You are on page 1of 8

‫أوراق‬ ‫منتدى البدائل العربي لمدراسات‬

‫البدائل‬

‫الحق في المدينة‬
‫واإلصالح العمراني في مصر‬

‫شيماء الشرقاوي‬

‫منتدى البدائل العربي للدراسات )‪(A.F.A‬‬


‫العنوان‪ :‬شقة ‪ 4‬ـ الطابق الرابع ـ ‪ 5‬شارع المساحة ـ الدقي ـ القاهرة (ج‪.‬م‪.‬ع)‬
‫‪Website: www.afaegypt.org‬‬
‫‪Mail: info@afaegypt.org‬‬
‫‪Telefax: +202-37629937‬‬
‫‪Twitter: AFAlternatives‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪Facebook : https://www.facebook.com/AFAlternatives‬‬
‫الحق في المدينة واإلصالح العمراني في مصر‬

‫الحق في المدينة واإلصالح العمراني في مصر‬

‫شيماء الشرقاوي‬

‫منتدى البدائل العربي لمدراسات‬


‫مايو ‪2014‬‬

‫هذه األوراق نتاج سيمنار داخلي وتصدر بصفت غيز دوريت وتعبز فقط عن رأي كتابها وال تعبز بالضزورة عن رأي‬
‫منتدى البدائل العزبي للدراساث أو أي مؤسست شزيكت‬

‫‪2‬‬
‫منتدى البدائل العربي لمدراسات‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫تواجو مصر أزمة عمرانية ىائمة ال يمكن اختصارىا فقط في أزمة اإلسكان مع وجود عدد ىائل من مشروعات المدن الجديدة وتحدي‬
‫العشوائيات المتزايدة منذ السبعينيات ‪ ،‬بل تتسع ىذه األزمة لتصل إلى حق المواطنين في االستغالل العادل لمصادر المدينة التي‬
‫يعيشون فييا بل والتمتع بيا‪ ،‬وفي ظل وجود حوادث إخالء قسري لمسكان تظير تساؤالت عمن المتحكم في المدينة خاصة في ظل‬
‫‪ . "2050‬وعمى ىذا فيذه الورقة‬ ‫وجود حديث دائم عن مشروعات ضخمة لتطوير العشوائيات عمى سبيل المثال "مخطط القاىرة‬
‫تيدف لمتعرف عمى مفيوم الحق في المدينة في ضوء ظيور حركات ومبادرات في مصر لممطالبة بيذا الحق واإلصالح العمراني‬
‫مع اإلشارة لتجربة الب ارزيل في التعامل مع التحديات العمرانية والحق في المدينة‪.‬‬

‫األزمة العمرانية في مصر‪:‬‬

‫بالنسبة لمدستور المصري لعام ‪ ،2014‬جاءت المادة ( ‪ )78‬لتنص عمى أن الدولة تكفل لممواطنين الحق في السكن المالئم‪ ...‬بما‬
‫يحقق العدالة االجتماعية‪ ،‬والمادة (‪ )63‬التي حظرت التيجير القسري التعسفي‪ ،‬ونصت المادة ( ‪ )45‬عمى أن حق التمتع بالشواطئ‬
‫العامة لكل مواطن مكفول‪ .‬ولكن لم يشر الدستور لممدينة بصفتيا كما أشار الدستور في الب ارزيل واإلكوادور عمى سبيل المثال‪.‬‬

‫ىناك عدد من المشكالت األساسية تواجو العمران في مصر من الممكن أن نمخصيا في‪ :‬عدم وجود عدالة اجتماعية في السياسات‬
‫العمرانية‪ ،‬وىنا نجد أن المجتمعات العمرانية الجديدة والتي يتم بيا إتاحة جميع المرافق والخدمات تقتصر عمى طبقة معينة من‬
‫ف يحظى العمران‬
‫الشعب في الوقت نفسو نجد ماليين الشقق السكنية غير المأىولة وماليين المساكن العشوائية بال خدمات ومرافق‪ .‬ال‬
‫بييكل إدارى يتناسب ومتطمبات المواطنين الذين يسكنوه‪ .‬ففي المدن والقرى القائمة توجد اإلدارات المحمية المختمفة من مديريات‬
‫وىيئات وشركات‪ ،‬ولكن تقمصت مسئولياتيا العمرانية عبر العقد الماضىي حيث آلت شركات الكيرباء والمياه مثال إلى الحكومة‬
‫المركزية‪ .‬أما غالبية المكونات األساسية لمعمران تذىب لخمسة و ازرات قطاعية مسئولة عن توفير الخدمات‪ ،‬وصيانة المرافق من‬
‫خالل أذرع محمية تابعة ليم مباشرة وباإلشتراك مع اإلدارات المحمية‪ .‬باإلضافة ىناك نظام آخر مو ٍزاز يخص المدن الجديدة‪ ،‬والتي‬
‫تتبع مباشرة و ازرة اإلسكان‪ ،‬وبدال من المحميات‪ ،‬يوجد ما يسمى بأجيزة المدن الجديدة والتي تعمل الو ازرات القطاعية من خالليا‬
‫لتأسيس المرافق وتقديم الخدمات ونجد أيضا أنو ال يتم إشراك المواطنين وسكان المدن في اتخاذ الق اررات فيما يتعمق بالعمران‪ .‬عدم‬
‫االىتمام بفكرة الحق في التراث (األماكن األثرية والتاريخية) وىذا يترتب عميو تعديات ىائمة من قبل الدولة واألفراد عمى المعالم‬
‫األثرية وتعرضيا لتيديدات عديدة‪ ،‬فمثال ما حدث في اإلسكندرية من تعديات وىدم مباني أثرية بيدف عمل مشروعات استثمارية‬
‫وىو ما يؤكد عمى عدم االعتراف بحق ساكني المدينة فى تراثيا‪.‬‬

