Professional Documents
Culture Documents
البدائل
الحق في المدينة
واإلصالح العمراني في مصر
شيماء الشرقاوي
شيماء الشرقاوي
هذه األوراق نتاج سيمنار داخلي وتصدر بصفت غيز دوريت وتعبز فقط عن رأي كتابها وال تعبز بالضزورة عن رأي
منتدى البدائل العزبي للدراساث أو أي مؤسست شزيكت
2
منتدى البدائل العربي لمدراسات
مقدمة:
تواجو مصر أزمة عمرانية ىائمة ال يمكن اختصارىا فقط في أزمة اإلسكان مع وجود عدد ىائل من مشروعات المدن الجديدة وتحدي
العشوائيات المتزايدة منذ السبعينيات ،بل تتسع ىذه األزمة لتصل إلى حق المواطنين في االستغالل العادل لمصادر المدينة التي
يعيشون فييا بل والتمتع بيا ،وفي ظل وجود حوادث إخالء قسري لمسكان تظير تساؤالت عمن المتحكم في المدينة خاصة في ظل
. "2050وعمى ىذا فيذه الورقة وجود حديث دائم عن مشروعات ضخمة لتطوير العشوائيات عمى سبيل المثال "مخطط القاىرة
تيدف لمتعرف عمى مفيوم الحق في المدينة في ضوء ظيور حركات ومبادرات في مصر لممطالبة بيذا الحق واإلصالح العمراني
مع اإلشارة لتجربة الب ارزيل في التعامل مع التحديات العمرانية والحق في المدينة.
بالنسبة لمدستور المصري لعام ،2014جاءت المادة ( )78لتنص عمى أن الدولة تكفل لممواطنين الحق في السكن المالئم ...بما
يحقق العدالة االجتماعية ،والمادة ( )63التي حظرت التيجير القسري التعسفي ،ونصت المادة ( )45عمى أن حق التمتع بالشواطئ
العامة لكل مواطن مكفول .ولكن لم يشر الدستور لممدينة بصفتيا كما أشار الدستور في الب ارزيل واإلكوادور عمى سبيل المثال.
ىناك عدد من المشكالت األساسية تواجو العمران في مصر من الممكن أن نمخصيا في :عدم وجود عدالة اجتماعية في السياسات
العمرانية ،وىنا نجد أن المجتمعات العمرانية الجديدة والتي يتم بيا إتاحة جميع المرافق والخدمات تقتصر عمى طبقة معينة من
ف يحظى العمران
الشعب في الوقت نفسو نجد ماليين الشقق السكنية غير المأىولة وماليين المساكن العشوائية بال خدمات ومرافق .ال
بييكل إدارى يتناسب ومتطمبات المواطنين الذين يسكنوه .ففي المدن والقرى القائمة توجد اإلدارات المحمية المختمفة من مديريات
وىيئات وشركات ،ولكن تقمصت مسئولياتيا العمرانية عبر العقد الماضىي حيث آلت شركات الكيرباء والمياه مثال إلى الحكومة
المركزية .أما غالبية المكونات األساسية لمعمران تذىب لخمسة و ازرات قطاعية مسئولة عن توفير الخدمات ،وصيانة المرافق من
خالل أذرع محمية تابعة ليم مباشرة وباإلشتراك مع اإلدارات المحمية .باإلضافة ىناك نظام آخر مو ٍزاز يخص المدن الجديدة ،والتي
تتبع مباشرة و ازرة اإلسكان ،وبدال من المحميات ،يوجد ما يسمى بأجيزة المدن الجديدة والتي تعمل الو ازرات القطاعية من خالليا
لتأسيس المرافق وتقديم الخدمات ونجد أيضا أنو ال يتم إشراك المواطنين وسكان المدن في اتخاذ الق اررات فيما يتعمق بالعمران .عدم
االىتمام بفكرة الحق في التراث (األماكن األثرية والتاريخية) وىذا يترتب عميو تعديات ىائمة من قبل الدولة واألفراد عمى المعالم
األثرية وتعرضيا لتيديدات عديدة ،فمثال ما حدث في اإلسكندرية من تعديات وىدم مباني أثرية بيدف عمل مشروعات استثمارية
وىو ما يؤكد عمى عدم االعتراف بحق ساكني المدينة فى تراثيا.
