You are on page 1of 80

‫اﻷﺻول اﻟﺗﻲ ﺗرﺟﻊ إﻟﯾﮭﺎ‬

‫ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻌذر ﺑﺎﻟﺟﮭل‬


‫اﻷﺻول اﻟﺗﻲ ﺗرﺟﻊ إﻟﯾﮭﺎ‬
‫ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻌذر ﺑﺎﻟﺟﮭل‬
‫اﻟﻤﻠﻚ ﻓﮭﺪ اﻟﻮطﻨﯿﺔ أﺛﻨﺎء اﻟﻨﺸﺮ‬ ‫ح‬
‫‪PP‬‬
‫اﻟﻨﺠﺎر‪ ،‬أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻨﺠﺎر‪١٤٣٧،‬ھـ‬
‫ﻓﮭﺮﺳﺔ ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﮭﺪ اﻟﻮطﻨﯿﺔ أﺛﻨﺎء اﻟﻨﺸﺮ‬
‫اﻟﻨﺠﺎر‪.‬اﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ‬
‫اﻷﺻﻮل اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺟﻊ إﻟﯿﮭﺎ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﻌﺬر ﺑﺎﻟﺠﮭﻞ‪/‬أﺣﻤ ﺪ‬
‫ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻨﺠﺎر_ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻤﻨﻮرة‪١٤٣٧ ،‬ھـ‬
‫ص ‪ ٢٤‬ﺳﻢ‬
‫ردﻣﻚ‪٩٧٨-٦٠٣-٠٢-١٣٨٣-٢:‬‬
‫‪-١‬اﻟﻌﻘﯿﺪة اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ‪-٢‬اﻟﺘﻜﻔﯿﺮ ‪ -٣‬اﻟﺠﮭﻞ ‪.‬اﻟﻌﻨﻮان‬
‫‪١٤٣٧/٦١٢٤‬‬ ‫دﯾﻮي ‪٢٤٠‬‬

‫رﻗﻢ اﻹﯾﺪاع ‪١٤٣٧/٦١٢٤‬‬


‫ردﻣﻚ‪٩٧٨-٦٠٣-٠٢-١٣٨٣-٢:‬‬
‫‪١٤٣٥/٣١١١‬‬

‫‪ ١٤٣٧‬ھـ‬

‫اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﺴﻌﻮدﯾﺔ ‪ -‬اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ‬


‫ﺣﻲ اﻟﻔﯿﺼﻠﯿﺔ أﻣﺎم اﻟﺒﻮاﺑﺔ اﻟﺠﻨﻮﺑﯿﺔ ﻟﻠﺠﺎﻣﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ‬
‫ﺟﻮال‪ - ٠٠٩٦٦٥٩٥٩٨٢٠٤٦ :‬ت وﻓﺎﻛﺲ‪٠٠٩٦٦٤٨٤٧٠٧٠٨ :‬‬
‫‪E-mail: daralnasihaa@gmail.com‬‬
‫‪4‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫املؼدمة‬

‫الحؿد هلل رب العالؿقـ‪ ،‬والصالة والسالم طؾك كبقـا محؿد الؿبعقث‬


‫رحؿة لؾعالؿقـ‪ ،‬وطؾك آلف وصحبف ومـ اتبعفؿ بنحسان إلك الققم الديـ‪.‬‬

‫أما بعد‪:‬‬
‫فؿـ مسائؾ الديـ ما اشتد فقفا الخالف بقـ الؿسؾؿقـ‪ :‬حتك آل األمر‬
‫بعضا بالبدطة‪.‬‬
‫برمل بعضفؿ ً‬

‫ومن تؾك الؿسائل‪ :‬هذه الؿسللة‪.‬‬

‫وقبل الخوض فقفا البد مـ معرفة مقصـ االتػاق والـزاع‪ :‬لتؼؾقؾ الخالف‬
‫وتحريره‪.‬‬

‫فلئؿة أهل السـة والجؿاطة متػؼون طؾى‪:‬‬

‫إكؽارا مطؾ ًؼا‪.‬‬


‫ً‬ ‫‪ -1‬طدم إكؽار العذر بالجفؾ‬

‫‪ -2‬إثبات العذر بالجفؾ يف الؿسائؾ الخػقة‪.‬‬

‫‪ -3‬الجفؾ غقر الؿعترب ‪-‬كؿا سقليت بقاكف‪ -‬ال يعذر بف اإلكسان‪.‬‬

‫‪ -4‬وصػ العؿؾ الؽػري الذي يعؿؾف الجاهؾ بالؽػر‪ ،‬فالؽػر يؽقن‬


‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪5‬‬

‫بالعؿؾ الؿـاقض لإليؿان‪ ،‬كؿا يؽقن باالطتؼاد والؼقل‪.‬‬

‫‪ -5‬طدم العذر بالجفؾ يف مجؿؾ معـك الشفادتقـ‪ ،‬وهق ما يتعؾؼ بؿعرفة‬


‫اهلل بؿا يختص بف طـ غقره‪ :‬حتك ال يؽقن طابدً ا لغقره‪ ،‬وأصؾ العبادة‪ ،‬وأصؾ‬
‫إفراده هبا‪ ،‬وما يتعؾؼ بؿعرفة الرسقل بؿا يختص بف طـ غقره‪ :‬حتك ال يؽقن‬
‫متب ًعا لغقره‪ ،‬وأصؾ رسالة الـبل ﷺ‪.‬‬

‫وهذا أمر مفم فـ«مـاط العذر بالجفل الؿعتبر متعؾق بتػاصقل كؾؿة‬
‫التوحقد ال بؿجؿؾفا»‪.‬‬

‫فؽؾ مسللة يف الديـ تدخؾ يف الؿسائؾ التل قد ُت َ‬


‫جفؾ ويؽقن صاحبفا‬
‫معذورا إال الؿسائؾ‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ -1‬التل تـايف اإلقرار الؿجؿؾ بالشفادتقـ‪ ،‬كالجفؾ باهلل‪ ،‬أو برسقلف ﷺ‪،‬‬
‫أو تجقيز أن يعبد غقر اهلل‪ ،‬أو أن يؽقن هـاك رسقل مع الـبل ﷺ‪ ،‬وكحق ذلؽ‪.‬‬

‫أصال‪ ،‬ولؿ يلت بالؼدر‬


‫وسبب طدم العذر هـا‪ :‬أكف لؿ يدخؾ يف اإلسالم ً‬
‫الؿجزئ مـ شروط ال إلف إال اهلل‪.‬‬

‫وأما ما يدخل تحت كؾؿة التقحقد مـ تػاصقؾ‪ :‬فقجقد الؿاكع ماكع مـ‬
‫التؽػقر فقفا‪ :‬ألن وجقد الؿاكع يؿـع مـ اكتػاء أصؾ اإليؿان يف الؿعقـ‪.‬‬

‫مع مالحظة أكف قد وقع كزاع بقـ أهؾ السـة وأهؾ الؽالم ‪-‬مـ‬
‫األشاطرة ومـ كحا كحقهؿ‪ -‬يف تحديد مػفقم العبادة‪ ،‬مؿا حصؾ لفؿ خؾؾ‬
‫يف معـك ال إلف إال اهلل‪ ،‬وهذا ال يدخؾ يف الؿعـك الؿجؿؾ‪.‬‬
‫‪6‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫وضالال مؿا ال‬


‫ً‬ ‫باصال‬
‫وأهل الؽالم مؿن دون الجفؿقة وإن كان مذهبفم ً‬
‫شؽ فقف‪ ،‬وترتب طؾك ذلؽ طـدهؿ أن صرف العبادة لغقر اهلل لقس بشرك‪ ،‬إال أكف‬
‫لؿ يثبت طـ أحد مـ السؾف أكه كػرهم‪.‬‬

‫‪ -2‬التل ال يتصقر وققع الجفؾ فقفا مـ مسؾؿ‪ ،‬كسب اهلل‪ :‬فنن مـ جفؾ‬
‫أكف يجب طؾقف أن يعظؿ اهلل و ُيج َّؾف‪ :‬لؿ يدخؾ يف اإلسالم ً‬
‫أصال‪.‬‬

‫وموصن الـزاع‪ :‬هؾ الجفؾ ‪-‬الذي ال يؽقن كاش ًئا طـ تػريط وإطراض‪-‬‬
‫معترب يف تػاصقؾ الؿسائؾ الظاهرة‪ ،‬كؿسائؾ تقحقد العبادة؟ وهؾ يصح وصػ‬
‫مـ وقع يف الشرك بلكف‪ :‬مشرك؟‬

‫ومسللة العذر بالجفل الؿعتبر من الؿسائل االجتفادية التل يسع فقفا‬


‫الخالف‪.‬‬

‫أصال مـ األصقل‪ ،‬ويؿتحـ الـاس‬


‫وال يؽاد طجبي يـؼضي مؿـ يجعؾفا ً‬
‫هبا‪ ،‬ويقالل ويعادي طؾقفا‪.‬‬

‫وهذا كاتج طـ تصقر خاصئ‪ :‬ترتب طؾقف حؽؿ خاصئ‪.‬‬

‫ولعدم التصقر الصحقح لؿـزلة هذه الؿسللة وحؼقؼة الخالف فقفا تجد‬
‫وضع‬
‫ٌ‬ ‫مـ يرمل مـ خالػف بلشـع التفؿ‪ ،‬ويـسبف لؾبدطة وأهؾفا‪ ،‬وهذا ضؾؿ‪ :‬ألكف‬
‫لألشقاء يف غقر مقاضعفا‪.‬‬

‫ولو تلمل الواحد مـفم يف صـقع السؾػ لؼطع بلهنا لقست مـ األصقل‪ :‬إذ‬
‫لؿ ُيرتب أحد مـفؿ طؾقفا القالء والرباء‪.‬‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪7‬‬

‫وهذه الؿسللة ترجع إلك أصقل طامة‪ ،‬وققاطد كؾقة ُت ِ‬


‫ظفر حؽؿفا وتجؾقف‪،‬‬
‫فالبد مـ معرفة أصقلفا‪ ،‬وإرجاطفا إلقفا‪ ،‬وطدم إخراجفا طـ أشباهفا‪.‬‬
‫وهذه األصول التي ترجع إلقفا هذه الؿسللة‪ ،‬هي‪:‬‬
‫األصل األول‪« :‬الؿرجع يف تـزيؾ حؽؿ الشرك طؾك الؿعقـ‪ :‬الشرع‪ ،‬ال الؾغة»‪.‬‬
‫األصل الثاين‪« :‬العربة بتحؼؼ القصػ الؿـاسب الؿمثر يف الشخص‪ ،‬ال‬
‫بالـظر إلك كقع الؿسللة وققهتا»‪.‬‬
‫األصل الثالث‪« :‬التؽػقر الؿطؾؼ ال يؾزم مـف تؽػقر الؿعقـ»‪.‬‬

‫األصل الرابع‪« :‬الؽػر األكرب ما كان راج ًعا إلك التؽذيب أو االمتـاع»‪.‬‬
‫األصل الخامس‪« :‬مـ ثبت لف أصؾ فال يعدل طـف إال لؿؼتضك دلقؾ‬
‫شرطل»‪.‬‬
‫األصل السادس‪« :‬الحؽؿ طؾك الؿعقـ بالؽػر متققػ طؾك ثبقت شروط‬
‫التؽػقر واكتػاء مقاكعف»‪.‬‬
‫خالصا لقجفف الؽريؿ‪.‬‬
‫ً‬ ‫فلسلل اهلل أن يـػع بؿا كتبت‪ ،‬ويجعؾف‬

‫كتبه‬
‫أحمد محمد الىجاز‬
‫‪1437-4-21‬هـ‬
‫الربيد اإللؽرتوين‬
‫‪abuasmaa21@gmail.com‬‬
‫‪8‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫األصل األول‬
‫املرجع يف تنزيل حؽم الرشك عىل املعني‬
‫الرشع ال الؾغة‬

‫معنى هرا ألاصل‪:‬‬

‫األسؿاء التل ط َّؾؼ اهلل طؾقفا األحؽام ُي َ‬


‫رجع يف مسؿاها وحؽؿفا إلك‬
‫الؽتاب والسـة‪ :‬ألكف مـ الؿحال أن يرتك بقاهنا وقد طؾؼ طؾقفا األحؽام‪.‬‬

‫والحؽم طؾى العبد بلكه مشرك أمر شرطي الؿرجع فقف إلك الشرع ال إلك‬
‫الؾغة‪ ،‬فؾقس كؾ مـ وقع يف الشرك اشتُؼ لف مـف اسؿ شر ًطا‪ :‬ذلؽ أن مـ ُوجد فقف‬
‫شرطا ال يتؿ‬
‫ً‬ ‫شرطا‪ :‬ألن الحؽؿ‬
‫ً‬ ‫ماكع ولق تؾبس بالشرك فنكف ال يسؿك مشركًا‬
‫إال بعد تقفر الشروط واكتػاء الؿقاكع‪.‬‬

‫فال يؽػي يف الحؽم حصول السبب‪ ،‬بؾ البد معف مـ تقفر الشروط واكتػاء‬
‫الؿقاكع‪ ،‬فاآلثار الشرطقة مرتتبة طؾك مجؿقع ما ُذكر‪ ،‬كؿا سقليت‪.‬‬

‫وهذا ُم َّطر ٌد يف الؿسائؾ‪.‬‬

‫مثال ال يؼال طـف‪ :‬صؾك صالة شرطقة إال بعد تقفر‬


‫فؿـ باشر الصالة ً‬
‫شروط الصالة‪ ،‬واكتػاء الؿقاكع‪ ،‬وكذلؽ الصقم‪ ،‬والحج‪ ،‬وهؽذا‪.‬‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪01‬‬

‫وإن كاكت الؾغة تؼضي أن الؿصدر إذا أضقػ إلك محؾ اشتُؼ لف مـف اسؿ‪،‬‬
‫لؽـ هذا اإلصالق الؾغقي مؼقدٌ يف الشرع‪.‬‬

‫وإذا حصل تعارض بقـ حؽؿ شرطل وحؽؿ لغقي‪ ،‬وكان الؿتؽؾؿ هق‬
‫الشارع فقؼدَّ م الحؽؿ الشرطل طؾك الحؽؿ الؾغقي‪ :‬ألكف ُطرفف‪.‬‬

‫رجال باسؿف فؼال‪ :‬لبقؽ الؾفؿ لبقؽ‪ ،‬أطؾقف‬


‫وقد سئؾ مالؽ طـ رجؾ كادى ً‬
‫جاهال أو طؾك وجف السػف فال شلء طؾقف»(‪.)1‬‬
‫ً‬ ‫شلء؟ قال مالؽ‪« :‬إن كان‬

‫جاهال‬
‫ً‬ ‫فؾؿ يطؾؼ اإلمام مالؽ الحؽؿ طؾقف بالشرك‪ ،‬وإكؿا ذكر أكف إذا كان‬
‫أو طؾك وجف السػف استخػا ًفا بالداطل فنكف ال شلء طؾقف‪.‬‬

‫جاهال لؿ يبؾغف العؾؿ‪،‬‬


‫ً‬ ‫وقال شقخ اإلسالم ابن تقؿقة ‪ ...« :$‬إذا كان‬
‫ولؿ يعرف حؼقؼة الشرك الذي قاتؾ طؾقف الـبل ﷺ الؿشركقـ‪ ،‬فنكف ال يحؽؿ‬
‫بؽػره‪ ،‬والسقؿا وقد كثر هذا الشرك يف الؿـتسبقـ إلك اإلسالم‪ ،‬ومـ اطتؼد مثؾ‬
‫هذا قربة وصاطة فنكف ضال باتػاق الؿسؾؿقـ‪ ،‬وهق بعد ققام الحجة كافر»(‪.)2‬‬

‫جاهال فنكف ال يسؿك فاس ًؼا ً‬


‫شرطا‪ ،‬مع كقكف‬ ‫ً‬ ‫وشبقه هذا‪ :‬مـ ارتؽب كبقرة‬
‫تؾبس بالػسؼ‪.‬‬

‫أيضا يف‬
‫عؿؾف ً‬ ‫وإذا كـا ُك ِ‬
‫عؿل هذا األصل يف كصقص القطد والقطقد فنكـا ُك ِ‬

‫األسؿاء واألحؽام الدكققية‪ :‬لعدم الػرق الؿمثر‪.‬‬

‫(‪« )1‬البقان والتحصقؾ» (‪.)373/16‬‬


‫(‪« )2‬جامع الؿسائؾ» (‪.)151/3‬‬
‫‪00‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫ولؾحؽم بالشرك طؾى الؿعقن شر ًطا وصف معتبر ممثر‪ ،‬سقليت بقاكف‪.‬‬

‫والخطل يف هذا األصل يعقد إلك القققع يف خطل تصقر مسللة العذر‬
‫بالجفؾ‪ ،‬وما يرتتب طؾك هذا التصقر الخاصئ مـ حؽؿ خاصئ‪.‬‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪01‬‬

‫األصل الثاين‬
‫العربة بتحؼق الوصف املناسب املًثر يف الشخص‬
‫ال بالنظر إىل ىوع املسيلة وقوهتا‬

‫معنى هرا ألاصل‪:‬‬


‫الحؽؿ الشرطل يع َّؾؼ طؾك القصػ الؿـاسب الؿـضبط الؿمثر‪ ،‬الذي إذا‬
‫ُو ِجد ُوجد معف الحؽؿ‪ ،‬وإذا اكتػك اكتػك معف الحؽؿ‪.‬‬

‫وال يع َّؾؼ الحؽؿ طؾك غقر الؿـضبط الذي يتػاوت الـاس فقف‪ ،‬أو الذي ال‬
‫ممثرا‪.‬‬
‫يؽقن ً‬
‫ممثرا يف الحؽؿ‪ ،‬فال يؾزم مـ وجقده‬
‫والظفقر والؼقة لؾؿسللة لقس سب ًبا ً‬
‫وجقد التؽػقر إال إذا وجد معف القصػ الؿـاسب الؿمثر‪.‬‬

‫والحؽم بؽون الؿعقن مشركًا مع َّؾ ٌق طؾك وصػ مـاسب مـضبط ممثر‪،‬‬
‫وهق‪ :‬الشرك مع إقامة الحجة‪ ،‬ال طؾك كقن الؿسللة ضرورية أو ضاهرة‪ ،‬وال‬
‫طؾك مجرد التؾبس بالشرك‪.‬‬

‫ممثرا مع‬ ‫ِ‬


‫مقجب‪ ،‬فقؽقن‬ ‫ٍ‬
‫مؼتض لؾحؽؿ‪ ،‬ال‬ ‫سبب‬
‫ٌ‬ ‫فالشرك أو الؽػر‬
‫ً‬
‫وجقد الشروط واكتػاء الؿقاكع‪ ،‬كؿا سقليت‪.‬‬

‫وال يصح أن يؽون الوصف الؿمثر‪ :‬كون الؿسللة ضرورية أو ضاهرة‪،‬‬


‫‪02‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫أو مجرد التؾبس بالشرك‪ :‬وذلك ال يخؾو‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يؽقن القصػ الؿمثر‪ :‬كقن الؿسللة ضرورية‪ ،‬وهذا ال يستؼقؿ‪:‬‬


‫وصػ لؿ يعتربه الشارع يف تـزيؾ األحؽام‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫لعدم اكضباصفا‪ ،‬كؿا سقليت‪ ،‬وهق‬

‫وال يؾزم مـ وضقح الؿسللة وضفقرها طدم الجفؾ هبا‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يؽقن القصػ الؿمثر‪ :‬كقن الؿسللة ضاهرة‪ ،‬وهذا ال يستؼقؿ‪ :‬لعدم‬
‫اكضباصفا‪ ،‬واختالف الـاس يف معرفتفا‪ ،‬وإدراكفا‪ ،‬كؿا سقليت تقضقح ذلؽ‪.‬‬

‫‪ -3‬أن يؽقن القصػ الؿمثر‪ :‬مجرد التؾبس بالشرك‪ ،‬وهذا يـؼضف‪:‬‬

‫فرحا‬
‫‪ -‬ما جاء طـ أكس بـ مالؽ ﭬ قال‪ :‬قال رسقل اهلل ﷺ‪« :‬هلل أشد ً‬
‫بتوبة طبده حقن يتوب إلقه‪ ،‬من أحدكم كان طؾى راحؾته بلرض فالة‪ ،‬فاكػؾتت‬
‫مـه‪ ،‬وطؾقفا صعامه وشرابه‪َ ،‬‬
‫فليِ َس مـفا‪ ،‬فلتى شجرة‪ ،‬فاضطجع يف ضؾفا‪ ،‬قد أيس‬
‫من راحؾته‪ ،‬فبقـا هو كذلك إذ هو بفا‪ ،‬قائؿة طـده‪ ،‬فلخذ بخطامفا‪ ،‬ثم قال من‬
‫شدة الػرح‪ :‬الؾفم أكت طبدي وأكا ربك‪ ،‬أخطل من شدة الػرح»(‪.)1‬‬

‫فؼد تؾبس بالشرك‪ ،‬ولؿ يسؿف الـبل ﷺ مشركًا‪.‬‬

‫‪ -‬اتػاق األئؿة طؾك أن مـ كشل يف بادية بعقدة طـ أهؾ العؾؿ‪ ،‬أو كان‬
‫حديث طفد بنسالم أكف ال يؽػر‪.‬‬

‫قال ابن تقؿقة‪« :‬ولفذا اتػؼ األئؿة طؾك أن مـ كشل ببادية بعقدة طـ أهؾ‬

‫(‪ )1‬أخرجف مسؾؿ يف «صحقحف» كتاب التقبة‪ ،‬باب‪ :‬يف الحض طؾك التقبة والػرح هبا (ص‪)1191‬‬
‫(ح‪.)2747‬‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪03‬‬

‫العؾؿ واإليؿان‪ ،‬وكان حديث العفد باإلسالم‪ ،‬فلكؽر شق ًئا مـ هذه األحؽام‬
‫الظاهرة الؿتقاترة فنكف ال يحؽؿ بؽػره‪ :‬حتك يعرف ما جاء بف الرسقل»(‪.)1‬‬

‫وأكبه هـا‪ :‬أن الؽػر أطؿ مـ الشرك‪.‬‬

‫وقد أبعد الـجعة َمـ فرق بقـ الؽػر والشرك يف مسللة العذر بالجفؾ مـ‬
‫جفة الحؽؿ‪ :‬فزطؿ أن الؽػر البد فقف مـ إقامة الحجة‪ ،‬بخالف الشرك فنكف يثبت‬
‫قبؾ إقامة الحجة‪.‬‬

‫وهذا تػريق محدَ ث‪ ،‬وهق مخالػ ألصؾ باب األسؿاء واألحؽام‪،‬‬


‫فاألسؿاء الشرطقة‪ ،‬كالؽػر والػسؼ ال يثبتان يف الؿسؾؿ الؿعقـ إال بعد تقفر‬
‫الشروط‪ ،‬وهذا محؾ اتػاق بقـ الخصؿقـ‪ ،‬وال فرق ممثر بقـفؿا وبقـ الشرك‪.‬‬

