You are on page 1of 14

‫عبد الفتاح الزين‬

‫المعهد الجامعي للبحث العلمي‪ /‬جامعة محمد الخامس السويسي – الرباط (المغرب)‬

‫رئيس مجموعة الدراسات واألبحاث حول الطفل وفضاءات الحياة[‪]i‬‬

‫‪Email: abdelfattahezzine@hotmail.com‬‬

‫‪1.‬‬ ‫تأسست هذه المجموعة في إطار اتفاقية بين المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بالرباط واليونسيف (مكتب‬
‫المغرب) لتكوين وتحسيس طلبة المدرسة بحقوق الطفل في المجال المعماري وللدفاع عن حقوق الطفل في‬
‫مجموعة «األوساط الحضرية بل واعتباره معيارا في صياغة التخطيطات الحضرية‪ .‬وقد كان اسمها األول هو‬
‫الدراسات واألبحاث حول الطفل والمدينة » وتم استبدال المدينة بفضاءات الحياة ليشمل عمل المجموعة المجال‬
‫‪.‬القروي والبادية عموما‬

‫ملخص البحث‬

‫تتناول هذه الدراسة أهمية استثمار الوقت الحر في إطار محاربة التسرب المدرسي انطالقا من خبرة تمت حول تجربة أندية‬
‫األطفال المنضوية تحت لواء العصبة المغربية لحماية الطفولة بالمغرب لحساب اليونسيف‪ ،‬كما تتضمن مقترحات عملية‬
‫لتعميم هذه التجربة في العالم العربي واالستفادة منها بعد أن تقدم الخالصات واالستنتاجات المرتبطة باالهتمام بتدبير‬
‫ميزانية الوقت الحر لدى الطفل والذي يعاني من وضعية تمدرس صعبة‪.‬‬

‫فبعد أن قمنا باستعراض الخبرة التي تم القيام بها والتعريف بتجربة أندية الطفل‪ ،‬تطرقنا إلى التعريف بإشكالية الوقت الحر‬
‫التي الزالت في نظرنا لم تنل حظها من االهتمام في وسطنا العربي؛ حيث أوضحنا أهمية مساعدة الطفل في التحكم في‬
‫ميزانية وقته إلنجاح عملية تمدرسه ودور األسرة في ذلك من خالل بناء نموذجين من السيرورة المدرسية‪ :‬سيرورة النجاح‬
‫الدراسي في مقابل سيرورة الفشل الدراسي‪ .‬وقد بيننا كيف أن الكسل ليس مسألة شخصية تتعلق بالطفل‪-‬التلميذ بقدر ما هو‬
‫نتيجة فشل عملية تنشيئية للطفل ال تجعله قادرا على التحكم في ميزانية وقته وفهم التعارضات القائمة بين األزمنة‬
‫االجتماعية المختلفة‪ :‬زمن التمدرس‪ ،‬زمن الحياة األسرية‪ ،‬زمن الترويح … والتوفق في عملية المالءمة بين هذه األزمنة‬
‫لصالح تمدرسه‪.‬‬

‫وانتهت الدراسة إلى اقتراح منهجية لتعميم هذه التجربة واالستفادة منها من خالل تقديم بطاقة تقنية حول العمل الواجب القيام‬
‫به لمساعدة الطفل على النجاح في مشواره الدراسي ومحاربة الهدر‪/‬التسرب المدرسي وذلك من خالل إعمال حقوق الطفل‬
‫في التعامل مع األطفال المستفدين من خدمات هذه المؤسسة وتحسيس وتوعية المحيط االجتماعي واالقتصادي للمدرسة‬
‫بهذه الحقوق وأهميتها في عملية التنشئة االجتماعية عموما وإنجاح التمدرس خصوصا‪.‬‬

‫يتعلق األمر في هذه الورقة باالنطالق من دراسة تقييمية لتجربة أندية األطفال بالمغرب[‪ ]3‬بهدف « جعل هذه األندية‬
‫نموذجا للمؤسسة التي تشتغل ضمن مقاربة حقوقية »[‪ ]4‬خدمة لقضايا الطفولة عبر إعمال بنود اتفاقية حقوق الطفل؛ هذه‬
‫التجربة التي انطلقت في إطار اهتمام العصبة المغربية لحماية الطفولة بقضايا الطفولة وتطوير خدماتها لفائدة الطفولة‬
‫المحروم ة والتي تعيش أوضاعا اجتماعية صعبة أو ذات احتياجات خاصة إلى جانب أندية الطفل التابعة لوزارة الشبيبة‬
‫والرياضة؛ غير أننا في هذه الورقة سنقوم بتناول هذه التجربة ضمن إطار أشمل من أجل التنبيه على تطوير وتوسيع أدوار‬
‫المدرسة وتأهيلها ضمن محيطها االجتماعي واالقتصادي؛ خاصة وأن الظروف الراهنة التي يعيشها العالم العربي منذ‬
‫أحداث ‪ 11‬سبتمبر أصبحت تطرح تحديات أمامه؛ حيث أصبح إصالح التعليم يشكل أحد أوجه هذه التحديات‪ .‬و في إطار‬
‫مناقشة هذه المسألة سنقوم هنا بدراسة إشكالية العالقة التنشيئية بين الوقت الحر والمدرسة من خالل االستفادة من تجربة‬
‫أندية األطفال ووظيفتها التربوية التي تتلخص في مساعدة هذه الفئة من األطفال على حسن استثمار وقتها الحر في مواجهة‬
‫التسرب أو الهدر المدرسي‪.‬‬
‫)‪1‬‬ ‫‪:‬أهمية الوقت الحر وكيفية استغالله لتنشئة األطفال‬
‫من المفيد اإلشارة إلى أن مصير المدرسة مرتبط بالتغيرات المجتمعية وما تفرزه هذه األخيرة من عالقات تآثر بين العمل‬
‫والوقت الحر؛ غير أن الوقت الحر يوفر ظروفا أيسر إلمكانية االستمتاع والحميمية وتحقيق الذات بعيدا عن كل أنواع‬
‫اإلكراه وأشكاله‪ .‬والمدرسة في الفضاء العربي (منطقة الشرق األوسط وإفريقيا الشمالية) باستدامتها ألنماط التربية والتعليم‬
‫المتقادمة والموروثة عن العصر الطباعي في وقت أصبحت فيه الصورة والمعلوميات تحتل كل ثنايا الحياة اليومية‪ ،‬ما‬
‫زالت تقدم لألطفال والشباب تكوينا غير مؤه ٍل لسوق الشغل ولمتطلبات المقاولة الجديدة‪ ،‬كما أنها بمضمون برامجها‬
‫وبيداغوجيتها ال تساعده على االستفادة الجيدة من األنشطة الترويحية التي بدأت تنافس المدرسة وتدخل في تعارض مع‬
‫أهدافها التربوية في غياب تأهيل عام للمؤسسات التنشيئية التي أفرزها المجتمع (األسرة‪ ،‬الشارع‪ ،‬دار الشباب‪ ،‬األندية‪،‬‬
‫الجمعيات‪ ،‬الخ‪.).‬‬

‫وتتمثل أهمية الوقت الحر من هذه الزاوية في أن هذا الوقت أصبح حقا من حقوق اإلنسان االجتماعية والسياسية والثقافية‬
‫واالقتصادية‪:‬‬

‫أ‪ -‬من حيث أن لكل إنسان (بما فيه الطفل) الحق في وقت يستعمله بحسب رغبته الشخصية في تجديد طاقاته العقلية‬
‫والعضلية وتفريغ مختلف التوترات واإلكراهات التي تعترضه أثناء القيام بالواجبات والفروض التي يستوجب عليه القيام‬
‫بها خالل وقت عمله‪ .‬وهذا الحق يختلف باختالف مراحل العمر ونوعية العمل‪ .‬فاألطفال والشباب مثال خالل مرحلة‬
‫تمدرسهم يقدم لهم المجتمع ميزانية وقت حر أكبر تساعدهم على االندماج في الحياة المجتمعية؛ أما الراشدون فيحصلون‬
‫على تقاعد بعد فترة عمل تحددها قوانين الشغل الجاري بها العمل في البالد‪ ،‬تشكل وقتا حرا مستحقا‪ .‬وما بين مرحلتي‬
‫التمدرس والتقاعد هناك أوقات حرة يومية وأسبوعية وسنوية تقننها أنظمة الشغل في كل بلد‪.‬‬

‫ويختلف هذا الحق باختالف النظام المجتمعي لكل بلد؛ حيث تشكل األعياد والمناسبات الطقوسية في بعض البلدان‬ ‫ب‪-‬‬
‫إلى جانب المناسبات الوطنية فرصا للتعطل عن العمل‪ .‬بينما ال تعترف بعض األنظمة إال بالمناسبات الوطنية وأخرى مدنية‬
‫… حسب النظام السوسيوسياسي الذي تقوم عليه الدولة‪.‬‬

‫ج‪ -‬وعلى مستوى الممارسات الثقافية يشكل الوقت الحر بأنشطته مؤشرا من مؤشرات التنمية الثقافية وممارسة الحقوق‬
‫الثقافية؛ حيث ال يقاس مستوى التنمية في المجتمع بمدى تواجد البنيات والتجهيزات األساسية وجودة الخدمات الترويحية‬
‫وتنوعها فقط بل أيضا بمدى الولوج إلى هذه الخدمات ودمقرطة استهالكها واستجابتها لرغبات وانتظارات وحاجيات‬
‫المواطنين على اختالف أعمارهم وجنسهم وثقافتهم ومستواهم التعليمي والسوسيواقتصادي‪.‬‬

‫د‪ -‬وتشكل أنشطة الوقت الحر فرصة لالستهالك والمساهمة في الرواج االقتصادي عبر خلق مناصب شغل (المنشطون‪،‬‬
‫الفنانون‪ ،‬العاملون في مجال الخدمات بالمقاهي واألندية والمكتبات وصاالت العرض بمختلف أنواعها والمرافق‬
‫السياحية…) إضافة إلى خلق أذواق استهالكية وأنماط عيش وأساليب حياة تشكل مؤشرا من مؤشرات الرفاه االجتماعي‬
‫وتساهم في تقوية الروابط االجتماعية وهيكلة البناء االجتماعي‪.‬‬

‫ولهذا أصبحت كل الدول والمجتمعات مطالبة ببلورة سياسة ترويحية تشكل ركنا من أركان سياسة البالد من جهة‪ ،‬كما أن‬
‫قطاع الوقت الحر أصبح قطاعا وظيفيا سواء من حيث دوره المتعاظم في االقتصاد الوطني أو من حيث توظيفه في تنشئة‬
‫مواطنة تشكل الطفولة أهم المعنيين بها من جهة أخرى‪.‬‬

