You are on page 1of 9

‫مقدّمة‬

‫البالغة هي من أروع العلوم في اللغة العربية حيث تتحدث فيها‬


‫عن معنى اللفظ بنسبة إلى الفصاحة فإنها تتحدث فيها عن اللفظ‪ 1 .‬وكما‬
‫قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في كتابه أن المعنى االصطالحي‬
‫من البالغة فإنها تطلق على الكالم والمتكلم‪ 2‬إذ ال تكون البالغة إال في‬
‫كالم مركب‪.‬‬
‫وعند السكاكي المتوفى ‪626‬هـ أن للبالغة ثالثة أقسام‪ .‬وقد جعل‬
‫ما يتعلق بمطابقة الكالم لمقتضى الحال يسمى علم المعاني‪ ،‬وكل ما‬
‫يخص إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الداللة عليه يسمى‬
‫علم البيان‪ ،‬وأما ما يتعلق بتحسين الكالم وتزيينه بعد رعاية الطابقة‬
‫‪3‬‬
‫ووضوح الداللة فقد جعله ما يسمى علم البديع‪.‬‬
‫وتود الباحثة في بحثه هذا كشف المباحث في علم البيان خاصة‬
‫في مبحث التشبيه‪ .‬وتخص في موضوع التشبيه التمثالي والتشبيه‬
‫الضمني إذ يتضمن فيه كشف األمثلة حتى تكتسب من تلك األمثلة قواعدا‬
‫توضح كلي التشبيه التمثيلي والتشبيه الضمني‪.‬‬

‫‪ 1‬إياد سعيد رجب‪ ،‬الزجاج وجهوده البالغية في ضوء كتابه في معاني القآن وإعرابه‪ ،‬قسم اللغة العربية‬
‫بالجامعة اإلسالمية غزة ص‪8 :‬‬
‫‪ 2‬محمد بن صالح العثيمين ‪ ،‬شرح البالغة‪( ،‬المملكة العربية السعودية‪ :‬مؤسسة محمد بن صالح العثيمين)‬
‫ص‪34 :‬‬
‫‪ 3‬دكتور عبده عبد العزيز قلقيلة ‪ ،‬البالغةاالصطالحية‪( ،‬جامعة طنطا‪ :‬دار الفكر) ص‪19 :‬‬
‫البحث‬
‫أ‪ .‬تعريف التشبيه التمثيلي‬
‫ينقسم التشبيه باعتبار وجه الشبه إلى تمثيل وغير تمثيل‪ ،‬فالتمثيل‬
‫ما كان وجهه منتزعا من متعدد وغير التمثيل ما ليس كذلك‪4.‬فإن كان‬
‫مفردا بمفرد فهو غير تمثيل‪ ،‬وإن كان جمعا بمفرد فهو غير تمثيل‬
‫وإن كان مفردا بجمع فهو تمثيل‪ ،‬أو كان جمعا بجمع فهو كذلك‬
‫‪4‬‬
‫تمثيل‪.‬‬
‫وجه الشبه قد يكون منتزعا من صورة متعددة‪ ،‬ومعنى ذلك أن‬
‫المشبه قصد أن يشبه هذه الصورة بوجوهها ال أن يشبه كل فرد منها‪.‬‬
‫يسمي التشبيه تمثيال إذا كان وجه الشبه فيه صورة منتزعة من‬
‫متعدد‪ ،‬وغير تمثيل إذا لم يكن وجه الشبه كذلك‪.‬‬
‫ب‪ .‬األمثلة والبيان في التشبيه التمثيلي‬
‫‪ .1‬قال البحترى‪:‬‬
‫ِم ْنهُ قُ ْربًا ت َ ْزدَ ْد ِمنَ ْالفَ ْق ِر‬ ‫‪#‬‬ ‫س َماحِ َو ْال َج ْو ِد فَ ْ‬
‫ازدَ ْد‬ ‫ُه َو َب ْح ُر ال َّ‬
‫بُ ْعدًا‬
‫البحث‪:‬‬
‫يشبه البحترى ممدوحة بالبحر في الجود والسماح‪ ،‬وينصح للناس‬
‫أن يقتربوا منه ليبتعدوا من الفقر‪ ،‬ويشبه امرؤ القيس الليل في ظالمه‬
‫وهوله بموج البحر‪ ،‬وأن هذا الليل أرخى حجبه عليه مصحوبة‬
‫بالهموم من هذين التشبيهين رأيت أنه صفة أو صفات اشتركت بين‬
‫شيئين ليس غير‪ ،‬هي هنا اشتراك الممدوح والبحر في صفة الجود‪،‬‬
‫واشتراك الليل وموج البحر في صفبين هما الظلمة والروعة‪ .‬ويسمى‬
‫وجه الشبه إذا كان كذلك مفردا‪ ،‬وكونه مفردا ال يمنع من تعدد‬
‫الصفات المشتركة‪ ،‬ويسمى التشبيه الذي يكون وجه الشبه فيه كذلك‬
‫‪5‬‬
‫تشبيها غير تمثيل‪.‬‬