‫وأما احتجاجفم باآليات التل فقفا إصالق الشرك طؾك الؿشركقـ‪ ،‬ففل‬
‫أصال‪ ،‬فؾؿ‬
‫خارج محؾ الـزاع‪ :‬ألن الشارع أصؾؼفا طؾك مـ لؿ يـطؼ بالشفادتقـ ً‬
‫يثبت لف أصؾ اإلسالم‪ ،‬بخالف محؾ البحث‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بشرك‬ ‫وال شؽ أن هذا فرق ممثر‪ٌ :‬‬
‫فػرق بقـ مـ كطؼ بالشفادتقـ وتؾبس‬
‫مـ غقر أن يعتؼد أكف شرك‪ ،‬وبقـ مـ يسقي بقـ اهلل وخؾؼف طامدً ا قاصدً ا‪.‬‬
‫ٌ‬
‫خؾط‬ ‫وال يؾزم من طدم إصالق الشرك طؾى من تؾبس بالشرك أن يحصؾ‬
‫بقـ حؼقؼة اإلسالم وحؼقؼة الشرك‪ ،‬فالحؼقؼتان متضادتان‪ :‬لؽـ لؿ يثبت اسؿ‬
‫الشرك طؾك الؿسؾؿ الؿتؾبس بالشرك لقجقد ماكع‪.‬‬

‫(‪« )1‬مجؿقع الػتاوى» (‪.)437/11‬‬


‫‪04‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫‪ -4‬أن يؽقن القصػ الؿمثر‪ :‬الشرك مع إقامة الحجة‪ ،‬وهذا مـضبط‪،‬‬


‫فقصح تعؾقؼ الحؽؿ طؾقف‪.‬‬

‫وهق وصػ مـاسب ممثر يف الحؽؿ راطاه الشارع‪ ،‬ويػضل إلك ترتب‬
‫الؿصؾحة مـ زجر الـاس‪ ،‬وردطفؿ‪ ،‬وكحق ذلؽ‪.‬‬

‫وقد دل طؾقه‪:‬‬

‫ققلف تعالك‪﴿ :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬


‫ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ﴾ [الـساء‪.]165 :‬‬

‫فؼد أخرب اهلل أن الحؽؿة مـ إرسال الرسؾ قطع الحجة طؾك الخؾؼ‪ ،‬فال‬
‫يؽقن لؾخؾؼ طذر يف الدكقا وال يف اآلخرة بعد إرسال الرسؾ‪ ،‬واآلية شامؾة‬
‫كافرا يف الدكقا إال بعد إرسال الرسؾ‪،‬‬
‫ألحؽام الدكقا واآلخرة‪ ،‬فال يسؿك الرجؾ ً‬
‫وال يعذب يف اآلخرة إال بعد إرسال الرسؾ‪.‬‬

‫كػرا إال أن صاحبفا‬


‫ثؿ إن اآلية ُطؾؼت باألشخاص‪ ،‬فالؿسللة وإن كاكت ً‬
‫كافرا إال بعد بؾقغ الحجة الرسالقة إلقف‪ :‬ألن اهلل جعؾ طدم بؾقغ‬
‫ال يؽقن ً‬
‫الرسالة لف حجة لف يف رفع العذاب طـف‪.‬‬

‫ومؿا يجب أن يعؾم‪ :‬أن السؾف لم يػرقوا بقن مسللة ومسللة يف العذر‬
‫بالجفل الؿعتبر‪:‬‬

‫مم ُن به فؼال‪« :‬هلل تعالك‬


‫قال اإلمام الشافعي وقد ُسئل طن صػات اهلل وما ُي َ‬
‫أسؿاء وصػات جاء هبا كتابف‪ ،‬وأخرب هبا كبق ُف ﷺ أم َت ُف ال يسع أحدً ا مـ خؾؼ اهلل‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪05‬‬

‫قامت طؾقف الحجة ردها‪ :‬ألن الؼرآن كَزل هبا‪ ،‬وصح طـ رسقل اهلل ﷺ الؼقل هبا‬
‫فقؿا روى طـف العدول‪ ،‬فنن خالػ ذلؽ بعد ثبقت الحجة طؾقف ففق كافِر‪.‬‬

‫فلما قبؾ ثبقت الحجة طؾقف فؿعذور بالجفؾ‪ :‬ألن طؾؿ ذلؽ ال ُيدرك‬
‫بالر ِو َّي ِة والػؽر‪ ،‬وال ُك َؽػ ُر بالجفؾ هبا أحدً ا إال بعد اكتفاء الخرب‬
‫بالعؼؾ‪ ،‬وال َّ‬
‫إلقف هبا»(‪.)1‬‬

‫فؼد بقـ اإلمام الشافعل أن التؽػقر ال يثبت طؾك مـ رد صػات اهلل إال بعد‬
‫ققام الحجة‪ ،‬وأما قبؾ ققام الحجة طؾقف فؿعذور بالجفؾ‪ ،‬ويدخؾ يف الصػات ما‬
‫كان معؾق ًما بالػطرة والعؼؾ كصػة العؾق‪.‬‬

‫وققلف‪« :‬فؿعذور بالجفؾ» يدل طؾك استعؿال األئؿة لعبارة‪« :‬العذر‬


‫بالجفؾ»‪ ،‬وأهنا لقست ولقدة العصقر الؿتلخرة‪ ،‬وإن كاكت الـصقص الشرطقة‬
‫لؿ تلت هبذا الؿصطؾح‪ ،‬وإكؿا جاءت بـ‪« :‬الحجة» و«بعثة الرسؾ»‪ ،‬وكحقها‪،‬‬
‫لؽـ ال حرج يف استعؿالف‪ :‬ألكف ال يـايف الـصقص الشرطقة‪ ،‬وقد استعؿؾف أئؿة‬
‫السؾػ‪ ،‬وإن كان لقس كؾ جفؾ ُيعذر بف صاحبف‪.‬‬

‫وقال ابن أبي طاصم ‪« :$‬والؼرآن كالم اهلل تبارك وتعالك تؽؾؿ اهلل بف‪،‬‬
‫لقس بؿخؾقق‪ ،‬ومـ قال‪ :‬مخؾقق مؿـ قامت طؾقف الحجة فؽافر باهلل العظقؿ‪،‬‬
‫ومـ قال مـ قبؾ أن تؼقم طؾقف الحجة فال شلء طؾقف»(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬ذكره ابـ الؼقؿ يف كتابف «اجتؿاع الجققش اإلسالمقة» (‪.)165‬‬


‫(‪« )2‬السـة» (‪.)1327/2‬‬
‫‪06‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫فؼد كص طؾك أن تؽػقر مـ قال بخؾؼ الؼرآن ال يؽقن إال بعد إقامة‬
‫كافرا‪ ،‬ومـ قال‬
‫الحجة‪ ،‬فؿـ قال بخؾؼ الؼرآن بعد إقامة الحجة فنكف يؽقن ً‬
‫كافرا‪ ،‬مع ضفقرها‪ ،‬وداللة الـصقص‬
‫بذلؽ قبؾ ققام الحجة طؾقف فال يؽقن ً‬
‫طؾقفا داللة واضحة‪.‬‬

‫وقال ابن طبد البر طـد ذكره لحديث الذي جحد قدرة اهلل(‪« :)1‬وأما جفؾ‬
‫هذا الرجؾ الؿذكقر يف هذا الحديث بصػة مـ صػات اهلل يف طؾؿف وقدرتف‬
‫فؾقس ذلؽ بؿخرجف مـ اإليؿان»(‪.)2‬‬

‫فؼد بقـ أن الجفؾ ماكع مـ الحؽؿ طؾك الؿسؾؿ بالتؽػقر‪ ،‬وأكف ال يؾزم مـ‬
‫كافرا‪ ،‬فالجفؾ ماكع مـ الخروج مـ اإليؿان‪.‬‬
‫وققطف يف الؽػر أن يؽقن ً‬
‫وطؾقه‪ :‬فؽؾ مسللة مـ مسائؾ الديـ ُيـ َظر فقفا إلك تحؼؼ هذا القصػ‬
‫الؿـاسب الؿمثر‪ ،‬سقاء مـفا ما كان معؾق ًما مـ الديـ بالضرورة(‪ ،)3‬أو ال‪،‬‬

‫الؿوت قال‬ ‫فؾؿا َح َض َر ُه‬ ‫ِ ِ‬ ‫رج ٌل ُيسرِ ُ‬


‫ُ‬ ‫ف طؾى كػسه َّ‬ ‫(‪ )1‬طـ أبل هريرة ﭬ طـ الـبل ﷺ قال‪« :‬كان ُ‬
‫ذروكِي يف الريحِ ‪ ،‬فواهللِ لئن َق ِد َر طؾي ربي لقعذبـي‬ ‫لبـقه‪ :‬إذا أكا ِم ُّ‬
‫ت فلحر ُقوين‪ ،‬ثم َ‬
‫اصحـُوين‪ ،‬ثم ُّ‬
‫ِ‬
‫األرض فؼال‪ :‬اجؿعي ما فقك مـه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫طذا ًبا ما َط َّذ َب ُه أحدً ا‪ ،‬فؾؿا مات ُفع َل به ذلك‪َ ،‬ف َلم َر اهللُ‬
‫رب َخش َق ُت َك حؿ َؾتـِي‪َ ،‬ف َغ َػ َر‬ ‫صـعت؟ قال‪ :‬يا ِّ‬‫َ‬ ‫قائم فؼال‪ :‬ما حؿؾك طؾى ما‬ ‫ف َػ َع َؾت‪ :‬فنذا هو ٌ‬
‫له»‪ .‬أخرجف البخاري يف كتاب أحاديث األكبقاء‪ ،‬باب‪( :‬ص‪( )587‬ح‪ ،)3481‬ومسؾؿ يف كتاب‬
‫التقبة (‪( )1194‬ح‪.)6981‬‬
‫(‪« )2‬التؿفقد لؿا يف الؿقصل مـ الؿعاين واألساكقد» (‪.)46/18‬‬
‫(‪ )3‬الؿسائؾ الؿعؾقمة مـ الديـ بالضرورة‪ ،‬هل‪ :‬الؿسائؾ التل تحصؾ بدون فؽر وكظر يف دلقؾ‪،‬‬
‫اكظر‪« :‬الؽؾقات» لؾؽػقي (‪.)576‬‬
‫ويعبر طـفا الشافعي يف الرسالة (‪ :)359-357‬بـ‪ :‬طؾم العامة‪ :‬حقث قال‪« :‬العؾؿ طؾؿان‪ :‬طؾؿ‬
‫=‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪07‬‬

‫وسقاء كان ذلؽ يف مسائؾ تقحقد األلقهقة‪ ،‬أو غقرها‪.‬‬

‫وكون الؿسللة مؿا تعؾم من الدين بالضرورة أو ال‪ :‬أمر كسبل إضايف‪،‬‬
‫يختؾػ باختالف األشخاص واألمؽـة واألزمـة‪ ،‬فؼد تؽقن الؿسللة طـد بعض‬
‫الـاس قطعقة ضرورية‪ ،‬وطـد بعضفؿ ضـقة خػقة‪.‬‬

‫وإكؿا العبرة بالؿعقن هل تحؼق فقه الدلقل الؿعقن أو ال؟ ولقس العبرة‬
‫بالؿسللة أهي ضرورية أو ال؟‬

‫وهذا أصل طظقم‪.‬‬

‫قال ابن تقؿقة‪« :‬وكقن الؿسللة قطعقة أو ضـقة هق‪ :‬مـ األمقر اإلضافقة‪،‬‬
‫وقد تؽقن الؿسللة طـد رجؾ قطعقة‪ :‬لظفقر الدلقؾ الؼاصع لف‪ ،‬كؿـ سؿع الـص‬
‫فضال طـ أن تؽقن‬
‫مـ الرسقل ﷺ وتقؼـ مراده مـف‪ ،‬وطـد رجؾ ال تؽقن ضـقة‪ً ،‬‬
‫قطعقة‪ :‬لعدم بؾقغ الـص إياه‪ ،‬أو لعدم ثبقتف طـده‪ ،‬أو لعدم تؿؽـف مـ العؾؿ‬
‫بداللتف»(‪.)1‬‬

‫=‬
‫طامة ال يسع بال ًغا غقر مغؾقب طؾك طؼؾف جفؾف‪ ...‬مثؾ‪ :‬الصؾقات الخؿس‪ ،‬وأن هلل طؾك الـاس‬
‫حرم طؾقفؿ الزكا‪،‬‬
‫صقم شفر رمضان‪ ،‬وحج البقت إذا استطاطقه‪ ،‬وزكاة يف أمقالفؿ‪ ،‬وأكف َّ‬
‫والؼتؾ‪ ،‬والسرقة‪ ،‬والخؿر‪ ...‬وهذا العؾؿ العام الذي ال يؿؽـ فقف الغؾط مـ الخرب وال التلويؾ‪،‬‬
‫وال يجقز فقف التـازع ‪.»...‬‬
‫(‪« )1‬مجؿقع الػتاوى» (‪.)347/23‬‬
‫ومـ الغريب أن بعض الؽتَّاب يستدل طؾك أن شقخ اإلسالم ُيػرق بقـ الؿؼاالت الخػقة‬
‫والؿؼاالت الظاهرة يف التؽػقر بؼقلف يف «مجؿقع الػتاوى» (‪« :)54/4‬وهذا إذا كان يف‬
‫الؿؼاالت الخػقة فؼد يؼال‪ :‬إكف فقفا مخطئ ضال‪ ،‬لؿ تؼؿ طؾقف الحجة التل يؽػر صاحبفا‪:‬‬
‫=‬
‫‪08‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫والـاس ال يشتركون يف الضروريات‪ ،‬ففؿ يتػاوتقن يف إدراكفا‪.‬‬

‫قال ابن تقؿقة‪« :‬وققل الؼائؾ‪ :‬إن الضروريات يجب اشرتاك العؼالء فقفا‬
‫خطل‪ ،‬بؾ الضروريات كالـظريات‪ ،‬تارة يشرتكقن فقفا‪ ،‬وتارة يختص هبا مـ‬
‫جعؾ لف ققة طؾك إدراكفا»(‪.)1‬‬

‫ثم إن الضروري ال يؽون ضروريا إال بعد تصوره‪ ،‬والـاس يتػاوتقن يف‬
‫التصقر‪ ،‬فقرتتب طؾقف التػاوت فقؿا كان ضروريا(‪.)2‬‬

‫=‬
‫لؽـ ذلؽ يؼع يف صقائػ مـفؿ يف األمقر الظاهرة التل تعؾؿ العامة والخاصة مـ الؿسؾؿقـ أهنا‬
‫مـ ديـ الؿسؾؿقـ‪ :‬بؾ القفقد والـصارى يعؾؿقن أن محؿدً ا ﷺ ُبعث هبا و َك َّػر مخالػفا‪ :‬مثؾ‪:‬‬
‫أمره بعبادة اهلل وحده ال شريؽ لف‪ ،‬وهنقف طـ طبادة أحد سقى اهلل‪ :‬مـ الؿالئؽة والـبققـ‬
‫والشؿس والؼؿر والؽقاكب واألصـام وغقر ذلؽ‪ :‬فنن هذا أضفر شعائر اإلسالم‪ ،‬ومثؾ أمره‬
‫بالصؾقات الخؿس وإي جابف لفا وتعظقؿ شلهنا‪ ،‬ومثؾ معاداتف لؾقفقد والـصارى والؿشركقـ‬
‫والصابئقـ والؿجقس‪ ،‬ومثؾ تحريؿ الػقاحش والربا والخؿر والؿقسر وكحق ذلؽ‪ .‬ثؿ تجد‬
‫كثقرا مـ رؤسائفؿ وقعقا يف هذه األمقر فؽاكقا مرتديـ»‪.‬‬
‫ً‬
‫ولقس هـاك أحد ُيـؽر أن الديـ يشتؿؾ طؾك مسائؾ ضاهرة وطؾك مسائؾ خػقة‪ ،‬وإكؿا سقاق‬
‫كالمه يف أهؾ الؽالم‪ ،‬وأكف تؼع مـفؿ الردة كؿا يؼع مـفؿ الـػاق‪ ،‬وهق حؽؿ طام ال يؾزم مـف أن‬
‫كثقرا مـ‬
‫شقخ اإلسالم ُيؽػر كؾ مـ خالػ يف الؿسائؾ الظاهرة‪ ،‬ولفذا قال‪« :‬ثؿ تجد ً‬
‫رؤسائفؿ وقعقا يف هذه األمقر فؽاكقا مرتديـ»‪ .‬فؾؿ يحؽؿ بالردة طؾك كؾ مـ وقع‪ ،‬وإكؿا‬
‫حؽؿا مطؾ ًؼا‪.‬‬
‫ً‬ ‫خصف بالؽثقر‪ ،‬وهق ال يخرج طـ كقكف‬
‫وكصقص شقخ اإلسالم يف طدم التػريؼ يف التؽػقر واضحة‪.‬‬
‫وغالب ما يستدل بف مـ يػر ق بقـ الظاهر والخػل مـ كصقص طـ العؾؿاء هل مـ باب‪:‬‬
‫الحؽؿ الؿطؾؼ‪ ،‬ال الؿعقـ‪.‬‬
‫(‪« )1‬االستؼامة» (‪.)33‬‬
‫(‪ )2‬اكظر‪« :‬درء تعارض العؼؾ والـؼؾ» (‪.)31/1‬‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪11‬‬

‫وضوحا‪ ،‬بؾ‬
‫ً‬ ‫ومؿا يـؼض هذه العؾة‪ :‬أن أقوال الجفؿقة من أضفر األقوال‬
‫إن الؿسائؾ التل خالػقا فقفا سؾػ األمة مـ الؿسائؾ القاضحة التل تعؾؿ مـ‬
‫الديـ بالضرورة‪ ،‬كؽقن الؼرآن لقس مخؾق ًقا‪ ،‬بؾ مـفا ما هق معؾقم بالػطرة‪،‬‬
‫كعؾق اهلل‪.‬‬

‫وكػرهم أطظم من كػر القفود‪ :‬كؿا قال شقخ اإلسالم‪« :‬وقد كان سؾػ‬
‫األمة وسادات األئؿة يرون كػر الجفؿقة أطظؿ مـ كػر القفقد»(‪.)1‬‬

‫ومع هذا كؾف لؿ ُيؽػر السؾػ أطقان الجفؿقة‪ ،‬فليـ التػريؼ بقـ الؿسائؾ‬
‫الظاهرة والخػقة؟!‬

‫قال ابن تقؿقة ‪« :$‬مع أن أحؿد لؿ ُيؽػر أطقان الجفؿقة‪ ،‬وال كؾ مـ‬
‫قال‪ :‬إكف جفؿل ك َّػره»(‪.)2‬‬
‫كـت ُ‬
‫أققل لؾجفؿقة مـ الحؾقلقة‬ ‫وقال مخاص ًبا طؾؿاءهم وشقوخفم‪« :‬ولفذا ُ‬
‫والـػاة ‪-‬الذيـ كػقا أن يؽقن اهلل تعالك فقق العرش لؿا وقعت محـتفؿ‪ :-‬أكا‬
‫كافرا‪ :‬ألين أطؾؿ أن ققلؽؿ كػر‪ ،‬وأكتؿ طـدي ال َتؽ ُػرون‪ :‬ألكؽؿ‬
‫لق وافؼتُؽؿ كـت ً‬
‫جفال‪ ،‬وكان هذا خطا ًبا لعؾؿائفؿ وقضاهتؿ وشققخفؿ وأمرائفؿ»(‪.)3‬‬

‫ففذا مؿا يمكد أن الحؽؿ بالتؽػقر إكؿا يعؾؼ طؾك الشرك مع إقامة الحجة‪،‬‬
‫ال طؾك كقن الؿسللة ضاهرة‪.‬‬

‫(‪« )1‬مجؿقع الػتاوى» (‪.)477/2‬‬


‫(‪« )2‬مجؿقع الػتاوى» (‪.)537/7‬‬
‫(‪« )3‬االستغاثة» (‪.)253‬‬
‫‪10‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫قال شقخ اإلسالم‪« :‬وأما الػرائض األربع‪ :‬فنذا جحد وجقب شلء مـفا‬
‫بعد بؾقغ الحجة ففق كافر‪ ،‬وكذلؽ مـ جحد تحريؿ شلء مـ الؿحرمات‬
‫الظاهرة الؿتقاتر تحريؿفا‪ ،‬كالػقاحش والظؾؿ والؽذب والخؿر وكحق ذلؽ‪،‬‬
‫وأما مـ لؿ تؼؿ طؾقف الحجة مثؾ أن يؽقن حديث طفد باإلسالم‪ ،‬أو كشل ببادية‬
‫بعقدة لؿ تبؾغف فقفا شرائع اإلسالم وكحق ذلؽ‪ ،‬أو غؾط فظـ أن الذيـ آمـقا‬
‫وطؿؾقا الصالحات ُيس َتثـَقن مـ تحريؿ الخؿر‪ ،‬كؿا غؾط يف ذلؽ الذيـ استتاهبؿ‬
‫طؿر‪ ،‬وأمثال ذلؽ‪ ،‬فنهنؿ يستتابقن وتؼام الحجة طؾقفؿ‪ ،‬فنن أصروا كػروا‬
‫حقـئذ وال يحؽؿ بؽػرهؿ قبؾ ذلؽ»(‪.)1‬‬

‫ولقس هذا قول اإلمام أحؿد وشقخ اإلسالم فحسب‪ ،‬بؾ هق ققل اإلمام‬
‫الشافعل وغقره مـ سؾػ األمة وأئؿتفا‪.‬‬

‫قال ابن تقؿقة طن اإلمام أحؿد‪« :‬وإكؿا كان ُيؽػر الجفؿقة الؿـؽريـ‬
‫ألسؿاء اهلل وصػاتف‪ :‬ألن مـاقضة أققالفؿ لؿا جاء بف الرسقل ﷺ ضاهرة بقـة‪:‬‬
‫وألن حؼقؼة ققلفؿ تعطقؾ الخالؼ‪ ،‬وكان قد ابتُؾِ َل هبؿ حتك طرف حؼقؼة أمرهؿ‪،‬‬
‫وأكف يدور طؾك التعطقؾ‪.‬‬

‫مشفقر طـ السؾػ واألئؿة‪.‬‬


‫ٌ‬ ‫وتؽػقر الجفؿقة‬

‫لؽـ ما كان ُيؽػر أطقاهنؿ‪ :‬فنن الذي يدطق إلك الؼقل أطظؿ مـ الذي‬
‫ب مخال َػف أطظؿ مـ الذي يدطق فؼط‪ ،‬والذي ُيؽػر مخالػف‬ ‫ِ‬
‫يؼقل بف‪ ،‬والذي يعاق ُ‬

