You are on page 1of 86

‫ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻋﺒد اﻟرﺤﻤﺎن ﻤﯿرة – ﺒﺠﺎﯿﺔ‬

‫ﻛﻠﯿﺔ اﻟﺤﻘوق واﻟﻌﻠوم اﻟﺴﯿﺎﺴﯿﺔ‬


‫ﻗﺴم ﻗﺎﻨون اﻷﻋﻤﺎل‬

‫ﺘﺴرﯿﺢ اﻟﻌﻤﺎل ﻓﻲ ﻗﺎﻨون اﻟﻌﻤل اﻟﺠزاﺌري‬

‫ﻤذﻛرة ﻟﻨﯿل ﺸﻬﺎدة اﻟﻤﺎﺴﺘر ﻓﻲ اﻟﺤﻘوق‬


‫ﻓرع‪ :‬ﻗﺎﻨون اﻷﻋﻤﺎل ‪ /‬ﺘﺨﺼص‪ :‬اﻟﻘﺎﻨون اﻟﻌﺎم ﻟﻸﻋﻤﺎل‬

‫ﺘﺤت إﺸراف اﻷﺴﺘﺎذ‪:‬‬ ‫ﻤن إﻋداد اﻟطﺎﻟﺒﺘﯿن‪:‬‬


‫ﺒﻠول اﻋﻤر‪.‬‬ ‫‪ ‬اﻟﻌﯿداﻨﻲ ﻟﯿﻨدة‪.‬‬
‫‪ ‬ﻛرﯿم ﻟﯿﺘﯿﺴﯿﺎ‪.‬‬

‫ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ‪:‬‬
‫اﻷﺴﺘﺎذ)ة(‪:‬ﺘﻐرﺒﯿت رزﯿﻘﺔ‪ ،‬أﺴﺘﺎذ ﻤﺤﺎﻀر "أ"‪ ،‬ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺒﺠﺎﯿﺔ‪ ..............‬رﺌﯿﺴﺎ‪.‬‬
‫اﻷﺴﺘﺎذ‪ :‬ﺒﻠول اﻋﻤر‪ ،‬أﺴﺘﺎذ ﻤﺤﺎﻀر "أ"‪ ،‬ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺒﺠﺎﯿﺔ‪ ..................‬ﻤﺸرﻓﺎ‪.‬‬
‫اﻷﺴﺘﺎذ)ة(‪ :‬ﺼوﯿﻠﺢ ﻛرﯿﻤﺔ‪ ،‬أﺴﺘﺎذ ﻤﺤﺎﻀر "ب"‪ ،‬ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺒﺠﺎﯿﺔ‪ ..........‬ﻤﻤﺘﺤﻨﺎ‪.‬‬

‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺠﺎﻤﻌﯿﺔ‪2017-2016 :‬‬


‫الشكر والتقدير‬

‫الحمد هلل جل جالله الذي وفقنا في إنجاز هذه المذكرة‪ ،‬والذي ألهمنا الصحة والعافية‬

‫والعزيمة‪ ،‬اللهم صل على محمد وعلى آل محمد أما بعد‪:‬‬

‫نتقدم بجزيل الشكر والتقدير إلى األستاذ " بلول أعمر " الذي أكرمنا بإشرافه على‬

‫مذكرتنا والذي لم يبخل علينا بتوجيهاته وقدم لنا معلومات قيمة ساهمت في إثراء‬

‫موضوع بحثنا فله منا كل االمتنان واالحترام‪ ،‬جزاه هللا خيرا‪.‬‬

‫مد لنا يد العون‪.‬‬


‫نشكر أيضا األستاذ بري نور الدين الذي َ‬

‫كما نشكر جميع أساتذتنا الكرام على إرشاداتهم وتوجيهاتهم لنا طيلة مسيرتنا الدراسية‪.‬‬

‫وال ننسى كل من ساعدنا من قريب أو بعيد ولو بكلمة أو دعوة صالحة‪.‬‬

‫نسأل هللا التوفيق والسداد‪.‬‬


‫اإلدهاا‬
‫وسر‬
‫النصع بالبياض إلى بسمة الحياة ّ‬
‫الشفاء إلى القلب ّ‬
‫الحب وبلسم ّ‬
‫ّ‬ ‫إلى رمز‬
‫الوجود‪"..‬والدتي الغالية"‪.‬‬

‫ليقدم‬ ‫إلى من عّلمني العطاء بدون انتظار‪ ..‬إلى من أحمل إسمه ّ‬


‫بكل افتخار ‪..‬إلى من كّلت أنامله ّ‬
‫لنا لحظة سعادة‪"..‬والدي العزيز"‪.‬‬

‫النفوس البريئة‪..‬إلى رياحين حياتي إخوتي ‪"..‬سفيان"‬


‫الرقيقة و ّ‬
‫طاهرة ّ‬
‫إلى القلوب ال ّ‬
‫وزوجته "المية" وابنتيهما "رزان" و"أنفال" اللتان أدخلتا السعادة للعائلة‪ ،‬أخي "اللوناس"‪،‬‬
‫والى أخي "هشام" وزوجته "صونية"‪.‬‬

‫ومحبة ال حدود لها‪..‬أختي الوحيدة "صارة"‪.‬‬


‫ّ‬ ‫قوة‬
‫إلى من بوجودها أكتسب ّ‬

‫أتمنى من هللا أن يجمعني معه بخير‪"..‬لمين"‪ ،‬والى جميع عائلتة‪.‬‬


‫إلى خطيبي الغالي الذي ّ‬

‫إلى جداتي "عائشة" و"لويزة" أطال هللا في عمرهما‪،‬‬


‫والى كل عائلتي‪.‬‬

‫النجاح والخير‪..‬‬
‫أمي‪ ..‬إلى من كانوا معي على طريق ّ‬ ‫تلدهن ّ‬
‫ّ‬ ‫إلى األخوات اللواتي لم‬
‫صديقاتي‪" :‬إيمان"‪" ،‬تينهنان"‪" ،‬إبتسام"‪" ،‬وداد"‪" ،‬جهان"‪.‬‬

‫أخص بال ّذكر صديقتي الغالية والمخلصة ‪"..‬ليتيسيا" التي وقفت بجانبي في إعداد هذه المذكرة‪.‬‬
‫و ّ‬

‫يحبني في هللا أهدي هذا العمل‪.‬‬


‫كل من ّ‬
‫إلى ّ‬

‫ليناة‬
‫اإلهداء‬
‫إلى من رفعت رأسي عاليا افتخا اًر به ‪ ...‬إلى قدوتي األولى في الحياة "والدي العزيز" ‪...‬‬
‫أطال هللا عمره فيما يحب‪.‬‬

‫إلى من علمتني الصمود مهما تبدلت الظروف‪...‬إلى من وسعتني رحمتها صغيرًة‪ ،‬وأسعدتني‬
‫رفقتها كبيرًة "والدتي الحبيبة" ‪ ...‬أدام هللا وجودها معنا‪.‬‬

‫إلى فرحة حياتي ‪ ...‬إلى روحي وفؤادي ‪ ...‬أخي الوحيد "عبد الرحيم"‪.‬‬

‫إلى من شجعني ووقف دائما بجانبي وساندني في أفضل وأسوء حاالتي‪ ...‬إلى من جعل الحياة‬
‫جميلة في عيني خطيبي الغالي "طريق" ‪ ...‬إلى كل عائلته‪ ،‬والتي هي عائلتي الثانية‪.‬‬

‫إلى خاالتي اللواتي طالما شجعنني‪.‬‬

‫إلى أختي التي لم تلدها أمي ‪ ...‬إلى أقرب صديقة ‪ " ...‬ليديا"‪.‬‬

‫إلى كل عائلتي ‪ ...‬كبيرها وصغيرها‪.‬‬

‫إلى صديقتي الغالية والمخلصة "ليندة" التي وقفت بجانبي في إعداد هذه المذكرة‪.‬‬

‫يحبني في هللا أهدي هذا العمل‪.‬‬


‫كل من ّ‬
‫إلى ّ‬

‫ليتيسيا‬
‫قائمة المختصرات‬

‫أوال‪ :‬اللغة العربية‬

‫‪ ‬ج‪.‬ر‪ :‬الجريدة الرسمية‪.‬‬


‫‪ ‬ص‪ :‬الصفحة‪.‬‬
‫‪ ‬ص ص‪ :‬من الصفحة إلى الصفحة‪.‬‬
‫‪ ‬ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ‪ :‬قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اللغة الفرنسية‬

‫‪ P. : page.‬‬
‫‪ P P. : de la page a la page.‬‬
‫‪ Op.Cit. : ouvrage précédemment cité.‬‬
‫مقدمة‬

‫مقدمة‬
‫إن ديمومة عالقة العمل ال تعني استمرار العمل لدى المستخدم مدى الحياة لكون هذا‬
‫االلتزام يتعارض وحرية العامل ويمس بكرامته إذ قد ينجر عنه استعباد للعامل (‪ ،)1‬لذا فمن المؤكد‬
‫أن العالقة ستنتهي في يوم أو في آخر‪ ،‬لهذا أدت الضرورة إلى تدخل الدولة بوضع أحكام وقواعد‬
‫من شأنها تنظيم حاالت انتهاء عالقة العمل وتحديد أسبابها وذلك بسبب تعسف المستخدمين في‬
‫إنهاء عالقة العمل ومساسهم بحقوق العمال في مرحلة سيادة مبدأ سلطان اإلرادة في التعاقد (‪، )2‬‬
‫وفي هذا الخصوص نصت المادة ‪ 66‬من قانون رقم ‪ )3( 11-90‬على الحاالت التي تنتهي فيها‬
‫عالقة العمل والتي سنبينها باختصار على النحو التالي‪:‬‬

‫يعد البطالن أو اإللغاء القانوني أول الحاالت التي نصت عليه المادة ‪ ،66‬تتضمن هذه‬
‫الحالة في حد ذاتها سببين النتهاء عالقة العمل وهما البطالن واإللغاء‪ ،‬وكالهما مختلفان عن‬
‫بعضهما البعض‪ ،‬فاإللغاء يتعلق بصدور قانون جديد يلغي حكم أو عدة أحكام‪ ،‬كأن يرفع من‬
‫العمر األدنى للتوظيف فذلك يؤدي إلى إنهاء عالقة العمل للعمال الذين ال تتوافر فيهم السن‬
‫الجديدة‪ ،‬أما البطالن فيخص مخالفة أحكام القانون كتشغيل أطفال دون ‪ 16‬سنة مثال أو تشغيل‬
‫النساء في عمل ليلي ففي هذه الحالة يبطل العقد‪ ،‬وينتهي معه عقد العمل‪ ،‬غير أن األثر الرجعي‬
‫للبطالن المطلق مستبعد في بعض الحاالت كما هو الشأن بالنسبة لألجر إذ ال يمكن أن يؤدي‬
‫البطالن إلى حرمان العامل من تقاضي أجره عن فترة العمل المنجز (‪.)4‬‬

‫قويدري مصطفى‪ ،‬عقد العمل بين النظرية والممارسة‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،2010 ،‬ص ‪.193‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫هدفي بشير‪ ،‬الوجيز في شرح قانون العمل‪ :‬عالقات العمل الفردية والجماعية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬جسور للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫الجزائر‪ ،2009 ،‬ص ‪.107‬‬


‫(‪ )3‬أنظر المادة ‪ 66‬من القانون رقم ‪ ،11-90‬مؤرخ في ‪ 21‬أفريل سنة ‪ ،1990‬يتعلق بعالقات العمل‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪،17‬‬
‫صادر بتاريخ ‪ 26‬أفريل ‪ ،1990‬معدل ومتمم‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫(‪ )4‬قويدري مصطفى‪ ،‬المرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 232‬و‪.233‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‬

‫أما الحالة الثانية فتتمثل في انقضاء أجل عقد العمل ذي المدة المحددة‪ ،‬والمقصود به أنه‬
‫ذلك العقد الذي يتعلق انتهائه بتحقق واقعة مؤكدة الحدوث‪ ،‬وعليه فعقد العمل يكون محدد المدة إذا‬
‫ضرب انتهائه تاريخ معين كأن يتفق الطرفان على انتهائه بتاريخ يحددانه بينهما‪ ،‬أو إذا ما حدد‬
‫لسريانه فترة معينة كسنة أو شهر أو موسم‪ ،‬كما أنه قد يكون في حكم العقد محدد المدة العمل‬
‫الذي أبرم إلنجازه عمل معين كجني المحصول أو نقل أنقاض البناء المهدم (‪.)5‬‬

‫بالنسبة للحالة الثالثة فتتمثل في االستقالة والتي تعتبر بمثابة إنهاء للعقد باإلرادة المنفردة‬
‫للعامل(‪ ،)6‬تضيف المادة ‪ 68‬من قانون رقم ‪ 11-90‬ما يلي‪" :‬االستقالة حق معترف به للعامل‪،‬‬
‫على العامل الذي يبدي رغبته في إنهاء عالقة العمل مع الهيئة المستخدمة أن يقدم استقالته‬
‫كتابة‪ ،‬ويغادر منصب عمله بعد فترة إشعار مسبق وفقا للشروط التي تحددها االتفاقيات أو‬
‫االتفاقات الجماعية‪".‬‬

‫أما بالنسبة للحالة الرابعة فتتمثل في العزل‪ ،‬والتي تعتبر حالة من بين الحاالت التي تشمل‬
‫إما التسريح التأديبي الذي يستند إلى ارتكاب العامل لخطأ مهني جسيم أثناء العمل أو بمناسبته‪ ،‬أو‬
‫التسريح التعسفي الذي يعتبر تسريح فردي يتم خرقا ألحكام المادة ‪ 73‬من قانون العمل الجزائري‬
‫التي حددت لنا األخطاء الجسيمة التي يعاقب عليها التشريع‪.‬‬

‫تتمثل الحالة الخامسة في العجز الكامل عن العمل‪ ،‬أين يستحيل على العامل تنفيذ عمله‪،‬‬
‫ويؤدي بذلك عن إنهاء عقد العمل مع تحمل صاحب العمل لكافة النتائج التي ترتبها القوانين‬
‫والتنظيمات المهنية المعمول بها‪ ،‬كما يمكن إثبات نسبة العجز الكلي عن العمل نتيجة مرض أو‬

‫(‪ )5‬هيثم حامد المصاورة‪ ،‬المنتقى في شرح قانون العمل‪ :‬دراسة مقارنة بالقانون المدني‪ ،‬دار الحامد للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫‪ ،2007‬ص ‪.256‬‬
‫(‪ )6‬همام محمد محمود زهران‪ ،‬قانون العمل‪ :‬عقد العمل الفردي‪ ،‬القانون ‪ 137‬لسنة ‪ 1981‬ومشروع القانون الجديد فقها‬
‫وقضاءا‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1998-1997 ،‬ص ‪.926‬‬

‫‪2‬‬
‫مقدمة‬

‫حادث عمل بكافة طرق االثبات كالشهادة الطبية الصادرة عن الطبيب المختص (‪.)7‬‬

‫الحالة السادسة تشمل التسريح للتقليص من عدد العمال‪ ،‬الذي يعتبر تسريح جماعي أين‬
‫يقوم المستخدم بفصل عاملين أو أكثر بسبب صعوبات أو ضغوط اقتصادية‪ ،‬يتم في شكل دفعة‬
‫أو دفعات متعاقبة‪ ،‬فتقليص العمال يبنى على السبب المشترك وال يرتبط باألسباب الشخصية كما‬
‫هو الشأن بالنسبة للتسريح التأديبي‪ ،‬أو بسبب انتهاء مدة العقد‪ ،‬وبالتالي يتم في شكل تسريحات‬
‫متعاقبة أو متزامنة‪ ،‬غير أن أسبابها تكون في جميع الحاالت واحدة‪ ،‬وهذا ما يميزها عن باقي‬
‫حاالت التسريحات األخرى (‪.)8‬‬

‫نجد أيضا من بين الحاالت المذكورة في المادة ‪ 66‬من قانون العمل الجزائري‪ ،‬إنهاء‬
‫النشاط القانوني للهيئة المستخدمة‪ ،‬التي قد تثار بشأنها منازعة بين العامل والمستخدم كأن يدعي‬
‫العامل مثال بأن التوقف عن النشاط غير شرعي وكان بفعل غش المستخدم‪ ،‬ففي هذه الحالة يتعين‬
‫على المستخدم أن يثبت التوقف عن النشاط الشرعي‪ ،‬كأن يثبت على سبيل المثال أنه وقع شطب‬
‫المؤسسة من السجل التجاري (‪.)9‬‬

‫تعتبر اإلحالة على التقاعد‪ ،‬أحد األسباب الطبيعية النتهاء عالقة العمل‪ ،‬سواء كانت بطلب‬
‫من العامل أو بمبادرة من طرف صاحب العمل‪ ،‬ألن العبرة في ذلك تكون بتوفر الشروط القانونية‬
‫والمهنية المطلوبة‪ ،‬ويتحدد التقاعد في التشريعات العمالية بطريقة اختيارية‪ ،‬إذ تقتصر على تحديد‬
‫سن التقاعد وكيفيات االستفادة من هذا الحق‪ ،‬دون إجبار العامل على تقديم الطلب‪ ،‬وترك منصب‬
‫عمله وبالرجوع إلى القانون رقم ‪ 12/83‬المتعلق بالتقاعد (‪ )10‬نجده حدد لنا السن القانونية للتقاعد‪،‬‬

‫(‪ )7‬هدفي بشير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬


‫(‪ )8‬هدفي بشير‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪ 123‬و‪.124‬‬
‫(‪ )9‬قويدري مصطفى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.246‬‬
‫(‪ )10‬أنظر قانون رقم ‪ 12/83‬مؤرخ في ‪ 2‬جويلية ‪ ،1982‬يتعلق بالتقاعد‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،26‬صادر بتاريخ ‪ 5‬جويلية ‪،1998‬‬
‫معدل ومتمم‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫مقدمة‬

‫إال أن هذا القانون مر بتعديالت آخرها جاء سنة ‪ 2016‬والتي هي كما يأتي‪ :‬يمكن منح معاش‬
‫التقاعد مع االنتفاع الفوري إذا كان العامل األجير قد أتم مدة عمل فعلي نتج عنها دفع اشتراكات‬
‫تعادل (‪ )32‬سنة على األقل‪ ،‬وبلغ أو تجاوز السن الدنيا المذكورة أدناه (‪ )58‬سنة في سنة‬
‫‪ )59( ،2017‬سنة في سنة ‪ ،2018‬إال أن االستفادة من معاش التقاعد في هذه الحاالت ال يتم‬
‫إال بطلب من العامل األجير دون سواه‪ ،‬ويضيف المشرع بهذا الشأن أنه تطبق السن المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪ 6‬من القانون ‪ 12/83‬المذكور أعاله‪ ،‬على العمال المذكورين في هذه المادة‪،‬‬
‫ابتداء من ‪ 1‬جانفي سنة ‪.)11( 2019‬‬