ردا عمى ىذه التحديات ظيرت العديد من المبادرات والحركات التي تطالب بضرورة اإلصالح العمراني والحق في المدينة نذكر منيا:
، شبكة حقوق األرض والسكن ،تكوين لتنمية المجتمعات المتكاممة ،مبادرة التضامن العمراني بالقاىرة ،مدونة و ازرة اإلسكان الظل
(حركة أنقذوا اإلسكندرية ) التي نشأت ردا عمى وأيضا ظيرت حركات احتجاجا عمى عمميات التعدى عمى اآلثار والتراث مثل
3
الحق في المدينة واإلصالح العمراني في مصر
التيديدات اليائمة التي تواجو المباني األثرية في اإلسكندرية .حاولت المبادرات والحركات في مصر االستفادة من التجارب الدولية في
والتي تضمنت اإلصالح العمراني والحق في المدينة ومنيا التجربة الب ارزيمية فقد قاموا بعمل تحالف نتج عنو وثيقة دستور العمران
عدد من البنود معنية بالحق في السكن المالئم ،والحق في التراث ،والحق في الفراغ العام ،والحق في المشاركة وادارة عمميات
التخطيط العمراني والتنمية العمرانية العادلة والمستدامة .لم يتم العمل بيذه الوثيقة في الدستور وبالرغم من النص صراحة عمى بعض
الحقوق االقتصادية واالجتماعية فيما يتعمق بالحق في األرض والسكن والعمران ككل ،إال أن صياغة تمك الحقوق واالنتقاص من
بعض معاييرىا يوضح أن ىناك الكثير من الجيود التي يجب عمى المجتمع القيام بيا وبذليا في مراقبة ورصد مدى إمكانية تحقيق
تمك الحقوق عمى األرض .فعمينا جميعا أن نسعى نحو تعديل وتطوير ىذه المواد حتى تصبح فعالة وحقيقية ،سواء في صورة القوانين
أو الموائح المنظمة لمعمران بشكل يضمن تعزيز وحماية تمك الحقوق .
" لمجماىير الحق في االستمتاع الكامل بكل أرجاء المدينة واألماكن العامة فييا عمى أساس مبادئ االستدامة ،والعدالة االجتماعية،
واحترام كافة الثقافات الحضرية والموازنة بين كافة الثقافات الريفية والثقافات الحضرية .ممارسة الحق في االستمتاع بالمدينة التي
تقوم عمى أساس اإلدارة الديمقراطية لممدينة ،وذلك فيما يتعمق بالوظيفة البيئية واالجتماعية لممدينة ولمممتمكات ولممدينة نفسيا
والممارسة الكاممة لممواطنة ".المادة ( )31من دستور جميورية األكوادور.2008 ،
1968في أعقاب تعود أصول ىذا المفيوم إلى كتاب لمفيمسوف الفرنسي ىنري لوفيفر "الحق في المدينة" والذى صدر عام
االحتجاجات التي اجتاحت فرنسا وباقي الدول األوروبية .يرى لوفيفر أن مفيوم الحق في المدينة يعني" مطالبة الفرد بحقو في الحياة
ويأتى دايفيد ىارفي ليؤكد أن الحق في المدينة ليس فقط حق الفرد من الحياة الحضرية أو حقو من المصادر التي تتمتع الحضرية"
بيا المدينة ولكن ُيعرف ىارفي الحق في المدينة بأنو الحق الجمعي في اكتشاف وتغيير أنفسنا عن طريق اكتشاف وتغيير المدن
التي نعيش فييا.
