Professional Documents
Culture Documents
والتي تتمثل في ثبلث، ييدف ىذا البحث إلى إبراز الظواىر الببلغية في سورة الممك:ممخص
.قضايا رئيسة
وتحدث فييا الباحث عن اإلظيار في،أما القضية األولى فيي األساليب الخبرية وأغراضيا الببلغية
والتعبير عن الكثرة بمفظ، وااللتفات، والتوكيد، والتعريف والتنكير، والتقديم والتأخير،موضع اإلضمار
. وعطف الفعل عمى االسم، وخطاب المفرد بمفظ الجمع، والتعبير عن الجمع بمفظ المفرد،التثنية
، وتحدث فييا الباحث عن االستفيام،وأما القضية الثانية فيي األساليب اإلنشائية وأغراضيا الببلغية
. والتمني، والمدح والذم،واألمر
وتحدث فييا الباحث عن براعة،وأما القضية الثالثة فيي الصور البيانية وأغراضيا الببلغية
.) سجع، مقابمة، جناس، والبديع (طباق، واإليجاز بالحذف، والكناية، والمجاز، والتشبيو،االستيبلل
وقد أبرز الباحث األغراض الببلغية وأسرارىا لكل نوع من أنواع الظواىر الببلغية الموجودة في سورة
. وختم البحث بأىم النتائج والتوصيات.الممك
Rhetorical Features in Surat Al Mulk
Abstract: This research aims to highlight the rhetorical features in Surat Al
Mulk, which consists of three main issues.
The first one is about the use of informative styles and their rhetorical
purposes, where the researcher discussed Ith-haar fee mawdi al-idmaar,
fronting and pre-posing, use of definite and indefinite nouns, assertion,
rhetorical twist, indicating abundance by use of duality, expressing pluralism
by use of singular forms, use of plural forms in addressing the singular,
apposition of verbs with nouns.
The second issue is the compositional styles and their rhetorical purposes,
where the researcher discussed questions, use of command, praise and
dispraise, and the wish.
The third issue is the figures of speech and their rhetorical purposes, where
the research explored the skillful use of initiation, simile, metaphor,
metonymy, brevity by deletion, and rhetorical devices (antithesis, alliteration,
and assonance)
The researcher highlighted the rhetorical purposes and secrets of each of the
rhetorical features in Surat Al Mulk. In the end, the researcher drew the most
important findings and recommendations.
المقدمة
د .رياض قاسم
َبة َْ َ٠ ُْ ٌَٚج َؼ ًْ ٌَُٗ ِػ ًَ ٛجب] {الكهف ،}1:وتحدى فصحاء الحمد هلل رب العالويي[ ،أَ ْٔ َض َي َػٍََ ٝػ ْج ِذ ِٖ اٌ ِىز َ
اٌجُّٓ َػٍَ ٝأَْْ َ٠ؤْرُٛا ثِ ِّ ْث ًِ َ٘ َزا اإل ْٔ ُ
س َِ ٚ ذ ِ العرب عمى أن يأتوا بشيء من مثمو فعجزوا[ ،لُ ًْ ٌَئِ ِٓ ْ
اجزَ َّ َؼ ِ
ط ظَ ًِ ١ٙشا] {اإلسزاء ، }88:والصبلة والسبلم عمى اٌمُ ْشآَ ِْ ََل َ٠ؤْرُ َْٛثِ ِّ ْثٍِ ِٗ ََ ْٛ ٌَٚوبَْ ثَ ْؼ ُ
ع ٌُِ ُْ ٙجَ ْؼ ٍ
رسول اهلل سيد البمغاء ،وأفصح العرب لساناً ،وأحكميم بياناً ،وأفضميم كبلماً ،أما بعد:
فإن التعبير البياني لمقرآن الكريم يشتمل عمى كثير من األسرار الببلغية ،والتوجييات
التربوية ،مما يستدعي بل يستوجب الوقوف ٍّ
بتأن وتمعن أمام النصوص والتعبيرات القرآنية من أجل
إبراز األغراض الببلغية الكامنة في ثنايا تمك النصوص والتعبيرات القرآنية ،وبيان األسرار التي دل
عمييا األسموب القرآني في موضعو.
ومن أىم أىداف التحميل الببلغي الوقوف عمى خصوصية أنواع الخطاب المختمفة بإجراء
التتبع الوصفي لمظواىر الببلغية في النص أو النصوص موضوع الدراسة ،ثم إن عممية التتبع تمر
بمراحل وىي :رصد الظواىر الببلغية وتصنيفيا ،ثم تحميل تمك الظواىر الببلغية ،ثم تعميميا وربطيا
بالغاية والسياق.
وقد قام الباحث بعمل دراسة تطبيقية عمى سورة الممك ،واجتيد في بيان بعض الظواىر
الببلغية الكامنة في التعبير البياني ليذه السورة؛ إذ إن النص القرآني أعظم من أن يحيط بكل
أغراضو ومراميو مخموق.
خطة البحث :اشتمل البحث عمى مقدمة ،وثبلثة مباحث ،وخاتمة ،وفيرس لممصادر والمراجع
المبحث األول :األساليب الخبرية وأغراضها البالغية في سورة الممك
ويشتمل عمى تسعة مطالب:
المطمب األول :اإلظيار في موضع اإلضمار
المطمب الثاني :التقديم والتأخير
المطمب الثالث :التعريف والتنكير
المطمب الرابع :التوكيد
المطمب الخامس :االلتفات
المطمب السادس :التعبير عن الكثرة بمفظ التثنية
المطمب السابع :التعبير عن الجمع بمفظ المفرد
المطمب الثامن :خطاب المفرد بمفظ الجمع
المطمب التاسع :عطف الفعل عمى االسم
المبحث الثاني :األساليب اإلنشائية وأغراضها البالغية في سورة الممك
871
الظواهر البالغية في سورة الممك
871
د .رياض قاسم
811
الظواهر البالغية في سورة الممك
س ِْ ٛء] {الفتح ،}6:ك ثرر السثوء ألنو لثو ق ثال: س ِْ ٛء َػٍَ ْ ُْ ِٙ ١دَائِ َشحُ اٌ َّ
ظَّٓ اٌ َّوقَوِل ِو تَعالَى[ :اٌظَّبِّٔ َٓ١ثِبهللِ َ
َ ْ َ
ذم ُير َعائِ ًدا ِإلَى المذ ِو تَ َعالَى . (عمييم دائرتو) َالْلتَبس بِأَن ي ُكون الض ِ
ََ ْ َ َ
ضي ِل َذِل َك َك َما َيقُو ُل اْل َخِميفَةُ الروع في ضمير السذامع :بِِذ ْك ِر ِاالسِم اْلم ْقتَ ِ
ْ ُ -6تربية الميابة وادخال ذ
آم ُر َك بِ َك َذاَ ،و ِم ْنوُ قَ ْولُوُ تَ َعالَىَ [ : ِ ِ ِ
اٌحبلَّخُ * َِب ان :أََنا ُ ْم ُر َك بِ َك َذا َم َك َ ْم ُرهُ بِأ َْم ٍر :أَم ُير اْل ُم ْؤ ِمن َ
ين َيأ ُ ل َم ْن َيأ ُ
د اٌَِ ٝأَ ٍِْ٘ َٙب] {الٌساء. }58: اٌحبلَّخُ ] {الحاقَّتَ ،}2،1:وقَ ْولُوُ[ :اَِّْ هللاَ َ٠ؤْ ُِ ُش ُو ُْ أَْْ رُ َئدُّٚا األَ َِبَٔب ِ َ
سزَ ْغفِ ْش ٌَ َُٚ ُْ ٙشَب ِْ ٚس ُ٘ ُْ فِ ٟاألَ ِْ ِش فَبِ َراورَ :كقَ ْوِل ِو تَ َعالَى[ :فَبػْفُ َػ ْٕ َُٚ ُْ ٙا ْ ْم ِ ِ ِ ِ
ص ُد تَ ْق ِوَية َداعَية اْل َمأ ُ -7قَ ْ
الَ ( :عمَى المذ ِو) لَ ْم َي ُق ْل: ين قَ َ ِ
َػ َض ِْذَ فَزَ ََّ ٛو ًْ َػٍَ ٝهللاِ اَِّْ هللاَ ِ ُ٠ح ُّت اٌ ُّزَ َِّ ٛوٍِ{ ] َٓ١آل عوزاىَ ،}159:وح َ
اسِم اْل ُمتََو ذك ِل َعمَ ْي ِو.
يح بِ ْ ور بِالتذَوك ِل بِالتذ ْ
ص ِر ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
"إذنوُ ُيحب" أ َْو "إٍّني أُحب" تَ ْق ِوَيةً ل َداعَية اْل َمأ ُ
ْم ِ
ش ْ١ئًب َِ ْز ُوً ٛسا * أَِّببْ ِح َِِٓ ٌٓ١اٌ َّذ ْ٘ ِش ٌَ ُْ ُ َ٠ىْٓ َ س ِ -8تعظيم األمر :كقولو تعالى ًْ َ٘ [ :أَرََ ٝػٍَِ ٝ
اإل ْٔ َ
صً ١شا] {اإلًساى }2-1:ولم يقل خمقناه س ًِّ ١ؼب ثَ ِ سبَْ ِِْٓ ُٔ ْطفَ ٍخ أَ ِْش ٍ
َبج َٔ ْجزٍَِ ِٗ ١فَ َج َؼ ٍَْٕبُٖ َ َخٍَ ْمَٕب ِ
اإل ْٔ َ
لمتنبيو عمى عظم خْمق اإلنسان.
س ِٗ ٌِٛإٌَّجِ ِّ ٟاألُ ِِّ ِّ ٟاٌَّ ِزٞفَ :كقَ ْوِل ِو تَ َعالَى[ :فَآ َ ُِِٕٛا ثِبهللِ ََ ٚس ُ اى ِر ِإلَى اْلوص ِ -9أَن ي ْقص َد التذوص ُل بِالظذ ِ
َ ْ ْ ُ َ َ
سُ ٛي هللاِ اٌَِ ُْ ١ى ُْ َج ًِّ ١ؼب]، ص ْد ِر ْاْلَي ِة[ :أَِِّ ٟس ُ ِ ِ
ُ٠ئْ ُِِٓ ثِبهللِ ََ ٚوٍِ َّبرِ ِٗ] {األعزافَ ،}158:ب ْع َد قَ ْوِلو في َ
ات الذتِي َذ َك َرَىا ِم َن الذنبِ ٍّي الصفَ ِ
اء ٍّ آم ُنوا بِالمذ ِو وبِي" ِليتَم ذكن ِمن ِإ ْجر ِ
ََ َ ْ َ َ
لبي( :فآمنوا باهلل ورسولو) ُدون "فَ ِ
َ
ِ
َن الذي ذ ِ
ف لُي ْعمَ َم أ ذ وص ُ ِ ِ ِ ِ
الَ :وبِي لَ ْم َيتَ َم ذك ْن م ْن َذل َك أل ذ ْاأل ٍُّم ٍّي الذِذي ُي ْؤ ِم ُن بِالمذ ِو فَِإذنوُ لَ ْو قَ َ
َن الضذم َير َال ُي َ
صفَ ِة ظي ا ِ
ار لمذن َ ان أََنا أ َْو َغ ْي ِري ِإ ْ َ ً
ف بِيِذ ِه ٍّ ِ ِ
الصفَات َكائًنا َم ْن َك َ
ِ
ان بِو َواالتٍَّباعُ لَوُ ُى َو َم ْن ُوص َ َ
اإليم ِ ِ
ب ِْ َ ُ َو َج َ
َوُب ْع ًدا ِم َن التذ َعص ِب ِلَن ْف ِس ِو.
سزَ ْط َؼ َّب أَ ٍَْ٘ َٙب فَؤَثَ ْٛا أَْْ -10قصد العموم :كقولو تعالى [ :فَب ْٔطٍََمَب َحزَّ ٝاِ َرا أَرََ١ب أَ ْ٘ ًَ لَ ْشٍ َ٠خ ا ْ
شئْذَ ََلر ََّخ ْزدَ َػٍَ ْ ِٗ ١أَ ْج ًشا] {اٌىٙف}77: ط فَؤَلَب َُِٗ لَب َي ٌَ ِْ ٛعِّ١فَُّ ُ٘ ٛب فَ ََ ٛجذَا فَِٙ ١ب ِجذَا ًسا ِ ُ٠شُ ٠ذ أَْْ ْٕ َ٠مَ َّ َ ُ٠
ولم يقل استطعماىم لئلشارة بتأكيد العموم ،وأذنيما لم يتركا أحداً من أىميا إال استطعماه و َأبى ،ومع
ذلك قاببلىم بأحسن الجزاء ،وفيو التنبيو عمى محاسن األخبلق ،ودفع السيئة بالحسنة.
