Professional Documents
Culture Documents
45الأصول التي ترجع إليها مسألة العذر بالجهل الدكتور أحمد النجار
45الأصول التي ترجع إليها مسألة العذر بالجهل الدكتور أحمد النجار
١٤٣٧ھـ
املؼدمة
أما بعد:
فؿـ مسائؾ الديـ ما اشتد فقفا الخالف بقـ الؿسؾؿقـ :حتك آل األمر
بعضا بالبدطة.
برمل بعضفؿ ً
وقبل الخوض فقفا البد مـ معرفة مقصـ االتػاق والـزاع :لتؼؾقؾ الخالف
وتحريره.
وهذا أمر مفم فـ«مـاط العذر بالجفل الؿعتبر متعؾق بتػاصقل كؾؿة
التوحقد ال بؿجؿؾفا».
وأما ما يدخل تحت كؾؿة التقحقد مـ تػاصقؾ :فقجقد الؿاكع ماكع مـ
التؽػقر فقفا :ألن وجقد الؿاكع يؿـع مـ اكتػاء أصؾ اإليؿان يف الؿعقـ.
مع مالحظة أكف قد وقع كزاع بقـ أهؾ السـة وأهؾ الؽالم -مـ
األشاطرة ومـ كحا كحقهؿ -يف تحديد مػفقم العبادة ،مؿا حصؾ لفؿ خؾؾ
يف معـك ال إلف إال اهلل ،وهذا ال يدخؾ يف الؿعـك الؿجؿؾ.
6 مسألـة العذر باجلـهـل
-2التل ال يتصقر وققع الجفؾ فقفا مـ مسؾؿ ،كسب اهلل :فنن مـ جفؾ
أكف يجب طؾقف أن يعظؿ اهلل و ُيج َّؾف :لؿ يدخؾ يف اإلسالم ً
أصال.
وموصن الـزاع :هؾ الجفؾ -الذي ال يؽقن كاش ًئا طـ تػريط وإطراض-
معترب يف تػاصقؾ الؿسائؾ الظاهرة ،كؿسائؾ تقحقد العبادة؟ وهؾ يصح وصػ
مـ وقع يف الشرك بلكف :مشرك؟
ولعدم التصقر الصحقح لؿـزلة هذه الؿسللة وحؼقؼة الخالف فقفا تجد
وضع
ٌ مـ يرمل مـ خالػف بلشـع التفؿ ،ويـسبف لؾبدطة وأهؾفا ،وهذا ضؾؿ :ألكف
لألشقاء يف غقر مقاضعفا.
ولو تلمل الواحد مـفم يف صـقع السؾػ لؼطع بلهنا لقست مـ األصقل :إذ
لؿ ُيرتب أحد مـفؿ طؾقفا القالء والرباء.
األصول اليت تزجع إليها 7
األصل الرابع« :الؽػر األكرب ما كان راج ًعا إلك التؽذيب أو االمتـاع».
األصل الخامس« :مـ ثبت لف أصؾ فال يعدل طـف إال لؿؼتضك دلقؾ
شرطل».
األصل السادس« :الحؽؿ طؾك الؿعقـ بالؽػر متققػ طؾك ثبقت شروط
التؽػقر واكتػاء مقاكعف».
خالصا لقجفف الؽريؿ.
ً فلسلل اهلل أن يـػع بؿا كتبت ،ويجعؾف
كتبه
أحمد محمد الىجاز
1437-4-21هـ
الربيد اإللؽرتوين
abuasmaa21@gmail.com
8 مسألـة العذر باجلـهـل
األصل األول
املرجع يف تنزيل حؽم الرشك عىل املعني
الرشع ال الؾغة
والحؽم طؾى العبد بلكه مشرك أمر شرطي الؿرجع فقف إلك الشرع ال إلك
الؾغة ،فؾقس كؾ مـ وقع يف الشرك اشتُؼ لف مـف اسؿ شر ًطا :ذلؽ أن مـ ُوجد فقف
شرطا ال يتؿ
ً شرطا :ألن الحؽؿ
ً ماكع ولق تؾبس بالشرك فنكف ال يسؿك مشركًا
إال بعد تقفر الشروط واكتػاء الؿقاكع.
فال يؽػي يف الحؽم حصول السبب ،بؾ البد معف مـ تقفر الشروط واكتػاء
الؿقاكع ،فاآلثار الشرطقة مرتتبة طؾك مجؿقع ما ُذكر ،كؿا سقليت.
وإن كاكت الؾغة تؼضي أن الؿصدر إذا أضقػ إلك محؾ اشتُؼ لف مـف اسؿ،
لؽـ هذا اإلصالق الؾغقي مؼقدٌ يف الشرع.
وإذا حصل تعارض بقـ حؽؿ شرطل وحؽؿ لغقي ،وكان الؿتؽؾؿ هق
الشارع فقؼدَّ م الحؽؿ الشرطل طؾك الحؽؿ الؾغقي :ألكف ُطرفف.
جاهال
ً فؾؿ يطؾؼ اإلمام مالؽ الحؽؿ طؾقف بالشرك ،وإكؿا ذكر أكف إذا كان
أو طؾك وجف السػف استخػا ًفا بالداطل فنكف ال شلء طؾقف.
أيضا يف
عؿؾف ً وإذا كـا ُك ِ
عؿل هذا األصل يف كصقص القطد والقطقد فنكـا ُك ِ
ولؾحؽم بالشرك طؾى الؿعقن شر ًطا وصف معتبر ممثر ،سقليت بقاكف.
والخطل يف هذا األصل يعقد إلك القققع يف خطل تصقر مسللة العذر
بالجفؾ ،وما يرتتب طؾك هذا التصقر الخاصئ مـ حؽؿ خاصئ.
األصول اليت تزجع إليها 01
األصل الثاين
العربة بتحؼق الوصف املناسب املًثر يف الشخص
ال بالنظر إىل ىوع املسيلة وقوهتا
وال يع َّؾؼ الحؽؿ طؾك غقر الؿـضبط الذي يتػاوت الـاس فقف ،أو الذي ال
ممثرا.
يؽقن ً
ممثرا يف الحؽؿ ،فال يؾزم مـ وجقده
والظفقر والؼقة لؾؿسللة لقس سب ًبا ً
وجقد التؽػقر إال إذا وجد معف القصػ الؿـاسب الؿمثر.
والحؽم بؽون الؿعقن مشركًا مع َّؾ ٌق طؾك وصػ مـاسب مـضبط ممثر،
وهق :الشرك مع إقامة الحجة ،ال طؾك كقن الؿسللة ضرورية أو ضاهرة ،وال
طؾك مجرد التؾبس بالشرك.
-2أن يؽقن القصػ الؿمثر :كقن الؿسللة ضاهرة ،وهذا ال يستؼقؿ :لعدم
اكضباصفا ،واختالف الـاس يف معرفتفا ،وإدراكفا ،كؿا سقليت تقضقح ذلؽ.
فرحا
-ما جاء طـ أكس بـ مالؽ ﭬ قال :قال رسقل اهلل ﷺ« :هلل أشد ً
بتوبة طبده حقن يتوب إلقه ،من أحدكم كان طؾى راحؾته بلرض فالة ،فاكػؾتت
مـه ،وطؾقفا صعامه وشرابهَ ،
فليِ َس مـفا ،فلتى شجرة ،فاضطجع يف ضؾفا ،قد أيس
من راحؾته ،فبقـا هو كذلك إذ هو بفا ،قائؿة طـده ،فلخذ بخطامفا ،ثم قال من
شدة الػرح :الؾفم أكت طبدي وأكا ربك ،أخطل من شدة الػرح»(.)1
-اتػاق األئؿة طؾك أن مـ كشل يف بادية بعقدة طـ أهؾ العؾؿ ،أو كان
حديث طفد بنسالم أكف ال يؽػر.
قال ابن تقؿقة« :ولفذا اتػؼ األئؿة طؾك أن مـ كشل ببادية بعقدة طـ أهؾ
( )1أخرجف مسؾؿ يف «صحقحف» كتاب التقبة ،باب :يف الحض طؾك التقبة والػرح هبا (ص)1191
(ح.)2747
األصول اليت تزجع إليها 03
العؾؿ واإليؿان ،وكان حديث العفد باإلسالم ،فلكؽر شق ًئا مـ هذه األحؽام
الظاهرة الؿتقاترة فنكف ال يحؽؿ بؽػره :حتك يعرف ما جاء بف الرسقل»(.)1
وقد أبعد الـجعة َمـ فرق بقـ الؽػر والشرك يف مسللة العذر بالجفؾ مـ
جفة الحؽؿ :فزطؿ أن الؽػر البد فقف مـ إقامة الحجة ،بخالف الشرك فنكف يثبت
قبؾ إقامة الحجة.
وأما احتجاجفم باآليات التل فقفا إصالق الشرك طؾك الؿشركقـ ،ففل
أصال ،فؾؿ
خارج محؾ الـزاع :ألن الشارع أصؾؼفا طؾك مـ لؿ يـطؼ بالشفادتقـ ً
يثبت لف أصؾ اإلسالم ،بخالف محؾ البحث.
ٍ
بشرك وال شؽ أن هذا فرق ممثرٌ :
فػرق بقـ مـ كطؼ بالشفادتقـ وتؾبس
مـ غقر أن يعتؼد أكف شرك ،وبقـ مـ يسقي بقـ اهلل وخؾؼف طامدً ا قاصدً ا.
ٌ
خؾط وال يؾزم من طدم إصالق الشرك طؾى من تؾبس بالشرك أن يحصؾ
بقـ حؼقؼة اإلسالم وحؼقؼة الشرك ،فالحؼقؼتان متضادتان :لؽـ لؿ يثبت اسؿ
الشرك طؾك الؿسؾؿ الؿتؾبس بالشرك لقجقد ماكع.
وهق وصػ مـاسب ممثر يف الحؽؿ راطاه الشارع ،ويػضل إلك ترتب
الؿصؾحة مـ زجر الـاس ،وردطفؿ ،وكحق ذلؽ.
وقد دل طؾقه:
فؼد أخرب اهلل أن الحؽؿة مـ إرسال الرسؾ قطع الحجة طؾك الخؾؼ ،فال
يؽقن لؾخؾؼ طذر يف الدكقا وال يف اآلخرة بعد إرسال الرسؾ ،واآلية شامؾة
كافرا يف الدكقا إال بعد إرسال الرسؾ،
ألحؽام الدكقا واآلخرة ،فال يسؿك الرجؾ ً
وال يعذب يف اآلخرة إال بعد إرسال الرسؾ.
ومؿا يجب أن يعؾم :أن السؾف لم يػرقوا بقن مسللة ومسللة يف العذر
بالجفل الؿعتبر:
قامت طؾقف الحجة ردها :ألن الؼرآن كَزل هبا ،وصح طـ رسقل اهلل ﷺ الؼقل هبا
فقؿا روى طـف العدول ،فنن خالػ ذلؽ بعد ثبقت الحجة طؾقف ففق كافِر.
