدة محاذير‪،‬‬
‫منها ‪:‬‬
‫أ‪ -‬أنه اعتراض على قدر اهلل‪ -‬عز وجل‪.-‬‬
‫ب‪ -‬أن فيه ردا لهبة اهلل بدال من شكرها‪ ،‬وكفى بذلك تعرضا لمقت اهلل‪.‬‬
‫ج‪ -‬أنه تشبه بأخالق أهل الجاهلية‪.‬‬
‫د‪ -‬أنه دليل على السفه والجهل والخلل في العقل‪.‬‬
‫هـ‪ -‬أنه تحميل للمرأة ما ال تطيق؛ فبعضهم يغضب على المرأة بمجرد إتيانها باألنثى‪ ،‬وما علم أنه هو السبب لو كان يعقل؛ إذ‬
‫يعامل المرأة معاملة من لو كانت والدة الذكور باختيارها؛ فلماذا ال يحنق على نفسه؛ إذ يلقح امرأته بأنثى‪.‬‬
‫و‪ -‬أن فيه إهانة للمرأة وحطاً من قدرها‪.‬‬
‫‪ -15‬ومن صور التقصير في تربية األوالد تسميتهم بأسماء سيئة ‪ :‬فهذا خلل في التربية وجناية على األوالد‪ ،‬قال الشيخ العالمة‬
‫بكر أبو زيد‪ -‬حفظه اهلل‪" : -‬إني تأملت عامة الذنوب والمعاصي‪ ،‬فوجدت الذنوب والمعاصي إذا تاب العبد منها‪ -‬تجذمها‬
‫التوبة‪ ،‬وتقطع سيئ أثرها لتوها؛ فكما أن اإلسالم يجب ما قبله وأكبره الشرك‪ -‬فإن التوبة تجب ما قبلها متى اكتملت شروطها‬

‫‪44‬‬
‫المعتبرة شرعا‪ ،‬وهي معلومة أو بحكم المعلومة‪.‬‬
‫فمن األخطاء التي تقع في تسمية المولود ما يلي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬تسميتهم باألسماء الممنوعة المحرمة‪ .‬جورج‪ ،‬وديفيد‪ ،‬ومايكل‪ ،‬وجوزيف‪ ،‬وديانا‪ ،‬وجاكلين‪.‬‬
‫ب‪ -‬تسميتهم باألسماء التي ينبغي تجنبها والتي قد تكون محرمة ‪ :‬كتسميتهم بأسماء الجبابرة والطواغيت؛ أمثال ‪ :‬فرعون‪،‬‬
‫وهامان‪ ،‬وقارون‪ ،‬ومن كان في قافلتهم وعلى شاكلتهم مثل ماركس‪ ،‬ولينين‪.‬‬
‫ج‪ -‬تسميتهم باألسماء التي يظن أنها من أسماء اهلل‪ -‬تعالى‪ : -‬فهذه من األسماء المكروهة شرعا كالتسمية ب ‪ :‬عبد‬
‫المقصود‪ ،‬وعبد الستار‪ ،‬وعبد الموجود‪.‬‬
‫د‪ -‬تسميتهم باألسماء المكروهة أدبا وذوقا ‪ :‬وهي التي تحمل في ألفاظها تشاؤما‪ ،‬أو معاني تكرهها النفوس‪ ،‬كحرب‪ ،‬وحمار‪،‬‬
‫وكلب‪ ،‬ومرة‪.‬‬
‫هـ‪ -‬تسمية األوالد باألسماء التي تسبب الضحك وتثير السخرية ‪ :‬مثل ‪ :‬شحات‪ ،‬وفلفل‪ ،‬وخيشة‪ ،‬وجحش‪ ،‬وبغل‪ ،‬وفجل‪.‬‬
‫و‪ -‬التسمية باألسماء التي توحي بالتميع والغرام وخدش الحياء ‪ :‬مثل ‪ :‬هيام‪ ،‬ومعناه ‪ :‬الجنون في العشق‪ ،‬وكذلك وصال‪،‬‬
‫وفاتن‪ ،‬وفتنة‪ ،‬وشادية‪.‬‬
‫ز‪ -‬التسمية بأسماء المالئكة ‪ :‬خاصة للنساء؛ إذ يخشى أن يكون تشبهاً بالمشركين‪.‬‬
‫ح‪ -‬تسميتهم باألسماء التي تتضمن تزكية دينية‪ ،‬مثل ‪ :‬برة‪.‬‬
‫‪ -16‬مكث الوالد طويالً خارج المنزل ‪ :‬فبعض اآلباء يهمل منزله‪ ،‬ويمكث طويالً خارجه‪ ،‬مما يعرض األوالد للفتن‪،‬‬
‫والمصائب‪ ،‬والضياع واالنحراف‪ ،‬ومن مظاهر ذلك ما يلي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬االشتغال عن األوالد بالبيع والشراء والتجارة‪ ،‬ولو عوتب األب على ذلك لقال ‪ :‬إنما أعمل ألجلهم‪.‬‬
‫ب‪ -‬السفر الطويل خارج البلد للعمل أو النزهة‪.‬‬
‫ج‪ -‬العكوف الساعات الطوال مع األصحاب في االستراحات والمتنزهات‪.‬‬
‫د‪ -‬إهمال البيت األول إذا بنى األب بزوجة جديدة‪ ،‬وسكن معها بمسكن جديد؛ فكم من الناس من يهمل بيته األول إذا بنى بزوجة‬
‫جديدة‪ ،‬فيضيع األوالد‪ ،‬ويتشردون‪ ،‬بسبب انشغال والدهم‪ ،‬وبعده عنهم‪.‬‬
‫هـ‪ -‬كثرة خروج األم من المنزل إما لألسواق أو للزيارات‪.‬‬
‫هذه بعض مظاهر المكث خارج المنزل‪ ،‬فكم في هذا الصنيع من إهمال لألوالد‪ ،‬وكم فيه من تعريض لهم للفتنة‪ ،‬وكم فيه من‬
‫حرمان لهم من الشفقة والرعاية والعناية‪.‬‬
‫‪ -17‬الدعاء على األوالد ‪ :‬فكم من الوالدين‪ -‬وخصوصا األمهات‪ -‬من يدعو على أوالده‪ ،‬فتجد األم‪ -‬ألدنى سبب‪ -‬تدعو على‬
‫ولدها البريء بالحمى‪ ،‬أو أن يقتل بالرصاص‪ ،‬أو أن تدهسه سيارة‪ ،‬أو أن يصاب بالعمى أو الصمم‪ ،‬وتجد من اآلباء من يدعو‬
‫على أبنائه بمجرد أن يرى منهم عقوقا أو تمردا ربما كان هو السبب فيه‪.‬‬
‫وما علم الوالدان أن هذا الدعاء ربما وافق ساعة إجابة‪ ،‬فتقع الدعوة موقعها‪ ،‬فيندمان والت ساعة مندم‪.‬‬
‫ولهذا قال‪ -‬عليه الصالة والسالم‪" : -‬ال تدعوا على أنفسكم‪ ،‬وال تدعوا على أوالدكم‪ ،‬وال تدعوا على أموالكم‪ ،‬ال توافقوا من اهلل‬
‫ساعة تسأل فيها عطاء فيستجيب لكم"‪.‬‬
‫‪ -18‬التربية على سفاسف األمور‪ ،‬وسيئ العبارات‪ ،‬ومرذول األخالق ‪ :‬كتشجيع األندية‪ ،‬وتقليد الكفار‪ ،‬وتعويد البنات على لبس‬
‫القصير من الثياب‪ ،‬ومن ذلك تعويدهم على إطالق العبارات النابية‪ ،‬والكلمات المقذعة‪ ،‬وذلك من خالل كثرة ترديد الوالدين لتلك‬
‫العبارات‪ ،‬أو من خالل نبز األوالد باأللقاب عند مناداتهم‪ ،‬مما يجعل األوالد يألفون هذه العبارات‪ ،‬وال يراعون آداب الكالم‪.‬‬
‫‪ -19‬فعل المنكرات أمام األوالد‪ ،‬أو إقرارهم عليها ‪ :‬كشرب الدخان‪ ،‬أو حلق اللحية‪ ،‬أو سماع األغاني‪ ،‬أو مشاهدة األفالم‬

‫‪45‬‬
‫الساقطة‪ ،‬أو متابعة المسلسالت التليفزيونية‪ ،‬وكتبرج المرأة أمام بناتها‪ ،‬وكثرة خروجها من المنزل لغير حاجة‪ ،‬إلى غير ذلك‪،‬‬
‫فهذا كله يجعل من الوالدين قدوة سيئة لألوالد‪.‬‬
‫وكذلك قد يرى الوالد على أوالده بعض المنكرات‪ ،‬فال تراه يحرك ساكناً تجاههم؛ مما يجعلهم يستمرؤون المنكر‪.‬‬
‫‪ -20‬جلب المنكرات للمنزل ‪ :‬سواء كانت من المجالت الخليعة‪ ،‬أو من أجهزة الفساد المدمرة‪ ،‬أو الكتب التي تتحدث عن الجنس‬
‫صراحة‪ ،‬أو غيرها من المنكرات‪ ،‬فهذه وسائل تخريب‪ ،‬ومعاول هدم‪ ،‬وأدوات فساد وانحالل‪ ،‬ومدارس لهدم العقيدة وتمييع‬
‫األخالق‪ ،‬والتدريب العملي على ارتكاب الفواحش؛ فهذه الوسائل لها قدرة كبيرة على اإلقناع‪ ،‬ولها تأثير بالغ في تنحية دور‬
‫األسرة في التربية‪.‬‬
‫‪ -21‬كثرة المشكالت بين الوالدين ‪ :‬فهذا العمل له دوره السيئ على األوالد‪ ،‬فما موقف الولد الذي يرى والده وهو يضرب‬
‫والدته؟ ويغلظ عليها بالقول؟ وما موقفه إذا رأى أمه تسيء معاملة والده؟‬
‫ال شك أن نوازع الشر ستتحرك في نفسه‪ ،‬ومراجل الحقد ستغلي في جوفه‪ ،‬فتزول الرحمة من قلبه‪ ،‬وينزع إلى الشرة‬
‫والعدوانية‪.‬‬
‫‪ -22‬التناقض ‪ :‬كأن يأمر الوالد أوالده بالصدق وهو يكذب‪ ،‬ويأمرهم بالوفاء بالوعد وهو يخلف‪ ،‬ويأمرهم بالبر والصلة وهو‬
‫عاق قاطع‪ ،‬أو ينهاهم عن شرب الدخان وهو يشرب‪ ،‬وهكذا‪ i...‬وليس معنى ذلك أن يترك الوالد نصح أوالده إذا كان مقصراً أو‬
‫مفرطاً في بعض األمور‪ ،‬بل ينبغي أن ينصح لهم‪ ،‬ولو لم يكن عامال بما يقول‪ ،‬وإ نما المقصود بيان أن التناقض بين القول‬
‫والفعل‪ -‬يفقد النصائح أثرها‪.‬‬
‫‪ -23‬العهد للخادمات والمربيات بتربية األوالد ‪ :‬فهذا األمر جد خطير‪ ،‬خصوصا إذا كانت الخادمة أو المربية كافرة؛ فذلك‬
‫مدعاة النحراف األوالد‪ ،‬وفساد عقائدهم وأخالقهم‪.‬‬
‫‪ -25‬إهمال الهاتف وترك مراقبته في المنزل‪.‬‬
‫‪ -26‬الغفلة عما يقرؤه األوالد ‪ :‬فالقراءة‪ -‬وال شك‪ -‬تصوغ الفكر‪ ،‬وتؤثر في القارئ سلبا أو إيجابا‪.‬‬
‫‪ -27‬احتقار األوالد وقلة تشجيعهم ‪ :‬ومن مظاهر ذلك ‪:‬‬
‫أ‪ -‬إسكاتهم إذا تكلموا‪ ،‬والسخرية بهم وبحديثهم؛ مما يجعل الولد عديم الثقة بنفسه‪ ،‬قليل الجرأة في الكالم والتعبير عن رأيه‪.‬‬
‫ب‪ -‬التشنيع عليهم إذا أخطأوا ولمزهم إذا أخفقوا في موقف‪ ،‬أو تعثروا في مناسبة‪ ،‬مما يولد لديهم الخجل والهزيمة‪ ،‬ويشعر‬
‫الوالد بالعجب والكبرياء‪ ،‬فيتكون بذلك الحاجز النفسي بين الطرفين؛ فال يمكن بعده للوالد أن يؤثر في أوالده‪.‬‬
‫ج‪ -‬ازدراؤهم إذا استقاموا ‪ :‬وهذا أشد االحتقار وأعظم صوره‪ ،‬فتجد من اآلباء من يحتقر أوالده إذا رأى منهم تقى وصالحا‬
‫واستقامة وهداية‪ ،‬مما يجعلهم يضلون‪ ،‬وعلى أعقابهم ينكصون‪ ،‬فيصبحون بعد ذلك عالة عليه‪ ،‬وسببا لجر الباليا إليه‪.‬‬
‫‪ -28‬قلة العناية بتربيتهم على تحمل المسؤولية ‪ :‬فبعض اآلباء ال يربي أوالده على تحمل المسؤولية؛ إما إلراحتهم‪ ،‬أو لعدم ثقته‬
‫بهم‪ ،‬أو لعدم مباالته في تربيتهم‪.‬‬
‫‪ -29‬عدم إعطائهم فرصة للتصحيح والتغيير لألفضل ‪ :‬فبمجرد أدنى خطأ أو زلة‪ -‬تجد بعض اآلباء يزري بولده‪ ،‬وال يكاد‬
‫ينسى هذا الخطأ له‪ ،‬فإذا سرق الولد ناداه باسم السارق‪ ،‬وإ ذا كذب ناداه باسم الكذاب‪ ،‬وكأن هذه األخطاء ضربة الزب ال تزول‪،‬‬
‫أو وصمة عار ال تنمحي‪ ،‬ومن هنا ينشأ الولد وفي نفسه أنه سارق أو كذاب‪ ،‬فال يحاول التخلص من عيبه‪ ،‬وال يجد من يعينه‬
‫على ذلك‪.‬‬
‫‪ -30‬سوء الفهم لنفسية األوالد وطبائعهم ‪ :‬فكثير من اآلباء ال يفهم نفسية أوالده‪ ،‬وال يعرف طبائعهم وأمزجتهم؛ فاألوالد تختلف‬
‫أمزجتهم وطبائعهم؛ فمنهم من يغضب بسرعة‪ ،‬ومنهم من يتسم بالبرود‪ ،‬ومنهم من هو معتدل المزاج‪ ،‬فمعاملتهم بنمط واحد‪-‬‬
‫بالرغم من تباين نفسياتهم‪ -‬قد يتسبب في انحرافهم وميلهم‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ -31‬قلة المراعاة لتقدير مراحل العمر التي يمر بها الولد ‪ :‬فتجد من الوالدين من يعامل الولد على أنه طفل صغير‪ ،‬بالرغم من‬
‫أنه قد كبر‪ ،‬فهذه المعاملة تؤثر في نفس الولد وتشعره بالنقص‪ ،‬فلكل مرحلة من مراحل العمر معاملتها الخاصة التي يجدر بالوالد‬
‫مراعاتها‪ ،‬واألخذ بها‪.‬‬
‫‪ -32‬الشماتة بالمبتلين ‪ :‬فبعض اآلباء إذا رأى مبتلى بدأ يشمت به‪ ،‬ويتهم أهله بالتقصير في تربيته‪ ،‬بدالً من أن يسأل اهلل‬
‫السالمة لنفسه‪ ،‬والعافية لهذا المبتلى؛ فكم من الناس من انحرف أبناؤه وضلوا؛ بسبب شماتته‪ ،‬وذرابة لسانه‪ ،‬وجرأته على الناس‪.‬‬
‫‪ -36‬الدفاع عن الولد بحضرته خصوصا في المدرسة ‪ :‬فقد يحدث أن يقوم أحد المدرسين أو المسؤولين في المدرسة بتأنيب‬
‫طالب من الطالب أو عقابه‪ ،‬ثم يأتي والده وقد غضب غضبة مضرية‪ ،‬وبدالً من الحوار الهادئ مع صاحب الشأن‪ ،‬وبدال من أن‬
‫يكون ذلك بعيداً عن ناظري الولد‪ -‬تجد ذلك الوالد يطلق العبارات النابية على األستاذ أو المسؤول‪ ،‬ويصب جام غضبه عليه‪،‬‬
‫وينزله في الحضيض بحضور ولده‪ ،‬ومن هنا تقل قيمة المدرسة في نفس الولد‪ ،‬ويشعر بالزهو والتيه واإلعجاب بالنفس‪ ،‬فال‬
‫يكاد بعد ذلك يصيخ السمع للمعلمين والمربين‪.‬‬
‫‪ -37‬ترك المبادرة في تزويج األبناء مع الحاجة والمقدرة ‪ :‬فمن اآلباء من ال يحفل بهذا األمر؛ فتراه ال يبادر إلى تزويج أبنائه‬
‫مع حاجاتهم إلى الزواج‪ ،‬ومع غنى األب‪ ،‬واستطاعته أن يزوجهم‪.‬‬
‫وهذا خطأ فادح؛ حيث يترتب عليه مفاسد عظيمة تعود على الفرد واألمة؛ فبسببه تتعطل الشباب عن الزواج إلى سن متأخرة‪،‬‬
‫وبسببه تضيع أعراض‪ ،‬وأخالق‪.‬‬
‫السبل المعينة على تربية األوالد‬
‫‪ -1‬العناية باختيار الزوجة الصالحة‪.‬‬
‫‪ -2‬سؤال اهلل الذرية الصالحة‪.‬‬
‫‪ -3‬الفرح بمقدم األوالد‪ ،‬والحذر من تسخطهم‪.‬‬
‫‪ -4‬االستعانة باهلل على تربيتهم‪.‬‬
‫‪ -5‬الدعاء لألوالد‪ ،‬وتجنب الدعاء عليهم‪.‬‬
‫‪ -6‬تسميتهم بأسماء حسنة‪.‬‬
‫‪ -7‬تكنيتهم بكنى طيبة في الصغر ‪ :‬كأن يكنى الولد بأبي عبد اهلل‪ ،‬أو أبي أحمد أو غير ذلك؛ حتى ال تسبق إليهم األلقاب‬
‫السيئة‪ ،‬فتستمر معهم طيلة العمر؛ فقد كان السلف الصالح يكنون أوالدهم وهم صغار‪ ،‬فتبقى معهم هذه الكنى حتى فراق الدنيا‪،‬‬
‫وكتب التراجم والسير زاخرة بذلك‪.‬‬
‫‪ -8‬غرس اإليمان والعقيدة الصحيحة في نفوس األوالد‪.‬‬
‫‪ -9‬غرس القيم الحميدة والخالل الكريمة في نفوسهم ‪ :‬يحرص الوالد على تربيتهم على التقوى‪ ،‬والحلم‪ ،‬والصدق‪ ،‬واألمانة‪،‬‬
‫والعفة‪ ،‬والصبر‪ ،‬والبر‪ ،‬والصلة‪ ،‬والجهاد‪ ،‬والعلم؛ حتى يشبوا متعشقين للبطولة‪ ،‬محبين لمعالي األمور‪ ،‬ومكارم األخالق‪.‬‬
‫‪ -10‬تجنيبهم األخالق الرذيلة‪ ،‬وتقبيحها في نفوسهم ‪ :‬فيكره الوالد لهم الكذب‪ ،‬والخيانة‪ ،‬والحسد‪ ،‬والحقد‪ ،‬والغيبة‪ ،‬والنميمة‪،‬‬
‫واألخذ من اآلخرين‪ ،‬وعقوق الوالدين‪ ،‬وقطيعة األرحام‪ ،‬والجبن‪ ،‬واألثرة‪ ،‬وغيرها من سفاسف األخالق ومرذولها؛ حتى ينشأوا‬
‫مبغضين لها‪ ،‬نافرين منها‪.‬‬
‫‪ -11‬تعليمهم األمور المستحسنة‪ ،‬وتدريبهم عليها ‪ :‬كتشميت العاطس‪ ،‬وكتمان التثاؤب‪ ،‬واألكل باليمين‪ ،‬وآداب قضاء الحاجة‪،‬‬
‫وآداب السالم ورده‪ ،‬وآداب الرد على الهاتف‪ ،‬واستقبال الضيوف‪ ،‬والتكلم بالعربية وغير ذلك‪.‬‬
‫فإذا تدرب الولد على هذه اآلداب واألخالق‪ ،‬واألمور المستحسنة منذ الصغر‪ -‬ألفها وأصبحت سجية له؛ فما دام أنه في الصبا‬
‫فإنه يقبل التعليم والتوجيه‪ ،‬ويشب على ما عود عليه كما قيل ‪:‬‬

