Professional Documents
Culture Documents
إعجاز القرآن في توجيه السلوك الإنساني
إعجاز القرآن في توجيه السلوك الإنساني
المقدمة:
تتجلّى عظمة اإلعجاز القرآني والنبوي في خلق االنسان في أحسن تقويم خلقاً يصدر
عنه السلوك المنّوع الذي يتعامل به مع الحياة ،ويشيد حضارتها من خالل سلوكه مع ربه
ومع نفسه ومع أسرته ،ومع أمته ،ومع الناس أجمعين.
رب
هذا السلوك المعجز البناء نابع من عاملي الوراثة والبيئة ،وهو خاضع إلرادة ّ
العالمين.
إن هذا السلوك اإلنساني من (قول وفعل) ،ثمرة عوامل ثالثة:
أولها :الفطرة التي فطر الناس عليها ،وهي واحدة للجنس اإلنساني ﱹﯔ
ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ
ﯧ ﱸ الروم ،٣٠ :مع االعتراف بالفروق الفردية التي تشير اليها اآلية الكريمة
ﱹﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﱸ اإلسراء ،٨٤ :أي على ما شاكلها الله من هذه الفروق
الفردية ،ولوالها لما تنوعت االختصاصات والمواهب ،ولجمدت الحياة ،علما أن
هذه الفروق موروثة عن األبوين أو الطفرة الوراثية التي أودعها الخالق العليم في
الجينات الموروثة الكامنة في الكروموسومات الذكرية واألنثوية ،بمجموع ( )46التي
تميز الجنس اإلنساني عمن سواه.
وثانيها :البيئة ،ابتداء ببيئة الجنين في الرحم ،ثم بيئة الطفل مع أمه في مرحلتي
الفصال والحضانة ،ثم بيئة األسرة -األبوين واإلخوة واألخوات واألقارب والجيران
واألصدقاء ،وبيئة الرياض والمدارس والكليات ،وبيئة المجتمع -بغثّه وسمينه ،وبيئة
اإلعالم ووسائله المنوعة من كتب ومجالت وصحف وإذاعة وتلفاز وكمبيوتر وإنترنت -
بمحاسنه وسيئاته ،وجميع البيئات المؤثرة في السلوك من سياسة واقتصاد وعواطف ،بما
تشمل أطوار النمو جميعها( :الطفولة والمراهقة والشباب والكهولة والشيخوخة) ﱹﭧ
ﭨ ﭩ ﭪ ﱸ نوح ،١٤ :ليكتمل بهذه األطوار (المراحل) خلق اإلنسان الكريم.
وثالثها :اإلرادة اإللهية الحكيمة ،في تسيير الكون وإخضاعه ألمره ،وهي إرادته
التي تحكم توجيه اإلنسان من خالل قوانين الوراثه (الفطرة) التي تتجاوب مع قانونه
45
اجمللة العاملية لبحوث القرآن
ومنهاج حياته ،الذي أنزله في كتابه الكريم وسنة رسوله المربي ،كما نزلت به جميع األنبياء
من قبله ليسير البشر بنهجه بما ينسجم مع طبيعة الخلق ،إذ هو الخالق الهادي ﱹﮓ
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﱸ يوسف ،٤٠ :وهذا الدين هو الفطرة
ﱹﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﱸ الشعراء ،٧٨ :وإنما هديه ضمان للحياة السعيدة المستقرة
الكريمة ورفضه شقاء وعذاب في الدارين ﱹﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ
ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﱸ طه ،١٢٣ :أي ال يضل عقله وال تشقى نفسه ،ففيه سالمة العقل
وسعادة النفس.
ﱹﯶ ﯷ ﯸ ﯹ أما القضاء والقدر فهو الذي يمثل إرادة الله ،التي تحكم
ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﱸ الرعد ،٤١ :وهو خير من الله للمؤمن وجزاء عدل
للمنافق ،ومن غير إكراه لله على أمر .هذا وإن الدعاء الصادر من القلب الخاشع ليصطرع
مع القدر بين السماء واالرض ويغلب الدعاء القدر رحمة من الله بعباده الصادقين ،كما
في الحديث الصحيح.
أهمية البحث :تبرز أهمية البحث في االلتجاء إلى الله ،واستيعاب منهاجه
الحياتي ،ودقة العمل به ،واستحضار رقابته في كل حين ،والمحاسبه المستمرة
واإلحسان في خدمة الناس ،والتحلل من جميع ألوان العصبيات وسورات الغضب...،
وكلها ثمرة منهاج الله ﱹﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﱸ
األنفال ،٢٤ :الذي يظهر حكمة الله في خلق اإلنسان نفسه المتجاوب مع هديه ،بما
يزرع الفهم الخاطئ في إلقاء المالمة على الله في انحرافات اإلنسان السلوكية ،وإعذار
اإلنسان نفسه من تبعة هذا االنحراف ،بما يؤدي إلى استمراره في الضالل واالحتالل،
وهو أخطر مايواجه البشرية اليوم.
ثم إن أهمية البحث تظهر الصحة النفسية للمؤمن المستسلم إلى منهاج الله وقدره
ﱹﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﱸ األنعام .٧١ :كذلك فإن هذا البحث يوضح اإلعجاز
القرآني في الجمع بين الوراثه والبيئة وحكمة الله في الخلق بإطار علمي منطقي متماسك،
ندر من أحسن التوفيق بين هذه العوامل الثالثة في سلوك اإلنسان.
منهج البحث وإشكالياته :سلكت في كتابة هذا البحث المنهج النظري من خالل
دراسة النصوص القرآنية والنبوية الصحيحة ،وتحليلها الدقيق ،إذ هو المنهج اإللهي الذي
سنه للمؤمنين ولجميع البشر كما استأنست برأي العلماء والدارسين في ميدان السلوك
اإلنساني ،وإن هذا المنهج مقبول لدى كل مؤمن ملتزم ،ال إشكاليات فيه.
46
اإلعجاز القرآين يف توجيه السلوك اإلنساين
الدراسات السابقة :لم أجد في الدراسات القديمة والحديثة من تناول هذا الموضوع
بهذا الشمول والتناسق بين الوراثة والبيئة واإلرادة اإللهية الحكيمة ،ولكن الحديث عن
القضاء والقدر وأثره في السلوك تناولته كتب العقيدة والتصوف النقي ،كل من زاويته
الخاصة ،أما الجمع بين محاور البحث الثالثة وأثرها في السلوك ،فلم أقرأ كتابا فيه ،كما
لم أسمع بكتاب في هذا المجال ،غير أن جل اعتمادي في البحث هو (كتاب الله
وهدي رسوله) ،وتحليلي لنصوصهما ،والربط بينهما بما انتهى إلى استكماله ،مع رجوعي
إلى بعض المصادر الثانوية ،والمذكورة في المصادر والمراجع ،لذا فإني أعد هذا البحث
في هذا الشمول بحثا أصيال غير مسبوق إليه ،والفضل لكتاب الله وهدي رسوله .i
المبحث األول
اإلعجاز في أثر العوامل الوراثية الفطرية في السلوك اإلنساني
خصوصا.
ً للعوامل الوراثية الفطرية آثارها في سلوك اإلنسان ،عموماً ،وعلى فروقه الفردية
أما أثر الوراثة في إنسانية اإلنسان النوعية فهي التي تميزه عن غيره من الحيوان في
تركيبه وخصائصه التي تمثل (النوع اإلنساني) ،والذي يتمثل بعدد الكروموسومات ()46
المشتركة فيه ،كما يشترك بمحاوره الخمسة المعروفة (الروح ،النفس ،العقل ،القلب،
الجسد) التي تركب شخصيته ،ويشترك النوع اإلنساني بخصائص هذه المحاور ووظائفها
وأعمالها ،كما يشترك بخصائص الحياة االجتماعية ،والقيم اإلنسانية ،والمشاعر،
والسلوك اإلنساني العام ،ودوافعه.
إنها جميعاً تمثل أثر العوامل الوراثية الفطرية التي تخلّد اإلنسان في بيان نوعه بين
سائر المخلوقات ،ومن خالل هذه العوامل الفطرية للجنس اإلنساني ،يخاطب القرآن
الكريم( :يا أيها اإلنسان) ،و(يا أيها الناس) في عشرات من نصوصه ،تنبيهاً للجنس
اإلنساني إلى ما ركب فيه من فطرة مودعة في كيانه تستجيب لهذا النداء الرباني.