فلما قبؾ ثبقت الحجة طؾقف فؿعذور بالجفؾ :ألن طؾؿ ذلؽ ال ُيدرك
بالر ِو َّي ِة والػؽر ،وال ُك َؽػ ُر بالجفؾ هبا أحدً ا إال بعد اكتفاء الخرب
بالعؼؾ ،وال َّ
إلقف هبا»(.)1
فؼد بقـ اإلمام الشافعل أن التؽػقر ال يثبت طؾك مـ رد صػات اهلل إال بعد
ققام الحجة ،وأما قبؾ ققام الحجة طؾقف فؿعذور بالجفؾ ،ويدخؾ يف الصػات ما
كان معؾق ًما بالػطرة والعؼؾ كصػة العؾق.
وقال ابن أبي طاصم « :$والؼرآن كالم اهلل تبارك وتعالك تؽؾؿ اهلل بف،
لقس بؿخؾقق ،ومـ قال :مخؾقق مؿـ قامت طؾقف الحجة فؽافر باهلل العظقؿ،
ومـ قال مـ قبؾ أن تؼقم طؾقف الحجة فال شلء طؾقف»(.)2
فؼد كص طؾك أن تؽػقر مـ قال بخؾؼ الؼرآن ال يؽقن إال بعد إقامة
كافرا ،ومـ قال
الحجة ،فؿـ قال بخؾؼ الؼرآن بعد إقامة الحجة فنكف يؽقن ً
كافرا ،مع ضفقرها ،وداللة الـصقص
بذلؽ قبؾ ققام الحجة طؾقف فال يؽقن ً
طؾقفا داللة واضحة.
وقال ابن طبد البر طـد ذكره لحديث الذي جحد قدرة اهلل(« :)1وأما جفؾ
هذا الرجؾ الؿذكقر يف هذا الحديث بصػة مـ صػات اهلل يف طؾؿف وقدرتف
فؾقس ذلؽ بؿخرجف مـ اإليؿان»(.)2
فؼد بقـ أن الجفؾ ماكع مـ الحؽؿ طؾك الؿسؾؿ بالتؽػقر ،وأكف ال يؾزم مـ
كافرا ،فالجفؾ ماكع مـ الخروج مـ اإليؿان.
وققطف يف الؽػر أن يؽقن ً
وطؾقه :فؽؾ مسللة مـ مسائؾ الديـ ُيـ َظر فقفا إلك تحؼؼ هذا القصػ
الؿـاسب الؿمثر ،سقاء مـفا ما كان معؾق ًما مـ الديـ بالضرورة( ،)3أو ال،
وكون الؿسللة مؿا تعؾم من الدين بالضرورة أو ال :أمر كسبل إضايف،
يختؾػ باختالف األشخاص واألمؽـة واألزمـة ،فؼد تؽقن الؿسللة طـد بعض
الـاس قطعقة ضرورية ،وطـد بعضفؿ ضـقة خػقة.
وإكؿا العبرة بالؿعقن هل تحؼق فقه الدلقل الؿعقن أو ال؟ ولقس العبرة
بالؿسللة أهي ضرورية أو ال؟
قال ابن تقؿقة« :وكقن الؿسللة قطعقة أو ضـقة هق :مـ األمقر اإلضافقة،
وقد تؽقن الؿسللة طـد رجؾ قطعقة :لظفقر الدلقؾ الؼاصع لف ،كؿـ سؿع الـص
فضال طـ أن تؽقن
مـ الرسقل ﷺ وتقؼـ مراده مـف ،وطـد رجؾ ال تؽقن ضـقةً ،
قطعقة :لعدم بؾقغ الـص إياه ،أو لعدم ثبقتف طـده ،أو لعدم تؿؽـف مـ العؾؿ
بداللتف»(.)1
=
طامة ال يسع بال ًغا غقر مغؾقب طؾك طؼؾف جفؾف ...مثؾ :الصؾقات الخؿس ،وأن هلل طؾك الـاس
حرم طؾقفؿ الزكا،
صقم شفر رمضان ،وحج البقت إذا استطاطقه ،وزكاة يف أمقالفؿ ،وأكف َّ
والؼتؾ ،والسرقة ،والخؿر ...وهذا العؾؿ العام الذي ال يؿؽـ فقف الغؾط مـ الخرب وال التلويؾ،
وال يجقز فقف التـازع .»...
(« )1مجؿقع الػتاوى» (.)347/23
ومـ الغريب أن بعض الؽتَّاب يستدل طؾك أن شقخ اإلسالم ُيػرق بقـ الؿؼاالت الخػقة
والؿؼاالت الظاهرة يف التؽػقر بؼقلف يف «مجؿقع الػتاوى» (« :)54/4وهذا إذا كان يف
الؿؼاالت الخػقة فؼد يؼال :إكف فقفا مخطئ ضال ،لؿ تؼؿ طؾقف الحجة التل يؽػر صاحبفا:
=
08 مسألـة العذر باجلـهـل
قال ابن تقؿقة« :وققل الؼائؾ :إن الضروريات يجب اشرتاك العؼالء فقفا
خطل ،بؾ الضروريات كالـظريات ،تارة يشرتكقن فقفا ،وتارة يختص هبا مـ
جعؾ لف ققة طؾك إدراكفا»(.)1
ثم إن الضروري ال يؽون ضروريا إال بعد تصوره ،والـاس يتػاوتقن يف
التصقر ،فقرتتب طؾقف التػاوت فقؿا كان ضروريا(.)2
=
لؽـ ذلؽ يؼع يف صقائػ مـفؿ يف األمقر الظاهرة التل تعؾؿ العامة والخاصة مـ الؿسؾؿقـ أهنا
مـ ديـ الؿسؾؿقـ :بؾ القفقد والـصارى يعؾؿقن أن محؿدً ا ﷺ ُبعث هبا و َك َّػر مخالػفا :مثؾ:
أمره بعبادة اهلل وحده ال شريؽ لف ،وهنقف طـ طبادة أحد سقى اهلل :مـ الؿالئؽة والـبققـ
والشؿس والؼؿر والؽقاكب واألصـام وغقر ذلؽ :فنن هذا أضفر شعائر اإلسالم ،ومثؾ أمره
بالصؾقات الخؿس وإي جابف لفا وتعظقؿ شلهنا ،ومثؾ معاداتف لؾقفقد والـصارى والؿشركقـ
والصابئقـ والؿجقس ،ومثؾ تحريؿ الػقاحش والربا والخؿر والؿقسر وكحق ذلؽ .ثؿ تجد
كثقرا مـ رؤسائفؿ وقعقا يف هذه األمقر فؽاكقا مرتديـ».
ً
ولقس هـاك أحد ُيـؽر أن الديـ يشتؿؾ طؾك مسائؾ ضاهرة وطؾك مسائؾ خػقة ،وإكؿا سقاق
كالمه يف أهؾ الؽالم ،وأكف تؼع مـفؿ الردة كؿا يؼع مـفؿ الـػاق ،وهق حؽؿ طام ال يؾزم مـف أن
كثقرا مـ
شقخ اإلسالم ُيؽػر كؾ مـ خالػ يف الؿسائؾ الظاهرة ،ولفذا قال« :ثؿ تجد ً
رؤسائفؿ وقعقا يف هذه األمقر فؽاكقا مرتديـ» .فؾؿ يحؽؿ بالردة طؾك كؾ مـ وقع ،وإكؿا
حؽؿا مطؾ ًؼا.
ً خصف بالؽثقر ،وهق ال يخرج طـ كقكف
وكصقص شقخ اإلسالم يف طدم التػريؼ يف التؽػقر واضحة.
وغالب ما يستدل بف مـ يػر ق بقـ الظاهر والخػل مـ كصقص طـ العؾؿاء هل مـ باب:
الحؽؿ الؿطؾؼ ،ال الؿعقـ.
(« )1االستؼامة» (.)33
( )2اكظر« :درء تعارض العؼؾ والـؼؾ» (.)31/1
األصول اليت تزجع إليها 11
وضوحا ،بؾ
ً ومؿا يـؼض هذه العؾة :أن أقوال الجفؿقة من أضفر األقوال
إن الؿسائؾ التل خالػقا فقفا سؾػ األمة مـ الؿسائؾ القاضحة التل تعؾؿ مـ
الديـ بالضرورة ،كؽقن الؼرآن لقس مخؾق ًقا ،بؾ مـفا ما هق معؾقم بالػطرة،
كعؾق اهلل.
وكػرهم أطظم من كػر القفود :كؿا قال شقخ اإلسالم« :وقد كان سؾػ
األمة وسادات األئؿة يرون كػر الجفؿقة أطظؿ مـ كػر القفقد»(.)1
ومع هذا كؾف لؿ ُيؽػر السؾػ أطقان الجفؿقة ،فليـ التػريؼ بقـ الؿسائؾ
الظاهرة والخػقة؟!
قال ابن تقؿقة « :$مع أن أحؿد لؿ ُيؽػر أطقان الجفؿقة ،وال كؾ مـ
قال :إكف جفؿل ك َّػره»(.)2
كـت ُ
أققل لؾجفؿقة مـ الحؾقلقة وقال مخاص ًبا طؾؿاءهم وشقوخفم« :ولفذا ُ
والـػاة -الذيـ كػقا أن يؽقن اهلل تعالك فقق العرش لؿا وقعت محـتفؿ :-أكا
كافرا :ألين أطؾؿ أن ققلؽؿ كػر ،وأكتؿ طـدي ال َتؽ ُػرون :ألكؽؿ
لق وافؼتُؽؿ كـت ً
جفال ،وكان هذا خطا ًبا لعؾؿائفؿ وقضاهتؿ وشققخفؿ وأمرائفؿ»(.)3
ففذا مؿا يمكد أن الحؽؿ بالتؽػقر إكؿا يعؾؼ طؾك الشرك مع إقامة الحجة،
ال طؾك كقن الؿسللة ضاهرة.
قال شقخ اإلسالم« :وأما الػرائض األربع :فنذا جحد وجقب شلء مـفا
بعد بؾقغ الحجة ففق كافر ،وكذلؽ مـ جحد تحريؿ شلء مـ الؿحرمات
الظاهرة الؿتقاتر تحريؿفا ،كالػقاحش والظؾؿ والؽذب والخؿر وكحق ذلؽ،
وأما مـ لؿ تؼؿ طؾقف الحجة مثؾ أن يؽقن حديث طفد باإلسالم ،أو كشل ببادية
بعقدة لؿ تبؾغف فقفا شرائع اإلسالم وكحق ذلؽ ،أو غؾط فظـ أن الذيـ آمـقا
وطؿؾقا الصالحات ُيس َتثـَقن مـ تحريؿ الخؿر ،كؿا غؾط يف ذلؽ الذيـ استتاهبؿ
طؿر ،وأمثال ذلؽ ،فنهنؿ يستتابقن وتؼام الحجة طؾقفؿ ،فنن أصروا كػروا
حقـئذ وال يحؽؿ بؽػرهؿ قبؾ ذلؽ»(.)1
ولقس هذا قول اإلمام أحؿد وشقخ اإلسالم فحسب ،بؾ هق ققل اإلمام
الشافعل وغقره مـ سؾػ األمة وأئؿتفا.