‫‪47‬‬
‫على ما كان عوده أبوه‬ ‫وينشأ ناشئ الفتيان منا‬
‫‪ -12‬الحرص على استعمال العبارات المقبولة الطيبة مع األوالد‪ ،‬والبعد عن العبارات المرذولة السيئة ‪ :‬فمما ينبغي للوالدين‬
‫مراعاته أن يحرصا على انتقاء العبارات الحسنة المقبولة الطيبة‪ ،‬البعيدة عن اإلسفاف في مخاطبة األوالد‪ ،‬وأن يربأوا بأنفسهم‬
‫عن السب‪ ،‬والشتم‪ ،‬واللجاج وغير ذلك من العبارات البذيئة المقذعة‪.‬‬
‫فإذا أعجب الوالدين شيء من عمل األوالد‪ -‬على سبيل المثال‪ -‬قاال ‪ :‬ما شاء اهلل‪ ،‬وإ ذا رأيا ما يثير االهتمام قاال ‪ :‬سبحان اهلل‪،‬‬
‫اهلل اكبر‪ ،‬وإ ذا أحسن األوالد قاال لهم ‪ :‬بارك اهلل فيكم‪ ،‬أحسنتم‪ ،‬وإ ذا أخطأوا قاال ‪ :‬ال يا بني‪ ،‬ما هكذا‪ ،‬إلى غير ذلك من‬
‫العبارات المقبولة الحسنة؛ حتى يألف األوالد ذلك‪ ،‬فتعف ألسنتهم عن السباب والتفحش‪.‬‬
‫‪ -13‬الحرص على تحفيظ األوالد كتاب اهلل ‪ :‬فهذا العمل من أجل األعمال التي يمكن أن يقوم بها الوالدان؛ فاالشتغال بحفظه‪،‬‬
‫والعمل به اشتغال بأعلى المطالب‪ ،‬وأشرف المواهب‪ ،‬ثم إن فيه حفظاً ألوقاتهم‪ ،‬وحماية لهم من الضياع واالنحراف‪ ،‬فإذا حفظوا‬
‫القرآن أثر ذلك في سلوكهم وأخالقهم‪ ،‬وفجر ينابيع الحكمة في قلوبهم‪.‬‬
‫‪ -14‬تحصينهم باألذكار الشرعية ‪ :‬وذلك بإلقائها إليهم إن كانوا صغارا‪ ،‬وتحفيظهم إياها إن كانوا مميزين‪ ،‬وتبيين فضلها‪،‬‬
‫وتعويدهم على االستمرار عليها‪.‬‬
‫‪ -15‬الحرص على مسألة التربية بالقدوة ‪ :‬فهذه مسألة مهمة‪ ،‬فينبغي للوالدين أن يكونا قدوة لألوالد في الصدق‪ ،‬واالستقامة‪،‬‬
‫وغير ذلك‪ ،‬وأن يتمثال ما يقوالنه‪.‬‬
‫ومن األمور المستحسنة في ذلك أن يقوم الوالدان بالصالة أمام األوالد؛ حتى يتعلم األوالد الصالة عملياً من الوالدين‪ ،‬وهذا من‬
‫والحكم التي شرعت ألجلها صالة النافلة في البيت‪ ،‬ومن ذلك كظم الغيظ‪ ،‬وحسن استقبال الضيوف‪ ،‬وبر الوالدين‪ ،‬وصلة‬
‫األرحام‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫‪ -16‬الحذر من التناقض ‪ :‬فال يليق بالوالدين أن يأمرا األوالد بأمر ثم يعمال بخالفه‪ ،‬فالتناقض‪ -‬كما مر‪ -‬يفقد النصائح أثرها‪.‬‬
‫‪ -17‬الوفاء بالوعد ‪ :‬وهو داخل فيما مضى إال أنه أفرد ألهميته‪ ،‬ولكثرة وقوع الناس في الخلف فيه‪ ،‬فكثير من الوالدين إذا أراد‬
‫التخلص من إحراج أحد األوالد‪ -‬وعده بالوعود الكثيرة‪ ،‬فيعده بشراء الحلوى‪ ،‬أو بالذهاب إلى الحديقة‪ ،‬أو بشراء دراجة‪ ،‬وربما‬
‫ال يقوم الوالد بذلك أبدا‪ ،‬مما يجعل الولد ينشأ على إلف ذلك الخلق الرذيل‪.‬‬
‫فالذي يليق بالوالد‪ ،‬بل ويجب عليه إذا وعد أحدا من أبنائه وعدا‪ -‬أن يتمه ويفي به‪ ،‬وإ ن حال بينه وبين إتمامه حائل اعتذر من‬
‫الولد‪ ،‬وبين له مسوغات ذلك‪.‬‬
‫‪ -18‬إبعاد المنكرات وأجهزة الفساد عن األوالد ‪ :‬فمما يجب على الوالد تجاه أوالده أن يحميهم من المنكرات‪ ،‬وأن يطهر بيته‬
‫منها‪ ،‬حتى يحافظ على سالمة فطر األوالد‪ ،‬وعقائدهم‪ ،‬وأخالقهم‪.‬‬
‫‪ -19‬إيجاد البدائل المناسبة لألوالد ‪ :‬فكما أنه يجب على الوالدين إبعاد المنكرات فكذلك يجدر بهم أن يوجدوا البدائل المناسبة‬
‫المباحة‪ ،‬سواء من األلعاب‪ ،‬أو األجهزة التي تجمع بين المتعة والفائدة‪ ،‬حتى يجد األوالد ما يشغلون به وقت فراغهم‪.‬‬
‫‪ -20‬تجنيبهم أسباب االنحراف الجنسي ‪ :‬وذلك بإبعاد أجهزة الفساد عنهم‪ ،‬وتجنيبهم مطالعة القصص الغرامية‪ ،‬والمجالت‬
‫الخليعة‪ ،‬التي يروج لها تجار الغرائز واألعراض‪ ،‬وعدم السماح لهم بسماع األغاني‪ ،‬أو اإلطالع على الكتب الجنسية‪.‬‬
‫‪ -21‬تجنيبهم الزينة الفارهة والميوعة القاتلة ‪ :‬فينبغي للوالد أن يمنع أوالده من اإلفراط في التجمل‪ ،‬والمبالغة في التأنق‬
‫والتطيب‪ ،‬وأن ينهاهم عن التعري والتكشف‪ ،‬والتشبه بأعداء اهلل الكافرين؛ ألن هذه األعمال تتسبب في قتل مروءتهم‪ ،‬وإ فساد‬
‫طباعهم‪.‬‬
‫‪ -22‬تعويدهم على الخشونة والرجولة‪ ،‬والجد واالجتهاد‪ ،‬وتجنيبهم الكسل والبطالة والراحة والدعة ‪ :‬فال يليق باألب أن يعود‬
‫أوالده على الكسل والبطالة ‪ ،‬فالسيادة في الدنيا والسعادة في العقبى‪ -‬ال يوصل إليها إال على جسر من التعب‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫‪ -23‬ومما ينبغي في ذلك تعويدهم االنتباه آخر الليل ‪ :‬فإنه وقت الغنائم‪ ،‬وتفريق الجوائز‪ ،‬فمستقل‪ ،‬ومستكثر‪ ،‬ومحروم‪ ،‬فمن‬
‫اعتاده صغيرا سهل عليه كبيرا‪.‬‬
‫‪ -24‬تجنيبهم فضول الطعام‪ ،‬والكالم‪ ،‬والمنام‪ ،‬ومخالطة األنام ‪ :‬فإن الخسارة في هذه الفضالت‪ ،‬وهي تفوت على العبد خير‬
‫دنياه وآخرته‪ ،‬ولهذا قيل ‪ :‬من أكل كثيرا شرب كثيرا؛ فنام كثيرا‪ ،‬فخسر كثيرا‪.‬‬
‫‪ -25‬تشويقهم للذهاب إلى المسجد صغارا وحملهم على الصالة فيه كبارا ‪ :‬كأن يعمد الوالد إلى تشويق أوالده للذهاب للمسجد‬
‫قبل تمام السابعة من أعمارهم‪.‬‬
‫‪ -27‬تنمية الجرأة األدبية في نفس الولد ‪ :‬وذلك بإشعاره بقيمته‪ ،‬وزرع الثقة في نفسه؛ حتى يعيش كريما شجاعا‪.‬‬
‫‪ -28‬استشارة األوالد ‪ :‬كاستشارتهم ببعض األمور المتعلقة بالمنزل واستخراج ما لديهم من أفكار‪ ،‬كأخذ رأيهم في لون‬
‫السيارة التي سيشتريها األب‪ ،‬أو أخذ رأيهم في مكان الرحلة أو موعدها‪.‬‬
‫‪ -29‬تعويد الولد على القيام ببعض المسؤوليات ‪ :‬كاإلشراف على األسرة في حالة غياب ولي األمر‪.‬‬
‫‪ -30‬تعويد األوالد على المشاركة االجتماعية ‪ :‬وذلك بحثهم على المساهمة في خدمة دينهم‪ ،‬وإ خوانهم المسلمين‪.‬‬
‫‪ -31‬التدريب على اتخاذ القرار ‪ :‬كأن يعمد األب إلى وضع االبن في مواضع التنفيذ‪ ،‬وفي المواقف المحرجة‪ ،‬التي تحتاج إلى‬
‫حسم األمر‪ ،‬والمبادرة في اتخاذ القرار‪ ،‬وتحفل ما يترتب عليه‪ ،‬فإن أصاب شجعه وشد على يده‪ ،‬وإ ن أخطأ قومه وسدده بلطف؛‬
‫فهذا مما يعوده على مواجهة الحياة‪ ،‬والتعامل مع المواقف المحرجة‪.‬‬
‫‪ -32‬فهم طبائع األوالد ونفسياتهم ‪ :‬وهذه المسألة تحتاج إلى شيء من الذوق‪ ،‬وسبر الحال‪ ،‬ودقة النظر‪.‬‬
‫‪ -33‬تقدير مراحل العمر لألوالد ‪ :‬فالولد يكبر‪ ،‬وينمو تفكيره‪ ،‬فال بد أن تكون معاملته مالئمة لسنه وتفكيره واستعداده‪ ،‬وأال‬
‫يعامل على أنه صغير دائما‪ ،‬وال يعامل‪ -‬أيضا‪ -‬وهو صغير على أنه كبير؛ فيطالب بما يطالب به الكبار‪ ،‬ويعاتب كما يعاتبون‪،‬‬
‫ويعاقب كما يعاقبون‪.‬‬
‫‪ -34‬تالفي مواجهة األوالد مباشرة ‪ :‬وذلك قدر المستطاع خصوصا في مرحلة المراهقة‪ ،‬بل ينبغي أن يقادوا عبر اإلقناع‪،‬‬
‫والمناقشة الحرة‪ ،‬والحوار الهادئ البناء‪ ،‬الذي جمع بين العقل والعاطفة‪.‬‬
‫‪ -35‬الجلوس مع األوالد ‪ :‬فمما ينبغي لألب‪ -‬مهما كان له من شغل‪ -‬أن يخصص وقتا يجلس فيه مع األوالد‪ ،‬يؤنسهم فيه‪،‬‬
‫ويسليهم‪ ،‬ويعلمهم ما يحتاجون إليه‪ ،‬ويقص عليهم القصص الهادفة؛ ألن اقتراب الولد من أبويه ضروري جدا؛ وله آثاره‬
‫الواضحة‪ ،‬فهذا أمر مجرب؛ فاآلباء الذين يقتربون من أوالدهم؛ ويجلسون معهم‪ ،‬ويمازحونهم‪ -‬يجدون ثمار ذلك على أوالدهم‪،‬‬
‫حيث تستقر أحوال األوالد‪ ،‬وتهدأ نفوسهم‪ ،‬وتستقيم طباعهم‪.‬‬
‫‪ -37‬إشباع عواطفهم ‪ :‬فمما ينبغي مراعاته مع األوالد إشباع عواطفهم‪ ،‬وإ شعارهم بالعطف‪ ،‬والرحمة‪ ،‬والحنان؛ حتى ال‬
‫يعيشوا محرومين من ذلك‪ ،‬فيبحثوا عنه خارج المنزل؛ فالكلمة الطيبة‪ ،‬واللمسة الحانية‪ ،‬والكلمة الصادقة‪ ،‬وما جرى مجرى ذلك‬
‫له أثره البالغ في نفوس األوالد‪.‬‬
‫‪ -38‬النفقة عليهم بالمعروف ‪ :‬وذلك بكفايتهم‪ ،‬والقيام على حوائجهم؛ حتى ال يضطروا إلى البحث عن المال خارج المنزل‪.‬‬
‫‪ -39‬إشاعة اإليثار بينهم ‪ :‬وذلك بتقوية روح التعاون بينهم‪ ،‬وتثبيت أواصر المحبة فيهم‪ ،‬وتعويدهم على السخاء‪ ،‬والشعور‬
‫باآلخرين‪ ،‬حتى ال ينشأ الواحد منهم فرديا ال هم له إال نفسه‪.‬‬
‫‪ -40‬اإلصغاء إليهم إذا تحدثوا وإ شعارهم بأهمية كالمهم ‪ :‬بدالً من االنشغال عنهم‪ ،‬واإلشاحة بالوجه وترك اإلنصات لهم‪.‬‬
‫فالذي يجدر بالوالد إذا تحدث ولده‪ -‬خصوصا الصغير‪ -‬أن يصغي له تماما‪ ،‬وأن يبدي اهتمامه بحديثه‪ ،‬كأن تظهر عالمات‬
‫التعجب على وجهه‪ ،‬أو يبدي بعض األصوات أو الحركات التي تدل على اإلصغاء واالهتمام واإلعجاب‪ ،‬كأن يقول ‪ :‬رائع‪،‬‬
‫حسن‪ ،‬صحيح‪ ،‬أو أن يقوم بالهمهمة‪ ،‬وتحريك الرأس وتصويبه‪ ،‬وتصعيده‪ ،‬أو أن يجيب على أسئلته أو غير ذلك‪ ،‬فمثل هذا‬