‫وقد خضع الوقت الحر[‪ ]5‬لتطورات مهمة من حيث طبيعته موازاة مع التحوالت المجتمعية؛ ذلك أن الحضارة المعاصرة‬
‫أصبحت حضارة تقوم على الترفيه إال أن األنشطة الترفيهية التي عادة ما تعتبر أنشطة ثانوية بدأت تفسح المجال أمام أنشطة‬
‫يصعب اعتبارها ترفيها مثل األشغال اليدوية والترميم والتكوين الذاتي والسياحة … وهكذا بدأ المرور من منطق النشاط‬
‫إلى المنطق الزمني الذي أخذ صفة الوقت الحر مقابل وقت العمل‪ .‬إن ظهور الوقت الحر‪ ،‬والذي ينعت غالبا بوقت فراغ في‬
‫فضائنا العربي(ويرد استعماله غالبا بصيغة الجمع ‪ :‬أوقات الفراغ)‪ ،‬يعتبر مكسبا حضاريا من مكتسبات الثورة الصناعية‪.‬‬
‫غير أن الخلط الحاصل بين وقت ربحه األجير بفضل بيعه لطاقته العضلية و‪/‬أو الفكرية من خالل وضع وقته رهن‬
‫المؤسسة حسب قوانين الشغل الجاري بها العمل وبين وقت دون نشاط (حالة البطالة مثال) ينم عن أزمة في تمثل الوقت إذ‬
‫أن تمثل الوقت ال ينفصل عن النظام االجتماعي وال عن النظام الذهني (أو ما يسمى بالذهنية)‪ .‬صحيح أن الثقافة العربية‬
‫اإلسالمية تشجع على اإلقبال على متع الحياة لكن باعتدال‪ ،‬كما أنها متفائلة بالمستقبل‪ .‬غير أننا نالحظ أن عددا من الحركات‬
‫االجتماعية ثقافية كانت أو غيرها تأخذ لبوسا دينيا تدعو إلى العودة إلى الماضي في إطار ردة أمام الحداثة‪ .‬وهي أزمة يمكن‬
‫النظر إليها في إطار صعوبة ت َ َمث ّ ِل زمن مؤسس على الحداثة‪ .‬إنها ليست فقط أزمة في اآلمال التي يمكن ارتسامها في‬
‫المستقبل ولكنها تبدو كأزمة في تصور فكرة المستقبل‪ .‬ويتجلى ذلك في عدد من التصورات ذات الطبيعة المهدوية‪.‬‬

‫وقد غير الوقت الحر من طبيعة الممارسات الترفيهية وساعد على تنوعها[‪ .]6‬فبغض النظر عن وظائفه النفسية‬
‫واالجتماعية واالقتصادية‪ ،‬فإن الوظيفة الثقافية تعتبر حاسمة بفعل تأثيرها في التشكل االجتماعي‪ .‬وقد ظهرت في الفضاء‬
‫العربي مؤسسات جديدة تعود غالبيتها إلى المؤسسات التي ورثتها المجتمعات العربية عن المرحلة االستعمارية أو أدخلتها‬
‫الدولة في إطار لحاقها بركب الحضارة المعاصرة‪ .‬كما ظهرت أنشطة جديدة مثل الرياضات على سبيل المثال ال الحصر‬
‫والتي دخلت إلى المجتمع العربي عن طريق الغرب من حيث أنظمة تدبيرها رغم ما يمكن أن يقال عن أصولها التاريخية‬
‫العربية أو المحلية‪ .‬وقد بدأت الرياضة العربية – على سبيل المثال في مجال األنشطة الترويحية – تنتقل من طور الهواية‬
‫إلى طور االحتراف كما أصبح لها حضور مؤثر في المسابقات الدولية محققة إنجازات أدخلت المجتمع العربي إلى العالمية‪.‬‬
‫وهذا ما سمح ببروز فاعلين اجتماعيين جدد في صياغة الوجدان العربي‪ .‬وقد أصبح الترفيه في هذا السياق ذا « قيمة‬
‫معرفية »‪ ،‬كما أصبحت األنشطة الترويحية تقوم على المهننة واالختصاص إضافة إلى التحول الموازي الذي شهدته التربية‬
‫والتي أصبحت ضمنها أنشطة اللعب والترفيه أنشطة تعليمية أو شبه تعليمية‪ ،‬وتقوم على تمثالت بيداغوجية مثلها في ذلك‬
‫مثل باقي عمليات التعلم األخرى‪ ،‬وهذا ما جعل الدعاوى ترتفع إلعادة النظر في األدوار التقليدية للمؤسسة التعليمية وفي‬
‫ابتكار وسائل جديدة لتداول المعرفة والولوج إليها‪ .‬يضاف إلى هذا أن أهم تحول فرضته العولمة هو نشوء « مجتمع‬
‫المعرفة »‪ .‬مجتمع تقوم فيه السلطة على المعرفة باعتبار أن هذه السلطة المعرفية هي أرقى أشكال السلطة التي ابتكرها‬
‫اإلنسان عبر تاريخه الكوني ألنها سلطة تعيد إنتاج نفسها وتقوم على إعمال الفكر وعلى اإلبداع واالبتكار‪ .‬فمع الثورة‬
‫المعلومياتية والتكنولوجية تسارعت وتيرة تدوال المعلومات وأصبحت الحدود مخترقة؛ حيث أن المشاهد العربي مثال قد‬
‫تحرر من صراعات األنظمة بفعل الفضائيات التي خلقت عالما عربيا افتراضيا‪ .‬كما أن المواطن العربي الذي يعيش في‬
‫المهجر أصبح يرتب حياته الثقافية حسب إيقاع الفضائيات العربية التي يلتقطها‪ ،‬مما سمح له بأنسنة معيشه اليومي وحرره‬
‫إلى حد ما من الهيمنة اإلعالمية للغرب‪ .‬مقابل هذا الوضع نجد المواطن العربي يتملص من سلطة اإلعالم القطري ليختار‬
‫بكل حرية برامجه في فضائيات أخرى عربية و‪/‬أو أجنبية‪ .‬هذا التنقل الحر للعيون العربية لم يرافقه تنقل حر للمواطن‬
‫العربي في فضائه الجيوثقافي‪ ،‬فالحدود ما زالت قائمة‪ ،‬والتبادالت ضعيفة ومتقلبة مقارنة مع العالقات مع الغرب‪ .‬لقد اطلع‬
‫المشاهد العربي على تنوع وثراء الثقافة واإلبداع العربيين كما تقدمهما الفضائيات رغم ما يمكن أن يقال عن القنوات‬
‫القطرية الرسمية أو العمومية‪ .‬غير أن هذا االنفتاح في المجال السمعي البصري الذي وفرته الثورة اإلعالمية والتكنولوجية‬
‫يبقى غير مكتمل ما دامت سوق اإلنتاجات العربية تخضع لمنطق الربح وتهيمن عليها إنتاجات تعمل على مناولة أو إشباع‬
‫نزوات المشاهد العربي األولية في غياب فضائيات للمعرفة والعلم إلى جانب انتشار األمية‪.‬‬

‫من خالل هذه األمثلة يمكن القول بأن الطلب على أنشطة الوقت الحر أصبح يشكل جزءا مهما من مؤشرات جودة الحياة‪.‬‬
‫وهذا يتطلب توسيع مفهوم السياسة الثقافية بعيدا عن هيمنة ثقافة رسمية‪ ،‬ذلك أن توفير تجهيزات مهما كان مستواها من‬
‫مركبات ثقافية أو وسائل نشر المعارف والمعلومات من وسائط مختلفة ليست وحدها كفيلة بضمان ثقافة وتوفير جودة‪ ،‬البد‬
‫من طرح السؤال فيما يتعلق بهذه السياسة الثقافية حول المضمون و »المادة الثقافية »التي تروجها هذه السياسة أو تشجعها‬
‫وتدعو لها أو تنشر من خالل هذه المؤسسات والتجهيزات والوسائط‪ ،‬كما ال ننسى أن نطرح في هذا الصدد سؤال الكلفة‪-‬‬
‫المنفعة وكذا الكلفة‪-‬الجودة‪ .‬وطرح هذه األسئلة مشروع على اعتبار أن المضمون (أو البضاعة الثقافية) المروج له ليس‬
‫محايدا وال جودة المؤسسات والتجهيزات والوسائط ضامنة وحدها لخلق وتكريس جودة ال تضمن أو توفر هذه السياسة‬
‫مقومات إنتاجها‪ .‬فاألمر ال يتعلق ببساطة بتلبية رغبة الجمهور أو حرية التعبير … الخ فقط‪ .‬هذا النوع من التوجهات في‬
‫وضع سياسة ثقافية نعتقد أن مدخله يقوم على توفير ما يمكن أن أسميه « بحالة جاذبية ثقافية » داخل المجتمع حتى ال تبقى‬
‫الثقافة أو تصبح تقليعة جوفاء سواء كترف أو كحق للمواطن فقط بل أن ينظر إليها كشرط للحياة على قدم المساواة مع حرية‬
‫االستثمار وأيضا الديموقراطية وذلك حتى ال يسقط المجتمع في سيرورة « الالتثقيف » أو التسطيح الثقافي‪ .‬في هذا الصدد‪،‬‬
‫يمكن القول أن الديموقراطية الثقافية تقتضي إعادة االعتبار « للمادة الثقافية » بغض النظر عن العالمة وخارج نسق الهيمنة‬
‫على الحقل الثقافي بوسائل ليست من طينة الممارسة الثقافية‪ .‬ويؤكد بورديو[‪ ]7‬على السحر الذي يمارسه اإلمضاء (أو‬
‫العالمة) والذي يقوم من خالله المتحكمون في الحقل بوضع مواد (أو خلقها) على اعتبار أنها راقية‪ ،‬ذلك أنها ال تكتسي‬
‫قيمتها إال من العالمة أساسا‪.‬‬

‫فالدور التنشيئي ألنشطة الوقت الحر بالنسبة للطفل ( وللراشد أيضا ) يبرز من خالل خصائص هذه األنشطة الترويحية‪:‬‬

‫× خاصية التحرر‪ :‬حيث يمنح الممارس حق اختيار نوع النشاط الذي يرغب فيه بشكل حر‪ .‬فالممارس متحرر في‬
‫اختياراته من كل إكراه أو توجيه‪.‬‬
‫× خاصية الالنفعية‪ :‬إذ يختار الممارس النشاط بغض النظر عن نفعيته‪ ،‬بمعنى أن النفعية المباشرة ليست عامال رئيسيا‬
‫وأساسيا في اختيار النشاط الممارس‪.‬‬

‫خاصية المتعة‪ :‬فعبرها يتم البحث عن تحقيق متعة من خالل ممارسة النشاط‪ ،‬متعة مرغوبة و‪/‬أو منتظرة في حد‬ ‫×‬
‫ذاتها‪.‬‬

‫× خاصية الشخصية‪ :‬وتتمثل في أن الشخص يختار النشاط لتحقيق ذاته ويستمتع به كاختيار شخصي بعيدا عن أي‬
‫توجيه أو إكراه‪.‬‬

‫ومن منظور سوسيولوجيا الوقت الحر‪ ،‬ال يمكن الحديث عن أنشطة وقت حر إذا لم تتوافر فيها هذه الخصائص مجتمعة وإال‬
‫فإن األمر قد يتعلق بشبه وقت حر أو وقت عمل إضافي‪ .‬ونستنتج من هذا أن هذه األنشطة الترويحية هي جزء من وقت‬
‫الالعمل‪ .‬ومن نافلة القول اإلشارة إلى أنها تحقق الوظائف التالية لدى ممارسها بشكل مندمج أو على شكل أسبقيات مختارة‬
‫دون أن تنتفي الوظائف األخرى التي تصبح ثانوية أو عرضية وغير مباشرة بحسب سلم األولويات‪:‬‬

‫وظائف سوسيونفسية‪ :‬كاالسترخاء‪ ،‬والترفيه والترويح‪ ،‬وتنمية المهارات والقدرات وصقل المواهب …‬ ‫–‬

‫– وظائف اجتماعية‪ :‬التنشئة‪ ،‬تحقيق الذات وتجاوز الطاقات عبر التنفيس (حاالت الفوز‪ ،‬محاكاة األبطال‪ ،‬االنتماء‬
‫الرمزي من خالل ممارسة النشاط …)‪.‬‬

‫الوظيفة العالجية‪ :‬من خالل تفريغ التوترات وتجديد الطاقات النفسية والعضلية‪.‬‬ ‫–‬

‫وهناك وظيفة خارجية ألنشطة الترويح تتمثل في الوظيفة االقتصادية سواء من حيث كون هذه األنشطة مجال استثمار مهم‬
‫أو أيضا من حيث االستهالك عبر اإلقبال عليها؛ حيث أصبح يعبر عن الرياضة مثال بأنها مجال استثمار بامتياز تحولت‬
‫معه فرق كرة القدم إلى مقاوالت تتداول أسهمها في البورصة ناهيك عن سوق المعدات واللوازم الرياضية …‬