س َٙب ٌٍَِّٕجِ ِّ{ ]ٟاألحزابَ ،}51:وَل ْم وص َكقَ ْوِل ِو تَ َعالَىَٚ [ :ا ِْ َشأَحً ُِئْ َِِٕخً اِْْ ََ٘ ٚجَذْ َٔ ْف َص ِ ص ُد اْل ُخ ُ
-12قَ ْ
ير َألُ ِخ َذ َج َو ُازهُ ِل َغ ْي ِرِه َك َما ِفي قَ ْوِل ِو تَ َعالَى( :وبنات عمك) فَ َع َد َل َع ْنوُ ِإَلى ي ُق ْل" :لَ َك" ِألَذنو لَو أَتَى بِالض ِ
ذم ِ ُ ْ َ
ذة َوأَذنوُ لَ ْي َس ِل َغ ْي ِرِه َذِل َك.
وصي ِ
يو عمَى اْل ُخص ِ ذِ ِ ِ
ُ الظاى ِر لمتذْنبِ َ
-14،13اإلشعار بعمة الحكم وتقوية استقبلل الجممة :أما ما يقصد باإلشعار بعمة الحكم فيو أن الختم يأتي
تعميبلً لمعنى سابق في اْلية كقولو تعالى َِْٓ َٚ [ :أَ ْظٍَ ُُ ِِ َّّ ِٓ ا ْفزَ َشَ ٜػٍَ ٝهللاِ َو ِزثًب أَ َْ ٚو َّز َ
ة ثِآََ٠برِ ِٗ أَُِّٗ ََل ْ ُ٠ف ٍِ ُح
صرح بالظمم تنبيياً عمى ذ
أن عمة عدم فبلحيم ىو الظمم. اٌظَّبٌِ ُّ{ ] َْٛاألًعام }21:فمم يقل (ال يفمحون) حيث ذ
818
د .رياض قاسم
وأما ما يقصد باستقبلل الجممة فيي أن تكون كاممة بحيث لو اقتطعت من السياق الذي ىي فيو،
يظل المعنى فييا عمى تمامو وكمالو ،ويحسن استخداميا في مواطن خارج السياق كقولو تعالىَٚ [ :ارَّمُٛا هللاَ
الجميل في موقع اإلضمار لتربية ِ ِ
االسم ظيار
اٌصذُِ ٚس]{الوائدة ،}7:قال أبو السعود" :وا ُد ُّ اَِّْ هللاَ َػ ٍِِ ٌُ ١ث َزا ِ
الميابة وتعميل الحكم وتقوية استقبلل الجممة"(.)1
اٌصذُِ ٚس) مقطع مستقل المعنى ،واضح المدلول مشحون بكل الرموز الذىنية ُّ فالختم (اَِّْ هللاَ َػ ٍِِ ٌُ ١ث َزا ِ
د
المرتبطة بألفاظو.
ولثثو أننثثا أضثثمرنا وقمنثثا (إنثثو عمثثيم بثثذات الصثثدور) فيثثي جممثثة ليسثثت مسثثتقمة ،حيثثث ال يحسثثن اقتطاعيثثا مثثن
السياق إال ووضعيا في سياق مثمو ،فبل تقوم بذاتيا بغير قرينة تشير إلى مدلوليا ،الحتمثال أن يكثون الضثمير
عائداً عمى غير مرجعو األصمي ،الميم إال ما يشير إليو تقديم المتعمق واستحالة أن يكون لغير اهلل.
والجدول اْلتي يوضح المواضع الستة التي جاء فييا اإلظيار في موضع اإلضمار:
رقم اآلية اآلية مسمسل
3 الر ْح َم ِن ِم ْن تَ َف ُاو ٍت
ق ذ َما تََرى ِفي َخْم ِ 1
ِ ِ َن َي ْخ ِس َ َم ْنتُم م ْن ِفي السذم ِ ِ
16 ور
ض فَإ َذا ى َي تَ ُم ُف بِ ُك ُم األ َْر َ اء أ ْ َ أَأ ْ َ 2
17 َن يرِس َل عَم ْي ُكم ح ِ
اصًبا َم ْنتُم م ْن ِفي الس ِ ِ
َ ْ َ ذماء أ ْ ُ ْ َ أ َْم أ ْ َ 3
20 ورون ِإ ذال ِفي ُغ ُر ٍ ِ
ِإ ِن ال َكاف ُر َ 4
27 ين َكفَ ُروا ذِ ِس َيئ ْ
ت ُو ُجوهُ الذ َ 5
28 اب أَِل ٍيم
ين ِم ْن َع َذ ٍ ِ
َف َم ْن ُي ِج ُير ال َكاف ِر َ 6
نماذج لوضع المظهر موضع المضمر وبيان األغراض البالغية التي تترتب عمى ذلك:
ص َش د فَ ْ
بس ِج ِغ اٌجَ َ د ِغجَبلًب َِب رَ َش ٜفَِ ٟخ ٍْ ِ
ك اٌ َّش ْح َّ ِٓ ِِْٓ رَفَب ٍُ ٚ س َّ َٛا ٍس ْج َغ َ
ك َ أوالً :قال تعالى[ :اٌَّ ِزَ ٞخٍَ َ
ات ِطَباقًا) مظي اًر من ق س ْبع سمو ٍ ذِ
َ٘ ًْ رَ َش ِِْٓ ٜفطٍ ٛس] {اٌٍّه ،}3:تُ ّبين الجممة األولى (الذي َخمَ َ َ َ َ َ َ
ُ ُ
مظاىر قدرة اهلل –عز وج ّل -في الخمق ،حيث خمق سبع سموات فوق بعضيا ،وفي الجممة الثانية
الر ْح َم ِن ِم ْن تَفَ ُاو ٍت) ينفي تعالى وجود أدنى اختبلف في ىذا الخمق ،لكن نجد ّأنو ق ذ (ما تََرى ِفي َخْم ِ
َ
ق مخ
َ ُْ ُي الذي ىو و ِ
ت
ر د ق
ُ ِ
بباىر و ذ
ن أ
و حمن، الر
ذ ق م
َْ ُخ و ذ
ن أ وىو فاوت: ذ
ت ال من ذ
ين ِ
سبلمت سبب ذكر - تعالى –
فيين) فقد سبق ذكر السموات في الجممة األولى ،ولم الر ْح َم ِن) ولم َي ُقل (ما ترى ذ ق ذ (في َخْم ِِم ْث َل ذلك ِ
ضعُ االسم الظذاىر موضع يذكر تعالى الضمير الذي يعود عمييا في الجممة الثانية ،وىذا ُيسمى َو ْ
الرحمن) موضوع الضمير (خْمق ذ الضمير ،وفائدة ذلك التعظيم ،قال أبو السعود" :وضع فييا َ
811
الظواهر البالغية في سورة الممك
وبأن في إبداعيا لمتعظيم واإلشعار بعمذة الحكم ،وبأذنو –تعالى -خمقيا بقدرتو القاىرة رحمةً وتفضبلً ،ذ
نِ َعماً جميمة"(.)1
ض فَب ِ َرا ِ٘ َ ٟرَ ُُّ ٛس * أَ َْ أَ ِِ ْٕزُ ُْ َِْٓ
سفَ ثِ ُى ُُ األَ ْس َ ثانياً وثالثاً :قال تعالى[ :أَأَ ِِ ْٕزُ ُْ َِْٓ فِ ٟاٌ َّ
س َّب ِء أَْْ ْ َ٠خ ِ
سزَ ْؼٍَ َُّ َْٛوْ١فَ َٔ ِزِ ٠ش] {اٌٍّه ، }87 ، 81 :اْليتان ىنا تُنك ارن بصجًب فَ َ س َّب ِء أَْْ ْ ُ٠ش ِ
س ًَ َػٍَ ُْ ١ى ُْ َح ِ فِ ٟاٌ َّ
عمى الكفار سوء اعتقادىم ،بأنيم آمنون من أن يأمر اهلل تعالى مبلئكتو بإيقاع العذاب عمييم.
(مثثن) فثثي اْليتثثين ىثثو مثثن قبيثثل اإلظيثثار فثثي موضثثع اإلضثثمار ،إذ ذ
إن اْليثثة التثثي واالسثثم الموصثثول َ
تسبقيا ذكرت الضمائر العائدة إلى لفظ الجبللة (اهلل) المفيثوم مثن سثياق اْليثات السثابقة ،قثال تعثالى:
[ ُ٘ َ ٛاٌَّ ِزَ ٞج َؼ ًَ ٌَ ُى ُُ األَ ْس َ
ض َرٌُ ً
َٛل َٚ ....اٌَِ ْ ِٗ ١إٌُّشُُ ٛس] {اٌٍّه}81:
فمثثم يقثثل تعثثالى :أأمنتمثثوه أن يخسثثف بكثثم األرض ،أم أمنتمثثوه أن يرسثثل عمثثيكم حاصثثباً ،واظيثثار ذلثثك
لغثثرض بيثثان عظثثيم تصثرفو تعثثالى فثثي ممكثثو ،لكثثن اإلشثثارة إليثثو تعثثالى بيثثذا االسثثم الموصثثول فيثثو مثثن
المتشثثابو الثثذي ُيفيثثم مثثن ظثثاىر المفثثظ معنثثى حمثثول اهلل فثثي المكثثان ،وىثثذا بثثالطبع ال يميثثق بثثو سثثبحانو
وتعالى.
ُ ْٚاٌ َّش ْح َّ ِٓ اِ ِْ اٌ َىبفِشُ َْٚاِ ََّل فُِ ٟغ ُشٍ ٚس] رابعاً :قال تعالى[ :أَ َِّْٓ َ٘ َزا اٌَّ ِزُ َٛ ُ٘ ٞج ْٕ ٌذ ٌَ ُى ُْ ُ ْٕ َ٠
ص ُش ُو ُْ ِِْٓ د ِ
{اٌٍّهُ ،}11:يبّين مطمع اْلية عجز األصنام وحقارتيا من أن تدفع شيئاً عن الكافرين ،وجاءت
فاصمة اْلية مقررةً ومبينةً ذ
أن شأن كل الكافرين ىو الغرور ،فكميم في غفمة عن توقع نزول عذاب
اهلل بيم ،ألذنيم مغترون في االعتماد عمى أصناميم بأنيا تنفعيم وقت الشدة وتدفع عنيم الببلء،
حصر وقصر بغرض قمب اعتقادىم أنيمٍ ور) أسموبون ِإ ذال ِفي ُغ ُر ٍ ِ
وجاءت فاصمة اْلية (ِإ ِن ال َكاف ُر َ
في مأمن من الكوارث بحماية آليتيم ،ففائدتو إبطال ىذا االعتقاد الذي ال أساس لو في الواقع،
و(ال) في (الكافرون) لبلستغراق أي كل الكافرين ،والجممة االسمية تدل عمى دواميم عمى ىذا الحال
فيذا ديدنيم ،و(الغرور) ىو ظن النفس وتوىميا وقوع أمر نافع ليا وىو خبلف الواقع ،وحرف الجر
()2
(في) يفيد شدة تمبسيم بالغرور ذ
وكأن الغرور محيط بيم من كل جانب.
وجثثاء اإلظيثثار لمفثثظ (الكثثافرون) لبنثثاء جممثثة مسثثتقمة ذات إيحثثاء قثثوي وفعثثال ،لتجثثري الجممثثة مجثثرى
()3
ف ثثي بيثثان ديثثدن الك ثثافرين ،وكثثذا فائثثدة اإلظي ثثار بيثثان العم ثثة الت ثثي أوصثثمتيم إل ثثى المثثثل أو الحكمثثة
813
د .رياض قاسم
الغثثرور وىثثي الكفثثر ،قثثال أبثثو السثثعود" :واإلظيثثار فثثي موقثثع اإلضثثمار لثثذميم بثثالكفر ،وتعميثثل غثثرورىم
بو"(.)1
خامساً :قال تعالى[ :فٍََ َّّب َسأَ ُْ ُٖٚص ٌْفَخً ِ
س١ئَذْ ُُ ٚج ُٖٛاٌَّ ِزَ َٓ٠وفَ ُشٚا َٚلَِ َ٘ ًَ ١زا اٌَّ ِزُ ٞو ْٕزُ ُْ ثِ ِٗ رَ َّذػُ] َْٛ
{اٌٍّه ،}17:تخبر اْلية عن حال المشركين المعاندين حين يرون وعد اهلل تعالى قد ح ذل بيم ،حيث
تكون وجوىيم قد َكمَ َحت ،وىنا قال تعالى (رأوه) وقال بعدىا (وجوه الذين كفروا) ولم يقل (وجوىيم)
أي وضع الموصول موضع ضميرىم وذلك لفائدة ببلغية وىي ذميم بالكفر ،وبيان العمة التي
()2
استحقوا بيا المساءة.
سادساً :قال تعالى[ :لُ ًْ أَ َسأَ ْ٠زُ ُْ اِْْ أَ ٍَْ٘ َىِٕ َ ٟهللاُ َِ َِ َِْٓ ٚؼ َ ٟأَ َْ ٚس ِح ََّٕب فَ َّْٓ ِ ُ٠جُ ١ش اٌ َىبفِ ِشَ ِِْٓ َٓ٠ػ َزا ٍ
ة
{ ]ُ١اٌٍّه ،}11:الخطاب ىنا لممشركين ،أي أخبروني إن أىمكني اهلل ومن معي من المؤمنين أٌَِ ٍ
بالعذاب ،أو رحمنا فمم يعذبنا ،ف َمن ذا الذي ينجيكم مع كفركم من العذاب؟ فبل أحد ينجيكم سواء
()3
ومن معو من المؤمنين كما كان يتمنى الكفار أو أميميم.