‫أما الحالة األخيرة فتتمثل في الوفاة فعقد العمل يقوم على االعتبار الشخصي‪ ،‬ذلك أن‬
‫شخصية العامل تكون محل اعتبار في التعاقد‪ ،‬ويتميز التزامه بالطابع الشخصي‪ ،‬لذا تؤدي وفاته‬
‫إلى انفساخ العقد أي انتهائه بقوة القانون (‪ ،)12‬وال يترتب على واقعة الوفاة الطبيعية‪ ،‬أي إلتزام في‬
‫ذمة صاحب العمل‪ ،‬إال فيما يتقرر بموجب أحكام قوانين الضمان االجتماعي‪ ،‬وفي حالة الوفاة‬
‫بسبب حادث عمل أو مرض مهني تبقى آثار عالقة العمل سارية لصالح ذوي الحقوق‪ ،‬بمنحهم‬
‫معاش الوفاة (‪.)13‬‬

‫بدون الدخول في معالجة كافة األسباب والحاالت الواردة في المادة ‪ 66‬من قانون عالقات‬
‫العمل‪ ،‬السيما تلك التي ال تطرح إشكاالت قانونية أو عملية‪ ،‬كحاالت الوفاة‪ ،‬والتقاعد‪ ،‬وانقضاء‬
‫أجل عقد العمل المحدد المدة‪ ،‬والبطالن أو اإللغاء القانوني لعالقة العمل‪ ،‬وكذا كل من االستقالة‪،‬‬
‫العجز الكامل عن العمل وانهاء النشاط القانوني للهيئة المستخدمة‪ .‬فإن المعالجة االتفاقية لبقية‬

‫أنظر قانون رقم ‪ 15/16‬مؤرخ في ‪ 30‬ديسمبر ‪ ،2016‬يعدل ويتمم القانون رقم ‪ 12/83‬مؤرخ في ‪ 2‬جويلية ‪،198‬‬ ‫(‪)11‬‬

‫المتعلق بالتقاعد‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 78‬لسنة ‪. 2016‬‬


‫(‪ )12‬محمد حسين منصور‪ ،‬قانون العمل‪ :‬ماهية قانون العمل‪ ،‬عقد العمل الفردي‪ ،‬عقد العمل الجماعي‪ ،‬النقابات العمالية‪،‬‬
‫المنازعات الجماعية‪ ،‬التسوية والوساطة والتحكيم‪ ،‬اإلضراب واإلغالق‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬االسكندرية‪ ،2007 ،‬ص‬
‫‪.376‬‬
‫(‪ )13‬هدفي بشير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬

‫‪4‬‬
‫مقدمة‬

‫الحاالت تنطلق من مبدأ أنه ال يمكن إنهاء أية عالقة عمل في أية حالة من الحاالت‪ ،‬باستثناء‬
‫حالتي الوفاة واإلحالة على التقاعد‪ ،‬إال بمقتضى طلب من العامل‪ ،‬أو بمقتضى قرار من المؤسسة‬
‫المستخدمة‪ ،‬أما بقية الحاالت األخرى السيما تلك التي أحال القانون تنظيم إجراءاتها إلى‬
‫االتفاقيات الجماعية فإنه يمكننا التركيز على حالتين‪ ،‬تتمثالن في التسريح ألسباب اقتصادية‬
‫والعزل الذي يشمل كل من التسريح التأديبي والتسريح التعسفي‪ ،‬باعتبارها تخضع ألنظمة قانونية‬
‫واتفاقية مختلفة‪.‬‬

‫لقد وقع اختيارنا على هذا الموضوع نظ اًر لألهمية البالغة التي يكتسيها‪ ،‬بحيث يطرح‬
‫صعوبة تحقيق توافق بين حماية العامل األجير وحماية مصلحة المؤسسة‪ ،‬لذا وللخطورة التي‬
‫يحتويها فقد شكل محور توجهات المشرع الحديثة بالسعي لتحقيق التوازن بين الطرفين‪ ،‬لقد تم‬
‫التركيز في هذا البحث على األسباب والنتيجة التي حملتها التغيرات الطارئة في هذا الموضوع من‬
‫تأثيرات على عالم الشغل وبصفة خاصة على الحماية المقررة للعمال من التسريح وبالتحديد على‬
‫الضوابط التي وضعها المشرع الجزائري للحد من سلطة المستخدم في اللجوء كذلك لضمان‬
‫االستقرار االجتماعي المهني للعامل‪ ،‬واالشكالية التي يطرحها هذا الموضوع تتمثل فيما يلي‪ :‬كيف‬
‫يمكن للمستخدم القيام بعملية تسريح العمال دون المساس بحقوقهم؟‬

‫ولإلجابة عن هذه اإلشكالية المطروحة قمنا بتقسيم البحث إلى فصلين‪ ،‬حيث خصصنا‬
‫الفصل األول لتسريح العمال ألسباب اقتصادية الذي نتناول في المبحث األول منه شروط اللجوء‬
‫لتسريح العمال ألسباب اقتصادية‪ ،‬وآثار هذا التسريح في المبحث الثاني‪ ،‬أما الفصل الثاني ندرس‬
‫فيه نوع ثاني من التسريح يتمثل في عزل العمال والذي يتمحور حول كل من التسريح التأديبي‬
‫والتسريح التعسفي في المبحث األول‪ ،‬والمبحث الثاني يتناول لنا الوسائل القانونية المتبعة في‬
‫مواجهة التسريح‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫الفصل األول‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬

‫بعد الحربين العالميتين وجدت المؤسسات االقتصادية نفسها أمام وضع جديد غير مألوف‬
‫تميز بالنقص الحاد للمواد األولية وركود حاد لإلنتاج وتقلبات السوق ومشاكل اقتصادية جمة‪،‬‬
‫متمثلة في عجز المؤسسات والحكومة عن تغطية تكاليف هذا النقص والعجز‪ ،‬مما أدى بها إلى‬
‫التخلي عن جزء كبير من العمال‪ ،‬وهذا أدى بدوره إلى تدهور األوضاع االجتماعية وانتشار‬
‫البطالة‪.‬‬

‫وقصد التقليل من األزمة ومعالجتها ومحاولة تخفيف األضرار ونتيجة لهذه الظروف‬
‫واضافة إلى حدوث متغيرات في األنظمة والقوى السياسية وظهور تطورات اقتصادية وبالتالي إعادة‬
‫هيكلة هذه المؤسسات ظهر ما يعرف بتسريح العمال ألسباب أجازها المشرع الجزائري ألنها تعتبر‬
‫اقتصادية محضة‪ ،‬لكن بالمقابل وضع لها حدود وقيود محققا بذلك التوازن ما بين مصلحة العامل‬
‫باعتباره طرفا ضعيفا في عالقة العمل‪ ،‬ومصلحة المستخدم باعتباره صاحب سلطة‪.‬‬

‫قبل اللجوء إلى هذا النوع من التسريح يجب أن يلتزم األطراف بالشروط القانونية التي‬
‫وضعها المشرع الجزائري (المبحث األول)‪ ،‬في حين أن المستخدم عندما يلجأ لتنفيذ عملية التسريح‬
‫ألسباب اقتصادية ينجر عن ذلك آثار يتوجب عليه احترامها‪ ،‬كاحترامه لمهلة إخطار العامل‬
‫بتسريحه وكذا تقديم تعويضات تجبر الضرر الالحق بالعامل جراء فقدانه المفاجئ لعمله (المبحث‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث األول‬
‫شروط اللجوء لتسريح العمال ألسباب اقتصادية‬

‫إن أي إجراء مهما كان يتخذه المستخدم في حق العامل يكون محاط بمجموعة من التدابير‬
‫والشروط القانونية‪ ،‬فتسريح أي عامل ليس باألمر الهين وللقيام بهذا اإلجراء وجب توفر مجموعة‬
‫من الشروط الضرورية الغير قابلة للنقاش أو التفاوض فيها (‪.)1‬‬

‫لذا سنقوم بدراسة هذه الشروط في هذا المبحث مرو ار بتعريف السبب االقتصادي وكذا‬
‫شروطه (المطلب األول)‪ ،‬ثم اإلجراءات التي يجب القيام بها لتجنب التسريح (المطلب الثاني)‪،‬‬
‫وأخي ار تبيان طريقة اتخاذ قرار التسريح وعدم القيام بتوظيفات جديدة (المطلب الثالث)‪.‬‬

‫المطلب االول‬
‫وجود السبب االقتصادي‬

‫لم يترك المشرع الجزائري إرادة صاحب العمل مطلقة للجوء إلى التقليص‪ ،‬وانما ربط هذا‬
‫الحق بضرورة وجود دوافع اقتصادية تدفع رب العمل للجوء إلى التقليص من عدد العمال بإرادته‬
‫المنفردة بقولها‪ ":‬يجوز للمستخدم تقليص عدد العمال إذا بررت ذلك أسباب اقتصادية" (‪ ،)2‬لذا فإنه‬
‫من الضروري بأن نتعرض بالدراسة إلى تعريف هذا السبب وكذا حاالته‪.‬‬

‫بوشمال عمر‪ ،‬معزوزي عبد الرؤوف‪ ،‬التسريح ألسباب اقتصادية في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر‬ ‫(‪)1‬‬

‫في القانون الخاص‪ ،‬تخصص القانون الخاص لألعمال‪ ،‬جامعة محمد الصديق بن يحي‪ ،‬جيجل‪ ،2016- 2015،‬ص‬
‫‪.33‬‬
‫انظر المادة ‪ 69‬من القانون رقم ‪ ،11-90‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪7‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫الفرع األول‬
‫تعريف السبب االقتصادي‬

‫يصعب إيجاد تعريف جامع للسبب االقتصادي‪ ،‬نظ ار لالختالفات الفقهية والقضائية وحتى‬
‫التشريعية بشأنه‪ ،‬لذا ظهر في تعريفه مذهبان‪ ،‬وهما كالتالي‪:‬‬

‫أوال ‪:‬تعريف السبب االقتصادي وفقا للمعيار الضيق‬


‫يرى أنصار هذا المذهب أن السبب االقتصادي يتمثل في الصعوبات المالية والفنية التي‬
‫تواجه المؤسسة‪ ،‬كالخسائر المالية والظروف االقتصادية عامة‪ ،‬التي ال يكون للطرفين يد فيها‪،‬‬
‫وحسب هذا المفهوم‪ ،‬فإنه يبعد كافة األعمال اإلرادية التي يقوم بها صاحب العمل من أجل تحسين‬
‫اإلنتاج والزيادة في األرباح (‪.)3‬‬
‫لقد سبب المفهوم الضيق للسبب االقتصادي خلطاَ بينه وبين حالة القوة القاهرة (‪ ،)4‬إال أن‬
‫المشرع الجزائري لم يجعل من الظروف االقتصادية التي تمر بها المؤسسة بمثابة قوة قاهرة‪ ،‬بالرغم‬
‫من أن هذه الظروف خارجة عن إرادة العامل وصاحب العمل‪ ،‬وبالتالي ال يستطيع هذا األخير‪ ،‬أن‬
‫يدفع بعدم مسؤوليته والتحرر واإلعفاء من التعويض لفائدة العامل‪ ،‬إال إذا أثبت تحقق شروط‬
‫وصور القوة القاهرة المحددة قانونا‪.‬‬

‫ثانيا ‪:‬تعريف السبب االقتصادي وفقا للمعيار الواسع‬


‫وفقاً لهذا المعيار فقد عرف التسريح لسبب اقتصادي بأنه ذلك التسريح غير المسبب‬
‫بأسباب تخص شخص العامل‪ ،‬وانما يشمل التسريحات الناجمة عن سبب اقتصادي ظرفي أو‬
‫هيكلي‪ ،‬وبالرغم من هذا التداخل الموجود مابين السببين الظرفي والهيكلي وعدم وجود معيار يفصل‬

‫معاشو نبالي فطة‪ ،‬إزالة التنظيم في قانون العمل وحماية العمال المسرحين ألسباب اقتصادية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة‬ ‫(‪)3‬‬

‫الدكتوراه في العلوم‪ ،‬تخصص القانون‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،2008-2007 ،‬ص ‪.283‬‬
‫محمد نصر الدين منصور‪ ،‬نحو نظام قانوني يوقف عقود العاملين حال توقف العمل في المنشآت‪ ،‬دار النهضة‬ ‫(‪)4‬‬

‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1989 ،‬ص ‪.39‬‬

‫‪8‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫بينهما‪ ،‬فإن للمعيار الزمني أهمية فيما يخص إجراءات التسريح وبالتحديد في األجل المقرر ما بين‬
‫استشارة لجنة المؤسسة واعالم السلطة اإلدارية المختصة (‪.)5‬‬

‫لقد أخذ المشرع الفرنسي بالمفهوم الواسع وحدد الشروط واإلجراءات المتبعة في هذا النوع‬
‫من التسريح (‪ ،)6‬بينما المشرع الجزائري لم يهتم بتعريف السبب االقتصادي ولم يشر إليه في المواد‬
‫المتعلقة بإنهاء عالقة العمل‪ ،‬وانما اهتم بالنتيجة التي تتمثل في تقليص عدد العمال‪ ،‬فترك تحديد‬
‫ذلك لالتفاقيات الجماعية (‪.)7‬‬

‫عند التمعن في السبب االقتصادي نجد أن له شروط‪ ،‬يتمثل األول في كونه سببا حقيقيا‬
‫حيث أن هذا األخير البد أن يكون موضوعيا موجودا أو صحيحا‪ ،‬أي سبب واقعي ملموس (‪ ،)8‬أما‬
‫الثاني فهو كون السبب جدي‪ ،‬ولم يقدم المشرع تعريفا للسبب الجدي‪ ،‬إال أنه يمكن القول بأن تقدير‬
‫جدية باعث اإلنهاء يتأسس على معيار مادي ملموس وليس على معيار قانوني نوعي‪ ،‬وفي حالة‬
‫غياب أحد الشرطين أو كليهما فإن صاحب العمل يعد قد ارتكب خطأ ينجر عنه بطالن هذا‬
‫التصرف لذا فالجمع بين الشرطين يعد أم ار ضروريا (‪.)9‬‬

‫عطاء هللا بوحميدة‪ ،‬التسريح لسبب اقتصادي‪ :‬مفهومه‪ ،‬إجراءاته وآثاره‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،2009 ،‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫ص ‪.55‬‬
‫هدفي بشير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.123‬‬ ‫(‪)6‬‬

‫بوشمال عمر‪ ،‬معزوزي عبد الرؤوف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.288‬‬ ‫(‪)7‬‬

‫فتحي وردية‪ ،‬ضوابط إنهاء عقد العمل ألسباب اقتصادية في القانون الجزائري‪ ،‬رسالة لنيل شهادة دكتوراه في العلوم‪،‬‬ ‫(‪)8‬‬

‫تخصص القانون‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬ص‪.53‬‬


‫(‪ )9‬عطاء هللا بوحميدة‪ ،‬التسريح لسبب اقتصادي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم اإلدارية‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪ ،2001،‬ص‬

‫‪9‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫الفرع الثاني‬
‫حاالت السبب االقتصادي المؤدي للتسريح‬

‫لتفادي إشكال عدم وجود تعريف للسبب االقتصادي حاول المشرع النص على حاالته‬
‫لتتضح من خاللها حقيقة االضطراب في اللجوء إلى التقليص من عدمه‪.‬‬

‫بالرجوع إلى الدراسات الفقهية والتشريعات التي تناولت الموضوع نجدها تميز بين نوعين‬
‫من الحاالت يتمثالن فيما يأتي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬األسباب االقتصادية الظرفية‬


‫هي مجمل الظروف والصعوبات والضغوط الخارجة عن إرادة رب العمل وال يشترط أن‬
‫تجتمع في هذه الظروف عناصر القوة القاهرة ألن الظروف االقتصادية ليست ظروفا استثنائية‬
‫تتصف في تحققها بعدم التوقع وانما هي مجرد صعوبات تعترض سير النشاط داخل المنشأة‬
‫وترتبط في مصدرها بمحيطها االقتصادي (‪.)10‬‬

‫ثانيا‪ :‬األسباب االقتصادية الناتجة عن إعادة هيكلة العمل في المؤسسة‬


‫هي جملة األسباب التي ال ترجع في األصل إلى خطأ العامل بل إلى إرادة رب العمل (‪،)11‬‬
‫والتقليص يعد من الظواهر المصاحبة لعمليات إعادة التنظيم الهيكلي للمنشأة سوءا اتصل األمر‬
‫بهيكلها اإلداري أو بهيكلها الفني وكذلك التغيير في هيكلها القانوني‪ ،‬والتعديل الهيكلي ال يشترط‬
‫أن يكون إجراء تفرضه الظروف االقتصادية بل يمكن أن يكون محض اختيار فال أهمية للبواعث‬
‫الدافعة إليه في تحديد العناصر الالزمة لتطبيق األحكام الخاصة بإنهاء عالقات العمل ألسباب‬
‫اقتصادية (‪.)12‬‬

‫حسين عبد الرحمان قدوس‪ ،‬إنهاء عالقة العمل ألسباب اقتصادية‪ ،‬المطبعة العربية الحديثة‪ ،‬القاهرة‪ ،1990 ،‬ص‬ ‫(‪)10‬‬

‫‪.90‬‬
‫عطاء هللا بوحميدة‪ ،‬التسريح لسب اقتصادي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.53‬‬ ‫(‪)11‬‬

‫(‪ )12‬فتحي وردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 82‬و‪.83‬‬

‫‪10‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫إن المشرع الجزائري قد أقر بنص المادة ‪ 74‬من القانون رقم ‪ 11-90‬مبدأ يقضي‬
‫باستمرار عقود العمل في حالة حدوث تغيير في الوضعية القانونية للهيئة المستخدمة (‪.)13‬‬

‫عليه‪ ،‬تبقى عقود العمل في هذه الحالة سارية المفعول وال يجوز إجراء أي تعديل فيها إال‬
‫ضمن الشروط المحددة في المادتين ‪ 62‬و‪ 63‬من قانون العمل الجزائري(‪.)14‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫القيام بكافة اإلجراءات الكفيلة لتجنب التسريح‬

‫رغم الحق الممنوح للمستخدم في اللجوء إلى التقليص من عدد العمال إذا بررت ذلك أسباب‬
‫اقتصادية‪ ،‬إال أن ذلك ال يمنع المشرع من تقييد هذا الحق بمجموعة من التدابير الوقائية التي‬
‫تؤدي إلى التقليل من تطبيق هذا الحق‪ ،‬هذا ما نصت عليه المادة ‪ 7‬من المرسوم التشريعي‬
‫‪ ،)15( 09-94‬والتي سنتعرض إليها فيما يلي‪:‬‬