‫ردا عمى ىذه التحديات ظيرت العديد من المبادرات والحركات التي تطالب بضرورة اإلصالح العمراني والحق في المدينة نذكر منيا‪:‬‬
‫‪،‬‬ ‫شبكة حقوق األرض والسكن‪ ،‬تكوين لتنمية المجتمعات المتكاممة‪ ،‬مبادرة التضامن العمراني بالقاىرة‪ ،‬مدونة و ازرة اإلسكان الظل‬
‫(حركة أنقذوا اإلسكندرية ) التي نشأت ردا عمى‬ ‫وأيضا ظيرت حركات احتجاجا عمى عمميات التعدى عمى اآلثار والتراث مثل‬

‫) خمطط القاهرة ‪http://www.almasryalyoum.com/news/details/76155 :2050‬‬


‫) دستور مصر ‪http://dostour.eg/2013/topic/basic-components/#economic :2014‬‬
‫) حيىي شوكت‪ ،‬العدالة االجتماعية والعمران‪ ..‬خريطة مصر‪ ،‬منشور برخصة املشاع اإلبداعي ‪:‬النِّسبة‪-‬غري التجاري‪-‬بذات ُّ‬
‫الرخصة ‪ ،3‬موقع وزارة اإلسكان الظل‪:‬‬
‫‪http://blog.shadowministryofhousing.org/p/blog-page_2887.html‬‬
‫) املباىن الرتاثية‪ ..‬قنبلة موقوتة تنفجر ىف اإلسكندرية‪http://is.gd/BZ09I0 :‬‬
‫) تعاون بني منظمات اجملتمع املدين حول قضايا العمران واحلق يف املسكن املالئم يف مصر‪http://www.tadamun.info/?post_type=voice&p=4157 :‬‬
‫) "انقذوا االسكندرية"‪https://www.facebook.com/savealexeg :‬‬

‫‪3‬‬
‫الحق في المدينة واإلصالح العمراني في مصر‬

‫التيديدات اليائمة التي تواجو المباني األثرية في اإلسكندرية‪ .‬حاولت المبادرات والحركات في مصر االستفادة من التجارب الدولية في‬
‫والتي تضمنت‬ ‫اإلصالح العمراني والحق في المدينة ومنيا التجربة الب ارزيمية فقد قاموا بعمل تحالف نتج عنو وثيقة دستور العمران‬
‫عدد من البنود معنية بالحق في السكن المالئم ‪ ،‬والحق في التراث ‪ ،‬والحق في الفراغ العام ‪ ،‬والحق في المشاركة وادارة عمميات‬
‫التخطيط العمراني والتنمية العمرانية العادلة والمستدامة‪ .‬لم يتم العمل بيذه الوثيقة في الدستور وبالرغم من النص صراحة عمى بعض‬
‫الحقوق االقتصادية واالجتماعية فيما يتعمق بالحق في األرض والسكن والعمران ككل‪ ،‬إال أن صياغة تمك الحقوق واالنتقاص من‬
‫بعض معاييرىا يوضح أن ىناك الكثير من الجيود التي يجب عمى المجتمع القيام بيا وبذليا في مراقبة ورصد مدى إمكانية تحقيق‬
‫تمك الحقوق عمى األرض‪ .‬فعمينا جميعا أن نسعى نحو تعديل وتطوير ىذه المواد حتى تصبح فعالة وحقيقية‪ ،‬سواء في صورة القوانين‬
‫أو الموائح المنظمة لمعمران بشكل يضمن تعزيز وحماية تمك الحقوق ‪.‬‬

