You are on page 1of 44

2275 ‫ يناير‬222‫– ص‬777‫ ص‬،‫ العدد األول‬،‫ المجمد الثالث والعشرون‬،‫مجمة الجامعة اإلسالمية لمدراسات اإلسالمية‬

ISSN 1726-6807 http://www.iugaza.edu.ps/ar/periodical/


‫الظواهر البالغية في سورة الممك‬
‫دراسة تفسيرية تحميمية‬
‫ رياض محمود جابر قاسم‬.‫د‬
‫أستاذ مشارك في قسم التفسير وعموم القرآن بكمية أصول الدين‬
‫الجامعة اإلسالمية – غزة‬

‫ والتي تتمثل في ثبلث‬،‫ ييدف ىذا البحث إلى إبراز الظواىر الببلغية في سورة الممك‬:‫ممخص‬
.‫قضايا رئيسة‬
‫ وتحدث فييا الباحث عن اإلظيار في‬،‫أما القضية األولى فيي األساليب الخبرية وأغراضيا الببلغية‬
‫ والتعبير عن الكثرة بمفظ‬،‫ وااللتفات‬،‫ والتوكيد‬،‫ والتعريف والتنكير‬،‫ والتقديم والتأخير‬،‫موضع اإلضمار‬
.‫ وعطف الفعل عمى االسم‬،‫ وخطاب المفرد بمفظ الجمع‬،‫ والتعبير عن الجمع بمفظ المفرد‬،‫التثنية‬
،‫ وتحدث فييا الباحث عن االستفيام‬،‫وأما القضية الثانية فيي األساليب اإلنشائية وأغراضيا الببلغية‬
.‫ والتمني‬،‫ والمدح والذم‬،‫واألمر‬
‫ وتحدث فييا الباحث عن براعة‬،‫وأما القضية الثالثة فيي الصور البيانية وأغراضيا الببلغية‬
.)‫ سجع‬،‫ مقابمة‬،‫ جناس‬،‫ والبديع (طباق‬،‫ واإليجاز بالحذف‬،‫ والكناية‬،‫ والمجاز‬،‫ والتشبيو‬،‫االستيبلل‬
‫وقد أبرز الباحث األغراض الببلغية وأسرارىا لكل نوع من أنواع الظواىر الببلغية الموجودة في سورة‬
.‫ وختم البحث بأىم النتائج والتوصيات‬.‫الممك‬
Rhetorical Features in Surat Al Mulk
Abstract: This research aims to highlight the rhetorical features in Surat Al
Mulk, which consists of three main issues.
The first one is about the use of informative styles and their rhetorical
purposes, where the researcher discussed Ith-haar fee mawdi al-idmaar,
fronting and pre-posing, use of definite and indefinite nouns, assertion,
rhetorical twist, indicating abundance by use of duality, expressing pluralism
by use of singular forms, use of plural forms in addressing the singular,
apposition of verbs with nouns.
The second issue is the compositional styles and their rhetorical purposes,
where the researcher discussed questions, use of command, praise and
dispraise, and the wish.
The third issue is the figures of speech and their rhetorical purposes, where
the research explored the skillful use of initiation, simile, metaphor,
metonymy, brevity by deletion, and rhetorical devices (antithesis, alliteration,
and assonance)
The researcher highlighted the rhetorical purposes and secrets of each of the
rhetorical features in Surat Al Mulk. In the end, the researcher drew the most
important findings and recommendations.
‫المقدمة‬
‫د‪ .‬رياض قاسم‬

‫َبة َ‪ْ َ٠ ُْ ٌَٚ‬ج َؼ ًْ ٌَُٗ ِػ َ‪ً ٛ‬جب] {الكهف‪ ،}1:‬وتحدى فصحاء‬ ‫الحمد هلل رب العالويي‪[ ،‬أَ ْٔ َض َي َػٍَ‪َ ٝ‬ػ ْج ِذ ِٖ اٌ ِىز َ‬
‫اٌجُّٓ َػٍَ‪ ٝ‬أَْْ ‪َ٠‬ؤْرُ‪ٛ‬ا ثِ ِّ ْث ًِ َ٘ َزا‬ ‫اإل ْٔ ُ‬
‫س َ‪ِ ٚ‬‬ ‫ذ ِ‬ ‫العرب عمى أن يأتوا بشيء من مثمو فعجزوا‪[ ،‬لُ ًْ ٌَئِ ِٓ ْ‬
‫اجزَ َّ َؼ ِ‬
‫ط ظَ ِ‪ً ١ٙ‬شا] {اإلسزاء‪ ، }88:‬والصبلة والسبلم عمى‬ ‫اٌمُ ْشآَ ِْ ََل ‪َ٠‬ؤْرُ‪ َْٛ‬ثِ ِّ ْثٍِ ِٗ َ‪َ ْٛ ٌَٚ‬وبَْ ثَ ْؼ ُ‬
‫ع ُ‪ٌِ ُْ ٙ‬جَ ْؼ ٍ‬
‫رسول اهلل سيد البمغاء‪ ،‬وأفصح العرب لساناً‪ ،‬وأحكميم بياناً‪ ،‬وأفضميم كبلماً‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فإن التعبير البياني لمقرآن الكريم يشتمل عمى كثير من األسرار الببلغية‪ ،‬والتوجييات‬
‫التربوية‪ ،‬مما يستدعي بل يستوجب الوقوف ٍّ‬
‫بتأن وتمعن أمام النصوص والتعبيرات القرآنية من أجل‬
‫إبراز األغراض الببلغية الكامنة في ثنايا تمك النصوص والتعبيرات القرآنية‪ ،‬وبيان األسرار التي دل‬
‫عمييا األسموب القرآني في موضعو‪.‬‬
‫ومن أىم أىداف التحميل الببلغي الوقوف عمى خصوصية أنواع الخطاب المختمفة بإجراء‬
‫التتبع الوصفي لمظواىر الببلغية في النص أو النصوص موضوع الدراسة‪ ،‬ثم إن عممية التتبع تمر‬
‫بمراحل وىي‪ :‬رصد الظواىر الببلغية وتصنيفيا‪ ،‬ثم تحميل تمك الظواىر الببلغية‪ ،‬ثم تعميميا وربطيا‬
‫بالغاية والسياق‪.‬‬
‫وقد قام الباحث بعمل دراسة تطبيقية عمى سورة الممك‪ ،‬واجتيد في بيان بعض الظواىر‬
‫الببلغية الكامنة في التعبير البياني ليذه السورة؛ إذ إن النص القرآني أعظم من أن يحيط بكل‬
‫أغراضو ومراميو مخموق‪.‬‬
‫خطة البحث‪ :‬اشتمل البحث عمى مقدمة‪ ،‬وثبلثة مباحث‪ ،‬وخاتمة‪ ،‬وفيرس لممصادر والمراجع‬
‫المبحث األول‪ :‬األساليب الخبرية وأغراضها البالغية في سورة الممك‬
‫ويشتمل عمى تسعة مطالب‪:‬‬
‫المطمب األول‪ :‬اإلظيار في موضع اإلضمار‬
‫المطمب الثاني‪ :‬التقديم والتأخير‬
‫المطمب الثالث‪ :‬التعريف والتنكير‬
‫المطمب الرابع‪ :‬التوكيد‬
‫المطمب الخامس‪ :‬االلتفات‬
‫المطمب السادس‪ :‬التعبير عن الكثرة بمفظ التثنية‬
‫المطمب السابع‪ :‬التعبير عن الجمع بمفظ المفرد‬
‫المطمب الثامن‪ :‬خطاب المفرد بمفظ الجمع‬
‫المطمب التاسع‪ :‬عطف الفعل عمى االسم‬
‫المبحث الثاني‪ :‬األساليب اإلنشائية وأغراضها البالغية في سورة الممك‬

‫‪871‬‬
‫الظواهر البالغية في سورة الممك‬

‫ويشتمل عمى أربعة مطالب‪:‬‬


‫المطمب األول‪ :‬االستفيام‬
‫المطمب الثاني‪ :‬األمر‬
‫المطمب الثالث‪ :‬المدح والذم‬
‫المطمب الرابع‪ :‬التمني‬
‫المبحث الثالث‪ :‬الصور البيانية وأغراضها البالغية في سورة الممك‬
‫ويشتمل عمى تسعة مطالب‪:‬‬
‫المطمب األول‪ :‬براعة االستيبلل‬
‫المطمب الثاني‪ :‬التشبيو‬
‫المطمب الثالث‪ :‬االستعارة التصريحية‬
‫المطمب الرابع‪ :‬االستعارة التمثيمية‬
‫المطمب الخامس‪ :‬المجاز العقمي‬
‫المطمب السادس‪ :‬الكناية‬
‫المطمب السابع‪ :‬اإليجاز بالحذف‬
‫المطمب الثامن‪ :‬البديع ‪ :‬طباق‪ ،‬جناس‪ ،‬مقابمة‪ ،‬سجع‬
‫المطمب التاسع‪ :‬األسموب الحكيم‬
‫الخاتمة‪ :‬وتشتمل عمى أهم النتائج والتوصيات‬
‫المبحث األول‬
‫األساليب الخبرية وأغراضها البالغية في سورة الممك‬
‫ويشتمل عمى تسعة مطالب‪:‬‬
‫المطمب األول‪ :‬اإلظهار في موضع اإلضمار‬
‫ُيعد ىذا المبحث من أىم مباحثث عمثم المعثاني‪ ،‬حيثث ُيث ْذكر فثي بثاب (أحثوال المسثند إليثو)‪،‬‬
‫وتحت عنوان خروج الكبلم عن مقتضى الظاىر‪.‬‬
‫وحقيقثثة األمثثر أن لممسثثند إليثثو ضثوابط وقواعثثد ينبغثثي أن ال يخثثرج عنيثثا‪ ،‬ولكنثثو حثثين يخثثرج‬
‫عن تمك القواعد واألصول إنما يخرج لفائدة ببلغية تراد من ىذا الخروج‪.‬‬
‫وم ثثن جمم ثثة ذل ثثك أذن ثثو ح ثثين ُي ثثذ َكر االسث ثم ظ ثثاى اًر‪ ،‬وأري ثثد الح ثثديث عن ثثو ال ُيك ث ذثرر واذنم ثثا ي ثثؤتَى‬
‫بضمير يعود عميو؛ ليتم بو الكبلم‪ ،‬وتقع بو الفائدة‪ ،‬وىذا ىو األصل‪.‬‬

‫‪871‬‬
‫د‪ .‬رياض قاسم‬

‫المحث ذدث عنثو كثذلك‪ ،‬واألصثل أذنثو إذا‬


‫أن تكثون ظثاىرةً‪ ،‬وأصثل ُ‬ ‫الزركشي‪" :‬واألصل في األسثماء ْ‬ ‫يقول ذ‬
‫ض َم اًر لبلستغناء عنو بالظذاىر السذابق"(‪.)1‬‬ ‫أن ُيذ َكر ُم ْ‬ ‫ِ‬
‫ُذكر ثانياً ْ‬
‫لكن يوجد أحثوا ٌل يعثاد فييثا ِذ ْكثر االسثم الظذثاىر‪ ،‬وال يثؤتَى بالضذثمير فيكثون إظيثا اًر لبلسثم فثي موضثع‬
‫يصح فيو اإلضمار واإلتيان بالضذمير‪.‬‬
‫وقثثد أشثثار األلوسثثي إلثثى فائث ٍ‬
‫ثدة مثثن فوائثثد اإلظيثثار موضثثع اإلضثثمار‪ ،‬حيثثث يقثثول‪" :‬والعثثرب إذا ف ذخمث ْ‬
‫ثت‬
‫كررتو باالسم الذذي تق ذدم لو"(‪.)2‬‬‫شيئاً ذ‬
‫ولع ذل العمماء قد فطنوا ليذا المثدخل‪ ،‬وتنبيثوا إليثو‪ ،‬فمثم يثألوا جيثدا فثي تبيثين أغثراض اإلظيثار وفوائثده‬
‫الببلغية‪ ،‬فقد عد الزركشي مجموعة من األغراض الببلغية لمخروج عمى خبلف األصل في اإلظيثار‬
‫وأىميا(‪:)3‬‬
‫[‪ٚ....‬ارَّمُ‪ٛ‬ا هللاَ َ‪َ ُ٠ٚ‬ؼٍِّ ُّ ُى ُُ هللاُ َ‪ٚ‬هللاُ ثِ ُى ًِّ ش َْ‪ٍ ٟ‬ء َػٍِ‪{ ]ٌُ ١‬البقزة‪}282:‬‬
‫َ‬ ‫‪ -1‬قصد التذعظيم‪ :‬كقولو تعالى‪:‬‬
‫ِ‬
‫الميابة ولمتنبيو عمى‬ ‫الروعة وتر ِ‬
‫بية‬ ‫ِ‬ ‫قال أبو السعود‪ُ " :‬كرر لفظ الجبللة في الجمل الثبلث إلدخال‬
‫وعد باإلنعام‪ ،‬والثالثة‬
‫حث عمى التقوى‪ ،‬والثانية ٌ‬ ‫كل منيا بمعنى عمى حيالو‪ ،‬فإن األولى ٌّ‬ ‫استقبلل ٍ‬
‫ِ‬
‫(‪)4‬‬
‫تعظيم لشأنو تعالى‪".‬‬ ‫ٌ‬
‫بْ َ‪َ٠ َِْٓ ٚ‬زَّجِ ْغ‬ ‫ش ْ‪١‬طَ ِ‬
‫د اٌ َّ‬ ‫‪ -2‬قصد اإلىانة والتحقير‪ :‬كقولو تعالى‪َ٠[ :‬ب أ‪َٙ ُّ٠‬ب اٌَّ ِز‪ َٓ٠‬آَ َُِٕ‪ٛ‬ا ََل رَزَّجِ ُؼ‪ٛ‬ا ُخطُ َ‪ٛ‬ا ِ‬
‫َ‬
‫بْ فَبَُِّٔٗ ‪َ٠‬ؤْ ُِ ُش ثِبٌفَ ْحشَب ِء َ‪ٚ‬اٌ ُّ ْٕ َى ِش] {إٌ‪ٛ‬س‪ }18:‬حيث أعاد ذكر لفظ الشيطان مظي اًر‪.‬‬ ‫ش ْ‪َ ١‬‬
‫ط ِ‬ ‫د اٌ َّ‬ ‫ُخطُ َ‪ٛ‬ا ِ‬
‫اٌؼ َّضحُ َج ِّ‪ً ١‬ؼب] {فاطز‪َ ،}11:‬وقَ ْوِل ِو‬ ‫‪ِ -3‬اال ْستِْم َذا ُذ بِِذ ْك ِرِه‪َ :‬كقَ ْوِل ِو تَ َعالَى‪َ َِْٓ [ :‬وبَْ ‪ِ ُ٠‬ش‪ُ ٠‬ذ اٌ ِؼ َّضحَ فٍٍَ ِٗ ِ‬
‫ث َٔشَب ُء فَِٕ ْؼ َُ أَ ْج ُش‬ ‫ض َٔزَجَ َّ‪ٛ‬أُ َِِٓ َ‬
‫اٌجَّٕ ِخ َح ْ‪ُ ١‬‬ ‫ص َذلََٕب َ‪ْ ٚ‬ػ َذُٖ َ‪ٚ‬أَ ْ‪َ ٚ‬سثََٕب األَ ْس َ‬ ‫تَ َعالَى‪َٚ [ :‬لَبٌُ‪ٛ‬ا َ‬
‫اٌح ّْ ُذ هللِ اٌَّ ِز‪َ ٞ‬‬
‫ِ‬ ‫{الزهز‪ ،}74:‬ولَ ْم َي ُق ْل‪ِ " :‬م ْنيَا" وِليَ َذا َع َد َل َع ْن ِذ ْك ِر ْاأل َْر ِ‬
‫اد‬
‫ان اْل ُم َر ُ‬‫ض ِإلَى اْل َجذنة َوِا ْن َك َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُّ‬ ‫اٌ َؼب ٍِِِ‪] َٓ١‬‬
‫ض اْل َجذنةَ‪.‬‬‫بِ ْاأل َْر ِ‬
‫ك َٔضَ َي] {اإلسزاء‪ ،}115:‬وقولو‪[ :‬هللاُ‬ ‫ك أَ ْٔ َض ٌَْٕبُٖ َ‪ٚ‬ثِ َ‬
‫بٌح ِّ‬ ‫ير‪َ :‬كقَ ْوِل ِو تَ َعالَى‪َٚ [ :‬ثِ َ‬
‫بٌح ِّ‬ ‫ادةُ التذ ْقِد ِ‬
‫‪ِ -4‬زَي َ‬
‫ص َّ ُذ] {االخالص‪ }2:‬بعد قولو‪[ :‬هللاُ أَ َح ٌذ] {االخالص‪. }1:‬‬ ‫اٌ َّ‬
‫ض ِم ُير ُيوِى ُم أَذنوُ َغ ْي ُر اْل ُم َرِاد‪َ :‬كقَ ْوِل ِو تَ َعالَى‪[ :‬لُ ًِ اٌٍ ُ‪َِ َُّ ٙ‬بٌِ َه اٌ ُّ ٍْ ِه رُئْ رِ‪ٟ‬‬
‫ون ال ذ‬
‫ث َي ُك ُ‬ ‫س َح ْي ُ‬ ‫‪ِ -5‬إ َازلَةُ المذْب ِ‬
‫ال‪" :‬تُؤتِ ِ‬
‫يو" َأل َْو َى َم أَذنوُ ْاأل ذَو ُل‪،‬‬ ‫ع اٌ ُّ ٍْهَ ِِ َّّْٓ رَشَب ُء] {آل عوزاى‪ ، }26:‬لَ ْو قَ َ ْ‬ ‫اٌ ُّ ٍْهَ َِْٓ رَشَب ُء َ‪ٚ‬رَ ْٕ ِض ُ‬

‫(‪ )1‬البرىان في عموم القرآن (‪.)484/2‬‬


‫(‪ )2‬روح المعاني (‪.)334/1‬‬
‫(‪ )3‬البرىان في عموم القرآن (‪.)495-485/2‬‬
‫(‪ )4‬إرشاد العقل السميم (‪.)271 /1‬‬

‫‪811‬‬
‫الظواهر البالغية في سورة الممك‬

‫س ْ‪ِ ٛ‬ء] {الفتح‪ ،}6:‬ك ثرر السثوء ألنو لثو ق ثال‪:‬‬ ‫س ْ‪ِ ٛ‬ء َػٍَ ْ‪ ُْ ِٙ ١‬دَائِ َشحُ اٌ َّ‬
‫ظَّٓ اٌ َّ‬‫وقَوِل ِو تَعالَى‪[ :‬اٌظَّبِّٔ‪ َٓ١‬ثِبهللِ َ‬
‫َ ْ َ‬
‫ذم ُير َعائِ ًدا ِإلَى المذ ِو تَ َعالَى ‪.‬‬ ‫(عمييم دائرتو) َالْلتَبس بِأَن ي ُكون الض ِ‬
‫ََ ْ َ َ‬
‫ضي ِل َذِل َك َك َما َيقُو ُل اْل َخِميفَةُ‬ ‫الروع في ضمير السذامع‪ :‬بِِذ ْك ِر ِاالسِم اْلم ْقتَ ِ‬
‫ْ ُ‬ ‫‪ -6‬تربية الميابة وادخال ذ‬
‫آم ُر َك بِ َك َذا‪َ ،‬و ِم ْنوُ قَ ْولُوُ تَ َعالَى‪َ [ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اٌحبلَّخُ * َِب‬ ‫ان‪ :‬أََنا ُ‬ ‫ْم ُر َك بِ َك َذا َم َك َ‬ ‫ْم ُرهُ بِأ َْم ٍر‪ :‬أَم ُير اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ين َيأ ُ‬ ‫ل َم ْن َيأ ُ‬
‫د اٌَِ‪ ٝ‬أَ ٍِْ٘ َ‪ٙ‬ب] {الٌساء‪. }58:‬‬ ‫اٌحبلَّخُ ] {الحاقَّت‪َ ،}2،1:‬وقَ ْولُوُ‪[ :‬اَِّْ هللاَ ‪َ٠‬ؤْ ُِ ُش ُو ُْ أَْْ رُ َئدُّ‪ٚ‬ا األَ َِبَٔب ِ‬ ‫َ‬
‫سزَ ْغفِ ْش ٌَ ُ‪َٚ ُْ ٙ‬شَب ِ‪ْ ٚ‬س ُ٘ ُْ فِ‪ ٟ‬األَ ِْ ِش فَبِ َرا‬‫ور‪َ :‬كقَ ْوِل ِو تَ َعالَى‪[ :‬فَبػْفُ َػ ْٕ ُ‪َٚ ُْ ٙ‬ا ْ‬ ‫ْم ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ص ُد تَ ْق ِوَية َداعَية اْل َمأ ُ‬ ‫‪ -7‬قَ ْ‬
‫ال‪َ ( :‬عمَى المذ ِو) لَ ْم َي ُق ْل‪:‬‬ ‫ين قَ َ‬ ‫ِ‬
‫َػ َض ِْذَ فَزَ َ‪َّ ٛ‬و ًْ َػٍَ‪ ٝ‬هللاِ اَِّْ هللاَ ‪ِ ُ٠‬ح ُّت اٌ ُّزَ َ‪ِّ ٛ‬وٍِ‪{ ] َٓ١‬آل عوزاى‪َ ،}159:‬وح َ‬
‫اسِم اْل ُمتََو ذك ِل َعمَ ْي ِو‪.‬‬
‫يح بِ ْ‬ ‫ور بِالتذَوك ِل بِالتذ ْ‬
‫ص ِر ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫"إذنوُ ُيحب" أ َْو "إٍّني أُحب" تَ ْق ِوَيةً ل َداعَية اْل َمأ ُ‬
‫ْم ِ‬
‫ش ْ‪١‬ئًب َِ ْز ُو‪ً ٛ‬سا * أَِّب‬‫بْ ِح‪ َِِٓ ٌٓ١‬اٌ َّذ ْ٘ ِش ٌَ ُْ ‪ُ َ٠‬ىْٓ َ‬ ‫س ِ‬ ‫‪ -8‬تعظيم األمر‪ :‬كقولو تعالى‪ ًْ َ٘ [ :‬أَرَ‪َ ٝ‬ػٍَ‪ِ ٝ‬‬
‫اإل ْٔ َ‬
‫ص‪ً ١‬شا] {اإلًساى‪ }2-1:‬ولم يقل خمقناه‬ ‫س ِّ‪ً ١‬ؼب ثَ ِ‬ ‫سبَْ ِِْٓ ُٔ ْطفَ ٍخ أَ ِْش ٍ‬
‫َبج َٔ ْجزٍَِ‪ ِٗ ١‬فَ َج َؼ ٍَْٕبُٖ َ‬ ‫َخٍَ ْمَٕب ِ‬
‫اإل ْٔ َ‬
‫لمتنبيو عمى عظم خْمق اإلنسان‪.‬‬
‫س‪ ِٗ ٌِٛ‬إٌَّجِ ِّ‪ ٟ‬األُ ِِّ ِّ‪ ٟ‬اٌَّ ِز‪ٞ‬‬‫ف‪َ :‬كقَ ْوِل ِو تَ َعالَى‪[ :‬فَآ َ ُِِٕ‪ٛ‬ا ثِبهللِ َ‪َ ٚ‬س ُ‬ ‫اى ِر ِإلَى اْلوص ِ‬ ‫‪ -9‬أَن ي ْقص َد التذوص ُل بِالظذ ِ‬
‫َ ْ‬ ‫ْ ُ َ َ‬
‫س‪ُ ٛ‬ي هللاِ اٌَِ ْ‪ُ ١‬ى ُْ َج ِّ‪ً ١‬ؼب]‪،‬‬ ‫ص ْد ِر ْاْلَي ِة‪[ :‬أِِّ‪َ ٟ‬س ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫‪ُ٠‬ئْ ُِِٓ ثِبهللِ َ‪َ ٚ‬وٍِ َّبرِ ِٗ] {األعزاف‪َ ،}158:‬ب ْع َد قَ ْوِلو في َ‬
‫ات الذتِي َذ َك َرَىا ِم َن الذنبِ ٍّي‬ ‫الصفَ ِ‬
‫اء ٍّ‬ ‫آم ُنوا بِالمذ ِو وبِي" ِليتَم ذكن ِمن ِإ ْجر ِ‬
‫ََ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫لبي‪( :‬فآمنوا باهلل ورسولو) ُدون "فَ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫َن الذي‬ ‫ذ‬ ‫ِ‬
‫ف لُي ْعمَ َم أ ذ‬ ‫وص ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪َ :‬وبِي لَ ْم َيتَ َم ذك ْن م ْن َذل َك أل ذ‬ ‫ْاأل ٍُّم ٍّي الذِذي ُي ْؤ ِم ُن بِالمذ ِو فَِإذنوُ لَ ْو قَ َ‬
‫َن الضذم َير َال ُي َ‬
‫صفَ ِة‬ ‫ظي ا ِ‬
‫ار لمذن َ‬ ‫ان أََنا أ َْو َغ ْي ِري ِإ ْ َ ً‬
‫ف بِيِذ ِه ٍّ ِ ِ‬
‫الصفَات َكائًنا َم ْن َك َ‬
‫ِ‬
‫ان بِو َواالتٍَّباعُ لَوُ ُى َو َم ْن ُوص َ َ‬
‫اإليم ِ ِ‬
‫ب ِْ َ ُ‬ ‫َو َج َ‬
‫َوُب ْع ًدا ِم َن التذ َعص ِب ِلَن ْف ِس ِو‪.‬‬
‫سزَ ْط َؼ َّب أَ ٍَْ٘ َ‪ٙ‬ب فَؤَثَ ْ‪ٛ‬ا أَْْ‬ ‫‪ -10‬قصد العموم ‪ :‬كقولو تعالى ‪[ :‬فَب ْٔطٍََمَب َحزَّ‪ ٝ‬اِ َرا أَرَ‪َ١‬ب أَ ْ٘ ًَ لَ ْش‪ٍ َ٠‬خ ا ْ‬
‫شئْذَ ََلر ََّخ ْزدَ َػٍَ ْ‪ ِٗ ١‬أَ ْج ًشا] {اٌى‪ٙ‬ف‪}77:‬‬ ‫ط فَؤَلَب َُِٗ لَب َي ٌَ ْ‪ِ ٛ‬‬‫ع‪ِّ١‬فُ‪َّ ُ٘ ٛ‬ب فَ َ‪َ ٛ‬جذَا فِ‪َٙ ١‬ب ِجذَا ًسا ‪ِ ُ٠‬ش‪ُ ٠‬ذ أَْْ ‪ْٕ َ٠‬مَ َّ‬ ‫‪َ ُ٠‬‬
‫ولم يقل استطعماىم لئلشارة بتأكيد العموم‪ ،‬وأذنيما لم يتركا أحداً من أىميا إال استطعماه و َأبى‪ ،‬ومع‬
‫ذلك قاببلىم بأحسن الجزاء‪ ،‬وفيو التنبيو عمى محاسن األخبلق‪ ،‬ودفع السيئة بالحسنة‪.‬‬
‫س َ‪ٙ‬ب ٌٍَِّٕجِ ِّ‪{ ]ٟ‬األحزاب‪َ ،}51:‬وَل ْم‬ ‫وص َكقَ ْوِل ِو تَ َعالَى‪َٚ [ :‬ا ِْ َشأَحً ُِئْ َِِٕخً اِْْ َ‪َ٘ ٚ‬جَذْ َٔ ْف َ‬‫ص ِ‬ ‫ص ُد اْل ُخ ُ‬
‫‪ -12‬قَ ْ‬
‫ير َألُ ِخ َذ َج َو ُازهُ ِل َغ ْي ِرِه َك َما ِفي قَ ْوِل ِو تَ َعالَى‪( :‬وبنات عمك) فَ َع َد َل َع ْنوُ ِإَلى‬ ‫ي ُق ْل‪" :‬لَ َك" ِألَذنو لَو أَتَى بِالض ِ‬
‫ذم ِ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ذة َوأَذنوُ لَ ْي َس ِل َغ ْي ِرِه َذِل َك‪.‬‬
‫وصي ِ‬
‫يو عمَى اْل ُخص ِ‬ ‫ذِ ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫الظاى ِر لمتذْنبِ َ‬
‫‪ -14،13‬اإلشعار بعمة الحكم وتقوية استقبلل الجممة‪ :‬أما ما يقصد باإلشعار بعمة الحكم فيو أن الختم يأتي‬
‫تعميبلً لمعنى سابق في اْلية كقولو تعالى‪ َِْٓ َٚ [ :‬أَ ْظٍَ ُُ ِِ َّّ ِٓ ا ْفزَ َش‪َ ٜ‬ػٍَ‪ ٝ‬هللاِ َو ِزثًب أَ ْ‪َ ٚ‬و َّز َ‬
‫ة ثِآَ‪َ٠‬برِ ِٗ أَُِّٗ ََل ‪ْ ُ٠‬ف ٍِ ُح‬
‫صرح بالظمم تنبيياً عمى ذ‬
‫أن عمة عدم فبلحيم ىو الظمم‪.‬‬ ‫اٌظَّبٌِ ُّ‪{ ] َْٛ‬األًعام‪ }21:‬فمم يقل (ال يفمحون) حيث ذ‬