‫‪49‬‬
‫العمل له آثار إيجابية كثيرة منها ‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن هذا العمل يعلم الولد الطالقة في الكالم‪.‬‬
‫ب‪ -‬يساعده على ترتيب أفكاره وتسلسلها‪.‬‬
‫ج‪ -‬يدربه على اإلصغاء‪ ،‬وفهم ما يسمعه من اآلخرين‪.‬‬
‫د‪ -‬أنه ينمي شخصية الولد‪ ،‬ويصقلها‪.‬‬
‫هـ‪ -‬يقوي ذاكرته‪ ،‬ويعينه على استرجاع ما مضى‪.‬‬
‫و‪ -‬يزيده قرباً من والده‪.‬‬
‫‪ -41‬تفقد أحوال األوالد‪ ،‬ومراقبتهم من بعد ‪ :‬ومن ذلك ما يلي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬مالحظتهم في أداء الشعائر التعبدية من صالة‪ ،‬ووضوء‪ ،‬ونحوها‪.‬‬
‫ب‪ -‬مراقبة الهاتف المنزلي‪.‬‬
‫ج‪ -‬النظر في جيوبهم وأدراجهم من حيث ال يشعرون‪ ،‬كأن ينظر في أدراجهم إذا ذهبوا للمدرسة‪ ،‬أو ينظر في جيوبهم إذا ناموا‪،‬‬
‫ثم يتصرف بعد ذلك بما يراه مناسبا‪.‬‬
‫د‪ -‬السؤال عن أصحابهم‪.‬‬
‫هـ‪ -‬مراقبة ما يقرؤونه‪ ،‬وتحذيرهم من الكتب التي تفسد أديانهم‪ ،‬وأخالقهم‪ ،‬وإ رشادهم إلى الكتب النافعة‪.‬‬
‫‪ -42‬إكرام الصحبة الصالحة للولد ‪ :‬وذلك بتشجيع الولد على صحبتهم‪ ،‬وحثه على االستمرار معهم‪ ،‬وبحسن استقبالهم إذا‬
‫زاروا الولد‪.‬‬
‫‪ -44‬التغافل ‪-‬ال الغفلة‪ -‬عن بعض ما يصدر من األوالد من عبث أو طيش ‪ :‬فذلك نمط من أنماط التربية‪ ،‬وهو مبدأ يأخذ به‬
‫العقالء في تعاملهم مع أوالدهم ومع الناس عموما؛‪ i‬فالعاقل ال يستقصي‪ ،‬وال يشعر من تحت يده أو من يتعامل معهم بأنه يعلم‬
‫عنهم كل صغيرة وكبيرة؛ ألنه إذا استقصى‪ ،‬وأشعرهم بأنه يعلم عنهم كل شيء ذهبت هيبته من قلوبهم‪.‬‬
‫ثم إن تغافله يعينه على تقديم النصح بقالب غير مباشر‪ ،‬من باب ‪ :‬إياك أعني واسمعي يا جاره‪ ،‬ومن باب ‪ :‬ما بال أقوام‪.‬‬
‫وربما كان ذلك أبلغ وأوقع‪.‬‬
‫‪ -45‬البعد عن تضخيم األخطاء ‪ :‬فمما يجدر بالوالدين أن يأخذوا به؛ وأال يضخموا األخطاء‪ ،‬ويحطوها أكبر من حجمها‪ ،‬بل‬
‫عليهم أن ينزلوها منازلها‪ ،‬وأن يدركوا أنه ال يخلو أحد من األخطاء‪ ،‬فجميع البيوت تقع فيها األخطاء فمقل ومستكثر؛ فكسر‬
‫الزجاج‪ ،‬أو بعض األواني‪ ،‬أو العبث ببعض مرافق المنزل‪ ،‬ونحو ذلك‪ -‬ال يترتب عليه كبير فساد‪.‬‬
‫‪ -46‬اصطناع المرونة في التربية ‪ :‬فإذا اشتدت األم على الولد الن األب‪ ،‬وإ ذا عنف األب النت األم؛ فقد يقع الوالد‪ -‬على‬
‫سبيل المثال‪ -‬في خطأ فيؤنبه والده تأنيباً يجعله يتوارى؛ خوفاً من العقاب الصارم‪ ،‬فتأتي األم‪ ،‬وتطيب خاطره‪ ،‬وتوضح له خطأه‬
‫برفق‪ ،‬عندئذ يشعر الولد بأنهما على صواب‪ ،‬فيقبل من األب تأنبيه‪ ،‬ويحفظ لألم معروفها‪ ،‬والنتيجة أنه سيتجنب الخطأ مرة‬
‫أخرى‪.‬‬
‫‪ -47‬التربية بالعقوبة ‪ :‬فاألصل في تربيه األوالد لزوم الرفق واللين إال أن العقوبة قد يحتاج إليها المربي‪ ،‬بشرط أال تكون‬
‫ناشئة عن سورة جهل‪ ،‬أو ثورة غضب‪ ،‬وأال يلجأ إليها إال في أضيق الحدود‪ ،‬وأال يؤدب الولد على خطأ ارتكبه للمرة األولى‪،‬‬
‫وأال يؤدبه على خطأ أحدث له ألماً‪ ،‬وأال يكون أمام اآلخرين‪.‬‬
‫ومن أنواع العقوبة‪ -‬العقاب النفسي‪ ،‬كقطع المديح‪ ،‬أو إشعار الولد بعدم الرضا‪ ،‬أو توبيخه أو غير ذلك‪.‬‬
‫ومنها العقاب البدني الذي يؤلمه وال يضره‪.‬‬
‫‪ -8‬إعطاء األوالد فرصة للتصحيح ‪ :‬فمما ينبغي للوالد مراعاته في التربية‪ -‬أن يعطي أوالده فرصة للتصحيح إذا أخطأوا‪،‬‬

‫‪50‬‬
‫حتى ينهضوا لألمثل‪ ،‬ويرتقوا لألفضل‪ ،‬ويتخذوا من الخطأ سبيالً للصواب‪.‬فال ينبغي للوالد أن يأخذ موقفا واحدا من أحد أوالده‪،‬‬
‫فيجعله ذريعة لوصمه وعيبه‪ ،‬كأن يسرق مرة فيناديه باسم السارق دائما‪ ،‬دون أن يعطيه فرصة للتصحيح وهكذا‪...‬‬
‫‪ -49‬الحرص على أن يكون التفاهم قائما بين الوالدين ‪ :‬فعلى الوالدين أن يحرصا كل الحرص عليه‪ ،‬وأن يسلكا كافة السبل‬
‫الموصلة إليه‪ ،‬وعليهما أن يجتنبا الوسائل المفضية للشقاق‪ ،‬ويبتعدا عن عتاب بعضهما لبعض أمام األوالد؛ حتى يتوفر الهدوء‬
‫في البيت‪ ،‬وتسود األلفة فيه‪ ،‬فيجد األوالد فيه الراحة والسكن‪ ،‬واألنس والسرور‪ ،‬فيتعلقوا بالبيت أكثر من الشارع‪.‬‬
‫‪ -53‬إقامة المسابقات الثقافية بين األوالد‪ ،‬ووضع الجوائز والحوافز لها ‪ :‬فذلك العمل مما يشحذ هممهم‪ ،‬ويحرك أذهانهم‪،‬‬
‫ويدربهم على البحث والنظر في كتب أهل العلم‪ ،‬ويعدهم للرقي في مستوياتهم‪.‬‬
‫‪ -54‬تكوين مكتبة منزلية ميسرة ‪ :‬تحتوي على كتب وأشرطة مالئمة لسنهم ومداركهم‪ ،‬فالمكتبة من أعظم روافد الثقافة‪.‬‬
‫‪ -55‬اصطحاب األوالد لمجالس الذكر ‪ :‬كالمحاضرات‪ ،‬والندوات التي تعقد في المساجد وغيرها؛ فهي مما يثري الولد‬
‫بالمعلومات‪ ،‬ويمده بالخير‪ ،‬ويعده لمواجهة الحياة‪ ،‬ويجيب على أسئلته التي تتردد في ذهنه‪ ،‬كما أنها تغذيه باإليمان‪ ،‬وتربط على‬
‫قلبه‪ ،‬وتربيه على أدب االستماع‪.‬‬
‫‪ -61‬منع األوالد بنين وبنات من التشبه بالكفار‪.‬‬
‫‪ -62‬منع البنين من االختالط بالنساء‪ ،‬ومنع البنات من االختالط بالرجال‪.‬‬
‫‪ -64‬عدم استعجال النتائج في التربية ‪ :‬فعلى الوالد إذا بذل مستطاعه لولده‪ ،‬وبين له وحذره ونصح له واستنفذ كل طاقته‪ -‬أال‬
‫يستعجل النتائج‪ ،‬بل عليه أن يصبر‪ ،‬ويصابر‪ ،‬ويستمر في دعائه لولده وحرصه عليه؛ فلربما استجاب الولد بعد حين‪ ،‬وادكر بعد‬
‫أمة‪.‬‬
‫‪ -65‬الحذر من اليأس ‪ :‬فإذا ما رأى الوالد من أوالده إعراضا أو نفورا أو تماديا‪ -‬فعليه أال ييأس من صالحهم واستقامتهم؛‬
‫فاليأس من روح اهلل ليس من صفات المؤمنين‪ ،‬بل عليه أن ينتظر الفرج من اهلل‪ -‬عز وجل‪ -‬فلعل نفحة من نفحات الرحيم‬
‫الكريم ترد الولد إلى رشده‪ ،‬وتقصره عن غيه‪.‬‬
‫‪ -66‬اليقين بأن التربية الصالحة ال تذهب سدى ‪ :‬فلو لم يأب اإلنسان من نصحه ألوالده وحرصه على هدايتهم وصالحهم‪ -‬إال‬
‫أن يكون أعذر إلى اهلل بذلك‪ ،‬فالنصح ثمرته مضمونة بكل حال؛ فإما أن يستقيم األوالد في الحال‪ ،‬وإ ما أن يفكروا في ذلك‪ ،‬وإ ما‬
‫أن يقصروا بسببه عن التمادي في الباطل‪ ،‬أو أن يعذر اإلنسان إلى اهلل‪ -‬كما مر‪.-‬‬
‫بل كثيراً ما يصلح األوالد بعد وفاة والدهم الذي رباهم على الفضائل؛ حيث لم يدكروا إال بعد أمة‪.‬‬
‫‪ -67‬إعانة األوالد على البر ‪ :‬فبر الوالدين وإ ن كان واجبا على األبناء‪ -‬إال أنه يجدر باآلباء أن يعينوا أبناءهم على البر‪ ،‬وأن‬
‫يشجعوهم‪ ،‬وأال يقفوا حجر عثرة أمامهم‪.‬‬
‫‪ -68‬حفظ الجميل لألبناء ‪ :‬فمما يحسن بالوالدين أن يحفظوا الجميل لألبناء‪ ،‬وأن يشكروهم عليه‪ ،‬ويذكروهم به؛ حتى ينبعث‬
‫األوالد للبر واإلحسان‪ ،‬ويستمروا عليه‪.‬‬
‫‪ -71‬قراءة الكتب المفيدة في التربية ‪ :‬فهي مما يعين على تربية األوالد؛ ألنها ناتجة عن تجربة‪ ،‬وممارسة‪ ،‬وخبرة‪ ،‬وعصارة‬
‫فكر‪ ،‬ونتاج تمحيص وبحث‪.‬‬
‫‪ -72‬استحضار فضائل التربية في الدنيا واآلخرة ‪ :‬فهذا مما يعين الوالد على الصبر والتحمل‪ ،‬فإذا صلح األوالد كانوا قرة‬
‫عين له في الدنيا‪ ،‬وسببا إليصال األجر له بعد موته‪ ،‬ولو لم يأته من ذلك إال أن يكفى شرهم‪ ،‬ويسلم من تبعتهم‪.‬‬
‫‪ -73‬استحضار عواقب اإلهمال والتفريط في تربية األوالد ‪ :‬فاألوالد أوالده‪ ،‬ولن ينفك عنهم بحال من األحوال‪ ،‬والعرب تقول‬
‫‪" :‬أنفك منك وإ ن ذن"‪ ،‬وتقول ‪" :‬عيصك منك وإ ن كان أشبا"‪ .‬فإذا أهملهم وقصر في تربيتهم كانوا شجى في حلقه في هذه الدنيا‪،‬‬
‫وكانوا سببا لتعرضه للعقاب في العقبى‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫‪ -74‬وخالصة القول في تربية األوالد ‪ :‬أن يسعى الوالد في جلب ما ينفعهم‪ ،‬ودفع ما يضرهم عاجالً وآجالً‪.‬‬

‫الطفولة مشاكل وحلول‬


‫السرقة‬
‫أسباب السرقة‪ :‬إن األطفال يسرقون لعدة أسباب وهو يدركون أن ما يأخذونه يعود لغيرهم وهناك عدة أسباب للسرقة منها‪:‬‬
‫يمكن أن يوجد لدى األطفال نقص ما في بعض األشياء وبذلك يضطر للسرقة لتعويض ذلك النقص‪ ،‬والبعض‬ ‫‪.1‬‬
‫من األطفال تؤثر عليهم البيئة التي يعيشون بها وخاصة إذا كان أحد الوالدين متوفى‪ ،‬أو كان الوالد مدمن على الكحول‬
‫أو أن تكون البيئة نفسها فقيرة وهذه عناصر تساعد الطفل على أن يسرق لزيادة شعوره بالنقص في مثل هذه الظروف‪.‬‬
‫شعور بعض األهل بالسعادة عندما يقوم ابنهم بسرقة شيء ما وبهذا يشعر الطفل بالسعادة ويستمر في عمله‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫بعض األطفال يقومون بعملية السرقة إلثبات أنهم األقوى خصوصاً أمام رفقاء السوء‪ ،‬ولعلهم يتنافسون في‬ ‫‪.3‬‬
‫ذلك‪ ،‬وبعضهم يشعر بمتعة هذا العمل‪.‬‬
‫قد يسرق الطفل رغبة في تقليد من هم أكبر منه سناً‪ ،‬الوالد أو األخ أو غيرهم ممن يؤثرون عليه حياته‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫األطفال من الطبقات الدنيا يسرقون لتعويض ما ينقصهم بسبب فقرهم لعدم وجود نقود يشترون بها‪ ،‬أو‬ ‫‪.5‬‬
‫يحصلون على ما يريدون‪ ،‬فاألطفال يقومون بسرقة ما يمنعه األهل عنهم وهم يشعرون باحتياجهم له فإنهم يعملون على‬
‫أخذه دون علم األهل‪.‬‬
‫قد يكون دافع السرقة أخراج كبت يشعر به الطفل بسبب ضغط معين‪ ،‬ولذا يقوم بالسرقة طلباً للحصول على‬ ‫‪.6‬‬
‫الراحة‪ ،‬وقد يكون سبب الكبت إحباط أو طفل جديد‪.‬‬
‫طرق الوقاية‪:‬‬
‫‪ .1‬تعليم القيم‪ :‬على األهل أن يعلموا األطفال القيم والعادات الجيدة‪ ،‬واالهتمام بذلك قدر اإلمكان‪ i،‬وتوعيتهم أن الحياة‬
‫للجميع وليس لفرد معين‪ ،‬وحثهم على المحافظة على ممتلكات اآلخرين‪.‬‬
‫‪ .2‬يجب أن يكون هناك مصروف ثابت للطفل ـ يستطيع أن يشتري به ما يشعر أنه يحتاج إليه فعالً‪ ،‬حتى لو كان هذا‬
‫المصروف صغيراً‪ ،‬ولو كان مقابل عمل يؤديه في المنزل بعد المدرسة‪ ،‬يجب أن يشعر الطفل بأنه سيحصل على النقود‬
‫من والديه إذا احتاج لها فعالً‪.‬‬
‫‪ .3‬عدم ترك أشياء يمكن أن تغري الطفل وتشجعه للقيام بالسرقة مثل النقود وغيرها من الوسائل التي تساهم بتسهيل‬
‫السرقة باعتراضهم‪.‬‬
‫‪ .4‬تنمية وبناء عالقات وثيقة بين األهل واألبناء‪ ،‬عالقات يسودها الحب والتفاهم وحرية التعبير حتى يستطيع الطفل أن‬
‫يطلب ما يحتاج إليه من والديه دون تردد أو خوف‪.‬‬
‫‪ .5‬اإلشراف المباشر على الطفل باإلضافة إلى تعليمهم القيم واالهتمام بما يحتاجونه فاألطفال بحاجة إلى إشراف ومراقبة‬
‫مباشرة حتى ال يقوم الطفل بالسرقة وإ ن قام بها تتم معرفتها من البداية ومعالجتها‪ ،‬لسهولة المعالجة حينها‪.‬‬
‫‪ .6‬ليكن الوالدين ومن يكبرون الطفل سناً هم المثل األعلى للطفل بمعاملته بأمانه وإ خالص وصدق‪ ،‬مما يعلم الطفل‬
‫المحافظة على أشياءه وأشياء اآلخرين‪.‬‬
‫‪ .7‬تعليم األطفال حق الملكية حتى يشعرون بحقهم في ملكية األشياء التي تخصهم فقط‪ ،‬وتعلمهم كيف يردون األشياء إلى‬
‫أصحابها إذا استعاروها منهم وبإذنهم‪.‬‬
‫العالج‪:‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ .1‬التصرف بعضوية‪ :‬عند حدوث سلوك السرقة يجب على األهل البحث عن الخطأ واألسباب التي دعت إلى ذلك السلوك‬
‫سواء كان ذلك من داخل البيت أو من خارجه والتصرف بأقصى سرعة‪.‬‬
‫‪ .2‬السلوك الصحيح‪ :‬يجب أن يفعل األهل ما يرونه في صالح أطفالهم وذلك بمعالجة األمر بروية وتأني‪ ،‬وذلك بأن يعيد ما‬
‫سرقه إلى الشخص الذي أخذه منه مع االعتذار منه ودفع ثمنه إذا كان الطفل قد صرف واستهلك ما سرقه‪.‬‬
‫‪ .3‬مواجهة المشكلة‪ :‬معالجة األمر ومجابهته بجدية سيؤدي إلى الحل الصحيح وذلك لخطورة الموقف أو السلوك وذلك‬
‫يتطلب معرفة السبب وراء سلوك الطفل هذا المسلك الغير مناسب ووضعه في مكان الشخص الذي سرقه وسؤاله عن‬
‫ردة فعله وشعوره إذا تعرض هو لذلك‪.‬‬
‫‪ .4‬الفهم‪:‬يجب علينا أن نفهم لماذا قام الطفل بذلك وما هي دوافعه وذلك قد يكون مرجعه إلى الحرمان االقتصادي بسبب‬
‫نقص مادي يشعر به الطفل أو لمنافسه زمالؤه ممن يملكون النقود‪ ،‬وقد يكون السبب الحرمان العاطفي وذلك لشعور‬
‫الطفل بالحرمان من الحنان واالهتمام ممن هم حوله‪ ،‬وقد يكون لعدم إدراك الطفل لمفهوم السرقة وما الفرق بينها وبين‬
‫االستعارة‪ ،‬وبالتالي الفهم الصحيح للسبب يترتب عليه استنتاج الحل المناسب‪ ،‬فإذا كان الدافع اقتصادي يتم تزويد الطفل‬
‫بما يحتاجه من نقود وإ فهامه بأن يطلب ما يحتاجه‪ ،‬أما إن كان الحرمان عاطفياً فيجب إظهار االهتمام به وبحاجاته‬
‫وقضاء الوقت الكافي معه وقد يكون لعدم اإلدراك وهنا يجب التوضيح للطفل ما تعني السرقة وما الفرق بينها وبين‬
‫االستعارة‪ ،‬وشرح القواعد التي تحكم الملكية له بأسلوب بسيط وتجنب العقاب حتى ال يترتب عليه الكذب‪.‬‬
‫‪ .5‬عند حدوث السرقة يجب عدم التصرف بعصبية ويجب أن ال تعتبر السرقة فشل لدى الطفل‪ ،‬وال يجب أن تعتبر أنها‬
‫مصيبة حلت باألسرة‪ ،‬بل يجب اعتبارها حالة خاصة يجب التعامل معها ومعرفة أسبابها‪ ،‬وحلها وإ حسان طريقة‬
‫عالجها‪ ،‬ولكن دون المبالغة في العالج‪ ،‬وأن ال تكون هناك مبالغة في وصف السرقة‪ ،‬والمهم في هذه الحالة أن نخفف‬
‫من الشعور السيئ لدى الطفل بحيث نجعله يشعر بأننا متفهمون لوضعه تماماً‪ ،‬وأن ال توجه تهمة السرقة للطفل‬
‫مباشرة‪.‬‬
‫‪ .6‬المراقبة‪ :‬على األهل مراقبة سلوكيات أطفالهم كالسرقة والغش‪ ،‬ومراقبة أنفسهم ألنهم النموذج ألبنائهم وعليهم مراقبة‬
‫سلوكياتهم وألفاظهم وخصوصاً األلفاظ التي يلقبون بها الطفل حين يسرق كما يجب أن يشرح له أهمية التعبير‪ ،‬ومعرفة‬
‫األهل أن األطفال حين يقعون في مشكلة فإنهم بحاجة إلى مساعدة وتفهم الكبار ومناقشتهم بهدوء‪.‬‬