‫‪ 4‬محمد بن صالح العثيمين ‪ ،‬شرح البالغة‪ ،‬ص‪236 :‬‬


‫‪ 5‬عبد الجارم ومصطفى أمين ‪ ،‬البالغة الواضحة‪( ،‬دار المعارف) ص‪35 :‬‬
‫‪ .2‬ما كان وجه الشبه فيه منتزعا من عدة أمور‪ ،‬مثل قول هللا ‪:‬‬
‫ط ِب ِه نَ َباتُ‬ ‫اخت َ َل َ‬
‫اء َف ْ‬ ‫ِإنَّ َما َمث َ ُل ْال َح َيا ِة الدُّ ْن َيا َك َماءٍ أ َ ْنزَ ْلنَاهُ ِمنَ ال َّ‬
‫س َم ِ‬
‫ض ُز ْخ ُرفَ َها‬ ‫ألر ُ‬ ‫ت ا ْ‬ ‫اس َواأل ْن َعا ُم َحتَّى إِذَا أ َ َخذَ ِ‬ ‫ض ِم َّما َيأ ْ ُك ُل النَّ ُ‬ ‫األر ِ‬‫ْ‬
‫ارا فَ َج َع ْلنَاهَا‬ ‫ظ َّن أ َ ْهلُ َها أَنَّ ُه ْم قَاد ُِرونَ َعلَ ْي َها أَتَاهَا أ َ ْم ُرنَا لَيْال أ َ ْو نَ َه ً‬
‫َت َو َ‬ ‫ازيَّن ْ‬ ‫َو َّ‬
‫ت ِلقَ ْو ٍم َيت َفَ َّك ُرونَ ( يونس ‪:‬‬ ‫ص ُل اآل َيا ِ‬ ‫األم ِس َكذَ ِل َك نُفَ ِ‬ ‫صيدًا َكأ َ ْن لَ ْم ت َ ْغنَ ِب ْ‬ ‫َح ِ‬
‫‪) 24‬‬
‫البحث ‪:‬‬
‫شبه هللا حال الدنيا في سرعة زوالها‪ ،‬وانقراض نعيمها بعد‬
‫اقبالها‪ ،‬واغترار الناس بها‪ ،‬وركونهم إليها بحال نبات األرض ذهبت‬
‫نضرته فجأة‪ ،‬فجف وصار حطاما بعدما زها‪ ،‬والتف وتكاثف وزين‬
‫األرض بخضرته‪ ،‬وعم نفعه اإلنسان والحيوان‪ ،‬واطمأن الناس إلى دنو‬
‫ثمره‪ ،‬وظنوا أنه قد سلم من الهالك‪ .‬ووجه الشبه هو الهيئة الحاصلة من‬
‫سرعة الزوال وانقراض النعيم بعد اإلقبال وعموم النفع واغترار الناس‬
‫‪6‬‬
‫به واعتمادهم عليه‪.‬‬
‫‪ .3‬قال هللا تعالى‪:‬‬
‫ارا‬ ‫ار يَ ْح ِم ُل أ َ ْسفَ ً‬ ‫َمث َ ُل الَّذِينَ ُح ِملُوا الت َّ ْو َراة َ ث ُ َّم لَ ْم يَ ْح ِملُوهَا َك َمث َ ِل ْال ِح َم ِ‬
‫ّللاُ ال يَ ْه ِدي ْالقَ ْو َم َّ‬
‫الظا ِل ِمينَ‬ ‫ّللاِ َو َّ‬
‫ت َّ‬ ‫س َمث َ ُل ْالقَ ْو ِم الَّذِينَ َكذَّبُوا بِآيَا ِ‬ ‫بِئْ َ‬
‫(الجمعة‪)٥ :‬‬
‫المشبه ‪ :‬هم الذين حملوا التوراة ولم يعلقون ما بها‬
‫المشبه به ‪( :‬الحملر) الذي يحمل الكتب النافعة‪ ،‬دون استفادة منها‬
‫وأداة التشبيه ‪ :‬الكاف‬
‫ووجه الشبه ‪ :‬الهيئة الحاصلة من التعب في حمل النافع دون فائدة‬
‫فهذه اآلية تشبه اليهود الذين نزلت عليهم (التوراة) فعلموا ما من‬
‫شرائع وأحكام‪ ،‬وحفظوا ما فيها‪ ،‬ثم لم ينفذوها‪ ،‬ولم يعملوا بها‪ ،‬شبهتهم‬
‫بالحمار الذي يحمل فوق ظهره أثقاال من الكتب واألسفار النافعة‪.‬‬