‫‪818‬‬
‫د‪ .‬رياض قاسم‬

‫وأما ما يقصد باستقبلل الجممة فيي أن تكون كاممة بحيث لو اقتطعت من السياق الذي ىي فيو‪،‬‬
‫يظل المعنى فييا عمى تمامو وكمالو‪ ،‬ويحسن استخداميا في مواطن خارج السياق كقولو تعالى‪َٚ [ :‬ارَّمُ‪ٛ‬ا هللاَ‬
‫الجميل في موقع اإلضمار لتربية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االسم‬ ‫ظيار‬
‫اٌصذُ‪ِ ٚ‬س]{الوائدة‪ ،}7:‬قال أبو السعود‪" :‬وا ُ‬‫د ُّ‬ ‫اَِّْ هللاَ َػ ٍِ‪ِ ٌُ ١‬ث َزا ِ‬
‫الميابة وتعميل الحكم وتقوية استقبلل الجممة"(‪.)1‬‬
‫اٌصذُ‪ِ ٚ‬س) مقطع مستقل المعنى‪ ،‬واضح المدلول مشحون بكل الرموز الذىنية‬ ‫ُّ‬ ‫فالختم (اَِّْ هللاَ َػ ٍِ‪ِ ٌُ ١‬ث َزا ِ‬
‫د‬
‫المرتبطة بألفاظو‪.‬‬
‫ولثثو أننثثا أضثثمرنا وقمنثثا (إنثثو عمثثيم بثثذات الصثثدور) فيثثي جممثثة ليسثثت مسثثتقمة‪ ،‬حيثثث ال يحسثثن اقتطاعيثثا مثثن‬
‫السياق إال ووضعيا في سياق مثمو‪ ،‬فبل تقوم بذاتيا بغير قرينة تشير إلى مدلوليا‪ ،‬الحتمثال أن يكثون الضثمير‬
‫عائداً عمى غير مرجعو األصمي‪ ،‬الميم إال ما يشير إليو تقديم المتعمق واستحالة أن يكون لغير اهلل‪.‬‬
‫والجدول اْلتي يوضح المواضع الستة التي جاء فييا اإلظيار في موضع اإلضمار‪:‬‬
‫رقم اآلية‬ ‫اآلية‬ ‫مسمسل‬
‫‪3‬‬ ‫الر ْح َم ِن ِم ْن تَ َف ُاو ٍت‬
‫ق ذ‬ ‫َما تََرى ِفي َخْم ِ‬ ‫‪1‬‬
‫ِ ِ‬ ‫َن َي ْخ ِس َ‬ ‫َم ْنتُم م ْن ِفي السذم ِ‬ ‫ِ‬
‫‪16‬‬ ‫ور‬
‫ض فَإ َذا ى َي تَ ُم ُ‬‫ف بِ ُك ُم األ َْر َ‬ ‫اء أ ْ‬ ‫َ‬ ‫أَأ ْ َ‬ ‫‪2‬‬
‫‪17‬‬ ‫َن يرِس َل عَم ْي ُكم ح ِ‬
‫اصًبا‬ ‫َم ْنتُم م ْن ِفي الس ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ َ‬ ‫ذماء أ ْ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫أ َْم أ ْ َ‬ ‫‪3‬‬
‫‪20‬‬ ‫ور‬‫ون ِإ ذال ِفي ُغ ُر ٍ‬ ‫ِ‬
‫ِإ ِن ال َكاف ُر َ‬ ‫‪4‬‬
‫‪27‬‬ ‫ين َكفَ ُروا‬ ‫ذِ‬ ‫ِس َيئ ْ‬
‫ت ُو ُجوهُ الذ َ‬ ‫‪5‬‬
‫‪28‬‬ ‫اب أَِل ٍيم‬
‫ين ِم ْن َع َذ ٍ‬ ‫ِ‬
‫َف َم ْن ُي ِج ُير ال َكاف ِر َ‬ ‫‪6‬‬
‫نماذج لوضع المظهر موضع المضمر وبيان األغراض البالغية التي تترتب عمى ذلك‪:‬‬
‫ص َش‬ ‫د فَ ْ‬
‫بس ِج ِغ اٌجَ َ‬ ‫د ِغجَبلًب َِب رَ َش‪ ٜ‬فِ‪َ ٟ‬خ ٍْ ِ‬
‫ك اٌ َّش ْح َّ ِٓ ِِْٓ رَفَب ُ‪ٍ ٚ‬‬ ‫س َّ َ‪ٛ‬ا ٍ‬‫س ْج َغ َ‬
‫ك َ‬ ‫أوالً‪ :‬قال تعالى‪[ :‬اٌَّ ِز‪َ ٞ‬خٍَ َ‬
‫ات ِطَباقًا) مظي اًر من‬ ‫ق س ْبع سمو ٍ‬ ‫ذِ‬
‫َ٘ ًْ رَ َش‪ ِِْٓ ٜ‬فط‪ٍ ٛ‬س] {اٌٍّه‪ ،}3:‬تُ ّبين الجممة األولى (الذي َخمَ َ َ َ َ َ َ‬
‫ُ ُ‬
‫مظاىر قدرة اهلل –عز وج ّل‪ -‬في الخمق‪ ،‬حيث خمق سبع سموات فوق بعضيا‪ ،‬وفي الجممة الثانية‬
‫الر ْح َم ِن ِم ْن تَفَ ُاو ٍت) ينفي تعالى وجود أدنى اختبلف في ىذا الخمق‪ ،‬لكن نجد ّأنو‬ ‫ق ذ‬ ‫(ما تََرى ِفي َخْم ِ‬
‫َ‬
‫ق‬ ‫م‬‫خ‬
‫َ ُْ ُ‬‫ي‬ ‫الذي‬ ‫ىو‬ ‫و‬ ‫ِ‬
‫ت‬
‫ر‬ ‫د‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بباىر‬ ‫و‬ ‫ذ‬
‫ن‬ ‫أ‬
‫و‬ ‫حمن‪،‬‬ ‫الر‬
‫ذ‬ ‫ق‬ ‫م‬
‫َْ ُ‬‫خ‬ ‫و‬ ‫ذ‬
‫ن‬ ‫أ‬ ‫وىو‬ ‫فاوت‪:‬‬ ‫ذ‬
‫ت‬ ‫ال‬ ‫من‬ ‫ذ‬
‫ين‬ ‫ِ‬
‫سبلمت‬ ‫سبب‬ ‫ذكر‬ ‫‪-‬‬ ‫تعالى‬ ‫–‬
‫فيين) فقد سبق ذكر السموات في الجممة األولى‪ ،‬ولم‬ ‫الر ْح َم ِن) ولم َي ُقل (ما ترى ذ‬ ‫ق ذ‬ ‫(في َخْم ِ‬‫ِم ْث َل ذلك ِ‬
‫ضعُ االسم الظذاىر موضع‬ ‫يذكر تعالى الضمير الذي يعود عمييا في الجممة الثانية‪ ،‬وىذا ُيسمى َو ْ‬
‫الرحمن) موضوع الضمير‬ ‫(خْمق ذ‬ ‫الضمير‪ ،‬وفائدة ذلك التعظيم‪ ،‬قال أبو السعود‪" :‬وضع فييا َ‬

‫(‪ )1‬إرشاد العقل السميم (‪.)12/3‬‬

‫‪811‬‬
‫الظواهر البالغية في سورة الممك‬

‫وبأن في إبداعيا‬ ‫لمتعظيم واإلشعار بعمذة الحكم‪ ،‬وبأذنو –تعالى‪ -‬خمقيا بقدرتو القاىرة رحمةً وتفضبلً‪ ،‬ذ‬
‫نِ َعماً جميمة"(‪.)1‬‬
‫ض فَب ِ َرا ِ٘ َ‪ ٟ‬رَ ُّ‪ُ ٛ‬س * أَ َْ أَ ِِ ْٕزُ ُْ َِْٓ‬
‫سفَ ثِ ُى ُُ األَ ْس َ‬ ‫ثانياً وثالثاً‪ :‬قال تعالى‪[ :‬أَأَ ِِ ْٕزُ ُْ َِْٓ فِ‪ ٟ‬اٌ َّ‬
‫س َّب ِء أَْْ ‪ْ َ٠‬خ ِ‬
‫سزَ ْؼٍَ ُّ‪َ َْٛ‬و‪ْ١‬فَ َٔ ِز‪ِ ٠‬ش] {اٌٍّه‪ ، }87 ، 81 :‬اْليتان ىنا تُنك ارن‬ ‫بصجًب فَ َ‬ ‫س َّب ِء أَْْ ‪ْ ُ٠‬ش ِ‬
‫س ًَ َػٍَ ْ‪ُ ١‬ى ُْ َح ِ‬ ‫فِ‪ ٟ‬اٌ َّ‬
‫عمى الكفار سوء اعتقادىم‪ ،‬بأنيم آمنون من أن يأمر اهلل تعالى مبلئكتو بإيقاع العذاب عمييم‪.‬‬
‫(مثثن) فثثي اْليتثثين ىثثو مثثن قبيثثل اإلظيثثار فثثي موضثثع اإلضثثمار‪ ،‬إذ ذ‬
‫إن اْليثثة التثثي‬ ‫واالسثثم الموصثثول َ‬
‫تسبقيا ذكرت الضمائر العائدة إلى لفظ الجبللة (اهلل) المفيثوم مثن سثياق اْليثات السثابقة‪ ،‬قثال تعثالى‪:‬‬
‫[ ُ٘ َ‪ ٛ‬اٌَّ ِز‪َ ٞ‬ج َؼ ًَ ٌَ ُى ُُ األَ ْس َ‬
‫ض َرٌُ ً‬
‫‪َٛ‬ل ‪َٚ ....‬اٌَِ ْ‪ ِٗ ١‬إٌُّشُ‪ُ ٛ‬س] {اٌٍّه‪}81:‬‬
‫فمثثم يقثثل تعثثالى‪ :‬أأمنتمثثوه أن يخسثثف بكثثم األرض‪ ،‬أم أمنتمثثوه أن يرسثثل عمثثيكم حاصثثباً‪ ،‬واظيثثار ذلثثك‬
‫لغثثرض بيثثان عظثثيم تصثرفو تعثثالى فثثي ممكثثو‪ ،‬لكثثن اإلشثثارة إليثثو تعثثالى بيثثذا االسثثم الموصثثول فيثثو مثثن‬
‫المتشثثابو الثثذي ُيفيثثم مثثن ظثثاىر المفثثظ معنثثى حمثثول اهلل فثثي المكثثان‪ ،‬وىثثذا بثثالطبع ال يميثثق بثثو سثثبحانو‬
‫وتعالى‪.‬‬
‫ُ‪ ْٚ‬اٌ َّش ْح َّ ِٓ اِ ِْ اٌ َىبفِشُ‪ َْٚ‬اِ ََّل فِ‪ُ ٟ‬غ ُش‪ٍ ٚ‬س]‬ ‫رابعاً‪ :‬قال تعالى‪[ :‬أَ َِّْٓ َ٘ َزا اٌَّ ِز‪ُ َٛ ُ٘ ٞ‬ج ْٕ ٌذ ٌَ ُى ُْ ‪ُ ْٕ َ٠‬‬
‫ص ُش ُو ُْ ِِْٓ د ِ‬
‫{اٌٍّه‪ُ ،}11:‬يبّين مطمع اْلية عجز األصنام وحقارتيا من أن تدفع شيئاً عن الكافرين‪ ،‬وجاءت‬
‫فاصمة اْلية مقررةً ومبينةً ذ‬
‫أن شأن كل الكافرين ىو الغرور‪ ،‬فكميم في غفمة عن توقع نزول عذاب‬
‫اهلل بيم‪ ،‬ألذنيم مغترون في االعتماد عمى أصناميم بأنيا تنفعيم وقت الشدة وتدفع عنيم الببلء‪،‬‬
‫حصر وقصر بغرض قمب اعتقادىم أنيم‬‫ٍ‬ ‫ور) أسموب‬‫ون ِإ ذال ِفي ُغ ُر ٍ‬ ‫ِ‬
‫وجاءت فاصمة اْلية (ِإ ِن ال َكاف ُر َ‬
‫في مأمن من الكوارث بحماية آليتيم‪ ،‬ففائدتو إبطال ىذا االعتقاد الذي ال أساس لو في الواقع‪،‬‬
‫و(ال) في (الكافرون) لبلستغراق أي كل الكافرين‪ ،‬والجممة االسمية تدل عمى دواميم عمى ىذا الحال‬
‫فيذا ديدنيم‪ ،‬و(الغرور) ىو ظن النفس وتوىميا وقوع أمر نافع ليا وىو خبلف الواقع‪ ،‬وحرف الجر‬
‫(‪)2‬‬
‫(في) يفيد شدة تمبسيم بالغرور ذ‬
‫وكأن الغرور محيط بيم من كل جانب‪.‬‬
‫وجثثاء اإلظيثثار لمفثثظ (الكثثافرون) لبنثثاء جممثثة مسثثتقمة ذات إيحثثاء قثثوي وفعثثال‪ ،‬لتجثثري الجممثثة مجثثرى‬
‫(‪)3‬‬
‫ف ثثي بيثثان ديثثدن الك ثثافرين‪ ،‬وكثثذا فائثثدة اإلظي ثثار بيثثان العم ثثة الت ثثي أوصثثمتيم إل ثثى‬ ‫المثثثل أو الحكمثثة‬

‫(‪ )1‬إرشاد العقل السميم (‪.)275-274/6‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬التحرير والتنوير (‪.)43-42/29‬‬
‫(‪ )3‬البرىان في عموم القرآن (‪.)495 – 485 /2‬‬

‫‪813‬‬
‫د‪ .‬رياض قاسم‬

‫الغثثرور وىثثي الكفثثر‪ ،‬قثثال أبثثو السثثعود‪" :‬واإلظيثثار فثثي موقثثع اإلضثثمار لثثذميم بثثالكفر‪ ،‬وتعميثثل غثثرورىم‬
‫بو"(‪.)1‬‬
‫خامساً‪ :‬قال تعالى‪[ :‬فٍََ َّّب َسأَ ْ‪ُ ُٖٚ‬ص ٌْفَخً ِ‬
‫س‪١‬ئَذْ ُ‪ُ ٚ‬ج‪ ُٖٛ‬اٌَّ ِز‪َ َٓ٠‬وفَ ُش‪ٚ‬ا َ‪ٚ‬لِ‪َ َ٘ ًَ ١‬زا اٌَّ ِز‪ُ ٞ‬و ْٕزُ ُْ ثِ ِٗ رَ َّذػُ‪] َْٛ‬‬
‫{اٌٍّه‪ ،}17:‬تخبر اْلية عن حال المشركين المعاندين حين يرون وعد اهلل تعالى قد ح ذل بيم‪ ،‬حيث‬
‫تكون وجوىيم قد َكمَ َحت‪ ،‬وىنا قال تعالى (رأوه) وقال بعدىا (وجوه الذين كفروا) ولم يقل (وجوىيم)‬
‫أي وضع الموصول موضع ضميرىم وذلك لفائدة ببلغية وىي ذميم بالكفر‪ ،‬وبيان العمة التي‬
‫(‪)2‬‬
‫استحقوا بيا المساءة‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬قال تعالى‪[ :‬لُ ًْ أَ َسأَ ْ‪٠‬زُ ُْ اِْْ أَ ٍَْ٘ َىِٕ َ‪ ٟ‬هللاُ َ‪ِ َِ َِْٓ ٚ‬ؼ َ‪ ٟ‬أَ ْ‪َ ٚ‬س ِح ََّٕب فَ َّْٓ ‪ِ ُ٠‬ج‪ُ ١‬ش اٌ َىبفِ ِش‪َ ِِْٓ َٓ٠‬ػ َزا ٍ‬
‫ة‬
‫‪{ ]ُ١‬اٌٍّه‪ ،}11:‬الخطاب ىنا لممشركين‪ ،‬أي أخبروني إن أىمكني اهلل ومن معي من المؤمنين‬ ‫أٌَِ ٍ‬
‫بالعذاب‪ ،‬أو رحمنا فمم يعذبنا‪ ،‬ف َمن ذا الذي ينجيكم مع كفركم من العذاب؟ فبل أحد ينجيكم سواء‬
‫(‪)3‬‬
‫ومن معو من المؤمنين كما كان يتمنى الكفار أو أميميم‪.‬‬
‫أىمك اهلل الرسول َ‬
‫(فمثن يجيثركم) بثل قثال‬
‫وقد ذكر تعالى (أرأيتم) خطاباً لمشركي مكة‪ ،‬وفي خاتمة اْلية لم يقل تعثالى َ‬
‫(فمثثن يجيثثر الكثثافرين) وفثثي ىثثذا اإلظيثثار لمفثثظ (الكثثافرين) إشثثارةٌ إلثثى أنيثثم كثثافرون و ذ‬
‫أن عمثثة الحكثثم‬ ‫َ‬
‫عمثثييم بالعثثذاب ىثثي الكفثثر‪ ،‬و(ال) فثثي (الكثثافرين) لمجثثنس أي المخثثاطبين مثثن مشثثركي مكثثة وغيثثرىم‬
‫(‪)4‬‬
‫ممن يأتي بعدىم‪.‬‬
‫قال أبو السعود‪" :‬ووضع (الكافرين) موضع ضميرىم لمتسجيل عمييم بالكفر‪ ،‬وتعميل نفي اإلنجاء‬
‫بو"(‪.)5‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬التقديم والتأخير‬
‫إن (التقثثديم والتثثأخير) فثثي المغثثة العربيثثة يقثثف دلثثيبلً سثثاطعاً عمثثى مثثا تكتن ثزه المغثثة العربيثثة مثثن طاقثثات‬
‫إن طاقثات اإليحثاء ومسثتويات الداللثة‬ ‫إيحائية‪ ،‬ومستويات تعبيرية‪ ،‬قمما توجد في لغة مثن المغثات‪ .‬إذ ذ‬
‫المعنثى تبعثاً لمذفثظ‪ ،‬وحالثة‬
‫َ‬ ‫تتماوج مع حركة المفثظ فثي الجممثة مثن حيثث تقدمثو أو تثأخره‪ ،‬بحيثث يكثون‬
‫استق ارره في الجممة‪.‬‬

‫(‪ )1‬إرشاد العقل السميم (‪.)280/6‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬إرشاد العقل السميم (‪.)281/6‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬فتح القدير‪ ،‬لمشوكاني (‪.)371/5‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬روح المعاني (‪.)150/21‬‬
‫(‪ )5‬إرشاد العقل السميم (‪.)282/6‬‬

‫‪811‬‬
‫الظواهر البالغية في سورة الممك‬

‫"إذنثثو بث ٌ‬
‫ثاب كثيث ُثر الفوائثثد‪ ،‬جثثم المحاسثثن‪ ،‬واسثثعُ التصثثرف‪ ،‬وال تَث از ُل تثثرى شثثع اًر يروقثثك مسثثمعو‪ ،‬ويمطثثف‬
‫وحول المذفظ‬
‫شيء‪ ،‬ذ‬‫ٌ‬ ‫أن قُ ّدم فيو‬
‫أن راقثك ولطث ثف عندك ْ‬ ‫بب ْ‬
‫لدي ثك موقع ث ثو‪ ،‬ثم تَنظث ثر فتجث ثد س ث َ‬
‫عن مكان إلى مكان"(‪. )1‬‬
‫المعنثثى فثثي الجممثثة وفثثق ترتيبثثات‬
‫َ‬ ‫رصثثد حركثثة‬‫ظم القائمثثة عمثثى ْ‬‫فمنثثذ اكتشثثاف الجرجثثاني‪ ،‬نظريثثة ال ثذن ْ‬
‫أن تقثثف عمثثى أس ثرار الجمثثال‪ ،‬وم ثواطن‬ ‫ِ‬
‫محاول ثةً ْ‬ ‫قواعثثد عمثثم النحثثو‪ ،‬والد ارسثثات تتثثرى فثثي ىثثذا المجثثال‬
‫اإلعجاب فيو‪.‬‬
‫صثثحيح ذ‬
‫أن‬ ‫(‪)2‬‬
‫وقثثد اكتفثثى سثثيبويو فثثي تعميمثثو ظ ثواىر التذقثثديم والتذثثأخير فثثي الجممثثة بالعنايثثة واالىتمثثام‪.‬‬
‫نقصثثر الغثثرض الببلغثثي لمتقثثديم‬
‫العنايثثة واالىتمثثام مثثن جماليثثات التقثثديم والتثثأخير‪ ،‬لكثثن ال يمكثثن أن ُ‬
‫والتأخير عمى ذلك فقط‪.‬‬
‫وقد قسم الجرجاني التقديم والتأخير إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ -1‬تقثثديم عمثثى نيثثة التثثأخير‪" :‬وذلثثك فثثي كثثل شثثيء أقررتثثو مثثع التقثثديم عمثثى حكمثثو الثثذي كثثان عميثثو‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وكثثذلك فيمثثا يخ ثثتص بمتعمق ثثات العامثثل‪،‬‬ ‫كثثالمفعول إذا قدمتثثو عمثثى الفاعثثل ( ضثثرب عمثث اًر زيثثد) "‬
‫كتقديم المفعول بو عمى فعمو‪ ،‬وتقديم الحال عمى فعمو‪ ،‬وتقديم الظرف والجار والمجرور عمى فعميمثا‪،‬‬
‫وتقديم الخبر عمى المبتدأ‪ ،‬وىو في الغالب يفيد االختصاص"(‪.)4‬‬
‫‪ -2‬تقديم ال عمى نية التأخير‪" :‬ولكن عمى أن تنقل الشثيء عثن حكثم إلثى حكثم‪ ،‬وتجعثل لثو بابثاً غيثر‬
‫بابو‪ ،‬واعراباً غير إعرابو‪ ،‬وذلك أن تجيء إلى اسثمين يحتمثل كثل واحثد منيمثا أن يكثون مبتثدأ ويكثون‬
‫اْلخر خب اًر لو‪ ،‬فتقدم تارة ىذا عمى ذاك كقولك‪( :‬ضربت زيداً) و(زيداً ضربتو)"(‪.)5‬‬
‫فيثثو إذن تقثثديم ألفثثاظ بعضثثيا عمثثى بعثثض فثثي غيثثر عامثثل‪ ،‬كتقثثديم لفثثظ عمثثى آخثثر‪ ،‬فثثي‬
‫موضع‪ ،‬ثم تأخيره في موضع آخر‪.‬‬
‫(‪)6‬‬
‫وكذلك‬ ‫غرض التقديم والتأخير مراعاة رؤوس اْليات أي السجع‪،‬‬
‫واعتبر العموي أن أحد أ ا‬
‫وكذلك كثير من المفسرين يقولون بالمشاكمة ومراعاة الفواصل ويقصدون رؤوس اْليات‪.‬‬

‫(‪ )1‬دالئل اإلعجاز‪( ،‬ص‪.)77:‬‬


‫(‪ )2‬الكتاب‪ ،‬لسيبويو (‪.)6/1‬‬
‫(‪ )3‬دالئل اإلعجاز‪( ،‬ص‪.)77 :‬‬
‫(‪ )4‬التعبير القرآني‪ ،‬لفاضل السامرائي‪( ،‬ص‪.)49:‬‬
‫(‪ )5‬دالئل اإلعجاز‪( ،‬ص‪.)77 :‬‬
‫(‪ )6‬الطّراز المتضمن ألسرار الببلغة وعموم حقائق اإلعجاز‪ ،‬ليحيى بن حمزة العموي (‪.)71/2‬‬

‫‪811‬‬
‫د‪ .‬رياض قاسم‬

‫كثير من البيانيين ال يقولون بالسجع (‪ ،)1‬ومن المفسرين من يرى أن ىذا ال يميق بكبلم‬
‫لكن اً‬
‫الرازي‪" :‬واعجاز القرآن ليس في السجع‪ ،‬وذلك ألن الشاعر يختار المفظ‬ ‫اهلل –تعالى‪ -‬حيث يقول ذ‬
‫الفاسد لضرورة الشعر والسجع‪ ،‬ويجعل المعنى تبعاً لمذفظ‪ ،‬واهلل –تعالى‪ -‬بيذن الحكمة عمى ما ينبغي‪،‬‬
‫وجاء بالمفظ عمى ما ينبغي"(‪.)2‬‬
‫والثثذي ي ثراه الباحثثث ذ‬
‫أن ىثثذا التعميثثل لمتقثثديم والتثثأخير –م ارعثثاة ل ثرؤوس اْليثثات‪ -‬أمث ٌثر غيثثر‬
‫ذ‬
‫رب العثالمين ال‬ ‫أن اهلل –تعثالى‪ -‬قثدم وأ ذخثر مثن أجثل السثجع‪ ،‬فك ُ‬
‫ثبلم ٍّ‬ ‫مقبول‪ ،‬إذ إنو من غيثر المعقثول ذ‬
‫شكل بعينو‪ .‬فكل كممثة مثن كممثات القثرآن الكثريم فثي موضثعيا التثي‬ ‫طر إلى ٍ‬ ‫يخضع لضرورة‪ ،‬وال ُيض َ‬
‫ىي فيو معجزة من ناحيتين‪ ،‬من ناحية المبنى ومن ناحية المعنى الذي اشتممت عميو‪.‬‬
‫ظثم القثرآن‪ ،‬ليتسثنى كشثف َمثواطن جمالذيثة‬ ‫لذا يجثب إمعثان الذنظثر والتذأمثل فثي جماليثات التذركيثب فثي َن ْ‬
‫المعنثثى ودقتثثو وتمامثثو مثثع مثثا يحممثثو‬
‫َ‬ ‫أمث ُثر سثثبلمة‬
‫أن يجتمثثع األمثران معثاً‪ْ ،‬‬
‫أخثثرى‪ ،‬فمثثن تمثثام اإلعجثثاز ْ‬
‫أم ُثر م ارعثاة جمالذيثات سثبك العبثارة‪ ،‬وعذوبثة قفثل اْليثة بيثا‬ ‫ذ‬
‫من وجثوه ببلغيثة مختمفثة يشثع بيثا المفثظ‪ ،‬و ْ‬
‫ٍ‬
‫وآيات تتموىا‪.‬‬ ‫مراعاةً إليقاع آي ٍ‬
‫ات سبقتيا‪،‬‬
‫والجدول اآلتي يبين المواضع التي جاء فيها تقديم وتأخير‪ ،‬وهي خمسة عشر موضعاً‪:‬‬
‫رقم اآلية‬ ‫اآلية‬ ‫مسمسل‬
‫‪1‬‬ ‫ك‬‫المْم ُ‬ ‫ذِ ِ ِ ِ‬
‫الذي بَيده ُ‬ ‫‪1‬‬
‫‪1‬‬ ‫َو ُى َو َعمَى ُك ٍّل َش ْي ٍء قَِد ٌير‬ ‫‪2‬‬
‫‪4‬‬ ‫اسًئا َو ُى َو َح ِس ٌير‬
‫ب ِإلَ ْي َك البصر َخ ِ‬
‫َ َُ‬ ‫َي ْن َقِم ْ‬ ‫‪3‬‬
‫‪5‬‬ ‫ير‬ ‫َعتَ ْدَنا لَيم ع َذاب الس ِ‬
‫ذع ِ‬ ‫َوأ ْ‬ ‫‪4‬‬
‫ُْ َ َ‬
‫‪6‬‬ ‫وِلمذِذين َكفَروا بِرٍّب ِيم ع َذاب جيذنم وبِ ْئس الم ِ‬
‫ص ُير‬ ‫‪5‬‬
‫َ َ ُ َ ْ َ ُ َََ َ َ َ‬
‫‪7‬‬ ‫َس ِم ُعوا لَيَا َش ِييقًا‬ ‫‪6‬‬
‫‪8‬‬ ‫ُكمذ َما أُْل ِق َي ِفييَا فَ ْوٌج‬ ‫‪7‬‬
‫‪12‬‬ ‫َجٌر َكبِ ٌير‬ ‫لَيُ ْم َم ْغ ِف َرةٌ َوأ ْ‬ ‫‪8‬‬
‫‪15‬‬ ‫ض َذلُوًال‬ ‫ذِ‬
‫ُى َو الذي َج َع َل َل ُك ُم األ َْر َ‬ ‫‪9‬‬
‫‪15‬‬ ‫ور‬ ‫ِ‬
‫َوِالَ ْيو الن ُش ُ‬ ‫‪10‬‬
‫‪17‬‬ ‫أَن يرِس َل عمَ ْي ُكم ح ِ‬
‫اصًبا‬ ‫‪11‬‬
‫َ ْ َ‬ ‫ْ ُْ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الخصائص‪ ،‬ألبي الفتح عثمان بن جني‪( ،‬ص‪.)250:‬‬


‫(‪ )2‬مفاتيح الغيب (‪.)82/15‬‬

‫‪811‬‬
‫الظواهر البالغية في سورة الممك‬

‫‪19‬‬ ‫ِإذنو بِ ُك ٍّل َشي ٍء ب ِ‬


‫ص ٌير‬ ‫‪12‬‬
‫ْ َ‬ ‫ُ‬
‫‪24‬‬ ‫ون‬ ‫ِ‬
‫َوِالَ ْيو تُ ْح َش ُر َ‬ ‫‪13‬‬
‫ِ‬ ‫ذِ‬
‫‪27‬‬ ‫يل َى َذا الذي ُك ْنتُ ْم بِو تَ ذد ُع َ‬
‫ون‬ ‫َوِق َ‬ ‫‪14‬‬
‫‪29‬‬ ‫َمذنا بِ ِو َو َعمَ ْي ِو تََو ذكْمَنا‬
‫الر ْح َم ُن آ َ‬
‫ُق ْل ُى َو ذ‬ ‫‪15‬‬
‫نماذج لمتقديم والتأخير وبيان األغراض البالغية التي تترتب عمى ذلك‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬قال تعالى‪[ :‬رَجَب َس َن اٌَّ ِز‪ ٞ‬ثِ‪ِ َ١‬ذ ِٖ اٌ ُّ ٍْ ُه َ‪َ َٛ ُ٘ ٚ‬ػٍَ‪ُ ٝ‬و ًِّ ش َْ‪ٍ ٟ‬ء لَ ِذ‪ٌ ٠‬ش] {اٌٍّه‪}8:‬‬
‫أي تعاظم وتعثالى وتَمجذثد الثذي بيثده ممثك الثدنيا واْلخثرة‪ ،‬يتصثرف فييثا بمثا شثاء‪ ،‬وىثو عمثى مثا يشثاء‬
‫(‪)1‬‬
‫فعمو ذو قُد ٍرة مطمقة‪ ،‬ال يمنعو أو يعجزه شيء‪.‬‬
‫(الممك) وذلك إلفادة االختصاص‪،‬‬
‫وقد تقدم شبو الجممة –المسند‪( -‬بيده) عمى المبتدأ ‪-‬المسند إليو‪ُ -‬‬
‫ٍ‬
‫شيء) عمى متعمقيا (قدير) وذلك‬ ‫أي الممك كائن بيده ال بيد غيره‪ ،‬وتقدمت شبو الجممة (عمى كل‬
‫إلفادة عموم القدرة عمى كل شيء واختصاصو تعالى بذلك‪ ،‬فمو كان تركيب الجممة عمى األصل ببل‬
‫قدير عمى كل شيء) فكان فييا إثبات معنى القدرة أوالً ومن ثَذم إثبات شمولية ىذه القدرة‬
‫تقديم (وىو ٌ‬
‫عمى كل األشياء ثانياً‪ ،‬أ ذما تقديم شبو الجممة (عمى كل شيء) ففيو إثبات الشمولية لمعنى القدرة ومن‬
‫ثَذم إسنادىا هلل –تعالى‪ -‬واختصاصو بيذه الصفة دون غيره‪ ،‬فاألذىان قد تتوىم أن ىناك َمن يشارك‬
‫المولى في صفاتو‪ ،‬فيأتي التقديم والتأخير ليزيل ىذا الوىم‪ ،‬ويثبت معنى الصفة هلل بشموليا وكماليا‪،‬‬
‫فرد بالعبودية واإلليية‪ ،‬وفي ذلك إشارة إلى إبطال دعاوى المشركين في‬ ‫أن ُي َ‬
‫فيو إذن الذي يستحق ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫ألوىية أصناميم‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬قال تعالى‪[ :‬اَِّْ اٌَّ ِز‪ْ َ٠ َٓ٠‬خش َْ‪َ َْٛ‬سثَّ ُ‪ ُْ ٙ‬ثِبٌ َغ ْ‪ِ ١‬‬
‫ت ٌَ ُ‪ْ َِ ُْ ٙ‬غفِ َشحٌ َ‪ٚ‬أَ ْج ٌش َوجِ‪ٌ ١‬ش] {الولك‪}12:‬‬
‫تتحثثدث اْليثثة عثثن حثثال المثثؤمنين يثثوم القيامثثة‪ ،‬الثثذين كممثثا ازدادوا فثثي الطاعثثة ازدادوا خشثثية مثثن اهلل‪،‬‬
‫اجؼُو‪{ ] َْٛ‬اٌّئِٕو‪ }11:ْٛ‬فيثم يخثافون أال‬ ‫[ َ‪ٚ‬اٌَّ ِز‪ُ٠ َٓ٠‬ئْ رُ‪َِ َْٛ‬ب آَر َْو‪ٛ‬ا َ‪ٚ‬لٍُُو‪ٛ‬ثُ ُ‪ِ َٚ ُْ ٙ‬جٍَوخٌ أََّٔ ُ‪ٙ‬و ُْ اٌَِو‪َ ٝ‬سثِّ ِ‪ٙ‬و ُْ َس ِ‬
‫تقب ثثل أعم ثثاليم‪ ،‬ويتوقع ثثون العقوب ثثة‪ ،‬ى ثثذا كم ثثو وى ثثم ال ي ثثرون اهلل وال ي ثثرون عقاب ثثو‪ ،‬وال أح ثثد يث ثراىم ف ثثي‬
‫خم ثواتيم‪ ،‬فيثثم ال ُيقثثدمون عمثثى معصثثيتو تعثثالى وال ُيقصثثرون فيمثثا أمثثر بثثو‪ ،‬فج ثزاء ذلثثك كمثثو المغف ثرة‬
‫واألجثثر الكبيثثر فثثي اْلخ ثرة‪ ،‬فميثثم المغف ثرة لثثذنوبيم وبالتثثالي يقثثييم عثثذاب الجحثثيم‪ ،‬وليثثم فثثي الجنثثة مثثن‬
‫(‪)3‬‬
‫النعيم المقيم والقصور والحور العين والولدان ورضا الرحمن‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬جامع البيان (‪.)504/23‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬التحرير والتنوير (‪ ،)11/29‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كبلم المنان‪( ،‬ص‪.)251:‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كبلم المنان‪( ،‬ص‪.)876:‬‬