‫يجب أن ال يصاب اآلباء بصدمة نتيجة سرقة ابنهم وأن ال يأخذوا في الدفاع عنه حتى ال يتطور األمر ويبدأ الطفل بالكذاب توافقاً‬
‫مع دفاع أهله عنه بل الواجب أن يتعاونوا من أجل حل هذه المشكلة‪.‬‬
‫الغيـرة‬

‫هي العامل المشترك في الكثير من المشاكل النفسية عند األطفال ويقصد بذلك الغيرة المرضية التي تكون مدمرة للطفل والتي قد‬
‫تكون سبباً في إحباطه وتعرضه للكثير من المشاكل النفسية‪ .‬والغيرة أحد المشاعر الطبيعية الموجودة عند اإلنسان كالحب‪...‬‬
‫ويجب أن تقبلها األسرة كحقيقة واقعة وال تسمع في نفس الوقت بنموها‪ ...‬فالقليل من الغيرة يفيد اإلنسان‪ ،‬فهي حافز على‬
‫التفوق‪ ،‬ولكن الكثير منها يفسد الحياة‪ ،‬ويصيب الشخصية بضرر بالغ‪ ،‬وما السلوك العدائى واألنانية واالرتباك واالنزواء إال‬
‫أثراً من آثار الغيرة على سلوك األطفال‪ .‬وال يخلو تصرف طفل من إظهار الغيرة بين الحين والحين‪ i....‬وهذا ال يسبب إشكاال‬
‫إذا فهمنا الموقف وعالجناه عالجاً سليماً‪ .‬أما إذا أصبحت الغيرة عادة من عادات السلوك وتظهر بصورة مستلألسرة‪،‬ا تصبح‬
‫مشكلة‪ ،‬والسيما حين يكون التعبير عنها بطرق متعددة والغيرة من أهم العوامل التي تؤدى إلى ضعف ثقة الطفل بنفسه‪ ،‬أو إلى‬
‫نزوعه للعدوان والتخريب والغضب‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫‪     ‬والغيرة شعور مؤلم يظهر في حاالت كثيرة مثل ميالد طفل جديد لألسرة ‪ ،‬أو شعور الطفل بخيبة أمل في الحصول على‬
‫رغباته ‪ ،‬ونجاح طفل آخر في الحصول على تلك الرغبات ‪ ،‬أو الشعور بالنقص الناتج عن اإلخفاق والفشل‪ .‬والواقع أن انفعال‬
‫الغيرة انفعال مركب‪ ،‬يجمع بين حب التملك والشعور بالغضب‪ ،‬وقد يصاحب الشعور بالغيرة إحساس الشخص بالغضب من‬
‫نفسه ومن إخوانه الذين تمكنوا من تحقيق مآربهم التي لم يستطع هو تحقيقها‪ .‬وقد يصحب الغيرة كثير من مظاهر أخرى كالثورة‬
‫أو التشهير أو المضايقة أو التخريب أو العناد والعصيان‪ ،‬وقد يصاحبها مظاهر تشبه تلك التي تصحب انفعال الغضب في حالة‬
‫كبته ‪ ،‬كالالمباالة أو الشعور بالخجل ‪ ،‬أو شدة الحساسية أو اإلحساس بالعجز ‪ ،‬أو فقد الشهية أو فقد الرغبة في الكالم‪.‬‬

‫الغيرة والحسد‪ :‬فالغيرة هي ليست الرغبة في الحصول على شيء يملكه الشخص األخر‪ ،‬بل هي أن ينتاب المرء القلق بسبب‬
‫عدم حصوله على شيء ما‪ ...‬فإذا كان ذلك الطفل يغار من صديقه الذي يملك الدراجة‪ ،‬فذلك ال يعود فقط إلى كونه يريد دراجة‬
‫كتلك لنفسه بل وإ لى شعوره بأن تلك الدراجة توفر الحب‪ ...‬رمزاً لنوع من الحب والطمأنينة اللذين يتمتع بهما الطفل األخر بينما‬
‫هو محروم منهما‪ ،‬وإ ذا كانت تلك الفتاة تغار من صديقتها تلك ذات الطلعة البهية فيعود ذلك إلى أن قوام هذه الصديقة يمثل‬
‫الشعور بالسعادة والقبول الذاتي اللذين يتمتع بهما المراهق والتي حرمت منه تلك الفتاة‪ .‬فالغيرة تدور إذا حول عدم القدرة على‬
‫أن نمنح اآلخرين حبنا ويحبنا اآلخرون بما فيه الكفاية‪ ،‬وبالتالي فهي تدور حول الشعور بعدم الطمأنينة والقلق تجاه العالقة‬
‫القائمة مع األشخاص الذين يهمنا أمرهم‪.‬‬

‫ولعالج الغيرة أو للوقاية من آثارها السلبية يجب عمل اآلتي‪-:‬‬

‫إشعار الطفل بقيمته ومكانته في األسرة والمدرسة وبين الزمالء‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تعويد الطفل على أن يشاركه غيره في حب اآلخرين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تعليم الطفل على أن الحياة أخذ وعطاء منذ الصغر وأنه يجب على اإلنسان أن يحترم حقوق اآلخرين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تعويد الطفل على المنافسة الشريفة بروح رياضية تجاه اآلخرين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫بعث الثقة في نفس الطفل وتخفيف حدة الشعور بالنقص أو العجز عنده‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫توفير العالقات القائمة على أساس المساواة والعدل‪ ،‬دون تميز أو تفضيل على آخر‪ ،‬مهما كان جنسه أو سنه أو قدراته‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫فال تحيز وال امتيازات بل معاملة على قدم المساواة‬

‫تعويد الطفل على تقبل التفوق‪ ،‬وتقبل الهزيمة‪ ،‬بحيث يعمل على تحقيق النجاح ببذل الجهد المناسب‪ ،‬دون غيرة من‬ ‫‪‬‬

‫تفوق اآلخرين عليه‪ ،‬بالصورة التي تدفعه لفقد الثقة بنفسه‪.‬‬

‫تعويد الطفل األناني على احترام وتقدير الجماعة‪ ،‬ومشاطرتها الوجدانية‪ ،‬ومشاركة األطفال في اللعب وفيما يملكه من‬ ‫‪‬‬

‫أدوات‪.‬‬

‫يجب على اآلباء الحزم فيما يتعلق بمشاعر الغيرة لدى الطفل‪ ،‬فال يجوز إظهار القلق واالهتمام الزائد بتلك المشاعر‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫كما أنه ال ينبغي إغفال الطفل الذي ال ينفعل‪ ،‬وال تظهر عليه مشاعر الغيرة مطلقاً‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫في حالة والدة طفل جديد ال يجوز إهمال الطفل الكبير وإ عطاء الصغير عناية أكثر مما يلزمه‪ ،‬فال يعط المولود من‬ ‫‪‬‬

‫العناية إال بقدر حاجته‪ ،‬وهو ال يحتاج إلى الكثير‪ ،‬والذي يضايق الطفل األكبر عادة كثرة حمل المولود وكثرة االلتصاق‬
‫الجسمي الذي يضر المولود أكثر مما يفيده‪ .‬وواجب اآلباء كذلك أن يهيئوا الطفل إلى حادث الوالدة مع مراعاة فطامه‬
‫وجدانياً تدريجياً بقدر اإلمكان‪ ،‬فال يحرم حرماناً مفاجئاً من االمتياز الذي كان يتمتع به‪.‬‬

‫يجب على اآلباء واألمهات أن يقلعوا عن المقارنة الصريحة واعتبار كل طفل شخصية مستقلة لها استعداداتها ومزاياها‬ ‫‪‬‬

‫الخاصة بها‪.‬‬

‫تنمية الهوايات المختلفة بين األخوة كالموسيقى والتصوير وجمع الطوابع والقراءة وألعاب الكمبيوتر وغير ذلك‪.....‬‬ ‫‪‬‬

‫وبذلك يتفوق كل في ناحيته‪ ،‬ويصبح تقيمه وتقديره بال مقارنة مع اآلخرين‪.‬‬

‫المساواة في المعاملة بين االبن واالالمريض‪ ،‬التفرقة في المعاملة تؤدى إلى شعور األوالد بالغرور وتنمو عند البنات‬ ‫‪‬‬

‫غيرة تكبت وتظهر أعراضها في صور أخرى في مستقبل حياتهن مثل كراهية الرجال وعدم الثقة بهم وغير ذلك من‬
‫المظاهر الضارة لحياتهن‪.‬‬

‫عدم إغداق امتيازات كثيرة على الطفل المريض ‪ ،‬فأن هذا يثير الغيرة بين األخوة األصحاء ‪ ،‬وتبدو مظاهرها في تمنى‬ ‫‪‬‬