‫‪ 6‬أيمن أمين عبد الغني ‪ ،‬الكافي في البالغة‪( ،‬دار التوقيفية للتراث‪ )2011 ،‬ص‪45 :‬‬
‫ووجه الشبه ‪ :‬شقاء كل باستصحاب ما يتضمن المنافع العظيمة‬
‫والفوائد الشريفة من غير أن يحصل على شيء من تلك المنافع أو‬
‫يعود عليع بعض تلك الفوائد‪.‬‬
‫‪ .4‬قال هللا تعالى‪:‬‬
‫سنَابِ َل‬
‫س ْب َع َ‬
‫ت َ‬ ‫ّللاِ َك َمث َ ِل َحبَّ ٍة أ َ ْنبَت َ ْ‬ ‫َمث َ ُل الَّذِينَ يُ ْن ِفقُونَ أ َ ْم َوالَ ُه ْم فِي َ‬
‫سبِي ِل َّ‬
‫ّللاُ َوا ِس ٌع َع ِلي ٌم (‬ ‫ف ِل َم ْن يَشَا ُء َو َّ‬ ‫ضا ِع ُ‬ ‫س ْنبُلَ ٍة ِمائَةُ َحبَّ ٍة َو َّ‬
‫ّللاُ يُ َ‬ ‫فِي ُك ِل ُ‬
‫البقرة ‪) 261 :‬‬
‫فقد شبهت اآلية المال الذي بنفق في سبيل هللا فيتضاعف ويبزايد‬
‫ثوابه إلى سبعمائة ضعف‪ ،‬يشبه حبةالقمح التي زرعت فأخرجت سبع‬
‫‪7‬‬
‫سنابل في كل سنبلة مائة حبة‪.‬‬
‫‪ .5‬قال هللا تعالى‪:‬‬
‫ش ْيءٍ إِال‬ ‫ق َوالَّذِينَ َي ْدعُونَ ِم ْن دُو ِن ِه ال َي ْست َ ِجيبُونَ لَ ُه ْم بِ َ‬ ‫لَهُ دَع َْوة ُ ْال َح ِ‬
‫اء ِل َي ْبلُ َغ فَاهُ َو َما ُه َو بِ َبا ِل ِغ ِه َو َما دُ َعا ُء ْال َكا ِف ِرينَ ِإال‬
‫َك َبا ِس ِط َكفَّ ْي ِه ِإلَى ْال َم ِ‬
‫ضال ٍل ( الرعد ‪) 14 :‬‬ ‫فِي َ‬
‫بين هللا عز وجل كيف استجابة األصنام ألنهم دعوا األصنام من‬
‫دون هللا‪ ،‬فقال‪  " :‬‬
‫‪ " ‬أي كما يستجاب الذي يبسط كفيه‬
‫إلى الماء يدعو الماء إلى فيه‪ ،‬والماء ال يستجيب‪ ،‬فأعلم هللا عز وجل‬
‫أن دعاء األصنام كدعاء العطشان الماء لبلوغ فيه "‪‬‬
‫‪8‬‬
‫‪." ‬‬
‫‪ .6‬قال هللا تعالى‪:‬‬
‫عن النعمان بن بشير قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬مثل‬
‫المؤمنين في ترادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه‬
‫‪9‬‬
‫عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى (رواه مسلم)‬

