Professional Documents
Culture Documents
2005م 1426هـ
( المقدمة )
ل الذي طابقت أسما ُؤهُ صفاتِهِ ،والصلةُ والسلمُ على الذي يدخلُ الناسُ الجن َة الحمدُ ِ
ن إلى يومِ بدعائهِ ،وعلى آلهِ الطيبينَ الطاهرينَ ،وصحبهِ ال ُغرّ الميامينِ ،ومن تبعهم بإحسا ٍ
الدينِ .
وبعدُ ،فقد وقعَ اختياري على موضوعِ ( المطابقةِ في النحو العربيّ وتطبيقاتها في القرآن
ل منها مبحثين كبيرين نسبياً الكريم ) ،عنواناً لرسالتي التي جاءت في ثلثة فصولٍ ،يحوي الو َ
أمّا الفصلُ الول فأسميتهُ ( :المطابقة بين المسند والمسند إليه ) ،ويحوي مبحثين ،هما :
ن المبتدأ والخبرَ نوعان :مبتدأ له خبرٌ ،
أولً ( :المطابقة بين المبتدأ والخبر ) ،وذكرتُ فيه أ ّ
ومبتدأ له فاعلٌ يسد مسد الخبر ،والمطابقة بينهما تختلفُ بحسبِ نوعيهما ،فالمطابقة في النوعِ
الولِ تتمثلُ في العدد وفي الجنس وفي التعريف والتنكير ،وذكرتُ المثلة من القرآن الكريم
لما جاءَ مطابقاً ،والياتِ الكريمةَ التي جاءَ ظاهرها المخالفة ،وذكرتُ آراءَ العلماءِ فيها ،
ب ذلك الترجيح .مرجحًا بينها ،ومبيناً سب َ
أمّا المطابقةُ في النوعِ الثاني ،فتكونُ في العدد ،ذاكراً رأي من اعترض على هذا التركيبِ
،ومبينًا سببَ رفضنا لعتراضه ،ومستشهداً باليات الكريمة ،وإنْ كانتْ قليلة في القرآن
الكريم من مثل هذا النوع من نوعي المبتدأ والخبر ،وذكرت في نهاية هذا المبحث فقرة تكلمتُ
ن له ثلث حالت في وروده ،وفصلتُ فيها فيها عن مجيء أفعل التفضيل خبراً ،فقد ذكرت أ ّ
ما يتعلق منها بالمطابقة مستشهدا بالقرآن الكريم على ذلك .
ثانيًا ( :المطابقةُ بيـن الفعلِ والفاعلِ ) ،والمطابقةُ فـي هذا المبحثِـ تكونُـ فـي العددِ وفـي
الجن سِ ،وقد ذكر تُ الحال تِ التي أُستثنيتْ من المطابق ِة في الجن سِ ،كوجودِ الفاصلِ ،أو مجيء
ل مؤنثاً مجازيًا ،أو لكونــه مــن الجموعـِ ،وقــد ذكرتـُ تطــبيقَ ذلك كلّهـُ فــي القرآن الكريــم ،
الفاع ِ
ت التي ظاهرها المخالفة ،مبيناً آراء العلماء فيها ،ومرجحًا بينها ،وسببَ ذلك وذكرتُ أيضاً اليا ِ
الترجيـح ،وتكلمتُـ أيضاً على المطابقـة بيـن الفعـل والفاعـل فـي العدد ،ومـا قيـل فـي لغـة ( أكلونـي
البراغيثُ ) التي جاء عليها القرآن الكريم في بعض المواضع .
أمّا الفصل الثاني ،فأسمّيت ُه ( :المطابقة بين التابع والمتبوع ) ،وقسّمتُ هذا الفصلَ على
ث :الول منها أسمّيتهُ ( :المطابقة بين النعت والمنعوت ) ،وبينتُ فيه أنّ النعتَ أربعة مباح َ
ل المطابقةُ فيه في العراب وفي العدد وفي الجنس ،وفي ينقسمُ على نوعين :حقيقي ،وتتمث ُ
التعريف والتنكير ،مستشهداً لما جاء على ذلك في القرآن الكريم ،ثمّ ذكرتُ ظاهرة القطع ،
مستشهداً لما جاء عليها في القرآن الكريم ،مبيناً الوجه العجازي والجمالي في مجيء هذه
الظاهرة في كتاب ال العزيز .
وأمّا النوع الثاني من نوعي النعت ،فهو النعت السببي ،والمطابقة فيه تكونُ في العراب
وفي التعريفِ والتنكيرِ فقط ،وأمّا في العددِ ،فإنّهُ يكونُ على حسبِ مرفوعه ل منعوته ،وقد
ذكرتُ الياتِ الكريمةَ من القرآن الكريم للتدليل على ذلك .
أمّا المبحثُ الثاني فهو ( :المطابقةُ بين المعطوف والمعطوف عليه ) ،وبينتُ في هذا
المبحث أنّ العلماءَ قسّموا العطفَ على نوعين أيضًا هما :عطف البيان ،والمطابقة فيه
ت الكريمةَ التي وردت منه في القرآن الكريم ،
كالمطابقةِ في النعتِ الحقيقي ،وقد ذكرتُ اليا ِ
وأمّا النوع الثاني فهو :عطف النسق ،وذكرتُ فيه أنّ المطابقة تكونُ في العراب فقط ،
ثمّ المبحث الثالث ،وهو ( :المطابقة بين الم ِؤكّدِ والم َوكّدِ ) ،وبينتُ أنّ العلما َء قسموه على
ن في العراب وفي العدد وفي الجنس ، ، نوعين هما :التوكيد المعنوي ،والمطابقة فيه تكو ُ
وأما في التعريف والتنكير ،فذكرتُ أنّ التوكيد المعنوي ل يكون إل في المعارف على الصحيح
،مستشهدًا لكل ذلك باليات القرآنية الكريمة ،والنوع الثاني هو :التوكيد اللفظي ،والمطابقة
فيه تكون في العراب فقط ،واستشهدتُ لذلك من القرآن الكريم .
وأخيراً المبحث الرابع في هذا الفصل ،وهو ( :المطابقةُ بين البدل والمبدل منه ) ،وبينتُ
ن العلماءَ قسّموهُ على أربعة أقسام ( :بدل مطابق ) و ( بعض من كل ) و ( اشتمال ) ، فيه أ ّ
( ومباين) ،وبينتُ أنّ المطابقة تكون في العراب ،وهذا جارٍ على كل أنواع البدل ،وأمّا
المطابقة في العدد وفي الجنس ،فل تكون إل في البدل المطابق ليس غيرُ ،مستشهداً باليات
القرآنية الكريمة ،وأمّا المطابقة في التعريف والتنكير ،فل تُشترطُ ،إل أنّ مجيء كلّ من
البدلِ والمبدلِ منه معرفتين أو نكرتين ُ ،يعَدّ مظهراً من مظاهر المطابقة ،وقد ذكرتُ الياتِ
الكريم َة في هذا المجال .
ثم الفصل الثالث ،وهو ( :المطابقة بين الضمير ومرجعه ) ،وقسّمتهُ على أربعة
مباحث ،أولها ( :المطابقة بين الضمير ومرجعه في الفراد ) ،ويشملُ هذا المبحثُ فقرتين :
إذا كان الضميرُ مفرداً مذكراً ،وذكرتُ أمثلة المطابقة في القرآن الكريم لما جاء على مثل هذا
ت الياتِ التي ظاهرها المخالفةُ ،ذاكراً آراء العلماء فيها ،ومرجحاً بعض التركيب ،ثم ذكر ُ
القوال على بعض ،وسبب ذلك الترجيح ،وأما الفقرة الثانية فهي :إذا كان الضمير مفرداً
مؤنثاً ،وفعلتُ فيها ما فعلتُ في سابقتها .
ثانيها ( :المطابقة بين الضمير المثنى ومرجعه ) ،ذكرتُ أمثلة ذلك من القرآن الكريم ،
وذكرت ما جاء منه وظاهره المخالفة ،وبينتُ سببه من أقوال العلماء ،ومرجحًا بعض القوال
ب ذلك الترجيح .
على بعض ،ذاكراً سب َ
ثالثها ( :المطابقة بين الضمير الجمع ومرجعه ) ،وهو كالمبحث الول حيثُ يحوي
فقرتين :إذا كان الضميرُ جمعاً مذكراً ،فذكرتُ أمثلة ذلك من القرآن الكريم ،وذكرتُ ما جاء
في ظاهره مخالفًا منها ،مبيناً سبب ذلك التخالف من أقوال العلماء ،مرجحًا بين تلك القوال
ومبيناً سبب ذلك الترجيح ،وأمّا الفقرة الثانية ،فهي :إذا كان الضميرُ جمعاً مؤنثًا ،وفعلتُ
ت في سابقتها
فيها ما فعل ُ
رابعها ( :المطابقةُ بين ضميري الفصل والشأن ومرجعيهما ) ،وقد قسمته على فقرتين ،
الولى في ضمير الفصل ومرجعه ،وتمثلت المطابقة في العدد وفي الجنس وفي الشخص ،
ت القرآنية الكريمة ،وأمّا الفقرةُ الثانية ،ففي ضمير الشأن وما يعود عليه ،
مستشهداً لذلك باليا ِ
ت الكريمة في هذا
وتمثلت المطابقةُ هنا في الجنس وفي الشخص فقط ،وقد ذكرتُ اليا ِ
المجال ،ثمّ اتبعتُ هذه الدراسة بالخاتمة ،وبقائمة المصادر والمراجع والبحوث .
الصفحة 11من 142
ي في هذه الرسالةِ من صوابٍ ،فمن ال تعالى ،ثمّ فضل أُستاذي المشرف
وما كان ل ّ
الدكتور ( عدنان عبد الكريم جمعة ) وفقه ال للخير ،وما كان من خطأ أو زلل فمن
نفسي ومن الشيطان .
والُ الموفقُ للصوابِ
ث
الباح ُ
( التمهيد )
ل والتسـاوي ،جاء فـي اللسـان " :وتطابقَـ الشيئان يُقصـد بلفـظ المطابقـة فـي اللغـة ،التماث ُ
تسـاويا ،والمطابقةُ الموافقـة ،والتطابقُـ التفاق ،وطابقتُـ بيـن الشيئيـن إذا جعل ُتهُمـا على حذوٍ
طبِيقَهُـ ومُطبقهُـ وقالبهُـ ،
واح ٍد وألزق ُتهُمـا ،وهذا الشيْـ وِفقَـ هذا ووفاقهُـ وطِباقهُـ وطابقهُـ وطِبقَهُـ و َ
بمعنىً واحدٍ " ،1وجاء فــي تاج العروس " :والمطابقةُ الموافقةُ ،وقــد طابقهــُ مطابقةً وطباقاً ،
وقال الراغبُ :المطابق ُة من السماء المتضايفة ،وهو أن يجعلَ الشيء فوق آخ ٍر بقدرهِ ( 000
و) مــن المجاز المطابقةُ ( مشــي المقيــد ) وهــو مقاربةُ الخطــو ( و) وهــو مأخوذٌ مــن قولهــم :
المطابقةُ هو (وضع الفرس رجليه موضع يديه) ،وهو اللحقُ من الخيل ،وكذلك البعيرُ ".2
على الرغـم مـن أنّ هذا المصـطلح مسـتعملٌ متداولٌ عنـد النحاة ،إل أننـي لم أجـد له تعريفًا
يخصــه ،ومــن خلل تتبــع هذا المصــطلح فــي كتبهــم ،نســتطي ُع أن نعرف المطابقــة بأنهــا :
مجموعــة مــن العناصــر اللغويــة التــي تؤدي وظائف متماثلة أو متشابهــة ،أو تدل على معان ـٍ
نحوي ٍة ،كالعراب مــن رفعــٍ ونصــبٍ وج ٍر ،وكالعدد مــن إفرادٍ وتثنيةٍ وجمعـٍـ ،وكالتعريــف
والتنكير ،وكالجنس من تذكير وتأنيث ،وكالشخص من تكلمٍ وخطابٍ وغيبةٍ.
وإننـا نلحظُـ هذه الظاهرة فـي المبتدأ والخـبر متمثلة فـي العدد وفـي الجنـس وفـي التعريـف
والتنكيـر ،ونلحظهـا فـي الفعـل والفاعـل ،وتتمثلُ فـي العدد وفـي الجنـس ،ونلحظهـا أيضًا فـي
التوابـع ،وتتمثـل فـي العراب وفـي التعريـف والتنكيـر ،وتُوجدُ فـي الضمائر متمثلة فـي العدد
وفي الجنس وفي الشخص ،وهذه هي أهم الجوانب التركيبة التي يظهر فيها هذا المصطلح في
النحو العربي .
وكما قلنا إن هذا المصطلح متداولٌ عند النحاة ،فنج ُد -مثلً -الرضي رحمه الُ في شرحه
الكافيـــة يقولُ " :قوله ( :فإن طابقـــت مفرداً جاز المران ) أي إن كانـــت الصـــفة المذكورة
مطابقـة للمرفوع بعدهـا فـي الفراد ،جاز المران ،لكونهـا مبتدأ ومـا بعدهـا فاعلهـا ،ولكونهـا
ل أيضًا عنـد الحديـث عن ضميـر الشأن " :ويُختارُ تأنيث الضميـر ؛ خبراً عمّا بعدها " ، 1ويقو ُ
لرجوعهِـ إلى المؤنثٍـ ،أي القصـة ،إذا كان فـي الجملة المفسـّرة مؤنثٌـ ؛ لقصـد المطابقـة ،ل
2 َ
" . مى اْلب ْ َ
صاُر ع َ فإِن َّ َ
ها ل ت َ ْ َ لن مفسره ذلك المؤنث كقوله تعالى :
ب ( أن يكون ) هو ،أي الخبر ( طبق المبتدأ ) في التذكير ويقولُ الدمامينيّ (" :و) يج ُ
3
والتأنيـث ،والفراد والتثنيـة والجمـع ،مدة ( مـا أمكـن ) ذلك " ،وهذه إشارات صـريحة لهذا
المصــطلح ،ول ننسَـ أن كلم النحاة فــي عدد مــن البواب النحويــة ،وإن لم يذكروا فيــه لفــظ
ل سـيبويه " :واعلمْـ أنالمطابقـة ،فإنّهـا مقصـودة ضمنًا ،وذلك نحـو حديثهـم فـي التوابـع ،يقو ُ
4
المعرفـــة ل تُوصـــفُ إل بمعرفةٍ ،كمـــا أن النكرة ل تُوصـــفُ إل بنكرةٍ " ،وجاء فـــي كتاب
ل منهُـ " ،5ويقولُ ابنُـ هشام " :وحكمُـ المعطوفِـ أنّهُـ
المقتصـد " :والبدلُ يُعربُـ بإعرابِـ المُبد ِ
يتب عُ المعطو فَ عليه في أربعةٍ من عشرة ،وهي واح ٌد من الرف عِ والنصب والجر ،وواحدٍ من
التعريفِ والتنكيرِ ،وواحدٍ من الفرادِ والتثنية والجمعِ ،وواحدٌ من التذكير والتأنيثِ ".6
ول يخفـى أنّ هذا المصـطلحَ متداولٌ عنـد البلغييـن والمناطقـة ،فنج ُد البلغييـن يسـتعملونه
بمعنـى الجمـع بيـن المتضاديـن ،فهـم يُعرفون علم البديـع بقولهـم " :وهـو علمٌـ يُعرفُـ بـه وجوه
1شرح الرضي على الكافية ، 228 / 1 ،وينظر :المصدر نفسه . 360 / 2 ،
2شرح الرضي على الكافية ، 467 / 2 ،والية من ( الحج . ) 46 /
3المنهل الصافي ، 244 / 1 ،وينظر :مغني اللبيب ، 509 ،وشرح ابن عقيل . 197 / 1 ،
4الكتاب ، 302 / 2 ،وينظر :الصول ، 32-21 / 2 ،والمقتصد في شرح اليضاح . 900 / 2 ،
5المقتصد في شرح اليضاح . 929 / 2 ،
6شرح شذور الذهب .380 ،
الصفحة 13من 142
تحســين الكلمــِ " ، 1ومــن هذه الوجوه " ( المطابقــة ،وتســمى الطباق والتضاد أيضًا ،وهــي
الجمعُـ بيـن المتضاديـن ،أي معنييـن متقابليـن فـي الجملة ) أي يكونُـ بينهـا تقابلٌ ولو فـي بعـض
الصور 000ويكون ذلك الجم ُع ( بلفظين من نوع ) واح ٍد من أنواع الكلمة ،اسمين ،نحو :
2
حي ِِِي
يُ ْ ،أو فعليـــن ،نحـــو :قودٌ م ُر ُ
ه ِِْ قاظا ً َ
و ُ م أَي ْ َ
ه ْ
سب ُ ُح َِِوت َ َْ
3
ما علَي ِِْ َ
ها َِِ و َ
ت َ ما ك َِِ َ
سب َ ْ ها َِِت ،أو حرفيـــن ،نحـــو :ل َِِ َ مي ُِِ وي ُ ِ َ
5 4
" . ت اكْت َ َ
سب َ ْ
ونج ُد المناطقة يستعملون المصطلح أيضاً ،وذلك في حديثهم عن دللة اللفاظ ،فيقسمون
الدللة على ثلثة أقسام :مطابقة ،وتضمن ،والتزام ،يقول الخضيري في السلم :
ويُعرفُـ شارحُـ هذا المتـن دلل َة المطابقةِ بقوله " :هـي دللة اللفظِـ على تمام المعنـى ،أي
ق للمعنى تماماً ،مثل وضع لفظ ( زيد ) على جميع أجزاء جسمه ،ومثل لفظ اللفظُ مطاب ٌ
7
( بيت ) على جميع جدرانه وسقفه ،ومثل ( إنسان ) على الحيوان الناطق " .
الجملةَ بنا ٌء لغويٌ مستقلٌ ،وهي أكبرُ الوحداتِ اللغويةِ في الكلمِ ،والعنصرُ الساس فيه،
1
ي ،ولكل كائنٍ
ومن خللها نكتسبُ اللغةَ ،وبها نتواصل مع الخرين ،فهي كائنٌ لغويّ ح ّ
روحٌ ،وروحُ الجملةِ السنادُ .
والسنا ُد في حقيقة أمره نسب ٌة تفيد فائدة ،يقول الرضي " :والمراد بالسناد أن يُخبر في
الحال أو في الصل بكلمة أو أكثر عن أُخرى ،على أن يكون المُخبر عنه أهم ما يُخبر عنه بذلك
2
الخبر في الذكر وأخص به " .
وطرفا السناد معروفان ،مسند إليه ومسند ،والسناد هو العلقة النحوية الرابطة بينهما ،
وهو بدوره يمثل البنا َء النحوي للجملة ،والتي تتكون من ركنين نحويين هما :المبتدأ والخبر في
الجملة السمية ،والفعل والفاعل في الجملة الفعلية ،يقـــول سيبويه ( " :باب المسند والمسند
3
إليه ) ،وهما ما ل يَغنى واحد منهما عن الخر ول يجد المتكل ُم منه بُداً "
إن مـن أبرز العلقات بيـن المسـند والمسـند إليـه ،المطابق َة ،وتتمثـل فـي الجنـس مـن تذكيـر
وتأنيـث ،وفـي العدد مـن إفراد وتثنيـة وجمـع ،وفـي التعريـف والتنكيـر ،هذا فـي المبتدأ والخـبر ،
أما المطابقة بين الفعل والفاعل فتتمثل في الجنس وفي العدد فقط .
اشترطَ النحا ُة التطابقَ بين المبتدأ والخبر في الجنس والعدد ،ولم يشترطوا ذلك في التعريف
والتنكير ،إذ قد يتفقان ،وقد يختلفان ،وهو الصل كما سيجيء .
يقول الدماميني ( " :و) يجب (أن يكون) هو ،أي الخبر (طبق المبتدأ) في التذكير والتأنيث
1
والفراد والتثنية والجمع مدة ( ما أمكن) ذلك " .
يقول ابنُ الحاجب " فالمبتدأ هو الس ُم المجردُ عن العوامل اللفظية مسنداً إليه ،أو الصفةُ
الواقعةُ بعد حرف النفي وألف الستفهام ،رافعةً لظاهر ،مثل (زيدٌ قائمٌ) و(ما قائمٌ الزيدانِ) و
2
(أقائمٌ الزيدان) ".
وجاء في شرح شذور الذهب " :وأقول الثالث من المرفوعات المبتدأ ،وهو نوعان :مبتدأ
3
له خبر ،وهو الغالب ،ومبتدأ ليس له خبر ،لكن له مرفوع يغني عن الخبر " .
وقد ورد المبتدأ والخبر في القرآن الكريم من النوع الول بكثرة ،أما النوع الثاني ،فقد
وردت منه آيات معدودة ،وإن النظم القرآني قد حافظ على المطابقة بين المبتدأ وخبره في أغلب
اليات القرآنية ،إل في مواطن محددة جاء ظاهرها عدم التطابق ،ولهذا أسباب ُه وغايتهُ البيانية .
وإننا لو رجعنا إلى تأويل مثل هذه اليات ،لوجدناها جاريةً على أُسلوب المطابقة بين المبتدأ
والخبر .
1المنهل الصافي في شرح الوافي . 1/244 ،
2شرح الرضي على الكافية . 1/223 ،
3شرح شذور الذهب . 180 ،
أ -ا لمطاب قةُ في ال فراد ،تذك يرا وتأن يثا :
بل ك الْكِتَا ُ
وقد ورد بكثرةٍ في القرآن الكريم ،فمن ذلك قوله تعالـــى :ذَل ِ َ
ذَل ِ َ
ك ن (البقرة ، )2:وقوله تعالى : قي َ مت َّ ِ ى لِل ْ ُ هد ً ه ُفي ِ ب ِ َري ْ َ
ن م ْ و ََ دنْيَا (آل عمران ، )14:وقوله تعالى : ة ال ُّ حيَا ِع ال ْ َمتَا ُ َ
َّ َ َ
ن (النساء: س ٌح ِ م ْ
و ُه َو ُ
ه َ ه لِل ِ ه ُ
ج َ و ْ م َ سل َ َنأ ْ م ْ م َّن ِدينا ً ِ س ُح َ أ ْ
(العراف، )68: ن ، )125وقوله تعالى :وأَنَا لَك ُم نَاص َ
مي ٌحأ ِ ِ ٌ ْ َ
1 َ
(الفتح ، )29:وغير ذلك كثير ، ل الل ّه سو ُ مدٌ َر ُ ح َّ م َوقوله تعالى ُ :
فنحن نلحظ أن الخبر قد جاء مطابقاً للمبتدأ إفراداً وتذكيراً .
قد ورد في القرآن الكريم ما ظاهره عدم المطابقة بين المبتدأ والخبر في الفراد والتذكير ،
ث المطابقة وذلك في قوله تعالى :
ل فيها من حي ُ وبالرجوع إلى تأويل مثل هذه اليات ل نجد إشكا ً
1ينظر ( :البقرة ( ، ) 19 /النساء ( ، ) 70/النفال ) 41 /
3
أو يكون على حذف مضافٍ والتقدير :هذا – أي القرآن – ذو بصائر ،وبهذا تتم المطابقة ،
4
وقد قرئ (هذه بصائر) .
َ
م ن أُوتُوا ال ْ ِ
عل ْ َ ر ال ّ ِ
ذي َ صدُو ِ
في ُ
ت ِت بَيِّنَا ٌ
و آيَا ٌ َ هل ُوقال تعالـى :ب َ ْ
َ َ
ن (العنكبوت ، ) 49:فقد اخبر عن مو َحدُ بِآياتِنَا إ ِ ّل الظّال ِ ُ
ج َ
ما ي َ ْ
و َ
َ
الضمير المفرد المذكر (هو) ،بجمع مؤنث (أيآت) ،وأُختلف في هذا الضمير ،أيرج ُع إلى
،أم إلى القرآن الكريم ؟ قولن : المصطفى
5
،ويكون التقدير " بل الول :ذهب ابنُ عباس وقتادةُ إلى أن الضميرَ يرجعُ إلى المصطفى
ت بيناتٌ ،أي ذو آياتٍ بيناتٍ " ، 6وبهذا تتم المطابق ُة بين المبتدأ والخبر.
محمدٌ آيا ٌ
واستعمالُ ضمير المفرد المذكر (هو) ،في غير قراءة عبد الـله بن مسعود ،وإن كان المشار
إليه آيات القرآن ،دللةٌ على عظم هذه اليات ،وزيادة في عُلوّ شأنها ومكانتها .
والسبب في هذا التأنيث يرجعُ إلى الحمل على المعنى ،فالبصيرة بمعنى شاهد ،وهو شهود
عل َ 1
م
ه ْ
ِ ْ ي َ شهد ْ َ ت مَ و
ْ َ ي : يقول تعالى ل
ُ فا ، الجوارح ،وهذا تفسير ابن عباس ومجاهد
أَل ْسنَت ُهم وأَيديهم َ
ن (النور)24: ملُو َ ع َ ما كَانُوا ي َ ْ م بِ َ ه ْ جل ُ ُوأْر ُ ِ ُ ْ َ ْ ِ ِ ْ َ
َ علَى أ َ ْ
م
ه ْ دي ِ وتُكَل ِّ ُ
منَا أي ْ ِ م َ ه ْه ِوا ِ
ف َ م َ خت ِ ُ
م نَ ْو َ ،ويقول أيضاً :الْي َ ْ
َ
ن (يِّس. )65: سبُو َ ما كَانُوا يَك ْ ِ م بِ َ ه ْجل ُ ُ
هدُ أْر ُ وت َ ْ
ش َ َ
أو إنّ الهاء دخلت للمبالغة ،كقولنا ( :زيدٌ علمةٌ) ،2ووجه ثالث وهو " :لما كان معناه
حجة على نفسه ؛ دخلت لتأنيث الحجة " ، 3ومن خلل هذا التأويل تتم المطابقة بين المبتدأ والخبر
تذكيراً وتأنيثاً .
ل من ورودهما مفردين إنّ ورودَ المبتدأ والخبر مفردين مؤنثين في القرآن الكريم أق ّ
َ َ َ َ َّ َ
ةوي َ ٌ
ِ خاَ ي
َ ه
ِ و
َ ة
ٍ َ ي ر
ْ ق ى عل
َ ر م
َ ّ ذي ِ و كال
مذكرين ،فمن ذلك قولُه تعالى :أ ْ
ة
م آي َ ٌ ن لَك ُ ْ
د كَا َ ق ْ َ
َّ
ها (البقرة ، )259:وقوله تعالى : ش َ
عُرو ِ علَى ُ َ
خَرى كَا ِ
فَرةٌ وأ ُ َْ ه
ِ ل الل
سبِي ِ في َ ل ِ قات ِ ُة تُ َفئ َ ٌقتَا ِن الْت َ َِ فئَتَي ْ
في ِ ِ
َّ
م إ ِلمْري َ َن َ ح اب ْ ُ سي ُم ِ ما ال ْ ََ (آل عمران ، )13:وقوله تعالى :
ْ وأ ُ ُّ
نة كَانَا يَأكُل ِ ق ٌ دّي َ ص ِه ِ م ُ ل َس ُ ه الُّر ُ ن َ
قبْل ِ ِ م ْت ِخل َ ْ قدْ َل َ سو ٌ َر ُ
2 َ
م (المائدة ، )75:وغير ذلك . الطّ َ
عا َ
1ينظر :الجامع لحكام القرآن، 19/99،و تفسير النسفي ، 4/314،و البحر المحيط . 10/347 ،
2ينظر :تفسير النسفي ، 4/314،والبحر المحيط . 10/347،
3مشكل إعراب القرآن ، 2/778،والضمير في (دخلت) يقصد به الهاء من (بصيرة) .
4ينظر :المنهل الصافي .1/244 ،
ورد في بعض المواطن في القرآن الكريم ما ظاهره المخالفة بين المبتدأ والخبر ،قال تعالى
مَرأَتِي ي الْكِبَُر َ
وا ْ قدْ بَل َ َ
غن ِ َ و َم َغل ٌ ن لِي ُ َ
ب أنَّى يَكُو ُ
ل َر ِّ َ
قا َ :
1
(آل عمران ، )40:فقد أخبر عــــن قر عا ِ
َ
المفرد المؤثث (امرأتي) ،بمفرد مذكر (عاقر) ،والقول في هذه الية من وجهين :
3
ل الية على النسبِ ،فعاق ٌر أي ذاتُ عقر ،ومعناه مفعول أي معقورة " ،وإنما قيل
الخر :حم ُ
عاقر ؛ لنه يراد بها ذات عقر على النسب ،ولو كان على الفعل لقال :عقرت ،فهي عقيرة ،
4
كأن بها عقراً أي :كبراً من السن يمنعها من الولد " ،وبهذا تتم المطابقة بين المبتدأ والخبر
إفراداً وتأنيثاً .
َ َ
ضَر
ح َ م إِذَا َهادَةُ بَيْنِك ُ ْ منُوا َ
ش َ نآ َ ذي َها ال ّ ِوقال تعالى :يَا أي ُّ َ
َ
منْكُمل ِ عدْ ٍوا َ ة اثْنَا ِ
ن ذَ َ صي َّ ِ ن ال ْ َ
و ِ حي َ ت ِ و ُ م ال ْ َ
م ْ دك ُ ُ
ح َ
أ َ
(المائدة ، )106:فأخبر عن المبتدأ المفرد المؤنث (شهادة ) ،بمثنىً مذكر (اثنان) ،
وتُحمل
5
هــــذه الي ُة على حذف مضاف من (اثنان) ،والتقدير :شهادة بينكم شهادة اثنين ،يقول أبو حيان
6
":واحتِيجَ إلى الحذف ليطابق المبتدأُ الخبرَ" .
1ورد لفظ (عاقر) في القرآن الكريم ثلث مرات ،أولها ما ذكرناه ،وثانيها وثالثها في سورة مريم ،ينظر ( :مريم 5/و )8
2ينظر :زاد المسير . 1/385 ،
3ينظر التبيان في إعراب القرآن . 1/133 ،
4الجامع لحكام القرآن ، 4/79 ،وينظر :مشكل إعراب القرآن . 1/158 ،
5ينظر :الكشاف ، 1/487 ،و تفسير النسفي ، 1/306 ،وتفسير القرآن العظيم ، 2/112 ،والبحر المحيط ، 4/390 ،وإرشاد
العقل السليم. 3/88 ،
6البحر المحيط . 4/390 ،
الصفحة 22من 142
1
ويقول اللوسي " :وأُل ُتزِمَ ذلك ليتصادقَ المبتدأُ والخبرُ " ،وهناك رأيّ يقولُ :إن (اثنان) ،
2
مرتفع على الفاعلية ،والتقدير :ليشهد اثنان .
حيِين يُ ْ
م ْ
ل َقا َه َ خل ْ َ
ق ُ ي َ
س َ ون َ ِ ب لَنَا َ
مثَل ً َ ضَر َ و َوقال تعالى َ :
(يِّس ، )78:فقد أخبر عن المفرد المؤنث (هي) ، ممي ٌ
ي َر ِه َ
و ِ عظَا َ
م َ ال ْ ِ
بمفرد مذكر (رميم) ،ولم يقل (رميمة) ،والقول في هذه الية من ثلثة أوجه :
الول :
إن لفظ (رميم) على وزن فعيل ،وهذا الوزن يستوي فيه المذكرُ والمؤنثُ ،والمفر ُد
والمثنى والجم ُع ،جاء في لسان العرب " ،إنما قال تعالى ( وهي رميم ) ؛ لن فعيلً وفعولً قد
3
استوى فيهما المؤنثُ والمذكرُ والجمعُ ،مثل :رسول وعدو وصديق " ،ويقول الشوكاني " :
والولى أن يقال فيه أنه فعيل بمعنى فاعل أو مفعول ،وهو يستوي فيه المذكرُ والمؤنثُ كما قيل
4
في جريح وصبور " .
الثاني :
إن لفظ (رميم) معدول عن (رميمة) ،أي معدول عن (فاعلة) " ،وإنما قال رميم ولم يقل
(رميمة) ؛ لنها معدولة عن (فاعلة) ،وما كان معدولً عن وجهه ووزنه ،كان مصروفاً عن
فنحن نلحظ أن هذا الكافر أراد أن يستنكر قدرة ال تعالى على البعث والنشور ،فجاء بعظم
ل في خطابه للمصطفى ،عن استعمال لفظ (بالية) -مثلً -إلى لفظ قد أبلته السنون ،عاد ً
(رميم) ،تأكيداً وإنكاراً منه على أن ل مجال لحياء الموتى من هذه العظام التي أهلكها مرّ
الليالي واليام ،وهذا المعنى ل يمكن لي لفظة أُخرى أن تؤديه ،فقد تكرر فيها صوت (الميم)،
وهو من الصوات المتوسطة بين الشدة والرخاوة ،والذي يحدث حفيفاً عند النطق به وهذا
2
الحفيف يُقرب هذه الصوات من الصوات الرخوة ،وكل هذه الصفات تُناسب الهلك الذي
أصاب هذه العظام ،فاللفظة مختارة بدقة من بين عدد من اللفاظ ،فحتم هذا الختيار دقةَ معنى
3
. الجملة ،والمناسب َة مع السياق العام
عولً م ْ
ف ُ عدُهُ َ
و ْ ه كَا َ
ن َ من ْ َ
فطٌِر ب ِ ِ ماءُ ُ ال َّ
س َ وقال تعالى :
(المزمل ، )18:فقال (:منفطر) ولم يقل (:منفطرة) .
الول :
ماءُ
س َإن لفظ (السماء) يذكر ويؤنث ،يقول الفراء " :وقوله عز وجلّ ال َّ
:
ه ،بذلك اليوم ،والسماء تُذكر وتؤنث ،فهي ها هنا في وجه التذكير ،قال
فطٌِر ب ِ ِ من ْ َ
ُ
الشاعر :
4
لَ حق نا بالنُجُومِ مَعَ ا لسَحَابِ " فَلَو رَفَعَ السّمَ اءُ إلَيهِ قَومَا
الثاني :
لحقنا بالسماء مع السحاب ) 4معاني القرآن ،الفراء . 3/199،والبيت للفرزدق ،وفي ديوانه ( :ولو رفعَ اللهُ إليهِ قوم ًا
،شرح ديوان الفرزدق ، 165 / 1 ،قصيدة رقم . 77 /
الصفحة 24من 142
1
حملها على النسب ،أي ذاتُ انفطار .
الثالث :
2
إنّ السما َء بمعنى السقف ،يقول الزمخشـــــــريّ " :أو على تأويل السماء بالســقف " ،
ونسب القرطبي هذا القول إلى أبى عمرو بن العلء " وقال أبو عمرو بن العلء :لم يقل
علْنَا
ج َو َ
َ منفطرة لن مجازها السقف ،تقول :هذا سماء البيت … وفي التنزيل :
3 فوظا ً
" . ح ُ قفا ً َ
م ْ س ْ
ماءَ َ ال َّ
س َ
الرابع :
ء
ما ُ جَع ُل (منفطرة) بمعنى (متشققة) ،يقول القرطبي " :قوله تعالى :ال َّ
س َ
ر بِه ، فطِ ٌمن ْ َ
ُ
4
ل على شدة ذلك ل من (متشققة) أد ّأي متشققة لشدته " ،ونؤيدُ ذلك ؛ فإن استعمال (منفطر) بد ً
اليوم الذي يجعل الولدان شيبًا ،يو ٌم يذهل المرضعة عما أرضعت ،وتضع فيه ولهوله كلّ ذات
حملٍ حملَها ،وتشخص فيه البصارُ وتبلغ القلوبُ الحناجرَ،فهو يو ٌم عصيبٌ شديدٌ ،يحتاج إلى لفظ
يدل على شدة هوله وعظمته ،فاستخدامُ هذا اللفظ بصيغة التذكير يجعل دللةَ المعنى أقوى وأشد
رهبةً في نفس السامع ،مما لو استخدم لفظًا مؤنثاً.
ب -ا لمطا بقة في التث نية ،تذ كيرا وتأ ني ثا :
وقد جاء موطنٌ واحدٌ ظاهره أنه مخالفة بين المبتدأ وخبره المثنى المؤنث ،وذلك في قوله
ُ تعالى :كِلْتَا ال ْ َ َ
(الكهف، )33:فقال (آتت) ،ولم هات أكُل َ َن آت َ ْ
جن ّتَي ْ ِ
يقل (آتتا) مطابقة للمبتدأ (كلتا) ،ويعلل العلماءُ هذا ،بأن (كلتا) وإن كانت تدل على مثنىً
ل على لفظ (كلتا) ،يقول العكبريّ ( " :كلتا
مؤنث ،إل أن لفظها مفردٌ ،فقد جاء الخبرُ مفرداً حم ً
2
الجنتين) ،مبتدأ ،و (آتت) خبرهُ ،وأفرد الضميرَ حملً على لفظ (كلتا) " .
أو إن هذه التثنية ليست مقصودة حقيقةً ،وإنما المرادُ أن لهذه الجنة وجهين ،فإذا نظرتَ
يميناً أو شمالً رأيتَ في كلتا الناحيتين ما تق ّر به عي ُنكَ و يمل قل َبكَ بهج ًة و مس ّر ًة ،فالخبا ُر في
2التبيان في إعراب القرآن ، 2/103 ،وينظر :تفسير البيضاوي ، 496 /3 ،والتقان . 1/494 ،
الصفحة 26من 142
1
حقيقتهِ يعو ُد إلى مفرد مؤنث وهو الجنة ،فما أعظمَ هذا العجاز ،ودقة الختيار ،فل يصلح
لهذا المعنى إل ما اختاره القرآنُ العظيمُ له .