مع مطمع األلفية الجديدة كان نصف سكان العالم يعيشون في المدن ،ويتنبأ الخبراء أنو بحمول العام 2050سوف تصل نسبة سكان
المدن في العالم إلى 65في المائة .وفي إمكان تمك المدن أن تقدم قد ار كبي ار من الثراء والتنوع في المجاالت االقتصادية والبيئية
والسياسية والثقافية .كما أن أسموب الحياة في المدينة يؤثر عمى الطريقة التي نتعامل فييا مع غيرنا من البشر ومع المساحة التي
نقيم بيا .بالرغم من ىذا ،فإن نماذج التنمية التي تم تطبيقيا في أغمب الدول الفقيرة تميل إلى تركز الدخل والقوة وتوليد الفقر
واالستبعاد لبعض فئات المجتمع ،عمى نحو يؤدي إلى تدىور البيئة ويزيد من عمميات اليجرة والمجوء إلى المدن ،كما يفاقم من
مشاكل العزل االجتماعي والمساحي ومن خصخصة الموارد المشتركة والمساحات العامة .كل تمك العمميات تؤدي إلى خمق مساحات
عمرانية واسعة تتميز بالفقر وسوء األحوال المعيشية ،كما تزيد من مخاطر التعرض لمكوارث الطبيعية.
وتعود تمك األوضاع إلى تجاىل السياسات العامة لقدرات السكان عمى اإلسيام اإليجابي في بناء المدينة وممارسة حقوق المواطنة،
وىو األمر الذى يفاقم من تدىور األوضاع المعيشية في المدينة .وينتج عن تمك األوضاع مشاكل متنوعة تشمل حاالت الطرد
4
منتدى البدائل العربي لمدراسات
الجماعي من السكن والعزل بين فئات السكان ،مما يؤدي إلى اإلضرار بفرص التعايش االجتماعي .تؤدي تمك السياسات أيضا إلى
تزايد الصراعات الحضرية واضعاف القدرة عمى تحقيق تغيرات نوعية في نموذج التنمية الحالي ،برغم أىمية ذلك من الناحية
االجتماعية والسياسية .ىناك إذن حاجة ماسة إلى تغيير تمك األوضاع ،وىو ما دعا المنظمات والحركات الحضرية (لم يكن من
ضمن ىذه المنظمات أي منظمة أو حركة مصرية) ،منذ انعقاد "المنتدى االجتماعي العالمي" األول في ،2001إلى العمل سويا
وفتح باب النقاش حول تمك المسائل .وأخذت تمك المنظمات عمى عاتقيا ميمة بناء نموذج مستدام لممجتمع والحياة الحضرية يستند
إلى مبادئ التضامن والحرية والعدالة والمساواة والكرامة والعدالة االجتماعية ،ويقوم عمى احترام مختمف الثقافات الحضرية وعمى
تحقيق التوازن بين الحضر والريف .منذ ذلك الحين ،بدأت مجموعة متماسكة من الحركات االجتماعية والمنظمات غير الحكومية
واالتحادات المينية والمنتديات والشبكات القومية والدولية لممجتمعات المدنية ،المؤمنة بالنضال االجتماعي من أجل مدن أكثر عدالة
وديمقراطية وأكثر إنسانية واستدامة ،في العمل من أجل وضع "ميثاق دولي لمحق في المدينة" .وييدف "الميثاق" إلى تجميع
االلتزامات واإلجراءات التي يجب أن يقوم بيا المجتمع المدني ،والحكومات المحمية والقومية ،وأعضاء البرلمان ،والمنظمات الدولية
من أجل تمكين كل البشر من الحياة بكرامة في مدنيم .ويضم ىذه الميثاق 21مادة وينقسم إلى :القسم األول والذي يحتوي عمى
األحكام العامة وتعريف الحق في المدينة الذي يشمل جميع المواطنين دون تفرقة ،يحتوي أيضا عمى المبادئ واألسس االستراتيجية
لمحق في المدينة وتتضمن الممارسة الكاممة لممواطنة واإلدارة الديموقراطية لممدينة ،والوظيفة االجتماعية لممدينة ،والممكية الحضرية،
وأيضا المساواة وعدم التمييز ،الحماية الخاصة لمجماعات واألفراد المعرضون لممخاطر .أما عن القسم الثاني فيو معني بالحقوق
المتصمة بممارسة المواطنة والمساىمة في عمميات التخطيط واإلنتاج واإلدارة الخاصة بالمدينة ،والحق في المعمومات المتعمقة بالشأن
العام والحق في التجمع والتعبير العمني واالستخدام الديمقراطي لممساحة العامة ،والحق في األمان العام ،وفي التعايش السممي
والمتعدد الثقافات .واحتوى القسم الثالث عمى الحق في التنمية االقتصادية والثقافية والبيئية لممدنة ،والحق في المواصالت العامة
والحركة داخل المدينة ،الحق في السكن المالئم ،والحق في بيئة صحية ومستدامة ،وتضمن القسم الرابع األحكام النيائية ومنيا
مسئولية الدولة تجاه تشجيع وحماية وتنفيذ واجراءات تطبيق والرقابة عمى الحق في المدينة.