‫الفرع األول‪:‬‬
‫التدابير الوقائية ذات الطابع المالي‬

‫إن هذا التدبير يتضمن نقطتين أساسيتين‪ :‬تتمثل األولى في تكيف النظام التعويضي السيما‬
‫العالوات والتعويضات المرتبطة بنتائج العمل‪ ،‬والثانية تتمثل في إعادة دراسة أشكال مرتب العمل‬
‫ومستوياته بما فيه مرتبات اإلطارات المسيرة‪ ،‬أو تجميد الترقية‪ .‬وسنتناول فيما يأتي كل تدبير على‬
‫حدى‪.‬‬

‫أنظر المادة ‪ 74‬من قانون رقم ‪ ،11-90‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫(‪)13‬‬

‫أنظر المواد ‪ 62‬و‪ 63‬من قانون رقم ‪ ،11-90‬المرجع نفسه‪.‬‬ ‫(‪)14‬‬

‫(‪ )15‬أنظر المادة ‪ 7‬من المرسوم تشريعي رقم ‪ ،09/94‬مؤرخ في ‪ 26‬ماي ‪ ،1994‬متضمن الحفاظ على الشغل وحماية‬
‫األجراء الذين قد يفقدون عملهم بصفة ال ارادية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،34‬صادر بتاريخ ‪ 1‬جوان ‪.1994‬‬

‫‪11‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫أوال‪ :‬تكيف النظام التعويضي‬


‫يتكون األجر عادة من عنصرين أحدهما ثابت ويتمثل في الجزء الخاص بالحد األدنى‬
‫المضمون لألجر‪ ،‬وآخر متغير ويتمثل على الخصوص في مختلف المكافآت والتعويضات‬
‫والحوافز المادية المرتبطة بالعمل‪ ،‬والتي تهدف إما إلى تعويض العامل عن بعض األتعاب‬
‫اإلضافية أو األعمال الشاقة‪ ،‬واما إلى تحفيزه وتشجيعه على تحسين العمل وتطويره‪ ،‬إلى جانب‬
‫بعض المنافع العينية التي قد تلحق بالعناصر السابقة كالنقل أو اإلطعام أو السكن أو ما شابه‬
‫ذلك‪ ،‬إال أنها ومتى وجدت هذه العناصر فإنها تعتبر عناصر قانونية تحظى بنفس الحماية التي‬
‫تحظى بها العناصر الثابتة‪.‬‬
‫لكن في حالة تعرض المؤسسة لسبب اقتصادي يزج بها نحو نهاية نشاطها إذا لم تتخذ أحد‬
‫التدابير الوقائية‪ ،‬فإنه يجوز لرب العمل قبل اللجوء إلى عملية التقليص للحفاظ على استم اررية‬
‫مؤسسته‪ ،‬تخفيض هذه التعويضات والتحفيزات خاصة المرتبطة بنتائج العمل أو إلغاء كل‬
‫أو بعض هذه التعويضات إن اضطر األمر إلى ذلك‪ ،‬لكن بشرط هو أن تتمكن الهيئة المستخدمة‬
‫من الحفاظ على مناصب العمل (‪.)16‬‬

‫ثانيا ‪:‬إعادة دراسة أشكال مرتب العمل ومستوياته‬


‫يمكن تعريف مرتب العمل بعبارة وجيزة على أنه‪" :‬عبارة عما يقبضه العامل نقداً لسد‬
‫حاجاته مقابل ما يقوم به من عمل لصالح مستخدم وتحت إشرافه" (‪ ،)17‬والمادة ‪ 87‬من القانون رقم‬
‫‪ 11-90‬تضيف أن‪" :‬يحدد األجر الوطني األدنى المضمون المطبق في قطاعات النشاط بموجب‬
‫مرسوم بعد استشارة نقابات العمل والمستخدمين والتنظيمات النقابية األكثر تمثيال‪.)18( "....‬‬

‫أحمية سليمان‪ ،‬التنظيم القانوني لعالقات العمل في التشريع الجزائري‪ :‬عالقة العمل الفردية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديوان‬ ‫(‪)16‬‬

‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،1998 ،‬ص ‪ 380‬و‪.381‬‬


‫(‪ )17‬قويدري مصطفى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫(‪ )18‬قانون رقم ‪ ،11-90‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫بعد تحديده ال يمكن ألي من الطرفين المساس بهذا األجر سواء بالتخفيض أو بالزيادة إال‬
‫باتفاق جديد‪ ،‬لكن هناك حاالت استثنائية يمكن فيها لرب العمل إعادة دراسة أشكال مرتبات العمل‬
‫ومستوياتها بما يتماشى والوضعية االقتصادية للمؤسسة‪ ،‬وذلك بإعادة النظر في مرتبات األجراء‪،‬‬
‫أي إعادة تصنيف العمل في سلم األجور وتخفيض المرتبات من أجل الحفاظ على مناصب العمل‬
‫من جهة وضمان استم اررية المؤسسة من جهة أخرى‪ ،‬إال أن هذا التعديل ال يمس مرتبات العمل‬
‫فقط‪ ،‬بل جميع المرتبات بما في ذلك مرتبات اإلطارات المسيرة‪.‬‬

‫تفسير إال إذا كان السبب‬


‫ًا‬ ‫لكن هذه اإلجراءات المتعلقة بالجانب المالي ال نجد لها‬
‫االقتصادي الذي يواجه المؤسسة ذو طابع مالي‪ ،‬أما إذا كان السبب االقتصادي يتمثل في إعادة‬
‫تنظيم وهيكلة العمل في المؤسسة‪ ،‬فال نجد لهذا اإلجراء أي تفسير‪ ،‬لهذا فقد نص المشرع على‬
‫إجراءات أخرى مكملة لإلجراءات ذات الطابع المالي‪ ،‬هذا ما يأتي الحديث عنه في الفرع الموالي‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫التدابير الوقائية المتعلقة بتنظيم العمل‬

‫إن هذا اإلجراء يتضمن اإللغاء التدريجي للجوء إلى العمل بالساعات اإلضافية وادخال‬
‫تقسيم العمل‪ ،‬والعمل بالتوقيت الجزئي‪ ،‬وأخي اًر عدم تجديد عقود العمل المحددة المدة وسنتطرق لكل‬
‫من هذه التدابير في إطار النقاط اآلتية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬اإللغاء التدريجي للعمل بالساعات اإلضافية‬


‫إن المدة القانونية للعمل هي‪" :‬تلك المدة التي يضع فيها العامل نفسه في خدمة المؤسسة‬
‫المستخدمة وادارتها " (‪.)19‬‬
‫لقد كانت مسألة تحديد المدة القانونية للعمل أولى االهتمامات التي تشغل المشرع الجزائري‬
‫حيث كان أول نص خاص بتنظيم العمل يتعلق بالمدة القانونية للعمل‪ ،‬وصدرت بعده عدة قوانين‬

‫قويدري مصطفى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.82‬‬ ‫(‪)19‬‬

‫‪13‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫الذي جاء مكرساً لنفس المدة التي أقرها القانون السابق‬ ‫(‪)20‬‬
‫أخرى نذكر من بينها القانون ‪03-81‬‬
‫أال وهي أربع وأربعون (‪ )44‬ساعة(‪ ،)21‬إال أنه نص على إمكانية تخفيضها بالنسبة لبعض‬
‫األعمال المرهقة‪ ،‬إلى أن صدر األمر ‪ 03-97‬ونص في مادته الثانية على ما يلي‪ " :‬تحدد المدة‬
‫القانونية األسبوعية للعمل بأربعين (‪ )40‬ساعة في ظروف العمل العادية‪ .‬توزع هذه المدة على‬
‫خمسة (‪ )5‬أيام عمل على األقل "‪.‬‬
‫أضافت المادة السابعة من نفس القانون ما يلي‪ " :‬ال تتجاوز مدة العمل اليومي الفعلي‪،‬‬
‫في أي حال من األحوال‪ ،‬إثنتي عشرة (‪ )12‬ساعة" (‪.)22‬‬

‫أما ما يتعلق بنظام العمل فقد نص قانون العمل الجزائري على أنه يجب تنظيم العمل‬
‫المستمر‪ ،‬والعمل الليلي‪ ،‬والتناوبي وتقليص اللجوء للعمل اإلضافي حيث يجب أن يكتسي اللجوء‬
‫إليه طابعاً استثنائيا‪ .‬بالتالي فإنه متى اضطر رب العمل إلى اللجوء للساعات اإلضافية اقتضى‬
‫منه ذلك منح العامل تعويضاً سواء كان ذلك بصفة متقطعة‪ ،‬أو مستمرة‪ ،‬وهذا التعويض في‬
‫الساعات اإلضافية قد يفوق أحيانا ‪ % 50‬من القيمة األجرية للمنصب في الساعات العادية (‪،)23‬‬
‫مما يزيد ذلك من تكاليف المؤسسة ومن حجم األزمة التي تعاني منها‪ .‬لذلك نص المرسوم‬
‫التشريعي ‪ 09-94‬على انه إذا واجهت المؤسسة سببا من األسباب االقتصادية التي قد تؤدي إلى‬
‫تقليص العمال فإنه يكون لرب العمل الحق في إلغاء الساعات اإلضافية تدريجياً‪ ،‬وذلك من أجل‬
‫التقليل من نسبة العمال المقلصين أو تفادي التقليص كلية (‪.)24‬‬

‫(‪ )20‬قانون رقم ‪ 03-81‬مؤرخ في ‪ 21‬فيفري ‪ ،1981‬بتعلق بالمدة القانونية للعمل‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،8‬صادر بتاريخ ‪ 24‬فيفري‬
‫‪.1981‬‬
‫احمية سليمان‪ ،‬التنظيم القانوني لعالقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.125‬‬ ‫(‪)21‬‬

‫أمر رقم ‪ 03-97‬مؤرخ في ‪ 11‬جانفي ‪ ،1997‬يحدد المدة القانونية للعمل‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 3‬صادر في ‪ 12‬جانفي‬ ‫(‪)22‬‬

‫‪.1997‬‬
‫أنظر المواد ‪ ،32 ،31 ،30‬من القانون رقم ‪ ،11-90‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫(‪)23‬‬

‫(‪ )24‬أنظر المادة ‪ 7‬من المرسوم التشريعي رقم ‪ ،09-94‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫ثانيا ‪:‬إدخال تقسيم العمل وعدم تجديد العقود المحددة المدة‬


‫لقيام مسؤولية كل من العامل وصاحب العمل بالنسبة لتنفيذ العمل فإن المنطق القانوني‬
‫يفرض تحديد كافة األعمال والنشاطات التي تشكل منصب العمل أو المهمة الموكلة للعامل وذلك‬
‫من خالل ثالثة طرق‪ :‬التحديد الموضوعي‪ ،‬التحديد المكاني والتحديد الزماني (‪.)25‬‬

‫من هذا المنطلق‪ ،‬فانه يمكن لصاحب العمل إدخال تقسيم العمل والعمل بالتوقيت الجزئي‬
‫وفق ما نصت عليه المادة ‪ 07‬من المرسوم التشريعي رقم ‪ 09-94‬وذلك بتوزيع العمل بين العمال‬
‫استنادا للعمل بالتوقيت الجزئي‪ ،‬والذي يقصد به أن يعمل العمال نصف المدة القانونية للعمل‪.‬‬

‫في حالة عدم تحقيق هذا اإلجراء للهدف الذي جاء من أجله‪ ،‬يمكن لرب العمل االلتزام‬
‫بعدم تجديد العقود المحددة المدة التي انتهت دون أن يترتب على ذلك أي التزام على عاتق رب‬
‫العمل إال فيما يخص ضرورة إعالم الطرف المعني بنيته في عدم تجديد العقد وذلك من أجل‬
‫تحقيق نفس الهدف والتقليل من أعباء وتكاليف المؤسسة (‪.)26‬‬

‫الفرع الثالث‬
‫التدابير الوقائية المتعلقة بالعامل‬

‫إن هذا اإلجراء يعد كذلك من بين اإلجراءات الوقائية التي نصت عليها المادة ‪ 07‬من‬
‫المرسوم ‪ 09-94‬ويتضمن هذا اإلجراء أوال تنظيم عمليات التكوين التحويلي إلعادة توزيع العمل‬
‫وثانيا إحالة العامل على التقاعد العادي أو التقاعد المسبق وسنتطرق لكل من هذين المضمونين‬
‫بنوع من التفصيل فيما يلي‪:‬‬

‫(‪ )25‬احمية سليمان‪ ،‬التنظيم القانوني لعالقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 172‬وما يليها‪.‬‬
‫(‪ )26‬احمية سليمان‪ ،‬التنظيم القانوني لعالقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.349‬‬

‫‪15‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫أوال‪ :‬تنظيم عمليات التكوين التحويلي لتوزيع العمل‬


‫تشمل هذه العملية تكوين العمال من أجل إعادة توزيعهم لتفادي عملية التسريح‪ ،‬فيتم تكوين‬
‫العامل ليصبح مؤهال مهنيا وهذه ضرورة تستوجبها التطورات االقتصادية الحديثة السيما في مجال‬
‫التكنولوجيا‪ ،‬فيلجأ صاحب العمل إلى تكوين العامل بدل من تسريحه‪ ،‬وهذا ما يتطلب توفير‬
‫إمكانيات مادية قد تعجز المؤسسات المستخدمة عن توفيرها نظ ار للعجز االقتصادي والمالي الذي‬
‫تعرفه‪ ،‬ويتم تكوين العمال في مراكز التكوين المهني أو في هيئات تكوينية أخرى خاصة‪ ،‬إال أن‬
‫هذا الحل يبقى صعب التحقيق في أرض الواقع نظ ار للعجز المالي الذي تعرفه المؤسسات‪ ،‬فال‬
‫يمكنها تمويل تكوين العمال‪ ،‬وكأن هذا الحل يزيد من أعباء المؤسسة المستخدمة وال يخفف عنها‬
‫مما يجعله غير فعال حاليا‪ ،‬فالمشرع جعل من تكوين العمال أمر ثانوي (‪.)27‬‬
‫ثانيا ‪:‬اإلحالة على التقاعد‬
‫يعد التقاعد العادي والتقاعد المسبق طريقتان النتهاء عالقة العمل في قانون العمل‬
‫الجزائري‪ ،‬حيث أنه في التقاعد العادي يقتصر األمر على تحديد السن القانونية للتقاعد وكيفيات‬
‫االستفادة من هذا الحق‪.‬‬
‫أما نظام التقاعد المسبق فهو نظام جديد فرضته حتمية التسريح ألسباب اقتصادية نتيجة‬
‫إعادة هيكلة المؤسسات أو عجزها مما جعل الواقع المعاش يحتم على المشرع التكفل ببعض العمال‬
‫المعنيين بالتسريح كحل مؤقت في انتظار بلوغ العامل السن القانونية للتقاعد‪ ،‬ولهذا الغرض صدر‬
‫المرسوم التشريعي ‪ 10-94‬للتكفل بهؤالء العمال‪ ،‬حيث نص في مادته الثانية على أنه‪ " :‬تطبق‬
‫أحكام هذا المرسوم التشريعي على أجراء القطاع االقتصادي الذين قد يفقدون عملهم بصفة‬
‫الإرادية لسبب اقتصادي وفي إطار إما تقليص العمال‪ ،‬أو التوقف القانوني لعمل المستخدم"(‪.)28‬‬

‫بننن رجننال امننال‪ ،‬حمايننة العامننل عننند إنتهنناء عالقننة العمننل فنني القننانون الج ازئننري‪ ،‬مننذكرة مننن أجننل الحصننول علننى شننهادة‬ ‫(‪)27‬‬

‫الماجيستير في الحقوق‪ ،‬فرع حقوق ومسؤولية‪ ،‬جامعة بن يوسف بن خدة‪ ،‬الجزائر‪ ،2008-2007 ،‬ص ‪ 45‬و‪.46‬‬
‫مرسوم تشريعي رقم ‪ ،10-94‬المؤرخ في ‪ 26‬ماي ‪ ،1994‬متضمن إحداث التقاعد المسبق‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،34‬مؤرخ في‬ ‫(‪)28‬‬

‫‪ 1‬جوان ‪.1994‬‬

‫‪16‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫نظ ار لكون هذا النظام خاص ومرتبط بإجراء التسريح ألسباب اقتصادية فقد أخضع المشرع‬
‫االستفادة منه لشروط تنص عليها نفس المادة المذكورة أعاله‪ ،‬حيث تنص على أنه يجب أن يتوفر‬
‫على‪:‬‬
‫‪ -‬سن (‪ )50‬سنة بالنسبة للرجال و (‪ )45‬سنة على األقل بالنسبة للنساء‪.‬‬
‫‪ -‬يتحصل على مدة عمل تساوي(‪ )20‬سنة على األقل‪.‬‬
‫‪ -‬يكون قد دفع اشتراكات الضمان االجتماعي لمدة (‪ )10‬سنوات على األقل بصفة كاملة‬
‫ومنها السنوات الثالثة السابقة لنهاية عالقة العمل‪.‬‬
‫‪ -‬ال يكون قد استفاد من دخل ناتج عن نشاط مهني آخر‪.‬‬
‫‪ -‬يدفع صاحب العمل مساهمة جزافية إلى صندوق التقاعد المسبق لتخويل الحقوق لهذا‬
‫الصندوق (‪.)29‬‬

‫هذه هي مجمل اإلجراءات أو التدابير الوقائية المتبعة‪ ،‬وأجاز المشرع لرب العمل استعمال‬
‫إجراء واحد أو عدة إجراءات للتقليل من تقليص العمال‪ ،‬المهم أن يختار اإلجراء األكثر نجاعة‬
‫للحفاظ على مناصب العمل‪.‬‬

‫المطلب الثالث‬
‫طريقة اتخاذ قرار التسريح وعدم القيام بتوظيفات جديدة‬

‫إن المبادرة بإجراء التقليص باعتبار أنه يأتي من رب العمل في كل الحاالت يقتضي أن يقدم‬
‫هذا األخير تقري اًر مفصالً عن األسباب الداعية إلى هذا اإلجراء للمصادقة عليه من طرف األجهزة‬
‫المؤهلة قانونا‪ ،‬ثم عرضه على لجنة المشاركة وفي األخير على الممثلين النقابيين للتشاور‬
‫والتفاوض الجماعي (‪.)30‬‬

‫أنظر المادتين ‪ 7‬و‪ 8‬من المرسوم التشريعي رقم ‪ ،10-94‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫(‪)29‬‬

‫انظر المادة ‪ 10‬من المرسوم التشريعي رقم ‪ ،09-94‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫(‪)30‬‬

‫‪17‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫كما أن المشرع في القانون ‪ 11-90‬منع المستخدم الذي يلجأ إلى تقليص العمال من‬
‫اللجوء إلى توظيفات جديدة في األماكن المهنية المعنية بالتقليص (‪.)31‬‬