ج -الم طاب قة ب ين ال مبتد أ والخ بر في ال جم ع تذكي را وت أن يثا :
ْ َ
ض
في الْر ِ سدُوا ِ ف ِ م ل تُ ْ ه ْ ل لَ ُقي َ وإِذَا ِ فمثال المطابقة قوله تعالى َ :
ن (البقرة، )11:وقوله تعالى : حو َ صل ِ ُ م ْ ن ُ ح ُ ما ن َ ْ قالُوا إِن َّ َ َ
َ
ضَر ح َ حتَّى إِذَا َ ت َ سيِّئَا ِ ن ال َّ ملُو َ َ ع
ن يَ ْ ذي َ ة لِل ّ ِ وب َ ُ ْ ت الت َّ س ِ ولَي ْ َ َ
َّ َ
م ه ْو ُ ن َ موتُو َ ن يَ ُذي َ ول ال ِ ن َ ت اْل َ ل إِنِّي تُب ْ ُ قا َ ت َ و ُ م ْ م ال ْ َ ه ُ حدَ ُ أ َ
َ َ َ ك ُ َّ
فوا و ُ منُوا أ ْ نآ َ ذي َ ها ال ّ ِ فاٌر (النساء ، )18 :وقوله تعالى :يَا أي ُّ َ
َ ُ َّ
غيَْر م َ علَيْك ُ ْ ما يُتْلَى َ عام ِ إ ِ ّل َ ة اْلَن ْ َ م ُ هي َ ِ َ ب م ْ ُ ك ت لَ ْ حل قوِد أ ِ ع ُبِال ْ ُ
صيد َ
واءٌ س َ َ (المائدة ، )1:وقوله تعالى : م
حُر ٌ م ُ وأنْت ُ ْ حل ِّي ال َّ ْ ِ َ م ِ ُ
َ َ َ َ
ن (العراف ، )193:وغير متُو َ صا ِ م َ م أنْت ُ ْ مأ ْ ه ْ مو ُ وت ُ ُ ع ْ م أدَ َ عليْك ُ ْ َ
2
ذلك .
قَربُوافل ي َ ْ
س َ
ج ٌ ركُو َ
ن نَ َ ش ِ ما ال ْ ُ
م ْ وذلك نحو قوله تعالى :إِن َّ َ
(التوبة ، )28:فقد اخبر عن هذَام َ ه ْم ِ
عا ِعدَ َ م بَ ْ جدَ ال ْ َ
حَرا َ س ِ ال ْ َ
م ْ
ل.
الجمع المذكر (المشركون) ،بمفرد مذكر (نجس) ،ولم يقل (أنجاس) مث ً
إنّ العدول عن لفظ (أنجاس) وغيره من اللفاظ التي تدل على قبح المشركين ،إلى لفظ
3
جسٌ) ،جاء ليقرر معنىً خاصًا وفريداً ،أل وهو أن المشركين هم النجاسة عينها .
المصدر (نَ َ
َ
مه ْم ل يَْرتَدُّ إِلي ْ ِ
ه ْ
س ِ عي ُر ُ
ؤو ِ م ْ
قن ِ ِ ن ُ عي َ
هطِ ِ م ْوقال تعالى ُ :
(إبراهيم ، )43:فلم يتاطبق المبتدأ واءٌ
ه َم َه ْ وأ َ ْ
فئِدَت ُ ُ م َ
ه ْ طَْر ُ
ف ُ
(أفئدتهم) مع خبره (هواء) .
والقول في هذه الية من وجهين :
الول:
حملُ الية على المعنى ،فالمقصود بـ (هواء) أنها فارغ ٌة وخربةٌ وخاوي ٌة ،يقول العكبريّ :
" فإن قيل كيف أفرد هواء وهو خبر لجمع ،قيل لما كان معنى (هواء) ها هنا فارغة متخرقة ،
أفرد ،كما يجوز إفراد فارغة ؛ لن تاء التأنيث فيها تدل على تأنيث الجمع الذي في أفئدتهم ،
1
ل فاسدةٌ) ،وغير ذلك " .
ومثله (أحوالٌ صعبةٌ ،وأفعا ٌ
الخر :
ل ،ول يخفى ما في هذا الرأي
إنّ الهواءَ مصدرٌ ،وكما قلنا إن المصادرَ مفردةٌ في كلّ حا ٍ
من بلغةٍ وروعةٍ ودق ٍة في التعبيرِ ،فقد جعل القلوبَ هي عين الهواء ؛ لشدة حيرتها وذهولها من
وما كان الخروج عن المطابقة في هذه المواطنِ ،إل زياد َة بلغةٍ وإبداعٍ في النصِ القرآنيّ .
حكِيمِب ال ْ َت الْكِتَا ِك آيَا ُفمثالُ المطابقة قولُه تعالى :ألر تِل ْ َ
ن ب ال ْ ُ
مبِي ِ ت الْكِتَا ِك آيَا ُ(يونس ، )1:وقوله تعالى :الر تِل ْ َ
(يوسف ، )1:وغير ذلك .
3
أولها :
ن آياتِ القرآن عبارة عن معجزة
أراد بهذا التعبير أنّ الياتِ تُع ّد آيةً واحد ًة ،أي أ ّ
1
واحدة ،فاليات كأنها آية واحدة في بلغتها ودقة نظمها وإعجازها ،فأفرد على هذا المعنى .
ثانيها :
الكتفاء بالمفرد عن الجمع " كما قال علقمة الفحل :
فَبِيضٌ وأمّا جِلدُها فَصَلِيبُ . بِهَ ا جِيَفُ ا لحَس َرى فأمّ ا عِظَامُهَا
1ينظر :معالم التنزيل ، 1/278 ،والتبيان في إعراب القرآن ، 1/124 ،وإرشاد العقل السليم ، 2/7 ،وروح المعاني . 3/180 ،
الصفحة 29من 142
1
إنما يريد جلودها فوحد ؛ لنه قد عُلم أنّه ل يكون للجماعةِ جل ٌد " .
ثالثها :
م
ه ْ
جلِدُو ُ َ
فا ْ ن كلّ آيةٍ من آياتِ القرآن الكريم أُمّ الكتابِ " ،كما قال ال تعالى :
إّ
2
،أي فاجلدوا كُلّ واحد منهم " ن
مانِي َ ثَ َ
والوجه الول أولى ؛ لقوة بلغته ،فإن البارئَ ع ّز وجلّ قد عدل عن لفظ (أُمهات) إلى لفظ
ج َزةٌ ،ب مُع َ
ل آياتِ الكتا ِ
(أُمّ) ؛ ليبين أنّ آيات القرآن كلها تعدل آي ًة واحدةً ،فعلى الرغم من أنّ كُ ّ
لم يستطعْ العربُ أن يقاربوا إعجازها ،فكيف يأتوا بمثلها ؟ وكيف إذا كان كُلّ هذا يعدل آيةً
واحدةً ؟ فالمسألة أصعبُ ،والتحدي أكبرُ .
د -ا لمطا بقة ب ين ا لمبتد أ والخب ر تعر يفا وتن كي را :
ل تُشترطُ المطابق ُة في التعريف والتنكير بين المبتدأ والخبر ،وكما هو معروف ،إنّ غاي َة
ل ،وإعلمه به ،فإنه يتحتم على المتكلم في أغلب الحوال أنّ الكلم وهدفَه إفها ُم السامع ما يجه ُ
3
يبدأ كلمَه بما يعرفهُ السام ُع ويفهمهُ ،وهذا ل يكون إل بالمعرفة أو ما يُجاريها .
والصلُ في باب المبتدأ والخبر أنّ يُبتدأ بالمعرفة ،ويُخبر عنها بالنكرة ،فـ " البتداء إنما
4
هو خب ٌر ،وأحسنه إذا اجتمع نكرةٌ ومعرفةٌ أنّ يُبتدأ بالعرف ،وهو أصلُ الكلم "
يقول المبردُ " :فأما المبتدأ فل يكون إل معرفةً أو ما قاربَ المعرفةَ من النكرات ،أل ترى
ت ( :رجل قائمٌ) ،أو (رجلٌ ظريفٌ) ،لم تُفد السامعَ شيئاً ؛ لنّ هذا ل يُستنكر أن يكونَ
أنك لو قل َ
5
مثلُه كثيراً " .
1الجامع لحكام القرآن ، 1/190 ،والبيت لعلقمة الفحل من قصيدة له يمدح فيها الحارث بن جبلة ،وكان أسر أخاه ،ويصف في
هذا البيت طريقه التي سلكها إلى ممدوحه ،و(الحسرى) هي (المُعيِيَة) من البل ،يتركها أهلُها في السفر فتموت ،ووصف
عظامها بالبيض ؛ لن السباع والطير أكلت لحمها فتركت عظامها متعرية ،و(الصليب) ،اليابس من الجلد الذي لم يُدبغ .ينظر
ديوان علقمة الفحل ، 41 – 40،و الكتاب ، 1/209 ،و المقتضب . 2/173 ،
2إرشاد العقل السليم ، 2/7 ،والية من سورة (النور. )4 /
إذن ،فمدارُ الحديثِ حولَ ما يجوزُ وما ل يجوزُ من تعريفِ المبتدأ والخبرِ أو تنكيرهما ،هو
فائدةُ السام ِع ،فمتى ما حصلتْ الفائدةُ ،جا َز الكل ُم .
إن تطبيقَ تلك الصور التي تحدثنا عنها ،جاء في القرآن الكريم بنسبٍ متفاوتة ،فالصورة
الولى كان لها النصيب الكبر في القرآن الكريم ؛ لكونها الصلَ في هذا الباب ،أما الصورة
ل منهما ،فمثال المبتدأ المعرفة وخبره النكرة ،قوله
ل من الولى ،وأما الثالثة فأق ّ الثانية فهي أق ّ
ي
ه َ و ِ َ ن (البقرة ، )11:وقوله تعالى : حو َ صل ِ ُم ْ ن ُح ُ تعالى :إِن َّ َ
ما ن َ ْ
ه َ
فنَادَت ْ ُ (البقرة ، )259:وقوله تعالى : هاش َ عُرو ِعلَى ُ ة َوي َ ٌ
خا ِ
َ
) (آل عمران39: ب
حَرا ِ في ال ْ ِ
م ْ صل ِّي ِ
م يُ َ و َ
قائ ِ ٌ ه َ
و ُ
ة َ ال ْ َ
ملئِك َ ُ
.
بوا ُ وأَنَا الت َّ َّ أما مثال تطابق المبتدأ و الخبر تعريفًا ،فنحو قوله تعالى َ :
مه ُ
ف ُ ت َ م َّ
ن ِ فإ ِ ْم (البقرة ، )160:وقوله تعالى :أ َ َ حي ُالَّر ِ
ن
غالِبُو َ م ال ْ َه ُ
ف ُن (النبياء ، )34:وقوله تعالى :أ َ َ خالِدُو َ ال ْ َ
(النبياء.)44:
1الصول في النحو ، 1/71 ،وينظر :شرح المفصل ، 1/98 ،ويقصد بقوله (الثاني) ،أي من أحوال المبتدأ والخبر في التعريف
والتنكير .
2المقتصد في شرح اليضاح . 1/308 ،
الصفحة 31من 142
ه كَبِيٌر
في ِ قتَا ٌ
ل ِ ل ِ ق ُْ وأما مثال تطابق المبتدأ والخبر تنكيراً فنحو قوله تعالى :
َ
ُ
ق ْ
ل ه (البقرة ، )217:وقوله تعالـــى : ل الل ّ ِ
سبِي ِن َ ع ْصدٌّ َ
و َ َ
(البقرة)220: خيٌْر
م َ ح لَ ُ
ه ْ صل ٌ إِ ْ
1
لقد اعترض بعضُ الدارسين على جعل هذا التركيب من باب المبتدأ والخبر ،قال الدكتور
مهدي المخزومي " :أما قولنا :أقائ ٌم الرجلن ؟ أو قائ ٌم الرجلن ،فرفع ُه ل يعني شيئاً ،ول
ع على البتداء ل بأنه مرفو ٌ
دللةَ ل ُه على معنىً إعرابي يقتضي الرف َع ،ولهذا كان من السخفِ القو ُ
2
،كما زعم البصريون ،وأنه مبتدأ سدّ فاعلُ ُه مسدّ خبرهِ " .
ورأي الدكتور المخزومي أتى من العتقاد بأن صيغة (فاعل) فعليةٌ في اللفظ والمعنى ،وهذه
3
الصيغة وإن وقعت في سياق النفي أو الستفهام ،فإنّ كنهها وحقيقتها ل تتغير ول تتبدل ،ومن
هذا المنطلق تحامل الدكتور المخزومي على البصريين ؛ لنهم لم يعدوا هذه الصيغة ضمن أبنية
4
الفعال .
ول نؤيدُ ما ذهبَ إليه ،فالكوفيون كما ذكر النحاةُ ل يختلفون مع البصريين في أصل المسألة
ن عقيل " :ومذهب البصريين ،لكون الوصف مبتدأ ،والمرفوع فاعلً يس ُد مسدّ الخبر ،يقول اب ُ
-إل الخفش -أن هذا الوصف ل يكون مبتدأ ،إل إذا اعتمد على نفي أو استفهام ،وذهب
الخفشُ والكوفيون إلى عدم اشتراط ذلك ،فأجازوا (قائمٌ الزيدان) ،فقائم :مبتدأ ،والزيدان :
5
ل سدّ مس ّد الخبر " .
فاع ٌ
وهذا النوع من المبتدأ يُطابق مرفوعَهُ في التذكير والتأنيث ،جاء في الكتاب " :فإن بدأتَ
ك؟، ك :أذاهبةٌ جاريتا َ
بنعتٍ بمؤنثٍ فهو يجري مجرى المذكر ،إل أنكَ تُدخل الها َء ،وذلك قول َ
و أكريمةٌ نساؤكم ؟ ،فصارت الها ُء في السماء بمنزلة التاء في الفعل إذا قلتَ :قالت نســاؤكم
1
وذهبت جاريتاكَ " .
أما المطابقةُ في الفرادُ وفرعيه ،فقد يتطابق المرفوعُ ووصفُهُ ،وقد ل يتطابقان ،وذلك
على النحو التي :
ع في الفراد وفرعيه ،فقد يجئ الوصفُ مفرداً و مرفوعُهُ وقد ل يتطابق الوصفُ والمرفو ُ
مثنىً أو مجموعًا ،وذلك نحو قولنا ( :أقائ ٌم أخواكَ) ،و (أقائمٌ اخو ُتكَ) ،وفي هذه الحالة يُعرب
الوصفُ مبتدأ و مرفوعه فاعل له يسد مسد الخبر ل غيرُ ؛ لننا لو حملنا هذا التركيب على
التقديم والتأخير ،لل َز َمنَا ذلك ،الخبارَ عن المثنى والجم ِع بالمفرد ،وهذا ل يجوز .
إن سبب جواز حالة عدم التطابق ؛ هو النظر إلى هذا التركيب من زاوية المعنى ،يقول ابنُ
ن قولَهم ( :أقائمٌ الزيدان ) إنما أفاد نظراً إلى المعنى ،إذ المعنى ( أيقومُ
يعيش " :وأعلمْ أ ّ
2
الزيدان) " ،فالمعنى معنىً فعلي .
وورد هذا التركيب في القرآن الكريم في آياتٍ قليلةٍ ،وذلك في قوله تعالى :
(يونس ، )53:وإن كان (حقٌ) ليس وصفاً ،إل إنه هوق ُح ٌّ ويستَنْبئُون َ َ َ
كأ َ َ َ ْ ِ
َ 3
مبتدأ ،و (هو) مرفوع هو ح ٌّ
ق ُ أ َ بمعنى (ثابت) ،يقول العكبري " :وقوله تعالى :
4
به ،ويجوز أن يكون (هو) و (أحقٌ) الخبر " وهذا العراب على ما مرّ بنا من جواز
5
الوجهين ،لكون المبتدأ ووصفه مفردين ،ونحن نلحظ أن المطابقة قد تمت بين الوصف
ومرفوعه إفراداً وتذكيراً .
3ينظر :روح المعاني ، 11/135 ،ودراسات لسلوب القرآن الكريم . 8/223 ،
4التبيان في إعراب القرآن ، 2/29 ،وينظر :الجامع لحكام القرآن 8/351 ،
5ينظر :ص ( ) 26من البحث .
الصفحة 34من 142
عملَ للخبر على المبتدأ ،وبذلك يكون (أنتَ) فاصلً بين العامل (أراغبٌ) ،ومعموله (عن آلهتي)
1
،بخلف لو قلنا بالفاعلية .
ة أَ ْ
هلَكْنَا َ َ
ن
عو َ
ج ُ
م ل يَْر ِ ها أن َّ ُ
ه ْ علَى َ
قْري َ ٍ م َ
حَرا ٌ
و َ
َ وقال تعالى :
2
(النبياء ، )95:فـ (حرامٌ) مبتدأ ،و(أنهم ل يرجعون) فاعل يسد مسد الخبر ،والمعنى
3
"ممتنع رجوعهم إلى الدنيا" ،ولم يتخالف الوصفُ ومرفوعُهُ ،فـ (الرجوع) مصدرٌ يستوي فيه
بري ٌ ري أ َ َ
ق ِ
َ
ن أدْ ِ
ل إِ ْ ُ
ق ْ المذكرُ والمؤنثُ والمفردُ والمثنى والجمعُ .وقال تعالى :
مداً (الجِن، )25:فـ (قريبٌ) مبتدأ َ َ
ه َربِّي أ َ ل لَ ُع ُ
ج َ
م يَ ْنأ ْ عدُو َما تُو َ َ
4
و(ما) مرفوعٌ به يسد مسد الخبر ،وقد تطابق الوصفُ والمرفوعُ إفراداً وتذكيراً ،ويجوز
5
إعرابُ الية على التقديم والتأخير ،إل أن ما ذكرناه أولى ؛ لنه الصل .
ت التي ورد فيها هذا التركيبُ ،جاءت من نوع واحد ،وهو من كلّ ما تقدم ،نجد أنّ اليا ِ
إفرادُ الوصفِ ومرفوعِهِ وتذكيرهما ،وقد لحظنا أنّ المطابقةَ قد تمت بينهما في كلّ المواطنِ .
يُعرفُ العلماءُ أفعل التفضيل بأنّ ُه " :الصفة الدالة على المشاركة وزيادة ،نحو :أفضل
وأعلم وأكثر ". 6
ينظر :مشكل إعراب القرآن ، 2/456 ،والبحر المحيط ، 7/270 ،وشرح ابن عقيل ، 1/197 ،و أضواء البيان 429-3/438 ، 1
.
2ينظر :التبيان في إعراب القرآن . 2/137 ،
3المصدر نفسه ، 2/137 ،وينظر :إرشاد العقل السليم ، 85-6/84 ،و فتح القدير ، 3/426 ،و روح المعاني . 17/91 ،
أ ولً – إذ ا كان أفع ل ا لتف ضيل الخ بر مجر دا ع ن ال ضاف ة و ال لف وا للم :
فإذا جاء أفعل التفضيل مجرداً عن الضافة واللف واللم َ ،لزِمَ الفرا َد والتذكيرَ ،أي
ن عقيل " :ويلزمُ أفعل التفضيل المجرد الفرادَ مخالفة المبتدأ في العدد والجنس ،يقولُ اب ُ
ل ( :زي ٌد أفضلُ من عمروٍ ،والزيدان أفضلُ من عمروٍ والزيدون أفضلُ من والتذكيرَ " ، 2فنقو ُ
عمروٍ ،وهندٌ أفضلُ من زينب ،والهندان أفضلُ من زينب ،والهنداتُ أفضلُ من زينب ) ،
ل " :قد تقدم القولُ أن أفعل ويعللُ ابن يعيشٍ هذا الفرادَ والتذكير مع غير المفرد المذكر فيقو ُ
منك موضوعٌ للتفضيل ،وهو بمنزلة الفعل ،إذ كان عبارة عنه ،ودالً على المصدر والزيادة ،
كدللة الفعل على المصدر والزمان ،فمنع التعريف ،كما ل يكون الفعل معرفًا ،ومنع التثنية
والجمع ،كما ل يكون الفعل مثنىً ول مجموعًا ،وكذلك ل يجوز تأنيثه ،إنما تقولُ ( :هندٌ
ك ) من غير تأنيث ،وذلك لن التقدير ( هن ٌد يزيدُ فضلها على فضلك ) فكان أفعل ينتظمُ أفضلُ من َ
معنى الفعل والمصدر ،وكل واحد من الفعل والمصدر مذك ٌر ل طريقَ إلى تأنيثه ". 3
ح ُّ
ق َ وقد جاء من نحو هذا التركيب في القرآن الكريم ،قال تعالى [:لَ َ
هادَتُنَ ا أ َ ش َ
ف س ُ قالُوا لَيُو ُ ما (المائدة ، )107:وقال تعالى :إِذْ َ ه َهادَت ِ ِ ش َ ن َ م ْ ِ
َ َ خو َ َ
ول َ ْ
م منَّا (يوسف ، )8:وقال تعالى َ :أ َ ب إِلَى أبِينَا ِ ح ُّ هأ َ وأ ُ ُ َ
ن ّ َ َ ُ ض َ َ ْ
م ْ ن ِ ذي َ ة ال ِ قب َ ُ عا ِ ن َ ف كا َ فيَنْظُروا كي ْ َ في ا َلْر ِ سيُروا ِ يَ ِ
َ َ
وأثَاُروا اْلْر َ
ها أكْثََر مُرو َ َ عو ََ ضَ َ وةًق َّ م ُ ْ ه
من ْ ُدَ ِ ش ّم كَانُوا أ َ ه ْ قبْل ِ ِ َ
َّ
ه
ن الل ُ ما كَا َ ف َت َ م بِالْبَيِّنَا ِ ه ْ سل ُ ُ م ُر ُ ه ْ جاءَت ْ ُ و َ ها َ مُرو َ ع َ ما َ م َّ ِ
َ
ن (الروم ، )9:وقال جلّ مو َ م يَظْل ِ ُ ه ْ س ُ ف َ ن كَانُوا أن ْ ُ ولَك ِ ْ م َ ه ْ م ُ لِيَظْل ِ َ
تقيَا ُ والْبَا ِ دنْيَا َ ة ال ُّحيَا ِ ة ال ْ َ زين َ ُ ِ نوالْبَنُو َ ل َ ما ُ وعل :ال ْ َ
َ
ملً (الكهف ، )46:فنحنُ خيٌْر أ َ و َوابا ً َ ك ثَ َ عنْدَ َرب ِّ َ خيٌْر ِ ت َ حا ُ صال ِ َ ال َّ
1شرح ابن عقيل . 176 / 2 ،
إذا أُضيف أفعل التفضيل إلى معرفة ،جاز فيه المطابقة وعدمها ،جاء في شرح المفصل " :
( فأما إذا أُضيف ساغ المران ) الفراد في كلّ حالٍ ،تقولُ :زي ٌد أفضلكم ،والزيدان أفضلكم ،
والزيدون أفضلكم ،وتقول في المؤنث :هن ٌد أفضلكم ،والهندان أفضلكم ،والهنداتُ أفضلكم ،
ش هذا الجوازَ وعدمه بقوله " : ن يعي ٍ والتثنية والجمع إذا وقع على مثنىً او مجموع " ، 1ويعللُ اب ُ
ف واللمَ ،وتجري مجراها ،فكما وإنما جاز المران في ما أُضيف ؛ لنّ الضافة تعاقبُ الل َ
ل مع الضافة التي هي بمنزلة ما فيه اللف أ ّنكَ تؤنثُ وتثني وتجمع مع اللف واللم ،كذلك تفع ُ
ك إذا أضفته كان بعض ما تضيفه إليه ،تقولُ :حماركَ خيرُ واللم ،وأمّا علّة الفراد ،فل ّن َ
ك أفضلُ الناس ،ل ْم يجزْ ؛ لنّهُ ليس منهم ، ت :حمار َ الحمير ،لنّ الحمار بعض الحمير ،ولو قل َ
ن الغرض تفضيل الشيء على جنسه ،وإذا كان كذلك ،فهو مضارعٌ للبعض ،الذي يقعُ لّ
للمذكر والمؤنث والتثنية والجمع بلفظ واحد ،فل ْم يُثنّ ولمْ يُجم ْع ،ولمْ يُونثْ ،كما أنّ البعضَ
2
كذلك "
لقد استعمل النظمُ القرآني هذا التركيب مطابقًا وغير مطابقٍ ،فمثاله مطابقاً ،قوله تعالى :
د
ه ُش ِ دُنْيَا َ
وي ُ ْ ة ال ّ حيَا ِ في ال ْ َ ه ِ ول ُ ُق ْ ك َ جب ُ َ ع ِ
ن يُ ْ م ْ س َ
ِ ن النَّام َ و ِ
َ
َ َ
صام (البقرة ، )204:وقوله خ َ ِ د ال ْ ِ و أل َ ُّ ه َ و ُ ه َ قلْب ِ ِفي َ ما ِ علَى َ ه َ الل ّ َ
َ َ
ن (آل ري َ ماك ِ ِ خيُْر ال ْ َ ه َ والل ّ ُ ه َ مكََر الل ّ ُ مكَُروا َ
و َ و َ تعالى َ :
ل ائْتُونِي قا َ م َه ْ ز ِ
ِ ها ج َم بِ َ ه ْهَز ُ ج َّ ما َ ول َ ََّ عمران ، )54:وقوله تعالى :
خيُْر
وأنَا ََ في الْكَي ْ َ ُ َ بأ َخ لَك ُم من أَبيك ُ َ
ل َ ن أنِّي أو ِ و َ م أل تََر ْ ْ ْ ِ ْ ِ ِ ٍ
ن (يوسف ، )59:وغير ذلك ،وإنّ أغلب ما ورد من أفعل التفضيل الخبر
3
زلِي َمن ْ ِ ال ْ ُ
المضاف إلى معرفة ،هو خبرٌ عن مفر ٍد مذكرٍ.
ْ فروا من أ َ َ َ َ َّ
ب
ِ ا َ تِ ك ال ل
ِ ه
ْ ْ ِ ُ ك ن
َ ذي
ِ ن ال
وأمّا مثاله غير مطابق ،قوله تعالى :إ ِ ّ
ُ
شُّر م َ ه ْ ك ُ ها أولَئ ِ َ في َ ن ِ دي َ خال ِ ِ م َهن َّ َ
ج َ
ر َ
ِ في نَا ن ِركِي َ
ِ شم ْ وال ْ َُ
َ
ملُوا ع ِو َ منُوا َ نآ َ ذي َ ن ال ّ ِة (البينة ، )6:وقوله تعالى :إ ِ َّ الْب َ ِ
ري َّ ِ
1شرح المفصل ، 96 / 6 ،وينظر :اليضاح في شرح المفصل ، 656 / 1 ،وشرح ابن عقيل . 181 / 2 ،
2المصدر نفسه ، 96 / 6 ،وينظر :اليضاح في شرح المفصل ، 657 – 656 / 1 ،وشرح ابن عقيل 181 / 2 ،
3ينظر ( ، :النعام ( ، ) 62 /العراف ( ، ) 151 /يوسف . ) 64 /
فإذا أضيف أفعل التفضيل إلى نكرة ،وجب عدم المطابقة ،يقول ابنُ هشام " :الثاني :ما
ل وهو نوعان :أحدهما المجرد من ب فيه أن ل يُطابق ،بل يكون مفرداً مذكراً على كلّ حا ٍ
يج ُ
أل والضافة ، 000 ،والثاني المضاف إلى نكرة ،تقولُ زي ٌد أفضلُ رجلٍ ،والزيدان أفضلُ
رجلين ، 2" 000وقد ورد مثلُ هذا التركيب في القرآن الكريم ،قال تعالى :انْظُْر
خر ُ َ ف َّ
ت ة أكْبَُر دََر َ
جا ٍ ولَْل ِ َض َ ع ٍ علَى ب َ ْ
م َ
ه ْ
ض ُ ضلْنَا ب َ ْ
ع َ ف َكَي ْ َ
ضيلً (السراء ، )21:ول تعنينا هذه الحالة ،لنها ل تدخل ضمن ف ِ وأَكْبَُر ت َ ْ
َ
مظهر المطابقة .
فإذا جاء أفعــل التفضيــل محلى باللف واللم ،وجــب فيــه مطابقتــه لمــا قبله فــي العدد وفــي
الجنـس ،جاء فـي شرح المفصـل ( " :فأمـا إذا دخلت اللف واللم ) نحـو :زي ٌد الفضلُ ،خرج
عن أن يكون بمعنى الفعل ،وصار بمعنى الفاعل ( واستغنى عن من والضافة ) وعلم أنّهُ قد بان
بالفضــل فحينئ ٍذ يؤنــث إذا أريــد بــه المؤنــث ،ويثنــى ويُجمــع ،فتقول :زيدٌ الفضلُ ،والزيدان
الفضلن ،والزيدون الفضلون والفاضـــــل ،وهنـــــد الفضلى ،والهندان الفضليان ،والهندات
عرّفَ باللفِ واللم ،أُنثَ وثُني وجُمع ؛ الفضلياتُ والفُضلُ " ، 3جاء في كتاب اليضاح " :فإذا ُ
لنّ تعريفـه باللم أخرجـه عـن شبـه الفعليـة ،فجرى على طبـق مـا هـو له مـن التأنيـث والتثنيـة
والجمع ". 4
علَى ت اْل َ ْ ف إن َِِّ َ َ قلْن َِِا ل ت َ َ فمثاله مفرداً مذكرًا قوله تعالى ُ :
ك أ ن ِِْ َ خ ِِْ ِ
(طِه ، )68:ولم يأ تِ في القرآن الكريم أفعل التفضيل الخبر مفرداً مؤنثاً ،أو مثنىً مذكراً أو
حَزنُوا ول ت َ ْ هنُوا َ ول ت َ ِ َ مثنىً مؤنثاً ،وأمّــا مثاله جمعًا مذكراً ،فنحـــو قوله تعالى :
م اْل َ ْ َ
ن (آل عمران ، )139:وقوله منِي َِ ؤ ِم ْ
م ُ ن كُنْت ُِ ْن إ ِِ ْ عل َ ْ
و َِ وأنْت ُِ َُ
ن (هود، )22: َ
م اْل ْ في اْل ِ َ َ
سُرو َ خ َ ه ُة ُ خَر ِ م ِ ه ْ م أن ّ ُ جَر َ تعالى :ل َ
5
ولم يرد في القرآن الكريم أفعل التفضيل الخبر جمعًا مؤنثاً .
1ينظر :دراسات لُسلوب القرآن الكريم . 219– 212 / 4 ،
2شرح شذور الذهب ، 417– 416 ،وينظر :شرح قطر الندى ، 281 ،وشرح ابن عقيل . 178 / 2 ،
3شرح المفصل . 96 / 6 ،
4اليضاح في شرح المفصل ، 656 / 1 ،وينظر :شرح قطر الندى ، 281 ،وشرح ابن عقيل ، 181– 178 / 2 ،وحاشية
الخضري . 111 / 2 ،
5ينظر :دراسات لُسلوب القرآن الكريم . 144 / 4 ،
ن الفاعلَ في عرف
ل مسندٌ إليه ،جاء في شرح المفصل " :واعلم أ ّ
الفعلُ مسندٌ والفاع ُ
1
ل اسم ذكرتَه بعد فعلٍ ،وأسندتَ ونسبتَ ذلك الفعلَ إلى ذلك السمِ " .
النحويين ،ك ّ
ويعرفُهُ ابنُ الحاجب بقوله " :هو ما أسند إليه الفعلُ ،أو شبهه ،وقُدم عليه ،على جهة
2
قيامه به مثل ( :قامَ زيدٌ) و (زيدٌ قا َم أبوهُ) … " .
الول :المطابقة بين الفعل والفاعل في الجنس ،أي التذكير والتأنيث .
الثاني :المطابقة بين الفعل والفاعل في العدد ،أي الفراد والتثنية والجمع .
1شرح المفصل . 1/74 ،
2شرح الرضي على الكافية ، 1/185 ،وينظر :شرح ابن عقيل ، 464-1/426 ،وشرح الشموني ، 43-2/42 ،وحاشية الخضري
. 1/358 ،
فإذا جاء الفاعلُ مذكراً ُ ،ذ ّكرَ الفعلُ لجله ،وإذا جاء الفاعل مؤنثاً ،ألحقتْ علمة التأنيث
بالفعل ، ،هذا هو الصلُ .
إنّ الحديثَ حول المطابقة بين الفعل وفاعله المذكر ل إشكالَ فيه ،فل يُؤنثُ فعلٌ وفاعلُهُ
مذكرٌ مفردٌ أو مثنىً أو جمعٌ سالمٌ ،وما جاء في القرآن الكريم يؤيدُ هذا .
قل ُ
ُ عل َ َّ
م ه ْ
ِ ِ وب ى َ ه
ُ م اللخت َ ََ فمثال (الفاعل المفرد المذكر) ،قوله تعالى :
غُروراً ن إَِّل ُشيْطَا ُ هم ال َّ
عدُ ُ ُ
ما ي َ ِ
و َ
َ (البقرة ، )7:وقوله تعالى :
1
ومثال (الفاعل المثنى المذكر (النساء )120:وغير ذلك ،كثيرٌ جدًا في القرآن الكريم .
(آل عمران ، )155:وقوله عان م َ
ج ْقى ال ْ َ م الْت َ َ
و َ
) ،قوله تعالى :ي َ ْ
َ َ َ
علَيه َ
ما م الل ّ ُ
ه َ ع َ
ن أن ْ َ خا ُ
فو َ ن يَ َذي َن ال ّ ِ
م َ ن ِ جل ِ ل َر ُ َ
قا َ تعالى :
(المائدة ، )23:وغير ذلك .
2
َ
ن م ال ّل ِ
عنُو َ ه ُ
عن ُ ُويَل ْ َ
َ وأما مثال (الفاعل الجمع المذكر السالم) ،قوله تعالى :
ن (المائدة)44: ها النَّبِيُّو َم بِ َحك ُ ُ(البقرة ، )159:وقوله تعالى :ي َ ْ
1
ن (النفال ، )8:وغير ذلك . مو َ ر ُج ِ رهَ ال ْ ُ
م ْ ول َ ْ
و كَ ِ َ ،وقوله تعالى :
إذن ،التصال بين الفعل والفاعل ،المتمثل في احتياج الفعل لفاعله ،ولكون الخير جزءاً
من أجزاء الول ،هو سببُ إلحاق علمة التأنيث بالفعل إذا كان فاعله مؤنثاً .
ق واجبٌ ،وآخرُ جائ ٌز ،فالواجبُ فيإل أنّ هذا اللحاقَ ليس على إطلقه ،فهناك إلحا ٌ
موطنين :
أولهما :
أن يكون الفاعلُ ضميراً مؤنثاً متصلً بعامله ،سواءٌ أكان ذلك المؤنث حقيقي التأنيث ،أم
1
س طلعتْ) .
،وذلك نحو قولنا ( :هندٌ قَامتْ) و (الشم ُ مجازي التأنيث
ثانيهما :
أن يكون الفاعلُ اسمًا ظاهراً حقيقيّ التأنيث غيرَ مفصول عن عامله ،وذلك نحو قولنا :
ت زينبُ) .(قَامتْ هندٌ) و (جاء ْ
ضرَبَ جاري ُتكَ زيداً) و (جاءَ أ َم ُتكَ) و( قامَ هندٌ) ،فغيرُ جائزٍ ؛ لن
يقول المبردُ " :فأما ( َ
2
ث ،نحو ( الدارُ ت إلى مضمرٍ مؤن ٍ ن يعيش " :فإن أسند َ تأنيثَ هذا تأنيثٌ حقيقيّ " ،ويقول اب ُ
انهدمتْ) و (موعظةٌ جاءتْ) ،لم يكن بدّ من إلحاق التاء ؛ وذلك لن الراج َع ينبغي أن يكون على
ل ،فلذلكظرُ ذلك الفاع ُ
حسب ما يرجع إليه ؛ لئل يُتوهم أن الفعلَ مسن ٌد إلى شئٍ من سببه َ ،فيُنتَ َ
3
ق العلم ِة لقطع هذا التوهم … وسواءٌ ذلك في الحقيقيّ وغيرِ الحقيقيّ " .
لزم إلحا ُ
1يقول ابن يعيش في المؤنث الحقيقي " :ما كان بإزائه ذكرٌ من الحيوان " أما المجازي ،فهو " أمرٌ راج ٌع إلى اللفظ ،بأن تقرن
ى ،نحو :البشرى والذكرى … وذلك يكون بالصطلح ووضع الواضع " شرح به علمة التأنيث من غير أن يكون تحته معن ً
المفصل . 92-5/91
2المقتضب . 2/146 ،
3شرح المفصل ، 95-5/94 ،وينظر :شرح شذور الذهب ، 171-169 ،وشرح ابن عقيل ، 1/476 ،وشرح الشموني ،
، 2/51والفرائد الجديدة . 2/811 ،
4
عَلـ ـى بَابِ اُستِهَ ا صُلُبٌ وشَـامُ ، لَقَـ د وَلـ دَ الُخَ يطِلَ أُمّ سـ وْءٍ
أما ( الفاعل الظاهر المجازي التأنيث المفصول عن فعله ) فقد ورد في القرآن الكريم وعامله
مجردٌ من علمة التأنيث في مواطن ،وفي غيرها ألحقت به العلمة ،يقول سيبويه " :ومما جاء
ن
م ْة ِعظَ ٌ و ِ
م ْجاءَهُ َن َ
م ْف ََ من الموات قد حُذفت في ِه التاءُ ،قولُه ع ّز وجلّ :
، تم الْبَيِّنَا ُه ُجاءَ ُ
ما َد َع ِ ن بَ ْ
م ْ ِ ،وقوله تعالى : هى ه َ
فانْت َ َ َرب ِّ ِ
3
وهذا النحو كثيرٌ في القرآن " .