حالة البرازيل:
تكونت "الحركة القومية لإلصالح العمراني" في الب ارزيل عام 1985بيدف المشاركة في عممية كتابة الدستور وتغيير اتجاه الرأي
العام والتأثير عمى "الجمعية التأسيسية" التي كانت تقوم بإعداد دستور جديد .واستندت تمك الحركة إلى جيود المنظمات التي تدعو
لمديمقراطية وتدافع عن مصالح الفقراء والى دعم اتحادات العمال والمنظمات المدنية واتحادات السكان .وكان اليدف األسمى لتمك
الحركة ىو ترسيخ الديمقراطية من خالل تعميق مشاركة السكان في الحكومة والنمو العمراني وتحقيق التواصل بين السكان ومسؤولي
إدارة المدن من أجل الخروج ببرنامج لإلصالح العمراني .حاولت الحركة أن تغير أسس التنمية العمرانية في الب ارزيل من أجل إقامة
مفيوم اجتماعي جديد يجعل من العدالة االجتماعية محو ار لعممية التخطيط العمراني وصنع الق اررات.
لم يكن إصالح إدارة المدن ،في نظر الحركة ،مجرد أسموب لتغيير نسيج المدينة ،وانما كان أيضا وسيمة لتحقيق أىداف العدالة
االجتماعية والمساواة .عندما انتيى الحكم العسكري عام ،1985تولت "الجمعية التأسيسية القومية" عممية كتابة دستور جديد ،وىي
ميمة بدأت في 1986وانتيت بالتصديق عمى الدستور في .1988من بين تمك التعديالت اقتراح قدمتو "الحركة القومية لإلصالح
العمراني" .كانت "الحركة القومية لإلصالح العمراني" ،في المراحل األولى من نشاطيا ،تركز عمى مجموعة محدودة من القضايا
العمرانية تتصل أساسا بقضية اإلسكان .ثم نضجت الحركة عمى نحو مكنيا من الخروج بأفكار جديدة بشأن حقوق المواطنين في
12
) World Charter on Right to the city: http://www.urbanreinventors.net/3/wsf.pdf
5
الحق في المدينة واإلصالح العمراني في مصر
،والدور االجتماعي لمخدمات العامة والنقل المدينة ،والحق في الحياة االجتماعية ومفيوم "المسكن خارج نطاق المسكن الخاص"
والبنية التحتية .ورفضت الحركة فكرة أن المدينة ه ي مجرد مكان تسيطر عميو المصالح الخاصة لمنخبة السياسية الرأسمالية ويتم
تقسيمو عمى أساس الطبقة والثروة ،كما قامت بتحدي الحقوق المكتسبة ألصحاب الممكيات الخاصة.
