Professional Documents
Culture Documents
السببية بين ابن رشد والغزالي
السببية بين ابن رشد والغزالي
أن يتحدث أحد عن أي انسان بشكل قطعي هذا يثير الشكوك ،فل يمكنه إدراك نفسه حتى يدرك غيره مهما
بلغ من الفهم .وأبغض ما أجده أن يحكم أي إنسان على آخر مممن الناحيمة القلبييمة الخفيمة الممتي ل يعلمهمما أحمد! وقمد
تخفى على صاحب هذا القلب إذ أنه يعيش في طبقات من وعيه بنفسه بعضها فوق بعض!
فإن كان الشخص قريب ونعرف عنه أكثر وحبيب للقلموب فيحزننما أن يحكمم عليمه أي احمد ،وربمما تنبجمس
في أضلعنا حرارة الدفاع والنتصار لمجرد التلويمح بمالحكم علمى همذا الشمخص ،كمما تتحمول الهمرة الليفمة إلمى أنيماب
وشعر منتفش يخييل إلينا أنه أقرب لظهر قنفذ عندما يقترب أحد من أطفالها!
فإن تجاوز هذا المر للحكم على من ل ييمكممن أن يمدرك ول أن تحيممط بمه البصممار ،وملجممأ قلوبنما وأرواحنما،
وأحب إلينا من أنفسنا ،ومعنا في كل لحظة وثانية ،ومعنا قبل أن نوجد وبعد أن نوجد ،وأقرب إلينمما مممن حبممل الوريممد،
فماذا نقول حينها؟
ال أكبر حقا من كل ما حوى العالم ومن كل شيء ومن كل علوم خلقه التي خلقها فممي عقممولهم ،المم أكممبر
من أن نتراشق ونتجادل ونجعله سبحانه وتعالى مادة لموضوعات نزعم أنها معرفيية برهانية! ال أكبر مممن أن نجمميوز
أو نحيرم في حقه ما نشاء!
ال أكبر إذ وهبنا العقول لنعقل بها قبل أن تقييدها العلوم وتجعلها عادة رديفة للعقل النظري ،المم أكممبر مممن
أن نجري عليه القياس وأن نقابل به العالم بكل ما حوى وبكل من فيه ،ال أكبر من أن نجعل له شريك في الملك.
ال أكبر " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" ...هذا الكتاب آلمني إذ فيه سوء أدب مع ال من ققبمل
المؤلف ،ثم انتقاص من نظرية السببية لدى الغيزالي والتي تعني حصول الشيء عند الشيء الذي قبله ،أي حصممول
أ عند ب ل أن أ سببا لم ب .هذا النتقاص الذي جعل مرتبة النص الشرعي أدنمى ممن مكمان البرهمان العقلمي! وكتبمت
بالمس تعليقم ا فمي فمورة الغضمب ثمم شمعرت بعمدها بمالظلم وحمذفته ،وهمذا المذي قمادني لعمادة القمراءة ومحاولمة فهمم
الكتاب من جديد ،وكتم ما في نفسي ومحاولة استعراض الكتاب بأكبر قدر ممكن من التجرد.
ل أعلم إلى متى سيبقى الناس بهذه الغطرسممة والكممبر أمممام خممالقهم ،وينسمموا أن مممرد كرامتهممم هممو بتعرفهممم
على ال ،وأن الكرامة خصيصة لهم ،ول بشرية لهم إن حاولوا تخطي حدودها فقارنوا أنفسممهم بخممالقهم – تعممالى المم
عما يقولون علوا كبيرا – فيرتكسون إلى الخزي والنقص .وسيتريقون ويتحررون أكثر عندما يتصمملون بممال بقلمموبهم
أوال ،ويتفكرون في أنفسهم وفي الكون وفي آيات ال الشرعية.
الصلة بال هي الحياة وهي النجاة وهي الحرية والكرامة وهي كمال النسانية ،هي الصلة الوحيممدة القممادرة
على نقلنا من أنفسنا وتخطيها إلى فضاء أرحب وأعم وأجمل ،إلى ال نتحرر من سلطة أنفسنا ونتحرر أكممثر ،وكلممما
زدنا تعلقا بال كلما زدنا حرية ،كلما تطهرنا و تقلبنا في مدارج النور والكرامة.