4
وقد قيل إنّ الجودَ حذفُ العلمةِ " إظهاراً لفضل الحقيقي على غيره " ،وليس بسديد ؛ لنّ
الستعمالَ يشه ُد بخلف ذلك ،فمواطن تأنيث الفعل مع الفاعل المجازي التأنيث المفصول عن
5
عامله ،أكثرُ بكثير من تذكير الفعل مع هذا النوع من الفاعل .
ل مؤنثاً مجازياً ،جاز تركُ علمةِ التأنيث مع فعله ،يقول المبردُ " :فأما إذا كان الفاع ُ
ي ،ولو(ضُ ِربَ جار َي ُتكَ) و (جا َء أ َم ُتكَ) و (قا َم هندٌ) ،فغيرُ جائزٍ ؛ لن تأنيثَ هذا تأنيثٌ حقيق ّ
ع ُمرَ بلد ُتكَ) ؛ لنه تأنيثُ لفظٍ
كان من غير الحيوان لصلح ،وكان جيداً ،نحو ( :هُدِ َم دا ُركَ) و ( َ
َ
، ة
ح ُ موا ال َّ
صي ْ َ ن ظَل َ ُذي َ خذَ ال ّ ِوأ َ َ
َ ل:ل حقيقية تحته ،كما قال عزّ وج ّ
4
" . ه
ن َرب ِّ ِ
م ْ عظَ ٌ
ة ِ و ِ
م ْ
جاءَهُ َ
ن َ
م ْ َ
ف َ وقال أيضًا :
2ينظر ( :آل عمران ( ، )24 /النعام ( ، )70 /العراف 78 /و ( ، )91التوبة ( ، )25 /يونس . )22 /
3ينظر ( :النعام ( ، )157 /العراف ( ، )95 /هود ( ، )67 /الروم . )57 /
4المقتضب ، 2/146 ،وينظر :المصدر نفسه ، 4/59 ،و ملك التأويل ، 661-660 / 2،واليتان من ( :هود ( ، )67 /البقرة /
. )275
الصفحة 44من 142
ويقول ابن يعيش " :فإن كان المؤنثُ غيرَ حقيقي ،بأن يكون من غير الحيوان ،نحو :النعل
ت الفعلَ إلى شيءٍ من ذلك ،كنتَ مخيراً في إلحاقِوالقدر والسوق ،ونحو ذلك ،فإنكَ إذا أسند َ
العلمةِ وتركها ،وإن لصقَ ،نحو ( :انقطعَ النعلُ) و (انقطعتِ النعلُ) … لن التأنيثَ لما لم
2 1
يكنْ حقيقيًا ضعفَ ،ولم يعين بالدللة عليه ،مع أن المذكر هو الصلُ ،فجاز الرجوعُ إليه " .
العلمة .
1فالتأنيثُ الحقيقي يكتسب تأنيثه من اللفظ والمعنى ،أما غير الحقيقي ،فيكتسب التأنيث من جهة اللفظ دون لمعنى ،ينظر :شرح
المفصل . 5/92 ،
2المصدر نفسه ، 5/93 ،وينظر :مشكل إعراب الشعار الستة الجاهلية ،القسم الخامس ،ديوان طرفة . 34 ،
لقد ج ّوزَ النحاةُ تذكير الفعل وتأنيثه عند إسناده إلى الجموع -عدا جمع المذكر السالم ،5-
فالتذكير على التأويل بالجمع ،والتأنيث على التأويل بالجماعة ، 6ويرى سيبويه أنّ حذف العلمة
7
في الجمع مع الموات أكثر منه مما لو كان في الحيوان .
وهذا الجمع يشمل :جمع المؤنث السالم ،وجمع التكسير ،واسم الجمع ،يقول المبردُ " :أل
؛ لن ح
م نُو ٍو ُ م َ
ق ْ قبْل َ ُ
ه ْ ترى أن القومَ اس ٌم مذكرٌ ،وقال ع ّز وجلّ :كَذَّب َ ْ
ت َ
1
التقدير وال أعلم ،إنما هو جماعة قوم نوح " .
ن يعيش " :قد تقدم القولُ أنّ الجمعَ يكسب السم تأنيثًا ؛ لنه يصير في معنى ويقول اب ُ
الجماعة ،وذلك التأنيثُ ليس بحقيقي ؛ لنه تأنيثُ السم ل تأنيث المعنى ،فهو بمنزلة (الدار)
ث لما
ث ) فالتأني ُ
و(النعل) ونحوهما ،فلذلك ( إذا أسن َد إليه فعلٌ ،جاز في فعله التذكيرُ والـتأني ُ
2
ذكرناه ،والتذكيرُ على إرادة الجمع " .
إن النظم القرآني قد حافظ على المطابقة بين الفعل وفاعله المجموع جم َع مؤنثٍ سالمٍ ،في
مواطنَ تزيد كثيراً على مواطن ترك العلمة ،وكان في أغلب هذه المواطن مجازيّ التأنيث ،
م الْبَي ِّنَا ُ
ت جاءَتْك ُ ُ
ما َ د َ ع ِن بَ ْ
م ْ
ِ فمثالُ إلحاق العلمة قوله تعالى :
ما (العراف: ه َوآت ُ ُ س ْما َ ت لَ ُ
ه َ (البقرة ، )209:وقوله تعالى :بَدَ ْ
5
، )22وغير ذلك .
وإننا لو تتبعنا هذه المواطن (مواطن التذكير) ،لوجدناها كلّها قد فُصل فيها الفاعلُ عن فعله
عنِّيت َ ب ال َّ
سيِّئَا ُ ه َ ذَ َ بفاصل ،إل في موطنٍ واحدٍ ،وهو قولُه تعالى :
(هود ، )10:وأما جمع المؤنث السالم الحقيقي التأنيث ،فقد ُذكّر فعله في موطنين ،هما قوله
1شرح المفصل ، 5/103 ،والهاء في (منه) يُراد بها الجمع السالم .
2ينظر :حاشية الخضري ، 1/371 ،وأما مذهب الكوفيين ،فيرى تجويز المرين في كل الجموع ،حتى المذكر السالم منه ،
ووافقهم أبو عليّ الفارسي إل على جمع المذكر السالم ،ينظر :المصدر السابق ، 1/371 ،وشرح شذور الذهب ، 171 ،هـ 3
3ينظر :شرح المفصل . 103 /5 ،
إنّ النظم القرآني قد أتى بعلمة التأنيث في مواطنَ كثيرةٍ جداً بالنسبة إلى مواطنِ تركها ،
ل متصلً بفعله أم منفصلً عنه .
سواءٌ أكان الفاع ُ
م (البقرة: قلُوب ُ ُ
ه ْ ت ُ ه ْشاب َ َفمثاله في حالة التصال ،قوله تعالى :ت َ َ
م (آل عمران: مْري َ ُة يَا َملئِك َ ُ ت ال ْ َ
قال َ ِ
وإِذْ َ
، )118وقوله تعالى َ :
4
42و ، )45وغير ذلك .
َ
ها اْلن ْ َ
هاُر حت ِ َن تَ ْ م ْري ِ ج ِ
أما مثاله في حالة النفصال ،فنحو قوله تعالى :ت َ ْ
ن
سن َ ٌ
م ُ قبْلِك ُ ْن َم ْ
ت ِ خل َ ْ َ
قدْ َ (البقرة ، )266:وقوله تعالى :
2شرح المفصل ، 5/103 ،وينظر شرح الرضي على الكافية ، 3/342 ،والفرائد الجديدة . 2/811 ،
3ينظر :المقرب . 332 ،
4ينظر ( :النساء ( ، )36 /العراف ( ، )53 /التوبة ( ، )85 /الكهف ( ، )105 /الحج . )46 /
الصفحة 48من 142
1
(آل عمران)13:وغير ذلك ،وهذان الموطنان متساويان تقريبًا في عدد ورودهما في
2
القرآن الكريم .
ل من سابقه ،وقد أتى بصورتين أيضًا ،فمثاله في التصال قوله تعالى :
أما التذكير ،فهو أق ّ
ن النَِّاس (البقرة ، )142:وقوله تعالى : م َهاءُ ِ س َ
ف َ ل ال ُّقو ُ سي َ ُ
َ
3
(العراف ، )113:وغير ذلك . ون
ع ْ
فْر َ
حَرةُ ِ جاءَ ال َّ
س َ و َ
َ
ماة لَ َ
جاَر ِ
ح َن ال ْ ِ
م َن ِوإ ِ َّ
َ أما مثاله في حالة النفصال ،فنحو قوله تعالى :
َ
جاءَك ُ ْ
م قدْ َ ل َق ْ ُ هاُر (البقرة )74:وقوله تعالى : ه اْلن ْ َمن ْ ُجُر ِف َّيَت َ َ
4
(آل عمران ، )183:وغير ذلك ،وحالة قبْلِي بِالْبَي ِّنَات ن َ م ْل ِس ٌ ُر ُ
النفصال هذه ،أقلّ من سابقتها في القرآن الكريم .
– (ا سم ال جم ع ) 3
وهو الذي ليس له واحدٌ من لفظه ،نحو :نساء وقوم ،وقد عبر عنه سيبويه عند حديثه عن
تحقير اسم الجمع بقوله " :هذا بابُ تحقير " :هذا بابُ تحقير ما لم يُكسر عليه واحد الجمع ،
5
ولكنه واحدٌ يق ُع على الجميع… " .
مَعَ الصُبحِ رَكب ٌ من أُحَاظَةَ مُ جفِلُ فَعَ بّتْ غِش َاشـا ثُمّ مـرّتْ كأنهَا
فهو كاسم الجنس ،نحو (مضى الركبُ) و(مضتِ الركبُ) ،و(الركبُ مضى ومضتْ ومضوا) ".1
وورد هذا الفاعلُ في القرآن الكريم مرةً بتذكير فعله ،وأخرى بتأنيثه ،ومواطنهما متقاربة
ولهودُ َ ك الْي َ ُ
عن ْ َضى َ
ن تَْر َ ول َ ْ
َ العدد ،فمثالُ تأنيث الفعل قوله تعالى :
ل
ه ِن أَ ْ
م ْة ِ ت طَائ ِ َ
ف ٌ ودَّ ْ
َ صاَرى (البقرة ، )120:وقوله تعالى : الن َّ َ
2
(آل عمران ، )69:وغير ذلك. الْكِتَا ِ
ب
م (البقرة: ه ْ
من ْ ُ
ق ِ
ري ٌف ِأما مواطنُ التذكير ،فنحو قوله تعالى :نَبَذَهُ َ
(البقرة، )109: ل الْكِتَاب
ه ِن أَ ْ ودَّ كَثِيٌر ِ
م ْ ، )100وقوله تعالى َ :
3
وغير ذلك .
إنّ أقوالَ النحاة حول إلحاق علمة التأنيث بالفعل مع الجموع ،تتوافق في جموع محددة ،
وتختلف في جموع أخرى ،فكما مرّ بنا ،نجد الكوفيين يُجيزون إلحاق العلمة وتركها مطلقاً
ي الفارسيّ ،إل على جم ِع المذكرِ
ل الجموع ،حتى المذكر السالم منها ،وقد وافقهم أبو عل ّ
بفعل ك ّ
السالمِ ،فإنّ ُه أوجب فيه التذكيرَ ،وأما البصريون ،فيُجيزون الوجهين في جمع التكسير واسم
4
الجمع ،ويُوجبون التذكي َر في جمع المذكر السالم ،والتأنيثَ في جمع المؤنث السالم .
ل مؤنثاً سواءٌ أكان حقيقيًا أم مجازياً ،وسواءٌ أكان ظاهرًا أم
إنّ الياتِ التي ورد فيها الفاع ُ
ن فعلهمضمراً ،وسواءٌ أكان مفرداً أم مثنىً أم جمعاً ،في حالة اتصاله بفعله أو انفصاله ،نجدُ أ ّ
قد ألحقت به علم ُة التأنيث في أغلب المواطن ،والتي تصلُ إلى ضعفي مواطن ترك العلمة ،
بعبارةٍ اُخرى ،إنّ القرآن الكريم حافظ على المطابقة بين الفعل وفاعله المؤنث ،بإلحاق علمة
التأنيث بالفعل بنسبة أكبر من ترك هذه المطابقة .
1شرح الرضي على الكافية ، 3/345 ،وينظر :الفرائد الجديدة ، 2/811 ،والبيت للشنفرى الزدي من قصيدته المسماة بلمية
ل ،وأُحاظة :
ب ،والعب :الجرع ،وغشاشاً :أي على عجل ،أو شربت قلي ًالعرب ،في وصف سرب من القطا بعد أن شَرِ َ
موضع ،أو اسم قبيلة من اليمن أو الزد ،ومجفل :مسرع ،ينظر ،ديوانه ،65 ،وشرح الرضي على الكافية ،3/345 ،هـ .1
وفي مواطنَ أخرى نج ُد أنّ الفعلَ والفاعل والفاصلَ واح ٌد َ ،فيُذكّرهُ في موطن ،ويؤنثهُ في
م (النعام، )157: ن َربِّك ُ ْم ْ ة ِ م بَيِّن َ ٌجاءَك ُ ْ د َ ق ْف َ
َ آخر ،يقول تعالى :
م (العراف73:و ، ) 85 ن َرب ِّك ُ ْ م ْ ة ِ جاءَتْك ُ ْ
م بَي ِّن َ ٌ َ
قدْ َ ويقول تعالى :
ث.فالفعلُ واحدٌ (جاءَ) ،والفاعلُ واح ٌد (بينة) ،والفاصلُ واح ٌد (كم) ،فمرةً ذكّر ،ومرةً أن َ
َ
(هود )67:وقال ة
ح ُصي ْ َموا ال َّ ن ظَل َ ُ خذَ ال ّ ِ
ذي َ وأ َ َ
َ وقال تعالى :
َ
ة (هود ، )94:فالفعلُ واحدٌ ح ُ موا ال َّ
صي ْ َ ن ظَل َ ُ ذي َ ت ال ّ ِ وأ َ َ
خذَ ِ َ تعالى :
ل واحدٌ (الصيحة) ،والفاصلُ واح ٌد (الذين ظلموا) ،فمرةً ذكّر ،ومرةً أ ّنثَ ،ولو (أخذَ) ،والفاع ُ
ل هذه المواطنِ لطال المقامُ بنا ،إل أننا نقول :إنّ إلحاق علمة التأنيث بفعل الفاعل تتبعنا مث َ
3
المؤنث ،أم ٌر يحكمه المعنى والسياقُ والمقامُ .
1الكتاب ، 2/38 ،وينظر :المقتضب 2/148 ،و ، 2/338والتكملة ، 294 ،وشرح المفصل . 2/92 ،
ه
ن َرب ِّ ِ م ْ ة ِعظَ ٌو ِم ْ
جاءَهُ َن َم ْ ف ََ ولنأخذ على سبيل المثال قولَه تعالى :
َ
مجاءَتْك ُ ْقدْ َس َ ها النَّا ُيَا أي ُّ َ (البقرة ،)275:وقولَه سبحانه :
م (يونس.)57: ن َربِّك ُ ْ
م ْ عظَ ٌ
ة ِ و ِم ْ
َ
فـ (الموعظة) في الية الُولى بمعنى (القرآن) ،يقول أبو جعفر النحاس " :ثم قال تعالى :
2
هى
،قال سفيان :يعني القرآن " .ه فانت َ َن َرب ِّ ِ
م ْ
ة ِعظَ ٌ
و ِم ْ
جاءَهُ َن َم ْ ف َ َ
ن
م ْ عظَ ٌ
ة ِ و ِ
م ْ
جاءَهُ َ
ن َ
م ْ َ
ف َ أو إن (الموعظة) بمعنى (الوعظ) ،يقول الواحدي " :
3
ه أي :وعظٌ " . َرب ِّ ِ
ن
م ْة ِعظَ ٌ و ِ
م ْ
جاءَهُ َ
ن َ َ
فم ْ أو إن (الموعظة) بمعنى (النهي) ،يقول ابنُ كثير " :
َ َ َّ ف َ
،أي :من بلغه نهيّ ه
مُرهُ إِلى الل ِ
وأ ْ سل َ َ َ ما َ ه َ فل َ ُ
هى َ ه َ
فانْت َ َ َرب ِّ ِ
4
عن الربا ،فانتهى حالَ وصولِ الشرعِ إليه ،فله ما سلفَ من المعاملةِ " .
ن
م ْ عظَ ٌ
ة ِ و ِ
م ْ
جاءَهُ َ
ن َ
م ْ َ
ف َ أو إنّ (الموعظة) بمعنى (البيان) ،يقول السيوطي " :
يعني البيان ه
َرب ِّ ِ
5
الذي في القرآن في تحريم الربا " .
1معاني النحو . 2/483 ،
َ
جاءَتْك ُ ْ
م ها النَّا ُ
س َ
قدْ َ يَا أي ُّ َ أو بمعنى (التزكية) ،يقول اللوسي " :
م أي :تزكيةٌ لنفوسكم بالوعد والوعيد ،والزجر عن الذنوب ن َربِّك ُ ْ
م ْ عظَ ٌ
ة ِ و ِم ْ
َ
2
المتسببة للعقاب ،والتحريض على الطاعة الموجبة بفضل ال تعالى للثواب " .
ب ليةِ سورةِ
ب ليةِ سورةِ البقرةِ ،وأما التأنيثُ ،فهو مناس ٌ ظ أنّ التذكيرَ مناس ٌ
فنحنُ نلح ُ
س.
يون َ
م (النعام، )157: ن َربِّك ُ ْ م ْ ة ِم بَيِّن َ ٌ جاءَك ُ ْ قدْ َ ف ََ وقولَه تعالى :
م (العراف73:و ) 85 ن َربِّك ُ ْم ْة ِ م بَيِّن َ ٌجاءَتْك ُ ْد َ َ
ق ْ وقولَه تعالى :
ت.
ق هذه اليا ِ ب الختلفِ ،ل بد لنا من الرجوع إلى سيا ِ ،ولمعرفةِ سب ِ
علَىماما ً َ َ ب تَسى الْكِتَا َ مو َ ُ م آتَيْنَا يقول تعالى قبل آية النعام :ث ُ َّ
َ َ َ َ
م
ه ْ عل ّ ُةل َ م ًح َوَر ْ
ى َهد ً و ُ ء َي ٍ ْ شل َ صيل ً لِك ُ ِّف ِوت َ ْ
ن َ س َ ح َ ذي أ ْ ال ّ ِ
َ
ه فاتَّب ِ ُ
عو ُ ك َمبَاَر ٌ ب أنَْزلْنَاهُ ُ هذَا كِتَا ٌ و َ ن َ منُو َ ؤ ِ م يُ ْه ْء َرب ِّ ِ بِل ِ َ
قا ِ
1الجامع لحكام القرآن . 11/124 ،
2روح المعاني . 11/176 /
فنحنُ نجدُ أنّ مدا َر الحديث حول الكتب السماوية ( :ثم أتينا موسى الكتاب) (،وهذا كتابُ
أنزلناه) ( ،إنما أُنزل الكتابُ) ( ،لو أنا أُنزل علينا الكتابُ) ،ثم يقول تعالى ( :فقد جاءكم بينةٌ) ،
ث عن الكتب السماوية ،يقول والمقصود بـ (البينة) هنا (القرآن) ،مناسبة للسياق العام الذي يتحد ُ
أبو حيان " :والظاهر أنّ (البينة) هي (القرآن) ،وهو الحج ُة الواضحةُ الدالةُ النيرةُ ،حيثُ َنزَلَ
1
عليهم بلسانهم ،وألزم العالمَ أحكامَهُ وشري َعتَهُ " .
ب أنزله الُ
أي :كتا ٌ ن َربِّك ُ ْ
م م ْ
ة ِ جاءَك ُ ْ
م بَي ِّن َ ٌ ف َ
قدْ َ َ ويقول الشوكاني " :
2
على نبيكم ،وهو منكم يا معشرَ العربِ " ،ولذلك ل يُناسبُ هنا إل التذكير .
فالمقا ُم يتطلب التأنيثَ ؛ كون (البينة) ،ناقةَ صالح ،وهي حجته على قومه بصحة نبوته .
نمدْي َ َ وإِلَى َ َ وأما الية الثانية ،ففي قصة نبي ال شعيب ،يقول تعالى :
َ
ه َ
غيُْرهُ ن إِل َ ٍ م ْم ِ ما لَك ُ ْ ه َ عبُدُوا الل ّ َ وم ِ ا ْ ق ْ ل يَا َ عيْبا ً َ
قا َ ش َ م ُ ه ْ خا ُ أَ َ
ة من ربك ُم َ َ
ول ن َ ميَزا َ وال ْ ِ ل َ فوا الْكَي ْ َ و ُفأ ْ م بَيِّن َ ٌ ِ ْ َ ِّ ْ جاءَتْك ُ ْ قدْ َ َ
عدَ ض بَ ْ ْ َ
في الْر ِ سدُوا ِ ف ِ ول ت ُ ْ م َ ه ْ شيَاءَ ُ س أَ ْ
سوا النَّا َ خ ُ تَب ْ َ
ن (العراف، )85: منِي َ ؤ ِ م ْ
م ُ ن كُنْت ُ ْ م إِ ْ خيٌْر لَك ُ ْم َها ذَلِك ُ ْ ح َ صل ِ إِ ْ
ة
م بَي ِّن َ ٌ جاءَتْك ُ ْ قدْ َ و (البينة) هنا (المعجزة) أو (الموعظة) ،يقولُ الزمخشري َ " :
ت عليكم اليمانَ بي ،والخذَ بما آمركم به م ،معجزةٌ شاهدةٌ بصحة نبوتي أوجب ْ ن َربِّك ُ ْ م ْ ِ
2
والنتهاءَ عمّا أنهاكم عنه ،فآمنوا ول تبخسوا " .
3
ل إل التأنيثَ .
ويقولُ أبو حيان " :و (البينة) هنا الموعظة " ،وواضحٌ أنّ المقامَ ل يحتم ُ
َ
(هود: ة
ح ُ صي ْ َ موا ال َّ ن ظَل َ ُ ذي َ خذَ ال ّ ِ وأ َ َ
َ وننتقل إلى قوله تعالى :
َ
(هود، )94: ة
ح ُ صي ْ َ موا ال َّ ن ظَل َ ُ ذي َ ت ال ّ ِ خذَ ِ وأ َ ََ )67وقوله تعالى :
جيْنَا مُرنَا ن َ َّ َ فل َ ََّ
جاءَ أ ْ ما َ فالي ُة الولى في قصة نبي ال صالح ،يقول تعالى :
َ
نذ إ ِ َّمئ ِ ٍ
و ِي يَ ْ خْز ِ ن ِ م ْ و ِ منَّا َ ة ِ م ٍح ََه بَِر ْ ع ُ م َمنُوا َ نآ َ ذي َ وال ّ ِ
صالِحا ً َ َ
َ
ة
ح ُصي ْ َ موا ال َّ ن ظَل َ ُ ذي َ خذَ ال ّ ِ وأ َ زيُز َ ع ِي ال ْ َ و ُّق ِو ال ْ َه َك ُ َرب َّ َ
ن (هود66:و . )67 َ َ
مي َ جاث ِ ِ م َ ه ْر ِفي ِديَا ِ حوا ِ صب َ ُ
فأ ْ
1الكشاف ، 1/55 ،وينظر :تفسير النسفي ، 2/61 ،والبحر المحيط . 92-5/91 ،
2الكشاف ، 1/559 ،وينظر :تفسير النسفي . 2/63 ،
3البحر المحيط . 5/104 ،
1مشكل إعراب القرآن ، 1/368 ،وينظر :زاد السير ، 5/147 ،وحجة القراءات ، 1/373 ،والجامع لحكام القرآن 9/92 ،و
. 17/57
2ينظر :نتائج الفكر . 170 ،
ثاني ًا :
نها أَل إ ِ َّ
في َ
وا ِ غن َ ْ ن لَ ْ
م يَ ْ َ
هي :كَأ ْ إنّ الي َة التي بعد آية قصة صالح
َ
د (هود ، )68:أما الية التي بعد آية عدا ً لِث َ ُ
مو َ م أل ب ُ ْ فُروا َرب َّ ُ
ه ْ مودَ ك َ َ
ثَ ُ
َ َ
ت ن كَ َ
ما ب َ ِ
عدَ ْ عدا ً ل ِ َ
مدْي َ َ ها أل ب ُ ْ
في َ
وا ِ
غن َ ْ ن لَ ْ
م يَ ْ كَأ ْ ،فهي : قصة شعيب
َ
د ،تناسبًا مع التذكيرِ في آيةِ مو َ عدا ً لِث َ ُفنحنُ نجدُ في خاتم ِة اليةِ الُولى :أل ب ُ ْ
مودُ ،تناسباً مع ت ثَ ُعدَ ْما ب َ ِقصةِ صالح ،ونج ُد أيضاً في خاتم ِة اليةِ الثانيةِ :ك َ َ
التأنيثِ في آي ِة قصةِ شعيبٍ ،وهذا تناسبٌ واضحٌ جداً .
إنّ السياقَ القرآني ل يتحددُ في آياتٍ متقارب ٍة في سور ٍة معينةٍ ،بل يمتدُ فضا ُؤهُ على امتدادِ
القرآنِ الكريمِ في سورهِ كلّها ،كما رأينا في النقطةِ الُولى .
ح لنا تما َم التضاحِ أنّ تذكيرَ الفعلِ مع الفاعلِ المؤنثِ في بعضِ مواضع القرآن مما تقد َم يتض ُ
ل مع الفاعلِ
ن مواطنَ إلحاقِ العلمةِ بالفع ِ الكريم ،أمرٌ راج ٌع إلى المعنى والسياق ،ول ننسى أ ّ
3
ي مواطنِ تركها .
ل إلى ضعف ّ
المؤنثِ تص ُ
فنقول ( :قا َم زيدٌ) و (قامَ الزيدان أو الهندان) و (قا َم الزيدون) و (قامَ الهنداتُ) ،ول نقول :
ن الهنداتُ) ،إل على هذه اللغة ،وقد
(قاما الزيدان) و (قامتا الهندان) و (قاموا الزيدون) و ( ُقمْ َ
2
سمّاها النحاةُ ( :لغة أكلوني البراغيثُ) ،وقد سمّاها ابنُ مالك ( :لغة يتعاقبون فيكم ملئكةٌ) .
جا َء في الكتاب " :واعلمْ أنّ من العرب من يقول ( :ضربوني قو ُمكَ) و (ضرباني أخواكَ) ،
فشبهوا هذا بالتاءِ التي يُظهرونها في ( قالتْ فلنةُ ) ،وكأنهم أرادوا أن يجعلوا للجمع علم ًة كما
3
جعلوا للمؤنثِ " .
1ينظر :الكتاب ، 1/20 ،وشرح المفصل ، 3/87 ،وشرح الرضي عل الكافية ، 1/225 ،وشرح ابن عقيل ، 1/473 ،وشرح
الشموني ، 2/47 ،وهمع الهوامع ، 2/256 ،و المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي . 299 ،
2ينظر :شرح ابن عقيل ، 1/473 ،وتسمية ابن مالك هذه ،جملة من حديث نبوي شريف لنا معه وقفة بعد قليل.
3الكتاب . 2/40 ،
4شرح المفصل ، 3/87 ،وينظر :شرح شذور الذهب ، 179-167،وشرح ابن عقيل ، 472-1/468 ،وشرح الشموني -2/46 ،
، 48وهمع الهوامع . 257-2/256 ،
1ينظر :مغني اللبيب ، 480 ،والمدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي . 303-302 ،
2معاني القرآن ،الفراء ، 1/316 ،ويقصد بالوجه الول من الرفع (أن ُتكِرّ …) البدليةَ ،فـ (كثيرٌ) بدلٌ من الفاعل في (عموا
وصموا) ،ينظر :المصدر نفسه ، 1/316 ،هـ ، 1 /والبيت لُحية بن الجلح ،ينظر :ديوانه ، 71 ،وفيه ( اشتراء ) بدل
( اشترائي ) ،و( يعذل ) بدل ( ألوم ) ،والشاهد فيه جمعه بين واو الجمع في (يلومونني) ،وبين الفاعل الظاهر(أهلي) ،ينظر :
معاني القرآن ،الفراء ،1/316،هـ ، 1/وشرح المفصل ، 3/87 ،وفيه (يعذل) بدل (ألومُ) ،ونُسب في الهامش إلى أُمية بن أبي
الصلت ،وشرح ابن عقيل ، 1/470 ،رقم ، 143/من دون نسبة ،وشرح الشموني ، 2/47 ،رقم ، 272 /ولم ينسبه العيني في
شرحه لشواهد الشموني ،وهمع الهوامع ، 2/257 ،رقم . 629/
َّ َ
موا (النبياء)3: ُ َ لَ ظ ن
َ ذي
ِ وى ال سُّروا الن َّ ْ
ج َ وأ َ َ أما قوله تعالى :
سُّروا َ
وأ َ ،فسيبويه يحمل َاليةَ على البدلية ،حيثُ يقول " :وأما قوله جلّ ثَناؤ ُه َ :
ل له
،فإنما يجيء على البدل ،وكأنه قال :انطلقوا ،فَقِي َ موان ظَل َ ُ ذي َوى ال ّ ِج َالن َّ ْ
3
:من ؟ ،قال :بنو فُلن " .
ويرى الفراءُ أنّ (الذين) مرفو ٌع على الستئنافِ ،أو نعتٌ للناس في قوله تعالى :
(النبياء، )1:وهي هاهنا مخفوضةٌ ،أو إ ّ هم ساب ُ ُ
ح َس ِ َ إ ْ
ن ب لِلن ّا ِ قتََر َ
4
الية على لغة (أكلوني البراغيثُ) .
وزادَ صاحبُ مشكل إعراب القرآن الرفعَ على إضمار (يقول) ،أو النصبَ على تقدير
5
(أعني) ،ويذكر الزمخشريّ البدليةَ ،أو لغةَ أكلوني البراغيثُ ،أو النصبَ على الذم ،أو مبتدأ
7 6
خبره ما قبله قُدِمَ عليه ،وهناكَ وجوهٌ إعرابيةٌ أُخرى غير التي ذكرنا .
ماوقد ورد في القراءات القرآنية ما يجري على هذه اللغة ،من ذلك قوله تعالى :إ ِ َّ
َ َ
(السراء ، )23:فقد ماه َ
و كِل ُ ما أ ْ ك الْكِبََر أ َ
حدُ ُ
ه َ عنْدَ َن ِ يَبْل ُ َ
غ َّ
8
ب أبو حيان هذه
س َ
ي (يبلغان) ،باللف على التثنية ،وبنون مشددة ،وقد نَ َ
قرأ حمز ُة والكسائ ّ
9
القراءةَ بقوله " :وهي قراءة السلمي وابنِ وثابٍ وطلح َة والعمشِ والجحدريّ " ،ويرى أنّ
8ينظر :معاني القرآن ،الفراء ، 2/120 ،والسبعة في القراءات ، 1/379 ،وحجة القراءات . 1/399 ،
9البحر المحيط . 7/35 ،
الصفحة 60من 142
(أحدهما) فاعل ،واللفُ علم ُة تثنيةٍ على لغة (أكلوني البراغيثُ) ،أو أنّ (أحدهما) ،بدلٌ من
1
الضمير في (يبلغان) .
ن الكريمُ في بعض المواضع ، نستطيعُ القولَ :إنّ هذه اللغةَ لغة صحيحة ،جاءَ عليها القرآ ُ
وكذلك وردت هذه اللغةُ في القراءات القرآنية ،فل داعي ،لتأولها وحملها على وجوهٍ كثيرةٍ ،
وواضحٌ أنّ هذا التأولُ والحملَ كان الغايةُ منه إخراجَ هذه اللغةِ من القرآنِ الكريمِ ،ل سيما إنّ
هذه اللغة تأتي في إطار المحافظة على المطابقة بين الفعل والفاعل في العدد – مذكره ومؤنثه –
" فظاهرةُ التطابقُ عمليةٌ تكا ُد تكون عمليةً ل شعوريةً فطريةً ساذجةً ،تتم في إطار المنطق
والحس اللغويين ،أما ظاهرة عدم التطابق ،فهي عمليةٌ تبدو فيها الصنعةُ ،ويظهر فيها عملُ
3
العقلِ " .
وقد وردت هذه اللغة في الحديث النبوي الشريف ،فقد جاءَ في صحيح البخاري ،أن رسولَ
ال ،قال " :يتعاقبون فيكم ملئكةٌ بالليل وملئكةٌ بالنهار ،ويجتمعون في صلة الفجر
ف تركتم عبادي ؟
وصلة العصر ،ثم يعرجُ الذين باتوا فيكم ،فيسألهم وهو أعل ُم بهم ،كي َ
4
فيقولون :تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون " ،وقد ذكر مسلم في صحيحه هذا
الحديث
5
باللفظ نفسه .
3
فابنُ حجرٍ يقول " فالعزو إليهما أولى " ،يقصد العزو إلى الصحيحين ،أولى من العزو إلى
4
ث نبويةٍ شريفةٍ أُخرى .
مسندِ البزار ،حول هذا الحديثِ ،وقد وردت هذه اللغةُ في أحادي َ
5
بح ور انَ يَعْصِرْ ن السلّ يطَ أقَارِبُهْ وَلَكِــنْ دِيَ افِــيّ أ بــو هُ وأُمّهُ
7ديوانه ، 196 ،والبيت من قصيدة له قالها في رثاء مصعب بن الزبير ،والمارقون :الخوارج ،وأسلما :خذله ،ومبع ٌد :
الرجل الغريب ،وحميم :الرجل الوثيق الصداقة ،والشاهد فيه إثبات ألف التثنية في قوله (أسلماه) مع وجود الفاعل الظاهر (مبعدٌ
وحميمُ) وهذا جارٍ على لغة (أكلوني البراغيث) وينظر :شرح شذور الذهب ، 177 ،رقم ، 81/وشرح ابن عقيل ،1/469 ،
رقم ، 142 /وشرح الشموني ، 2/47 ،رقم ، 271/وهمع الهوامع ، 2/257 ،رقم . 628 /
ول بدّ للنعت من مطابقة منعوته ،وهذه المطابقة تختلف بحسب نوعي النعت ،
تقدم قولنا ( إن الصفة تابعة للموصوف في أحواله ) وجملتُها عشرة أشيا ٍء ،رفعه ونصبه
وخفضه ،وإفرادهُ وتثنيتهُ وجمعهُ ،وتنكيرهُ وتعريفهُ ،وتذكيرهُ وتأنيثهُ "
2
وسبب هذا التطابق ؛ إنّ النعت والمنعوت " كالسم الواحد " ،يقول ابن يعيش " :وإنما
3
وجب للنعت أن يكون تابعًا للمنعوت فيما ذكرناه ،من ِقبَلِ أنّ النعت والمنعوت كالشيء
ل أنّ ق النعتَ ،وإنما قلنا أنهما كالشيء الواحد ،من ِقبَ ِق السمَ يلح ُ
الواحد ،فصار ما يلح ُ
ص من ج المنعوتَ من نوعٍ إلى نوعٍ أخصّ من ُه ،فالنعتُ والمنعوتُ بمنزلةِ نوعٍ أخ ّ النعتَ يُخرِ ُ
ع المنعوتِ وحده " .
4
نو ِ
مما تقدم يتضح لنا أن المطابقة بين النعت ومنعوته واجب ٌة في العراب ،وفي العدد وفي
ع مثله ،الجنس وفي التعريف والتنكير ،فل يُوصفُ مرفوعٌ بمنصوبٍ أو مجرورٍ ،بل بمرفو ٍ
وكذلك إذا كان منصوباً أو مجروراً ،،فينعت بما يطابقه إعرابًا ،ول يوصف المفرد بمثنىً أو
جم ٍع ،بل بمفردٍ مثله ،وكذلك إذا كان مثنىً أو جمعاً فينعت بما يطابقه عدداً ،ول يوصف
مذكرٌ بمؤنثٍ ول العكس ،بل كلٌ بما يطابقهُ ،وكذا المر في التعريف والتنكير ،فل توصف
المعرفة إل بمعرفةٍ مثلها ،ول توصف النكرة إل بنكرة مثلها وهذا كله في النعت الحقيقي ،
وحافظ النظم القرآني على تلك المطابقة بين النعت ومنعوته كما يأتي :
أ -ف ي الع راب :
ت في مواطنَ ورودهِ كلّها في القرآن الكريم قد طابق منعوته رفعاً ونصباً نجدُ النع َ
م
م عَظِي ٌ ن َرب ِّك ُ ْ
م ْ
م بَلءٌ ِوجرًا ،فمثال التطابق رفعاً قوله تعالى :وَفِي ذَلِك ُ ْ
(البقرة ، )49:وقوله تعالى :ب ْ َ
ن (العراف)81: سرِفُو َ
م ْ م ُ م قَوْ ٌ
ل أنْت ُ ْ َ
وغير ذلك .5
َ
م الل ّ ُ
ه ما َرَزقَك ُ ُ أما مثال التطابق بينهما نصباً ،فنحو قوله تعالى :وَكُلُوا ِ
م َّ
حلل ً طَيبا ً (المائدة )88:وقوله تعالى :ل َ َ َ
مبَي ِّنَا ٍ
ت قد ْ أنَْزلْنَا آيَا ٍ
ت ُ ِّ َ
(النور ، )46:وغير ذلك .