ونظ ار لتزايد المساحات غير المستخدمة في المدينة نتيجة لممضاربات المستمرة عمى األراضي ،والتي رافقيا نقص في المساكن
الرخيصة وتدىور بيئي واضح ،طالبت الحركة باإلعتراف بالدور االجتماعى لمممكية وطرحت تساؤالت حول المدى الذى يمكن من
خاللو لممالك أن يتمتعوا بممكيتيم بغض النظر عن اآلثار السمبية لق ارراتيم .قام أعضاء "الحركة القومية" بإعداد مقترحات لتعديل
دستوري .وبعد مناقشة تمك المقترحات في "االتحاد القومي ألراضي المدن" و"اتحاد المديونين " و"حركة الدفاع عن ساكني فافيال"
1987من قبل "اتحاد الميندسين وأكثر من أربعين جمعية محمية واقميمية ،تم تقديم التعديل المقترح إلى "الجمعية التأسيسية" في
القومي" و"اتحاد المعماريين القومي" و"معيد المعماريين الب ارزيميين" وعميو أكثر من 130ألف توقيع .وتضمن التعديل المقترح 23
مادة تدعم المباد ئ الستة التالية :استقالل إدارة البمديات ،واإلدارة الديمقراطية لممدن ،والحق االجتماعي في السكن ،والحق في تقنين
ومكافحة المضاربة عمى العقارات في المدن .وقد تبنت "الجمعية األحياء غير الرسمية ،والدور االجتماعي لمممكية في المدن،
التأسيسية" بعد مناقشات مستفيضة بعض أجزاء التعديل في الفصل الخاص بالسياسة العمرانية .ومع أن أجزاء أخرى من الدستور
تؤكد عمى استقالل اإلدارات البمدية ،فإن الفصل الخاص بالسياسة العمرانية ال يضم سوى مادتين .المادة 183تخص حقوق وضع
اليد عمى الممكيات أقل من 250متر مربع طالما قام المواطنون باحتالل األراضي واستخداميا بشكل مستمر لمدة خمس سنوات
182تعترف بالدور االجتماعي لمممكية وتمنح السمطات البمدية ألغراض السكن ،بشرط عدم امتالكيم ألى أراض اخرى .والمادة
الحق في فرض عقوبات عمى المالك الذين ال يقومون باستغالل عقاراتيم ،بل يحتفظون بيا ألغراض المضاربة .كما تربط تمك
المادة بين الوظيفة االجتماعية لمممكية وبين المخططات العامة لممدينة .وفرض الدستور عمى البمديات التي تضم أكثر من 20ألف
نسمة أن تضع خطة رئيسية لمنطقتيا .وألن المخططات العامة تقدم الشكل المتصور لممنطقة في المستقبل ،فإن وجود مثل تمك
المخططات يسيل قيام البمديات بالدفاع عن الدور االجتماعي لمممكية في المناطق العمرانية.
بعد التصديق عمى الدستور الب ارزيمى الجديد في ،1988تشكل "المنتدى القومي لإلصالح العمراني" مستيدفا الضغط عمى الحكومة
لكى تتخذ اإلجراءات الالزمة لتنفيذ النصوص الدستورية المتعمقة بالسياسة العمرانية .وضم "المنتدى" في صفوفو عدة شبكات
وحركات في الب ارزيل تيتم بعدد كبير من الموضوعات ابتدا ًء من المياه والصرف الصح ي ومرو ار بالمشاركة الشعبية في الحكومة
المحمية.