‫‪ 7‬أيمن أمين عبد الغني ‪ ،‬الكافي في البالغة‪ ،‬ص‪54 :‬‬


‫‪ 8‬إياد سعيد رجب‪ ،‬الزجاج وجهوده البالغية ‪ ......‬ص‪78 :‬‬
‫‪ 9‬أيمن أمين عبد الغني ‪ ،‬الكافي في البالغة‪ ،‬ص‪55 :‬‬
‫حيث شيه الحديث حالة المؤمن بيم إخوانه المؤمنين‪ ،‬كحالة عضو‬
‫من أعضاء الجسد إذا اشتكى من تعب وألم‪ ،‬فيشكو باقى األعضاء من‬
‫التعب واأللم‪ .‬وبهذا يتضح أن التشبيه التمثيلي يشبه حالة أخرى‪.‬‬
‫ج‪ .‬تعريف التشبيه الضمني‬
‫للتشبيه أركان‪ ،‬هي المشبه‪ ،‬المشبه به‪ ،‬أداة التشبيه ووجه الشبه‪،‬‬
‫لكن نجد في التشبيه الضمني أن المشبه والمشبه به ال يدرك من صورة‬
‫اللفظ بل يلمحان في التركيب أي يلمحان بالقرائن‪ 10‬ليفيد أن الحكم الذي‬
‫أسند إلى المشبه ممكن‪ 11.‬وسبب تسميته بالتشبيه الضمني هو أنه يفهم‬
‫من مضمون الكالم وسياق الحديث من غير أن يصرح‪ .12‬وانطالقا من‬
‫هذا التعريف سنكشف بعض األمثلة والبيان حول التشبيه الضمني‪.‬‬
‫د‪ .‬األمثلة والبيان في التشبيه الضمني‬
‫‪ .1‬قال هللا تعالى‪:‬‬
‫ضا أَيُ ِحبُّ أ َ َحدُ ُك ْم أ َ ْن َيأ ْ ُك َل لَ ْح َم أ َ ِخي ِه َم ْيتًا‬
‫ض ُك ْم بَ ْع ً‬
‫َوال َي ْغتَبْ َب ْع ُ‬
‫فَ َك ِر ْهت ُ ُموهُ (الحجرات‪)١٢ :‬‬
‫هذا تشبيه ضمني لما يناله المغتاب الظالم من عرض‬
‫المغتاب المظلوم على أفحش وجه‪ ،‬ولم يقتصر تمثيل االغتياب‬
‫بأكل لحم مطلق اإلنسان بجعله أخا لآلكل‪ ،‬ومنها أنه لم يقتصر‬
‫‪13‬‬
‫على أكل لحم اآلخر حتى جعبه ميتا‪.‬‬
‫المشبه ‪ :‬االغتياب من حيث استماله على تناول عرض‬
‫المغتاب‬
‫المشبه به‪ :‬آكل لحم اإلنسان ميتا‬
‫‪ .2‬قال ابن الرومي‪:‬‬
‫ب‬
‫لر ِط ْي ِ‬ ‫با َ‬ ‫ض ْي ِ‬ ‫ْس َع ِج ْيبًا ‪ #‬أ َ ْن يُ َرى النُ ْو ُر في ِ القَ ِ‬ ‫ْب الفَتَى َولَي َ‬‫قَ ْد يَ ِشي ُ‬

