Professional Documents
Culture Documents
kأستاذ القانون بجامعة هارفارد ،ورئيس مجلس تسيير األعمال لبرنامج المفاوضات بكلية الحقوق ،ورئيس المشروع البحثي للتفاوض بالجامعة.
kkأستاذ اإلدارة وتنمية الموارد البشرية بكلية إدارة األعمال باألكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا ،جمهورية مصر العربية.
130
قب����ل صدور هذا الكتاب الذي يتوقع ل����ه أن يُحدث تحوالت جوهرية في مفهوم عملية التفاوض ،كان كتاب “الوصول إلى نعم:
التفاوض دون التنازل” لمؤلفيه الثالثة :روجر فيشر ووليام أوري وبروس باتون هو المرجعية المعتمدة لعلم التفاوض وفنه وأساليبه.
غير أن الكتاب الذي نعرض له جاء ليقلب كل الموازين واألعراف المتبعة في عملية التفاوض مستخدما ً مبضع جراح متمكن ،صادف
الكثير من الحاالت وتعامل معها ،وطبق عليها طريقته ومنهجه الذي يعرضه الكتاب .وهو يدلل عليه بثماني حاالت عملية متباينة في
طبيعتها قام “بتشريحها” أمام القارئ ،تستدرجه إلى أن يحاول بنفسه تجريبها ،والسيما في التغلب على العواطف التي غالبا ً ما تشكل
العائق الرئيسي أمام اتخاذ القرار الصائب في عملية التفاوض من خالل التغلب على ثالث مشكالت رئيسية ،هي:
تجنب السقوط في فخ العواطف الذي يمكن أن يؤدي إلى ردود أفعال غير محسوبة تفشل المفاوضات. •
تحليل التكلفة والعائد من وراء البدائل المطروحة والمتاحة في عملية التفاوض. •
التعامل مع الجوانب األخالقية التي ال ب ّد أن تطفو على السطح في أثناء التفاوض ،والتحدي الذي يمثله ذلك حين •
يكون أقل القرارات تكلفة ليس بالضرورة هو أفضلها من ناحية التمسك بالمبادئ وقواعد األخالق.
ويؤكد المؤلف في نهاية الكتاب أن هدفه لم يكن على اإلطالق تقديم إجابات سهلة إلدارة عملية التفاوض بنجاح ،وإنما تحريض
القارئ على التفكير بذهن صاف في إمكانية التفاوض حتى مع هؤالء الذين نكرههم أو من قاموا بإلحاق األذى بنا لو أننا سيطرنا على
عواطفنا وفكرنا بعقالنية .ويدعو الكاتب إلى التركيز على خمسة أمور محددة تمثل الفارق بين نجاح المفاوضات وفشلها ،وهي :تحديد
أهدافنا من التفاوض بدقة بالشكل الذي يخدم مصالحنا ،والبدائل التي تتيح لنا المرونة في التفاوض فال تتوقف المفاوضات ألنها تمحورت
حول حل واحد مطروح ،والنتائج المحتملة عند انتهاء المفاوضات برؤية واضحة ،وتكلفة التفاوض حتى ال نقع في فخ إطالة التفاوض
دون عائد يعوض الوقت الضائع والتكلفة العالية ،وأخيراً واقعية تطبيق ما يتم االتفاق عليه حتى ال تحدث مفاجآت تتسبب في خسائر
لم تكن متوقعة.
ويتميز هذا الكتاب بالمعالجة الواقعية لعملية التفاوض وتحليل المواقف التفاوضية المختلفة والمنازعات على أكثر من مستوى
والوس����ائل واألدوات العملية لمواجهة كل موقف بدءاً من المواقف الشخصية والمشكالت األسرية حتى المشكالت العالمية بين الدول
مروراً بمؤسسات األعمال ومنظمات المجتمع المدني ،مدعومة بأمثلة عملية من كل نوع .وقد ساعد على ذلك خلفية المؤلف الذي أصدر
أكثر من كتاب في الموضوع ،والذي يشغل عدة مناصب أكاديمية ويعمل استشاريا ً للعديد من المؤسسات العالمية والشخصيات العامة
المشهورة في عالم المال والتجارة واإلدارة .كما ينبه الكتاب بأسلوب سلس إلى الفخاخ التي ينبغي تجنبها خالل عملية التفاوض ،وكيفية
التركيز على األهداف واتخاذ القرارات الالزمة لتحقيقها باستغالل المواقف والظروف المحيطة بعملية التفاوض وحسن قراءة الطرف
اآلخر واستثمار مواقفه إلنهاء عملية التفاوض بنجاح.
وينقسم الكتاب إلى أربعة أجزاء ،يمثل الجزء األول منها مقدمة عامة عن المفاهيم المختلفة للتفاوض وأساليبها وأدواتها وعناصر
التكلفة المرتبطة بعملية التفاوض والعائد منها مقارنة بعدم التفاوض ،وكذلك األخطاء العامة التي تصاحب تلك العملية وينبغي الحرص
على تجنبها لزيادة العائد وتعظيم فائدته ،ومتى نتخذ قرار التفاوض ومتى نحارب لتحقيق أهدافنا أو نقرر عدم التفاوض لتحقيق الغرض
نفسه .ويغطي كل جزء من األجزاء الثالثة الباقية نوعا ً بذاته من أنواع المفاوضات على المستوى العالمي ،فالجزء الثاني يناقش قضايا
دولية معروفة والمواقف التفاوضية مع ما أس����ماه “الش����يطان” ،والتي ارتبطت بها مثل رفض تشرشل التفاوض مع هتلر حتى بعد أن
اكتسحت جيوش النازي ك ّل أوروبا ،وصارت تتحفز للهجوم على بريطانيا ،ونيلسن مانديال في كفاحه للقضاء على العنصرية في جنوب
أفريقيا واألساليب التي اتبعها لتحقيق ذلك .ويناقش الجزء الثالث أمثلة من الشركات العمالقة والعابرة للقارات في العالم مثل آي بي إم
وفوجيتس����و أو حتى أشهر أوركسترا في العالم في ألمانيا والخفايا التي تحرك المفاوضين في كل موقف والعواطف التي تنتابهم وتكاد
تصرفهم عن بلوغ األهداف من التفاوض .ثم يُختم الكتاب بجزء أخير طويل يناقش مواقف عدة نضطر فيها أن نتفاوض مع الشيطان
للدفاع عن حق أو استرداده أو لمقاومة ضرر متعمد يتم التخطيط له لإلضرار بمصالحنا في العمل أو في محيط األسرة.
وفي كل األمثلة الس����ابقة يحاول المؤلف أن يس����اعد القارئ في تصور ردود فعل الطرف اآلخر مس����تعينا ً بقواعد علم النفس
والمفاضل����ة بين التفاوض وعدم التفاوض على ضوء ما يمكن تحقيقه من خالل أحس����ن البدائل المتاح����ة والمعروفة اختصاراً بالباتنا
( )BATNAمحذراً مما أس����ماه “شيطنة” الخصم عمداً ،األمر الذي يقلل من فرص التفاوض معه ،ويعمي بصائرنا عما يمكن أن نحققه
من مصالح بإدارة عملية التفاوض بأقل قدر ممكن من العواطف واالنفعاالت ،ويعطي أمثلة عن مواقف نعلن فيها الحرب على الطرف
اآلخر ألننا لم نبحث عن فائدة مش����تركة يمكن أن تعود علينا من التفاوض أو لنقص في المعلومات يجعلنا نتخذ قرارات خاطئة مثلما
يحدث في قضايا الطالق أو في تفهم موقف األبناء أو زمالء العمل.