You are on page 1of 15

‫نبدأ هذا البحث بالبسملة‪ ،‬فهي خير ما ُيبتَد ُأ به‪ :‬بسم هللا الرحمن الرحيم والصالة والسالم على

رسول هللا صَّلى هللا عليه‬


‫‪،‬وسّلم‬
‫خلق هللا البشر جميًع ا ومنحهم من نعمه التي ال تعد وال تحصى‪ ،‬ووجد اختالف في كل فرد يميزه عن اآلخر فال يشبه أحد‬

‫وال يتطابق معه‬ ‫‪.‬‬


‫وقد يكون االختالف في الجسم أو العلم أو طريقة التفكير أو األمور المادية وغيرها من االختالفات التي تميز كل شخص‬

‫عن غيره‬ ‫‪.‬‬

‫وما ورد في القرآن الكريم يثبت كل هذه االختالفات (ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم)‬ ‫‪.‬‬
‫تتعلق الفروق الفردية في القرآن الكريم والسنة بالتفسير واالجتهاد في فهم النصوص الشرعية وتطبيقها‪ .‬فمن المعروف‬
‫أن القرآن الكريم هو المصدر الرئيسي للتشريع اإلسالمي‪ ،‬ولكن السنة أيضًا تعد مصدرًا مهمًا للتشريع اإلسالمي‬

‫وتوضيح األحكام الشرعية العامة والخاصة‬ ‫‪.‬‬


‫وتتمثل الفروق الفردية في القرآن الكريم والسنة في العديد من المسائل‪ ،‬مثل فهم معاني النصوص وتطبيقها في الحياة‬
‫العملية‪ ،‬وفي االجتهاد في القضايا الشرعية التي لم يرد فيها نص صريح في القرآن الكريم أو السنة‬ ‫‪.‬‬
‫وتتفاوت هذه الفروق الفردية بين الفرد واآلخر‪ ،‬وتعتمد على الخلفية الثقافية والتعليمية والدينية لكل شخص‪ ،‬فقد يتفاوت‬
‫فهم النصوص وتطبيقها بين العلماء والمفسرين والعامة‪ ،‬وقد تكون هناك اختالفات في الرؤى واآلراء بين األئمة والعلماء‬

‫والمفسرين‬ ‫‪.‬‬
‫ولكن بشكل عام‪ ،‬فإن الفروق الفردية في القرآن الكريم والسنة ال تؤثر على األسس الرئيسية للتشريع اإلسالمي‪ ،‬وال‬
‫تتعارض مع المبادئ األساسية للدين اإلسالمي‪ ،‬وتظل األهداف الرئيسية للتشريع اإلسالمي واضحة ومحددة‪ ،‬وهي تحقيق‬

‫المصلحة العامة للمجتمع وحفظ الدين والنفس والعقل والمال والنسل‬ ‫‪.‬‬
‫فأما الفروق الفردية في كتاب هللا عز وجل‬

‫يختلف كثير من الناس في استعداداتهم وقدراتهم الجسمية والنفسية والعقلية‪ ،‬وإن وجهة النظر المتفق عليها اآلن بين‬
‫العلماء والمختصين هي أن الفروق الفردية إنما تعد نتاج‬
‫التفاعل بين العوامل البيئية والعوامل الوراثية‪ ،‬ويمكن تحديد أوجه هذا التفاعل في‪ - :‬استعدادات الفرد وإمكاناته‪ ،‬وتمثل‬

‫الجانب الوراثي‬ ‫‪.‬‬

‫‪-‬‬ ‫الخبرات أو الممارسات التي يمر بها الفرد‪ ،‬وتمثل الجانب البيئي‬ ‫‪.‬‬
‫ويعرف علماء النفس الفروق الفردية بأنها «تلك الصفات التي يتميز بها اإلنسان عن غيره من األفراد سواء كانت تلك‬