6
1الكتاب ، 302 / 2 ،وينظر :الصول 21 / 2و ، 32والمقتصد في شرح اليضاح . 900 /2 ،
2شرح المفصل ، 54 / 3 ،وينظر :شرح الرضي على الكافية ، 302 / 2 ،وشرح ابن عقيل ، 194 – 193 / 2 ،والمنهل
الصافي ، 618 / 2 ،والفوائد الضيائية . 37 / 2 ،
3الكتاب .421 / 1 ،
4شرح المفصل . 55 /3 ،
5ينظر ( آل عمران ( ، ) 62/النساء (، ) 92 /إبراهيم . ) 6 /
6ينظر ( الكهف ( ، ) 2 /الفرقان ( ، ) 18 /الواقعة . ) 37 /
الصفحة 67من 142
شيْطَا ٍ
ن ل َ ن ك ُ ِّ
م ْحْفظا ً ِ وأما مثالُ التطابق بينهما جرًا ،فنحو قوله تعالى :وَ ِ
ذّكْرِ ( ّ
ص: ن ذِي ال ِ مارِدٍ (الصافات ، )7:وقوله تعالى :ص وَالُْقْرآ ِ َ
، )1وغير ذلك . 1
ت منعو َتهُ في حركته العرابية ،وهذا ما يُعرف في العربية بظاهرة قد يخالفُ النع ُ
ت لمنعوتِهِ إعراب ًا ،وهذه الظاهرة تقع في العطف أيضاً ،
2
القطع ،ويقصد بها مغايرة النع ِ
على ما سنعرف لحقًا .
جاء في الكتاب " :هذا باب ما ينتصب على التعظيم والمدح .
وإن شئتَ جعلته صفةً ،فجرى على الول ،وإن شئتَ قطعته فابتدأته ،وذلك قولك ( :الحمدُ
ك ) ،ولو ابتدأته فرفعته
ك لِ أهلَ المل ِ
لِ الحميدَ هو ) و ( الحمدُ لِ أهلَ الحمدِ ) ،و ( المل ُ
كان أحسن ،كما قال الخطل :
ذكَرُ
أبدَى النواجذَ يَومٌ باسلٌ َ نَفسِي فِدَاءُ أمِيرِ المُؤ ِمنِـينَ إذا
3
خليفةُ الِ يُستَسقَى ِبهِ ال َمطَــرُ " . الخائضُ الغمرَ والميمونُ طائـرُهُ
وهذه الظاهر ُة تجوزُ إذا كان المنعوتُ معروفاً لدى السامع ،وإن نعته ل يميزه عن غيرهِ
،وإنما جيء به لمجرد المدح أو الذم ،فإذا كان المنعوت مبهماً لدى السامع من دون
النعت ،فل ب ّد من اتباع النعت لمنعوته ،فالنعتُ في مثل هذا معنوي ل لفظي ،أي أنّ السم
ت في المعنى أمّا من ناحية العراب فله حكم آخر . 4الذي قُطع هو نع ُ
ن غاية هذه الظاهرة تركيز ذهن المتلقي على النعت المقطوع ،وإبراز المعنى الموجود إّ
في هذا النعت ،وذلك لهميةٍ محدد ٍة توجد فيه استدعت هذا التركيز " ،والعرب تعترض من
صفات الواحد إذا تطاولت بالمدحِ أو الذمّ ،فيرفعون إذا كان الس ُم رفعاً وينصبون بعضَ
المدح ،فكأنهم ينوون إخراج المنصوب بمدحٍ مجددٍ غير مُ ْتبَعٍ لول الكلم " ، 5ويقول
السيوطيّ " :قطعُ النعوتِ في مقامِ المدحِ والذمّ أبلغُ من إجرائها ،قال الفارسيّ :إذا ذُكرتْ
ح أو الذمّ ،فالحسنُ أن يخالف في إعرابها ،لنّ المقا َم يقتضي ت في معرض المد ِ صفا ٌ
إنّ أغلب ما ورد من هذه الظاهرة في القرآن الكريم ،هو من القراءات القرآنية. 5
ب -في العدد :
ذكرنا أنه ل بدّ من التطابق بين النعت والمنعوت في العدد ،إفراداً وتثنيةً وجمعاً ، 6وهو
م
ل هَذ َا يَوْ ٌ ما جاء في القرآن الكريم ،فمثال التطابق إفراداً قوله تعالى :وَقَا َ
معْل ُ ُ َّ
ٍ وم َ ٍ رَ د ق
َ ِ ب ل ه إِما نُنَّزِل ُ
ب (هود ، )77:وقوله تعالى :وَ َ صي ٌعَ ِ
(الحجر ، )21:وغير ذلك .7
ن
ضعْ َ ت يُْر ِ والِدَا ُ أما مثال المطابقة في التثنية ،فنحو قوله تعالى :وَال ْ َ
َ َ َ أ َ ْولدَهُ َّ
هل ل الل ّ ُ ن (البقرة ، )233:وقوله تعالى :وَقا حوْلَي ْن كَا ِ َ
ملي ْ ِ ِ ن َ
َ تَت َّ ِ
(النحل ، )51:وغير ذلك. 8 ن اثْنَي ْ ِ
ن خذ ُوا إِلهَي ْ ِ
1التقان . 188 / 2 ،
2الكتاب ، 70 / 2 ،ويقصد ببعضهم ،عاصمَ بنَ أبي النجود ،ينظر :السبعة في القراءات ، 700 / 1 ،والحجة في القراءات
السبع ، 377 / 1 ،وحجة القراءات . 777 / 1 ،
3معاني القرآن ،الفراء ، 298 / 3 ،وينظر :الجامع لحكام القرآن ، 338 / 30 ،والتبيان في إعراب القرآن ، 296 / 2 ،
والبحر المحيط ، 567 / 10 ،وروح المعاني . 264-263 / 30 ،
4البحر المحيط . 541 / 4 ،
5ينظر :دراسات لسلوب القرآن الكريم . 521 -512 / 10 ،
وردت بعضُ الياتِ في القرآن الكريم ،ظاهرها عدمُ التطابق بين النعت والمنعوت ،من
َْ س َّ
(البقرة: ض
ماءِ وَالْر ِ ن ال َّ
س َ خرِ بَي ْ َ ب ال ْ ُ
م َ حا ِ ذلك قوله تعالى :وَال َّ
س َ
، )164إذ وصف ( السحاب ) وهو جمع بب ( المسخر ) وهو مفرد.
إن سبب هذا التخالف هو أنّ ( السحاب ) اس ُم جنسٍ ، 2وهو ما يجوز فيه الجم ُع مراعاةً
لمعناه ،والفرادُ مراعاةً للفظهِ ،والقرآنُ الكري ُم يؤيدُ ذلك ،فقد ورد لفظ (السحاب) في
القرآن
ث من النترنت ،عنوانه : 1ينظر :اللفظ والمعنى في لغة التنزيل ،إبراهيم السامرائي ،بح ٌ
، www . balagh .com / mosoa /quran /lilexyo2.htmص . 7
2ينظر :جامع البيان ،123 / 13 ،وزاد المسير ، 313 / 4 ،وتفسيرالنسفي ،244 / 2 ،وتفسير البيضاوي .322-321/ 3 ،
3ينظر ( :الروم ( ، ) 48 /فاطر . ) 9/
4ينظر :تفسير النسفي ، 57 / 2 ،وتفسير البيضاوي ، 28 / 3 ،وإرشاد العقل السليم . 234 / 3 ،
الصفحة 70من 142
وفي آية سورة البقرة ،يقول أبو حيان " :ووصف السحاب هنا بالمسخر ،وهو مفرد ،
لنه اسم جنس … ،فتارةً يُوصفُ به بما يُوصفُ الواحد ُة المؤنثة ،وتار ًة يُوصفُ بما
َ َ
حابا ً ثَِقال ً (العراف: س َ
ت َ حتَّى إِذ َا أقَل ّ ْ
َ ف به الجم ُع ،كقوله تعالى :
يُوص ُ
.5 ")57
وجاء في روح المعاني " :والسحابُ عطفٌ على ما قلبه ،وهو اسم جنسٍ واحده
َْ س َّ
ض :صفةٌ للسحاب باعتبار لفظه ، ماءِ َوالْر ِ 6 ن ال َّ
س َ خرِ بَي ْ َ سحابةٌ …،ال ْ ُ
م َ
وقد يعتبر معناه ،فيوصف بالجمع كب ( سحاباً ثقا ًل ) " .
أو تكون الية على حذف مضاف ،والتقدير ( :ونضع الموازين ذوات القسط) ،وبهذا
4
تتم المطابقة ،يقول الزمخشري … " :أو على حذف مضاف أي ذوات القسط " .
والرأي الول أولى ،لنه يناسب معنى الية ،وأدلّ في إعجازها ،فقد سِيقَتْ هذه اليةُ
ع ِملَ ،ل ينقص من عمله لبيان عدل الباري سبحانه وتعالى بين عباده ،فكلٌ يُجازى بما َ
شيءٌ ،سواء كان خيراً أم شراً ،وسواءٌ كان المُجازى مؤمناً أم كافرًا ،ولو كان ذلك العمل
ل يأتي بها ليُجَازِي بها مثقالَ حبةٍ من خرد ٍل ،التي هي أصغرُ الشياء وأحقرها ،فإنّ ا َ
ن خيْرا ً يََره ُ وَ َ
م ْ ل ذََّرةٍ َ
مثَْقا َ م ْ
ل ِ ن يَعْ َ
م ْ صاحبَها ،فالُ تعالى يقول :فَ َ
(الزلزلة. )8-7: شّرا ً يََره ُ
ل ذََّرةٍ َ
مثَْقا َ م ْ
ل ِ يَعْ َ
فمعنى العدالة يتحقق بنصبه تعالى للموازين ،التي هي عين القسط والعدل ،وهذا
5
المعنى يكون بوصف الموازين بالمصدر ،وهذا من قسطه وعدله ج ّل وعل .
5البحر المحيط . 82 / 2 ،
6روح المعاني . 33 / 2 ،
وهو الذي نؤيده ؛ ففي بداية السورة التي وردت فيها هذه الية ،كان الحديث حول بدء
خلق النسان ،فالُ تعالى يقولُ :هَ ْ َ
ن الدَّهْ ِ
ر م َ
ن ِ
حي ٌ
ن ِ ل أتَى عَلَى اْلِن ْ َ
سا ِ
قنا اْلنسان من نطَْفة أ َ
ه
ج نَبْتَلِي ِ
ٍ َ
شا م
ْ ٍ ِْ َ َ ِ ْ ُ خل َ ْ َمذ ْكُورا ً إِنَّا َ شيْئا ً َن َم يَك ُ ْلَ ْ
صيراً (النسان ، )2-1:فقد مرّ على النسان زمنٌ طويلٌ قبل ميعا ً ب َ ِ س ِجعَلْنَاه ُ َ
فَ َ
ل تعالى آد َم ( ) من مذ ْكُوراً ،ثمّ خلق ا ُ شيْئا ً َن َ م يَك ُ ْ وجوده ،وهو معدو ٌم ،ل َ ْ
َ
ج ،ذلك الماء المُستَقذر الناتج شا ٍ ن نُطَْفةٍ أ ْ
م َ م ْ ِ طين ،وجعل نسله بعده متسلسلً
عن اختلط ماء الرجل بماء المرأة ،لب (نَبْتَلِيهِ) بطريقة خلقه وأصل منبته ،ليعلم الُ هل
يرى النسانُ حا َلهُ الولى ويتفطنُ لها ؟ ،أم يتركها خلفَ ظهره ،ناسياً إيّاها ،مغتراً
4
بنفسه ؟
ج -في الجنس :
1الكشاف ، 295 / 3 ،وينظر تفسير النسفي ، 317 / 4 ،والبحر المحيط ، 359 / 10 ،وفتح القدير ، 345 / 5 ،وروح
المعاني ، 51 / 29 ،وأظنّ أن عبارة ( دبر أكباش ) خطأ في متن الكشاف ،والصحيح ( بُردٌ أكياش ) فقد ذكر أبو حيان قول
الزمخشري بالصيغة التي أوردتها ،حيث يقول " :وقال الزمخشري :نطفة أمشاج كـ(برمة أعشار) و ( برد أكياش ) وهي
ألفاظ مفردة …" البحر المحيط ، 359 / 10 ،وجاء في روح المعاني " :وقيل هو مفرد جاء على أفعال ،كأعشار و
( أكياش ) في قولهم أعشار أي متكسرة ،و ( بردُ أكيش ) أي مغزول غزله مرتين أ واختاره الزمخشري " روح المعاني ،
، 51 / 29وينظر اللسان ، 344 / 6 ،مادة ( كيش ) ،وتاج العروس ، 337 / 6 ،مادة ( خلق ) .
2تفسير البيضاوي ، 425 /5 ،وينظر إرشاد العقل السليم . 70 / 9 ،
3روح المعاني . 51 / 29 ،
4يُنظر :تيسير الكريم الرحمن . 1256 ،
1
1الكشاف ، 411 / 2 ،وينظر :الجامع لحكام القرآن 56 / 13 ،و ، 7 / 17وتفسير النسفي ، 170 / 3 ،ولسان العرب ،مادة
( موت ) ، 911 / 2 ،والبحر المحيط ، 116 / 8 ،وروح المعاني ، 31 / 19 ،و / 67 / 25و . 176 / 26
الصفحة 73من 142
أو إنّ ( البلدة ) بمعنى (المكان) ،أو ( الموضع ) ،قال ذلك الطبريّ ،2وبهذين التأويلين
تتم المطابقة .
ر (القمر، )20:
َ
وقال تعالى :تنزع ُ النَاس كَأنَه َ
منَْقعِ ٍل ُ خ ٍجاُز ن َ ْم أعْ َ ُّ ْ ّ َ َْ ِ
فوصف (النخل) وهو لفظٌ مؤنثٌ ،بب ( منقعر ) وهو مذكرٌ ،وفي موطن آخر وصف
خاوِيَةٍ (الحاقة: ل َ ( النخل ) بصفةٍ مؤنثةٍ ،قال تعالى :كَأَنَه َ
خ ٍجاُز ن َ ْ م أعْ َُّ ْ
ن
م ْ
ل ِ ن الن َّ ْ
خ ِ م َ ، )7وقد أعاد على هذا اللفظ ضميرًا مؤنثاً في قوله تعالى :وَ ِ
(النعام. )99: ة طَلْعِهَا قِنْوَا ٌ
ن دَانِي َ ٌ
والسببُ في ذلك لنّ لفظ ( النخل ) من أسماء الجناس ،وهذه السماء يجوز فيها
ن كلّ التذكير نظراً للجنس ،ويجوز فيها التأنيث نظراً لمعناها ،يقولُ المبردُ " :وأعلمْ أ ّ
جمع ليس بينه وبين واحده إل الهاء ،فإنه جارٍ على سنة الواحد ،وإن عنيتَ به جمع
الشيء ،مَنْ أنثه فليس إلى السم يقصد ،ولكنه يؤنثها على معناه ،كما قال عزّ وجلّ :
َ َ
ر ل ّن (النخل) جنسٌ وقال :فَتََرى منَْقعِ ٍ ل ُ جازن َ ْ
خ ٍ س كَأنَّهُم أعْ َ َ تَنْزِع ُ النَّا
(الحاقة ، )7:لنه جمعُ الَْقوم فيها صرعَى كَأَنَه َ
خاوِيَةٍ
ل َ
خ ٍ جاُز ن َ ْ
م أعْ َ ُّ ْ ْ َ ِ َ َ ْ
ل
خ ٍ (نخلةٍ) ،فهو على المعنى جماعة " ، 3وجاء في مشكل إعراب القرآن " :قوله :ن َ ْ
قعِرٍ ،إنما ذكر ( منقعر ) لنّ النخل يُذكرُ ويؤنّثُ ،فلذلك قال ( منقعر ) ،وقال في من ْ َ ُ
خاوِيَةٍ ،فأنّث " ، 1ويقول النسفيّ " :وذ ّكرَ صفة ل َ َ
خ ٍ جاُز ن َ ْ
موضع آخر :أعْ َ
ل ( نخل ) على اللفظ ،ولو حملها على المعنى لنّثَ ،كما قال :كَأَنَه َ
خ ٍ جاُز ن َ ْ
م أعْ َ
ُّ ْ
خاوِيَةٍ .2 َ
والتأنيث في مثل هذه السماء لغةُ أهلِ الحجاز ،وأما التذكير فهو لغة أهل تميم .3
وبالرغم من جواز المرين فإن النظم لم يستعمل هذين التركيبين اعتباطًا ،بل كلٌ يناسب
ر ، ما ورد فيه ،فآية سورة القمر :تنزع ُ النَاس كَأَنَه َ
منَْقعِ ٍ
ل ُخ ٍجاُز ن َ ْ
م أعْ َ
ُّ ْ ّ َ َْ ِ
مناسبة تماماً لفواصل اليات في تلك السورة ،فقد وردت كلّ الفواصل مختومة بصوت
2يُنظر :جامع البيان ، 21 / 19 ،وينظر :معالم التنزيل ، 372 / 3 ،وزاد المسير ، 94 / 6 ،والبرهان . 359 / 3 ،
3المقتضب . 346 / 3 ،
كَأَنَه َ
خاوِيَةٍ
ل َ
خ ٍ
جاُز ن َ ْ
م أعْ َ
ُّ ْ وكذا الحال في الية الخرى من سورة الحاقة :
،فهي مناسبةٌ تمام المناسبةِ للفواصل في تلك السورة ،كب ( الطاغية ،عاتية ،باقية ،رابية
،واعية …) .
يقول السيوطي " :أعجازُ :أصولُ نخلٍ ،منقع ُر :منقطعٌ ساقطٌ على الرض ،وشبّهوا
ة ،مراعاةًَ للفواصل في
خاوِي َ ٍ
ل َ
خ ٍ
بالنخل لطولهم ،وذ ّكرَ هنا وأنّث في الحاقة ن َ ْ
الموضعين ".1
ح طَيِّب َ ٍ
ة م بِرِي ٍ
ن بِهِ ْ
جَري ْ َ م فِي الُْفل ْ ِ
ك وَ َ حتَّى إِذ َا كُنْت ُ ْ
َ وقال تعالى :
ف (يونس. )22: ص ٌح عَا ِ جاءَتْهَا رِي ٌ وَفَرِ ُ
حوا بِهَا َ
ظ مذكر ( عاصف ) ، 1والقول في هذه الية من وجوه : فقد وصف المؤنث ( ريح ) بلف ٍ
أولها :
2
إنّ الريحَ تُؤنّث وتذ ّكرُ " ،والعربُ تقول :عاصفٌ و عاصفةٌ " ،فمن ذكّرها فإلى
اللفظ يقصد ،ومن أنّثها فإلى المعنى يقصد ،يقول القرطبيّ " :وقال أبو بكر النباري :سُئل
ف مسألةٍ ،هذه من جملتها ،فقيل له ما الفرق بين المبر ُد بحضرة إسماعيل القاضي عن أل ِ
ف ، ص ٌ ح عَا ِجاءَتْهَا رِي ٌَ ة وصَف ً
ح عَا ِ ن الّرِي َ سلَي ْ َ
ما َ قوله تعالى :وَل ِ ُ
َ َ وقوله :كَأَنَه َ
منَْقعِرٍ
ل ُ جاُز ن َ ْ
خ ٍ م أع ْ َ خاوِيَةٍ و كَأنَّهُ ْ ل َ جاُز ن َ ْ
خ ٍ م أعْ َ ُّ ْ
،فقال كلما ورد عليك من هذا الباب ،فإن شئتَ رددته إلى اللفظ تذكيراً ،أو إلى المعنى تأنيثاً
) ". 3
ثانيها :
ت عصفٍ ) يقولُ النسفيّ " :ثالثها :تكون اليةُ على حذف مضاف ،والتقدير ( ريحٌ ذا ُ
ت عصفٍ ،أي شديدة الهبوب " ،5وبهذا تتم المطابقة بين النعتف ،ذا ُص ٌح عَا ِ رِي ٌ
ومنعوته .
توصف المعرفة بمعرفةٍ ،والنكرة بنكرة ،ول يجوز خلف ذلك ،جاء في القرآن الكريم
من وصفِ المعرفةِ بالمعرفةِ قوُلهُ تعالى :يحكم بها النَبيُون الَّذي َ
مواسل َ ُ نأ ْ ِ َ ِّّ َ َ ْ ُ َِ
(المائدة ، )44:وقوله
(التوبة ، )100:وغير ذلك .1 ن اْلَوَّلُو َ
ن سابُِقو َتعالى :وَال َّ
ن مبِي ٌ م نَذِيٌر ُ أما مثال وصف النكرة بالنكرة ،فنحو قوله تعالى :إِن ِّ َي لَك ُ ْ
ة طَيِّب َ ً َ
ة مثَل ً كَل ِ َ
م ً ب الل ّ ُ
ه َ ضَر َ
ف َ (هود )25:وقوله تعالى أل َ ْ
م تََر كَي ْ َ
(ابراهيم ، )24:وغير ذلك .2 جَرةٍ طَي ِّبَةٍ كَ َ
ش َ
وقد وردت بعض اليات ظاهرها عدمُ المطابقة بين النعت ومنعوته في التعريف
َ قتُلُوا ال َّ َ َ
م
صيْد َ وَأنْت ُ ْ منُوا ل ت َ ْ والتنكير ،من ذلك قوله تعالى :يَا أيُّهَا ال ّذِي َ
نآ َ
حك ُ ُ
م ن النَّعَم ِ ي َ ْ
م َ
ل ِما قَت َ َ مث ْ ُ
ل َ جَزاءٌ ِ مدا ً فَ َمتَعَ ِّ م ُ منْك ُ ْه ِ ن قَتَل َ ُ م ْم وَ َحُر ٌ ُ
(المائدة ، )95:وقال أيضاً: م هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ منْك ُ ْ ل ِ بِهِ ذ َوَا عَد ْ ٍ
َ َ
لمطُِرنَا ب َ ْ م ْ
ض ُم قَالُوا هَذ َا عَارِ ٌ ل أوْدِيَتِهِ ْ قب ِ َ
ست َ ْ
م ْ ما َرأوْه ُ عَارِضاً ُ فَل َ َّ
َ
م (الحقاف ، )24:ففي آية ب ألِي ٌح فِيهَا عَذ َا ٌ م بِهِ رِي ٌ جلْت ُ ْستَعْ َما ا ْ هُوَ َ
المائدة وصف ( هدي ًا ) بب ( بالغ الكعبة ) ،وفي آية الحقاف وصف (عارضاً) بب ( مستقبل
أوديتهم) ،ووصف (عارضٌ) بب (ممطرنا ) ،وفي كلّ تخالفٌ ،فالموصوفُ نكر ٌة َ ،ووَص ُفهُ
مضافٌ إلى معرفةٍ .
4معالم التنزيل ، 349 / 2 ،وينظر :إرشاد العقل السليم ، 134 / 4 ،وروح المعاني . 97 / 11 ،
5تفسير النسفي ،158 / 2،وينظر تفسير البيضاوي ، 192 /3 ،وإرشاد العقل السليم ، 134 / 4 ،وروح المعاني . 97 / 11 ،
يقول سيبويه " :وليس يُغي ُر كفّ التنوين إذا حذفتَهَ مستخف ًا شيئ ًا من المعنى ،ول
يجعله معرفةً ،فمن ذلك :ك ُ ُّ
ت ، … ،ويزيد عندك هذا موْ ِة ال ْ َ
س ذ َائَِق ُ
ل نَْف ٍ
،فلو مطُِرنَا
م ْض ُبياناً قولُه تعالى جدّهُ :هَدْيا ً بَالِغَ الْكَعْبَةِ ،و :عَارِ ٌ
لمْ يكنْ هذا في معنى النكرة والتنوين ،ل ْم تُوصفْ به النكرةُ ".1
ويقول المبردُ " :أل ترى أنّ السم المضاف إلى معرفةٍ على نية التنوين ،ل يكون إل
مطُِرنَا و م ْض ُنكر ًة ؛ لنّ التنوين في النية ،نحو قوله ع ّز وجلّ :هَذ َا عَارِ ٌ
،وهو وصفٌ للنكرةِ " .1 هَدْيا ً بَالِغَ الْكَعْبَةِ
وجاء في جامع البيان " :وأمّا قوله :هَدْياً ،فإنه مصدرٌ على الحال من الهاء
،من نعت الهدي وصفته ؛ م بِهِ ،وقوله :بَالِغَ الْكَعْبَةِ حك ُ ُ
التي في قوله :ي َ ْ
وإنما جاز إن يُنعت به وهو مضافٌ إلى معرفةٍ ؛ لنه في معنى النكرة ؛ وذلك أنّ معنى :
بَالِغَ الْكَعْبَةِ ،يبلغ الكعبة ،فهو وإن كان مضافاً ،فمعناه التنوين ؛ ل ّن ُه بمعنى
رنَا ،فوصف بقوله : مط ِ ُم ْ ض ُ
الستقبال ،وهو نظير قوله :هَذ َا عَارِ ٌ
معنى التنوين ؛ لنّ تأويله مطُِرنَا م ُْ ن فيع َارِضا ً ،ل ّ مطُِرنَا
م ْ
ُ
ض يُمطرنا فكذلك في قوله :هَدْيا ً بَالِغَ الستقبال ،فمعناه هذا عار ٌ
" .2 الْكَعْبَةِ
ثانيا -المطابقة في النعت السببي :
ن المطابقة في النعت السببي تختلف عنه في النعت الحقيقي ،فالنعت السببي يوافق إّ
منعوته في العراب وفي التعريف والتنكير فقط ،أمّا في الفراد وفرعيه وفي التذكير
والتأنيث ،فإنه يكون كالفعل ؛ للشبه الذي بينهما ،فإن كان للمفرد أو للمثنى أو للجمع ،
ت برجلين
ن أبوهُ ) ،و ( مرر ُ
حسَ ٍ
ت ،كما يُفعل مع الفعل ،فنقولُ ( :مررتُ برجلٍ َ
أُفرد النع ُ
سنٍ آباؤهم) .
ح َ
سنٍ أبواهما ) و (مررتُ برجالٍ َ ح َ
َ
ن يعيشٍ " :وقوله ( :إل إذا كان فع ُل ما هو من سببه ) ،يعني أنّ الصفة إذاويقولُ اب ُ
رفعتِ الظاهر ،وكان الظاهر من سبب الموصوف ،فإنّ الصفة تكون موحدة على كلّ حالٍ
… ،وكذلك ل يُؤنثان إل أن يكون المرفوع بها مؤنث ًا ". 2
ت السببي ورد في القرآن الكريم بصورةٍ قليلةٍ جداً قياساً بورود النعت الحقيقي ، إنّ النع َ
ع ل إِنَّهَا بََقَرة ٌ َ
صْفَراءُ فَاقِ ٌ ه يَُقو ُل إِن َّ ُ
فآياتهُ معدودة 3،من ذلك قوله تعالى :قَا َ
ن (البقرة ، )69:فب (فاق ٌع ) صفةٌ لب ( صفرا ُء ) وقد طابقه سُّر النَّاظِرِي َلَوْنُهَا ت َ ُ
في العراب ،فالوصفُ مرفوعٌ كموصوفه ،وكلهما نكر ٌة ،أمّا بالنسبة للعدد ،فكما قلنا
يُفرد الوصفُ على كلّ حا ٍل ،وهو ها هنا مفردٌ ،وأمّا الجنس ،فقد طابق الوصفُ ( فاقعٌ )
عهُ ( ،لونها ) ،فكلهما مذ ّكرٌ . مرفو َ
َ ه أَنَْز َ َ َ َ َ
ه
جنَا ب ِ ِ
خَر ْماءً فَأ ْ ماءِ َ ن ال َّ
س َ م َ ل ِ ن الل ّ َم تََر أ ّوقال تعالى :أل َ ْ
ف أَلْوَانُهَاختَل ِ ٌم ْ مٌر ُ
ح ْض وَ ُ
جدَد ٌ بِي ٌل ُ ن ال ْ ِ
جبَا ِ م َ
َ
ختَلِفا ً ألْوَانُهَا وَ ِ
م ْ
ت ُمَرا ٍ ثَ َ
ت ) ،وقد تطابقا إعراباً سودٌ (فاطر ، )27:فب ( مختلفًا ) صفةٌ لب (ثمرا ٍ ب ُ وَغََرابِي ُ
وتنكيرًا ،فكلهما منصوبٌ نكر ٌة ،أمّا في العدد ،فالوصفُ مفردٌ كالفع ِل ،وأمّا في
الجنس ،فالظاهر المخالفةُ ،فالوصف مذكرٌ (مختلفًا ) ولفظُ مرفوعه مؤنثٌ ( ألوانها ) ،
ن ( ألوانها )جمع تكسير ،وهو مما يجوز فيه التذكير والتأنيث 4،وفي( وليس كذلك ؛ ل ّ
المبحث الثاني
بين المعطوف والمعطوف عليه : المطابقة
يقسّمُ العلماءُ العطفَ على نوعين :أولهما :عطف البيان ،وثانيهما :عطف النسق ،
فعطف البيان " :هو التابع الجامد المُشبه للصفة في إيضاح متبوعه وعدم استقلله "
2
ن متبوعه أيضاً ،ويجئُ للتأكيد والمدح .
،1ويخصصُ عطفُ البيا ِ
إنّ المطابقة بين عطف البيان ومعطوفه ،كالمطابقة بين النعت ومنعوته ،فتجبُ
المطابقةُ بينهما في العراب ،وفي التعريف والتنكير ،وفي التذكير والتأنيث ،وفي العدد،
ب كلّ هذا بين النعت والمنعوت .
كما وَجَ َ
يقول ابنُ هشام " :وحكم المعطوف أنّه يتبع المعطوفَ عليه في أربع ٍة من عشر ٍة ،وهي
واحدٌ من الرفعِ والنصب والجر ،وواح ٌد من التعريف والتنكير ،وواحدٌ من الفراد والتثنية
1شرح ابن عقيل . 218/ 2 ،
2ينظر :حاشية الصبان . 86– 85 / 3 ،
3شرح الشموني . 86 / 3 ،
الصفحة 79من 142
ن عقيلٍ " :لمّا كان عطفُ البيان مُش ِبهَ ًا
والجمع ،وواح ٌد من التذكير والتأنيث " ، 1ويقولُ اب ُ
ت ،فيوافقه في إعرابه وتعريفه أو تنكيره ،وتذكيره أو للصفة َلزِمَ فيه موافقةُ المتبوعِ كالنع ِ
تأنيثه ،وإفراده أو تثنيته أو جمعه ". 2
لقد حافظ النظمُ القرآنيّ على المطابقةِ بين عطفِ البيان ومعطوفه ،وذلك في القرآن
نسى اب ْ ُ عي َ ح ِ سي ُم ِ ما ال ْ َ
الكريم كّل ِه ،فمثالُ التطابقِ بينهما إعرابًا ،قوُلهُ تعالى :إِن َّ َ
ُ َ
م إِنَّا قَتَلْنَا
(النساء ، )171:وقوله تعالى :وَقَوْلِهِ ْ ل الل ّهِ سو م َر ُ مْري َ َ َ
ُ
ما أنْزِ َ
ل (النساء ، )157:وقوله تعالى :وَ َ ممْري َ َ
ن َ
سى اب ْ َ عي َ ح ِ سي َم ِ ال ْ َ
عَلَى ال ْ َ َ
ت (البقرة ، )102:وغير ذلك .3 ماُرو َ ت وَ َ ل هَاُرو َ ن بِبَاب ِ َملكَي ْ ِ
أمّا مثالُ التطابق بينهما تعريفًا وتنكيراً ،فنحو قوله تعالى :مل َّ َ َ
ة أبِيك ُ ْ
م ِ
بن َر ِّ
مي َ ب الْعَال َ ِ منَّا بَِر ِّ
م (الحج ، )78:وقوله تعالى :قَالُوا آ َ إِبَْراهِي َ
ن (الشعراء، )48-47:هذا في التعريف،وأمّا في التنكير ،فنحو سى وَهَاُرو َ مو َُ
(النور ، )35:وقوله تعالى مبَاَركَةٍ َزيْتُونَةٍ
جَرةٍ ُ
ش َن َ م ْقوله تعالى :يُوقَد ُ ِ
صدِيدٍ (ابراهيم. )16: ماءٍ َ ن َم ْ سَقى ِ م وَي ُ ْجهَن َّ ُ
ن وََرائِهِ َم ْ
ِ :
ف البيان في النكرات ،وأجازه الكوفيون ،وتبعهم أبو وقد منع البصريون وقوعَ عط ِ
عليّ الفارسيّ ،وابنُ جنيّ ،والزمخشريّ ،وابنُ عصفو ٍر ،والسيوطيّ ،وذكر الشيخ محمد
4
المير في حاشيته على مغني اللبيب سببَ منعِ البصريين لذلك ،حيثُ يقولُ " :لنّ النكرةَ
غير بينةٌ في نفسها ،فكيف تبين غيرها ،وفيه أنّ النكراتِ تتفاوتُ ،على أنّهم قالوا يجوز
ع ،وأن يكون عطفُ البيان للمدح " ، 5وجاء مثلُ هذا في حاشية أن يتضح المُرادُ بالمجمو ِ
ن كاسمه ، ن البيان بيا ٌ
الصبّان " :قوله ( :ويخصون عطف البيان بالمعارف) ،احتجوا بأ ّ
ص مبببن بعضّ ن بعضَ النببببكراتِ أخ ّ والنكرةُ مجهولةٌ ،والمجهولُ ل يبين المجهولَ ،ورُدّ بأ ّ
ن
،والخببصّ يُبببببي ُ
الع ّم ". 6
ح ،فقد أعربَوأمّا القولُ بجوازِ التخالفِ ،بين عطف البيان ومعطوفه ،فليس براج ٍ
ت في قوله تعالى : ف بيانٍ لب آيَا ٌ
راهِيم عط َ م إِب ْ َ
مَقا ُ
َ الزمخشريّ ،
1شرح شذور الذهب . 436 ،
2شرح ابن عقيل ، 220/ 2 ،و ينظر :شرح الشموني ، 86 / 3 ،والفرائد الجديدة . 722 / 2 ،
ص إلى أن المطابقة بين عطف البيان ومعطوفه في القرآن الكريم ،قد تمت
مما تقدمَ نخل ُ
ن.بينهما في كلّ المواضع التي ورد فيها عطفُ البيا ِ
ثانيا -المطابقة في عطف النسق :
ف مع المعطوفِ عليه في الحكم العرابي ،يقول سيبويه : فحرفُ العطفِ يُشركُ المعطو َ
ب ما أشركَ بين السمين في الحرف الجار فجريا عليه … " هذا با ُ
ت بينهما في الباء ،فجريا عليه "، 5 وذلك قولكَ ( :مررتُ برجلٍ وحمارٍ قَبلُ ) ،فالواو أشرك ْ
ل على فع ٍل في موضعٍ من ك ل تعطفُ اسماً على اسمٍ ،ول فع ً ويقول المبردُ " :إعل ْم انّ َ
العربيةِ ،إل كان مثله ،تقولُ ( :مررتُ بزيدٍ وعمرٍو ) ،و ( رأيتُ زيدًا وعمراً ) ،و ( وأنا
ب ".6
ب ول تند ْم ) ،ول ْم ُيرَدِ الجوا ُ
آتيكَ وأُكرمُكَ ) ،و ( ول تذه ْ
إنّ القرآنَ الكريمَ حافظَ في نظمه على المطابقة بين المعطوف والمعطوف عليه في
َ
ن
م ْ
جرِي ِ جنَّا ٌ
ت تَ ْ م َ ن اتََّقوْا ِ
عنْد َ َربِّهِ ْ العراب ،فمن ذلك قوله تعالى :لِل ّذِي َ
َ َ
ن الل ّهِ (آل م َ ن ِ ضوَا ٌ مطَهََّرة ٌ َورِ ْ ج ُ ن فِيهَا وَأْزوَا ٌ خالِدِي َ حتِهَا اْلَنْهَاُر َ تَ ْ
َ َ
ما خلْقا ً ِ
م َّ حدِيدا ً أوْ َ جاَرة ً أوْ َ ح َ ل كُونُوا ِ عمران ، )15:وقوله تعالى :قُ ْ
ُ ْ َ َ
ل أبِالل ّهِ م (السراء ، )51-50:وقوله تعالى :ق صدُورِك ُ ْ يَكْبُُر فِي ُ
(التوبة ، )65:وغير ذلك كثيرٌ جداً ، 2 ستَهْزِئُون م تَ ْ سولِهِ كُنْت ُ ْ وَآيَاتِهِ وََر ُ
َ ٌ َ
نل لِل ّذِي َ وهذا في عطفِ السماء ،أمّا مثالُ عطفِ الفعال فنحو قوله تعالى :فوَي ْ
َ َ
ه (البقرة، )79: عنْدِ الل ّ ِ ن ِ
م ْ ن هَذ َا ِ م يَُقولُو َ م ث ُ َّب بِأيْدِيهِ ْ ن الْكِتَا َ يَكْتُبُو َ
ه لَهُ َّ َ َ َ حتَّى يَتَوَفَّاهُ َّ
سبِيلً ن َ ل الل ّ ُ جعَت أو ْ ي َ ْ موْ ُن ال ْ َ َ وقوله تعالى :
َّ
جرا ً إِلَى اللهِ مهَ َا ِ ن بَيْتِهِ ُ م ْ ج ِ خُر ْ ن يَ ْم ْ (النساء ، )15:وقوله تعالى :وَ َ
َ
(النساء: جُره ُ عَلَى الل ّهِ قد ْ وَقَعَ أ ْ ت فَ َ موْ ُ ه ال ْ َ م يُدْرِك ْ ُ سولِهِ ث ُ ََّوَر ُ
3
)100وغير ذلك.