ويمارس "المنتدى" نشاطو في السياق األوسع لعمل المنظمات الحقوقية في الدعوة لمحق في العمل والصحة العامة واالنتقال واتاحة
الخدمات العامة ،وذلك من أجل توسيع نطاق الدعوة وزيادة تأثيرىا .وقام أعضاء "المنتدى" باستخدام المحافل الدولية من أجل حث
الحكومة عمى اقرار حقوق معينة واالمتثال بالمعايير الدولية .عمى سبيل المثال ،شارك ممثمو "المنتدى" في مؤتمر األمم المتحدة
لمبيئة والتنمية في عام 1992وفي مؤتمر "ىابيتات "2الذى عقد في إسطنبول والذى أقرت الحكومة الب ارزيمية خاللو الحق في
السكن .وكان من جراء تمك الجيود قيام "الجمعية التأسيسية" الب ارزيمية بتعديل الدستور عمى نحو يقر الحق االجتماعى في السكن في
.2000كما تم إقرار "قانون المدينة" في ،2001عمال بالنصوص الدستورية الخاصة باإلصالح العمراني .وقامت الحكومة بإنشاء
"و ازرة المدن" ،المتخصصة في أمور التخطيط واإلصالح العمراني عمى المستوى القومي .كما قامت الحكومة بتنظيم "مؤتمر المدن
القومية" وأنشأت "مجمس المدن" الذى ينشط في رسم سياسة التنمية العمرانية القومية في الب ارزيل.
بصدد تحقيق اإلصالح العمراني ،حيث يوضح ويعد قانون المدينة أكبر إنجاز حققو "المنتدى" والحركة االجتماعية المصاحبة لو
القانون سبل تحقيق األىداف المتضمنة في المادتين 182و 183من الدستور الفيدرالي لعام ،1988والتي تتضمن عدة مباد ئ
6
منتدى البدائل العربي لمدراسات
أىميا :الحكومة الديمقراطية والعدالة االجتماعية في المدن واالستدامة البيئية .وبفضل ذلك القانون أصبح في وسع الحكومة عمى
مختمف مستوياتيا والمجتمع المدني القيام بضبط إيقاع "عمميات استخدام المساحات العمرانية واإلقامة بيا والتقسيم وبيع األراضي".
ويتعامل القانون مع نطاق واسع من القضايا العمرانية .كما يقوم بتحديد الشروط الخاصة بعمميات "التخطيط العمراني والخطط وادارة
المدن واإلجراءات الحكومية والمالية والقانونية (بالذات التي تتعامل مع ممكية األراضي والعقارات) .كما يقوم بتنظيم الممكية في
المناطق غير الرسمية وتشجيع المشاركة الشعبية في وضع الخطط والميزانيات والقوانين المكممة وادارة المدن (باإلضافة إلى
الشراكات بين القطاع الخاص والعام) وغيرىا.
ىناك الكثير من الجيد الجماىيرى في الب ارزيل والذى يستيدف جعل السمطات البمدية مسؤولة عن وضع مخطط عام من خالل
يات في "بورتو عممية تشاركية وشفافة امتثاال لمقانون .واستمياما لتجربة المشاركة في وضع الميزانية والتي تمت في أوائل التسعين
أليجري" وغيرىا من المدن في الب ارزيل ،فإن وضع ميزانية رئيسية تشاركية ىو أسموب يؤدي إلى تعميق الديمقراطية واعطاء المواطنين
الفرصة لمتأثير عمى عممية صنع الق اررات في مدينتيم.
في ، 2003قامت الحكومة الب ارزيمية بإنشاء و ازرة المدن ،وىى الييئة التي تقوم بتنسيق عمميات التنمية العمرانية عمى المستوى
القومي ،بما في ذلك التنمية العمرانية واإلسكان والمرافق الصحية وخدمات النقل العام .وأحد األسباب الرئيسية إلنشاء تمك الو ازرة كان
التوصل إلى بيئة سياسية وقانونية يمكن فييا لمشعب والواليات والبمديات أن تتعاون مع المجتمع بأسره من أجل تفعيل المباد ئ الواردة
في قانون المدينة .وتيدف الو ازرة إلى :تنفيذ قانون المدينة لسنة ،2001وتنسيق صياغة السياسات القومية بشأن التنمية العمرانية ،
،وتقديم التدريب والدعم الفني وتدريب البمديات عمى التقنيات الالزمة لصياغة المخططات العامة التي ألزميا الدستور بإعدادىا
، ،ووضع أولويات الحتياجات المدن والواليات ولتخصيص الموارد القومية لمبمديات في األمور المتعمقة بعدالة تقديم الخدمات
والتنسيق وحل الصراعات بين المدن والواليات.