‫(‪« )1‬مجؿقع الػتاوى» (‪.)639/7‬‬


‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪11‬‬

‫أطظؿ مـ الذي يعاقبف‪ ،‬ومع هذا فالذيـ كاكقا مـ والة األمقر يؼقلقن بؼقل‬
‫الجفؿقة‪ :‬إن الؼرآن مخؾقق‪ ،‬وإن اهلل ال ُيرى يف اآلخرة‪ ،‬وغقر ذلؽ‪ ،‬ويدطقن‬
‫الـاس إلك ذلؽ ويؿتحـقهنؿ ويعاقبقهنؿ إذا لؿ يجقبقهؿ و ُيؽػرون مـ لؿ‬
‫ؼر بؼقل الجفؿقة‪:‬‬
‫يجبفؿ‪ ،‬حتك أهنؿ كاكقا إذا أمسؽقا األسقر لؿ ُيطؾؼقه‪ :‬حتك ُي َّ‬
‫إن الؼرآن مخؾقق‪ ،‬وغقر ذلؽ‪.‬‬

‫وال يقلقن متقل ًقا وال يعطقن رز ًقا مـ بقت الؿال إال لؿـ يؼقل ذلؽ‪ ،‬ومع‬
‫هذا فاإلمام أحؿد رحؿه اهلل تعالى ترحم طؾقفم‪ ،‬واستغػر لفؿ‪ :‬لعؾؿف بلهنؿ لؿ‬
‫يبقـ لفؿ أهنؿ مؽذبقن لؾرسقل‪ ،‬وال جاحدون لؿا جاء بف‪ ،‬ولؽـ تلولقا‬
‫فلخطئقا‪ ،‬وقؾدوا مـ قال لفؿ ذلؽ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫لحػص الػرد حقـ قال‪ :‬الؼرآن مخؾقق‪:‬‬ ‫وكذلؽ الشافعل لؿا قال‬
‫كػرت باهلل العظقؿ‪ .‬بقـ لف أن هذا الؼقل كػر‪ ،‬ولؿ يحؽؿ بردة حػص بؿجرد‬
‫َ‬ ‫«‬
‫ذلؽ‪ :‬ألكف لؿ يتبقـ لف الحجة التل يؽػر هبا‪ ،‬ولق اطتؼد أكف مرتد لسعك يف‬
‫قتؾف‪.)1(»...‬‬

‫وقد ُحؽي طؾى طدم التػريق بقن الؿسائل الظاهرة والخػقة من جفة العذر‬
‫لؿن وجد فقه ماكع‪ :‬اإلجؿاع‪ :‬قال الشافعي‪« :‬فؾؿ كعؾؿ أحدً ا مـ سؾػ هذه األمة‬
‫يؼتدى بف وال مـ التابعقـ بعدهؿ ر َّد شفادة أحد بتلويؾ‪ ،‬وإن خطله وضؾؾف ورآه‬
‫استحؾ فقف ما حرم طؾقف‪ ،‬وال رد شفادة أحد بشلء مـ التلويؾ كان لف وجف‬
‫يحتؿؾف‪ ،‬وإن بؾغ فقف استحالل الدم والؿال أو الؿػرط مـ الؼقل‪ :‬وذلؽ أ َّكا‬

‫(‪« )1‬مجؿقع الػتاوى» (‪.)349-348/23‬‬


‫‪12‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫وجدكا الدماء أطظؿ ما يعصك اهلل تعالك هبا بعد الشرك‪ ،‬ووجدكا متلولقـ‬
‫يستحؾقهنا بقجقه‪ ،‬وقد رغب لفؿ كظراؤهؿ طـفا وخالػقهؿ فقفا ولؿ يردوا‬
‫شفادهتؿ بؿا رأوا مـ خالففؿ‪ ،‬فؽؾ مستحؾ بتلويؾ مـ ققل أو غقره فشفادتف‬
‫ماضقة ال ترد مـ خطل»(‪.)1‬‬

‫كافرا ُلر َّدت‬


‫ً‬ ‫أمرا معؾق ًما مـ الديـ بالضرورة‬
‫فؾق كان كؾ مستحؾ ً‬
‫شفادتف‪ ،‬وقد حؽك الشافعل اإلجؿاع طؾك خالفف‪.‬‬

‫مـتشرا‪ ،‬فنكف‬
‫ً‬ ‫ومن العؾؿاء مـ يرى أن العربة بؿا شاع واكتشر‪ ،‬فؿا كان‬
‫ال يعذر أحد بجحده وإكؽاره‪ ،‬كؿا ذهب إلك ذلؽ ابـ قدامة(‪ ،)2‬وغقره‪.‬‬

‫لؽن الراجح ما تؼدم ذكره مـ أن العربة بالشخص‪ ،‬ال بالؿسللة‪ :‬ألن‬


‫الشخص هق الذي ُيـ ََّزل طؾقف الحؽؿ‪ ،‬ال الؿسللة‪ ،‬وأن القصػ الؿـاسب الؿمثر‬
‫هق‪ :‬الشرك أو الؽػر مع إقامة الحجة‪.‬‬

‫إذن العبرة بتحؼق الوصف الؿـاسب الؿمثر يف الشخص حتك يؽػر‪.‬‬

‫(‪« )1‬األم» لؾشافعل (‪.)539/7‬‬


‫(‪ )2‬قال ابن قدامة فقؿن ترك الصالة جحو ًدا‪« :‬وال خالف بقـ أهؾ العؾؿ يف كػر مـ تركفا جاحدً ا‬
‫لقجقهبا‪ ،‬إذا كان مؿـ ال يجفؾ مثؾف ذلؽ‪ ،‬فنن كان مؿـ ال يعرف القجقب‪ ،‬كحديث‬
‫اإلسالم‪ ،‬والـاشئ بغقر دار اإلسالم أو بادية بعقدة طـ األمصار وأهؾ العؾؿ‪ ،‬لؿ يحؽؿ بؽػره‪،‬‬
‫وطرف ذلؽ‪ ،‬وتثبت لف أدلة وجقهبا‪ ،‬فنن جحدها بعد ذلؽ كػر‪.‬‬
‫وأما إذا كان الجاحد لفا كاش ًئا يف األمصار بقـ أهؾ العؾؿ‪ ،‬فنكف يؽػر بؿجرد جحدها‪ ،‬وكذلؽ‬
‫الحؽؿ يف مباين اإلسالم كؾفا‪ ،‬وهل الزكاة والصقام والحج‪ :‬ألهنا مباين اإلسالم‪ ،‬وأدلة وجقهبا‬
‫ال تؽاد تخػك ‪« .»...‬الؿغـل» (‪.)275/12‬‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪13‬‬

‫وأما كون الؿسللة ضاهرة أو خػقة فؾقس ذلؽ وص ًػا ً‬


‫ممثرا يف تعؾقؼ الحؽؿ‬
‫طؾك الؿعقـ‪.‬‬

‫والذي اختاره شقخ اإلسالم ابـ تقؿقة هق‪ :‬طدم التػريؼ‪.‬‬

‫قال طن أهل الحؾول واالتحاد(‪« :)1‬فؽؾ مـ كان أخرب بباصـ هذا‬


‫كػرا وإلحا ًدا‪.‬‬
‫الؿذهب ووافؼفؿ طؾقف كان أضفر ً‬
‫وأما الجفال الذيـ يحسـقن الظـ بؼقل همالء‪ ،‬وال يػفؿقكف‪ ،‬ويعتؼدون‬
‫أكف مـ جـس كالم الؿشايخ العارفقـ الذيـ يتؽؾؿقن بؽالم صحقح ال يػفؿف‬
‫كثقر مـ الـاس‪ ،‬ففمالء تجد فقفؿ إسال ًما وإيؿا ًكا‪ ،‬ومتابعة لؾؽتاب والسـة‬
‫وتسؾقؿا‬
‫ً‬ ‫إقرارا لفمالء وإحسا ًكا لؾظـ هبؿ‬
‫ً‬ ‫بحسب إيؿاهنؿ التؼؾقدي‪ ،‬وتجد فقفؿ‬
‫لفؿ بحسب جفؾفؿ وضاللفؿ‪ :‬وال يتصقر أن يثـل طؾك همالء إال كافر مؾحد‪،‬‬

‫بشلء بحقث تؽقن اإلشارة إلك أحدهؿا طقـ اإلشارة إلك‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫شلء‬ ‫اختصاص‬ ‫(‪ )1‬الحؾول‪ ،‬هو‪:‬‬
‫ُ‬
‫اآلخر‪ .‬اكظر‪« :‬كشاف اصطالحات الػـقن» (‪.)736/1‬‬
‫اج الشقئقـ واختالصفؿا حتك يصقرا شق ًئا واحدً ا‪ .‬اكظر‪« :‬التعريػات»‬ ‫ِ‬
‫واالتحاد‪ :‬هق امتزَ ُ‬
‫(ص‪.)64‬‬
‫قال ابن تقؿقة يف «مجؿوع الػتاوى» (‪« :)367-364/2‬وهؿ يسؿقن أكػسفؿ الؿحؼؼقـ‪.‬‬
‫وهمالء كقطان‪ :‬كقع يؼقل بذلؽ مطؾ ًؼا‪ ،‬كؿا هق مذهب صاحب «الػصقص» ابـ طربل‬
‫وأمثالف‪ :‬مثؾ ابـ سبعقـ وابـ الػارض والؼقكقي والششرتي والتؾؿساين وأمثالفؿ مؿـ يؼقل‪:‬‬
‫إن القجقد واحد‪ ،‬ويؼقلقن‪ :‬إن وجقد الؿخؾقق هق وجقد الخالؼ‪ ،‬ال يثبتقن مقجقديـ‪ :‬خؾؼ‬
‫أحدهؿا اآلخر‪ ،‬بؾ يؼقلقن‪ :‬الخالؼ هق الؿخؾقق‪ ،‬والؿخؾقق هق الخالؼ‪.‬‬
‫‪ ...‬وأما الـقع الثاين‪ :‬ففق ققل مـ يؼقل بالحؾقل واالتحاد يف معقـ‪ ،‬كالـصارى الذيـ قالقا‬
‫بذلؽ يف الؿسقح طقسك‪ ،‬والغالقة الذيـ يؼقلقن بذلؽ يف طؾل بـ أبل صالب»‪.‬‬
‫‪14‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫أو جاهؾ ضال»(‪.)1‬‬

‫أيضا ابن الؼقم‪ :‬حقث قال‪« :‬وكػر الجحقد كقطان‪ :‬كػر مطؾؼ‬
‫واختاره ً‬
‫طام‪ ،‬وكػر مؼقد خاص‪.‬‬

‫فالؿطؾؼ‪ :‬أن يجحد جؿؾة ما أكزلف اهلل‪ ،‬وإرسالف الرسقل‪.‬‬

‫فرضا مـ فروض اإلسالم‪ ،‬أو تحريؿ محرم‬


‫والخاص الؿؼقد‪ :‬أن يجحد ً‬
‫تؼديؿا‬
‫ً‬ ‫ربا أخرب اهلل بف طؿدً ا‪ ،‬أو‬
‫مـ محرماتف‪ ،‬أو صػة وصػ اهلل هبا كػسف‪ ،‬أو خ ً‬
‫لؼقل مـ خالػف طؾقف لغرض مـ األغراض‪.‬‬

‫تلويال يعذر فقف صاحبف‪ :‬فال يؽػر صاحبف‬


‫ً‬ ‫جفال‪ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫وأما جحد ذلؽ‬
‫بف‪.)2(»...‬‬

‫فليضا ال يع َّؾؼ طؾقفا الحؽؿ‪:‬‬


‫وأما كون الؿسللة من مسائل توحقد األلوهقة ً‬
‫ألكف ال يؾزم مـ كقن الؿسللة شر ًكا أن يؽقن صاحبفا مشركًا ً‬
‫شرطا‪ :‬لؿا تؼدم‪.‬‬

‫قال ابن تقؿقة‪« :‬فنكا بعد معرفة ما جاء بف الرسقل كعؾؿ بالضرورة أكف لؿ‬
‫يشرع ألمتف أن يدطق أحدً ا مـ األمقات‪ ،‬ال األكبقاء وال الصالحقـ وال غقرهؿ‪،‬‬
‫ال بؾػظ االستغاثة وال بغقرها‪ ،‬وال بؾػظ االستعاذة وال بغقرها‪ ،‬كؿا أكف لؿ يشرع‬
‫ألمتف السجقد لؿقت وال لغقر مقت‪ ،‬وكحق ذلؽ‪ ،‬بؾ كعؾؿ أكف هنك طـ كؾ هذه‬
‫األمقر‪ ،‬وأن ذلؽ مـ الشرك الذي حرمف اهلل تعالك ورسقلف‪ ،‬لؽـ لغؾبة الجفل‬

‫(‪« )1‬مدارج السالؽقـ» (‪.)593/1‬‬


‫(‪« )2‬مجؿقع الػتاوى» (‪.)367/2‬‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪15‬‬

‫وقؾة العؾؿ بآثار الرسالة يف كثقر مـ الؿتلخريـ‪ :‬لم يؽن تؽػقرهم بذلك‪ :‬حتى‬
‫يتبقن لفم ما جاء به الرسول ﷺ مؿا يخالػه‪.‬‬

‫ولفذا ما بقـت هذه الؿسللة قط لؿـ يعرف أصؾ اإلسالم إال تػطـ‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫هذا أصؾ ديـ اإلسالم»(‪.)1‬‬

‫وال أصرح من قوله ‪« :$‬قال صائػة مـ السؾػ‪ :‬يسللفؿ مـ خؾؼ‬


‫السؿقات واألرض؟ فقؼقلقن‪ :‬اهلل‪ ،‬وهؿ يعبدون غقره‪.‬‬

‫وإكؿا كاكت طبادهتؿ إياهؿ أهنؿ يدطقهنؿ‪ ،‬ويتخذوهنؿ وسائط ووسائؾ‬


‫وشػعاء لفؿ‪ ،‬فؿـ سؾؽ هذا السبقؾ ففق مشرك بحسب ما فقف مـ الشرك‪.‬‬

‫وهذا الشرك إذا قامت طؾك اإلكسان الحجة فقف ولؿ يـتف وجب قتؾف كؼتؾ‬
‫أمثالف مـ الؿشركقـ‪ ،‬ولؿ يدفـ يف مؼابر الؿسؾؿقـ‪ ،‬ولؿ يصؾ طؾقف‪.‬‬

‫جاهال لم يبؾغه العؾم‪ ،‬ولم يعرف حؼقؼة الشرك الذي قاتل‬


‫ً‬ ‫وإما إذا كان‬
‫طؾقه الـبي ﷺ الؿشركقن‪ ،‬فنكه ال يحؽم بؽػره‪ ،‬والسقؿا وقد كثر هذا الشرك يف‬
‫الؿـتسبقـ إلك اإلسالم‪ ،‬ومن اطتؼد مثل هذا قربة وصاطة فنكه ضال باتػاق‬
‫الؿسؾؿقـ‪ ،‬وهو بعد ققام الحجة كافر»(‪.)2‬‬
‫أيضا كافر إذا قامت‬
‫ومن قوله‪« :‬ومـ أثبت لغقر اهلل ما ال يؽقن إال هلل ففق ً‬
‫طؾقف الحجة التل يؽػر تاركفا»(‪.)3‬‬

‫(‪« )1‬االستغاثة» (‪.)412-411‬‬


‫(‪« )2‬جامع الؿسائؾ» (‪.)151/3‬‬
‫(‪« )3‬مجؿقع الػتاوى» (‪.)112/1‬‬
‫‪16‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫فشقخ اإلسالم ابن تقؿقة ال يػرق بقـ مسللة وأخرى‪ :‬فحتك لق وقع يف‬
‫الشرك األكرب فنكف ال يؾزم مـف طـده أن يؽقن مشركًا‪.‬‬

‫فال فرق طـده بقـ الؿسائؾ االطتؼادية أو العؿؾقة‪ ،‬وذكر أن هذا الذي طؾقف‬
‫أصحاب الـبل ﷺ وجؿاهقر أئؿة اإلسالم ‪.‬‬
‫وال يشؽل طؾى طدم التػريق ققلف ‪« :$‬مـ استغاث بؿق ٍ‬
‫ت‪ ،‬أو غائب مـ‬
‫البشر بحقث يدطقه يف الشدائد والؽربات‪ ،‬ويطؾب مـف قضاء الحقائج‪ ،‬فقؼقل‪:‬‬
‫وج ِ‬
‫قارك‪ ،‬أو يؼقل طـد هجقم العدو طؾقف‪:‬‬ ‫يا سقدي الشقخ فالن أكا يف حسبؽ ِ‬
‫ِ‬
‫وغقر‬ ‫ِ‬
‫ستقحقف و َيستغقث بف‪ ،‬أو يؼقل ذلؽ طـد مرضف وفؼره‪،‬‬ ‫يا سقدي فالن‪َ ،‬ي‬
‫ٍ‬
‫طاص هلل باتػاق الؿسؾؿقـ‪ ،‬فنهنؿ‬ ‫ذلؽ مـ حاجاتف‪ :‬فنن هذا ضال جاهؾ مشرك‬
‫ً‬
‫شقخا‬ ‫متػؼقن طؾك أن الؿقت ال ُيد َطك وال ُيط َؾب مـف شلء‪ ،‬سقاء كان كبقا أو‬
‫أو غقر ذلؽ‪.‬‬

‫ـتف‪ ،‬وجب قتؾف‬‫الشرك إذا قامت طؾك اإلكسان الحجة فقف ولؿ ي ِ‬ ‫ُ‬ ‫‪ ...‬وهذا‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫مؼابر الؿسؾؿقـ‪ ،‬ولؿ ُي َص َّؾ طؾقف‪.‬‬ ‫كؼتؾ أمثالف مـ الؿشركقـ‪ ،‬ولؿ ُيد َفـ يف‬
‫جاهال لؿ َيب ُؾغف العؾؿ‪ ،‬ولؿ َي ِ‬
‫عرف حؼقؼة الشرك الذي قاتؾ‬ ‫ً‬ ‫وأما إذا كان‬
‫طؾقف الـبل ﷺ الؿشركقـ‪ ،‬فنكف ال ُيح َؽؿ ب ُؽػ ِره‪ ،‬والسقؿا وقد َك ُثر هذا الشرك يف‬
‫ِ‬
‫باتػاق‬ ‫الؿـتسبقـ إلك اإلسالم‪ ،‬ومـ اطتؼد مثؾ هذا قربة وصاطة فنكف ضال‬
‫الؿسؾؿقـ‪ ،‬وهق بعد ققا ِم الحجة كافر»(‪.)1‬‬

‫(‪« )1‬جامع الؿسائؾ» (‪.)151-145/3‬‬


‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪17‬‬

‫ذلؽ أن ققلف‪« :‬جاهؾ مشرك» هذا حؽؿ مطؾؼ‪ ،‬وال يريد بف تـزيؾف طؾك‬
‫جاهال‪ ،‬ولؿ ُت َؼؿ طؾقف‬
‫ً‬ ‫الؿعقـ‪ ،‬ولفذا لؿا ذكر الشرك بقـ أن مـ وقع فقف إذا كان‬
‫الحجة فنكف تجري طؾقف أحؽام اإلسالم‪.‬‬

‫فنن ققل‪ :‬القققع يف الشرك األكرب هؾ يؿؽـ تصقره مـ مسؾؿ؟‬

‫ققل‪ :‬كعؿ‪ :‬بدلقل ما جاء يف حديث أبل واقد الؾقثل أهنؿ خرجقا مـ‬
‫مؽة مع رسقل اهلل ﷺ إلك حـقـ‪ ،‬قال‪ :‬وكان لؾؽػار سدرة يعؽػقن طـدها‪،‬‬
‫و ُيعؾؼقن هبا أسؾحتفؿ‪ ،‬يؼال لفا‪ :‬ذات أكقاط‪ ،‬قال‪ :‬فؿرركا بسدرة خضراء‬
‫طظقؿة‪ ،‬قال‪ :‬فؼؾـا‪ :‬يا رسقل اهلل‪ ،‬اجعؾ لـا ذات أكقاط‪ ،‬فؼال رسقل اهلل ﷺ‪:‬‬
‫«قؾتم والذي كػسي بقده كؿا قال قوم موسى‪ ﴿ :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ‬
‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ﴾ [األطراف‪ ]138 :‬إكفا السـن‪ ،‬لتركبن سـن من كان‬
‫قبؾؽم سـة سـة»(‪.)1‬‬

‫فؼد صؾبقا الشرك‪ ،‬فاستعظؿ ذلؽ الـبل ﷺ‪ ،‬وشبف صؾبفؿ بطؾب بـل‬
‫إسرائقؾ الذيـ قالقا بصريح العبارة‪ ﴿ :‬ﭟ ﭠ ﭡ﴾‪ ،‬بجامع أن يجعؾ لفؿ‬
‫ما يعبدون مـ دون اهلل‪ ،‬مع أن همالء الصحابة لؿ يػعؾقا الشرك‪.‬‬

‫وال يشؽ مسؾؿ أكف قد شاع واستػاض يف الؿسؾؿقـ أن هذه األمقر شرك‪،‬‬
‫ومع ذلؽ ُتصقر مـفؿ الجفؾ‪ ،‬واطتؼدوا أكف ال إشؽال فقف‪ ،‬وطؾؾ ذلؽ‬
‫الصحابل الجؾقؾ بؽقهنؿ حدثاء طفد بؽػر‪ ،‬أي‪ :‬كػر الجاهؾقة‪ :‬مؿا يدل طؾك‬

‫(‪ )1‬أخرجف أحؿد يف «الؿسـد» (‪( )225/36‬ح‪.)21897‬‬


‫‪18‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫كػرا أصغر‪ -‬وهؿ يف زمـ القحل‪ ،‬ورسقل اهلل ﷺ بقـ‬


‫أهنؿ لؿ يطؾبقا ما كان ً‬
‫أضفرهؿ‪ ،‬والؼرآن يـزل طؾقفؿ‪.‬‬

‫فنذا ُتصقر الجفؾ مـفؿ فؿؿـ دوهنؿ مـ باب أولك‪.‬‬

‫وإذا تصقر مؿـ كان يف طفد الـبل ﷺ فتصقره مؿـ لؿ يؽـ يف طصر‬
‫القحل مع غؾبة الجفؾ وطؾؿاء السقء مـ باب أولك‪.‬‬

‫قال الشقخ سؾقؿان بن طبد اهلل ‪« :$‬فنذا كان بعض الصحابة ضـوا ذلك‬
‫حسـًا‪ ،‬وصؾبقه مـ الـبل ﷺ حتك بقـ لفؿ أن ذلؽ كؼقل بـل إسرائقؾ‪ ﴿ :‬ﭟ‬
‫ﭠ ﭡ﴾‪ ،‬فؽقػ بغقرهؿ مع غؾبة الجفؾ وبعد العفد بآثار الـبقة؟»(‪.)1‬‬