أولها :
إنّ نصبَ ( الصابرين ) يكونُ على إضمار فعلٍ ،وتقديره ( :أعني ) ،جاء في مشكلِ
إعرابِ القرآنِ " :قوله ( والصابرين ) نصب على إضمار ( أعني ) ".1
ثانيها :
ص َبهُ نسق ًا
ي " :وقيل نَ َ
إنّ ( الصابرين ) معطوفٌ على ( ذوي القربى ) ،يقولُ البغو ّ
على ( ذوي القربى ) ،أي ( :وآتى الصابرين ) " ، 2وهو رأيّ الكسائيّ ،وقد رده العكبريّ
3
بقوله " :ول يجوز أن يكونَ معطوفاً على ( ذوي القربى ) ؛ لئل يُفصل بين المعطوف
والمعطوف عليه الذي هو في حكم الصلة بالجنبي وهم الموفون ".4
ثالثها :
إنّ ( الصابرين ) منصوبٌ على الختصاص والمدح ،وهو رأي الخليل رحمه ال ،
جاء في معالم التنزيل " :وقال الخليلُ :نصب على المدح ،والعربُ تنصبُ الكل َم على المدح
والذ ّم ،كأنهم يريدون إفرا َد الممدوح والمذموم ،فل يُتبعونه أ ّولَ الكلم وينصبونه "، 5
ويقول الزمخشريّ " :وأخرج ( الصابرين ) منصوباً على الختصاص والمدح ؛ إظهاراً
لفضل الصبر في الشدائد ومواطن القتال على سائر العمال ".6
ن المقامَ مقا َم مدحٍ ،فال تعالى يمدحُ في هذه اليةِ المؤمنينَ بال
وهو الظاهرُ ؛ ل ّ
واليومِ الخرِ الملئكةِ والكتابِ والنبيينَ ،والذين ينفقون الما َل في كلّ وجوه الخير ،والذين
يقيمون الصلةَ ويؤتون الزكاةَ ،والذين يوفون بعهودهم عند قطعها على أنفسهم ،إل أنّ
هناك صنف ًا من الناس يفوق هؤلءِ كلّهم في الجر والثواب ،أل وهم الصابرون ،وليس أيّ
صبرٍ ،فهناك صبرٌ
1مشكل إعراب القرآن ، 181 / 1 ،وينظر :معالم التنزيل ، 144 / 1 ،والتبيان في إعراب القرآن . 78 / 1 ،
2معالم التنزيل . 144 / 1 ،
3ينظر :فتح القدير . 173 / 1 ،
4التبيان في إعراب القرآن . 78 / 1 ،
5معالم التنزيل . 144 / 1 ،
6الكشاف ، 252/ 1 ،وينظر :النصاف في مسائل الخلف ، 471 – 468/ 2 ،والجامع لحكام القرآن ، 240 - 239 / 2 ،
وتفسير النسفي ، 90 / 1 ،والبحر المحيط ، 140 / 2 ،وفتح القدير . 173 / 1 ،
الصفحة 83من 142
ْ
فِي الْبَأ َ
ساءِ يُحتَملُ ،وآخر ل تُطِي ُقهُ الجبالُ ،فال تعالى حدد هذا الصبرَ بقوله :
ضَراءِ وحين الْبأ ْ
س ،فالصبرُ في البأساء ،الفقر ،1والفقي ُر يحتاجُ إلى الصبرِ َ ِ َ َ ِ وَال َّ ّ
ع تألمَ
في كلّ أمور ِه ،ويُصيبه من اللمِ النفسي والبدني ما ل يُصيبُ غيرَ ُه ،فهو إن جا َ
ب له ،تألمتْ نَفسُهُ .
جسَدُهُ ،وإن رأى ما ل َتنَاُلهُ يدُ ُه ،وهو راغ ٌ ع ِريَ تألم َ
جو ُفهُ ،وإن َ
وأمّا الصبرُ الخير ،فهو حين البأس ،أي الحرب عند قتال العداء ،وهذا مشقةٌ ما
بعده مشق ٌة ،فالنفسُ والبدن يخافان في الحربِ ،الجرحَ والسرَ والقتلَ .
وهذه الحوالُ -البأساء والضراء والبأس -تحتاجُ إلى صبرٍ شديدٍ وعزيمةٍ قويةٍ ،
واحتساب ما يُصيبُ النسانَ فيها من البلءِ ،لِ ع ّز وجلّ ،فلهذا الصنفِ من الناسِ أج ٌر ل
م ) " :سمعتُ جدي سَل ُ ي ( عَلَيِّهِ َ
ما ال َّ ن بنُ عل ّ
يُدانيه أجرُ أيّ عب ٍد ،يقولُ المام الحس ُ
ن في الجنةِشجرةً يُقالُ لها شجرةُ البلوى ،يُؤتى بأهل البل ِء يومَ يقولُ :إ ّ رسولَ الِ
ن ُ ،يصَبُ عليهم الجرُ صب ًا ،وقرأ: القيامةِ ،فل يُرفعُ لهم ديوانٌ ول يُنصَبُ لهم ميزا ٌ
صابرو َ
ب ".2 سا ٍ ح َ م بِغَيْرِ ِ
جَرهُ ْ
نأ ْ ما يُوَفَّى ال َّ ِ ُ َ إِن َّ َ
ل تعالى الصابرين ،وجزاهم ما لمْ يُجازِ عليه أحداً من عباده ، فلكلّ هذه السبابِ مدحَ ا ُ
" إذ لمْ يقصد سبحانه و تعالى مطلقَ الخبر عندما تحدث عنه في البأساءِ ،ولك ّنهُ أرادَ أن
يُثني على هؤلءِ الصابرين ،فعندما تَمّ هذا ،قام بتحويل الكل ِم من السلوب الخبري العادي ،
ن وقعه أكثرَ على عموم الصابرين في إلى أسلوب المدحِ والثناء ،فغّيرَ في إعرابِ الكلمِ ليكو َ
البأساء والضرا ِء ،حتى يحثهم على مزيدٍ من الصبرِ على مصائب الدهر " .
3
نمنُو َ ن يُؤْ ِ
منُو َ م وَال ْ ُ
مؤْ ِ ن فِي الْعِلْم ِ ِ
منْهُ ْ خو َس ُن الَّرا ِ َ
وقال تعالى :لك ِ ِ
ن
مؤْتُو َصلةَ وَال ْ ُ ن ال َّمي َ قي ِ ك وَال ْ ُ
م ِ ن قَبْل ِ َ م ْ
ل ِ ما أُنْزِ َ
َ َ كول إِلَي ْ َما أُنْزِ َبِ َ
جرا ً عَظِيماً َ ُ
خرِ أولَئ ِ َ َ
مأ ْ سنُؤْتِيهِ ْ
ك َ ن بِالل ّهِ وَالْيَوْم ِ اْل ِ منُو َمؤْ ِ الَّزكَاة َ وَال ْ ُ
بعد قوله : صلة َ ن ال َّ مي َقي ِ م ِ(النساء ، )162:فقد نصبَ ال ْ ُ
. ن مؤْ ِ
منُو َ و ال ْ ُ ن
خو َ س ُالَّرا ِ
لقد ذكر العلماءُ لهذه اليةِ أوجه ًا ،منها :
أول :
ثانيًا :
،مخفوضٌ بعطفه على ( ما ) في قوله تعالى : ن ال َّ
صلة َ مي َ
قي ِ
م ِ وَال ْ ُ إنّ
ك ،وبالمقيمين
،أي يكون المعنى " :يؤمنون بما أُنزل إلي َ كل إِلَي ْ َ ما أُنْزِ َ
ب َ
الصلة " ،2أو معطوفٌ على الضمير ( هم ) في ( منهم ) ،والمعنى " :لكن الراسخون في
ك ) ،والمعنى " :يؤمنون بما
العلم منهم ومن المقيمين الصلة " ،3أو على الضمير في ( إلي َ
ك ،وإلى المقيمين الصلة ".4
أُنزل إلي َ
وقد ذكروا غير هذين الوجهين ، 5إل أنّ الوجه الول أولى ؛ لنّ ال تعالى أراد بيان
فضل هذا الصنف من الناس على مَنْ ذُكروا معه ،كالراسخين في العلم والمؤمنين والمؤتين
الزكاة " ،فأراد ال أن يحثَ الناسَ على إقامةِ الصلةِ بمدحِ مقيمي الصلة والثناء عليهم ؛
ب تبعاً للتغير الُسلوبي الذي
فغ ّيرَ أُسلوبه من الخبر العادي إلى المدحِ والثناء ؛ فغ ّيرَ العرا َ
طرأ على الكلمِ والمراد منه " .6
والخلصةُ إنّ المطابق َة بين المعطوف والمعطوف عليه حاصلةٌ في القرآن الكريم في
العراب ،وما ورد مخالفاً لهذه المطابق ِة ،كان لسبابٍ اقتضاها المقامُ والمعنى العام لمثلِ
ت.
هذه اليا ِ
1جامع البيان ، 25 / 6 ،وينظر :معاني القرآن ،النحاس ، 238 / 2 ،ومشكل إعراب القرآن ، 213-212 / 1 ،ومعالم
التنزيل ، 499/ 1 ،وزاد المسير ، 253 / 2 ،والنصاف في مسائل الخلف . 468 / 2 ،
2مشكل إعراب القرآن ، 212/ 1 ،وينظر :زاد المسير . 252 / 2 ،
3معالم التنزيل ، 499 / 1 ،وينظر :زاد المسير . 252/ 2 ،
4المصدر نفسه . 499 / 1 ،
5ينظر :التبيان في إعراب القرآن ، 202 / 1 ،والبحر المحيط ، 135-134 / 4 ،وروح المعاني . 15-14 / 6 ،
6أثر التحويلت الُسلوبية في تغيير العراب في اليات القرآنية والشواهد الشعرية ،يحيى القاسم ،مجلة أبحاث اليرموك
( سلسلة الداب واللغويات ) ،م ، 11 /ع ، 1993 ، 1/ص . 20 /
ي ومعنويّ ،فاللفظيّ :يكونُ بتكرارِ لفظِ المتبوعِ يُقسّمُ العلماءُ التوكيد على نوعين ،لفظ ّ
،وذلك نحو قولنا ( :جا َء زيدٌ زيدٌ ) ،وأمّا التوكيدُ المعنوي :فهو الذي يُزيلُ احتمالَ إرادةِ
غير الظاهرِ من اللفظِ ،كقولنا ( :جاءَ زيدٌ عي ُنهُ ) ،فب ( عينه ) أزال احتمال مجئِ عبدٍ
1
لزي ٍد ،أو كتابٍ له .
ئ وحقيقته " ،3وهما يطابقان المؤَكّ َد في ويُستعملن في التوكيد لرادة " جملة الش ِ
سهُ أو عينَهُ ) و ( مررتُإعرابه ،4فنقولُ ( :جا َء زيدٌ نفسُ ُه أو عي ُنهُ ) ،و ( رأيتُ زيداً نف َ
بزيدٍ نفسِهِ أو عي ِنهِ ) .
س أو العين ،حسبَ المؤَكّ ِد ، ن بتغيير صيغةِ النف ِ وأمّا المطابقةُ في العددِ والجنسِ فتكو ُ
فيُفردان مع المفر ِد ،ويُجمعان مع المُثنى والجمع على وزن ( أ ْفعَل ) ،ويُعادُ على المؤكّدِ
س أو العين ،مطابقٌ للمؤَكّ ِد في الفرا ِد والتثنيةِ الجمعِ ،وفي التذكيرِ والتأنيثِ ضميرٌ مع النف ِ
،نقولُ :
( جا َء زيدٌ نفسُهُ أو عي ُنهُ ) ،و( جاءتْ هن ٌد نفسُها أو عينُها ) ،و ( جاءَ الزيدان أن ُفسُهما أو
سهُم أو أعي ُنهُم أع ُينُهما ) ،و ( جببباءتِ الهندان أن ُفسُهما أو أع ُينُهما ) ،و ( جاءَ الزيدون أن ُف ُ
)،و
1ينظر :شرح المفصل ، 40-39 / 3 ،وشرح شذور الذهب ، 429-428 ،وشرح الرضي على الكافية ، 363 / 2 ،وشرح
الشموني ، 73 / 3 ،و ، 81-79 / 3والفرائد الجديدة . ، 725 / 2 ،
2ينظر :شرح المفصل ، 40 / 3 ،وشرح الرضي على الكاقية ، 363 / 2 ،وشرح ابن عقيل ، 208-206 / 2 ،وشرح
الشموني . 75– 73 / 3 /
3حاشية الخضري . 131 / 2 ،
4أساليب التأكيد في اللغة العربية . 21-17 ،
الصفحة 86من 142
سهُنّ أو أع ُي ُنهُنّ ) .
( جاءتِ الهنداتُ أن ُف ُ
يقولُ الجاميّ ( " :فالولن ) أي النفس والعين ( ،يعمان ) ،أي يقعان على الواحدِ
والمثنى والمجموعِ ،والمذكرِ والمؤنثِ ( ،باختلفِ صيغتهما ) إفرادًا وتثنيةً وجمعاً ( ،و )
اختلفِ ضميرهما العائد إلى المتبوعِ المؤَكّ ِد ( ،تقولُ :نفسُهُ ) في المذكر الواح ِد ،
( نفسُها ) في المؤنثِ الواحدة ( ،أن ُفسُهما ) بإيراد صيغة الجمعِ في تثنية المذكر والمؤنث ،
وعن بعض العرب :
نفساهما وعيناهما ( ،أنفسهم ) في جمع المذكر العاقل ( ،أنفسهن ) في جمع المؤنث وغير
العاقل من المذكر ".1
أمّا المطابقةُ في التعريف والتنكير ،فل يؤكد بالتوكيد المعنوي إل المعارف على الصحيح
؛ لن ألفاظ التوكيد المعنوي معارفٌ ،يقولُ سيبويه عند حديثه عن الوصف بالضمائر " :
ن وصفاً للمظهر ؛ كراهيةَ أن يصفوا المُظ َهرَ بالمُضمر ،كما
واعلمْ أنّ هذه الحروفَ ل تكو ُ
سهِ ) و
كرهوا أن يكونَ أجمعون ونفسه معطوفاً على النكرة في قولهم ( :مررتُ برجلٍ نف ِ
( مررتُ بقو ٍم أجمعين ) " .2
ن يعيشٍ عدمَ الجوازِ هذا بقوله " :وإنما لم تُؤكدِ النكراتِ بالتوكيدِ المعنوي ؛
ويعللُ اب ُ
لنّ النكر َة لم يَثبُتْ لها حقيقة ،والتأكيدُ المعنوي ،إنما هو لتمكين معنى السم وتقرير
س محالٌ " ، 3وهذا رأي جمهور البصريين . حقيقته ،وتمكينُ ما لم يثبتْ في النف ِ
أمّا الكوفيّون والخفش ،فأجازوا توكيدَ النكر ِة توكيدًا معنويًا ،شرطَ أن تكونَ هذه
النكرةُ محدودةً ،كب ( الشهر واليوم والليلة ) وغيرها من اللفاظِ التي تدلُ على مدةٍ معلومةِ
المقدار، 4يقول أبو حيانٍ " ول يجوز عند البصريين أن تؤكدَ النكرةُ بشئٍ من ألفاظ التوكيد ،
ك، وأجاز ذلك بعضُ الكوفيين مطلق ًا ،سواءٌ أكانتْ مؤقتةً ،أم غي َر مؤقتةٍ ،واختاره ابنُ مال ٍ
فأجاز :
( صُمتُ شهراً كّل ُه ) ،و ( هذا أس ٌد نفسُ ُه ) ،وجاء في الشعر توكيدها بما يقتضي الحاطة "
.5
صحُ
ظ ترفعُ " توهم عدم إرادة الشمول " ،6و " ل يُؤك ْد بهن إل ما له أجزاء ي ُ
وهذه اللفا ُ
1الفوائد الضيائية ، 59-58 / 2 ،وينظر :شرح الشموني ، 74-73 / 3 ،وحاشية الخضري ، 131 / 2 ،وأساليب التأكيد في
اللغة العربية . 21-17 ،
2الكتاب ، 386 / 2 ،ويقصد بالحروف ،ضمائرَ الرفع المنفصلة ( :أنا – أنت – نحن … ) .
3شرح المفصل ، 44 / 3 ،وينظر :المقرب ،263 ،وشرح الرضي على الكافية ،272 / 2 ،وشرح شذور الذهب . 429 ،
4ينظر :النصاف في مسائل الخلف ، 456-451 / 2 ،وشرح المفصل ، 45-44 / 3 ،وشرح ابن عقيل ، 211 / 2 ،
وشرح الشموني ، 78-77 / 3 ،والفرائد الجديدة . 725 / 2 ،
5إرتشاف الضرب . 613-612 / 2 ،
6شرح ابن عقيل ، 207 / 2 ،وينظر :الفرائد الجديدة . 725 / 2 ،
الصفحة 87من 142
وقوع بعضها موقعه ؛ لرفع احتمال تقدير بعض مضافٍ إلى متبوعهن ".1فنقولُ ( :مضى
ضيّ بعضِهِ .ن جميعَ الركبِ قد مضى ،ولزالة احتمال ُم ِ الركبُ كّلهُ ) ،للتأكيد على أ ّ
ويؤكد بب ( كل ) المثنى المذكر وبب( كلتا ) المثنى المؤنث ،فنقولُ ( :جاءَ الزيدان
كلهما ) ،و ( جاءتِ الهندان كلتاهما ) ،حيثُ يرفعُ هذان اللفظان إراد َة غيرِ التثنيةِ .
والمطابقةُ في هذين اللفظين تكون في العراب رفعًا ونصباً وجراً ،فنقولُ ( :ذه َ
ب
الزيدان كلهما ) ،و ( ذهبتِ الهندان كلتاهما ) ،ونقولُ ( :ضربتُ الزيدَينِ كليهما والهندَي ِ
ن
ن كلتيهما ) .
كلتيهما ) ،وقولُ ( :مررتُ بالزيدينِ كليهما وبالهندي ِ
ق بين ال ُمؤَكّدِ
ن مؤَكّدِهما معرفةً ؛ ليتم التطاب ُ
ول يُؤكدْ بهما النكرة ،بل يجبُ أن يكو َ
وال ُمؤَكّدِ ،2والمثلةُ التي ذكرناها تُوضحُ ذلك ،ول ْم ُيؤَكّدْ بهما في القرآن الكريم أيضاً .
وأمّا ( كل وجميع وعامة ) فترفعُ هذه اللفاظُ احتمالَ إرادة عد ِم الشمولِ ،3وهي تُطابقُ
ب كّلهُ أو جمي ُعهُ أو عام ُتهُ ) و ( رأيتُ الركبَ كّلهُ أوُمؤَكّدِها إعراب ًا ،فنقولُ ( :جاءَ الرك ُ
جمي َعهُ أو عا َم َتهُ ) ،و ( مررتُ بالركبِ كّلهِ أو جميعِ ِه أو عامتِ ِه ) .
وبالرغ ِم من أنّ لفظي ( كل وجميع ) مفردٌ مذكرٌ ،ولفظ ( عامة ) مفردٌ مؤنثٌ ،
فالمطابقةُ حاصل ٌة بين هذه اللفاظ ومؤكّدها ،حيثُ تُضافُ إلى ضمائرَ تعودُ على المؤكّد ،
ت الكتابَ كّلهُ أو جمي َعهُ أو عام َتهُ ) ،و
تُطابقهُ في العدد وفي الجنس ،فنقولُ ( :قرأ ُ
( اشتريتُ الدارَ ُكلّها أو جميعَها أو عامتَها ) ،و ( جاءَ المحمدون كّلهُم أو جمي ُعهُم او
ن).ن أو جمي َعهُنّ أو عام َتهُ ّ
عام ُتهُم ) ( , ،رأيتُ الهنداتِ كّلهُ ّ
وأمّا المطابقةُ في التعريف والتنكير َ ،ف ُمؤَكّدُ هذه اللفاظ معرفةٌ مُطابقٌ لها كما هو واضحٌ
من المثلةِ ،جا َء في شرح ابن عقيل " :ول بُ ّد من إضافتها كلّها إلى ضميرٍ يُطابقُ المؤَكّدَ
".4
وقد وقع في النظم القرآني التوكيدُ بب ( كل وجميع ) ،وقد جاءَ التوكيد في هذه المواط ِ
ن
كلّها مطابق ًا للمؤَكّدِ في العراب وفي العدد وفي الجنس وفي التعريف ،فمثالُ التوكيد بب ( كل
ُ ُّ َ
ه لِل ّهِ
ن كل ُ ة وَيَكُو َ
ن الدِّي ُ حتَّى ل تَكُو َ
ن فِتْن َ ٌ م َ ) ،قوله تعالى :وَقَاتِلُوهُ ْ
َ َ َ
(النفال )39:وقوله تعالى : صيٌر ملُو َ
ن بَ ِ ما يَعْ َ ن الل ّ َ
ه بِ َ فَإ ِ ِ
ن انْتَهَوْا فإ ِ ّ
1شرح الشموني . 75 / 3 ،
2ينظر :شرح ابن عقيل ، 208 / 2 ،وشرح الشموني . 75 / 3 ،
3ينظر :شرح ابن عقيل ، 207 / 2 ،وشرح الشموني . 74 / 3 ،والتقان في علوم القرآن . 177 / 2 ،
4شرح ابن عقيل ، 208 / 2 ،والضمير في (كلها) يعود على ( كل وكلتا وجميع ) ،وينظر :شرح الشموني ، 75 / 3 ،
والفرائد الجديدة . 725 / 2 ،
4
ولم يُؤك ْد بب ( أجمع ) ول بب ( جميع ) ،المؤنثَ المفردَ ،ول المؤنثَ الجمعَ ،ولمْ يُؤك ْد بب
( عامة ) ،في القرآن الكريم مطلقًا .
كما قلنا إنّ التوكيد اللفظي يكون بتكرار لفظ المتبوع ،ويكون في " السم والفعل
ش)
والحرف والجملة والمظهر والمضمر " ،5فنقولُ ( :جا َء زيدٌ زيدٌ ) ،و ( جاءَ جاءَ الجي ُ
ق ) ،و ( ما أعجبني إل أنتما ل ناصرُ الح ّ ل ناصرُ الحقّ ا ُ
،و ( إنّ إنّ زيداً قائ ٌم ) ،و ( ا ُ
أنتما ) .
المبحث الرابع
يُع ّرفُ العلماءُ البدلَ بأنّه " :تاب ٌع مقصودٌ بالذكرِ ،وذكرُ المتبوعِ قبله للتوطئة والتمهيد
" ، 2أو " هو " التابعُ المقصودُ بالنسبة بل واسطة " ،3وذلك نحو قولنا ( :جاءَ أخوكَ زيدٌ )
.
وهو ينقسمُ على أربعةِ أقسا ٍم :بدلٍ مطابقٍ :وهو ما يكونُ فيه البدلُ مساوياً للمبدلِ منه
ل بعضٍ من كلّ :وهو ما يكونُ فيه البدلُ في المعنى ،كقولنا ( :مررتُ بأخيكَ زيدٍ ) ،وبد ِ
جزءاً من المبدلِ منه ، ،كقولنا ( :أكلتُ الرغيفَ ثُُلثَهُ ) ،وبدلِ الشتمالِ " :وهو بدلُ شئٍ
4
من شئٍ يشتملُ عامله على معناه بطريق الجمال ،كأعجبني زيدٌ عل ُم ُه أو حس ُنهُ أو كل ُمهُ "
ن فيه ذكرُ المبدلِ ،والبدل المباين ،وهذا ينقسمُ ثلثة أقسام ،أولها :بدل الغلط :وهو ما يكو ُ
ط ،كقولنا ( :رأيتُ حصاناً حمارًا ) ، منه غلط ًا باللسان ،ويكون البدلُ تصحيحَ ذلك الغل ِ
وثانيها :بدل النسيان :وهو الذي يكون فيه ذكرُ البدلِ من المتكلمِ عمدًا ،ثم يتبين له عدمَ
عهُ كما صحة قصده ،فيتركه ،ويذكرُ البدلَ ،وثالثها :بدل الضراب " :وهو ما يُقصَدُ متبو ُ
2اليضاح في شرح المفصل ، 449 / 1 ،وينظر :شرح الرضي على الكافية ، 379 / 2 ،وشرح شذور الذهب . 439 ،
3شرح ابن عقيل . 247 / 2 ،
4شرح الشموني . 25 / 3 ،
الصفحة 91من 142
ت خبزاً ،ثم بدا لكَ
ت خبزاً لحم ًا ) ،قصدتَ أو ًل الخبارَ بأنّكَ أكل َ
يُقصَدُ هو ، 000نحو ( :أكل ُ
1
أنكَ تُخبرُ أنكَ أكلتَ لحم ًا أيضًا ".
والمطابقةُ في البدلِ تكونُ في أقسامه الثلثة الُو ِل ؛ لنّها الجارية في القرآن الكريم ،
ن في القرآن وفيوفي كلم العرب ،شعرهم ونثرهم ،يقولُ المبردُ " :فهذه ثلث ُة أوجه تكو ُ
ن مثله في القرآن ول شعر ول كلم الشعر وفي كلم كل مستقيم ،ووجهٌ رابعٌ ل يكو ُ
مستقيم ،وإنما يأتي في لفظ الناسي أو الغالط " . 2
وكون البدل من التوابع ؛ فالمطابقةُ جاريةٌ بينه وبين المبدل منه ،في العراب ،نقول :
( جاءَ أخوكَ زيدٌ ) ،و ( رأيتُ أخاكَ زيدًا ) ،و ( مررتُ بأخيكَ زيدٍ ) ،يقولُ أبو عليّ
ن يعيش " :البدلُ ثانٍ يُقدرُ في الفارسيّ " :والبدلُ يُعربُ بإعرابِ المبدلِ منه " ،3ويقولُ اب ُ
ن من حيثُ كان تابع ًا للول في ك زيدٍ ) فب ( زي ٌد ) ثا ٍ موضع الول ،نحو قولكَ ( :مررتُ بأخي َ
إعرابه ،واعتباره بأن يُقدرَ في موضع الول " ،وهذا التطابقُ جارٍ على كل أقسام البدل ،
4
أما المطابقةُ في الفراد وفرعيه ،وفي التذكير والتأنيث ،فَتلزمُ إذا كان البدلُ مطابقاً ،
س غيرُ ،يقول الشموني " :وأما الفرادُ والتذكير وأضدادهما ،فإن كان بدلَ ك ّل ،وافقَ لي َ
متبوعه فيها ما لم يمن ْع مانعٌ من التثنية والجمع ؛ لكون أحدهما مصدراً ،نحو ِ ( :إنّ
عنَاباً) (النبأ ، )32-31:أو ُقصِدَ به التفصيلَ ،كقوله :
حدَائِقَ وََأ ْ
َ لِ ْل ُمتّقِينَ مَفَازاً
4 1شرح ابن عقيل ، 249 / 2 ،وينظر في أقسام البدل :الكتاب ، 158-150 / 1 ،و ، 440-439 / 1والمقتضب , ، 27 / 1 ،
، 298-295 /وشرح المفصل ، 66-63 / 3 ،وشرح ابن عقيل ، 250-249 / 2 ،وشرح شذور الذهب ، 429-428 ،وشرح
الشموني . 126-124 / 3 ،
2المقتضب ، 297 / 4 ،ويقصد بـ ( ثلثة أوجه ) :بدل المطابقة ،والبعض من الكل ،وبدل الشتمال .
3المقتصد في شرح اليضاح . 929 / 2 ،
4شرح المفصل ، 63 / 3 ،وينظر :شرح الشموني . 127 / 3 ،
5ينظر ( :فاطر ( ، ) 14 /آل عمران ( ، ) 97 /البروج . ) 5-4 /
حدَائِقَ وَأَع ْنَابا ً مفَازا ً َ
ن َ متَّقِي َ
ن لِل ْ ُ 6شرح الشموني ، 128 / 3 ،واليتان من قوله تعالى ( :إ ِ َّ
ن فِيهَا لَغْوا ً وَل كِذَّاباً) (النبأ)35-31 : ْ َ
م ُعو َ ب أتَْرابا ً وَكَأسا ً دِهَاقا ً ل ي َ ْ
س َ وَكَوَا ِ
ع َ
،والظاه ُر أنها من بدل الشتمال ،أو بدل البعض من الكل ،ل من البدل المطابق ،بدليل الياتِ التي بعد هاتين اليتين ،فال
تعالى يُبينُ أن للمتقين مفازًا متمثلً بالحدائق والعناب ،والكواعب التراب ،والكأس المملوءة ،وعدم سماع المتقين للغو
والكذب ،فهذه مكونات المفاز ،أو الفوز في الجنة ،فهي أجزاءٌ لذلك الفوز ،أو أن الفوز مشتملٌ على هذه الشياء ،وأما
ق ،فيكون بالنظر إلى معنى المصدر ( مفازًا ) ،وذلك بجعله عين الشياء التي ذكرها ال تعالى جعل الية على أنها بدلٌ مطاب ٌ
بعد ذلك المفاز ،ينظر :تفسير البيضاوي ، 443/ 5 ،وفتح القدير ، 368 / 5 ،وروح المعاني ، 18 / 30 ،وأما الشاهد
الشعري ،فهو لكثير عزّة ،والشاهد فيه إبدال ( رجل صحيحة ) ،من ( ( رجلين ) ،وعطف على الرجل الولى ( ورجل ) ؛
ب أن يكون المبدل مثنىً كالمبدل منه ،فقد أجمل ثم فصّل ،ينظر :ديوان كثير عزّة ، 99 ،
ى ،فوج َن المبدل منه مثن ً
لّ
الصفحة 92من 142
م
قي َ
ست َ ِ ط ال ْ ُ
م ْ صَرا َ
اهْدِنَا ال ِّ فمثالُ المطابقة إفراداً وتذكيراً ،قوله تعالى :
ط ال ّذي َ َ
ذَل ِ َ
ك (الفاتحة ، )7-6:وقوله تعالى : ت عَلَيْهِ ْ
م م َن أنْعَ ِْ َ صَرا َ ِ
1
(البقرة ، )2:وغير ذلك . ن مت َّ ِ
قي َ ب فِيهِ هُدىً لِل ْ ُ ب ل َري ْ َالْكِتَا ُ
جَرةَ ش َ ومثالُ المطابقة إفراداً وتأنيثاً ،قوله تعالى :ول تَْقربَا هَذِهِ ال َّ
َ َ
َّ َ َ َ َّ
ن
َ ي ِ ذ ال ى ل إ
َ ِ ر َ ت مْ ل أ : تعالى وقوله ، ) 35 (البقرة: ن
َ مي ِ ِ ل ا ن الظ َ فَتَكُونَا ِ
م
َّ ُ ً َ ُ
صلَوْن َ َها م يَ ْ جهَن َّ َ َ م دَاَر الْبَوَار مهُ ْ حل ّوا قَوْ َ ت اللهِ كْفرا وَأ َ م َ بَدَّلُوا نِعْ َ
راُر (إبراهيم ، )29-28 :وغير ذلك . س الَْق َ وَبِئ ْ َ
2
َّ َ َ َ
نل ال ّذِي َ ه قو ْ معَ الل ُ س ِ قد ْ َ ومثالُ المطابقة جمعاً وتذكيراً ،قوله تعالى :ل َ َ
م اْلَنْبِيَاءَ ن الل َّه فَقير ونح َ
ما قَالُوا وَقَتْلَهُ ُ ب َ سنَكْت ُ ُ ن أغْنِيَاءُ َ َ ِ ٌ ََ ْ ُ قَالُوا إ ِ َّ
م وَأ َ َّ
ن ت َأيْدِيك ُ ْ
َ
م ْ ما قَد َّ َ ك بِ َ ق ذَل ِ َ ِ حرِي ب ال ْ َ ل ذ ُوقُوا عَذ َا َ ق وَنَُقو ُ ح ٍّ بِغَيْرِ َ
ْ ّ ن الل ّه عَهد إلَينا أ َ َ َ ُ َ َ ّ ْ َ ّ َ َ َّ
ن
َ م
ِ ؤ ُ ن ل َ ْ ِ ِ َ َ ّ ِ إ وا ال ق ن
ْ َ يِ ذ ل ا د
ِ يِ ب َ ع ل ِ ل لم
ٍْ ظ ِ ب س
َ ْ ي ل ه
َ الل
نم ْ ل ِ س ٌ م ُر ُ جاءَك ُ ْ ل قَد ْ َ ه النَّاُر قُ ْ ن تَأكُل ُ ُ حتَّى يَأتِيَن َ َا بُِقْربَا ٍ ل َ سو ٍ لَِر ُ
ن (آل صادِقِي َ م َ ن كُنْت ُ ْ م إِ ْ موهُ ْ م قَتَلْت ُ ُ م فَل ِ َ ت وَبِال ّذِي قُلْت ُ ْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَا ِ
َ َ
ن إِذ َا ذ ُكَِر الل ّ ُ
ه ن ال ّذِي َ منُو َ مؤْ ِ ما ال ْ ُ عمران ، )183-181 :وقوله تعالى :إِن َّ َ
م مانا ً وَعَلَى َرب ِّهِ ْ م إِي َ ه َزادَتْهُ ْ م آيَات ُ ُ ت عَلَيْهِ ْ م وَإِذ َا تُلِي َ ْ ت قُلُوب َُهُ ْ جل َ ْ وَ ِ
َ
(النفال: نم يُنِْفُقو َ ما َرَزقْنَاهُ ْ م َّ صلة َ وَ ِ ن ال َّ مو َ قي ُ ن يُ ِ ن ال ّذِي َ يَتَوَك ّلُو َ
3
، )3-2وغير ذلك .
وأما مثال المطابقة جمعاً وتأنيثًا ،فنحو قوله تعالى :وتِل ْ َ َ
م نُدَاوِلُهَا بَي ْ َ
ن ك اْليَّا ُ َ
نسا ٌح َ ت ِ خيَْرا ٌ س (آل عمران ، )140:وقوله تعالى :فِيهِ َّ
ن َ َ
الن ّاَ ِ
ت فِي ال ْ ِ
خيَام ِ صوَرا ٌ
مْق ُ
حوٌر َذّبَــان ُ ما تُك َ ِ
ي آلءِ َربِّك ُ َ
فَبِأ ِ ّ
(الرحمن. )72-70:
فنحنُ نلحظُ أنّ المطابقةَ حاصل ٌة بين البدل والمبدل منه في العدد ،وفي الجنس ،في
ت التي وردت .
اليا ِ
والكتاب ، 433-432 / 1 ،والمقتضب ، 290 / 4 ،وشرح المفصل ، 69-68 / 3 ،و شرح شواهد الشموني على هامش شرح
الشموني .138 / 3 ،
ن عصفور " :والبد ُل ينقسم بالنظر إلى التعريف والتنكير ،أربعة أقسام :
ويقول اب ُ
معرفة من معرفة ،ونكرة من نكرة ،ومعرفة من نكرة ،ونكرة من معرفة " .
2
ن يعيشٍ عدمَ وجوب المطابقة بين البدل والمبدل منه تعريفاً أو تنكيرًا بقوله " :ويعللُ اب ُ
ليس المرُ في البدل والمبدل منه كالنعت والمنعوت ( فيلزم تطابقُهما في التعريف والتنكير )
كما كان ذلك في النعت ؛ لنّ النعت من تمام المنعوت ،وتحليةً له ،والبدل منقطعٌ من المبدل
منه ،يُقدرُ في موضع الول على ما ذكرنا ؛ فلذلك يجوز بدلُ المعرفة من المعرفة ،والنكرة
من المعرفة ،والنكرة من النكرة ،والمعرفة من النكرة ". 3
وتعليلُ ابنِ يعيشٍ هذا ،على جعلِ البدلِ في موضع المبدلِ منه ،فب " لما كان مقصودًا
والولُ كالتتمة ،لمْ يلز ْم مطابقته ،كما لزمَ في التتمة ؛ لقوةِ ما هو أص ٌل ،وضعفِ ما هو
فرعٌ ،والبد ُل أصلٌ ؛ لنّهُ مقصودٌ ،والصفةُ فرعٌ لنّها تتمةٌ ". 4
وعلى رأي من يقولُ إنّ البدلَ في حكم تكرير العامل ،يكونُ المبدلُ منه وعامُل ُه جملة ،
والبدلُ وعامُلهُ جملة أُخرى ؛ " فل يلزم التطابقُ ". 5
إنّ النظ َم القرآني استعملَ البدلَ مطابقاً للمبدل منه ،تعريفاً وتنكيراً ،واستعمله مخالفاً
للمبدل منه أيض ًا .