‫من خالل هذا االستعراض العام لطبيعة الوقت الحر وعالقته بوقت العمل[‪ ،]8‬وكذلك لدوره في العملية التنشيئية عبر‬
‫تحويل الفرد من كائن حي إلى كائن اجتماعي؛ نستطيع أن نقول بأن مسألة تعارض أنشطة الوقت الحر مع األنشطة‬
‫المدرسية ليست مسألة مطلقة وإنما هي ناتجة عن سوء توظيف لميزانية الوقت الحر وعن طبيعة األنشطة الترويحية‬
‫الممارسة والتي يقترحها المحيط السوسيوثقافي للمدرسة ناهيك عن انعدام آليات توافق وتكامل بين المؤسسات التنشيئية‬
‫والمدرسة وأطر كفيلة بابتكار هذه اآلليات وبلورة استراتيجيات تنشيطية تعمل على اندماج المدرسة في محيطها االجتماعي‬
‫والثقافي واالقتصادي‪.‬‬

‫في إطار اإلجابة عن هذه اإلشكالية الكبرى‪ ،‬ظهرت بالمغرب أندية لألطفال إلى جانب مديرية األنشطة السوسيوتربوية‬
‫والثقافية التابعة لوزارة التربية الوطنية‪ .‬ويوجد بهذه المديرية قسمان‪ :‬قسم األنشطة السوسيوتربوية الذي يسهر على تسيير‬
‫جمعية التعاون المدرسي العاملة بالسلك األول من التعليم األساسي‪ ،‬وقسم لألنشطة الثقافية ويقوم بتخطيط وبرمجة هذه‬
‫األنشطة في كل من السلك الثاني للتعليم األساسي وكذلك في التعليم الثانوي‪ .‬ترى كيف كانت هذه التجربة الخاصة بأندية‬
‫األطفال ؟‬

‫تجربة أندية األطفال بالمغرب‪:‬‬ ‫‪)2‬‬

‫كما سبقت اإلشارة في بداية هذه الورقة‪ ،‬نجد أن أندية األطفال تنقسم إلى نوعين‪ :‬نوع منها تحت وصاية وزارة الشبيبة‬
‫والرياضة‪ ،‬ونوع ثان أنشأته العصبة المغربية لحماية الطفولة‪ .‬فما الذي يميزهما ؟‬

‫أ‪ -‬أندية األطفال التابعة لوزارة الشبيبة والرياضة‪:‬‬

‫لقد كان هذا النوع من أندية األطفال هو أول مؤسسة ظهرت في الفضاء المغربي‪ ،‬وذلك في إطار تفعيل التوصيات المنبثقة‬
‫عن المناظرة الوطنية األولى لحقوق الطفل والتي انعقدت في بداية التسعينيات من القرن الماضي‪ .‬وتم خلق هذه األندية‬
‫كمؤسسات تقوم بدور االستشارة والتوجيه التربوي وتأطير األطفال المهددين باالنحراف وتوجيههم باإلضافة إلى توفير‬
‫تكوين مهني لمن فشل منهم في مساره الدراسي كبديل لألوراش التقليدية وغير المهيكلة التي كانت تستغل فيها الطفولة‬
‫بأشكال مختلفة وتحت مسميات متنوعة‪ .‬غير أن هذه المؤسسات بفعل النقص في التأطير والتجهيزات تحولت إلى صورة‬
‫مماثلة لدور الشباب؛ بل إن تواجد بعضها ضمن دور الشباب النعدام بناية مستقلة وخاصة بها جعلها مندمجة في دار الشباب‬
‫الشيء الذي أثر بشكل سلبي عليها وجعلها جزءا من دار الشباب‪ .‬كما أن البعض منها لم يستطع استقطاب األطفال بفعل‬
‫تواجده في أحياء تتميز بصعوبة تأطيرها وعلى الخصوص من حيث التفاوت الحاصل بين ما تقدمه األسرة لطفلها وما‬
‫يقترحه النادي بالقياس مع واجبات االنخراط‪.‬‬

‫فالمهام الملقاة على عاتق هذه المؤسسة لم يواكبها توفير لألطر الكفأة وبالعدد الكافي من جهة كما أن عدم تحديد المهام‬
‫المنوطة بها بشكل كاف جعلها تعيد إنتاج نفس الخدمات التي تقدمها مؤسسات وبنيات استقبال أخرى (التكوين المهني‬
‫بمختلف أسالكه وتخصصاته‪ ،‬جمعيات الطفولة الوطنية‪ ،‬الخ‪ ).‬وغالبا بكفاءة أقل‪ .‬إضافة إلى أن البنايات التي كانت‬
‫تستضيف هذه المؤسسات لم تكن تتوافر فيها مواصفات مؤسسة خاصة بالطفولة سواء من حيث البناية كبناية أو من حيث‬
‫محيطها المباشر‪ .‬ولعل تنوع جمهور المستفيدين منها سواء التالميذ المتمدرسين أو الذين انقطعوا عن الدراسة كان من بين‬
‫األسباب األخرى التي ساهمت في إبراز الصورة السلبية التي كونتها األسر عن هذه الفضاءات وفي سوء استجابة هذه‬
‫األخيرة النتظارات األطفال الذين أقبلوا عليها‪ .‬فقد تحولت بسرعة إلى أماكن تجمع لمجموعات األقران دون أن تستطيع‬
‫النهوض بما كان منتظرا منها إال ما كان من بعض األنشطة الظرفية التي كانت تبرمج من حين آلخر وفي فترات متباعدة‪.‬‬
‫غير أنه منذ أن بدأ االهتمام في ظل التوجهات السياسية الجديدة وضمن برنامج « العطلة حق للجميع » والبرامج االجتماعية‬
‫األخرى الخاصة بالطفل بدأت هذه الفضاءات تشهد تحوال نوعيا من حيث تدبيرها والمهام المنتظرة منها‪.‬‬

‫ب‪ -‬أندية األطفال التابعة للعصبة المغربية لحماية الطفولة‪:‬‬

‫أمام هذا الوضع الذي كان يتطلب تدخال إداريا وقانونيا سريعا لتصحيح األوضاع؛ جاءت ردة الفعل من المجتمع المدني‬
‫والذي اتسم بنوع من النجاعة والفعالية؛ حيث افتتحت العصبة المغربية لحماية الطفولة وبتعاون مع الوزارة الوصية أندية‬
‫لألطفال لكن ضمن توجه جديد[‪ ]9‬كان القصد منه التخفيف من الضغط على األندية الموجودة مع تغطية الفضاءات‬
‫الحضرية التي لم تكن تغطيها األندية التابعة للوزارة‪ .‬كما أن هذه األندية التي استحدثتها العصبة كانت تعمل مع األطفال‬
‫المتمدرسين فقط والذين يعيشون باألحياء الهامشية أو ضمن أسر فقيرة ويعانون من صعوبة في التمدرس‪ .‬وقد تم افتتاح‬
‫هذه األندية ضمن المراكز التي كانت تتوفر عليها العصبة وتقدم من خاللها خدماتها لألسر المعوزة‪ .‬وهو ما جعل هذه‬
‫األندية تعرف إقباال بالنظر للعالقات التي كانت تربط األسر بهذه المراكز سواء عبر استفادتها من برامج التوعية األسرية‬
‫أو باقي الخدمات االجتماعية التي كانت تقدم للنساء واألمهات‪.‬‬

‫واجتهدت العصبة من خالل المساعدات التي حصلت عليها في تأثيث هذه الفضاءات بتجهيزات سوسيوثقافية سواء على‬
‫شكل أجهزة سمعية بصرية (تلفاز‪ ،‬فيديو‪ ،‬مذياع وآلة تسجيل …) أو مكتبة تحتوي على كتب ومجالت لألطفال وألعاب‬
‫العشرة المتنوعة … ناهيك عن توفير فضاء للعب وممارسة الرياضات المفضلة لألطفال من كرة قدم وكرة طائرة …‬
‫بخالصة كل ما يفتقده أبناء هذه األسر الفقيرة في فضائهم األسري ومحيط حيهم‪ .‬وقد عملت هذه األندية ضمن استراتيجية‬
‫تهدف إلى دعم التمدرس والحد من التسرب المدرسي؛ حيث كان األطفال يقضون أوقات فراغهم باألندية بدل قضائها في‬
‫الشارع بعيدا عن مراقبة األسرة والتي كان فيها الوالدان غالبا ما يغادران البيت في الصباح الباكر للعمل طوال النهار في‬
‫أعمال مختلفة لضمان القوت اليومي ألطفالهم‪ .‬ولهذا فإن األندية كانت تفتح أبوابها حوالي التاسعة صباحا إلى السادسة‬
‫مساء‪ .‬ويقضي بها األطفال المسجلون بياض نهارهم‪ .‬على أن هذه األندية ال تقدم وجبات تغذية إال أنها تقوم بمتابعة تمدرس‬
‫األطفال سواء من حيث التعاون مع إدارة المدرسة في تتبع الحياة والمسار الدراسيين للطفل وإخبار اآلباء بما يجعلهم‬
‫منخرطين بشكل مسؤول وواعٍ في تدبير تمدرس أطفالهم بشكل فعال‪ .‬هذا‪ ،‬باإلضافة إلى تنظيم اليوم الدراسي لألطفال‬
‫بحسب مستوياتهم التعليمية سواء من حيث المساندة في أداء الفروض والواجبات المدرسية أو تنظيم دروس للمراجعة‬
‫والدعم والتقوية في المواد التي يالحظ أنها تحتاج لذلك‪ .‬ويتم هذا بحسب برنامج يومي تتخلله فترات أوقات حرة لألطفال‬
‫يقضونها في المعامل التربوية أو األناشيد ومختلف األنشطة الترويحية‪.‬‬

‫إال أنه ال بد من اإلشارة إلى أن هذه المجهودات ظلت تنوء تحت ضغط األعداد المتزايدة للمستفيدين والتي تجاوزت بسرعة‬
‫حجم التأطير حيث أن غالبية هذه األندية ال يعمل بها إال مؤطر واحد يقوم بالعمل اإلداري واإلشراف التربوي والتنشيط‪.‬‬
‫وهو ما دفع بالهيئة المدنية المشرفة عليها أن تقرر القيام بدراسة تقييمية للنهوض بأوضاع هذه األندية بعد تجربة عشر‬
‫سنوات من العمل ( أول ناد افتتحته العصبة المغربية لحماية الطفولة كان سنة ‪ 1993‬بمدينة العيون بالصحراء)‪.‬‬

‫وقد تمت هذه الدراسة التقييمية بشراكة بين العصبة ومنظمة اليونسيف[‪ ،]10‬وقد جاءت في إطار ظرفية اتسمت بصدور‬
‫الميثاق الوطني للتربية والتكوين[‪ ،]11‬وانخرطت في سياق التقرير الوطني حول الطفولة ‪ 2001‬الذي تم إعداده للمؤتمر‬
‫العالم ي لألطفال‪ .‬كما أن هذه الدراسة كانت إعماال إلحدى توصيات التقرير األدبي الذي أعدته العصبة سنة ‪2000‬‬
‫لمؤتمرها الوطني‪.‬‬
‫وبالعودة للمرجع المذكور (الهامش رقم ‪ ،)2‬نشير إلى أن هذه الدراسة التقييمية اعتمدت منهجية بحث متكاملة قامت أساسا‬
‫على ثالث مبادئ أساسية‪:‬‬

‫توظيف مقاربة حقوقية تتوخى إعمال مضامين اتفاقية حقوق الطفل‪،‬‬ ‫‪Û‬‬

‫‪ Û‬اعتماد مقاربة تشاركية تأخذ بعين االعتبار انتظارات ومطالب مختلف أطراف العملية السوسيوتربوية مع إعطاء الطفل‬
‫الدور المحوري باعتباره المعني األول بهذه العملية‪.‬‬