‫الصفات جسمية أم عقلية أم مزاجية‪ ،‬في سلوكه النفسي أو االجتماعي‬ ‫»‬


‫وتجدر اإلشارة هنا إلى أن القرآن الكريم قد أشار إلى الفروق بين الناس في كثير من المواضع‪ ،‬ولعل اآليات التي‬
‫سنستشهد بها في هذا المقام كلها تشير إشارة واضحة إلى وجود الفروق الفردية بين الناس‪ ،‬كما أنها ترجع هذه الفروق‬

‫إلى كل من العوامل الوراثية والبيئية‬ ‫‪.‬‬


‫فقوله عز وجّل‪{ :‬وهو الذي جعلكم خالئف األرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم} (األنعام‪،)165 :‬‬
‫يشير إلى أنه يغطي كل أنواع الفروق الفردية بين الناس على جميع‬
‫المستويات التكوينية‪ ،‬سواء كانت وراثية أم مكتسبة‬ ‫‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪{ :‬ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعًض ا سخرًّي ا} (الزخرف‪ ،)32 :‬وهنا إشارة واضحة إلى‬
‫اختالف الناس في الغنى‪ ،‬وفي العلم والمهن‪ ،‬وقد جعل هللا ذلك ساريا في عباده ليتم التعاون وتوزيع العمل بين أفراد‬

‫المجتمع مما يكفل سد حاجاتهم‪ ،‬ويهيئ لهم أسباب التعايش فيما بينهم‬ ‫‪.‬‬

‫وفي آية أخرى يقول تعالى‪{ :‬ومن آياته خلق السموات واألرض واختالف ألسنتكم وألوانكم‪( }...‬الروم‪)22 :‬‬ ‫‪.‬‬
‫فمن الواضح من اآلية أن اختالف األلوان إنما يرجع إلى العوامل الوراثية‪ ،‬وأن اختالف األلسن واللغات بين الناس يرجع‬
‫إلى العوامل البيئية واالجتماعية والثقافية‪ .‬وفي ذلك إشارة بينة إلى أثر كل من العوامل الوراثية والبيئية في الفروق‬

‫الفردية‬ ‫‪.‬‬

‫وتوجد فروق أخرى بين الناس نجملها في النماذج اآلتية‬ ‫‪:‬‬

‫‪1-‬‬ ‫فروق في العلم والحكمة‪ :‬أي وجود فروق بين الناس في‬
‫القدرات العقلية والذكاء‪ ،‬كما يفهم ذلك صراحة من قوله تعالى‪...{ :‬نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم}‬

‫(يوسف‪)76 :‬‬ ‫‪.‬‬


‫وقد فسر ابن كثير هذه اآلية بقوله‪« :‬قال الحسن البصري‪ :‬ليس عالم إال فوقه عالم حتى ينتهي إلى هللا عز وجّل‪ .‬عن‬
‫سعيد بن جبير قال‪ :‬كنا عند ابن عباس فحّدث بحديث عجيب‪ ،‬فتعجب رجل فقال‪ :‬الحمد هلل‪ ،‬فوق كل ذي علم عليم‪ ،‬فقال‬

‫ابن عباس‪ :‬بئسما قلت‪ ،‬هللا العليم فوق كل عالم‪ ،‬يكون هذا أعلم من هذا‪ ،‬وهذا أعلم من هذا‪ ،‬وهللا فوق كل عالم» (‪)2‬‬ ‫‪.‬‬

‫‪2-‬‬ ‫فروق في السلوك والعمل‪ :‬إذا كان الناس مختلفين في استعداداتهم وقدراتهم‪ ،‬وبيئتهم وخبراتهم الشخصية‪ ،‬فإنه‬
‫مما ال شك فيه توجد اختالفات كثيرة في سلوكهم أيضا مصداقا لقوله عز وجل‪{ :‬قل كل يعمل على شاكلته‪( }...‬اإلسراء‪:‬‬