‫‪ 10‬محمد بن صالح العثيمين ‪ ،‬شرح البالغة‪ ،‬ص‪247 :‬‬


‫‪ 11‬عبد الجارم ومصطفى أمين ‪ ،‬البالغة الواضحة‪ ،‬ص‪47 :‬‬
‫‪ 12‬أيمن أمين عبد الغني ‪ ،‬الكافي في البالغة‪ ،‬ص‪55 :‬‬
‫‪ 13‬أيمن أمين عبد الغني ‪ ،‬الكافي في البالغة‪ ،‬ص‪56 :‬‬
‫يقول اتن الرومي إن الشباب قد يشيب ولم تتقدم به السن‪،‬‬
‫وإن ذالك ليس بعجيب فإن الغصن الغض الرطب قد يظهر في‬
‫الزهر األبيض‪ .‬فابن الرومي هنا لم يأت بتشبيه صريح فإنه لم‬
‫يقل‪ :‬إن الفتى وقد وخطه الشيب كالغصن الرطيب حين إزهاره‬
‫‪14‬‬
‫ولكنه أتى بذالك ضمنا‪.‬‬
‫المشبه‪ :‬الفتى الذي يشيب ولم يتقد سنه‬
‫المشبه به‪ :‬الغصن الغض الرطب قد يظهر في الزهر األبيض‬
‫‪ .3‬قال أبو الطيب المتنبي‪:‬‬
‫ان َعلَ ْي ِه ‪َ #‬و َما ِل ُج ْرح ب َم ِي ٍ‬
‫ت ِإ ْيالَ ٌم‬ ‫َو َم ْن َي ُه ْن َي ْس ُه ُل ال َه َو ُ‬
‫أي أن الضي اعتاد الهوان يسهل عليه تحمله وال يتألم له‪،‬‬
‫وليس هذا االدعاء باطال ألن الميت إذا جرح ال يتألم‪ ،‬وفي ذالك‬
‫تلميح بالتشبيه في غير صراحة وليس على صورة من صور‬
‫‪15‬‬
‫التشبيه المعروفة‪.‬‬
‫المشبه‪ :‬الشخص الذي يقبل الذل والهوان‬
‫المشبه به‪ :‬الميت لذي يجرح جسده فال يشعر بأي ألم‬
‫‪ .4‬قال المتنبي‪:‬‬
‫ض دَ ِم الغَزَ ا ِل‬ ‫الم ْس َك بَ ْع ُ‬ ‫َام َوأ َ ْن َ‬
‫ت ِم ْن ُه ْم ‪ #‬فَإ ِ َّن ِ‬ ‫ق األَن َ‬ ‫فَ ِغ ْن تَفُ ِ‬
‫المتنبي هنا يخاطب سيف الدولة قائال‪ :‬فإن تفق األنام وأنت‬
‫منهم‪ .‬وهذا شيئ مستغرب أن يفوقهم وهو منهم‪ ،‬فكيف يفوقهم‬
‫وهو منهم؟‪ .‬والبيان للبيت الثاني إنما المسك بعض دم الغزال‪،‬‬
‫فلمسك وهو من أطيب األشياء ورائحاته طيبة‪ .‬فيقول الشاعر‬
‫لسيف الدولة‪ :‬أنت أيضا من األنام‪ ،‬من تراب ثم من نطفة ولكنك‬
‫‪16‬‬
‫تفوقهم كما يفوق المسك دم الغزال وهو منه‪.‬‬
‫المشبه‪ :‬سيف الدولة وهو من األنام وتفوقهم‬
‫المشبه به‪ :‬المسك وهو من أطيب الشيئ ورائحته طيبة وهو من دم‬
‫الغزال‬
‫‪ 14‬عبد الجارم ومصطفى أمين ‪ ،‬البالغة الواضحة‪ ،‬ص‪47 :‬‬
‫‪ 15‬أيمن أمين عبد الغني ‪ ،‬الكافي في البالغة‪ ،‬ص‪55 :‬‬
‫‪ 16‬محمد بن صالح العثيمين ‪ ،‬شرح البالغة‪ ،‬ص‪246 :‬‬
‫‪ .5‬قال أبو تمام‪:‬‬
‫ان ال َعا ِل ْي‬ ‫ب ِلل َم َك ِ‬‫س ْي ُل َح ْر ٌ‬ ‫ط َل ال َك ِري ِْم ِمنَ ال ِغنَى ‪ #‬فَال َ‬‫الَ ت ُ ْن ِك ِري َع َ‬
‫فإن أبي تمام يقول لمن يخاطبها ‪ :‬ال تستنكري خلو الرجل‬
‫الكريم من الغنى فإن ذالك ليس عجيبا ألن قمم الجبال وهي‬
‫‪17‬‬
‫أشرف األماكن وأعالها اليستقر فيها ماء السيل‪.‬‬
‫المشبه‪ :‬الرجل الكريم المحروم الغنى‬
‫المشبه به‪ :‬قمة الجبل وقد خلت من ماء السبيل‬
‫‪ .6‬قول المتنبي يمدح الحسين بن علي الهمداني ويمدح أباه‪:‬‬
‫س ُن ال ِع ْقدُ‬ ‫اء يُ ْست َ ْح َ‬
‫ق ال َح ْسنَ ِ‬ ‫ص َب َح ِش ْع ِري ِم ْن ُه َما ِفي َم َكا ِن ِه ‪َ #‬و ِفي ُ‬
‫عن ُ ِ‬ ‫َوأ َ ْ‬
‫جاء في الشطر الثاني تشبيه ضمني وهو أن شعره في‬
‫ممدوحيه يشبه العقد النفيس في عنق المرأة الحسناء‪.‬‬
‫المشبه‪ :‬شعر الشاعر في ممدوحيه‬
‫المشبه به‪ :‬العقد النفيس في عنق المرأة الحسناء‬
‫‪ .7‬قول البحتري يمدح (محمد بن علي القمي)‪:‬‬
‫طو‬‫ْف َحد ِحيْنَ َي ْس َ‬ ‫سي َ‬‫ع ُه ْم ‪َ #‬و ِلل َ‬ ‫ض ُح ْو ٌك ِإلَى األ َ ْب َ‬
‫طا ِل َوهُ َو َي ُر ْو ُ‬ ‫ُ‬
‫َو َر ْون َُق‬
‫يفهم من الشطر الثاني ضمنا تشبيه وهو أن ممدوح الشاعر‬
‫كالسيف له صفتان‪ ،‬يسر األبطال بإشراقه وبسماته‪ ،‬ويروعهم‬
‫‪18‬‬
‫بسطوة سلطانه‪.‬‬
‫المشبه‪ :‬ممدوح الشاعر وهو محمد بن علي القمي‬
‫المشبه به‪ :‬السيف الذي له صفتان‬