وباستقصاء دقيق لنصوص هذا النداء ،تستبين لنا خصائص الفطرة اإلنسانية النوعية
فيها ،لذا أحيل القاري الكريم إلى هذا النداء القرآني ،لتتضح له من خالله هذه الخصائص،
فال يبقى بعد ذلك لإلنسان حجة على الله ،ألنه عز وجل ناداه من خالل ما رّكب فيه
من خصائص تتجاوب مع ما يريده منه وما يوجهه إليه :ﱹﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ
ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﱸ
االنفطار ٩ - ٦ :وليس المجال متسعاً لشرح ذلك ،بسبب ضيق المقام.
47
اجمللة العاملية لبحوث القرآن
أما أثر العوامل الوراثية الفطرية في الفروق الفردية فهي التي تختلف فيها األفراد من
مواهب وغرائز وقابليات إذ إن الناس ليسوا سواء في كل شيء ،إذن لجمدت الحياة ولم
تتنوع ،لذا فإن اختالف الناس مرجعه إلى اختالف الفروق الفردية التي يرثونها عن اآلباء
واألمهات ،وعن األجداد ،ولوالها لما قامت حضارة ،وال تسابق الناس فيما فطروا عليه
من اختصاصات لهذا يقول اإلمام علي رضي الله عنه« :لو تساوى الناس لهلكوا».
ﱹﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ يقرر هذه الحقيقة القرآن الحكيم بقوله:
ﯫ ﯬ ﯭﱸ اإلسراء ،٨٤ :ويؤكدها حديث النبي المربي( :اعملوا ،فكل ميسر لما
ُخلِق له) ،1فكل إنسان يعمل تجاوباً مع ما خلقه الله -شاكله وصاغ شكله وكيانه -لذا
ميسر لما خلق له من مواهب فطرية وقدرات واستعدادات ،وال يكره اإلنسان على فهو ّ
عمل غير موهل له فطرياً ،فهذا ميكانيكي ،وهذا شاعر ،وهذا خطيب ،وذاك موسيقي
نحات ،وبناء ومهندس ومخترعّ ،
كل مغن وذلك ّ
واآلخر خطاط ،وغيره رسام ،وذاك ّ
في اختصاص معين ،وهناك طبيب وجراح ومدرس وطيار وبحار....إلخ.
مني الرجل (نطفته) المتكونة إن هذه الفروق الفردية تنحدر عن األبوين اللذين اختلط ّ
من ( )23كروموسوماً ،ببويضة المرأة ( )23كروموسوماً ،بمجموع ( ،)46والتي يسمي
القرآن اجتماعهما (باألمشاج) ،والتي تحمل كل منهما الصفات الوراثية ،أحياناً للجنين
عن والديهما ،كما تنحدر هذه الفروق الفردية عن األجداد -بالطفرة الوراثية.
أتى أعرابي إلى رسول الله ( )iفقال له“ :يارسول اللهُ ،ولد لي ولد غالم أسود،
فقال (“ :)iهل لك من إبل”؟ قال :نعم ،قال“ :فما لونها”؟ قالُ :حمر ،قال:
“هل فيها من أورق”؟ قال :إن فيها لورِقا ،قال“ :فأنى ترى ذلك جاءها”؟ قال :يا
رسول الله لعل عرقا نزعه ،قال (“ :)iلعل هذا أيضاً نزعه عرق”(أخرجه البخاري) ،أو
كما قال ( ،)iوهذه إشارة واضحة إلى أثر الوراثة لألبوين في النسل ،وأثر الطفرة في
قانون الوراثة المعاصر .وأثر العوامل الوراثية مشترك بين اإلنسان والحيوان ،حسب قانون
الوراثة الذي اكتشف كثيراً منها (مندل) وغيره.
ويبين النبي الصادق ( )iبعض معالم الطفرة ،بقوله“ :إذا عال ماء المرأة ماء الرجل
اشبه الولد أخواله ،وإذا عال ماء الرجل ماءها أشبه أعمامه”(أخرجه مسلم) ،ألن في كل
مورثات (جينات) تختلف من إنسان من ماء الرجل والمرأة صبغات (كروموسومات) تحتوي ّ
مجسما
ً آلخر ،إذا غلبت تظهر خصائصها وآثارها في المولود ،والجنين قبل أن يكون
متفق عليه ،وفي رواية مسلم زيادة( :ثم قرأ :فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى ..فسنيسره لليسرى) 1
فجمع هذا الحديث النبوي بين عاملي الفطرة الوراثية والبيئة في السلوك ،أي أنه ثمرتهما.
48
اإلعجاز القرآين يف توجيه السلوك اإلنساين
بأعضائه وصفاته كان صبغية (كروموسومية) وموروثية معينة ،فهو ( 46كروموسوماً) تحتوي
عدداً كبيراً من الموروثات (الجينات) ،تتوزع عليها بصيغة تختلف من إنسان إلى آخر،
وهذه الموروثات (الجينات) الموجودة فطرياً في الكروموسومات ،وجدت كلها في آدم (
) ،ثم أخذت تتوزع في ذريته ،وتشبيهها كقرص التلفون الذي يحتوي ( )10أرقام
فقط ،نكلم من خاللها من نشاء في العالم ،فهواتف العالم كلها موجودة فيه ﱹﮇ ﮈ
ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﱸ األنعام ،٩٨ :و
يتفرع من ذرية آدم ،) ( ،والله تعالى قد أحاط
كل منها ّفي الخاليا الجنسية موروثاتّ ،
علماً بخلقه:ﱹﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﱸ الطالق ،١٢ :وهي تنتقل من مستقرها
في األصالب إلى مستودعها في األرحام ،إنها رحلة طويلة ال نهاية لها ،ولكنها مقدرة
ومعلومة في كل مراحلها وأطوارها ،ومبرمجة بدقة متناهية ،من قبل العليم الخبير :ﱹﮆ
ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﱸ الرعد.٩ - ٨ :
ويتوسع النبي ( )iفي بيان أثر الوراثة في مجال الصالح و التقوى“ :تجدون الناس
معادن ،خيارهم في الجاهلية خيارهم في االسالم إذا فقهوا”.4
ومن نماذج الفروق الفردية الفطرية في الوراثة ما أخبر به القرآن الكريم عن األخوين ولدي
إبراهيم -إسماعيل واسحق (عليهما السالم) ،بأن (إسماعيل) ولد حليماً :ﱹﯵ ﯶ
ﯷ ﯸ ﱸ الصافات ،١٠١ :وهو أبو العرب ،والجد األعلى لمحمد ( ،)iالقائل:
(الحلم سيد االخالق) ،2و(إسحق) ولد عليماً :ﱹﰀ ﰁ ﰂ ﰃﱸ الذاريات،٢٨ :
وهو الجد األعلى لإلسرائيلين ،علماً بأن كال األخوين أبوهما واحد ،ولعل األب إبراهيم (
ال للرحمن ﱹﮞ ) قد جمع في ذاته بين الحلم والعلم حتى استحق أن يكون خلي ً
ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﱸ النساء ،١٢٥ :وإن الوراثة من االب الواحد تتنوع ،أو يمكن أن
يكون الختالف أمهما (سارة) و(هاجر) أثر في هذه الفطرة الوراثية ،رغم أن الحلم والعلم
ال يكتسبان عادة وراثياً ،إال إستثناء بالحكمة اإللهية ،وإنما يكونان بأثر البيئة عادة“ :العلم
يتوق الشر يوقه”(متفق عليه).يتحر الخير يُعطه ،ومن ّبالتعلم ،والحلم بالتحلم ،ومن ّ
متفق عليه ،ويؤكده الحديث اآلخر( :الناس كمعادن الذهب والفضة ،خيارهم في الجاهلية خيارهم في 2
االسالم ،إذا فقهوا ،واألرواح جنود مجندة ،فما تعارف منها ائتلف ،وما تناكر منها اختلف).