‫‪ ،)84‬أي كل يعمل على طبيعته أو طريقته حسب تفسير ابن كثير وصاحب تفسير الجاللين‬ ‫‪.‬‬
‫ويؤدي‪ ،‬بطبيعة الحال‪ ،‬اختالف الناس في االستعدادات والقدرات البدنية والعقلية إلى اختالف قدراتهم على الكسب‬
‫والعمل‪ ،‬وتحصيل العلم والمعرفة وغير ذلك‪ ،‬وتختلف تبعا‬
‫لذلك واجباتهم ومسؤولياتهم‪ ،‬وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الفروق الفردية في آيات كثيرة نذكر منها ما يلي‬ ‫‪:‬‬

‫{ال يكلف هللا نفسا إال وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت‪( }...‬البقرة‪)286 :‬‬ ‫‪.‬‬

‫{وال نكلف نفسا إال وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم ال يظلمون} (المؤمنون‪)62 :‬‬ ‫‪.‬‬

‫{ال يكلف هللا نفسا إال ما آتاها‪( }...‬الطالق‪)7 :‬‬ ‫‪.‬‬


‫نجد في هذه اآليات إشارة واضحة إلى وجود الفروق الفردية‪ ،‬وإلى أن الفرد ال يكلف إال ما وسعه وطاقته‪ ،‬وفي إشارة‬
‫القرآن إلى ذلك يمثل الفكرة األساس «فيما وصل إليه علم النفس الحديث من االهتمام بقياس الفروق بين األفراد في‬
‫االستعدادات والقدرات لتنظيم عملية التعليم بحيث يوجه كل فرد إلى نوع التعليم المناسب الستعداداته وقدراته‪ ،‬وهذا هو‬
‫الهدف من عملية التوجيه التربوي في التربية الحديثة‪ .‬ويستعين علماء النفس المحدثون أيضا بقياس الفروق الفردية بهدف‬

‫تحسين عملية االختيار المهني بحيث يمكن وضع كل فرد في العمل المناسب الستعداداته وقدراته» (‪)3‬‬ ‫‪.‬‬
‫‪3-‬‬ ‫فروق اجتماعية‪ :‬قال هللا تعالى‪{ :‬نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات‬

‫ليتخذ بعضهم بعًض ا سخرًّي ا ورحمت ربك خير مما يجمعون} (الزخرف ‪)32‬‬ ‫‪.‬‬

‫‪4-‬‬ ‫فروق أخالقية‪ :‬قال هللا تعالى‪{ :‬ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤّده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار ال‬

‫يؤّده إليك إال مادمت عليه قائًما} (آل عمران‪)75 :‬‬ ‫‪.‬‬

‫‪5-‬‬ ‫فروق في األهداف والغايات‪ :‬قال هللا تعالى‪{ :‬إن سعيكم لشتى} (الليل‪)4 :‬‬ ‫‪.‬‬

‫‪6-‬‬ ‫فروق عقلية‪ :‬قال هللا تعالى‪{ :‬يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يّذ كر إّال أولو‬

‫األلباب} (البقرة‪)269 :‬‬ ‫‪.‬‬


‫ومراعاة الفروق الفردية ذات أهمية كبيرة في شتى العالقات التواصلية العلمية والمعرفية‪ ،‬فالناس يختلفون فيما بينهم في‬
‫عديد من القدرات والصفات ويهم المخاطب أن يكون على دراية بما بين الناس من فروق ليتعرف على نواحي القوة‬
‫والضعف فيهم‪ ،‬فيتواصل معهم حسب قدراتهم واستعداداتهم‬ ‫‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬يؤكد علماء الوراثة أن الفروق الفردية إنما هي حقائق بيولوجية أساسية ال يمكن نكرانها‪ ،‬ويسعى‬
‫أصحاب هذا االتجاه إلى الدعوة إلى ضرورة االنتفاع بالمواهب المتنوعة عوًض ا عن محاولة التأثير عليها خارجًّي ا دون‬

‫جدوى مع الفرص المتاحة لهم‬ ‫‪.‬‬


‫فاالختالفات الفردية ظاهرٌة عامة في جميع الكائنات‪ ،‬فلن نجد فردين من نوع واحد متشابَه ْين في استجابة كٍّل منهما‬
‫لموقف واحد‪ ،‬وتؤِّك د األبحاُث أن أفراد النوع الواحد يختلفون فعاًل في ُقدرِتهم على التعُّلم‪ ،‬وحِّلهم للمشكالت‪ ،‬وأحوالهم‬