‫الفرع األول‬
‫طريقة اتخاذ قرار التسريح‬

‫إن اتخاذ قرار التسريح ألسباب اقتصادية ليس باألمر الهين لذلك ال يمكن للمستخدم الذي‬
‫يريد القيام بهذا التسريح أن يباشره من تلقاء نفسه بل البد أن يقوم بإجراءات أولية متعددة‪ ،‬وتتمثل‬
‫هذه األخيرة في‪:‬‬
‫أوال‪ :‬إعداد المستخدم لقرار التسريح وعرضه على لجنة المشاركة‬
‫إذا كان أهم ما يميز السبب االقتصادي عن بقية األسباب األخرى المهنية لعالقة العمل هو‬
‫حذف أو إلغاء مناصب العمل أو تحويلها أو تعديلها‪ ،‬فإنه يتعين على صاحب العمل قبل اللجوء‬
‫إليه إعداد تقرير مفصل عن األسباب الداعية للتسريح والمصادقة عليه من طرف الهيئة المكلفة‬
‫قانوناً بعد ذلك يعرض على لجنة المشاركة الستشارتها حول مضمون التقرير‪.‬‬

‫‪- 1‬إعداد المستخدم لقرار التسريح‪:‬‬


‫فرض المشرع شروط إجرائية مرافقة لعملية التقليص هادفة إلى حماية العامل من فقدان‬
‫منصب عمله ومن أهمها‪ ،‬إعداد المستخدم لتقرير مفصل يتضمن األسباب الداعية لهذا اإلجراء(‪،)32‬‬
‫فعلى صاحب العمل أن ُيضمن تقريره كافة اإلجراءات الالزمة التي يراها مناسبة لتفادي التقليص‬
‫أو التخفيف من حدته‪ ،‬وكذا الضمانات القانونية للعمال المعنيين به‪ ،‬وهو ما عبر عنه المشرع‬
‫بالجانب االجتماعي (‪ ،)33‬ويعرف هذا األخير بأنه مجموعة الترتيبات القانونية الواجب مراعاتها من‬

‫انظر المادة ‪ 69‬من القانون رقم ‪ ،11-90‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫(‪)31‬‬

‫أحمية سليمان‪ ،‬الوجيز في قانون عالقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،2012 ،‬‬ ‫(‪)32‬‬

‫ص ‪.205‬‬
‫أنظر المادة ‪ 5‬من المرسوم التشريعي ‪ ،09-94‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫(‪)33‬‬

‫‪18‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫صاحب العمل الذي ينوي تسريح عماله ألسباب اقتصادية (‪ ،)34‬كما يجب أن يتضمن هذا التقرير‬
‫برنامج العمل الذي وضعه من أجل التخفيف أو التقليص من عدد العمال الذين سيشملهم التسريح‬
‫واإلجراءات التي سيتخذها فيما يخص هؤالء العمال المسرحين مع بيان مستوياتهم في السلم المهني‬
‫الداخلي للمؤسسة المعنية (‪ ،)35‬بعد إعداد صاحب العمل للتقرير المفصل وقبل عرضه على لجنة‬
‫المشاركة يعرضه على الهيئة المؤهلة قانوناً للمصادقة عليه‪ ،‬وهذا ما تضمنته المادة ‪ 10‬من‬
‫المرسوم التشريعي ‪.)36(09-94‬‬

‫‪-2‬عرض القرار على لجنة المشاركة‬


‫من بين اإلجراءات الداخلية التي تخضع لها التسريحات االقتصادية الجماعية ضرورة‬
‫استشارة لجنة المشاركة أو ممثلي العمال في حالة عدم وجودها وذلك بهدف الوصول إلى اتفاق‬
‫لتجنب هذه التسريحات أو تخفيض عددها أو على األقل التخفيف من آثارها‪.‬‬

‫تنص المادة ‪ 05‬من القانون رقم ‪ 11-90‬على أن المشاركة في الهيئة المستخدمة حق‬
‫معترف به للعامل (‪ ،)37‬ولقد أكد المشرع الجزائري من خالل هذا القانون على ضرورة عقد‬
‫اجتماعات دورية بين صاحب العمل والعمال بواسطة ممثليهم النقابيين أو المنتخبين في حالة عدم‬
‫وجود الممثلين النقابيين لدراسة وضعية العالقات االجتماعية والمهنية‪.‬‬

‫حددت المادة ‪ 94‬من القانون رقم ‪ 11-90‬الصالحيات األساسية للجنة المشاركة ومن‬
‫بينها إبداء الرأي قبل تنفيذ المستخدم الق اررات المتعلقة بمشاريع إعادة هيكلة الشغل (تخفيض مدة‬
‫العمل‪ ،‬واعادة توزيع العمال‪ ،‬وتقليص عددهم) (‪.)38‬‬

‫عطاء هللا بوحميدة‪ ،‬التسريح لسبب اقتصادي‪ :‬مفهومه‪ ،‬إجراءاته وآثاره‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.146‬‬ ‫(‪)34‬‬

‫(‪ )35‬أحمية سليمان‪ ،‬الوجيز في قانون عالقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.206‬‬
‫(‪ )36‬مرسوم تشريعي رقم ‪ ،09-94‬مرجع سابق‪.‬‬
‫أنظر المادة ‪ 5‬من القانون رقم ‪ ،11-90‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫(‪)37‬‬

‫(‪ )38‬أنظر المادة ‪ 94‬من القانون رقم ‪ ،11-90‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫يجب على صاحب العمل أن يعلم لجنة المشاركة بمشروع التسريح حتى تتمكن اللجنة من‬
‫تحضير نفسها وتبدي رأيها في مشروع التسريح‪ ،‬وفي الجلسة يتم حوار بين االثنين إلمكانية‬
‫التخفيض العددي للتسريحات وتقييد النتائج االجتماعية للتسريح‪.‬‬

‫تنتهي االستشارة بتحرير عرض حال تسجل فيه النقاط األساسية عما دار وقيل في‬
‫الجلسة‪ ،‬والمطلوب من صاحب العمل إرسال االستدعاء لحضور االجتماع ويضمنه المعلومات‬
‫الضرورية لمشروع التسريح الجماعي‪ ،‬كما عليه أن يدرس بعناية رأي لجنة المؤسسة ويعمل على‬
‫أخذ رأيها بالحسبان في القرار النهائي الذي سيتخذه‪ ،‬ويجب أن يبعث نسخة من عرض حال‬
‫المحرر إلى المديرية الوالئية للعمل لتنويرها بمشروع التسريح (‪ ،)39‬بعد تقديم المستخدم الجانب‬
‫االجتماعي إلى لجنة المشاركة تقوم هذه األخيرة بدراسته وتفحصه وذلك في أجل خمسة عشر يوما‬
‫من عرض األمر عليها‪ ،‬وفي حالة الخالف حول النظام الداخلي‪ ،‬يتم إخطار مفتش العمل‬
‫وجوبا(‪.)40‬‬

‫ثانيا‪ :‬التفاوض الجماعي‬


‫هي المرحلة اإلجرائية التنفيذية الثانية بعد عرض التقرير على لجنة المشاركة‪ ،‬إذ يتوجب‬
‫على صاحب العمل أو ممثله‪ ،‬التفاوض مع ممثلي العمال حول موضوع التسريح واإلجراءات‬
‫المتبعة في تنفيذه‪ ،‬وعدد العمال المسرحين والضمانات الممنوحة لهم وغيرها من الجوانب المرتبطة‬
‫بموضوع التسريح‪ ،‬ويتم التفاوض مع لجنة المشاركة والتنظيمات النقابية التمثيلية لعمال المؤسسة‬
‫في إطار اجتماعات دورية تعقد خصيصاً لهذا الغرض وقد أوجبت األحكام التشريعية ضرورة‬
‫االلتزام أثناء االجتماعات التشاورية حول موضوع التسريح‪ ،‬بتطبيق واتباع الشروط التي تسمح‬
‫بنجاح وتنفيذ االتفاق‪ ،‬وتشمل ما يلي‪:‬‬

‫(‪ )39‬عطاء هللا بوحميدة‪ ،‬التسريح لسبب اقتصادي‪ :‬مفهومه‪ ،‬إجراءاته وآثاره‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 163‬و‪.164‬‬
‫(‪ )40‬أنظر المادة ‪ 94‬من القانون رقم ‪ ،11-90‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬اللجوء إلى المصالحة والوساطة وعند االقتضاء إلى التحكيم لحل كل خالف يط أر في هذا‬
‫المجال‪.‬‬
‫‪ -‬قيام صاحب العمل أو ممثله بعرض وتوضيح الجانب االقتصادي والمالي للمؤسسة‬
‫ومضمون التسريح الجماعي والتدابير المتخذة بشأنه‪.‬‬
‫‪ -‬تمكين ممثلي العمال من طرح آرائهم واقتراحاتهم حول الموضوع‪.‬‬

‫يترتب عن المفاوضات التي تتم بين صاحب العمل وممثلي العمال‪ ،‬تحرير محضر‬
‫يتضمن النقاط المتفق عليها‪ ،‬وعند االقتضاء المسائل محل الخالف‪ ،‬كما يتم تطبيق الجانب المتفق‬
‫عليه‪ ،‬بعد إيداع نسخة من محضر االتفاق من طرف صاحب العمل لدى كتابة ضبط المحكمة‬
‫ومفتشية العمل المختصين إقليميا (‪.)41‬‬

‫ثالثا‪ :‬إخطار األجهزة اإلدارية للعمل‬


‫حماية للعمال أكد المشرع على ضرورة الحصول على رخصة إدارية من إدارة العمل في‬
‫حالة التسريح لسبب اقتصادي باستثناء حاالت اإلفالس والتصفية القضائية وحالة نهاية األشغال‬
‫التي بالرغم من أنها تكتسي الصبغة االقتصادية‪ ،‬إال أنها تخضع لإلشراف القضائي‪.‬‬
‫إن هذه الرخصة ال يمكن طلبها إال بعد استشارة ممثلي العمال ثم إن جميع المعلومات‬
‫المقدمة من صاحب العمل للجنة المشاركة يجب أن تبلغ لإلدارة المختصة‪ ،‬فتقديم الطلب يجب أن‬
‫يحتوي على اسم المؤسسة‪ ،‬عنوانها‪ ،‬نشاطها‪ ،‬اسم العامل‪ ،‬تاريخ ميالده‪ ،‬جنسيته‪ ،‬عنوانه‪ ،‬كفاءته‪،‬‬
‫تاريخ توظيفه‪ ،‬طبيعة التسريح‪ ،‬اقتصادي مالي ثم رزنامة التسريح‪.‬‬

‫كما يجب تبليغها بمحاضر االجتماعات التي يجب أن تتضمن آراء واقتراحات العمال‪،‬‬
‫وعلى مدير العمل (مفتشية العمل) أن يقرر في مدة ‪ 30‬يوم فإن لم تفعل اعتبر الترخيص‬
‫حاصال(‪.)42‬‬

‫(‪ )41‬هدفي بشير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 126‬و‪.127‬‬


‫(‪)42‬عطاء هللا بوحميدة‪ ،‬التسريح لسبب اقتصادي‪ :‬مفهومه‪ ،‬إجراءاته وآثاره‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.168‬‬

‫‪21‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫الفرع الثاني‬
‫عدم القيام بتوظيفات جديدة‬

‫لقد نص المشرع في المادة ‪ 69‬من القانون ‪ 11/90‬على ما يلي‪ ...." :‬يمنع على أي‬
‫مستخدم‪ ،‬قام بتقليص عدد المستخدمين‪ ،‬اللجوء في أماكن العمل نفسها‪ ،‬إلى توظيفات جديدة‬
‫في األصناف المهنية المعنية بالتقليص"‪.‬‬

‫قد تكون هناك ظروف اقتصادية تدفع بصاحب العمل إلى إلغاء بعض الوظائف أو إلى‬
‫إلغاء الورشة بكاملها تفاديا للخسارة التي تلحقه (‪ ،)43‬لكن إذا تصرف صاحب العمل تصرفا ال‬
‫يقصد منه حماية مشروعة فإن التسريح يكون تعسفيا‪ ،‬وهو نفس ما ينطبق على العامل المسرح إذا‬
‫ما عوض في منصب عمله ألن التسريح يتعلق بشخصه ال لسبب اقتصادي‪ ،‬أما إذا كان اإللغاء‬
‫لمنصب العمل نهائيا بحيث ال يخلفه أحد فإن هذا دليل على أن شخص العامل لم يكن سببا في‬
‫التسريح‪.‬‬

‫عموما فإنه يمكن القول أنه إذا لجأ رب العمل إلى إجراء تقليص عدد المستخدمين فإنه ال‬
‫يمكن له اللجوء إلى توظيفات جديدة في األماكن نفسها‪ ،‬وعلى افتراض مخالفة المستخدم لهذا‬
‫المنع فإنه ال يفسر ذلك سوى بأنه أراد أن يسرح عدد من العمال وال يدخل هذا التسريح تحت ستار‬
‫التسريح الجماعي ألسباب اقتصادية وهو على العكس من ذلك (‪.)44‬‬

‫عبد الحفيظ بلخيضر‪ ،‬اإلنهاء التعسفي لعقد العمل‪ ،‬دار الحداثة للطابعة والنشر والتوزيع‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص ‪ 216‬و‪.217‬‬ ‫(‪)43‬‬

‫واضح رشيد‪ ،‬الطبيعة القانونية لعالقة العمل في إطار اإلصالحات االقتصادية‪ ،‬بحث لنيل شهادة الماجستير فرع‬ ‫(‪)44‬‬

‫قانون المؤسسات‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم اإلدارية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2001-2000 ،‬ص ‪.222‬‬

‫‪22‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث الثاني‬
‫آثار التسريح ألسباب اقتصادية‬

‫يترتب على التسريح الجماعي ألسباب اقتصادية بعض الحقوق للعمال المسرحين أقرتها‬
‫مختلف القوانين والتنظيمات العمالية‪ ،‬والتي سندرسها تحت عنوان آثار التسريح ألسباب اقتصادية‪،‬‬
‫وسندرس كل هذه اآلثار بنوع من التفصيل في إطار المطالب الموالية وذلك من أجل الوقوف على‬
‫حقيقتها ومدى اعتبارها كأثر فعلي للعامل المسرح‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫احترام المستخدم لمهلة اإلخطار واستفادة العامل من تعويض التسريح‬

‫يتمتع العمال المعرضين للتسريح االقتصادي بالحق في إخطارهم قبل إنهاء أعمالهم‬
‫والحصول على تعويض التسريح لكن ضمن شروط معينة نستعرضها بنوع من التفصيل في‬
‫النقطتين اآلتيتين‪:‬‬

‫الفرع األول‬
‫احترام المستخدم لمهلة اإلخطار‬

‫بعد تبليغ العامل المعني بالتسريح بموجب رسالة مسجلة مع اإلشعار باالستالم ألزم المشرع‬
‫صاحب العمل بإعطاء مهلة للعامل تفصل ما بين يوم تبليغ التسريح واليوم الذي ينهي فيه العقد‬
‫آثاره وسمى هذه المدة بمهلة اإلخطار وعرفها بأنها‪" :‬تصرف قانوني انفرادي يصدر من أحد‬
‫الطرفين ويعلن فيه رغبته في اإلنهاء وذلك قبل حصوله بمدة كافية" (‪.)45‬‬

‫مهلة اإلخطار هي حق للعامل ويحق له خاللها الغياب لمدة ساعتين يوميا مدفوعتي األجر‬
‫من أجل إتاحة الفرصة له للبحث عن عمل آخر‪ ،‬وصارت تقدر حسب مستوى التأهيل المهني‬

‫(‪ )45‬أنظر المادة ‪ 68‬من القانون رقم ‪ ،11-90‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫للعامل المعني وفقا لما هو محدد في األنظمة الداخلية واالتفاقيات الجماعية (‪.)46‬‬

‫تعد القواعد المتعلقة بمهلة اإلخطار من النظام العام‪ ،‬وال يمكن مخالفتها إال إذا كانت‬
‫تحقق مصلحة أكبر للعامل‪ ،‬لكن ال يكون ذلك إال متى توفرت الشروط اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬أن تكون بصدد عقد عمل غير محدد المدة‪.‬‬


‫‪ -‬أن ترتبط المهلة بالتسريح أو االستقالة‪.‬‬
‫‪ -‬أال تتعلق بخطأ فادح‪ ،‬إذ بوجود هذا األخير تنقطع عالقة العمل دون مراعاة مهلة‬
‫اإلخطار‪.‬‬

‫تكون بداية حساب هذه المدة من تاريخ تبليغ رسالة التسريح‪ ،‬وال تقبل هذه المهلة التوقف‬
‫أو القطع فال اإلضراب وال المرض يوقفها‪.‬ألنها جاءت لوضع حد للممارسة المباشرة لحق الفسخ‬
‫االنفرادي من طرف صاحب العمل‪.‬‬

‫أما اآلثار المترتبة عن احترام المستخدم لمهلة اإلخطار‪ ،‬فإنها تختلف بحسب احترام‬
‫المعنيين لها‪ .‬فإن تم احترامها استمرت عالقة العمل خاللها‪ ،‬وتبقى االلتزامات المتقابلة قائمة‬
‫كتقديم األجر للعامل مقابل العمل إلى حين نهاية هذه المهلة أين يتعين على صاحب العمل دفع‬
‫األجور والتعويضات المستحقة للعامل لتنتهي بعدها العالقة القانونية التي كانت تربط بين العامل‬
‫وصاحب العمل أو تعتبر منقضية مبدئيا ما عدا إذا التزم العامل بشرط عدم المنافسة لمدة‬
‫معينة(‪. )47‬‬

‫يمكن لصاحب العمل أن يتحرر من هذا االلتزام وال ينتظر تاريخ نهاية المهلة إذا التزم بدفع‬
‫المبلغ الذي يساوي األجر الكامل الذي كان سيقبضه العامل في نفس الوقت‪ ،‬هذا باإلضافة إلى‬
‫تعويض مهلة اإلخطار‪ ،‬وال يعفى صاحب العمل من منح مهلة اإلخطار للعامل الذي يرغب في‬

‫(‪ )46‬هدفي بشير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.116‬‬


‫عطاء هللا بوحميدة‪ ،‬التسريح ألسباب اقتصادية‪ :‬مفهومه‪ ،‬إجراءاته وآثاره‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.175‬‬ ‫(‪)47‬‬

‫‪24‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫تسريحه إال إذا توقف العمل في مشروعه بفعل قوة قاهرة كاحتراق مصنعه أو انقطاع وصول المواد‬
‫األولية بسبب قيام حرب (‪.)48‬‬

‫إن لم يتم احترام هذه المهلة من خالل اإلنهاء المفاجئ لعالقة العامل في ظل غياب خطأ‬
‫فادح من العامل‪ ،‬أو قوة قاهرة‪ ،‬يعتبر خطئا من صاحب العمل ويستحق العامل نتيجة لذلك‬
‫تعويضا كامال لعدم احترام هذه المهلة (‪.)49‬‬