قال ابن تقؿقة طن اإلمام أحؿد« :وإكؿا كان ُيؽػر الجفؿقة الؿـؽريـ
ألسؿاء اهلل وصػاتف :ألن مـاقضة أققالفؿ لؿا جاء بف الرسقل ﷺ ضاهرة بقـة:
وألن حؼقؼة ققلفؿ تعطقؾ الخالؼ ،وكان قد ابتُؾِ َل هبؿ حتك طرف حؼقؼة أمرهؿ،
وأكف يدور طؾك التعطقؾ.
لؽـ ما كان ُيؽػر أطقاهنؿ :فنن الذي يدطق إلك الؼقل أطظؿ مـ الذي
ب مخال َػف أطظؿ مـ الذي يدطق فؼط ،والذي ُيؽػر مخالػف ِ
يؼقل بف ،والذي يعاق ُ
أطظؿ مـ الذي يعاقبف ،ومع هذا فالذيـ كاكقا مـ والة األمقر يؼقلقن بؼقل
الجفؿقة :إن الؼرآن مخؾقق ،وإن اهلل ال ُيرى يف اآلخرة ،وغقر ذلؽ ،ويدطقن
الـاس إلك ذلؽ ويؿتحـقهنؿ ويعاقبقهنؿ إذا لؿ يجقبقهؿ و ُيؽػرون مـ لؿ
ؼر بؼقل الجفؿقة:
يجبفؿ ،حتك أهنؿ كاكقا إذا أمسؽقا األسقر لؿ ُيطؾؼقه :حتك ُي َّ
إن الؼرآن مخؾقق ،وغقر ذلؽ.
وال يقلقن متقل ًقا وال يعطقن رز ًقا مـ بقت الؿال إال لؿـ يؼقل ذلؽ ،ومع
هذا فاإلمام أحؿد رحؿه اهلل تعالى ترحم طؾقفم ،واستغػر لفؿ :لعؾؿف بلهنؿ لؿ
يبقـ لفؿ أهنؿ مؽذبقن لؾرسقل ،وال جاحدون لؿا جاء بف ،ولؽـ تلولقا
فلخطئقا ،وقؾدوا مـ قال لفؿ ذلؽ.
ٍ
لحػص الػرد حقـ قال :الؼرآن مخؾقق: وكذلؽ الشافعل لؿا قال
كػرت باهلل العظقؿ .بقـ لف أن هذا الؼقل كػر ،ولؿ يحؽؿ بردة حػص بؿجرد
َ «
ذلؽ :ألكف لؿ يتبقـ لف الحجة التل يؽػر هبا ،ولق اطتؼد أكف مرتد لسعك يف
قتؾف.)1(»...
وقد ُحؽي طؾى طدم التػريق بقن الؿسائل الظاهرة والخػقة من جفة العذر
لؿن وجد فقه ماكع :اإلجؿاع :قال الشافعي« :فؾؿ كعؾؿ أحدً ا مـ سؾػ هذه األمة
يؼتدى بف وال مـ التابعقـ بعدهؿ ر َّد شفادة أحد بتلويؾ ،وإن خطله وضؾؾف ورآه
استحؾ فقف ما حرم طؾقف ،وال رد شفادة أحد بشلء مـ التلويؾ كان لف وجف
يحتؿؾف ،وإن بؾغ فقف استحالل الدم والؿال أو الؿػرط مـ الؼقل :وذلؽ أ َّكا
وجدكا الدماء أطظؿ ما يعصك اهلل تعالك هبا بعد الشرك ،ووجدكا متلولقـ
يستحؾقهنا بقجقه ،وقد رغب لفؿ كظراؤهؿ طـفا وخالػقهؿ فقفا ولؿ يردوا
شفادهتؿ بؿا رأوا مـ خالففؿ ،فؽؾ مستحؾ بتلويؾ مـ ققل أو غقره فشفادتف
ماضقة ال ترد مـ خطل»(.)1
مـتشرا ،فنكف
ً ومن العؾؿاء مـ يرى أن العربة بؿا شاع واكتشر ،فؿا كان
ال يعذر أحد بجحده وإكؽاره ،كؿا ذهب إلك ذلؽ ابـ قدامة( ،)2وغقره.
بشلء بحقث تؽقن اإلشارة إلك أحدهؿا طقـ اإلشارة إلك ٍ ٍ
شلء اختصاص ( )1الحؾول ،هو:
ُ
اآلخر .اكظر« :كشاف اصطالحات الػـقن» (.)736/1
اج الشقئقـ واختالصفؿا حتك يصقرا شق ًئا واحدً ا .اكظر« :التعريػات» ِ
واالتحاد :هق امتزَ ُ
(ص.)64
قال ابن تقؿقة يف «مجؿوع الػتاوى» (« :)367-364/2وهؿ يسؿقن أكػسفؿ الؿحؼؼقـ.
وهمالء كقطان :كقع يؼقل بذلؽ مطؾ ًؼا ،كؿا هق مذهب صاحب «الػصقص» ابـ طربل
وأمثالف :مثؾ ابـ سبعقـ وابـ الػارض والؼقكقي والششرتي والتؾؿساين وأمثالفؿ مؿـ يؼقل:
إن القجقد واحد ،ويؼقلقن :إن وجقد الؿخؾقق هق وجقد الخالؼ ،ال يثبتقن مقجقديـ :خؾؼ
أحدهؿا اآلخر ،بؾ يؼقلقن :الخالؼ هق الؿخؾقق ،والؿخؾقق هق الخالؼ.
...وأما الـقع الثاين :ففق ققل مـ يؼقل بالحؾقل واالتحاد يف معقـ ،كالـصارى الذيـ قالقا
بذلؽ يف الؿسقح طقسك ،والغالقة الذيـ يؼقلقن بذلؽ يف طؾل بـ أبل صالب».
14 مسألـة العذر باجلـهـل
أيضا ابن الؼقم :حقث قال« :وكػر الجحقد كقطان :كػر مطؾؼ
واختاره ً
طام ،وكػر مؼقد خاص.
قال ابن تقؿقة« :فنكا بعد معرفة ما جاء بف الرسقل كعؾؿ بالضرورة أكف لؿ
يشرع ألمتف أن يدطق أحدً ا مـ األمقات ،ال األكبقاء وال الصالحقـ وال غقرهؿ،
ال بؾػظ االستغاثة وال بغقرها ،وال بؾػظ االستعاذة وال بغقرها ،كؿا أكف لؿ يشرع
ألمتف السجقد لؿقت وال لغقر مقت ،وكحق ذلؽ ،بؾ كعؾؿ أكف هنك طـ كؾ هذه
األمقر ،وأن ذلؽ مـ الشرك الذي حرمف اهلل تعالك ورسقلف ،لؽـ لغؾبة الجفل
وقؾة العؾؿ بآثار الرسالة يف كثقر مـ الؿتلخريـ :لم يؽن تؽػقرهم بذلك :حتى
يتبقن لفم ما جاء به الرسول ﷺ مؿا يخالػه.
ولفذا ما بقـت هذه الؿسللة قط لؿـ يعرف أصؾ اإلسالم إال تػطـ ،وقال:
هذا أصؾ ديـ اإلسالم»(.)1
وهذا الشرك إذا قامت طؾك اإلكسان الحجة فقف ولؿ يـتف وجب قتؾف كؼتؾ
أمثالف مـ الؿشركقـ ،ولؿ يدفـ يف مؼابر الؿسؾؿقـ ،ولؿ يصؾ طؾقف.
فشقخ اإلسالم ابن تقؿقة ال يػرق بقـ مسللة وأخرى :فحتك لق وقع يف
الشرك األكرب فنكف ال يؾزم مـف طـده أن يؽقن مشركًا.
فال فرق طـده بقـ الؿسائؾ االطتؼادية أو العؿؾقة ،وذكر أن هذا الذي طؾقف
أصحاب الـبل ﷺ وجؿاهقر أئؿة اإلسالم .
وال يشؽل طؾى طدم التػريق ققلف « :$مـ استغاث بؿق ٍ
ت ،أو غائب مـ
البشر بحقث يدطقه يف الشدائد والؽربات ،ويطؾب مـف قضاء الحقائج ،فقؼقل:
وج ِ
قارك ،أو يؼقل طـد هجقم العدو طؾقف: يا سقدي الشقخ فالن أكا يف حسبؽ ِ
ِ
وغقر ِ
ستقحقف و َيستغقث بف ،أو يؼقل ذلؽ طـد مرضف وفؼره، يا سقدي فالنَ ،ي
ٍ
طاص هلل باتػاق الؿسؾؿقـ ،فنهنؿ ذلؽ مـ حاجاتف :فنن هذا ضال جاهؾ مشرك
ً
شقخا متػؼقن طؾك أن الؿقت ال ُيد َطك وال ُيط َؾب مـف شلء ،سقاء كان كبقا أو
أو غقر ذلؽ.
ـتف ،وجب قتؾفالشرك إذا قامت طؾك اإلكسان الحجة فقف ولؿ ي ِ ُ ...وهذا
َ
ِ
مؼابر الؿسؾؿقـ ،ولؿ ُي َص َّؾ طؾقف. كؼتؾ أمثالف مـ الؿشركقـ ،ولؿ ُيد َفـ يف
جاهال لؿ َيب ُؾغف العؾؿ ،ولؿ َي ِ
عرف حؼقؼة الشرك الذي قاتؾ ً وأما إذا كان
طؾقف الـبل ﷺ الؿشركقـ ،فنكف ال ُيح َؽؿ ب ُؽػ ِره ،والسقؿا وقد َك ُثر هذا الشرك يف
ِ
باتػاق الؿـتسبقـ إلك اإلسالم ،ومـ اطتؼد مثؾ هذا قربة وصاطة فنكف ضال
الؿسؾؿقـ ،وهق بعد ققا ِم الحجة كافر»(.)1
ذلؽ أن ققلف« :جاهؾ مشرك» هذا حؽؿ مطؾؼ ،وال يريد بف تـزيؾف طؾك
جاهال ،ولؿ ُت َؼؿ طؾقف
ً الؿعقـ ،ولفذا لؿا ذكر الشرك بقـ أن مـ وقع فقف إذا كان
الحجة فنكف تجري طؾقف أحؽام اإلسالم.