‫‪ Û‬تبني مقاربة مقاِرنة تهدف إلى استشراف إمكانيات الشراكة والتشبيك بين مختلف الفاعلين في ميدان الطفولة سواء‬
‫كقطاع حكومي أو كمجتمع مدني أو كقطاع خاص‪.‬‬

‫وقد تمت بلورة هذه المنهجية عبر تقنيات بحث توخت جمع المعطيات الكفيلة بوضع تشخيص متوافق حوله بين مختلف‬
‫األطراف ( الطفل‪ ،‬العصبة‪ ،‬المدرسة‪ ،‬األسرة‪ ،‬الخ‪ ).‬وموضوعي‪ ،‬يجعلنا قادرين على تدعيم المكتسبات واقتراح بدائل‬
‫عملية لتجاوز السلبيات بحسب اإلمكانيات وفي إطار استراتيجية واضحة تبلور سلم األولويات‪ .‬وتمثلت هذه التقنيات في‪:‬‬

‫– البحث الوثائقي‪ :‬وشمل دراسة كل وثائق المؤسسات التنشيئية التي قمنا بحصرها سواء باإلدارات المركزية أو عند‬
‫الزيارة الميدانية لبعض األندية التي تم اختيار عينة تمثيلية منها‪ .‬وهي على الخصوص‪ :‬وثائق العصبة المتعلقة بأندية‬
‫الطفولة الموجودة تحت وصايتها‪ ،‬وثائق قسم الطفولة بوزارة الشبيبة والرياضة المتعلقة باألندية الموجودة تحت وصايتها‪،‬‬
‫وثائق أقسام مديرية األنشطة السوسيوتربوية والثقافية التابعة لوزارة التربية الوطنية‪.‬‬

‫– االستمارة ‪ :‬والتي تم بناؤها ضمن جلسات تمت مع عينة من األندية خالل الزيارات الميدانية‪ ،‬وقد وجهناها إلى كل‬
‫األندية التابعة للعصبة‪ .‬وتضمنت جزءين‪ :‬جزء خاص باإلدارة المسيرة للنادي والذي كان الهدف منه التعرف على وضعية‬
‫النادي وطرق تدبيره والجوانب اإليجابية أو السلبية التي يعرفها هذا التدبير … وجزء خاص بلجان األشبال باعتبارها هيئة‬
‫منتخبة من طرف األطفال تساهم في تدبير األنشطة والبرامج بالنادي وانصبت أسئلتها على التعرف عن نظرة األطفال‬
‫وانتظاراتهم لما يقدمه النادي من خدمات‪.‬‬

‫– المقابلة‪ :‬وتوزعت بحسب نوعية المعنيين‪ .‬حيث كانت هناك مقابالت جماعية شبه موجهة مع األطر المشرفة على‬
‫أندية األطفال التابعة للعصبة والتي ضمت المؤطرين وأعضاء المكتب المسير للجمعية؛ والتي كانت فرصة لبناء االستمارة‬
‫من جهة واالطالع على الوثائق المتعلقة بالنادي من جهة أخرى‪ ،‬كما انصبت على تدبير النادي وعالقته بمحيطه التعليمي‬
‫والسوسيوتربوي واالجتماعي عموما وتقييم العمل الذي يقوم به النادي واستشراف مستقبل هذا العمل … كما كانت هناك‬
‫مقابالت جماعية موجهة وموضوعاتية مع أولياء وآباء وأمهات األطفال المستفيدين من خدمات النادي والتي تم العمل‬
‫ضمنها على مرحلتين‪ :‬األولى همت طبيعة العالقة مع النادي من جهة والعصبة من جهة أخرى وتقييم خدمات النادي‬
‫المقدمة ألطفالهم‪ ،‬أما الثانية فكانت على شكل ورشة استبداع كان الهدف منه اقتراح الحلول الكفيلة بالنهوض بوضع النادي‬
‫وتحسين خدماته والرفع من جودتها ال فيما يتعلق بما تطلبه األسر ولكن أيضا بما ينتظر منها كمساهمة فعلية في تنشيط حياة‬
‫النادي ودعم أنشطته بما يخدم دور األسرة التربوي ويساعد الطفل على التمتع بحقوقه‪.‬‬

‫– تقنية المجموعات البؤرية‪ :‬خالل ورش التقييم النهائي للدراسة والذي انقسم على ثالث فترات‪ :‬فترة المجموعة البؤرية‬
‫الخاصة باألطفال المستفيدين من خدمات النادي‪ ،‬وفترة المجموعة البؤرية الخاصة بالمنشطين المشرفين على تأطير األندية‬
‫المنضوية تحت العصبة‪ ،‬ثم فترة أخيرة ضمت األطفال إلى جانب المؤطرين‪ .‬وقد شارك في هذه الورشة أطر الشبيبة‬
‫والرياضة وأطر وزارة التربية الوطنية‪ .‬ولئن انصبت أعمال الفترة األولى والثانية على المصادقة على نتائج الدراسة وبناء‬
‫تصور لما يجب أن يكون عليه « ناد جدير بالطفل » فإن الفترة الثالثة هدفت إلى بلورة معايير جودة نموذجية خاصة بنادي‬
‫األطفال والتي يجب أن تكون متضمنة ضمن دفتر تحمالت يقوم عليه مشروع المؤسسة كتعاقد بين مختلف األطراف العاملة‬
‫في ميدان الطفولة‪.‬‬

‫لقد تم التوليف بين مختلف هذه التقنيات بحسب المراحل التي مرت منها الدراسة والتي انقسمت إلى ثالث مراحل كبرى‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫مرحلة جمع المعطيات والدراسة الوثائقية وفيها تم بناء مدونة البحث وحصر العينة التمثيلية واختيار المؤسسات‬
‫‪.‬التنشيطية المحيطية‬
‫‪‬‬ ‫‪.‬مرحلة العمل الميداني والتي تم خاللها القيام بالزيارات الميدانية وإنجاز االستمارة والمقابالت‬
‫‪‬‬ ‫مرحلة المصادقة على الدراسة التقييمية والتي كانت على شكل ورشة عمل دامت يومين تم خاللها تقديم نتائج‬
‫الدراسة والمصادقة عليها من خالل اعتماد تقنية المجموعة البؤرية خاصة فيما يتعلق ببناء معايير الجودة الخاصة‬
‫بالنادي الجدير بالطفل وكذا البحث مع أطر النادي عن أوجه تطبيق تدبير تشاركي وتعاقدي للنادي سواء من خالل‬
‫‪.‬االحتضان أو االنفتاح على المحيط السوسيوثقافي للنادي‬

‫وقد أفضت الدراسة التقييمية إلى تبيان الدور الذي قامت به هذه األندية رغم قلة اإلمكانيات وضعف التأطير بصفة عامة؛‬
‫حيث نجحت في مساعدة عدد كبير من األطفال المنخرطين فيها على تدبير تمدرسهم بشكل مقبول وتذليل العوائق التربوية‬
‫والبيداغوجية التي تعترض هذه الفئة من األطفال والتي تتسم وضعيتها األسرية واالجتماعية بالهشاشة‪ .‬كما أنها ساهمت في‬
‫تمتين العالقات التربوية بين المدرسة واألسرة من خالل تتبع تمدرس هؤالء األطفال ومساعدة أوليا وآباء هؤالء األطفال‬
‫في توفير مناخ أسري يساعد على التقليل من التسرب الدراسي عبر الحيلولة دون انقطاع األطفال عن متابعة دراستهم‬
‫وخروجهم المبكر للعمل وخاصة الفتيات‪ .‬وش ّكل العمل من أجل االستثمار الجيد للوقت الحر لدى التالميذ من خالل‬
‫مساعدتهم على مراجعة دروسهم وإنجاز فروضهم وواجباتهم المدرسية كالحفظ والتمارين والعروض وغيرها محور اهتمام‬
‫نادي الطفل‪ .‬ويشرف على كل هذا المنشط الذي كان ينتظر منه أن يلعب كال من دور المربي والمعلم والمنشط يساعده في‬
‫ذلك بحسب اجتهاده وابتكاره في مجال التدبير والتسيير رئيس مجموعة أو فرقة أو اختياره للنجباء من األطفال والذين‬
‫يتوسم فيهم قدرة على المسؤولية في مساعدته في مهامه‪ .‬وكان يتم افتتاح كال من الحصتين الصباحية وما بعد الزوال بإنجاز‬
‫الفروض والواجبات المدرسية على أن األوقات المتبقية تخصص ألنشطة ترفيهية أو ترويحية حسب برنامج يضعه المنشط‬
‫وبحسب ما يتوافر لديه من وسائل وتجهيزات‪ .‬ومع تقدم تجربة األندية التي كانت تدعمها منظمة اليونسيف‪ ،‬تم تطعيم إدارة‬
‫النادي بلجنة األشبال‪ :‬وهي لجنة من األطفال المرشحين التي ينتخبها المنخرطون في النادي‪ ،‬ويراعى في ترشيحهم‬
‫االستقامة والمواظبة والنتائج الدراسية الحسنة‪ .‬وكانت هذه اللجنة تعمل إلى جانب المنشط المسؤول على تدبير النادي‬
‫وأنشطته المبرمجة والسهر على إنجاز المهام داخل المجموعات التي هم مسؤولون عنها‪.‬‬

‫ورغم ذلك الحظنا من خالل الدراسة التقييمية أن الرفع من جودة الخدمات التي يقدمها النادي وتنويعها وتجديدها بالنظر إلى‬
‫المستجدات التربوية واألوراش االجتماعية التي انطلقت مع حكومة التناوب الديمقراطي‪ .‬فالميثاق الوطني التربية والتكوين‬
‫(وخاصة ما تقدمه المواد التالية‪ )131-119-66-65-63-61-41-40-19-13 :‬يفترض في النادي أن يشكل أداة تنشيئية‬
‫في تكامل مع باقي المؤسسات والبنيات‪ .‬وعليه فإن هذه المواد تمنح الحق للعصبة من خالل أنديتها ببناء شراكة مع وزارة‬
‫التربية الوطنية من أجل دعم تعميم التمدرس ودعمه ومحاربة التسرب الدراسي؛ الشيء الذي يفرض على وزارة التربية‬
‫الوطنية مدها باألطر التربوية الكفيلة بالقيام بهذه المهام أو تقديم تكوين لألطر المتطوعة أو تلك التي يتم تشغيلها بشكل‬
‫عرضي‪ ،‬كما أنها يمكن أن تساعدها إلى جانب وزارة الشبيبة والرياضة وفق بنود اتفاقية الشراكة أن تغطي كال أو جزءا‬
‫من رواتب المؤطرين العرضيين‪.‬‬

‫هذا على مستوى التأطير والخدمات؛ أما على مستوى منهجية التأطير فإن المنشطين بفعل وضعهم التطوعي ليست لديهم‬
‫الكفاءة البيداغوجية البتكار تقنيات تنشيطية في المجال التعليمي باإلضافة إلى الصعوبة التي كانوا يالقونها في تأطير‬
‫األشغال المدرسية؛ ذلك أن حصص الدعم المدرسي كانت تستنزف طاقات المنشطين وتأخذ حيزا كبيرا من الوقت الحر‬
‫للطفل لكثرة األطفال وتعدد المستويات التعليمية وتنوع المطالب والحاجيات وضعف التأطير؛ حيث أن هذه الحصص كانت‬
‫تعيد إنتاج اإلكراهات المدرسية‪ .‬في حين‪ ،‬أن األمر يتطلب تفكيك هذه اإلكراهات والعمل على تجاوزها من خالل مرافقة‬
‫الطفل في مراجعة دروسه ومساعدته على فهم ما صعب عليه بالفصل‪ ،‬وذلك ضمن استراتيجية بيداغوجية بديلة للبيداغوجيا‬
‫المدرسية‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يأتي التنشيط البيداغوجي من خالل تكسير وتيرة الدرس وإعادة بنائها حسب وتيرة‬
‫تنشيطية تهتم ضمن مقاربة التعلم التعاوني مثال ( باعتباره تعلما ذاتيا أو تعلما تحت المراقبة ) بتنظيم األطفال ضمن‬
‫مجموعات صغيرة ( متجانسة أو العكس) حيث تتمحور مجهوداتهم على تحقيق هدف مشترك ( فهـم الدرس أو إنجاز‬
‫جماعي لتمرين أو فرض …)‪ .‬وتمكن هذه المنهجية من اكتساب مهارات معرفية واجتماعية فطرية على اعتبار أنه ليس‬
‫هناك كسول في الطبيعة ولكن الكسل وضعية تنتج عن سيرورة تهميش وإقصاء وعدم توافق وصعوبة اندماج‪ .‬وتهدف هذه‬
‫الطرائق التنشيطية إلى مساعدة التالميذ الذين يعيشون وضعية فشل دراسي من وجود مكان لهم بين أقرانهم في المدرسة‪،‬‬
‫كما أنها تمكن من هم في وضعية اضطراب سلوكي ألسباب ما من خلق حوافز اندماجية عبر إنجاز مهام ومشاريع تكوينية‪.‬‬