استعراض الكتاب:
ط2002 – 3 :
الصفحات93 :
مفاهيم:
-1السببية:
بيينت في التقارير السابقة أنها العلقة بين ) السبب ( و ) المسبب ( أو بيممن ) الشمميء ( و ) شمميء -
آخر ( يعقبه ،ونستعرضها باختصار إوايجاز عند ابن رشد والغزالي:
-1ابممن رشممد :يثبممت السممببية ،وأن أ سممبب لوجممود ب ،أي أن حممدوث الول بسممبب الثمماني وبينهممما
صمملة ،هممذه الصمملة ل يمكممن أن تتغيممر أو تتبممدل ) فالنممار تحممرق القطممن ( فالنممار محرقممة بالفعممل.
) وهذه ثابتة في فيزياء نيوتن (
-2الغ ازلممي :يممرى أن السممببية ناتجممة عممن الطممراد والعممادة ،فنحممن نممرى ان أ كلممما حممدث ب ،لكممن أ ل
يسممتطيع أن يخلممق ب ،بممل إن العممادة جممرت علممى أن ب يوجممد بعممد أ علممى الممتراخي فممي الزمممن،
فالعلقة ليست صلة سببية إنما هممو اطممراد ) .وهممذه ممن محماور نقمد هيمموم لفيزيمماء نيموتن ،فهممو
يرى الطراد أيضا ( .
علقة الطار المعرفي بتعريف السببية مهم جداا ،وقد استعرضت الكتابين السابقين لم إليمماس بلكمما ،و -
عبد السلم ميس لجل هذا المر ،فأرجو الرجوع لهما.
-1علقة الفلسفة الرسطية بالسببية عند ابن رشد:
لم يسلم ابن رشد بمقولة أرسطو بالكلية بأن الكون أو العالم موجود أزلمي بممالقوة وعلقممة المم بمه
فقط من ناحية ) التحريك الولي للعالم ( ثم ) النجذاب والشوق للعودة إليه ( وأما الفاعلية لمم
في الكون ينكرها أرسطو – تعالى ال علوا كبي ار – أي أنه خلق العالم وتركه! – تعالى المم علمموا
كبيرا . -وابن رشد يضيف أن الكون موجود أزلممي بممالقوة ) مممادة موجممودة منممذ الزل ( وأن المم
هو الذي أخرجه من القموة إلممى الفعمل فخلممق مممن ممادة الكمون الصمور الولممى للكممون مممن الجمرام
السماوية والراضين وغيرها ،فهو خمالق الصمور ،وأيضما ممن وضممع فممي الممواد المخلوقممة قابليمة
لفعل الثر باعتبارها سبباا .فهو لم يخلق العالم ويتركه بل هو فاعل فيه لكن ليس فعلا كليمم ا كممما
لدى الشاعرة متعلق بالجزئيات والكليات.
فهنا لعب المصدر الفلسفي لمدى ابممن رشمد دورا ممؤثرا فمي رؤيتممه للنمص القرآنمي ،ولتأويمل العممدم
كما سيأتي.
-2علقة النص الشرعي بالسببية عند الغزالي:
الغزالي متأثر بمناهج الشاعرة كالباقلني والجويني ،وأن القممول بممأن أ هممو السممبب فممي إيجمماد ب
هو قول بقدرته على الخلق ،وفي ذلك إشراك ! فالجواب إذا القمول بمالطراد ،وأيضمما هنمماك شماهد
على ذلك من خلل ) العجاز ( فإبراهيم عليه السلم ألقي في النار لكنها لم تحرقممه ،فلممو كممانت
النار محرقة بالضرورة لحرقته! فإذ ا ال سمبحانه وتعمالى يخلمق فعمل الحمراق إن شماء ويحبسمه
إن شاء.
) وهنا تذكير ولفتة لطيفة للمقارنة بين منهج ابن الهيثم وعلقته بالفقهاء الحنفية ،وابممن حيممان
وعلقته بالسماعلية ،ورؤيتهما لمآلت الستقراء ،أيؤخذ به يقين ا أم يؤخذ به تغليب ا دللة علمى
الصحة ،أي هل الستقراء التام معتبر بنفممس الدرجمة لمدى كليهمما أم ل .مممن أمتممع الموضموعات
هي علقة الطر المعرفية بالنتائج وطمرق التفكيمر إوان كمانت الكتمب حولهما قليلمة مقارنمة بغيرهما
(.
المقدمة
أهم ما فيها:
قيدمت لها في مقدمة ممما قبممل اسمتعراض الكتمماب ،المهممم معرفممة ) معنمى السممببية ( عنمد الغ ازلممي :أن أ عنممد ب ل أن أ
سبب لوجود ب ) .أي العلة التلقي فقط (
وربط المؤلف بين هذه الطريقة في التحليل والتفسير وبين رؤية العقل عند الغزالي
نستطيع أن نستخلص نحن من المقدمة أيض ا أمر آخر ظهرت روحه ولم يثيبت بالنص وهو :
تحته ثلثة فصول ) :سببية ال المباشرة ( و ) معاني المكان وأبعاده ( و ) طبيعة علقة ال بالعالم (
قبل الدخول سأشرح شرح ا مموجزا للتيسمير عممن طريمق الرسمم البيماني ،ل نممي أظنممه اليسمر فممإن لممم يكممن كتبممت بشممكل
نصي ) فأخبروني ( .