‫االنفعالية؛ كالخوف والحب‪ ،‬ودوافع السلوك؛ كُحِّب االستطالع‪ ،‬والحاجة إلى اإلنجاز‬ ‫‪.‬‬
‫إن وجود فروق فردية بين الناس ُيساِع د على تحسين الحياة‪ ،‬وسيرها السيَر الطبيعي‪ ،‬فالحياة ال يمكن أن تقوَم إذا كان‬
‫الناس جميًع ا على درجة واحدة‪ ،‬وهي تشمل نواحي الشخصية المختلفة‪ :‬الجسمية‪ ،‬والعقلية‪ ،‬والمزاجية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬فكما‬
‫‪،‬ال نستغرب اختالَف األفراد فيما بينهم من ناحية الطوِل أو الوزن‪ ،‬يجب أَّال نستغرب كذلك وجوَد فروق بينهم في الذكاء‬
‫أو في الميول‪ ،‬أو في سمات الشخصية؛ كاالنطواء‪ ،‬أو االنبساط‬ ‫‪.‬‬
‫فأما {الفروق الفردية في السنة النبوية}‬

‫كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حكيًما‪ ،‬واهتم بالفروق الفردية بين أصحابه‬ ‫‪.‬‬
‫لذا كان يعامل كل منهم على حسب صفاته‬ ‫‪.‬‬
‫فكان عليه الصالة والسالم يحسن استخدام الفروق الفردية في تعليم أصحابه وفي توجيه تعليماتهم إليهم‬ ‫‪.‬‬
‫ألنه كان على دراية تامة بأن ما يصلح لشخص ال يصلح لآلخر وما يصلح لزمان ال يصلح لزمان آخر‬ ‫‪.‬‬
‫كما كان عليه الصالة والسالم شديد مراعاة للفروق الفردية عند مخاطبة المتعلمين من السائلين‬ ‫‪.‬‬
‫فكان يحاول جاهًد ا محاورة كل فرد على قدر فهمه‬ ‫‪.‬‬
‫لذا سنقوم في هذا الجزء من بحث عن الفروق الفردية في القرآن والسنة بوضع شرح عن أحاديث رسول هللا صلى هللا‬

‫عليه وسلم التي توضح الفروق الفردية‬ ‫‪.‬‬


‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪(:‬من يرد هللا به خيًر ا يفقه في الدين)‬ ‫‪.‬‬
‫وضح الرسول عليه الصالة والسالم في هذا الحديث الفروق بين االتجاهات اإلنسانية‬ ‫‪.‬‬
‫فمن يريد العلم يبذل في سبيل هللا ما يجعله قادر على تحصيله سواء من المال أو الصحة‬ ‫‪.‬‬
‫ويمكن أن يكون منهم العابد الذي يحب العمل في سبيل هللا‪ ،‬فيقف بين يديه مصلًيا أو صائًما تارًك ا الدنيا وما فيها‬‫‪.‬‬
‫ويتحدث الرسول صلى هللا عليه وسلم هنا في هذا الحديث أيًض ا عن الفقه في فهم النصوص الشرعية التي تحتاج لقلب‬

‫وعقل فاهم وراجح وهذه القدرات ال شك أن هللا أعطاها ألناس دون آخرين‬ ‫‪.‬‬
‫الفروق الفردية في السنة النبوية‬

‫ومن الفروق أيًض ا التي أشارت لها السنة الفروق في الفهم والحفظ‬ ‫‪.‬‬
‫فعن زيد بن ثابت رضي هللا عنه قال سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول‪( :‬نضر هللا امرًء سمع منا حديًث ا‪ ،‬فحفظه‬