ققل :كعؿ :بدلقل ما جاء يف حديث أبل واقد الؾقثل أهنؿ خرجقا مـ
مؽة مع رسقل اهلل ﷺ إلك حـقـ ،قال :وكان لؾؽػار سدرة يعؽػقن طـدها،
و ُيعؾؼقن هبا أسؾحتفؿ ،يؼال لفا :ذات أكقاط ،قال :فؿرركا بسدرة خضراء
طظقؿة ،قال :فؼؾـا :يا رسقل اهلل ،اجعؾ لـا ذات أكقاط ،فؼال رسقل اهلل ﷺ:
«قؾتم والذي كػسي بقده كؿا قال قوم موسى ﴿ :ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ
ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ﴾ [األطراف ]138 :إكفا السـن ،لتركبن سـن من كان
قبؾؽم سـة سـة»(.)1
فؼد صؾبقا الشرك ،فاستعظؿ ذلؽ الـبل ﷺ ،وشبف صؾبفؿ بطؾب بـل
إسرائقؾ الذيـ قالقا بصريح العبارة ﴿ :ﭟ ﭠ ﭡ﴾ ،بجامع أن يجعؾ لفؿ
ما يعبدون مـ دون اهلل ،مع أن همالء الصحابة لؿ يػعؾقا الشرك.
وال يشؽ مسؾؿ أكف قد شاع واستػاض يف الؿسؾؿقـ أن هذه األمقر شرك،
ومع ذلؽ ُتصقر مـفؿ الجفؾ ،واطتؼدوا أكف ال إشؽال فقف ،وطؾؾ ذلؽ
الصحابل الجؾقؾ بؽقهنؿ حدثاء طفد بؽػر ،أي :كػر الجاهؾقة :مؿا يدل طؾك
وإذا تصقر مؿـ كان يف طفد الـبل ﷺ فتصقره مؿـ لؿ يؽـ يف طصر
القحل مع غؾبة الجفؾ وطؾؿاء السقء مـ باب أولك.
قال الشقخ سؾقؿان بن طبد اهلل « :$فنذا كان بعض الصحابة ضـوا ذلك
حسـًا ،وصؾبقه مـ الـبل ﷺ حتك بقـ لفؿ أن ذلؽ كؼقل بـل إسرائقؾ ﴿ :ﭟ
ﭠ ﭡ﴾ ،فؽقػ بغقرهؿ مع غؾبة الجفؾ وبعد العفد بآثار الـبقة؟»(.)1
(« )1تقسقر العزيز الحؿقد يف شرح كتاب التقحقد الذي هق حؼ اهلل طؾك العبقد» (.)149
( )2ومؿـ ذهب إلك هذا صاحب كتاب« :العذر بالجفؾ تحت الؿجفر الشرطل» ،إال أكف زاد طؾك الػطرة
العؼؾ ،فقافؼ الؿعتزلة يف هذه الؿسللة مـ كؾ وجف يف أحؽام الدكقا .واكظر مـف صػحة.)52 ،11( :
ؽؿت طؾك الؿشركقـ بالشرك ،وغػؾ -أو
ومن طجقب استدالالته :أكف يستدل باآليات التل َح َ
تغافؾ -أن البحث فقؿـ كطؼ بالشفادتقـ ،ال يف الؿشرك األصؾل.
صحقحا ،وهي قوله يف (ص:)41ً ولقس هذا فحسب ،بل ادطى دطوى لم ُي ِؼم طؾقفا ً
دلقال
«السؾػ قد أجؿعقا طؾك أن مـ وقع يف الشرك ففق مشرك يف وجقد الحجة الرسالقة أو يف
غقبتفا» وهذه الدطقى -يف ضـل -بـاها طؾك ما اطتؼده ،ال طؾك حؼقؼة األمر ،ففق قد تبـك ً
ققال،
ثؿ حؽك طؾقف اإلجؿاع.
=
األصول اليت تزجع إليها 21
=
ولؿا جاء يستدل طؾى هذا الؼول ،قال« :قال إسحاق بـ طبد الرحؿـ بـ حسـ آل الشقخ :بؾ
أهؾ الػرتة الذيـ لؿ تبؾغفؿ الرسالة والؼرآن وماتقا طؾك الجاهؾقة ال يسؿقن مسؾؿقـ
باإلجؿاع.»...
وال أدري مـ كازع الؿصـػ يف كقهنؿ غقر مسؾؿقـ! وإكؿا البحث فقؿـ ثبت لف اإلسالم بقؼقـ
إذا وقع يف الشرك هؾ يسؿك مشر ًكا ً
شرطا أو ال؟
أما اإلجؿاع الذي حؽاه ،فؾق أن إكسا ًكا حؽك اإلجؿاع طؾك خالفف لربؿا كان أقرب.
وقد وقع بعض الؽتاب -كؿا يف كتاب «طارض الجفؾ» ( -)574يف مزلق خطقر :إذ بدأ يحؽل
أققال أهؾ الؽالم ومـ تلثر هبؿ :حتك زطؿ أن اإلجؿاع قائؿ طؾك طدم العذر يف أصقل الديـ،
مستـدً ا طؾك كالم الؼرايف يف «شرح تـؼقح الػصقل» ( )439لؿا قال« :ولذلؽ لؿ يعذره اهلل
بالجفؾ يف أصقل الديـ إجؿاطً ا».
وخػي طؾقه أن مراد الؿتؽؾؿقن -ومـفؿ الؼرايف -بلصقل الديـ :الؿسائؾ العؼدية الؼطعقة
الؿبـقة طؾك األدلة العؼؾقة ،قال الؼرايف يف (« :)372وإذا ورد الخرب يف مسللة طؾؿقة ولقس يف
األدلة الؼطعقة ما يعضده :رد :ألن الظـ ال يؽػل يف الؼطعقات وإال ُقبؾ.
مسائؾ أصقل الديـ الؿطؾقب فقفا القؼقـ ،وهق الؿؽؾػ بف فقفا طـد الجؿفقر ،فنذا ورد ما
يػقد الظـ ويف األد لة العؼؾقة ما يؼتضل ذلؽ الؿطؾقب بعقـف حصؾ الؿؼصقد بذلؽ الؼطعل».
ورتبوا طؾى ذلك طدم جواز التؼؾقد فقفا :قال يف (« :)444-443وال يجقز التؼؾقد يف أصقل
الديـ لؿجتفد وال لؾعقام طـد الجؿفقر ...وأما أصقل الديـ فؼد تؼدم حؽاية إمام الحرمقـ
يف الشامؾ أكف لؿ يخالػ يف ذلؽ َّإال الحـابؾة ،وققل اإلسػرايـل أكف لؿ يخالػ فقف َّإال أهؾ
الظاهر ،مع أين سللت الحـابؾة قالقا :مشفقر مذهبـا مـع التؼؾقد ،والغزالل يؿقؾ إلقف وجؿاطة،
وقد حؽك الؼاضل طقاض يف الشػاء ذلؽ طـ غقره».
ففؾ أصقل الديـ طـد الؿتؽؾؿقـ هل أصقل الديـ طـد أهؾ السـة والجؿاطة؟! وهؾ ملخذ
أصقل الديـ طـد الؿتؽؾؿقـ هق ملخذ أصقل الديـ طـد أهؾ السـة والجؿاطة؟!
20 مسألـة العذر باجلـهـل
ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ
ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ
ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ﴾ [األطراف.]173 – 172 :
ِ
ألهون أه ِل الـار طذا ًبا: الثاين :ما جاء طـ أكس ﭬ يرفعف« :أن اهلل يؼول
لو أن لك ما يف األرض من شيء كـت تػتدي به؟ قال :كعم ،قال :فؼد سللتُك ما
أهون من هذا وأكت يف ُصؾب آدم أال تشرك بي ،فلبقت إال الشرك»(.)1
ُ هو
الوجه األول :أن الػطرة التي ُخؾق طؾقفا اإلكسان هي :معرفة اهلل ،وهي التي
أخذ اهلل طؾقفا الؿقثاق ،كؿا قال تعالك﴿ :ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ
( )1أخرجف البخاري يف «صحقحف» كتاب أحاديث األكبقاء ،باب :خؾؼ آدم وذريتف (( )554ح.)3334
( )2أخرجف أحؿد يف «الزهد» (.)65/1
األصول اليت تزجع إليها 21
ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ
ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ﴾ [األطراف.]172 :
ولفذا جؿقع بـي آدم مؼرون بالربوبقة ،شاهدون طؾك أكػسفؿ بذلؽ ،كؿا
قال تعالك﴿ :ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﮲ ﮳ ﮴ ﮵
﮶ ﮷﮸ ﮹ ﮺﮻﴾ [العـؽبقت.]61 :
وهذا أمر ضروري لفؿ ال يـػؽ طـف مخؾقق ،وهق ما ُخؾؼقا طؾقف ُ
وجبؾقا
طؾقف(.)2
ولقس الؿراد بالػطرة :اإلسالم الشرطل التػصقؾل :ألن اهلل يؼقل﴿ :ﯤ
ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ﴾ [الـحؾ ]78 :لؽـ فطرتف
الوجه الثاين :أن ما أخذه اهلل طؾك بـل آدم مـ الؿقثاق قد كسقف بـق آدم،
ولفذا أرسؾ اهلل الرسؾ :لقذكروهؿ بذلؽ العفد ،فؽاكت الؿماخذة طؾك ما
جاءت بف الرسؾ ،ال طؾك العفد الذي كسقه ،والحجة قائؿة بالرسؾ ،ال
بالؿقثاق.
قال رسقل اهلل ﷺ« :أربعة يحتجون يوم الؼقامة :رجل أصم ،ورجل
أحؿق ،ورجل هرم ،ورجل مات يف الػترة ،فلما األصم ،فقؼول :يا رب ،لؼد جاء
اإلسالم وما أسؿع شقئًا وأما األحؿق ،فقؼول :رب ،قد جاء اإلسالم والصبقان
يحذفوكـي بالبعر ،وأما الفرم فقؼول :رب ،لؼد جاء اإلسالم وما أطؼل ،وأما
الذي مات يف الػترة فقؼول :رب ،ما أتاين لك رسول ،فقلخذ مواثقؼفم َل ُقطق ُعـَّه،
رسوال أن ادخؾوا الـار ،قال :فوالذي كػسي بقده لو دخؾوها كاكت
ً فقرسل إلقفم
وسالما»(.)2
ً طؾقفم بر ًدا
( )1أخرجف الحاكؿ يف «الؿستدرك» ( )323/2وقال« :هذا حديث صحقح اإلسـاد ولؿ يخرجاه».
( )2أخرجف ابـ حبان يف «صحقحف» (( )356/16ح )7357طـ األسقد بـ سريع ﭬ.
=
24 مسألـة العذر باجلـهـل
قال ابن تقؿقة« :ولفذا اتػؼ األئؿة طؾك أن مـ كشل ببادية بعقدة طـ أهؾ
العؾؿ واإليؿان ،وكان حديث العفد باإلسالم ،فلكؽر شق ًئا مـ هذه األحؽام
الظاهرة الؿتقاترة فنكف ال يحؽؿ بؽػره :حتك يعرف ما جاء بف الرسقل»(.)1
الوجه الخامس :أن هذا الؼقل فقف شب ٌف بؼقل الؿعتزلة الذيـ رتبقا الثقاب
والعؼاب طؾك غقر ما جاءت بف الرسؾ ،فالحجة طـدهؿ مؼامة قبؾ إرسال
الرسؾ( ،)2وهمالء ً
أيضا يؼقلقن :إن الحجة مؼامة قبؾ إرسال الرسؾ ،إال أن
الؿعتزلة جعؾقا الحجة مؼامة بالعؼؾ ،وهمالء جعؾقا الحجة مؼامة بالػطرة.