-1أرسممطو :يممرى قممدم العممالم كممما تقممدم وأن المم المحممرك الول فقممط ثممم تممرك العممالم ) تعممالى المم علمموا كممبي ار (
وأرسطو مهم هنا لنه من مصادر ابن رشد الرئيسية في فلسفته.
-2أفلوطين ) :وليس أفلطون ( :ونظرية الفيض .
-3الشاعرة :العالم محدث لديهم ،وينتقدهم ابن رشد بممأن المم عنممدهم فاعممل لفعمملل ممت ارلخ عنممه ) ارجممع :مثممال
محمد وأحمد كما تقدم (.
-4ابممن رشممد :المم والعممالم خممارج الزمممان ول يخضممعان لممه ،والمم هممو السممببية المباشممرة لتحريممك العممالم الحركممة
الولى ،وأيضا جعل في المواد قابلية لحداث المسببات ،وفرق بين الوجود بالقوة والوجود بالفعل:
الوجود بالقوة هو ما يشبه الجوهر أو نظرية الجواهر المفردة فهناك المم وهنمماك العممالم بمالقوة كجموهر -
وهناك الزمان كجوهر ،ل يلحق عليهما الفناء.
الوجود بالفعل هو تحريمك المم للموجممود بممالقوة وتسممببه فممي تخلممق الصممور وهممي صمور أزليممة كمالجرام -
السماوية وصور حادثة ومتغيرة كصور الكائنات الخرى.
الشماعرة الوجمود عنممدهم محمدود كممما تقمدم ،وأمما الفلسمفة فممالواقع عنمدهم ليمس كمذلك لمذلك ينتقممدهم ابممن رشمد عمن
طريق التفصيل كممما تقمدم بيمن ) الوجمود بممالقوة ( و ) الوجممود بالفعمل ( .وهممذا الممر يتعلمق بمفهمموم الزممان نفسممه،
الذي هو مقياس الحركة.
والزمن عنده ل نهاية له ول بداية لنه غير حادث ،وأنه كله كالكرة الدائرية ،بينما الذي يحسب الن هو الزمن الذي
له بداية ونهاية لن طبيعة العقل البشري تجزء وتقسمم لكنهما ل تلحمق بجمموهر الزمممن كلممه بممل بمالجزاء الممتي ممن هممذا
الجوهر ،ول يعنممي ذلمك أن الزممن قابممل للفنماء أو يسمبقه الفنماء .ول يمكمن للعقممل البشممري اإحاطمة بمه .لممذلك هممو فممي
حركة دورية مستمرة ،ل الماضي يفنى ول المستقبل يأتي إنما اللحظة الحاضرة دائمة التجدد!
أعرف أن المر يحتاج لتركيز لذلك سأشرحه بحسب ما فهمته في شكل الزمن:
الخلصة:
ال سبب للحركة وشرط في وجود كل كائن منذ تكوينه ،فبتحريكه للممادة الولممى أخممرج الكائنممات ممن طممور القمموة إلمى
طور الفعل ،فهو الذي حركها بالذات ل بالعرض.
-1وجود ذهني ممكن :مثل إمكانية وجود شخص لون جلده أزرق أو بنفسجي ،فهذا ممكن عقلي ا لكنه غيممر
موجممود واقعيمم ا أو غيممر موجممود فممي الخممارج .وهممذا هممو الوسممط بيممن السممتحالة والضممرورة ،بيممن الشمميء
المسمتحيل بالكليممة ) ل يخطمر علمى بممال ( وبيمن ) المسمتحيل واقعيمما فقممط ( وبيمن ) الممكممن ذهنيما ( غيممر
الموجود واقعياا.
-2الممكن ) اليمتويقع ( :
أي المتوقع حدوثه في المستقبل .فهو غير ضروري الوجود ) واجب ( وممكن الوقوع .
السممؤال المحمموري :هممذا المكممان المجعممول فممي المممادة هممل هممو إمكممان قمموة كممما عنممد الفلسممةف أم هممو إمكممان حصممل
بالستقراء نتيجة الطراد.
يعني قلنا أن السببية بين الطراد وبين الثبات ،فهل هذه السمببية قمادرة بمالقوة فعلا أم همي معمترف بهما فقمط كعلقمة
نتيجة الطراد عند الشاعرة؟
-1المكان والقوة ،إوان فهمنا المقدمة السابقة تيسر فهم هذا الموضوع.