‫وكراهية الطفل المريض أو غير ذلك من مظاهر الغيرة الظاهرة أو المستترة‬

‫الكذب‬
‫مفهومه‪:‬‬
‫يمكن تعريف الكذب بأنه قول شيء غير حقيقي وقد يعود إلى الغش لكسب شيء ما أو للتخلص من أشياء غير سارة‪.‬‬
‫األطفال يكذبون عند الحاجة وفي العادة اآلباء يشجعون الصدق كشيء جوهري وضروري في السلوك‪ ،‬ويغضبون عندما يكذب‬
‫الطفل‪ ،‬واألطفال يجدون صعوبة في التميز بين الوهم والحقيقة‪ ،‬وذلك خالل المرحلة االبتدائية‪ ،‬ولذا يميلون إلى المبالغة‪ ،‬وفي‬
‫سن المدرسة يختلق األطفال الكذب أحياناً لكي يتجنبوا العقاب‪ ،‬أو لكي تفوقوا على اآلخرين أو لكي يتصرفوا مثل اآلخرين‪،‬‬
‫حيث يختلف األطفال في مستوى فهم الصدق‪.‬‬
‫ولقد ميز باجيه مراحل اعتقاد الطفل للكذب إلى ثالثة مراحل‪:‬‬
‫‪ ‬المرحلة األولى‪ :‬يعتقد الشيء أن الكذب خطأ ألنه شيء سيعاقب عليه‪.‬‬
‫‪ ‬المرحلة الثانية‪ :‬يبدو الكذب كشيء خطأ في حد ذاته وسوف يبقى ولو بعد زوال العقاب‬
‫‪ ‬المرحلة الثالثة‪ :‬الكذب خطأ ينعكس على االحترام المتبادل والمحبة المتبادلة‪.‬د‬
‫الكذب عند األطفال يأخذ عدة أشكال مضاف إليها‪:‬‬
‫القلب البسيط للحقيقة أو التغيير البسيط‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫المبالغة‪:‬يبالغ أو يغالط الطفل والده بشدة‬ ‫‪.2‬‬
‫التلفيق ‪ :‬كأن يتحدث بشيء لم يقم به ‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫المحادثة ‪ :‬يتكلم بشيء جزء منه صحيح وجزء غير صحيح‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫شكاية خاطئة ‪ :‬بأن يوقع اللوم على غيره فيما فعله هو‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫أسباب الكذب ‪:‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ .1‬الدفاع الشخصي ‪ :‬الهروب من النتائج غير السارة في السلوك‪ ،‬كعدم الموافقة مع اآلباء أو العقاب‪.‬‬
‫‪ .2‬اإلنكار أو الرفض‪ :‬للذكريات المؤلمة أو المشاعر خاصة التي ال يعرف كيف يتصرف أو يتعامل معها‪.‬‬
‫‪ .3‬التقليد‪:‬أي تقليد الكبار واتخاذهم كنماذج‪.‬‬
‫‪ .4‬التفاخر ‪:‬وذلك لكي يحصل على اإلعجاب واالهتمام ‪.‬‬
‫‪ .5‬فحص الحقيقة‪ :‬لكي يتعرف على الفرق بين الحقيقة والخيال‪.‬‬
‫‪ .6‬الحصول على األمن ‪ :‬والحماية من األطفال اآلخرين‪.‬‬
‫‪ .7‬العداوة‪ :‬تصرف بعداوة تامة تجاه اآلخرين‪.‬‬
‫‪ .8‬االكتساب‪ :‬للحصول على شيء للذات‪.‬‬
‫‪ .9‬التخيل النفسي‪ :‬عندما نكرر ونردد على مسامع الطفل أنه كاذب فسوف يصدق ذلك من كثرة الترديد‪.‬‬
‫‪.10‬عدم الثقة‪ :‬اآلباء قد يظهرون أحياناً عدم الثقة بما ينطق به أبناءهم وإ ن كان صدقاً‪ ،‬لذا يفضل الطفل أن يكذب أحياناً‬
‫ليكسب الثقة‪.‬‬
‫الوقاية من الكذب‪:‬‬
‫‪ .1‬أن ال يطلب من األطفال أن يشهدوا ضد أنفسهم‪ ،‬أو أن يطلب منهم االعتراف بأخطائهم‪ ،‬وبدالً من ذلك يجب جمع‬
‫بناء على هذه الحقائق‪ ،‬وفي حال إذناب الطفل تجنب العقاب‪ ،‬ويجب مد‬
‫الحقائق من مصادر أخرى‪ ،‬ووضع القرارات ً‬
‫يد العون للطفل‪.‬‬
‫‪ .2‬تأسيس مستوى للصدق وتشكيل قدوة للطفل‪.‬‬
‫‪ .3‬مناقشة الحكمة والمغزى من الصدق يتم التبيين فيها أن الكذب شيء غير محبب وكذلك السرقة والخداع‪.‬‬
‫‪ .4‬االبتعاد عن استعمال العقاب الذي يبدو أن الطفل يعفى منه لو دافع عن نفسه بأسلوب الكذب‪ ،‬ألن األطفال سوف يكذبون‬
‫حتى يوفروا على أنفسهم إهانات الكبار‪.‬‬
‫طرق العالج‪:‬‬
‫‪ .1‬العقاب‪ :‬مساعدة األطفال على التعلم بواسطة التجربة بتوضيح أن الكذب غير ناجح ويعمل اإلضرار به‪ ،‬كما يجب أن‬
‫يبين له أن الصدق أفضل ويقلل من العقاب‪ ،‬سامحه إذا قال الحقيقة وعاقبه عقاباً مناسباً إذا غير الحقيقة‪.‬‬
‫‪ .2‬تعليم األطفال قيمة الصدق‪ :‬ال يجب التغاضي عن كذب األطفال ويجب حثهم على الصدق بقراءة قصص توضح لهم‬
‫قيمة الصدق‪.‬‬
‫‪ .3‬البحث عن أسباب الكذب‪ :‬يجب العمل على إيجاد األمور التي جعلت الطفل يكذب ليتم تفادي ذلك في المستقبل‪ ،‬وفيما‬
‫يلي األسباب الرئيسية لكذب األطفال‪:‬‬
‫‪ .1‬لكي يحصلوا على الثناء‪ ،‬والحل إعطاء الطفل الثناء واالهتمام لألشياء الجيدة التي يفعلها وحينها يشعر الطفل‬
‫بإشباع هذه الحاجة‪.‬‬
‫‪ .2‬تفادي العقاب‪ :‬الحل وضع عقاب مناسب للكذب وتقديم حوافز للصدق واألمانة‪.‬‬
‫‪ .3‬التقليد‪ :‬يقلد األطفال اآلباء في سلوكياتهم‪ ،‬إن كانوا ال يصدقون فبالتالي لن يصدق الطفل‪ ،‬والحل‪ :‬أن يكون‬
‫األبوان مثاالً للصدق واألمانة وعدم الكذب‪.‬‬
‫‪ .4‬الخوف‪ :‬يكذب األطفال كثيراً لتفادي العقاب المترتب على الضعف الدراسي وعلى اآلباء معرفة قدرة أبنائهم‬
‫وتعليمهم الصدق في ذلك‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫‪ .5‬لكي يحصل على أشياء يمتلكها لنفسه‪ ،‬والحل أن تساعده في اكتشاف طرق أخرى تساعده على الحصول على‬
‫ما يريد‪.‬‬
‫‪ .6‬الشعور بعدم أهمية أعماله أمام األعمال الباهرة التي يقوم بها اآلخرون‪ ،‬والحل يكمن في مناقشة خوفه‬
‫وضعفه‪ ،‬ورفع ثقته بنفسه‪.‬‬
‫‪ .7‬ضعف الوازع الديني لدى الطفل‪ :‬والحل يمكن في تقوية هذا الوازع الديني لديه وتبيين نظرة اإلسالم للكذب‪.‬‬
‫مشكلة االنزواء واالنطواء عند الطفل‬
‫إن جذور هذه المشكلة هي البيت‪ ،‬من حيث نوعية العالقة بين الوالدين ببعضهما البعض‪ ،‬ونوعية العالقة بين الوالدين واألبناء‪،‬‬
‫كما أن نوعية عالقة األسرة باألقرباء والجيران من الناحية العاطفية تؤثر تأثيراً كبيراً سلباً وإ يجاباً في عملية االنطواء أو‬
‫االنبساط‪ ،‬وللفروق الفردية من حيث التكوين الجسدي والنفسي والعقلي وما رافق حياة الطفل من ظروف محيطة خاصة‪ ،‬كل‬
‫ذلك يحدد أيضاً مالمح شخصية الطفل المنبسطة أو المنطوية فكلما كان الطفل ذو تكوين جسمي سليم وقوي ونمو عقلي سليم و‬
‫صحيح وكلما كانت حياة الطفل خالية من ظروف غير طبيعية وكانت عالقة األبوين ببعضها ببعض وبأفراد األسرة جيدة وكانت‬
‫عالقة األسرة بالجوار واألقرباء طبيعية و منتظمة كان الطفل أقرب إلى االنبساط منه إلى االنطواء‪ ،‬ومثل هذا الطفل غالباً ما‬
‫يكون طبيعياً في المدرسة‪ ،‬فالطفل االجتماعي في األسرة والجريء ال يمكن أن يكون انطوائياً في المدرسة‪ ،‬أما الطفل الذي تربى‬
‫تربية منعزلة فهو مهيأ أكثر من غيره لالنطواء‪ ،‬حيث أن وجود مدرسة أو مدرس شديد أو مخيف الشكل أو التصرفات يجعل‬
‫الطفل ينكمش ويبتعد عن إقامة عالقات اجتماعية مع زمالؤه وخاصة إذا كانت الظروف المحيطة بالطفل ظروف متوترة وقد‬
‫يكون السبب في االنطواء سفر الوالد وبقاء البيت دون عالقات اجتماعية كما أن وقوع أحداث مخيفة جداً يجعل الطفل يصاب‬
‫بردة فعل قد تصل إلى درجة االنكماش عن كل شيء واالنسحاب إلى الذات‪.‬‬
‫عالج مشكلة االنزواء‪:‬‬
‫إدخال الطفل في مجموعات متعددة النشاطات ومتعددة الفعاليات‪.‬‬
‫تشجيع الطفل إلنشاء صداقات وبذل الجهود لتوفير جو من المرح ودمج الطفل وتشجيعه على النقاش‪.‬‬
‫الخوف‬
‫مفهومه‪:‬‬
‫الخوف عاطفة قوية غير محببة سببها إدراك خطر ما‪،‬إن المخاوف مكتسبة أو تعليمية ‪ ،‬لكن هناك مخاوف غريزية مثل الخوف‬
‫من األصوات العالية أو فقدان التوازن أو الحركة المفاجئة‪ ،‬إن الخوف الشديد يكون على شكل ذعر شديد‪ ،‬بينما الكراهية‬
‫واالشمئزاز تسمى خوفاً ‪ ،‬أما المخاوف غير المعقولة تسمى بالمخاوف المرضية‪،‬إن المخاوف المرضية عند األطفال تتضمن‬
‫الظالم والعزلة واألصوات العالية‪ ،‬المرض و الوحوش‪ ،‬الحيوانات وهناك ثالث عوامل معروفة في مخاوف األطفال‪:‬‬
‫‪ .1‬الجروح الجسدية‪ ،‬الحروب‪ ،‬الخطف‪.‬‬
‫‪ .2‬الحوادث الطبيعية‪ ،‬العواصف واالضطرابات‪ ،‬الظالم والموت‪ ،‬وهذه المخاوف تقل تدريجياً مع تقدم العمر‪.‬‬
‫‪ .3‬مخاوف نفسية‪ ،‬مثل الضيق واالمتحانات واألخطاء والحوادث االجتماعية والمدرسة والنقد‪.‬‬
‫األسباب‪:‬‬
‫‪ .1‬الخبرات المؤلمة‪ :‬يحدث القلق عندما يكون هناك ضيق نفسي‪ ،‬أو جرح جسدي ناتج عن خوف يشعر به األطفال‬
‫بالعجز‪ ،‬وبعدم القدرة على التكيف مع الحوادث والنتيجة هي بقاء الخوف الذي يكون شديداً ويدوم فترة طويلة من‬
‫الوقت‪ ،‬هناك مواقف تستشير هذا النوع من المخاوف‪ ،‬بعضها واضحة ومعروفة‪ ،‬بينما المواقف األخرى غامضة‬
‫ومجهولة‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫‪ .2‬إسقاط الغضب‪ :‬يغضب األطفال من سوء معاملة األهل‪ ،‬ومن الشعور بالغضب يصبح لديهم رغبة في إيذاء الكبار‪ ،‬إن‬
‫هذه الرغبة غير مرغوبة ومحرمة‪ ،‬لذلك يسقطها على الكبار‪ ،‬إن إسقاط الغضب أم طبيعي ولكن اإلزعاج والمضايقة‬
‫أو اإلسقاط المبالغ فيه أو طويل األمد ليس طبيعياً‪ ،‬بعض األطفال والمراهقون لم يتعلموا تقبل غضبهم أو التعامل معه‪.‬‬
‫‪ .3‬السيطرة على اآلخرين‪ :‬إن المخاوف يمكن أن تستعمل كوسائل للتأثير أو السيطرة على اآلخرين‪ ،‬أحياناً أن تكون خائفاً‬
‫الوسيلة الوحيدة واألقوى لجلب االنتباه وهذا النمط يعزز مباشرة الطفل لتكون له مخاوف‪ ،‬وهو يجعل اآلخرين يتقبلون‬
‫الطفل وهو يحصل على اإلشباع عن طريق الخوف‪ ،‬مثاله الخوف من المدرسة‪ ،‬فالطفل يظهر خوفه من المدرسة حتى‬
‫ال يذهب إلى المدرسة‪ ،‬والبقاء في البيت‪ ،‬وإ ذا كان الوالدان يكافئان الطفل على الجلوس في البيت األمر الذي سيجعل‬
‫الطفل يشعر أن الجلوس في البيت تجربة مستمرة وممتعة بالنسبة له وبالتالي يجعل الخوف مطيه له للسيطرة على‬
‫اآلخرين وقد يتحول هذا الخوف إلى عادة‪.‬‬
‫‪ .4‬الضعف الجسمي أو النفسي‪ :‬عندما يكون األطفال متعبين أو مرضى فإنهم سيميلون غالباً للجوء إلى الخوف خاصة إذا‬
‫كانوا في حالة جسمية مرهقة وإ ذا كان فترة هذا المرض طويلة‪ ،‬إن هذه الحالة من المرض تقود إلى مشاعر مؤلمة‬
‫وتكون المكيانزمات النفسية الوقائية عند الطفل ال تعمل بشكل مناسب‪ ،‬وبالتالي فإن األطفال ذوي المفاهيم السالبة عن‬
‫الذات والذين يعانون من ضعف جسدي يشعرون بأنهم غير قادرين على التكيف مع الخطر الحقيقي أو المتخيل‪.‬‬
‫‪ .5‬النقد والتوبيخ‪ :‬إن النقد المتزايد ربما يقود األطفال إلى الشعور بالخوف‪ ،‬يشعر األطفال بأنهم ال يمكن أن يعملوا شيئاً‬
‫بشكل صحيح‪ ،‬ويبررون ذلك بأنهم يتوقعون النقد ولذلك فإنهم يخافون‪ ،‬ولذا فإن التوبيخ المستمر على األخطاء يقود إلى‬
‫الخوف والقلق‪ ،‬وسوف يعم الطفل شعوراً عاماً بالخوف‪ ،‬وبالتالي فإن األطفال الذين ينتقدون على نشاطاتهم وعلى‬
‫تطفلهم ربما يصبحون خائفين أو خجولين‪.‬‬
‫‪ .6‬اإلعتمادية والقوة‪ :‬إن الصراحة والقسوة تنتج أطفاالً خائفين أو يخافون من السلطة‪ ،‬إنهم يخافون من المعلمين أو‬
‫الشرطة‪ ،‬وإ ن توقعات اآلباء الخيالية هي أيضاً من األسباب القوية والمسئولة عن الخوف عند األطفال‪ ،‬وعن فشلهم‪،‬‬
‫حيث أن اآلباء الذين يتوقعون من أطفالهم التمام في جميع األعمال غالباً يتكون عن أطفالهم الخوف‪ ،‬وال يستطيعون أن‬
‫سلبوا حاجات اآلباء‪ ،‬ويصبحون خائفين من القيام بأي تجربة أو محاولة خوفاً من الفشل‪.‬‬
‫‪ .7‬صراعات األسرة‪ :‬إن المعارك الطويلة األمد بين الوالدين أو بين األخوة أو بين اآلباء واألطفال تخلق جواً متوتراً‬
‫وتحفز مشاعر عدم األمان‪ ،‬وبالتالي يشعر األطفال بعدم المقدرة على التعامل مع مخاوف الطفولة حتى مجرد مناقشة‬
‫المشاكل االجتماعية أو المادية التي تخيف األطفال‪.‬‬
‫طرق الوقاية‪:‬‬
‫‪ .1‬اإلعداد للتكيف مع المشكلة‪ :‬فمرحلة الطفولة هي أنسب المراحل إلعداد األطفال للتكيف مع أي نوع من المشاكل‬
‫الخاصة‪ ،‬ويجب أن يكون هناك من طرف الوالدين كم كبير من التفسيرات والتطمينات ألطفالهم‪.‬‬
‫‪ .2‬التعريض المبكر والتدريجي لمواقف مخيفة‪ :‬وذلك حتى يعتاد الطفل على مواجهة مواقف مشابهة بعد ذلك تقع فجأة‬
‫وسيساعد ذلك في منع حدوث مخاوف عميقة لدى األطفال‪.‬‬
‫‪ .3‬التعبير والمشاركة في االهتمامات‪ :‬عندما يعيش األطفال في جو هاديء حيث تناقش فيه المشاعر ويشارك فيها األطفال‬
‫يتعلم األطفال بأن االهتمامات والمخاوف شيء مقبول‪ ،‬ومن المناسب أن يتحدث في اهتمامات حقيقية أو مخاوف يخاف‬
‫منها األطفال ويعترف الكبار أن عندهم مخاوف من أشياء معينة وأن كل إنسان يخاف في وقت معين‪.‬‬
‫‪ .4‬الهدوء واللياقة والتفاؤل‪ :‬إن عدم شعور اآلباء بالراحة وشعورهم بالخوف يفزع األطفال مباشرة ويعلمهم الخوف مثال‬
‫ذلك الموت‪ ،‬فإن لم يستطع اآلباء حل خوفهم الخاص بهم فإن األطفال يتعلمون وبسرعة الخوف من الموت ويكون من‬

‫‪58‬‬
‫الجيد أن يسمع الطفل عبارات تهدأ من روعه وتحثه أن يتمتع بوقته وأن يكون جاهزاً عندما يأتي الموت‪ ،‬وإ فهامه أن‬
‫الموت سيتعرض له الكل وهو شبيه بالوالدة ومناقشة مفاهيم دينية بسيطة كوسائل لشرح الموت‪.‬‬
‫العالج‪:‬‬
‫‪ .1‬إزالة الحساسية والحالة المعاكسة‪ :‬إن الهدف هو مساعدة األطفال الحساسين جداً واألطفال الخائفين‪ ،‬حتى يكونوا أقل‬
‫حساسية وبطيئوا االستجابة لمجاالت حساسيتهم‪ ،‬والقاعدة تقول أن األطفال تقل حساسيتهم للخوف عندما يرتبط هذا‬
‫الشيء المخيف مع أي شيء سار‪.‬‬
‫‪ .2‬مشاهدة النموذج‪ :‬يمكن استعمال األفالم للتقليل من مخاوف الطفل وتعويده على مشاهدة مواقف أكثر إخافة ويمكن أن‬
‫يرى الطفل مواقف تحفزه على الشيء‪.‬‬
‫‪ .3‬التدريب‪ :‬إن التدريب يمكن األطفال أن يشعروا بالراحة عندما يكررون أو يعيدون مواقف مخيفة نوعاً ما‪.‬‬
‫‪ .4‬مكافأة الشجاعة ‪ :‬وذلك بامتداح كل خطوة شجاعة يقدم عليها الطفل وتقديم الجوائز له ‪ ،‬وكون الطفل يتمكن من تحمل‬
‫جزء من موقف يخيفه فيجب مكافأته عليه‪.‬‬
‫‪ .5‬التفكير بإيجابية والتحدث مع النفس ‪ :‬بأن يقال للطفل أن التفكير في أشياء مخيفة يجعلهم أكثر خوفاً وأما التفكير بإيجابية‬
‫تعود إلى مشاعر أهدأ وإ لى سلوكيات أشجع‪.‬‬
‫* إن معظم مخاوف األطفال مكتسبة وفقاً لنظرية التعلم الشرطي أو التعلم باالقتران والتقليد‪ ،‬فالخوف استجابة مشتقة من‬
‫األلم‪ ،‬فطفل هذه المرحلة يتمتع بقدرة عجيبة على التوحد بين الوالدين في استجاباتهم االنفعالية المتصلة بالخوف وعليه يجب‬
‫مراعاة اآلباء لمخاوف أبنائهم ليساعدهم ذلك في تخطي العديد من مخاوفهم‪.‬‬
‫القلق‬
‫أسباب القلق الرئيسية‪:‬‬
‫‪ .1‬االفتقار إلى األمن‪ :‬وهو انعدام الشعور الداخلي باألمن عند الطفل وكذلك فإن الشكوك تعتبر مصدر خطر‪.‬‬
‫‪ .2‬عدم الثبات‪ :‬إن عدم الثبات في معاملة الطفل سواء أكان المعلم في المدرسة أم األب في البيت واللذان يتصفان بعدم‬
‫الثبات في المعاملة يكونان سبباًَ أخر في القلق عنده‪.‬‬
‫‪ .3‬الكمال‪ /‬المثالية‪ :‬وهي توقعات اآلباء لإلنجازات الكاملة ألطفالهم وغير الناقصة تشكل مصدر من مصادر القلق عندهم‪،‬‬
‫وذلك بسبب عدم استطاعتهم القيام بالعمل المطلوب منهم بشكل تام‪.‬‬
‫‪ .4‬اإلهمال‪ :‬يشعر األطفال بأنهم غير آمنين عندما ال تكون هناك حدود واضحة ومحدودة فهم يفتقرون إلى توجيه‬
‫سلوكياتهم‪.‬‬
‫‪ .5‬النقد‪ :‬إن النقد الموجه من الكبار والراشدين لألطفال يجعلهم يشعرون بالقلق والتوتر‪ ،‬وإ ن التحدث عنهم وعن سيرتهم‬
‫يقودهم إلى القلق الشديد‪ ،‬خاصة إذا عرف األطفال أن اآلخرين يقومون بعملية نقد لهم أو محاكمتهم بطريقة ما‪.‬‬
‫‪ .6‬ثقة الكبار الزائدة‪ :‬بعض الكبار يثقون باألطفال كما لو كانوا كباراً‪ ،‬غير حاسبين أن نضج األطفال قبل األوان يكون‬
‫سبباً في زيادة القلق عندهم‪.‬‬
‫‪ .7‬الذنب‪ :‬يشعر األطفال أنهم قد أخطئوا عندما يعتقدون أنهم قد ارتكبوا أخطاء أو تصرفوا تصرفاً غير الئق‪.‬‬
‫‪ .8‬تقليد اآلباء‪:‬غالباً ما يكون األطفال قلقين كآبائهم‪ ،‬ألنهم يراقبون آبائهم وهم يتعاملون مع المواقف بكل توتر واهتمام‪.‬‬
‫‪ .9‬اإلحباط المتزايد‪ :‬إن اإلحباط الكثير يسبب الغضب والقلق‪ ،‬إذ أن األطفال ال يستطيعون التعبير عن الغضب بسبب‬
‫اعتمادهم على الراشدين‪ ،‬ولذلك فإنهم يعانون من قلق مرتفع‪ ،‬وينبع اإلحباط كذلك من شعورهم بأنهم غير قادرين على‬