‫وقػت طؾقه ما ذهب إلقه بعضفؿ مـ االستدالل بالػطرة‬


‫ُ‬ ‫ومن طجقب ما‬
‫طؾك طدم العذر بالجفؾ يف مسائؾ الشرك يف الدكقا‪ ،‬وأن مسائؾ التقحقد‬
‫ال يتصقر فقفا الجفؾ(‪.)2‬‬

‫(‪« )1‬تقسقر العزيز الحؿقد يف شرح كتاب التقحقد الذي هق حؼ اهلل طؾك العبقد» (‪.)149‬‬
‫(‪ )2‬ومؿـ ذهب إلك هذا صاحب كتاب‪« :‬العذر بالجفؾ تحت الؿجفر الشرطل»‪ ،‬إال أكف زاد طؾك الػطرة‬
‫العؼؾ‪ ،‬فقافؼ الؿعتزلة يف هذه الؿسللة مـ كؾ وجف يف أحؽام الدكقا‪ .‬واكظر مـف صػحة‪.)52 ،11( :‬‬
‫ؽؿت طؾك الؿشركقـ بالشرك‪ ،‬وغػؾ ‪-‬أو‬
‫ومن طجقب استدالالته‪ :‬أكف يستدل باآليات التل َح َ‬
‫تغافؾ‪ -‬أن البحث فقؿـ كطؼ بالشفادتقـ‪ ،‬ال يف الؿشرك األصؾل‪.‬‬
‫صحقحا‪ ،‬وهي قوله يف (ص‪:)41‬‬‫ً‬ ‫ولقس هذا فحسب‪ ،‬بل ادطى دطوى لم ُي ِؼم طؾقفا ً‬
‫دلقال‬
‫«السؾػ قد أجؿعقا طؾك أن مـ وقع يف الشرك ففق مشرك يف وجقد الحجة الرسالقة أو يف‬
‫غقبتفا» وهذه الدطقى ‪-‬يف ضـل‪ -‬بـاها طؾك ما اطتؼده‪ ،‬ال طؾك حؼقؼة األمر‪ ،‬ففق قد تبـك ً‬
‫ققال‪،‬‬
‫ثؿ حؽك طؾقف اإلجؿاع‪.‬‬
‫=‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪21‬‬

‫واحتجىا على كالمهم بما ًأتي‪:‬‬


‫األول‪ :‬ققلف تعالك‪﴿ :‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬

‫=‬
‫ولؿا جاء يستدل طؾى هذا الؼول‪ ،‬قال‪« :‬قال إسحاق بـ طبد الرحؿـ بـ حسـ آل الشقخ‪ :‬بؾ‬
‫أهؾ الػرتة الذيـ لؿ تبؾغفؿ الرسالة والؼرآن وماتقا طؾك الجاهؾقة ال يسؿقن مسؾؿقـ‬
‫باإلجؿاع‪.»...‬‬
‫وال أدري مـ كازع الؿصـػ يف كقهنؿ غقر مسؾؿقـ! وإكؿا البحث فقؿـ ثبت لف اإلسالم بقؼقـ‬
‫إذا وقع يف الشرك هؾ يسؿك مشر ًكا ً‬
‫شرطا أو ال؟‬
‫أما اإلجؿاع الذي حؽاه‪ ،‬فؾق أن إكسا ًكا حؽك اإلجؿاع طؾك خالفف لربؿا كان أقرب‪.‬‬
‫وقد وقع بعض الؽتاب ‪-‬كؿا يف كتاب «طارض الجفؾ» (‪ -)574‬يف مزلق خطقر‪ :‬إذ بدأ يحؽل‬
‫أققال أهؾ الؽالم ومـ تلثر هبؿ‪ :‬حتك زطؿ أن اإلجؿاع قائؿ طؾك طدم العذر يف أصقل الديـ‪،‬‬
‫مستـدً ا طؾك كالم الؼرايف يف «شرح تـؼقح الػصقل» (‪ )439‬لؿا قال‪« :‬ولذلؽ لؿ يعذره اهلل‬
‫بالجفؾ يف أصقل الديـ إجؿاطً ا»‪.‬‬
‫وخػي طؾقه أن مراد الؿتؽؾؿقن ‪-‬ومـفؿ الؼرايف‪ -‬بلصقل الديـ‪ :‬الؿسائؾ العؼدية الؼطعقة‬
‫الؿبـقة طؾك األدلة العؼؾقة‪ ،‬قال الؼرايف يف (‪« :)372‬وإذا ورد الخرب يف مسللة طؾؿقة ولقس يف‬
‫األدلة الؼطعقة ما يعضده‪ :‬رد‪ :‬ألن الظـ ال يؽػل يف الؼطعقات وإال ُقبؾ‪.‬‬
‫مسائؾ أصقل الديـ الؿطؾقب فقفا القؼقـ‪ ،‬وهق الؿؽؾػ بف فقفا طـد الجؿفقر‪ ،‬فنذا ورد ما‬
‫يػقد الظـ ويف األد لة العؼؾقة ما يؼتضل ذلؽ الؿطؾقب بعقـف حصؾ الؿؼصقد بذلؽ الؼطعل»‪.‬‬
‫ورتبوا طؾى ذلك طدم جواز التؼؾقد فقفا‪ :‬قال يف (‪« :)444-443‬وال يجقز التؼؾقد يف أصقل‬
‫الديـ لؿجتفد وال لؾعقام طـد الجؿفقر‪ ...‬وأما أصقل الديـ فؼد تؼدم حؽاية إمام الحرمقـ‬
‫يف الشامؾ أكف لؿ يخالػ يف ذلؽ َّإال الحـابؾة‪ ،‬وققل اإلسػرايـل أكف لؿ يخالػ فقف َّإال أهؾ‬
‫الظاهر‪ ،‬مع أين سللت الحـابؾة قالقا‪ :‬مشفقر مذهبـا مـع التؼؾقد‪ ،‬والغزالل يؿقؾ إلقف وجؿاطة‪،‬‬
‫وقد حؽك الؼاضل طقاض يف الشػاء ذلؽ طـ غقره»‪.‬‬
‫ففؾ أصقل الديـ طـد الؿتؽؾؿقـ هل أصقل الديـ طـد أهؾ السـة والجؿاطة؟! وهؾ ملخذ‬
‫أصقل الديـ طـد الؿتؽؾؿقـ هق ملخذ أصقل الديـ طـد أهؾ السـة والجؿاطة؟!‬
‫‪20‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬
‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ‬
‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ﴾ [األطراف‪.]173 – 172 :‬‬
‫ِ‬
‫ألهون أه ِل الـار طذا ًبا‪:‬‬ ‫الثاين‪ :‬ما جاء طـ أكس ﭬ يرفعف‪« :‬أن اهلل يؼول‬
‫لو أن لك ما يف األرض من شيء كـت تػتدي به؟ قال‪ :‬كعم‪ ،‬قال‪ :‬فؼد سللتُك ما‬
‫أهون من هذا وأكت يف ُصؾب آدم أال تشرك بي‪ ،‬فلبقت إال الشرك»(‪.)1‬‬
‫ُ‬ ‫هو‬

‫الثالث‪ :‬ما جاء طن صارق بن شفاب‪ ،‬طن سؾؿان ﭬ قال‪« :‬دخؾ ٌ‬


‫رجؾ‬
‫رجالن‬
‫مر ً‬ ‫الـار ٌ‬
‫رجؾ يف ذباب قالقا‪ :‬وكقػ ذلؽ؟ قال‪َّ :‬‬ ‫الجـ َة يف ذباب‪ ،‬ودخؾ َ‬
‫قز ُه أحدٌ حتك ُي َؼر َب لف شق ًئا‪ ،‬فؼالقا ألحدهؿا‪َ :‬قرب‪،‬‬
‫صـؿ ال َي ُج ُ‬
‫ٌ‬ ‫طؾك ققم لفؿ‬
‫قال‪ :‬لقس طـدي شلء! فؼالقا لف‪َ :‬قرب ولق ذبا ًبا! ف َؼ َّرب ذبا ًبا‪ ،‬فخؾقا سبقؾف‪،‬‬
‫قال‪ :‬فدخؾ الـار‪ ،‬وقالقا لمخر‪َ :‬قرب ولق ذبا ًبا‪ ،‬قال‪ :‬ما ُ‬
‫كـت ألقر َب ألحد‬
‫شق ًئا دون اهلل ‪ ،۵‬قال‪ :‬فضربقا طـؼف‪ ،‬قال‪ :‬فدخؾ الجـة»(‪.)2‬‬

‫والجىاب عما احتجىا به على الىحى آلاتي‪:‬‬


‫أما االستدالل بالػطرة والؿقثاق‪ :‬فؿردود من وجوه‪:‬‬

‫الوجه األول‪ :‬أن الػطرة التي ُخؾق طؾقفا اإلكسان هي‪ :‬معرفة اهلل‪ ،‬وهي التي‬
‫أخذ اهلل طؾقفا الؿقثاق‪ ،‬كؿا قال تعالك‪﴿ :‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬

‫(‪ )1‬أخرجف البخاري يف «صحقحف» كتاب أحاديث األكبقاء‪ ،‬باب‪ :‬خؾؼ آدم وذريتف (‪( )554‬ح‪.)3334‬‬
‫(‪ )2‬أخرجف أحؿد يف «الزهد» (‪.)65/1‬‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪21‬‬

‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬
‫ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ﴾ [األطراف‪.]172 :‬‬

‫فالؿقثاق هق‪ :‬إقرار هلل بربقبقتف‪ ،‬وهق مستؾزم لأللقهقة‪.‬‬

‫طن ابن طباس يف قوله‪﴿ :‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ﴾‬


‫قال‪« :‬إن اهلل خؾؼ آدم‪ ،‬ثؿ أخرج ذريتف مـ صؾبف مثؾ الذر‪ ،‬فؼال لفؿ‪ :‬مـ ربؽؿ؟‬
‫قالقا‪ :‬اهلل ربـا‪ ،‬ثؿ أطادهؿ يف صؾبف حتك يقلد كؾ مـ أخذ مقثاقف‪ ،‬ال يزاد فقفؿ‬
‫وال يـؼص مـفؿ إلك أن تؼقم الساطة»(‪.)1‬‬

‫ولفذا جؿقع بـي آدم مؼرون بالربوبقة‪ ،‬شاهدون طؾك أكػسفؿ بذلؽ‪ ،‬كؿا‬
‫قال تعالك‪﴿ :‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﮲ ﮳ ﮴ ﮵‬
‫﮶ ﮷﮸ ﮹ ﮺﮻﴾ [العـؽبقت‪.]61 :‬‬

‫وقال تعالك‪﴿ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬


‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ﴾ [العـؽبقت‪.]65 :‬‬

‫وهذا أمر ضروري لفؿ ال يـػؽ طـف مخؾقق‪ ،‬وهق ما ُخؾؼقا طؾقف ُ‬
‫وجبؾقا‬
‫طؾقف(‪.)2‬‬

‫ولقس الؿراد بالػطرة‪ :‬اإلسالم الشرطل التػصقؾل‪ :‬ألن اهلل يؼقل‪﴿ :‬ﯤ‬
‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ﴾ [الـحؾ‪ ]78 :‬لؽـ فطرتف‬

‫(‪ )1‬أخرجف ابـ أبل حاتؿ يف «التػسقر» (‪.)1614/5‬‬


‫(‪ )2‬اكظر‪« :‬درء تعارض العؼؾ والـؼؾ» (‪.)388/8‬‬
‫‪22‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫مؼتضقة لديـ اإلسالم(‪.)1‬‬

‫الوجه الثاين‪ :‬أن ما أخذه اهلل طؾك بـل آدم مـ الؿقثاق قد كسقف بـق آدم‪،‬‬
‫ولفذا أرسؾ اهلل الرسؾ‪ :‬لقذكروهؿ بذلؽ العفد‪ ،‬فؽاكت الؿماخذة طؾك ما‬
‫جاءت بف الرسؾ‪ ،‬ال طؾك العفد الذي كسقه‪ ،‬والحجة قائؿة بالرسؾ‪ ،‬ال‬
‫بالؿقثاق‪.‬‬

‫طـ أبل بـ كعب ﭬ يف ققلف ‪﴿ :۵‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬


‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ﴾ إلك ققلف تعالك‪﴿ :‬ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫ﮓﮔ﴾ [األطراف‪ ]173 ،172 :‬قال‪« :‬جؿعفؿ لف يقمئذ جؿق ًعا ما هق كائـ‬
‫أرواحا‪ ،‬ثؿ َص َّقرهؿ‪ ،‬واستـطؼفؿ‪ ،‬فتؽؾؿقا‪ ،‬وأخذ‬
‫ً‬ ‫إلك يقم الؼقامة‪ ،‬فجعؾفؿ‬
‫طؾقفؿ العفد والؿقثاق‪ ،‬وأشفدهؿ طؾك أكػسفؿ‪ ،‬ألست بربؽؿ؟ قالقا‪ :‬بؾك‬
‫شفدكا أن تؼقلقا يقم الؼقامة‪ ،‬إكا كـا طـ هذا غافؾقـ‪ ،‬أو تؼقلقا إكؿا أشرك آباؤكا‬
‫مـ قبؾ‪ ،‬وكـا ذرية مـ بعدهؿ‪ ،‬أفتفؾؽـا بؿا فعؾ الؿبطؾقن‪ ،‬قال‪ :‬فنين أشفد‬
‫طؾقؽؿ السؿقات السبع واألرضقـ السبع‪ ،‬وأشفد طؾقؽؿ أباكؿ آدم أن تؼقلقا‬
‫يقم الؼقامة لؿ كعؾؿ‪ ،‬أو تؼقلقا إكا كـا طـ هذا غافؾقـ‪ ،‬فال تشركقا بل شق ًئا‪ ،‬فنين‬
‫أرسل إلقؽم رسؾي‪ ،‬يذكروكؽم طفدي ومقثاقي‪ ،‬وأكزل طؾقؽؿ كتبل‪ ،‬فؼالقا‪:‬‬
‫ورفع لفؿ أبقهؿ آدم‬
‫كشفد أكؽ ربـا‪ ،‬وإلفـا ال رب لـا غقرك‪ ،‬وال إلف لـا غقرك‪ُ ،‬‬
‫فـظر إلقفؿ‪ ،‬فرأى فقفؿ الغـل والػؼقر‪ ،‬وحسـ الصقرة‪ ،‬وغقر ذلؽ‪ ،‬فؼال‪ :‬رب‬
‫لق سقيت بقـ طبادك‪ ،‬فؼال‪ :‬إين أحب أن أشؽر‪ ،‬ورأى فقفؿ األكبقاء مثؾ السرج‪،‬‬

‫(‪ )1‬اكظر‪« :‬درء تعارض العؼؾ والـؼؾ» (‪.)383/8‬‬


‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪23‬‬

‫وخصقا بؿقثاق آخر بالرسالة والـبقة‪ ،‬فذلؽ ققلف ‪﴿ :۵‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ‬


‫ﭕﭖﭗﭘ﴾ [األحزاب‪ ] 7 :‬اآلية ‪ .‬وهق ققلف تعالك‪﴿ :‬ﯔﯕ‬
‫ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ﴾ [الروم‪،] 33 :‬‬
‫وذلؽ ققلف‪﴿ :‬ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ﴾ [الـجؿ‪ ،] 56 :‬وققلف‪﴿ :‬﮳ ﮴‬
‫﮵ ﮶ ﮷﮸ ﮹ ﮺ ﮻ ﮼﮽﴾ [األطراف‪ ،] 132 :‬وهق‬
‫ققلف‪﴿ :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ‬
‫ﮬﮭﮮﮯﮰﮱ﮲﴾ [األطراف‪.)1(»...]131 :‬‬

‫الوجه الثالث‪ :‬يـؼضف ما جاء طـ الـبل ﷺ يف أهؾ الػرتة بالـسبة إلك‬


‫حؽؿفؿ يف اآلخرة‪ ،‬فلهؾ الػرتة ُولدوا طؾك الػطرة‪ ،‬ومع ذلؽ فنن اهلل يؿتحـفؿ‬
‫يقم الؼقامة‪ ،‬ومـفؿ مـ يدخؾ الـار‪.‬‬

‫قال رسقل اهلل ﷺ‪« :‬أربعة يحتجون يوم الؼقامة‪ :‬رجل أصم‪ ،‬ورجل‬
‫أحؿق‪ ،‬ورجل هرم‪ ،‬ورجل مات يف الػترة‪ ،‬فلما األصم‪ ،‬فقؼول‪ :‬يا رب‪ ،‬لؼد جاء‬
‫اإلسالم وما أسؿع شقئًا وأما األحؿق‪ ،‬فقؼول‪ :‬رب‪ ،‬قد جاء اإلسالم والصبقان‬
‫يحذفوكـي بالبعر‪ ،‬وأما الفرم فقؼول‪ :‬رب‪ ،‬لؼد جاء اإلسالم وما أطؼل‪ ،‬وأما‬
‫الذي مات يف الػترة فقؼول‪ :‬رب‪ ،‬ما أتاين لك رسول‪ ،‬فقلخذ مواثقؼفم َل ُقطق ُعـَّه‪،‬‬
‫رسوال أن ادخؾوا الـار‪ ،‬قال‪ :‬فوالذي كػسي بقده لو دخؾوها كاكت‬
‫ً‬ ‫فقرسل إلقفم‬
‫وسالما»(‪.)2‬‬
‫ً‬ ‫طؾقفم بر ًدا‬

‫(‪ )1‬أخرجف الحاكؿ يف «الؿستدرك» (‪ )323/2‬وقال‪« :‬هذا حديث صحقح اإلسـاد ولؿ يخرجاه»‪.‬‬
‫(‪ )2‬أخرجف ابـ حبان يف «صحقحف» (‪( )356/16‬ح‪ )7357‬طـ األسقد بـ سريع ﭬ‪.‬‬
‫=‬
‫‪24‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫أيضا‪ :‬اتػاق األئؿة طؾك أن مـ كشل يف بادية بعقدة طـ‬


‫الوجه الرابع‪ :‬يـؼضف ً‬
‫أهؾ العؾؿ‪ ،‬أو كان حديث طفد بنسالم أكف ال يؽتػك فقفؿ بالػطرة‪.‬‬

‫قال ابن تقؿقة‪« :‬ولفذا اتػؼ األئؿة طؾك أن مـ كشل ببادية بعقدة طـ أهؾ‬
‫العؾؿ واإليؿان‪ ،‬وكان حديث العفد باإلسالم‪ ،‬فلكؽر شق ًئا مـ هذه األحؽام‬
‫الظاهرة الؿتقاترة فنكف ال يحؽؿ بؽػره‪ :‬حتك يعرف ما جاء بف الرسقل»(‪.)1‬‬

‫الوجه الخامس‪ :‬أن هذا الؼقل فقف شب ٌف بؼقل الؿعتزلة الذيـ رتبقا الثقاب‬
‫والعؼاب طؾك غقر ما جاءت بف الرسؾ‪ ،‬فالحجة طـدهؿ مؼامة قبؾ إرسال‬
‫الرسؾ(‪ ،)2‬وهمالء ً‬
‫أيضا يؼقلقن‪ :‬إن الحجة مؼامة قبؾ إرسال الرسؾ‪ ،‬إال أن‬
‫الؿعتزلة جعؾقا الحجة مؼامة بالعؼؾ‪ ،‬وهمالء جعؾقا الحجة مؼامة بالػطرة‪.‬‬

‫أما استداللفم باآلية‪﴿ :‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬


‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬
‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ‬
‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ﴾ ففل محؿقلة طؾك أن اهلل يماخذهؿ بعد أن أكَّد‬

‫=‬
‫قال ابن كثقر يف «تػسقره» (‪« :)58/5‬أحاديث هذا الباب مـفا‪ :‬ما هق صحقح‪ ،‬كؿا قد كص طؾك‬
‫ذلؽ غقر واحد مـ أئؿة العؾؿاء‪ ،‬ومـفا‪ :‬ما هق حسـ‪ ،‬ومـفا‪ :‬ما هق ضعقػ يؼقى بالصحقح‬
‫والحسـ‪ ،‬وإذا كاكت أحاديث الباب القاحد متعاضدة طؾك هذا الـؿط‪ ،‬أفادت الحجة طـد‬
‫الـاضر فقفا»‪.‬‬
‫(‪« )1‬مجؿقع الػتاوى» (‪.)437/11‬‬
‫(‪ )2‬قال الزمخشري يف «الؽشاف» (‪« :)177/2‬ال طذر آلبائفؿ يف الشرك‪ ،‬وأدلة التقحقد مـصقبة لفؿ»‪.‬‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪25‬‬

‫ما أخذ طؾقفؿ مـ الؿقثاق ببعثة الرسؾ‪.‬‬

‫قال البغوي‪« :‬فال يؿؽـفؿ أن يحتجقا بؿثؾ هذا الؽالم بعد تذكقر اهلل‬
‫تعالك بلخذ الؿقثاق طؾك التقحقد»(‪.)1‬‬

‫وقال ابن الؼقم‪« :‬أكف سبحاكف أخرب أن حؽؿة هذا اإلشفاد إقامة الحجة‬
‫طؾقفؿ‪ :‬لئال يؼقلقا يقم الؼقامة إكا كـا طـ هذا غافؾقـ‪ ،‬والحجة إكؿا قامت طؾقفؿ‬
‫بالرسؾ والػطرة التل فطروا طؾقفا‪ ،‬كؿا قال تعالك‪﴿ :‬ﭾ ﭿ‬
‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ﴾ [الـساء‪.)2(»]165 :‬‬

‫وأما استداللفم بحديث أكس ﭬ‪ :‬فقجب ففؿف طؾك ضقء الـصقص‬


‫األخرى‪ ،‬طؾك صريؼة أهؾ السـة والجؿاطة يف ففؿ الـصقص بضؿ بعضفا إلك‬
‫بعض‪ :‬فنن اهلل يؼقل‪﴿ :‬ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ﴾ [اإلسراء‪.]15 :‬‬

‫فؿـ بؾغتف الحجة فنكف يماخذ بتؽذيبف لؾرسؾ وبؿا أخذ طؾقف يف الؿقثاق‪،‬‬
‫بخالف مـ لؿ تبؾغف حجة الرسؾ فنكف ال يماخذ‪.‬‬

‫قال البغوي‪« :‬فنن ققل‪ :‬كقػ تؾزم الحجة طؾك أحد ال يذكر الؿقثاق؟ ققؾ‪:‬‬
‫قد أوضح اهلل الدالئؾ طؾك وحداكقتف وصدق رسؾف فقؿا أخربوا‪ ،‬فؿـ أكؽره كان‬
‫كاقضا لؾعفد ولزمتف الحجة‪ ،‬وبـسقاهنؿ وطدم حػظفؿ ال يسؼط‬
‫ً‬ ‫معاكدً ا‬
‫االحتجاج بعد إخبار الؿخرب الصادق صاحب الؿعجزة»(‪.)3‬‬