‫الخاتمة‬

‫‪ 17‬عبد الجارم ومصطفى أمين ‪ ،‬البالغة الواضحة‪ ،‬ص‪46 :‬‬


‫‪ 18‬أيمن أمين عبد الغني ‪ ،‬الكافي في البالغة‪ ،‬ص‪56 :‬‬
‫تبينت لنا من خالل الصفحات المتقدمة عن التشبيه التمثيلي‬
‫والضمنى حيث كشفنا األمثلة والبيانات تتعلق بهذي التشبيه ويتجدث في‬
‫مباحث أوجوه الشبه‪ ،‬فوجدنا فيها أوجه الشبه منتزعا من متعدد‪ .‬وبالتالى‬
‫في التشبيه الضمني حبث نجد فيه أن المشبه والمشاه به ال يدرك من‬
‫صورة اللفظ بل في المعاني في التركيب‪ .‬وترجو الباحثة أن تنفع‬
‫اآلخرين من هذا البحث الفقير‪.‬‬
‫قائمة المراجع والمصادر‬

‫رجب‪ ،‬سعيد‪ ،‬إياد ‪ ،‬الزجاج وجهوده البالغية في ضوء كتابه في‬


‫معاني القآن وإعرابه‪ ،‬قسم اللغة العربية بالجامعة اإلسالمية‬
‫غزة‬
‫العثيمين‪ ،‬بن صالح‪ ،‬محمد ‪ ،‬شرح البالغة‪( ،‬المملكة العربية السعودية‪:‬‬
‫مؤسسة محمد بن صالح العثيمين)‬
‫عبد الغني‪ ،‬أمين‪ ،‬أيمن ‪ ،‬الكافي في البالغة‪( ،‬دار التوقيفية للتراث‪،‬‬
‫‪)2011‬‬
‫قلقيلة‪ ،‬عبد العزيز‪ ،‬دكتور عبده ‪ ،‬البالغة االصطالحية‪( ،‬جامعة طنطا‪:‬‬
‫دار الفكر)‬
‫مصطفى أمين‪ ،‬وعبد الجارم ‪ ،‬البالغة الواضحة‪( ،‬دار المعارف)‬

You might also like