‫‪59‬‬
‫الوصول إلى أهدافهم أو أنهم لم يعملوا جيداً في المدرسة‪ ،‬باإلضافة إلى لوم األطفال وانتقادهم على تصرفاتهم الغبية قد‬
‫يزيد من اإلحباط لديهم‪.‬‬
‫طرق الوقاية‪:‬‬
‫‪ .1‬تعليم األطفال االسترخاء‪ :‬ال يمكن أن يكون األطفال قلقين ومسترخين في آن واحد‪ ،‬فيجب أن يتعلم األطفال االسترخاء‬
‫وأخذ نفس عميق وإ رخاء عضالته‪.‬‬
‫‪ .2‬استخدام استراتيجيات عديدة لقمع القلق‪ :‬و ذلك بأن يفكر الطفل بمشاهد هادئة ومفرحة‪ ،‬وهذا يساعده على إرخاء‬
‫عضالته المتوترة‪ ،‬وهذا يجب أن يكون ضمن التدريب على االسترخاء‪ ،‬باإلضافة إلى التركيز على مشكلة واحدة بأن‬
‫يختار الطفل ناحية من نواحي اهتماماته ويحاول حلها‪ ،‬إذا كان ذلك ممكناً ومواجهة مشكالته كل واحدة في وقت معين‪.‬‬
‫‪ .3‬تشجيع الطفل للتعبير عن مشاعره‪ :‬وذلك يمكن بإشراك الطفل في مناقشات األسرة‪ ،‬وتكون المشاركة حرة بحيث يتاح‬
‫لهم أن يعبروا عن أي مشاعر لديهم مثل الغضب أو اإلحباط‪.‬‬
‫‪ .4‬الطرق المتخصصة ‪ :‬في حال أن يكون القلق طويالً فإن المساعدة المتخصصة يجب البحث عنها إذا لم تنفع طرق‬
‫اآلباء في القضاء على القلق ومن هذه الطرق الذي يستخدمها المعالجون التنويم المغناطيسي لتقليل الحساسية المتزايدة‪.‬‬
‫األنانية‬
‫األطفال األنانيون هم من يهتمون بأنفسهم أو بمصالحهم دون االهتمام بمصالح اآلخرين‪ ،‬حيث أن نظرة األنانيين تقتصر على‬
‫حاجاتهم الخاصة واهتمام الطفل األناني مركز على نفسه فقط وهذا ما يميزه عن بقية األطفال العاديين‪.‬‬
‫إن مفهوم األطفال األنانيون عن أنفسهم مفهوم غير وضح‪ ،‬ونظراتهم لآلخرين هي نظرة سالبة‪ ،‬حيث ينقصهم االنتماء للجماعة‬
‫ويجدون صعوبة في عالقاتهم مع األطفال اآلخرين ومع األقران‪.‬‬
‫أسباب األنانية‪:‬‬
‫‪ .1‬الخوف ‪ :‬المخاوف العديدة عند األطفال تسبب األنانية عندهم مثل مخاوف البخل‪ ،‬الرفض‪ ،‬االبتذال‪ ،‬وهم عادة يجدون‬
‫يشعرون بالغضب والفزع‪ ،‬وبالتالي يميلون إلى األنانية‪،‬ويصبحون مهتمين فقط بسعادتهم وسالمتهم الشخصية‪ ،‬ولذلك‬
‫يحاولون دائماً تجنب األذى من اآلخرين‪ ،‬ولذلك ال يعرضون أنفسهم ولو نسبياً إلى االهتمام باآلخرين‪ ،‬وال يظهرون أي‬
‫نوع من أنواع التغيير في حياتهم ‪ ،‬ودائماًَ يسودهم شعور بالقلق والتهيج وهم يرون األشياء من خالل أعينهم فقط‬
‫ويفسرون وجهات نظر اآلخرين بأنها مخجلة‪ ،‬هم متمركزين حول النفس ونكدين ومتقلبي األطوار‪.‬‬
‫‪ .2‬الدالل أو الدلع‪ :‬بعض األطفال يحاولون إبعاد أطفالهم عن أية مواقف مزعجة‪ ،‬ويقدمون ألطفالهم الحماية الزائدة‪،‬‬
‫ويحرصون على على إشباع كل ما يحتاجه أطفالهم‪ ،‬لذا ينشأ أطفالهم وهن غير قادرين على تنمية قوة االحتمال أو‬
‫تطوير ذواتهم وهذا يقودهم إلى األنانية‪.‬‬
‫‪ .3‬عدم النضج‪ :‬عدم الوعي االجتماعي المناسب‪ ( ،‬عدم التقيد باالتفاقات وعدم تحمل المسئولية ) إن األطفال الذين ال‬
‫يستطيعون تحمل اإلحباط ويريدون الشيء الذي يريدونه عندما يريدونه‪ ،‬هؤالء األطفال ال يستطيعون المحافظة على‬
‫كلمتهم وهم غير قادرين على تحمل المسئولية وهناك أسباب تمنع األطفال من الوصول إلى النضج منها‪ :‬اإلعاقة‪،‬‬
‫صعوبات اللغة‪ ،‬اضطرابات في النمو‪.‬‬
‫طرق الوقاية‪:‬‬
‫‪ .1‬تشجيع تقبل النفس‪ :‬وهو أن تجعل للطفل قيمة وأن يشعر بأنه محبوب و توفير األمان لهم‪ ،‬فإن توافرت للطفل القيمة‬
‫والمحبة واألمان يصبح عنده استعداد لإلهتمام بمصالح اآلخرين‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫‪ .2‬تعليم األطفال االهتمام باآلخرين‪ " :‬حقق سعادة اآلخرين تحقق سعادتك " إن إظهار االهتمام بأطفالك وباآلخرين يمثل‬
‫نموذجاً رئيساً يعتبرها الطفل قدوة‪ ،‬بعكس أن يكون األبوان أنانيان‪.‬‬
‫‪ .3‬تربيتهم على بغض التسلط‪ :‬فتسلط األطفال على األطفال الضعفاء يشعر اآلخرين باألسى والفشل والحزن‪ ،‬لذا على‬
‫الوالدين تربية األطفال على عدم التسلط وحثهم على احترام الجميع‪.‬‬
‫‪ .4‬تعويد الطفل على تحمل المسئولية‪ :‬وهي طريقة طبيعية لتعليم األطفال االهتمام باآلخرين مثال تعليمهم االهتمام وعناية‬
‫بعض الحيوانات األليفة‪ ،‬فإن قيام األطفال باألعمال الخفيفة هي داللة على تحملهم المسئولية‪.‬‬
‫طرق العالج‪:‬‬
‫‪ .1‬تعليم االحترام بواسطة لعب الدور ‪ :‬حيث أن لألباء دور كبير في ذلك‪ ،‬بسردهم قصص فيها قيم واضحة تحث على‬
‫عدم األنانية‪ ،‬وتظهر سلوك االهتمام باآلخرين على أنه السلوك الصحيح‪.‬‬
‫‪ .2‬شرح ومناقشة وتعزيز النتائج اإليجابية لالهتمام باآلخرين‪ :‬وذلك بشكر األطفال على أي سلوك يظهر فيه احتراماً نحو‬
‫اآلخرين‪ ،‬وشرح نتائج هذا الفعل في النفوس‪.‬‬
‫‪ .3‬شرح ومناقشة التأثيرات السلبية لألنانية ‪ :‬فلو كان الطفل أنانياً ‪ ،‬يجب على األب أن يناقشه بطريقة لطيفة‪ ،‬ومناقشة‬
‫المواقف األنانية وسلبيتها‪ ،‬مما يحفز الطفل أن يبتعد عن سلوك األنانية‪.‬‬
‫‪ .4‬مناقشة وعي األطفال وخبراتهم السابقة ‪ :‬فيجب تعليم األطفال أن يكون متفتحي العقول وقابلين للنقاش‪ ،‬وأن يكونوا أقل‬
‫خشونة في التعامل مع القضايا والمشاكل‪ ،‬واظهار االهتمام بهم وبغيرهم‪.‬‬
‫الخجل‬
‫مفهوم الخجل ‪ :‬إن األطفال الخجولين دائما يتجنبون اآلخرين وهم دائماً في خوف وعدم ثقة ومهزومين‪ ،‬مترددين يتجنبون‬
‫المواقف وينكمشون من األلفة أو اإلتصال بغيرهم‪ ،‬وهم يجدون صعوبة في اإلشتراك مع اآلخرين‪ ،‬وشعورهم المسيطر عليهم‬
‫عدم الراحة والقلق‪ ،‬وهم دائماً متملمون ويتهربون من المواقف االجتماعية‪.‬‬
‫والخفوف من التقييم السالب عندهم غالباً ما يكون مصحوباً بالسلوك االجتماعي غير المتكيف‪ ،‬وهم ال يشاركون في المدرسة‪ ،‬أو‬
‫في المجتمع‪ ،‬ولكنهم ليسوا كذلك في البيت ‪ ،‬والمشكلة تكون أخطر إن كان هؤالء األطفال خجولين في البيت أيضاً ‪.‬‬
‫أسباب الخجل‪:‬‬
‫‪ .1‬الشعور بعدم األمن ‪ :‬والذين يشعرون بقلة األمن من األطفال ال يستطيعون المغامرة‪ ،‬ألن الثقة تنقصهم ‪ ،‬وكذلك‬
‫اإلعتماد على النفس‪ ،‬وهم مغمورون مسبقاً بعد الشعور باألمن وباإلبتعاد عن المربكات‪ ،‬فال يعرفون ما يدور حولهم‬
‫بسبب موقفهم الخائف‪ ،‬وال يمارسون المهارات االجتماعية ويزداد خجلهم بسبب قلة التدريب والحاجة إلى التغذية‬
‫الراجعة من اآلخرين‪.‬‬
‫‪ .2‬الحماية الزائدة‪ :‬حيث أن األطفال الذين تغمرهم الحماية الزائدة من الوالدين يصبحون غير نشيطين وال يعتمدون على‬
‫أنفسهم وذلك بسبب الفرص المحدودة لديهم للمغامرة كونهم قليلو الثقة بأنفسهم‪ ،‬ال يتعاملون مع بيئتهم أو مع اآلخرين‪،‬‬
‫ولذلك يتولد الشعور بالخجل والخوف من اآلخرين‪.‬‬
‫‪ .3‬عدم االهتمام واإلهمال‪ :‬يظهر بعض اآلباء قلة اهتمام بأطفالهم فيشعر هذا النقص العام األطفال بالدونية والنقص‪،‬‬
‫ويشجع على وجود اإلعتمادية عندهم‪ ،‬إن عدم االهتمام باألطفال يولد شخصية خائفة خجولة‪ ،‬ويشعرون حينئذ أنهم غير‬
‫جديرين باالهتمام‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫‪ .4‬النقد‪ :‬فإن انتقد اآلباء عالنية أطفالهم يساعد على تولد الخوف في نفوسهم‪ ,‬ألنهم يتلقون إشارات سالبة من الراشدين‪،‬‬
‫فيصبحوا غير متأكدين وخجولين‪ ،‬وبعض اآلباء يعتقد أن النقد هو األسلوب األمثل لتربية األبناء‪ ،‬لكن النتيجة للنقد‬
‫المتزايد هي طفل خجول‪.‬‬
‫‪ .5‬المضايقة‪ :‬فاألطفال الذين يتعرضون للمضايقة والسخرية ينطوون على أنفسهم خجولين‪ ،‬وأصحاب الحساسية المفرطة‬
‫تجاه النقد يرتبكون ويخجلون لو تعرضوا لسوء معاملة من إخوانهم األكبر سناً‪ ،‬والشيء األكبر خطورة هو نقد الطفل‬
‫لمحاولتهم االتصال بالعالم الخارجي‪.‬‬
‫‪ .6‬عدم الثبات‪ :‬فأسلوب التناقض وعدم الثبات في معاملة الطفل وتربيته يساعد على الخجل‪ ،‬فقد يكون الوالدان حازمين‬
‫جداً أحياناً‪ ،‬وقد يكونا متساهلين في أوقات أخرى والنتيجة يصبح األطفال غير آمنين وفي هذه اللحظة يصيبهم الخجل‬
‫في البيت والمدرسة‪.‬‬
‫‪ .7‬التهديد‪ :‬وقت أن يهدد اآلباء األطفال‪ ،‬وينفذون تهديداتهم أحياناً ‪ ،‬وال ينفذونها آحياناً أخرى‪ ،‬يصبح لدى األطفال رد‬
‫فعل على التهديدات المستمرة بالخجل كوسيلة لتجنب إمكانية حدوث هذه التهديدات‪.‬‬
‫‪ .8‬أن يلقب بالخجل ‪ :‬حتى ال يتقبلها الطفل كصفة الزمة له ويحاول أن يبرهن أنه كذلك‪ ،‬بحيث يصير التحدث السلبي مع‬
‫النفس شيئاً مألوفاً ‪.‬‬
‫‪ .9‬المزاج واإلعاقة الجسدية‪ :‬هناك أطفال يبدون خجولين منذ والدتهم‪ ،‬وبذلك يكون الخجل وراثياً ‪ ،‬كما أن بعض األطفال‬
‫يكونون مزعجين واآلخرين هادئين‪ ،‬وهذا النمط قد يستمر سنين من حياته‪ ،‬واإلعاقات الجسدية غالباً تسبب الخجل‬
‫ومنها ماله عالقة بصعوبات التعلم أو مشاكل اللغة التي تؤدي إلى إنسحاب الطفل اجتماعياً ‪.‬‬
‫‪.10‬النموذج األبوي‪ :‬واآلباء الخجولون غالباً يكون لديهم أطفال خجولين‪ ،‬فيرغب الطفل أن يعيش أسلوب حياة الخجل كما‬
‫يرى والديه‪ ،‬واتصاالتهم بالمجتمع قليلة جداً‪.‬‬
‫طرق الوقاية‪:‬‬
‫‪ .1‬التشجيع والمكافأة‪ :‬إن زيارة الناس الذين عندهم أطفال في نفس العمر شيء مفيد ونافع‪ ،‬وإ ن كان الطفل خجوالً فمن‬
‫المفيد أن يذهب رحالت مع أطفال متفتحين‪ ،‬ويجب على األبوين أن يشجعا طفليها أن يكون اجتماعياً‪.‬‬
‫‪ .2‬تشجيع الثقة بالنفس‪ :‬يجب أن نشجع األطفال وأن نمدحهم إن كانوا واثقين بأنفسهم‪ ،‬وذلك عندما يتصرفون بطريقة‬
‫طبيعية ومع ذلك يجب أن يتعلموا انه ليس من الضروري أن ينسجموا مع كل شخص‪ ،‬كما أنه ال يجب أن تقدم حماية‬
‫زائدة للطفل‪.‬‬
‫‪ .3‬تشجيع السيادة ومهارات النمو‪ :‬يحب أن يقدم التدريب المبكر بشكل فردي لألطفال وعلى شكل مجموعات يستطيعون‬
‫من خاللها إشباع ميولهم وتجعلهم يتفاعلون مع اآلخرين‪.‬‬
‫‪ .4‬قدم جواً دافئاً ومتقبالً‪ :‬فالحب واالنتباه ال يفسدان األطفال كما يجب أن نستمع إليهم‪ ،‬وأن نسمح لهم بقول‪:‬ال‪ ،‬وأن نحترم‬
‫استقالليتهم‪.‬‬
‫طرق العالج‪:‬‬
‫‪ .1‬إضعاف الحساسية للخجل‪ :‬فباستطاعة األطفال أن يتعلموا أن المواقف االجتماعية ال يلزم بالضرورة أن تكون مخيفة‪،‬‬
‫يمكن أن يهدأهم الوالدان عند المواقف فبذلك يصبحون أكثر اجتماعياً تدريجياً‪ ،‬ولهم أن يتخيلوا كيف يقومون بسلوك‬
‫اجتماعي كانوا يخافونه في السابق ثم دمجهم في مواقف حقيقة‪ ،‬وبالتالي سيقل خجلهم‪.‬‬
‫‪ .2‬تشجيع توكيد الذات‪ :‬فيجب أن يسألوا بصراحة عما يريدون وكيف يمكن لهم التغلب على خوفهم وارتباكهم من اجل‬
‫التعبير عن أنفسهم‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫‪ .3‬تدريب الطفل على المهارات االجتماعية‪ :‬وذلك عندما يشترك األطفال في تدريبات جماعية‪ ،‬فإن بعض المحادثات‬
‫والتفاعالت تحدث بالطبع‪ ،‬وال بد من وجود قائد للمجموعة‪ ،‬وبهذا يمكن للطفل أن يعبر عن رأيه أمام اآلخرين‪ ،‬ويمكن‬
‫أن تقسيم التدريب االجتماعي إلى الخطوات التالية‪:‬‬