‫وقد نبهت الدراسة إلى أنه البد من النظر إلى وضعية التلمذة والتمدرس على أنها المهنة والتي يطلب من الطفل وفق معايير‬
‫محددة إنجازها ككائن اجتماعي له كينونته المستقلة‪ .‬وككل المهن‪ ،‬فإن كون الطفل تلميذا يتطلب النظر إليه ضمن منظور ما‬
‫أسميه « بالمواطنة المدرسية » والتي تقوم على‪:‬‬

‫أ) « مواطنة االنتماء » التي تحدد العالقات بين األفراد والمجموعات المرجعية (المدرسة‪ ،‬األسرة‪ ،‬جماعات األقران‪،‬‬
‫األندية‪ ،‬الجمعيات‪ ،‬الخ‪ ).‬مع الظواهر المتداخلة التي تقتضيها هذه العالقة‪.‬‬
‫ب) « المواطنة التشاركية » التي يجب أن تمارس في الوسط المدرسي من طرف كل األطراف (التالميذ‪ ،‬الجهاز‬
‫التعليمي‪ ،‬اإلدارة‪ ،‬جمعية آباء وأولياء التالميذ‪ ،‬الخ‪.).‬‬

‫أي أنه يجب أن ال ينحصر إعمال حقوق الطفل في تدبير النادي فحسب بل من الضروري أن يمتد إشعاع ذلك إلى المحيط‬
‫التربوي واالجتماعي واالقتصادي للنادي؛ خاصة إذا عرفنا أن المدرسة المغربية بدورها قد أدمجت ضمن برامجها‬
‫« التربية على المواطنة وحقوق اإلنسان » منذ سنة ‪ ،1994‬تاريخ توقيع اتفاقية بين وزارتي التربية الوطنية وحقوق‬
‫اإلنسان بهدف إدخال هذه التربية في التعليم العمومي‪ .‬هذه االتفاقية التي فتحت أوراش مراجعة مضامين المقررات الدراسية‬
‫مابين ‪ 1997‬و‪ ،1998‬لكي تدمج فيها القيم والثقافة الديمقراطية (حقوق اإلنسان‪ ،‬المواطنة‪ ،‬المساواة بين الجنسين‪ ،‬الشأن‬
‫المحلي‪ ،‬البيئة‪ ،‬الخ‪ .).‬وقد شهدت السنة الدراسية ‪ 2002-2001‬انطالق المرحلة التجريبية لهذا التعليم‪ ،‬وفي السنة التالية‬
‫فقط تم تنظيم سلسلة من التكوينات لفائدة المدرسين‪ .‬وشكلت السنة الدراسية ‪ 2004-2003‬االنطالق الفعلي للتربية على‬
‫حقوق اإلنسان‪.‬وهو ما فتح الباب أمام مشاريع للتربية على المواطنة بفضل شراكة بين وزارة التربية الوطنية وعدد من‬
‫الجمعيات‪ .‬ولهذا نرى أن على األندية أن تستفيد من كل هذا‪ ،‬على اعتبار أن « مواطنة الطفل » تتجلى في‪:‬‬

‫أ‪ -‬النظر إلى الطفل ككائن اجتماعي ذي كينونة خاصة ومتميزة من حيث حقوقه في عالقة بالواجبات التي عليه إنجازها‬
‫كطفل‪-‬كائن ال كمنتج إيديوثقافي‪ .‬إنه يعيش وضعية استقالل من حيث متطلبات السيرورة التنشيئية لكنه في وضعية تبعية من‬
‫حيث حصوله على حقوقه خاصة ما يتعلق منها بحقوق البقاء والنماء‪.‬‬

‫ب‪ -‬اعتبار تتلمذ الطفل مهنة من نوع خاص تستوجب توفير كل الشروط الكفيلة بإنجاحها مع احترام خصوصيات الطفل‪.‬‬
‫ويتعلق األمر بإشراكه بحسب كفاءاته ومؤهالته ووضعيته التعليمية في تدبير مرافق المؤسسة التي تقدم له الخدمات مع‬
‫احترام حقه في التمتع بوقته الحر أُسوة بسائر المهن‪.‬‬

‫هذه بصفة عامة المقتضيات المنهجية التي رأينا التنصيص عليها في الدراسة التقييمية وذلك لتبيان اختالف الوضعيات‬
‫التنشيطية في عالقة بإعمال حقوق الطفل باعتباره المعني بهذه العملية‪ .‬والتي نلخصها على الشكل التالي بالنظر لما‬
‫أوضحناه سالفا‪:‬‬

‫وفي المبحث التالي سنحاول االستفادة من الخالصات المدرجة أعاله وهذه الخطاطة المبينة في الجدول السالف لتقديم‬
‫مالحظات كفيلة بوضع استراتيجية تساعد على استثمار الوقت الحر في محاربة التسرب المدرسي‪.‬‬

‫نوعية الوقت‬ ‫الهدف‬ ‫العالقة المؤسسية‬ ‫وضعية المنشط‬ ‫طبيعة النشاط‬ ‫النشاط‬
‫وقت عمل‬ ‫مباشر‬ ‫مقننة وفق هدف‬ ‫معلم‬ ‫التعلم‬ ‫التعليم‬
‫مؤسسي مسبقا‬
‫وقت عمل‬ ‫مباشر ومرغوب فيه‬ ‫مقننة باتفاق بين‬ ‫مؤطر ‪ /‬معلم‬ ‫الدعم المدرسي نشاط شبه‬
‫إضافي‬ ‫األطراف حسب طبيعة‬ ‫مدرسي‬
‫النشاط‬
‫بحسب قصدية النشاط وقت شبه حر‬ ‫مؤسسة بحسب‬ ‫مكون‬
‫مربي ‪ِ ّ /‬‬ ‫أنشطة تثقيفية نشاط موازي‬
‫وإطار ممارسته‬ ‫االلتزامات والقوانين‬ ‫وتحسيسية‬
‫المتفق عليها‬
‫وقت حر‬ ‫المتعة والالمباالة‬ ‫مرنة وغير ملزمة إال‬ ‫منشط‬ ‫أنشطة ترفيهية نشاط حر‬
‫من حيث قواعد‬
‫الممارسة‬

‫)‪3‬‬ ‫‪:‬بين استثمار الوقت الحر وإنجاح تمدرس الطفل‪/‬التلميذ‬

‫فانطالقا من نتائج المبحث األول الذي تطرقنا فيه إلى أهمية الوقت الحر وتوظيفه في تنشئة الطفل والمبحث الثاني الذي‬
‫تناولنا فيه نتائج الدراسة التقييمية التي همت تجربة أندية الطفل بالمغرب كنموذج الستثمار الوقت الحر في دعم تمدرس‬
‫األطفال؛ سنحاول توسيع اإلشكالية في هذا المبحث قصد تناول عالقة الزمن المدرسي بالوقت الحر وأزمنة األنشطة‬
‫الترفيهية والترويحية وذلك بهدف تسليط الضوء على شروط إنجاح تمدرس الطفل المنخرط في سياق أزمنة اجتماعية‬
‫مختلفة‪ .‬وذلك في إطار التوليف بين عناصر اإلجابة المعتمدة على سوسيولوجيا الوقت الحر وسوسيولوجيا التربية‬
‫وسوسيولوجيا الشغل من أجل إثارة االنتباه إلى المدرسة الجديدة المنشودة وسيرورة التمدرس الكفيلة بتدبير اإلصالح‬
‫التربوي الذي بدأ الحديث عنه ضمن اإلصالحات المنبثقة عن منتدى المستقبل المنعقد مؤخرا بالرباط (المغرب)‪.‬‬

‫لقد أبانت العديد من األبحاث[‪ ]12‬على أن التمدرس يتم ضمن تفاوتات اجتماعية مما يحد من الصبغة الديموقراطية للتعليم‬
‫وتكافؤ الفرص الذي تجتهد المدرسة على توفيره‪ .‬كما أن مفهوم التنشئة في التحاليل التي تناولت التربية عموما والمدرسة‬
‫على الخصوص عمل على فهم كيف يستوعب الطفل قيم ومعايير المدرسة أو على العكس من ذلك كيف يبتعد عنها مستغال‬
‫في ذلك تعارض المنطق االجتماعي الخاص بكل مؤسسة من المؤسسات المحيطية‪ .‬فالتنشئة باعتبارها كذلك هي أوال‬
‫سيرورة تعلم األفراد أنماط التفكير والتعامل مع محيطهم وتمثلها لتصبح جزءا من شخصيتهم‪ .‬وبنقلنا لهذه المالحظة إلى‬
‫المتدرج في العالم الدراسي الموضوعي حيث الوقت يمثل‬
‫ّ‬ ‫الفضاء المدرسي‪ ،‬يمكننا القول بأن التنشئة هي أيضا االندماج‬
‫قيمة تهذيبية (استعمال الزمن) وبيداغوجية (النجاح واالرتقاء في التمدرس)‪ .‬من هذه الزاوية‪ ،‬يعتبر الزمن المدرسي إلى‬
‫جانب الزمن األسري منتجا للقيم وبالتالي للممارسات االجتماعية‪ .‬من هنا يمكننا التساؤل حول تأثيرات أنشطة الوقت الحر‬
‫والممارسات الترفيهية على النتائج الدراسية للطفل ونجاحه في تمدرسه‪.‬‬

‫فالتنشئة‪ ،‬بالنظر لما سبق أن أشرنا إليه‪ ،‬هي في اآلن نفسه مجال وتعامل‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫مكون من عدد من المؤسسات تشكل ضمنها المدرسة المؤسسة المحورية واألكثر أهمية بالنظر للرهانات‬ ‫مجال ّ‬
‫‪.‬االجتماعية المطروحة حول التربية والتعليم فيما يتعلق بالترقية االجتماعية‬
‫‪‬‬ ‫تعامل اعتبارا للتآثر الحاصل لدى الفرد الطامح إلى تحقيق مشاريع في عالقته بهذه المؤسسات ( وعلى رأسها‬
‫‪.‬المدرسة ) التي تنتج المعايير وتدافع عن بعض القيم‬

‫من هنا تظهر التنشئة كتوليف تبادلي‪ .‬وهو ما يطرح علينا االنتباه إلى تتبع كيفية انتقال األطفال بين هذه المؤسسات‬
‫(المدرسة‪ ،‬األسرة‪ ،‬جماعة األقران‪ ،‬الوقت الحر‪ ،‬األنشطة الترويحية‪ ،‬الخ‪.).‬‬