‫مفهوم الحق في المدينة‪:‬‬

‫" لمجماىير الحق في االستمتاع الكامل بكل أرجاء المدينة واألماكن العامة فييا عمى أساس مبادئ االستدامة‪ ،‬والعدالة االجتماعية‪،‬‬
‫واحترام كافة الثقافات الحضرية والموازنة بين كافة الثقافات الريفية والثقافات الحضرية ‪ .‬ممارسة الحق في االستمتاع بالمدينة التي‬
‫تقوم عمى أساس اإلدارة الديمقراطية لممدينة‪ ،‬وذلك فيما يتعمق بالوظيفة البيئية واالجتماعية لممدينة ولمممتمكات ولممدينة نفسيا‬
‫والممارسة الكاممة لممواطنة‪ ".‬المادة (‪ )31‬من دستور جميورية األكوادور‪.2008 ،‬‬

‫‪ 1968‬في أعقاب‬ ‫تعود أصول ىذا المفيوم إلى كتاب لمفيمسوف الفرنسي ىنري لوفيفر "الحق في المدينة" والذى صدر عام‬
‫االحتجاجات التي اجتاحت فرنسا وباقي الدول األوروبية‪ .‬يرى لوفيفر أن مفيوم الحق في المدينة يعني" مطالبة الفرد بحقو في الحياة‬
‫ويأتى دايفيد ىارفي ليؤكد أن الحق في المدينة ليس فقط حق الفرد من الحياة الحضرية أو حقو من المصادر التي تتمتع‬ ‫الحضرية"‬
‫بيا المدينة ولكن ُيعرف ىارفي الحق في المدينة بأنو الحق الجمعي في اكتشاف وتغيير أنفسنا عن طريق اكتشاف وتغيير المدن‬
‫التي نعيش فييا‪.‬‬

‫الميثاق العالمي لمحق في المدينة (‪:)2005‬‬

‫مع مطمع األلفية الجديدة كان نصف سكان العالم يعيشون في المدن‪ ،‬ويتنبأ الخبراء أنو بحمول العام ‪ 2050‬سوف تصل نسبة سكان‬
‫المدن في العالم إلى ‪ 65‬في المائة‪ .‬وفي إمكان تمك المدن أن تقدم قد ار كبي ار من الثراء والتنوع في المجاالت االقتصادية والبيئية‬
‫والسياسية والثقافية‪ .‬كما أن أسموب الحياة في المدينة يؤثر عمى الطريقة التي نتعامل فييا مع غيرنا من البشر ومع المساحة التي‬
‫نقيم بيا‪ .‬بالرغم من ىذا‪ ،‬فإن نماذج التنمية التي تم تطبيقيا في أغمب الدول الفقيرة تميل إلى تركز الدخل والقوة وتوليد الفقر‬
‫واالستبعاد لبعض فئات المجتمع‪ ،‬عمى نحو يؤدي إلى تدىور البيئة ويزيد من عمميات اليجرة والمجوء إلى المدن‪ ،‬كما يفاقم من‬
‫مشاكل العزل االجتماعي والمساحي ومن خصخصة الموارد المشتركة والمساحات العامة‪ .‬كل تمك العمميات تؤدي إلى خمق مساحات‬
‫عمرانية واسعة تتميز بالفقر وسوء األحوال المعيشية‪ ،‬كما تزيد من مخاطر التعرض لمكوارث الطبيعية‪.‬‬

‫وتعود تمك األوضاع إلى تجاىل السياسات العامة لقدرات السكان عمى اإلسيام اإليجابي في بناء المدينة وممارسة حقوق المواطنة‪،‬‬
‫وىو األمر الذى يفاقم من تدىور األوضاع المعيشية في المدينة‪ .‬وينتج عن تمك األوضاع مشاكل متنوعة تشمل حاالت الطرد‬

‫) وثيقة دستور العمران‪http://www.tadamun.info/2013/11/01/urban-constitution/#.U2DYyVdltfQ :‬‬


‫) بيان اجملموعات الداعمة لوثيقة دستور العمران‪http://urbanconstitution.wordpress.com/2014/01/13/uc-pressrelease/ :‬‬
‫‪9‬‬
‫‪) Constitution of Ecuador: http://pdba.georgetown.edu/Constitutions/Ecuador/english08.html‬‬
‫‪10‬‬
‫‪) Henri Lefebvre, Writings on Cities, Willey Black-Well, 1995, p. 158.‬‬
‫‪11‬‬
‫‪) David Harvey, "The Right to the city": http://www.actionaid.org.br/Portals/0/Docs/righttothecity.pdf‬‬