=
قال ابن كثقر يف «تػسقره» (« :)58/5أحاديث هذا الباب مـفا :ما هق صحقح ،كؿا قد كص طؾك
ذلؽ غقر واحد مـ أئؿة العؾؿاء ،ومـفا :ما هق حسـ ،ومـفا :ما هق ضعقػ يؼقى بالصحقح
والحسـ ،وإذا كاكت أحاديث الباب القاحد متعاضدة طؾك هذا الـؿط ،أفادت الحجة طـد
الـاضر فقفا».
(« )1مجؿقع الػتاوى» (.)437/11
( )2قال الزمخشري يف «الؽشاف» (« :)177/2ال طذر آلبائفؿ يف الشرك ،وأدلة التقحقد مـصقبة لفؿ».
األصول اليت تزجع إليها 25
قال البغوي« :فال يؿؽـفؿ أن يحتجقا بؿثؾ هذا الؽالم بعد تذكقر اهلل
تعالك بلخذ الؿقثاق طؾك التقحقد»(.)1
وقال ابن الؼقم« :أكف سبحاكف أخرب أن حؽؿة هذا اإلشفاد إقامة الحجة
طؾقفؿ :لئال يؼقلقا يقم الؼقامة إكا كـا طـ هذا غافؾقـ ،والحجة إكؿا قامت طؾقفؿ
بالرسؾ والػطرة التل فطروا طؾقفا ،كؿا قال تعالك﴿ :ﭾ ﭿ
ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ﴾ [الـساء.)2(»]165 :
فؿـ بؾغتف الحجة فنكف يماخذ بتؽذيبف لؾرسؾ وبؿا أخذ طؾقف يف الؿقثاق،
بخالف مـ لؿ تبؾغف حجة الرسؾ فنكف ال يماخذ.
قال البغوي« :فنن ققل :كقػ تؾزم الحجة طؾك أحد ال يذكر الؿقثاق؟ ققؾ:
قد أوضح اهلل الدالئؾ طؾك وحداكقتف وصدق رسؾف فقؿا أخربوا ،فؿـ أكؽره كان
كاقضا لؾعفد ولزمتف الحجة ،وبـسقاهنؿ وطدم حػظفؿ ال يسؼط
ً معاكدً ا
االحتجاج بعد إخبار الؿخرب الصادق صاحب الؿعجزة»(.)3
الثاين :ققلف يف الحديث « َقرب» :فقدل طؾك أكف قصد غقر اهلل بؼؾبف ،أو اكؼاد
فقجبت لف الـار(.)2
الوجه الثاين :إذا ُتصقر الجفؾ يف معـك كؾؿة التقحقد مؿـ فسرها
بالربقبقة ،وأكف ال خالؼ إال اهلل ،كؿا طؾقف أهؾ الؽالم( ،)3فتصقره يف مسائؾ
جاهال،
ً كافرا إذا كان
فدل ذلؽ طؾك أن الؿعقـ ال يسؿك مشركًا وال ً
ويعامؾ معامؾة الؿسؾؿقـ.
كؿا أكه لم يـف اإليؿان بالؽؾقة طؿن وقع يف الشرك :حقث قال« :وكثقر
مـ الـاس يؽقن معف مـ اإليؿان باهلل وتقحقده ما يـجقف مـ طذاب اهلل ،وهق يؼع
يف كثقر مـ هذه األكقاع وال يعؾؿ أهنا شرك ،بؾ ال يعؾؿ أن اهلل حرمفا ،ولؿ تبؾغف
يف ذلؽ رسالة مـ طـد اهلل ،واهلل تعالك يؼقل :وما كـا معذبقـ حتك كبعث
ً
رسقال ،ففمالء يؽثرون جدا يف األمؽـة واألزمـة التل تظفر فقفا فرتة الرسالة
=
وقال البقفؼي« :اهلل :معـاه :مـ لف اإللفقة ،وهل الؼدرة طؾك اخرتاع األطقان»« .االطتؼاد» (.)59
28 مسألـة العذر باجلـهـل
بؼؾة الؼائؿقـ بحجة اهلل ،ففمالء قد يؽقن معفؿ مـ اإليؿان ما يرحؿقن بف ،وقد
ال يعذبقن بؽثقر مؿا يعذب بف غقرهؿ مؿـ كاكت طؾقف حجة الرسالة»(.)1
وبعد هذا ال َّتطواف حول هذا األصل تبقن لـا أن مـاط الحؽم بالشرك طؾى
الؿعقن :القققع يف الشرك مع إقامة الحجة.
األصل الثالث
التؽػري املطؾق ال يؾزم منه تؽػري املعني
ومـاط هذا األصل :فقؿن ثبت له طؼد اإلسالم ،وأتك بالشفادتقـ ،وحؼؼ
معـاها الؿجؿؾ ،وأما مـ لؿ يثبت لف طؼد اإلسالم فنكف ال يدخؾ تحت هذا
األصؾ ،وال يعذر بحال يف أحؽام الدكقا(.)1
-2الػرق بقـ الحؽؿ الؿطؾؼ والحؽؿ طؾك الؿعقـ ،فال يؾزم مـ الحؽؿ
الؿطؾؼ الحؽؿ طؾك الؿعقـ :ذلؽ أن الحؽؿ طؾك الؿعقـ يؼػ طؾك الدلقؾ
الؿعقـ.
فؼد أخرب اهلل أن الحؽؿة مـ إرسال الرسؾ قطع الحجة طؾك الخؾؼ ،فال
يؽقن لؾخؾؼ طذر يف الدكقا وال يف اآلخرة بعد إرسال الرسؾ ،واآلية شامؾة
كافرا يف الدكقا إال بعد إرسال الرسؾ،
ألحؽام الدكقا واآلخرة ،فال يسؿك الرجؾ ً
=
وقد أجاب طن هذا ابن كثقر يف «تػسقره» ( )58/5فؼال« :أحاديث هذا الباب مـفا :ما هق
صحقح ،كؿا قد كص طؾك ذلؽ غقر واحد مـ أئؿة العؾؿاء ،ومـفا :ما هق حسـ ،ومـفا :ما هق
ضعقػ يؼقى بالصحقح والحسـ ،وإذا كاكت أحاديث الباب القاحد متعاضدة طؾك هذا
الـؿط ،أفادت الحجة طـد الـاضر فقفا.
وأما ققلف« :إن اآلخرة دار جزاء» :فال شؽ أهنا دار جزاء ،وال يـايف التؽؾقػ يف طرصاهتا قبؾ
دخقل الجـة أو الـار».
32 مسألـة العذر باجلـهـل
فؼد كػك اهلل تعذيب الؿعقـ إال بعد إقامة الحجة وبؾقغ الرسالة ،وكػل
العذاب يف اآلخرة يؾزم مـف كػل أن يؽقن قد كػر يف الدكقا :ألن اهلل ال يعذب يف
اآلخرة إال مـ تحؼؼ فقف اسؿ الذم يف الدكقا ،ويستثـك مـ ذلؽ ما دلت طؾقف
األدلة ،كالؿـافؼ.
األصول اليت تزجع إليها 33
األصل الرابع
راجعا إىل التؽذيب أو االمتناع
ً الؽػر األكرب ما كان
ولؿا كان الؽػر ضد اإليؿان كان ما يرجع إلقف الؽػر ضد ما يرجع إلقف
اإليؿان.
وأصؾ اإليؿان ال يرفعف إال أصؾ الؽػر ،وأصؾ الؽػر يرجع إما إلك
تؽذيب الرسقل فقؿا أخرب بف ،أو االمتـاع طـ متابعتف مع العؾؿ بصدقف.
والذي تؾبس بالؽػر لؿاكع لؿ يجتؿع فقف أصؾ اإليؿان وأصؾ الؽػر :إذ
قال ابن تقؿقة« :فؾؿا كان مممـًا باهلل يف الجؿؾة ،ومممـًا بالققم اآلخر يف
صالحا -وهق
ً طؿال
الجؿؾة ،وهق أن اهلل يثقب ويعاقب بعد الؿقت ،وقد طؿؾ ً
خقفف مـ اهلل أن يعاقبف طؾك ذكقبف -غػر اهلل لف بؿا كان مـف مـ اإليؿان باهلل
والققم اآلخر والعؿؾ الصالح»(.)2
( )1أخرجف البخاري يف كتاب أحاديث األكبقاء ،باب( :ص( )587ح ،)3481ومسؾؿ يف كتاب التقبة
(( )1194ح.)6981
(« )2مجؿقع الػتاوى» (.)491/12
36 مسألـة العذر باجلـهـل
مبؾغ طؾؿف ،ولؿ يجحد قدرة اهلل طؾك إطادتف طـا ًدا أو تؽذي ًبا»(.)1
وأما من أققؿت طؾقه الحجة ولؿ يرجع طؿا وقع فقف مـ الؽػر فنكف يؽقن
ضاهرا وباصـًا ،وارتػع طـف أصؾ اإليؿان.
ً كافرا
ً
األصل اخلامس
عدل عنه إال ملؼتضى
من ثبت له أصل فال ُي َ
دلول رشعي
وإسالم الؿسؾؿ يؼقـل :لؿا تؼدم ،وهق األصؾ ،بقـؿا الحؽؿ طؾقف بالؽػر
باطتبار الظاهر شؽ :لؿا تؼدم مـ أصقل ،والقؼقـ ال يزول بالشؽ ،واألصؾ
ال يرفع إال بدلقؾ.
والقؼقـ يف التؽػقر ال يقصؾ إلقف إال بعد إقامة الحجة وإزالة الشبفة.