‫فبين الزمن المدرسي والوقت الحر يتأرجح الطفل ‪ /‬التلميذ بين مبدأ الترابط بين الممارسات المدرسية واالجتماعية والتمييز‬
‫فيما بينها‪ .‬فأن يكون لك وقت حر معناه أن تفعل ما تريد بعيدا عن أي إكراه‪ ،‬وعلى العكس أن تغرق في فروض وواجبات‬
‫فال وقت حر لديك!! والبد من اإلشارة هنا إلى أن العالقة مع الوقت الحر تتغير بتغير المجتمع وتغير مضمون وأنشطة وقت‬
‫العمل‪ .‬فالثورة التكنولوجية والمعلوماتية أثرت في نظام ووقت العمل كما أنها أثرت في الوقت الحر وأنشطته بل أنها امتدت‬
‫إلى األزمنة االجتماعية األخرى (ظهور أول جيل تلفزي بالعالم العربي في الثمانينيات من القرن الماضي‪ ،‬وبداية ظهور‬
‫مالمح أول جيل معلوماتي مع مطلع القرن الحالي رغم ما يمكن أن يقال حول الفجوة الرقمية)‪ .‬ومن ثم فإن وقت العمل بدأ‬
‫يتقلص على عكس الزمن المدرسي الذي ظل مركزيا من حيث أهميته وحجمه آخذا في التزايد‪.‬‬

‫محرر؟ بمعنى أنه ال يمكننا عزل الزمن‬ ‫ّ‬ ‫والسؤال المطروح‪ :‬هل يمكننا الحديث عن وقت حر بالنسبة للتلميذ أم عن وقت‬
‫المحرر مادام الطفل كتلميذ يتحرك ضمن أنماط تنشيئية تقوم على نوع من « تهذيب » السلوكات‬ ‫ّ‬ ‫المدرسي عن هذا الزمن‬
‫االجتماعية لهذا الكائن االجتماعي التي تتدخل في بناء تمثله الخاص عن المدرسة والعمل الدراسي‪ .‬ولهذا يمكننا القول مبدئيا‬
‫بأن نجاح الطفل في التمدرس رهين بنوعية العالقة التي يقيمها مع مختلف األزمنة االجتماعية ومختلف المؤسسات التنشيئية‬
‫وعلى رأسها المدرسة واألسرة‪ .‬وفي هذا السياق يمكن معالجة هذه القضية حسب المحاور التالية‪:‬‬

‫سوء المعرفة بميزانية وقت التمدرس‪:‬‬ ‫‪)1.3‬‬

‫ونالحظ أن الزمن المدرسي ممتد وال يتحدد بالعمل داخل المدرسة فقط حسب استعمال زمن محدد‪ ،‬بل إنه يتضمن أيضا‬
‫الوقت الذي يستغرقه الطفل في التنقل إلى المدرسة‪ ،‬ينضاف إليه الزمن الذي يستهلكه الطفل كتلميذ إلنجاز واجباته‬
‫المدرسية‪ .‬وهو ما يشكل ميزانية وقت التمدرس‪ .‬وال بد من اإلشارة في هذا الصدد إلى أن الدراسات واألبحاث حول هذه‬
‫الميزانية ومكوناتها تنعدم في فضائنا العربي‪ .‬غير أنه انطالقا من اهتمامنا بهذه المسألة وإن بشكل غير مباشر نالحظ أن‬
‫األطفال يشتكون من كثرة الفروض والواجبات وتكدسها أحيانا في فترات زمنية محددة (فترة االمتحانات)‪ .‬فالتضخم‬
‫الحاصل في زمن العمل اإلضافي (الفروض والواجبات) يرهق الطفل بالنظر إلى أشكال استثمار هذا الزمن داخل الفصل‬
‫كما يصرح بذلك عدد من التالميذ وحتى المعلمين واألساتذة بالنظرة لالكتظاظ الذي تعرفه الفصول‪ .‬على أنه ال ينبغي أن‬
‫يحجب عنا تضخم ميزانية وقت التمدرس أهميتها النوعية من حيث طبيعة األنشطة التعليمية والتثقيفية والتربوية التي‬
‫توفرها للطفل (وقت التنقل إلى المدرسة غير معني في هذا المستوى)‪ .‬ومن منظور السوسيولوجيا (وعلى الخصوص‬
‫سوسيولوجيا التربية)‪ ،‬فإن المدرسة أصبحت مؤسسة تدبر وتوجه وتنظم سيولة المراهقة داخل المجتمع‪ .‬كما أن المدرسة‬
‫أصبحت معبرا ال محيد عنه في حياة الفرد‪ .‬فهي ليست فقط واجبة (إجبارية التعليم) بل ضرورية أيضا‪ :‬ال أحد يعتبر التخلي‬
‫عنها مسألة هينة‪ .‬فالرهانات التي تقوم حول التعليم تشكل إحدى آليات الترقي واالندماج االجتماعيين‪ .‬فقيمة الفرد في سوق‬
‫الشغل تتحدد بالمستوى التعليمي ونوعية الشواهد المحصل عليها‪ .‬ولهذا تظل هيمنة الزمن المدرسي أهم سواء من حيث الكم‬
‫أو الكيف‪ .‬وسنحاول توظيف هذين الجانبين لتقديم تفسير جزئي لعالقة المتفوقين وغير المتفوقين بالمدرسة وباألزمنة‬
‫االجتماعية األخرى‪.‬‬

‫المتفوقون‪:‬‬ ‫‪)2.3‬‬

‫من خالل تحليل الوثائق المتعلقة بأنشطة جمعية التعاون المدرسي بالمغرب والتي اعتمدناها في الدراسة التقييمية لتجربة‬
‫أندية األطفال‪ ،‬وفي سياق الطرح المذكور آنفا‪ ،‬يمكننا أن نقدم الصورة النموذجية التالية‪ :‬إن التالميذ المتفوقين يقبلون على‬
‫المساهمة في األنشطة بشكل أكبر من التالميذ غير المتفوقين‪ .‬ويتعاطون لألنشطة المرتبطة بالتعليم (المسرح مثال) لما‬
‫لمضامين هذه األنشطة من عوائد مفيدة في تمدرسهم وإن بشكل غير مباشر‪ .‬حيث أنها تساهم في تنمية الرصيد اللغوي‬
‫للتلميذ ‪ ،‬كما أنها تتضمن معارف قابلة لالستثمار في مواد دراسية مختلفة خاصة المواد األدبية‪ .‬وهو ما يجعلها مفضلة لديهم‬
‫ضمن برامج التنشيط المدرسي‪ .‬وهذا يفسر إلى حد ما نفور هؤالء بصفة عامة من الرياضة كمادة دراسية‪ .‬كما أن هؤالء‬
‫يلتحقون بمنازلهم بمجرد مغادرتهم للمدرسة‪ ،‬وهو ما يجعل زمن تنقلهم أقل حيث يستثمرونه في إنجاز فروضهم سواء‬
‫بمفردهم أو باللجوء إلى أحد الوالدين أو اإلخوة‪ .‬وهو ما يجعل الطفل متحكما في وتيرة تمدرسه وفي ميزانية وقت التمدرس‬
‫ومن ثم تمثله لقيمة الوقت وأهميته في النجاح المدرسي‪ .‬وهكذا تصبح األنشطة الترويحية امتدادا للعمل المدرسي وال‬
‫تتناقض معه‪.‬‬

‫فهؤالء المتفوقون يأوون إلى فراشهم في أوقات منتظمة‪ ،‬غالبا بعد االنتهاء من إنجاز واجباتهم المدرسية وفي وقت مبكر‪،‬‬
‫وهذا يساعدهم على االستيقاظ وهم في كامل نشاطهم وحيويتهم‪ .‬غير أن تمثلهم لهذه القيم والمعايير يكون ناتجا عن تتبع‬
‫أسري ومواكب لعملهم المدرسي؛ حيث تشكل األحاديث عن الحياة الدراسية للطفل جزءا من المعيش اليومي لألسرة‪.‬‬
‫فهؤالء ال يخشون من الحديث عن نقطهم بل ويساهمون في التعرف على نقط ضعفهم‪ .‬فتمدرسهم يأخذ معايير مهنية‪ .‬إذ تقوم‬
‫األسرة بمساعدة طفلها على التأقلم مع تمدرسه وتجاوز العراقيل التي قد تواجهه‪ .‬كما تشكل األوقات الحرة والعطل فرصا‬
‫ألنشطة تحيل على استمرارية التعلم ( المطالعة‪ ،‬السينما‪ ،‬المكتبة …) ‪ ،‬أنشطة تمارس داخل األسرة وبمساعدتها‪ .‬فالطفل‬
‫يعيش المدرسة في حياته اليومية باستمرار ودون إكراه‪.‬‬

‫‪ )3.3‬غير المتفوقين‪:‬‬

‫أما هؤالء‪ ،‬فيختارون عموما األنشطة الرياضية والتي ال ترتبط بالمواد الدراسية األخرى‪ .‬وتجرى هذه األنشطة الرياضية‬
‫كما لو أن المدرسة إطار لممارسة الرياضة فقط‪ .‬ومع ذلك فإن الرياضة كمادة دراسية ال تستقطب اهتمامهم بشكل كبير‬
‫مثلما هو علي ه الحال في األنشطة الرياضية الممارسة ضمن برامج التنشيط المدرسي‪ .‬إذ يبدو كما لو أنهم يفضلون‬
‫« األنشطة العضلية » على « األنشطة العقلية »‪ .‬فما ينفر منه هؤالء يقبل عليه اآلخرون والعكس صحيح‪ ،‬وكأن هناك‬
‫عملية تمايز بين الفئتين‪.‬‬

‫وعند مغادرة المدرسة‪ ،‬يفضل غير المتفوقين (خاصة الذكور منهم) البقاء في الشارع للعب مقابلة في كرة القدم أو ممارسة‬
‫نشاط ما يستهويهم (غالبا غير مدرسي)‪ .‬وهو ما يجعلهم يتأخرون في وصولهم إلى منازلهم من جهة وبالتالي يدخلون البيت‬
‫مرهقين الشيء الذي يجعلهم يؤخرون إنجاز فروضهم والتي تصبح متراكمة فال يستطيعون التحكم في تدبير زمنهم‬
‫الدراسي‪ .‬وإذا كان هذا يفسر ضعف انخراطهم في تمدرسهم فإنه مؤشر كذلك على عدم وجود من يساندهم في تدبير وتيرة‬
‫هذا التمدرس والتحكم في ميزانية وقته؛ حيث تضعف إن لم نقل تنعدم المراقبة األسرية أو أنها ال تمارس بالشكل الذي‬
‫يجعلهم مستفيدين منها في تمدرسهم متى وجدت‪ .‬فالزمن األسري لديهم يتميز بهامشية كل ما يمت بعالقة للتمدرس إضافة‬
‫إلى عدم تواتر الحياة االجتماعية داخل األسرة وبين أفرادها‪ .‬فالطفل في هذه الوضعية ال يتوفر على مرجعيات ضابطة‪،‬‬
‫فمثال وقت نومه متروك لتقديره‪ .‬ودون اتهام أولياء األمور‪ ،‬فإن األسرة قد تتبع تمدرس ابنها إال أن سلوك ومواقف الوالدين‬
‫غير متوافقة مع ما تنتظره المدرسة وما تشترطه العملية التعليمية‪ .‬فخوف الطفل من الوالدين يدفعه إلى إخفاء نقطه السيئة‬
‫ومثالب حياته الدراسية‪ .‬وهو ما يجعلنا نقول بأن هذه الفئة تعيش المدرسة كفضاء ال كزمن وكذلك هو أمر الوقت الحر الذي‬
‫يفسر بالخروج من المنزل‪ ،‬كما أن هؤالء األطفال يعتبرون أن النقط الجيدة ليست بالضرورة نتيجة مجهود التلميذ وحده‬
‫ولكنها أساسا تعود إلى المدرس الذي يعرف كيف يشجع تالمذته ومن ثم فإنهم ال ينزعجون من النقط السيئة‪ ،‬فيعيشون‬
‫عالقة التمدرس كعالقة عاطفية (يقول أحد التالميذ‪ « :‬إذا أحبك األستاذ‪ ،‬ستكون مجتهدا؛ والويل لك إذا وضعك نصب‬
‫عينيه!! »‪.‬‬
‫على أن ما يميز األسر الميسورة في تتبعها ألطفالها عن األسر الشعبية هو أن األولى ترى أن هذه العملية تتم في عالقة مع‬
‫استقاللية الطفل بينما نجدها لدى الفئة الثانية تتم في إطار تكيف مع الواقع‪ .‬فالمتفوقون يوظفون وقتهم الحر في إنجاز‬
‫مهامهم الدراسية على عكس اآلخرين الذين يبلورون عالقة تنافر مع المدرسة‪ .‬إن هذه الفئة األولى تجتهد في تمثل قيم‬
‫المدرسة واالستجابة لمعاييرها؛ مما يمكن معه القول بأن الطفل خالل نموه يقيم عالقة مع األزمنة االجتماعية سواء‬
‫المدرسي منها أو الموازي للمدرسة أو غير المدرسي‪ .‬ومن ثم كلما كان تحرك المدرسة قويا كان انخراط الطفل في البنيات‬
‫واألنشطة ذات الغاية التمدرسية ممكنا‪ .‬والعكس صحيح‪ :‬أي كلما خف تأثير التنشئة المدرسية انخرط الطفل في أنشطة‬
‫التمدرسية‪ .‬في الحالة األولى يمكننا الحديث عن غلبة « أخالقيات العمل المدرسي » أما في الحالة الثانية فالغلبة‬
‫« ألخالقيات الترفيه »‪ .‬فاالنخراط المدرسي يبنى عبر تضافر ثالثة أطراف‪ :‬األسرة والمدرسة وجماعة األقران‪ ،‬والتي‬
‫تؤطر التنشئة وأنماط التآلف االجتماعي‪ .‬فالوقت الحر ليس في نهاية المطاف إال نقطة التقاء عدد من التمثالت والممارسات‬
‫واألنشطة االجتماعية المركزية المبنينة من طرف الزمن األسري والزمن المدرسي وزمن األصدقاء‪ .‬وتعتبر بنينة الزمن‬
‫العملية األهم في سيرورة تحول شخصية الطفل‪.‬‬