‫‪4‬‬
‫منتدى البدائل العربي لمدراسات‬

‫الجماعي من السكن والعزل بين فئات السكان‪ ،‬مما يؤدي إلى اإلضرار بفرص التعايش االجتماعي‪ .‬تؤدي تمك السياسات أيضا إلى‬
‫تزايد الصراعات الحضرية واضعاف القدرة عمى تحقيق تغيرات نوعية في نموذج التنمية الحالي‪ ،‬برغم أىمية ذلك من الناحية‬
‫االجتماعية والسياسية‪ .‬ىناك إذن حاجة ماسة إلى تغيير تمك األوضاع‪ ،‬وىو ما دعا المنظمات والحركات الحضرية (لم يكن من‬
‫ضمن ىذه المنظمات أي منظمة أو حركة مصرية)‪ ،‬منذ انعقاد "المنتدى االجتماعي العالمي" األول في ‪ ،2001‬إلى العمل سويا‬
‫وفتح باب النقاش حول تمك المسائل‪ .‬وأخذت تمك المنظمات عمى عاتقيا ميمة بناء نموذج مستدام لممجتمع والحياة الحضرية يستند‬
‫إلى مبادئ التضامن والحرية والعدالة والمساواة والكرامة والعدالة االجتماعية‪ ،‬ويقوم عمى احترام مختمف الثقافات الحضرية وعمى‬
‫تحقيق التوازن بين الحضر والريف‪ .‬منذ ذلك الحين‪ ،‬بدأت مجموعة متماسكة من الحركات االجتماعية والمنظمات غير الحكومية‬
‫واالتحادات المينية والمنتديات والشبكات القومية والدولية لممجتمعات المدنية‪ ،‬المؤمنة بالنضال االجتماعي من أجل مدن أكثر عدالة‬
‫وديمقراطية وأكثر إنسانية واستدامة‪ ،‬في العمل من أجل وضع "ميثاق دولي لمحق في المدينة"‪ .‬وييدف "الميثاق" إلى تجميع‬
‫االلتزامات واإلجراءات التي يجب أن يقوم بيا المجتمع المدني‪ ،‬والحكومات المحمية والقومية‪ ،‬وأعضاء البرلمان‪ ،‬والمنظمات الدولية‬
‫من أجل تمكين كل البشر من الحياة بكرامة في مدنيم‪ .‬ويضم ىذه الميثاق ‪ 21‬مادة وينقسم إلى‪ :‬القسم األول والذي يحتوي عمى‬
‫األحكام العامة وتعريف الحق في المدينة الذي يشمل جميع المواطنين دون تفرقة‪ ،‬يحتوي أيضا عمى المبادئ واألسس االستراتيجية‬
‫لمحق في المدينة وتتضمن الممارسة الكاممة لممواطنة واإلدارة الديموقراطية لممدينة‪ ،‬والوظيفة االجتماعية لممدينة‪ ،‬والممكية الحضرية‪،‬‬
‫وأيضا المساواة وعدم التمييز‪ ،‬الحماية الخاصة لمجماعات واألفراد المعرضون لممخاطر‪ .‬أما عن القسم الثاني فيو معني بالحقوق‬
‫المتصمة بممارسة المواطنة والمساىمة في عمميات التخطيط واإلنتاج واإلدارة الخاصة بالمدينة‪ ،‬والحق في المعمومات المتعمقة بالشأن‬
‫العام والحق في التجمع والتعبير العمني واالستخدام الديمقراطي لممساحة العامة‪ ،‬والحق في األمان العام‪ ،‬وفي التعايش السممي‬
‫والمتعدد الثقافات‪ .‬واحتوى القسم الثالث عمى الحق في التنمية االقتصادية والثقافية والبيئية لممدنة‪ ،‬والحق في المواصالت العامة‬
‫والحركة داخل المدينة‪ ،‬الحق في السكن المالئم‪ ،‬والحق في بيئة صحية ومستدامة‪ ،‬وتضمن القسم الرابع األحكام النيائية ومنيا‬
‫مسئولية الدولة تجاه تشجيع وحماية وتنفيذ واجراءات تطبيق والرقابة عمى الحق في المدينة‪.‬‬