أىمك اهلل الرسول َ
(فمثن يجيثركم) بثل قثال
وقد ذكر تعالى (أرأيتم) خطاباً لمشركي مكة ،وفي خاتمة اْلية لم يقل تعثالى َ
(فمثثن يجيثثر الكثثافرين) وفثثي ىثثذا اإلظيثثار لمفثثظ (الكثثافرين) إشثثارةٌ إلثثى أنيثثم كثثافرون و ذ
أن عمثثة الحكثثم َ
عمثثييم بالعثثذاب ىثثي الكفثثر ،و(ال) فثثي (الكثثافرين) لمجثثنس أي المخثثاطبين مثثن مشثثركي مكثثة وغيثثرىم
()4
ممن يأتي بعدىم.
قال أبو السعود" :ووضع (الكافرين) موضع ضميرىم لمتسجيل عمييم بالكفر ،وتعميل نفي اإلنجاء
بو"(.)5
المطمب الثاني :التقديم والتأخير
إن (التقثثديم والتثثأخير) فثثي المغثثة العربيثثة يقثثف دلثثيبلً سثثاطعاً عمثثى مثثا تكتن ثزه المغثثة العربيثثة مثثن طاقثثات
إن طاقثات اإليحثاء ومسثتويات الداللثة إيحائية ،ومستويات تعبيرية ،قمما توجد في لغة مثن المغثات .إذ ذ
المعنثى تبعثاً لمذفثظ ،وحالثة
َ تتماوج مع حركة المفثظ فثي الجممثة مثن حيثث تقدمثو أو تثأخره ،بحيثث يكثون
استق ارره في الجممة.
811
الظواهر البالغية في سورة الممك
"إذنثثو بث ٌ
ثاب كثيث ُثر الفوائثثد ،جثثم المحاسثثن ،واسثثعُ التصثثرف ،وال تَث از ُل تثثرى شثثع اًر يروقثثك مسثثمعو ،ويمطثثف
وحول المذفظ
شيء ،ذٌ أن قُ ّدم فيو
أن راقثك ولطث ثف عندك ْ بب ْ
لدي ثك موقع ث ثو ،ثم تَنظث ثر فتجث ثد س ث َ
عن مكان إلى مكان"(. )1
المعنثثى فثثي الجممثثة وفثثق ترتيبثثات
َ رصثثد حركثثةظم القائمثثة عمثثى ْفمنثثذ اكتشثثاف الجرجثثاني ،نظريثثة ال ثذن ْ
أن تقثثف عمثثى أس ثرار الجمثثال ،وم ثواطن ِ
محاول ثةً ْ قواعثثد عمثثم النحثثو ،والد ارسثثات تتثثرى فثثي ىثثذا المجثثال
اإلعجاب فيو.
صثثحيح ذ
أن ()2
وقثثد اكتفثثى سثثيبويو فثثي تعميمثثو ظ ثواىر التذقثثديم والتذثثأخير فثثي الجممثثة بالعنايثثة واالىتمثثام.
نقصثثر الغثثرض الببلغثثي لمتقثثديم
العنايثثة واالىتمثثام مثثن جماليثثات التقثثديم والتثثأخير ،لكثثن ال يمكثثن أن ُ
والتأخير عمى ذلك فقط.
وقد قسم الجرجاني التقديم والتأخير إلى قسمين:
-1تقثثديم عمثثى نيثثة التثثأخير" :وذلثثك فثثي كثثل شثثيء أقررتثثو مثثع التقثثديم عمثثى حكمثثو الثثذي كثثان عميثثو،
()3
وكثثذلك فيمثثا يخ ثثتص بمتعمق ثثات العامثثل، كثثالمفعول إذا قدمتثثو عمثثى الفاعثثل ( ضثثرب عمثث اًر زيثثد) "
كتقديم المفعول بو عمى فعمو ،وتقديم الحال عمى فعمو ،وتقديم الظرف والجار والمجرور عمى فعميمثا،
وتقديم الخبر عمى المبتدأ ،وىو في الغالب يفيد االختصاص"(.)4
-2تقديم ال عمى نية التأخير" :ولكن عمى أن تنقل الشثيء عثن حكثم إلثى حكثم ،وتجعثل لثو بابثاً غيثر
بابو ،واعراباً غير إعرابو ،وذلك أن تجيء إلى اسثمين يحتمثل كثل واحثد منيمثا أن يكثون مبتثدأ ويكثون
اْلخر خب اًر لو ،فتقدم تارة ىذا عمى ذاك كقولك( :ضربت زيداً) و(زيداً ضربتو)"(.)5
فيثثو إذن تقثثديم ألفثثاظ بعضثثيا عمثثى بعثثض فثثي غيثثر عامثثل ،كتقثثديم لفثثظ عمثثى آخثثر ،فثثي
موضع ،ثم تأخيره في موضع آخر.
()6
وكذلك غرض التقديم والتأخير مراعاة رؤوس اْليات أي السجع،
واعتبر العموي أن أحد أ ا
وكذلك كثير من المفسرين يقولون بالمشاكمة ومراعاة الفواصل ويقصدون رؤوس اْليات.
811
د .رياض قاسم
كثير من البيانيين ال يقولون بالسجع ( ،)1ومن المفسرين من يرى أن ىذا ال يميق بكبلم
لكن اً
الرازي" :واعجاز القرآن ليس في السجع ،وذلك ألن الشاعر يختار المفظ اهلل –تعالى -حيث يقول ذ
الفاسد لضرورة الشعر والسجع ،ويجعل المعنى تبعاً لمذفظ ،واهلل –تعالى -بيذن الحكمة عمى ما ينبغي،
وجاء بالمفظ عمى ما ينبغي"(.)2
والثثذي ي ثراه الباحثثث ذ
أن ىثثذا التعميثثل لمتقثثديم والتثثأخير –م ارعثثاة ل ثرؤوس اْليثثات -أمث ٌثر غيثثر
ذ
رب العثالمين ال أن اهلل –تعثالى -قثدم وأ ذخثر مثن أجثل السثجع ،فك ُ
ثبلم ٍّ مقبول ،إذ إنو من غيثر المعقثول ذ
شكل بعينو .فكل كممثة مثن كممثات القثرآن الكثريم فثي موضثعيا التثي طر إلى ٍ يخضع لضرورة ،وال ُيض َ
ىي فيو معجزة من ناحيتين ،من ناحية المبنى ومن ناحية المعنى الذي اشتممت عميو.
ظثم القثرآن ،ليتسثنى كشثف َمثواطن جمالذيثة لذا يجثب إمعثان الذنظثر والتذأمثل فثي جماليثات التذركيثب فثي َن ْ
المعنثثى ودقتثثو وتمامثثو مثثع مثثا يحممثثو
َ أمث ُثر سثثبلمة
أن يجتمثثع األمثران معثاًْ ،
أخثثرى ،فمثثن تمثثام اإلعجثثاز ْ
أم ُثر م ارعثاة جمالذيثات سثبك العبثارة ،وعذوبثة قفثل اْليثة بيثا ذ
من وجثوه ببلغيثة مختمفثة يشثع بيثا المفثظ ،و ْ
ٍ
وآيات تتموىا. مراعاةً إليقاع آي ٍ
ات سبقتيا،
والجدول اآلتي يبين المواضع التي جاء فيها تقديم وتأخير ،وهي خمسة عشر موضعاً:
رقم اآلية اآلية مسمسل
1 كالمْم ُ ذِ ِ ِ ِ
الذي بَيده ُ 1
1 َو ُى َو َعمَى ُك ٍّل َش ْي ٍء قَِد ٌير 2
4 اسًئا َو ُى َو َح ِس ٌير
ب ِإلَ ْي َك البصر َخ ِ
َ َُ َي ْن َقِم ْ 3
5 ير َعتَ ْدَنا لَيم ع َذاب الس ِ
ذع ِ َوأ ْ 4
ُْ َ َ
6 وِلمذِذين َكفَروا بِرٍّب ِيم ع َذاب جيذنم وبِ ْئس الم ِ
ص ُير 5
َ َ ُ َ ْ َ ُ َََ َ َ َ
7 َس ِم ُعوا لَيَا َش ِييقًا 6
8 ُكمذ َما أُْل ِق َي ِفييَا فَ ْوٌج 7
12 َجٌر َكبِ ٌير لَيُ ْم َم ْغ ِف َرةٌ َوأ ْ 8
15 ض َذلُوًال ذِ
ُى َو الذي َج َع َل َل ُك ُم األ َْر َ 9
15 ور ِ
َوِالَ ْيو الن ُش ُ 10
17 أَن يرِس َل عمَ ْي ُكم ح ِ
اصًبا 11
َ ْ َ ْ ُْ
811
الظواهر البالغية في سورة الممك
817
د .رياض قاسم
وقثثد تقثثدم الجثثار والمجثثرور (ليثثم) المتعمثثق بثثالخبر المحثثذوف وذلثثك لبلىتمثثام بثثالمؤمنين ،و ذ
ألن المبتثثدأ
(مغفثرةٌ) جثثاء نك ثرة فثثبل يجثثوز البثثدء بثثو ،والتقثثدير (مغف ثرة وأجثثر كبيثثر كائنثثان ليثثم) ،وقثثد تق ث ذدمت أيض ثاً
إن الخشثية محميثا القمثب ،وجثاءت بعثدىا البشثارة المغفرة عمى األجر الكبير ،وذلك تطميناً لقمثوبيم ،إذ ذ
الضر مق ذد ٌم عمى جمب الذنفع.
()1
ّ باألجر العظيم ،ىذا عمى قاعدة تقديم التخمية عمى التحمية ،أو دفع
أن يسثثتريحوا
لم ثا كانثثت الخشثثية مشثثيرة إلثثى خشثثيتيم مثثن عقثثاب اهلل عمثثى الثثذنوب ،وأن ى ذميثثم ْ
أي أنثثو ّ
أن اهلل محاىثثا وسثثترىا ليثثم ،ولمثثا كانثثت الخشثثية متضثثمنة الخثثوف ،و ذ
أن الثثذي منيثثا قث ّثدم المغف ثرة ،أي ذ
يخشثثى اهلل تعثثالى يجثثد فثثي الثثدنيا مثثن اْلالم والشثثدائد ،عقثثب بثثاألجر الكبيثثر ُليثثدخل السثثرور عمثثييم،
والسثثرور يكثثون باإلعطثثاء والث ثواب فكثثان ج ثزاؤىم األجثثر الكبيثثر ،فالفاصثثمة بيثثذا التركيثثب تبثثين تفضثثل
فتصغر أمام
ُ وكث ثرم اهلل تعالى عمى عباده عمى خشيتيم لو بما تتضمنو الخشية من المعاني،
()2
ىذا العطاء كل المصائب والشدائد.
ثالثا :قال تعالى َٛ ُ٘ [ :اٌَّ ِزَ ٞج َؼ ًَ ٌَ ُى ُُ األَ ْس َ
ض َرٌُ ً
َٛل فَب ِْشُٛا فََِِٕ ٟب ِو ِج َٙب َُ ٚوٍُٛا ِِْٓ ِس ْصلِ ِٗ َٚاٌَِ ِْٗ ١
إٌُّشُُ ٛس] {الولك}15:
ثأن ذلذثل ليثم األرض ،يسثعون فثي نواحييثا وجوانبيثا ،ويثأكمون مثن ىذا امتنان من اهلل عمى عبثاده ب ْ
ثأن نشثورىم إليثو ،والنشثور يكثون مثن القبثور
رزق اهلل الذي أخرجو ليم من األرض ،ثم ُيثذكرىم تعثالى ب ّ
بالبعث بعد الموت ،ليسأليم عن شكر ىذه النعمثة ،التثي ىثي عبلمثة دالثة عمثى قدرتثو فثي الخمثق،
()3
وتصرفو المطمق في ممكو.
وقثثد تقثثدم الجثثار والمجثثرور (لكثثم) عمثثى المفعثثول بثثو (األرض) إلظيثثار ىثثذا االمتنثثان ،وأنثثو –تعثثالى-
أن حقذو التأخر عنيمثا
ميتم بعباده ال ييمميم ،قال أبو السعود" :وتقديم (لكم) عمى مفعولي الجعل مع ذ
ٌّ
ُخثر ال سثيما عنثد كثون المقث ذدم ممثا لبلىتمام بما ق ذدم ،والتشويق إلى مثا أ ذخثر ،ف ذ
ثإن مثا حقّثو التقثديم إذا أ ّ
يثثدل عم ثى كثثون المثثؤخر مثثن منثثافع المخثثاطبين تبق ثي الثثنفس مترقب ثةً لثثوروده ،فيثثتمكن لثثدييا عنثثد ذك ثره
فضل تمكن"(.)4
وفثثي قولثثو تعثثالى (واليثثو النشثثور) قثثد تقثثدم الجثثار والمجثثرور المتعمثثق بثثالخبر المحثثذوف عمثثى المبتثثدأ،
صائر إليو ،وذلك إلفادة االختصاص.