49
اجمللة العاملية لبحوث القرآن
أخرجه ابن ماجه في سننه ،1859 /والبزار في مسنده ،3438 /والبيهقي في سننه الكبري.13754 / 5
سنن النسائي والمجتبى ،3232 /كتاب النكاح ،وصحيح ابن حبان -كتاب النكاح ،ومسند أحمد/ 6
،6531ومسلم .وفي رواية ابن ماجه في سننه( 1968 /تخيروا لنطفكم وأنكحو األكفاء وأنكحوا إليهم)،
وكذا في مستدرك الحاكم ,2687 /والبيهقي في سنته الكبرى ،14060 /الدارقطني في كتاب النكاح/
.198
50
اإلعجاز القرآين يف توجيه السلوك اإلنساين
الذي يحمل صفات الخير في نسبه الممتد إلى إسماعيل ( ) ،عبر أكثر من 3.500
سنة ،بقوله (“ :)iإن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ،واصطفى من بني
يشا ،واصطفى من قريش بني هاشم ،واصطفاني إسماعيل كنانة ،واصطفى من كنانة قر ً
من بني هاشم ،فإني خيار من خيار”.9
ولقد أوضح القرآن الحكيم أثر العوامل الوراثية لآلباء في نسلهم في كثير من
النصوص الخاصة باألبنياء ،أهمها قوله تعالى :ﱹﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ
ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ
ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ
الفوائد المجموعة – الشوكاني ،130 /في األحاديث الضعيفة – األلباني.24 / 7
وفي سنن الترمذي 3148 /ورد الحديث النبوي بكامله( :أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وال فخر ،وبيدي 9
لواء الحمد وال فخر ،وما من نبي يومئذ ،آدم فمن سواه إال تحت لوائي ،وأنا أول من تنشق عنه األرض وال
فخر ،قال :فيفزع الناس ثالث فزعات ،فيأتون آدم ،فيقولون :أنت أبونا آدم فاشفع لنا إلى ربك ،فيقول إني
نوحا ،فيأتون نوحاً فيقول :إني دعوت على أهل األرض أذنبت ذنباً أهبطت منه إلى األرض ،ولكن ائتوا ً
دعوة ،فأهلكوا ،ولكن اذهبوا إلى إبراهيم ،فيأتون إبراهيم فيقول :إني كذبت ثالث كذبات ،ولكن ائتوا
نفسا ولكن ائتوا عيسى ،فيأتوا عيسى ،فيقول :إني ُعبِدت منموسى ،فيأتون موسى ،فيقول :إني قد قتلت ً
دون الله ،ولكن ائتوا محمداً ،قال :فياتون ،فأنطلق معهم ،و ..فأخذ بحلقة باب الجنة فاقعقها ،فيقال من
هذا؟ فقال :محمد ،فيفتحون لي ،ويرحبون ،فيقولون :مرحبا ،فأخر ساجداً فيلهمني الله من الثناء والحمد،
يس َمع لقولك ،وهو المقام المحمود .قال الله:فيقال لي :إرفع رأسك ،سل ُ�ت ْع َط ،واشفع تشفّع ،وقلُ :
عسى أن يبعثك ربك مقاماً محمودا.
وفي سنن ابن ماجه – 4308 /كتاب الزهد( :أنا سيد ولد آدم وال فخر ،وأنا أول من تنشق األرض عنه
يوم القيامة وال فخر ،وأنا أول شافع وأول مشفع وال فخر ،ولواء الحمد بيدي يوم القيامة وال فخر).
51
اجمللة العاملية لبحوث القرآن
ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ
ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ
ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ
ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ
ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ
ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﱸ األنعام. ٩٠ - ٨٣ :
إبتدأ القرآن الكريم في هذه اآليات بحكمة الله الحكيم العليم ،الذي رفع درجات
( )18نبيًا ،بعوامل الوراثة اإلنسانية ،والفروق الفردية التي أودعها في هذا العدد بهم
وبنسلهم وبآبائهم وإخوانهم ،وتفضيل الله لهم على العالمين ،واجتباهم محسنين
ومهتدين إلى منهاج الله المستقيم.
سر هدايتهم ( -فطرتهم الوراثية) عبر 18نبياً من آبائهم وإخوانهم و(استقامتهم ذلك ّ
على االلتزام بهدي الله) ،تحقيقا (إلرادة الله المباشرة) في صياغتهم ،ليكونوا بجدارة
ال لنشر دين الله في األرض ،ولو انحرفوا عن هذه الهداية الربانية بالشرك ومعصية الله أه ً
النهارت شخصيتهم وهبط سلوكهم إلى الحضيض ،غير أنهم بفضل هذه العوامل الثالثة
السالفة تميزوا على البشرية وف ِّ
ُضلوا على العالمين.
لذا ختم الله تعالى هذه الصفوة المنتخبة من البشر بمحمد صلى الله عليه وسلم
لتكون قدوة إلمام األنبياء وسيد الخلق ( ،)iالذي استوعب جميع الفروق الفردية
لك ّل صفاته المتميزة في القرآن الكريم ،وليستوعب كذلك لألنبياء السابقين ،إذ ُ
الفطرة اإلنسانية الشاملة للبشرية ،إضافة إلى استيعابه الهداية الربانية المنزلة عليه في
كتابه العزيز .لذا ختم الله تعالى بهم أمره باالقتداء بهم (فبهداهم اقتده) ،والهاء هي
هاء السكت لتأكيد أهمية االقتداء بهدي األنبياء جميعاً في عمر البشرية ،ليتمثله
جميعاً في سيرته العطرة التي تجمع سير جميع األنبياء الهادين من قبله!! ليكون
الموحد لجميع االديان السابقة له ،إذ هو خالصتها :ﱹﭹ ﭺ (اإلسالم) هو الدين ّ
ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ
ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ
ﮡ ﮢ ﮣ ﱸ الشورى.١٣ :
ومن خالل هذا العرض تتضح آثار العوامل الوراثية للجنس اإلنساني ،إذ هم (بشر)،
كما تتضح آثار الفروق الفردية الوراثية في األنبياء إذ لكل منهم صفاته الوراثية ،كما يتضح
تدخل اإلرادة اإللهية الحكيمة في هداية األنبياء إلى صراطه القويم ،ويتضح كذلك تمثيل
52
اإلعجاز القرآين يف توجيه السلوك اإلنساين
الهداية الربانية كاملة بمحمد خاتم األنبياء من خالل اقتدائه بهم أجمعين! ومات ورثه
فطرة عن أجداده ،وما أكرمه الله من عناية متميزة.
ومن أوضح اآليات الدالة علي أثر الوراثة في السلوك اإلنساني أسباب (طوفان نوح)
نهارا :ﱹﯭ الذي أغرق الله به قومه الذين استمرت دعوته لهم ( )950سنة ،لي ً
ال و ً
ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﱸ العنكبوت ،١٤ :ﱹﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ
ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ...ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ
ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﱸ نوح.٢٧ - ٥ :
كفارا) ،فلم
(فاجرا و ً
ً وحصرا
ً حتما
وإن آخر اآلية تنص على أن المولود منهم سيأتي ً
تغن عنه النبوة الكريمة عن بيئة الكفر والفجور الطاغية بينهم ،حتى أيقن نوح من خالل
دعوته عليهم أن المولود منهم في جميع أنسالهم هم فجرة كافرون ،بما انتهى بحكم الله
فيهم ْأن يغرقهم أجمعين ،ويستأصلهم من جنس البشرية ،ولم ينج إال قلة من المؤمنين
في الفلك :ﱹﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﱸ هود.٤٠ :
المبحث الثاني
اإلعجاز القرآني في :أثر البيئة الفاسدة والصالحة في توجيه السلوك
لكل منهما آثارها اإليجابية في بناء السلوك والتسامي به ،والسلبية في هدمه وإفساده:
أما أثر البيئة الفاسدة في السلوك فهو أخطر وأسرع من البناء باإلصالح ،لذا يقول
القرآن الكريم في قوم نوح :ﱹﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﱸ نوح ،٢٧ :وهذا أثر البيئة
الفاسدة في اإلفساد!
يحذرنا االسالم من البيئة الفاسدة بنصوص قرآنية ونبوية كثيرة ،لئال نكون ضحيتها،
فنخسر الحياة الدنيا واآلخرة ،وذلك هو الخسران المبين.