‫حالة البرازيل‪:‬‬

‫تكونت "الحركة القومية لإلصالح العمراني" في الب ارزيل عام ‪ 1985‬بيدف المشاركة في عممية كتابة الدستور وتغيير اتجاه الرأي‬
‫العام والتأثير عمى "الجمعية التأسيسية" التي كانت تقوم بإعداد دستور جديد‪ .‬واستندت تمك الحركة إلى جيود المنظمات التي تدعو‬
‫لمديمقراطية وتدافع عن مصالح الفقراء والى دعم اتحادات العمال والمنظمات المدنية واتحادات السكان‪ .‬وكان اليدف األسمى لتمك‬
‫الحركة ىو ترسيخ الديمقراطية من خالل تعميق مشاركة السكان في الحكومة والنمو العمراني وتحقيق التواصل بين السكان ومسؤولي‬
‫إدارة المدن من أجل الخروج ببرنامج لإلصالح العمراني‪ .‬حاولت الحركة أن تغير أسس التنمية العمرانية في الب ارزيل من أجل إقامة‬
‫مفيوم اجتماعي جديد يجعل من العدالة االجتماعية محو ار لعممية التخطيط العمراني وصنع الق اررات‪.‬‬

‫لم يكن إصالح إدارة المدن‪ ،‬في نظر الحركة‪ ،‬مجرد أسموب لتغيير نسيج المدينة‪ ،‬وانما كان أيضا وسيمة لتحقيق أىداف العدالة‬
‫االجتماعية والمساواة‪ .‬عندما انتيى الحكم العسكري عام ‪ ،1985‬تولت "الجمعية التأسيسية القومية" عممية كتابة دستور جديد‪ ،‬وىي‬
‫ميمة بدأت في ‪ 1986‬وانتيت بالتصديق عمى الدستور في ‪ .1988‬من بين تمك التعديالت اقتراح قدمتو "الحركة القومية لإلصالح‬
‫العمراني"‪ .‬كانت "الحركة القومية لإلصالح العمراني"‪ ،‬في المراحل األولى من نشاطيا‪ ،‬تركز عمى مجموعة محدودة من القضايا‬
‫العمرانية تتصل أساسا بقضية اإلسكان‪ .‬ثم نضجت الحركة عمى نحو مكنيا من الخروج بأفكار جديدة بشأن حقوق المواطنين في‬

‫‪12‬‬
‫‪) World Charter on Right to the city: http://www.urbanreinventors.net/3/wsf.pdf‬‬

‫‪5‬‬
‫الحق في المدينة واإلصالح العمراني في مصر‬

‫‪ ،‬والدور االجتماعي لمخدمات العامة والنقل‬ ‫المدينة‪ ،‬والحق في الحياة االجتماعية ومفيوم "المسكن خارج نطاق المسكن الخاص"‬
‫والبنية التحتية‪ .‬ورفضت الحركة فكرة أن المدينة ه ي مجرد مكان تسيطر عميو المصالح الخاصة لمنخبة السياسية الرأسمالية ويتم‬
‫تقسيمو عمى أساس الطبقة والثروة‪ ،‬كما قامت بتحدي الحقوق المكتسبة ألصحاب الممكيات الخاصة‪.‬‬

‫ونظ ار لتزايد المساحات غير المستخدمة في المدينة نتيجة لممضاربات المستمرة عمى األراضي‪ ،‬والتي رافقيا نقص في المساكن‬
‫الرخيصة وتدىور بيئي واضح‪ ،‬طالبت الحركة باإلعتراف بالدور االجتماعى لمممكية وطرحت تساؤالت حول المدى الذى يمكن من‬
‫خاللو لممالك أن يتمتعوا بممكيتيم بغض النظر عن اآلثار السمبية لق ارراتيم‪ .‬قام أعضاء "الحركة القومية" بإعداد مقترحات لتعديل‬
‫دستوري‪ .‬وبعد مناقشة تمك المقترحات في "االتحاد القومي ألراضي المدن" و"اتحاد المديونين " و"حركة الدفاع عن ساكني فافيال"‬
‫‪ 1987‬من قبل "اتحاد الميندسين‬ ‫وأكثر من أربعين جمعية محمية واقميمية‪ ،‬تم تقديم التعديل المقترح إلى "الجمعية التأسيسية" في‬
‫القومي" و"اتحاد المعماريين القومي" و"معيد المعماريين الب ارزيميين" وعميو أكثر من ‪ 130‬ألف توقيع‪ .‬وتضمن التعديل المقترح ‪23‬‬
‫مادة تدعم المباد ئ الستة التالية‪ :‬استقالل إدارة البمديات‪ ،‬واإلدارة الديمقراطية لممدن‪ ،‬والحق االجتماعي في السكن‪ ،‬والحق في تقنين‬
‫ومكافحة المضاربة عمى العقارات في المدن ‪ .‬وقد تبنت "الجمعية‬ ‫األحياء غير الرسمية‪ ،‬والدور االجتماعي لمممكية في المدن‪،‬‬
‫التأسيسية" بعد مناقشات مستفيضة بعض أجزاء التعديل في الفصل الخاص بالسياسة العمرانية‪ .‬ومع أن أجزاء أخرى من الدستور‬
‫تؤكد عمى استقالل اإلدارات البمدية‪ ،‬فإن الفصل الخاص بالسياسة العمرانية ال يضم سوى مادتين‪ .‬المادة ‪ 183‬تخص حقوق وضع‬
‫اليد عمى الممكيات أقل من ‪ 250‬متر مربع طالما قام المواطنون باحتالل األراضي واستخداميا بشكل مستمر لمدة خمس سنوات‬
‫‪ 182‬تعترف بالدور االجتماعي لمممكية وتمنح السمطات البمدية‬ ‫ألغراض السكن‪ ،‬بشرط عدم امتالكيم ألى أراض اخرى‪ .‬والمادة‬
‫الحق في فرض عقوبات عمى المالك الذين ال يقومون باستغالل عقاراتيم‪ ،‬بل يحتفظون بيا ألغراض المضاربة‪ .‬كما تربط تمك‬
‫المادة بين الوظيفة االجتماعية لمممكية وبين المخططات العامة لممدينة‪ .‬وفرض الدستور عمى البمديات التي تضم أكثر من ‪ 20‬ألف‬
‫نسمة أن تضع خطة رئيسية لمنطقتيا‪ .‬وألن المخططات العامة تقدم الشكل المتصور لممنطقة في المستقبل‪ ،‬فإن وجود مثل تمك‬
‫المخططات يسيل قيام البمديات بالدفاع عن الدور االجتماعي لمممكية في المناطق العمرانية‪.‬‬