‫إال أن ما يثير الدهشة واالنتباه في آن واحد هو سكوت القانون رقم ‪ 11-90‬عن مهلة‬
‫اإلخطار فيما يتعلق بالتسريح الجماعي‪ ،‬ولم يشر إلى هذه العملية ما عدا فيما يتعلق باالستقالة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫استفادة العامل من تعويض التسريح‬

‫يقصد بتعويض التسريح ذلك المبلغ النقدي المنصوص عليه قانونا و الذي يستحقه العامل‬
‫المسرح اقتصاديا ألجل جبر الضرر الذي لحقه جراء إنهاء عقد عمل غير محدد المدة‪ ،‬وهو‬
‫تعويض خاص متميز عما هو سائد في القانون المدني‪ ،‬لذا استوجب االنتقال به من فكرة‬
‫التعويض الكامل إلى فكرة التعويض العادل الذي يراعى المصلحة االقتصادية للمؤسسة و يحقق‬
‫الحماية الالزمة للعامل‪ ،‬ولقد جعله المشرع الجزائري من أهم االلتزامات الواقعة على عاتق‬
‫المستخدم‪ ،‬والتي تسمح له بتنفيذ قرار التسريح كما تبينه المادة ‪ 16‬من المرسوم التشريعي رقم‬
‫‪.)50( 09-94‬‬

‫المشرع ال يهدف من خالل تعويض التسريح إلى معاقبة صاحب العمل‪ ،‬وتجدر اإلشارة‬
‫إلى أن هناك عدة أنواع من التعويضات إال أن أهمها‪ ،‬التعويض العيني والتعويض النقدي‪.‬‬

‫(‪ )48‬جالل مصطفى القريشي‪ ،‬شرح قانون العمل‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬عالقة العمل الفردية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،1984‬ص ‪.205‬‬
‫(‪ )49‬عطاء هللا بوحميدة‪ ،‬التسريح ألسباب اقتصادية‪ :‬مفهومه‪ ،‬إجراءاته وآثاره‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.176‬‬
‫(‪ )50‬أنظر المادة ‪ 16‬من المرسوم التشريعي رقم ‪ ،09-94‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫فالتعويض العيني يقتصر على الحالة التي يكون فيها التسريح تعسفيا لهذا فهو يعد من‬
‫النظام العام‪ ،‬وكان حينها للقاضي إمكانية الحكم بإعادة إدماج العامل وذلك قبل مرحلة ‪1990‬‬
‫غير أن موقف المشرع تغير بعد هذه المرحلة وتستنتج ذلك من نص المادة ‪ 09‬من األمر رقم‬
‫‪ 21-96‬الذي عدل القانون رقم ‪ 11-90‬ونص في مادته ‪ 73‬في الفقرتين‪ 3‬و‪.)51( 4‬‬

‫أما التعويض النقدي فهو ذلك المبلغ النقدي المنصوص عليه قانونا والذي يستحقه العامل‬
‫المسرح اقتصاديا ويطلق عليه مصطلح" مكافأة نهاية الخدمة "وهذا هو التعويض الذي سنتعرض‬
‫(‪.)52‬‬
‫له بالدراسة والذي لن يستقر فهمنا له إال إذا كشفنا شروط استحقاقه وكيفية حسابه‬

‫أوال‪ :‬شروط تعويض التسريح‬


‫من خالل الوقوف على تعريف التعويض‪ ،‬ومختلف النصوص التي أشارت إليه‪ ،‬فإنه‬
‫يشترط لالستفادة منه ما يلي‪ :‬أن يتعلق األمر بعقد غير محدد المدة‪ ،‬وذلك ما نجد المادة ‪72‬‬
‫من القانون رقم ‪ 11-90‬تنص عليه بقولها‪" :‬للعامل الموظف لمدة غير محدودة الحق في‬
‫التعويض عن التسريح في حالة تسريح فردي أو جماعي تقوم به الهيئة المستخدمة "‪.‬‬
‫غير أن عالقة العمل المحددة المدة كثي اًر ما تتحول إلى عقود عمل غير محددة المدة‪ ،‬ومن‬
‫ثم فمتى تم التسريح في هذه الحالة استوجب دفع تعويض‪ ،‬كما أن االتفاقية الجماعية يمكن أن‬
‫تنص على دفع تعويض في حالة ما إذا لم تحدده عالقة العمل المحددة المدة‪.‬‬

‫يجب أن يتم قطع عالقة العمل من طرف الهيئة المستخدمة‪ ،‬وهذا ما يجعل التعويض‬
‫مستبعداً في حالة االستقالة والقوة القاهرة‪ ،‬وفي حالة الخطأ الجسيم الذي يرتكبه العامل‪ ،‬وقد حددت‬
‫المادة ‪ 71‬من المرسوم رقم ‪ )53( 302-82‬األفعال التي تشكل أخطاء جسيمة يعاقب عليها بعقوبة‬

‫(‪ )51‬أنظر المادة ‪ 73‬من القانون رقم ‪ ،11-90‬مرجع سابق‪.‬‬


‫(‪ )52‬عطاء هللا بوحميدة‪ ،‬التسريح ألسباب اقتصادية‪ :‬مفهومه‪ ،‬إجراءاته وأثاره‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.231‬‬
‫مرسوم تنفيذي رقم ‪ 302-82‬مؤرخ في ‪ 11‬سبتمبر ‪ ،1982‬يتعلق بكيفيات تطبيق األحكام التشريعية الخاصة‬ ‫(‪)53‬‬

‫بعالقات العمل الفردية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،37‬صادر بتاريخ ‪ 14‬سبتمبر ‪.1982‬‬

‫‪26‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫تتراوح ما بين التخفيض في الرتبة‪ ،‬والتسريح من الخدمة بدون تعويض وال مهلة إخطار‪ ،‬وهذا ما‬
‫سكت عنه القانون ‪ 11-90‬تاركاً إياه للهيئة المستخدمة تحدده في إطار نظامها الداخلي‪.‬‬

‫الشرط اآلخر واألهم هو شرط األقدمية‪ ،‬حيث ال يستحق التعويض إال العمال الذين يثبتون‬
‫مدة سنة على األقل من العمل الفعلي لدى المؤسسة المستخدمة (‪ ،)54‬ولكن رغم أهمية هذا الشرط‬
‫نجد أن قانون رقم ‪ 11-90‬لم يشر إلى هذا التحديد‪ ،‬غير أننا نستطيع أن نستنتج ذلك من كيفية‬
‫حساب مبلغ التعويض الذي يحسب على أساس المتوسط الشهري األفضل لألجور المقبوضة خالل‬
‫إحدى السنوات الثالث األخيرة‪ ،‬وهذا ما يفيد أن العامل قد قضى مدة عام على األقل كعمل فعلي‬
‫في المؤسسة المستخدمة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬كيفية حساب مبلغ التعويض‬


‫أكدت المادة ‪ 22‬من المرسوم التشريعي رقم ‪ 09-94‬على أن قيمة تعويض التسريح‬
‫تساوي أجر ثالثة أشهر (‪ ،)55‬أما المادة ‪ 23‬من المرسوم ذاته‪ ،‬فقد حددت أساس حسابه فنصت‬
‫على أنه‪" :‬تحسب التعويضات المشار إليها في المادة ‪ 22‬أعاله على أساس معدل األجر‬
‫الشهري الخام المتقاضى خالل االثني عشر (‪ )12‬شه ار قبل انهاء عالقة العمل"‪.‬‬
‫يتمثل األجر الخام الذي يحسب على أساسه تعويض التسريح في األجر القاعدي وجميع‬
‫التعويضات أيا كان نوعها وكذا المنح التي تشكل جزء من األجر‪ ،‬باستثناء الساعات اإلضافية إال‬
‫إذا كان لها صفة الدوام واالستمرار‪ ،‬ينطوي حساب تعويض التسريح على أساس األجر الخام‬
‫وبالنظر إلى األشهر األخيرة قبل انتهاء عالقة العمل على أهمية‪ ،‬إذ يوسع من دائرة الحماية المالية‬
‫المقررة للعامل بعد انتهاء هذه العالقة‪ ،‬خاصة وأنه يأخذ باالعتبار الزيادة األخيرة في األجر بجميع‬
‫عناصرها (‪.)56‬‬

‫(‪ )54‬عطاء هللا بوحميدة‪ ،‬التسريح ألسباب اقتصادية‪ :‬مفهومه‪ ،‬إجراءاته وآثاره‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.236‬‬
‫المرسوم التشريعي رقم ‪ ،09-94‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫(‪)55‬‬

‫فتحي وردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.185‬‬ ‫(‪)56‬‬

‫‪27‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫عليه فإن عملية حساب التعويض تتم من خالل إجراء عملية ضرب (المعدل الشهري الخام‬
‫المتقاضى خالل االثني عشر شه اًر قبل إنهاء عالقة العمل في ثالثة أشهر( ويمكن جمعه مع‬
‫صافي التعويضات األخرى‪ ،‬غير أن هناك بعض الحاالت الخاصة مثل استفادة العامل من عمل‬
‫آخر أو إحالته على التقاعد فإن هذا ال يؤدي إلى حرمانه من تعويض التسريح بل يؤدي إلى تغيير‬
‫في طبيعته ألن فكرة جبر الضرر صارت أقل وضوحا (‪.)57‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫التعويض الشهري للتأمين على البطالة‬

‫يعتبر صندوق التأمين على البطالة حديث العهد في الج ازئر‪ ،‬إذ لم يؤسس إال في جوان‬
‫‪ ،1994‬كما أنه لم يشرع في عمله إال بعد ‪ 13‬ماي ‪ ،1996‬وهو التاريخ الذي عين فيه المدراء‬
‫الجهويين للصناديق الجهوية بقرار من السيد وزير العمل والشؤون االجتماعية‪ ،‬كما للصندوق‬
‫وكاالت محلية على مستوى ‪ 48‬والية (‪.)58‬‬

‫الفرع األول‬
‫شروط االستفادة من التعويض‬

‫فصل المشرع شروط الحصول على التعويض الشهري للتأمين على البطالة ضمن أحكام‬
‫المرسوم التشريعي رقم ‪ 11-94‬المتعلق بإحداث التأمين على البطالة لفائدة األجراء الذين يفقدون‬
‫عملهم بصفة الإرادية وألسباب اقتصادية‪ ،‬وذلك في نصوص المواد ‪ 7 ،6‬و‪ 8‬إذ نصت المادة‬
‫السادسة منه على أنه‪" :‬يجب لالستفادة من أداءات التأمين عن البطالة أن تتوفر في األجير‬
‫المنصوص عليه في المادة الثانية أعاله الشروط التالية‪:‬‬

‫عطاء هللا بوحميدة‪ ،‬التسريح ألسباب اقتصادية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.2‬‬ ‫(‪)57‬‬

‫بن عزوز بن صابر‪ ،‬االتفاقيات الجماعية للعمل في التشريع الجزائري والمقارن‪ ،‬دار الحامد للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬ ‫(‪)58‬‬

‫‪ ،2011‬ص ‪.301‬‬

‫‪28‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬أن يكون منخرطا في الضمان االجتماعي مدة إجمالية قدرها ثالث(‪ )03‬سنوات على‬
‫األقل‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون عونا مثبتا في الهيئة المستخدمة قبل التسريح لسبب اقتصادي‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون منخرطا‪ ،‬ويكون قد سدد اشتراكاته بانتظام في نظام التأمين عن البطالة منذ‬
‫ستة‪ 06‬أشهر على األقل قبل إنهاء عالقة العمل" (‪ ،)59‬على أن هذه الفترة الدنيا لدفع‬
‫االشتراكات تقتصر على العمل الفعلي‪ ،‬واال فال يمكن له االستفادة من أداءات الصندوق‪،‬‬
‫ألن رب العمل سيضطر لالحتفاظ به (‪.)60‬‬

‫لكن هناك إشكال طرح بالنسبة لهذا الشرط يخص المؤسسات غير القادرة على دفع هذه‬
‫المساهمة أو هذه الحقوق لصندوق التأمين على البطالة‪ ،‬وفي نفس الوقت ليس لها القدرة على‬
‫االحتفاظ بالعمال لعدم قدرتها على االستمرار في نشاطها لذلك فقد تم إبرام اتفاقية بين البنوك‬
‫والخزينة العمومية يتم بموجبها التكفل بهذه المصاريف (‪.)61‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 07‬منه على أنه" يستفيد األجير زيادة عن الشروط الواردة في المادة‬
‫السادسة أعاله من أداءات التأمين على البطالة إذا توفرت فيه الشروط التالية‪:‬‬

‫‪ -‬أال يكون قد رفض عمال أو تكوينا تحويليا قصد شغل منصب‪.‬‬


‫‪ -‬أال يكون مستفيدا من دخل ناتج عن أي نشاط مهني‪.‬‬
‫‪ -‬أن يرد اسمه في قائمة العمال الذين هم محل تسريح في إطار التقليص من عدد العمال‬
‫أو إنهاء نشاط صاحب العمل‪ ،‬تحمل تأشيرة مفتش العمل المختص إقليميا‪.‬‬

‫مرسوم تشريعي رقم ‪ 11-94‬مؤرخ في ‪ 26‬مايو سنة ‪ ،1994‬يحدث التأمين عن البطالة لفائدة األجراء الذين قد‬ ‫(‪)59‬‬

‫يفقدون عملهم بصفة ال إ اردية ألسباب اقتصادية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،34‬صادر بتاريخ ‪ 31‬ماي‪ ،1994‬معدل ومتمم بقانون رقم‬
‫‪ 07-98‬مؤرخ في ‪ 2‬أوت ‪ ،1998‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،57‬صادر بتاريخ ‪ 5‬أوت ‪.1998‬‬
‫(‪ )60‬أنظر المادة ‪ 20‬من المرسوم التشريعي رقم ‪ ،09-94‬مرجع سابق‪.‬‬
‫(‪ )61‬عطاء هللا بوحميدة‪ ،‬التسريح ألسباب اقتصادية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 210‬و‪.211‬‬

‫‪29‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬أن يكون مسجال كطالب للعمل لدى المصالح المختصة في اإلدارة العمومية المكلفة‬
‫بالتشغيل منذ ثالثة أشهر على األقل‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون مقيما بالجزائر" (‪.)62‬‬

‫بتوافر هذه الشروط يستحق العامل المسرح ألسباب اقتصادية تعويض التأمين عن البطالة‪،‬‬
‫غير أن المادة الثامنة من نفس المرسوم قد أضافت شرطاً آخر متعلق بتنفيذ هذا التأمين‪ ،‬والذي‬
‫هو مساهمة رب العمل‪ ،‬وذلك بدفعه لنفقات تحويل الحقوق‪ ،‬واذا لم يقم رب العمل بدفع هذه‬
‫النفقات فإنه ال يمكن للعامل المعني أن يستفيد من أداءات التأمين الصادرة عن الصندوق كما‬
‫تمت اإلشارة سابقا (‪.)63‬‬

‫تكون إجراءات دراسة ملف العامل المحال على التأمين عن البطالة من وجهتين‪:‬‬
‫‪ -‬األولى‪ :‬مراعاة مدى تحقق الشروط السالفة الذكر في العامل المسرح‪.‬‬
‫‪ -‬الثانية‪ :‬بعد دراسة الملف تقوم وكالة الصندوق الوطني للتأمين عن البطالة بتوجيه رسالة‬
‫للمستخدم أو المصفي تتضمن اإلشعار بالقرار‪ ،‬وتتخذ إحدى الصورتين‪:‬‬
‫أ‪-‬حالة القبول‪ :‬بعد دراسة الملفات التي تستغرق مدة ‪ 15‬يوم يتم تقديم إشعار فوري بالقبول‬
‫الجماعي معد على وثيقة مخصصة لهذا الغرض‪ ،‬وفردي يوجه لصالح كل عامل مقبول في وثيقة‪،‬‬
‫ويجب أن يحدد الصندوق في هذا اإلشعار ‪.‬بالنسبة للملفات الكاملة بعد اإلفادة بالتسليم والوصول‬
‫للمستخدم ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تاريخ بداية التكفل‪.‬‬
‫‪ -‬مختلف قيم التعويض الشهري باإلضافة إلى الفترات المقابلة لها‪.‬‬
‫‪ -‬األقدمية التي استعملت في حساب مدة التكفل‪.‬‬

‫مرسوم تشريعي رقم ‪ ،11-94‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫(‪)62‬‬

‫(‪ )63‬انظر المادة ‪ 8‬من المرسوم التشريعي رقم ‪ ،11-94‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫وبالنسبة للملفات غير الكاملة يطلب من المستخدم أو المصفي تكملتها‪ ،‬كما تقوم مصالح‬
‫التأمين على البطالة في حالة قبول المعني كمؤمن في الصندوق بتحرير وثيقة وتسلمها له‪.‬‬

‫ب‪-‬حالة الرفض‪ :‬يتم إعالم كل عامل بقرار الرفض لعدم توفره على الشروط المطلوبة‪ ،‬ويكون‬
‫اإلشعار مسبباً‪ ،‬كما يتم إرجاع الملفات المرفوضة إلى المصفي أو المستخدم‪ .‬وقبل اللجوء إلى‬
‫القضاء المختص‪ ،‬يتم الطعن في القرار أمام لجنة توجد على مستوى وكالة الصندوق الوطني‬
‫للضمان االجتماعي‪.‬‬

‫ألهمية هذه االلتزامات الواقعة على عاتق المستخدم في تمكين العمال المعنيين من االستفادة‬
‫من نظام التأمين على البطالة‪ ،‬أحاطها المشرع الجزائري بجزاءات تهدف إلى حمل المستخدم على‬
‫تنفيذها (‪ ،)64‬هذا ما نصت عليه المادة ‪ 40‬من المرسوم التشريعي ‪.)65(11-94‬‬

‫لتعويض البطالة مكمالت أخرى تابعة يستفيد منها العامل المسرح اقتصاديا متى توافرت‬
‫فيه الشروط المذكورة سابقا‪ ،‬فله الحق في أداءات الضمان االجتماعي المستحقة لألجراء (مرض‪،‬‬
‫أمومة‪ ،‬المنح العائلية)‪ ،‬اعتماد فترة التكفل بالنسبة لنظام التأمين عن البطالة واعتبارها فترة النشاط‬
‫لدى نظام التقاعد‪ ،‬بمعنى أنها تعتمد كسنوات خدمة‪ ،‬ثم االستفادة من رأسمال الوفاة لفائدة ذوي‬
‫الحقوق‪ ،‬ويبقى العامل الذي لم يتمكن من االندماج في الحياة العملية ثانية في االستفادة من‬
‫األداءات العينية للتأمين عن المرض ومن المنح العائلية وذلك لمدة اثني عشر (‪ )12‬شه اًر (‪.)66‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫كيفية حساب التعويض‬