كما يحذرنا الله تعالى من اتخاذ الفاسدين أخالّء وأصدقاء ،إذ (المرء على
دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) ،10ﱹﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ
ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﱸ الفرقان،٢٨ - ٢٧ :
حينئذ يكون أصدقاء الدنيا أعداء المخلصين لربهم :ﱹﮜ ﮝ ﮞ ﮟ
ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﱸ الزخرف. ٦٧ :
صحيح مسلم ،2276 /و ،3605و سنن الترمذي 13606 / 10
53
اجمللة العاملية لبحوث القرآن
أخرجه ابن كثير ،652 ،5/2والقرطبي ،312/10والدر المنثور للسيوطي ،162 /1ومختصر تفسير 13
أخرجه البيهقي في شعب اإليمان( ،9024 /وفي وصية النبي الحكيم ألحد أصحابه :أال أدلك على مالك 15
فحرك لسانك ما هذا األمر ،الذي تصيب به خير الدنيا واآلخرة؟ ،عليك بمجالس أهل الذكر ،وإذا خلوت ّ
استطعت بذكر الله ،وأحب في الله ،وأبغض في الله ،يا أبا رزين :هل شعرت أن الرجل إذا خرج من بيته زائراً
فصلْه ،فإن استطعت أن تعمل أخاه شيعه سبعون ألف ملك ،كلهم يصلون عليه ،ويقولون ربنا إنه وصل فيك ِ
في جسدك في ذلك فافعل) وعنه ( :)iمن أحب أحداً لله في الله ،قال :إني أحبك فدخال جميعاً الجنة،
كان الذي أحب في الله أرفع درجة لحبه على – الذي أحبه له) األدب المفرد ،556 /ضعيف.
55
اجمللة العاملية لبحوث القرآن
اإلتهام من قبل الجميع ،إال من رحم ربك ،لذا عليه الصبر والتحمل وافهام المقربين إليه
أن صلته الطيبة بأعداء اإلسالم غير المقاتلين لنا ،وال المحتلين ألوطاننا ،وال المتآمرين
علينا ،إنما هي امتثال لهدي الله في تقريبهم إليه وإلى اإلسالم في دعوته ،وعليه االلتجاء
أصدقاء ومنافقين ،بل من قبل من
َ إلى الله في هذه المحن المبتلى بها من قبل الناس -
يدعوهم كذلك ،لذا عقّب الله تعالى باآلية الكريمة :ﱹﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ
ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﱸ فصلت.٣٥ :
أما في غير مجال الدعوة ،وحين تقدير الداعية أال فائدة من الفاسدين في دعوتهم،
فعليه أن يجتنب م ّداحيهم“ :أمرنا رسول الله ( )iأن نحث في وجوه المداحين التراب”،16
كما أمرنا (النبي الكريم أن نلقاهم بوجوه غاضبة تشعرهم بحقارتهم“ :أمرنا رسول الله ()i
مكفهرة” (أخرجه مسلم) ،إلشعارهم بعزة المسلم ،بعيداً عن
ّ أن نلقى أهل المعاصي بوجوه
الذلة لهم أو احترامهم ،بعد عجزنا عن هدايتهم.
الحذر كل الحذر من اتباع األسياد الفاسدين المفسدين :الذين يفسدوننا في الدنيا
الت حينويصعدون على رؤوسنا بعروشهم ،ويقحموننا النار في اآلخرة ،ويتبرؤون منا ،و َ
ندم! ﱹﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ
ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ
ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﱸ البقرة.١٦٧ - ١٦٦ :
أما الدعوة حين استشراء الفساد المكفهر وأعاصيره فإ ّن المسلم في تفاعل دائم بينه
وبين بيئته ،في مجال اإلصالح الذي ميّزه عن سائر البشر ،فنال به الخيرية عليهم :ﱹﭞ
ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﱸ آل عمران:
،١١٠وليس للمسلم من مسؤولية في الدنيا أكبر من إصالح المفسدين وتذكير الصالحين،
وزيادة صالحهم ،إذ أن الله خلقه إلعمار الدنيا بهدي الله ،لذا فإن المسلم بين جذب
وش ّد علي ق ْدر طاقته التي يسخرها في إصالح بيئته ،غير أن ضعف قدرته أمام أهوال الفساد
َي بزمام نفسي!):وأعاصيره يحمله أحيانًا علي اإلحجام عن اإلصالح ،ويقول حينئذَ ( :عل ّ
(ال يحقّرن أح ُدكم نفسه ،قالوا :وكيف يحقّر أحدنا نفسه يا رسول الله؟ قال ( :)iيتعرض
من البالء ما ال يطيق).17
أخرجه الحاكم في مستدركه ،6537 /وأخرجه اإلمام أحمد في مسنده( 21569 /يا معاذ ،أن يهدي 16
ال من أهل الشرك ،خير لك من أن يكون لك حمر النعم). الله على يديك رج ً
أخرجه البيهقي في شعب اإليمان ،6701 /وورد (إنما الغضب على أهل المعاصي لجرأتهم عليها ،فإذا 17
فاالستطاعة والفروق الفردية هي المسؤول صاحبها عنها“ :ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ،وما
أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم” .18يقول الله عز وجل :ﱹﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﱸ
البقرة ،٢٨٦ :إذ لكل نفس طاقة خاصة تستوعب تكليف الله لها ،بفروقها الفردية التي
استودعها فيها :ﱹﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﱸ الطالق ، ٧ :ومن دعاء القرآن الكريم :ﱹ ﯭ
كل طاقة محدده تختلف عن سواها ،وصاحبها ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﱸ البقرة ،٢٨٦ :أي ّ
مسؤول عن استيعاب طاقته في تنفيذ أمر الله.
وحين ادلهام الخطوب ،وطغيان الظلم وتالطم أمواج الفساد ،يحار الداعية في أمره،
ويخيره اإلسالم بين ثالثة أمور ،حسب طاقاته وقدراته ،وحسب تقديراته للظروف الداخلية
والخارجية الخانقة للمؤمنين( :إما التصدي الجرئ للظلمة ،وإما الهجرة إلى مكان آمن بنّي ِة
العودة إلى الدعوة ،وإما الصبر على البالء واالنزواء عن الناس ،انتظاراً للفرج ،والقلب نابض
بروح الدعوة ،يتربص الظروف المواتية).
ال بحديث المصطفى (( :)iسيد الشهداء حمزة ،ورجل أما (التصدي) ،فعم ً
قام إلى إمام جائر ،فأمره فنهاه فقتله) .بسبب أن الغيرة على الله ودينه أعز على
19
57
اجمللة العاملية لبحوث القرآن
القيامة حمزة) الحديث أعاله أخرجه الحاكم في المستدرك ،4884 ،2557 /في رواية أخرى و
.4900
إلي من يقول ( )iفي بشارة الله تعالى له بالهجرة في سورة الفتح( :نزل َّ
علي البارحة سورة هي أحب َّ 21
59
اجمللة العاملية لبحوث القرآن
ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ
ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ
ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﱸ األعراف.١٧٦ - ١٧٥ :
ويؤكد النبي الحكيم الحذر من هذا المصير لالنسالخ من اإلسالم بالنتيجة المفجعة التي
حلت اليوم( :يوشك ان تداعى عليكم األممكما تداعى األكلة على قصعتها ،قالوا :أومِنِقلٍة
نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال :ال ،ولكنكم غثاءكغثاء السيل ،ولينِزعن الله من قلوب أعدائكم
ليقذفن في قلوبكم الوهن ،قالوا :وما الوهن يا رسول الله؟ قال ( :)iحب
المهابة منكم ،و ّ
الدنيا ،وكراهيتكم الموت).23
أخرجه البيهقي في شعب األيمان ،5352 /ويروى( :لو أن أهل األرض اشتركوا في قتل مؤمن لعذبهم 23
الله) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ،16292 /ومن يشاقق الرسول ،أي يأخذ ش ّقاً من هديه ،وشقاً
من هدي غيره!