‫بعد التصديق عمى الدستور الب ارزيمى الجديد في ‪ ،1988‬تشكل "المنتدى القومي لإلصالح العمراني" مستيدفا الضغط عمى الحكومة‬
‫لكى تتخذ اإلجراءات الالزمة لتنفيذ النصوص الدستورية المتعمقة بالسياسة العمرانية‪ .‬وضم "المنتدى" في صفوفو عدة شبكات‬
‫وحركات في الب ارزيل تيتم بعدد كبير من الموضوعات ابتدا ًء من المياه والصرف الصح ي ومرو ار بالمشاركة الشعبية في الحكومة‬
‫المحمية‪.‬‬

‫ويمارس "المنتدى" نشاطو في السياق األوسع لعمل المنظمات الحقوقية في الدعوة لمحق في العمل والصحة العامة واالنتقال واتاحة‬
‫الخدمات العامة‪ ،‬وذلك من أجل توسيع نطاق الدعوة وزيادة تأثيرىا‪ .‬وقام أعضاء "المنتدى" باستخدام المحافل الدولية من أجل حث‬
‫الحكومة عمى اقرار حقوق معينة واالمتثال بالمعايير الدولية‪ .‬عمى سبيل المثال‪ ،‬شارك ممثمو "المنتدى" في مؤتمر األمم المتحدة‬
‫لمبيئة والتنمية في عام ‪ 1992‬وفي مؤتمر "ىابيتات ‪ "2‬الذى عقد في إسطنبول والذى أقرت الحكومة الب ارزيمية خاللو الحق في‬
‫السكن‪ .‬وكان من جراء تمك الجيود قيام "الجمعية التأسيسية" الب ارزيمية بتعديل الدستور عمى نحو يقر الحق االجتماعى في السكن في‬
‫‪ .2000‬كما تم إقرار "قانون المدينة" في ‪ ،2001‬عمال بالنصوص الدستورية الخاصة باإلصالح العمراني‪ .‬وقامت الحكومة بإنشاء‬
‫"و ازرة المدن"‪ ،‬المتخصصة في أمور التخطيط واإلصالح العمراني عمى المستوى القومي‪ .‬كما قامت الحكومة بتنظيم "مؤتمر المدن‬
‫القومية" وأنشأت "مجمس المدن" الذى ينشط في رسم سياسة التنمية العمرانية القومية في الب ارزيل‪.‬‬

‫بصدد تحقيق اإلصالح العمراني‪ ،‬حيث يوضح‬ ‫ويعد قانون المدينة أكبر إنجاز حققو "المنتدى" والحركة االجتماعية المصاحبة لو‬
‫القانون سبل تحقيق األىداف المتضمنة في المادتين ‪ 182‬و ‪ 183‬من الدستور الفيدرالي لعام ‪ ،1988‬والتي تتضمن عدة مباد ئ‬