ٌ فالتقدير :النشور
811
الظواهر البالغية في سورة الممك
811
د .رياض قاسم
(المْمك) معرفة ،والتعريف ىنا لمجنس ،أي جنس الممموكات كميا ،قال الطاىر:
وقد جاء لفظ ُ
(الممك) عمى ىذا الوجو تعريف الجنس الذي يشمل جميع أفراد الجنس ،وىو"والتعريف في ُ
()1
االستغراق ،فما يوجد من أفراده فرد إالّ وىو مما في قدرة اهلل ،فيو يعطيو وىو يمنعو".
-2قال تعالىَ٠َٚ [ :مَُِ ٌَُْٛٛزََ َ٘ ٝزا اٌ َْ ٛػ ُذ اِْْ ُو ْٕزُ ُْ َ
صب ِدلِ * َٓ١لُ ًْ أَِّ َّب اٌ ِؼ ٍْ ُُ ِػ ْٕ َذ هللاِ َٚأَِّ َّب أََٔب َٔ ِزٌ ٠ش
ُِجِ{ ] ٌٓ١الولك.}26-25:
وقد جاء لفظ (العمم) معرفة ،والتعريف فييا لمعيد ،فيكون المعنى :العمم بيذا الوعد الذي تسألون
عنو.
ثانيا :التنكير
ٍ
()2
لشيء ال بعينو كرجل وفرس". ضع قال الجرجاني" :النكرة ما و ِ
ُ
وقال أحمد البدوي" :والنكرة تفيد معناىا مطمقا من كل قيد ،أما ما يذكره عمماء الببلغة من معان
استفيدت من النكرة ،فإنيا لم تفدىا بطبيعتيا ،وانما استفادتيا من المقام الذى وردت فيو ،فكأنما
المقام ىو الذى يصف النكرة ،ويحدد معناىا ،فكممة حياة مثبل تدل عمى معناىا المجرد ،والمقام
()3
ييبيا معنى التحقير حينا ،والتعظيم حينا آخر ،والنوعية من موضع ثالث"
والجدول اآلتي يبين بعض المواضع التي ورد فيها التنكير وأغراضه البالغية:
الغرض الببلغي الكممة رقميا اْلية مسمسل
التعظيم قدير
ٌ 1 َو ُى َو َعمَى ُك ٍّل َش ْي ٍء قَِد ٌير 1
العموم تفاوتٍ 3 الر ْح َم ِن ِم ْن تَفَ ُاو ٍت
ق ذ َما تََرى ِفي َخْم ِ 2
التعظيم بمصابيح 5 صابِ َ
يح اء الد ْنَيا بِ َم َذم ََولَقَ ْد َزذيذنا الس َ 3
التحقير فوٌج 8 ُكمذ َما أُْل ِق َي ِفييَا فَ ْوٌج َسأَلَيُ ْم َخ َزَنتُيَا 4
العموم ٍ
شيء 9 فَ َك ذذ ْبَنا َوُقْمَنا َما َن ذز َل اهللُ ِم ْن َش ْي ٍء 5
التعظيم مغفرةٌ 12 لَيُ ْم َم ْغ ِف َرةٌ َوأ ْ
َجٌر َكبِ ٌير 6
التيويل حاصباً 17 اصًباأَن يرِس َل عمَ ْي ُكم ح ِ 7
َ ْ َ ْ ُْ
التنويع والتكثير ٍ
صافات 19 أَولَم يروا ِإلَى الطذ ْي ِر فَوقَيم صافذ ٍ
ات 8
ْ ُْ َ َ ْ ََ ْ
التعظيم بصير 19 ص ٌير ِإذنو بِ ُك ٍّل َشي ٍء ب ِ 9
ٌ ْ َ ُ
811
الظواهر البالغية في سورة الممك
818
د .رياض قاسم
811
الظواهر البالغية في سورة الممك
إن) تدخل عمى الجممة االسمية ،والجممة االسمية تفيد الدوام والثبوت( ،)2فتؤكدأن ( ّ
ومن المعروف ّ
(إن) عمى ثبوت ما في الجممة عمى الدوام ببل انقطاع.
ّ
والجدول اْلتي يبين المواضع الثبلثة التي جاء التأكيد فييا بحرف إن:
رقم اآلية اآلية مسمسل
12 الغ ْي ِب لَيُ ْم َم ْغ ِف َرةٌ َوأ ْ
َجٌر َكبِ ٌير ين َي ْخ َش ْو َن َربذيُ ْم بِ َ ذِ
ِإ ذن الذ َ 1
13 ات الص ُد ِ
ور ِإذنو عِميم بِ َذ ِ 2
ُ َ ٌ
19 ِ ٍ
ِإذنوُ بِ ُك ٍّل َش ْيء َبص ٌير 3
اٌصذُِ ٚس] {الولك}13:
د ُّ اج َُ ٙشٚا ثِ ِٗ أَُِّٗ َػٍِ ٌُ ١ثِ َزا ِس ُّشٚا لَ ُْ ٌَٛى ُْ أَ ِْ ٚ
[ َٚأَ ِ قال تعالى:
أن إسثرار القثول والجيثر بثوكان المشركون َيعتقدون أذنيم إذا أسثروا القثول فثاهلل ال يعممثو ،فبينثت اْليثة ذ
(إن) وغرضثياور) مؤ ذكثدة ب ث ذ حد سواء ،فاهلل يعممو ،وجثاءت فاصثمة اْليثة (ِإذنثو عِمثيم بِث َذ ِ
ات الص ُثد ِ عمى ّ
ُ َ ٌ
()3
التعميل ،والمراد بث (ذات الصدور) ما يتردد في النفس من الخواطر والنوايا.
ثف بثثالعمم و ذ
أن ألن اهلل متص ٌإذن فالفاصثمة مؤكثثدةٌ ومعممثةٌ لمتسثثوية بثين الحثثالتين :اإلسثرار والجيثثر ،أي ّ
ومثثن كثثان كثثذلك فيثثو بالتأكيثثد
عممثثو محثثيطٌ بمثثا ىثثو أخفثثى مثثن اإلسثرار ،وىثثو مثثا يثثدور فثثي الصثثدورَ ،
()4
عميم بما ُيسره الناس أو يجيرونو. ٌ
ثانياً :التأكيد بقصر المسند عمى المسند إليو ،والجدول اْلتي يوضح المواضع التسعة التي جاء فييا
التأكيد بقصر المسند عمى المسند إليو:
رقم اْلية اْلية مسمسل
1 َو ُى َو َعمَى ُك ٍّل َش ْي ٍء قَِد ٌير 1
2 ور الع ِز ُيز َ
الغفُ ُ َو ُى َو َ 2
4 َو ُى َو َح ِس ٌير 3
7 ورَوِى َي تَفُ ُ 4
14 الخبِ ُير
يف َ َو ُى َو المذ ِط ُ 5
813
د .رياض قاسم
811
الظواهر البالغية في سورة الممك
811
د .رياض قاسم
( )1الطّراز المتضمن ألسرار الببلغة وعموم حقائق اإلعجاز ،ليحيى بن حمزة العموي (.)131/2
( )2انظر :لسان العرب.)214/13( ،
( )3الطّراز المتضمن ألسرار الببلغة وعموم حقائق اإلعجاز (.)131/2
( )4الكشاف عن حقائق التنزيل (.)8/1
811
الظواهر البالغية في سورة الممك
تشير إلى القدرة الخالقة والتي يحث القرآن عمى النظر إلييا كثي اًر ،االلتفات إذن كأنو لفت إلى
الموضع الذي تؤخذ منو العبرة ،وتدنو بو الحقيقة الدالة من القموب المعتبرة"(.)1
إن تعظيم الفاعل حين إسناد الفعثل إليثو ،يشثير إلثى عظمثة الفعثل وخطثره وأىميتثو .تمثك األىميثة التثي
يثراد تثبيتيثثا فثثي أذىثثان المتمقثثين ،وقثثد يكثثون مثثن مسثثتتبعات العظمثثة اختصثثاص الفاعثثل بالفعثثل ،عمثثى
نحو ال يستطيعو غيثره .ومثن ثثم دعثوة إلثى إعمثال الثذىن فثي ذاك الفعثل نفسثو ،والتوقثف عنثده طثويبلً
لمعرفة مغزى أن ينسب إلى ضمير التكمم .ويؤنسنا في ىذا أن ىذا النوع من االلتفات اخثتص بأفعثال
ليا خطرىا ،والتأمل فييا لو ما لو من وقع في تقرير المعنى المراد.
ثانياً :االلتفات المتبادل ما بين الخطاب والغيبة:
ك َ َُٛ ٘ٚاٌٍَّ ِط١فُ اٌصذُِ ٚس * أَ ََل ْ َ٠ؼٍَ ُُ َِْٓ َخٍَ َد ُّ اج َُ ٙشٚا ثِ ِٗ أَُِّٗ َػٍِ ٌُ ١ثِ َزا ِ س ُّشٚا لَ ُْ ٌَٛى ُْ أَ ِْ ٚ قال تعالىَٚ [ :أَ ِ
َٛل فَب ِْشُٛا فََِِٕ ٟب ِوجِ َٙب َُ ٚوٍُٛا ِِْٓ ِس ْصلِ ِٗ َٚاٌَِ ْ ِٗ ١إٌُّشُُ ٛس * ض َرٌُ ً اٌخجُِ ١ش * ُ٘ َ ٛاٌَّ ِزَ ٞج َؼ ًَ ٌَ ُى ُُ األَ ْس َ َ
س ًَ َ
س َّب ِء أْْ ْ ُ٠ش ِ َ َ
ض فبِرا ِ٘ َ ٟرَ ُُّ ٛس * أ َْ أ ِِ ْٕزُ ُْ َِْٓ فِ ٟاٌ َّ َ َ َ
سفَ ثِ ُى ُُ األ ْس َ َ
س َّب ِء أْْ ْ َ٠خ ِ أَأَ ِِ ْٕزُ ُْ َِْٓ فِ ٟاٌ َّ
سزَ ْؼٍَ َُّ َْٛوْ١فَ َٔ ِزِ ٠ش * ٌََٚمَ ْذ َو َّز َة اٌَّ ِز ِِْٓ َٓ٠لَ ْج ٍِ ِ ُْ ٙفَ َىْ١فَ َوبَْ َٔ ِىِ ١ش* أَ ََ َ٠ ُْ ٌَٚش ْٚا اٌَِٝ بصجًب فَ َ
َػٍَ ُْ ١ى ُْ َح ِ
صٌ ١ش] {الولك}19-13: ٍَ ٟء ثَ ِ س ُى ُ َّٓٙاِ ََّل اٌ َّش ْح َُّٓ أَُِّٗ ثِ ُى ًِّ ش ْ
عَٓ َِب ِ ّْ ُ٠ د َْ َ٠ٚمجِ ْ َّ
صبفب ٍ اٌطَّ ِْ ١ش فَ ْٛلَ َُ ُْ ٙ
تخاطب اْليات الكفار بصيغة الخطاب فتذكرىم بعمم اهلل المطمق بكل شيء (وأسروا قولكم أو اجيروا
وتمتن عمييم بتذليل األرض ليم (جعل لكم األرض ذلوال ،فامشوا في مناكبيا ،وكموا من رزقو)
ّ بو)،
ثم انتقمت إلى تيديدىم (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم األرض) ثم التيويل في التيديد (أَم
أمنتم من في السماء أن يرسل عميكم حاصبا ،فستعممون كيف نذير) وبعد ذلك التفت تعالى من
الخطاب إلى الغيبة فقال( :ولقد كذب الذين من قبميم) وقال (أولم يروا إلى الطير فوقيم صافات)،
والغرض من ذلك "التعريض بالغضب عمييم بما أتوه من كل تكذيب الرسول صمى اهلل عميو وسمم،
فكانوا جديرين بإبعادىم ِع ّز الحضور لمخطاب ،فمذلك لم يقل (ولقد كذب الذين من قبمكم) ولم يقطع
توجيو التذكير إلييم والوعيد لعميم يتدبرون في أن اهلل لم يدخرىم نصحاً" (.)2
()3
قال أبو السعود" :وااللتفات إلى الغيبة إلبراز اإلعراض عنيم".
ثم يرجع الكبلم من الغيبة في اْليات الماضية إلى الخطاب ،لينتقل إلى الغيبة في ذات اْلية نفسيا
في نيايتيا.