‫‪817‬‬
‫د‪ .‬رياض قاسم‬

‫وقثثد تقثثدم الجثثار والمجثثرور (ليثثم) المتعمثثق بثثالخبر المحثثذوف وذلثثك لبلىتمثثام بثثالمؤمنين‪ ،‬و ذ‬
‫ألن المبتثثدأ‬
‫(مغفثرةٌ) جثثاء نك ثرة فثثبل يجثثوز البثثدء بثثو‪ ،‬والتقثثدير (مغف ثرة وأجثثر كبيثثر كائنثثان ليثثم)‪ ،‬وقثثد تق ث ذدمت أيض ثاً‬
‫إن الخشثية محميثا القمثب‪ ،‬وجثاءت بعثدىا البشثارة‬ ‫المغفرة عمى األجر الكبير‪ ،‬وذلك تطميناً لقمثوبيم‪ ،‬إذ ذ‬
‫الضر مق ذد ٌم عمى جمب الذنفع‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ّ‬ ‫باألجر العظيم‪ ،‬ىذا عمى قاعدة تقديم التخمية عمى التحمية‪ ،‬أو دفع‬
‫أن يسثثتريحوا‬
‫لم ثا كانثثت الخشثثية مشثثيرة إلثثى خشثثيتيم مثثن عقثثاب اهلل عمثثى الثثذنوب‪ ،‬وأن ى ذميثثم ْ‬
‫أي أنثثو ّ‬
‫أن اهلل محاىثثا وسثثترىا ليثثم‪ ،‬ولمثثا كانثثت الخشثثية متضثثمنة الخثثوف‪ ،‬و ذ‬
‫أن الثثذي‬ ‫منيثثا قث ّثدم المغف ثرة‪ ،‬أي ذ‬
‫يخشثثى اهلل تعثثالى يجثثد فثثي الثثدنيا مثثن اْلالم والشثثدائد‪ ،‬عقثثب بثثاألجر الكبيثثر ُليثثدخل السثثرور عمثثييم‪،‬‬
‫والسثثرور يكثثون باإلعطثثاء والث ثواب فكثثان ج ثزاؤىم األجثثر الكبيثثر‪ ،‬فالفاصثثمة بيثثذا التركيثثب تبثثين تفضثثل‬
‫فتصغر أمام‬
‫ُ‬ ‫وكث ثرم اهلل تعالى عمى عباده عمى خشيتيم لو بما تتضمنو الخشية من المعاني‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ىذا العطاء كل المصائب والشدائد‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬قال تعالى‪ َٛ ُ٘ [ :‬اٌَّ ِز‪َ ٞ‬ج َؼ ًَ ٌَ ُى ُُ األَ ْس َ‬
‫ض َرٌُ ً‬
‫‪َٛ‬ل فَب ِْشُ‪ٛ‬ا فِ‪ََِٕ ٟ‬ب ِو ِج َ‪ٙ‬ب َ‪ُ ٚ‬وٍُ‪ٛ‬ا ِِْٓ ِس ْصلِ ِٗ َ‪ٚ‬اٌَِ ْ‪ِٗ ١‬‬
‫إٌُّشُ‪ُ ٛ‬س] {الولك‪}15:‬‬
‫ثأن ذلذثل ليثم األرض‪ ،‬يسثعون فثي نواحييثا وجوانبيثا‪ ،‬ويثأكمون مثن‬ ‫ىذا امتنان من اهلل ‪ ‬عمى عبثاده ب ْ‬
‫ثأن نشثورىم إليثو‪ ،‬والنشثور يكثون مثن القبثور‬
‫رزق اهلل الذي أخرجو ليم من األرض‪ ،‬ثم ُيثذكرىم تعثالى ب ّ‬
‫بالبعث بعد الموت‪ ،‬ليسأليم عن شكر ىذه النعمثة‪ ،‬التثي ىثي عبلمثة دالثة عمثى قدرتثو ‪ ‬فثي الخمثق‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وتصرفو المطمق في ممكو‪.‬‬
‫وقثثد تقثثدم الجثثار والمجثثرور (لكثثم) عمثثى المفعثثول بثثو (األرض) إلظيثثار ىثثذا االمتنثثان‪ ،‬وأنثثو –تعثثالى‪-‬‬
‫أن حقذو التأخر عنيمثا‬
‫ميتم بعباده ال ييمميم‪ ،‬قال أبو السعود‪" :‬وتقديم (لكم) عمى مفعولي الجعل مع ذ‬
‫ٌّ‬
‫ُخثر ال سثيما عنثد كثون المقث ذدم ممثا‬ ‫لبلىتمام بما ق ذدم‪ ،‬والتشويق إلى مثا أ ذخثر‪ ،‬ف ذ‬
‫ثإن مثا حقّثو التقثديم إذا أ ّ‬
‫يثثدل عم ثى كثثون المثثؤخر مثثن منثثافع المخثثاطبين تبق ثي الثثنفس مترقب ثةً لثثوروده‪ ،‬فيثثتمكن لثثدييا عنثثد ذك ثره‬
‫فضل تمكن"(‪.)4‬‬
‫وفثثي قولثثو تعثثالى (واليثثو النشثثور) قثثد تقثثدم الجثثار والمجثثرور المتعمثثق بثثالخبر المحثثذوف عمثثى المبتثثدأ‪،‬‬
‫صائر إليو‪ ،‬وذلك إلفادة االختصاص‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫فالتقدير‪ :‬النشور‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬التحرير والتنوير (‪.)29/29‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬نظم الدرر (‪.)75/8‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬تفسير البحر المحيط‪ ،‬أبو حيان األندلسي (‪.)295/8‬‬
‫(‪ )4‬إرشاد العقل السميم (‪.)278/6‬‬

‫‪811‬‬
‫الظواهر البالغية في سورة الممك‬

‫س ُى ُ‪ َّٓٙ‬اِ ََّل اٌ َّش ْح َُّٓ أَُِّٗ ثِ ُى ًِّ‬ ‫د َ‪ْ َ٠ٚ‬مجِ ْ‬


‫عَٓ َِب ‪ِ ّْ ُ٠‬‬ ‫رابعاً‪ :‬قال تعالى‪[ :‬أَ َ‪َ َ٠ ُْ ٌَٚ‬ش ْ‪ٚ‬ا اٌَِ‪ ٝ‬اٌطَّ ْ‪ِ ١‬ش فَ ْ‪ٛ‬لَ ُ‪َ ُْ ٙ‬‬
‫صبفَّب ٍ‬
‫ص‪ٌ ١‬ش] {الولك‪}19:‬‬ ‫ش َْ‪ٍ ٟ‬ء ثَ ِ‬
‫جاءت اْلية بمزيد من الدالئل عمى قدرتو تعالى‪ ،‬وأذنو المتصرف في ىذا الكون كيفمثا يشثاء‪ ،‬فثأنكرت‬
‫اْليثثة عمثثى المشثثركين عثثدم انتفثثاعيم بثثأحوال الطيثثر فثثي نظثثام حركاتيثثا فثثي حثثال طيرانيثثا‪ ،‬فحثثال ىثثذه‬
‫أقث ثثوى داللث ثثة عمث ثثى عجيث ثثب صث ثثنع اهلل‪ ،‬فالث ثثذي يمسث ث ذ‬
‫ثكين ىث ثثو الث ثثرحمن وذلث ثثك لعمث ثثوم عممث ثثو وحكمتث ثثو‪،‬‬
‫و(البصثثير) مشث ٌّ‬
‫ثتق مثثن (البصثثيرة) بمعنثثى العمثثيم‪ ،‬ولثثيس الم ثراد منثثو الوصثثف الثثذي ىثثو مثثن األسثثماء‬
‫ثف‪ ،‬وتقثثدمت شثثبو الجممثثة (بكثثل شثثيء) عمثثى متعمقيثثا‬ ‫الحسثثنى‪ ،‬فالبصثثير خبث ٌثر عثثن اهلل تعثثالى ال وصث ٌ‬
‫ثيء‪ ،‬حتثى قثال‬ ‫أن اهلل ال يعمثم كث ذل ش ٍ‬ ‫رداً عمى َمثن زعثم ذ‬ ‫قمب ّ‬‫(بصير) وذلك إلفادة القصر‪ ،‬وىو قصر ٍ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫(‪)1‬‬
‫بعضيم لبعض أسروا قولكم حتى ال يسمعنا اهلل‪.‬‬
‫‪]ٓ١‬‬‫ظ ََل ٍي ُِجِ ٍ‬ ‫خامساً‪ :‬قال تعالى‪[ :‬لُ ًْ ُ٘ َ‪ ٛ‬اٌ َّش ْح َُّٓ آَ ََِّٕب ثِ ِٗ َ‪َ ٚ‬ػٍَ ْ‪ ِٗ ١‬رَ َ‪َّ ٛ‬و ٍَْٕب فَ َ‬
‫سزَ ْؼٍَ ُّ‪ َٛ ُ٘ َِْٓ َْٛ‬فِ‪َ ٟ‬‬
‫{الولك‪}29:‬‬
‫ثف بالرحمثثة وقثثد آمثثن بثثو النبثثي ‪ ‬ومثثن معثثو مثثن المسثثممين‪ ،‬وتوكم ثوا‬ ‫بينثثت اْليثثة ذ‬
‫أن اهلل تعثثالى متصث ٌ‬
‫عميو‪ ،‬وفي ذلك تعريض باختصاص الرحمة بمن آمن بثاهلل تعثالى وانتفاءىثا عثن الكثافرين بثو‪ ،‬فحقيقثة‬
‫الكثثافرين أنيثثم فثثي ضثثبلل مبثثين‪ ،‬إذ إنيثثم جحثثدوا اسثثم الثثرحمن وكفثثروا بثثو وتوكمثوا عمثثى أصثثناميم‪ ،‬وقثثد‬
‫تأ ذخر ىنا مفعول (آمنا) عمى األصل‪ ،‬وتق ذدم مفعول (توكمنا) ذلك أن جممة (آمنا بو) جثاءت إثثر ذكثر‬
‫الكافرين في خاتمة اْلية التي تسبقيا (فمن يجير الكثافرين مثن عثذاب ألثيم) وذلثك تعريضثاً بالكثافرين‪،‬‬
‫وفثثي الجممثثة الثانيثثة تق ث ذدم المتعمٍّثثق (عميثثو) عمثثى متعمقثثو (توكمنثثا) وذلثثك مثثن أجثثل إفثثادة االختصثثاص‪،‬‬
‫فالمعنى‪ :‬قل ليم يا محمد إن الذي ينجثي مثن العثذاب األلثيم ىثو الثرحمن‪ ،‬الثذي آمنثا بثو ولثم نكفثر بثو‬
‫كما كفرتم‪ ،‬وتوكمنثا عميثو خاصثة دون غيثره ولثم نتكثل عمثى مثا أنثتم تتكمثون عميثو مثن الجثاه والمنصثب‬
‫(‪)2‬‬
‫والمال‪ ،‬فستعممون عن قريب أي الفريقين نحن أم أنتم في ضبلل واضح‪.‬‬
‫المطمب الثالث ‪ :‬التعريف والتنكير‬
‫أوال‪ :‬التعريف‬
‫ٍ‬
‫(‪)3‬‬
‫شيء بعينو‪".‬‬ ‫ضع ليدل عمى‬ ‫قال الجرجاني‪" :‬التعريف ما و ِ‬
‫ُ‬
‫وقد ورد التعريف في مواضع عديدة من السورة بفوائده المختمفة‪ ،‬نذكر منيا‪:‬‬
‫‪ -1‬قال تعالى‪[ :‬رَجَب َس َن اٌَّ ِز‪ ٞ‬ثِ‪ِ َ١‬ذ ِٖ اٌ ُّ ٍْ ُه َ‪َ َٛ ُ٘ ٚ‬ػٍَ‪ُ ٝ‬و ًِّ ش َْ‪ٍ ٟ‬ء لَ ِذ‪ٌ ٠‬ش] {الولك‪}1:‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬التحرير والتنوير (‪.)40/29‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬الكشاف (‪ ،)588/4‬التحرير والتنوير (‪.)40/29‬‬
‫(‪ )3‬التعريفات‪( ،‬ص‪.)283:‬‬

‫‪811‬‬
‫د‪ .‬رياض قاسم‬

‫(المْمك) معرفة‪ ،‬والتعريف ىنا لمجنس‪ ،‬أي جنس الممموكات كميا‪ ،‬قال الطاىر‪:‬‬
‫وقد جاء لفظ ُ‬
‫(الممك) عمى ىذا الوجو تعريف الجنس الذي يشمل جميع أفراد الجنس‪ ،‬وىو‬‫"والتعريف في ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫االستغراق‪ ،‬فما يوجد من أفراده فرد إالّ وىو مما في قدرة اهلل‪ ،‬فيو يعطيو وىو يمنعو‪".‬‬
‫‪ -2‬قال تعالى‪َ٠َٚ [ :‬مُ‪َِ ٌَُْٛٛ‬زَ‪َ َ٘ ٝ‬زا اٌ َ‪ْ ٛ‬ػ ُذ اِْْ ُو ْٕزُ ُْ َ‬
‫صب ِدلِ‪ * َٓ١‬لُ ًْ أَِّ َّب اٌ ِؼ ٍْ ُُ ِػ ْٕ َذ هللاِ َ‪ٚ‬أَِّ َّب أََٔب َٔ ِز‪ٌ ٠‬ش‬
‫ُِجِ‪{ ] ٌٓ١‬الولك‪.}26-25:‬‬
‫وقد جاء لفظ (العمم) معرفة‪ ،‬والتعريف فييا لمعيد‪ ،‬فيكون المعنى‪ :‬العمم بيذا الوعد الذي تسألون‬
‫عنو‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التنكير‬
‫ٍ‬
‫(‪)2‬‬
‫لشيء ال بعينو كرجل وفرس‪".‬‬ ‫ضع‬ ‫قال الجرجاني‪" :‬النكرة ما و ِ‬
‫ُ‬
‫وقال أحمد البدوي‪" :‬والنكرة تفيد معناىا مطمقا من كل قيد‪ ،‬أما ما يذكره عمماء الببلغة من معان‬
‫استفيدت من النكرة‪ ،‬فإنيا لم تفدىا بطبيعتيا‪ ،‬وانما استفادتيا من المقام الذى وردت فيو‪ ،‬فكأنما‬
‫المقام ىو الذى يصف النكرة‪ ،‬ويحدد معناىا‪ ،‬فكممة حياة مثبل تدل عمى معناىا المجرد‪ ،‬والمقام‬
‫(‪)3‬‬
‫ييبيا معنى التحقير حينا‪ ،‬والتعظيم حينا آخر‪ ،‬والنوعية من موضع ثالث"‬
‫والجدول اآلتي يبين بعض المواضع التي ورد فيها التنكير وأغراضه البالغية‪:‬‬
‫الغرض الببلغي‬ ‫الكممة‬ ‫رقميا‬ ‫اْلية‬ ‫مسمسل‬
‫التعظيم‬ ‫قدير‬
‫ٌ‬ ‫‪1‬‬ ‫َو ُى َو َعمَى ُك ٍّل َش ْي ٍء قَِد ٌير‬ ‫‪1‬‬
‫العموم‬ ‫تفاوتٍ‬ ‫‪3‬‬ ‫الر ْح َم ِن ِم ْن تَفَ ُاو ٍت‬
‫ق ذ‬ ‫َما تََرى ِفي َخْم ِ‬ ‫‪2‬‬
‫التعظيم‬ ‫بمصابيح‬ ‫‪5‬‬ ‫صابِ َ‬
‫يح‬ ‫اء الد ْنَيا بِ َم َ‬‫ذم َ‬‫َولَقَ ْد َزذيذنا الس َ‬ ‫‪3‬‬
‫التحقير‬ ‫فوٌج‬ ‫‪8‬‬ ‫ُكمذ َما أُْل ِق َي ِفييَا فَ ْوٌج َسأَلَيُ ْم َخ َزَنتُيَا‬ ‫‪4‬‬
‫العموم‬ ‫ٍ‬
‫شيء‬ ‫‪9‬‬ ‫فَ َك ذذ ْبَنا َوُقْمَنا َما َن ذز َل اهللُ ِم ْن َش ْي ٍء‬ ‫‪5‬‬
‫التعظيم‬ ‫مغفرةٌ‬ ‫‪12‬‬ ‫لَيُ ْم َم ْغ ِف َرةٌ َوأ ْ‬
‫َجٌر َكبِ ٌير‬ ‫‪6‬‬
‫التيويل‬ ‫حاصباً‬ ‫‪17‬‬ ‫اصًبا‬‫أَن يرِس َل عمَ ْي ُكم ح ِ‬ ‫‪7‬‬
‫َ ْ َ‬ ‫ْ ُْ‬
‫التنويع والتكثير‬ ‫ٍ‬
‫صافات‬ ‫‪19‬‬ ‫أَولَم يروا ِإلَى الطذ ْي ِر فَوقَيم صافذ ٍ‬
‫ات‬ ‫‪8‬‬
‫ْ ُْ َ‬ ‫َ ْ ََ ْ‬
‫التعظيم‬ ‫بصير‬ ‫‪19‬‬ ‫ص ٌير‬ ‫ِإذنو بِ ُك ٍّل َشي ٍء ب ِ‬ ‫‪9‬‬
‫ٌ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬

‫(‪ )1‬التحرير والتنوير(‪.)10/29‬‬


‫(‪ )2‬التعريفات‪ ،‬لمجرجاني‪( ،‬ص‪.)316:‬‬
‫(‪ )3‬من ببلغة القرآن‪ ،‬أحمد البدوي‪( ،‬ص‪.)102 :‬‬

‫‪811‬‬
‫الظواهر البالغية في سورة الممك‬

‫التحقير‬ ‫جند‬ ‫‪20‬‬ ‫ص ُرُك ْم‬ ‫ذِ‬


‫ٌ‬ ‫أَ ذم ْن َى َذا الذي ُى َو ُج ْن ٌد لَ ُك ْم َي ْن ُ‬ ‫‪10‬‬
‫العموم‬ ‫ٍ‬
‫غرور‬ ‫‪20‬‬ ‫ور‬‫ون ِإ ذال ِفي ُغ ُر ٍ‬ ‫ِ‬
‫ِإ ِن ال َكاف ُر َ‬ ‫‪11‬‬
‫التنويع‬ ‫ٍ‬
‫ونفور‬ ‫عتو‬
‫ٍّ‬ ‫‪21‬‬ ‫َب ْل لَجوا ِفي ُعتٍُّو َوُنفُ ٍ‬
‫ور‬ ‫‪13،12‬‬
‫التيويل والتفظيع‬ ‫ٍ‬
‫عذاب‬ ‫‪28‬‬ ‫اب أَِل ٍيم‬
‫ين ِم ْن َع َذ ٍ‬ ‫ِ‬
‫فَ َم ْن ُي ِج ُير ال َكاف ِر َ‬
‫‪14‬‬
‫‪َٚ ٓ١‬أَ ْػزَ ْذَٔب ٌَ ُ‪َ ُْ ٙ‬ػ َز َ‬
‫اة‬ ‫بغ ِ‬ ‫‪١‬ح َ‪َ ٚ‬ج َؼ ٍَْٕبَ٘ب ُس ُج‪ًِ ٛ‬ب ٌٍِ َّ‬
‫ش‪ِ َ١‬‬ ‫صبثِ َ‬ ‫‪ -1‬قال تعالى‪ٌََٚ [ :‬مَ ْذ َص‪ََّّٕ٠‬ب اٌ َّ‬
‫س َّب َء اٌ ُّذ ْٔ‪َ١‬ب ثِ َّ َ‬
‫س ِؼ‪ِ ١‬ش] {الولك‪}5:‬‬
‫اٌ َّ‬
‫جاءت كممة (مصابيح) نكرة‪ ،‬فمم يقل تعالى (بالمصابيح) وذلك لتفيد تعظيم تمك المصابيح‪ ،‬فيي‬
‫ليست مصابيح كالمعيودة لديكم في الدنيا؛ وانما ىي مصابيح عظيمة ال توازييا مصابيحكم إضاءةً‬
‫(‪)1‬‬
‫ومنفعة‪.‬‬
‫قال الطبري‪ :‬قال قتادة‪ :‬إن اهلل ‪-‬ج ّل ثناؤه‪ -‬إنما خمق ىذه النجوم لثبلث خصال‪ :‬خمقيا زينة لمسماء‬
‫يتأول منيا غير ذلك‪ ،‬فقد قال برأيو‪ ،‬وأخطأ‬
‫ورجوما لمشياطين‪ ،‬وعبلمات ُييتدي بيا؛ فمن ّ‬
‫ً‬ ‫الدنيا‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫حظو‪ ،‬وأضاع نصيبو‪ ،‬وتكمذف ما ال عمم لو بو"‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وقال األلوسي‪" :‬وتنكيرىا لمتعظيم‪ ،‬أي بمصابيح عظيمة ليست كمصابيحكم التي تعرفونيا"‪.‬‬
‫‪ -2‬قال تعالى‪[ :‬اَِّْ اٌَّ ِز‪ْ َ٠ َٓ٠‬خش َْ‪َ َْٛ‬سثَّ ُ‪ ُْ ٙ‬ثِبٌ َغ ْ‪ِ ١‬‬
‫ت ٌَ ُ‪ْ َِ ُْ ٙ‬غفِ َشحٌ َ‪ٚ‬أَ ْج ٌش َوجِ‪ٌ ١‬ش] {الولك‪}12:‬‬
‫تخبر اْلية عن ما أعده اهلل تعالى لمذين يخشونو بالغيب‪ ،‬بأن ليم مغفرة‪ ،‬وقد جاءت (مغفرة) نكرة؛‬
‫ظم الثواب يكون من ِع َ‬
‫ظم المتكمم‪ ،‬فتأمل كم ىي‬ ‫وذلك لكي تفيد التعظيم‪ ،‬فيي مغفرة عظيمة‪ِ ،‬‬
‫وع َ‬
‫مغفرةٌ عظيمة‪.‬‬
‫‪{ ]ُ١‬الولك‪}28:‬‬ ‫‪ -3‬قال تعالى‪ [:‬فَ َّْٓ ‪ِ ُ٠‬ج‪ُ ١‬ش اٌ َىبفِ ِش‪َ ِِْٓ َٓ٠‬ػ َزا ٍ‬
‫ة أٌَِ ٍ‬
‫قال سبحانو وتعالى (عذاب أليم) بالتنكير ولم يقل (العذاب األليم) وذلك ألن التنكير يفيد ىنا التيويل‬
‫والتفظيع(‪ ،)4‬فتذىب النفس في تقديره كل مذىب‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الكشاف (‪.)582/4‬‬


‫(‪ )2‬جامع البيان (‪.)508/23‬‬
‫(‪ )3‬روح المعاني (‪.)123/21‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬التحرير والتنوير (‪.)53/29‬‬

‫‪818‬‬
‫د‪ .‬رياض قاسم‬

‫المطمب الرابع‪ :‬التوكيد‬


‫تنبثثع أىميثثة التذأكيثثد مثثن حيثثث كونثثو مثثن أىثثم مباحثثث عمثثم المعثثاني‪ ،‬ذاك العمثثم الجميثثل ال ذشثثأن‪ ،‬العظثثيم‬
‫ُ‬
‫الذنفع‪ ،‬وفثي ذلثك يقثول العمثوي‪ " :‬اعمثم أن التأكيثد تمكثين الشثيء فثي نفسثو‪ ،‬وتقويثة أمثره‪ ،‬وفائدتثو إ ازلثة‬
‫(‪)1‬‬
‫الشكوك‪ ،‬واماطة الشبيات عما أنت بصدده‪ ،‬وىو دقيق المأخذ‪ ،‬كثير الفوائد "‬
‫"وىثثذا التوكيثثد يختمثثف قمثثة وكث ثرة عمثثى وفثثق أح ثوال اإلنكثثار‪ ،‬ألن وظيفثثة الخبثثر حينئثثذ ىثثي تثبيثثت ىثثذا‬
‫المعنى في تمثك الثنفس الرافضثة لثو‪ ،‬فثبل مفثر مثن أن تكثون قثوة العبثارة‪ ،‬ووثاقتيثا مبلئمثة لحثال الثنفس‬
‫قادرة عمى اإلقناع"(‪.)2‬‬
‫فيسثاق‬‫طثب‪ ،‬فثإذا كثان المخاطثب خثالي الث ّذىن ُ‬ ‫أن ُي ارعثي حثال المخا َ‬ ‫فاألسموب في ك ّل األحوال يجثب ْ‬
‫وي َس ث ذمى األول االبتثثدائي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الكثثبلم م ثن غيثثر توكيثثد‪ ،‬ويؤ ذكثثد لممتث ٍّ‬
‫ثردد ال ذشثثا ّ‬
‫ثاعف التوكيثثد لممنكثثر‪ُ ،‬‬ ‫ويضث َ‬ ‫ك‪ُ ،‬‬
‫والثذاني الطذمبي‪ ،‬والثذالث اإلنكاري‪.‬‬
‫المعنثثى فثثي ال ثذنفس‪ ،‬والثذثثاني تُو ِ‬
‫اجثثو بثثو تثثردداً‪،‬‬ ‫َ‬ ‫"ومناسثثبةُ التذسثثمية واضثثحةٌ؛ ألذنثثك فثثي األول تبتثثدئ بثثو‬
‫(‪)3‬‬
‫اجو إنكا اًر"‬ ‫وكأن الذنفس ِ‬
‫طالبةٌ لمخبر‪ ،‬والثذالث تُو ِ‬ ‫ذ‬
‫َ‬
‫وقد ورد التأكيد في سورة الممك بأساليب مختمفة‪ ،‬ىي عمى النحو التالي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬التأكيد بحرف ذ‬
‫(إن)‬
‫حرف في العربية اشتُير في صبلحيتو لمتذأكيد في َمواطن َيعجز عنيا غيره‪ ،‬وال‬ ‫ٌ‬ ‫ذ‬
‫(إن)‬
‫حسن فييا سواه‪ِ ،‬لما لو من قُد ٍرة عمى رْبط الكبلم بعضو ببعض كما أشار الجرجاني(‪ ،)4‬كما تتجاوز‬
‫َي ُ‬
‫ٍ‬
‫جممة‬ ‫أن ك ذل‬ ‫وظيفتو ربط الكبلم إلى إفادة التذعميل في أغمب مواضعيا‪ ،‬يقول ذ‬
‫الزركشي‪" :‬واعمم ذ‬
‫اب سؤ ٍ‬
‫ال مق ذدر"(‪.)5‬‬ ‫ث(إن) مفيدةٌ لمتذعميل‪ ،‬وجو ُ‬
‫ص ّدرت ب ذ‬
‫ُ‬
‫ذ‬ ‫ٍ‬
‫"(إن) بالكسر والتذشديد عمى أوجو‪ :‬أحدىما التذأكيد والتذحقيق‪ ،‬وىو الغالب ‪ ...‬والثاني‬ ‫قال السيوطي‪ :‬ذ‬
‫(‪)6‬‬
‫لمتذعميل"‬
‫ويقول الطاىر عن فائدة ىذا الحرف‪ " :‬تغني غناء فاء الترتيب والتسبب وتفيد التعميل‪ ،‬وربط الكبلم‬
‫بما قبمو كما تفيده الفاء"(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬الطّراز المتضمن ألسرار الببلغة وعموم حقائق اإلعجاز (‪.)176/2‬‬


‫(‪ )2‬خصائص التراكيب دراسة تحميمية لمسائل عمم المعاني‪ ،‬لمحمد أبو موسى (ص‪.)48:‬‬
‫(‪ )3‬خصائص التراكيب دراسة تحميمية لمسائل عمم المعاني‪ ،‬لمحمد أبو موسى (ص‪.)51:‬‬
‫(‪ )4‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬لعبد القاىر الجرجاني (ص‪.)207:‬‬
‫(‪ )5‬البرىان في عموم القرآن (‪.)406/2‬‬
‫(‪ )6‬اإلتقان في عموم القرآن (‪.)454/1‬‬