‫إن العناصر التي تساعد على حساب تعويض التأمين عن البطالة تساعد بالقسط الكبير‬
‫في مسألة تحديد هذا التأمين‪ ،‬إذ أن هناك عالقة وثيقة بفترة نشاط البطال وأساس األجر السابق‬

‫فتحي وردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.277‬‬ ‫(‪)64‬‬

‫(‪ )65‬مرسوم تشريعي رقم ‪ ،11-94‬مرجع سابق‪.‬‬


‫أنظر المادتين ‪ 11‬و‪ 19‬من المرسوم التشريعي رقم ‪ ،11-94‬المرجع نفسه‪.‬‬ ‫(‪)66‬‬

‫‪31‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫للمعني باألمر وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 13‬من المرسوم ‪ 11/94‬وتحليال لنص هذه المادة فإن‬
‫التعويض يساوي نصف المبلغ المحصل عليه من جمع متوسط األجر الشهري الخام مع األجر‬
‫الوطني األدنى المضمون‪.‬‬

‫كما أسهمت المادة ‪17‬من نفس المرسوم في وضع ضابط لهذا التعويض وذلك بنصها على‬
‫أنه‪ " :‬ال يمكن أن تقل نسبة حساب تعويض التأمين عن البطالة المذكور في المادة ‪ 15‬أعاله‬
‫عن ‪ % 50‬من األجر المرجعي‪ ،‬غير أن تعويض التأمين عن البطالة الممنوح حسب الشروط‬
‫المحددة في هذا المرسوم التشريعي ال يمكن أن يقل عن ‪ % 75‬من األجر الوطني األدنى‬
‫المضمون وال أكثر منه بثالث مرات" (‪.)67‬‬

‫الفرع الثالث‬
‫مدة تقاضي التعويض‬

‫إن آجال استحقاق تعويض التأمين عن البطالة محددة في القانون الجزائري حيث يشير إلى‬
‫ذلك المرسوم ‪ 11-94‬إذ يتم حساب مدة التكفل بشهرين عن كل سنة اشتراك‪ ،‬ويدخل في عدد‬
‫سنوات االشتراك سنوات األقدمية المعتمدة لدى آخر هيئة مستخدمة‪ ،‬واألقدمية تأخذ حالتين‪:‬‬

‫‪ -‬سنوات العمل التي أداها األجير في آخر هيئة مستخدمة‪،‬‬


‫‪ -‬وعند االقتضاء‪ ،‬سنوات العمل في هيئات مستخدمة أخرى عندما ينجم تغيير المستخدم عن‬
‫تحويل المستخدمين بسبب إعادة هيكلة أو إعادة توزيع للعمل (‪.)68‬‬

‫الشيء المالحظ انه ال يتعارض دفع هذا التعويض مع تقاضي البطال لتعويضات ذات‬
‫طبيعة تكميلية كاألداءات العينية للمرض واألمومة واالستفادة من المنح العائلية ورأسمال الوفاة‪،‬‬

‫مرسوم تشريعي رقم ‪ ،11-94‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫(‪)67‬‬

‫(‪ )68‬أنظر المادة ‪ 14‬من المرسوم التشريعي رقم ‪ ،11-94‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫والتعويض عن األجر الوحيد‪ ،‬باإلضافة إلى حقه في االستفادة من الخدمات االجتماعية (‪.)69‬‬

‫قد تصل مدة التكفل بالمؤمن من نظام التأمين عن البطالة إلى ‪ 36‬شهر كحد أقصى‬
‫(‪)70‬‬
‫وفق نسب تنازلية‬ ‫بحساب شهرين عن كل سنة اشتراك على أال تقل عن ‪ 12‬شهر كحد أدنى‬
‫محددة بموجب المرسوم التنفيذي رقم ‪ 189-94‬وحددها بأربعة مراحل وهي على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ %100 -‬من األجر المرجعي خالل الربع األول من مدة التكفل ‪.‬‬
‫‪ %80 -‬من األجر المرجعي خالل الربع الثاني من مدة التكفل‪.‬‬
‫‪ %60 -‬من األجر المرجعي خالل الربع الثالث من مدة التكفل‪.‬‬
‫(‪)71‬‬
‫‪ %50 -‬من األجر المرجعي خالل الربع الرابع من مدة التكفل‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪:‬‬
‫الحق في الحصول على شهادة عمل واألولوية عند إعادة التوظيف‬

‫من بين الضمانات والمستحقات األخرى التي توفرها القوانين االجتماعية الحالية بهذا‬
‫الخصوص هي إفادة العامل المسرح جراء األسباب االقتصادية من الحق في الحصول على شهادة‬
‫عمل متضمنة مجموعة من المعلومات التي سيتم اإلشارة إليها كنقطة أولى‪ ،‬ثم األولوية عند إعادة‬
‫التوظيف كنقطة ثانية‪.‬‬

‫أنظر المادة ‪ 11‬من المرسوم التشريعي رقم ‪ ،11-94‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫(‪)69‬‬

‫أنظر المادة ‪ 3‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ ،189-94‬المؤرخ في ‪ 6‬يوليو ‪ ،1994‬يحدد مدة التكفل بتعويض التأمين‬ ‫(‪)70‬‬

‫عن البطالة وكيفيات حساب ذلك‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 44‬لسنة ‪ ،1994‬وأيضا المادة ‪ 16‬من الرسوم التشريعي ‪ ،11-94‬المرجع‬
‫السابق‪.‬‬
‫(‪ )71‬أنظر المادة ‪ 2‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ ،189-94‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫الفرع األول‬
‫الحق في الحصول على شهادة عمل‬

‫يعتبر هذا الضمان من االلتزامات التي فرضتها القوانين العمالية واألنظمة الداخلية على‬
‫رب العمل بحيث يمنح العامل شهادة تتضمن كافة البيانات والمعلومات الخاصة بحياته المهنية في‬
‫المؤسسة طوال فترة تواجده فيها‪ ،‬وهذا االلتزام قائم في كل األحوال وعلى العامل أن يطلبها هو وال‬
‫ينتظر من رب العمل أن يسلمها له (‪.)72‬‬

‫أوال‪ :‬أهمية شهادة العمل‬


‫لشهادة العمل أهمية تتضح وتظهر من خالل هدفها‪ ،‬وهو تحقيق المصلحة العامة‪ .‬فهي‬
‫وسيلة فنية لتنظيم السياسة العامة للتوظيف فضال عن دورها في إقامة االستقرار لعالقة العمل‬
‫بالمنشأة‪ ،‬كما أن الشهادة تمكن العامل من أن يثبت ألصحاب العمل الجدد مدى خبرته ودرايته‬
‫بشؤون العمل الذي يسعى إليه‪ ،‬واثبات مدة خدمته لتحسب له عند االقتضاء‪ ،‬وكل هذا من شأنه‬
‫تسهيل إعادة تشغيل العامل‪ ،‬والسماح لرب العمل الجديد من التأكد أن العامل لم يعد مرتبطاً بأي‬
‫عقد عمل (‪.)73‬‬
‫ثانيا‪ :‬محتوى شهادة العمل‬
‫لم يتطلب المشرع شكال معينا لتحرير شهادة نهاية العمل إال أنه يوجب ضرورة احتوائها على‬
‫الحد األدنى من البيانات التي تعتبر هامة‪ ،‬والمنصوص عليها في المادة ‪ 67‬من القانون رقم‬
‫‪ 11-90‬والتي تنص على‪" :‬يسلم للعامل‪ ،‬عند انتهاء عالقة العمل‪ ،‬شهادة عمل تبين تاريخ‬
‫التوظيف وتاريخ إنهاء عالقة العمل وكذا المناصب التي شغلت والفترات المناسبة لها‪ ،‬ال يترتب‬
‫عن تسليم الشهادة فقدان حقوق وواجبات المستخدم والعامل الناشئة عن عقد العمل أو عقود‬
‫التكوين إال إذا اتفق الطرفان على عكس ذلك كتابة"‪.‬‬

‫(‪ )72‬أحمية سليمان‪ ،‬التنظيم القانوني لعالقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.386‬‬
‫علي عوض حسن‪ ،‬الوجيز في شرح قانون العمل‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1996 ،‬ص ‪.551‬‬ ‫(‪)73‬‬

‫‪34‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫إضافة إلى هذه البيانات اإلجبارية‪ ،‬يمكن أن تتضمن شهادة العمل بيانات اختيارية منها‪،‬‬
‫شرط عدم المنافسة‪ ،‬العطل المدفوعة األجر‪ ،‬ويمكن إدراج أية بيانات بشرط أال تلحق أذى‬
‫بالعامل‪ ،‬في حالة رفض المستخدم تسليم شهادة العمل‪ ،‬يجوز للعامل رفع دعوى قضائية أمام‬
‫القسم االجتماعي‪ ،‬الذي يفصل بحكم ابتدائي ونهائي بتسليم الشهادة إلى العامل (‪.)74‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫حق األولوية عند إعادة التوظيف‬

‫يعد هذا الحق بمثابة حق امتياز‪ ،‬إذ يستفيد العامل المسرح بسبب اقتصادي من حقه في‬
‫األولوية في التوظيف عند إعادة التوظيف‪ ،‬شرط أن يلتحق بالمنصب بمجرد تلقيه ألول‬
‫استدعاء(‪.)75‬‬

‫فالمشرع لم يشأ أن يترك العمال المسرحين ألسباب اقتصادية يعانون من البطالة والحرمان‪،‬‬
‫وانما منحهم الحق في األولوية بالنسبة للوظائف التي تكون شاغرة مع أنه يالحظ أن معيار‬
‫التوظيف هنا يكون على أساس مدى توفر الكفاءات والمؤهالت المهنية لشغل هذا المنصب كما‬
‫أنه يراعي في اختيار أحد العمال كفاءته ومؤهالته وتجاربه المهنية‪.‬‬

‫(‪ )74‬عطاء هللا بوحميدة‪ ،‬التسريح لسبب اقتصادي‪ :‬مفهومه‪ ،‬إجراءاته وآثاره‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 255‬و‪.257‬‬
‫(‪ )75‬أحمية سليمان‪ ،‬التنظيم القانوني لعالقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.386‬‬

‫‪35‬‬
‫تسريح العمال ألسباب اقتصادية‬ ‫الفصل األول‬

‫لقد خص المشرع الجزائري للعامل الذي يكون معرض للتسريح ألسباب اقتصادية حماية‪،‬‬
‫نصت عليها القوانين وهي على نوعين‪ :‬حماية إدارية يشرف عليها مفتش العمل‪ ،‬حيث أن كل‬
‫تسريح اقتصادي يستدعي بالضرورة الحصول على رخصة إدارية من إدارة العمل‪ ،‬وحماية أخرى‬
‫رادعة تتمثل في احترام الشروط واإلجراءات التي يتقيد بها صاحب العمل حين ينوي اتخاذ قرار‬
‫التسريح‪.‬‬

‫تنتقل هذه الحماية إلى ما بعد التسريح وتتجسد هذه الحماية في الرقابة القضائية‪ ،‬إذ يمكن‬
‫للعامل المسرح اقتصاديا اللجوء إلى القضاء إذا رأى أنه ظلم وأن إجراءات تسريحه لم تحترم‪،‬‬
‫إضافة إلى حقوقه األخرى المعترف له بها وتتمثل أساسا في تعويض التسريح واستالم وثائق‬
‫‪76‬‬
‫معينة‪.‬‬

‫(‪ )76‬عطاء هللا بوحميدة‪ ،‬التسريح لسبب اقتصادي‪ :‬مفهومه‪ ،‬إجراءاته وآثاره‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.181-167-183‬‬

‫‪36‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفصل الثاني‬
‫عزل العمال‬

‫لقد منح المشرع الجزائري للمستخدم في ظل القانون رقم ‪ ،11-90‬الحق في تسريح العمال‬
‫بإرادته المنفردة وذلك في نص المادة ‪ 73‬منه والذي سماه المشرع الجزائري بالتسريح التأديبي‪،‬‬
‫حيث يقوم فيه المستخدم بتسريح عامل في مؤسسته بسبب ارتكابه لخطأ جسيم‪.‬‬

‫إن المستخدم عند ممارسته لهذه السلطة الممنوحة له عادة ما يتعسف فيها‪ ،‬هذا ما يؤدي‬
‫به إلى الوقوع فيما يعرف بالتسريح التعسفي للعمال والذي منعه المشرع الجزائري بإدراجه لعبارة‬
‫" كل تسريح فردي يتم خرقا ألحكام هذا القانون يعتبر تعسفيا " (المبحث األول)‪.‬‬

‫لذلك وتفاديا لتعسف المستخدم في استعمال حقه بالتسريح‪ ،‬أعطى المشرع للعامل عدة‬
‫وسائل قانونية ليواجه من خاللها المستخدم الذي كان قد تعدى على حقوق هذا األخير وذلك‬
‫بمحاولة تسوية النزاع القائم بين الطرفين حيث أن مراحل تسوية النزاعات العمالية تتلخص في‬
‫مرحلتين مرحلة التسوية الودية والذي ينقسم إلى كل من التسوية الودية الداخلية أي داخل الهيئة‬
‫المستخدمة‪ ،‬والتسوية الودية الخارجية أمام مفتشية العمل‪ ،‬ومرحلة التسوية القضائية أمام المحكمة‬
‫االجتماعية التي تعتبر كآخر ملجأ للعامل لمحاولة استرجاع حقه (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث األول‬
‫التسريح التأديبي والتسريح التعسفي‬

‫يعتبر التسريح التأديبي إحدى حاالت إنهاء عالقة العمل باإلرادة المنفردة لصاحب العمل‬
‫التي يكاد يجمع على شرعيتها كل من الفقه والقضاء والتشريع على حد سواء حيث يعترف في‬
‫مختلف هذه المصادر للمؤسسة المستخدمة بحق إيقاف وفصل العامل الذي يثبت في حقه ارتكاب‬
‫خطأ جسيم أثناء قيامه بعمله أو بمناسبة ذلك‪ ،‬وهذا قصد حماية مصالحها‪ ،‬وضمان استقرار‬
‫وفعالية النظام في المؤسسة المستخدمة (‪ ،)1‬إال أنه يجب على المستخدم عند القيام بهذا النوع من‬
‫التسريح كون ملزم باحترام اإلجراءات المنصوص عليها قانونا‪ ،‬وكل خرق لهذه األخيرة يخرج من‬
‫كونه تسريح تأديبي ليصبح بذلك تسريحا تعسفيا يعاقب عليه القانون‪ ،‬لذا سنتطرق لكل من التسريح‬
‫التأديبي (المطلب األول)‪ ،‬والتسريح التعسفي (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫التسريح التأديبي للعمال‬

‫إن الخطأ التأديبي هو اإلخالل بالقيام بالواجبات التي يقتضيها حسن انتظام واستمرار‬
‫العمل داخل المؤسسة وكذلك االمتناع عن كل ما من شأنه إلحاق الضرر بالمشروع أو عرقلته‬
‫لتحقيق األهداف التي خصص من أجلها‪ ،‬إذ من أهم المبادئ التي كرسها تشريع العمل االمتناع‬
‫عن االخالل بنظام العمل ومن ثم فإن أي خروج عن هذا المبدأ يشكل خطأ تأديبي (‪ ،)2‬وللتوسيع‬
‫أكثر في الموضوع فإننا سنقوم بدراسة مفصلة مركزين على ثالثة عناصر أساسية تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫أحمية سليمان‪ ،‬الوجيز في قانون عالقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.188‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫(‪ )2‬بن صاري ياسين‪ ،‬التسريح التأديبي في تشريع العمل الجزائري‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،2015 ،‬‬
‫ص‪.12‬‬

‫‪38‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفرع األول‬
‫األخطاء الجسيمة المؤدية إلى التسريح التأديبي‬

‫تصنف األخطاء المهنية في أغلب القوانين والنظم المقارنة إلى درجتين من حيث جسامتها‬
‫وأهميتها‪ ،‬إلى أخطاء خفيفة أو بسيطة ال تؤدي إلى الفصل من العمل رغم تفاوتها في األهمية‪،‬‬
‫وهي تلك التي تصنف عادة إلى أخطاء درجة أولى ودرجة ثانية‪ ،‬وأخطاء أكثر خطورة تصنف‬
‫كأخطاء من الدرجة الثالثة‪ ،‬أي تلك التي تصل عقوباتها أحيانا إلى الفصل من العمل‪ ،‬إما بعد‬
‫إخطار مسبق وتعويض أو بدونهما (‪.)3‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف الخطأ الجسيم‬


‫يمكن تعريف الخطأ الجسيم على أنه ذلك الخطأ الذي تصل فيه الخطورة إلى درجة عالية‬
‫ال يمكن معها استمرار عالقة العمل وعليه‪ ،‬فهو يؤدي إلى نفس النتائج التي تترتب على اإلخالل‬
‫بعقد العمل والذي يأخذ الخطأ الجسيم أحد صوره أو أشكاله سواء كان العقد لمدة محددة أو غير‬
‫محددة والخطأ الجسيم قد يؤدي إلى فقدان الحق في التعويض عن التسريح وحق اإلعالن المسبق‬
‫والحقوق التبعية األخرى (‪.)4‬‬
‫كما يمكن تعريفه على أنه خطأ يرتكب عن قصد من قبل العامل إما بفعل شيء أي‬
‫بتصرف إيجابي صادر عنه أو باالمتناع عن فعل شيء وهو تصرف سلبي ينتج عنه ضرر (‪.)5‬‬

‫ثانيا‪ :‬حاالت الخطأ الجسيم المؤدي للتسريح التأديبي‬


‫لتصنيف األخطاء نجد هناك طريقتين معتمدتين لتحديد طبيعة ونوعية األخطاء المهنية‬
‫الجسيمة وهما‪ :‬الطريقة القانونية والطريقة التنظيمية‪.‬‬

‫أحمية سليمان‪ ،‬الوجيز في قانون عالقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.189‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫(‪ )4‬طربيت سعيد‪ ،‬سلطة المستخدم في تسريح العمال تأديبيا‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2001 ،‬ص‪.5‬‬
‫(‪ )5‬ذيب عبد السالم‪ ،‬قانون العمل الجزائري والتحوالت االقتصادية‪ ،‬طبعة ‪ ،2‬دار القصبة للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،2003 ،‬‬
‫ص ‪.436‬‬

‫‪39‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪-1‬األخطاء الجسيمة المنصوص عليها في القانون‬