ُ ْٚاٌ َّش ْح َّ ِٓ اِ ِْ اٌ َىبفِشُ َْٚاِ ََّل فُِ ٟغ ُشٍ ٚس] قال تعالى[ :أَ َِّْٓ َ٘ َزا اٌَّ ِزُ َٛ ُ٘ ٞج ْٕ ٌذ ٌَ ُى ُْ ُ ْٕ َ٠
ص ُش ُو ُْ ِِْٓ د ِ
{الولك}21:
817
د .رياض قاسم
انتقل الكبلم من الغيبة (أولم يروا إلى الطير فوقيم صافات) إلى خطاب الكافرين (أمن ىذا الذي ىو
جند لكم) وفي ىذا االنتقال تيديد ووعيد ،فاْلية تُ ّبين عجز شفعائيم عن أن يدفعوا عنيم شيئاً من
ون ِإ ذال ِ
الضر ،ثم التفت الخطاب من ضمير المخاطبة (لكم ،ينصركم) إلى ضمير الغيبة (ِإ ِن ال َكاف ُر َ ّ
وتحقير لشأنيم من أن يوجذو إلييم الخطاب. بيم تيكم ذلك وفي ) ٍ
ور ر ِ
ٌ في ُ ُ
غ
قال أبو السعود" :وااللتفات إلى الغيبة لئليذان باقتضاء حاليم لئلعراض عنيم وبيان قبائحيم
()1
لغيرىم"
ثم يعود توجيو الخطاب لمكافرين في اْلية التالية مباشرة ،لينتقل إلى الغيبة في ذات اْلية في
نيايتيا ،قال تعالى[ :أَ َِّْٓ َ٘ َزا اٌَّ ِزْ َ٠ ٞش ُصلُ ُى ُْ اِْْ أَ ِْ َ
س َه ِس ْصلَُٗ ثَ ًْ ٌَ ُّجٛا فُِ ٟػز ٍَُُّٔٚ ٛفٍُ ٛس] {الولك}21:
فيذا التمون والتنقل بين المواجية واإلقبال عمى المخاطبين ،وبين اإلعراض عنيم بصيغة الغيبة ،فيو
الذم والوعيد والتوبيخ والتقريع واإلنكار والداللة عمى شدة الغضب. من ّ
ثالثاً :االلتفات من الخطاب إلى الغيبة
قال تعالى[ :لُ ًْ أَ َسأَ ْ٠زُ ُْ اِْْ أَ ٍَْ٘ َىِٕ َ ٟهللاُ َِ َِ َِْٓ ٚؼ َ ٟأَ َْ ٚس ِح ََّٕب فَ َّْٓ ِ ُ٠جُ ١ش اٌ َىبفِ ِشَ ِِْٓ َٓ٠ػ َزا ٍ
ة أٌَِ ٍ
* ُ١لُ ًْ
{ ]ٓ١الولك}29-28: ظ ََل ٍي ُِجِ ٍسزَ ْؼٍَ ُّ َٛ ُ٘ َِْٓ َْٛفَِ ٟ ُ٘ َ ٛاٌ َّش ْح َُّٓ آَ ََِّٕب ثِ ِٗ ََ ٚػٍَ ْ ِٗ ١رَ ََّ ٛو ٍَْٕب فَ َ
جره
تخاطب اْلية الكافرين مبينةً حقيقة األمر أن موت أو حياة إنسان ال تغني عن غيره شيئاً م ذما ذ
إليو عممو ،إذ ال مجير لمكافر من عذاب اهلل إال باإليمان بو والتوكل عميو ،ثم تخاطبيم اْلية بأنكم
()2
بياء الغيبة ،وفي ذلك ستعممون غداً أي الفريقين في ضبلل مبين ،وق أر الكسائي (فسيعممون)
التفات من الخطاب في (أرأيتم) إلى الغيبة (فسيعممون) وىذا يناسب خاتمة اْلية التي قبميا (فمن
()3
يجير الكافرين) حيث إنيا بصيغة الغيبة.
والمعنى :عمى قراءة (فستعممون) بتاء الخطاب ،تكون الجممة من بقية الكبلم الذي أ ِ
ُمر الرسول
صمى اهلل عميو وسمم بقولو ،وعمى قراءة (فسيعممون) بياء الغيبة ،تكون الجممة إخبا اًر من اهلل بأنو
سيعاقبيم عقاب الضالّين.
811
الظواهر البالغية في سورة الممك
811
د .رياض قاسم
111
الظواهر البالغية في سورة الممك
تقرر ىذه اْلية مظي اًر من مظاىر قدرتو تعالى ،وىو تحميق الطير في اليواء دون سقوط إلى
األرض ،وقد عطف تعالى الفعل (يقبضن) عمى االسم (صافات) والمراد :صافات وقابضات ،وسبب
صف األجنحة؛
ّ ذكر الفعل دون االسم يبينو الزمخشري حيث يقول :ذ
"ألن األصل في الطيران ىو
مد األطراف وبسطيا ،وأما القبض
ألن الطيران في اليواء كالسباحة في الماء ،واألصل في السباحة ّ
ّ
فطارئ عمى البسط لبلستظيار بو عمى التحرك ،فجيء بما ىو طارئ غير أصل بمفظ الفعل ،عمى
()1
ذ
منين القبض تارةً كما يكون من السابح". معنى أذنين صافات ،ويكون
ٍ
وقابضات ،فالفع ُل ىنا الفعل عمى اال ِ
سم ألذنو بمعناه أي : َ ف
ط َ قال السمين :قولو َ {" :وَي ْقبِ ْ
ض َن } َع َ
()2
مؤو ٌل باالسم".
أن الغالب ىو البسط ،فكأذنو ىو الثابت،وقال أبو حيان" :ومثل ىذا العطف فصيح . . .وممخصو ذ
فعبذر عنو باالسم ،والقبض متجدد ،فعبذر عنو بالفعل"(.)3
المبحث الثاني
األساليب اإلنشائية وأغراضها البالغية في سورة الممك
ويشتمل عمى أربعة مطالب:
المطمب األول :االستفهام
ُيعد االستفيام نوعاً من أنواع اإلنشاء الطمبي ،واألصل فيو طمب اإلفيام واإلعثبلم لتحصثيل
فائدة عممية مجيولة لدى المستف ِيم؛ لكن قد ُيراد باالستفيام غير ىذا المعنثى األصثمي لثو ،حيثث يثأتي
اض ببلغيثةٌ ىثي :االسثتبطاء ،والتعجثب ،والتنبيثو ،والوعيثد ،واألمثر ،والتقريثر،
ويراد منو أغثر ٌ
االستفيام ُ
()4
واإلنكار :إما توبيخاً أو تكذيباً ،والتيكم ،والتحقير ،والتيويل ،واالستبعاد ،والتوبيخ والتعجب معاً.
ولبلستفيام العديد من األدوات ،يمكن تقسيميا إلى ثبلثة أقسام:
-1ما ُيستفيم بو عن التذصور والتذصديق ،وأداتو اليمزة فقط.
-2ما ُيستفيم بو عن التذصديق فقط ،وأداتو حرف (ىل).
-3مثثا ُيسثثتفيم بثثو عثثن التذصثثور فقثثط ،ويشثثمل بثثاقي أدوات االسثثتفيام :مثثاَ ،مث ْثن ،أي ،كثثم ،كيثثف ،أيثثن،
أذنى ،متى ،أيذان.
118
د .رياض قاسم
111
الظواهر البالغية في سورة الممك
ممتئمة محبوكة ال ترى في خبلليا انشقاقاً"( ،)1ومؤكدةٌ عدم وجود أدنثى خمثل فثي َخْمثق السثموات ،كمثا
أن االستفيام عن الشيء يفيد شدة االىتمام في البحث عنو ،فالمراد أنك ميما بذلت من جيد واىتمثام ذ
()2
في البحث عن َخمَ ٍل في َخْمق السموات فإذنك لن تجد.
قثثال الطثثاىر " :واالسثثتفيام فثثي (ىثثل تثثرى مثثن فطثثور) تقريثثري ،ووقثثع بث ث (ىثثل) ألن (ىثثل) تفيثثد تأكيثثد
االسثثتفيام ،إذ ىثثي بمعنثثى (قثثد) فثثي االسثثتفيام ،وفثثي ذلثثك تأكيثثد وحثثث عمثثى التبصثثر والتأمثثل ،أي ال
تقتنع بنظرة ونظرتين ،فتقول :لم أجد فُطثو اًر ،بثل َك ّثرر النظثر وعثاوده باحثثاً عثن مصثادفة فطثور لعمثك
تجده"(.)3
-2قال تعالى[ :رَ َىب ُد رَ َُّ َّ١ض َِِٓ اٌ َغ ِْ ١ع ُوٍَّ َّب أُ ٌْمِ َ ٟفَِٙ ١ب فَ ٌْ ٛج َ
سؤٌََ َُ ُْ ٙخ َضَٔزُ َٙب أٌََ ُْ َ٠ؤْرِ ُى ُْ َٔ ِزٌ ٠ش] {الولك}8:
.
تصف اْلية النار أنيا تكاد أن تتقطع من شدة الغيظ ،وأنو كمما ألقي فييا جماعة من الكفار سأليم
زبانية جينم سؤال توبيخ وتقريع ألم يأتكم رسول في الدنيا يدعوكم إلى اإليمان وينذركم
ىذا اليوم؟ وفي ىذا التوبيخ من التنديم ليزدادوا حسرة.)4(.
ُلقي فييا جماعةٌ من الكفرة( ،سأليم خزنتيا) بطريق التوبيخ والتقريع
قال أبو السعود" :أي كمما أ َ
ليزدادوا عذاباً فوق عذاب ،وحسرةً عمى حسرة( ،ألم يأتكم نذير) يتمو عميكم آيات ربكم وينذركم لقاء
يومكم ىذا؟ "(.)5
-3قال تعالى[ :أَ ََل ْ َ٠ؼٍَ ُُ َِْٓ َخٍَ َ
ك َ َٛ ُ٘ ٚاٌٍَّ ِط١فُ َ
اٌخجُِ ١ش] {الولك}14:
افتتحت اْلية باالستفيام باليمزة ،وىذا االستفيام يفيد غرضاً ببلغياً وىو اإلنكار ،فاْلية تنكر عمى
الكفار اعتقادىم أن اهلل ال يعمم الخفيات والس ارئر ،إذ كيف ينتفي عممو بيما وىو خالق كل شيء
()6
وىما من جممة ىذا الخمق.
الم ْجيَ ِر َم ْن خمق األشياء ،وحالُو أنو ذ
الم َس ٍّر و ُ
ض َمر و ُبالم ْ
قال الزمخشري« :ثم أنكر أال ُيحيط عمم ًا ُ
طن"(.)7 المتوص ُل ِعْم ُمو إلى ما َ
ظيَر وما َب َ ٍّ الخبير
ُ المطيف
ُ
113
د .رياض قاسم
قال أبو حيان" :وىو استفيام معناه اإلنكار ،أي كيف ال يعمم ما تكمم بو من خمق األشياء وأوجدىا
وما من العدم الصرف ،وحالو أنو المطيف الخبير المتوصل عممو إلى ما ظير من خمقو
بطن؟"(.)1
سفَ ثِ ُى ُُ األَ ْس َ
ض فَبِ َرا ِ٘ َ ٟرَ ُُّ ٛس] {الولك}16: -4قال تعالى[ :أَأَ ِِ ْٕزُ ُْ َِْٓ ِف ٟاٌ َّ
س َّب ِء أَْْ ْ َ٠خ ِ
تخاطب اْلية الكافرين ،حيث افتتحت باالستفيام الذي غرضو اإلنكار والتوبيخ والتعجيب ،أي ىل
()2
تج ،وتذىب وتجيء.يخسف اهللُ بكم األرض ،فتضطرب بكم وتر ّ َ أمنتم أييا الكافرون أن
فاْلية من خبلل االستفيام جاءت إنكا اًر وتحذي اًر وتوبيخاً لمكفار عمى سوء اعتقادىم ،وكأنيم آمنون
من أن يأمر اهلل تعالى مبلئكتو بخسف األرض بيم.
س ُى ُ َّٓٙاِ ََّل اٌ َّش ْح َُّٓ أَُِّٗ ثِ ُى ًِّ ش ْ
ٍَ ٟء عَٓ َِب ِ ّْ ُ٠ -5قال تعالى[ :أَ ََ َ٠ ُْ ٌَٚش ْٚا اٌَِ ٝاٌطَّ ِْ ١ش فَ ْٛلَ َُ ُْ ٙ
صبفَّب ٍ
د َْ َ٠ٚمجِ ْ
صٌ ١ش] {اٌٍّه. }81: ثَ ِ
ىنا االستفيام غرضو اإلنكار ،حيث ينكر تعالى عمييم عدم االنتفاع من رؤية الطير عمى ىذه
الحالة العجيبة ،فمم ييتدوا بيا إلى ألوىيتو تعالى ،فيو الذي حفظيا من السقوط بما جعل فييا من
الخصائص التي تمكنيا من الطيران دون سقوط ،لذلك أنزليم اهلل منزلة َمن لم َير ىذه األحوال
()3
فقال (أولم يروا).
ُ ْٚاٌ َّش ْح َّ ِٓ اِ ِْ اٌ َىبفِشُ َْٚاِ ََّل فُِ ٟغ ُشٍ ٚس* -6قال تعالى[ :أَ َِّْٓ َ٘ َزا اٌَّ ِزُ َٛ ُ٘ ٞج ْٕ ٌذ ٌَ ُى ُْ ُ ْٕ َ٠
ص ُش ُو ُْ ِِْٓ د ِ
س َه ِس ْصلَُٗ ثَ ًْ ٌَ ُّجٛا فُِ ٟػز ٍَُُّٔٚ ٛفٍُ ٛس ] {الولك.}21،21: أَ َِّْٓ َ٘ َزا اٌَّ ِزْ َ٠ ٞش ُصلُ ُى ُْ اِْْ أَ ِْ َ
أحد يدفع عنيم العذاب( ،)4مستعممةً أسموب االستفيام تُنكر اْلية عمى المشركين أن يكون ىناك ٌ
أن ىذا –أحد أصنامنا -يدفع عنا الذي غرضو التعجيز والتبكيت ،بحيث ال يستطيعون اإلجابة ذ
العذاب ،فد ذل ذلك عمى ذ
أن الجند الوارد ذكره في اْلية ال وجود لو في الواقع ،كما ذ
أن االستفيام ُيراد
منو التحقير ،أي تحقير شأن أصناميم التي يزعمون أذنيا تدفع عنيم الببلء والعذاب ،فما الكافرون
إال في غرور أوقعيم فيو الشيطان ،حيث زيذن ليم الشرك ووعدىم أنو ال عقاب بعد الموت ،وأن
()5
آليتيم تشفع ليم عند اهلل.