60
اإلعجاز القرآين يف توجيه السلوك اإلنساين
ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﱸ العنكبوت.٦٩ :
وإن دوافع السلوك التي تقوي اإلرادة في حمل عبء ،اإلصالح الثقيل أربعة:
مصدر الهدي اإللهي :وهو القرآن الكريم ،وقدسيته ،إنه من رب العالمين ،خالق
الكون ،وهو أحب إلينا من الدنيا وما فيها( :ثالثة من ُك ّن فيه وجد بهن حالوة اإليمان:
أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ،وأن يحب المرء ال يحبه إال لله ،وأن يكره
أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه ،كما يكره أن يقذف في النار).24
ولن تستحكم الروابط االجتماعية في نفوس أصحابها إال حين يكون الله تعالى هو
الدافع السلوكي المتجرد عن غيره ،يقول إمام الدعاة (( :)iإذا جمع الله الناس يوم
القيامة ليوم ال ريب فيه ،نادى مناد :من كان أشرك في عمل عمله لله أحداً ،فليطلب
ثوابه من عند غير الله ،فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك)(متفق عليه) ،وان نظام الهدي
اإللهي ومنهاج الحياة لنا هو القرآن الكريم :ﱹﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ
ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﱸ الشعراء ،١٩٥ - ١٩٢ :وشرحه
بسنته :ﱹﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﱸ
النحل.٤٤ :
طبيعة الهدي اإللهي :بسبب كونه فطريًا معروفاً في النفس من غير معلم :كما
أسلفنا ،وكونه يسمو بها إلى أعلى المنازل ،وعيًا عقليًا ،وإدراكاً لمزاياه ،ولتجاوبه
مع القيم األخالقية الفطرية التي يسمو بها المسلم إلى القمة ،بخلقه الذي ال نهاية
ال أعلى له :ﱹﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ له إلى رب العالمين ،مث ً
ﮀ ﮁ ﱸ الروم.٢٧ :
وبذا يستحيل هذا الخلق الرباني فيه إلى سلوك عملي إلسعاد البشر كافة( ،من ن ّفس
يسر عنعن مؤمن ُكربة من كرب الدينا ،ن ّفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ،ومن ّ
يسر الله عليه في الدنيا واآلخرة ،ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا واآلخرة،
معسر ّ
والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) ،وإن ثمرة قضاء حاجات المعوزين
25
تعدل أضعاف ثواب العبادات( :ألن تسير مع أخيك في قضاء حاجته حتى تنجزها ،خير
لك من صيام شهر واعتكافه في مسجدي هذا) ،26وهي تعادل بضع عشرات اآلالف من
الحسنات! في قضاء حاجة واحدة.
أخرجه أحمد وأبو داود وابن عساكر وأبو نعيم. 24
أخرجه الستة إال البخاري ،وأخرجه مسلم وابو داود ،والترمذي. 26
61
اجمللة العاملية لبحوث القرآن
جزاء الله بالثواب والعقاب :لم يقتصر هذا الهدي اإللهي على السعادة
الدنيوية وحدها ،بل شمل الدارين :ﱹﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ
ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﱸ النحل ،٩٧ :فهو
في جنتين -كرماً من ربه .لذا فإن المسلم أبداً بين أمل وخوف ،أمل برضوان الله،
وخوف من عقابه.
ﱹﮑ ﮒ ﮓ أما ثواب الله الكريم فيتمثل برحمته التي تطغى على نعيم الدنيا:
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﱸ يونس ،٥٨ :ويتمثل برضوان الله عز
وجل الذي يطغى على نعيم أهل الجنة :ﱹﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ
ﯨ ﱸ التوبة ،٧٢ :ومن نعيم الجنة رفقة المصطفى ( ،)iأما نعمة النظر إلى وجهه
الكريم ،فإنها تُنسي أهل الجنة نعيمها :ﱹﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﱸ القيامة:
،٢٣ - ٢٢يقول الحبيب (( :)iإنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة
البدر ،وال تضامون في رؤيته).27
ومن رحمته بنا يوم القيامة هذا الحديث المبهر من رب كريم( :إن لله مئة
رحمة ،أنزل منها رحمة واحدة بين الجن واإلنس والبهائم ،فيها يتعاطفون ،وبها
أخر تسعاً وتسعين رحمة ،يرحم يتراحمون ،وبها تعطف الوحوش على أوالدها ،و ّ
بها عباده يوم القيامة) .28ومن رحمته ع ّز وجل حسابنا اليسير على أعمالنا :ﱹﭺ
ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﱸ االنشقاق ،٨ - ٧ :إذ (من
نوقش الحساب يهلك) ،29نأمل الله تعالى برحمته تسلم كتابنا بأيماننا ،وتلك هي
الفرحة الكبرى الدائمة :ﱹﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ
ﮥ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ
أخرجه الحاكم في المستدرك ،7706 /ونصه كامالً( :من أدخل على مؤمن سروراً إما أن أطعمه من جوع 27
وإما أن قضى عنه دينا ،وإما نفّس عنه كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه ُك َرب القيامة ،ومن أنظر موسراً
ظل إال ظله ،ومن مشى مع أخيه في ناحية القرية ليثبت حاجته ثبّت أو تجاوز عن معسر أظلّه الله يوم ال ّ
الله ع ّز وجل ق َدمه يوم تزِّل األقدام ،وألن يمشي أحدكم مع أخيه في قضاء حاجته أفضل من ان يعتكف
في مسجدي هذا شهرين – وأشار بإصبَعه – آال اخبركم بشراركم؟ قالوا :بلى يا رسول الله ،قال :الذي
ينزل وحده ويمنع رفده ويجلد عبده).
أخرجه البخاري.6999 / 28
ونصه كامالً( :إن الله خلق يوم خلق السماوات واألرض مئة رحمة طباق ما بين السماوات واألرض ،فجعل 29
في األرض منه رحمة طباق ما بين السماوات واألرض ،فجعل في األرض منها رحمة ،فيها تعطف الوالدة
أخر تسعاً وتسعين إلى يوم القيامة ،فإذا كان يوم القيامة ،أكملها بهذه
علي ولدها ،والوحش بعضها بعضا ،و ّ
الرحمة منه) أخرجه ابن حبان وأحمد.6147 ،23208 /
62
اإلعجاز القرآين يف توجيه السلوك اإلنساين
ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﱸ الحاقة.٢٤ - ١٩ :
أما عقابه ،فهو أليم وُمهين ،ينتهي بتسلّم ٍّ
كل من المفسدين كتابَه بشماله :ﱹﯞ
ﯟﯠﯡ ﯢﯣﯤﯥ ﯦﯧ ﯨﯩﯪ ﯫﯬﯭﯮﯯ ﯰﯱ
ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ
ﰇﰈﰉﰊﰋ ﰌ ﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗ ﭑﭒ
ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﱸ الحاقة.٣٧ - ٢٥ :
السيرة النبوية :التي تمثل الخلق الرباني الذي أنزله الله على جميع األنبياء ،متمث ً
ال
بالسلوك العملي ،هو قدوة ألمته حتى قيام الساعة ،بما يوضح الصورة المثالية لإلنسان
الرباني الملتزم ،بمنهاج خالقه ،وليس في الوجود إنسان حقق هذه الصورة في جمعه
للفروق الفردية الوراثية الفطرية ،المنبثة من نطفة آدم في الخلق حتى انتهت إليه! إال سيد
األنبياء محمد ( .)iإنها الصورة اإلنسانية الوحيدة في عمر التاريخ البشري التي يطابق
فيها السلوك العملي المنهاج الفطري الرباني ،بهذا الشمول وهذا التسامي! صلّى الله
عليك ومالئكته يا رسول الله ،يا إمام الرسل أجمعين.
إن هذه الدوافع السلوكية األربعة ،ال تتوفر إال باإلسالم ،نظام البشرية الخالد ،حتى
قيام الساعة ،وما سواه نقص هائل في التوجيه السليم ،إضافة إلى ما فيه من فساد أو
إفساد ،باجتهاد اإلنسان الخاطئ الملوث بالهوى والمصالح.
يقول الصادق المصدوق (( :)iقد تركتكم على البيضاء ،ليلها كنهارها ،ال يزيغ
عنها بعدي إال هالك ،ومن يعش منكم فسيرى اختالفاً كثيرا ،فعليكم بسنتي وسنة
عضوا عليها بالنواجذ ،وعليكم بالطاعة ،وإن عبداً حبشياً،
الخلفاء الراشدين المهديينّ ،
فإن المؤمن كالجمل األنف ،حيثما قيد انقاد) .
30
صحيح البخاري( 103 /من حوسب عذب ،فقالت عائشة :فقلت :أو ليس يقول الله تعالى فسوف 30
يسيرا ،قالت :فقال إنما ذلك العرض ،ولكن من نوقش الحساب يهلك) ،ومسلم ومسند
يحاسب حساباً ً
أبي يعلى الموصلي.6445/6 /
63
اجمللة العاملية لبحوث القرآن
المبحث الثالث
اإلعجاز اإللهي في حكمته المهيمنة على السلوك اإلنساني
اإلعجاز في خلق الله وأمره
يقول الله تعالى :ﱹﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﱸ األعراف،٥٤ :
ويوصينا بالتدبر في نصوص قرآنه المجيد :ﱹﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ
ﮗ ﮘ ﱸ محمد.٢٤ :
وحين تدبرنا لآلية الكريمة ،نتبيّن ما يأتي:
(أال) :أداة عرض ،لالستفتاح ،وهي تنبيه إلى ما بعدها من أمر جلل.
(له الخلق واألمر) :تقديم الخبر (الجار والمجرور) على المبتدأ ،هو أسلوب بالغي
من أساليب الحصر والقصر ،يفيد أن (الخلق واألمر) من اختصاص الله وحده في هيمنته
على الخلق والكون.