صَرا َ
ط فمثالُ إبدال المعرفة من المعرفة ،بدلً مطابقًا ،قوله تعالى :اهْدِنَا ال ِّ
ط الَّذي َ
م وَلب عَلَيْهِ ْضو ِ م غَيْرِ ال ْ َ
مغْ ُ ت عَلَيْهِ ْ صَرا َ ِ َ
ن أنْعَ ْ
م َ ِ مقي َست َ ِ
م ْ ال ْ ُ
جعَ َ
ل ن (الفاتحة ، )7-6:وقوله تعالى :إِذ ْ َ ضال ِّي َ
ال َّ
م يَك ُ ِ
ن َ أما أمثلة تخالف البدل والمبدل منه تعريفاً وتنكيرًا ،فنحو قوله تعالى :ل َ ْ
ْ ال ّذين كََفروا م َ
محتَّى تَأتِيَهُ ُ
ن َ كّي َ
ف ِ
من ْ َ
ن ُ شرِكِي َ ب وَال ْ ُ
م ْ ل َ الْكِتَا ِ ن أه ْ ِ ِ ْ ُ ِ َ
رةً (البينة ، )2-1:وقوله مطَهَّ َ
حفا ً ُ ص ُن الل ّهِ يَتْلُو ُ م َ
ل ِ سو ٌ الْبَيِّنَة َ ر ُ
َ
صلَوْنَهَا فَبِئ ْ َ
س م يَ ْ جهَن َّ َب َ مآ ٍشَّر َ ن لَ َن لِلط ّاِغي َ تعالى :هَذ َا وَإ ِ َّ
6
ص ، ) 56-55 :وغير ذلك . مهَادُ ( ّ ال ْ ِ
وبالرغم من جواز تخالف البدل والمبدل منه تعريفاً وتنكيرًا ،فقد استعمل القرآن الكريم
البدل والمبدل منه متطابقين ،في مواطنَ تصلُ إلى ضعفِ مواطنِ التخالف بينهما .
ولنّ الضمير من الشياء المبهمة ؛ فإنّهُ يحتاجُ إلى ما يُفسره ،ويرفع عنه هذا البهامَ ،
كما في السماء الموصولة ،إذ تُوج ُد جمل ُة الصلة التي تُزيلُ إبها َم تلك السما ِء .
وليس هذا بجارٍ على كل أقسام الضمير الثلثة ،فضمير المتكلم أو المخاطب ،ل يحتاجُ
ن حضورَ صاحبه أو المشاهدة تؤدي ذلك ،وأما ضمير الغائب ، إلى ما يُوضحهُ أو يُفسر ُه ؛ ل ّ
ش " :والحوالُ
ن يعي ٍسرِ أو المرجع ،يقولُ اب ُ فخالٍ من هذه المشاهدة ؛ فاحتاج إلى هذه المُفَ ّ
المقترنة بها ،حضور المتكلم والمخاطب ،والمشاهدة لهما ،وتَقَدّمُ ذِك ِر الغائب الذي يصيرُ
بمنزلة الحاضر الشاهد ".2
ويقولُ السيوطيّ " :ضمير التكلم والخطاب يُفسرهما المشاهدة ،وأما ضمير الغائب ،
3
فعارٍ عن المشاهدة ؛ فاحتيجَ إلى ما يُفسرهُ "
ل: وهذا المفسّر – في العم الغلب – يكون اسمًا ظاهراً مقدماً على ضميره ، 4فنقو ُ
ضرَبتُهُ ) ،وأن يكون القرب إليه ،نقولُ ( :ضربتُ زَيداً وعمراً أوجعتُهُ ) ،فالهاءُ ( محمدٌ َ
عائد ٌة على ( عمراً ) إل إذا وجد دليلٌ على أنّ الضميرَ عائدٌ على غير القرب " ،كما في
ريَّت ِ ِ
ه في ذُ ّ ِعلْنَا ِ
ج َ
و َ
ب َ قو َ ع ُ
وي َ ْ
حاقَ َس َ هبْنَا ل َ ُ
ه إِ ْ و َ
و َ
َ قوله تعالى :
ب ،فضمير ( ذريته ) عائ ٌد على إبراهيم ،وهو غير القرب ؛ لنّهُ والْكِتَا َ
وةَ َ
النُّب ُ َّ
المُحَ ّدثُ عنه من أول القصة إلى آخرها ".5
1ارتشاف الضرب ، 462/ 1 ،وينظر :شرح الرضي على الكافية ، 401/ 2 ،والفوائد الضيائية . 6/ 2 ،
2شرح المفصل ، 84 / 3 ،والضمير في (بها) ،يقصد به الضمائر .
3همع الهوامع ، 227/ 1 ،وينظر والضمائر في اللغة العربية . 95 ،
ل ( :أكرمَ أخاهُ محمدٌ ) فالضميرُ في ( أخاه ) ،عائدٌ على ( 4إذ قد يتقدمُ الضمي ُر على مرجعه في اللفظ دون المعنى ،كما نقو ُ
محمدٌ ) ،وإن تقدمَ عل مرجعه ؛ لن الصلَ ( أكر َم محمدٌ أخاه ) ،ينظر :إرتشاف الضرب ، 481/ 1 ،وشرح الرضي على
الكافية ، 404/ 2 ،والفوائد الضيائية . 76/ 2 ،
5همع الهوامع ، 227/ 1 ،والية من ( العنكبوت ، ) 27 /وينظر :معاني النحو ، 66/ 1 ،والضمائر في اللغة العربية 96 ،
الصفحة 97من 142
(القدر ، )1:أي القرآن الكريم ،أو يكون ر
قدْ ِ في لَيْل َ ِ
ة ال ْ َ أَنَْزلْنَاهُ ِ
بقَر ُو أَ ْ دلُوا ُ
ه َ ع ِ
المف ّسرُ جزءًا من مدلول مرجعه ،كما في قوله تعالى :ا ْ
(المائدة ، )8:فالضمير ( هو ) يعود على العدل المفهوم من وى ق َلِلت َّ ْ
ل على المصدر والزمان ،في حين ( اعدلوا ) ،والعدلُ جز ٌء من ( اعدلوا ) ؛ لن الخير يد ُ
ل الول على المصدر فقط . يد ُ
ول بُدّ لهذا الضمير من مطابقة مرجعه في العدد وفي الجنس ،فإذا كان المرجع مفرداً
مذكراً ،وجب أن يكون الضمير مفرداً مذكراً ،وإذا كان المرجع مفرداً مؤنثًا ،وجب أن يكونَ
الضميرُ مفرداً مؤنثاً ،وإذا كان المرج ُع مثنىً ،وجب أن يكون الضمير مثنىً ،وإذا كان
المرجعُ جمعاً مذكراً ،وجب أن يكون الضمير جمعاً مذكراً ،وإذا كان المرجعُ جمعًا مؤنثاً ،
ي " :وقد قسّم النحويون ضميرَ الغيبة إلى وجب أن يكون الضمير جمعاً مؤنثًا ،يقول الزركش ّ
أقسام :أحدها – وهو الصل – أن يعود إلى شي ٍء سبق ذكره في اللفظ بالمطابقة ،نحو :
2 ،إِذَا ه
ح ابْن َ ُونَادَى نُو ٌ وى ، غ َ ه َ
ف َ م َرب َّ ُ صى آدَ ُ ع َ و َ
1
َ َ
ن ال ْ ُ
قْرآ َ ن
عو َ م ُ
ست َ ِ
،وقوله :ي َ ْ 3
ها م يَك َ ْ
د يََرا َ ج يَدَهُ ل َ ْ
خَر َ أَ ْ
.5 " 4 ضُروه ح َ ما َ فل َ ََّ
المبحث الول
( 1طه . ) 21 /
( 2هود . ) 42 /
( 3النور ) 40 /
( 4الحقاف . ) 29 /
5البرهان في علوم القرآن . 25 / 4 ،
فالصلُ عند مجيء ضمير غائ بٍ مفردٍ مذكرٍ ،أن يكون مطابقًا لمرجعه
َ
ها علَي ِْ َ
ل َ خ َما دَ َ ،وهذا مــا جاء عليــه القرآن الكريــم ،قال ال تعالى :كُل ِّ َ
َ
ك م أن َِّى ل َِ ِ مْري َِ ُ رْزقا ً َ
قا َ
ل ي َِا َ ها ِ
عنْدَِ َجدَ ِ و ََ ب
حَرا َِ ري َِّا ال ْ ِ
م ْ ِ َزك َ
َ
ه (آل عمران ، )37:فالضميرُ ( هو ) د الل ّ ِ
عن ْ ِن ِ م ْو ِه َ
ت ُ قال َ ْهذَا َ َ
عائدٌ على ( رزقاً ) ،وقــد جاء مطابقاً لمرجعــه فــي العدد والجنــس ،فالضميرُ مفردٌ
مذكرٌ وكذا مرجعه .
الول:
ظ مفردٌ مذكرٌ ؛ ولذلك
إن ( الوصية ) في الية الكريمة بمعنى ( اليصاء ) ،وهذا لف ٌ
ن بَدَّل َ ُ
ه م ْف َجاز عودُ الضمير عليه مفرداً مذكراً ،وبهذا تتم المطابق ُة ،قال الواحديّ َ " :
ه ،أي بدل اليصاء وغيره من وصي وولي وشاهد بعدما سمعه عن ع ُ
م َ
س ِ
ما َ عدَ َ
بَ ْ
فمن غيّر اليصاء عن وجهه إن كان ن بَدَّل َ ُ
ه م ْ
ف َالميت " ، 1وقال الزمخشريّ َ " :
موافقًا للشرع من الوصياء والشهود ".2
الثاني :
إن الهاء عائدة على مفهومٍ من السياق يدلُ عليه الظاهر ،وهو أمر الميت ،فال تعالى
خيْراً علَيك ُم إذَا ح َ َ
ك َ ن تََر َ ت إِ ْو ُ
م ْم ال ْ َ
حدَك ُ ُ
ضَر أ َ َ ب َ ْ ْ ِ يقول :كُت ِ َ
،فالهاء عائدة على أمر الميت ،قال الطبريّ " :فإن قال لنا قائلٌ : صي َّ ُ
ة و ِ ال ْ َ
؟ قِيلَ على محذوف من الكلم يدل عليه ن بَدَّل َ ُ
ه م ْ وعلمَ عادت الهاءُ في قوله َ :
ف َ
الظاهر ،وذلك هو أمر الميت وإيصاؤه إلى من أوصى إليه ،بما أوصى به ،لمن أوصى له
" ،3ولفظ ( أمر الميت ) مفر ٌد مذكرٌ ،وبه يتم التطابقُ بين الضمير ومرجعه إفراداً وتذكيراً .
وقد ذكر أبو حيان أن الضمير في الية راجعٌ على " أمر ال تعالى في هذه الية " ،4وهو
ن
م ْ مردودٌ بقول الطبري رحمه ال ،حيثُ يقولُ " :وإنما قلنا إن الهاء في قوله َ :
ف َ
ف من الكلمِ يدل عليه الظاهر ؛ ل ّن قوله :كُت ِ َ
ب عائدةٌ على محذو ٍ هبَدَّل َ ُ
علَيك ُم إذَا ح َ َ
، صي َّ ُ
ة خيْرا ً ال ْ َ
و ِ ن تََر َ
ك َ ت إِ ْ
و ُ م ال ْ َ
م ْ دك ُ ُ
ح َ
ضَر أ َ َ َ ْ ْ ِ
من قوله تعالى ،إن تبديل ال ُمبَدّل إنما يكون لوصية الموصي ،فأما أمرُ ال بالوصية ،فل
يقد ُر هو ول غيره أن يُبدله ".5
أولً:
يعنططي ه
من ِْ ُ
ة ِم ٍإن ( الكلمططة ) فططي اليططة بمعنططى ( الخططبر ) ،قال الطططبريّ " :وقوله :بِكَل ِ َ
ن إليّ كلمةً سرني بها ) ،بمعنى ( :أخبرني
برسالة من ال وخبر من عنده ،وهو من قول القائل ( :ألقى فُل ٌ
خبراً َفرِحتُ به) ".1
ثانياً:
؛ فقد َذ ّكرَ لهذا المعنى ،قال الزمخشريّ " :فإن قلتَ سمّى الكلمة َذ َكرٌ ،وهو نبي ال عيسى بما أن مُ َ
2
سمّى بها مذكرٌ " .
ِ :ل َم ذ ّكرَ ضمير الكلمة ؟ قلتُ :لن ال ُم َ
ن ثالثاً :إن عيسى خلقه ال تعالى بكلمة ،أي أن عيسى أوجده ال تعالى بقوله :ك ُ ْ
ن ، ،فالمقصود بـ ( الكلمة ) الولدُ الذي وجوده في الحياة الدنيا بقول ال تعالى :ك ُ ْ
بت َ َر ِّ قال َ ْ َ وقد ذكر ال تعالى هذا المر في عدد من اليات الكريمة ،قال ال تعالى :
َ
ك الل ّ ُ
ه ل كَذَل ِ ِ قا َ شٌر َ سنِي ب َ َ س ْ م َ م يَ ْ ول َ ْ ولَدٌ َ ن لِي َ أنَّى يَكُو ُ
َ
فيَكُو ُ
ن ن َ ه كُ ْ ل لَ ُ قو ُ ما ي َ ُ فإِن َّ َ مرا ً َ ضى أ ْ ق َ شاءُ إِذَا َ ما ي َ َ ق َ خل ُ ُ يَ ْ
َّ مث َ َ (آل عمران ، )47:وقال تعالى :إ ِ َّ
ه
عنْدَ الل ِ سى ِ عي َ ل ِ ن َ
فيَكُو ُ
ن ن َ ه كُ ْ ل لَ ُ قا َ م َ ب ث ُ َّ ن تَُرا ٍ م ْ ه ِق ُ خل َ َ م َ ل آدَ َ مث َ ِ كَ َ
لو َ ق ْ م َ مْري َ َ ن َ سى اب ْ ُ عي َ ك ِ (آل عمران ، )59:وقال جلّ شأنُ ُه :ذَل ِ َ
ن يَت َّ ِ فيه يمت َرون ما كَان لِل َّ َ َ
ول َ ٍ
د ن َ م ْ خذَ ِ هأ ْ ِ َ َ َ ذي ِ ِ َ ْ ُ ق ال ّ ِ ح ِّ ال ْ َ
َ
نفيَكُو ُ ن َ ه كُ ْ ل لَ ُ قو ُ ما ي َ ُ فإِن َّ َ مرا ً َ ضى أ ْ ق َ ه إِذَا َ حان َ ُ سب ْ َ ُ
ملئِك َ ُ
ة ت ال ْ َ قال َ ِ (مريم ، )35 -34:قال ابن كثير " :قال ال تعالى :إِذْ َ
َّ
،أي بولدٍ يكون وجوده ه
ُ من ْ ة ِ م ٍ َ ك بِكَل ِ شُر ِ ه يُب َ ّ ِ َ ن الل م إ ِ َّ مْري َ ُ يَا َ
َ
كشُر ِ ه يُب َ ّ ِ ن الل ّ َ بكلمةٍ من ال ،أي بقوله كنْ فيكونُ " .ويقول الزركشيّ " :و إ ِ َّ 3
،تجوّز بالكلمة م مْري َ َ ن َ سى اب ْ ُ عي َ ح ِ سي ُ م ِ ه ال ْ َ م ُ س ُ ها ْ من ْ ُ ة ِ م ٍ بِكَل ِ َ
في الدُّنْيَا جيها ً ِ و ِ َ ب ،بدليل قوله : عن المسيح ؛ لكونه تكوّن بها من غير أ ٍ
،ول تتصف الكلمة بذلك " ،4والرأي الخير نقَّربِي َ ن ال ْ ُ
م َ م َ و ِ ة َ خَر ِ واْل ِ َ
1جامع البيان . 269 / 3 ،
2الكشاف ، 323 / 1 ،وينظر :تفسير النسفي ، 158 / 1 ،وإرشاد العقل السليم ، 36 / 2 ،وروح المعاني . 160 / 3 ،
3تفسير القرآن العظيم . 364 / 1 ،
4البرهان في علوم القرآن . 297 / 2 ،
الصفحة 101من 142
َ
مه لَك ُ ْ
ن بِالل ّ ِ
فو َ حل ِ ُأولى ؛ لدعم القرآن الكريم له ،وقال تعالى :ي َ ْ
ن كَانُوا ضوك ُم والل َّه ورسول ُه أ َح ُ َ
ضوهُ إ ِ ْن يُْر ُ قأ ْ ُ َ ّ ُ َ َ ُ ْ َ لِيُْر ُ
(التوبة ، )62:فقد جاء الضمير مفرداً مذكراً ،وهو في الظاهر ن
منِي َ م ْ
ؤ ِ ُ
1
. عائ ٌد على مثنىً :لفظ الجللة ( ال ) ورسوله
والقول في هذه الية من وجوه :
أولها :
،فهو من رضى إن الهاءَ عائدة على لفظ الجللة ( ال ) تعالى ،أما رضا الرسول
ال تعالى ؛ ولذلك وحّد الضمير ،قال البغويّ " :فالهاء راجع ٌة إلى ال ،ورضا رسوله يندرج
في رضى ال تعالى " ، 2وقال الزمخشريّ " :وإنما وحّد الضميرَ ؛ لنه ل تفاوت بين رضا
ن زيدٍ واجماله نعشني
،فكانا في حكم مرضيّ واح ٍد ،كقولك ( :إحسا ُ ال ورضا رسوله
: وجبر مني " ،3وقد جاء في الشعر مثل قوله تعالى هذا ،قال حسّانُ
4
ـود ِ ما لم يُعاص َ كان جُنونَا إنّ شرخَ ا لشّبابِ وا لشّعرِ السـ
ل في الشباب .
ن الشعر السود داخ ٌ
فلم يقلْ ( يُعاصيا ) ؛ل ّ
ثانيها :
ل على التقديم والتأخير ،يقول أبو جعفرٍ النحاس " :وقوله
إن في الية حذفاً ،أو تُحم ُ
5
ل وعزّ :المعنى عند سيبويه :وال أحق أن يرضوه ورسوله أحق أن يرضوه ،ثم حذف " جّ
.
َ
ن (النفال ، )20:وقوله تعالى :يَا أَي ُّ َها معُو َس َم تَ ْ
َ
ه وَأنْت ُ ْه وَل تَوَل ّوْا ع َن ْ ُ سول َ ُوََر ُ
َ َ
، (النفال)24: حيِيك ُ ْ
م ما ي ُ ْ
م لِ َل إِذ َا دَع َاك ُ ْ
سو ِ جيبُوا لِل ّهِ وَلِلَّر ُ ست َ ِمنُوا ا ْ نآ َ ال ّذِي َ
َ
م م إِذ َا فَرِيقٌ ِ
منْهُ ْ م بَيْنَهُ ْحك ُ َ
سولِهِ لِي َ ْوقوله تعالى :وَإِذ َا دُع ُوا إِلَى الل ّهِ وََر ُ
ن (النور. )48: ضو َ معْرِ ُ ُ
2معالم التنزيل . 97 / 2 ،
3الكشاف ، 47 / 2 ،وينظر :مغني اللبيب ، 509 ،والمسائل السفرية في النحو ، 86 ،والجامع لحكام القرآن -273 / 1 ،
، 274والبحر المحيط ، 451-450 / 5 ،وتفسير البيضاوي ، 155 / 3 ،والبرهان في علوم القرآن ، 127 / 3 ،والتقان في
علوم القرآن . 549 / 1 ،
4شرح ديوان حسان ، 473 ،وينظر :الجامع لحكام القرآن ، 374-373 / 1 ،والمسائل السفرية في النحو . 86 ،
5معاني القرآن ،النحاس ، 228 / 3 ،وينظر :الكتاب . 77-73 / 1 ،
الصفحة 102من 142
وأمّا القولُ بالتقديم والتأخير ،فهو للمبرد ،1ويكون المعنى " :وال أحق أن يرضوه ورسوله
" ،2وبهذين المعنيين ل مخالفة .
ثالثها :
ل ْم يقلْ ( ترضوهما ) ؛ لنه ل يُجمعُ بين لفظ الجللة واسم في ضميرٍ ،يقول
ص " :ولم يقل ( :ترضوهما ) ؛ لن اسم ال واسم غيره ل يجتمعان في كناية ،وروي الجصا ُ
ل ،فقال :من يطع ال ورسوله فقد رشد ،ومن يعصهما
أنه خطب بين يديه رج ٌ عن النبي
:قُ ْم ،فبئس خطيب القوم أنتَ ،لقوله :ومن يعصهما ".3 فقد غوى ،فقال النبي
والول من الوجوه أولى ؛ لسلمته من الحذف ،أو التقديم والتأخير ،ولورود مثل هذا
َ
هن الل ّ َ
َ
حبُّو َ ن كُنْت ُ ْ
م تُ ِ ل إِ ْ ُ
ق ْ المعنى في القرآن الكريم ،قال تعالى :
َ
فوٌرغ ُ والل ّ ُ
ه َ م َ فْر لَك ُ ْ
م ذُنُوبَك ُ ْ غ ِ
وي َ ْ م الل ّ ُ
ه َ حبِبْك ُ ُ فاتَّب ِ ُ
عونِي ي ُ ْ َ
(آل عمران ، )31:فمحبة ال لعباده تأتي من اتباع الرسول وحبه ، محي ٌ َر ِ
وكذلك الحال بالنسبة في رضا ال وخشيته .
ن لَك ُ ْ
م فإ ِ ْ
ن طِب ْ َ حل َ ً
ة َ ن نِ ْ ه َّ د َ
قات ِ ِ ص ُساءَ َوآتُوا الن ِّ ََ وقال تعالى :
(النساء، )4: ريئا ً م ِ هنِيئا ً َ فكُلُوهُ َفسا ً َ ه نَ ْ من ْ ُ
ء ِي ٍ
ش ْ ن َ ع ْ
َ
فالضمير في ( منه ) مفردٌ مذك ٌر ،و مرجعه ( صدقاتهن ) جم ٌع مؤنثٌ .
أولً :
إن ( الصدقات ) في الية بمعنى ( الصداق ) ،وإذا عاد الضمير في ( منه ) على هذا
ن لَك ُ ْ
م َ
فإ ِ ْ
ن طِب ْ َ المعنى ،تتم المطابقةُ بين الضمير ومرجعه ،قال الواحديّ " :
أي إن طابت لكم أنفسهن عن شي ٍء من الصداق ،فكلوه هنيئاً في الدنيا ل يقضي به عليكم
ن ،مريئًا في الخرة ل يؤاخذكم ال به " ،4وقال الزمخشريّ :أو يرجع الضميرُ إلى ما سلطا ٌ
5
هو في معنى الصدقات ،وهو الصداق " .
ثانياً :
3أحكام القرآن ،الجصاص ، 244 / 5 ،وينظر :البرهان في علوم القرآن ، 128-127 / 3 ،والحديث النبوي الشريف في :
صحيح مسلم ، 594 / 2 ،وسنن البيهقي الكبرى ، 86 / 1 ،وفتح الباري . 468 / 7 ،
4الوجيز في تفسير الكتاب العزيز . 252 / 1 ،
5الكشاف ، 376 / 1 ،وينظر :تفسير النسفي ، 206 / 1 ،وتفسير البيضاوي ، 146 / 2 ،والبحر المحيط ، 511 / 3 ،وقد
ي أبو حيانٍ إلى عكرمةَ ،وفتح القدير . 422 / 1 ،
نسب هذا الرأ َ
الصفحة 103من 142
إن الضمير في الية يجري مجرى اسم الشارة " ،فكأنّه قيل عن أي شيءٍ من ذلك ،
م ،بعد ذكر الشهوات ، ن ذَلِك ُ ْ
م ْر ِ
خي ْ ٍ
م بِ َ ل أَ ُ
ؤنَب ِّئُك ُ ْ ُ
ق ْ كما قال ال تعالى :
ومن الحجج المسموعة من أفواه العرب ما روي عن رؤبة أنه قيل له في قوله :
وقد ذكر أبو حيانٍ غير هذين الوجهين ،فقد جاء في البحر المحيط " :وقيل يعود على
المال ،وهو غير مذكورٍ ،ولكن يدل عليه صدقاتهن ،وقيل يعود على اليتاء ،وهو المصدر
الدال عليه ( وآتوا ) ،قاله الراغبُ ،وذكره ابنُ عطيةٍ "، 2
مما سبق نستطيع القول إن المطابقة بين الضمير المفرد المذكر ومرجعه ،هي الغالبة في
القرآن الكريم ،وما جاء في ظاهره مخالفاً لهذه المطابقة ،فإنه راج ٌع إلى الحمل على المعنى ،
كما مرّ .
فالواجبُ في الضمير المفرد المؤنث المطابقةُ مع مرجعه إفراداً وتأنيثاً ،وهذا هو الغالب
فكُلُواة َ ه ال ْ َ
قْري َ َ ذ ِ خلُوا َ
ه ِ قلْنَا ادْ ُوإِذْ ُ
َ في القرآن الكريم ،قال تعالى :
غدا (البقرة ، )58:فالضمير في ( منها ) عائدٌ على م َر َشئْت ُ ْ
ث ِ حي ْ ُ
ها َمن ْ َ
ِ
القرية ،والمطابقة حاصلةٌ بين الضمير ومرجعه إفراداً وتأنيثاً
د
ه ٌ شا ِ هدَ َ ش ِ و َ سي َ ف ِ ن نَ ْع ْ ودَتْنِي َ ي َرا َ
ه َ ل ِقا ََ وقال تعالى :
ن
م َ و ِ ه َ و ُ
ت َ ق ْ صدَ َ ف َ ل َ ن ُ
قب ُ ٍ م ْ ق َّ
د ِ ه ُص ُمي ُ ن َ
ق ِ ن كَا َ ها إ ِ ْ ن أَ ْ
هل ِ َ م ْ
ِ
ن (يوسف ، )26:فالضمائر ( :هي ) ،والهاء من ( أهلها ) والمستتر الْكَاِذبِي َ
قال َ ِ
ت َ في ( فصدقت ) ( هي ) ،راجع ٌة إلى امرأة العزيز ،وذلك في قوله تعالى :
ه ن نَ ْ امرأ َت ال ْعزيز اْلن حصحص ال ْح ُ َ
س ِ ف ِ ع ْ ه َ ودْت ُ ُ
ق أنَا َرا َ َ ّ َ َ ْ َ َ َ ِ ِ ْ َ ُ
1الكشاف ، 376 / 1 ،وينظر :تفسير البيضاوي ، 147-146 / 2 ،والبحر المحيط ، 512-511 / 3 ،وفتح القدير ، 422 / 1 ،
والية في قول الزمخشري من ( آل عمران ، ) 15 /وقول رؤبة هو عجز بيت له ،وصدره ( :فيها خطوطٌ من سوادٍ وبلق )
،والبيت في وصف مفازة ،وفي الديوان ( كأنّها ) بدل ( كأنّه ) ،ينظر :مجموعة أشعار العرب وهو مشتمل على ديوان
رؤبة بن العجاج ، 104 ،قصيدة رقم ، 40 /وعجزه في الكشاف ، 376 / 1 ،وتفسير البيضاوي ، 147 / 2 ،والبحر
المحيط . 512 / 3 ،
2البحر المحيط . 512 / 3 ،
الصفحة 104من 142
(يوسف ، )51:والمطابقةُ حاصلةٌ بين هذه ن
قي َ ن ال َّ
صاِد ِ م َ وإِن َّ ُ
ه لَ ِ َ
الضمائر ومرجعها إفراداً وتأنيثاً .
ها (النمل، )19:فالهاء ول ِ َ ن َ
ق ْ م ْحكا ً ِضا ِم َ س َ فتَب َ ََّ وقال تعالى :
َ
علَى َ
واِد حتَّى إِذَا أت َ ْ
وا َ َ في ( قولها ) ،راجعةٌ على (النملة) في قوله تعالى :
َ
مل ساكِنَك ُ ْ
م َخلُوا َ ل ادْ ُم ُ ها الن َّ ْ
ة يَا أي ُّ َمل َ ٌت نَ ْقال َ ْ ل َ الن َّ ْ
م ِ
ن (النمل: عُرو َش ُم ل يَ ْ ه ْو ُ
جنُودُهُ َ و ُ ن َما ُ سلَي ْ َ
م ُ منَّك ُ ْ
حطِ َ يَ ْ
، )18والمطابقةُ أيضاً حاصلةٌ بين الضمير ومرجعه إفراداً وتأنيثاً ،وغير ذلك كثيرٌ جداً في
1
القرآن الكريم .
ض المواطن في القرآن الكريم ظاهرها المخالفة بين الضمير المفرد المؤنث وردت بع ُ
وإِن َّ َ
ها ة َ وال َّ
صل ِ ر َ عينُوا بِال َّ
صب ْ ِ ست َ ِ
وا ْ َ ومرجعه ،من ذلك قوله تعالى :
َ
ن (البقرة ، )45:فقد تقدم على الضمير في عي َ
ش ِخا ِعلَى ال ْ َلَكَبِيَرةٌ إ ِ ّل َ
( وإنها ) شيئان هما ( :الصبر والصلة ) ،وظاهر ذلك المخالفة .
أولً :
إن الضمير عائدٌ على ( الصلة ) وحدها ،والصبر مندرجٌ تحتها ،جاء في جامع البيان :
ها ،وإن الصلة ،فالهاء واللف في ( وإنها ) عائدتان على الصلة " ،2وهو وإِن َّ َ
َ "
3
رأي ابن عباس والحسن ومجاهد ،ول مخالفة في ذلك .
ثانياً :
إن الضمير يعود على المصدر وهو ( الستعانة ) ،المفهومة من قوله تعالى :
عينُوا ،يقول صاحب مشكل إعراب القرآن " :وقيل بل يعود على الستعانة ، ست َ ِ
وا ْ َ
عينُوا " ،ويقول أبو حيانٍ " " :وقيل يعود على
4
ست َ ِوا ْ َ ل على الستعانة قوله : ود ّ
عينُوا ،فيكون مثل : ست َ ِ
وا َْ الستعانة ،وهو المصدر المفهوم من قــــــوله :
،أي العـــــدل أقرب ، وى ب لِلت َّ ْ
ق َ قَر ُ و أَ ْ دلُوا ُ
ه َ ع ِ ا ْ
ثالثها :
ن الضمير عائ ٌد على الكعبة ،يدل على ذلك ذكرُ الصلة ،جاء في زاد المسير " :إّ
والثاني أنها للكعبة والقبلة ؛ لنه لما ذكر الصلة دلت على القبلة ،ذكره الضحاك عن ابن
عباس ،وبه قال مقاتل " ،5وقد ذكر أبو حيانٍ سبعة أقوالٍ في هذه الية من ضمنها الثلثة التي
6
ذكرنا .
وأرجح هذه القوال ،أولُهُا ؛ ذلك لن الصلة أعمّ من الصبر ،7وظاهر الكلم يدل
عليـــها " ،وهو القاعدة في علم العربية :أن ضمير الغائب ل يعو ُد على غير القرب إل
َ
ن ، عي َش ِخا ِعلَى ال ْ َ وإِن َّ َ
ها لَكَبِيَرةٌ إ ِ ّل َ َ بدليل " ،8ويقول اللوسي " :
الضمير للصلة كما يقتضيه الظاهرُ ،وتخصيصها برد الضمير إليها ؛ لعظم شأنها ،
واستجماعها ضروباً من الصبر ". 9
إضاف ًة على ذلك ،ذكر ال تعالى في هذه الية نفسها لفظ ( الخاشعين ) ،وهذه الصفة من
َ د أَ ْ
م
ه ْن ُ ذي َ ن ال ّ ِ
منُو َ
ؤ ِ ح ال ْ ُ
م ْ فل َ َ َ
ق ْ صفات المصلين المفلحين ،قال تعالى :
ن (المؤمنون ، )2-1:وسئل المامُ عليّ بن أبي عو َ ش ُ
خا ِ م َ ه ْصلت ِ ِ
في َ ِ
َ
، ن
عو َ
ش ُ
خا ِ
م َ
ه ْ
صلت ِ ِ
في َ
م ِ
ه ْ
ن ُ ال ّ ِ
ذي َ عن قوله تعالى : طالب
ك للمرأ المسلم ،وأن ل تلتفت في صل ِتكَ "،10
" :الخشوعُ في القلب ،وأن تُلين كتف َ فقال
ح َزبَهُ أمرٌ ،صلى ".11
إذا َ وجاء في الحديث " :كان رسول ال
من اْل َ ً َ َّ َ
ر
ِ اَ ب ح
ْ َ ِ يراِ ثَ ك ن ّ ِ إ واُ ن م
َ آ ن
َ ذي
ِ وقال تعالى :يَا أي ُّ َ
ها ال
َ َ ْ
ن
ع ْ صدُّو َ
ن َ وي َ ُ س بِالْبَاطِ ِ
ل َ وا َ
ل الن ّا ِ م َ
نأ ْن لَيَأكُلُو َ والُّر ْ
هبَا ِ َ
1هو أبو علي الحسين بن الفضل بن عمير الكوفي ،مفسر أديب إمام في معاني القرآن وعابد كبير ،أقام بنيسابور يعلم الناس
العلم وتوفي ودفن فيها سنة اثنتين وثمانين ومائتين ،ينظر :طبقات المفسرين . 41 – 40 / 1 ،
2البحر المحيط ، 299 / 1 ،والية من ( المائدة ، ) 8 /وينظر :الكشاف ، 214 / 1 ،والجامع لحكام القرآن ، 747 / 1 ،
وتفسير النسفي ، 46 / 1 ،والبرهان في علوم القرآن ، 128 / 3 ،وفتح القدير ، 79 / 1 ،وروح المعاني . 249 / 1 ،
3هو أبو بكر بن أبي محمد بن بشار بن الحسن النباري النحوي ،صدوقٌ ثقة حب ٌر من أهل السنة ،صنّف في النحو والدب
وعلوم القرآن وغريب الحديث ،ومن تصانيفه ( :غريب الحديث ) ،و ( إعراب القرآن المسمى بالبيان ) ،وقيل إنّه كان
يحفظ مئة وعشرين تفسيرًا للقرآن الكريم بأسانيدها ،ولد سنة إحدى وسبعين ومئتين ،وتوفي سنة ثمان وعشرين وقيل سبع
وعشرين ومئتين .ينظر :طبقات المفسرين . 67– 66 / 1 ،
4ينظر :زاد المسير . 76 / 1 ،
5زاد المسير ، 76 / 1 ،ويقصد بـ ( الثاني ) أي القول الثاني في مرجع هذا الضمير ،وينظر :البحر المحيط . 299 / 1 ،
6ينظر :البحر المحيط . 299 / 1 ،
7معالم التنزيل . 288 / 2 ،
8البحر المحيط ، 299 / 1 ،وينظر :البرهان في علوم القرآن . 128 / 3 ،
9روح المعاني . 249 / 1 ،
10سنن البيهقي الكبرى ، 279 / 2 ،باب جماع أبواب الخشوع في الصلة والقبال عليها .
11مسند أحمد بن حنبل ، 388 /5 ،حديث رقم ، 23347 /وينظر :فتح الباري ، 172 / 3 ،باب الصبر عند الصدمة الولى
أولً :
إنّ الضمير يعود على ( الكنوز ) المفهوم من ( يكنزونها ) ،يقول أبو جعفرٍ النحاس " :
يجوز أن يكون المعنى ول ينفقون الكنوز ؛ لن الكنوز تشتمل على الذهب والفضة ها هنا "،1
َ
ه قيل ل الل ّ ِسبِي ِ في َ ها ِ ف ُ
قون َ َ ول يُن ْ ِ
َ ويقول البغويّ " :قوله عزّ وجلّ :
ل:لِمَ قال ( :ول ينفقونها ) ،ولمْ يقلْ ( :ينفقونهما ) ،وقد ذكر( الذهب والفضة ) جميعًا ؟ قِي َ
أراد الكنوزوأعيان الذهب والفضة ".2
ثانياً :
ل في حكمها ،جاء في مشكل إعراب القرآن : إنّ الضمير يعود على الفضة ،والذهب داخ ٌ
3
" وقيل تعود على الفضة ،وحذف ما يعود على الذهب ؛ لدللة الثاني عليه " .
ثالثاً :
إنّ الضمير عائدٌ على الذهب ؛ لن لفظه يُذكرُ ويؤنث ،يقول العكبريّ " :وقيل يعود
على الذهب ،ويذكر ويؤنث " ،4ويقول القرطبيّ " :والذهب تُؤنثه العرب ،تقول :هي الذهبُ
6
الحمراءُ ،وقد تذكر ،والتأنيث أشهر " ،5وقد ذكر العلماءُ أقوالً أُخرى .