38 مسألـة العذر باجلـهـل
قال ابن طبد البر« :ومن جفة الـظر الصحقح الذي ال مدفع له :أن كؾ مـ
ثبت لف طؼد اإلسالم يف وقت بنجؿاع مـ الؿسؾؿقـ ،ثؿ أذكب ذك ًبا ،أو تلول
تلويال ،فاختؾػقا بعدُ يف خروجف مـ اإلسالم ،لؿ يؽـ الختالففؿ بعد إجؿاطفؿ
ً
معـك يقجب حجة ،وال يخرج مـ اإلسالم الؿتػؼ طؾقف إال باتػاق آخر ،أو سـة
ثابتة ال معارض لفا»(.)1
يدل طؾى هذا :ما جاء طـ أسامة بـ زيد ﭭ قال :بعثـا رسقل اهلل ﷺ
الح َرقة مـ جفقـة ،فصبحـا الؼقم ففزمـاهؿ ،قال :ولحؼت أكا ورجؾ مـ إلك ُ
رجال مـفؿ ،فؾؿا ِ
غشقـاه قال :ال إلف إال اهلل ،قال :فؽػ طـف األكصاري، األكصار ً
وصعـتف برمحل حتك قتؾتف ،قال :فؾؿا قدمـا بؾغ ذلؽ الـبل ﷺ فؼال لل:
«يا أسامة ،أقتؾته بعدما قال :ال إله إال اهلل؟» .قال :قؾت :يا رسقل اهلل إكؿا
كان متعق ًذا ،قال :فؿا زال يؽررها طؾل حتك تؿـقت أين لؿ أكـ أسؾؿت قبؾ
ذلؽ الققم(.)2
األصل السادس
احلؽم عىل املعني بالؽػر متوقف عىل ثبوت
رشوط التؽػري واىتػاء مواىعه
متققػ طؾك
ٌ والحؽؿ طؾك شخص بعقـف مـ الؿسؾؿقـ أكف مشرك
تحؼؼ شروط فقف ،واكتػاء مقاكع ،ومـفا :الجفؾ الؿعترب :ذلؽ أن اهلل
معذور ا،
ً كػس ا إال وسعفا :فؿـ لؿ يبؾغف األمر أو الـفل ،يؽقن
ال يؽؾػ ً
وإال كُؾػ ما ال وسع لف بف.
وكؽتة هذا األصل :أن الؽػر لؿا كان راج ًعا إلك التؽذيب واالمتـاع لؿ
يتلت ذلؽ إال لؿـ تبقـ لف الحؼ طؾك وجفف ،ثؿ طدل طـف ،بخالف مـ لؿ يتبقـ
َّ
لف الحؼ.
فالؿعقن الؿسؾم ال يحؽم طؾقه بالؽػر أو الشرك إال بعد توفر الشروط
واكتػاء الؿواكع.
40 مسألـة العذر باجلـهـل
أما ألاول فهى :إقامت الحجت ببلىغ العلم ،وضده عدم إقامتها.
وهق محؾ هذه الرسالة.
أما الغاية ففي :تحؼؼ العؾؿ الذي تؼقم بف الحجة طؾك الخؾؼ ،وضدها:
الجفؾ الؿعترب.
ً
وإطراضا فنكه ال يعذر. فؿن تؿؽن من العؾم ولم يتعؾم تػري ًطا
قال ابن طبد البر « :$ومـ أمؽـف التعؾؿ ولؿ يتعؾؿ َأثؿ ،واهلل أطؾؿ»(.)1
وقال ابن تقؿقة « :$حجة اهلل برسؾف قامت بالتؿؽـ مـ العؾؿ ،فؾقس
مـ شرط حجة اهلل تعالك طؾؿ الؿدطقيـ هبا.
ولفذا لؿ يؽـ إطراض الؽػار طـ استؿاع الؼرآن وتدبره ماك ًعا مـ ققام
حجة اهلل تعالك طؾقفؿ ،وكذلؽ إطراضفؿ طـ استؿاع الؿـؼقل طـ األكبقاء
الؿؽـة حاصؾة»(.)2
وقراءة اآلثار الؿلثقرة طـفؿ ال يؿـع الحجة :إذ ُ
وقال« :الشرط أن يتؿؽـ الؿؽؾػقن مـ وصقل ذلؽ إلقفؿ ،ثؿ إذا فرصقا
فؾؿ يسعقا يف وصقلف إلقفؿ مع ققام فاطؾف بؿا يجب طؾقف كان التػريط مـفؿ
ال مـف»(.)3
وقال ابن الؼقم« :البد يف هذا الؿؼام مـ تػصقؾ بف يزول اإلشؽال ،وهق
الػرق بقـ مؼؾد تؿؽـ مـ العؾؿ ومعرفة الحؼ فلطرض طـف ،ومؼؾد لؿ يتؿؽـ
ٌ
تارك مـ ذلؽ بقجف ،والؼسؿان واقعان يف القجقد ،فالؿتؿؽـ الؿعرض مػر ٌط
لؾقاجب طؾقف ،ال طذر لف طـد اهلل»(.)1
وقال« :فنن حجة اهلل قامت طؾك العبد بنرسال الرسقل ،وإكزال الؽتاب،
وبؾقغ ذلؽ إلقف ،وتؿؽـف مـ العؾؿ بف ،سقاء طؾؿ أم جفؾ ،فؽؾ مـ تؿؽـ مـ
فؼصر طـف ولؿ يعرفف ،فؼد قامت طؾقف الحجة»(.)2
معرفة ما أمر اهلل بف وهنك طـفَّ ،
وطؾى هذا :فؿن الؿواكع :الجفؾ الؿعترب ،وهق :الذي ال يؽقن طـ تػريط
وإطراض مع التؿؽـ مـ العؾؿ.
قال ابن طبد البر طـد ذكره لحديث الذي جحد قدرة اهلل« :وأما جفؾ هذا
الرجؾ الؿذكقر يف هذا الحديث بصػة مـ صػات اهلل يف طؾؿف وقدره فؾقس
ذلؽ بؿخرجف مـ اإليؿان»(.)3
وقال ابن تقؿقة ...« :وكثقر مـ الـاس قد يـشل يف األمؽـة واألزمـة الذي
يـدرس فقفا كثقر مـ طؾقم الـبقات حتك ال يبؼك مـ ُي َبؾغ ما بعث اهلل بف رسقلف
كثقرا مؿا يبعث اهلل بف رسقلف ،وال يؽقن هـاك
مـ الؽتاب والحؽؿة :فال يعؾؿ ً
مـ يبؾغف ذلؽ ،ومثؾ هذا ال يؽػر ،ولفذا اتػؼ األئؿة طؾك أن مـ كشل ببادية
بعقدة طـ أهؾ العؾؿ واإليؿان وكان حديث العفد باإلسالم فلكؽر شق ًئا مـ هذه
األحؽام الظاهرة الؿتقاترة فنكف ال يحؽؿ بؽػره :حتك يعرف ما جاء بف
الرسقل»(.)1
ومؿا ُيؾحق بالجفل :التؼؾقد الذي ال يؽقن طـ إطراض وإباء ،فنن صاحبف
معذورا.
ً يؽقن
قال ابن تقؿقة يف سقاق كالمه طؾى الجفؿقة ...« :ومع هذا فاإلمام أحؿد
رحؿف اهلل تعالك َت َّ
رحؿ طؾقفؿ ،واستغػر لفؿ :لعؾؿف بلهنؿ لؿـ يبقـ لفؿ أهنؿ
مؽذبقن لؾرسقل ،وال جاحدون لؿا جاء بف ،ولؽـ تلولقا فلخطئقا ،وقؾدوا مـ
قال لفؿ ذلؽ»(.)2
وقال وهق يتؽؾؿ طـ أهؾ الحؾقل واالتحاد« :فؽؾ مـ كان أخرب بباصـ
كػرا وإلحا ًدا.
هذا الؿذهب ،ووافؼفؿ طؾقف ،كان أضفر ً
وأما الجفال الذيـ يحسـقن الظـ بؼقل همالء وال يػفؿقكف ،ويعتؼدون
أكف مـ جـس كالم الؿشايخ العارفقـ الذيـ يتؽؾؿقن بؽالم صحقح ال يػفؿف
كثقر مـ الـاس ،ففمالء تجد فقفؿ إسال ًما وإيؿا ًكا ،ومتابعة لؾؽتاب والسـة
وتسؾقؿا
ً إقرارا لفمالء وإحسا ًكا لؾظـ هبؿ
ً بحسب إيؿاهنؿ التؼؾقدي ،وتجد فقفؿ
لفؿ بحسب جفؾفؿ وضاللفؿ :وال ُيتصقر أن يثـل طؾك همالء إال كافر مؾحد،
أو جاهؾ ضال.)3(»..
وقال ابن الؼقم« :البد يف هذا الؿؼام مـ تػصقؾ يزول بف اإلشؽال ،وهق:
الػرق بقـ مؼؾد تؿؽـ مـ العؾؿ ومعرفة الحؼ فلطرض طـف ،ومؼؾد لؿ يتؿؽـ
مـ ذلؽ بقجف ،والؼسؿان واقعان يف القجقد ،فالؿتؿؽـ الؿعرض مػرط تارك
لؾقاجب طؾقف ال طذر لف طـد اهلل.)1(»...
قال أبو الؿظػر السؿعاين(« :)2فلقام الحجة طؾقفؿ ببعثة الرسؾ ،فؾق كاكت
الحجة الزمة بـػس العؼؾ لؿ تؽـ بعثة الرسؾ شر ًصا لقجقب العؼقبة»(.)1
وقال ابن تقؿقة« :ومـ أكؽر ما ثبت بالتقاتر واإلجؿاع ففق كافر بعد ققام
الحجة طؾقف»(.)2
وقال يف معرض كالمه طؾى االستغاثة« :ومـ أثبت لغقر اهلل ما ال يؽقن إال
أيضا كافر إذا قامت طؾقف الحجة التل يؽػر تاركفا»(.)3
هلل ففق ً
وهاهـا سمال :هؾ يشرتط يف إقامة الحجة ففؿفا أو يؽػل مجرد البؾقغ؟
والجواب :حصؾ كزاع يف هذه الؿسللة ،بعد اتػاقفؿ طؾك أن مـ ذهب طـف
معذورا مطؾ ًؼا بؾغف الـص أو لؿ يبؾغف.
ً طؼؾف فنكف يؽقن
قال ابن حزم« :وصػة ققام الحجة طؾقف هق :أن تبؾغف فال يؽقن طـده شلء
يؼاومفا»(.)4
فاشترط يف البؾوغ أال يؽقن طـده شلء يؼاومفا ،وهذا يدل طؾك
اشرتاصف الػفؿ.
وقال ابن تقؿقة« :وهؽذا األققال التل يؽػر قائؾفا ،قد يؽقن الرجؾ لؿ
تبؾغف الـصقص الؿقجبة لؿعرفة الحؼ ،وقد تؽقن طـده ولؿ تثبت طـده ،أو لم
يتؿؽن من ففؿفا ،وقد يؽقن قد طرضت لف شبفات يعذره اهلل هبا ،فؿـ كان مـ
الؿممـقـ مجتفدً ا يف صؾب الحؼ وأخطل فنن اهلل يغػر لف خطله كائـًا ما كان ،سقاء
كان يف الؿسائؾ الـظرية ،أو العؿؾقة .
الؼول الثاين :يؽػل مجرد بؾقغ الحجة يف الؿسائؾ الظاهرة ،دون الؿسائؾ
الخػقة(.)3
ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ
ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ﴾ [األكعام.]19 :
وال تـايف بقن الؼولقن :إذا أريد بالبؾقغ :بؾوغ مخصوص ،فؿا احتج بف
أصحاب الؼقل الثاين حؼ ،يف اشرتاط البؾقغ ،ولؽـ هذا البؾقغ ال يػفؿ مـف
مجرد وصقل الؾػظ لؾؿخا َصب مـ غقر ٍ
ففؿ مـف لؾؿراد :إذ إن ففؿ مراد الؿتؽؾؿ
شرط يف التؽؾقػ.