(تبارك الله رب العالمين) :هذه الهيمنة من بركات الله الخالق العليم ،الذي اختار
(رب العالمين) من سائر صفاته الكريمة ،إشارة إلى تربيته للعوالم التي
لذاته في هذه اآليةّ :
خلقها متصلة بهذه الهيمنة ،وأوضح مقام تربيته في هيمنته ،ومن تربيته التنشئة على مناهجه
وهديه :ﱹﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﱸ الشعراء ،٧٨ :ومن تربيته القهر ألعدائه الطواغيت
والمتجبرين على عباده ،المستعلين عليه :ﱹﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﱸ
الدخان ،١٩ :ومن تربيته إخضاع الكون لطاعته :ﱹﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ
ﯳ ﯴ ﱸ يس.٨٢ :
جميعه:ﱹﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﱸ أما األمر :فهو أمر الله المطاع الساري على الكون
الرعد ،٣١ :ﱹﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﱸ الروم ،٤ :من قبل الخلق ومن بعده ،وإن
أمره ع ّز وجل نافذ كلمح البصر :ﱹﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﱸ القمر،٥٠ :
ﱹﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﱸ يس.٨٢ :
حكمة األمر اإللهي :وإن أمره ع ّز وجل حكمة بالغة ،يخضع الكون جميعه
له :ﱹﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ
ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ
ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ
ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ
64
اإلعجاز القرآين يف توجيه السلوك اإلنساين
ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﱸ الروم٢٥ :
.٢٨ -وليس األمر اإللهي عفوياً ،وإنما هو مقدر بتقدير بالغ الدقة ﱹﮱ ﯓ ﯔ
ﯕ ﯖ ﯗ ﱸ األحزاب.٣٨ :
موعظة ذرفت منها العيون ،ووجلت منها القلوب ،فقلنا :يا رسول الله ،إن هذه لموعظة مودع ،فماذا تعهد
إلينا؟ قال الحديث ،كما أورده الحاكم وابن حبان وابن عساكر ،وأبو نعيم والخطيب البغدادي ،بقوله:
(إني قد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا :كتاب الله و سنتي ،أال هل بلغت؟ اللهم
أشهد).
65
اجمللة العاملية لبحوث القرآن
فسلوك اإلنسان بعد كل ذلك يمثل إرادة الله في النتيجة ،ولكن من غير إلزام منه وال
إجبار ،ولو ألزمه الله تعالى وأجبره ،لما حاسبه على أعماله ،بل ترك أنفسهم تحاسبهم:
ﱹﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﱸ اإلسراء.١٤ :
لها:ﱹﮭ ﮮ ﮯ أما إرادة اإلنسان إزاء إرادة الله ع ّز وجل ،فليس له إال التسليم
ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﱸ األنعام ،٧١ :ومشيئتنا في سلوكنا في الحياة
هي التي تمثل إرادة اإلنسان ،مطابقة لمشيئة الله رب العالمين :ﱹﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ
ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﱸ التكوير ،٢٩ :سواء أكانت إرادتنا في الخير الذي فطرنا به الله
الشر بتنكب ما أودعه الله في فطرتنا ،ومن غير إجبار الله ع ّزوأمرنا به ،أم كانت في ّ
وجل لنا على سلوك معين :ﱹﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ
ﭰ ﭱ ﱸ التغابن.٢ :
أما إرادة الله تعالى في هيمنته على الكون من جمادات ،فيمثلها ما أودع فيها من
قوانين ثابتة تهتدي بها في مسيرتها وحركتها ،ويوضحها كثير من آيات القرآن الكونية،
التي تشير إلى قوانين الجاذبية وإلى القوانين الفيزيائية والكيميائية والجيولوجية التي تحكم
النظام الكوني بإرادة الله الخالدة :ﱹﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ
ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﱸ فاطر.٤١ :
أما إرادة الله تعالى في هيمنته على عالم األحياء -الحيوان والنبات ،وما يملك
المجردة من الوعي التام،
ّ من روح ،ال عقل له وال إدراك ،خلقه الله ووهبه الفطرة
بما عبّر عنه الله تعالى بالهداية في قوله تعالى :ﱹﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ
ﰖ ﰗ ﱸ طه ،٥٠ :خلقه الله الخالق العليم ،وغرس فيه من الفطرة ما تهديه في
حياته من الحيوان الضخم -الفيل والكركدن والحوت إلى النمل والجراثيم ،جميعها
هداها الله بفطرة محدودة مدركة تضمن لها حياتها وسالمتها.
لذا يحاسب الله الحيوان يوم القيامة على قدر إدراكه من اعتدائه على قرنائه ،فينتقم
الحيوان المظلوم من الظالم ،ثم يقول تعالى لهم( :كونوا ترابًا) ،وهو ما يتمناه الكافر يوم
القيامة أن يكون مصيره مصير الحيوان ،حيث يستحيل تراباً :ﱹﮜ ﮝ ﮞ ﮟ
ﮠ ﮡ ﱸ النبأ ،٤٠ :بدالً من خلود الكافر في النار! .يقول المصطفى (( :)iلت َؤد َّ
َّن
الحقوق إلى أهلها يوم القيامة ،حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء).32
أخرجه مسلم في صحيحه ،1599 /في حديث طويل سبق ذكره. 32
66
اإلعجاز القرآين يف توجيه السلوك اإلنساين
67
اجمللة العاملية لبحوث القرآن
وشرح لهدي الله في كتابه العظيم ،وإن سنته الشريفة هداية ضامنة للمسلمين منهاج حياة
ال لهم ،34ﱹﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﱸ الشورى.٥٢ : شام ً
أما السيرة النبوية فهي تمثل أمرين خطيرين:
أولهما :إحالة المنهاج النظري في اإلسالم المتمثل بالقرآن الكريم والسنة النبوية ،إلى
مجاالت تطبيقية شاملة توضح لنا المجال السلوكي في كل ما تضمنه المنهاج اإلسالمي
النظري ،وهو الملزم لكل مسلم باالقتداء به :ﱹﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ
ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﱸ األحزاب.٢١ :
وثانيهما :تمثل السيرة النبوية القدوة بجميع األنبياء السابقين :ﱹﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ
ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﱸ األنعام:
،٩٠واالقتداء بهم إنما هو تمثيل للهدى اإللهي للجنس اإلنساني في عمره ،وهو تمثيل
لوحدة األديان التي اجتمعت بسيرة الرسول الهادي ( ،)iلذا ختمت اآلية بأن هدى
الله لجميع األنبياء المتمثل باقتداء الرسول الكريم بهم من خالل سيرته الشريفة ،إنما هو
ذكرى للعالمين ،لجميع البشر حتى نهاية الكون.
ثالثاً :أسباب الهداية الربانية ،حين نستقصيها من نصوص القرآن الكريم يتبين لنا ما
يأتي ،من خالل ما غرسه الله في كيان اإلنسان الفطري المس ّدد بهداية الله تعالى.
اإليمان الفطري بالله عز وجل وهو أول طرق الهداية :ﱹﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ
ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﱸ التغابن ،١١ :ﱹﭭ ﭮ ﭯﭰ ﱸ يونس ،٩ :والله عز وجل
يؤكد بتأكيدين هدايته للمؤمنين الصادقين بـ(إن) وبـ(الم التأكيد) :ﱹﯦ ﯧ ﯨ ﯩ
ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﱸ الحج.٥٤ :
ﱹﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ الحرص على رضوان الله يثمر هدايته ع ّز وجل:
ﮊ ﮋﮌﮍﮎﮏﮐ ﮑﮒﮓﮔ
ﮕ ﮖ ﮗ ﱸ المائدة.١٦ :
ذكر الله ليكون في معيته يهديه ،شكراً لذكره وعدم نسيانه :وفي الحديث
القدسي( :أنا عند ظن عبدي بي ،وأنا معه إذا ذكرني ،فإن ذكرني في نفسه ذكرته في
إلي شبراً تقربت
تقرب ّأل هم خير منهم ،وإن ّ نفسي ،وإن ذكرني في مأل ذكرته في م ٍ
تقربت منه باعاً ،وإن أتاني يمشي أتيته هرولة) ،35وفي
إلي ذراعاً ّ
تقرب ّ
إليه ذراعاً ،وإن ّ
أخرجه الترمذي ،2926 /والدارمي.3357 / 34
لقد أوشكت على انجاز مسودة كتابين واسعين( :نظم الحياة من كتاب الله العزيز) ،و(نظم الحياة من 35
69
اجمللة العاملية لبحوث القرآن
فليظن بي ما يشاء).