‫(‪« )1‬تػسقر البغقي» (‪.)333/3‬‬


‫(‪« )2‬الروح» (‪.)398‬‬
‫(‪« )3‬تػسقر البغقي» (‪.)333/3‬‬
‫‪26‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫وأما استداللهم بأثس سلمان؛ فهى محمىل على أحد أمسٍن‪:‬‬


‫األول‪ :‬أن العذر باإلكراه مـ خصائص هذه األمة(‪.)1‬‬

‫الثاين‪ :‬ققلف يف الحديث « َقرب»‪ :‬فقدل طؾك أكف قصد غقر اهلل بؼؾبف‪ ،‬أو اكؼاد‬
‫فقجبت لف الـار(‪.)2‬‬

‫والجواب الثاين‪ :‬أدق‪.‬‬

‫تصور فقفا الجفل‪ :‬فؿردود من وجوه‪:‬‬


‫وأما قولفم‪ :‬إن مسائل التوحقد ال ُي َّ‬
‫كػر مـ أفاضؾ هذه األمة يف صؾب الشرك‪ ،‬ويف زمـ‬
‫الوجه األول‪ :‬قد وقع ٌ‬
‫رسقل اهلل ﷺ مؿـ هؿ حدثاء طفد بؽػر‪ ،‬كؿا جاء يف حديث أبل واقد الؾقثل‪،‬‬
‫وقد تؼدم‪.‬‬

‫فنذا تصقر الجفؾ يف مسائؾ التقحقد يف زمـ الـبل ﷺ مـ بعض أفاضؾ‬


‫األمة وكاكقا حدثاء طفد بؽػر‪ ،‬فػل غقره مـ األزمان ويف غقرهؿ مـ األشخاص‬
‫مـ باب أولك‪.‬‬

‫الوجه الثاين‪ :‬إذا ُتصقر الجفؾ يف معـك كؾؿة التقحقد مؿـ فسرها‬
‫بالربقبقة‪ ،‬وأكف ال خالؼ إال اهلل‪ ،‬كؿا طؾقف أهؾ الؽالم(‪ ،)3‬فتصقره يف مسائؾ‬

‫(‪ )1‬اكظر‪« :‬أضقاء البقان» لؾشـؼقطل‪.‬‬


‫(‪ )2‬اكظر‪« :‬قرة طققن الؿقحديـ» (‪.)132‬‬
‫(‪ )3‬قال طبد الؼاهر البغدادي‪« :‬واختؾػ أصحابـا يف معـك اإللف‪ :‬فؿـفؿ مـ قال‪ :‬إكف مشتؼ مـ‬
‫اإللفقة وهل‪ :‬قدرتف طؾك اخرتاع األطقان‪ ،‬وهق اختقار أبل الحسـ األشعري‪« .»...‬هناية‬
‫اإلقدام» (‪.)91‬‬
‫=‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪27‬‬

‫التقحقد مـ باب أولك‪.‬‬

‫الوجه الثالث‪ :‬أن الجفؾ بالتقحقد غؾب طؾك كثقر مـ الؿجتؿعات‬


‫خصقصا وأن هـاك مؿـ يـتسب إلك العؾؿ يدطق إلك الشرك‪،‬‬
‫ً‬ ‫اإلسالمقة‪،‬‬
‫و ُيؾبس طؾك الـاس بذكر األحاديث الؿؽذوبة‪ ،‬أو تجدهؿ يحؿؾقن ما صح‬
‫تبع لعؾؿائفؿ‪.‬‬
‫مـفا ما ال يحتؿؾف‪ ،‬والـاس ٌ‬
‫ومن غريب ما ُيذكر‪ :‬ما ففؿف بعضفؿ مـ أن َمـ وقع يف الشرك فنكف يسؿك‬
‫كافرا‪ ،‬وكسبف إلك شقخ اإلسالم‪.‬‬
‫مشركًا وال يسؿك ً‬
‫وهذا يرده أن شقخ اإلسالم لؿ يػرق بقـ أحؽام الؽػر والشرك يف الدكقا‪،‬‬
‫ـتف‪ ،‬وجب‬ ‫فذكر فقؿا سبؼ أن الشرك إذا قامت طؾك اإلكسان الحجة فقف ولؿ ي ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫مؼابر الؿسؾؿقـ‪ ،‬ولؿ ُي َص َّؾ طؾقف‪.‬‬ ‫قتؾف كؼتؾ أمثالف مـ الؿشركقـ‪ ،‬ولؿ ُيد َفـ يف‬

‫جاهال‪،‬‬
‫ً‬ ‫كافرا إذا كان‬
‫فدل ذلؽ طؾك أن الؿعقـ ال يسؿك مشركًا وال ً‬
‫ويعامؾ معامؾة الؿسؾؿقـ‪.‬‬

‫كؿا أكه لم يـف اإليؿان بالؽؾقة طؿن وقع يف الشرك‪ :‬حقث قال‪« :‬وكثقر‬
‫مـ الـاس يؽقن معف مـ اإليؿان باهلل وتقحقده ما يـجقف مـ طذاب اهلل‪ ،‬وهق يؼع‬
‫يف كثقر مـ هذه األكقاع وال يعؾؿ أهنا شرك‪ ،‬بؾ ال يعؾؿ أن اهلل حرمفا‪ ،‬ولؿ تبؾغف‬
‫يف ذلؽ رسالة مـ طـد اهلل‪ ،‬واهلل تعالك يؼقل‪ :‬وما كـا معذبقـ حتك كبعث‬
‫ً‬
‫رسقال‪ ،‬ففمالء يؽثرون جدا يف األمؽـة واألزمـة التل تظفر فقفا فرتة الرسالة‬

‫=‬
‫وقال البقفؼي‪« :‬اهلل‪ :‬معـاه‪ :‬مـ لف اإللفقة‪ ،‬وهل الؼدرة طؾك اخرتاع األطقان»‪« .‬االطتؼاد» (‪.)59‬‬
‫‪28‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫بؼؾة الؼائؿقـ بحجة اهلل‪ ،‬ففمالء قد يؽقن معفؿ مـ اإليؿان ما يرحؿقن بف‪ ،‬وقد‬
‫ال يعذبقن بؽثقر مؿا يعذب بف غقرهؿ مؿـ كاكت طؾقف حجة الرسالة»(‪.)1‬‬

‫وبعد هذا ال َّتطواف حول هذا األصل تبقن لـا أن مـاط الحؽم بالشرك طؾى‬
‫الؿعقن‪ :‬القققع يف الشرك مع إقامة الحجة‪.‬‬

‫(‪« )1‬جامع الرسائؾ» (‪.)293/2‬‬


‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪31‬‬

‫األصل الثالث‬
‫التؽػري املطؾق ال يؾزم منه تؽػري املعني‬

‫معنى هرا ألاصل‪:‬‬


‫إكزال الؽػر ‪-‬ويدخؾ فقف الشرك‪ -‬طؾك مسللة أو صائػة ال يؾزم مـف أن‬
‫كافرا‪ :‬وذلؽ أن الحؽؿ‬
‫يؽقن كؾ مـ قال بتؾؽ الؿسللة أو كان مـ تؾؽ الطائػة ً‬
‫قد يتخؾػ طؿـ تؾبس بالؽػر‪ :‬ألمقر معتربة يف الشرع‪.‬‬

‫والتؽػقر الؿطؾؼ يؼتضل تؽػقر الؿعقـ‪ ،‬فالؽػر الؿطؾؼ سبب لؾتؽػقر‪،‬‬


‫لؽـ البد معف مـ اجتؿاع الشروط واكتػاء الؿقاكع‪.‬‬

‫وإكزال الؽػر طؾى الؿعقن يعرف طـد األصولققن بـ«تحؼقق الؿـاط»‪.‬‬

‫فالحؽؿ الؿعؾؼ بقصػ يحتاج يف الحؽؿ طؾك الؿعقـ أن يعؾؿ ثبقت‬


‫ذلؽ القصػ فقف‪.‬‬
‫ٍ‬
‫وصػ لف شروط ومقاكع‪ ،‬فتحؼقؼ‬ ‫وقد طؾؼ الشارع الحؽؿ بالؽػر طؾك‬
‫هذا القصػ بشروصف يف الؿعقـ محؾ اجتفاد وكظر‪.‬‬
‫مؼتض‪ ،‬ال ِ‬
‫مقجب‪ ،‬ففق لقس سب ًبا‬ ‫ٍ‬ ‫سبب‬
‫ٌ‬ ‫فالؽػر الؿطؾؼ والشرك الؿطؾؼ‬
‫سبب كاقص‪ :‬ذلؽ أن وجقد القصػ وحده ال يؽػل يف إكزال‬
‫ٌ‬ ‫تاما‪ ،‬وإكؿا هق‬
‫الحؽؿ طؾقف‪ ،‬بؾ البد مع ذلؽ مـ مراطاة وجقد الشروط واكتػاء الؿقاكع‪ ،‬كؿا‬
‫‪30‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫سقليت يف االصؾ الذي بعد هذا األصؾ‪.‬‬

‫وكون الحؽم ُطؾؼ بقصػ يدل طؾك طؿقم الشريعة وشؿقلقتفا‪.‬‬

‫وهذه األصل مـ طدل اهلل ورحؿتف بالخؾؼ‪ ،‬وهق الؿقافؼ لؿؼاصد‬


‫الشريعة‪.‬‬

‫ومـاط هذا األصل‪ :‬فقؿن ثبت له طؼد اإلسالم‪ ،‬وأتك بالشفادتقـ‪ ،‬وحؼؼ‬
‫معـاها الؿجؿؾ‪ ،‬وأما مـ لؿ يثبت لف طؼد اإلسالم فنكف ال يدخؾ تحت هذا‬
‫األصؾ‪ ،‬وال يعذر بحال يف أحؽام الدكقا(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬ومـ همالء‪ :‬أهؾ الػرتة‪.‬‬


‫وأهؾ الػرتة‪ ،‬هؿ‪ :‬الذيـ كاكقا وقت اكؼطاع الرسؾ‪ ،‬كؿا قال تعالك‪﴿ :‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬
‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ﴾ [الؿائدة‪.]19 :‬‬
‫قال اآللوسي يف «روح الؿعاين يف تػسقر الؼرآن العظقم» (‪« :)274/3‬وهل طـد جؿقع الؿػسريـ‬
‫اكؼطاع ما بقـ الرسقلقـ»‪.‬‬
‫وهمالء يف الدكقا كػار‪ ،‬ويعامؾقن معامؾة الؽػار‪ ،‬وأما يف اآلخرة فقؿتحـقن‪ ،‬فاهلل ال يعذب‬
‫أحدً ا إال بعد إقامة الحجة‪.‬‬
‫قال رسقل اهلل ﷺ‪ « :‬أربعة يحتجون يوم الؼقامة‪ :‬رجل أصم‪ ،‬ورجل أحؿق‪ ،‬ورجل هرم‪،‬‬
‫ورجل مات يف الػترة‪ ،‬فلما األصم‪ ،‬فقؼول‪ :‬يا رب‪ ،‬لؼد جاء اإلسالم وما أسؿع شق ًئا‪ ،‬وأما‬
‫األحؿق فقؼول‪ :‬رب‪ ،‬قد جاء اإلسالم والصبقان يحذفوكـي بالبعر‪ ،‬وأما الفرِم فقؼول‪ :‬رب‪ ،‬لؼد‬
‫جاء اإلسالم وما أطؼل‪ ،‬وأما الذي مات يف الػترة فقؼول‪ :‬رب‪ ،‬ما أتاين لك رسول‪ ،‬فقلخذ‬
‫رسوال أن ادخؾوا الـار‪ ،‬قال‪ :‬فوالذي كػسي بقده لو دخؾوها‬
‫ً‬ ‫مواثقؼفم َل ُقطق ُعـَّه‪ ،‬فقرسل إلقفم‬
‫وسالما» أخرجف ابـ حبان يف «صحقحف» (‪( )356/16‬ح‪.)7357‬‬
‫ً‬ ‫كاكت طؾقفم بر ًدا‬
‫وقد اطتُرض طؾك االمتحان بلن أحاديث الباب ضعقػة‪ ،‬وبلن الدار اآلخرة لقست بدار‬
‫التؽؾقػ‪.‬‬
‫=‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪31‬‬

‫وأصال هرا ألاصل‪:‬‬


‫‪ -1‬أن التؽػقر العام يف الحؽؿ كالقطقد العام‪ ،‬يجب الؼقل بعؿقمف‬
‫مثال طؾك الؿسللة بلهنا كػر وشرك‪ :‬لداللة الـصقص الشرطقة‬
‫وإصالقف‪ ،‬فـحؽؿ ً‬
‫طؾك ذلؽ‪.‬‬

‫‪ -2‬الػرق بقـ الحؽؿ الؿطؾؼ والحؽؿ طؾك الؿعقـ‪ ،‬فال يؾزم مـ الحؽؿ‬
‫الؿطؾؼ الحؽؿ طؾك الؿعقـ‪ :‬ذلؽ أن الحؽؿ طؾك الؿعقـ يؼػ طؾك الدلقؾ‬
‫الؿعقـ‪.‬‬

‫ومن ألادلت على هرا ألاصل‪:‬‬


‫ققلف تعالك‪﴿ :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ﴾ [الـساء‪.]165 :‬‬

‫فؼد أخرب اهلل أن الحؽؿة مـ إرسال الرسؾ قطع الحجة طؾك الخؾؼ‪ ،‬فال‬
‫يؽقن لؾخؾؼ طذر يف الدكقا وال يف اآلخرة بعد إرسال الرسؾ‪ ،‬واآلية شامؾة‬
‫كافرا يف الدكقا إال بعد إرسال الرسؾ‪،‬‬
‫ألحؽام الدكقا واآلخرة‪ ،‬فال يسؿك الرجؾ ً‬

‫=‬
‫وقد أجاب طن هذا ابن كثقر يف «تػسقره» (‪ )58/5‬فؼال‪« :‬أحاديث هذا الباب مـفا‪ :‬ما هق‬
‫صحقح‪ ،‬كؿا قد كص طؾك ذلؽ غقر واحد مـ أئؿة العؾؿاء‪ ،‬ومـفا‪ :‬ما هق حسـ‪ ،‬ومـفا‪ :‬ما هق‬
‫ضعقػ يؼقى بالصحقح والحسـ‪ ،‬وإذا كاكت أحاديث الباب القاحد متعاضدة طؾك هذا‬
‫الـؿط‪ ،‬أفادت الحجة طـد الـاضر فقفا‪.‬‬
‫وأما ققلف‪« :‬إن اآلخرة دار جزاء»‪ :‬فال شؽ أهنا دار جزاء‪ ،‬وال يـايف التؽؾقػ يف طرصاهتا قبؾ‬
‫دخقل الجـة أو الـار»‪.‬‬
‫‪32‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫وال يعذب يف اآلخرة إال بعد إرسال الرسؾ‪.‬‬

‫وققلف تعالك‪﴿ :‬ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭﯮ﴾ [اإلسراء‪.]15 :‬‬

‫فؼد كػك اهلل تعذيب الؿعقـ إال بعد إقامة الحجة وبؾقغ الرسالة‪ ،‬وكػل‬
‫العذاب يف اآلخرة يؾزم مـف كػل أن يؽقن قد كػر يف الدكقا‪ :‬ألن اهلل ال يعذب يف‬
‫اآلخرة إال مـ تحؼؼ فقف اسؿ الذم يف الدكقا‪ ،‬ويستثـك مـ ذلؽ ما دلت طؾقف‬
‫األدلة‪ ،‬كالؿـافؼ‪.‬‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪33‬‬

‫األصل الرابع‬
‫راجعا إىل التؽذيب أو االمتناع‬
‫ً‬ ‫الؽػر األكرب ما كان‬

‫معنى هرا ألاصل‪:‬‬


‫الؽػر األكبر‪ :‬ضد أصؾ اإليؿان‪.‬‬

‫ولؿا كان الؽػر ضد اإليؿان كان ما يرجع إلقف الؽػر ضد ما يرجع إلقف‬
‫اإليؿان‪.‬‬

‫واإليؿان يرجع إلى أصؾقن‪:‬‬

‫األول‪ :‬تصديؼ الرسقل فقؿا أخرب‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬التزام صاطتف‪ ،‬واالكؼقاد إلك أمره(‪.)1‬‬

‫وضد التصديق‪ :‬التؽذيب‪ ،‬كؿا أن ضد االلتزام واالكؼقاد‪ :‬االمتـاع‪.‬‬

‫والتكرًب ًدخل فُه أمسان‪:‬‬


‫األول‪ :‬تؽذيب الؾسان فؼط‪ ،‬وهق ما يعرف بـ«الجحقد»‪ ،‬وهق‪ :‬ضد‬
‫اإلقرار‪ ،‬وال يؽقن إال مع طؾؿ الجاحد بف أكف صحقح(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬اكظر‪« :‬كتاب الصالة وحؽؿ تاركفا» (‪)41‬‬


‫(‪ )2‬اكظر‪« :‬مؼايقس الؾغة» (‪ ،)426/1‬وكتاب «الصالة وحؽؿ تاركفا» (‪.)51‬‬
‫‪34‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫الثاين‪ :‬تؽذيب الؼؾب‪.‬‬

‫وقد جؿع اهلل هذين الـوطقن يف ققلف تعالك‪﴿ :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬


‫ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ﴾ [األكعام‪.]33 :‬‬

‫فعن قتادة ‪ $‬يف قوله‪﴿ :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ﴾ قال‪:‬‬


‫«يعؾؿقن أكؽ رسقل اهلل ويجحدون»(‪.)1‬‬

‫كاتجا طـ شؽ‪ ،‬أو إباء‪ ،‬أو إطراض‪.‬‬


‫وأما االمتـاع‪ :‬فنما أن يؽقن ً‬
‫فاإلباء‪ :‬استعظام وتؽرب‪ ،‬والشؽ‪ :‬خالف القؼقـ‪ ،‬واإلطراض إذا تقلك‬
‫وأططاه ضفره‪.‬‬

‫وهذه كؾفا تثؿر االمتـاع طـ الطاطة‪ ،‬وهق‪ :‬يـايف االكؼقاد‪.‬‬

‫وأصؾ اإليؿان ال يرفعف إال أصؾ الؽػر‪ ،‬وأصؾ الؽػر يرجع إما إلك‬
‫تؽذيب الرسقل فقؿا أخرب بف‪ ،‬أو االمتـاع طـ متابعتف مع العؾؿ بصدقف‪.‬‬

‫كػرا يف‬ ‫سقاء ما كان تر ًكا أو ً‬


‫فعال‪ ،‬إال أن الػعؾ الؽػري مع كقكف ً‬
‫كػسف فنكف يعقد إلك التؽذيب أو االمتـاع‪ :‬إذ إن كػر الظاهر يستؾزم كػر الباصـ‪،‬‬
‫وهق كاشئ طـ كػر الباصـ‪.‬‬

‫والػعؾ أطؿ مـ العؿؾ‪.‬‬

‫والذي تؾبس بالؽػر لؿاكع لؿ يجتؿع فقف أصؾ اإليؿان وأصؾ الؽػر‪ :‬إذ‬

‫(‪ )1‬أخرجف ابـ أبل حاتؿ يف «التػسقر» (‪.)1283/4‬‬


‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪35‬‬

‫إهنؿا ال يجتؿعان‪ ،‬فقجقد أصؾ الؽػر رافع ألصؾ اإليؿان‪.‬‬

‫والؿعذور لؿ يقجد فقف أصؾ الؽػر‪.‬‬

‫ويشفد لفذا‪ :‬حديث الذي فقف جحد قدرة اهلل‪.‬‬

‫فؾؿا‬ ‫ِ ِ‬ ‫رج ٌل ُيسرِ ُ‬


‫ف طؾى كػسه َّ‬ ‫فعـ أبل هريرة ﭬ طـ الـبل ﷺ قال‪« :‬كان ُ‬
‫الريح‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ذروكِي يف‬
‫اصحـُوين‪ ،‬ثم ُّ‬‫ت فلحر ُقوين‪ ،‬ثم َ‬ ‫الؿوت قال لبـقه‪ :‬إذا أكا ِم ُّ‬
‫ُ‬ ‫َح َض َر ُه‬
‫فواهللِ لئن َق ِد َر طؾي ربي لقعذبـي طذا ًبا ما َط َّذ َب ُه أحدً ا‪ ،‬فؾؿا مات ُف ِع َل به ذلك‪،‬‬
‫األرض فؼال‪ :‬اجؿعي ما فقك مـه‪ ،‬ف َػ َع َؾت‪ :‬فنذا هو ٌ‬
‫قائم فؼال‪ :‬ما‬ ‫َ‬ ‫َف َلم َر اهللُ‬
‫تك حؿ َؾتـِي‪َ ،‬ف َغ َػ َر له»(‪. )1‬‬
‫رب َخش َق َ‬
‫صـعت؟ قال‪ :‬يا ِّ‬
‫َ‬ ‫حؿؾك طؾى ما‬

‫قال ابن تقؿقة‪« :‬فؾؿا كان مممـًا باهلل يف الجؿؾة‪ ،‬ومممـًا بالققم اآلخر يف‬
‫صالحا ‪-‬وهق‬
‫ً‬ ‫طؿال‬
‫الجؿؾة‪ ،‬وهق أن اهلل يثقب ويعاقب بعد الؿقت‪ ،‬وقد طؿؾ ً‬
‫خقفف مـ اهلل أن يعاقبف طؾك ذكقبف‪ -‬غػر اهلل لف بؿا كان مـف مـ اإليؿان باهلل‬
‫والققم اآلخر والعؿؾ الصالح»(‪.)2‬‬

‫محرما أو صػة من‬


‫ً‬ ‫وقال ابن الؼقم يف سقاق كالمه طؾى من جحد فر ًضا أو‬
‫تلويال يعذر فقف صاحبف‪ :‬فال‬
‫ً‬ ‫جفال‪ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫خبرا‪« :‬وأما جحد ذلؽ‬
‫صػات اهلل أو ً‬
‫يؽػر صاحبف بف‪ ،‬كحديث الذي جحد قدرة اهلل طؾقف‪ ،‬وأمر أهؾف أن يحرققه‬
‫ويذروه يف الريح‪ ،‬ومع هذا فؼد غػر اهلل لف ورحؿف لجفؾف‪ :‬إذ كان الذي فعؾف‬

‫(‪ )1‬أخرجف البخاري يف كتاب أحاديث األكبقاء‪ ،‬باب‪( :‬ص‪( )587‬ح‪ ،)3481‬ومسؾؿ يف كتاب التقبة‬
‫(‪( )1194‬ح‪.)6981‬‬
‫(‪« )2‬مجؿقع الػتاوى» (‪.)491/12‬‬
‫‪36‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫مبؾغ طؾؿف‪ ،‬ولؿ يجحد قدرة اهلل طؾك إطادتف طـا ًدا أو تؽذي ًبا»(‪.)1‬‬

‫وأما من أققؿت طؾقه الحجة ولؿ يرجع طؿا وقع فقف مـ الؽػر فنكف يؽقن‬
‫ضاهرا وباصـًا‪ ،‬وارتػع طـف أصؾ اإليؿان‪.‬‬
‫ً‬ ‫كافرا‬
‫ً‬