‫د_ التمثيل ولعب الدور‬ ‫جـ _ التدريب السلوكي‬ ‫أ‪ .‬التعليم ب_ التغذية الراجعة‬
‫‪ .4‬تشجيع التحدث اإليجابي مع النفس‪ :‬فإن أحد المظاهر المدمرة للطفل أن يعتقد في ذاته وشخصيته الخجل‪ ،‬ويأكد لنفسه‬
‫أنه خجول وال يستطيع االتصال باآلخرين‪ ،‬لذا يجب أن نعلم األطفال بأن الخجل هو سلوك يقوم به األطفال والناس وهو‬
‫ليس مالزماً فيهم‪ ،‬وأنه يمكن مقاومته بالتدرب على سلوكيات جديدة‪ ،‬تؤدي إلى إمكانية زيادة االتجاهات اإليجابية وتحسين‬
‫االتصال مع اآلخرين‬
‫التلعثم و التأتأة‬
‫مفهومه‪:‬‬
‫التأتأة هي الكالم بشكل متقطع غير اختياري‪،‬أو عملية عدم خروج الكالم من الفم وهي اضطراب في اإليقاع الصوتي ويتكلم‬
‫األطفال المتلعثمون بشكل منطلق أمام أصدقائهم‪ ،‬أو عندما يكونون لوحدهم‪ ،‬إال أنهم يتلعثمون عندما يكونون مع اآلخرين و‬
‫خاصة األشخاص ذوي السلطة‪.‬‬
‫وعلى الرغم أن ‪ %80‬من المتلعثمين في الصغر ال يستمرون في ذلك عند الكبر‪ ،‬إال أن كثيراً منهم تتطور لديه مشاكل‬
‫متعلقة بالشخصية مثل الخجل أو عدم الثقة بالنفس‪ ،‬وينتج ذلك عن خبراتهم السابقة‪.‬‬
‫األسباب‪:‬‬
‫‪ .1‬أسباب نفسية‪ :‬هناك أسباب طبيعية ممكنة‪ ،‬هي أسباب ناتجة عن الجسد والنفس معاً‪ ،‬وذلك بسبب تأثير النفسية على‬
‫ميكاثيلية إنتاج الصوت‪.‬‬
‫‪ .2‬ضغط األهل‪ :‬فكثير من اآلباء واألمهات ال يدركون تطور الطفل وتطور النطق ليده‪ ،‬فيجبرون أطفالهم على النطق‬
‫والتكلم قبل اآلن فينتج عن ذلك توتر الطفل مما يؤدي إلى التلعثم‪ ،‬وعند نعت الطفل بالتلعثم من قبل الوالدين‪ ،‬تصبح‬
‫هذه الصفة مالزمة له‪.‬‬
‫‪ .3‬ردة الفعل على الضغط‪ :‬إن مواقف الضغط المختلفة كالشجارات العائلية المتواصلة تكون مجهدة للطفل‪ ،‬وقد يتلعثم‬
‫األطفال أصحاب النطق السليم إن اكتئبوا أو حزنوا‪ ،‬والمصادر األخرى للضغط هي اإلجهاد وعدم االستعداد‬
‫والشعور بالتعب الجسدي الشديد‪.‬‬
‫‪ .4‬التعبير عن الصراع‪ :‬يفترض الكثير أن لدى األشخاص الذين يعانون من التلعثم مشاعر قوية ال يستطيعون التعبير‬
‫عنها بسبب بعض العوامل االجتماعية‪ ،‬أو ردة فعل المحيطين السلبية تجاههم ‪ ،‬ورغم وجود األبحاث العلمية القليلة‬
‫والتي تدعم هذه الفرضيات إال أن الكثير من المتخصصين يرون أن هذه هي األسباب الحقيقية‪ ،‬وأن التخلص من‬
‫الصراع يؤدي إلى التخلص من التلعثم‪.‬‬
‫طرق الوقاية‪:‬‬
‫‪ .1‬تعليم وتقوية عملية النطق عن األطفال‪ :‬بشرط أن ال نجبر الطفل على أن ينطق عنوة‪ ،‬بل يجب أن نشجع األطفال على‬
‫إصدار األصوات وتطوير الكلمات بطريقة مريحة‪.‬‬
‫‪ .2‬تشجيع المالئمة وتقليل التوتر ‪ :‬بطريقة مرحة يساعد الطفل على الشعور بالثقة بين اآلخرين وأن يتعلم كيف يتصرف‬
‫مع اآلخرين‪.‬‬
‫‪ .3‬االستماع للطفل بشكل جيد بشكل يوحي بأنه مصدراً الهتمام االسرة‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫العالج‪:‬‬
‫‪ .1‬نبني طريقة متخصصة‪ :‬وذلك بتشجيع األطفال على تخفيض صوتهم ونطق األحرف بطريقة بطيئة نوعاً ما باإلضافة‬
‫إلى الشهيق والزفير قبل كل كلمة‪.‬‬
‫‪ .2‬التخفيف من التوتر‪ :‬وذلك بأن نجعل الطفل أقل قلقاً فإن ذلك يساعدهم على البدء بالكالم في مواقف ال يتعرضون فيها‬
‫للتوتر‪.‬‬
‫‪ .3‬تخفيف الضغط‪ :‬فعند تعليمهم الكالم يجب أن نضيف أي نشاط مجهد‪ ،‬وأن يطمئن الوالدان وال يتوتران حال فشل الطفل‬
‫بالنطق‪ ،‬حتى ال ينتقل التوتر من الوالدين للطفل‪.‬‬
‫‪ .4‬المكافأة على النطق السليم‪ :‬وبالمقابل أن ال تكون هناك مكافأة على النطق المتلعثم وبالتالي يحرص الطفل على تحصيل‬
‫المكافأة بالنطق الصحيح‪.‬‬
‫‪ .5‬التقييم المتخصص‪ :‬وذلك في حالة ازدياد حالة الطفل سوءاً عند الطفل‪ ،‬فإنه يجب مراجعة أهل االختصاص ومعالجي‬
‫النطق من األطباء‪.‬‬
‫ممنوع عمل هذه االشياء لتربية االبناء هناك بعض النقاط فى التربية يجب علينا ان نعلمها ونلتزم بها فى تربية االطفال دون‬
‫سن السادسة ‪ i...‬وهى‬
‫‪ .1‬عدم لطم وجه الطفل فى هذه المرحلة بتاتا ‪ ،‬فهذا يسبب له جبن وشخصية ضعيفة فى المستقبل ‪..‬وينشأ أنسان جبانا ‪ ..‬يخاف‬
‫من أى انسان يلوح بيده فى وجهه‪.‬‬
‫‪ .2‬عدم الصياح أى التحدث بصوت مرتفع جدا فى وجوههم ‪..‬بمجرد فعل اى شىء خاطىء من وجهة نظر الوالدين ‪i...‬‬
‫فهذا االسلوب يجعل الطفل ‪ ..‬يتبع نفس االسلوب فى التعبير عن آرائه‪.‬‬
‫‪ .3‬عدم التعصب أمام االطفال ‪...‬فى أى موقف ‪ ..‬وعدم تكسير اى شىء بعصبيه بحجة االنفعال ‪..‬فهذا السلوك أيضا ينتقل الى‬
‫الطفل ‪..‬ويشعر ان تكسير االشياء فى االنفعال ‪..‬هو السبيل لهدوء االعصاب‪.‬‬
‫‪ .4‬عدم تدخين االب او االم ‪...‬أمام االطفال ‪i...‬وهذا بصرف النظر عن البيئة غير الصحية ‪..‬فان الطفل يبدأ فى وضع اى شىء‬
‫بفمه ‪ ..‬لتقليد الوالدين فى التدخين ‪i...‬‬
‫‪ .5‬عدم الظهور بدون مالبس امام االطفال عرايا‪ ،‬حيث يعتقد كثير من االباء واالمهات ان االطفال فى هذا السن ال ينتبهون الى‬
‫مثل هذه االمور ‪ ..‬ولكنى أوكد ان االطفال من عمر سنه ونصف ينتبهون لكل شىء ويحفر بذاكرتهم ‪...‬‬
‫‪ .6‬حذارى جدا من ان يرى الطفل والديه فى اوضاع جماع ‪ ....‬فان هذا الوضع لن يذهب من ذهن االطفال ‪..‬وهذا يحدث‬
‫لالطفال فى عمر الرضاعة حيث يكون الطفل فى غرفة الوالدين ‪ i...‬ويعتقد الوالدين ان الطفل نائم‪.‬‬
‫وفى بعض االوقات يكون الطفل مستيقظ ويعتقد االباء ان الطفل ال ينتبه لهم ‪ ...‬لكنه عندما يكبر بعض الشىء يبدأ فى تقليد هذه‬
‫الحركات ‪ ...‬ويسبب مواقف محرجة جدا لوالديه ‪ ...‬امام الناس ‪i...‬‬
‫‪ .7‬ال يرى االطفال فى هذه المرحلة الوالدين وهم يتشاجرون فهذا يؤدى الى أنكسار االحساس االمنى لديه ‪ ..‬حيث يرى ان‬
‫احب الناس الى قلبه ‪..‬وهو يعانى ويبكى ‪..‬فيشعر بالكره لوالده مما سببه لوالدته ‪i...‬‬
‫‪ .8‬يجب ان تعهد بطفلك فى عمر السنتين ونصف الى من يحفظه القرآن ‪i....‬فهو قادر على حفظ كميه كبيرة جدا فى هذا‬
‫السن‪..‬وبدال من توجيه هذه الذاكرة الى حفظ االغانى ‪ ..‬نوجهها لحفظ القرأن ‪ ...‬ففى سن السادسة والخامسة يستطيع الطفل‬
‫حفظ اكثر من صفحة من القران بعد قرائتها لمرتين او ثالثة ‪...‬‬
‫‪ .9‬عدم إستخدام اسلوب التحقيق في التعامل مع الطفل حيث ان هذا االسلوب يوحي للطفل بأنه مصدر شك دائماً‪.‬‬
‫‪ .10‬عدم تكرار طرح االسئلة على الطفل مما يزرع في الطفل عدم األهلية‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫‪ .11‬الطفل فى هذه المرحلة يجب االهتمام بتنمية الذاكرة عنده ‪...‬وهذا بالطلب منه ان يحكى قصة قد سبق واستمع لها ‪....‬‬
‫‪ .12‬ال يجب اجهاد عضلة الكتابة فى اليد قبل ‪ 5‬سنوات وهذا هو السن الذى تكتمل فيه نموها ‪..‬أى ال يستعجل الوالدين الطفل‬
‫فى الكتابة قبل اكتمال هذه العضالت ‪..‬حتى ال تجهد ولكن يسمح للطفل بالتلوين والشخبطة والرسم ‪...‬ولكن ال يمكنه التحكم فى‬
‫الخطوط واظهارها بمظهر المبدعين حيث انه لن يستطيع التحكم بعد‪i...‬‬
‫‪ .13‬البد من اعطاء الطفل فرصه ليجرب ان يأكل بنفسه حتى لو احدث مشاكل فى المرات االولى ولكن بتوجيهات بسيطة بدون‬
‫انفعال وبتوفير االدوات التى ال تكسر وعوامل االمان له ‪...‬‬
‫‪ .14‬ال ننسى العادات الصحية السليمة منها غسيل االسنان ‪ ..‬االكل باليد اليمنى ‪...‬االهتمام بشعرها والعناية به ‪...‬االفطار‬
‫ضرورى جدا ان يعتاد عليه االطفال ‪....‬غسيل اليدين قبل االكل ‪...‬وهذا الى جانب عادات النظام مثل االهتمام بالمالبس‬
‫وتنظيمها ‪..‬المكتب وتنظيمه ‪ ..‬السرير وتنظيمه ‪i...‬الخ‬
‫‪ . .15‬اكساب االطفال طرق التعامل مع اقرانهم سواء فى االسرة او الحضانه ‪i...‬وهذا موضوع كبير بعض اشىء ‪ ....‬المهم به‬
‫هو تعويد الطفل على الكرم مع اقرانه وعدم استعمال اسلوب الضرب كاسلوب للتفاهم بينهم ‪i...‬‬
‫‪ .16‬الحرص على الحكايات قبل النوم ‪i...‬وتختار بعناية باللغة ويستبعد القصص التى تعتمد على الثعلب المكار ‪..‬ومايفعله‬
‫‪..‬الن هذا يسبب خوف لالطفال من البيئة المحيطة ‪..‬بل يجب ان تكون القصص مغزاها حب الناس للناس ومساعدتهم ‪..‬والرفق‬
‫بالحيوان ‪..‬والطاعة هلل‪ ..‬والتعريف باالنبياء والصحابة ‪...‬الخ‬
‫‪ .17‬يعطى الطفل ‪..‬فرصة لتكوين شخصيته ‪...‬فى‪ i‬بعض االمور ‪ ...‬مثل شراء بعض ما يختار من احتياجاته من المالبس ‪..‬او‬
‫الحلوى ‪ ...‬وهذا تحت أشراف الوالدين ‪....‬‬
‫كما يكون شخصيته ايضا عند اصطحاب والديه له فى زياراتهم لالقارب ‪ i....‬واعطاءه فرصه للتحدث وعدم الحجر على‬
‫تصرفاته ‪..‬بل توجيهه بمفرده بدون تعنيفه‬
‫تأثير األم أقوى ‪ :‬وتؤكد "غادة الشامان" أخصائية اجتماعية على العالقة الوطيدة بين عصبية األم وتأثيرها السلبي على األبناء‪،‬‬
‫ففي دراسة أمريكية أثبتت أن هناك عالقة قطعية بين الطفل المشاغب وكثير الحركة‪ ،‬وبين األم العصبية دائمة الصراخ والتهديد‬
‫والغضب‪ ،‬وأكدت الدراسة أن تأثير غضب األم أقوى من تأثير غضب األب على تكوين شخصية الطفل‪ ،‬وأن الصغير ال يعرف‬
‫كيف يوجه طاقته للوصول لهدف معين سوى اللعب والعراك الدائم مع إخوته ومن حوله‪ ،‬فالطفل أكبر مقلد لوالدته سواء‬
‫بالعصبية أو باأللفاظ‪ ،‬فلديه قدرة عجيبة على سرعة التقاط الكلمات وتخزينها وقت الضرورة‪ ،‬ناصحةً كل أم أن ال تتوقع الكمال‬
‫في تصرفات أبنائها‪ ،‬ألنها إن توقعت ذلك فستكون تصرفاتهم مصدر إزعاج لها‪ ،‬وعليها أن تتذكر جيداً أن غضبها سيزيد من‬
‫عنادهم‪ ،‬ولن ينفع أو يفلح في تصحيح أخطائهم أو توجيههم‪ ،‬بل على العكس سيزيدهم إصراراً على ما هم عليه من خطأ‪ ،‬لذا‬
‫حاولي إن لم تتمالكي أعصابك‪ ،‬أن تؤجلي أو تشغلي نفسك بأي عمل آخر‪ ،‬وأنت تعلنين لطفلك أنك ستحاسبينه‪ ،‬فهذا التأجيل‬
‫يمنحك فرصة إلطفاء ثورة الغضب في نفسك‪.‬‬
‫كوني مرنة ‪ :‬وتضيف "غادة الشامان" أن ضغوطات الحياة المتراكمة لها تأثير كبير على سلوكيات األم واألب‪ ،‬من حيث التوتر‬
‫والعصبية بما ينعكس في النهاية على العالقة بين الوالدين واألبناء‪ ،‬حيث ينعدم التواصل السليم والحوار البناء بينهم‪ ،‬خاصةً لمن‬
‫هم في فترة المراهقة‪ ،‬لذلك تعلمي فن االسترخاء‪ ،‬وعدم الضغط على النفس‪ ،‬بحيث تكوني مرنة أكثر في الحديث مع أبنائك‬
‫وبناتك خاصة المراهقات‪ ،‬ويمكنك أيضاً تعلم فن الحوار الناجح‪ ،‬فمع التكرار يمكنك إيجاد بيئة هادئة لنقاش مثمر‪" ،‬إنما العلم‬
‫بالتعلم وإ نما الحلم بالتحلم"‪ ،‬واألهم من ذلك كله االستعاذة باهلل من الشيطان الرجيم دائماً‪ ،‬وأنت تشاهدين من أبنائك ما يثير‬
‫غضبك‪ ،‬ويستحسن لو تتوضئين مع أهمية المحافظة على الورد اليومي من أذكار الصباح والمساء‪ ،‬فهي تبث الراحة النفسية‪،‬‬
‫الفتةً إلى ضرورة أخذ األمور ببساطة‪ ،‬وأعلمي أن من يعقد المسائل ويعطيها أكبر من حجمها هو الخاسر دائماً‪ ،‬كما أن العصبية‬