‫حتى يبلغه)‬ ‫‪.‬‬


‫فيعطينا هذا الحديث صورة عن بعض الناس الذين يوجد بينهم اختالفات في قدرتهم على الفهم والحفظ‬ ‫‪.‬‬
‫فقد يكون اإلنسان لديه القدرة على الفقه ولكن ال يملك القدرة على الفهم واالستنباط‬ ‫‪.‬‬
‫ألن ملكة الحفظ تختلف عن ملكة الفهم ولكل فرد فروق فردية تميزه عن غيره‬ ‫‪.‬‬
‫واعتبرت السنة النبوية الفروق الفردية قدرة في معالجتها‬
‫للنفوس اإلنسانية فعند إعطائها حقها‬ ‫‪.‬‬
‫يستطيع كل إنسان أن يأخذ ما يحتاج إليه من التوجيه والتربية والتعليم على حسب احتياجه فقط وطاقته التي يقدر عليها‬ ‫‪.‬‬
‫مثال حديث عن أبي هريرة رضي هللا عنه عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪(:‬الناس معادن كمعادن الذهب والفضة‪،‬‬

‫خيارهم في الجاهلية خيارهم في اإلسالم إذا فقهوا)‬ ‫‪.‬‬


‫فهذا الحديث شبه الناس بالمعادن المختلفة‬ ‫‪.‬‬
‫وأن اختالفهم كاختالف المعادن ومن الصعب تغيير الصفات السيئة التي ترسخت في نفوسهم‬ ‫‪.‬‬
‫واختار الرسول عليه الصالة والسالم معدنين مميزين ونادرين في األرض ليوضح أن االختالف بينهم صعب‬ ‫‪.‬‬
‫لذا فهو يحث كل إمام أن يكون واعًيا لهذه الفروق ويخفف على الناس في الصالة حيث يوجد منهم المريض والضعيف‬ ‫‪.‬‬
‫كما قال صلى هللا عليه وسلم‪(:‬ما أحد يحدث قوما بحديث ال تبلغه عقولهم إال كان فتنة على بعضهم)‬ ‫‪.‬‬
‫االستفادة من الفروق الفردية‬

‫إن الفروق الفردية بين األفراد حقيقة وجدانية ال يمكن التغافل عنها‬ ‫‪.‬‬
‫فهي حقيقة ملموسة يجب على كل تربوي االستفادة منها‬ ‫‪.‬‬
‫فالناس يختلفون عن بعضهم في القدرات والمهارات والمجتمع الناجح هو الذي يستطيع أن يوظف عامل الفروق‬
‫الفردية في النهوض والتقدم‬ ‫‪.‬‬
‫ويساهم في معرفة قدرات كل إنسان وميوله ويضعه في مكانه الصحيح الذي يعود له به بأفضل النتائج‬ ‫‪.‬‬
‫وألن االختالفات الفردية حقيقة وضحتها كل البحوث العلمية التي أشادت باختالف األفراد في قدراتهم العقلية واستيعابهم‬

‫في تحصيل التعلم‬ ‫‪.‬‬


‫ومنها استفاد علماء المسلمين في تعدد أنماط التعلم ليستفيد منها المعلمون ويقوموا بتطبيقها على طالبهم‬ ‫‪.‬‬
‫يجب على المدرس معرفة الفروق الفردية بين طالبه معرفة تامة ليسهل عليهم توصيل المعلومة لهم ويحققون أفضل‬

‫النتائج‬‫‪.‬‬
‫كما فعل أشرف الخلق عليه الصالة والسالم أثناء نشر دعوته‬ ‫‪.‬‬
‫حيث راعى كل الفروق حتى النوعية فكان يغير رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في إجاباته على األسئلة باختالف السائل‬

‫له‬ ‫‪.‬‬
‫وقدرته على فهمه كما يختلف سلوكه وموقفه باختالف الشخص المكلف باألمر‬ ‫‪.‬‬
‫االستفادة من الفروق الفردية‬