‫(‪« )1‬مدارج السالؽقـ» (‪.)593/1‬‬


‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪37‬‬

‫األصل اخلامس‬
‫عدل عنه إال ملؼتضى‬
‫من ثبت له أصل فال ُي َ‬
‫دلول رشعي‬

‫معنى هرا ألاصل‪:‬‬


‫األصؾ فقؿـ ثبت لف اإلسالم‪ :‬اإلسالم‪ :‬لـطؼف بالشفادتقـ‪ ،‬وإتقاكف‬
‫معتبرا شر ًطا‪ ،‬ال لغة وطادة‪:‬‬
‫ً‬ ‫بالؿعـك الؿجؿؾ‪ ،‬وال يرفع هذا األصؾ إال ما كان‬
‫ألن األصؾ إبؼاء ما كان طؾك ما كان حتك يليت الدلقؾ الذي يـؼؾف طـ األصؾ‪،‬‬
‫والؼديؿ يبؼك طؾك قدمف‪.‬‬

‫وما ثبت وجقده يف الؿاضل فنكف يستصحب‪.‬‬

‫وهذا أصل كؾي‪ ،‬قد دلت طؾقف أدلة كثقرة‪ ،‬مـفا‪:‬‬

‫ققلف تعالك‪﴿ :‬ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ‬


‫ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ﴾ [يقكس‪.]36 :‬‬

‫وإسالم الؿسؾؿ يؼقـل‪ :‬لؿا تؼدم‪ ،‬وهق األصؾ‪ ،‬بقـؿا الحؽؿ طؾقف بالؽػر‬
‫باطتبار الظاهر شؽ‪ :‬لؿا تؼدم مـ أصقل‪ ،‬والقؼقـ ال يزول بالشؽ‪ ،‬واألصؾ‬
‫ال يرفع إال بدلقؾ‪.‬‬

‫والقؼقـ يف التؽػقر ال يقصؾ إلقف إال بعد إقامة الحجة وإزالة الشبفة‪.‬‬
‫‪38‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫قال ابن طبد البر‪« :‬ومن جفة الـظر الصحقح الذي ال مدفع له‪ :‬أن كؾ مـ‬
‫ثبت لف طؼد اإلسالم يف وقت بنجؿاع مـ الؿسؾؿقـ‪ ،‬ثؿ أذكب ذك ًبا‪ ،‬أو تلول‬
‫تلويال‪ ،‬فاختؾػقا بعدُ يف خروجف مـ اإلسالم‪ ،‬لؿ يؽـ الختالففؿ بعد إجؿاطفؿ‬
‫ً‬
‫معـك يقجب حجة‪ ،‬وال يخرج مـ اإلسالم الؿتػؼ طؾقف إال باتػاق آخر‪ ،‬أو سـة‬
‫ثابتة ال معارض لفا»(‪.)1‬‬

‫يدل طؾى هذا‪ :‬ما جاء طـ أسامة بـ زيد ﭭ قال‪ :‬بعثـا رسقل اهلل ﷺ‬
‫الح َرقة مـ جفقـة‪ ،‬فصبحـا الؼقم ففزمـاهؿ‪ ،‬قال‪ :‬ولحؼت أكا ورجؾ مـ‬ ‫إلك ُ‬
‫رجال مـفؿ‪ ،‬فؾؿا ِ‬
‫غشقـاه قال‪ :‬ال إلف إال اهلل‪ ،‬قال‪ :‬فؽػ طـف األكصاري‪،‬‬ ‫األكصار ً‬
‫وصعـتف برمحل حتك قتؾتف‪ ،‬قال‪ :‬فؾؿا قدمـا بؾغ ذلؽ الـبل ﷺ فؼال لل‪:‬‬
‫«يا أسامة‪ ،‬أقتؾته بعدما قال‪ :‬ال إله إال اهلل؟»‪ .‬قال‪ :‬قؾت‪ :‬يا رسقل اهلل إكؿا‬
‫كان متعق ًذا‪ ،‬قال‪ :‬فؿا زال يؽررها طؾل حتك تؿـقت أين لؿ أكـ أسؾؿت قبؾ‬
‫ذلؽ الققم(‪.)2‬‬

‫فؼد دل هذا الحديث أن األصؾ فقؿـ كطؼ بالشفادتقـ‪ :‬اإلسالم‪ ،‬ولفذا‬


‫إكؽارا شديدً ا‪ :‬لؿا قتؾف بـاء طؾك شؽ‪.‬‬
‫ً‬ ‫أكؽر طؾقف الـبل ﷺ‬

‫(‪« )1‬التؿفقد لؿا يف الؿقصل مـ الؿعاين واألساكقد» (‪.)21/17‬‬


‫(‪ )2‬أخرجف البخاري ومسؾؿ‪.‬‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪41‬‬

‫األصل السادس‬
‫احلؽم عىل املعني بالؽػر متوقف عىل ثبوت‬
‫رشوط التؽػري واىتػاء مواىعه‬

‫معنى هرا ألاصل‪:‬‬


‫الؽػر والشرك وصػان مؼتضقان‪ ،‬ولقسا وصػقـ ِ‬
‫مقج َبقـ‪ :‬لتققػفؿا طؾك‬
‫تقفر شروط واكتػاء مقاكع‪.‬‬

‫متققػ طؾك‬
‫ٌ‬ ‫والحؽؿ طؾك شخص بعقـف مـ الؿسؾؿقـ أكف مشرك‬
‫تحؼؼ شروط فقف‪ ،‬واكتػاء مقاكع‪ ،‬ومـفا‪ :‬الجفؾ الؿعترب‪ :‬ذلؽ أن اهلل‬
‫معذور ا‪،‬‬
‫ً‬ ‫كػس ا إال وسعفا‪ :‬فؿـ لؿ يبؾغف األمر أو الـفل‪ ،‬يؽقن‬
‫ال يؽؾػ ً‬
‫وإال كُؾػ ما ال وسع لف بف‪.‬‬

‫وكؽتة هذا األصل‪ :‬أن الؽػر لؿا كان راج ًعا إلك التؽذيب واالمتـاع لؿ‬
‫يتلت ذلؽ إال لؿـ تبقـ لف الحؼ طؾك وجفف‪ ،‬ثؿ طدل طـف‪ ،‬بخالف مـ لؿ يتبقـ‬
‫َّ‬
‫لف الحؼ‪.‬‬

‫فالؿعقن الؿسؾم ال يحؽم طؾقه بالؽػر أو الشرك إال بعد توفر الشروط‬
‫واكتػاء الؿواكع‪.‬‬
‫‪40‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫والشسوط واإلاىاوع أزبعت‪:‬‬


‫األول‪ :‬إقامة الحجة ببؾقغ العؾؿ‪ ،‬وضدها طدم إقامة الحجة‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬الؼصد‪ ،‬وضده الخطل‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬الرضا واالختقار‪ ،‬وضدهؿا اإلكراه الذي هق فقؿا طدا الؼؾب‪.‬‬


‫الرابع‪ :‬طدم التلويؾ‪ ،‬وضده التلويؾ الذي ُي َ‬
‫عذر بف صاحبف‪.‬‬

‫أما ألاول فهى‪ :‬إقامت الحجت ببلىغ العلم‪ ،‬وضده عدم إقامتها‪.‬‬
‫وهق محؾ هذه الرسالة‪.‬‬

‫وقد تضؿن هذا الشرط غاية ووسقؾة‪.‬‬

‫أما الغاية ففي‪ :‬تحؼؼ العؾؿ الذي تؼقم بف الحجة طؾك الخؾؼ‪ ،‬وضدها‪:‬‬
‫الجفؾ الؿعترب‪.‬‬

‫وأما الوسقؾة ففي‪ :‬إقامة الحجة‪ ،‬وضدها‪ :‬طدم إقامتفا‪.‬‬

‫فالحجة هي‪ :‬العؾؿ‪ ،‬ووسقؾتفا‪ :‬إقامتفا‪.‬‬

‫أوال‪ :‬العؾم‪ ،‬وضده‪ :‬الجفل الؿعتبر‪.‬‬


‫ً‬
‫يشرتط يف الحؽؿ بالؽػر أو الشرك طؾك الؿسؾؿ الذي وقع يف الشرك أن‬
‫معذورا‪.‬‬
‫ً‬ ‫جفال معتربًا فنكف يؽقن‬
‫طالؿا‪ ،‬أما إذا كان يجفؾ ً‬
‫يؽقن ً‬
‫والجفل لغة‪ :‬كؼقض العؾؿ(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬اكظر‪« :‬مؼايقس الؾغة» (‪.)489/1‬‬


‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪41‬‬

‫معذورا‪ :‬ولفذا ُققد الجفؾ بالجفؾ‬


‫ً‬ ‫لؽن لقس كل جفل يؽقن الؿسؾؿ بف‬
‫الؿعترب‪ ،‬وهذا الؼقد يخرج الجفؾ غقر الؿعترب‪.‬‬

‫والجفل الؿعتبر هو‪ :‬الذي ال إطراض معف‪.‬‬

‫ً‬
‫وإطراضا فنكه ال يعذر‪.‬‬ ‫فؿن تؿؽن من العؾم ولم يتعؾم تػري ًطا‬

‫أما إذا لؿ يؽـ طـ تػريط وإطراض فنكف َ‬


‫يعذر‪.‬‬

‫قال ابن طبد البر ‪« :$‬ومـ أمؽـف التعؾؿ ولؿ يتعؾؿ َأثؿ‪ ،‬واهلل أطؾؿ»(‪.)1‬‬

‫وقال ابن تقؿقة ‪« :$‬حجة اهلل برسؾف قامت بالتؿؽـ مـ العؾؿ‪ ،‬فؾقس‬
‫مـ شرط حجة اهلل تعالك طؾؿ الؿدطقيـ هبا‪.‬‬

‫ولفذا لؿ يؽـ إطراض الؽػار طـ استؿاع الؼرآن وتدبره ماك ًعا مـ ققام‬
‫حجة اهلل تعالك طؾقفؿ‪ ،‬وكذلؽ إطراضفؿ طـ استؿاع الؿـؼقل طـ األكبقاء‬
‫الؿؽـة حاصؾة»(‪.)2‬‬
‫وقراءة اآلثار الؿلثقرة طـفؿ ال يؿـع الحجة‪ :‬إذ ُ‬
‫وقال‪« :‬الشرط أن يتؿؽـ الؿؽؾػقن مـ وصقل ذلؽ إلقفؿ‪ ،‬ثؿ إذا فرصقا‬
‫فؾؿ يسعقا يف وصقلف إلقفؿ مع ققام فاطؾف بؿا يجب طؾقف كان التػريط مـفؿ‬
‫ال مـف»(‪.)3‬‬

‫وقال ابن الؼقم‪« :‬البد يف هذا الؿؼام مـ تػصقؾ بف يزول اإلشؽال‪ ،‬وهق‬

‫(‪« )1‬التؿفقد لؿا يف الؿقصل مـ الؿعاين واألساكقد» (‪.)145/4‬‬


‫(‪« )2‬الرد طؾك الؿـطؼققـ» (‪.)143‬‬
‫(‪« )3‬مجؿقع الػتاوى» (‪.)125/28‬‬
‫‪42‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫الػرق بقـ مؼؾد تؿؽـ مـ العؾؿ ومعرفة الحؼ فلطرض طـف‪ ،‬ومؼؾد لؿ يتؿؽـ‬
‫ٌ‬
‫تارك‬ ‫مـ ذلؽ بقجف‪ ،‬والؼسؿان واقعان يف القجقد‪ ،‬فالؿتؿؽـ الؿعرض مػر ٌط‬
‫لؾقاجب طؾقف‪ ،‬ال طذر لف طـد اهلل»(‪.)1‬‬

‫وقال‪« :‬فنن حجة اهلل قامت طؾك العبد بنرسال الرسقل‪ ،‬وإكزال الؽتاب‪،‬‬
‫وبؾقغ ذلؽ إلقف‪ ،‬وتؿؽـف مـ العؾؿ بف‪ ،‬سقاء طؾؿ أم جفؾ‪ ،‬فؽؾ مـ تؿؽـ مـ‬
‫فؼصر طـف ولؿ يعرفف‪ ،‬فؼد قامت طؾقف الحجة»(‪.)2‬‬
‫معرفة ما أمر اهلل بف وهنك طـف‪َّ ،‬‬
‫وطؾى هذا‪ :‬فؿن الؿواكع‪ :‬الجفؾ الؿعترب‪ ،‬وهق‪ :‬الذي ال يؽقن طـ تػريط‬
‫وإطراض مع التؿؽـ مـ العؾؿ‪.‬‬

‫قال ابن طبد البر طـد ذكره لحديث الذي جحد قدرة اهلل‪« :‬وأما جفؾ هذا‬
‫الرجؾ الؿذكقر يف هذا الحديث بصػة مـ صػات اهلل يف طؾؿف وقدره فؾقس‬
‫ذلؽ بؿخرجف مـ اإليؿان»(‪.)3‬‬

‫وقال ابن تقؿقة‪ ...« :‬وكثقر مـ الـاس قد يـشل يف األمؽـة واألزمـة الذي‬
‫يـدرس فقفا كثقر مـ طؾقم الـبقات حتك ال يبؼك مـ ُي َبؾغ ما بعث اهلل بف رسقلف‬
‫كثقرا مؿا يبعث اهلل بف رسقلف‪ ،‬وال يؽقن هـاك‬
‫مـ الؽتاب والحؽؿة‪ :‬فال يعؾؿ ً‬
‫مـ يبؾغف ذلؽ‪ ،‬ومثؾ هذا ال يؽػر‪ ،‬ولفذا اتػؼ األئؿة طؾك أن مـ كشل ببادية‬
‫بعقدة طـ أهؾ العؾؿ واإليؿان وكان حديث العفد باإلسالم فلكؽر شق ًئا مـ هذه‬

‫(‪« )1‬صريؼ الفجرتقـ» (‪.)727‬‬


‫(‪« )2‬مدراج السالؽقـ» (‪.)399/1‬‬
‫(‪« )3‬التؿفقد لؿا يف الؿقصل مـ الؿعاين واألساكقد» (‪.)46/18‬‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪43‬‬

‫األحؽام الظاهرة الؿتقاترة فنكف ال يحؽؿ بؽػره‪ :‬حتك يعرف ما جاء بف‬
‫الرسقل»(‪.)1‬‬

‫ومؿا ُيؾحق بالجفل‪ :‬التؼؾقد الذي ال يؽقن طـ إطراض وإباء‪ ،‬فنن صاحبف‬
‫معذورا‪.‬‬
‫ً‬ ‫يؽقن‬

‫قال ابن تقؿقة يف سقاق كالمه طؾى الجفؿقة‪ ...« :‬ومع هذا فاإلمام أحؿد‬
‫رحؿف اهلل تعالك َت َّ‬
‫رحؿ طؾقفؿ‪ ،‬واستغػر لفؿ‪ :‬لعؾؿف بلهنؿ لؿـ يبقـ لفؿ أهنؿ‬
‫مؽذبقن لؾرسقل‪ ،‬وال جاحدون لؿا جاء بف‪ ،‬ولؽـ تلولقا فلخطئقا‪ ،‬وقؾدوا مـ‬
‫قال لفؿ ذلؽ»(‪.)2‬‬

‫وقال وهق يتؽؾؿ طـ أهؾ الحؾقل واالتحاد‪« :‬فؽؾ مـ كان أخرب بباصـ‬
‫كػرا وإلحا ًدا‪.‬‬
‫هذا الؿذهب‪ ،‬ووافؼفؿ طؾقف‪ ،‬كان أضفر ً‬
‫وأما الجفال الذيـ يحسـقن الظـ بؼقل همالء وال يػفؿقكف‪ ،‬ويعتؼدون‬
‫أكف مـ جـس كالم الؿشايخ العارفقـ الذيـ يتؽؾؿقن بؽالم صحقح ال يػفؿف‬
‫كثقر مـ الـاس‪ ،‬ففمالء تجد فقفؿ إسال ًما وإيؿا ًكا‪ ،‬ومتابعة لؾؽتاب والسـة‬
‫وتسؾقؿا‬
‫ً‬ ‫إقرارا لفمالء وإحسا ًكا لؾظـ هبؿ‬
‫ً‬ ‫بحسب إيؿاهنؿ التؼؾقدي‪ ،‬وتجد فقفؿ‬
‫لفؿ بحسب جفؾفؿ وضاللفؿ‪ :‬وال ُيتصقر أن يثـل طؾك همالء إال كافر مؾحد‪،‬‬
‫أو جاهؾ ضال‪.)3(»..‬‬

‫(‪« )1‬مجؿقع الػتاوى» (‪.)437/11‬‬


‫(‪« )2‬مجؿقع الػتاوى» (‪.)349/23‬‬
‫(‪« )3‬مجؿقع الػتاوى» (‪.)367/2‬‬
‫‪44‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫وقال ابن الؼقم‪« :‬البد يف هذا الؿؼام مـ تػصقؾ يزول بف اإلشؽال‪ ،‬وهق‪:‬‬
‫الػرق بقـ مؼؾد تؿؽـ مـ العؾؿ ومعرفة الحؼ فلطرض طـف‪ ،‬ومؼؾد لؿ يتؿؽـ‬
‫مـ ذلؽ بقجف‪ ،‬والؼسؿان واقعان يف القجقد‪ ،‬فالؿتؿؽـ الؿعرض مػرط تارك‬
‫لؾقاجب طؾقف ال طذر لف طـد اهلل‪.)1(»...‬‬

‫ثاهُا‪ :‬إقامت الحجت‪ ،‬وضدها‪ :‬عدم إقامتها‪.‬‬


‫ققام الحجة شرط يف الحؽؿ طؾك الؿعقـ بالؽػر‪.‬‬

‫والؿراد بالحجة‪ :‬الحجة الشرطقة‪ ،‬فتتـاول كصقص الؽتاب والسـة ‪-‬‬


‫أيضا اإلجؿاع‪.‬‬
‫متقاترة وآحا ًدا‪ ،-‬وتتـاول ً‬

‫يدل طؾقه‪ :‬ققلف تعالك‪﴿ :‬ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ﴾ [اإلسراء‪.]15 :‬‬

‫وققلف تعالك‪﴿ :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬


‫ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ﴾ [الـساء‪.]165 :‬‬

‫وققلف تعالك‪﴿ :‬ﮭﮮ ﮯﮰ ﮱ ﮲﮳﮴ ﮵﮶﮷﮸﮹ ﮺‬


‫﮻﮼﮽﮾﮿﯀﯁﯂﯃﯄﯅﯆﯇﯈ ﯉﴾ [الؿؾؽ‪.]9 ،8 :‬‬

‫قال أبو الؿظػر السؿعاين(‪« :)2‬فلقام الحجة طؾقفؿ ببعثة الرسؾ‪ ،‬فؾق كاكت‬

‫(‪« )1‬صريؼ الفجرتقـ» (‪.)727‬‬


‫تعصب ألهؾ الحديث والسـة‬
‫(‪ )2‬هق مـصقر بـ محؿد بـ طبد الجبار السؿعاين أبق الؿظػر‪َّ ،‬‬
‫والجؿاطة وكان شق ًكا يف أطقـ الؿخالػقـ‪ ،‬رجحة ألهؾ السـة‪ .‬ولد‪426( :‬هـ) تقيف‪489( :‬هـ)‬
‫اكظر‪« :‬سقر أطالم الـبالء» (‪.)119-1143/19‬‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪45‬‬

‫الحجة الزمة بـػس العؼؾ لؿ تؽـ بعثة الرسؾ شر ًصا لقجقب العؼقبة»(‪.)1‬‬

‫وقال ابن تقؿقة‪« :‬ومـ أكؽر ما ثبت بالتقاتر واإلجؿاع ففق كافر بعد ققام‬
‫الحجة طؾقف»(‪.)2‬‬

‫وقال يف معرض كالمه طؾى االستغاثة‪« :‬ومـ أثبت لغقر اهلل ما ال يؽقن إال‬
‫أيضا كافر إذا قامت طؾقف الحجة التل يؽػر تاركفا»(‪.)3‬‬
‫هلل ففق ً‬

‫وهاهـا سمال‪ :‬هؾ يشرتط يف إقامة الحجة ففؿفا أو يؽػل مجرد البؾقغ؟‬

‫والجواب‪ :‬حصؾ كزاع يف هذه الؿسللة‪ ،‬بعد اتػاقفؿ طؾك أن مـ ذهب طـف‬
‫معذورا مطؾ ًؼا بؾغف الـص أو لؿ يبؾغف‪.‬‬
‫ً‬ ‫طؼؾف فنكف يؽقن‬

‫ومحصل الخالف فقفا يرجع إلى قولقن‪:‬‬

‫متققػ طؾك ففؿف لفا‪ ،‬واختاره ابـ‬


‫ٌ‬ ‫الؼول األول‪ :‬ققام الحجة طؾك الؿعقـ‬
‫حزم‪ ،‬وابـ تقؿقة‪.‬‬

‫قال ابن حزم‪« :‬وصػة ققام الحجة طؾقف هق‪ :‬أن تبؾغف فال يؽقن طـده شلء‬
‫يؼاومفا»(‪.)4‬‬

‫فاشترط يف البؾوغ أال يؽقن طـده شلء يؼاومفا‪ ،‬وهذا يدل طؾك‬

‫(‪ )1‬ذكره التقؿل يف «الحجة يف بقان الؿحجة» (‪.)343/1‬‬


‫(‪« )2‬االستغاثة» (‪.)197‬‬
‫(‪« )3‬االستغاثة» (‪.)232‬‬
‫(‪« )4‬اإلحؽام يف أصقل األحؽام» (‪.)74/1‬‬
‫‪46‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫اشرتاصف الػفؿ‪.‬‬

‫وقال ابن تقؿقة‪« :‬وهؽذا األققال التل يؽػر قائؾفا‪ ،‬قد يؽقن الرجؾ لؿ‬
‫تبؾغف الـصقص الؿقجبة لؿعرفة الحؼ‪ ،‬وقد تؽقن طـده ولؿ تثبت طـده‪ ،‬أو لم‬
‫يتؿؽن من ففؿفا‪ ،‬وقد يؽقن قد طرضت لف شبفات يعذره اهلل هبا‪ ،‬فؿـ كان مـ‬
‫الؿممـقـ مجتفدً ا يف صؾب الحؼ وأخطل فنن اهلل يغػر لف خطله كائـًا ما كان‪ ،‬سقاء‬
‫كان يف الؿسائؾ الـظرية‪ ،‬أو العؿؾقة ‪.‬‬

‫هذا الذي طؾقه أصحاب الـبي ﷺ‪ ،‬وجؿاهقر أئؿة اإلسالم»(‪.)1‬‬

‫وقال‪« :‬ولقس كؾ ما قالف رسقل اهلل ﷺ يعؾؿف كؾ الـاس ويػفؿقكف‪ ،‬بؾ‬


‫كثقرا مـف‪ ،‬وكثقر مـفؿ قد يشتبف طؾقف ما أراده‪ ،‬وإن كان كالمف‬
‫كثقر مـفؿ لؿ يسؿع ً‬
‫محؽؿا مؼرو ًكا بؿا يبقـ مراده»(‪.)2‬‬
‫ً‬ ‫يف كػسف‬