وتعالى (أنا عند ظن عبدي ليّ ،
أخرجه أحمد في مسنده.15495 / 37
70
اإلعجاز القرآين يف توجيه السلوك اإلنساين
الظالم :وهو الذي يسيئ إلى غيره إساءة اعتداء على كرامته وحريته وعرضه وماله
وروحه ،وهو الذي يسلب غيره نعمة األمن واالستقرار والكرامة والسرور ،واالعتداء -
عموماً ترفضه الفطرة السليمة كما يرفضه الدين ويش ّدد فيه إذ( :إتق دعوة المظلوم ،فانه
ليس بينها وبين الله حجاب).38
الكذاب الكفار :والكذب سلوك تستقذره الفطرة السليمة ،إذ هو خداع وأنانية
لمصلحية ،ووقيعة بالغير ،وإيقاد فتن ،فمن انتزع من فطرته القيم السلوكية وكذب بها
وكفر بها ،فكيف يهديه الله؟! :ﱹﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﱸ الزمر:
،٣ﱹﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﱸ غافر.٢٨ :
الذي ال يؤمن بآيات الله ،ويكذبها :وليس فيه استعداد لقبولها ،فكيف تتنزل
عليه هداية الله ،وقد اجتثها من قلبه وعقله ،بل اعتبرها كذباً ال صدق فيها :ﱹﭣ ﭤ
ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﱸ النحل.١٠٤ :
األصم األعمى :الذي يغلق حواسه عن استماع الهداية اإللهية ،وقد رفضها بحجز
حواسه عنها! لذا فان حجب الهداية الربانية عنه عدل من الله ع ّز وجل :ﱹﮐ ﮑ
ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﱸ الزخرف ،٤٠ :وإن الصمم والعمى
ص ّم) ،ﱹﯮ ﯯ هو بسبب سيطرة الهوى ،كما ذكرنا ،إذ (أن حبك الشيء يُعِمي ويُ ِ
ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﱸ الفرقان.٤٣ :
المتكبر الطاغية :والتكبر اضطهاد لكرامة اآلخرين ،وهو طعن في أع ّز ما يملكه
كرم الله بها اإلنسان على من سواه :ﱹﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﱸ اإلنسان -كرامته التي ّ
اإلسراء ،٧٠ :لذا فإن من يحمل في قلبه ذرة من كبر ال يدخل الجنة( :ال يدخل الجنة
من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر).39
إن شر المتكبر الجبار على وطنه وشعبه ،لذا كان عقابه عند الله أشد عقاب :يقول
الله ع ّز وجل في الحديث القدسي( :وعزتي وجاللي ألنتقمن من الظالم في عاجله وآجله،
وألنتقمن ممن رأى مظلوماً ،وقدر على أن يعينه فلم يفعل).40
ال (..قال ( :)iإن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة، أخرجه مسلم ،91 /وأخرجه كام ً 40
قال ( :)iإن الله جميل يحب الجمال ،الكبر بطر الحق ،وغمط الناس).91 /
72
اإلعجاز القرآين يف توجيه السلوك اإلنساين
أخرجه ابن حبان ،709 /والحاكم في مستدركه ،7853 /و ،7897وأحمد في مسنده،19198 / 41
ﮎ ﮏ ﮐ ﱸ الصافات.١١٣ :
كذلك فإن الله ع ّز وجل إستثنى الظالمين من ذرية إبراهيم من العهد مع الله،
حين دعا لذريته أن تكون أئمة للناس ،كما جعله الله إماماً لهم :ﱹﮤ ﮥ ﮦ
ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ
ﯛ ﯜ ﱸ البقرة.١٢٤ :
وهذا اإلستثناء الرباني من وراثة األنبياء دلي ٌل على أن الصالح ال يرثه إال الصالح ودليل على
ذلك أن نسل األنبياء مفطرورون على الصالح والظلم ،شأنهم شأن جميع البشر ،غير أن إرادة الله
الحكيمة تصوغ من تشاء من ذريتهم صالحين أو طالحين ،بظلم منهم ،واستعداد فطري موروث
لهذاالظلم.
ومن إستثناءات الوراثة( :والدا ابراهيم -خليل الرحمن ،ومحمد -حبيب الله)،
وهما أكرم الخلق على الله (عليهما الصالة والسالم) ،كان أبواهما كافرين ،ولم يلدا إال
أصلح الناس وأطهرهم.
وحين سأل أحد الصحابة عن مصير والده بعد موته ،وكان مشركاً في النار ،أشفق
الرسول الرحيم عن مفاجأته بأنه في النار ،فواساه بقوله (( :)iأبي وأبوك في النار).42
ﱹﮉ استثناء بعض األزواج واألوالد من عوامل الوراثة والبيئة الصالحة لألسرة:
ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﱸ التغابن.١٤ :
إستثناء الله امرأة نوح وامرأة لوط من آثار العوامل البيئية وهي أسرة األنبياء الصالحين:
ﱹﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ
ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﱸ التحريم،١٠ :
فشذّت هاتان المرأتان عن بيئة النبوة الصالحة ،ألمر ق ّدره الله ،وهو أعلم به ،من غير
ظلم لهما ،إذ أنهما مسؤولتان عن هذا االنحراف إلى الكفر من اإليمان ﱹﮌ ﮍ ﮎ
ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﱸ الحج.١٠ :
إستثناء الله ع ّز وجل امرأة فرعون (آسيا) ،ومريم بنت عمران ،من بيئة
الفساد إلى أن تكونا من فضليات النساء في الدارين :ﱹﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ
74
اإلعجاز القرآين يف توجيه السلوك اإلنساين
الخاتمـة:
حير علماء النفس والمربين واالجتماع ،في
إن توجيه السلوك اإلنساني أمر خطيرّ ،
عمر التاريخ ،ونظمه اإلسالم وأحكم تنظيمه ،فصاغ خير أمة أخرجت بسلوكها ،وكان
سيد األنبياء محمد ( )iقرآناً يمشي على قدمين ،وصفه ربه ومربيه :ﱹﮛ ﮜ
ﮝ ﮞ ﮟ ﱸ القلم ،٤ :إذ جمع خلق جميع األنبياء فطرة وقدوًة بهم :ﱹﯬ
يتأسوا به، ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲﯳ ﱸ األنعام ،٩٠ :وأُم َ
ِر المسلمون جميعاً أن ّ
فقال تعالى :ﱹﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ
ﯾ ﯿ ﰀ ﱸ األحزاب.٢١ :
لذاكان التوجيه اإللهي في السلوك معجزاً في عمر التاريخ.
لقد بدأت الكتاب ببيان( :مفاهيم المعجزة والتفسير العلمي واإلعجاز) ،ثم انتقلت
إلى أنواع اإلعجاز في مجاالته القرآنية والنبوية في كبريات الخلق الثالث :ﱹﯔ ﯕ
ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﱸ غافر ،٥٧ :وسائر
أنواع اإلعجاز في عالم اإلنسان والحيوان والنبات والتاريخ واآلثار واالجتماع واالقتصاد
والقصص والغيب ،والعدد ،واإلعجاز في السيرة النبوية الكريمة.
75
اجمللة العاملية لبحوث القرآن
ثم انتقلت إلى بيان اإلعجاز القرآني والنبوي في آثاره في محاور اإلنسان الفطرية
الخمسة (الروح والعقل والنفس والقلب والجسد) ،في توجيه السلوك اإلنساني ،مع
مقارنات بالكتاب المقدس .وإن هذه المحاور تتجاوب جميعها فطرياً مع طبيعة الهدي
اإللهي الذي نتقبله تلقائياً ،ويسمو بها إلى الكمال ،من غير معارضته وال إكراه عليه!
ولقد ذكرت إلى جوار اإلعجاز القرآني في توجيه اإلنسان -محاوره الخمسة -توجيه
الكتاب المقدس الذي يهوي باإلنسان إلى الحضيض من خالل الخطيئة الوراثية آلدم وحواء
مجرد اإليمان
(عليهما السالم) ،التي تجبر اإلنسان على المعصية ،ويكفيه االقتصار على ّ
أن يعمل ما يشاء من قتل وزنى ...،ودللت على ذلك بنصوصه الصريحة.