‫تتمثل هذه الطريقة في تكفل المشرع نفسه بتحديد نوعية وطبيعة األخطاء المهنية الجسيمة‪،‬‬
‫وكذلك اإلجراءات المتبعة للعزل بسببها‪ ،‬والضمانات المقررة للعامل فيما يتعلق بالتكييف واإلثبات‬
‫وغيرها (‪ ،)6‬وقد بين المشرع الجزائري الحاالت التي تمثل أخطاء جسيمة التي يمكن أن يترتب‬
‫عليها التسريح‪ ،‬وذلك على سبيل الحصر في المادة ‪ 73‬من القانون رقم ‪ ،)7( 11-90‬حتى ال‬
‫يتوسع أصحاب العمل في تكييف األخطاء الجسيمة وتشمل ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬رفض العامل دون عذر مقبول تنفيذ األوامر المرتبطة بالعامل‪ ،‬حيث يؤدي امتناع‬
‫العامل عن تنفيذ التزاماته المهنية إلى توقيف أجره وتسريحه دون إخطار أو تعويض‪،‬‬
‫ألن كل تأخير في تنفيذ االلتزام يزيد من درجة الضرر الالحق لصاحب العمل‪.‬‬
‫‪ -‬إذا أشاع دون إذن صاحب العمل طرق الصنع والتنظيم أو وثائق داخلية‪ ،‬ويتعلق‬
‫األمر بحفظ أسرار العمل وعدم تمكين الغير من االطالع عليها دون إذن مسبق من‬
‫صاحب العمل أو السلطة السلمية‪.‬‬
‫‪ -‬ارتكاب أعمال تتسبب في توقيف جماعي عن العمل‪ ،‬ومثالها تحريض العمال على‬
‫اإلضراب بغير الطرق القانونية وعصيان صاحب العمل‪.‬‬
‫‪ -‬القيام بأعمال عنف‪ ،‬وهي األفعال التي من شأنها إلحاق خسائر بالمؤسسة المستخدمة‪،‬‬
‫كسوء معاملة العامل لزمالئه في العمل وتحريضهم بالقوة على إهمال العمل‪.‬‬
‫‪ -‬التسبب عمداً في إلحاق أضرار ببنايات وأجهزة العمل‪ ،‬ومثالها اإلهمال العمدي بمراقبة‬
‫أجهزة خطرة كلف العامل بمراقبتها(‪.)8‬‬

‫(‪ )6‬أحمية سليمان‪ ،‬الوجيز في قانون عالقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 190‬و‪.191‬‬
‫(‪ )7‬أنظر المادة ‪ 73‬من القانون رقم ‪ ،11-90‬مرجع سابق‪.‬‬
‫(‪ )8‬هدفي بشير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.121-120‬‬

‫‪40‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬تناول الكحول والمخدرات أثناء العمل‪ ،‬ويكفي إثبات تناول هذه المواد أثناء العمل أو‬
‫في مكانه‪ ،‬حتى يكيف على أنه خطأ جسيم حرصا على حرمة العمل وعدم تعريض‬
‫صاحب العمل للخطر‪.‬‬
‫‪ -‬عدم تنفيذ أمر التسخير المبلغ للعامل إلنجاز عمل معين‪ ،‬ويدخل في قبيل رفض أوامر‬
‫صاحب العمل‪ ،‬القيام بعمل أو مهمة اضط اررية تطبيقا لألحكام التشريعية والتنظيمية‬
‫المعمول بها في مجال العمل المعني (‪.)9‬‬

‫‪-2‬األخطاء المنصوص عليها في النظام الداخلي‬


‫تتمثل في إحالة تحديد مضمون وطبيعة هذه األخطاء إلى األنظمة الداخلية للعمل‪ ،‬حيث‬
‫يتم ذلك في أغلب األحيان إما من قبل صاحب العمل‪ ،‬بعد استشارة أو إعالم ممثلي العمال‪ ،‬دون‬
‫أن يكون ملزما باألخذ برأيهم‪ .‬وهو نظام وان كان له ما يبرره في أكثر األحيان‪ ،‬والعتبارات عديدة‪،‬‬
‫إال أنه كثي ار ما ال يكون في صالح العامل‪ ،‬أو على األقل ال يحقق العدل واإلنصاف في توازن‬
‫المصالح المتناقضة للعمال وأصحاب العمل (‪.)10‬‬
‫ليس للنظام الداخلي أن ينص على أخطاء جسيمة إال تلك التي حددها القانون أو التي‬
‫تطابق فقط العقوبات من الدرجة األولى ومن الدرجة الثانية‪ .‬واألخطاء التي يحددها النظام الداخلي‬
‫هي األخطاء التي تقابل أوجه اإلخالل بااللتزامات التي تقع على عاتق األجراء‪ ،‬ويمكن‬
‫اإلشارة إلى هذه األخطاء كما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬عدم مراعات التعليمات المتعلقة بالوقاية الصحية واألمن‪.‬‬


‫‪ -‬الغيابات المتكررة‪.‬‬
‫‪ -‬رفض تقبل أنواع المراقبة‪.‬‬
‫‪ -‬المنافسة غير المشروعة‪.‬‬

‫(‪ )9‬هدفي بشير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.121‬‬


‫(‪ )10‬أحمية سليمان‪ ،‬الوجيز في قانون عالقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 190‬و‪.191‬‬

‫‪41‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬عدم احترام االلتزامات المستمدة من العقد (‪.)11‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫إجراءات التسريح التأديبي‬

‫يخضع تكييف الخطأ الجسيم وتنفيذ قرار التسريح لبعض اإلجراءات التي تلزم صاحب‬
‫العمل باتباعها (‪ ،)12‬هذا طبيعي ألن تقدير هذه اإلجراءات يهدف إلى توفير أكبر قدر ممكن من‬
‫الحماية للعامل وعدم التعسف في تطبيق العقوبات التأديبية‪ ،‬سنبين فيما تتمثل هذه اإلجراءات فيما‬
‫يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬األخ بعين االعتبار ظروف ارتكاب الفعل المكيف على أنه خطأ جسيم‬
‫يتم في هذا الصدد البحث عن تلك الظروف والمالبسات المحيطة بالعامل بحد ذاته‪ ،‬وعن‬
‫الدوافع والمبررات التي أدت به إلى ارتكاب ذلك الفعل‪ .‬وهذا من خالل الرجوع إلى حياة ومحيط‬
‫وشخصية العامل طوال مدة وجوده في المؤسسة المستخدمة‪ ،‬والتأكد من النوايا الحسنة أو السيئة‬
‫التي قد تكون أدت إلى ذلك التصرف (‪ ،)13‬وهذا ما أكدته المادة ‪ 73‬مكرر ‪ 1‬التي تنص على ما‬
‫يلي‪" :‬يجب أن يراعي المستخدم‪ ،‬على الخصوص‪ ،‬عند تحديد ووصف الخطأ الجسيم ال ي‬
‫يرتكبه العامل‪ ،‬الظروف التي ارتكب فيها الخطأ ومدى اتساعه ودرجة خطورته والضرر ال ي‬
‫ألحقه وك لك السيرة التي كان يسلكها العامل حتى تاريخ ارتكابه الخطأ نحو عمله ونحو‬
‫ممتلكات هيئته المستخدمة "(‪.)14‬‬

‫(‪ )11‬بلولة جمال‪ ،‬بلولة الطيب‪ ،‬انقطاع عالقة العمل‪ ،‬منشورات برتي‪ ،‬الجزائر‪ ،2007 ،‬ص ص ‪.101- 99‬‬
‫(‪ )12‬هدفي بشير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 121‬و‪.122‬‬
‫(‪ )13‬أحمية سليمان‪ ،‬الوجيز في قانون عالقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.198‬‬
‫(‪ )14‬قانون رقم ‪ ،11-90‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ثانيا‪ :‬أن يتم قرار التسريح التأديبي باقتراح من لجنة التأديب‬


‫ذلك بعد تأكد اللجنة من ثبوت الخطأ الجسيم في حقه وفق األحكام واإلجراءات التي‬
‫يتضمنها النظام الداخلي في مجال التأديب‪ ،‬التي يجب أن تستمع لدفوع وحجج العامل المعني‪،‬‬
‫الذي يمكنه أن يكون مصحوبا بعامل يختاره من بقية عمال المؤسسة للدفاع عنه‪ ،‬وكذلك بعد‬
‫االستماع لكافة الشهود الذين يمكن أن يقدموا توضيحات لصالح أو ضد العامل فيما يتعلق بالخطأ‬
‫المتابع به‪ ،‬وتمكين العامل من تثبيت كل الوقائع والمالبسات المحيطة بالفعل (‪.)15‬‬

‫ثالثا‪ :‬إبالغ العامل بصفة كتابية بقرار التسريح‬


‫تفرض المادة ‪ 73‬مكرر ‪ 2‬من القانون رقم ‪ 11-90‬على الهيئة المستخدمة ضرورة تبليغ‬
‫العامل بقرار التسريح المتخذ ضده بل وأكثر من ذلك فإن المشرع ال يكتفي بمجرد التبليغ الشفهي‬
‫الصادر عن صاحب العمل‪ ،‬إنما يشترط أن يتم هذا التبليغ كتابة‪ ،‬وتكمن أهمية ذلك في الوقوف‬
‫عند اآلثار المترتبة عن قرار صاحب العمل المتضمن وضع حد لعالقة العمل بإرادته المنفردة‬
‫وبموجب ذلك تمكين العامل من اللجوء أمام الجهات اإلدارية والقضائية المختصة للطعن في قرار‬
‫التسريح والحصول على حقوقه (‪.)16‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬‬
‫آثار التسريح التأديبي‬

‫يتضح لنا من خالل دراستنا المعمقة لموضوع التسريح التأديبي أن هذا األخير ينقسم إلى‬
‫صنفين من حيث اآلثار وهما كالتالي‪:‬‬

‫(‪ )15‬أحمية سليمان‪ ،‬التنظيم القانوني لعالقات العمل في التشريع الجزائري‪ :‬عالقة العمل الفردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.359‬‬
‫(‪ )16‬بن صاري ياسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 87‬و‪.88‬‬

‫‪43‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أوال‪ :‬التسريح التأديبي مع احتفاظ العامل بحقه في مهلة اإلخطار المسبق‬


‫مهلة اإلخطار عبارة عن أجل يحدده القانون أو عقد العمل أو االتفاقية الجماعية أو النظام‬
‫الداخلي المعمول به‪ ،‬يخبر من خاللهم أحد الطرفين الطرف اآلخر بأنه سيضع حدا لعقد العمل‬
‫بعد انتهائه مباشرة‪ ،‬باإلضافة إلى احتفاظه بحقه فيما يخص التسريح‪ ،‬كما هو محدد كذلك في‬
‫النظام المعمول به في حالة ما إذا كان الخطأ الجسيم من النوع الذي ال يجعل استم اررية عالقة‬
‫العمل أم ار مستحيال‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التسريح التأديبي دون مهلة إخطار أو تعويض التسريح‬


‫يتحقق في هذه الحالة التي يرتكب فيها العامل خطأ جسيم بالشكل الذي يستحيل معه‬
‫استمرار عالقة العمل ولو لمدة اإلخطار المسبق وفق التحديد القانوني لألخطاء الجسيمة‪.‬‬
‫المالحظ أنه في كلتا الحالتين فالعامل المسرح يبقى محتفظا بكافة حقوقه المكتسبة قبل‬
‫اتخاذ قرار التسريح‪ ،‬إلى جانب حقه في الحصول على شهادة عمل تثبت الفترة التي اشتغل فيها‬
‫لدى صاحب العمل ونوع العمل الذي كان يؤديه (‪.)17‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫التسريح التعسفي للعمال‬

‫لم يحدد المشرع الجزائري تعريفا للتسريح التعسفي إنما اكتفى بتبيان الحاالت التي يعتبر‬
‫التسريح فيها تعسفيا حيث سنبين هذه األخيرة في الفرع األول‪ ،‬أما الفرع الثاني فسنحدد فيه الطرف‬
‫الذي يقع عليه عبء إثبات مدى وجود التعسف في التسريح‪.‬‬

‫(‪ )17‬عيساني محمد‪ ،‬أنظمة تسوية منازعات العمل الفردية‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم‪ ،‬تخصص القانون‪ ،‬جامعة‬
‫مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،2016 ،‬ص ‪.94‬‬

‫‪44‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفرع األول‬
‫حاالت التسريح التعسفي‬

‫تنص المادة ‪ 73‬مكرر ‪ 4‬من القانون رقم ‪ 11-90‬على أنه‪ ..." :‬إ ا حدث تسريح العامل‬
‫خرقا ألحكام المادة ‪ 73‬أعاله‪ ،‬يعتبر تعسفيا "‪ ،‬يمكن استخالص حاالت التسريح التعسفي من‬
‫خالل نص هذه المادة كما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬عدم مراعات صاحب العمل ظروف ارتكاب العامل الخطأ‬


‫لقد بين قانون رقم ‪ 11-90‬ذلك في نص المادة ‪ 73‬مكرر ‪ ،1‬والتي نستنتج منها أن كل‬
‫تسريح لم يراعي فيه المستخدم ظروف ارتكاب العامل الخطأ ال يعتبر تأديبيا‪ ،‬وانما هو تسريح‬
‫تعسفي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تسريح العامل األجير في غياب النظام الداخلي في حالة وجوب اعداده‬
‫ال يمكن للمستخدم أن يتخذ قرار التسريح التأديبي إال بوجود النظام الداخلي للهيئة‬
‫المستخدمة وكل تسريح تأديبي متخذ من قبل صاحب العمل في غياب هذه الوثيقة يعد تعسفيا‪،‬‬
‫وهو ما يفهم من خالل المادة ‪ 73‬مكرر‪.)18( 2‬‬

‫ثالثا‪ :‬تسريح العامل خرقا لإلجراءات التأديبية القانونية واالتفاقية الملزمة‬


‫نصت عليه المادة ‪ 73‬مكرر ‪ 4‬حيث يعد تسريحا تعسفيا إذا حدث تسريح العامل خرقا‬
‫ألحكام المادة ‪ 73‬كعدم سماع العامل أو تبليغه بقرار التسريح التأديبي الصادر بحقه أو عدم‬
‫السماح له باالستعانة بشخص أخر للدفاع عنه (‪.)19‬‬

‫(‪ )18‬تنص المادة ‪ 73‬مكرر‪ 2‬من القانون رقم ‪ 11-90‬على أنه‪" :‬يعلن على التسريح‪ ،‬المنصوص عليه في المادة ‪73‬‬
‫أعاله‪ ،‬ضمن احترام اإلج ارءات المحددة في النظام الداخلي ‪."...‬‬
‫(‪ )19‬أنظر المادة ‪ 73‬مكرر ‪ 4‬من القانون رقم ‪ ،11-90‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫رابعا‪ :‬عدم إثبات صاحب العمل إرتكاب العامل لخطأ مهني جسيم‬
‫تنص المادة ‪ 73‬مكرر ‪ 3‬من القانون رقم ‪ 11-90‬على‪ " :‬كل تسريح فردي يتم خرقا‬
‫ألحكام ه ا القانون‪ ،‬يعتبر تعسفيا وعلى المستخدم أن يثبت العكس "‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬تسريح العامل عند انتهاء مدة عقد العمل المبرم مخالفا للمادة ‪ 12‬من قانون رقم‬
‫‪11-90‬‬
‫يكون ذلك عند مخالفة الحاالت والشروط القانونية إلبرام عقود العمل المحددة المدة‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 12‬من القانون رقم ‪ 11-90‬والتي تنص على ما يلي‪ ":‬يمكن إبرام‬
‫عقد العمل لمدة محدودة بالتوقيت الكامل أو التوقيت الجزئي في الحاالت المنصوص عليها‬
‫صراحة أدناه‪:‬‬
‫‪ -‬عندما يوظف العامل لتنفي عمل مرتبط بعقود أشغال أو خدمات غير متجددة‪،‬‬
‫‪ -‬عندما يتعلق األمر باستخالف عامل مثبت في منصب تغيب عنه مؤقتا‪ ،‬ويجب على‬
‫المستخدم أن يحتفظ بمنصب العمل لصاحبه‪،‬‬
‫‪ -‬عندما يتطلب األمر من الهيئة المستخدمة إجراء أشغال دورية ات طابع متقطع‪،‬‬
‫‪ -‬عندما يبرر لك تزايد العمل أو أسباب موسمية‪.‬‬
‫‪ -‬عندما يتعلق األمر بنشاطات أو أشغال ات مدة محدودة أو مؤقتة بحكم طبيعتها‪.‬‬
‫ويبين بدقة عقد العمل‪ ،‬في جميع ه ه الحاالت مدة عالقة العمل وأسباب المدة‬
‫المقررة‪" .‬‬
‫كما تضيف المادة ‪ 14‬من نفس القانون أنه يعتر عقد العمل المبرم لمدة محدودة خالفا لما‬
‫نصت علية المادة ‪ 12‬السالفة الذكر تسريحا تعسفيا (‪.)20‬‬

‫(‪ )20‬أنظر المادة ‪ 14‬من القانون رقم ‪ ،11-90‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفرع الثاني‬
‫عبء إثبات التسريح التعسفي للعمال‬

‫سعى المشرع الجزائري حفاظا على العالقة التعاقدية‪ ،‬وخاصة حماية االستقرار الوظيفي‬
‫للعامل‪ ،‬إلى إضفاء نوع من الحماية في مجال اإلثبات‪ ،‬تتمثل في ضرورة قلب عبء اإلثبات عند‬
‫اللجوء أمام القضاء‪ ،‬عكس ما هو معمول به في القواعد العامة التي تقتضي بأن اإلثبات على من‬
‫ادعى‪ ،‬لذلك فالمالحظ أنه في مجال عالقات العمل إذا طبقنا هذه القاعدة فإثبات تعسف المستخدم‬
‫يقع على العامل‪ ،‬إال أنهم نظ ار لخصوصية العالقة أوجب على المستخدم إثبات تعسفه بإعطاء‬
‫أدلة تثبت حسن نيته‪ ،‬كما يجوز للقاضي عند فحص األدلة‪ ،‬أن يكون له موقف خاص به قصد‬
‫الوصول للحقيقة‪ ،‬لذلك سنبين فيما يأتي دور كل منهم في إثبات مدى تعسف المستخدم‪.‬‬

‫أوال‪ :‬دور صاحب العمل في اإلثبات‬


‫ال تعتبر عملية اإلثبات باألمر الهين‪ ،‬إذ أن عادة ما يخسر الخصم دعواه بسبب عدم‬
‫تمكنه من اإلثبات‪ ،‬لعدم حيازته ألدلة كافية تقنع القاضي‪ ،‬لذا يجب تحديد الخصم الذي يتحمل‬
‫عبء اإلثبات‪ ،‬والذي يعتبر ميزة بالنسبة للخصم اآلخر الذي يسترجع حقه دون أي جهد (‪.)21‬‬
‫نظم المشرع الجزائري اإلثبات وفقا للقواعد العامة‪ ،‬إذ ألقاه على المدعي بناء على ما نصت‬
‫عليه المادة ‪ 323‬من القانون المدني الجزائري‪" :‬على الدائن إثبات االلتزام‪ ،‬وعلى المدين إثبات‬
‫التخلص منه"(‪.)22‬‬
‫غير أنه في نزاعات العمل الفردية عمل المشرع الجزائري على حفظ حقوق العامل بقلب‬
‫قاعدة عبء اإلثبات عما هو منصوص عليه في المواد المدنية‪ ،‬ليثبت المستخدم عدم تعسفه‪ ،‬نظ ار‬