‫‪811‬‬
‫الظواهر البالغية في سورة الممك‬

‫إن) تدخل عمى الجممة االسمية‪ ،‬والجممة االسمية تفيد الدوام والثبوت(‪ ،)2‬فتؤكد‬‫أن ( ّ‬
‫ومن المعروف ّ‬
‫(إن) عمى ثبوت ما في الجممة عمى الدوام ببل انقطاع‪.‬‬
‫ّ‬
‫والجدول اْلتي يبين المواضع الثبلثة التي جاء التأكيد فييا بحرف إن‪:‬‬
‫رقم اآلية‬ ‫اآلية‬ ‫مسمسل‬
‫‪12‬‬ ‫الغ ْي ِب لَيُ ْم َم ْغ ِف َرةٌ َوأ ْ‬
‫َجٌر َكبِ ٌير‬ ‫ين َي ْخ َش ْو َن َربذيُ ْم بِ َ‬ ‫ذِ‬
‫ِإ ذن الذ َ‬ ‫‪1‬‬
‫‪13‬‬ ‫ات الص ُد ِ‬
‫ور‬ ‫ِإذنو عِميم بِ َذ ِ‬ ‫‪2‬‬
‫ُ َ ٌ‬
‫‪19‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ِإذنوُ بِ ُك ٍّل َش ْيء َبص ٌير‬ ‫‪3‬‬
‫اٌصذُ‪ِ ٚ‬س] {الولك‪}13:‬‬
‫د ُّ‬ ‫اج َ‪ُ ٙ‬ش‪ٚ‬ا ثِ ِٗ أَُِّٗ َػٍِ‪ ٌُ ١‬ثِ َزا ِ‬‫س ُّش‪ٚ‬ا لَ ْ‪ُ ٌَٛ‬ى ُْ أَ ِ‪ْ ٚ‬‬
‫[ َ‪ٚ‬أَ ِ‬ ‫قال تعالى‪:‬‬
‫أن إسثرار القثول والجيثر بثو‬‫كان المشركون َيعتقدون أذنيم إذا أسثروا القثول فثاهلل ال يعممثو‪ ،‬فبينثت اْليثة ذ‬
‫(إن) وغرضثيا‬‫ور) مؤ ذكثدة ب ث ذ‬ ‫حد سواء‪ ،‬فاهلل يعممو‪ ،‬وجثاءت فاصثمة اْليثة (ِإذنثو عِمثيم بِث َذ ِ‬
‫ات الص ُثد ِ‬ ‫عمى ّ‬
‫ُ َ ٌ‬
‫(‪)3‬‬
‫التعميل‪ ،‬والمراد بث (ذات الصدور) ما يتردد في النفس من الخواطر والنوايا‪.‬‬
‫ثف بثثالعمم و ذ‬
‫أن‬ ‫ألن اهلل متص ٌ‬‫إذن فالفاصثمة مؤكثثدةٌ ومعممثةٌ لمتسثثوية بثين الحثثالتين‪ :‬اإلسثرار والجيثثر‪ ،‬أي ّ‬
‫ومثثن كثثان كثثذلك فيثثو بالتأكيثثد‬
‫عممثثو محثثيطٌ بمثثا ىثثو أخفثثى مثثن اإلسثرار‪ ،‬وىثثو مثثا يثثدور فثثي الصثثدور‪َ ،‬‬
‫(‪)4‬‬
‫عميم بما ُيسره الناس أو يجيرونو‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫ثانياً‪ :‬التأكيد بقصر المسند عمى المسند إليو‪ ،‬والجدول اْلتي يوضح المواضع التسعة التي جاء فييا‬
‫التأكيد بقصر المسند عمى المسند إليو‪:‬‬
‫رقم اْلية‬ ‫اْلية‬ ‫مسمسل‬
‫‪1‬‬ ‫َو ُى َو َعمَى ُك ٍّل َش ْي ٍء قَِد ٌير‬ ‫‪1‬‬
‫‪2‬‬ ‫ور‬ ‫الع ِز ُيز َ‬
‫الغفُ ُ‬ ‫َو ُى َو َ‬ ‫‪2‬‬
‫‪4‬‬ ‫َو ُى َو َح ِس ٌير‬ ‫‪3‬‬
‫‪7‬‬ ‫ور‬‫َوِى َي تَفُ ُ‬ ‫‪4‬‬
‫‪14‬‬ ‫الخبِ ُير‬
‫يف َ‬ ‫َو ُى َو المذ ِط ُ‬ ‫‪5‬‬

‫(‪ )1‬التحرير والتنوير (‪.)419/16‬‬


‫(‪ )2‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬لمجرجاني‪ ،‬ص‪ ،118‬اإليضاح في عموم الببلغة‪ ،‬لمقزويني‪ ،‬ص‪ ،83‬الكميات‪ ،‬ألبي البقاء‪،‬‬
‫(ص‪.)341:‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬تفسير روح البيان (‪.)67/10‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬التحرير والتنوير (‪.)30/29‬‬

‫‪813‬‬
‫د‪ .‬رياض قاسم‬

‫‪15‬‬ ‫ض َذلُوًال‬ ‫ذِ‬


‫ُى َو الذي َج َع َل لَ ُك ُم األَْر َ‬ ‫‪6‬‬
‫‪23‬‬ ‫ُق ْل ُى َو الذِذي أ َْن َشأَ ُك ْم‬ ‫‪7‬‬
‫‪24‬‬ ‫ض‬‫ُق ْل ُىو الذِذي َذ َأَر ُك ْم ِفي األ َْر ِ‬ ‫‪8‬‬
‫َ‬
‫‪29‬‬ ‫ذ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َمذنا بِو َو َعمَ ْيو تََوكْمَنا‬‫الر ْح َم ُن آ َ‬
‫ُق ْل ُى َو ذ‬
‫‪9‬‬
‫قال تعالى‪[ :‬أَ ََل ‪ْ َ٠‬ؼٍَ ُُ َِْٓ َخٍَ َ‬
‫ك َ‪ َٛ ُ٘ ٚ‬اٌٍَّ ِط‪١‬فُ َ‬
‫اٌخجِ‪ُ ١‬ش] {الولك‪}14:‬‬
‫قال أبو السعود‪" :‬وقولو –تعالى‪( -‬وىو المطيف الخبير) حال من فاعل (يعمم) مؤكدة لئلنكار‬
‫(‪)1‬‬
‫والنفي‪ ،‬أي أال يعمم ذلك والحال أذنو المتوصل عممو إلى ما ظير من خمقو‪ ،‬وما بطن‪".‬‬
‫الق َسم أو بحرف قد فقط‪ ،‬والجدول التالي يبين مواضعو‪:‬‬
‫ثالثاً‪ :‬التأكيد بحرف (قد) والم َ‬
‫رقم اْلية‬ ‫اْلية‬ ‫مسمسل‬
‫‪5‬‬ ‫صابِ َ‬
‫يح‬ ‫اء الد ْنَيا بِ َم َ‬ ‫َولَقَ ْد َزذيذنا الس َ‬
‫ذم َ‬ ‫‪1‬‬
‫‪9‬‬ ‫اءَنا َنِذ ٌير فَ َك ذذ ْبَنا‬
‫قَالُوا َبمَى قَ ْد َج َ‬ ‫‪2‬‬
‫‪18‬‬ ‫ان َن ِك ِ‬
‫ير‬ ‫ف َك َ‬ ‫ين ِم ْن قَْبِم ِي ْم فَ َك ْي َ‬ ‫ولَقَ ْد َك ذذ ذِ‬
‫ب الذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪3‬‬
‫[ َ‪ٌَٚ‬مَ ْذ َو َّز َة اٌَّ ِز‪ ِِْٓ َٓ٠‬لَ ْجٍِ ِ‪ ُْ ٙ‬فَ َى ْ‪١‬فَ َوبَْ َٔ ِى‪ِ ١‬ش] {الولك‪}18:‬‬ ‫قال تعالى‪:‬‬
‫المعرض بيم منزلة َمن يظن أن اهلل عاقب‬
‫ّ‬ ‫قال ابن عاشور‪ ":‬وقد أكد الخبر بالبلم و ( قد ) لتنزيل‬
‫الذين من قبميم لغير جرم أو لجرم غير التكذيب ‪ .‬فيو مفرع عمى المؤكد ‪ ،‬فالمعنى ‪ :‬لقد كذب‬
‫(‪)2‬‬
‫الذين من قبميم ولقد كان نكيري عمييم بتمك الكيفية‪".‬‬
‫رابعاً‪ :‬التأكيد بحرف الجر ِ‬
‫(من)‪ ،‬والجدول التالي يبين مواضعو‪:‬‬
‫رقم اْلية‬ ‫اْلية‬ ‫مسمسل‬
‫‪3‬‬ ‫الر ْح َم ِن ِم ْن تَفَ ُاو ٍت‬
‫ق ذ‬ ‫َما تََرى ِفي َخْم ِ‬ ‫‪1‬‬
‫‪3‬‬ ‫ور‬‫َى ْل تََرى ِم ْن فُطُ ٍ‬ ‫‪2‬‬
‫‪9‬‬ ‫َوُقْمَنا َما َن ذز َل اهللُ ِم ْن َش ْي ٍء‬ ‫‪3‬‬
‫د] {الولك‪}3:‬‬ ‫ك اٌ َّش ْح َّ ِٓ ِِْٓ رَفَب ُ‪ٍ ٚ‬‬‫قال تعالى‪َِ ...[ :‬ب رَ َش‪ ٜ‬فِ‪َ ٟ‬خ ٍْ ِ‬
‫(‪)3‬‬ ‫ٍ‬
‫تفاوت‪ ،‬أي اختبلف وعدم تناسب‪".‬‬ ‫شيئا من‬
‫قال أبو السعود‪" :‬ومن لتأكيد النفي‪ ،‬أي ما ترى فيو ً‬
‫خامساً‪ :‬التأكيد بأداة الحصر والقصر (إال ‪ ،‬إنما)‪ ،‬والجدول التالي يبين ذلك‪:‬‬

‫(‪ )1‬إرشاد العقل السميم (‪.)278/6‬‬


‫(‪ )2‬التحرير والتنوير (‪.)37/29‬‬
‫(‪ )3‬إرشاد العقل السميم (‪.)275/6‬‬

‫‪811‬‬
‫الظواهر البالغية في سورة الممك‬

‫رقم اْلية‬ ‫اْلية‬ ‫مسمسل‬


‫ِ‬
‫‪9‬‬ ‫ض َبل ٍل َكبِ ٍ‬
‫ير‬ ‫ِإ ْن أ َْنتُ ْم ِإ ذال في َ‬ ‫‪1‬‬
‫‪19‬‬ ‫َما ُي ْم ِس ُكيُ ذن ِإ ذال ذ‬
‫الر ْح َم ُن‬ ‫‪2‬‬
‫‪20‬‬ ‫ون ِإ ذال ِفي ُغ ُر ٍ‬
‫ور‬ ‫ِ‬
‫ِإ ِن ال َكاف ُر َ‬ ‫‪3‬‬
‫العْمم ِع ْن َد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪26‬‬ ‫اهلل‬ ‫ُق ْل إذن َما ُ‬ ‫‪4‬‬
‫‪26‬‬ ‫َوِاذن َما أََنا َنِذ ٌير ُم ِب ٌ‬
‫ين‬ ‫‪5‬‬
‫ُ‪ ْٚ‬اٌ َّش ْح َّ ِٓ اِ ِْ اٌ َىبفِشُ‪ َْٚ‬اِ ََّل فِ‪ُ ٟ‬غ ُش‪ٍ ٚ‬س]‬ ‫قال تعالى‪[ :‬أَ َِّْٓ َ٘ َزا اٌَّ ِز‪ُ َٛ ُ٘ ٞ‬ج ْٕ ٌذ ٌَ ُى ُْ ‪ُ ْٕ َ٠‬‬
‫ص ُش ُو ُْ ِِْٓ د ِ‬
‫{الولك‪}21:‬‬
‫مقرٌر لما قبمو‪ ،‬ناع عمييم‬ ‫اض ٍّ‬ ‫ور) اعتر ٌ‬ ‫ون ِإ ذال ِفي ُغ ُر ٍ‬ ‫ِ‬
‫قال أبو السعود‪ ":‬وقولو –تعالى‪ِ( -‬إ ِن ال َكاف ُر َ‬
‫ما ىم فيو من غاية الضبلل‪ ،‬أي ما ىم في زعميم أنيم محفوظون من النوائب بحفظ آليتيم ال‬
‫ٍ‬
‫فاحش من‬ ‫ٍ‬
‫وضبلل‬ ‫ٍ‬
‫عظيم‬ ‫ٍ‬
‫غرور‬ ‫بحفظو –تعالى‪ -‬فقط‪ ،‬أو أن آليتيم تحفظيم من بأس اهلل‪ ،‬إال في‬
‫(‪)1‬‬
‫جية الشيطان‪ ،‬ليس ليم في ذلك شيء يعتد بو في الجممة‪".‬‬
‫سادساً‪ :‬التأكيد بحرف التنفيس‬
‫سزَ ْؼٍَ ُّ‪َ َْٛ‬و‪ْ١‬فَ َٔ ِز‪ِ ٠‬ش] {الولك‪،}17:‬‬ ‫بصجًب فَ َ‬ ‫س ًَ َػٍَ ْ‪ُ ١‬ى ُْ َح ِ‬ ‫قال تعالى‪[ :‬أَ َْ أَ ِِ ْٕزُ ُْ َِْٓ فِ‪ ٟ‬اٌ َّ‬
‫س َّب ِء أَْْ ‪ْ ُ٠‬ش ِ‬
‫َخَب ِار الذتِي َستَقَعُ ِفي اْل ُم ْستَ ْقَب ِل‪َ ،‬وِا ْر َسا ُل‬ ‫يس َحقوُ الد ُخو ُل َعمَى ْاأل ْ‬ ‫ف التذْن ِف ِ‬ ‫قال ابن عاشور‪"َ :‬و َح ْر ُ‬
‫يد َوتَ ْحِذ ٌير فَِإذنيُ ْم‬‫ف‪َ .‬وِاذن َما ُى َو تَ ْيِد ٌ‬
‫َن َخَب َر المذ ِو َال َيتَ َخمذ ُ‬ ‫ف ِأل ذ‬‫صوِل ِو َوِا ذال لَ َما تَ َخمذ َ‬ ‫ِ‬
‫اْل َحاص ِب َغ ْي ُر ُم ْخَب ٍر بِ ُح ُ‬
‫يق َى َذا التذ ْيِد ِيد ُشبٍّوَ بِ ْاأل َْم ِر‬
‫يد تَ ْح ِق ُ‬
‫اص ِب َعمَ ْي ِي ْم َولَ ِك ْن لَ ذما أ ُِر َ‬ ‫ال اْلح ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫آم ُنوْا َوأَ ْقمَ ُعوْا فَ َسم ُموْا م ْن ِإ ْر َس ِ َ‬ ‫ذما َ‬ ‫ُرب َ‬
‫ط ِريقَ ِة‬‫يو اْل ُميَ ذدِد بِ ِو بِ ْاأل َْم ِر اْل َو ِاق ِع َعمَى َ‬
‫اإل ْخب ِار عمَى ى َذا مؤِذًنا بِتَ ْشبِ ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫يغة ِْ َ َ‬
‫ص َِ‬ ‫الذِذي وقَع فَ َكان تَ ْف ِريع ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِ ِ (‪)2‬‬ ‫التذمثِ ِيمي ِ‬
‫ذة اْل َم ْكنيذة‪".‬‬ ‫ْ‬
‫سابعاً‪ :‬التأكيد بضمير الفصل (ىو)‬
‫ُ‪ ْٚ‬اٌ َّش ْح َّ ِٓ اِ ِْ اٌ َىبفِشُ‪ َْٚ‬اِ ََّل فِ‪ُ ٟ‬غ ُش‪ٍ ٚ‬س] {الولك‪. }21:‬‬ ‫ص ُش ُو ُْ ِِْٓ د ِ‬ ‫[أَ َِّْٓ َ٘ َزا اٌَّ ِز‪ُ َُٛ ٘ ٞ‬ج ْٕ ٌذ ٌَ ُى ُْ ‪ُ ْٕ َ٠‬‬
‫ثامناً‪ :‬التأكيد بمؤكدين (السين ‪ ،‬وضمير الفصل "ىو")‬
‫سزَ ْؼٍَ ُّ‪ َٛ ُ٘ َِْٓ َْٛ‬فِ‪َ ٟ‬‬
‫ظ ََل ٍي ُِجِ ٍ‬
‫‪{ ]ٓ١‬الولك‪}29:‬‬ ‫قال تعالى‪[ :‬لُ ًْ ُ٘ َ‪ ٛ‬اٌ َّش ْح َُّٓ آَ ََِّٕب ثِ ِٗ َ‪َ ٚ‬ػٍَ ْ‪ ِٗ ١‬رَ َ‪َّ ٛ‬و ٍَْٕب فَ َ‬
‫‪.‬‬

‫(‪ )1‬إرشاد العقل السميم (‪.)280/6‬‬


‫(‪ )2‬التحرير والتنوير (‪.)35 /29‬‬

‫‪811‬‬
‫د‪ .‬رياض قاسم‬

‫المطمب الخامس‪ :‬االلتفات‬


‫االلتفات أحد فنون الببلغة العربية‪ ،‬حيث جرى المسان العربثي قثديماً وحثديثاً عمثى سثننو‪ ،‬قثال العمثوي‪:‬‬
‫"اعمم أن االلتفات من أجل عموم الببلغة وىو أمير جنودىا‪ ،‬والواسطة في قبلئدىا وعقودىا"(‪.)1‬‬
‫وااللتفات لغةً بمعنى التحول واالنصراف(‪ ،)2‬سمي بذلك لبلنتقال في الكبلم بين أوجو الخطاب‬
‫المختمفة‪ :‬الخطاب‪ ،‬والغيبة‪ ،‬والتكمم‪ ،‬وقد يكون االلتفات بالتحول عن صيغة المضارع إلى استعمال‬
‫الفعل الماضي‪ ،‬أو العكس‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وااللتفات اصطبلحاً‪" :‬العدول من أسموب في الكبلم إلى أسموب آخر مخالف لؤلول"‬
‫وفائ ثثدة توظي ثثف االلتف ثثات ف ثثي الك ثثبلم ى ثثي تطري ثثة نش ثثاط الس ثثامع‪ ،‬وايق ثثاظُ إص ثثغائو إل ثثى الك ثثبلم‪ ،‬ق ثثال‬
‫الزمخشثثري‪ " :‬وألن الكثثبلم إذا نقثثل مثثن أسثثموب إلثثى أسثثموب كثثان ذلثثك أحسثثن تطريثثة لنشثثاط السثثامع‬
‫وايقاظاً لئلصغاء إليو من إجرائو عمى أسموب واحد‪ ،‬وقد تختص مواقعو بفوائد"(‪.)4‬‬
‫المْمك بحسب رواية حفص‬‫إن صور االلتفات كثيرة ومتنوعة في القرآن الكريم‪ ،‬وقد جاء في سورة ُ‬
‫عن عاصم بصورة االلتفات من الغيبة إلى التذكمم‪ ،‬ومن الخطاب إلى الغيبة‪ ،‬ثم الرجوع إلى‬
‫الخطاب‪ ،‬وجاء االلتفات بحسب القراءات األخرى بصورة االلتفات من الخطاب إلى الغيبة‪.‬‬
‫والمواضع التي ورد فييا االلتفات ىي كما يمي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬االلتفات من الغيبة إلى التذكمم‪:‬‬
‫اٌح‪َ١‬بحَ ٌِ‪ْ َ١‬جٍُ َ‪ُ ٛ‬و ُْ‬
‫ك اٌ َّ ْ‪ٛ‬دَ َ‪َ ٚ‬‬ ‫قال تعالى‪[ :‬رَجَب َس َن اٌَّ ِز‪ ٞ‬ثِ‪ِ َ١‬ذ ِٖ اٌ ُّ ٍْ ُه َ‪َ َٛ ُ٘ ٚ‬ػٍَ‪ُ ٝ‬و ًِّ ش َْ‪ٍ ٟ‬ء لَ ِذ‪ٌ ٠‬ش * اٌَّ ِز‪َ ٞ‬خٍَ َ‬
‫ك اٌ َّش ْح َّ ِٓ ِِْٓ‬ ‫د ِغجَبلًب َِب رَ َش‪ ٜ‬فِ‪َ ٟ‬خ ٍْ ِ‬ ‫س َّ َ‪ٛ‬ا ٍ‬‫س ْج َغ َ‬
‫ك َ‬ ‫سُٓ َػ َّ ًَل َ‪ َٛ ُ٘ ٚ‬اٌ َؼ ِض‪ُ ٠‬ض اٌ َغفُ‪ُ ٛ‬س * اٌَّ ِز‪َ ٞ‬خٍَ َ‬ ‫أَ ُّ‪ُ ٠‬ى ُْ أَ ْح َ‬
‫بسئًب َ‪َُٛ ٘ٚ‬‬ ‫ص ُش َخ ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ص َش َو َّشرَ ْ‪َٕ٠ ِٓ ١‬مٍَِ ْت اٌِ ْ‪١‬هَ اٌجَ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ص َش َ٘ ًْ رَ َش‪ ِِْٓ ٜ‬فط‪ٍ ٛ‬س * ث َُّ ْ‬
‫اس ِج ِغ اٌجَ َ‬ ‫بس ِج ِغ اٌجَ َ‬ ‫د فَ ْ‬‫رَفَب ُ‪ٍ ٚ‬‬
‫س ِؼ‪ِ ١‬ش]‬ ‫اة اٌ َّ‬‫‪َٚ ٓ١‬أَ ْػزَ ْذَٔب ٌَ ُ‪َ ُْ ٙ‬ػ َز َ‬
‫بغ ِ‬
‫ش‪ِ َ١‬‬ ‫‪١‬ح َ‪َ ٚ‬ج َؼ ٍَْٕب َ٘ب ُس ُج‪ًِ ٛ‬ب ٌٍِ َّ‬
‫صبثِ َ‬ ‫س‪ٌ ١‬ش * َ‪ٌَٚ‬مَ ْذ َص‪ََّّٕ٠‬ب اٌ َّ‬
‫س َّب َء اٌ ُّذ ْٔ‪َ١‬ب ثِ َّ َ‬ ‫َح ِ‬
‫{الولك‪}5-1 :‬‬
‫افتُتِح الكبلم في اْليات السابقة بصيغة الغيبة (تبارك الذي) و(وىو عمى كل) و(الذي خمق الموت)‬
‫و(وىو العزيز) و(الذي خمق سبع) ثم انتقل الكبلم إلى صيغة التكمم (ولقد زّيّنا) و(وجعمناىا)‬
‫و(وأعتدنا)‪ ،‬وىذا االلتفات يدل عمى التعظيم‪ ،‬إذ إنو بث(نا) العظمة التي تختص بالمتكمم‪ …" ،‬وكان‬
‫االلتفات ىنا ذا مغزى ميم ألن السماء الدنيا وما فييا من كواكب من أظير وأوضح اْليات التي‬

‫(‪ )1‬الطّراز المتضمن ألسرار الببلغة وعموم حقائق اإلعجاز‪ ،‬ليحيى بن حمزة العموي (‪.)131/2‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬لسان العرب‪.)214/13( ،‬‬
‫(‪ )3‬الطّراز المتضمن ألسرار الببلغة وعموم حقائق اإلعجاز (‪.)131/2‬‬
‫(‪ )4‬الكشاف عن حقائق التنزيل (‪.)8/1‬‬

‫‪811‬‬
‫الظواهر البالغية في سورة الممك‬

‫تشير إلى القدرة الخالقة والتي يحث القرآن عمى النظر إلييا كثي اًر‪ ،‬االلتفات إذن كأنو لفت إلى‬
‫الموضع الذي تؤخذ منو العبرة‪ ،‬وتدنو بو الحقيقة الدالة من القموب المعتبرة"(‪.)1‬‬
‫إن تعظيم الفاعل حين إسناد الفعثل إليثو‪ ،‬يشثير إلثى عظمثة الفعثل وخطثره وأىميتثو‪ .‬تمثك األىميثة التثي‬
‫يثراد تثبيتيثثا فثثي أذىثثان المتمقثثين‪ ،‬وقثثد يكثثون مثثن مسثثتتبعات العظمثثة اختصثثاص الفاعثثل بالفعثثل‪ ،‬عمثثى‬
‫نحو ال يستطيعو غيثره‪ .‬ومثن ثثم دعثوة إلثى إعمثال الثذىن فثي ذاك الفعثل نفسثو‪ ،‬والتوقثف عنثده طثويبلً‬
‫لمعرفة مغزى أن ينسب إلى ضمير التكمم‪ .‬ويؤنسنا في ىذا أن ىذا النوع من االلتفات اخثتص بأفعثال‬
‫ليا خطرىا‪ ،‬والتأمل فييا لو ما لو من وقع في تقرير المعنى المراد‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬االلتفات المتبادل ما بين الخطاب والغيبة‪:‬‬
‫ك َ‪ َُٛ ٘ٚ‬اٌٍَّ ِط‪١‬فُ‬ ‫اٌصذُ‪ِ ٚ‬س * أَ ََل ‪ْ َ٠‬ؼٍَ ُُ َِْٓ َخٍَ َ‬‫د ُّ‬ ‫اج َ‪ُ ٙ‬ش‪ٚ‬ا ثِ ِٗ أَُِّٗ َػٍِ‪ ٌُ ١‬ثِ َزا ِ‬ ‫س ُّش‪ٚ‬ا لَ ْ‪ُ ٌَٛ‬ى ُْ أَ ِ‪ْ ٚ‬‬ ‫قال تعالى‪َٚ [ :‬أَ ِ‬
‫‪َٛ‬ل فَب ِْشُ‪ٛ‬ا فِ‪ََِٕ ٟ‬ب ِوجِ َ‪ٙ‬ب َ‪ُ ٚ‬وٍُ‪ٛ‬ا ِِْٓ ِس ْصلِ ِٗ َ‪ٚ‬اٌَِ ْ‪ ِٗ ١‬إٌُّشُ‪ُ ٛ‬س *‬ ‫ض َرٌُ ً‬ ‫اٌخجِ‪ُ ١‬ش * ُ٘ َ‪ ٛ‬اٌَّ ِز‪َ ٞ‬ج َؼ ًَ ٌَ ُى ُُ األَ ْس َ‬ ‫َ‬
‫س ًَ‬ ‫َ‬
‫س َّب ِء أْْ ‪ْ ُ٠‬ش ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ض فبِرا ِ٘ َ‪ ٟ‬رَ ُّ‪ُ ٛ‬س * أ َْ أ ِِ ْٕزُ ُْ َِْٓ فِ‪ ٟ‬اٌ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سفَ ثِ ُى ُُ األ ْس َ‬ ‫َ‬
‫س َّب ِء أْْ ‪ْ َ٠‬خ ِ‬ ‫أَأَ ِِ ْٕزُ ُْ َِْٓ فِ‪ ٟ‬اٌ َّ‬
‫سزَ ْؼٍَ ُّ‪َ َْٛ‬و‪ْ١‬فَ َٔ ِز‪ِ ٠‬ش * َ‪ٌَٚ‬مَ ْذ َو َّز َة اٌَّ ِز‪ ِِْٓ َٓ٠‬لَ ْج ٍِ ِ‪ ُْ ٙ‬فَ َى‪ْ١‬فَ َوبَْ َٔ ِى‪ِ ١‬ش* أَ َ‪َ َ٠ ُْ ٌَٚ‬ش ْ‪ٚ‬ا اٌَِ‪ٝ‬‬ ‫بصجًب فَ َ‬
‫َػٍَ ْ‪ُ ١‬ى ُْ َح ِ‬
‫ص‪ٌ ١‬ش] {الولك‪}19-13:‬‬ ‫َ‪ٍ ٟ‬ء ثَ ِ‬ ‫س ُى ُ‪ َّٓٙ‬اِ ََّل اٌ َّش ْح َُّٓ أَُِّٗ ثِ ُى ًِّ ش ْ‬
‫عَٓ َِب ‪ِ ّْ ُ٠‬‬ ‫د َ‪ْ َ٠ٚ‬مجِ ْ‬ ‫َّ‬
‫صبفب ٍ‬ ‫اٌطَّ ْ‪ِ ١‬ش فَ ْ‪ٛ‬لَ ُ‪َ ُْ ٙ‬‬
‫تخاطب اْليات الكفار بصيغة الخطاب فتذكرىم بعمم اهلل المطمق بكل شيء (وأسروا قولكم أو اجيروا‬
‫وتمتن عمييم بتذليل األرض ليم (جعل لكم األرض ذلوال‪ ،‬فامشوا في مناكبيا‪ ،‬وكموا من رزقو)‬
‫ّ‬ ‫بو)‪،‬‬
‫ثم انتقمت إلى تيديدىم (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم األرض) ثم التيويل في التيديد (أَم‬
‫أمنتم من في السماء أن يرسل عميكم حاصبا‪ ،‬فستعممون كيف نذير) وبعد ذلك التفت تعالى من‬
‫الخطاب إلى الغيبة فقال‪( :‬ولقد كذب الذين من قبميم) وقال (أولم يروا إلى الطير فوقيم صافات)‪،‬‬
‫والغرض من ذلك "التعريض بالغضب عمييم بما أتوه من كل تكذيب الرسول صمى اهلل عميو وسمم‪،‬‬
‫فكانوا جديرين بإبعادىم ِع ّز الحضور لمخطاب‪ ،‬فمذلك لم يقل (ولقد كذب الذين من قبمكم) ولم يقطع‬
‫توجيو التذكير إلييم والوعيد لعميم يتدبرون في أن اهلل لم يدخرىم نصحاً" (‪.)2‬‬
‫(‪)3‬‬
‫قال أبو السعود‪" :‬وااللتفات إلى الغيبة إلبراز اإلعراض عنيم‪".‬‬
‫ثم يرجع الكبلم من الغيبة في اْليات الماضية إلى الخطاب‪ ،‬لينتقل إلى الغيبة في ذات اْلية نفسيا‬
‫في نيايتيا‪.‬‬
‫ُ‪ ْٚ‬اٌ َّش ْح َّ ِٓ اِ ِْ اٌ َىبفِشُ‪ َْٚ‬اِ ََّل فِ‪ُ ٟ‬غ ُش‪ٍ ٚ‬س]‬ ‫قال تعالى‪[ :‬أَ َِّْٓ َ٘ َزا اٌَّ ِز‪ُ َٛ ُ٘ ٞ‬ج ْٕ ٌذ ٌَ ُى ُْ ‪ُ ْٕ َ٠‬‬
‫ص ُش ُو ُْ ِِْٓ د ِ‬
‫{الولك‪}21:‬‬