111
الظواهر البالغية في سورة الممك
كيت ليم
قال أبو السعود :وقولو تعالى( :أم َمن ىذا الذي ىو جند لكم ينصركم من دون الرحمن) تب ٌ
ناصر من عذابو –تعالى .... -لتبكيتيم
ٌ ناصر غير اهلل –تعالى .... -أو
ٌ أن يكون ليمبنفي ْ
بإظيار عجزىم عن تعيينو ،و(أَم) منقطعةٌ ُمقَ ذد َرةٌ بث(بل) المفيدة لبلنتقال من توبيخيم عمى ترك التأمل
فيما يشاىدونو من أحوال الطير المنبئة عن تعاجيب آثار قدرة اهلل -عز وجل -إلى التبكي ثت بم ثا
ذكث ثر . . .فالمعن ثى ب ثل م ثن ىذا الحقير الذي ىو في زعمكم جند لكم ينصركم نص ار
كائنا من دون نصره تعالى أو ينصركم من عذاب كائن من عند اهلل عز و جل"(.)1
وتبثين اْليثة الثانيثة ذ
أن الثرزق كمثو بيثد اهلل ،فمثو أمسثثك رزقثو ولثم يثرزقكم ف َمثن ذا الثذي يثرزقكم ،فحينيثثا
كثل مخمثوق ال يسثثتطيع أن يثرزق نفسثو فكيثثف سثيرزق غيثره ،لثثذا فثالرزاق المثنعم ىثثو الثذي يسثثتحق أن
ُيفرد بالعبادة.
س وزَمِ ٍ
]ُ١ اغ ُِ ْ س و ًِّ٠ٛب َػٍَووِ ٝ
ص و َش ٍ شووَ ٟ -7قثثال تعثثالى[ :أَفَ َّووْٓ ِ ّْ َ٠
شووِ ُِ ٟىجًّووب َػٍَووْ َٚ ٝج ِ ٙو ِٗ أَ ْ٘ وذَ ٜأَ َِّووْٓ ِ ّْ َ٠
{الولك}22:
افتتحت ىذه اْلية باالستفيام ،وىذا االستفيام ال تراد حقيقتو وىي طمب اإلفيام ،فالغرض الببلغي
()2
سوياً عمى صراط مستقيم أىدى. أن الماشي ّ منو التقرير ،أي تقرير ّ
-8قال تعالىَ٠َٚ [ :مَُِ ٌَُْٛٛزََ َ٘ ٝزا اٌ َْ ٛػ ُذ اِْْ ُو ْٕزُ ُْ َ
صب ِدلِ{ ] َٓ١الولك}25:
من المعموم أن المشركين قد جحدوا البعث وأنكروه ،وقد حكى القرآن ما كان يقولو بعضيم
اءَٚ [ :لَب َي اٌَّ ِزَ َٓ٠وفَ ُشٚا َ٘ ًْ َٔ ُذٌُّ ُى ُْ َػٍََ ٝس ُج ًٍ َُٕ٠جِّئُ ُى ُْ اِ َرا ُِ ِّض ْلزُ ُْ ُو ًَّ ُِ َّ َّض ٍ
ق أَِّ ُى ُْ ٌَفِٟ ٍ
لبعض تيكماً واستيز ً
ع ََل ِي
ة َٚاٌ َّ ك َج ِذٍ ٠ذ * أَ ْفزَ َشَ ٜػٍَ ٝهللاِ َو ِزثًب أَ َْ ثِ ِٗ ِجَّٕخٌ ثَ ًِ اٌَّ ِزََ َٓ٠ل ُ٠ئْ ُِِٕ َْٛثِبِ َ٢خ َش ِح فِ ٟاٌ َؼ َزا ِ َخ ٍْ ٍ
اٌجَ ِؼِ ١ذ] {سجؤ}1 ، 7:
()3
الو ْع ُد) قد سجل عمييم ذلك االستيزاء . فيكون تعالى بقولو عمى لسانيم ( َمتَى َى َذا َ
أن يستيزئوا قال الطاىر" :واالستفيام بقوليم( :متى ىذا الوعد) مستعم ٌل في التيكم؛ ذ
ألن من عادتيم ْ
بذلك"(.)4
إذن فقوليم متى ىذا الوعد مستعممين أسموب االستفيام ييدف إلى التيكم واالستيزاء.
-9قال تعالى[ :لُ ًْ أَ َسأَ ْ٠زُ ُْ اِْْ أَ ٍَْ٘ َىِٕ َ ٟهللاُ َِ َِ َِْٓ ٚؼ َ ٟأَ َْ ٚس ِح ََّٕب فَ َّْٓ ِ ُ٠جُ ١ش اٌ َىبفِ ِشَ ِِْٓ َٓ٠ػ َزا ٍ
ة أٌَِ ٍ
]ُ١
{اٌٍّه. }11:
111
د .رياض قاسم
تبثين اْليثة مثا تمنثاه المشثركون وىثو ىثبلك النبثي وىثبلك مثن معثو مثن المثؤمنين ،وىثي مثن خثبلل
االستفيام في (أرأيتم) تُْنكر عمييم تمنثييم ألمثور ال يجنثون مثن ورائيثا نفعثاً ،وأن تمنثييم ىثذا مثن بثاب
الحقد والحسد ،وجاءت خاتمة اْلية مبينثةً مثن خثبلل االسثتفيام الثذي غرضثو اإلنكثار والنفثي أن مثوت
جرت إلييم غضثب اهلل أن أعماليم ذ جره إليو عممو ،ومبينةً ذ أو حياة إنسان ال تغني عن غيره شيئاً م ذما ذ
ميتثاً ،فالخاتمثة بصثيغة االسثتفيام مقثررة لحقيقثة أنثو تعالى فح ذل بيم العذاب سواء كان الرسثول ّ
حيثاً أم ّ
ال ُم ِج َير لمكافر من عذاب اهلل بسبب كفره.
حد متنا أو بقينا"(.)1 قال أبو السعود" :أي ال ينجيكم منو أ ٌ
يخ ليم عمى استعجاليم موت النبي لكي يستريحوا من دعوتو. وفي اْلية توب ٌ
-10قال تعالى[ :لُ ًْ أَ َسأَ ْ٠زُ ُْ اِْْ أَ ْ
صجَ َح َِب ُإ ُو ُْ َغ ًْ ٛسا فَ َّْٓ َ٠ؤْرُِ ١ى ُْ ثِ َّب ٍء َِ ِؼ ٍ
{ ]ٓ١اٌٍّه}31:
والمعنى :أخبروني إن صار ماؤكم غائ ار في األرض بحيث ال يبقى لو وجود فييا أصبل ،أو صار
ذاىبا في األرض إلى مكان بعيد بحيث ال تنالو الدالء فمن يأتيكم بماء معين أي :ظاىر تراه
()2
العيون ،وتنالو الدالء.
إن مكة قميمة الميثاه ،فتثذكرىم بقثدرة أن أىل مكة يترقبيم عذاب بالقحط والجفاف ،إذ ذ أشارت اْلية إلى ذ
ثاء َم ِعث ٍ
ثين) مقثثررةً مثثن خثثبلل االسثثتفيام اهلل –تعثثالى -وحقيقثثة ممكثثو ،وجثثاءت الخاتمثثة (فَمثثن ي ثأْتِي ُكم بِمث ٍ
َْ َ ْ َ
اإلنكاري أنو ليس بمقدور أحد أن يأتي بالماء من باطن األرض إلثى وجييثا غيثر اهلل سثبحانو وتعثالى
فيو المالك لكل شيء والمتصرف في كل شيء والقادر عمى كل شيء.
فاالستفيام ىنا يخرج عن أصمو ليفيد غرضاً ببلغياً وىو اإلنكار والنفي ،أي ال أحد يأتيكم ٍ
بماء سثيل
()3 المأخذ قر ٍ
يب من وجو األرض إال اهلل.
111
الظواهر البالغية في سورة الممك
117
د .رياض قاسم
ثأن ذلذثل ليثم األرض ،يسثعون فثي نواحييثا وجوانبيثا ،ويثأكمون تبثين اْليثة امتنثان اهلل عمثى عبثاده ،ب ْ
م ثن رزق اهلل الثثذي أخرجثثو ليثثم مثثن األرض،والغثثرض مثثن صثثيغة األمثثر فثثي قولثثو (فامش ثوا) و (كم ثوا)
()1
اإلباحة ،وليس مجرد تنفيذ األمر المطموب.
خامسا :التمقين
اشتممت سورة الممك عمى ست آيات افتتحت بفعل األمر (قل) الذي يفيد التمقين وىي:
ش ُىشُ] َْٚ بس َٚاألَ ْفئِ َذحَ لٍَِ ً
َ١ل َِب رَ ْ ص َ -1قال تعالى[ :لُ ًْ ُ٘ َ ٛاٌَّ ِز ٞأَ ْٔشَؤ َ ُو ُْ ََ ٚج َؼ ًَ ٌَ ُى ُُ اٌ َّ
س ّْ َغ َٚاألَ ْث َ
{الولك}23:
ششُ{ ] َْٚالولك}24: َ -2قال تعالى[ :ل ًْ ُ٘ َ ٛاٌ ِز ٞر َسأ ُو ُْ فِ ٟاأل ْس ِ
ض َٚاٌِ ْ ِٗ ١ر ُْح َ َ َ َ َّ ُ
اٌؼ ٍْ ُُ ِػ ْٕ َذ هللاِ َٚأَِّ َّب أََٔب َٔ ِزٌ ٠ش ُِجِ{ ] ٌٓ١الولك}26: -3قال تعالى[ :لُ ًْ أَِّ َّب ِ
-4قال تعالى[ :لُ ًْ أَ َسأَ ْ٠زُ ُْ اِْْ أَ ٍَْ٘ َىِٕ َ ٟهللاُ َِ َِ َِْٓ ٚؼ َ ٟأَ َْ ٚس ِح ََّٕب فَ َّْٓ ِ ُ٠جُ ١ش اٌ َىبفِ ِشَ ِِْٓ َٓ٠ػ َزا ٍ
ة أٌَِ ٍ
]ُ١
{الولك}28:
ظ ََل ٍي ُِجِ ٍ
]ٓ١ سزَ ْؼٍَ ُّ َٛ ُ٘ َِْٓ َْٛفَِ ٟ -5قال تعالى[ :لُ ًْ ُ٘ َ ٛاٌ َّش ْح َُّٓ آَ ََِّٕب ثِ ِٗ ََ ٚػٍَ ْ ِٗ ١ر َََّ ٛو ٍَْٕب فَ َ
{الولك}29:
{ ]ٓ١الولك}31: -6قال تعالى[ :لُ ًْ أَ َسأَ ْ٠زُ ُْ اِْْ أَ ْ
صجَ َح َِب ُإ ُو ُْ َغ ًْ ٛسا فَ َّْٓ َ٠ؤْرُِ ١ى ُْ ثِ َّب ٍء َِ ِؼ ٍ
وفي ىذه المواضع الستة يمقن اهلل عز وجل رسولو الحجج التي ينبغي أن يحاجج بيا المشركين من
أجل بيان فساد معتقداتيم ،واالستدالل عمى العقيدة الصحيحة.
المطمب الثالث :المدح والذم
أوال :المدح
لم يرد المدح في سورة الممك بصيغة صريحة من الصيغ التي تدل عميو ،ولكنو ورد
بالمعنى في موضع واحد ،وىو قولو تعالى[ :اَِّْ اٌَّ ِزْ َ٠ َٓ٠خش ََْ َْٛسثَّ ُ ُْ ٙثِبٌ َغ ِْ ١
ت ٌَ ُْ َِ ُْ ٙغفِ َشحٌ َٚأَ ْج ٌش َوجٌِ ١ش]
{الولك ،}12:فقد وعد المولى بالمغفرة واألجر العظيم لمذين يخشون ربيم بالغيب ،وىذا يعني
الثناء عمى ىذا الفريق من الناس.
ثانيا :الذم
أما الذم فقد ورد في موضع واحد أيضا في سورة الممك ،وىو قولو تعالىِ ٌٍََِّٚ [ :زَ َٓ٠وفَ ُشٚا
صُ ١ش] {الولك ،}6:فقد ذم المولى المصير السيء – وىو عذاب ثِ َشثِّ َِ ُْ ٙػ َز ُ
اة َج َِ َٚ َُ َّٕٙثئ َ
ْس اٌ َّ ِ
جينم -الذي ينتظر الذين كفروا بربيم.