‫‪6‬‬
‫منتدى البدائل العربي لمدراسات‬

‫أىميا‪ :‬الحكومة الديمقراطية والعدالة االجتماعية في المدن واالستدامة البيئية‪ .‬وبفضل ذلك القانون أصبح في وسع الحكومة عمى‬
‫مختمف مستوياتيا والمجتمع المدني القيام بضبط إيقاع "عمميات استخدام المساحات العمرانية واإلقامة بيا والتقسيم وبيع األراضي"‪.‬‬
‫ويتعامل القانون مع نطاق واسع من القضايا العمرانية‪ .‬كما يقوم بتحديد الشروط الخاصة بعمميات "التخطيط العمراني والخطط وادارة‬
‫المدن واإلجراءات الحكومية والمالية والقانونية (بالذات التي تتعامل مع ممكية األراضي والعقارات)‪ .‬كما يقوم بتنظيم الممكية في‬
‫المناطق غير الرسمية وتشجيع المشاركة الشعبية في وضع الخطط والميزانيات والقوانين المكممة وادارة المدن (باإلضافة إلى‬
‫الشراكات بين القطاع الخاص والعام) وغيرىا‪.‬‬

‫ىناك الكثير من الجيد الجماىيرى في الب ارزيل والذى يستيدف جعل السمطات البمدية مسؤولة عن وضع مخطط عام من خالل‬
‫يات في "بورتو‬ ‫عممية تشاركية وشفافة امتثاال لمقانون‪ .‬واستمياما لتجربة المشاركة في وضع الميزانية والتي تمت في أوائل التسعين‬
‫أليجري" وغيرىا من المدن في الب ارزيل‪ ،‬فإن وضع ميزانية رئيسية تشاركية ىو أسموب يؤدي إلى تعميق الديمقراطية واعطاء المواطنين‬
‫الفرصة لمتأثير عمى عممية صنع الق اررات في مدينتيم‪.‬‬

‫في ‪ ، 2003‬قامت الحكومة الب ارزيمية بإنشاء و ازرة المدن‪ ،‬وىى الييئة التي تقوم بتنسيق عمميات التنمية العمرانية عمى المستوى‬
‫القومي‪ ،‬بما في ذلك التنمية العمرانية واإلسكان والمرافق الصحية وخدمات النقل العام‪ .‬وأحد األسباب الرئيسية إلنشاء تمك الو ازرة كان‬
‫التوصل إلى بيئة سياسية وقانونية يمكن فييا لمشعب والواليات والبمديات أن تتعاون مع المجتمع بأسره من أجل تفعيل المباد ئ الواردة‬
‫في قانون المدينة‪ .‬وتيدف الو ازرة إلى‪ :‬تنفيذ قانون المدينة لسنة ‪ ،2001‬وتنسيق صياغة السياسات القومية بشأن التنمية العمرانية ‪،‬‬
‫‪ ،‬وتقديم التدريب والدعم الفني‬ ‫وتدريب البمديات عمى التقنيات الالزمة لصياغة المخططات العامة التي ألزميا الدستور بإعدادىا‬
‫‪،‬‬ ‫‪ ،‬ووضع أولويات الحتياجات المدن والواليات ولتخصيص الموارد القومية‬ ‫لمبمديات في األمور المتعمقة بعدالة تقديم الخدمات‬
‫والتنسيق وحل الصراعات بين المدن والواليات‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫تعرضت ىذه الورقة لمفيوم الحق في المدينة واإلصالح العمراني في مصر والذي يبدو لموىمة األولى أنيا قضايا نظرية ولكن بالنظر‬
‫إلى المعنى الحقيقي لمحق في المدينة واإلصالح العمراني نجد أنيما مرتبطان بشكل كبير بعدد من المشاكل التى تواجييا مدن‬
‫مصر‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المحميات‬

‫"فساد المحميات وصل لمركب" مقولة أدلى بيا زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجميورية المخموع حسني مبارك في مجمس الشعب‬
‫واصفا حالة قطاع المحميات في مصر‪ .‬تُعد المجالس المحمية بؤرة من بؤر الفساد في مصر وىذا بسبب انعدام الشفافية في انتخابات‬
‫وجود الفساد في المحميات ال يقارن بحجم الفساد عل ى المستوى المركزي‪ ،‬نظ ار لضعف دور المجالس الشعبية‬‫المجالس المحمية‪ ،‬ف‬
‫المحمية في مساءلة القيادات التنفيذية‪ ،‬كما أن المواطن ليس لو دور حقيقي في اختيار أعضاء ىذه المجالس بسبب طبيعة النظام‬
‫االنتخابي الذي ال يشجع المواطن على المشاركة فيو‪ .‬وتتسم المجالس المحمية بضعف دورىا نظ ار لعدم امتالكيا األدوات الفعالة في‬
‫محاسبة القيادات التنفيذية‪ ،‬وعدم قدرة المواطن عمي محاسبة القيادات التنفيذية‪ ،‬أو تقديم طمب إحاطة أو استجواب إلقالة المحافظ أو‬
‫رئيس الوحدة المحمية ‪ .‬وبالتالى تفتقد المدن لإلدارة الديمقراطية التشاركية وآليات المراقبة الشعبية‪ ،‬ويترتب عمى ىذا حاالت من‬