قال الشقخ طبد الؾطقف بن طبد الرحؿن بن حسن يف بقان طؼقدة جده
الشقخ محؿد« :فنكف ال يؽػر إال بؿا أجؿع الؿسؾقن طؾك تؽػقر فاطؾف مـ الشرك
األكرب ،والؽػر بآيات اهلل ورسؾف أو بشلء مـفا ،بعد ققام الحجة وبؾقغفا
الؿعترب.)3(»...
قال الشقخ طبد الؾطقف بن طبد الرحؿن بن حسن« :وإكؿا يشرتط ففؿ
الؿراد ،لؾؿتؽؾؿ والؿؼصقد مـ الخطاب ،ال أكف حؼ :فذاك صقر ثان»(.)1
ولقس الؿراد بالػفم :الػفؿ الدققؼ الذي طؾقف أبق بؽر وطؿر ،وإكؿا الؿراد
بالػفم :الػفؿ الجؾل ،كػفؿ أبل جفؾ ،وغقره مـ الؿشركقـ.
وقد طؾق الشقخ محؿد رشقد رضا طؾى كالم الشقخ حؿد ،فؼال :$
«هذا الؼقد الذي ققد بف الشقخ الػفؿ هـا قد أزال الؾبس الذي يتبادر إلك الذهـ
مـ بعض إصالقاتف يف مقاضع أخرى ،واتبعف فقفا بعض طؾؿاء كجد ،فصار
بعضفؿ يؼقل :بلن الحجة تؼقم طؾك الـاس ببؾقغ الؼرآن وإن لؿ يػفؿف مـ بؾغف
مطؾ ًؼا ،وهذا ال ُيع َؼؾ ،وال يتػؼ مع ققلف تعالك﴿ :ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ
ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ﴾ [الـساء ] 115 :اآلية .الذي بـك طؾقف الؿحؼؼقن ققلفؿ :إن ففؿ
الدطقة بدلقؾفا شرط لؼقام الحجة ،وقد طؾؿـا مـ هذا الؼقد أن الػفؿ الذي
ال يشرتصف الشقخ هق :فؼف كصقص الؼرآن الؿمثر يف الـػس الحامؾ لفا طؾك ترك
الباصؾ ،كؿا يػؼففا مـ اهتدى هبا ،فػفؿ التػؼف يف الحؼقؼة أخص مـ ففؿ
الؿعـك الؾغقي.)1(»...
والؿراد بالؿبقن :ما يبقـ لؾسامع حتك يػفؿف ،قال الطربي يف تػسقر اآلية:
«ويعـل بؼقلف﴿ :ﮌ﴾ الذي يبقـ لؿـ سؿعف حتك يػفؿف»(.)2
قال الشقخ طبد اهلل أبا بطقن« :وال طذر لؿـ كان حالف هؽذا ،بؽقكف لؿ
يػفؿ حجج اهلل وبقـاتف :ألكف ال طذر لف بعد بؾقغفا ،وإن لؿ يػفؿفا»(.)1
وهذا مخالف لؿا دلت طؾقف الـصقص ،ولؿا تؼدم مـ أققال أهؾ العؾؿ.
ثم إن ما ال تتم إقامة الحجة إال به من الػفم ففق مشروط يف إقامة الحجة:
فنن اهلل مـ حؽؿتف ورحؿتف أن جعؾ األمر والـفل مـق َصقـ بالػفؿ ،فؿـ لؿ
معذورا.
ً يتؿؽـ مـ الػفؿ فنكف يؽقن
زد طؾى ذلك :أن الؿؼصقد مـ خطاب اهلل :إففام السامع ،فنذا لؿ يتؿؽـ
مـ الػفؿ لؿ يتعؾؼ بف الخطاب.
قال ابن الؼقم« :لؿا كان الؿؼصقد بالخطاب :داللة السامع ،وإففامف مراد
الؿتؽؾؿ بؽالمف ،وتبققـف لف ما يف كػسف مـ الؿعاين ،وداللتف طؾقفا بلقرب الطرق،
كان ذلؽ مققق ًفا طؾك أمريـ:
فنن لؿ يحصؾ البقان مـ الؿتؽؾؿ ،أو حصؾ لف ولؿ يتؿؽـ السامع مـ
الػفؿ لؿ يحصؾ مراد الؿتؽؾؿ :فنذا بقـ الؿتؽؾؿ مراده باأللػاظ الدالة طؾك
مراده ولؿ يعؾؿ السامع معـك تؾؽ األلػاظ لؿ يحصؾ لف البقان ،فالبد مـ تؿؽـ
وإقامة الحجة ال تتم إال بنزالة الشبفة التل يعذر هبا صاحبفا.
فاهؿا
ً فالبد يف إقامة الحجة مـ ففؿفا وإزالة الشبفة :ألكف قد يؽقن
متصقرا لف لؽـ ُو ِجد معارض يعارضف(.)2
ً لؾخطاب
وضابط الشبفة التي يعذر بفا :ما كان لفا وجف طـد أهؾ العؾؿ ،كؿا سقليت
يف الشرط الرابع وهق :التلويؾ.
وهو مبـي طؾك العؾؿ ،فؽؾ مـ طؾؿ ما يػعؾف باختقاره فالبد أن يؼصده(.)4
قال ابن تقؿقة« :كؾ لػظ بغقر قصد مـ الؿتؽؾؿ :لسفق وسبؼ لسان،
أو طدم طؼؾ ،فنكف ال يرتتب طؾقف حؽؿ»(.)5
معذورا :إذ
ً فؾو جرى الؾػظ طؾى الؾسان مـ غقر قصد ،فنن صاحبف يؽقن
البد مـ اجتؿاع الؼصد مع الؼقل أو العؿؾ.
قال ابن الؼقم « :$فنياك أن هتؿؾ قصد الؿتؽؾؿ وكقتف وطرفف ،فتجـل
طؾقف وطؾك الشريعة ،وتـسب إلقفا ما هل بريئة مـف.)1(»..
كػر بذلؽ،
كػر َ
قال شقخ اإلسالم« :وبالجؿؾة :فؿـ قال أو فعؾ ما هق ٌ
الؽػر أحدٌ إال ما شاء اهلل»(.)2
َ كافرا :إذ ال يؽاد يؼصد
وإن لؿ يؼصد أن يؽقن ً
ومن األدلة طؾى اطتبار الؼصد:
فرحا
ما جاء طـ أكس بـ مالؽ ﭬ قال :قال رسقل اهلل ﷺ« :هلل أشد ً
بتوبة طبده حقن يتوب إلقه ،من أحدكم كان طؾى راحؾته بلرض فالة ،فاكػؾتت
مـه ،وطؾقفا صعامه وشرابهَ ،
فليِ َس مـفا ،فلتى شجرة ،فاضطجع يف ضؾفا ،قد أيس
من راحؾته ،فبقـا هو كذلك إذ هو بفا قائؿة طـده ،فلخذ بخطامفا ،ثم قال من
شدة الػرح :الؾفم أكت طبدي وأكا ربك ،أخطل من شدة الػرح»(.)3
فؾؿ يماخذه اهلل سبحاكف :لعدم قصده ،مع أن ققلف :كػر ،فدل ذلؽ طؾك
اطتبار الؼصد.
قال ابن الؼقم« :وهذا الذي قؾـاه مـ اطتبار الـقات والؿؼاصد يف األلػاظ،
وأهنا ال تؾزم هبا أحؽامفا حتك يؽقن الؿتؽؾؿ هبا قاصدً ا لفا مريدً ا لؿقجباهتا،
كؿا أكف البد أن يؽقن قاصدً ا لؾتؽؾؿ بالؾػظ مريدً ا لف ،فالبد مـ إرادتقـ:
اختقارا.
ً إرادة التؽؾؿ بالؾػظ
وإرادة مقجبف ومؼتضاه ،بؾ إرادة الؿعـك آكد مـ إرادة الؾػظ :فنكف
الؿؼصقد والؾػظ وسقؾة ،هو :قول أئؿة الػتوى من طؾؿاء اإلسالم»(.)1
وقال« :وقد تؼدم أن الذي قال لؿا وجد راحؾتف« :الؾفم أكت طبدي وأكا
ربك أخطل من شدة الػرح»( :)3لؿ يؽػر بذلؽ وإن أتك بصريح الؽػر :لؽقكف لؿ
يرده ،والؿؽره طؾك كؾؿة الؽػر أتك بصريح كؾؿتف ولؿ يؽػر لعدم إرادتف،
ً
هازال :ألكف بخالف الؿستفزئ والفازل :فنكف يؾزمف الطالق والؽػر وإن كان
طذرا لف ،بخالف الؿؽره والؿخطئ
قاصد لؾتؽؾؿ بالؾػظ ،وهزلف ال يؽقن ً
والـاسل فنكف معذور ملمقر بؿا يؼقلف أو ملذون لف فقف ،والفازل غقر ملذون لف يف
الفزل بؽؾؿة الؽػر والعؼقد ،ففق متؽؾؿ بالؾػظ مريد لف ولؿ يصرفف طـ معـاه
طذرا صار ًفا،
إكراه وال خطل وال كسقان وال جفؾ ،والفزل لؿ يجعؾف اهلل ورسقلف ً
بؾ صاحبف أحؼ بالعؼقبة ،أال ترى أن اهلل تعالك طذر الؿؽره يف تؽؾؿف بؽؾؿة
الؽػر إذا كان قؾبف مطؿئـا باإليؿان ولؿ يعذر الفازل ،بؾ قال﴿ :ﮃ
ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ
ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ﴾ [التقبة.)1(»]66 - 65 :
وهـا أكبه :أن التؽػقر شلء ،والؽػر شلء آخر ،فؼد يؼع الؿسؾؿ يف كػر
كػرا ،لؽـ ال يؼع طؾقف التؽػقر إال بعد ققام الحجة.
طؿؾل ،ويسؿك فعؾف ً
فؾقس الؽالم طـ أن الؽػر ال يؽقن إال بالؿؼاصد والـقات ،ففذا لقس مـ
مذهب السؾػ.
والخطل ال يؽون باطثه الجفل ،وإكؿا يؽقن باطثف االجتفاد ،ولفذا طػا اهلل
طـ صاحبف.
وطـ أبل هريرة قال :قال رسقل اهلل ﷺ« :إذا حؽم الحاكم فاجتفد
فلصاب ،فؾه أجران ،وإذا حؽم فلخطل ،فؾه أجر واحد»(.)1
فؼد دلت األدلة طؾك أن الخطل طذر ،وذلؽ شامؾ لجؿقع مسائؾ الديـ يف
العؼائد وغقرها.