ولقد فصلنا القول في مراحل خلق اإلنسان فطرةً ،جنيناً في رحم المرأة ،بما يتجاوب
مع العلم ،خطوة خطوة ،وبما يمثل عظمة اإلسالم وإعجازه في بيان الحقائق العلمية
قبل 1400عام ،ولم تعرف أكثرها إال في القرن العشرين ،ثم تواصلنا مع اإلنسان في
مراحل نموه بعد الوضع ،وعنينا بحاجات الجسد الفطرية ،وتلبية اإلسالم لها في مجاالتها
األربعة( :النظافة ،والغذاء ،والقوة والرياضة ،والطب -الوقاية والعالج) ،مقارنة بالكتاب
المقدس ،مع االستشهاد بالنصوص الصريحة والغزيرة.
ثم انتقلت إلى اإلعجاز في أثر العوامل الوراثية في توجية السلوك ،بنوعيها الخاصة بالنوع
اإلنساني عموماً ،والخاصة بالفروق الفردية ،وتطابق العلم مع اإلسالم قرآناً وحديثاً.
ولكل من أثر الوالدين نصوصه الصريحة في الكتاب والسنة ،على األوالد بنوعي الفطرة
النوعية والفروق الفردية .وقمة هذا األثر الوراثي نسب المصطفى ( )iالذي ينتهي بابراهيم
( ) ،والذي يباهي به ( )iفي أثر الوراثة فيه والمتمثلة في ( )18نبياً ،تتميز فطرتهم
جميعاً على سائر البشر( :أني خيار من خيار من خيار) صدق رسول الله (.)i
أما أبرز أثر للسلوك السيئ في الوراثة فهو إغراق قوم نوح :ﱹﯶ ﯷ ﯸ ﯹ
ﯺ [وهذا أثر البيئة] ،ﱹﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﱸ نوح[ ،٢٧ :وهذا أثر الوراثة
المؤكد بأسلوب الحصر هذا ،من غير إستثناء].
ثم انتقلت إلى اإلعجاز القرآني والنبوي في توجيه البيئة للسلوك ،إذ لها أثرها البالغ
بأنواعها التربوية واإلعالمية والدينية ،وهي أخطر البيئات تأثيراً في السلوك ،في حالة
انحرافها عن فطرة اإلنسان إلى الهوى والمصالح التي تحكم العالم :ﱹﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ
ﭨ ﭩ ﭪ ﱸ الجاثية.٢٣ :
76
اإلعجاز القرآين يف توجيه السلوك اإلنساين
77
اجمللة العاملية لبحوث القرآن
78
اإلعجاز القرآين يف توجيه السلوك اإلنساين
روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني :محمود شكري اآللوسي ،في
51م ،ط ،4دار الطباعة الميرية ،بيروت ،القاهرة .5891
سلسلة األحاديث الصحيحة :األلباني ،محمد ناصر الدين ،المكتب اإلسالمي ،ط،1
2م ،بيروت 2931هـ.
سنن ابن ماجه :الحافظ أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه القزويني ،جزءان ،تحقيق
محمد فؤاد عبد الباقي ،مطبعة دار الريان للتراث ،ومطبعة دار الكتب العلمية،
بدون تاريخ.
سنن أبي داود :الحافظ سليمان أبو داود األشعث السجستاني5 ،ج ،إعداد وتحقيق
عزت عبيد الدعاس ،ط :1مطبعة مصر ،دار الحديث للطباعة والنشر والتوزيع،
بيروت8831 ،هـ.0691 ،
سنن الترمذي ،مع تحفة اإلحوذي ،بشرح الترمذي :اإلمام عيسى محمد بن عيسى بن
سوره5 ،ج ،تحقيق كمال يوسف الحوت ،ط ،1دار الكتب العلمية ،بيروت،
وتحقيق أحمد محمد شاكر ،ومحمد فؤاد عبد الباقي8041هـ 7891 -م.
سنن الدارقطني ،اإلمام الدارقطني ،علي بن عمر البغدادي (ت583هـ) ،دار المعرفة،
بيروت6831 ،هـ.
سنن الدارمي ،أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن النيسابوري السمرقندي( ،ت/
113هـ) ،دار الكتاب العربي ،بيروت ،ط7041 ،1هـ
السنن الكبرى ،البيهقي ،أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي(ت854هـ) ،ط ،1حيدر
آباد ،الدكن ،مكتبة دار الباز ،مكة المكرمة 4141هـ.
سنن النسائي :شرح السيوطي ،النسائي ،أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب8( ،ج) في
(4م) ،دار الفكر ،بيروت 8431هـ 0391 -م.
السيرة النبوية :ابن هاشم ،عبد الملك الحميري ،دار الجيل ،بيروت1141 :هـ.
السيرة النبوية :د .عابد الهاشمي ،مركز عبادي للدراسات والنشر ،صنعاء ،اليمن ط،1
0002م ،ط1002 ،2م.
صحيح ابن حبان :أحمد بن حبان ،أبو حاتم التميمي البستي السجستاني81 ،
مجلداً ،تحقيق شعيب ارنؤوطي ،ط ،2:مؤسسة الرسالة ،بيروت4141 ،هـ -
3991م.
80
اإلعجاز القرآين يف توجيه السلوك اإلنساين
صحيح البخاري ،اإلمام محمد بن اسماعيل ،أبو عبد الله (ت652/هـ) ،دار القلم،
بيروت 7891م.
صحيـح مسلـم :اإلمام أبو الحسن بن مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري51 ،ج،
تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ،ط ،2:طبعة دار التراث العربي ،بيروت،
.6791
الطبقات الكبرى :ابن سعد ،محمد بن سعد بن منيع البصري ت032 :هـ ،بيروت،
دار صادر.7591 :
فتح الباري بشرح صحيح اإلمام البخاري :اإلمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر
العسقالني1 ،ج ،ط ، ،2:دار الريان للتراث ،القاهرة 9041هـ 8891 -م.
فيض القدير :شرح الجامع الصغير ،المناوي ،محمد عبد الرؤوف ،القاهرة ،المكتبة
التجارية .8391
القاموس المحيط :الفيروزي آبادي ،محب الدين ،أبو طاهر ،محمد بن يعقوب
الشافعي ،ط :3نشر مؤسسة الرسالة ،بيروت3141هـ 3991 -م.
القرآن الكريم.
الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل ووجوه التأويل :الزمخشري ،محمود بن عمر
بن أحمد3 ،م ،ط ،2دار المصحف ،القاهرة .7991
لسان العرب :ابن منظور ،محمد بن مكرم بن علي أبو الفضل81 ،ج ،دار إحياء
التراث العربي ،بيروت 8891م.،
المستدرك على الصحيحين :الحاكم أبو عبد الله بن عبد الله النيسابوري ،مطبعة الهند،
دار الكتاب العربي ،بيروت.
مسند اإلمام أحمد :أحمد بن حنبل ت (6 )142ج ،المطبعة السلفية ،ط :2دار
الفكر ،المكتب اإلسالمي ،بيروت ،دمشق ،عمان3141هـ 2991 -م.
المسند :أبو يعلى ،أحمد بن علي التميمي الموصلي.
المسند :أبوبكر ،محمد بن عبد الله بن إبراهيم ت453 :هـ.
معالم التنزيل بهامش تفسير الخازن) المسمى (لباب التأويل في معاني التنزيل :البغوي،
أبو محمد الحسن مسعود الغراء ،ط ، ،2مصطفى البابي الحلبي ،القاهرة
5991م.
81
اجمللة العاملية لبحوث القرآن
معجم الزوائد ومنبع القوائد :الهيثمي ،الحافظ على بن أبي بكر ،ط :2بيروت ،دار
الكتاب 7691م.
عمر مئة سنة52 ،ج،
المعجم الكبير :الطبراني ،الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمدّ ،
وخرج أحاديثه الشيخ حمدي عبد المجيد السلفي -عراقي ،معاصر ،الدار حققه ّ
العربية للطباعة ،بغداد ،3991 :دار إحياء التراث العربي ،بيروت ،لبنان 8791م
4141 -هـ.
المعجم المفهرس أللفاظ القرآن الكريم :محمد فؤاد عبد الباقي ،دار الحديث ،القاهرة،
بدون تاريخ.
موسوعة اإلعجاز العلمي في القرآن والسنة المطهرة :يوسف الحاج أحمد.
الموطأ :اإلمام مالك بن أنس ،إمام دار الهجرة ،تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ،دار
إحياء التراث العربي ،بيروت 6041هـ.
82