‫) اخراج املدن من دائرة السلطوية‪ :‬إصالح اإلدارة العمرانية يف الربازيل يف إطار التحول الدميقراطي‪http://is.gd/37cTgP :‬‬
‫) فساد احملليات يف ميزان الالمركزية‪http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=442809&eid=1476 :‬‬

‫‪7‬‬
‫الحق في المدينة واإلصالح العمراني في مصر‬

‫فساد البناء‪ ،‬وانتشار الرشاوى والتعديات عمى األراضي وفي حاالت (كالقاىرة اإلسالمية) حيث حدث تعديات عمى بعض األبنية‬
‫األثرية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬ترييف المدينة‬

‫أجزء من المدينة ‪-‬خاصة أطرافيا‪ -‬طابعا ريفيا شكال‬


‫عممية تحدث بسبب زيادة عدد المياجرين الجدد من الريف إلى المدن‪ ،‬وتأخذ ا‬
‫ومضمونا‪ .‬ويظير السموك الريفي في الجوانب االجتماعية والثقافية وسموكيات المجتمع ُمظي ار نمطا ريفيا في المدينة‪ ،‬األمر الذي‬
‫يصبغ المجتمع بالنمط الريفي ‪ .‬تواجو مدن مصر ىذه المشكمة بصورة كبيرة وتحديدا القاىرة ‪ ،‬وال تؤثر ىذه الظاىرة فقط عمى شكل‬
‫المدينة أو نمطيا ولكن ليا تأثيرات واضحة عمى التنمية االقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬حيث أنيا تزيد نسبة البطالة داخل المدينة‪ ،‬وتؤدي‬
‫لعدم وجود مساواة في الدخول أو في مخصصات العمران (السكن‪ -‬المرافق‪-‬النقل العام وغيرىا)‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬العشوائيات‬

‫‪ .‬انتشرت الظاىرة مع تعمق‬ ‫ىي اإلسكان غير الرسمي الذى لم يتم تخطيطو عمرانيا‪ ،‬وىي من أكبر المشاكل التى تواجييا مصر‬
‫وتشترك المناطق العشوائية فى معاناتيا من مشكالت أساسية‬ ‫أزمة اإلسكان ومع تزايد معدالت اليجرة من الريف إلى المدينة‪،‬‬
‫القاىرة من أكثر المحافظات التى‬ ‫كاالفتقار إلى المرافق والخدمات األساسية وتدني مستوى المعيشة‪ ،‬وانتشار الفقر واألمية‪ ،‬وتعد‬
‫‪ 18‬منطقة عشوائية يقطنيا حوالى ‪ 8‬ماليين فرد (ىذه التقديرات تقريبية لصعوبة الحصر)‪،‬‬ ‫تنتشر بيا العشوائيات إذ يوجد بيا‬
‫ويتعرض األفراد في ىذه المناطق لمخاطر متعددة وال يتوافر ليم أساسيات المسكن المالئم وفي الكثير من األحيان تُعد ىذه المناطق‬
‫غير آمنة بيئيا (الدويقة مثاال)‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬أزمة أسوان وفكرة التكامل‬

‫طرحت األزمة األخيرة في أسوان عدة تساؤالت حول فكرة التكامل والتعايش بين الثقافات المتعددة‪ ،‬فالحق في المدينة يشمل ضرورة‬
‫‪،‬‬ ‫التعايش بين الثقافات المتعددة عمى أسس المواطنة وعدم التمييز‪ ،‬وما حدث في أسوان من صراع عنيف بين الدابودية والياليمة‬
‫والذى تزامن معو خطاب عنصري من قبل النوبيين والياليمة يؤكد عمى وجود أزمة تكامل اجتماعي حقيقية مع غياب وجود الدولة‬
‫التي من شأنيا أن تفرض أسسا لممواطنة وعدم التمييز‪.‬‬

‫) ترييف املدينة‪http://is.gd/eXq5iC :‬‬


‫) تطور ظاهرة العشوائيات ىف مصر‪http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=743032&eid=2819 :‬‬
‫) أزمة أسوان‪http://is.gd/owe4EI :‬‬
‫) نوران أمحد وعمر مسري‪ ،‬فتنة أسوان وأزمة التكامل القومي‪ ،‬منتدى البدائل العريب‪ ،‬مايو ‪.2014‬‬

‫‪8‬‬

You might also like