‫(‪ )1‬خصائص التراكيب (ص‪.)200:‬‬


‫(‪ )2‬التحرير والتنوير (‪.)36/29‬‬
‫(‪ )3‬إرشاد العقل السميم (‪.)280،279/6‬‬

‫‪817‬‬
‫د‪ .‬رياض قاسم‬

‫انتقل الكبلم من الغيبة (أولم يروا إلى الطير فوقيم صافات) إلى خطاب الكافرين (أمن ىذا الذي ىو‬
‫جند لكم) وفي ىذا االنتقال تيديد ووعيد‪ ،‬فاْلية تُ ّبين عجز شفعائيم عن أن يدفعوا عنيم شيئاً من‬
‫ون ِإ ذال‬ ‫ِ‬
‫الضر‪ ،‬ثم التفت الخطاب من ضمير المخاطبة (لكم ‪ ،‬ينصركم) إلى ضمير الغيبة (ِإ ِن ال َكاف ُر َ‬ ‫ّ‬
‫وتحقير لشأنيم من أن يوجذو إلييم الخطاب‪.‬‬ ‫بيم‬ ‫تيكم‬ ‫ذلك‬ ‫وفي‬ ‫)‬ ‫ٍ‬
‫ور‬ ‫ر‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫في ُ ُ‬
‫غ‬
‫قال أبو السعود‪" :‬وااللتفات إلى الغيبة لئليذان باقتضاء حاليم لئلعراض عنيم وبيان قبائحيم‬
‫(‪)1‬‬
‫لغيرىم"‬
‫ثم يعود توجيو الخطاب لمكافرين في اْلية التالية مباشرة‪ ،‬لينتقل إلى الغيبة في ذات اْلية في‬
‫نيايتيا‪ ،‬قال تعالى‪[ :‬أَ َِّْٓ َ٘ َزا اٌَّ ِز‪ْ َ٠ ٞ‬ش ُصلُ ُى ُْ اِْْ أَ ِْ َ‬
‫س َه ِس ْصلَُٗ ثَ ًْ ٌَ ُّج‪ٛ‬ا فِ‪ُ ٟ‬ػز ٍُّ‪َُٔٚ ٛ‬فُ‪ٍ ٛ‬س] {الولك‪}21:‬‬
‫فيذا التمون والتنقل بين المواجية واإلقبال عمى المخاطبين‪ ،‬وبين اإلعراض عنيم بصيغة الغيبة‪ ،‬فيو‬
‫الذم والوعيد والتوبيخ والتقريع واإلنكار والداللة عمى شدة الغضب‪.‬‬ ‫من ّ‬
‫ثالثاً‪ :‬االلتفات من الخطاب إلى الغيبة‬
‫قال تعالى‪[ :‬لُ ًْ أَ َسأَ ْ‪٠‬زُ ُْ اِْْ أَ ٍَْ٘ َىِٕ َ‪ ٟ‬هللاُ َ‪ِ َِ َِْٓ ٚ‬ؼ َ‪ ٟ‬أَ ْ‪َ ٚ‬س ِح ََّٕب فَ َّْٓ ‪ِ ُ٠‬ج‪ُ ١‬ش اٌ َىبفِ ِش‪َ ِِْٓ َٓ٠‬ػ َزا ٍ‬
‫ة أٌَِ ٍ‬
‫‪ * ُ١‬لُ ًْ‬
‫‪{ ]ٓ١‬الولك‪}29-28:‬‬ ‫ظ ََل ٍي ُِجِ ٍ‬‫سزَ ْؼٍَ ُّ‪ َٛ ُ٘ َِْٓ َْٛ‬فِ‪َ ٟ‬‬ ‫ُ٘ َ‪ ٛ‬اٌ َّش ْح َُّٓ آَ ََِّٕب ثِ ِٗ َ‪َ ٚ‬ػٍَ ْ‪ ِٗ ١‬رَ َ‪َّ ٛ‬و ٍَْٕب فَ َ‬
‫جره‬
‫تخاطب اْلية الكافرين مبينةً حقيقة األمر أن موت أو حياة إنسان ال تغني عن غيره شيئاً م ذما ذ‬
‫إليو عممو‪ ،‬إذ ال مجير لمكافر من عذاب اهلل إال باإليمان بو والتوكل عميو‪ ،‬ثم تخاطبيم اْلية بأنكم‬
‫(‪)2‬‬
‫بياء الغيبة‪ ،‬وفي ذلك‬ ‫ستعممون غداً أي الفريقين في ضبلل مبين‪ ،‬وق أر الكسائي (فسيعممون)‬
‫التفات من الخطاب في (أرأيتم) إلى الغيبة (فسيعممون) وىذا يناسب خاتمة اْلية التي قبميا (فمن‬
‫(‪)3‬‬
‫يجير الكافرين) حيث إنيا بصيغة الغيبة‪.‬‬
‫والمعنى‪ :‬عمى قراءة (فستعممون) بتاء الخطاب‪ ،‬تكون الجممة من بقية الكبلم الذي أ ِ‬
‫ُمر الرسول‬
‫صمى اهلل عميو وسمم بقولو‪ ،‬وعمى قراءة (فسيعممون) بياء الغيبة‪ ،‬تكون الجممة إخبا اًر من اهلل بأنو‬
‫سيعاقبيم عقاب الضالّين‪.‬‬

‫(‪ )1‬إرشاد العقل السميم (‪.)280/6‬‬


‫(‪ )2‬البدور الزاىرة في القراءات العشر المتواترة‪ ،‬لمنشار (‪.)177/4‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬الدر المصون (‪.)395/10‬‬

‫‪811‬‬
‫الظواهر البالغية في سورة الممك‬

‫المطمب السادس‪ :‬التعبير عن الكثرة بمفظ التثنية‬


‫س‪ٌ ١‬ش] {الولك‪ ،}4:‬ىنا يأمر‬ ‫ص َش َو َّشرَ ْ‪ْٕ َ٠ ِٓ ١‬مٍَِ ْت اٌَِ ْ‪١‬هَ اٌجَ َ‬
‫ص ُش َخ ِ‬
‫بسئًب َ‪َ َٛ ُ٘ ٚ‬ح ِ‬ ‫قال تعالى‪[ :‬ثُ َُّ ْ‬
‫اس ِج ِغ اٌجَ َ‬
‫تعالى بتكرار النظر في السماء والتأمل فييا بحثاً عن شقوق أو خمل وتصدع‪ ،‬ففي النياية سيرجع‬
‫البصر صاغ اًر ذليبلً لم يجد ما يبحث عنو‪ ،‬وىو كميل منقطع لم يجد أو يدرك ما يطمبو وىو‬
‫(‪)1‬‬
‫وجود الخمل في خمق السموات‪.‬‬
‫قال الزمخشري‪ " :‬كأذنو ُي ْ‬
‫ط َرُد عن ذلك طرداً بالصذغار والقماءة‪ ،‬وباإلعياء والكبلل لطول اإلجالة‬
‫(‪)2‬‬
‫والترديد‪".‬‬
‫لكن تكرار النظر مرتين اثنتين ال يكون سبب ًا ليذه الحالة –خاسئاً محسو ًار‪ -‬التي عاد بيا‪ ،‬فيكون‬
‫المراد من التثنية ىنا التكرار والكثرة ال الحصر في مرتين‪ ،‬إذ ذ‬
‫إن كثرة المعاودة ىي التي تؤدي إلى‬
‫(‪)3‬‬
‫أن يحسر بصره فبل يعثر عمى أدنى اختبلف في َخْمق اهلل‪.‬‬ ‫ْ‬
‫ب ِإلَ ْي َك البصر َخ ِ‬‫{ي ْن َقِم ْ‬ ‫ِ‬
‫اسئ ًا َو ُى َو‬ ‫َ َُ‬ ‫بدليل قوِلو‪َ :‬‬ ‫التكثير‪،‬‬
‫ُ‬ ‫قال السذمين‪" :‬وىو مثنى ال ُيراد بو حقيقتُو‪ ،‬بل‬
‫كرات‪،‬‬ ‫ثبلث‪ ،‬وانما المعنى ذ‬ ‫ح ِسير} أي‪ :‬م ْزدج اًر وىو كمي ٌل‪ ،‬وىذان الوصفان ال يأتيان بنظرتَْين وال ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ ٌ‬
‫احد‪ ،‬إنما‬ ‫التثنية َش ْفع الو ِ‬
‫ِ‬ ‫ودواليك وىذا َذ ْيك ال ُيريدون بيذه‬ ‫وحنان ْيك َ‬ ‫وس ْعديك‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫وىذا كقوليم‪ :‬لَب ْذيك َ‬
‫ينة كما ُيفيده‬ ‫تفيد التكثير لقر ٍ‬‫الغرض‪ ،‬والتثنيةُ ُ‬ ‫ض‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫التكثير أي‪ :‬إجابةً لك بعد أخرى‪ ،‬واال تناقَ َ‬‫َ‬ ‫يريدون‬
‫العطف"(‪.)4‬‬
‫ُ‬ ‫أصمُيا‪ ،‬وىو‬
‫المطمب السابع‪ :‬التعبير عن الجمع بمفظ المفرد‬
‫قال تعالى‪[ :‬رَ َىب ُد رَ َّ‪ُ َّ١‬ض َِِٓ اٌ َغ ْ‪ِ ١‬ع ُوٍَّ َّب أُ ٌْمِ َ‪ ٟ‬فِ‪َٙ ١‬ب فَ ْ‪ٌ ٛ‬ج َ‬
‫سؤٌََ ُ‪َ ُْ ٙ‬خضَ َٔزُ َ‪ٙ‬ب أٌََ ُْ ‪َ٠‬ؤْرِ ُى ُْ َٔ ِز‪ٌ ٠‬ش] {الولك‪. }8:‬‬
‫تتحدث ىذه اْلية عن حال جينم التي تكاد أن تتقطع من شدة الغيظ‪ ،‬وكمما ألقي فييا جماعة من‬
‫الكفار سأليم زبانية جينم سؤال توبيخ ألم يأتِكم رسول في الدنيا يدعوكم إلى اإليمان وينذركم ىذا‬
‫(‪)5‬‬
‫اليوم؟‪.‬‬
‫إن الخطاب موجوٌ إلى الفوج‬
‫(ن ُذر)‪ ،‬إذ ّ‬
‫وجاء في سؤال الخزنة لفظ (نذير) باإلفراد‪ ،‬مع أن المراد ُ‬
‫الممقى في النار‪ ،‬وىم جماعة‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬لباب التأويل في معاني التنزيل‪ ،‬لمخازن (‪.)125/7‬‬


‫(‪ )2‬الكشاف عن حقائق التنزيل (‪.)581/4‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬الكشاف عن حقائق التنزيل (‪ ،)581/4‬البحر المحيط (‪.)293/8‬‬
‫(‪ )4‬الدر المصون (‪.)379/10‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬أيسر التفاسير لكبلم العمي الكبير‪ ،‬أبو بكر الجزائري (‪.)397/5‬‬

‫‪811‬‬
‫د‪ .‬رياض قاسم‬

‫نذير‪ ،‬أي واحدة حقيقة أو ُحكماً كأنبياء‬


‫قال أبو السعود‪" :‬أي قال كل فو ٍج من تمك األفواج قد جاءنا ٌ‬
‫بني إسرائيل‪ ،‬فإذنيم في حكم نذير واحد"(‪.)1‬‬

‫المطمب الثامن‪ :‬خطاب المفرد بمفظ الجمع‬


‫قال تعالى‪[ :‬رَ َىب ُد رَ َّ‪ُ َّ١‬ض َِِٓ اٌ َغ ْ‪ِ ١‬ع ُوٍَّ َّب أُ ٌْمِ َ‪ ٟ‬فِ‪َٙ ١‬ب فَ ْ‪ٌ ٛ‬ج َ‬
‫سؤٌََ ُ‪َ ُْ ٙ‬خضَ َٔزُ َ‪ٙ‬ب أٌََ ُْ ‪َ٠‬ؤْرِ ُى ُْ َٔ ِز‪ٌ ٠‬ش] {الولك‪. }8:‬‬
‫ت ىثثذه اْليثثة أن الثثذي ُيمقثثى ىثثو فثثوٌج‪ ،‬ولفثثظ الفثثوج مفثثرد‪ ،‬لكثثن جثثاءت الضثثمائر العائثثدة إلثثى الفثثوج‬ ‫َذ َكث َر ْ‬
‫ضمائر جمع‪ ،‬وذلك في قولو (سأليم) وقولو (يأتكم)‪ ،‬وذلك لتأويل الفوج بجماعة‪.‬‬
‫قال تعالى‪[ :‬لَبٌُ‪ٛ‬ا ثٍََ‪ ٝ‬لَ ْذ َجب َءَٔب َٔ ِز‪ٌ ٠‬ش فَ َى َّز ْثَٕب َ‪ٚ‬لُ ٍَْٕب َِب َٔ َّض َي هللاُ ِِْٓ ش َْ‪ٍ ٟ‬ء اِْْ أَ ْٔزُ ُْ اِ ََّل فِ‪َ ٟ‬‬
‫ظ ََل ٍي َوجِ‪ٍ ١‬ش]‬
‫{الولك‪. }9:‬‬
‫تبثثين ىثثذه اْليثثة جثواب كثثل فثثوج مثثن األفثواج التثثي تُمقَثثى فثثي نثثار جيثثنم لخزنتيثثا‪ ،‬حيثثث يجيبثثون‪ :‬بمثثى‪،‬‬
‫فيعترفون أنو قد جاءىم الرسول إال أنيم كذبوا وأنكروا أن يكثون اهلل قثد نثزل شثيئاً مثن السثماء‪ ،‬وتوجيثو‬
‫ذلثثك أنثثو جمثثع جثواب األفثواج فثثي عبثثارة واحثثدة‪ ،‬أي قثثال جميثثع األفثواج‪ :‬بمثثى قثثد جاءنثثا نثثذير‪ ،‬فكثثذبنا‪،‬‬
‫وقمنا لرسمنا إن أنتم إال في خطأ تصوري كبير(‪.)2‬‬
‫ِ‬
‫وقد جاء في جواب الفوج لفظ (أنتم) وذلك فثي مقثولتيم لمنثذير (ِإ ْن أ َْنثتُ ْم ِإ ذال فثي َ‬
‫ض َثبل ٍل َكبِي ٍثر)‪ ،‬مثع ّ‬
‫أن‬
‫قوم رسوالً واحداً في الغالب‪ ،‬حيث يسثتثنى موسثى وىثارون ‪-‬‬ ‫إن لكل ٍ‬‫طب واحد وىو نذيرىم‪ ،‬إذ ّ‬‫المخا َ‬
‫عمييما الصبلة والسبلم‪ -‬ورسل أصحاب القرية الوارد ذكرىم في سورة يس‪،‬وفثي ذلثك فائثدةٌ وىثي بيثان‬
‫أن تكثثذيب أحثثد المرسثثمين بمثابثثة تكثثذيب الكثثل‪ ،‬فخطثثاب الواحثثد بمفثثظ الجمثثع فيثثو مبالغثثة فثثي تكثثذيب‬
‫الفوج‪.‬‬
‫نذيره‪ ،‬لتغميبو عمى أمثالو مبالغةً‬ ‫ِ‬ ‫قال أبو السعود‪" :‬وجمع ضمير الخطاب مع ذ‬
‫ب ك ّل فو ٍج ُ‬
‫أن مخاط َ‬
‫في التكذيب‪ ،‬وتمادياً في التضميل"(‪.)3‬‬
‫المطمب التاسع‪ :‬عطف الفعل عمى االسم‬
‫س ُى ُ‪ َّٓٙ‬اِ ََّل اٌ َّش ْح َُّٓ أَُِّٗ ثِ ُى ًِّ ش َْ‪ٍ ٟ‬ء‬ ‫د َ‪ْ َ٠ٚ‬مجِ ْ‬
‫عَٓ َِب ‪ِ ّْ ُ٠‬‬ ‫قال تعالى‪[ :‬أَ َ‪َ َ٠ ُْ ٌَٚ‬ش ْ‪ٚ‬ا اٌَِ‪ ٝ‬اٌطَّ ْ‪ِ ١‬ش فَ ْ‪ٛ‬لَ ُ‪َ ُْ ٙ‬‬
‫صبفَّب ٍ‬
‫ص‪ٌ ١‬ش] {الولك‪. }19:‬‬ ‫ثَ ِ‬

‫(‪ )1‬إرشاد العقل السميم (‪.)276/6‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬التحرير والتنوير (‪.)26/29‬‬
‫(‪ )3‬إرشاد العقل السميم (‪.)276/6‬‬

‫‪111‬‬
‫الظواهر البالغية في سورة الممك‬

‫تقرر ىذه اْلية مظي اًر من مظاىر قدرتو تعالى‪ ،‬وىو تحميق الطير في اليواء دون سقوط إلى‬
‫األرض‪ ،‬وقد عطف تعالى الفعل (يقبضن) عمى االسم (صافات) والمراد‪ :‬صافات وقابضات‪ ،‬وسبب‬
‫صف األجنحة؛‬
‫ّ‬ ‫ذكر الفعل دون االسم يبينو الزمخشري حيث يقول‪ :‬ذ‬
‫"ألن األصل في الطيران ىو‬
‫مد األطراف وبسطيا‪ ،‬وأما القبض‬
‫ألن الطيران في اليواء كالسباحة في الماء‪ ،‬واألصل في السباحة ّ‬
‫ّ‬
‫فطارئ عمى البسط لبلستظيار بو عمى التحرك‪ ،‬فجيء بما ىو طارئ غير أصل بمفظ الفعل‪ ،‬عمى‬
‫(‪)1‬‬
‫ذ‬
‫منين القبض تارةً كما يكون من السابح‪".‬‬ ‫معنى أذنين صافات‪ ،‬ويكون‬
‫ٍ‬
‫وقابضات‪ ،‬فالفع ُل ىنا‬ ‫الفعل عمى اال ِ‬
‫سم ألذنو بمعناه أي ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ف‬
‫ط َ‬ ‫قال السمين‪ :‬قولو ‪َ {" :‬وَي ْقبِ ْ‬
‫ض َن } َع َ‬
‫(‪)2‬‬
‫مؤو ٌل باالسم‪".‬‬
‫أن الغالب ىو البسط‪ ،‬فكأذنو ىو الثابت‪،‬‬‫وقال أبو حيان‪" :‬ومثل ىذا العطف فصيح ‪ . . .‬وممخصو ذ‬
‫فعبذر عنو باالسم‪ ،‬والقبض متجدد‪ ،‬فعبذر عنو بالفعل"(‪.)3‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫األساليب اإلنشائية وأغراضها البالغية في سورة الممك‬
‫ويشتمل عمى أربعة مطالب‪:‬‬
‫المطمب األول‪ :‬االستفهام‬
‫ُيعد االستفيام نوعاً من أنواع اإلنشاء الطمبي‪ ،‬واألصل فيو طمب اإلفيام واإلعثبلم لتحصثيل‬
‫فائدة عممية مجيولة لدى المستف ِيم؛ لكن قد ُيراد باالستفيام غير ىذا المعنثى األصثمي لثو‪ ،‬حيثث يثأتي‬
‫اض ببلغيثةٌ ىثي‪ :‬االسثتبطاء‪ ،‬والتعجثب‪ ،‬والتنبيثو‪ ،‬والوعيثد‪ ،‬واألمثر‪ ،‬والتقريثر‪،‬‬
‫ويراد منو أغثر ٌ‬
‫االستفيام ُ‬
‫(‪)4‬‬
‫واإلنكار‪ :‬إما توبيخاً أو تكذيباً‪ ،‬والتيكم‪ ،‬والتحقير‪ ،‬والتيويل‪ ،‬واالستبعاد‪ ،‬والتوبيخ والتعجب معاً‪.‬‬
‫ولبلستفيام العديد من األدوات‪ ،‬يمكن تقسيميا إلى ثبلثة أقسام‪:‬‬
‫‪-1‬ما ُيستفيم بو عن التذصور والتذصديق‪ ،‬وأداتو اليمزة فقط‪.‬‬
‫‪-2‬ما ُيستفيم بو عن التذصديق فقط‪ ،‬وأداتو حرف (ىل)‪.‬‬
‫‪-3‬مثثا ُيسثثتفيم بثثو عثثن التذصثثور فقثثط‪ ،‬ويشثثمل بثثاقي أدوات االسثثتفيام‪ :‬مثثا‪َ ،‬مث ْثن‪ ،‬أي‪ ،‬كثثم‪ ،‬كيثثف‪ ،‬أيثثن‪،‬‬
‫أذنى‪ ،‬متى‪ ،‬أيذان‪.‬‬

‫(‪ )1‬الكشاف عن حقائق التنزيل (‪.)581/4‬‬


‫(‪ )2‬الدر المصون (‪.)390/10‬‬
‫(‪ )3‬البحر المحيط (‪.)297/8‬‬

‫(‪ )4‬انظر‪ :‬اإليضاح في عموم الببلغة (ص‪.)141-136:‬‬

‫‪118‬‬
‫د‪ .‬رياض قاسم‬

‫ست أدوات فقط من أدوات االستفيام‪ :‬اليمزة‪،‬‬


‫وقد تتبعت آيات سورة الممك‪ ،‬فوجدت ورود ّ‬
‫أي‪ ،‬وكيف‪ .‬وىذه األدوات وردت في أربعة عشر موضعاً من السورة في ثبلث‬
‫وىل‪ ،‬ومتى‪ ،‬و َمن‪ ،‬و ّ‬
‫عشرة آية‪.‬‬
‫والجدول التالي يبين المواضع التي ورد فييا االستفيام والغرض الببلغي ٍّ‬
‫لكل منيا‪:‬‬
‫الغرض‬ ‫رقم اْلية‬ ‫اْلية‬ ‫مسمسل‬
‫التيديد‬ ‫‪2‬‬ ‫َح َس ُن َع َم ًبل‬ ‫ِلَيْبمُ َو ُك ْم أَي ُك ْم أ ْ‬ ‫‪1‬‬
‫التقرير‬ ‫‪3‬‬ ‫ور‬‫َى ْل تََرى ِم ْن فُطُ ٍ‬ ‫‪2‬‬
‫التوبيخ والتقريع‬ ‫‪8‬‬ ‫َسأَلَيُ ْم َخ َزَنتُيَا أَلَ ْم َيأْتِ ُك ْم َنِذ ٌير‬ ‫‪3‬‬
‫اإلنكار‬ ‫‪14‬‬ ‫الخبِ ُير‬
‫يف َ‬ ‫ق َو ُى َو المذ ِط ُ‬ ‫أ ََال َي ْعمَ ُم َم ْن َخمَ َ‬ ‫‪4‬‬
‫اإلنكار‬ ‫‪16‬‬ ‫ض‬ ‫ف بِ ُك ُم األ َْر َ‬ ‫َن َي ْخ ِس َ‬ ‫َم ْنتُم من ِفي الس ِ‬
‫ذماء أ ْ‬ ‫َ‬ ‫أَأ ْ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫‪5‬‬
‫اإلنكار‬ ‫‪17‬‬ ‫اصًبا‬‫اء أَن يرِس َل عمَ ْي ُكم ح ِ‬ ‫َم ْنتُم من ِفي الس ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ َ‬ ‫ذم ْ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫أ َْم أ ْ َ ْ‬ ‫‪6‬‬
‫التيويل والفظاعة‬ ‫‪18‬‬ ‫ير‬‫ان َن ِك ِ‬ ‫ف َك َ‬ ‫فَ َك ْي َ‬ ‫‪7‬‬
‫اإلنكار‬ ‫‪19‬‬ ‫ض َن‬‫ات َوَي ْقبِ ْ‬ ‫أَولَم يروا ِإلَى الطذ ْي ِر فَوقَيم صافذ ٍ‬ ‫‪8‬‬
‫ْ ُْ َ‬ ‫َ ْ ََ ْ‬
‫التبكيت والتوبيخ‬ ‫‪20‬‬ ‫ص ُرُك ْم ِم ْن ُد ِ‬
‫ون‬ ‫ذِ‬
‫أَ ذم ْن َى َذا الذي ُى َو ُج ْن ٌد لَ ُك ْم َي ْن ُ‬ ‫‪9‬‬
‫والتحقير‬ ‫الر ْح َم ِن‬
‫ذ‬
‫ذِ‬
‫التوبيخ والتعجيز‬ ‫‪21‬‬ ‫أَ ذم ْن َى َذا الذي َي ْرُزقُ ُك ْم ِإ ْن أ َْم َس َك ِرْزقَوُ‬ ‫‪10‬‬
‫التقرير‬ ‫‪22‬‬ ‫َى َدى أَ ذم ْن َي ْم ِشي‬ ‫أَفَ َم ْن َي ْم ِشي ُم ِكبًّا َعمَى َو ْج ِي ِو أ ْ‬ ‫‪77‬‬
‫اط ُم ْستَِق ٍيم‬‫صر ٍ‬ ‫ِ‬
‫َس ِويًّا َعمَى َ‬
‫التيكم واالستيزاء‬ ‫‪25‬‬ ‫الو ْع ُد‬
‫ون َمتَى َى َذا َ‬ ‫َوَيقُولُ َ‬ ‫‪12‬‬
‫اإلنكار‬ ‫‪28‬‬ ‫اب أَِل ٍيم‬
‫ين ِم ْن َع َذ ٍ‬ ‫ِ‬
‫فَ َم ْن ُي ِج ُير ال َكاف ِر َ‬ ‫‪13‬‬
‫اإلنكار‬ ‫‪30‬‬ ‫ين‬‫اء َم ِع ٍ‬ ‫فَمن يأْتِي ُكم بِم ٍ‬
‫َْ َ ْ َ‬ ‫‪14‬‬
‫ص َش‬ ‫د فَ ْ‬
‫بس ِج ِغ اٌجَ َ‬ ‫د ِغجَبلًب َِب رَ َش‪ ٜ‬فِ‪َ ٟ‬خ ٍْ ِ‬
‫ك اٌ َّش ْح َّ ِٓ ِِْٓ رَفَب ُ‪ٍ ٚ‬‬ ‫س َّ َ‪ٛ‬ا ٍ‬
‫س ْج َغ َ‬ ‫‪ -1‬قال تعالى‪[ :‬اٌَّ ِز‪َ ٞ‬خٍَ َ‬
‫ك َ‬
‫َ٘ ًْ ر ََش‪ ِِْٓ ٜ‬فُطُ‪ٍ ٛ‬س] {الولك‪. }3:‬‬
‫بينثثت اْليثثة قثثدرة اهلل –تعثثالى‪ -‬المتمثمثثة فثثي َخْمثثق سثثبع سثثموات فثثوق بعضثثيا الثثبعض متماثمثثة متطابقثثة‬
‫تمثثام التطثثابق‪ ،‬وأذنثثك لثثو دققثثت النظثثر وعاودتثثو م ثرة بعثثد م ثرة لعرفثثت دقثثة ىثثذا َ‬
‫الخْمثثق وعظمثثة الخثثالق‪،‬‬
‫وج ثثاء االس ثثتفيام خارجث ثاً ع ثثن أص ثثمو وى ثثو طم ثثب اإلفي ثثام‪ ،‬ليفي ثثد غرضث ثاً ببلغيث ثاً وى ثثو النف ثثي‪ ،‬فالجمم ثثة‬
‫االسثثتفيامية ىنثثا تفيثثد التقريثثر‪" ،‬أي ال يسثثعك إالّ أن تعتثثرف بانتفثثاء الفطثثور فثثي نظثثام السثثموات فت ارىثثا‬

‫‪111‬‬
‫الظواهر البالغية في سورة الممك‬

‫ممتئمة محبوكة ال ترى في خبلليا انشقاقاً"(‪ ،)1‬ومؤكدةٌ عدم وجود أدنثى خمثل فثي َخْمثق السثموات‪ ،‬كمثا‬
‫أن االستفيام عن الشيء يفيد شدة االىتمام في البحث عنو‪ ،‬فالمراد أنك ميما بذلت من جيد واىتمثام‬ ‫ذ‬
‫(‪)2‬‬
‫في البحث عن َخمَ ٍل في َخْمق السموات فإذنك لن تجد‪.‬‬
‫قثثال الطثثاىر‪ " :‬واالسثثتفيام فثثي (ىثثل تثثرى مثثن فطثثور) تقريثثري‪ ،‬ووقثثع بث ث (ىثثل) ألن (ىثثل) تفيثثد تأكيثثد‬
‫االسثثتفيام‪ ،‬إذ ىثثي بمعنثثى (قثثد) فثثي االسثثتفيام‪ ،‬وفثثي ذلثثك تأكيثثد وحثثث عمثثى التبصثثر والتأمثثل‪ ،‬أي ال‬
‫تقتنع بنظرة ونظرتين‪ ،‬فتقول‪ :‬لم أجد فُطثو اًر‪ ،‬بثل َك ّثرر النظثر وعثاوده باحثثاً عثن مصثادفة فطثور لعمثك‬
‫تجده"(‪.)3‬‬
‫‪ -2‬قال تعالى‪[ :‬رَ َىب ُد رَ َّ‪ُ َّ١‬ض َِِٓ اٌ َغ ْ‪ِ ١‬ع ُوٍَّ َّب أُ ٌْمِ َ‪ ٟ‬فِ‪َٙ ١‬ب فَ ْ‪ٌ ٛ‬ج َ‬
‫سؤٌََ ُ‪َ ُْ ٙ‬خ َضَٔزُ َ‪ٙ‬ب أٌََ ُْ ‪َ٠‬ؤْرِ ُى ُْ َٔ ِز‪ٌ ٠‬ش] {الولك‪}8:‬‬
‫‪.‬‬
‫تصف اْلية النار أنيا تكاد أن تتقطع من شدة الغيظ‪ ،‬وأنو كمما ألقي فييا جماعة من الكفار سأليم‬
‫زبانية جينم سؤال توبيخ وتقريع ألم يأتكم رسول في الدنيا يدعوكم إلى اإليمان وينذركم‬
‫ىذا اليوم؟ وفي ىذا التوبيخ من التنديم ليزدادوا حسرة‪.)4(.‬‬
‫ُلقي فييا جماعةٌ من الكفرة‪( ،‬سأليم خزنتيا) بطريق التوبيخ والتقريع‬
‫قال أبو السعود‪" :‬أي كمما أ َ‬
‫ليزدادوا عذاباً فوق عذاب‪ ،‬وحسرةً عمى حسرة‪( ،‬ألم يأتكم نذير) يتمو عميكم آيات ربكم وينذركم لقاء‬
‫يومكم ىذا؟ "(‪.)5‬‬
‫‪ -3‬قال تعالى‪[ :‬أَ ََل ‪ْ َ٠‬ؼٍَ ُُ َِْٓ َخٍَ َ‬
‫ك َ‪ َٛ ُ٘ ٚ‬اٌٍَّ ِط‪١‬فُ َ‬
‫اٌخجِ‪ُ ١‬ش] {الولك‪}14:‬‬
‫افتتحت اْلية باالستفيام باليمزة‪ ،‬وىذا االستفيام يفيد غرضاً ببلغياً وىو اإلنكار‪ ،‬فاْلية تنكر عمى‬
‫الكفار اعتقادىم أن اهلل ال يعمم الخفيات والس ارئر‪ ،‬إذ كيف ينتفي عممو بيما وىو خالق كل شيء‬
‫(‪)6‬‬
‫وىما من جممة ىذا الخمق‪.‬‬
‫الم ْجيَ ِر َم ْن خمق األشياء‪ ،‬وحالُو أنو‬ ‫ذ‬
‫الم َس ٍّر و ُ‬
‫ض َمر و ُ‬‫بالم ْ‬
‫قال الزمخشري‪« :‬ثم أنكر أال ُيحيط عمم ًا ُ‬
‫طن"(‪.)7‬‬ ‫المتوص ُل ِعْم ُمو إلى ما َ‬
‫ظيَر وما َب َ‬ ‫ٍّ‬ ‫الخبير‬
‫ُ‬ ‫المطيف‬
‫ُ‬