‫الؼول الثاين‪ :‬يؽػل مجرد بؾقغ الحجة يف الؿسائؾ الظاهرة‪ ،‬دون الؿسائؾ‬
‫الخػقة(‪.)3‬‬

‫واحتجوا طؾى ذلك‪ :‬بؼقلف تعالك‪﴿ :‬ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬


‫ﮄﮅ﴾ [الؿائدة‪.]92 :‬‬

‫وققلف تعالك‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬

‫(‪« )1‬مجؿقع الػتاوى» (‪.)346/23‬‬


‫(‪« )2‬درء تعارض العؼؾ والـؼؾ» (‪.)277/1‬‬
‫(‪ )3‬اكظر‪« :‬طارض الجفؾ وأثره طؾك أحؽام االطتؼاد طـد أهؾ السـة والجؿاطة» (‪.)176‬‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪47‬‬

‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ﴾ [األكعام‪.]19 :‬‬

‫طن ابن طباس ﭬ قال‪« :‬ققلف‪﴿ :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬


‫ﭥﭦ﴾ يعـل‪ :‬أهؾ مؽة‪﴿ ،‬ﭤ ﭥﭦ﴾ يعـل‪ :‬ومـ بؾغف هذا الؼرآن‪ ،‬ففق لف‬
‫كذير»(‪.)1‬‬
‫ُ‬
‫الؼرآن ففق داعٍ‪ ،‬وهق كذير‪ .‬ثؿ قرأ‪:‬‬ ‫وكان مجاهد يؼول‪« :‬حقثؿا يليت‬
‫﴿ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ﴾»(‪.)2‬‬

‫وال تـايف بقن الؼولقن‪ :‬إذا أريد بالبؾقغ‪ :‬بؾوغ مخصوص‪ ،‬فؿا احتج بف‬
‫أصحاب الؼقل الثاين حؼ‪ ،‬يف اشرتاط البؾقغ‪ ،‬ولؽـ هذا البؾقغ ال يػفؿ مـف‬
‫مجرد وصقل الؾػظ لؾؿخا َصب مـ غقر ٍ‬
‫ففؿ مـف لؾؿراد‪ :‬إذ إن ففؿ مراد الؿتؽؾؿ‬
‫شرط يف التؽؾقػ‪.‬‬

‫ولفذا ققده بعض العؾؿاء بالبؾوغ الؿعتبر‪.‬‬

‫قال الشقخ طبد الؾطقف بن طبد الرحؿن بن حسن يف بقان طؼقدة جده‬
‫الشقخ محؿد‪« :‬فنكف ال يؽػر إال بؿا أجؿع الؿسؾقن طؾك تؽػقر فاطؾف مـ الشرك‬
‫األكرب‪ ،‬والؽػر بآيات اهلل ورسؾف أو بشلء مـفا‪ ،‬بعد ققام الحجة وبؾقغفا‬
‫الؿعترب‪.)3(»...‬‬

‫(‪ )1‬أخرجف الطربي يف «التػسقر» (‪.)237/5‬‬


‫(‪ )2‬أخرجف الطربي يف «التػسقر» (‪.)237/5‬‬
‫(‪« )3‬مجؿقطة الرسائؾ والؿسائؾ الـجدية» (‪.)5/3‬‬
‫‪48‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫فالبؾوغ الؿعتبر هو‪ :‬الػفؿ‪.‬‬

‫والؿراد بالػفم‪ :‬ففؿ مراد الؿتؽؾؿ‪ ،‬وتصقره‪ ،‬ومعرفة الؿؼصقد مـ‬


‫الخطاب‪.‬‬

‫وال يشرتط أن يعرف أكف الحؼ‪.‬‬

‫قال الشقخ طبد الؾطقف بن طبد الرحؿن بن حسن‪« :‬وإكؿا يشرتط ففؿ‬
‫الؿراد‪ ،‬لؾؿتؽؾؿ والؿؼصقد مـ الخطاب‪ ،‬ال أكف حؼ‪ :‬فذاك صقر ثان»(‪.)1‬‬

‫ولقس الؿراد بالػفم‪ :‬الػفؿ الدققؼ الذي طؾقف أبق بؽر وطؿر‪ ،‬وإكؿا الؿراد‬
‫بالػفم‪ :‬الػفؿ الجؾل‪ ،‬كػفؿ أبل جفؾ‪ ،‬وغقره مـ الؿشركقـ‪.‬‬

‫قال الشقخ حؿد بن معؿر ‪« :$‬ولقس الؿراد بؼقام الحجة أن يػفؿفا‬


‫ففؿا جؾقا‪ ،‬كؿا يػفؿفا مـ هداه اهلل ووفؼف واكؼاد ألمره‪ :‬فنن الؽػار قد‬
‫اإلكسان ً‬
‫قامت طؾقفؿ حجة اهلل‪ ،‬مع إخباره بلكف جعؾ طؾك قؾقهبؿ أكـة أن يػفؿقا‬
‫كالمف»(‪.)2‬‬

‫وقد طؾق الشقخ محؿد رشقد رضا طؾى كالم الشقخ حؿد‪ ،‬فؼال ‪:$‬‬
‫«هذا الؼقد الذي ققد بف الشقخ الػفؿ هـا قد أزال الؾبس الذي يتبادر إلك الذهـ‬
‫مـ بعض إصالقاتف يف مقاضع أخرى‪ ،‬واتبعف فقفا بعض طؾؿاء كجد‪ ،‬فصار‬
‫بعضفؿ يؼقل‪ :‬بلن الحجة تؼقم طؾك الـاس ببؾقغ الؼرآن وإن لؿ يػفؿف مـ بؾغف‬

‫(‪« )1‬مصباح الظالم يف الرد طؾك مـ كذب الشقخ اإلمام» (‪.)236/1‬‬


‫(‪« )2‬مجؿقطة الرسائؾ والؿسائؾ الـجدية» (‪.)638/5‬‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪51‬‬

‫مطؾ ًؼا‪ ،‬وهذا ال ُيع َؼؾ‪ ،‬وال يتػؼ مع ققلف تعالك‪﴿ :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ﴾ [الـساء‪ ] 115 :‬اآلية‪ .‬الذي بـك طؾقف الؿحؼؼقن ققلفؿ‪ :‬إن ففؿ‬
‫الدطقة بدلقؾفا شرط لؼقام الحجة‪ ،‬وقد طؾؿـا مـ هذا الؼقد أن الػفؿ الذي‬
‫ال يشرتصف الشقخ هق‪ :‬فؼف كصقص الؼرآن الؿمثر يف الـػس الحامؾ لفا طؾك ترك‬
‫الباصؾ‪ ،‬كؿا يػؼففا مـ اهتدى هبا‪ ،‬فػفؿ التػؼف يف الحؼقؼة أخص مـ ففؿ‬
‫الؿعـك الؾغقي‪.)1(»...‬‬

‫فتؾخص مؿا سبق أن اشتراط الػفم الؿعتبر شرط يف ققام الحجة‪.‬‬

‫ويدل طؾى اشتراط الػفم‪ :‬ققلف تعالك‪﴿ :‬ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‬


‫ﮌﮍ﴾ [الـحؾ‪.]82 :‬‬

‫فؼقد البالغ بؽقكف مبقـًا‪.‬‬

‫والؿراد بالؿبقن‪ :‬ما يبقـ لؾسامع حتك يػفؿف‪ ،‬قال الطربي يف تػسقر اآلية‪:‬‬
‫«ويعـل بؼقلف‪﴿ :‬ﮌ﴾ الذي يبقـ لؿـ سؿعف حتك يػفؿف»(‪.)2‬‬

‫مع أن من أهل العؾم مـ يرى طدم اشرتاط الػفؿ مطؾ ًؼا(‪.)3‬‬

‫(‪« )1‬مجؿقطة الرسائؾ والؿسائؾ الـجدية» (‪.)638/5‬‬


‫(‪« )2‬تػسقر الطربي» (‪.)192/8‬‬
‫(‪ )3‬قال الشقخ محؿد رشقد رضا يف تعؾقؼه طؾى «مجؿوطة الرسائل والؿسائل الـجدية» (‪:)515/5‬‬
‫«وقد اختؾػ فقفا كبار طؾؿاء كجد الؿعاصريـ يف مجؾس اإلمام طبد العزيز بـ فقصؾ آل سعقد‬
‫الؿؾؽ بؿؽة الؿؽرمة‪ ،‬فؽاكت الحجة لؾشقخ طبد اهلل بـ بؾقفد بلن العربة بػفؿ الحجة‪،‬‬
‫ال بؿجرد بؾقغفا ‪.»...‬‬
‫‪50‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫قال الشقخ طبد اهلل أبا بطقن‪« :‬وال طذر لؿـ كان حالف هؽذا‪ ،‬بؽقكف لؿ‬
‫يػفؿ حجج اهلل وبقـاتف‪ :‬ألكف ال طذر لف بعد بؾقغفا‪ ،‬وإن لؿ يػفؿفا»(‪.)1‬‬
‫وهذا مخالف لؿا دلت طؾقف الـصقص‪ ،‬ولؿا تؼدم مـ أققال أهؾ العؾؿ‪.‬‬

‫ثم إن ما ال تتم إقامة الحجة إال به من الػفم ففق مشروط يف إقامة الحجة‪:‬‬
‫فنن اهلل مـ حؽؿتف ورحؿتف أن جعؾ األمر والـفل مـق َصقـ بالػفؿ‪ ،‬فؿـ لؿ‬
‫معذورا‪.‬‬
‫ً‬ ‫يتؿؽـ مـ الػفؿ فنكف يؽقن‬

‫زد طؾى ذلك‪ :‬أن الؿؼصقد مـ خطاب اهلل‪ :‬إففام السامع‪ ،‬فنذا لؿ يتؿؽـ‬
‫مـ الػفؿ لؿ يتعؾؼ بف الخطاب‪.‬‬

‫قال ابن الؼقم‪« :‬لؿا كان الؿؼصقد بالخطاب‪ :‬داللة السامع‪ ،‬وإففامف مراد‬
‫الؿتؽؾؿ بؽالمف‪ ،‬وتبققـف لف ما يف كػسف مـ الؿعاين‪ ،‬وداللتف طؾقفا بلقرب الطرق‪،‬‬
‫كان ذلؽ مققق ًفا طؾك أمريـ‪:‬‬

‫األول‪ :‬بقان الؿتؽؾؿ‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬تؿؽـ السامع مـ الػفؿ‪.‬‬

‫فنن لؿ يحصؾ البقان مـ الؿتؽؾؿ‪ ،‬أو حصؾ لف ولؿ يتؿؽـ السامع مـ‬
‫الػفؿ لؿ يحصؾ مراد الؿتؽؾؿ‪ :‬فنذا بقـ الؿتؽؾؿ مراده باأللػاظ الدالة طؾك‬
‫مراده ولؿ يعؾؿ السامع معـك تؾؽ األلػاظ لؿ يحصؾ لف البقان‪ ،‬فالبد مـ تؿؽـ‬

‫(‪« )1‬الدرر السـقة يف األجقبة الـجدية» (‪.)366/13‬‬


‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪51‬‬

‫السامع مـ الػفؿ‪ ،‬وحصقل اإلففام مـ الؿتؽؾؿ»(‪.)1‬‬

‫وإقامة الحجة ال تتم إال بنزالة الشبفة التل يعذر هبا صاحبفا‪.‬‬

‫فاهؿا‬
‫ً‬ ‫فالبد يف إقامة الحجة مـ ففؿفا وإزالة الشبفة‪ :‬ألكف قد يؽقن‬
‫متصقرا لف لؽـ ُو ِجد معارض يعارضف(‪.)2‬‬
‫ً‬ ‫لؾخطاب‬

‫وضابط الشبفة التي يعذر بفا‪ :‬ما كان لفا وجف طـد أهؾ العؾؿ‪ ،‬كؿا سقليت‬
‫يف الشرط الرابع وهق‪ :‬التلويؾ‪.‬‬

‫وأما الشسط الثاوي فهى‪ :‬القصد‪ ،‬وضده الخطأ‪.‬‬


‫والؼصد يف كالم العرب‪ :‬االطتزام والتقجف والـفقد والـفقض كحق‬
‫الشلء(‪.)3‬‬

‫وهو مبـي طؾك العؾؿ‪ ،‬فؽؾ مـ طؾؿ ما يػعؾف باختقاره فالبد أن يؼصده(‪.)4‬‬

‫والتؾػظ بغقر قصد ال يرتتب طؾقف حؽؿ‪.‬‬

‫قال ابن تقؿقة‪« :‬كؾ لػظ بغقر قصد مـ الؿتؽؾؿ‪ :‬لسفق وسبؼ لسان‪،‬‬
‫أو طدم طؼؾ‪ ،‬فنكف ال يرتتب طؾقف حؽؿ»(‪.)5‬‬

‫(‪« )1‬مصباح الظالم يف الرد طؾك مـ كذب الشقخ اإلمام» (‪.)236/1‬‬


‫(‪ )2‬اكظر‪« :‬مجؿقع الػتاوى» (‪.)466/12‬‬
‫(‪ )3‬اكظر‪« :‬لسان العرب» (‪ )3643/5‬مادة قصد‪.‬‬
‫(‪ )4‬اكظر‪« :‬اإلخـائقة» (‪.)152‬‬
‫(‪« )5‬الػتاوى الؽربى» (‪.)234/4‬‬
‫‪52‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫معذورا‪ :‬إذ‬
‫ً‬ ‫فؾو جرى الؾػظ طؾى الؾسان مـ غقر قصد‪ ،‬فنن صاحبف يؽقن‬
‫البد مـ اجتؿاع الؼصد مع الؼقل أو العؿؾ‪.‬‬

‫قال ابن الؼقم ‪« :$‬فنياك أن هتؿؾ قصد الؿتؽؾؿ وكقتف وطرفف‪ ،‬فتجـل‬
‫طؾقف وطؾك الشريعة‪ ،‬وتـسب إلقفا ما هل بريئة مـف‪.)1(»..‬‬

‫والؼصد الذي يشترط يف التؽػقر‪ :‬أن يؽقن الؿسؾؿ قاصدً ا لؾؿعـك‬


‫الؽػري‪ ،‬ال قاصدً ا لؾؽػر‪.‬‬

‫كػر بذلؽ‪،‬‬
‫كػر َ‬
‫قال شقخ اإلسالم‪« :‬وبالجؿؾة‪ :‬فؿـ قال أو فعؾ ما هق ٌ‬
‫الؽػر أحدٌ إال ما شاء اهلل»(‪.)2‬‬
‫َ‬ ‫كافرا‪ :‬إذ ال يؽاد يؼصد‬
‫وإن لؿ يؼصد أن يؽقن ً‬
‫ومن األدلة طؾى اطتبار الؼصد‪:‬‬

‫فرحا‬
‫ما جاء طـ أكس بـ مالؽ ﭬ قال‪ :‬قال رسقل اهلل ﷺ‪« :‬هلل أشد ً‬
‫بتوبة طبده حقن يتوب إلقه‪ ،‬من أحدكم كان طؾى راحؾته بلرض فالة‪ ،‬فاكػؾتت‬
‫مـه‪ ،‬وطؾقفا صعامه وشرابه‪َ ،‬‬
‫فليِ َس مـفا‪ ،‬فلتى شجرة‪ ،‬فاضطجع يف ضؾفا‪ ،‬قد أيس‬
‫من راحؾته‪ ،‬فبقـا هو كذلك إذ هو بفا قائؿة طـده‪ ،‬فلخذ بخطامفا‪ ،‬ثم قال من‬
‫شدة الػرح‪ :‬الؾفم أكت طبدي وأكا ربك‪ ،‬أخطل من شدة الػرح»(‪.)3‬‬

‫فؾؿ يماخذه اهلل سبحاكف‪ :‬لعدم قصده‪ ،‬مع أن ققلف‪ :‬كػر‪ ،‬فدل ذلؽ طؾك‬
‫اطتبار الؼصد‪.‬‬

‫(‪« )1‬إطالم الؿققعقـ» طـ رب العالؿقـ (‪.)433/4‬‬


‫(‪« )2‬الصارم الؿسؾقل» (‪.)339/2‬‬
‫(‪ )3‬أخرجف مسؾؿ يف «صحقحف»‪ ،‬وقد تؼدم‪.‬‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪53‬‬

‫وكظقر شدة الػرح‪ :‬شدة الغضب‪.‬‬

‫والعبرة يف التؽػقر طؾى الؿؼاصد والـقات مع األقوال واألفعال‪ ،‬فالبد أن‬


‫يؽقن قاصدً ا لألققال واألفعال مريدً ا لؿقجباهتا‪ ،‬وما يف الؿؼاصد والـقات‬
‫ال يقصؾ إلقف إال بعد ققام الحجة‪.‬‬

‫قال ابن الؼقم‪« :‬وهذا الذي قؾـاه مـ اطتبار الـقات والؿؼاصد يف األلػاظ‪،‬‬
‫وأهنا ال تؾزم هبا أحؽامفا حتك يؽقن الؿتؽؾؿ هبا قاصدً ا لفا مريدً ا لؿقجباهتا‪،‬‬
‫كؿا أكف البد أن يؽقن قاصدً ا لؾتؽؾؿ بالؾػظ مريدً ا لف‪ ،‬فالبد مـ إرادتقـ‪:‬‬

‫اختقارا‪.‬‬
‫ً‬ ‫إرادة التؽؾؿ بالؾػظ‬

‫وإرادة مقجبف ومؼتضاه‪ ،‬بؾ إرادة الؿعـك آكد مـ إرادة الؾػظ‪ :‬فنكف‬
‫الؿؼصقد والؾػظ وسقؾة‪ ،‬هو‪ :‬قول أئؿة الػتوى من طؾؿاء اإلسالم»(‪.)1‬‬

‫وقال‪« :‬وقاطدة الشريعة التي ال يجوز هدمفا‪ :‬أن الؿؼاصد واالطتؼادات‬


‫معتربة يف التصرفات والعبارات‪ ،‬كؿا هل معتربه يف التؼربات والعبادات»(‪.)2‬‬

‫وقال‪« :‬وقد تؼدم أن الذي قال لؿا وجد راحؾتف‪« :‬الؾفم أكت طبدي وأكا‬
‫ربك أخطل من شدة الػرح»(‪ :)3‬لؿ يؽػر بذلؽ وإن أتك بصريح الؽػر‪ :‬لؽقكف لؿ‬
‫يرده‪ ،‬والؿؽره طؾك كؾؿة الؽػر أتك بصريح كؾؿتف ولؿ يؽػر لعدم إرادتف‪،‬‬

‫(‪« )1‬إطالم الؿققعقـ» (‪.)447/4‬‬


‫(‪« )2‬إطالم الؿققعقـ» (‪.)499/4‬‬
‫(‪ )3‬أخرجف مسؾؿ يف «صحقحف» كتاب التقبة‪ ،‬باب‪ :‬يف الحض طؾك التقبة والػرح هبا (ص‪)1191‬‬
‫(ح‪.)2747‬‬
‫‪54‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫ً‬
‫هازال‪ :‬ألكف‬ ‫بخالف الؿستفزئ والفازل‪ :‬فنكف يؾزمف الطالق والؽػر وإن كان‬
‫طذرا لف‪ ،‬بخالف الؿؽره والؿخطئ‬
‫قاصد لؾتؽؾؿ بالؾػظ‪ ،‬وهزلف ال يؽقن ً‬
‫والـاسل فنكف معذور ملمقر بؿا يؼقلف أو ملذون لف فقف‪ ،‬والفازل غقر ملذون لف يف‬
‫الفزل بؽؾؿة الؽػر والعؼقد‪ ،‬ففق متؽؾؿ بالؾػظ مريد لف ولؿ يصرفف طـ معـاه‬
‫طذرا صار ًفا‪،‬‬
‫إكراه وال خطل وال كسقان وال جفؾ‪ ،‬والفزل لؿ يجعؾف اهلل ورسقلف ً‬
‫بؾ صاحبف أحؼ بالعؼقبة‪ ،‬أال ترى أن اهلل تعالك طذر الؿؽره يف تؽؾؿف بؽؾؿة‬
‫الؽػر إذا كان قؾبف مطؿئـا باإليؿان ولؿ يعذر الفازل‪ ،‬بؾ قال‪﴿ :‬ﮃ‬
‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬
‫ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ﴾ [التقبة‪.)1(»]66 - 65 :‬‬

‫وهـا أكبه‪ :‬أن التؽػقر شلء‪ ،‬والؽػر شلء آخر‪ ،‬فؼد يؼع الؿسؾؿ يف كػر‬
‫كػرا‪ ،‬لؽـ ال يؼع طؾقف التؽػقر إال بعد ققام الحجة‪.‬‬
‫طؿؾل‪ ،‬ويسؿك فعؾف ً‬
‫فؾقس الؽالم طـ أن الؽػر ال يؽقن إال بالؿؼاصد والـقات‪ ،‬ففذا لقس مـ‬
‫مذهب السؾػ‪.‬‬

‫ضاهرا فنن ذلؽ مستؾزم لؽػر الباصـ‪.‬‬


‫ً‬ ‫ومـ كػر‬
‫ٌ‬
‫فػرق بقـ الؿسللتقـ‪.‬‬

‫وأما الؿخطئ فؼد جاوز الصقاب وتعداه(‪.)2‬‬

‫(‪« )1‬إطالم الؿققعقـ» (‪.)449-448/4‬‬


‫(‪ )2‬اكظر‪« :‬مؼايقس الؾغة» (‪.)198/2‬‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪55‬‬

‫والخطل ال يؽون باطثه الجفل‪ ،‬وإكؿا يؽقن باطثف االجتفاد‪ ،‬ولفذا طػا اهلل‬
‫طـ صاحبف‪.‬‬

‫قال تعالك‪﴿ :‬ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ﴾ [البؼرة‪.]286 :‬‬

‫وطـ أبل هريرة قال‪ :‬قال رسقل اهلل ﷺ‪« :‬إذا حؽم الحاكم فاجتفد‬
‫فلصاب‪ ،‬فؾه أجران‪ ،‬وإذا حؽم فلخطل‪ ،‬فؾه أجر واحد»(‪.)1‬‬

‫فؼد دلت األدلة طؾك أن الخطل طذر‪ ،‬وذلؽ شامؾ لجؿقع مسائؾ الديـ يف‬
‫العؼائد وغقرها‪.‬‬

‫قال ابن تقؿقة‪« :‬وإين أقرر أن اهلل قد غػر لفذه األمة خطلها‪ :‬وذلؽ يعؿ‬
‫الخطل يف الؿسائؾ الخربية الؼقلقة‪ ،‬والؿسائؾ العؿؾقة»(‪.)2‬‬