‫)‪4‬‬ ‫‪ :‬في الحاجة إلى اإلصالح ‪:‬أهمية التكامل بين المدرسة والمؤسسات التنشيئية المحيطة في جودة مخرجات التعليم‬

‫من خالل التحليالت السابقة‪ ،‬يمكن القول بأن النجاح المدرسي أو الفشل عملية ال تتعلق بالطفل وحده فقط بقدر ما تهم أيضا‬
‫التأطير الذي توفره له مختلف المؤسسات التنشيئية طوال حياته الدراسية‪ .‬فوضعيات التعلم التي يعرفها الطفل خالل ظروف‬
‫تنشئته االجتماعية حتى تلك التي تتم خارج المدرسة قد تساعد في نجاحه المدرسي على اعتبار أن بعض هذه الوضعيات‬
‫التعليمية تقوم على التكرار واحترام قواعد متعلقة بتنظيم وضعية التعلم وبوضعية التعلم نفسها وهو ما يفسح المجال أمام‬
‫إنتاج خصائص مقننة والتي إذا ما تم استبطانها ستكون في خدمة التعلم المدرسي‪ .‬كما هو األمر في تعلم بعض الفنون‬
‫كالموسيقى والرسم والرقص … فبمجرد أن يتعرف الطفل على أشكال التعلم والوضعية التعليمية ويفقهها فإن ذلك سيعود‬
‫عليه بالنفع في تدبير تمدرسه‪ .‬وهذا ما يجعلنا ننادي بالتكامل بين المدرسة والمؤسسات التنشيئية األخرى‪.‬‬

‫فالمدرسة ليست وحدها من يعلم لكن المشكل هو كيف نجعل من الوضعية التعليمية شيئا مشتركا بين كل المؤسسات ال بجعل‬
‫كل األنشطة خاضعة لتنظيم مدرسي قد يفقر الحياة السوسيوثقافية والتربوية للمجتمع كما فسر ذلك إيفان إيليش[‪ .]13‬فاألمر‬
‫يختلف حتى في ممارسة الرياضة بين طفل يلعب مع رفاقه مقابلة في كرة القدم داخل الحي وبين طفل يذهب إلى النادي‬
‫الرياضي ليتعلم ممارسة كرة القدم تحت إشراف مدرب وحسب برنامج مضبوط‪ .‬فالممارسة األولى كما قلنا تغلب فيها‬
‫« أخالقيات الترفيه » أما الثانية فتنتظم حسب « أخالقيات العمل المدرسي »‪ .‬فاألمر هنا يتعلق بالدعوة إلى تقوية‬
‫« أخالقيات العمل المدرسي » بالتقليص من الوقت الميت ضمن الوقت الحر وتحويله إلى وقت منتج لصالح الطفل ونجاحه‬
‫في تمدرسه‪ .‬غير أن هذه ليست دعوة إلى تحويل كل الوقت الحر لدى الطفل إلى وقت منتج وإنما إلى مساعدة على خلق‬
‫تمفصل بينهما بشكل يفيده في النجاح في حياته الدراسية ومحاربة التسرب الدراسي‪ .‬ونعتقد أن أي سياسة تربوية عقالنية ال‬
‫يمكن أن تقدم حلوال ناجعة إذا لم تأخذ بعين االعتبار تعددية الساللم الزمنية‪ .‬فالعالقة بالمدرسة واألنشطة الترويحية والوقت‬
‫الحر قد تعرض الطفل إلى خطر الفصل بين متطلبات النجاح المدرسي من أجل نجاح اجتماعي والبحث عن تفتح شخصي‬
‫بفضل االستقالل والمشاركة الفعلية في تآلفات طفلية[‪ .]14‬من هنا فإن التكامل المنشود هو منح الطفل فرصة تجعله قادرا‬
‫على توقع الوقت وتقديره واعتباره مفتوحا على العفوية‪.‬‬

‫فغالبا ما تلقن المدرسة الطفل ِحكَما من قبيل « الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك » أو « ال تؤجل عمل اليوم إلى الغد »؛‬
‫الحكَم إلى سلوكات تساعده على التغلب على المشكالت التي تعيق تمدرسه‪ .‬في حين أن‬ ‫غير أنها ال تعلّمه كيفية تحويل هذه ِ‬
‫األمر بسيط حسب الطرح الذي بسطناه في ورقتنا هذه‪ ،‬إنه ال يعدو أن نساعد الطفل على الموافقة والتالؤم بين الوتيرة‬
‫المدرسية والوتيرة االجتماعية الخاصة به‪ .‬بمعنى آخر اختياره لألنشطة التي تقترحها البنيات والمؤسسات الترويحية والتي‬
‫يمكنها أن تستجيب في نفس الوقت لحاجياته الشخصية كطفل وللمقتضيات االجتماعية للمدرسة‪.‬‬

‫فالطفل كتلميذ ال يجب أن يعيش النجاح والتفوق كواجب يجعل منه ُمنتوجا ً مدرسيا ولكن ككائن اجتماعي يمتلك ثقافة قادرة‬
‫على أن تجعل منه مواطنا كامل المواطنة‪ ،‬يشكل النجاح بالنسبة له مدخال لبناء مشروع حياة يدمجه في مجتمعه‪.‬‬

‫من هنا نرى أن مدرسة منفتحة على باقي المؤسسات التنشيئية (أندية الطفل على سبيل المثال ال الحصر) وفي توافق معها‬
‫ومندمجة في النسيج المجتمعي ال يمكنها أن تكون إال بإعمال حقوق الطفل ومالءمة زمن التمدرس مع الوقت الحر واألزمنة‬
‫االجتماعية األخرى‪.‬‬

‫‪ )5‬دروس التجربة وكيفية تعميمها واالستلهام منها[‪: ]15‬‬


‫يمكن تلخيص هذه التجربة الرائدة ضمن الورقة التقنية التالية‪ ،‬والتي نقترحها كطريقة عمل إرشادية قابلة لالستثمار و‪/‬أو‬
‫االستلهام من طرف المنشطين السوسيوثقافيين وأطر المجتمع المدني العاملين في ميدان الطفولة في وضع مشاريع في نفس‬
‫المجال‪ .‬غير أنه ال بد من إجراء دراسة للوسط لمعرفة الحاجيات واالنتظارات والمؤسسات التنشيئية الموجودة سواء الفاعلة‬
‫أو تلك المحتاجة إلى تفعيل قصد إدراجها ضمن المقاربة التشاركية لتأسيس النادي‪ .‬وإلطالق التجربة‪ ،‬البد من إخراجها من‬
‫خالل ورشات عمل تأسيسية للنادي يحضرها كافة األطراف (األطفال‪ ،‬أولياء أمورهم‪ ،‬ممثلو المؤسسات التنشيئية‪:‬‬
‫المدرسة‪ ،‬دار الشباب‪ ،‬الخ‪ ).‬وبعد ذلك يتم تدبير البرامج وفق خطة عمل تقوم على عقد شراكات مع فاعلين اجتماعيين‬
‫وإداريين واقتصاديين ومدنيين من القطاعين العمومي أو الخاص في محيط النادي سواء كشركاء في تكليفهم بأنشطة تهمهم‬
‫لفائدة األطفال أو كمحتضنين لبعضها‪.‬‬

‫البطاقة التقنية لمؤسسة نادي الطفل‬

‫‪ .1‬تعريف المؤسسة ونظامها (يمكن اقتراح اسم نادي الطفل أو اسم آخر يالئم البيئة االجتماعية التي يتم فيها االشتغال)‪:‬‬

‫– المؤسسة ال تعمل فقط وفق الميثاق العالمي لحقوق الطفل الذي صادقت عليه دولة المجتمع المعني بالتجربة بل وتعمل‬
‫أيضا على إعمال هذه الحقوق في تدبير العالقة داخل النادي بين األطفال المستفيدين من جهة وفي عالقتهم كذلك مع اإلدارة‬
‫من جهة أخرى‪ .‬كما أن على هذه المؤسسة التي تعمل عن طريق االشتغال مع األسر على تنظيم أنشطة إشعاعية لتوعية‬
‫المحيط االجتماعي واالقتصادي وتحسيسه بأهمية حقوق الطفل وإعمالها‪.‬‬

‫– ال بد من تحديد خصائص الفئة المستهدفة من بين األطفال بشكل يجعلنا قادرين على تحقيق األهداف التي تعمل المؤسسة‬
‫من أجلها (في هذه التجربة التي تم استعراضها كان االشتغال مع فئة األطفال المتمدرسين [التعليم األساسي] في وضعية‬
‫اجتماعية صعبة للحد من التسرب المدرسي ومساعدة األطفال في إتمام مشوار تعليمهم)‪.‬‬

‫– تعمل المؤسسة كحلقة وصل بين المدرسة واألسرة أساسا؛ وذلك من خالل إنابة طوعية من طرف آباء وأولياء األطفال‬
‫المنخرطين فيها وبتعاقد مع المؤسسة التعليمية أو المؤسسات التعليمية التي يدرس بها األطفال‪ .‬فتقوم بمساعدة المدرسة في‬
‫توعية األسرة بدورها في إنجاح تمدرس الطفل ومساعدته في تعليمه سواء من خالل بناء عالقة سليمة مع الهيئة التربوية‬
‫بالمدرسة (إدارة المؤسسة والمعلمين) أو من خالل توفير الظروف المالئمة للطفل بالبيت (التتبع‪ ،‬توفير المناخ المالئم‬
‫إلنجاز الفروض والواجبات‪ ،‬الخ‪.).‬‬

‫– تتجلى مهام متابعة تمدرس الطفل في مساعدة األسرة على تسجيل الطفل بالمدرسة وتكوين ملفه الدراسي‪ ،‬وتتبع دفتره‬
‫المدرسي مع إخبار العائلة بالمستجدات وتأطيرها في القيام بواجباتها تجاه طفلها (انظر ما قبله) واتجاه المؤسسة التعليمية‬
‫(إمضاء الوثائق المدرسية‪ :‬أوراق االمتحانات‪ ،‬اإلخباريات الواردة من المدرسة‪ ،‬العالقة مع إدارة المدرسة والمعلمين‪،‬‬
‫الخ‪.).‬‬