‫‪65‬‬
‫والقلق الدائمين يؤديان إلى أمراض القلق والضغط‪ ،‬ويؤثران على الحيوية والنشاط واإلقبال على الحياة‪ ،‬ويجعالن منك وحشاً ال‬
‫يستطيع التفكير وال النجاح‪.‬‬

‫أطفالنا وشاشة التلفاز‬

‫‪ ‬لإلعالم دور كبير في تكوين شخصية الطفل والتأثير عليه سلباً أو إيجابا ًفي عصر المعلومات وانتشار األطباق الفضائية وذيوع‬
‫ثقافة الصورة ‪ ,‬والشك أن الطفل أسبق من غيره في التعرف وحب االستطالع كما أثبتت ذلك كثير من الدراسات العلمية وذلك‬
‫لرغبته في أن يكون له صورة مختلفة عن البيئة التي يعيش بداخلها والعالم الذي هو في محيطه‪.‬‬
‫ولهذه القوة الجامحة المسلّطة من اإلعالم على الطفل ولرغبة الطفل للتعرف واالطالع تكونت عالقة وثيقة بين أطفالنا وشاشة‬
‫التلفاز والتي تعد من أهم وأبرز مخرجات اإلعالم الخطيرة ‪ ,‬وهذه العالقة وان كان في تكوينها فائدة كبيرة بالنسبة لإلعالم من‬
‫جهة المورد المالي ‪ ,‬ونشر األفكار والرؤى والتي يتأثر بها فكر المشاهد ‪ ,‬وفائدة هي األقل واألقل جداً للطفل وتكمن في نضوج‬
‫فكرة وتنوع ثقافته وتعريفه على عالمه الخارجي ‪.‬‬
‫إال أن الضرر الناتج منها على الطفل كبير جداً وتزداد مساحة ذلك الضرر بازدياد التوسع اإلعالمي الرهيب وتنوع البرامج‬
‫الخاصة لألطفال ‪ ,‬وقدرة أصحاب تلك البرامج في الخروج بأعمال إبداعية تسحر الباب األطفال ‪ ,‬وتجذب أفئدتهم وتشدهم‬
‫للمشاهدة ساعات طويلة بدون ملل أو انقطاع ‪ ,‬وتتنوع أضرار شاشة التلفاز وتبعاته السلبية وآثاره الهدامة على أطفالنا بتنوع‬
‫اهتمامات األطفال ووضعهم األسري واالجتماعي والصحي وسأذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬ضياع الوقت وإ هداره فيما ال ينفع‪ :‬إنما يعرض عل شاشة التلفاز من برامج األطفال وما يصاحبها من إغراءات‬
‫ومغامرات وقصص الخيال وغيرها من ما يسحر عقل الطفل ونظره قد نجحت في سلب كثير من أوقات األطفال خاصة في تلك‬
‫السنين األولى التي ينضج فيها عقل الطفل وينمو‪ ,‬دراسة امريكيه تقول إن الطفل يشاهد التلفاز بمعدل ‪ 23‬ساعة في األسبوع‬
‫الواحد‪ ,‬وفي دراسة مصرية وجدت إن أطفال مدينة القاهرة يشاهدون التلفاز بمعدل ‪ 28‬ساعة في األسبوع الواحد ‪ ,‬وسواء‬
‫صدقت تلك اإلحصائيات أم كان فيها نوعاً من المبالغة إال إن المهم هو إن شاشة التلفاز فعالً أخذت من أوقات أطفالنا الشيء‬
‫الكثير وأصبحوا اسري لما يبث من مشاهد وبرامج على تلك الشاشة الجذابة ‪ ,‬وصار ذلك الوقت مما يحسب سلباً على صحتهم‬
‫وفكرهم وحياتهم بشكل عام ‪ ,‬ونحن بذلك الوضع نشارك في إيقاع الظلم على أطفالنا وأوقاتهم الثمينة خاصة ونحن نعلم عن قيمة‬
‫الوقت ‪ ,‬وحرص شريعتنا الغراء على االهتمام به ‪ ,‬وأن المؤمن مسئول أمام اهلل عنه ومجازاً به ‪ ,‬فكيف اذاً نربي أطفالنا على‬
‫هذه القيمة الهدامة وهي " ضياع األوقات فيما ال ينفع" ونحن نعلم إن أمامهم مستقبل يريد منهم جل أوقاتهم ‪ ,‬وأمة ترقب من‬
‫يتواصل مع منجزاتها ومشاريعها البناءة وقد قيل ‪ " :‬إن األفضل بناء الطفل بدالً من إصالح إنسان"‪.‬‬
‫ثانياً ‪ :‬نشوء األمراض النفسية والجسدية‪ :‬إن مواجهة الطفل لشاشة التلفاز ألوقات طويلة يعرضه ألمراض نفسية وجسدية‬
‫متعددة ‪ ,‬وتختلف هذه األمراض باختالف مدة مكوث الطفل أمام الشاشة وقربه وبعده منها ‪ ,‬وتأثره لما يعرض فيها من عدمه‬
‫ومن تلك األمراض حصول القلق واالكتئاب والشيخوخة الكبيرة والتي تنتج من التعرض للموجات الكهرومغناطيسية المنبثقة من‬
‫شاشة التلفاز إضافة إلى ما يحصل من أضرار جسمية كزيادة الوزن وترهل العضالت وآالم المفاصل والظهر واني أعجب من‬
‫إهمال كثير من اآلباء واألمهات ألبنائهم بجعلهم أسرى لذلك الوحش الذي يأكل من أجسامهم ليل نهار وذلك بجلوسهم الطويل‬
‫والممل أمام تلك الشاشة الجذابة ‪.‬‬
‫ثالثا ً‪ :‬زيادة معدل الخوف‪ :‬وذلك نظراً لزيادة المشاهد المرعبة على شاشة التلفاز(دماء‪ -‬جرحى – قتلى – أسلحة ‪-‬حيوانات‬
‫مفترسة – أشباح ‪....‬الخ) وكل ذلك يولد لدى الطفل شعور بالخوف المتكرر والدائم أحيانا وينزع منه األمان الذي يستحق أن‬
‫يتمتع به ‪ ,‬بل هو حق واضح على الوالدين خاصة والمجتمع بشكل عام أن يمنحوه أطفالهم ‪ ,‬ومكوث الطفل أمام هذه الشاشة‬

‫‪66‬‬
‫باستمرار يجعله ُيؤمن بطبيعتها وإ نها حتمية الحصول فتؤثر على مسيرته المستقبلية وشخصيته القادمة األمر الذي يصاب من‬
‫خالل ذلك الشعور باالزدواجية في الشخصية والعقد النفسية المتكررة وهي تنمي فيهم أيضا الصفات السلبية كالحقد والكراهية‬
‫وحب االنتقام‪.‬‬
‫تكون له‬
‫رابعاً ‪ :‬فقدان الثقة لدى الطفل‪ :‬إن الطفل وهو يشاهد تلك األفالم التي أخذت طابع العنف واالستبداد والقتل والخيانة ّ‬
‫نظرة سلبية تجاه أسرته ومجتمعه مما يؤدي إلى نزع كل أواصرالثقة وحبال الظن الحسن مع الجميع ويبدأ يتلبس بلباس الشك‬
‫معهم وهذا يعني أيضا أن كراهيته لكل ما حوله قد تتكون من خالل ذلك الشك والظن السيئ بأفراد مجتمعه ‪ ,‬وقد يتسبب الوالدين‬
‫في حصول ذلك الشعور السيئ وهما بذلك يناقضان أهم أعمالهم الموكولة إليهم تجاه التربية أال وهو بناء الثقة في نفوس أطفالهم‬
‫وإ شعارهم بأهميتهم ‪ ,‬وإ بعادهم عن أجواء الشك وإ ساءة الظن ‪.‬‬
‫خامسا ً‪ :‬من اآلثار السلبية لشاشة التلفاز على أطفالنا تبلد مشاعر الطفل وعدم مباالته لكل من حوله وعدم االكتراث بكل ما يقدم‬
‫له من أهله أو اقرأنه ودوام إحساسه بعدم أهمية ما ُيفعل ألجله أو ما يواجهه في حياته‪.‬‬
‫إن ما يراه الطفل من صور ومشاهد على شاشة التلفاز تساعد على جذب كل حواسه وآلياته ساعات طويلة وعلى فترات مختلفة‬
‫ومن صور ذلك التبلد وعدم المباالة عدم سماعه لمناداة والديه له وعدم أحساسة بكل ما يقع حوله أو يتحرك ‪ ,‬إضافة إلى عدم‬
‫اهتمامه بأدواته وأغراضه الشخصية وعدم ترتيبه لها ‪ ,‬وفوضويته في حياته‪.‬‬
‫سادسا ً‪ :‬اإلقدام على تناول التدخين أو المخدرات أو السموم ‪ :‬في كثير من المشاهد التي تعرض ولألسف الشديد تظهر التدخين‬
‫على انه حل سريع ومهم للقضاء على المشاكل النفسية والهموم االجتماعية وهناك أيضا من المشاهد ما يعرض المخدرات‬
‫أن من يتناولها يعيش في عالم آخر سعيد وكل‬
‫بأنواعها وكيفية بيعها وشراءها وترويجها ‪ ,‬وأيضا كيفية تعاطيها وما يصور من ّ‬
‫تلك المشاهد يتقبلها عقل ذلك الطفل بدون وعي مسبق أو حصانة قبلية أو حتى تحذير أو تعليم من الوالدين يوازي ما يراه الطفل‬
‫من تلك المشاهد فيحصل ما ال ُيحمد عقباه وقد يصبح ذلك الطفل أسيراً للمخدرات والسموم ‪ ,‬وقد أثبتت الدراسات أن من أهم‬
‫طرق االنحراف لدى الفتين والفتيات في طريق المخدرات هو شاشة التلفاز وما يعرض فيها‪.‬‬
‫سابعاً ‪ :‬التسبب في إيجاد فجوة كبيرة بين الوالدين والطفل ‪ :‬إذ أن تأثير شاشة التلفاز على وقت الطفل المشاهد يكمن في بقائه‬
‫لفترات طويلة أمامها األمر الذي يجعل مشاكسات الطفل وعبثه في حياته وأثاث المنزل تقل بنسبة كبيرة وهذا مما يريح الوالدين‬
‫وخاصة األم في مسألة المتابعة في المنزل والتنظيف إال إن هذا يسبب الكثير من المشاكل بين الوالدين وطفليهما كعدم اهتمام كال‬
‫الطرفين باآلخر وعدم فهم نفسية الوالدين لطفلهما وقلة الوعي والحصانة التربوية من الوالدين للطفل وهذا كله يزيد من مساحة‬
‫البعد بينهما‪.‬‬
‫ثامناً‪ :‬ومن آثار شاشة التلفاز السلبية على الطفل إثارة الغرائز لديه مبكراً ‪ :‬وهذا سببه مما يعرض في أفالم الرسوم المتحركة‬
‫من قصص العشق والغرام ودفاع البطل عن حبيبته في أفالم االكشن واللباس الفاضح وصور الضم والقبالت بين عناصر الفلم‬
‫ذكوراً وإ ناثا وكل تلك الصور والمشاهد يتشبع بها عقل الطفل ويبدأ في تقليد ما يرى مع إخوانه وأخواته في المنزل أو في لباسه‬
‫وتصرفاته ومعامالته وهذا ينشئ خطراً عظيماً على ناشئة األمة وذلك بعنايتهم بكل هم سافل أو أمر منحط حتى ال تجد من بينهم‬
‫(إال من رحم ربي) من يسمو بنظرته أو يرقى باهتمامه‪.‬‬
‫تاسعاً ‪ :‬ومن االثار أيضا إفساد اللغة العربية لدى األطفال‪ :‬إن ما يعرض من صور ومشاهد على شاشة التلفاز يصحب دائماً‬
‫بلغة هشة إما أن تكون لهجة بلد معين ليست حتى بلهجة بلد ذلك الطفل ‪ ,‬أو عربية مكسورة في األداء والقول ‪ ,‬ومن المؤسف أن‬
‫تجد اهتمامات منتجي تلك األقالم باللغات المحلية والدارجة على ألسن الناس وتغافلهم عن اللغة العربية الفصحى ‪ ,‬وهذا مما‬
‫يؤدي أيضا إلى انحراف لسان الطفل إضافة إلى انحراف فكرة وتوجهه واهتماماته ‪.‬‬
‫عاشراً ‪ :‬ومن اآلثار أيضا أن يتربى الطفل على العادات السيئة‪ ,‬واألنماط المشينة واألخالق المنحطة‪ :‬من خالل متابعته الدائمة‬

‫‪67‬‬
‫لشاشة التلفاز ومن تلك العادات واألنماط السهر على المعاصي واآلثام ‪ ,‬وعشق الفنانين والفنانات ‪ ,‬والتعلق السيئ باألفكار‬
‫الهدامة ‪ ,‬وتتبع العناوين المغرضة والتي يدعو أكثرها إلى التفسخ من الدين وضرورة االنحالل من تعاليمه وعقائده فينشأ الطفل‬
‫على تربية مهزوزة ومزدوجة تكون آثارها وخيمة على الطفل وعلى أسرته ومجتمعه‪.‬‬
‫الحادي عشر ‪ :‬حب الطفل ألدوار الخطر وعشقه لروح المغامرة ‪ :‬وتنتج تلك المشاعر مما يراه من مشاهد متعددة تحكي‬
‫قصص الجواسيس ورجال المخابرات والشرطة واألفالم البوليسية المختلفة ‪ ,‬فيبدأ الطفل بتكرار ما يشاهده وفعله على ارض‬
‫سواء كان ذلك الخطر موتاً أو‬
‫ً‬ ‫الواقع بدون تفكر في التبعات وعواقب األمور مما يؤدي ذلك كله إلى خطر عظيم قد يؤدي بالطفل‬
‫إصابة بليغة أو أضراراً باآلخرين وممتلكاتهم وهذا ما نعانيه اآلن من شباب األمة وواقعهم المتمثل في قصص التفحيط والغرام‬
‫المتبادل وسرقة المنازل وحوادث القتل‪...‬الخ‪ i‬تلك المناظر المؤثرة‪.‬‬
‫الثاني عشر ‪ :‬ومن اآلثار أيضا تجميد عقل الطفل عن التفكير واإلبداع ‪ ,‬وتعطيل خياله عن االختالط وحب االستطالع ‪.‬‬
‫ذلك أن من المعلوم لدى أهل التربية هو أن عقل الطفل باستطاعته أن يبدع ويفكر وينتج أيضا لصفائه من المدخالت السلبية‬
‫واألفكار المنحرفة ‪ ,‬وما يعرض على شاشة التلفاز وخاصة للطفل بكل األفالم الكرتونية التي ترسل رسائل سلبية لعقل الطفل‬
‫المتمكنة في أن الخيال له حدود ‪ ,‬وان االختراع ال يستطيعه إال القليل ‪ ,‬وان العمل صعب ومكلف ‪ ,‬وان نتاجه قليل ‪ ,‬وكذلك تلك‬
‫المشاهد التي تبرز الغباء وتحسنه لهم بصور طريفة ومضحكة فيتربى عقل ذلك الطفل على ما يستقبل من رسائل غاية في‬
‫الخطورة ‪ ,‬وهو بذلك يصبح طفالً غير منتج وليس له القدر ة في أن يفكر أو يبدع ‪.‬‬
‫الثالث عشر ‪ :‬حرمان الطفل من اللعب ‪ :‬وذلك نتيجة ضياع وقته كله أمام شاشة التلفاز‪ ,‬وهذا يؤدي إلى ضيق صدر الطفل‬
‫وكرهه ألصدقائه ورفضه لهم المشاركة في اللعب معهم ‪ ,‬وحب االنطواء والعزلة ‪ ,‬وسعيه وراء كل ما يبعث للراحة والدعة ‪,‬‬
‫وحبه للكسل والخمول ونبذه للعمل والسعي والحركة ‪.‬‬
‫الرابع عشر ‪ :‬صعوبة تعامله مع التجارب واألحداث التي تواجهه في حياته‪ :‬وينتج عن ذلك عدم قدرته للمواجهة مع اآلخرين‬
‫وانعدام قدرته على حل المشاكل الحياتية التي تواجهه بين الفينة واألخرى وذلك كله بسبب ركونه إلى المشاهدات التلفزيونية‬
‫والتي بعثت فيه األمراض المتعددة والمختلفة الصحية منها والنفسية واالجتماعية وغيرها‪.‬‬

‫‪68‬‬

You might also like