والوجه الثاني أولى ؛ وذلك لن الفضة أقرب المذكورين ،7وهو أعمّ وأغلبُ ،8فالذهب
ل في أيدي الناس. 9
ل في الفضة ،فهي أكثرُ تداو ً
داخ ٌ
وأمرٌ آخ ُر ،فعند عود الضمير على الفضة في ( ينفقونها ) ،فإن الذهب يكون من باب
أولى ؛ لنّهُ أغلى وأثمن ،ويصبح الزجرُ عن كنزه من دون أداء زكاته أقوى ،وهذا المر
ُ َ َ
ك أ َ ّلضى َرب ّ
ق َو َ
َ واردٌ في كتاب ال تعالى ،فقد ذكر ال في برّ الوالدين :
َّ
ك الْكِبََرعنْدَ َن ِغ َّ ما يَبْل ُ َ
سانا ً إ ِ َّح َ ن إِ ِْ ْ يد
َ ِ ل وا ْ ال
َ ِ َ وب ُ ه اَ ّ يعبُدُوا إ ِ َ ِ
إ ل تَ ْ
ُ َ
ق ْ
ل و ُ
ما َه َهْر ُ
ول تَن ْ َ ف َ ما أ ٍ ّ ه َل لَ ُق ْ فل ت َ ُ ما َ ه َ
و كِل ُ ما أ ْ
ه َ
حدُ ُ
أ َ
1معاني القرآن ،النحاس . 203-202 / 3 ،
2معالم التنزيل ، 288 / 2 ،وينظر :الكشاف ، 37 / 2 ،وزاد المسير ، 429 / 3 ،والبحر المحيط . 412 / 5 ،
3مشكل إعراب القرآن . 328 / 1 ،
4التبيان في إعراب القرآن . 14 / 2 ،
5الجامع لحكام القرآن ، 127 / 8 ،وينظر :البحر المحيط . 412 / 5 ،
6ينظر :مشكل إعراب القرآن ، 328 / 1 ،والكشاف ، 37 / 2 ،والجامع لحكام القرآن . 128-127 / 8 ،
7ينظر :التبيان في إعراب القرآن ، 14 / 2 ،وتفسير البيضاوي ، 143 / 3 ،والبرهان في علوم القرآن ، 127 / 3 ،وإرشاد
العقل السليم . 63 / 4 ،
8ينظر :معالم التنزيل ، 288 / 2 ،والجامع لحكام القرآن ، 127 / 8 ،وفتح القدير . 356 / 2 ،
9ينظر :البرهان في علوم القرآن . 127 / 3 ،
الصفحة 107من 142
ريماً (السراء ، )23:فقولُ ( ُأفٍ ) وهو أدنى مراتب ول ً ك َ ِ ما َ
ق ْ لَ ُ
ه َ
الذى ،محذو ٌر ،فكيف بضربهما ؟! .
المبحث الثاني
ء
ما ِ ن ال ْ َم َ منِي ِ ص ُع ِ ل يَ ْ
َ ٍ جب َ
َ
سآوي إِلَى َ ل َ قا َ َ وقال تعالى :
َ
لحا َ و َ م َ ح َن َر ِ م ْ ه إ ِ ّل َ ر الل ّ ِ م ِنأ ْ م ْ م ِ و َم الْي َ ْ ص َ عا ِ لل َ قا َ َ
ن (هود ، )43:فالضمير قي َ غَر ِ م ْ ن ال ْ ُم َ ن ِ فكَا َ ج َ و ُ م ْ ما ال ْ َ ه َبَيْن َ ُ
ري ج ِ ي تَ ْ ه َ و َِ ح وابنه في قوله تعالى : ( هما ) من ( بينهما ) ،عائدٌ على نبي ال نو ٍ
ل
ز ٍ ع ِ م ْ في َ ن ِ وكَا َ ه َ ح ابْن َ ُ ونَادَى نُو ٌ ل َ جبَا ِ ج كَال ْ ِ و ٍ م ْ في َ م ِ ه ْ بِ ِ
ن (هود ، )42:وقد ري َ ف ِ ع الْكَا ِ م َ
ن َ ول تَك ُ ْ عنَا َ م َب َ ي اْرك َ ْ يَا بُن َ َّ
تمت المطابقة بين الضمير المثنى ومرجعه .
وردت بعض المواطن في القرآن الكريم ظاهرها التخالف بين الضمير المثنى ومرجعه ،
ع
م َ
ج َم ْ حتَّى أَبْل ُ َ
غ َ ح َ
َ سى ل ِ َ
فتَاهُ ل أبَْر ُ مو َ ل ُ قا َوإِذْ َ
َ قال تعالى :
سيَا ما بَل َ َ فل َ َّ
قباً َ ح ُ الْبحرين أ َ َ
ما ن َ ِ
ه َ
ع بَيْن ِ ِ
م َ
ج َ م ْ
غا َ ي ُض َم ِ
وأ ْ َ ْ َ ْ ِ ْ
ربا (الكهف، )61-60: ً س َ
ر َ ْ َ خذَ َ َ ما َ
ح ِفي الب َ ْ ه ِ سبِيل ُ فات ّ َ ه َحوت َ ُ
ُ
وفتاه ،ول إشكال في هذا ،إل أن ال تعالى فقوله تعالى ( :نسيا ) عائدٌ على موسى
غدَاءَنَا ل َ َ
قدْ فتَاهُ آتِنَا َ
ل لِ َ وَزا َ
قا َ جا َ
ما َفل َ َّ
َ يقول في اليتين التاليتين :
ويْنَا إِلَى َ قا َ َ َ
َ صبا ً س َ لَ ِ
ت إِذْ أ َ
ل أَرأي ْ َ هذَا ن َ َ
رنَا َ
ف ِ ن َ
م ْ
قينَا ِ
1ينظر ( :النساء ( ، ) 1 /النبياء ( ، ) 16 /القصص . ) 24 /
ض أهل العربية :إن الحوت كان مع يوشع ،وهو الذي نسيه يقول الطبريّ " :قال بع ُ
فأُضيف النسيان إليهما … وإنما جاز عندي أن يُقال :نسيا ؛ لنهما كانا جميعًا تزوداه لسفرهما
ل :خرج القو ُم من موضع كذا ، ،فكان حملُ أحدهما ذلك مضافاً إلى أنه حَملٌ منهما ،كما يُقا ُ
وحملوا معهما من الزاد كذا ، ،وإنما حمله أحدهم ،ولكنه لما كان ذلك عن رأيهم وأمرهم ،
أُضيف إلى جميعهم ،فكذلك إذا نسيه حامله في موضع ،قيل :نسي القوم زادهم ،فأُضيف
ذلك إلى الجميع بنسيان حامله ذلك ،فيجري الكلم على الجميع ،والفعلُ من واح ٍد ،فكذلك
ما ؛ لن ال عزّ ذِكرهُ خاطب العـــــربَ بلغتها وما ه َحوت َ ُسيَا ُذلك في قــوله :ن َ ِ
يتعارفونـــــه بينهم مـــن
الكلم ".1
وفتاه ،يقول وقال جماع ٌة من المفسرين :إنّ الضمير عائد على نبي ال موسى
ل إمارةً على الظفر بالطلبة ،وقيل
جعِ َ
الزمخشريّ " :أي نسيا تفقد أمره وما يكون منه ،مما ُ
2
ن ،جاء
نسي يوشع أن يقدمه ،ونسي موسى أن يأمره فيه بشيءٍ " ،وهو ما رجحه أبو حيا ٍ
في البحر المحيط " :والظاهر نسبة النسيان إلى موسى وفتاه " ،3وقد ذكر وجهًا آخر ،وهو
أن تكون الية على حذف مضافٍ ،والتقدير " نسي أحدهما ".4
وقول الطبريّ أولى ؛ لنه جارٍ على ما تكلمت به العربُ ،والذي يؤيدُ نسبة النسيان
ما
و َ
ت َ ت ال ْ ُ
حو َ سي ُ
فإِنِّي ن َ َِ ليوشع (فتى موسى ) وحده ،قوله تعالى :
َ َ
شيْطَا ُ سانِيه إَّل ال َّ أَ
ن أذْكَُر ُ
ه نأ ْ ِ ُ َ ْ ن
1جامع البيان ، 273 / 15 ،وينظر :المصدر نفسه ، 468 / 2ومعالم التنزيل ، 171 / 3 ،وزاد المسير ، 165 / 5 ،وأحكام
القرآن ،الجصاص ، 43 / 5 ،والجامع لحكام القرآن ، 13-12 / 11 ،وتفسير النسفي . 19 / 3 ،
2الكشاف . 264 / 2 ،
3البحر المحيط ، 200 / 7 ،وينظر :روح المعاني . 314 / 15 ،
4المصدر نفسه ، 201 / 7 ،وينظر :روح المعاني . 314 / 15 ،
الصفحة 110من 142
والقول في هذه الية من وجوه :
أولً :
ت :لِمَ قال :
إنّ هذا التركيب مستعملٌ في لسان العرب ،يقول الزمخشريّ " :فإن قُل َ
(منهما) ،وإنما يخرجان من الملح ؟ قُلتُ :لما التقيا وصارا كالشي ِء ،جاز أن يُقال :يخرجان
ل :يخرجان من البحر ،ول يخرجان من جميع البحر ،ولكن من بعضه ، منهما ،كما يُقا ُ
وتقولُ :خرجتُ من البلد ،و إنما خرجتَ من محلةٍ من مَحَاِلهِ ،بل من دارٍ واحدةٍ من دُو ِرهِ
ج من الملح ل العذب ؛ لنّ العربَ تجمعُ " ، 1ويقول القرطبيّ " :وقال ( منهما ) وإنما يخر ُ
س ن َ ْ شَر ال ْ ِ
ع َ
والِن ْ ِ ج ِّ م ْالجنسين ،ثُمّ تُخبرُ عن أحدهما ،كقوله تعالى :يَا َ
ْ َ
م ،وإنما الرسل من النس دون الجن ،قاله الكلبيّ منْك ُ ْ س ٌ
ل ِ م ُر ُ م يَأتِك ُ ْأل َ ْ
وغيره ".2
ثانياً :
إنّ الية الكريمة تكون على حذف مضاف ،يقول القرطبيّ " :وقال أبو عليّ الفارسيّ :
ن
م َل ِج ٍعلَى َر ُ َ هذا من باب حذف المضاف ،أي من أحدهما ،كقوله :
عظِيمٍ ،أي من إحدى القريتين ". 3 ن َ قْريَتَي ْ ِال ْ َ
ثالثاً :
إن المقصود بـ ( منهما ) ،ماءُ السما ِء والماءُ المالحِ ،فإذا التقيا بسقوط المطر ،خرج
اللؤلؤ والمرجان ،فعن ابن عباسٍ " :هما بحرا السماء والرض ،فإذا وقع ماءُ السماء في
صدف البحر ،انعقد لؤلؤاً ،فصار خارجاً منهما " ،4وجاء في البحر المحيط " :وقال ابن
عباسٍ وعكرمة :تكون هذه الشياء في البحر بنزول المطر ؛ لن الصدف وغيرها تفتحُ
أفواهها للمطر ؛ فلذلك قال :منهما " ،5وقد ذكر العلماءُ غير هذه الوجوه ،6والول أولى
لجريانه على لسان العرب
4المصدر نفسه ، 163 /17 ،وينظر :تفسير القرآن العظيم . 273 / 4 ،
5البحر المحيط . 60 / 10 ،
6ينظر :الجامع لحكام القرآن ، 163 / 17 ،والبحر المحيط ، 61-60 / 10 ،وروح المعاني . 107-106 / 27 ،
فإذا ورد الضمير الغائب وهو جم ٌع مذكرٌ ،وجب أن يعود على مرجعٍ مثله ،وهذا ما جاء
َ َ َ َ َّ
مه ْعن ْ ُ
ي َ
َ ِ ن غ
ْ ُ ت ن
ْ ل روا
ُ ف ك ن
َ ذي
ِ ن ال
عليه القرآن الكريم ،قال تعالى :إ ِ ّ
َ شيئا ً وأ ُ َّ َ َ
قودُو ُ
َ م
ْ ه
ُ َ
ك ِ ئ ول َ ْ َ ه
ِ ن الل
م َ
م ِ
ه ْ
ولدُ ُ
ول أ ْ
م َ وال ُ ُ
ه ْ م َ أ ْ
ر (آل عمران ، )10:فـ ( هم ) من ( أموالهم ) ومن ( أولدهم ) ،و( هم ) النَّا ِ
ضمائرعائدة على ( الذين كفروا ) ،والمطابق ُة حاصلةٌ بين الضمير ومرجعه جمعًا وتذكيراً .
َ َ
س
ج ٌ ركُو َ
ن نَ َ ش ِ ما ال ْ ُ
م ْ منُوا إِن َّ َنآ َ ذي َها ال ّ ِوقال تعالى :يَا أي ُّ َ
(التوبة: هذَا
م َ ه ْم ِ
عا ِد َ ع َ
م بَ ْ د ال ْ َ
حَرا َ ج َ
س ِم ْ قَربُوا ال ْ َ
فل ي َ ْ
َ
ة
عدُودَ ٍ م ْ
ة َ ب إِلَى أ ُ َّ
م ٍ عذَا َ م ال ْ َه ُ عن ْ ُ
خْرنَا َ ن أ َ َّولَئ ِ ْ
َ وقال تعالى :
م ً َ ْ َ قول ُ َّ
لَي َ ُ
ه ْ
عن ْ ُ
صُروفا َ م ْ
س َ م لي ْ َ ه ْم يَأتِي ِ و َ
ه أل ي َ ْ س ُحب ِ ُ يَ ْ ما
ن َ
ن (هود ، )8:فـ ( هم ) من زئُو َ ه ِ ست َ ْ ه يَ ْ ما كَانُوا ب ِ ِ َ م حاقَ ب ِ ِ
ه ْ و َ َ
( عنهم ) ومن ( يأتيهم ) ومن (عنهم) ومن ( بهم ) ،و( الواو ) من ( ليقولون ) ومن
ولَئ ِ ْ
ن َ ( كانوا ) ومن ( يستهزئون) ،عائدان على ( الذين كفروا ) من قوله تعالى :
َ ُ َ َ َ
فُروا ن كَ َذي َن ال ّ ِ
ت لي َقول ّو ِ د ال ْ َ
م ْ ع ِ
ن بَ ْ
م ْ
ن ِ عوثُو َمب ْ َُ مت إِنَّك ُ َ ْقل ْ َُ
1
ن (هود ، )7:وغير ذلك كثيرٌ في القرآن الكريم . مبِي ٌ
حٌر ُ
س ْ ِ هذَا إ ِ ّل ن َ إِ ْ
ض اليات في القرآن الكريم ظاهرها المخالفة بين ضمير الغائب الجمع المذكر
وردت بع ُ
علَيْك ُ ْ
م س ُ
ل َ ويُْر ِه َعبَاِد ِ
وقَ ِ هُر َ
ف ْ و ال ْ َ
قا ِ ه َ
و َُ ومرجعه ،قال تعالى :
ت ت َو َّ َ
مل ه ْو ُسلُنَا َ ُر ُ
ه
فت ْ ُ َ و ُ م ال ْ َ
م ْ حدَك َُ ُ
جاءَ أ َ حتَّى إِذَا َ ة َ فظَ ً ح َ َ
َ
حك ْ ُ
م ه ال ْ ُ
أل ل َ ُ
قح ِّم ال ْ َ ه ُول ُ م ْه َم ُردُّوا إِلَى الل ّ ِ رطُو َ
ن ث ُ َّ ِ ف ّ يُ َ
ه َ
ن (النعام ، )62-61:فالضمير في ( ردوا ) جمعٌ سبِي َ ع ال ْ َ
حا ِ سَر ُ وأ ْ و ُ َ َ
مذكرٌ ،وقد عاد على مفر ٍد مذكرٍ ،وهو قوله ( :أحدكم ) أو الهاء في ( توفتهُ ) .
والسببُ في ذلك ،أن ( أحدكم ) معناه الجم ُع ، ،يقولُ أبو السعود " :قوله تعالى :
َ م ردُّوا عطفٌ على ت َو َّ
حدَك ُ ُ
م ه والضمير للكل المدلول عليه بـ أ َ فت ْ ُ َ ث ُ َّ ُ
وهو السر في مجيئه بطريق اللتفات تغليباً ،والفراد أولً والجمعُ آخرًا ؛ لوقوعِ التوفي
على النفراد والرد على الجتماع ،أي ثُمّ رُدوا بعد البعث بالحشر إلى ال " ، 2وقيل إن
الضمير يعودُ على العباد ،وهو ما رجحه أبو حيانٍ 3أو على الرسل .4
2إرشاد العقل السليم ،3/145،وينظر :البحر المحيط ، 540 / 4 ،وفتح القدير ، 125-124 / 2 ،وروح المعاني . 177 / 7 ،
3ينظر :البحر المحيط . 540 ، 4 ،
4ينظر :روح المعاني . 177 / 7 ،
الصفحة 113من 142
والقولُ في هذه الية من وجهين :
الول :
إن الضمير راجعٌ إلى ( داودَ وسليمانَ ) ( ع لي هم ا السلمُ ) ،والجم ِع الذين حُكم بينهم ،
ن يقو ُ
ل وكنا لحكم داود دي َ ه ِشا ِم َ ه ِْ م وكُنَّا ل ِ ُ
حك ْ ِ َ قال الطبريّ " :
1
ث أهلِ الحرثِ " ،
وسليمان والقوم الذين حكما بينهم فيما أفسدت غن ُم أهلِ الغنمِ من حر ِ
2
ن إليهما " .
وقال الزمخشريّ " :وجمع الضمير ؛ لنــّهُ أرادهما وال ُمتَحَا ِكمِي َ
الثاني :
إنّ الضمير لـ ( داود وسليمان ) ( عل يه ما ال سلمُ ) ،على رأي من يقول إن أقل
وة يريد أخوين خ َ ن لَ ُ
ه إِ ْ ن كَا َ َ
فإ ِ ْ الجمع اثنان ،قال الفراءُ " :وهو مثلُ قوله :
جمَعَ أثنين " ،3وقد ذكر ابنُ
إذ َ ندي َ ه ِ
شا ِم َ ه ْ حك ْ ِ
م ِ فما زاد ،فهذا كقوله :ل ِ ُ
4
ي في تفسيره .
الجوزيّ هذا الرأ َ
والول أولى ؛ فالحك ُم يستلزمُ الحاكمَ ،وقد ذكره ال تعالى وهما ( :داود وسليمان )
( عل يه ما ال سلمُ ) ،ويستلزمُ أيضًا الخصومَ ،وأقلهما اثنان ،وبهذا ل مخالفة ،ولو قصد بـ
( داود وسليمان) ( ع لي هم ا السلمُ ) الجم َع ،لقال ( :إذ يحكمون ) أيضًا ،كما قال :
. م
ه ْ حك ْ ِ
م ِ لِ ُ
ن أبي عبلةَ " ( : 5لحكمهما ) بضمير التثنية ،وعلى
س واب ُ
وقد قرأ " ابنُ مسعودٍ وابنُ عبا ٍ
هذه القراءة تتم المطابقةُ .
َ
ضى الل ّ ُ
ه ق َة إِذَا َمن َ ٍ
ؤ ِم ْول ُ ن َ ٍ م
ؤ ِم ْن لِ ُما كَا َ و َ َ وقال تعالى :
َ م ال ْ ِ َ ورسول ُ َ
ن
م ْو َ
م َه ْر ِ
م ِ
نأ ْ م ْ خيََرةُ ِ ه ُن لَ ُ ن يَكُو َ مرا ً أ ْ هَ أ ْ ُ َ َ ُ
مبِيناً (الحزاب: َ
ضلل ً ُ ل َ ض ّ قدْ َ ف َ سول َ ُ
ه َ وَر ُ
ه َ ص الل ّ َ
ع ِ يَ ْ
، )36فقد أعاد الضمير ( هم ) من ( لهم ) و ( أمرهم ) ،وهو جم ٌع مذكرٌ ،على ( مؤمن )
و( مؤمنة ) ،وظاهر ذلك المخالفة .
ما َ َ طَائ ِ َ
ع ضمير ،مرتين بإرجا ِ ه َ حوا بَيْن َ ُ صل ِ ُفأ ْ ن ،ثم قال : فتَا ِ
نفتَا ِ التثينة إلى لفظ الـ طَائ ِ َ
والسببُ في ذلك لن لفظ ( الطائفة ) يشملُ عدداً من الناسِ ،فكيفَ بالطائفتين ؟ ،أي أن
معنى الطائفتين جمعٌ ؛ فلذلك أعاد ضميرَ جم ٍع عليه ،يقولُ الزمخشريّ " :هو مما حُمل على
نوإ ِ ْ 4
المعنى دون اللفظ ؛ لن الطائفتين في معنى القومِ والناسِ " ،ويقولُ البيضاويّ َ " :
،تقاتلوا ،والجمعُ باعتبار المعنى ، قتَتَلُوا نا ْ منِي َ ؤ ِم ْ ن ال ْ ُم َ ن ِِ فتَاطَائ ِ َ
فإن كلّ طائفةٍ جمعٌ ".5
ما َ َ
،فسببها النظرُ إلى اللفظ ،يقولُ ه َحوا بَيْن َ ُ صل ِ ُفأ ْ وأما التثنيةُ في
ما َ النسفيّ " :وثنى َ
ه َ حوا بَيْن َ ُ صل ِ ُفأ ْ
6
،نظراً إلى اللفظ " .
ويعللُ اللوسيّ مراعاةَ المعنى أولً ثم اللفظَ ،بقوله " :والنكتةُ في ذلك ،ما قِيلَ أنهما أولً
في حال القتالِ مختلطون ؛ فلذلك جمع أولً ضميرهم ،وفي حال الصلح متميزون متفارقون ؛
فلذا ثنى الضمير " 7وبهذا ل مخالفةَ .
ل على جمع تأنيثٍ ،وجب أن يرج َع إلى جم ٍع مؤنثٍ مثله ،وهذا فإذا جاء ضميرُ غائبٍ دا ٌ
َ
مطَل ّ َ
ن
ص َت يَتََرب َّ ْ
قا ُ وال ْ ُ
َ ما جاء عليه القرآنُ الكريمُ ،قال تعالى :
ل ل َه َ َ بِأَن ْ ُ
خل َ َ
ق ما َ ن َم َ ن يَكْت ُ ْ نأ ْ ح ُّ ُ ّ ول ي َ ِ َ ء
قُرو ٍ ة ُ ن ثَلث َ َ ه َّ ِ س
ف ِ
َ َ َ
ر
خ ِوم ِ اْل ِ والْي َ ْ
ه َ ن بِالل ّ ِ م َّ ؤ ِن يُ ْ ن ك ُ َّ ن إِ ْ ه َّ ِ م
حا ِ في أْر َ ه ِ الل ّ ُ
َ وبعولَت ُه َ َ
ول َ ُ
ه َّ
ن صلحا ً َ ن أَرادُوا إ ِ ْ ك إِ ْ في ذَل ِ َ ن ِ ه َّ د ِ
ق بَِر ِّ ح ُّ نأ َ ُ ّ َ ُ ُ
ل َ َ َ
ة
ج ٌدَر َن َ ه َّعلي ْ ِ جا ِ ر َ ولِل ّ ِ ف َ عُرو ِ م ْ ن بِال ْ َ ه َّ علي ْ ِ
ذي َ َ ل ال ّ ِ مث ْ ُ
َّ
ِ
م (البقرة ، )228:والمطابقةُ حاصلةٌ كما هو واضحٌ من حكِي ٌ زيٌز َ ع ِ ه َ والل ُ َ
الية ،فالنون من ( يتربصن – بأنفسهن – لهن – يكتمن – أرحامهن – كُنّ – بعولتهن –
بردهن – ولهن – عليهن – عليهن ) ،عائدةٌ على المطلقات .
َ
ن (الرحمن، )58: جا ُ وال ْ َ
مْر َ ت َ ن الْيَا ُ
قو ُ وقال تعالى :كَأن َّ ُ
ه َّ
فالضمير ( هن ) في ( كأنهن ) راج ٌع على ( قاصرات الطرف ) ،في قوله تعالى :
َ
ول م َ ه ْقبْل َ ُ
س َ ه َّ
ن إِن ْ ٌ م يَطْ ِ
مث ْ ُ ف لَ ْ
ت الطّْر ِ صَرا ُ
قا ِ ه َّ
ن َ في ِ ِ
ن (الرحمن ، )56:والمطابقةُ تامةٌ بين الضمير ومرجعه جمعاً وتأنيثًا ،وغير جا ٌَّ
ذلك من
3
اليات .
1ينظر :الكشاف ، 151 / 3 ،وزاد المسير ، 463 / 7 ،والجامع لحكام القرآن ، 6 / 16 ،والبحر المحيط ، 516 / 9 ،وفتح
القدير ، 63 / 5 ،وروح المعاني . 150 / 26 ،
2ينظر :الكشاف ، 151 / 3 ،وزاد المسير ، 463 / 7 ،والجامع لحكام القرآن ، 316 / 16 ،والبحر المحيط ، 516 / 9 ،
وفتح القدير ، 63 / 5 ،وروح المعاني . 150 / 26 ،
ض المواطن في القرآن الكريم ظاهرها المخالفةُ بين الجمع المؤنث ومرجعه ،
وردت بع ُ
َ
ج ن ال ْ َ
ح َّ ه َّ
في ِ
ض ِ
فَر َن َ م ْف َت َما ٌعلُو َ
م ْهٌر َ جأ ْ
ش ُ قال تعالى :ال ْ َ
ح ُّ
نم ْعلُوا ِ ما ت َ ْ
ف َ و َج َ في ال ْ َ
ح ِّ ل ِجدَا َ ول ِسوقَ َ ف ُ ول ُ ث َ ف َ فل َر َ َ
وات َّ ُ خيَْر الَّزاِد الت َّ ْ َ
ن
قو ِ وى َ ق َ ن َفإ ِ َّودُوا َ
وتََز َّ
ه َ ه الل ّ ُ عل َ ْ
م ُ ر يَ ْخي ْ ُ ٍ
َ
َ
ب (البقرة ، )197:فقد عاد ضمير الجمع المؤنث من ( فيهن يَا أولِي اْللْبَا ِ
) على ( أشهر ) .
والسببُ في ذلك ،أن ( أشهر) جم ُع قلةٍ ،وجم ُع القلةِ فيما ل يعقلُ يجري كالجم ِع
ن ولم يقل ( :فيها ) ، ه َّفي ِ
ِ المؤنثِ ،وجمعُ الكثرةِ عكسُهُ ،يقولُ القرطبيّ " :وقال :
فقال قو ٌم :هما سواءٌ في الستعمال ،وقال المازنيّ أبو عثمانٍ :الجم ُع للكثير لما ل يعقل ،
ع انكسرنّ ) و ( الجذوعُيأتي كالواحدةِ المؤنثة ،والقليلُ ليس كذلك ،تقولُ ( :الجذا ُ
هامن َ ر ،ثم قال : عدَّةَ ال ُّ انكسرتْ ) ،ويؤيدُ ذلك قوله تعالى :إ ِ َّ
ِ هو ِش ُ ن ِ
". 1
جدُواس ُ والسببُ في ذلك ،كما في الية المذكورة آنفاً ،يقول الفراءُ " :ل ت َ ْ
خل َ َ َ َ لِل َّ
خلق نه َّ
ق ُ ذي َ ه ال ّ ِ
دوا لِل ّ ِ
ج ُ
س ُ
وا ْر َم ِق َول لِل ْ َ س َ م ِ ش ْ
ن )؛ لن كلّ ذك ٍر من غير ه َّ
ق ُخل َ َ
الشمسَ والقمرَ والليلَ والنهارَ ،وتأنيثهن في قوله َ ( :
ل ( :م ّر بي أثوابٌ فابتَع َتهَنّ ) و ( وكانت لي
الناس وشبههم ،فهو في جمعه مؤنثٌ ،تقو ُ
ن وبنيتهنّ ) ،يُبنى على هذا ".2
مساجد فهدمته ّ
1الجامع لحكام القرآن ، 406 / 2 ،و الية من ( التوبة ، ) 36 /وينظر :البحر المحيط ، 279 / 2 ،والجواهر الحسان / 1 ،
. 155-154
2معاني القرآن ،الفراء . 18 / 3 ،
3الكشاف . 72 / 3 ،
الصفحة 117من 142
يكونَ كضمير الواحدة ،تقولُ ( :الجذاعُ انكسرتْ ) على الفصح ،و ( الجذوعُ انكسرنّ )
على الفصح ،والذي تقدم في الية ليس بجم ِع قلةٍ ،أعني بلفظٍ واح ٍد ،ولكنه ذك َر أربعةً
ظ واحدٍ ". 1
متعاطف ًة ؛ َف ُن ّزِلتْ منزل َة الجمعِ المعبر عنها بلف ٍ
نم ْو ِ
ن عائدٌ على معنى الياتِ في قوله َ : ه َّ خل َ َ
ق ُ َ ن الضميرَ فيوقد قيلَ إ ّ
كُنّ في معنى الياتِ ؛ ه
ن آيَات ِ ِ
م ْ
و ِ
َ ه ،يقول الزمخشريّ " :أو لما قال : آيَات ِ ِ
ن " ، 2وقيل إن الضمير يعود على ( الشمس والقمر ) فقط ،على ه َّ خل َ َ
ق ُ َ ل: فقي َ
3
رأي من يقولُ إن أقل الجمعِ اثنان .
المبحث الرابع
يُعرفُ العلماءُ ضميرَ الفصلِ بأنّه ضمي ٌر يقعُ بين المبتدأ والخبر أو شبههما – مما كان
أصله مبتدءاً وخبراً ثم تغير بدخول الناسخ – إذا كانا معرفتين ،ويأتي بصيغة التكلم والخطاب
والغيبة.
ن وأخواتهن فصلً ). يقول سيبويه ( " :هذا بابُ ما يكونُ فيه هو وأنتَ وأنا ونح ُ
ل ،السمُ بعده بمنزلته
ن كذلك إل في كُلّ فع ٍإعلمْ أ ّنهُنّ ل َيكُنّ فصلً إل في الفعلِ ،ول يَك ّ
في حال البتداء ،فجاز هذا في هذه الفعال التي السماء بعدها بمنزلتها في البتداء ،إعلماً
1البحر المحيط ، 307 / 9 ،وينظر :روح المعاني . 125 / 24 ،
2الكشاف ، 72 / 3 ،وينظر :الجامع لحكام القرآن ، 364 / 15 ،والبحر المحيط ، 307 / 9 ،والبرهان في علوم القرآن / 3،
. 367
3ينظر :معاني القرآن الكريم ،النحاس ، 271 / 6 ،والجامع لحكام القرآن ، 364 / 15 ،والبحر المحيط . 307 / 9 ،
ل وفي البتداء ،ولكن ما وجاء في الكتاب أيضاً " :واعلمْ أنها تكون في إنّ وأخواتها فص ً
ل حتى يكون ما بعدها بعدها مرفوعٌ قبل أن تذكرَ الفصلَ واعلم أن هو ل يحسن أن تكون فص ً
معرف ًة ،أو ما أشبه المعرفة مما طال ولم تدخله اللفُ واللمُ وضارعَ زيداً وعمراً ،نحو :
خي ٌر منكَ ومثلكَ وأفضل منكَ وش ٌر منكَ ،كما إنها ل تكون في الفصل إل وقبلها معرفةٌ أو ما
ضارعها ،كذلك ل يكون ما بعدها إل معرفةً أو ما ضارعها ".2
ويسميه البصريون فصلً ؛ لنه بين المبتدأ الخبر ،أو لنه فصل بين الخبر والنعت ،أو
لنه فصل بين الخبر والتابع ،4
وأما الكوفيون فيسمونه عماداً " ،كأنه عمد السم الول وقواه بتحقيق الخبر بعده " 5يقول ابنُ
ل " :كأنّهُ فصل السم الول عمّا بعده ،وآذنَ يعيشٍ في سبب تسميتةِ هذا الضميرِ فص ً
6
بتمام ِه ،وإنْ ل ْم يبقَ منه بقي ٌة من نعتٍ ول بدلٍ ،إل الخبر ،ل غيرُ "
ومظهر المطابقة في ضمير الفصل موجودٌ ،فيُشترطُ أن يكون مطابقاً للمبتدأ في العدد
وفي الجنس وفي الشخص ( التكلم والخطاب والغيبة ) ،جاء في لباب العراب " :وإذا كان
الخبرُ معرف ًة أو مضارعاً لها في امتناعِ دخول حرف التعريف عليه ،كـ ( أفعل من كذا ) ،
والفعلِ المضارعِ ،جاز تخللُ ضمير الفصل بينهما ،وهو أحد الضمائر المنفصلة المرفوعة ،
مطابقًا للمبتدأ ،إيذانًا بأنه خبرٌ ل نعتٌ ".7
ويقول الدماميني ( " :مطابقٌ للمبتدأ ) في الفراد وفرعيه ،والتذكير وفرعه ،والتكلم
والخطاب والغيبة " ،8ويقول السيوطيّ " :ويقعُ بلفظ المرفوع المنفصل ،مطابقاً ما قبله في
الفراد والتثنية والجمع ،والتذكير والتأنيث ،والتكلم والخطاب والغيبة ". 9
هاما أَتَا َفل َ ََّ ل ( ضمير الفصل المتكلم المفرد المذكر ) قوله تعالى : فمثا ُ
ن
م َة ِ ة ال ْ ُ
مبَاَرك َ ِ ع ِ ق َفي الْب ُ ْ ن ِ
ِ مَ واِد اْلَي ْ
َ ئ ال ْ
شاطِ ِ ن َ م ْي ِ نُوِد َ
َ َ ش جر َ
ن
مي َ عال َ ِ ب ال ْ َ سى إِنِّي أنَا الل ّ ُ
ه َر ُّ مو َ ةأ ْ
ن يَا ُ ال َّ َ َ ِ
ن ) ،وهو الياء من ( إنّي ) ، (القصص ، )30:فضمير الفصل ( أنا ) مطابقٌ لسم ( إ ّ
وذلك في العدد وفي الجنس وفي الشخص ،فكلهما مفردٌ مذك ٌر متكلمٌ .
ولمْ يرد في القرآن الكريم غير هذه الية من نحو هذا التركيب ،كما لمْ يرد في القرآن
ث ،ول مثنىً .
الكريم ضميرُ فصلٍ لمتكلمٍ مفردٍ مؤن ٍ
حَرةُ س َجاءَ ال َّ و َ ومثالُ ( ضمير الفصل المتكلم الجمع المذكر) قوله تعالى َ :
نغالِبِي َ ن ال ْ َ ح ُن كُنَّا ن َ ْ جرا ً إ ِ ْ ن لَنَاَل َ ْ قالُوا إ ِ َّ ن َ و َع ْ
فْر َ ِ
ق لمرجعه ( نا ) من (كنّأ) ،وذلك في (العراف ، )113:فضمير الفصل ( نحنُ ) مطاب ٌ
وإِنَّا العدد وفي الجنس وفي الشخص ،فكلهما جمعٌ مذكرٌ متكل ٌم ،و قوله تعالى َ :
ن (الصافات ، )166:فالمطابق ُة حاصلةٌ في العددِ حو َ سب ِّ ُ
م َن ال ْ ُح ُ لَن َ ْ
ماب َ ونَكْت ُ ُوتَى َ م ْي ال ْ َ ح ِ ن نُ ْ ح ُ ص ،وقال تعالى :إِنَّا ن َ ْ والجنسِ والشخ ِ
َ َ
ن
مبِي ٍ مام ٍ ُفي إ ِ َ صيْنَاهُ ِ ح َءأ ْ ي ٍش ْ ل َ وك ُ ّ
م َ ه ْوآثَاَر ُ موا َ قدَّ ُ َ
(يِّس ، )12:فضميرُ الفصلِ مطابقٌ للمبتدأ في العدد والجنس والشخص ،فكلهما جمعٌ
ل اللوس ّ
ي ب العزّ ِة والجللةِ ،يقو ُ
مذكرٌ متكل ٌم ،إل أنّ الشارةَ به إلى مفردٍ ،فالمتكلمُ هو ر ّ
عن هذه الية " :وضميرُ العظمةِ للشارةِ إلى جللة الفعل ،والتأكيد للعتناء بأمرِ الخب ِر ،أو
َ
تمو ُ حيَاتُنَا الدُّنْيَا ن َ ُ ي إ ِ ّل َ
ه َن ِ لردِ النكار ،فإنّ الكفرةَ كانوا يقولون :إ ِ ْ
" 1وبهذا ل إشكال في الية ،وقد ورد ضميرُ ن
عوثِي َمب ْ ُ
ن بِ َ
ح ُ
ما ن َ ْ
و َحيَا َ ون َ ْ
َ
2
الفصل الجمع المتكلم في غير هذه اليات .
حان َ َ
ك سب ْ َ قالُوا ُ ومثال( ضمير الفصل المخاطب المفرد المذكر ) قوله تعالى َ :
عل َّمتَنَا إن َّ َ َ َ
م م ال ْ َ
حكِي ُ ت ال ْ َ
علِي ُ ك أن ْ َ ِ ما َ ْ م لَنَا إ ِ ّل َ
عل ْ َ
ل ِ
(البقرة ، )32:والمطابقةُ حاصلةٌ بين ضمير الفصل ( أنتَ ) والكاف في ( إ ّنكَ ) ،
وذلك في العدد والجنس والشخص ،فكلهما مفردٌ مذكرٌ مخاطبٌ .