‫(‪ )1‬التحرير والتنوير (‪.)19/29‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬نظم الدرر (‪.)68/8‬‬
‫(‪ )3‬التحرير والتنوير (‪.)19/29‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬البحر المحيط (‪ ،)294/8‬التحرير والتنوير (‪.)25/29‬‬
‫(‪ )5‬إرشاد العقل السميم (‪.)276/6‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬إرشاد العقل السميم (‪.)278/6‬‬
‫(‪ )7‬الكشاف عن حقائق التنزيل (‪.)584/4‬‬

‫‪113‬‬
‫د‪ .‬رياض قاسم‬

‫قال أبو حيان‪" :‬وىو استفيام معناه اإلنكار ‪ ،‬أي كيف ال يعمم ما تكمم بو من خمق األشياء وأوجدىا‬
‫وما‬ ‫من العدم الصرف‪ ،‬وحالو أنو المطيف الخبير المتوصل عممو إلى ما ظير من خمقو‬
‫بطن؟"(‪.)1‬‬
‫سفَ ثِ ُى ُُ األَ ْس َ‬
‫ض فَبِ َرا ِ٘ َ‪ ٟ‬رَ ُّ‪ُ ٛ‬س] {الولك‪}16:‬‬ ‫‪ -4‬قال تعالى‪[ :‬أَأَ ِِ ْٕزُ ُْ َِْٓ ِف‪ ٟ‬اٌ َّ‬
‫س َّب ِء أَْْ ‪ْ َ٠‬خ ِ‬
‫تخاطب اْلية الكافرين‪ ،‬حيث افتتحت باالستفيام الذي غرضو اإلنكار والتوبيخ والتعجيب‪ ،‬أي ىل‬
‫(‪)2‬‬
‫تج‪ ،‬وتذىب وتجيء‪.‬‬‫يخسف اهللُ بكم األرض‪ ،‬فتضطرب بكم وتر ّ‬ ‫َ‬ ‫أمنتم أييا الكافرون أن‬
‫فاْلية من خبلل االستفيام جاءت إنكا اًر وتحذي اًر وتوبيخاً لمكفار عمى سوء اعتقادىم‪ ،‬وكأنيم آمنون‬
‫من أن يأمر اهلل تعالى مبلئكتو بخسف األرض بيم‪.‬‬
‫س ُى ُ‪ َّٓٙ‬اِ ََّل اٌ َّش ْح َُّٓ أَُِّٗ ثِ ُى ًِّ ش ْ‬
‫َ‪ٍ ٟ‬ء‬ ‫عَٓ َِب ‪ِ ّْ ُ٠‬‬ ‫‪ -5‬قال تعالى‪[ :‬أَ َ‪َ َ٠ ُْ ٌَٚ‬ش ْ‪ٚ‬ا اٌَِ‪ ٝ‬اٌطَّ ْ‪ِ ١‬ش فَ ْ‪ٛ‬لَ ُ‪َ ُْ ٙ‬‬
‫صبفَّب ٍ‬
‫د َ‪ْ َ٠ٚ‬مجِ ْ‬
‫ص‪ٌ ١‬ش] {اٌٍّه‪. }81:‬‬ ‫ثَ ِ‬
‫ىنا االستفيام غرضو اإلنكار‪ ،‬حيث ينكر تعالى عمييم عدم االنتفاع من رؤية الطير عمى ىذه‬
‫الحالة العجيبة‪ ،‬فمم ييتدوا بيا إلى ألوىيتو تعالى‪ ،‬فيو الذي حفظيا من السقوط بما جعل فييا من‬
‫الخصائص التي تمكنيا من الطيران دون سقوط‪ ،‬لذلك أنزليم اهلل منزلة َمن لم َير ىذه األحوال‬
‫(‪)3‬‬
‫فقال (أولم يروا)‪.‬‬
‫ُ‪ ْٚ‬اٌ َّش ْح َّ ِٓ اِ ِْ اٌ َىبفِشُ‪ َْٚ‬اِ ََّل فِ‪ُ ٟ‬غ ُش‪ٍ ٚ‬س*‬ ‫‪ -6‬قال تعالى‪[ :‬أَ َِّْٓ َ٘ َزا اٌَّ ِز‪ُ َٛ ُ٘ ٞ‬ج ْٕ ٌذ ٌَ ُى ُْ ‪ُ ْٕ َ٠‬‬
‫ص ُش ُو ُْ ِِْٓ د ِ‬
‫س َه ِس ْصلَُٗ ثَ ًْ ٌَ ُّج‪ٛ‬ا فِ‪ُ ٟ‬ػز ٍُّ‪َُٔٚ ٛ‬فُ‪ٍ ٛ‬س ] {الولك‪.}21،21:‬‬ ‫أَ َِّْٓ َ٘ َزا اٌَّ ِز‪ْ َ٠ ٞ‬ش ُصلُ ُى ُْ اِْْ أَ ِْ َ‬
‫أحد يدفع عنيم العذاب(‪ ،)4‬مستعممةً أسموب االستفيام‬ ‫تُنكر اْلية عمى المشركين أن يكون ىناك ٌ‬
‫أن ىذا –أحد أصنامنا‪ -‬يدفع عنا‬ ‫الذي غرضو التعجيز والتبكيت‪ ،‬بحيث ال يستطيعون اإلجابة ذ‬
‫العذاب‪ ،‬فد ذل ذلك عمى ذ‬
‫أن الجند الوارد ذكره في اْلية ال وجود لو في الواقع‪ ،‬كما ذ‬
‫أن االستفيام ُيراد‬
‫منو التحقير‪ ،‬أي تحقير شأن أصناميم التي يزعمون أذنيا تدفع عنيم الببلء والعذاب‪ ،‬فما الكافرون‬
‫إال في غرور أوقعيم فيو الشيطان‪ ،‬حيث زيذن ليم الشرك ووعدىم أنو ال عقاب بعد الموت‪ ،‬وأن‬
‫(‪)5‬‬
‫آليتيم تشفع ليم عند اهلل‪.‬‬

‫(‪ )1‬البحر المحيط (‪.)295/8‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬المباب في عموم الكتاب (‪ ،)248،249/19‬التحرير والتنوير (‪.)33/29‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬التحرير والتنوير (‪.)39/29‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬الجامع ألحكام القرآن (‪.)218/18‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬البحر المحيط (‪ ،)297/8‬أيسر التفاسير (‪.)402/5‬‬

‫‪111‬‬
‫الظواهر البالغية في سورة الممك‬

‫كيت ليم‬
‫قال أبو السعود‪ :‬وقولو تعالى‪( :‬أم َمن ىذا الذي ىو جند لكم ينصركم من دون الرحمن) تب ٌ‬
‫ناصر من عذابو –تعالى‪ .... -‬لتبكيتيم‬
‫ٌ‬ ‫ناصر غير اهلل –تعالى‪ .... -‬أو‬
‫ٌ‬ ‫أن يكون ليم‬‫بنفي ْ‬
‫بإظيار عجزىم عن تعيينو‪ ،‬و(أَم) منقطعةٌ ُمقَ ذد َرةٌ بث(بل) المفيدة لبلنتقال من توبيخيم عمى ترك التأمل‬
‫فيما يشاىدونو من أحوال الطير المنبئة عن تعاجيب آثار قدرة اهلل ‪-‬عز وجل‪ -‬إلى التبكي ثت بم ثا‬
‫ذكث ثر ‪ . . .‬فالمعن ثى ب ثل م ثن ىذا الحقير الذي ىو في زعمكم جند لكم ينصركم نص ار‬
‫كائنا من دون نصره تعالى أو ينصركم من عذاب كائن من عند اهلل عز و جل"(‪.)1‬‬
‫وتبثين اْليثة الثانيثة ذ‬
‫أن الثرزق كمثو بيثد اهلل‪ ،‬فمثو أمسثثك رزقثو ولثم يثرزقكم ف َمثن ذا الثذي يثرزقكم‪ ،‬فحينيثثا‬
‫كثل مخمثوق ال يسثثتطيع أن يثرزق نفسثو فكيثثف سثيرزق غيثره‪ ،‬لثثذا فثالرزاق المثنعم ىثثو الثذي يسثثتحق أن‬
‫ُيفرد بالعبادة‪.‬‬
‫س وزَمِ ٍ‬
‫‪]ُ١‬‬ ‫اغ ُِ ْ‬ ‫س و ِ‪ًّ٠ٛ‬ب َػٍَوو‪ِ ٝ‬‬
‫ص و َش ٍ‬ ‫شوو‪َ ٟ‬‬ ‫‪ -7‬قثثال تعثثالى‪[ :‬أَفَ َّووْٓ ‪ِ ّْ َ٠‬‬
‫شوو‪ِ ُِ ٟ‬ىجًّووب َػٍَوو‪ْ َٚ ٝ‬ج ِ‪ ٙ‬و ِٗ أَ ْ٘ وذَ‪ ٜ‬أَ َِّووْٓ ‪ِ ّْ َ٠‬‬
‫{الولك‪}22:‬‬
‫افتتحت ىذه اْلية باالستفيام‪ ،‬وىذا االستفيام ال تراد حقيقتو وىي طمب اإلفيام‪ ،‬فالغرض الببلغي‬
‫(‪)2‬‬
‫سوياً عمى صراط مستقيم أىدى‪.‬‬ ‫أن الماشي ّ‬ ‫منو التقرير‪ ،‬أي تقرير ّ‬
‫‪ -8‬قال تعالى‪َ٠َٚ [ :‬مُ‪َِ ٌَُْٛٛ‬زَ‪َ َ٘ ٝ‬زا اٌ َ‪ْ ٛ‬ػ ُذ اِْْ ُو ْٕزُ ُْ َ‬
‫صب ِدلِ‪{ ] َٓ١‬الولك‪}25:‬‬
‫من المعموم أن المشركين قد جحدوا البعث وأنكروه‪ ،‬وقد حكى القرآن ما كان يقولو بعضيم‬
‫اء‪َٚ [ :‬لَب َي اٌَّ ِز‪َ َٓ٠‬وفَ ُش‪ٚ‬ا َ٘ ًْ َٔ ُذٌُّ ُى ُْ َػٍَ‪َ ٝ‬س ُج ًٍ ‪َُٕ٠‬جِّئُ ُى ُْ اِ َرا ُِ ِّض ْلزُ ُْ ُو ًَّ ُِ َّ َّض ٍ‬
‫ق أَِّ ُى ُْ ٌَفِ‪ٟ‬‬ ‫ٍ‬
‫لبعض تيكماً واستيز ً‬
‫ع ََل ِي‬
‫ة َ‪ٚ‬اٌ َّ‬ ‫ك َج ِذ‪ٍ ٠‬ذ * أَ ْفزَ َش‪َ ٜ‬ػٍَ‪ ٝ‬هللاِ َو ِزثًب أَ َْ ثِ ِٗ ِجَّٕخٌ ثَ ًِ اٌَّ ِز‪ََ َٓ٠‬ل ‪ُ٠‬ئْ ُِِٕ‪ َْٛ‬ثِب‪ِ َ٢‬خ َش ِح فِ‪ ٟ‬اٌ َؼ َزا ِ‬ ‫َخ ٍْ ٍ‬
‫اٌجَ ِؼ‪ِ ١‬ذ] {سجؤ‪}1 ، 7:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫الو ْع ُد) قد سجل عمييم ذلك االستيزاء ‪.‬‬ ‫فيكون تعالى بقولو عمى لسانيم ( َمتَى َى َذا َ‬
‫أن يستيزئوا‬ ‫قال الطاىر‪" :‬واالستفيام بقوليم‪( :‬متى ىذا الوعد) مستعم ٌل في التيكم؛ ذ‬
‫ألن من عادتيم ْ‬
‫بذلك"(‪.)4‬‬
‫إذن فقوليم متى ىذا الوعد مستعممين أسموب االستفيام ييدف إلى التيكم واالستيزاء‪.‬‬
‫‪ -9‬قال تعالى‪[ :‬لُ ًْ أَ َسأَ ْ‪٠‬زُ ُْ اِْْ أَ ٍَْ٘ َىِٕ َ‪ ٟ‬هللاُ َ‪ِ َِ َِْٓ ٚ‬ؼ َ‪ ٟ‬أَ ْ‪َ ٚ‬س ِح ََّٕب فَ َّْٓ ‪ِ ُ٠‬ج‪ُ ١‬ش اٌ َىبفِ ِش‪َ ِِْٓ َٓ٠‬ػ َزا ٍ‬
‫ة أٌَِ ٍ‬
‫‪]ُ١‬‬
‫{اٌٍّه‪. }11:‬‬

‫(‪ )1‬إرشاد العقل السميم (‪.)280،279/6‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬البحر المحيط (‪ ،)298/8‬التحرير والتنوير (‪.)46/29‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬الجامع ألحكام القرآن (‪.)220/18‬‬
‫(‪ )4‬التحرير والتنوير (‪.)49/29‬‬

‫‪111‬‬
‫د‪ .‬رياض قاسم‬

‫تبثين اْليثة مثا تمنثاه المشثركون وىثو ىثبلك النبثي ‪ ‬وىثبلك مثن معثو مثن المثؤمنين‪ ،‬وىثي مثن خثبلل‬
‫االستفيام في (أرأيتم) تُْنكر عمييم تمنثييم ألمثور ال يجنثون مثن ورائيثا نفعثاً‪ ،‬وأن تمنثييم ىثذا مثن بثاب‬
‫الحقد والحسد‪ ،‬وجاءت خاتمة اْلية مبينثةً مثن خثبلل االسثتفيام الثذي غرضثو اإلنكثار والنفثي أن مثوت‬
‫جرت إلييم غضثب اهلل‬ ‫أن أعماليم ذ‬ ‫جره إليو عممو‪ ،‬ومبينةً ذ‬ ‫أو حياة إنسان ال تغني عن غيره شيئاً م ذما ذ‬
‫ميتثاً‪ ،‬فالخاتمثة بصثيغة االسثتفيام مقثررة لحقيقثة أنثو‬ ‫تعالى فح ذل بيم العذاب سواء كان الرسثول ّ‬
‫حيثاً أم ّ‬
‫ال ُم ِج َير لمكافر من عذاب اهلل بسبب كفره‪.‬‬
‫حد متنا أو بقينا"(‪.)1‬‬ ‫قال أبو السعود‪" :‬أي ال ينجيكم منو أ ٌ‬
‫يخ ليم عمى استعجاليم موت النبي لكي يستريحوا من دعوتو‪.‬‬ ‫وفي اْلية توب ٌ‬
‫‪ -10‬قال تعالى‪[ :‬لُ ًْ أَ َسأَ ْ‪٠‬زُ ُْ اِْْ أَ ْ‬
‫صجَ َح َِب ُإ ُو ُْ َغ ْ‪ً ٛ‬سا فَ َّْٓ ‪َ٠‬ؤْرِ‪ُ ١‬ى ُْ ثِ َّب ٍء َِ ِؼ ٍ‬
‫‪{ ]ٓ١‬اٌٍّه‪}31:‬‬
‫والمعنى‪ :‬أخبروني إن صار ماؤكم غائ ار في األرض بحيث ال يبقى لو وجود فييا أصبل‪ ،‬أو صار‬
‫ذاىبا في األرض إلى مكان بعيد بحيث ال تنالو الدالء فمن يأتيكم بماء معين أي‪ :‬ظاىر تراه‬
‫(‪)2‬‬
‫العيون‪ ،‬وتنالو الدالء‪.‬‬
‫إن مكة قميمة الميثاه‪ ،‬فتثذكرىم بقثدرة‬ ‫أن أىل مكة يترقبيم عذاب بالقحط والجفاف‪ ،‬إذ ذ‬ ‫أشارت اْلية إلى ذ‬
‫ثاء َم ِعث ٍ‬
‫ثين) مقثثررةً مثثن خثثبلل االسثثتفيام‬ ‫اهلل –تعثثالى‪ -‬وحقيقثثة ممكثثو‪ ،‬وجثثاءت الخاتمثثة (فَمثثن ي ثأْتِي ُكم بِمث ٍ‬
‫َْ َ ْ َ‬
‫اإلنكاري أنو ليس بمقدور أحد أن يأتي بالماء من باطن األرض إلثى وجييثا غيثر اهلل سثبحانو وتعثالى‬
‫فيو المالك لكل شيء والمتصرف في كل شيء والقادر عمى كل شيء‪.‬‬
‫فاالستفيام ىنا يخرج عن أصمو ليفيد غرضاً ببلغياً وىو اإلنكار والنفي‪ ،‬أي ال أحد يأتيكم ٍ‬
‫بماء سثيل‬
‫(‪)3‬‬ ‫المأخذ قر ٍ‬
‫يب من وجو األرض إال اهلل‪.‬‬

‫(‪ )1‬إرشاد العقل السميم (‪.)282/6‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬فتح القدير لمشوكاني (‪.)316 /5‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬مفاتيح الغيب (‪ ،)67/30‬روح المعاني (‪.)152/21‬‬

‫‪111‬‬
‫الظواهر البالغية في سورة الممك‬

‫المطمب الثاني‪ :‬األمر‬


‫ولؤلمر أغراضو الببلغية التي تتمثل في التعجيز‪ ،‬والدعاء والتعجيب‪ ،‬والتسوية‪ ،‬واإلباحة‪ ،‬والتمقين‪،‬‬
‫وفيما يمي توضيح ذلك‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬التعجيز‬
‫ص َش َ٘ ًْ‬ ‫د فَ ْ‬
‫بس ِج ِغ اٌجَ َ‬ ‫د ِغجَبلًب َِب رَ َش‪ ٜ‬فِ‪َ ٟ‬خ ٍْ ِ‬
‫ك اٌ َّش ْح َّ ِٓ ِِْٓ رَفَب ُ‪ٍ ٚ‬‬ ‫س َّ َ‪ٛ‬ا ٍ‬
‫س ْج َغ َ‬ ‫قال تعالى‪[ :‬اٌَّ ِز‪َ ٞ‬خٍَ َ‬
‫ك َ‬
‫رَ َش‪ ِِْٓ ٜ‬فُطُ‪ٍ ٛ‬س] {الولك‪. }3:‬‬
‫تُبث ّثين اْليثثة مظيث اًر مثثن مظثثاىر قثدرة اهلل ‪ ‬فثثي الخمثثق‪ ،‬حيثثث خمثثق سثثبع سثثموات مرتفثثع بعضثثيا فثثوق‬
‫ثرت اْليثة بإرجثاع البصثر‬
‫بعض في الفضاء السحيق ‪ ،‬وال وجود ألدنى اختبلف في ىذا الخمق‪ ،‬ثثم أم ْ‬
‫لمتحقق من وجود اختبلف في خمق السموات‪ ،‬حيث يقثول تعثالى (فثارجع البصثر) وصثيغة األمثر ىثذه‬
‫ليا غرض ببلغي‪ ،‬وىو التعجيز‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬الدعاء‬
‫س ِؼ‪ِ ١‬ش] {الولك‪. }11:‬‬
‫ة اٌ َّ‬
‫ص َحب ِ‬ ‫قال تعالى‪[ :‬فَب ْػزَ َشفُ‪ٛ‬ا ثِ َز ْٔجِ ِ‪ ُْ ٙ‬فَ ُ‬
‫س ْحمًب ِألَ ْ‬
‫البعد من رحمة‬ ‫تسجل اْلية اعتراف الكفار بذنبيم‪ ،‬بأنيم لم ينتفعوا من نعمة السمع والعقل‪ ،‬فاستحقوا ُ‬
‫(س ْحقاً) بمعنى فعل األمر (اسحقيم) أي‪ :‬اسحقيم يا اهلل سحقاً‪،‬‬
‫اهلل والبعد في نار جينم‪ ،‬والمصدر ُ‬
‫ببلغياً وىو الدعاء‬
‫ّ‬ ‫وىنا يكون المصدر نائباً عن مفعول مطمق‪ ،‬وىو ينوب عن فعمو‪ ،‬فيفيد غرضاً‬
‫بالبعد‪.‬‬
‫عمييم ُ‬
‫وقد يكون التقدير ‪ :‬أسحقيم اهلل إسحاقاً ‪ ،‬فيكون المراد من ىذا الدعاء التعجيب من حاليم‪ ،‬كما‬
‫يقال‪ :‬قاتمو اهلل‪ ،‬ووي ٌل لو‪ ،‬في مقام التعجب‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬التسوية‬
‫اٌصذُ‪ِ ٚ‬س] {الولك‪}13:‬‬
‫د ُّ‬‫اج َ‪ُ ٙ‬ش‪ٚ‬ا ثِ ِٗ أَُِّٗ َػٍِ‪ ٌُ ١‬ثِ َزا ِ‬ ‫قال تعالى‪َٚ [ :‬أَ ِ‬
‫س ُّش‪ٚ‬ا لَ ْ‪ُ ٌَٛ‬ى ُْ أَ ِ‪ْ ٚ‬‬
‫كان يسود بين المشركين اعتقاد فاسد‪ ،‬وىو أذنيم إذا أسروا القول فاهلل ال يعممو‪ ،‬فبينت اْلية ذ‬
‫أن إسرار‬
‫حد سواء‪ ،‬فثاهلل يعممثو‪ ،‬وىثذه التسثوية أفادىثا صثيغة األمثر (أسثروا) و(اجيثروا)‪،‬‬ ‫القول والجير بو عمى ّ‬
‫بصوووجِ ُش‪ٚ‬ا أَ ْ‪ََ ٚ‬ل‬
‫[اصوووٍَ ْ‪َ٘ٛ‬ب فَ ْ‬
‫ْ‬ ‫حيثثث عطثثف الفعثثل عمثثى نقيضثثو بثثأداة (أو) يفيثثد التسثثوية‪ ،‬كقولثثو تعثثالى‪:‬‬
‫{الطىر‪.}16:‬‬‫ُّ‬ ‫س َ‪ٛ‬ا ٌء َػٍَ ْ‪ُ ١‬ى ُْ أَِّ َّب ر ُْجض َْ‪َِ َْٚ‬ب ُو ْٕزُ ُْ رَ ْؼ ٍَُّ‪] َْٛ‬‬
‫َصجِ ُش‪ٚ‬ا َ‬
‫ر ْ‬
‫رابعاً‪ :‬اإلباحة‬
‫قال تعالى‪ َٛ ُ٘ [ :‬اٌَّ ِز‪َ ٞ‬ج َؼ ًَ ٌَ ُى ُُ األَ ْس َ‬
‫ض َرٌُ ً‬
‫‪َٛ‬ل فَب ِْشُ‪ٛ‬ا فِ‪ََِٕ ٟ‬ب ِو ِج َ‪ٙ‬ب َ‪ُ ٚ‬وٍُ‪ٛ‬ا ِِْٓ ِس ْصلِ ِٗ َ‪ٚ‬اٌَِ ْ‪ ِٗ ١‬إٌُّشُ‪ُ ٛ‬س]‬
‫{الولك‪}15:‬‬

‫‪117‬‬
‫د‪ .‬رياض قاسم‬

‫ثأن ذلذثل ليثم األرض‪ ،‬يسثعون فثي نواحييثا وجوانبيثا‪ ،‬ويثأكمون‬ ‫تبثين اْليثة امتنثان اهلل ‪ ‬عمثى عبثاده‪ ،‬ب ْ‬
‫م ثن رزق اهلل الثثذي أخرجثثو ليثثم مثثن األرض‪،‬والغثثرض مثثن صثثيغة األمثثر فثثي قولثثو (فامش ثوا) و (كم ثوا)‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلباحة‪ ،‬وليس مجرد تنفيذ األمر المطموب‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬التمقين‬
‫اشتممت سورة الممك عمى ست آيات افتتحت بفعل األمر (قل) الذي يفيد التمقين وىي‪:‬‬
‫ش ُىشُ‪] َْٚ‬‬ ‫بس َ‪ٚ‬األَ ْفئِ َذحَ لٍَِ ً‬
‫‪َ١‬ل َِب رَ ْ‬ ‫ص َ‬ ‫‪ -1‬قال تعالى‪[ :‬لُ ًْ ُ٘ َ‪ ٛ‬اٌَّ ِز‪ ٞ‬أَ ْٔشَؤ َ ُو ُْ َ‪َ ٚ‬ج َؼ ًَ ٌَ ُى ُُ اٌ َّ‬
‫س ّْ َغ َ‪ٚ‬األَ ْث َ‬
‫{الولك‪}23:‬‬
‫ششُ‪{ ] َْٚ‬الولك‪}24:‬‬ ‫َ‬ ‫‪ -2‬قال تعالى‪[ :‬ل ًْ ُ٘ َ‪ ٛ‬اٌ ِز‪ ٞ‬ر َسأ ُو ُْ فِ‪ ٟ‬األ ْس ِ‬
‫ض َ‪ٚ‬اٌِ ْ‪ ِٗ ١‬ر ُْح َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫اٌؼ ٍْ ُُ ِػ ْٕ َذ هللاِ َ‪ٚ‬أَِّ َّب أََٔب َٔ ِز‪ٌ ٠‬ش ُِجِ‪{ ] ٌٓ١‬الولك‪}26:‬‬ ‫‪ -3‬قال تعالى‪[ :‬لُ ًْ أَِّ َّب ِ‬
‫‪ -4‬قال تعالى‪[ :‬لُ ًْ أَ َسأَ ْ‪٠‬زُ ُْ اِْْ أَ ٍَْ٘ َىِٕ َ‪ ٟ‬هللاُ َ‪ِ َِ َِْٓ ٚ‬ؼ َ‪ ٟ‬أَ ْ‪َ ٚ‬س ِح ََّٕب فَ َّْٓ ‪ِ ُ٠‬ج‪ُ ١‬ش اٌ َىبفِ ِش‪َ ِِْٓ َٓ٠‬ػ َزا ٍ‬
‫ة أٌَِ ٍ‬
‫‪]ُ١‬‬
‫{الولك‪}28:‬‬
‫ظ ََل ٍي ُِجِ ٍ‬
‫‪]ٓ١‬‬ ‫سزَ ْؼٍَ ُّ‪ َٛ ُ٘ َِْٓ َْٛ‬فِ‪َ ٟ‬‬ ‫‪ -5‬قال تعالى‪[ :‬لُ ًْ ُ٘ َ‪ ٛ‬اٌ َّش ْح َُّٓ آَ ََِّٕب ثِ ِٗ َ‪َ ٚ‬ػٍَ ْ‪ ِٗ ١‬ر ََ‪َّ ٛ‬و ٍَْٕب فَ َ‬
‫{الولك‪}29:‬‬
‫‪{ ]ٓ١‬الولك‪}31:‬‬ ‫‪ -6‬قال تعالى‪[ :‬لُ ًْ أَ َسأَ ْ‪٠‬زُ ُْ اِْْ أَ ْ‬
‫صجَ َح َِب ُإ ُو ُْ َغ ْ‪ً ٛ‬سا فَ َّْٓ ‪َ٠‬ؤْرِ‪ُ ١‬ى ُْ ثِ َّب ٍء َِ ِؼ ٍ‬
‫وفي ىذه المواضع الستة يمقن اهلل عز وجل رسولو الحجج التي ينبغي أن يحاجج بيا المشركين من‬
‫أجل بيان فساد معتقداتيم‪ ،‬واالستدالل عمى العقيدة الصحيحة‪.‬‬
‫المطمب الثالث‪ :‬المدح والذم‬
‫أوال‪ :‬المدح‬
‫لم يرد المدح في سورة الممك بصيغة صريحة من الصيغ التي تدل عميو‪ ،‬ولكنو ورد‬
‫بالمعنى في موضع واحد‪ ،‬وىو قولو تعالى‪[ :‬اَِّْ اٌَّ ِز‪ْ َ٠ َٓ٠‬خش َْ‪َ َْٛ‬سثَّ ُ‪ ُْ ٙ‬ثِبٌ َغ ْ‪ِ ١‬‬
‫ت ٌَ ُ‪ْ َِ ُْ ٙ‬غفِ َشحٌ َ‪ٚ‬أَ ْج ٌش َوجِ‪ٌ ١‬ش]‬
‫{الولك‪ ،}12:‬فقد وعد المولى ‪ ‬بالمغفرة واألجر العظيم لمذين يخشون ربيم بالغيب‪ ،‬وىذا يعني‬
‫الثناء عمى ىذا الفريق من الناس‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الذم‬
‫أما الذم فقد ورد في موضع واحد أيضا في سورة الممك‪ ،‬وىو قولو تعالى‪ِ ٌٍََِّٚ [ :‬ز‪َ َٓ٠‬وفَ ُش‪ٚ‬ا‬
‫ص‪ُ ١‬ش] {الولك‪ ،}6:‬فقد ذم المولى ‪ ‬المصير السيء – وىو عذاب‬ ‫ثِ َشثِّ ِ‪َ ُْ ٙ‬ػ َز ُ‬
‫اة َج َ‪ِ َٚ َُ َّٕٙ‬ثئ َ‬
‫ْس اٌ َّ ِ‬
‫جينم‪ -‬الذي ينتظر الذين كفروا بربيم‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مفاتيح الغيب (‪.)61/30‬‬