قال ابن تقؿقة« :وإين أقرر أن اهلل قد غػر لفذه األمة خطلها :وذلؽ يعؿ
الخطل يف الؿسائؾ الخربية الؼقلقة ،والؿسائؾ العؿؾقة»(.)2
وقال« :فنن السؾػ أخطل كثقر مـفؿ يف كثقر مـ هذه الؿسائؾ ،واتػؼقا
طؾك طدم التؽػقر بذلؽ ،مثؾ :ما أكؽر بعض الصحابة أن يؽقن الؿقت يسؿع
كداء الحل ،وأكؽر بعضفؿ أن يؽقن الؿعراج يؼظة ،وأكؽر بعضفؿ رؤية محؿد
ربف ،ولبعضفؿ يف الخالفة والتػضقؾ كالم معروف ،وكذلؽ لبعضفؿ يف قتال
بعض ولعـ بعض وإصالق تؽػقر بعض أققال معروفة.)3(»...
( )1أخرجف البخاري يف «صحقحف» كتاب االطتصام بالؽتاب والسـة ،باب :أجر الحاكؿ إذا اجتفد
فلصاب (( )1264ح ،)7352ومسؾؿ يف «صحقحف» كتاب األقضقة ،باب :بقان أجر الحاكؿ إذا
اجتفد (( )761ح.)1716
(« )2مجؿقع الػتاوى» (.)229/3
(« )3مجؿقع الػتاوى» (.)492/12
56 مسألـة العذر باجلـهـل
وأما الشسط الثالث فهى :السضا والاختُاز ،وضدهما ؤلاكساه الري هى فُما
عدا القلب.
ٍ
راض مختار ففق قاصد. وقد يدخؾ يف شرط الؼصد مـ جفة أن كؾ
كارها(.)1
واإلكراه :أن ُتؽ َّؾػ الشلء :فتعؿؾف ً
وطرفه ابن حجر بـ :إلزام الغقر بؿا ال يريده(.)2
ويشترط يف كون اإلكراه طذرا يف الؽػر :أن يؽقن الؼؾب مطؿئـا باإليؿان،
كافرا :ألن ما يف الؼؾب أمر باصـ ال يطؾع
أما لق اكشرح صدره بالؽػر فنكف يؽقن ً
طؾقف أحد :فال يؿؽـ اإلكراه طؾقف.
واإلكراه طذر معتبر سقاء كان يف الؼقل أو الػعؾ ،وهق ققل أكثر
العؾؿاء(.)3
وأما السابع فهى :عدم التأوٍل ،وضده التأوٍل الري ٌعرز به صاحبه.
وضابط التلويل الذي يعذر به صاحبه ،هو :ما كان لف وجف يحتؿؾف ،وهق
سائغ يف لغة العرب(.)1
ويف الجؿؾة :التلويؾ الذي يرجع إلك التؽذيب واالمتـاع :فنن صاحبف
معذورا.
ً ال يؽقن فقف
أما ما ال وجه له ،كؿا لق رجع إلك اإلقرار الؿجؿؾ لؾشفادتقـ بالـؼض،
ففذا ال يعذر فقف صاحبف.
قال الشافعي« :فؾؿ كعؾؿ أحدً ا مـ سؾػ هذه األمة ُيؼتدى بف وال مـ
التابعقـ بعدهؿ رد شفادة أحد بتلويؾ ،وإن خطله وضؾؾف ورآه استحؾ فقف ما حرم
طؾقف ،وال رد شفادة أحد بشلء مـ التلويؾ كان لف وجف يحتؿؾف ،وإن بؾغ فقف
استحالل الدم والؿال أو الؿػرط مـ الؼقل :وذلؽ أكا وجدكا الدماء أطظؿ ما
يعصك اهلل تعالك هبا بعد الشرك ،ووجدكا متلولقـ يستحؾقهنا بقجقه ،وقد رغب
لفؿ كظراؤهؿ طـفا وخالػقهؿ فقفا ولؿ يردوا شفادهتؿ بؿا رأوا مـ خالففؿ ،فؽؾ
مستحؾ بتلويؾ مـ ققل أو غقره فشفادتف ماضقة ال ترد مـ خطل»(.)2
فسئِؾ طـ
وأيضا :ما جاء طن صارق بن شفاب ،قال« :كـت طـد طؾل ﭬ ُ
أهؾ الـفر( )1أمشركقن هؿ؟ قال :مـ الشرك فروا ،ققؾ :فؿـافؼقن هؿ؟ قال :إن
قؾقال ،ققؾ لف :فؿا هؿ؟ قال :ققم بغقا طؾقـا»(.)2
الؿـافؼقـ ال يذكرون اهلل إال ً
وقال ابن قدامة« :وقد ُطرف مـ مذهب الخقارج تؽػقر كثقر مـ
الصحابة ،ومـ بعدهؿ ،واستحالل دمائفؿ ،وأمقالفؿ ،واطتؼادهؿ التؼرب
بؼتؾفؿ إلك رهبؿ ،ومع هذا لؿ يحؽؿ الػؼفاء بؽػرهؿ :لتلويؾفؿ.
والؿتلمل يف الشروط األربعة الؿذكورة ساب ًؼا يجد أكفا ترجع إلى أصل
وهو :أن ذلؽ الؿعقـ الذي تخؾػت فقف الشروط ووجدت فقف الؿقاكع لؿ يتحؼؼ
فقف تؽذيب الرسقل فقؿا أخرب بف ،أو االمتـاع طـ متابعتف مع العؾؿ بصدقف.
ومؿا يـبغي أن يعؾم :أكف يؿؽـ إرجاع الشروط كؾفا إلك شرط واحد وهق:
ققام الحجة.
مختارا.
ً طالؿا قاصدً ا
فؿـ أققؿت طؾقف الحجة البد أن يؽقن ً
ً
متلوال. جاهال أو مخط ًئا ،أو
ً ومـ لؿ تؼؿ طؾقف الحجة فالبد أن يؽقن
أيضا باإلكراه.
ققل :الؼدرة لفا تعؾؼ بالجفؾ ،ولفا تعؾؼ ً
معذورا.
ً أما تعؾؼفا بالجفل ،فػل صقرة مـ طجز طـ العؾؿ ،فنكف يؽقن
وأما تعؾؼفا باإلكراه ،فػل صقرة العجز طـ العؿؾ ،فؿـ طجز طـ اإلتقان
معذورا.
ً ببعض اإليؿان ،فنكف يؽقن
قال ابن تقؿقة« :والحجة طؾك العباد إكؿا تؼقم بشقئقـ :بشرط التؿؽـ مـ
العؾؿ بؿا أكزل اهلل ،والؼدرة طؾك العؿؾ بف ،فلما العاجز طـ العؾؿ كالؿجـقن،
أو العاجز طـ العؿؾ ،فال أمر طؾقف وال هنل ،وإذا اكؼطع العؾؿ ببعض الديـ،
أو حصؾ العجز طـ بعضف ،كان ذلؽ يف حؼ العاجز طـ العؾؿ أو العؿؾ بؼقلف،
مثال ،وهذه
كؿـ اكؼطع طـ العؾؿ بجؿقع الديـ ،أو طجز طـ جؿقعف كالؿجـقن ً
أوقات الػرتات.)1(»...
ومن األمثؾة :ما جاء طـ أبل هريرة ﭬ ،قال :كعك لـا رسقل اهلل ﷺ
الـجاشل صاحب الحبشة ،يقم الذي مات فقف ،فؼال« :استغػروا ألخقؽم»(.)2
قال ابن تقؿقة« :وكثقر مـ شرائع اإلسالم أو أكثرها لؿ يؽـ دخؾ فقفا:
لعجزه طـ ذلؽ ،فؾؿ يفاجر ،ولؿ يجاهد ،وال حج البقت ،بؾ قد روي أكف لؿ
يصؾ الصؾقات الخؿس ،وال يصقم شفر رمضان ،وال يمد الزكاة الشرطقة :ألن
ذلؽ كان يظفر طـد ققمف فقـؽروكف طؾقف وهق ال يؿؽـف مخالػتفؿ.
وكحـ كعؾؿ قط ًعا أكف لؿ يؽـ يؿؽـف أن يحؽؿ بقـفؿ بحؽؿ الؼرآن ،واهلل قد
فرض طؾك كبقف بالؿديـة أكف إذا جاءه أهؾ الؽتاب لؿ يحؽؿ بقـفؿ إال بؿا أكزل
اهلل إلقف وحذره أن يػتـقه طـ بعض ما أكزل اهلل إلقف.)1(»...
ُّ
ًضاد ؤلاًمان من كل وجه ،كسب هللا، وهىا أهبه على :أن الفعل الري
والاستهزاء به جل وعال ،وهحى ذلك؛ الشسوط اإلاعتبرة فُه هي:
-1الؼصد.
-3االختقار.
قال ابن تقؿقة« :ولفذا كاكت األققال يف الشرع ال تعترب إال مـ طاقؾ يعؾؿ
ما يؼقل ويؼصده»(.)2
ضاهرا وباصـًا.
ً فؿتك تقفرت فقف هذه الشروط وكطؼ بؽؾؿة الؽػر فنكف يؽػر
ولق زطؿ أكف يػعؾ هذه األشقاء مع كقكف مممـًا بؼؾبف ،ففق كاذب :لؾتالزم
هذا ما أردت بقاكف :تجؾقة لفذه الؿسللة ،وبقا ًكا لفا ،وإرجا ًطا لفا إلك
كؾقاهتا ،ومـ حرم األصقل حرم القصقل.
الفهزس
األصول اليت تزجع إليها 63
64 مسألـة العذر باجلـهـل
فهرس املوضوعات
الؿؼدمة5 .................................................................
األصؾ األول الؿرجع يف تـزيؾ حؽؿ الشرك طؾك الؿعقـ :الشرع ،ال الؾغة 9 ..
األصؾ الثالث التؽػقر الؿطؾؼ ال يؾزم مـف تؽػقر الؿعقـ 43 ................
األصؾ الرابع الؽػر األكرب ما كان راج ًعا إلك التؽذيب أو االمتـاع 44 .......
األصؾ الخامس مـ ثبت لف أصؾ فال ُيعدَ ل طـف إال لؿؼتضك دلقؾ شرطل 48..
األصؾ السادس الحؽؿ طؾك الؿعقـ بالؽػر متققػ طؾك ثبقت شروط
التؽػقر واكتػاء مقاكعف 53...................................................
-حؼقؼة الؿالئؽة.
-مقافؼة شقخ اإلسالم ابـ تقؿقة لسؾػ األمة وأئؿتفا يف تؼرير الؼقاطد
الؿتعؾؼة بباب األسؿاء واألحؽام (رسالة دكتقراه).
-األصقل الجامعة التل ترجع إلقفا مسللة الحؽؿ بغقر ما أكزل اهلل.
-شرح مـفاج القصقل إلك طؾؿ األصقل لؾبقضاوي (مع التـبقف طؾك
الؿسائؾ الؽالمقة).
68 مسألـة العذر باجلـهـل