المكان والقوة مثبت عند الفلسفة. -
منفي عند الشاعرة. -
-2المكان والعدم :
أيضما متعلمق بمما سمبق ،فالعممدم بمعنمى ل شميء ممتنمع لممدى الفلسممفة ،والمعمدوم عنمد ابمن رشممد هممو -
) الفعل ( الذي قد يوجد أو ل يوجد ،وليس اللشيء.
العدم عند الشاعرة اللشيء ،أي العكس للوجود. -
-3طبيعة المكان:
أثبته ابن رشد ذهني ا وواقعي ا عند ابن رشممد المممادة فيهمما إمكممان بممالقوة كممامن ) مثبممت ذهنيمم ا وواقعمماا( ، -
إوانما الدرجة الثانية من المكممان هممي المكممان عنممد الفعممل :أيكممون أو ل يكممون ) هممذا متعلممق بالممذهن
فقط ( .
الغزالي يثبت المكان ذهنيا فقط. -
خلصته:
تعرفنا على مفهوم العدم عند ابن رشد والغزالي ،وابن رشد ينتقد الغزالي إذ جعل ابممن رشممد العممدم ماهيممة إذ ا
تحتاج لفاعل ،وفعل اليجاد إذ ا هو عكس فعل العدم.
ضرورة دوام الفعل اللهي.
الفصل الول:
الفصل الثاني:
ابن رشد :الكون منظم تنظيم ا بديعاا ،وهذا التنظيممم يحتماج ليمنظيممم لمه ،فمال هممو المنظمم لهممذا الكممون " -
الخالق والصانع " سبحانه.
ثم الخاتمة
أما تعليقي :أول شيء لم يعجبني الكتاب ،وكتبت هذا التقرير فقط كنوع من تكفير الذنب بسبب ذمه أمممس بممدون أن
أقدم استعراض ا له ،فهذا التقرير من نوع ) مكفرات الذنوب – إن كان ذنب ا ( أو تأنيب ضمير ( :
-1التحييز الواضح جد ا لبن رشد علممى القمل فممي كمم اسمتعراض أفكماره مقابمل أفكمار الغزالمي ،فهممو يمورد أفكمار
الغزالي إيراد ا للرد عليها من خلل ابن رشد.
-2جعممل الرفممض للسممببية مرتبطمم ا برفممض العقممل ومكممانته ،بينممما هنمماك مممن المتكلميممن كممابن تيميممة مممن أثبممت
السببية.
-3قياس الشواهد الحسية على المعارف العقلية ،وقصر العقل على المنطق والنظر العقلي.
-4تضييق دائرة البرهان في النظر العقلي.
-5النطلق من العقل يعني في حقيقته انطلقا من نصوص تراثية لمن أخذ بالعقل ،وهم الفلسممفة المشممائية
ومممن قبلهممم أرسممطو وأشممياعه ،بالتممالي الكممل نقلممه ،فممإن لممم يأخممذوا بمنقممول النممص الشممرعي أخممذوا بمنقممول
النص البشري.
-6جوهرية مفهوم ) الجوهر ( و ) العرض ( في هذا الكتاب ،أو الجواهر المفردة وقد استعرضنا سابق ا كتمماب
الذرة لدى المتكلمين وعلقتها بحكماء فارس ،وكذلك لفظ الجوهر.
-7أهمية معرفة نظرية العناصر الربعة وكذلك نظرية أفلطون.
-8الكتاب انبنى على مسألة السببية ثم فيرع المسمائل بحسمب الموقمف منهما ،لمذلك ممكمن اختصماره لقمل ممما
هو عليه بكثير.
-9التمأثير البممالغ للنظريممات الكوزمولوجيمة علممى التنظيمم العقلممي المنطقممي ،الممذي إوان اسمتفاد المسمملمون منممه
كثيرا ومهم لفهمم آليمات قمراءة الن ص المتراثي خاصمة ،وكمثير ممن الفلسمفات الحاليمة إل أن محوريمة الكمون
تحتاج لعادة نظر لمعرفة النسان والكون من جديد .ل بسمحب المركمز ممن الكمون إلمى النسمان ،بمل ممن
جعلهما مصدرين واللتقاء بالنص الشرعي ،والتعرف على ال من خلل النص الشرعي أولا ثم من الكممون
والنسان فهنا يتم توسيع العقل ،ولعل في كتاب ) العمل الديني وتجديد العقل ( لم د .طممه عبممد الرحمممن ممما
يفيد كثيراا.