‫حتى أنه عليه أفضل الصالة والسالم كان يقبل مواقف وسلوكيات من بعض األشخاص‬ ‫‪.‬‬
‫وال يتقبلها من أشخاص آخرين ومن أكثر المواقف التي‬
‫استخدم فيها الرسول عليه الصالة والسالم‬‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫اإلشادة بأهمية الفروق الفردية وأخذها في االعتبار في التعامل مع اآلخرين عندما استخدمها في قيادة الجيش‬

‫‪.‬‬
‫فكان صلى هللا عليه وسلم يولي قيادة الجيش في المعارك اإلسالمية لمن هو كفاءة ويستحق القيادة وليس األقرب إليه‬
‫فكان يولي خالد بن الوليد سيف هللا المسنون قيادة الجيش بمعارك كان فيها صاحبيه أبو بكر الصديق والفاروق عمر بن‬

‫الخطاب‬ ‫‪.‬‬
‫وهذا لعلمه التام بتوزيع األشخاص حسب قدراتهم وكيفية استغالل إمكانية كل شخص وتقدير قدراته‬ ‫‪.‬‬
‫الفروق الفردية على مر التاريخ‬

‫كان الحاكم الناجح هو من يستطيع توظيف الفروق الفردية لصالحه‬ ‫‪.‬‬


‫وهذا ما حدث في تاريخ وعصور الملوك القدامى‬ ‫‪.‬‬
‫فقام أفالطون بتقسيم جمهوريته إلى فئات عديدة تختلف كل فئة عن غيرها باختالف الفروق الفردية‬ ‫‪.‬‬
‫كما تحدث أرسطو عن هذه الفروق الفردية بين األجناس‪ ،‬والطبقات االجتماعية‪ ،‬والفروق العقلية‪ ،‬والفروق الخلقية‪،‬‬

‫والفروق الجنسية‬‫‪.‬‬
‫كما نسب أرسطو تلك الفروق الفردية إلى العوامل الوراثية‬ ‫‪.‬‬
‫ودون كل هذا في كتاباته‬‫‪.‬‬
‫ونجد في القرن التاسع عشر أنه اخترع علماء الفلك كثيًر ا من اآلالت لقياس المعادلة الشخصية لكل فرد دون مقارنته‬

‫بغيره‬ ‫‪.‬‬
‫وأول من بدأ في طريق قياس الفروق الفردية العالم البيولوجي جالتون عن طريق تقديمه بحث في علم الوراثة والعوامل‬

‫‪.‬‬
‫الوراثية‬

‫ولقد أقام جالتون في عام ‪ 1882‬معمال لقياس سمات األفراد الجسمانية‬ ‫‪.‬‬
‫وتعتبر هذه البداية لعلم البحث في الفروق الفردية وتسليط الضوء عليها وفي بداية القرن العشرين‬ ‫‪.‬‬
‫بدأ علم سيكولوجية الفروق الفردية بالظهور إلى النور وفرض نفسه على ساحة العلوم‬ ‫‪.‬‬
‫وكان بمثابة جزء من علم النفس الذي يقوم بتحديد طبيعة األفراد وطبائعهم وطرق قياس هذه الفروق‬ ‫‪.‬‬
‫شاهد أيًض ا‪ :‬أهمية اللغة العربية في فهم القرآن والسنة‬

‫خاتمة بحث عن الفروق الفردية في القرآن والسنة‬

‫قال رسول هللا صلى هللا على وسلم‪(:‬ال فضل لعربي على أعجمي‪ ،‬إال بالتقوى والعمل الصالح) ففي نهاية بحث عن‬

‫الفروق الفردية في القرآن والسنة‬‫‪.‬‬


‫نستطيع توضيح حكمة هللا في خلقنا متفاوتين في الفروق الفردية والقدرات لحكمة هو وحده أعلم بها‪ ،‬ولكن يجب توظيف‬

‫هذه الفروق الفردية لمساعدتنا في تطوير وتنمية وتكوين مجتمع متكامل‬ ‫‪.‬‬

‫هذا وهللا اعال واعلم وهللا‬ ‫‪...‬‬

‫مقدم البحث‬ ‫‪/‬‬


‫الخليل بن أحمد‬ ‫‪.‬‬

You might also like