‫‪111‬‬
‫الظواهر البالغية في سورة الممك‬

‫المطمب الرابع‪ :‬التمني‬


‫لم يرد التمني في سورة الممك بصيغة صريحة من الصيغ التي تدل عميو‪ ،‬ولكنو ورد بالمعنى في‬
‫س ِؼ‪ِ ١‬ش]‬
‫ة اٌ َّ‬ ‫س َّ ُغ أَ ْ‪ْ َٔ ٚ‬ؼمِ ًُ َِب ُوَّٕب فِ‪ ٟ‬أَ ْ‬
‫ص َحب ِ‬ ‫موضع واحد‪ ،‬وىو قولو تعالى‪َ :‬‬
‫[‪ٚ‬لَبٌُ‪ٛ‬ا ٌَ ْ‪ُ ٛ‬وَّٕب َٔ ْ‬
‫{اٌٍّه‪ ،}81:‬فقول الكفار يدل عمى أنيم تمنوا أن لو كانوا قد أعمموا أسماعيم وعقوليم في الحياة‬
‫ألن مدار التكميف عمى أدلة السمع والعقل‬
‫الدنيا لنجوا من عذاب السعير‪" ،‬وجمع بين السمع والعقل‪ّ ،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫"‬
‫المبحث الثالث‬
‫الصور البيانية وأغراضها البالغية في سورة الممك‬
‫ويشتمل عمى خمسة مطالب‪:‬‬
‫المطمب األول‪ :‬براعة االستهالل‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اء وىو أَن يتَأَذن َ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذم َع‬ ‫ق في أ ذَول اْل َك َبلم ألَذنوُ أَ ذو ُل َما َي ْق َرعُ الس ْ‬ ‫قال أىل البيان‪" :‬م َن اْلَب َبل َغة ُح ْس ُن اال ْبت َد َ ُ َ ْ َ‬
‫ان اْلَب ِاقي ِفي نِيَ َاي ِة اْل ُح ْس ِن‬ ‫ض عنو ولو َك َ‬ ‫ذامعُ َعَمى اْل َك َبلِم َوَو َعاهُ َوِا ذال أ ْ‬
‫َع َر َ‬
‫فَِإن َكان مح ذر ار أَ ْقب َل الس ِ‬
‫ْ َ َُ ً َ‬
‫ض ِح ِو‬ ‫ظما وس ْب ًكا وأ ِ‬
‫َصحٍّو َم ْعًنى َوأ َْو َ‬ ‫َح َسنو َن ْ ً َ َ َ َ‬
‫َج َزِل ِو وأَرقٍّ ِو وأَسمَ ِس ِو وأ ْ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َع َذ ِب الم ْفظ َوأ ْ َ َ َ ْ‬
‫ذ ِ‬ ‫يو بِأ ْ‬ ‫فَي ْنب ِغي أَن يؤتَى ِف ِ‬
‫ْ ُْ‬ ‫ََ‬
‫ت َج ِميعُ فَ َواتِ ِح الس َوِر‬ ‫ب‪ ،‬قَالُوا‪َ :‬وقَ ْد أَتَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ذِ‬
‫س أ َِو الذي َال ُيَناس ُ‬ ‫ير اْل ُمْمبِ ِ‬‫ْخ ِ‬‫َخ َبله ِمن التذع ِق ِيد والتذ ْقِد ِيم والتذأ ِ‬
‫َ‬ ‫َوأ ْ ُ َ ْ َ‬
‫اء‬ ‫اء و َغ ْي ِر َذِل َك‪ .‬و ِمن ِاال ْبتِ َد ِ‬ ‫اء و ٍّ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َحس ِن اْلوجوِه وأَْبمَ ِغيا وأَ ْكمِميا َكالتذ ْح ِم َ ِ‬
‫َ َ‬ ‫الن َد َ‬ ‫يدات َو ُح ُروف اْلي َج َ‬ ‫ُُ َ َ َ َ َ‬ ‫َعمَى أ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‬ ‫ب اْل َح َ‬ ‫َن َي ْشتَم َل أ ذَو ُل اْل َك َبلِم َعمَى َما ُيَناس ُ‬ ‫اعةَ ِاال ْست ْي َبل ِل َو ُى َو أ ْ‬ ‫َخص م ْنوُ ُي َس ذمى َب َر َ‬ ‫اْل َح َس ِن َن ْوعٌ أ َ‬
‫ِ ِ ِ (‪)2‬‬
‫َجمو"‬ ‫يو َوُي ِش ُير ِإلَى َما ِس َ‬
‫يق اْل َك َبل ُم أل ْ‬ ‫اْلمتَ َكمذم ِف ِ‬
‫ُ َ‬
‫بس َن اٌَّ ِز‪ ٞ‬ثِ‪ِ َ١‬ذ ِٖ اٌ ُّ ٍْ ُه َ‪َ َُٛ ٘ٚ‬ػٍَ‪ُ ٝ‬و ًِّ‬ ‫افتتحت سورة الممك بما يدل عمى منتيى كمال اهلل تعالى‪[ :‬رَجَ َ‬
‫ش َْ‪ٍ ٟ‬ء لَ ِذ‪ٌ ٠‬ش] {الولك‪ }1:‬وىو افتتاح بديع لندرة أمثالو في كبلم بمغاء العرب‪ ،‬وىو يؤذن بأن ما حوتو‬
‫السورة يحوم حول تنزيو اهلل تعالى عن النقص الذي افتراه المشركون لما نسبوا إليو شركاء‪ ،‬وفي ىذا‬
‫االفتتاح براعة االستيبلل‪ .‬وفعل (تبارك) يدل عمى المبالغة في وفرة الخير‪ ،‬وىو في مقام الثناء‬
‫يقتضي العموم بالقرينة‪ ،‬أي يفيد أن كل وفرة من الكمال ثابتة هلل تعالى بحيث ال يتخمف نوع منيا‬
‫(‪)3‬‬
‫عن أن يكون صفة لو تعالى‪.‬‬

‫(‪ )1‬الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (‪.)579 /4‬‬


‫(‪ )2‬اإلتقان في عموم القرآن (‪.)363 /3‬‬

‫(‪ )3‬انظر‪ :‬التحرير والتنوير (‪.)9 /29‬‬

‫‪111‬‬
‫د‪ .‬رياض قاسم‬

‫المطمب الثاني‪ :‬التشبيه‬


‫أوالً‪ :‬التشبيه البميغ‬
‫‪َٚ ٓ١‬أَ ْػزَ ْذَٔب ٌَ ُ‪َ ُْ ٙ‬ػ َز َ‬
‫اة‬ ‫بغ ِ‬ ‫‪١‬ح َ‪َ ٚ‬ج َؼ ٍَْٕبَ٘ب ُس ُج‪ًِ ٛ‬ب ٌٍِ َّ‬
‫ش‪ِ َ١‬‬ ‫صبثِ َ‬ ‫قال تعالى‪ٌََٚ [ :‬مَ ْذ َص‪ََّّٕ٠‬ب اٌ َّ‬
‫س َّب َء اٌ ُّذ ْٔ‪َ١‬ب ثِ َّ َ‬
‫س ِؼ‪ِ ١‬ش] {الولك‪. }5:‬‬ ‫اٌ َّ‬
‫تبين اْلية مظي اًر من مظاىر قدرتو تعالى في الخمق‪ ،‬فقد زيذن سبحانو وتعالى السماء الدنيا ‪-‬وىي‬
‫ٍ‬
‫بنجوم كالمصابيح‪ ،‬وقد شبذو تعالى النجوم بالمصابيح‪ ،‬لما يجمع بينيما من ُحسن‬ ‫القريبة منا‪-‬‬
‫المنظر‪ ،‬وكما أن المصباح ُييتدى بو في الظبلم‪ ،‬فإن النجوم كذلك ييتدى بيا في ظممات البر‬
‫والبحر‪ ،‬قال تعالى‪ َُٛ َ٘ٚ [ :‬اٌَّ ِز‪َ ٞ‬ج َؼ ًَ ٌَ ُى ُُ إٌُّ ُج‪ٌِ ََ ٛ‬زَ ْ‪ٙ‬زَذُ‪ٚ‬ا ثِ َ‪ٙ‬ب فِ‪ ٟ‬ظٍُُ َّب ِ‬
‫د اٌجَ ِّش َ‪ٚ‬اٌجَ ْح ِش لَ ْذ فَ َّ‬
‫ص ٍَْٕب‬
‫د ٌِمَ ْ‪ْ َ٠ ٍَ ٛ‬ؼٍَ ُّ‪{ ] َْٛ‬األًعام‪}97:‬‬
‫ا‪َ٠َ٢‬ب ِ‬
‫وعميو ففي ىذه اْلية الكريمة تشبيو بميغ‪ ،‬حيث صرح اهلل تعالى بالمشبو بو‪ ،‬وىو‬
‫(المصابيح)‪ ،‬وحذف المشبو (النجوم) لشدة معرفتو‪ ،‬ولم يأت باألداة ووجو الشبو لسيولة تقديره‬
‫وح ْسن‬
‫واستحضار المحذوفات‪ ،‬وعميو فإن تقدير المحذوف‪ :‬النجوم كالمصابيح بضوئيا البلمع ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫مظيرىا وروعة زينتيا‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬التشبيه التمثيمي‬
‫ش ِ‪١ٙ‬مًب َ‪ َٟ ِ٘ ٚ‬رَفُ‪ُ ٛ‬س] {الولك‪}7:‬‬ ‫‪ _1‬قال تعالى‪[ :‬اِ َرا أُ ٌْمُ‪ٛ‬ا فِ‪َٙ ١‬ب َ‬
‫س ِّ ُؼ‪ٛ‬ا ٌَ َ‪ٙ‬ب َ‬
‫طرحثثون فثثي نثثار جيثثنم‪ ،‬بثثأنيم يسثثمعون لمنثثار صثثوتاً‬
‫تبثثين اْليثثة حثثال الكفثثار مثثن الجثثن واإلنثثس حثثين ُي َ‬
‫فظيعاً منك اًر وىي تغمي بيم‪ ،‬وقد شبذو تعالى صوت ليب النار بالشييق‪ ،‬والشييق ىو أقثبح األصثوات‬
‫(‪)2‬‬
‫وىثثذا التشثثبيو فيثثو داللثثة عمثثى فظاعثثة الصثثوت الثثذي يثثدل عمثثى شثثدة الغميثثان‬ ‫وىثثو كصثثوت الحمثثار‪،‬‬
‫والغيظ ‪.‬‬
‫‪ _2‬قال تعالى‪[ :‬رَ َىب ُد رَ َّ‪ُ َّ١‬ض َِِٓ اٌ َغ ْ‪ِ ١‬ع ُوٍَّ َّب أُ ٌْمِ َ‪ ٟ‬فِ‪َٙ ١‬ب فَ ْ‪ٌ ٛ‬ج َ‬
‫سؤٌََ ُ‪َ ُْ ٙ‬خ َضَٔزُ َ‪ٙ‬ب أٌََ ُْ ‪َ٠‬ؤْرِ ُى ُْ َٔ ِز‪ٌ ٠‬ش] {الولك‪}8:‬‬
‫تبين ىذه اْلية حال نار جينم حين ُيمقى فييا الكفار‪ ،‬فيي تكاد تتقطع من شدة الغيظ‬
‫اء‪ ،‬والتعبير (تكاد تميذز من الغيظ)‬
‫والغضب‪ ،‬فقولو (تَمي ُذز) أصميا تتميز‪ ،‬وتعني تنفصل وتتج أز أجز ً‬
‫فيو تشبيوٌ تمثيمي‪ ،‬حيث شبذو حالة فوران النار وتصاعد ألسنة لييبيا‪ ،‬والتيام َمن ُيمَقون إلييا‪ ،‬بحال‬

‫(‪ )1‬انظر التحرير والتنوير (‪.)21 /29‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مفاتيح الغيب (‪.)56/30‬‬

‫‪181‬‬
‫الظواهر البالغية في سورة الممك‬

‫ذ‬
‫وصب عميو جام غضبو‪ ،‬والغرض من ىذا التشبيو‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫مغتاظ شديد الغيظ‪ ،‬ال يترك شيئاً مما غاظو إالّ‬
‫(‪)1‬‬
‫أن تتقطع‪.‬‬
‫ألجل أن يتخيل السامع مدى شدة االضطراب حتى قاربت أج ازء نار جينم ْ‬
‫فيا ليا من صورة مروعة ! فيي تشبيو تمثيمي مركب‪ ،‬إذ شبذو حال النار بحال َم ْن تميز غيظاً‪،‬‬
‫لم ْن عصى اهلل ‪ ،‬وىو منتزع من عدة أمور‬ ‫ذ‬
‫ووجو الشبو ىو الييئة الحاصمة من التيام النيران َ‬
‫مجتمعة تتمثل في‪ :‬صورة المشبو وىي ىيئة النار في حال فورانيا وتصاعد ألسنة لييبيا‪ ،‬ورطميا ما‬
‫فييا رطماً شديدًا‪ ،‬والتيام َم ْن ُي َمقون إلييا التياماً ميوالً‪ .‬وصورة المشبو بو وىي ىيئة اإلنسان الذي‬
‫يتميز غيظاً ويتقصف غضباً؛ فيكاد تتفرق أجزاؤه فيتميز‪.‬‬
‫قال الرازي‪" :‬شبذو صوت ليبيا وسرعة تبادرىا بصوت الغضبان وحركتو"(‪.)2‬‬
‫المطمب الثالث‪ :‬االستعارة التصريحية‬
‫قال تعالى‪ َٛ ُ٘ [ :‬اٌَّ ِز‪َ ٞ‬ج َؼ ًَ ٌَ ُى ُُ األَ ْس َ‬
‫ض َرٌُ ً‬
‫‪َٛ‬ل فَب ِْشُ‪ٛ‬ا فِ‪ََِٕ ٟ‬ب ِو ِج َ‪ٙ‬ب َ‪ُ ٚ‬وٍُ‪ٛ‬ا ِِْٓ ِس ْصلِ ِٗ َ‪ٚ‬اٌَِ ْ‪ ِٗ ١‬إٌُّشُ‪ُ ٛ‬س]‬
‫{اٌٍّه‪. }81:‬‬
‫شبو اهلل ‪ ‬في ىذه اْلية الكريمة األرض بالبقرة عمى سبيل االستعارة التصريحية‪ ،‬حيث استعير‬ ‫ُي ّ‬
‫لفظ (الذلول) لؤلرض بجامع تذليل االنتفاع بيا مع صبلبة َخْم ِقيا‪ ،‬تشبيياً ليا بالدابة التي ساسيا‬
‫وروضيا بعد صعوبة التعامل معيا‪ ،‬فحذف المشبو بو (البقرة) وصرح بمفظ المشبو‬
‫صاحبيا ذ‬
‫(األرض) وجاء بالصفة المشتركة بينيما‪ ،‬ثم قرن الكبلم بما يبلئم المشبو (البقرة الذلول) بمفظ‬
‫(المناكب) عمى سبيل االستعارة المجردة‪ ،‬والمناكب تخييل لبلستعارة لزيادة بيان تسخير األرض‬
‫لمناس‪ ،‬والمنكب ىو ممتقى الكتف مع العضد‪ ،‬حيث إن فائدة التذليل ىو الركوب واألكل منيا‪،‬‬
‫والمشي عمى األرض شبيو بركوب الذلول‪ ،‬واألكل مما تنبت األرض شبيو بأكل العجول والخرفان‬
‫واألشياء المحممة‪ ،‬وألبانيا وسمنيا‪ ،‬وجمع المناكب تجريد لبلستعارة ألن الذلول ليا منكبان‪ ،‬واألرض‬
‫(‪)3‬‬
‫ذات متسعات كثيرة‪.‬‬
‫قال الزمخشري‪" :‬المشي في مناكبيا‪ :‬مثَ ٌل ِلفَر ِط التذليل ومجاوَزتِ ِو الغايةَ؛ ألن ِ‬
‫الم ْن َكَب ْين وممتقاىما من‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫(‪)4‬‬
‫وي ْعتمد عميو"‬ ‫و‬ ‫شيء ِمن البعير وأ َْنباه عن أَن يطأَه الراكب ِ‬
‫بقدم‬ ‫ٍ‬ ‫الغار ِب أرق‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬التحرير والتنوير (‪.)25/29‬‬


‫(‪ )2‬مفاتيح الغيب (‪.)56/30‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬التحرير والتنوير(‪.)32/29‬‬
‫(‪ )4‬الكشاف (‪.)585/4‬‬

‫‪188‬‬
‫د‪ .‬رياض قاسم‬

‫المطمب الرابع‪ :‬االستعارة التمثيمية‬


‫سزَمِ ٍ‬
‫‪]ُ١‬‬ ‫اغ ُِ ْ‬ ‫س ِ‪ًّ٠ٛ‬ب َػٍَ‪ِ ٝ‬‬
‫ص َش ٍ‬ ‫ش‪َ ٟ‬‬ ‫قال تعالى‪[ :‬أَفَ َّْٓ ‪ِ ّْ َ٠‬‬
‫ش‪ِ ُِ ٟ‬ىجًّب َػٍَ‪ْ َٚ ٝ‬ج ِ‪ ِٗ ٙ‬أَ ْ٘ذَ‪ ٜ‬أَ َِّْٓ ‪ِ ّْ َ٠‬‬
‫{الولك‪. }22:‬‬
‫"فاْلية تشتمل عمى ثبلث استعارات تمثيمية فقولو‪( :‬أفمن يمشي مكبا عمى وجيو) تشبيو لحال‬
‫المشرك في تقسم أمره بين اْللية طمباً لمذي ينفعو منيا الشاك في انتفاعو بيا‪ ،‬بحال السائر قاصدًا‬
‫وال يوقن‬ ‫أرضاً معينة‪ ،‬ليست ليا طريق جادة‪ ،‬فيو يتتبع بنيات الطريق الممتوية‪ ،‬وتمتبس عميو‬
‫بالطريقة التي تبمغ إلى مقصده‪ ،‬فيبقى حائ اًر متوسماً يتعرف آثار أقدام الناس وأخفاف اإلبل‪ ،‬فيعمم‬
‫بيا أن الطريق مسموكة أو متروكة‪.‬‬
‫وفي ضمن ىذه التمثيمية تمثيمية أخرى مبنية عمييا بقولو‪( :‬مكباً عمى وجيو) بتشبيو حال المتحير‬
‫المتطمب لآلثار في األرض بحال المكب عمى وجيو في شدة اقترابو من األرض‪ .‬وقولو‪( :‬أمن‬
‫يمشي سوياً) تشبيو لحال الذي آمن برب واحد‪ ،‬الواثق بنصر ربو وتأييده وبأنو مصادف لمحق‪ ،‬بحال‬
‫الماشي في طريق جادة واضحة ال ينظر إال إلى اتجاه وجيو فيو مستو في سيره‪ .‬وقد حصل في‬
‫اْلية إيجاز حذف إذ استغني عن وصف الطريق بااللتواء في التمثيل األول لداللة مقابمتو باالستقامة‬
‫(‪)1‬‬
‫فالمؤمن من يمشي سوياً عمى صراط مستقيم‪ ،‬والكافر يمشي مكباً عمى وجيو‬ ‫في التمثيل الثاني"‬
‫ِإلى طريق الجحيم‪ ،‬ويا ليا من استعارة رائعة!!‬
‫المطمب الخامس‪ :‬المجاز العقمي‬
‫قال تعالى‪[ :‬رَجَب َس َن اٌَّ ِز‪ ٞ‬ثِ‪ِ َ١‬ذ ِٖ اٌ ُّ ٍْ ُه َ‪َ َٛ ُ٘ ٚ‬ػٍَ‪ُ ٝ‬و ًِّ ش َْ‪ٍ ٟ‬ء لَ ِذ‪ٌ ٠‬ش] {الولك‪. }1:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ِ‬
‫الكامل كما في قولو‬ ‫ِ‬
‫االستيبلء‬‫مجاز عن القد ِرة التا ذم ِة و‬ ‫ٌ‬ ‫اليد في قولو تعالى‪ ) :‬بيده الممك)‬ ‫و ُ‬
‫‪ٛ‬سؼُ‪{ ] َْٛ‬الذارياث‪ }47:‬وقول العرب‪ :‬ما لي بيذا األمر يدان‪.‬‬ ‫تعالى‪َٚ [:‬اٌ َّ‬
‫س َّب َء ثََٕ ْ‪َٕ١‬بَ٘ب ثِؤ َ ْ‪ٍ ٠‬ذ َ‪ٚ‬أَِّب ٌَ ُّ ِ‬
‫صرف الكمي في ٍّ‬
‫كل‬ ‫ُ‬ ‫بقبضة قُدرتِ ِو التذ‬
‫ِ‬ ‫كل ما سواهُ ذاتاً وصفةً وفعبلً‪ ،‬الذي‬ ‫ظم عن ٍّ‬ ‫والمعنى أي تعا َ‬
‫األمور(‪. )2‬‬
‫ِ‬
‫‪َٚ ٓ١‬أَ ْػزَ ْذَٔب ٌَ ُ‪َ ُْ ٙ‬ػ َز َ‬
‫اة‬ ‫بغ ِ‬‫ش‪ِ َ١‬‬ ‫‪١‬ح َ‪َ ٚ‬ج َؼ ٍَْٕبَ٘ب ُس ُج‪ًِ ٛ‬ب ٌٍِ َّ‬
‫صبثِ َ‬ ‫‪ -2‬قال تعالى‪ٌََٚ [ :‬مَ ْذ َص‪ََّّٕ٠‬ب اٌ َّ‬
‫س َّب َء اٌ ُّذ ْٔ‪َ١‬ب ثِ َّ َ‬
‫س ِؼ‪ِ ١‬ش] {الولك‪. }5:‬‬
‫اٌ َّ‬

‫(‪ )1‬التحرير والتنوير (‪.)46،45 /29‬‬


‫(‪ )2‬انظر إرشاد العقل السميم إلى مزايا الكتاب الكريم (‪ ،)273/6‬التحرير والتنوير (‪.)10/29‬‬

‫‪181‬‬
‫الظواهر البالغية في سورة الممك‬

‫قولو تعالى (وجعمناىا) مجاز عقمي عبلقتو مكانية‪ ،‬إذ إن الضمير في جعمناىا عائد إلى السماء‬
‫الدنيا والتي ىي المكان الذي يصدر منو الرجوم‪ ،‬فالسماء ال ترجم؛ إنما الذي يرجم ىو النجوم التي‬
‫تكتنفيا ىذه السماء(‪.)1‬‬
‫ُ‪ ْٚ‬اٌ َّش ْح َّ ِٓ اِ ِْ اٌ َىبفِشُ‪ َْٚ‬اِ ََّل فِ‪ُ ٟ‬غ ُش‪ٍ ٚ‬س]‬ ‫‪ -3‬قال تعالى‪[ :‬أَ َِّْٓ َ٘ َزا اٌَّ ِز‪ُ َٛ ُ٘ ٞ‬ج ْٕ ٌذ ٌَ ُى ُْ ‪ُ ْٕ َ٠‬‬
‫ص ُش ُو ُْ ِِْٓ د ِ‬
‫{الولك‪.}21:‬‬
‫و(دون) في قولو تعالى‪) :‬ينصركم من دون الرحمن) أصمو ظرف لممكان األسفل ضد (فوق) ‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ويطمق عمى المغاير فيكون بمعنى غير عمى طريقة المجاز المرسل‪.‬‬
‫والظرفية في قولو تعالى‪( :‬إن الكافرون إال في غرور) مجازية مستعممة في شدة التمبس بالغرور‬
‫حتى كأن الغرور محيط بيم إحاطة الظرف بالمظروف‪ .‬والمعنى‪ :‬ما الكافرون في حال من األحوال‬
‫إال في حال الغرور‪ ،‬وىذا قصر إضافي لقمب اعتقادىم أنيم في مأمن من الكوارث بحماية‬
‫آليتيم(‪.)3‬‬
‫‪ _4‬قال تعالى‪[ :‬أَ َِّْٓ َ٘ َزا اٌَّ ِز‪ْ َ٠ ٞ‬ش ُصلُ ُى ُْ اِْْ أَ ِْ َ‬
‫س َه ِس ْصلَُٗ ثَ ًْ ٌَ ُّج‪ٛ‬ا فِ‪ُ ٟ‬ػز ٍُّ‪َُٔٚ ٛ‬فُ‪ٍ ٛ‬س] {الولك‪}21:‬‬
‫والظرفية في قولو تعالى‪( :‬بل لجوا في عتو ونفور) مجازية مستعممة في شدة التمبس بالعتو والنفور‬
‫حتى كأن العتو والنفور محيط بيم إحاطة الظرف بالمظروف‪ .‬والمعنى‪ :‬ما الكافرون في حال من‬
‫األحوال إال في حال العتو والنفور‪.‬‬
‫‪ _5‬قال تعالى‪[ :‬لُ ًْ أَ َسأَ ْ‪٠‬زُ ُْ اِْْ أَ ٍَْ٘ َىِٕ َ‪ ٟ‬هللاُ َ‪ِ َِ َِْٓ ٚ‬ؼ َ‪ ٟ‬أَ ْ‪َ ٚ‬س ِح ََّٕب] {الولك‪}28:‬‬
‫"والمعية في قولو‪( :‬ومن معي) معية مجازية‪ ،‬وىي الموافقة والمشاركة في االعتقاد والدين‪ ،‬كما في‬
‫شذَّا ُء َػٍَ‪ ٝ‬اٌ ُىفَّب ِس] {الفتح‪ ،}29:‬أي الذين آمنوا معو‪،‬‬ ‫س‪ُ ٛ‬ي هللاِ َ‪ٚ‬اٌَّ ِز‪َ َِ َٓ٠‬ؼُٗ أَ ِ‬ ‫قولو تعالى‪َ ُِ [ :‬ح َّّ ٌذ َس ُ‬
‫(‪)4‬‬
‫س َؼ‪ ٝ‬ثَ‪ َْٓ١‬أَ ْ‪ِ ٠‬ذ‪{ ]ُْ ِٙ ٠‬التَّحزين‪" }8:‬‬ ‫وقولو‪َٚ [ :‬اٌَّ ِز‪ َٓ٠‬آَ َُِٕ‪ٛ‬ا َِ َؼُٗ ُٔ‪ُ ٛ‬س ُ٘ ُْ ‪ْ َ٠‬‬
‫المطمب السادس‪ :‬الكناية‬
‫‪ _1‬قال تعالى‪ َٛ ُ٘ [ :‬اٌَّ ِز‪َ ٞ‬ج َؼ ًَ ٌَ ُى ُُ األَ ْس َ‬
‫ض َرٌُ ً‬
‫‪َٛ‬ل فَب ِْشُ‪ٛ‬ا فِ‪ََِٕ ٟ‬ب ِوجِ َ‪ٙ‬ب َ‪ُ ٚ‬وٍُ‪ٛ‬ا ِِْٓ ِس ْصلِ ِٗ َ‪ٚ‬اٌَِ ْ‪ ِٗ ١‬إٌُّشُ‪ُ ٛ‬س]‬
‫{الولك‪. }15:‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬التحرير والتنوير (‪.)22 /29‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬التحرير والتنوير (‪.)42 /29‬‬

‫(‪ )3‬انظر‪ :‬التحرير والتنوير (‪.)43 /29‬‬

‫(‪ )4‬التحرير والتنوير (‪.)53/29‬‬

‫‪183‬‬
‫د‪ .‬رياض قاسم‬

‫ض َذلُوًال) كناية عن صفة االنقياد والتطويع والتذليل التي أمر اهلل تعالى‬ ‫قولو تعالى‪َ ( :‬ج َؼ ًَ ٌَ ُى ُُ األ َْر َ‬
‫بيا األرض لمتسييل عمى اإلنسان‪ ،‬وىي صفة معنوية‪.‬‬
‫ش ُىشُ‪] َْٚ‬‬ ‫صب َس َ‪ٚ‬األَ ْفئِ َذحَ لٍَِ ً‬
‫‪َ١‬ل َِب رَ ْ‬ ‫‪ _2‬قال تعالى‪[ :‬لُ ًْ ُ٘ َ‪ ٛ‬اٌَّ ِز‪ ٞ‬أَ ْٔشَؤ َ ُو ُْ َ‪َ ٚ‬ج َؼ ًَ ٌَ ُى ُُ اٌ َّ‬
‫س ّْ َغ َ‪ٚ‬األَ ْث َ‬
‫{الولك‪. }23:‬‬
‫ون) كناية عن صفة معنوية‪ ،‬أال وىي النفي والعدم‪ ،‬ولكن القرآن الكريم‬ ‫ِ‬
‫يبل َما تَ ْش ُك ُر َ‬
‫قولو تعالى‪َ ( :‬قم ً‬
‫ومطوعاً الكناية‬
‫ّ‬ ‫لم يذكر ذلك صراحة؛ إنما عبذر عنيا بتصوير فني دقيق وجميل‪ ،‬تاركاً التصريح‪،‬‬
‫لتعبر عن عدم شكر البشر هلل عز وجل‪.‬‬
‫ششُ‪{ ] َْٚ‬الولك‪ }24:‬قولو تعالى‪َ ( :‬وِالَ ْي ِو‬ ‫‪ _3‬قال تعالى‪[ :‬لُ ًْ ٘ َُ‪ ٛ‬اٌَّ ِز‪َ ٞ‬ر َسأَ ُو ُْ فِ‪ ٟ‬األَ ْس ِ‬
‫ض َ‪ٚ‬اٌَِ ْ‪ ِٗ ١‬ر ُْح َ‬
‫ون) كناية عن موصوف‪ ،‬وىو (الموت)‪ ،‬حيث َكذنى اهلل ‪ ‬بمرتبتين من المبلزمة؛ فالحشر‬ ‫تُ ْح َش ُر َ‬
‫يكون بعد البعث الذي يسبقو الموت‪ ،‬وقد دمج بين تذكيرىم بالموت الذي ال بد منو‪ ،‬وانذارىم بالبعث‬
‫والحشر‪.‬‬
‫‪ _4‬قال تعالى‪[ :‬فٍََ َّّب َسأَ ْ‪ُ ُٖٚ‬ص ٌْفَخً ِ‬
‫س‪١‬ئَذْ ُ‪ُ ٚ‬ج‪ ُٖٛ‬اٌَّ ِز‪َ َٓ٠‬وفَ ُش‪ٚ‬ا َ‪ٚ‬لِ‪َ َ٘ ًَ ١‬زا اٌَّ ِز‪ُ ٞ‬و ْٕزُ ُْ ثِ ِٗ رَ َّذػُ‪] َْٛ‬‬
‫{الولك‪}27:‬‬
‫قولو تعالى ( َفمَ ذما َأرَْوهُ ُزْلفَةً) كناية عن شدة القرب‪ ،‬واستخدام الشرط فيو تشويق لمعرفة النتيجة‪.‬‬
‫ين َكفَ ُروا) كناية عن صفة القبح والكآبة واالنطباع والغاية في السوء‬ ‫ذِ‬ ‫وقولو تعالى ( ِس َيئ ْ‬
‫ت ُو ُجوهُ الذ َ‬
‫كإيضاح مكني لمصفة المعنوية الكريية‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫الذي يعتري الكافرين‪،‬‬