خاتمة:
تعرضت ىذه الورقة لمفيوم الحق في المدينة واإلصالح العمراني في مصر والذي يبدو لموىمة األولى أنيا قضايا نظرية ولكن بالنظر
إلى المعنى الحقيقي لمحق في المدينة واإلصالح العمراني نجد أنيما مرتبطان بشكل كبير بعدد من المشاكل التى تواجييا مدن
مصر.
أوال :المحميات
"فساد المحميات وصل لمركب" مقولة أدلى بيا زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجميورية المخموع حسني مبارك في مجمس الشعب
واصفا حالة قطاع المحميات في مصر .تُعد المجالس المحمية بؤرة من بؤر الفساد في مصر وىذا بسبب انعدام الشفافية في انتخابات
وجود الفساد في المحميات ال يقارن بحجم الفساد عل ى المستوى المركزي ،نظ ار لضعف دور المجالس الشعبيةالمجالس المحمية ،ف
المحمية في مساءلة القيادات التنفيذية ،كما أن المواطن ليس لو دور حقيقي في اختيار أعضاء ىذه المجالس بسبب طبيعة النظام
االنتخابي الذي ال يشجع المواطن على المشاركة فيو .وتتسم المجالس المحمية بضعف دورىا نظ ار لعدم امتالكيا األدوات الفعالة في
محاسبة القيادات التنفيذية ،وعدم قدرة المواطن عمي محاسبة القيادات التنفيذية ،أو تقديم طمب إحاطة أو استجواب إلقالة المحافظ أو
رئيس الوحدة المحمية .وبالتالى تفتقد المدن لإلدارة الديمقراطية التشاركية وآليات المراقبة الشعبية ،ويترتب عمى ىذا حاالت من
) اخراج املدن من دائرة السلطوية :إصالح اإلدارة العمرانية يف الربازيل يف إطار التحول الدميقراطيhttp://is.gd/37cTgP :
) فساد احملليات يف ميزان الالمركزيةhttp://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=442809&eid=1476 :
7
الحق في المدينة واإلصالح العمراني في مصر
فساد البناء ،وانتشار الرشاوى والتعديات عمى األراضي وفي حاالت (كالقاىرة اإلسالمية) حيث حدث تعديات عمى بعض األبنية
األثرية.
ثالثا :العشوائيات
.انتشرت الظاىرة مع تعمق ىي اإلسكان غير الرسمي الذى لم يتم تخطيطو عمرانيا ،وىي من أكبر المشاكل التى تواجييا مصر
وتشترك المناطق العشوائية فى معاناتيا من مشكالت أساسية أزمة اإلسكان ومع تزايد معدالت اليجرة من الريف إلى المدينة،
القاىرة من أكثر المحافظات التى كاالفتقار إلى المرافق والخدمات األساسية وتدني مستوى المعيشة ،وانتشار الفقر واألمية ،وتعد
18منطقة عشوائية يقطنيا حوالى 8ماليين فرد (ىذه التقديرات تقريبية لصعوبة الحصر)، تنتشر بيا العشوائيات إذ يوجد بيا
ويتعرض األفراد في ىذه المناطق لمخاطر متعددة وال يتوافر ليم أساسيات المسكن المالئم وفي الكثير من األحيان تُعد ىذه المناطق
غير آمنة بيئيا (الدويقة مثاال).
طرحت األزمة األخيرة في أسوان عدة تساؤالت حول فكرة التكامل والتعايش بين الثقافات المتعددة ،فالحق في المدينة يشمل ضرورة
، التعايش بين الثقافات المتعددة عمى أسس المواطنة وعدم التمييز ،وما حدث في أسوان من صراع عنيف بين الدابودية والياليمة
والذى تزامن معو خطاب عنصري من قبل النوبيين والياليمة يؤكد عمى وجود أزمة تكامل اجتماعي حقيقية مع غياب وجود الدولة
التي من شأنيا أن تفرض أسسا لممواطنة وعدم التمييز.
8