‫وقال‪« :‬فنن السؾػ أخطل كثقر مـفؿ يف كثقر مـ هذه الؿسائؾ‪ ،‬واتػؼقا‬
‫طؾك طدم التؽػقر بذلؽ‪ ،‬مثؾ‪ :‬ما أكؽر بعض الصحابة أن يؽقن الؿقت يسؿع‬
‫كداء الحل‪ ،‬وأكؽر بعضفؿ أن يؽقن الؿعراج يؼظة‪ ،‬وأكؽر بعضفؿ رؤية محؿد‬
‫ربف‪ ،‬ولبعضفؿ يف الخالفة والتػضقؾ كالم معروف‪ ،‬وكذلؽ لبعضفؿ يف قتال‬
‫بعض ولعـ بعض وإصالق تؽػقر بعض أققال معروفة‪.)3(»...‬‬

‫(‪ )1‬أخرجف البخاري يف «صحقحف» كتاب االطتصام بالؽتاب والسـة‪ ،‬باب‪ :‬أجر الحاكؿ إذا اجتفد‬
‫فلصاب (‪( )1264‬ح‪ ،)7352‬ومسؾؿ يف «صحقحف» كتاب األقضقة‪ ،‬باب‪ :‬بقان أجر الحاكؿ إذا‬
‫اجتفد (‪( )761‬ح‪.)1716‬‬
‫(‪« )2‬مجؿقع الػتاوى» (‪.)229/3‬‬
‫(‪« )3‬مجؿقع الػتاوى» (‪.)492/12‬‬
‫‪56‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫وأما الشسط الثالث فهى‪ :‬السضا والاختُاز‪ ،‬وضدهما ؤلاكساه الري هى فُما‬
‫عدا القلب‪.‬‬
‫ٍ‬
‫راض مختار ففق قاصد‪.‬‬ ‫وقد يدخؾ يف شرط الؼصد مـ جفة أن كؾ‬

‫كارها(‪.)1‬‬
‫واإلكراه‪ :‬أن ُتؽ َّؾػ الشلء‪ :‬فتعؿؾف ً‬
‫وطرفه ابن حجر بـ‪ :‬إلزام الغقر بؿا ال يريده(‪.)2‬‬

‫واإلكراه طذر يف مسائؾ العؼقدة وغقرها‪ :‬الكتػاء الؼدرة واالختقار‪.‬‬

‫يدل طؾقه‪ :‬ققلف تعالك‪﴿ :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬


‫ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ﴾ [الـحؾ‪.]136 :‬‬

‫ويشترط يف كون اإلكراه طذرا يف الؽػر‪ :‬أن يؽقن الؼؾب مطؿئـا باإليؿان‪،‬‬
‫كافرا‪ :‬ألن ما يف الؼؾب أمر باصـ ال يطؾع‬
‫أما لق اكشرح صدره بالؽػر فنكف يؽقن ً‬
‫طؾقف أحد‪ :‬فال يؿؽـ اإلكراه طؾقف‪.‬‬

‫واإلكراه طذر معتبر سقاء كان يف الؼقل أو الػعؾ‪ ،‬وهق ققل أكثر‬
‫العؾؿاء(‪.)3‬‬

‫يدل طؾقه‪ :‬طؿقم اآلية ﴿ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬


‫ﮆ ﮇ ﮈ﴾ فؼد بقـ أن الؿؽره ال يؽػر‪ ،‬وهق شامؾ لؿـ أكره‬

‫(‪ )1‬اكظر‪« :‬مؼايقس الؾغة» (‪.)172/5‬‬


‫(‪« )2‬فتح الباري» (‪.)311/12‬‬
‫(‪ )3‬اكظر‪« :‬مجؿقع الػتاوى» (‪.)373/1‬‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪57‬‬

‫طؾك ققل أو فعؾ‪ ،‬وال مخصص لفا‪.‬‬

‫وأما السابع فهى‪ :‬عدم التأوٍل‪ ،‬وضده التأوٍل الري ٌعرز به صاحبه‪.‬‬
‫وضابط التلويل الذي يعذر به صاحبه‪ ،‬هو‪ :‬ما كان لف وجف يحتؿؾف‪ ،‬وهق‬
‫سائغ يف لغة العرب(‪.)1‬‬

‫ويف الجؿؾة‪ :‬التلويؾ الذي يرجع إلك التؽذيب واالمتـاع‪ :‬فنن صاحبف‬
‫معذورا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ال يؽقن فقف‬

‫فالتلويل بؼقده طذر‪.‬‬

‫أما ما ال وجه له‪ ،‬كؿا لق رجع إلك اإلقرار الؿجؿؾ لؾشفادتقـ بالـؼض‪،‬‬
‫ففذا ال يعذر فقف صاحبف‪.‬‬

‫قال الشافعي‪« :‬فؾؿ كعؾؿ أحدً ا مـ سؾػ هذه األمة ُيؼتدى بف وال مـ‬
‫التابعقـ بعدهؿ رد شفادة أحد بتلويؾ‪ ،‬وإن خطله وضؾؾف ورآه استحؾ فقف ما حرم‬
‫طؾقف‪ ،‬وال رد شفادة أحد بشلء مـ التلويؾ كان لف وجف يحتؿؾف‪ ،‬وإن بؾغ فقف‬
‫استحالل الدم والؿال أو الؿػرط مـ الؼقل‪ :‬وذلؽ أكا وجدكا الدماء أطظؿ ما‬
‫يعصك اهلل تعالك هبا بعد الشرك‪ ،‬ووجدكا متلولقـ يستحؾقهنا بقجقه‪ ،‬وقد رغب‬
‫لفؿ كظراؤهؿ طـفا وخالػقهؿ فقفا ولؿ يردوا شفادهتؿ بؿا رأوا مـ خالففؿ‪ ،‬فؽؾ‬
‫مستحؾ بتلويؾ مـ ققل أو غقره فشفادتف ماضقة ال ترد مـ خطل»(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬اكظر‪« :‬فتح الباري» (‪.)334/12‬‬


‫(‪« )2‬األم» لؾشافعل (‪)539/7‬‬
‫‪58‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫طذرا‪ :‬ما جاء طـ أسامة بـ زيد يف قتؾ مـ‬


‫ويشفد لؽون التلويل الؿعتبر ً‬
‫كطؼ بالشفادتقـ‪ ،‬وقد تؼدم‪.‬‬

‫فؼد طذره الـبل ﷺ‪ :‬لتلولف‪.‬‬

‫فسئِؾ طـ‬
‫وأيضا‪ :‬ما جاء طن صارق بن شفاب‪ ،‬قال‪« :‬كـت طـد طؾل ﭬ ُ‬
‫أهؾ الـفر(‪ )1‬أمشركقن هؿ؟ قال‪ :‬مـ الشرك فروا‪ ،‬ققؾ‪ :‬فؿـافؼقن هؿ؟ قال‪ :‬إن‬
‫قؾقال‪ ،‬ققؾ لف‪ :‬فؿا هؿ؟ قال‪ :‬ققم بغقا طؾقـا»(‪.)2‬‬
‫الؿـافؼقـ ال يذكرون اهلل إال ً‬

‫وقال ابن قدامة‪« :‬وقد ُطرف مـ مذهب الخقارج تؽػقر كثقر مـ‬
‫الصحابة‪ ،‬ومـ بعدهؿ‪ ،‬واستحالل دمائفؿ‪ ،‬وأمقالفؿ‪ ،‬واطتؼادهؿ التؼرب‬
‫بؼتؾفؿ إلك رهبؿ‪ ،‬ومع هذا لؿ يحؽؿ الػؼفاء بؽػرهؿ‪ :‬لتلويؾفؿ‪.‬‬

‫وكذلؽ يخرج يف كؾ محرم استحؾ بتلويؾ مثؾ هذا»(‪.)3‬‬

‫والؿتلمل يف الشروط األربعة الؿذكورة ساب ًؼا يجد أكفا ترجع إلى أصل‬
‫وهو‪ :‬أن ذلؽ الؿعقـ الذي تخؾػت فقف الشروط ووجدت فقف الؿقاكع لؿ يتحؼؼ‬
‫فقف تؽذيب الرسقل فقؿا أخرب بف‪ ،‬أو االمتـاع طـ متابعتف مع العؾؿ بصدقف‪.‬‬

‫ومؿا يـبغي أن يعؾم‪ :‬أكف يؿؽـ إرجاع الشروط كؾفا إلك شرط واحد وهق‪:‬‬
‫ققام الحجة‪.‬‬

‫مختارا‪.‬‬
‫ً‬ ‫طالؿا قاصدً ا‬
‫فؿـ أققؿت طؾقف الحجة البد أن يؽقن ً‬

‫(‪ )1‬أي‪ :‬الخقارج‪.‬‬


‫(‪ )2‬أخرجف ابـ أبل شقبة يف «مصـػف» (‪)563/7‬‬
‫(‪« )3‬الؿغـل» (‪.)12/9‬‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪61‬‬

‫ً‬
‫متلوال‪.‬‬ ‫جاهال أو مخط ًئا‪ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫ومـ لؿ تؼؿ طؾقف الحجة فالبد أن يؽقن‬

‫فنن ققل‪ :‬هؾ الؼدرة شرط مـ شروط التؽػقر؟‬

‫أيضا باإلكراه‪.‬‬
‫ققل‪ :‬الؼدرة لفا تعؾؼ بالجفؾ‪ ،‬ولفا تعؾؼ ً‬

‫معذورا‪.‬‬
‫ً‬ ‫أما تعؾؼفا بالجفل‪ ،‬فػل صقرة مـ طجز طـ العؾؿ‪ ،‬فنكف يؽقن‬

‫وأما تعؾؼفا باإلكراه‪ ،‬فػل صقرة العجز طـ العؿؾ‪ ،‬فؿـ طجز طـ اإلتقان‬
‫معذورا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ببعض اإليؿان‪ ،‬فنكف يؽقن‬

‫قال ابن تقؿقة‪« :‬والحجة طؾك العباد إكؿا تؼقم بشقئقـ‪ :‬بشرط التؿؽـ مـ‬
‫العؾؿ بؿا أكزل اهلل‪ ،‬والؼدرة طؾك العؿؾ بف‪ ،‬فلما العاجز طـ العؾؿ كالؿجـقن‪،‬‬
‫أو العاجز طـ العؿؾ‪ ،‬فال أمر طؾقف وال هنل‪ ،‬وإذا اكؼطع العؾؿ ببعض الديـ‪،‬‬
‫أو حصؾ العجز طـ بعضف‪ ،‬كان ذلؽ يف حؼ العاجز طـ العؾؿ أو العؿؾ بؼقلف‪،‬‬
‫مثال‪ ،‬وهذه‬
‫كؿـ اكؼطع طـ العؾؿ بجؿقع الديـ‪ ،‬أو طجز طـ جؿقعف كالؿجـقن ً‬
‫أوقات الػرتات‪.)1(»...‬‬

‫ومن األمثؾة‪ :‬ما جاء طـ أبل هريرة ﭬ‪ ،‬قال‪ :‬كعك لـا رسقل اهلل ﷺ‬
‫الـجاشل صاحب الحبشة‪ ،‬يقم الذي مات فقف‪ ،‬فؼال‪« :‬استغػروا ألخقؽم»(‪.)2‬‬

‫قال ابن تقؿقة‪« :‬وكثقر مـ شرائع اإلسالم أو أكثرها لؿ يؽـ دخؾ فقفا‪:‬‬

‫(‪« )1‬مجؿقع الػتاوى» (‪.)59/23‬‬


‫(‪ )2‬أخرجف البخاري يف «صحقحف» كتاب الجـائز‪ ،‬باب‪ :‬الصالة طؾك الجـائز بالؿصؾك والؿسجد‬
‫(‪( )212‬ح‪.)1327‬‬
‫‪60‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫لعجزه طـ ذلؽ‪ ،‬فؾؿ يفاجر‪ ،‬ولؿ يجاهد‪ ،‬وال حج البقت‪ ،‬بؾ قد روي أكف لؿ‬
‫يصؾ الصؾقات الخؿس‪ ،‬وال يصقم شفر رمضان‪ ،‬وال يمد الزكاة الشرطقة‪ :‬ألن‬
‫ذلؽ كان يظفر طـد ققمف فقـؽروكف طؾقف وهق ال يؿؽـف مخالػتفؿ‪.‬‬

‫وكحـ كعؾؿ قط ًعا أكف لؿ يؽـ يؿؽـف أن يحؽؿ بقـفؿ بحؽؿ الؼرآن‪ ،‬واهلل قد‬
‫فرض طؾك كبقف بالؿديـة أكف إذا جاءه أهؾ الؽتاب لؿ يحؽؿ بقـفؿ إال بؿا أكزل‬
‫اهلل إلقف وحذره أن يػتـقه طـ بعض ما أكزل اهلل إلقف‪.)1(»...‬‬
‫ُّ‬
‫ًضاد ؤلاًمان من كل وجه‪ ،‬كسب هللا‪،‬‬ ‫وهىا أهبه على‪ :‬أن الفعل الري‬
‫والاستهزاء به جل وعال‪ ،‬وهحى ذلك؛ الشسوط اإلاعتبرة فُه هي‪:‬‬
‫‪ -1‬الؼصد‪.‬‬

‫‪ -2‬العؾؿ بؿعـك ما يؼقل‪.‬‬

‫‪ -3‬االختقار‪.‬‬

‫دون بؼقة الشروط‪.‬‬

‫قال ابن تقؿقة‪« :‬ولفذا كاكت األققال يف الشرع ال تعترب إال مـ طاقؾ يعؾؿ‬
‫ما يؼقل ويؼصده»(‪.)2‬‬

‫ضاهرا وباصـًا‪.‬‬
‫ً‬ ‫فؿتك تقفرت فقف هذه الشروط وكطؼ بؽؾؿة الؽػر فنكف يؽػر‬

‫ولق زطؿ أكف يػعؾ هذه األشقاء مع كقكف مممـًا بؼؾبف‪ ،‬ففق كاذب‪ :‬لؾتالزم‬

‫(‪« )1‬مجؿقع الػتاوى» (‪.)218/19‬‬


‫(‪« )2‬مجؿقع الػتاوى» (‪.)115/14‬‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪61‬‬

‫بقـ الظاهر والباصـ‪.‬‬

‫كػرا مـ األطؿال الظاهرة‪ :‬كالسجقد لألوثان‪،‬‬


‫قال ابن تقؿقة‪« :‬وما كان ً‬
‫وسب الرسقل‪ ،‬وكحق ذلؽ‪ ،‬فنكؿا ذلؽ لؽقكف مستؾز ًما لؽػر الباصـ‪ ،‬وإال فؾق‬
‫قدر أكف سجد قدام وثـ‪ ،‬ولؿ يؼصد بؼؾبف السجقد لف‪ ،‬بؾ قصد السجقد هلل بؼؾبف‪،‬‬
‫كػرا‪ ،‬وقد يباح ذلؽ إذا كان بقـ مشركقـ يخاففؿ طؾك كػسف‪،‬‬‫لؿ يؽـ ذلؽ ً‬
‫فققافؼفؿ يف الػعؾ الظاهر ويؼصد بؼؾبف السجقد هلل»(‪.)1‬‬

‫هذا ما أردت بقاكف‪ :‬تجؾقة لفذه الؿسللة‪ ،‬وبقا ًكا لفا‪ ،‬وإرجا ًطا لفا إلك‬
‫كؾقاهتا‪ ،‬ومـ حرم األصقل حرم القصقل‪.‬‬

‫وصؾك اهلل طؾك كبقـا محؿد وطؾك آلف وصحبف وسؾؿ‪.‬‬

‫(‪« )1‬مجؿقع الػتاوى» (‪ )123/14‬واكظر‪« :‬الصارم الؿسؾقل» (‪.)969-966/3( )731/3‬‬


‫‪62‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫الفهزس‬
‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪63‬‬
‫‪64‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫فهرس املوضوعات‬

‫الؿؼدمة‪5 .................................................................‬‬

‫األصؾ األول الؿرجع يف تـزيؾ حؽؿ الشرك طؾك الؿعقـ‪ :‬الشرع‪ ،‬ال الؾغة ‪9 ..‬‬

‫األصؾ الثاين العربة بتحؼؼ القصػ الؿـاسب الؿمثر يف الشخص ال بالـظر‬


‫إلك كقع الؿسللة وققهتا ‪12 ................................................‬‬

‫األصؾ الثالث التؽػقر الؿطؾؼ ال يؾزم مـف تؽػقر الؿعقـ ‪43 ................‬‬

‫األصؾ الرابع الؽػر األكرب ما كان راج ًعا إلك التؽذيب أو االمتـاع ‪44 .......‬‬

‫األصؾ الخامس مـ ثبت لف أصؾ فال ُيعدَ ل طـف إال لؿؼتضك دلقؾ شرطل ‪48..‬‬

‫األصؾ السادس الحؽؿ طؾك الؿعقـ بالؽػر متققػ طؾك ثبقت شروط‬
‫التؽػقر واكتػاء مقاكعف ‪53...................................................‬‬

‫ففرس الؿقضقطات ‪75 ...................................................‬‬


‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪65‬‬

‫من إصدارات املًلف‬

‫أوال‪ :‬ما ًتعلق بمجمل العقُدة‪:‬‬

‫‪ -‬دروس مفؿة لعامة األمة يف العؼقدة‪.‬‬

‫‪ -‬ققاطد باب االطتؼاد‪.‬‬

‫ثاهُا‪ :‬ما ًتعلق باإلًمان باهلل‪:‬‬

‫‪ -‬تحرير الؼقاطد الؿتعؾؼة بلحؽام زيارة الؼبقر والؿشاهد‪.‬‬

‫‪ -‬حؽؿ الصالة يف الؿؼربة لغقر قصد التعظقؿ‪.‬‬

‫‪ -‬أسئؾة مفؿة متعؾؼة بالشرك األصغر والجقاب طـفا‪.‬‬

‫‪ -‬الؼقاطد والضقابط السؾػقة يف أسؿاء وصػات رب الربية‪.‬‬

‫‪ -‬مقافؼة ابـ تقؿقة ألئؿة السؾػ يف تؼرير الؼقاطد والضقابط الؿتعؾؼة‬


‫بباب األسؿاء والصػات‪.‬‬

‫‪ -‬شرح ققاطد األسؿاء والصػات‪.‬‬

‫‪ -‬شرح ضقابط الصػات‪.‬‬


‫‪66‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫‪ -‬تحؼقؼ معـك الصقرة يف ققلف ﷺ‪« :‬خؾق اهلل آد َم طؾى صورته»‪.‬‬

‫‪ -‬أثر اإليؿان بصػات اهلل يف سؾقك العبد‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬ما ًتعلق ببقُت أزكان ؤلاًمان‪:‬‬

‫‪ -‬حؼقؼة الؿالئؽة‪.‬‬

‫‪ -‬اإليؿان بالؽتب بقـ إثبات السؾػ وتعطقؾ أهؾ الؽالم‪.‬‬

‫الؿ َباحث العؼدية الؿتعؾؼة باإليؿان بالرسؾ‪.‬‬


‫‪َ -‬‬

‫‪ -‬اإليؿان بؿا بعد الؿقت (مسائؾ ودالئؾ)‪.‬‬

‫‪ -‬ققاطد أهؾ األثر يف اإليؿان بالؼدر‪.‬‬

‫زابعا‪ :‬ما ًتعلق باألسماء وألاحكام‪:‬‬

‫‪ -‬مقافؼة شقخ اإلسالم ابـ تقؿقة لسؾػ األمة وأئؿتفا يف تؼرير الؼقاطد‬
‫الؿتعؾؼة بباب األسؿاء واألحؽام (رسالة دكتقراه)‪.‬‬

‫‪ -‬األصقل الجامعة التل ترجع إلقفا مسللة الحؽؿ بغقر ما أكزل اهلل‪.‬‬

‫‪ -‬األصقل التل ترجع إلقفا مسللة العذر بالجفؾ‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬ما ًتعلق بالدفاع عن مرهب السلف‪ ،‬وشسوح ما كتبىه‪:‬‬

‫‪ -‬فصؾ الؿؼال يف وجقب اتباع السؾػ الؽرام‪.‬‬


‫األصول اليت تزجع إليها‬ ‫‪67‬‬

‫‪ -‬حؽؿ الذكر الجؿاطل طـد أئؿة السؾػ‪.‬‬

‫‪ -‬تبصقر الخؾػ بضابط األصقل التل مـ خالػفا خرج طـ مـفج‬


‫لسؾػ‪.‬‬
‫ا َّ‬
‫‪ -‬تبصقر ذوي العؼقل بحؼقؼة مذهب األشاطرة يف االستدالل بؽالم اهلل‬
‫والرسقل ﷺ‪.‬‬

‫‪ -‬براءة أئؿة السؾػ مـ التػقيض يف صػات اهلل‪.‬‬

‫‪ -‬األجقبة السـقة طؾك افرتاءات األشعري سعقد فقدة يف كؼض التدمرية‪.‬‬

‫‪ -‬شرح مؼدمة ابـ أبل زيد الؼقرواين‪.‬‬

‫‪ -‬التعؾقؼات السـقة طؾك مؼدمة ابـ طاشر االطتؼادية األشعرية‪ ،‬وهق‬


‫أيضا طؾك العؼقدة السـقسقة الصغرى «أم الرباهقـ»‪.‬‬
‫تعؾقؼ ً‬

‫سادسا‪ :‬ما ًتعلق بأصىل الفقه‪:‬‬


‫‪ -‬دروس يف أصقل الػؼف لؾؿبتدئقـ‪.‬‬

‫‪ -‬متـ يف أصقل الػؼف طؾك اطتؼاد أئؿة السؾػ‪.‬‬

‫‪ -‬الؼقاطد األصقلقة التل ُتبـَك طؾقفا ثؿرة طؿؾقة‪.‬‬

‫‪ -‬شرح القرقات يف أصقل الػؼف (مع التـبقف طؾك الؿسائؾ الؽالمقة)‪.‬‬

‫‪ -‬شرح مـفاج القصقل إلك طؾؿ األصقل لؾبقضاوي (مع التـبقف طؾك‬
‫الؿسائؾ الؽالمقة)‪.‬‬
‫‪68‬‬ ‫مسألـة العذر باجلـهـل‬

‫‪-‬أهؿقة دراسة أصقل الػؼف الؿبـل طؾك هدي السؾػ الصالح‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬ما ًتعلق بمقاصد الشسَعت‪:‬‬

‫‪ -‬مؼاصد الشريعة طؾك ضقء اطتؼاد أئؿة السؾػ‪.‬‬


‫ً‬
‫ثامنا‪ :‬ما يتعلق باللغة‪:‬‬

‫‪ -‬الؿجاز يف ُل َغة العرب (قضقة خقالقة ذهـقة)‪.‬‬

‫خالصا لوجفك الؽريم‬


‫ً‬ ‫الؾفم اجعل ذلك‬
‫واكػع به الؿسؾؿقن‬

You might also like