111
الظواهر البالغية في سورة الممك
111
د .رياض قاسم
181
الظواهر البالغية في سورة الممك
ذ
وصب عميو جام غضبو ،والغرض من ىذا التشبيو، ٍ
مغتاظ شديد الغيظ ،ال يترك شيئاً مما غاظو إالّ
()1
أن تتقطع.
ألجل أن يتخيل السامع مدى شدة االضطراب حتى قاربت أج ازء نار جينم ْ
فيا ليا من صورة مروعة ! فيي تشبيو تمثيمي مركب ،إذ شبذو حال النار بحال َم ْن تميز غيظاً،
لم ْن عصى اهلل ،وىو منتزع من عدة أمور ذ
ووجو الشبو ىو الييئة الحاصمة من التيام النيران َ
مجتمعة تتمثل في :صورة المشبو وىي ىيئة النار في حال فورانيا وتصاعد ألسنة لييبيا ،ورطميا ما
فييا رطماً شديدًا ،والتيام َم ْن ُي َمقون إلييا التياماً ميوالً .وصورة المشبو بو وىي ىيئة اإلنسان الذي
يتميز غيظاً ويتقصف غضباً؛ فيكاد تتفرق أجزاؤه فيتميز.
قال الرازي" :شبذو صوت ليبيا وسرعة تبادرىا بصوت الغضبان وحركتو"(.)2
المطمب الثالث :االستعارة التصريحية
قال تعالى َٛ ُ٘ [ :اٌَّ ِزَ ٞج َؼ ًَ ٌَ ُى ُُ األَ ْس َ
ض َرٌُ ً
َٛل فَب ِْشُٛا فََِِٕ ٟب ِو ِج َٙب َُ ٚوٍُٛا ِِْٓ ِس ْصلِ ِٗ َٚاٌَِ ْ ِٗ ١إٌُّشُُ ٛس]
{اٌٍّه. }81:
شبو اهلل في ىذه اْلية الكريمة األرض بالبقرة عمى سبيل االستعارة التصريحية ،حيث استعير ُي ّ
لفظ (الذلول) لؤلرض بجامع تذليل االنتفاع بيا مع صبلبة َخْم ِقيا ،تشبيياً ليا بالدابة التي ساسيا
وروضيا بعد صعوبة التعامل معيا ،فحذف المشبو بو (البقرة) وصرح بمفظ المشبو
صاحبيا ذ
(األرض) وجاء بالصفة المشتركة بينيما ،ثم قرن الكبلم بما يبلئم المشبو (البقرة الذلول) بمفظ
(المناكب) عمى سبيل االستعارة المجردة ،والمناكب تخييل لبلستعارة لزيادة بيان تسخير األرض
لمناس ،والمنكب ىو ممتقى الكتف مع العضد ،حيث إن فائدة التذليل ىو الركوب واألكل منيا،
والمشي عمى األرض شبيو بركوب الذلول ،واألكل مما تنبت األرض شبيو بأكل العجول والخرفان
واألشياء المحممة ،وألبانيا وسمنيا ،وجمع المناكب تجريد لبلستعارة ألن الذلول ليا منكبان ،واألرض
()3
ذات متسعات كثيرة.
قال الزمخشري" :المشي في مناكبيا :مثَ ٌل ِلفَر ِط التذليل ومجاوَزتِ ِو الغايةَ؛ ألن ِ
الم ْن َكَب ْين وممتقاىما من َ ْ َ
()4
وي ْعتمد عميو" و شيء ِمن البعير وأ َْنباه عن أَن يطأَه الراكب ِ
بقدم ٍ الغار ِب أرق
ِ
َ ُ ْ
188
د .رياض قاسم
181
الظواهر البالغية في سورة الممك
قولو تعالى (وجعمناىا) مجاز عقمي عبلقتو مكانية ،إذ إن الضمير في جعمناىا عائد إلى السماء
الدنيا والتي ىي المكان الذي يصدر منو الرجوم ،فالسماء ال ترجم؛ إنما الذي يرجم ىو النجوم التي
تكتنفيا ىذه السماء(.)1
ُ ْٚاٌ َّش ْح َّ ِٓ اِ ِْ اٌ َىبفِشُ َْٚاِ ََّل فُِ ٟغ ُشٍ ٚس] -3قال تعالى[ :أَ َِّْٓ َ٘ َزا اٌَّ ِزُ َٛ ُ٘ ٞج ْٕ ٌذ ٌَ ُى ُْ ُ ْٕ َ٠
ص ُش ُو ُْ ِِْٓ د ِ
{الولك.}21:
و(دون) في قولو تعالى) :ينصركم من دون الرحمن) أصمو ظرف لممكان األسفل ضد (فوق) ،
()2
ويطمق عمى المغاير فيكون بمعنى غير عمى طريقة المجاز المرسل.
والظرفية في قولو تعالى( :إن الكافرون إال في غرور) مجازية مستعممة في شدة التمبس بالغرور
حتى كأن الغرور محيط بيم إحاطة الظرف بالمظروف .والمعنى :ما الكافرون في حال من األحوال
إال في حال الغرور ،وىذا قصر إضافي لقمب اعتقادىم أنيم في مأمن من الكوارث بحماية
آليتيم(.)3
_4قال تعالى[ :أَ َِّْٓ َ٘ َزا اٌَّ ِزْ َ٠ ٞش ُصلُ ُى ُْ اِْْ أَ ِْ َ
س َه ِس ْصلَُٗ ثَ ًْ ٌَ ُّجٛا فُِ ٟػز ٍَُُّٔٚ ٛفٍُ ٛس] {الولك}21:
والظرفية في قولو تعالى( :بل لجوا في عتو ونفور) مجازية مستعممة في شدة التمبس بالعتو والنفور
حتى كأن العتو والنفور محيط بيم إحاطة الظرف بالمظروف .والمعنى :ما الكافرون في حال من
األحوال إال في حال العتو والنفور.
_5قال تعالى[ :لُ ًْ أَ َسأَ ْ٠زُ ُْ اِْْ أَ ٍَْ٘ َىِٕ َ ٟهللاُ َِ َِ َِْٓ ٚؼ َ ٟأَ َْ ٚس ِح ََّٕب] {الولك}28:
"والمعية في قولو( :ومن معي) معية مجازية ،وىي الموافقة والمشاركة في االعتقاد والدين ،كما في
شذَّا ُء َػٍَ ٝاٌ ُىفَّب ِس] {الفتح ،}29:أي الذين آمنوا معو، سُ ٛي هللاِ َٚاٌَّ ِزَ َِ َٓ٠ؼُٗ أَ ِ قولو تعالىَ ُِ [ :ح َّّ ٌذ َس ُ
()4
س َؼ ٝثَ َْٓ١أَ ِْ ٠ذ{ ]ُْ ِٙ ٠التَّحزين" }8: وقولوَٚ [ :اٌَّ ِز َٓ٠آَ َُِٕٛا َِ َؼُٗ ُُٔ ٛس ُ٘ ُْ ْ َ٠
المطمب السادس :الكناية
_1قال تعالى َٛ ُ٘ [ :اٌَّ ِزَ ٞج َؼ ًَ ٌَ ُى ُُ األَ ْس َ
ض َرٌُ ً
َٛل فَب ِْشُٛا فََِِٕ ٟب ِوجِ َٙب َُ ٚوٍُٛا ِِْٓ ِس ْصلِ ِٗ َٚاٌَِ ْ ِٗ ١إٌُّشُُ ٛس]
{الولك. }15:
183
د .رياض قاسم
ض َذلُوًال) كناية عن صفة االنقياد والتطويع والتذليل التي أمر اهلل تعالى قولو تعالىَ ( :ج َؼ ًَ ٌَ ُى ُُ األ َْر َ
بيا األرض لمتسييل عمى اإلنسان ،وىي صفة معنوية.
ش ُىشُ] َْٚ صب َس َٚاألَ ْفئِ َذحَ لٍَِ ً
َ١ل َِب رَ ْ _2قال تعالى[ :لُ ًْ ُ٘ َ ٛاٌَّ ِز ٞأَ ْٔشَؤ َ ُو ُْ ََ ٚج َؼ ًَ ٌَ ُى ُُ اٌ َّ
س ّْ َغ َٚاألَ ْث َ
{الولك. }23:
ون) كناية عن صفة معنوية ،أال وىي النفي والعدم ،ولكن القرآن الكريم ِ
يبل َما تَ ْش ُك ُر َ
قولو تعالىَ ( :قم ً
ومطوعاً الكناية
ّ لم يذكر ذلك صراحة؛ إنما عبذر عنيا بتصوير فني دقيق وجميل ،تاركاً التصريح،
لتعبر عن عدم شكر البشر هلل عز وجل.
ششُ{ ] َْٚالولك }24:قولو تعالىَ ( :وِالَ ْي ِو _3قال تعالى[ :لُ ًْ ٘ َُ ٛاٌَّ ِزَ ٞر َسأَ ُو ُْ فِ ٟاألَ ْس ِ
ض َٚاٌَِ ْ ِٗ ١ر ُْح َ
ون) كناية عن موصوف ،وىو (الموت) ،حيث َكذنى اهلل بمرتبتين من المبلزمة؛ فالحشر تُ ْح َش ُر َ
يكون بعد البعث الذي يسبقو الموت ،وقد دمج بين تذكيرىم بالموت الذي ال بد منو ،وانذارىم بالبعث
والحشر.
_4قال تعالى[ :فٍََ َّّب َسأَ ُْ ُٖٚص ٌْفَخً ِ
س١ئَذْ ُُ ٚج ُٖٛاٌَّ ِزَ َٓ٠وفَ ُشٚا َٚلَِ َ٘ ًَ ١زا اٌَّ ِزُ ٞو ْٕزُ ُْ ثِ ِٗ رَ َّذػُ] َْٛ
{الولك}27:
قولو تعالى ( َفمَ ذما َأرَْوهُ ُزْلفَةً) كناية عن شدة القرب ،واستخدام الشرط فيو تشويق لمعرفة النتيجة.
ين َكفَ ُروا) كناية عن صفة القبح والكآبة واالنطباع والغاية في السوء ذِ وقولو تعالى ( ِس َيئ ْ
ت ُو ُجوهُ الذ َ
كإيضاح مكني لمصفة المعنوية الكريية. ٍ الذي يعتري الكافرين،
181
الظواهر البالغية في سورة الممك
وي ْقبِ ْ
ض ِن أجنحتَيُ ذن ،قالو أبو البقاء ولم ُيقَ ٍّد ْر لث محذوف أيَ :
ٌ ض َن)(ي ْقبِ ْ
قال السمين" :ومفعو ُل َ
اتأن المعنى :صافذ ٍ الظاىر ذ أنفسيا أي :مصطفذةً .و االصطفاف في ِ
َ (صافذ ٍ
ات) مفعوالً؛ كأنو َزَع َم ذ
أن
ُ
()1
ض منيا ألجنحتِيا".
الق ْب ُ
وقابضتَيا ،فالصذف و َ َ أجنحتَيا
وعبر المولى سبحانو وتعالى عن اصطفاف األجنحة باالسم ألنيا حالة ثابتة ،وعبر عن القبض
بالفعل ألنو متجدد ومتكرر من الطير.
قال الزمخشري" :فإن قمتَ :لم قيل :ويقبضن ،ولم يقل :وقابضات؟ قمت :ألن األصل في الطيران
مد األطراف
ألن الطيران في اليواء كالسباحة في الماء ،واألصل في السباحة ّ
ىو صف األجنحةّ ،
وبسطيا .وأما القبض فطارئ عمى البسط لبلستظيار بو عمى التحرك ،فجيء بما ىو طارئ غير
أصل بمفظ الفعل ،عمى معنى أنين صافات ،ويكون منين القبض تارة كما يكون من السابح "(.)2
-3قال تعالى[ :أَ َِّْٓ َ٘ َزا اٌَّ ِزْ َ٠ ٞش ُصلُ ُى ُْ اِْْ أَ ِْ َ
سهَ ِس ْصلَُٗ ثَ ًْ ٌَ ُّجٛا فُِ ٟػز ٍَُُّٔٚ ٛفٍُ ٛس] {الولك}21:
ُختمت اْلية بثقولو تعالى (بل لجوا في عتو ونفور) وىي جممة استئنافية تتعمق بسؤال مقدر محذوف
يخطر ببال السامع لآليات من أول السورة ،والتقدير :لعميم انتفعوا بمظاىر قدرة اهلل الواردة في
السورة ؟ فيأتي الجواب مبيناً حقيقة القوم أنيم لجوا في عتو ونفور.
أو أنيا تتعمق بجممة مقدرة تفيم من خاتمة اْلية ،والتقدير :فمم ينتفعوا ولم يعتبروا فيذعنوا لمحق بل
لجوا.
قال الطاىر" :استئناف َبياني وقع جواباً عن سؤال ناشئ عن الدالئل والقوارع والزواجر والعظات
والعبر المتقدمة ابتداء من قولو( :الذي خمق الموت والحياة) إلى ىنا ،فيتجو لمسائل أن يقول :لعميم
العبر ،فأجيب بإبطال ظنو بأنيم لَجوا في ُعتُّونفعت عندىم اْليات والنذر ،واعتبروا باْليات و ِ
()3
ونفور".