‫المطمب السابع‪ :‬اإليجاز بالحذف‬


‫ص‪ُ ١‬ش] {الولك‪}6:‬‬
‫ْس اٌ َّ ِ‬ ‫‪ -1‬قال تعالى‪ِ ٌٍََِّٚ [ :‬ز‪َ َٓ٠‬وفَ ُش‪ٚ‬ا ِث َشثِّ ِ‪َ ُْ ٙ‬ػ َز ُ‬
‫اة َج َ‪َٚ َُ َّٕٙ‬ثِئ َ‬
‫لم يذكر سبحانو وتعالى في خاتمة اْلية المخصوص بالذم‪ ،‬فيكون المخصوص بالذم محذوفا إيجا اًز‪،‬‬
‫المصير مصيرىم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫والتقدير‪ :‬وبئس‬
‫عذاب‬
‫ُ‬ ‫عذاب جينم‪ ،‬أو‬ ‫ُ‬ ‫صيرىم‪ ،‬أو‬ ‫المصير َم ُ‬ ‫ُ‬ ‫وبئس‬
‫محذوف‪ ،‬أي‪َ :‬‬ ‫ٌ‬ ‫بالذم‬
‫المخصوص ٍّ‬‫ُ‬ ‫قال السذمين‪" :‬و‬
‫(‪)1‬‬
‫السعير"‪.‬‬
‫س ُى ُ‪ َّٓٙ‬اِ ََّل اٌ َّش ْح َُّٓ أَُِّٗ ثِ ُى ًِّ ش ْ‬
‫َ‪ٍ ٟ‬ء‬ ‫د َ‪ْ َ٠ٚ‬مجِ ْ‬
‫عَٓ َِب ‪ِ ّْ ُ٠‬‬ ‫‪ -2‬قال تعالى‪[ :‬أَ َ‪َ َ٠ ُْ ٌَٚ‬ش ْ‪ٚ‬ا اٌَِ‪ ٝ‬اٌطَّ ْ‪ِ ١‬ش فَ ْ‪ٛ‬لَ ُ‪َ ُْ ٙ‬‬
‫صبفَّب ٍ‬
‫ص‪ٌ ١‬ش] {الولك‪. }19:‬‬ ‫ثَ ِ‬
‫لم يذكر سبحانو وتعالى مفعوالً لكل من (صافات) و(يقبضن) والصف والقبض يكون لؤلجنحة‪،‬‬
‫صافات أجنحتين‪ ،‬ويقبضن أجنحتين‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫فيكون التقدير‪:‬‬

‫(‪ )1‬الدر المصون‪.)382/10( ،‬‬

‫‪181‬‬
‫الظواهر البالغية في سورة الممك‬

‫وي ْقبِ ْ‬
‫ض ِن أجنحتَيُ ذن‪ ،‬قالو أبو البقاء ولم ُيقَ ٍّد ْر لث‬ ‫محذوف أي‪َ :‬‬
‫ٌ‬ ‫ض َن)‬‫(ي ْقبِ ْ‬
‫قال السمين‪" :‬ومفعو ُل َ‬
‫ات‬‫أن المعنى‪ :‬صافذ ٍ‬ ‫الظاىر ذ‬ ‫أنفسيا أي‪ :‬مصطفذةً‪ .‬و‬ ‫االصطفاف في ِ‬
‫َ‬ ‫(صافذ ٍ‬
‫ات) مفعوالً؛ كأنو َزَع َم ذ‬
‫أن‬
‫ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫ض منيا ألجنحتِيا‪".‬‬
‫الق ْب ُ‬
‫وقابضتَيا‪ ،‬فالصذف و َ‬ ‫َ‬ ‫أجنحتَيا‬
‫وعبر المولى سبحانو وتعالى عن اصطفاف األجنحة باالسم ألنيا حالة ثابتة‪ ،‬وعبر عن القبض‬
‫بالفعل ألنو متجدد ومتكرر من الطير‪.‬‬
‫قال الزمخشري‪" :‬فإن قمت‪َ :‬لم قيل‪ :‬ويقبضن‪ ،‬ولم يقل‪ :‬وقابضات؟ قمت‪ :‬ألن األصل في الطيران‬
‫مد األطراف‬
‫ألن الطيران في اليواء كالسباحة في الماء‪ ،‬واألصل في السباحة ّ‬
‫ىو صف األجنحة‪ّ ،‬‬
‫وبسطيا‪ .‬وأما القبض فطارئ عمى البسط لبلستظيار بو عمى التحرك‪ ،‬فجيء بما ىو طارئ غير‬
‫أصل بمفظ الفعل‪ ،‬عمى معنى أنين صافات‪ ،‬ويكون منين القبض تارة كما يكون من السابح "(‪.)2‬‬
‫‪ -3‬قال تعالى‪[ :‬أَ َِّْٓ َ٘ َزا اٌَّ ِز‪ْ َ٠ ٞ‬ش ُصلُ ُى ُْ اِْْ أَ ِْ َ‬
‫سهَ ِس ْصلَُٗ ثَ ًْ ٌَ ُّج‪ٛ‬ا فِ‪ُ ٟ‬ػز ٍُّ‪َُٔٚ ٛ‬فُ‪ٍ ٛ‬س] {الولك‪}21:‬‬
‫ُختمت اْلية بثقولو تعالى (بل لجوا في عتو ونفور) وىي جممة استئنافية تتعمق بسؤال مقدر محذوف‬
‫يخطر ببال السامع لآليات من أول السورة‪ ،‬والتقدير‪ :‬لعميم انتفعوا بمظاىر قدرة اهلل الواردة في‬
‫السورة ؟ فيأتي الجواب مبيناً حقيقة القوم أنيم لجوا في عتو ونفور‪.‬‬
‫أو أنيا تتعمق بجممة مقدرة تفيم من خاتمة اْلية‪ ،‬والتقدير‪ :‬فمم ينتفعوا ولم يعتبروا فيذعنوا لمحق بل‬
‫لجوا‪.‬‬
‫قال الطاىر‪" :‬استئناف َبياني وقع جواباً عن سؤال ناشئ عن الدالئل والقوارع والزواجر والعظات‬
‫والعبر المتقدمة ابتداء من قولو‪( :‬الذي خمق الموت والحياة) إلى ىنا‪ ،‬فيتجو لمسائل أن يقول‪ :‬لعميم‬
‫العبر‪ ،‬فأجيب بإبطال ظنو بأنيم لَجوا في ُعتُّو‬‫نفعت عندىم اْليات والنذر‪ ،‬واعتبروا باْليات و ِ‬
‫(‪)3‬‬
‫ونفور‪".‬‬
‫وقال أبو السعود‪ " :‬وقولو تعالى‪( :‬بل لجوا في عتو ونفور) منبئ عن ُمقَ ذدر يستدعيو المقام‪ ،‬كأنو‬
‫قيل إثر تمام التبكيت والتعجيز‪ :‬لم يتأثروا بذلك‪ ،‬ولم ُيذعنوا لمحق؛ بل لجوا وتمادوا في عتو‪ ،‬أي‬
‫(‪)4‬‬
‫ٍ‬
‫وطغيان‪ ،‬ونفور أي شراد عن الحق‪".‬‬ ‫ٍ‬
‫استكبار‬ ‫ٍ‬
‫عناد و‬

‫(‪ )1‬الدر المصون‪.)391/10( ،‬‬

‫(‪ )2‬الكشاف عن حقائق التنزيل (‪.)581/4‬‬

‫(‪ )3‬التحرير والتنوير(‪.)43/29‬‬

‫(‪ )4‬إرشاد العقل السميم (‪.)280/6‬‬

‫‪181‬‬
‫د‪ .‬رياض قاسم‬

‫‪ -4‬قال تعالى‪َ٠َٚ [ :‬مُ‪َِ ٌَُْٛٛ‬زَ‪َ َ٘ ٝ‬زا اٌ َ‪ْ ٛ‬ػ ُذ اِْْ ُو ْٕزُ ُْ َ‬


‫صب ِدلِ‪{ ] َٓ١‬الولك‪}25:‬‬
‫ختمت اْلية بجممة شرطية(إن كنتم صادقين)‪ ،‬وجوابيا محذوف يفيم من سياق اْلية‪ ،‬والتقدير‪ :‬إن‬
‫كنتم صادقين في دعواكم بمجيء ذلك اليوم‪.‬‬
‫إن كنتم صادقين فيما تخبرونو من مجيء‬
‫قال أبو السعود‪" :‬وجواب الشرط محذوف‪ ،‬أي ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫الساعة والحشر فبينوا وقتو‪".‬‬
‫المطمب الثامن‪ :‬البديع‬
‫ويتمثل في الطباق‪ ،‬والمقابمة‪ ،‬واإلطناب‪ ،‬ووضع الموصول موضع العمم الظاىر لمتفخيم والتعظيم‪،‬‬
‫صع مراعاة لرؤوس اْليات عند بعض العمماء‪ ،‬كما سيتضح فيما يمي‪:‬‬
‫والسجع المر ذ‬
‫أوالً‪ :‬الطباق‬
‫اٌح‪َ١‬بحَ ٌِ‪ْ َ١‬جٍُ َ‪ُ ٛ‬و ُْ أَ‪ُ ُّ٠‬ى ُْ أَ ْح َ‬
‫سُٓ َػ َّ ًَل َ‪ َٛ ُ٘ ٚ‬اٌ َؼ ِض‪ُ ٠‬ض اٌ َغفُ‪ُ ٛ‬س]‬ ‫ك اٌ َّ ْ‪ٛ‬دَ َ‪َ ٚ‬‬ ‫‪ _1‬قال تعالى‪[ :‬اٌَّ ِز‪َ ٞ‬خٍَ َ‬
‫{اٌٍّه‪}1:‬‬
‫الجمع بين ( الموت والحياة )‪.‬‬
‫اٌصذُ‪ِ ٚ‬س] {الولك‪}13:‬‬ ‫د ُّ‬ ‫اج َ‪ُ ٙ‬ش‪ٚ‬ا ثِ ِٗ أَُِّٗ َػٍِ‪ ٌُ ١‬ثِ َزا ِ‬ ‫‪ -2‬قال تعالى‪َٚ [ :‬أَ ِ‬
‫س ُّش‪ٚ‬ا لَ ْ‪ُ ٌَٛ‬ى ُْ أَ ِ‪ْ ٚ‬‬
‫الجمع بين ( أسروا و اجيروا)‪.‬‬
‫س ُى ُ‪ َّٓٙ‬اِ ََّل اٌ َّش ْح َُّٓ أَُِّٗ ثِ ُى ًِّ ش َْ‪ٍ ٟ‬ء‬
‫عَٓ َِب ‪ِ ّْ ُ٠‬‬‫د َ‪ْ َ٠ٚ‬مجِ ْ‬ ‫‪ _3‬قال تعالى‪[ :‬أَ َ‪َ َ٠ ُْ ٌَٚ‬ش ْ‪ٚ‬ا اٌَِ‪ ٝ‬اٌطَّ ْ‪ِ ١‬ش فَ ْ‪ٛ‬لَ ُ‪َ ُْ ٙ‬‬
‫صبفَّب ٍ‬
‫ص‪ٌ ١‬ش] {الولك‪ }19:‬الجمع بين صافات ويقبضن‪.‬‬ ‫ثَ ِ‬
‫ض فَبِ َرا ِ٘ َ‪ ٟ‬رَ ُّ‪ُ ٛ‬س] {الولك‪}16:‬‬ ‫سفَ ثِ ُى ُُ األَ ْس َ‬ ‫س َّب ِء أَْْ ‪ْ َ٠‬خ ِ‬ ‫‪ _4‬قال تعالى‪[ :‬أَأَ ِِ ْٕزُ ُْ َِْٓ فِ‪ ٟ‬اٌ َّ‬
‫الجمع بين (السماء واألرض)‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬المقابمة‬
‫اة َج َ‪{]َُ َّٕٙ‬الولك‪ }6:‬وقولو تعالى‪[:‬اَِّْ اٌَّ ِز‪َٓ٠‬‬ ‫المقابمة بين قولو تعالى‪َ :‬‬
‫[‪ِ ٌٍَِّٚ‬ز‪َ َٓ٠‬وفَ ُش‪ٚ‬ا ثِ َشثِّ ِ‪َ ُْ ٙ‬ػ َز ُ‬
‫ت ٌَ ُ‪ْ َِ ُْ ٙ‬غفِ َشحٌ َ‪ٚ‬أَ ْج ٌش َوجِ‪ٌ ١‬ش] {الولك‪ ،}12:‬وىو من المحسنات البديعية‪.‬‬ ‫‪ْ َ٠‬خش َْ‪َ َْٛ‬سثَّ ُ‪ ُْ ٙ‬ثِبٌ َغ ْ‪ِ ١‬‬
‫اإلطناب‬ ‫ثالثاً‪ِ :‬‬
‫ص َش َ٘ ًْ ر ََش‪ِِْٓ ٜ‬‬ ‫اإلطناب بتكرار الجممة مرتين زيادة في التذكير والتنبيو‪ ،‬قال تعالى‪[ :‬فَ ْ‬
‫بس ِج ِغ اٌجَ َ‬ ‫ِ‬
‫ص َش َو َّشرَ ْ‪{ ]ِٓ ١‬الولك‪.}4:‬‬ ‫فُطُ‪ٍ ٛ‬س] {الولك‪ }3:‬ثم قال تعالى‪[:‬ثُ َُّ ْ‬
‫اس ِج ِغ اٌجَ َ‬
‫ة‬
‫ص َحب ِ‬ ‫س ِؼ‪ِ ١‬ش] {الولك‪ }11:‬وقولو تعالى‪[:‬فَ ُ‬
‫س ْحمًب ِألَ ْ‬ ‫ة اٌ َّ‬ ‫ص َحب ِ‬‫وكذلك قولو تعالى‪َِ [ :‬ب ُوَّٕب ِف‪ ٟ‬أَ ْ‬
‫س ِؼ‪ِ ١‬ش] {الولك‪}11:‬‬
‫اٌ َّ‬

‫(‪ )1‬إرشاد العقل السميم (‪.)281/6‬‬

‫‪181‬‬
‫الظواهر البالغية في سورة الممك‬

‫رابعاً‪ :‬وضع الموصول موضع العمم الظاىر لمتفخيم والتعظيم‪ ،‬قال تعالى‪[ :‬رَجَب َسنَ اٌَّ ِز‪ ٞ‬ثِ‪ِ َ١‬ذ ِٖ اٌ ُّ ٍْهُ]‬
‫{الولك‪ }1:‬أي لو الممك والسمطان‪ ،‬والتصرف في األكوان‪.‬‬
‫سزَ ْؼٍَ ُّ‪َ َْٛ‬و‪ْ١‬فَ َٔ ِز‪ِ ٠‬ش]‬ ‫خامسا‪ :‬السجع المرصذع مراعاة لرؤوس اْليات‪ ،‬مثل قولو تعالى‪[ :‬فَ َ‬
‫ص‪ٌ ١‬ش]‬ ‫{الولك‪ ،}17:‬وقولو تعالى‪[ :‬فَ َى‪ْ١‬فَ َوبَْ َٔ ِى‪ِ ١‬ش] {الولك‪ ،}18:‬وقولو تعالى‪[ :‬أَُِّٗ ثِ ُى ًِّ ش ْ‬
‫َ‪ٍ ٟ‬ء ثَ ِ‬
‫{الولك‪ ،}19:‬ومث ثل قولث ثو تعال ثى‪[ :‬اِ ِْ اٌ َىبفِشُ‪ َْٚ‬اِ ََّل ِف‪ُ ٟ‬غ ُش‪ٍ ٚ‬س] {الولك‪ ،}21:‬وقول ثو تعالى‪[ :‬ثًَ‬
‫ٌَ ُّج‪ٛ‬ا فِ‪ُ ٟ‬ػز ٍُّ‪َُٔٚ ٛ‬فُ‪ٍ ٛ‬س] {الولك‪ ،}21:‬الخ‪.‬‬
‫المطمب التاسع‪ :‬األسموب الحكيم‬
‫صب ِدلِ‪ * َٓ١‬لُ ًْ أَِّ َّب اٌ ِؼ ٍْ ُُ ِػ ْٕ َذ هللاِ َ‪ٚ‬أَِّ َّب أََٔب َٔ ِز‪ٌ ٠‬ش‬ ‫قال تعالى‪َ٠َٚ [:‬مُ‪َِ ٌَُْٛٛ‬زَ‪َ َ٘ ٝ‬زا َ‬
‫اٌ‪ْ ٛ‬ػ ُذ اِْْ ُو ْٕزُ ُْ َ‬
‫ُِجِ‪{]ٓ١‬الولك‪.}26،25:‬‬
‫"وأمر اهلل رسولو بأن يجيب سؤاليم بجممة عمى خبلف مرادىم بل عمى ظاىر االستفيام عن وقت‬
‫الوعد عمى طريقة األسموب الحكيم ‪ ،‬بأن وقت ىذا الوعد ال يعممو إالّ اهلل ‪ ،‬فقولو ‪ ( :‬قل) ىنا أمر‬
‫بقول يختص بجواب كبلميم وفصل دون عطف بجريان المقول في سياق المحاورة ‪ ،‬ولم يعطف‬
‫فعل ( قل ) بالفاء جرياً عمى سنن أمثالو الواقعة في المجاوبة والمحاورة ‪ ،‬كما تقدم في نظائره الكثيرة‬
‫وتقدم عند قولو تعالى‪[ :‬لَبٌُ‪ٛ‬ا أَرَ ْج َؼ ًُ فِ‪َٙ ١‬ب َِْٓ ‪ْ ُ٠‬ف ِس ُذ فِ‪َٙ ١‬ب]{البقزة‪.)1("}31:‬‬
‫الخاتمة‬
‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصبلة والسبلم عمى رسولو األمين‪ ،‬أما بعد فيذه أىم النتائج والتوصيات‬
‫التي توصل إلييا الباحث‪:‬‬
‫أوال‪ :‬أهم النتائج‬
‫‪ -1‬القرآن الكريم مستودع األسرار اإلليية‪ ،‬فما من حرف من حروف القرآن الكريم وال لفظ من‬
‫ألفاظو إال لوجوده معنى‪ ،‬ولتك ارره مغزى ولو جممة من الدالالت‪.‬‬
‫‪ -2‬التأكيد عمى إعجاز القرآن البياني؛ إذ إن سورة الممك شأنيا شأن سائر السور تشتمل عمى‬
‫أساليب بيانية ذات أغراض ببلغية مختمفة‪ ،‬ال يصمح غيرىا في موضعيا‪ ،‬مما يدلل عمى أن‬
‫القرآن الكريم من لدن حكيم خبير‪.‬‬
‫‪ -3‬إن األسموب القرآني يستأىل التأمل والتدبر والمزيد من إعمال الفكر‪ ،‬إذ إن النظرة المتعجمة‬
‫لؤلسموب القرآني لن توقف صاحبيا عمى ىذه األسرار العظيمة والمفاىيم الببلغية الكامنة في‬
‫تركيب األسموب القرآني‪ ،‬واهلل سبحانو وتعالى يقول‪[:‬أَفَ ََل ‪َ٠‬زَ َذثَّشُ‪ َْٚ‬اٌمُ ْشآََْ أَ َْ َػٍَ‪ ٝ‬لٍُُ‪ٍ ٛ‬‬
‫ة‬ ‫ا‬

‫(‪ )1‬التحرير والتنوير (‪.)49/29‬‬

‫‪187‬‬
‫د‪ .‬رياض قاسم‬

‫أَ ْلفَبٌُ َ‪ٙ‬ب] {هحود‪ ،}24:‬ويقىل أيضا‪[ :‬أَفَ ََل ‪َ٠‬زَ َذثَّشُ‪ َْٚ‬اٌمُ ْشآََْ َ‪َ ْٛ ٌَٚ‬وبَْ ِِْٓ ِػ ْٕ ِذ َغ ْ‪ِ ١‬ش هللاِ ٌَ َ‪َ ٛ‬جذُ‪ٚ‬ا‬
‫اخزِ ََلفًب َوثِ‪ً ١‬شا] {الٌساء‪. }82:‬‬
‫فِ‪ْ ِٗ ١‬‬
‫‪ -4‬كل كممة من كممات القرآن الكريم في موضعيا التي ىي فيو معجزة من ناحيتين‪ ،‬األولى من‬
‫ناحية المبنى والثانية من ناحية المعنى الذي اشتمل عميو ىذا البناء‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهم التوصيات‬
‫‪ -1‬أوصي عمماء اإلعجاز البياني لمقرآن الكريم بعمل موسوعة عممية شاممة لمظواىر الببلغية‬
‫واألغراض الببلغية لمتعابير الجميمة التي اشتممت عمييا جميع سور القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ -2‬أوصي عمماء اإلعجاز البياني لمقرآن الكريم‪ ،‬وعمماء الببلغة الذين يدرسون اإلعجاز البياني‬
‫لمقرآن الكريم وعموم الببلغة في المراحل المختمفة بالتركيز عمى الشواىد الببلغية العظيمة التي‬
‫اشتمل عمييا القرآن الكريم‪.‬‬

‫المصـادر والمراجـع‬
‫‪ -7‬اإلتقان في عموم القرآن‪ :‬جبلل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي‪ ،‬قدم لو وعمق عميو‬
‫األستاذ محمد شريف سكر‪ ،‬وراجعو األستاذ مصطفى القصاص‪ ،‬دار إحياء العموم‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫مكتبة المعارف‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1416‬ىث ‪1996 -‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬إرشاد العقل السميم إلى مزايا الكتاب الكريم‪ :‬القاضي أبو السعود محمد بن محمد بن مصطفى‬
‫العمادي الحنفي‪ ،‬المتوفى سنة ‪982‬ه‪ ،‬وضع حواشيو عبد المطيف عبد الرحمن‪ ،‬دار الكتب‬
‫العممية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى ‪1419‬ىث‪1999-‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬أيسر التفاسير لكبلم العمي الكبير وبيامشو نير الخير عمى أيسر التفاسير‪ :‬أبو بكر الجزائري‪،‬‬
‫دار لينا‪ ،‬الطبعة األولى ‪1423‬ىث‪2002-‬م‪.‬‬
‫‪ -4‬اإليضاح في عموم الببلغة‪ :‬الخطيب القزويني‪ ،‬شرح وتعميق وتنقيح الدكتور محمد عبد المنعم‬
‫خفاجي‪ ،‬منشورات دار الكتاب المبناني‪ ،‬الطبعة الرابعة‪.‬‬
‫‪ -5‬بحر العموم المعروف بتفسير السمرقندي‪ :‬أبو الميث نصر بن محمد بن إبراىيم السمرقندي‪،‬‬
‫تحقيق الدكتور محمود مطرجي‪ ،‬دار الفكر بيروت‪.‬‬
‫‪ -6‬البحر المحيط‪ :‬محمد بن يوسف الشيير بأبي حيان األندلسي‪ ،‬دراسة وتحقيق وتعميق الشيخ‬
‫عادل أحمد عبد الموجود‪ ،‬والشيخ عمي محمد معوض‪ ،‬دار الكتب العممية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪ 1422‬ىث‪2001-‬م‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫الظواهر البالغية في سورة الممك‬

‫‪ -7‬البدور الزاىرة في القراءات العشر المتواترة‪ :‬أبو حفص سراج الدين عمر بن زين الدين قاسم‬
‫ابن محمد بن عمي األنصاري النشار‪ ،‬شرح وتحقيق األستاذ الدكتور أحمد عيسى المعصراوي‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪1429‬ىث ‪2008 -‬م و ازرة األوقاف والشؤون الدينية قطر‪.‬‬
‫‪ -8‬البرىان في عموم القرآن‪ :‬اإلمام بدر الدين محمد بن عبد اهلل الزركشي‪ ،‬تحقيق محمد أبو‬
‫الفضل إبراىيم‪ ،‬مكتبة التراث‪ ،‬القاىرة‪.‬‬
‫‪ -9‬التسييل لعموم التنزيل‪ :‬الشيخ اإلمام العبلمة الحافظ المفسر خادم القرآن العظيم محمد بن‬
‫أحمد ابن جزي الكمبي‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1393‬ىث‪1973-‬م‪.‬‬
‫‪ -72‬التعبير القرآني‪ ،‬فاضل السمرائي‪ ،‬دار عمار لمنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.‬‬
‫‪ -77‬تفسير التحرير والتنوير‪ :‬محمد الطاىر بن عاشور‪ ،‬دار سحنون لمنشر والتوزيع‪ ،‬تونس‪،‬‬
‫‪1997‬م‪.‬‬
‫‪ -72‬تفسير مفاتيح الغيب (التفسير الكبير)‪ :‬اإلمام فخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي‪ ،‬دار‬
‫الكتب العممية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى ‪1421‬ىث ‪2000 -‬م‪.‬‬
‫‪ -73‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كبلم المنان‪ :‬العبلمة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي‪،‬‬
‫تحقيق عبد الرحمن بن معبلّ المّويحق‪ ،‬مؤسسة الرسالة الطبعة األولى ‪1420‬ىث ‪2000-‬م‪.‬‬
‫‪ -74‬جامع البيان عن تأويل آي القرآن‪ :‬أبو جعفر محمد بن جرير الطبري‪ ،‬تحقيق أحمد محمد‬
‫شاكر‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة األولى‪1420 ،‬ىث ‪2000 -‬م‪.‬‬
‫‪ -75‬الجامع ألحكام القرآن‪ :‬أبو عبد اهلل محمد بن أحمد األنصاري القرطبي‪ ،‬تحقيق ىشام سمير‬
‫البخاري‪ ،‬دار عالم الكتب‪ ،‬الرياض‪ ،‬المممكة العربية السعودية‪1423 ،‬ىث ‪2003 -‬م‪.‬‬
‫‪ -76‬خصائص التراكيب دراسة تحميمية لمسائل عمم المعاني‪ :‬محمد أبو موسى‪ ،‬دار التضامن‪،‬‬
‫القاىرة‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1400‬ىث ‪1980 -‬م‪.‬‬
‫‪ -77‬الخصائص‪ :‬أبو الفتح عثمان بن جني‪ ،‬تحقيق محمد عمي النجار‪ ،‬دار الكتب‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫المصون في عموم الكتاب المكنون‪ :‬أحمد بن يوسف المعروف بالسمين الحمبي المتوفى‬
‫‪ -78‬الدر َ‬
‫سنة ‪756‬ه‪ ،‬تحقيق الدكتور أحمد محمد الخراط‪ ،‬دار القمم‪ ،‬دمشق‪ ،‬الطبعة األولى ‪1414‬ىث‬
‫‪1994 -‬م‪.‬‬
‫‪ -79‬دالئل اإلعجاز في عمم المعاني‪ :‬أبو بكر بن عبد القاىر بن عبد الرحمن الجرجاني النحوي‪،‬‬
‫قرأه وعمق عميو أبو فير محمود محمد شاكر‪ ،‬مطبعة المدني‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1422‬ىث ‪-‬‬
‫‪2001‬م‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫د‪ .‬رياض قاسم‬

‫‪ -22‬روح البيان في تفسير القرآن‪ :‬اإلمام الشيخ إسماعيل حقي بن مصطفى الحنفي الخموتي‬
‫البروسوي‪ ،‬ضبطو وصححو وخرج آياتو‪ :‬عبد المطيف حسن عبد الرحمن‪ ،‬دار الكتب العممية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى ‪1424‬ىث ‪ 2003 -‬م‪.‬‬
‫‪ -27‬روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني‪ :‬العبلمة أبو الفضل شياب الدين محمود‬
‫األلوسي البغدادي‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -22‬الطراز المتضمن ألسرار الببلغة وعموم حقائق اإلعجاز‪ :‬يحيى بن حمزة بن عمي بن إبراىيم‬
‫العموي‪ ،‬تحقيق محمد عبد السبلم شاىين‪ ،‬دار الكتب العممية ‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1415‬ىث ‪1995 -‬م‪.‬‬
‫‪ -23‬فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من عمم التفسير‪ :‬اإلمام محمد بن عمي بن محمد‬
‫الشوكاني‪ ،‬حققو وخرج أحاديثو وفيرسيا سيد إبراىيم‪ ،‬الطبعة األولى ‪1413‬ىث‪1993-‬م‪.‬‬
‫‪ -24‬الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل في وجوه التأويل‪ :‬أبو القاسم جار اهلل محمود ابن‬
‫عمر الزمخشري الخوارزمي‪ ،‬تحقيق عبد الرازق الميدي‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -25‬لباب التأويل في معاني التنزيل‪ :‬عبلء الدين عمي بن محمد بن إبراىيم البغدادي الشيير‬
‫بالخازن‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت ‪1399‬ىث ‪1979 -‬م‪.‬‬
‫‪ -26‬لسان العرب‪ :‬اإلمام العبلمة جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم بن منظور األنصاري‬
‫اإلفريقي المصري‪ ،‬حققو وعمق عميو ووضع حواشيو عامر أحمد حيدر‪ ،‬راجعو عبد المنعم‬
‫خميل إبراىيم‪ ،‬منشورات محمد عمي بيضون‪ ،‬دار الكتب العممية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1424‬ىث ‪2003 -‬م‪.‬‬
‫الم ْغنى في توجيو القراءات العشر المتواترة‪ ،‬محمد سالم محيسن‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬مكتبة‬
‫‪ُ -27‬‬
‫الكميات األزىرية‪.‬‬
‫‪ -28‬من ببلغة القرآن‪ ،‬أحمد أحمد عبد اهلل البيمي البدوي (المتوفى‪1384 :‬ىث)‪ ،‬الناشر‪ :‬نيضو‬
‫مصر‪ ،‬القاىرة‪ ،‬عام النشر‪.2005 :‬‬
‫‪ -29‬نظم الدرر في تناسب اْليات والسور‪ :‬اإلمام برىان الدين أبو الحسن إبراىيم بن عمر البقاعي‪،‬‬
‫تحقيق عبد الرزاق غالب الميدي‪ ،‬دار الكتب العممية‪ ،‬بيروت‪1415 ،‬ىث ‪1995 -‬م‪.‬‬

‫‪111‬‬

You might also like