‫– تقوم أنشطة المؤسسة على استثمار الوقت الحر لدى الطفل في أنشطة تساعده على النجاح في تمدرسه‪ ،‬وكذلك على فهم‬
‫وضبط وتنظيم العالقة بين ميزانية وقته الدراسي واألسري والشخصي من خالل برنامج يؤهله لتولي تدبير حياته اليومية‬
‫بشكل يجعله مستوعبا أن حقوقه مرتبطة بإنجازه للواجبات التي عليه القيام بها وذلك تحت إشراف المنشط‪.‬‬

‫– تنتظم حياة النادي اليومية وفق ميثاق حقوق الطفل الذي ال يجب االكتفاء بتلقينه للطفل بطرق متنوعة من خالل ورشات‬
‫المناقشة أو األلعاب … بل أيضا من خالل تطبيقها في تنظيم وتدبير العالقات بين األطفال وبين إدارة النادي …‬

‫‪ .2‬أنشطة النادي‪:‬‬

‫تشكل عملية إنجاح التمدرس النشاط الرئيسي للنادي (على األقل في التجربة التي استعرضناها)‪ ،‬وتأخذ أشكاال متعددة‬
‫يحددها الطاقم التنشيطي واإلداري للنادي بحسب حاجات األطفال وانتظارات كل من المدرسة واألسرة وفي توافق مع‬
‫المحيط االجتماعي للنادي‪ .‬ويمكن أن يتم وضع برنامج هذه األنشطة بتعاون أو شراكة مع هيئات أو مؤسسات أخرى ‪:‬‬
‫األسرة‪ ،‬دار الشباب‪ ،‬مراكز صحية‪ ،‬البلدية‪ ،‬القطاع الخاص … على أن تكون بعيدة عن تحويل األطفال إلى وسائل‬
‫إشهارية أو عينات تجريبية ألهداف ال تحترم شخصية األطفال وكينونة االجتماعية والمواطنية واألهداف التي تعمل من‬
‫أجلها هذه المؤسسة ‪.‬‬
‫‪ .3‬كيفية استقطاب األطفال‪:‬‬

‫هناك طريقتان‪:‬‬

‫أ‪ -‬إما أن يتم العمل في بداية األمر مع إدارة المدرسة بحصر األطفال ذوي الوضعية المدرسية الصعبة إلى جانب ذوي‬
‫الوضعيات االجتماعية الخاصة‪ .‬وبعد التعرف عليهم من خالل ملئهم لالستمارات المعدّة لهذا الغرض‪ ،‬يتم استدعاء اآلباء‬
‫وأولياء األطفال المستهدفين لتعريفهم بالعمل السوسيوتربوي الذي سيقوم به النادي لمصلحة أطفالهم‪ ،‬وذلك بالتعاون مع‬
‫إدارة المدرسة‪ ،‬وفي هذه الحالة يكون عمل النادي متمركزا حول أطفال مدرسة أو مجموعة من المدارس بعينها‪ ،‬وفق طاقته‬
‫االستيعابية‪ .‬ويتم أخذ تفويض من لدن أولياء األمور لتتبع الطفل‪-‬التلميذ محدد ضمن األهداف التي يعمل من أجلها النادي‬
‫وبتعاقد مع المؤسسة المدرسية‪.‬‬

‫ب‪ -‬كما يمكن‪ ،‬في بداية األمر القيام بزيارة للحي المستهدف بناء على خصائص سوسيواقتصادية مستقاة من مصادر‬
‫موثوقة (رسمية أو مدنية)‪ ،‬والقيام بتحسيس أولياء أمور األطفال بأهمية إنجاح تمدرس هؤالء وتعريفهم بما يرغب النادي‬
‫في القيام به لصالح فلذات أكبادهم‪ .‬وفي هذه الحالة يكون عمل النادي متمحورا حول النهوض بوضع الحي من خالل العمل‬
‫مع ساكنيه من األطفال خصوصا‪ ،‬وقد تكون مجموعة أحياء بحسب طاقته االستيعابية والتأطيرية‪.‬‬

‫‪ .4‬كيفية بناء أنشطة النادي‪:‬‬

‫يتمحور عمل النادي على التأطير البيداغوجي والتربوي لألطفال لمساعدتهم على النجاح في مشوارهم الدراسي‪ .‬والبد من‬
‫اختيار طرائق تنشيط مبنية على بيداغوجية ال تعيد إنتاج العالقات المدرسية (مثل مقاربة التعلم التعاوني‪ ،‬اعتماد‬
‫البيداغوجية المؤسساتية‪ ،‬الخ‪ ).‬إلى جانب اعتماد طرائق تدبيرية للنادي ولألنشطة تقوم على إعمال حقوق الطفل باعتبار‬
‫الطفل شريكا وقطب الرحى في الحياة اليومية للنادي (تشكيل لجان األشبال‪ ،‬محكمة األطفال‪ ،‬الخ‪ .).‬وتعطى األولية‬
‫للمراجعة والواجبات المدرسية وتأتي األنشطة المساعدة على إنجاح عملية التمدرس (مثل المطالعة وغيرها من األنشطة‬
‫التي تقوم على التعلّم وفهم الوتيرة المدرسية) إلى جانب األنشطة الترويحية األخرى التي تساعده على التمكن من فهم تدبير‬
‫وتائر األزمنة األخرى‪ .‬وال بد من أن يتم بناء األنشطة ضمن منهجية تقوم على إعمال حقوق الطفل …‬

‫هذه بصورة مقتضبة الخطوط الكبرى لتعميم هذه التجربة‪ .‬مع اإلشارة إلى ضرورة القيام بتنظيم هذه األندية ضمن شبكة‬
‫تجعلها تستفيد من نجاحات بعضها وتأخذ العبر والدروس من التجاريب الفاشلة إن ُو ِجدت‪.‬‬

‫الهوامش‪:‬‬

‫نستعمل مفهوم الطفل بالمعنى الذي توظفه بنود الميثاق العالمي لحقوق الطفل (من الميالد إلى بلوغ ‪ 18‬سنة)‪1. ،‬‬
‫‪.‬باإلضافة إلى أن هذا المفهوم والمصطلحات المتفرعة عنه يغطي الذكور واإلناث معا‬
‫تأسست هذه المجموعة في إطار اتفاقية بين المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بالرباط واليونسيف (مكتب ‪2.‬‬
‫المغرب) لتكوين وتحسيس طلبة المدرسة بحقوق الطفل في المجال المعماري وللدفاع عن حقوق الطفل في‬
‫مجموعة «األوساط الحضرية بل واعتباره معيارا في صياغة التخطيطات الحضرية‪ .‬وقد كان اسمها األول هو‬
‫الدراسات واألبحاث حول الطفل والمدينة » وتم استبدال المدينة بفضاءات الحياة ليشمل عمل المجموعة المجال‬
‫‪.‬القروي والبادية عموما‬
‫سلسلة الدراسات واألبحاث‪ ،‬نشر ‪.‬تجربة أندية األطفال‪ :‬أندية األطفال‪ ،‬تقييم وتجربة ‪.-‬راجع عبد الفتاح الزين ‪3.‬‬
‫العصبة المغربية لحماية الطفولة (المملكة المغربية) بتعاون مع اليونسيف‪ 54 ،‬ص‪ ،‬نشر ‪( .2003‬التقرير منشور‬
‫‪).‬أيضا باللغة الفرنسية‬
‫‪.‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪4. 7 .‬‬
‫منشورات قافلة الكتاب‪. ،1999،‬قضايا الوقت الحر والتنشيط السوسيوثقافي بالمغرب ‪.-‬عبد الفتاح الزين ‪5.‬‬
‫‪158.‬ص‬
‫دراسة نشرت في ثالث ‪ ».‬التحوالت العالمية والممارسات الثقافية‪ :‬المعرفة والرهانات « ‪ .-‬عبد الفتاح الزين ‪6.‬‬
‫‪.‬حلقات بشرفات (ملحق الثقافي لجريدة عمان) أعداد‪ 26 / 78 :‬مايو و‪ 2 / 79‬يونيو و‪ 9 / 80‬يونيو سنة ‪2004‬‬
‫‪7. P. Bourdieu .- “Haute culture et Haute couture”, In Question de sociologie. Ceres,‬‬
‫‪Tunis, 1993.‬‬
‫من المفيد التذكير بأن الوقت ينقسم إلى وقت عمل ووقت العمل‪ .‬ويتضمن هذا األخير األوقات المرتبطة باألنشطة ‪8.‬‬
‫االجتماعية والثقافية وغيرها‪ .‬وقد تكون هذه األنشطة مرتبطة بإكراهات ما إما باعتبارها فروضا اجتماعية‬
‫كعيادة مريض أو تزاور طقوسي … كما أنها قد تكون جزءا من الوقت الحر متى كانت غير مرتبطة بإكراهات‬
‫‪.‬ما وأن ممارستها نتيجة اختيار شخصي حر‬
‫‪:‬تنص البطاقة التقنية لنادي الطفل التابع للعصبة المغربية لحماية الطفولة على األهداف التالية ‪9.‬‬
‫مساعدة الطفل في تنظيم وقته الثالث واالستفادة منه‪10. ،‬‬
‫وقايته من الجنوح وأخطار الشارع‪11. ،‬‬
‫تنمية قدراته الفكرية واإلبداعية في المجال الثقافي والفني‪12. ،‬‬
‫تحسيس الطفل وأسرته بأهمية التربية واألنشطة الثقافية واالجتماعية التربوية بصفة عامة في بناء صرح مجتمع ‪13.‬‬
‫‪.‬سليم في مختلف المجاالت الصحية والبيئية والرياضية وغيرها‬
‫‪.‬راجع المرجع المذكور بالهامش رقم ‪ 2‬أعاله ‪14.‬‬
‫ابتداء من الدخول المدرسي في « ‪28:‬وقد تم اعتماده في سنة ‪ 1999‬حيث حدد جدولة لتعميم التعليم وفق المادة ‪15.‬‬
‫سبتمبر ‪ 2002‬ينبغي أن يجد كل طفل مغربي بالغ من العمر ست سنوات‪ ،‬مقعدا في السنة األولى من المدرسة‬
‫‪… ».‬االبتدائية القريبة من مركز إقامة أسرته‪ ،‬مع مراعاة تكييف المدرسة مع الظروف الخاصة‬
‫صفحات ‪ ».‬توجهات البحث والمناهج المستعملة في التربية بالمغرب « ‪ .-‬انظر دراسة د‪ .‬عبد السالم فراعي ‪16.‬‬
‫تحت إشراف عبد (‪ 57-41‬ضمن المؤلّف الجماعي العلوم اإلنسانية واالجتماعية بالمغرب‪ :‬طروحات ومقاربات‬
‫الفتاح الزين)‪ .‬نشر المعهد الجامعي للبحث العلمي بتعاون مع مؤسسة كونراد آديناور‪ ،‬الرباط‪ ، 1998 ،‬في‬
‫‪).‬مجلدين (عربي وفرنسي‬
‫‪17. Ivan Illitch .- Une société sans école. Coll. Point, Ed. le Seuil, Paris,1971‬‬
‫‪.‬نستعمل ِط ْف ِليَّة نسبة إلى الطفل على عكس طفولية لما لهذه األخيرة من حمولة قدحية ‪18.‬‬
‫نحن على استعداد لتقديم خدمات تأطيرية لكل راغب بمجرد اتصاله على العنوان اإللكتروني المذكور أعاله‪ ،‬بل ‪19.‬‬
‫‪.‬ونقترح على المعهد عقد ورشة تكوينية لفائدة المنشطين السوسيوثقافيين‬

You might also like