وقال أبو السعود " :وقولو تعالى( :بل لجوا في عتو ونفور) منبئ عن ُمقَ ذدر يستدعيو المقام ،كأنو
قيل إثر تمام التبكيت والتعجيز :لم يتأثروا بذلك ،ولم ُيذعنوا لمحق؛ بل لجوا وتمادوا في عتو ،أي
()4
ٍ
وطغيان ،ونفور أي شراد عن الحق". ٍ
استكبار ٍ
عناد و
181
د .رياض قاسم
181
الظواهر البالغية في سورة الممك
رابعاً :وضع الموصول موضع العمم الظاىر لمتفخيم والتعظيم ،قال تعالى[ :رَجَب َسنَ اٌَّ ِز ٞثِِ َ١ذ ِٖ اٌ ُّ ٍْهُ]
{الولك }1:أي لو الممك والسمطان ،والتصرف في األكوان.
سزَ ْؼٍَ َُّ َْٛوْ١فَ َٔ ِزِ ٠ش] خامسا :السجع المرصذع مراعاة لرؤوس اْليات ،مثل قولو تعالى[ :فَ َ
صٌ ١ش] {الولك ،}17:وقولو تعالى[ :فَ َىْ١فَ َوبَْ َٔ ِىِ ١ش] {الولك ،}18:وقولو تعالى[ :أَُِّٗ ثِ ُى ًِّ ش ْ
ٍَ ٟء ثَ ِ
{الولك ،}19:ومث ثل قولث ثو تعال ثى[ :اِ ِْ اٌ َىبفِشُ َْٚاِ ََّل ِفُ ٟغ ُشٍ ٚس] {الولك ،}21:وقول ثو تعالى[ :ثًَ
ٌَ ُّجٛا فُِ ٟػز ٍَُُّٔٚ ٛفٍُ ٛس] {الولك ،}21:الخ.
المطمب التاسع :األسموب الحكيم
صب ِدلِ * َٓ١لُ ًْ أَِّ َّب اٌ ِؼ ٍْ ُُ ِػ ْٕ َذ هللاِ َٚأَِّ َّب أََٔب َٔ ِزٌ ٠ش قال تعالىَ٠َٚ [:مَُِ ٌَُْٛٛزََ َ٘ ٝزا َ
اٌْ ٛػ ُذ اِْْ ُو ْٕزُ ُْ َ
ُِجِ{]ٓ١الولك.}26،25:
"وأمر اهلل رسولو بأن يجيب سؤاليم بجممة عمى خبلف مرادىم بل عمى ظاىر االستفيام عن وقت
الوعد عمى طريقة األسموب الحكيم ،بأن وقت ىذا الوعد ال يعممو إالّ اهلل ،فقولو ( :قل) ىنا أمر
بقول يختص بجواب كبلميم وفصل دون عطف بجريان المقول في سياق المحاورة ،ولم يعطف
فعل ( قل ) بالفاء جرياً عمى سنن أمثالو الواقعة في المجاوبة والمحاورة ،كما تقدم في نظائره الكثيرة
وتقدم عند قولو تعالى[ :لَبٌُٛا أَرَ ْج َؼ ًُ فَِٙ ١ب َِْٓ ْ ُ٠ف ِس ُذ فَِٙ ١ب]{البقزة.)1("}31:
الخاتمة
الحمد هلل رب العالمين ،والصبلة والسبلم عمى رسولو األمين ،أما بعد فيذه أىم النتائج والتوصيات
التي توصل إلييا الباحث:
أوال :أهم النتائج
-1القرآن الكريم مستودع األسرار اإلليية ،فما من حرف من حروف القرآن الكريم وال لفظ من
ألفاظو إال لوجوده معنى ،ولتك ارره مغزى ولو جممة من الدالالت.
-2التأكيد عمى إعجاز القرآن البياني؛ إذ إن سورة الممك شأنيا شأن سائر السور تشتمل عمى
أساليب بيانية ذات أغراض ببلغية مختمفة ،ال يصمح غيرىا في موضعيا ،مما يدلل عمى أن
القرآن الكريم من لدن حكيم خبير.
-3إن األسموب القرآني يستأىل التأمل والتدبر والمزيد من إعمال الفكر ،إذ إن النظرة المتعجمة
لؤلسموب القرآني لن توقف صاحبيا عمى ىذه األسرار العظيمة والمفاىيم الببلغية الكامنة في
تركيب األسموب القرآني ،واهلل سبحانو وتعالى يقول[:أَفَ ََل َ٠زَ َذثَّشُ َْٚاٌمُ ْشآََْ أَ َْ َػٍَ ٝلٍٍُُ ٛ
ة ا
187
د .رياض قاسم
أَ ْلفَبٌُ َٙب] {هحود ،}24:ويقىل أيضا[ :أَفَ ََل َ٠زَ َذثَّشُ َْٚاٌمُ ْشآََْ ََ ْٛ ٌَٚوبَْ ِِْٓ ِػ ْٕ ِذ َغ ِْ ١ش هللاِ ٌَ ََ ٛجذُٚا
اخزِ ََلفًب َوثًِ ١شا] {الٌساء. }82:
فِْ ِٗ ١
-4كل كممة من كممات القرآن الكريم في موضعيا التي ىي فيو معجزة من ناحيتين ،األولى من
ناحية المبنى والثانية من ناحية المعنى الذي اشتمل عميو ىذا البناء.
ثانيا :أهم التوصيات
-1أوصي عمماء اإلعجاز البياني لمقرآن الكريم بعمل موسوعة عممية شاممة لمظواىر الببلغية
واألغراض الببلغية لمتعابير الجميمة التي اشتممت عمييا جميع سور القرآن الكريم.
-2أوصي عمماء اإلعجاز البياني لمقرآن الكريم ،وعمماء الببلغة الذين يدرسون اإلعجاز البياني
لمقرآن الكريم وعموم الببلغة في المراحل المختمفة بالتركيز عمى الشواىد الببلغية العظيمة التي
اشتمل عمييا القرآن الكريم.
المصـادر والمراجـع
-7اإلتقان في عموم القرآن :جبلل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ،قدم لو وعمق عميو
األستاذ محمد شريف سكر ،وراجعو األستاذ مصطفى القصاص ،دار إحياء العموم ،بيروت،
مكتبة المعارف ،الرياض ،الطبعة الثانية 1416ىث 1996 -م.
-2إرشاد العقل السميم إلى مزايا الكتاب الكريم :القاضي أبو السعود محمد بن محمد بن مصطفى
العمادي الحنفي ،المتوفى سنة 982ه ،وضع حواشيو عبد المطيف عبد الرحمن ،دار الكتب
العممية ،بيروت ،الطبعة األولى 1419ىث1999-م.
-3أيسر التفاسير لكبلم العمي الكبير وبيامشو نير الخير عمى أيسر التفاسير :أبو بكر الجزائري،
دار لينا ،الطبعة األولى 1423ىث2002-م.
-4اإليضاح في عموم الببلغة :الخطيب القزويني ،شرح وتعميق وتنقيح الدكتور محمد عبد المنعم
خفاجي ،منشورات دار الكتاب المبناني ،الطبعة الرابعة.
-5بحر العموم المعروف بتفسير السمرقندي :أبو الميث نصر بن محمد بن إبراىيم السمرقندي،
تحقيق الدكتور محمود مطرجي ،دار الفكر بيروت.
-6البحر المحيط :محمد بن يوسف الشيير بأبي حيان األندلسي ،دراسة وتحقيق وتعميق الشيخ
عادل أحمد عبد الموجود ،والشيخ عمي محمد معوض ،دار الكتب العممية ،بيروت ،لبنان،
الطبعة األولى 1422ىث2001-م.
181
الظواهر البالغية في سورة الممك
-7البدور الزاىرة في القراءات العشر المتواترة :أبو حفص سراج الدين عمر بن زين الدين قاسم
ابن محمد بن عمي األنصاري النشار ،شرح وتحقيق األستاذ الدكتور أحمد عيسى المعصراوي،
الطبعة األولى 1429ىث 2008 -م و ازرة األوقاف والشؤون الدينية قطر.
-8البرىان في عموم القرآن :اإلمام بدر الدين محمد بن عبد اهلل الزركشي ،تحقيق محمد أبو
الفضل إبراىيم ،مكتبة التراث ،القاىرة.
-9التسييل لعموم التنزيل :الشيخ اإلمام العبلمة الحافظ المفسر خادم القرآن العظيم محمد بن
أحمد ابن جزي الكمبي ،دار الكتاب العربي ،بيروت ،لبنان ،الطبعة الثانية 1393ىث1973-م.
-72التعبير القرآني ،فاضل السمرائي ،دار عمار لمنشر والتوزيع ،عمان ،األردن.
-77تفسير التحرير والتنوير :محمد الطاىر بن عاشور ،دار سحنون لمنشر والتوزيع ،تونس،
1997م.
-72تفسير مفاتيح الغيب (التفسير الكبير) :اإلمام فخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي ،دار
الكتب العممية ،بيروت ،الطبعة األولى 1421ىث 2000 -م.
-73تيسير الكريم الرحمن في تفسير كبلم المنان :العبلمة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي،
تحقيق عبد الرحمن بن معبلّ المّويحق ،مؤسسة الرسالة الطبعة األولى 1420ىث 2000-م.
-74جامع البيان عن تأويل آي القرآن :أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ،تحقيق أحمد محمد
شاكر ،مؤسسة الرسالة ،الطبعة األولى1420 ،ىث 2000 -م.
-75الجامع ألحكام القرآن :أبو عبد اهلل محمد بن أحمد األنصاري القرطبي ،تحقيق ىشام سمير
البخاري ،دار عالم الكتب ،الرياض ،المممكة العربية السعودية1423 ،ىث 2003 -م.
-76خصائص التراكيب دراسة تحميمية لمسائل عمم المعاني :محمد أبو موسى ،دار التضامن،
القاىرة ،الطبعة الثانية 1400ىث 1980 -م.
-77الخصائص :أبو الفتح عثمان بن جني ،تحقيق محمد عمي النجار ،دار الكتب ،بيروت.
المصون في عموم الكتاب المكنون :أحمد بن يوسف المعروف بالسمين الحمبي المتوفى
-78الدر َ
سنة 756ه ،تحقيق الدكتور أحمد محمد الخراط ،دار القمم ،دمشق ،الطبعة األولى 1414ىث
1994 -م.
-79دالئل اإلعجاز في عمم المعاني :أبو بكر بن عبد القاىر بن عبد الرحمن الجرجاني النحوي،
قرأه وعمق عميو أبو فير محمود محمد شاكر ،مطبعة المدني ،الطبعة الثالثة 1422ىث -
2001م.
181
د .رياض قاسم
-22روح البيان في تفسير القرآن :اإلمام الشيخ إسماعيل حقي بن مصطفى الحنفي الخموتي
البروسوي ،ضبطو وصححو وخرج آياتو :عبد المطيف حسن عبد الرحمن ،دار الكتب العممية،
بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى 1424ىث 2003 -م.
-27روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني :العبلمة أبو الفضل شياب الدين محمود
األلوسي البغدادي ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت.
-22الطراز المتضمن ألسرار الببلغة وعموم حقائق اإلعجاز :يحيى بن حمزة بن عمي بن إبراىيم
العموي ،تحقيق محمد عبد السبلم شاىين ،دار الكتب العممية ،بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى
1415ىث 1995 -م.
-23فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من عمم التفسير :اإلمام محمد بن عمي بن محمد
الشوكاني ،حققو وخرج أحاديثو وفيرسيا سيد إبراىيم ،الطبعة األولى 1413ىث1993-م.
-24الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل في وجوه التأويل :أبو القاسم جار اهلل محمود ابن
عمر الزمخشري الخوارزمي ،تحقيق عبد الرازق الميدي ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت.
-25لباب التأويل في معاني التنزيل :عبلء الدين عمي بن محمد بن إبراىيم البغدادي الشيير
بالخازن ،دار الفكر ،بيروت 1399ىث 1979 -م.
-26لسان العرب :اإلمام العبلمة جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم بن منظور األنصاري
اإلفريقي المصري ،حققو وعمق عميو ووضع حواشيو عامر أحمد حيدر ،راجعو عبد المنعم
خميل إبراىيم ،منشورات محمد عمي بيضون ،دار الكتب العممية ،بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى
1424ىث 2003 -م.
الم ْغنى في توجيو القراءات العشر المتواترة ،محمد سالم محيسن ،دار الجيل ،بيروت ،مكتبة
ُ -27
الكميات األزىرية.
-28من ببلغة القرآن ،أحمد أحمد عبد اهلل البيمي البدوي (المتوفى1384 :ىث) ،الناشر :نيضو
مصر ،القاىرة ،عام النشر.2005 :
-29نظم الدرر في تناسب اْليات والسور :اإلمام برىان الدين أبو الحسن إبراىيم بن عمر البقاعي،
تحقيق عبد الرزاق غالب الميدي ،دار الكتب العممية ،بيروت1415 ،ىث 1995 -م.
111