وه َهذَا ل َ ُ
ن َ وأما مثال ( ضمير الفصل الغائب المفرد المذكر ) قوله تعالى :إ ِ َّ
ح ُّ
ق ص ال ْ َ ُ ص
َ ال ْ َ
ق
َّ َّ َّ
م (آل حكِي ُ زيُز ال ْ َ
ِ ع
َ ْ ال و
َ ه
ُ َ ل ه
َ الل َ
ن ّ ِ وإ
َ ه
ُ الل ل ه إِن إِل َ ٍم ْ
ما ِو ََ
ق لـ ( هذا ) في العدد عمران ، )62:فضميرا الفصل مطابقان لسم ( إنّ ) ،فالول مطاب ٌ
والجنس والشخص ،فكلهما مفردٌ مذك ٌر غائبٌ ،والثاني مطابقٌ لـلفظ الجللة ( ال ) ،وذلك
في العدد والجنس والشخص ،فكلهما مفردٌ مذكرٌ غائبٌ .
َّ َّ
ح
سي ُ م ِ و ال ْ َ َ ه
ُ هَ الل نَ ّ ِ إ وا
َ
ُ قالَ نَ ذي ِ فَر ال قدْ ك َ َ وقال تعالى :ل َ َ
َ َ
هل ِ َ
ك ن يُ ْ ن أَرادَ أ ْ شيْئا ً إ ِ ْ ه َ ن الل ّ ِ م َ ك ِ مل ِ ُ ْ ن يَ م ْ َ ل َ
ف ق ْ م ُ مْري َ َ ن َ اب ْ ُ
َّ ميعا ً َ ُ
ه
ولِل ِ َ ج ِ ض َ ِ في اْلْر ن ِ م ْ َ وَ هُ م وأ َّ َ م
َ مْري َ َ ن
ح اب ْ َ سي َم ِ َ ال ْ
َ ت واْل َ
والل ّ ُ
ه شاءُ َ ما ي َ َ ق َ خل ُ ُ ما ي َ ْ ه َما بَيْن َ ُ و َ ض َ ِ ر ْ وا ِ َ ما َس َك ال َّ مل ْ ُ ُ
ر (المائدة ، )17:وقد تمت المطابقةُ هنا أيضاً بين دي ٌ ق ِ ء َ ي ٍ ش ْ ل َ علَى ك ُ ِّ َ
ضمير الفصل (هو) ،واسم ( إنّ ) لفظ الجللة ( ال ) ،وذلك في العدد والجنس والشخص ،
زيُز و ال ْ َ
ع ِ ك لَ ُ
ه َ وإ ِ َّ
ن َرب َّ َ فكلهما مفردٌ مذك ٌر غائبٌ ،وكذا المرُ في قوله تعالى َ :
2
م (الشعراء ، )9:وقد ورد غير هذه اليات في القرآن الكريم . حي ُالَّر ِ
ماوم ِ إِن َّ َ
ق ْومثال ( ضمير الفصل الغائب المفرد المؤنث ) ،قوله تعالى :يَا َ
ر
قَرا ِي دَاُر ال ْ َ
ه َ ن اْل ِ
خَرةَ ِ وإ ِ َّ
ع َ
متَا ٌ ه ال ْ َ
حيَاةُ الدُّنْيَا َ ذ ِ
ه ِ
َ
(غافر ، )39:فضمير الفصل ( هي ) مطابقٌ لسم ( إنّ ) ( ،الخرة) ،وذلك في العدد و
الجنس والشخص ،فكلهما مفر ٌد مؤنثٌ غائبٌ .
ى.
ولمْ ير ْد في القرآن الكريم ضمير فصلٍ غائبٍ مثن ً
علَى ومثال ( ضمير الفصل الغائب الجمع المذكر ) ،قوله تعالى :أُولَئ ِ َ
ك َ
ن (البقرة، )5: حو َ فل ِ ُ م ال ْ ُ
م ْ ه ُ
ك ُوأُولَئ ِ َ
م َ
ه ْ
ن َرب ِّ ِ
م ْ
ى ِ
هد ً
ُ
ق للمبتدأ ( أولئكَ ) ،وذلك في العدد والجنس والشخص ،فكلهما
فضمير الفصل ( هم ) مطاب ٌ
ب.جم ٌع مذكرٌ غائ ٌ
فأُولَئ ِ َ َ
م
ه ُ
ك ُ ك َ ول ّى ب َ ْ
عدَ ذَل ِ َ ن تَ َ
م ْ َ
ف َ وقال تعالى :
(آل عمران ، )82:والمطابقةُ حاصلةٌ هنا أيضاً ،بين ضمير ن
قو َ س ُ
فا ِ ال ْ َ
الفصل ( هم ) ،والمبتدأ ( أولئكَ ) ،وذلك في العدد والجنس والشخص ،فكلهما جم ٌع مذكرٌ
م َ َ قل ُ
ُ ب ،وكذا الم ُر في قوله تعالى :أ َ
ض أم ِ اْرتَابُوا أ ْ مَر ٌ
م َه ْ
ِ ِ وب في ِ غائ ٌ
ل أُولَئ ِ َ َّ َ
م
ه ُك ُ سول ُ ُ
ه بَ ْ وَر ُ
َ م
ْ ه
ِ ْ يَ عل
َ ه
ُ ف الل ن يَ ِ
حي َ نأ ْ فو َ خا ُ
َّ
يَ َ
2
ن (النور ، )50:وقد وردت في القرآن الكريم غير هذه اليات . مو َ الظال ِ ُ
مما تقدمَ نستطي ُع القولَ بأنّ المطابقةَ بين ضمير الفصل وما عاد عليه ،قد تمت في مواطنِ
وروده كلّها في القرآن الكريم ،وقد تمثلت هذه المطابقةُ في العدد والجنس والشخص .
يتقدمُ الجمل َة في بعض التراكيب ضميرٌ مفر ٌد غائبٌ ،يُقصدُ به التفخي ُم والتعظيمُ ،يسميه
النحا ُة ( :ضمير الشأن أو القصة ) ،وهذه تسمية البصريين له ،وأما الكوفيون فيسمونه
1
الضمير المجهول ؛ لعد ِم تقدمِ شي ٍء عليه .
ش " :إعلمْ أنّهم إذا أرادوا ذِكرَ جمل ٍة من الجملِ السمية أو الفعلية ،فقد
ن يعي ٍ
يقولُ اب ُ
يُقدمون قبلها ضميراً يكون كنايةً عن تلك الجملة ،وتكون الجمل ُة خبراً عن ذلك الضميرِ
ن وحديثٌ ،ن كلّ جملةٍ شأ ٌ
وتفسيراً له ،ويوحدون الضميرَ ؛ لنّهم يريدون المرَ والحديثَ ؛ ل ّ
2
ول يفعلون ذلك إل في مواضع التفخيم والتعظيم "
ويقول الرضيّ " :وهذا الضميرُ كأنّه راجعٌ في الحقيقة إلى المسئول عنه بسؤالٍ مقدر ،
ل مثلً ( :هو الميرُ مقبلٌ ) ،كأنّه سمع ضوضاءً وجلب ًة ؛ فاستبهم المرَ فسأل ما الشأنُ ؟ تقو ُ
ل ) ،أي الشأنُ هذا ، ...والقصدُ بهذا البهام ثم التفسير :تعظيمُ فقيل له ( :هو الميرُ مقب ٌ
المرِ وتفخيمُ الشأن ،فعلى هذا ل بُ ّد أن يكون مضمونُ الجملة المفسّرة شيئاً عظيماً يُعتنى به ،
ل مثلً ( :هو الذبابُ يطيرُ ) ". 3
فل يُقا ُ
وكونّهُ مفرداً غائباً دائمًا ؛ فإنّ مظهرَ المطابقةِ في هذا الضميرِ مع الجملة التي بعده يتمثلُ
ن يعيشٍ " :وربما أنّثوا ذلك الضميرَ على إردة القصة ،وأكثرُ ما في الجنس فقط ،يقول اب ُ
يجيء إضمار القصةِ مع المؤنثِ ،وإضمارها مع المذكر جائ ٌز في القياس ؛ لنّ التذكير على
ث لذلك ".4
إضمار المذكرِ ،وهو المرُ والحديثُ ،فجائ ٌز إضمارُ القصةِ والتأني ِ
ويقولُ ابنُ مالكٍ " :وإفراده لزمٌ ،وكذا تذكيرهُ ما لمْ َيلِهِ مؤنثٌ ،أو مذكرٌ شبي ٌه به مؤن ٌ
ث
ح تأنيثهُ باعتبار القصة على تذكيره باعتبار الشأن " ، 5وترجيحُ ل بعلمةِ تأنيثٍ ،فيرُج ُ ،أو فع ٌ
ث ضميرِ الشأن مع المؤنث مذهبُ البصريين ،وأما الكوفيون ،فيُوجبون التذكيرَ مع تأني ِ
6
المذكر والتأنيثَ مع المؤنث .
ن
م ْ
ه َ ولقد ورد ضميرُ الشأن في القرآن الكريم ،فمثاله مذكراً قوله تعالى :إِن َّ ُ
ْ
حيَى
ول ي َ ْ ها َ
في َت ِ مو ُ م ل يَ ُ هن َّ َ
ج َ
ه َن لَ ُ رما ً َ
فإ ِ َّ ج ِ
م ْ ت َرب َّ ُ
ه ُ يَأ ِ
1ينظر :شرح المفصل ، 114 / 3 ،وارتشاف الضرب ، 486-485 / 1 ،وشرح الرضي على الكافية ، 464 / 2 ،وهمع
الهوامع . 232 / 1 ،
2شرح المفصل . 114 / 3 ،
3شرح الرضي على الكافية . 465-464 / 2 ،
4شرح المفصل . 116 / 3 ،
5تسهيل الفوائد . 28 ،
6ينظر :ارتشاف الضرب ، 488-486 / 1 ،والجامع الصغير في النحو ، 23 ،وهمع الهوامع . 234-233 / 1 ،
فإِذَا ح ُّ
ق َ عدُ ال ْ َ
و ْب ال ْ َ وا ْ
قتََر َ أما مثاله إذا كان مؤنثاً ،فنحو َقوله تعالى َ :
قدْ كُنَّا ِ ويْلَنَا َ خص ٌ َ
في فُروا يَا َن كَ َ ذي َصاُر ال ّ ِة أب ْ َ شا ِ َي َ ه َ ِ
ل العكبريّ :ن (النبياء ، )97:يقو ُ مي َ ل كُنَّا ظَال ِ ِ هذَا ب َ ْن َم ْ
ة ِفل َ ٍ َ
غ ْ
" و ( هي ) ،ضميرُ القصة ". 8
في اْل َ وقال تعالى :أ َ
بقلُو ٌ م ُ ن لَ ُ
ه ْ فتَكُو َض َ ِ ر
ْ ِ رواُ سي
ِ َ ي م
ْ فل َ َ
َ ْ َ ها َ قلُون بها أ َ
صاُر مى الب ْ َ ع َ
ها ل ت َ ْ فإِن ّ َ ن بِ َ
عو َ م ُ
س َ
ن يَ ْ و آذَا ٌ ْ َ ِ َ ع ِ
يَ ْ
َ
ر (الحج ، )46:يقولُ صدُو ِ في ال ُّ ب ال ّتِي ِ قلُو ُ مى ال ْ ُ ع َ ولَك ِ ْ
ن تَ ْ َ
النسفيّ " :الضميرُ في ( فإنّها )
10
سرٌ بالجملةِ بعده .
ضميرُ القصةِ " ، 9ويقولُ اللوسيّ " :ضميرُ ( فإنّها ) للقصة ،فهو مفَ ّ
لخْردَ ٍ
ن َ
م ْ حب َّ ٍ
ة ِ ل َ مث ْ َ
قا َ ك ِ ن تَ ُ ي إِن َّ َ
ها إ ِ ْ وقال تعالى :يَا بُن َ َّ
ْ َ ْ َ خر َ
ت
ض يَأ ِفي الْر ِ و ِتأ ْ وا ِ ما َ في ال َّ
س َ و ِ ةأ ْ ص ْ َ ٍفي َ ن ِ فتَك ُ ْ
َ
وقد تمت المطابقةُ في هذه اليات ،ولمْ يرد ضميرُ الشأن في القرآن الكريم مخالفاً لما
يفسره
( الخاتمة )
وبعدُ ...
فإنّ مظهر المطابقة ل ْم يغفله النحاةُ ،وإنْ لم يُفردوا له باباً خاصًا به ،فنحنُ نجدهم
يتكلمون عليها كلما كان ذكرها مناسبًا ،وذلك واضحٌ في كتبهم وما ذكرناه في فصول الرسالة
وعلى الرغم من أنّ الصل تخالف المبتدأ والخبر تعريفاً وتنكيراً ،فالول معرفة
،والثانــي نكرة ،فإنّـ مجيئهمــا معرفتيــن أو نكرتيــن ،يُعدّ مظهراً مــن مظاهــر
المطابقـة ،أمـا المبتدأ الذي له فاعلٌ يسـد مسـد الخـبر ،فإن مجيئه فـي القرآن الكريـم
كان مطابقاً ،وعلى الرغم من جواز المخالفة بين أفعل التفضيل المضاف إلى معرفة
11البحر المحيط . 414 / 8 ،
الصفحة 125من 142
وما قبله ،فقد جاء في القرآن الكريم مطابقاً في مواطن تزيد على مواطن المخالفة ،
وحافـظ النظمُـ القرآنـي على المطابقـة بيـن الفعـل والفاعـل المؤنـث ،وعلى الرغـم مـن
جواز تذكيــر فعــل الفاعــل المؤنــث المجازي المتصــل بعامله والمنفصــل عنــه ،فإنّ
القرآن الكريـم جاء بالمطابقـة فـي مثـل هذا التركيـب ،ول ب ّد لنـا مـن مراعاة السـياق
والمعنـى العام عنـد تأويـل اليات التـي ظاهرهـا التخالف ،كمـا نسـتطيعُ أن نقولَ أن
لغة ( أكلوني البراغيثُ ) لغة ورد عليها القرآن الكريم ،ول مُسوّغ لردها في بعض
اليات القرآنية الكريمة ؛ لنّها جارية على مظهر المطابقة .
وجاء النعتُ السببي في كلّ مواطن وروده في القرآن الكريم محافظاً على المطابقة ،وكذا
المر في عطف البيان ،والتوكيد ،والبدل ،وإنّ مجيءَ ظاهرة القطع في كلّ من النعت
الحقيقي ،وعطف النسق ،لم يكن إل زيادة جمالٍ وروعةٍ في النص القرآني الكريم ،وعلى
الرغم من جواز تخالف البدل والمبدل منه في التعريف والتنكير ،فإن القرآن الكريم استعملهما
متطابقين في مواطنَ بلغتْ ضعفَ مواطن تخالفهما .
والمطابقة في القرآن الكريم بين الضمير الغائب المفرد بنوعيه :المذكر والمؤنث ،
والمثنى ،والجمع بنوعيه :المذكر والمؤنث ،قد تمت في مواطن تزي ُد كثيراً على المواطن
التي ظاهرها التخالفُ ،ول ننسى أن لهذه المواطن حملً على المعنى ،وقد تمت المطابقة في
ل مواطن ورود ضميري الفصل والشأن . القرآن الكريم في ك ّ
وإننـي فـي رسـالتي هذه ل أدعـي أنـي أحصـيتُ كلّ مـا جاء مطابقاً أو مـا جاء
غير مطابق في القرآن الكريم ،واكتفيتُ بنصوصٍ وافيةٍ من القرآن الكريم ؛ فالقرآن
معجزة ال تعالى ،ل يسـتطي ُع الباحـث أن يحيـط بكلّ جوانبـه وخصـائصه وأسـراره ،
وإننـا لو تتبعنـا أيّ ظاهرةٍ فيـه ،فإنّ دراسـتنا ل تتجاوز آياتٍـ معدودة محدودة ،ذلك
ل حرف ـٍ فيــه معنىً ،ولكلّ كلم ٍة فيــهلنّـ هذا الكتاب ـَ وحيّ مــن حكيم ـٍ عليم ٍـ ،لك ّ
ق للصواب .مغزىً ،ولكلّ آيةٍ فيه برهانٌ .وال الموف ُ
ث
الباح ُ والحمد ل أولً وآخراً والصلة على اللِ الطيبين والصحب الميامين .
-1التقان في علوم القرآن ،جلل الدين السيوطي ،ت 911هـ ،تحقيق :محمد العربي ،
القاهرة ،ط 1415 ، 1/هـ – 1995م .
-4إرشاد العقـل السـليم إلى مزايـا القرآن الكريـم ،أبـو السـعود محمـد بـن محمـد
العمادي ،ت 951هـ ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت .
-5أساليب التأكيد في اللغة العربية ،الياس ديب ،دار الفكر اللبناني ،بيروت ،ط 1404 ، 1 /هـ
– 1984م .
-6أسرار التكرار في القرآن ،محمد بن حمزة بن نصر الكرماني ،ت 505هـ ،تحقيق :عبد
القادر أحمد عطا ،دار العتصام ،القاهرة ،ط 1396 ، 2 /هـ – 1976م .
-7الصوات اللغوية ،د 0إبراهيم أنيس ،مكتبة النجلو المصرية ،القاهرة ،ط – 1395 ، 5 /
1975م .
- 8الصول في النحو ،أبو بكرٍ بن السراج النحوي البغدادي ،ت 316هـ ،تحقيق :د 0عبد
الحسين الفتلي ،مطبعة النعمان ،النجف الشرف 1393 ،هـ – 1973م .
-9أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ،محمد المين بن محمد المختار الجنكي الشنقيطي ،
ت 1393هـ ،تحقيق :مكتب البحوث والدراسات ،دار الفكر ،بيروت 1415 ،هـ – 1995م .
-10العجاز الفني في القرآن ،عمر السلمي ،مصنع الكتاب للشركة التونسية للتوزيع ،تونس ،
1400هـ – 1980م .
-11النصاف في مسائل الخلف بين النحويين البصريين والكوفيين ،كمال الدين أبو البركات عبد
الرحمن بن محمد بن أبي سعيد النباري النحوي ،ت 577هـ ،تحقيق :محمد محيي الدين عبد
الحميد ،دار الفكر ،بيروت .
-12أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ،أبو محمد عبد ال جمال الدين بن يوسف بن أحمد ابن
عبد ال بن هشام النصاري المصري ،ت 761هـ ،تحقيق :محمد محيي الدين عبد الحميد ،
المكتبة العصرية ،بيروت .
-13اليضاح في شرح المفصل ،أبو عمرو عثمان بن عمرو المعروف بابن الحاجب النحوي ،
ت 646هـ ،تحقيق :د 0موسى بناي العليلي ،مطبعة العاني ،بغداد 1402 ،هـ – 1982م .
754 -14البحر المحيط في التفسير ،محمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الندلسي الغرناطي ،ت
هـ ،طبعة جديدة بعناية :صدقي محمد جميل ،دار الفكر ،بيروت 1412 ،هـ – 1992م .
-15بدائع الفوائد ،ابن قيم الجوزية ،ت 751هـ ،عنى بتصحيحه والتعليق عليه ومقابلة أصوله :
إدارة المطبعة المنيرية ،دار الكتاب العربي ،بيروت .
-17تاج العروس من جواهر القاموس ،محمد مرتضى الزبيدي ،مكتبة الحياة ،بيروت .
-18التبيان في إعراب القرآن ،أبو البقاء محب الدين عبد ال بن أبي عبد ال الحسين بن أبي
البقاء العكبري ،تحقيق :علي محمد البجاوي ،دار إحياء الكتب العربية .
-19تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ،ابن مالك ،ت 672هـ ،تحقيق :محمد كامل بركات ،
وزارة الثقافة ،القاهرة 1378 ،هـ – 1967م .
-20تفسير البيضاوي ،البيضاوي ،ت 791هـ ،تحقيق :عبد القادر عرفات العشا حسونة ،دار
الفكر ،بيروت 1416 ،هـ – 1996م .
-21تفسير الجللين ،محمد بن أحمد المحلي وعبد الرحمن بن أبي بكرٍ السيوطي ،ت 911هـ ،
دار الحديث ،القاهرة ،ط . 1 /
-22تفسير سفيان الثوري ،أبو عبد ال سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ،ت 161هـ ،دار
الكتب العلمية ،بيروت ،ط 1403 ، 1/هـ – 1983م .
-23تفسير القرآن العظيم ،أبو الفداء اسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي ،ت 774هـ ،دار الفكر
،بيروت 1401 ،هـ – 1981م .
-24تفسير النسفي ،أبو البركات عبد ال أحمد بن محمود النسفي ،ت 710هـ ،دار الكتاب
العربي ،بيروت.
-25التكملة ،أبو علي الفارسي ،ت 377هـ ،تحقيق :كاظم بحر المرجان ،دار الكتب للطباعة
والنشر ،جامعة الموصل 1401 ،هـ – 1981م .
1376 -26تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلم المنان ،عبد الرحمن بن ناصر السعدي ،ت
هـ ،جمعية إحياء التراث السلمي ،الكويت ،ط 1421 ، 5 /هـ – 2000م .
-27جامع البيان عن تأويل آي القرآن ،أبو جعف ٍر محمد بن جرير بن يزيد بن خالد الطبري ،ت
310هـ ،دار الفكر ،بيروت 1405 ،هـ – 1985م .
-28الجامع الصغير في النحو ،أبو محمد جمال الدين بن عبد ال بن يوسف بن هشام النصاري
المصري ،ت 761هـ ،تحقيق وتعليق :د 0أحمد محمود الهرميل ،مكتبة الخانجي ،القاهرة ،
1400هـ – 1980م .
-31حاشية الخضري ت (1870م ) على شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك ،شرحها وعلق عليها
:تركي فرحان المصطفى ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط 1419 ، 1 /هـ – 1998م .
-32حاشية الصبان على شرح الشموني على ألفية ابن مالكٍ ومعه شرح الشواهد للعيني ،ت
1206هـ ،دار إحياء الكتب العربية ،عيسى البابي الحلبي وشركاه .
-33الحجة في القراءات السبع ،أبو عبد ال الحسين بن أحمد بن خالويه ،ت 370هـ ،تحقيق :د
0عبد العال سالم مكرم ،دار الشروق ،بيروت ،ط 1401 ، 4 /هـ – 1981م .
-34حجة القراءات ،أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد بن زنجلة ،تحقيق :سعيد الفغاني ،
مؤسسة الرسالة ،بيروت ،ط 1402 ، 2/هـ – 1982م .
-35الخصائص ،أبو الفتح عثمان بن جني ،ت 392هـ ،تحقيق :محمد علي النجار ،دار الهدى
للطباعة والنشر ،ط ، 2 /بيروت .
-36دراسات في اللغة ،د 0إبراهيم السامرائي ،مطبعة العاني ،بغداد 1381 ،هـ – 1961م
-37الدر المنثور في التفسير المأثور ،وهو مختصر تفسير ترجمان القرآن ،عبد الرحمن بن
الكمال جلل الدين السيوطي ،ت 911هـ ،دار الفكر ،بيروت 1413 ،هـ – 1993م .
-38دراسات في اللغة والنحو ،د 0عدنان محمد سلمان ،دار الحكمة للطباعة والنشر 1411 ،هـ
– 1991م .
-39دراسات في اللغة والنحو العربي ،حسن عون ،معهد البحوث والدراسات اللغوية ،مطبعة
الكيلني 1389 ،هـ – 1969م .
-40دراسات لُسلوب القرآن الكريم ،محمد عبد الخالق عضيمة ،دار الحديث ،القاهرة .
-41ديوان اُحية بن الجلح الوسي الخزرجي ،ت 497مـ ،دراسة وجمع وتحقيق :د 0حسن
محمد باجوده ،شركة مكة للطباعة والنشر 1399 ،هـ 1979-م .
-42ديوان جرير بشرح محمد بن حبيب ،تحقيق :د 0نعمان محمد أمين طه ،دار المعارف ،
مصر 1389 ،هـ – 1969م .
-44ديوان علقمة الفحل بشرح العلم الشنتمري ،ت 603مـ ،تحقيق :لطفي الصقال و درية
الخطيب ،راجعه :فخر الدين قباوة ،دار الكتاب العربي ،حلب 1389 ،هـ – 1969م .
1971 -45ديوان كثير عزة ،جمعه وشرحه :د 0إحسان عباس ،دار الثقافة ،بيروت 1391 ،هـ –
م.
1270 -46روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ،أبو الفضل محمود اللوسي ،ت
هـ ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت .
-47زاد المسير في علم التفسير ،عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي ،ت 597هـ ،المكتب
السلمي ،بيروت ،ط 1404 ، 3/هـ – 1984م .
-48السبعة في القراءات ،أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد التميمي البغدادي ،ت
324هـ ،تحقيق :د 0شوقي ضيف ،دار المعارف ،القاهرة ،ط 1400 ، 2 /هـ – 1980م .
-49سنن أبي داود ،أبو داود سليمان بن الشعث السجستاني الزدي ،ت 275هـ ،تحقيق :محمد
محيي الدين عبد الحميد ،دار الفكر ،بيروت .
-50سنن البيهقي الكبرى ،أبو بكرٍ أحمد بن الحسين بن علي بن موسى البيهقي ،ت 458هـ ،
تحقيق :محمد عبد القادر عطا ،دار الباز ،مكة المكرمة 1414 ،هـ – 1994م .
-51شرح ابن عقيل ،بهاء الدين عبد ال بن عقيل العقيلي الهمداني المصري ،على ألفية ابن مالك
،أبو عبد ال محمد بن جمال الدين بن مالك ،ت 769هـ ،تحقيق :محمد محيي الدين عبد
الحميد ،مطبعة السعادة ،مصر ،ط 1384 ، 14 /هـ – 1964م .
-52شرح الرضي على الكافية ،رضي الدين الستراباذي ،ت 686هـ ،تصحيح وتعليق :يوسف
حسن عمر ،مؤسسة الصادق ،طهران .
-53شرح المفصل ،موفق الدين بن يعيش النحوي ،ت 643هـ ،عالم الكتب ،بيروت .
-54الشرح الواضح المنسق لنظم السلم المرونق ،د 0عبد الملك عبد الرحمن السعدي ،دار
النبار ،بغداد ،ط 1416 ، 1 /هـ – 1996م .
-55شرح ديوان الفرزدق ،ضبط معانيه وشروحه وأكملها :إيليا الحاوي ،دار الكتاب اللبناني
ومكتبة المدرسة ،بيروت ،ط 1403 ، 1 /هـ – 1983م .
-56شرح ديوان حسان بن ثابت النصاري ،ت 674مـ ،ضبط الديوان وصححه :عبد الرحمن
البرقوقي ،دار الندلس ،بيروت 1403 ،هـ – 1983م .
761 -58شرح قطر الندى وبل الصدى ،أبو محمد عبد ال جمال الدين بن هشام النصاري ،ت
هـ ،تحقيق :محمد محيي الدين عبد الحميد ،مطبعة السعادة ،مصر ،ط 1383 ، 11 /هـ – 1963
م.
-59شعر الخطل ،أبو مالك غياث بن غوث التغلبي ،صنعه السكري رواية عن أبي جعفر
محمد ابن حبيب ،تحقيق :فخر الدين قباوة ،دار الصمعي ،حلب .
-60شعر الشنفرى الزدي ،أبو خير مؤرج بن عمرو السدوسي ،ت 195هـ ،تحقيق وجمع :
علي ناصر غالب ،مركز دراسات الخليج العربي ،جامعة البصرة ،قسم الدراسات الدبية و
اللغوية 1413 ،هـ – 1993م .
-61صحيح البخاري ،أبو عبد ال محمد بن اسماعيل البخاري الجعفي ،ت 256هـ ،تحقيق :د 0
مصطفى ديب البغا ،دار ابن كثير واليمامة ،بيروت ،ط 1407 ، 3 /هـ – 1987م .
-62صحيح مسلم ،أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري ،ت 261هـ ،تحقيق :
محمد فؤاد عبد الباقي ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت .
-63صحيح مسلم بشرح النووي ،أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي ،ت 676هـ ،دار
إحياء التراث العربي ،بيروت ،ط 1392 ، 2 /هـ – 1972م .
1403 -64الضمائر في اللغة العربية ،د 0محمد عبد ال جبر ،دار المعارف ،بيروت ،ط ، 1 /
هـ – 1983م .
-65طبقات المفسرين ،أحمد بن محمد الدنروي ،ت تحقيق :سليمان بن صالح الخزي ،مكتبة
العلوم والحكم ،المدينة المنورة ،ط 1417 ، 1 /هـ – 1997م .
-66فتح الباري شرح صحيح البخاري ،أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلني الشافعي ،
ت 852هـ ،تحقيق :محب الدين الخطيب ،دار المعرفة ،بيروت .
-67فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير ،محمد بن علي بن محمد
الشوكاني ،ت 1250هـ ،دار الفكر ،بيروت .
-68الفرائد الجديدة تحتوي على نظم الفريدة وشرحها المطالع السعيدة ،عبد الرحمن السيوطي ،
ت 911هـ ،تحقيق :الشيخ عبد الكريم المدرس ،مطبعة الرشاد ،بغداد 1397 ،هـ – 1977م .
-69الفوائد الضيائية شرح كافية ابن الحاجب ،نور الدين عبد الرحمن الجامي ،ت 898هـ ،
دراسة وتحقيق :د 0أُسامة طه الرفاعي ،مطبعة وزارة الوقاف والشؤون الدينية ،بغداد 1402 ،
هـ – 1982م .
الصفحة 131من 142
-70في النحو العربي نق ٌد وتوجيه ،د 0مهدي المخزومي ،منشورات المكتبية العصرية ،بيروت
،ط 1384 ، 1/هـ – . 1964
-71الكتاب ،كتاب سيبويه ،أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر ،ت 180هـ ،تحقيق وشرح :عبد
السلم محمد هارون ،عالم الكتب ،بيروت ،ط 1403 ، 3 /هـ – 1983م .
-72الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون القاويل في وجوه التنزيل ،أبو القاسم جار ال محمود بن
عمر الزمخشري الخوارزمي ،ت 538هـ ،ومعه حاشية السيد الشريف علي بن محمد بن علي
السيد زين الدين أبي الحسن الحسيني الجرجاني ،وبهامشه القرآن الكريم برسم وضبط الدوزي
عن أبي محمد ابن المنير السكندري المالكي ،وبآخر الكتاب تنزيل اليات على الشواهد من
البيات ،للعالم المدقق محب الدين أفندي ،شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي
وأولده ،مصر 1367 ،هـ – 1984م .
-73لسان العرب ،محمد بن مكرم بن منظورالفريقي المصري ،ت 711 ،هـ ،دار صادر،
بيروت ،ط 1 /
-74اللغة ،ج 0فندريس ،تعريب :عبد الحميد الدواخلي ومحمد القصاص ،مكتبة النجلو
المصرية 1370 ،هـ – 1950م .
-75مجموعة أشعار العرب ،وهو مشتملٌ على ديوان رؤبة بن العجاج وعلى أبيات مُفَردات
منسوبة إليه ،اعتنى بتصحيحه وترتيبه :وليم بن الورد البروسي ،منشورات دار الفاق الجديدة ،
بيروت ،ط 1399 ، 1/هـ – 1979م .
-76مختار الصحاح ،محمد بن أبي بكر عبد القادر الرازي ،ت 721هـ ،تحقيق :محمود خاطر
،مكتبة لبنان ناشرون ،بيروت 1415 ،هـ – 1995م .
-77مختصر المعاني ،سعد الدين التفتازاني ،دار الفكر ،قم ،ط 1411 ، 1 /هـ – 1991م
-78المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي ،د 0رمضان عبد التواب ،مكتبة الخانجي ،
القاهرة ،ط 1997 – 1417 ، 3 /م .
-79المسائل السفرية في النحو ،ابن هشام النصاري ،ت 761هـ ،تحقيق :د 0علي حسين
البواب ،دار طيبة للنشر والتوزيع ،الرياض .
-80مسند المام أحمد بن حنبل ،أبو عبد ال بن حنبل الشيباني ،ت 241هـ ،مؤسسة قرطبة ،
مصر .
-81مشكل إعراب الشعار الستة الجاهلية ،القسم الخامس ،ديوان طرفة بن العبد ،بشرح محمد
ابن إبراهيم بن محمد الحضرمي ،ت 609هـ ،تحقيق :د 0علي خلف الهُروط ،منشورات
جامعة مؤتة ،ط 1416 ، 1 /هـ – 1995م .
-83معالم التنزيل ،أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي ،ت 516هـ ،تحقيق :خالد العك
ومروان سوار ،دار المعرفة ،بيروت ،ط 1407 ، 2 /هـ – 1978م .
-84معاني القرآن ،أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء ،ت 207هـ ،تصدير :محمد أبو الفضل
إبراهيم ،عالم الكتب ،بيروت ،ط 1400 ، 2 /هـ – 1980م .
-85معاني القرآن الكريم ،أبو جعفر النحاس ،ت 338هـ ،تحقيق :محمد علي الصابوني ،
جامعة أم القرى ،مكة المكرمة ،ط 1409 ، 1 /هـ – 1989م .
-86معاني النحو ،د 0فاضل صالح السامرائي ،وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ،جامعة
بغداد ،بيت الحكمة 1407 / 1406 ،هـ – 1987 / 1986م .
-87المعجم الكبير ،أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني ،ت 360هـ ،تحقيق :حمدي
عبد المجيد السلفي ،مكتبة الزهراء ،الموصل ،ط 1404 ، 2 /هـ – 1983م .
-88مغني اللبيب ،جمال الدين بن هشام النصاري ،ت 761هـ ،حققه وعلق عيه :د 0مازن
المبارك ومحمد علي حمد ال ،وراجعه :سعيد الفغاني ،دار الفكر ،بيروت ،ط 1405 ، 6 /هـ
– 1985م .
-89مغني اللبيب ،جمال الدين بن هشام النصاري ،وبهامشه حاشية الشيخ محمد المير ،دار
إحياء الكتب العربية ،عيسى البابي الحلبي وشركاه .
-90مفتاح العلوم ،أبو يعقوب يوسف بن محمد بن علي السكاكي ،ت 626هـ ،حققه وقدم له
وفهرسه :د 0عبد الحميد هنداوي ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط 1420 ، 1 /هـ – 2000م .
-91المقتصد في شرح اليضاح ،عبد القاهر الجرجاني ،ت 471هـ ،تحقيق :د 0كاظم بحر
المرجان ،دار الرشيد للنشر ،منشورات وزارة الثقافة والعلم /الجمهورية العراقية 1402 ،هـ
– 1982م .
-92المقتضب ،أبو العباس محمد بن يزيد المبرد ،ت 285هـ ،تحقيق :محمد عبد الخالق
عضيمة ،عالم الكتب ،بيروت .
-93المُقرب ،علي بن مؤمن المعروف بابن عصفور ،ت 669هـ ،تحقيق :أحمد عبد الستار
الجواري و عبد ال الجبوري ،مطبعة العاني ،بغداد 1406 ،هـ – 1986م .
-94ملك التأويل القاطع بذوي اللحاد والتعطيل في توجيه المتشابه اللفظ من آي التنزيل ،أحمد
بن إبراهيم بن الزبير الثقفي العاصمي الغرناطي ،ت 708هـ ،تحقيق :سعيد الفلح ،دار الغرب
السلمي ،بيروت ،ط 1403 ، 1 /هـ – 1983م .
-96نتائج الفكر في النحو ،أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد ال السّهيلي ،ت 581هـ ،تحقيق :
محمد إبراهيم البنا ،مطابع الشروق ،بيروت .
-97همع الهوامع في شرح جمع الجوامع ،جلل الدين السيوطي ،ت 911هـ ،تحقيق :عبد
العال سالم مكرم ،دار البحوث العلمية ،الكويت 1397 ،هـ – 1977م .
-98الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ،أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي ،ت 468هـ ،تحقيق :
صفوان عدنان داوودي ،دار القلم – الدار الشامية ،دمشق – بيروت ،ط 1415 ، 1 /هـ – 1995
م.
( الرسائل والطاريح )
-1التثنية في اللغة العربية ،حسين محيسن ختلن البكري ،رسالة ماجستير ،إشراف :د 0عبد
المير محمد أمين الورد ،جامعة بغداد 1409 ،هـ – 1989م .
-2لباب العراب ،الفاضل السفرايني ،ت 684هـ ،تحقيق :عبد الباقي عبد السلم الخزرجي ،
رسالة ماجستير ،إشراف :أ 0د 0طه محمد الزيني ،جامعة الزهر 1399 ،هـ – 1979م .
-3المنهل الصافي في شرح الوافي ،بدر الدين الدماميني ،ت 828هـ ،دراسة وتحقيق :فاخر جبر
مطر ،أُطروحة دكتوراه ،إشراف :أ 0د 0عدنان محمد سلمان 1410 ،هـ – 1989م .
( البحوث )
-1أثر التحويلت الُسلوبية في تغيير العراب في اليات القرآنية والشواهد الشعرية ،يحيى القاسم
،مجلة أبحاث اليرموك ،سلسلة الداب واللغويات ،مجلة نصف سنوية محكّمة ،المجلد ، 11 /
العدد /الول 1413 ،هـ – 1993م .
ث منشورٌ على النترنت ،عنوانه : -2اللفظ والمعنى في لغة التنزيل ،د 0إبراهيم السامرائي ،بح ٌ
( . www . balagh .com / mosoa /quran /lilexyo2.htm
الفهرس