‫(‪ )21‬سليماني حميدة‪ ،‬تعسف المستخدم في إطار ممارسة سلطاته‪ ،‬أطروحة لنيل درجة دكتوراه‪ ،‬الطور الثالث (ل‪.‬م‪.‬د) في‬
‫القانون‪ ،‬تخصص‪ :‬القانون االجتماعي‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،2016 ،‬ص‪.168‬‬
‫(‪ )22‬أمر رقم ‪ 58-75‬مؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ ،1975‬يتضمن القانون المدني الجزائري‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪ ،30‬صادر بتاريخ ‪30‬‬
‫سبتمبر ‪ ،1975‬معدل ومتمم‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫للسلطات المخولة له باعتباره صاحب الهيئة المستخدمة‪ ،‬ما ينتج عنه احتكاره لطرق اإلثبات (‪،)23‬‬
‫وهذا ما كرسه المشرع في نص المادة ‪ 73‬مكرر ‪ 3‬في القانون رقم ‪" :11-90‬كل تسريح فردي‪،‬‬
‫يتم خرقا ألحكام ه ا القانون‪ ،‬يعتبر تعسفيا وعلى المستخدم أن يثبت العكس"‪.‬‬
‫تضيف المادة ‪ 10‬من القانون رقم ‪ 11-90‬السالف الذكر أن إثبات عقد العمل أو عالقته‬
‫يمكن أن يكون بأي وسيلة كانت (‪.)24‬‬

‫ثانيا‪ :‬دور العامل في اإلثبات‬


‫لم يضع المشرع الجزائري العامل في موقف سلبي من الدعوى التي رفعها إذ خول له هذه‬
‫اإلمكانية كلما كانت بحوزته أدلة لتدعيم أقواله وتزيد من قناعة القاضي فقلب عبء اإلثبات ال‬
‫يعني تجريده منه كلية‪ ،‬لتأكيد تعسف المستخدم في ق ارره‪ ،‬ولو بأدلة ووسائل غير كافية أو ضعيفة‬
‫من شأنها زرع الشك في ذهن القاضي‪ ،‬فيمكن اعتبارها كطريق أولي للتحقيق في القضية‬
‫المعروضة أمامه (‪.)25‬‬
‫عمل المشرع الجزائري على إعفاء العامل من عبء إثبات ما يدعيه‪ ،‬بسبب عجزه في كثير‬
‫من األحيان عن إقامة الدليل على تعسف المستخدم في إطار ممارسة سلطاته‪ ،‬فيخسر دعواه‬
‫وتضيع حقوقه‪ ،‬لذلك خصه المشرع الجزائري بإثبات عملية التسريح على أنها ال تعتبر استقالة أو‬
‫ذهاب ارادي كإثبات عملية التسريح بمحضر التسريح‪ ،‬لتقديم كل ما بحوزته من وثائق إلثبات‬
‫التعسف إذا كان باستطاعته كذلك عدم تمكنه من اللجوء لشهادة زمالئه في العمل لتخوفهم من‬
‫ضياع منصبهم‪ ،‬لذا أعفي العامل من اإلثبات (‪.)26‬‬
‫يلعب العامل في إطار إثبات تعسف المستخدم في إصدار ق ارره أمام القضاء دو ار فعاال‬
‫وايجابيا‪ ،‬على الرغم من ضعف الدليل الذي يعرضه لحل النزاع‪ ،‬إال أن ذلك يساهم في إقناع‬

‫(‪ )23‬سليماني حميدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.168‬‬


‫(‪ )24‬أنظر المادة ‪ 10‬من القانون رقم ‪ ،11-90‬مرجع سابق‪.‬‬
‫(‪ )25‬سليماني حميدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.173‬‬
‫(‪)26‬‬
‫‪CRISTAU Antoine, droit du travail, 8éme édition, Hachette, Paris 2011-2012, p.112.‬‬

‫‪48‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫القاضي الذي يستند إلى مجموعة من المعطيات المعروضة أمامه للوصول إلى الحقيقة وكذا‬
‫صاحب الحق من الدعوى (‪.)27‬‬
‫ثالثا‪ :‬دور القاضي في اإلثبات‬
‫تبعا للصعوبات الواقعية التي يطرحها تقدير جسامة الخطر المرتكب من طرف العامل‪،‬‬
‫يتجاوز القاضي الدور الممنوح لصاحب العمل في اإلثبات لتكوين اقتناعه‪ ،‬فيلعب دو ار إيجابيا في‬
‫مسألة اإلثبات متجاو از بذلك النقاش الفقهي التقليدي حول قضية حياد القاضي في النزاع‪.‬‬

‫وفي الكثير من الحاالت يمكن أن تتشابك فيه الوقائع التي تساعد على التكييف الصحيح‬
‫لها‪ ،‬السيما إذا تدخلت إرادة صاحب العمل في تزييف هذه الوقائع‪ ،‬لذلك أصبح منطق قانون‬
‫العمل يفرض تدخل القاضي لفحص األدلة المقدمة والتأكد من صحتها‪ ،‬والكشف عن الحقيقة‪،‬‬
‫وعليه فإن مقتضيات الحماية القانونية للعامل أصبحت تفرض على القاضي الموضوعي التدخل‬
‫في جميع حاالت النزاع المعروض عليه الستنتاج الحقيقة‪ ،‬حيث يقوم في سبيل ذلك بكل‬
‫اإلجراءات المتاحة‪ ،‬من فحص الوثائق المقدمة‪ ،‬االستماع إلى الشهود‪ ،‬بل وامكانية االنتقال‬
‫للمعاينة بنفسه وبتكليف أحد القضاة المستشارين الذين تتكون منهم تشكيلة المجلس‪.‬‬

‫وعليه فإن المشرع خفف على القاضي عناء الرجوع الى المبادئ واألحكام العامة لإلثبات‬
‫في القانون المدني‪ ،‬من حيث تبني مفهوم خاص لفكرة التعسف بما يخدم مصلحة العامل‪ ،‬ووضع‬
‫معيار جديد ال عبرة فيه بتوفر الخطأ الجسيم وحسب‪ ،‬إذ كل ما ثبت إنهاء عالقة العمل‪ ،‬دون‬
‫حتى التطرق في هذه الحالة إلى الخطأ الجسيم الذي يتكفل صاحب العمل بإثباته‪ ،‬هذا المبرر‬
‫الموضوعي الذي اعتمده المشرع كقاعدة عامة لحماية العامل من خطر التسريح التعسفي (‪.)28‬‬

‫(‪ )27‬سليماني حميدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.175‬‬


‫سليماني حميدة‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.177-175‬‬ ‫(‪)28‬‬

‫‪49‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث الثاني‬
‫الوسائل القانونية المتبعة في مواجهة التسريح التأديبي والتعسفي‬

‫خول المشرع الجزائري للعامل حق اللجوء إلى التسوية الودية لحل النزاعات الناشئة بينه‬
‫وبين المستخدم مهما كان موضوعها‪ ،‬حيث تعتبر التسوية الودية الخطوة األولى التي يجب على‬
‫العامل القيام بها قبل اللجوء إلى أي إجراء آخر‪ ،‬وتشمل طريقتين‪ ،‬التسوية الودية أمام مصدر‬
‫القرار‪ ،‬أو أمام الرئيس المباشر‪ ،‬أما الطريقة الثانية تتمثل في المصالحة امام مفتش العمل‪ ،‬من‬
‫أجل الوصول على حل يرضي الطرفين‪.‬‬

‫في حالة عدم إيجاد حل‪ ،‬يلجأ الطرف المتضرر إلى القضاء باعتباره الوسيلة األخيرة‬
‫والضمانة األساسية والوحيدة للعامل من أجل تجنب فقدان منصب عمله‪ ،‬كما أن مهمة القضاء‬
‫هي السهر بالدرجة األولى على تطبيق القواعد القانونية‪ ،‬وكذا حماية الطرف صاحب الحق في‬
‫الدعوى المرفوعة أمامه‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫التسوية الودية لحل نزاعات العمل الفردية‬

‫يتميز النزاع الفردي في العمل بإلزامية المرور على بعض اإلجراءات الهادفة إلى تسويته‬
‫بطريقة ودية ذلك قبل عرضه على القضاء االجتماعي‪ ،‬أين تعتبر هذه اإلجراءات ضرورية لقبول‬
‫الدعوى شكال‪ ،‬وهذا ما يعجل من حل هذه النزاعات ويساهم في التخفيف على المحاكم كثرة‬
‫القضايا التي ال يستلزم الكثير منها تسوية قضائية‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفرع األول‬
‫التسوية الودية الداخلية‬

‫يقصد بالتسوية الودية الداخلية للنزاع الفردي في العمل‪ ،‬توصل كل من العامل وصاحب‬
‫العمل أو ممثلهما إلى تسوية ودية أو إدارية داخلية للنزاع القائم بينهما‪ ،‬دون تدخل أي جهة‬
‫خارجية عن المؤسسة‪ ،‬ويكون ذلك إما بتراجع صاحب العمل عن ق ارره سبب النزاع‪ ،‬أو تعديله‪،‬‬
‫استجابة لطلب العامل (‪.)29‬‬

‫أوال‪ :‬حالة وجود تنظيم اتفاقي للتسوية الودية‬


‫يعد احتواء إجراءات التسوية الودية في المعاهدات واالتفاقيات الجماعية للعمل المبرمة بين‬
‫الممثلين النقابيين وممثلي المؤسسة المستخدمة دليل على تفادي المشرع لتعسف المستخدم‪ ،‬إذ‬
‫يمكن للمستخدم والممثلين النقابيين العمل على إدراج إجراءات التسوية الودية في كل من النظام‬
‫الداخلي‪ ،‬أو ضمن االتفاقيات الجماعية للعمل هذا ما سنبينه فيما يأتي‪.‬‬

‫‪-1‬ورود إجراءات التسوية الداخلية في النظام الداخلي‬


‫يوضع النظام الداخلي للمؤسسة من طرف الهيئة المستخدمة بصفة منفردة أو بالتشاور مع‬
‫الهيئات النقابية وممثلي العمال‪ ،‬ولكي يتمكن كل طرف من أداء مهامه في أحسن الظروف وتفادي‬
‫تعسف الطرف اآلخر‪ ،‬ألزم المشرع صاحب العمل بالتقيد بمجموعة من اإلجراءات الشكلية (‪،)30‬‬
‫وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 77‬من قانون رقم ‪ ،)31( 11-90‬لكن ينبغي االشارة إلى أن النظام‬
‫الداخلي ليس إلزاميا بالنسبة للمستخدمين الذين يشغلون أقل من عشرين (‪ )20‬عامال (‪.)32‬‬

‫أحمية سليمان‪ ،‬آليات تسوية منازعات العمل والضمان االجتماعي في القانون الجزائري‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬ديوان‬ ‫(‪)29‬‬

‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2010 ،‬ص ‪ 11‬و‪.12‬‬


‫(‪ )30‬عثمانيو وصيلة‪ ،‬عزيب لطيفة‪ ،‬آليات التسوية الودية لمنازعات العمل الفردية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق‪،‬‬
‫شعبة القانون العام‪ ،‬تخصص قانون الجماعات اإلقليمية‪ ،‬جامعة عبد الرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪ ،2014 ،‬ص‪.9‬‬
‫(‪ )31‬أنظر المادة ‪ 77‬من القانون رقم ‪ ،11-90‬مرجع سابق‪.‬‬
‫(‪)32‬‬
‫‪BENAMROUCHE Amar, Le nouveau droit du travail en Algérie, éditions HIWARCOM, Alger, 1994, p.24.‬‬

‫‪51‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪-2‬ورود إجراءات التسوية الداخلية في االتفاقية الجماعية‬


‫ال يعد النظام الداخلي الوثيقة الوحيدة التي يمكن أن تحتوي على إجراءات التسوية الداخلية‬
‫لحل نزاعات العمل‪ ،‬فحماية للعالقات التعاقدية من الضياع‪ ،‬منح المشرع لكل من المستخدم من‬
‫جهة والمنظمة النقابية من جهة أخرى‪ ،‬صالحية تحديد إجراءات حل النزاع وديا في محتوى‬
‫االتفاقيات الجماعية للعمل(‪ ،)33‬يمكن أن تعالج هذه االتفاقية المواضيع المتعلقة باألليات والهيئات‬
‫االتفاقية لتسوية النزاعات الفردية في العمل داخل المؤسسة‪ ،‬مثل آليات التسوية الداخلية‪ ،‬وكيفيات‬
‫عملها‪ ،‬واإلجراءات المعتمدة في هذه المرحلة بهدف الوقاية من النزاعات وتسويتها بطرق‬
‫ودية(‪،)34‬وهذا ما أتت به المادة ‪ 3‬من قانون رقم ‪ ،)35( 04-90‬ومثال ذلك كأن تنص االتفاقية‬
‫على ضرورة تقدم العامل بطلب مكتوب إلى صاحب العمل وفق السلطة السلمية المعمول بها في‬
‫المؤسسة المستخدمة‪ ،‬والتزام هذه األخيرة بالرد عليه خالل مدة معينة‪ ،‬مع اعتبار عدم رد المؤسسة‬
‫خالل تلك المدة أنه رفض للطلب حيث يمكن للعامل عرض النزاع على مفتش العمل‪ ،‬أو هيئة‬
‫المصالحة إن وجدت(‪.)36‬‬

‫ثانيا‪ :‬حالة عدم وجود تنظيم اتفاقي للتسوية الودية الداخلية‬


‫عمل المشرع الجزائري على تحديد إجراءات التسوية الداخلية في نص المادة ‪ 4‬من قانون‬
‫رقم ‪ ،04-90‬وما يستنتج منها أنه في حالة غياب اتفاقية جماعية تتم التسوية الداخلية للنزاع في‬
‫إطار المواد القانونية المنظمة إلجراءات وطرق التسوية‪ ،‬والمتمثل في نظام التظلم‪ ،‬والذي يكون‬
‫على درجتين (‪.)37‬‬

‫(‪ )33‬سليماني حميدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.138‬‬


‫عيساني محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.109‬‬ ‫(‪)34‬‬

‫(‪ )35‬أنظر المادة ‪ 3‬من القانون رقم ‪ 04-90‬مؤرخ في ‪ 06‬فيفري ‪ ،1990‬يتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬‬
‫عدد ‪ 6‬صادر بتاريخ ‪ 7‬فيفري ‪ ،1990‬معدل ومتمم‪.‬‬
‫(‪ )36‬أحميه سليمان‪ ،‬آليات تسوية منازعات العمل والضمان االجتماعي في القانون الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫بوعبيد موسى‪ ،‬سعدي فروجة‪ ،‬تسوية النزاعات الفردية للعمل في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماستر في‬ ‫(‪)37‬‬

‫الحقوق‪ ،‬شعبة القانون الخاص‪ ،‬تخصص القانون الخاص الشامل‪ ،‬جامعة عبد الرحمان‪ ،‬بجاية‪ ،2012-2011 ،‬ص‪.15‬‬

‫‪52‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪-1‬التظلم أمام الرئيس المباشر‬


‫يقوم العامل برفع تظلمه كدرجة أولى إلى رئيسه المباشر‪ ،‬وذلك بتقديم طلب موجه إلى هذا‬
‫األخير‪ ،‬من أجل تعديل أو سحب‪ ،‬أو إلغاء القرار الصادر منه الذي هو سبب النزاع‪ ،‬وعلي‬
‫الرئيس المباشر أن يقدم رده خالل ‪ 8‬أيام من تاريخ اإلخطار (‪ ،)38‬فإذا قبل الرئيس بطلب العامل‬
‫يفض النزاع ويعود األطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل نشوبه (‪.)39‬‬

‫‪-2‬التظلم أمام الهيئة المكلفة بتسيير المستخدمين‬


‫يتعين على العامل في حالة رد الرئيس المباشر بالسلب‪ ،‬أو عدم الرد‪ ،‬اللجوء إلى الهيئة‬
‫المكلفة بتسيير المستخدمين‪ ،‬أو المستخدم مباشرة والذي يكون ملزما بالرد كتابيا عن أسباب الرفض‬
‫الكلي أو الجزئي لطلب العامل خالل ‪ 15‬يوما من تاريخ إخطاره من طرف العامل (‪.)40‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫التسوية الودية الخارجية‬

‫تعتبر المصالحة من أهم إجراءات التسوية الودية قبل اللجوء إلى القضاء المختص بالفصل‬
‫في منازعات العمل الفردية‪ ،‬ويقصد بالمصالحة ذلك اإلجراء أو المبادرة التي يقوم بها طرف ثالث‪،‬‬
‫مفتش عمل أو هيئة مصالحة بهدف المحافظة على العالقة الودية بين العمال وأصحاب العمل‬
‫والتي هي ضرورية والزمة الستمرار عالقة العمل (‪.)41‬‬

‫( ‪)38‬‬
‫‪BELLOULA Teyeb, BELLOULA Djamel, Rupture de la relation de travail, éditions DAHLAB, Alger,‬‬
‫‪1999, p.198.‬‬
‫(‪ )39‬هدفي بشير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.98‬‬
‫أحمية سليمان‪ ،‬االتفاقيات الجماعية للعمل كإطار لتنظيم عالقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة‬ ‫(‪)40‬‬

‫دكتوراه دولة في القانون‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة بن يوسف بن خدة‪ ،‬الجزائر‪ ،2008 ،‬ص ‪ 365‬و‪.366‬‬
‫(‪ )41‬عيساني محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.119‬‬

‫‪53‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ولقد أسندت مهمة المصالحة في بادئ األمر إلى مفتش العمل ذلك حين أصدر األمر رقم‬
‫‪ 33-75‬الخاص باختصاصات مفتشية العمل (‪ ،)42‬إال أنه بموجب القانون رقم ‪ 03-90‬في نص‬
‫المادة الثانية انتزع منه مهمة المصالحة‪ ،‬حيث أصبحت مهمته اإلعالم واالتصال بين األطراف‬
‫المتنازعة‪ ،‬أي همزة وصل بينهما ومكاتب المصالحة‪ ،‬بتقديمها عرائض محاولة الصلح‪ ،‬إخطار‬
‫المكاتب‪ ،‬واستدعاء األطراف إلى عقد االجتماع‪ ،‬لذا تبقى مهمة مفتش العمل االتصال‬
‫واإلعالم(‪.)43‬‬

‫أوال‪ :‬تشكيلة مكاتب المصالحة‬


‫تتكون مكاتب المصالحة وفقا لنص المادة ‪ 6‬من قانون تسوية منازعات العمل الفردية‪ ،‬من‬
‫العمال وأصحاب العمل بنسب متساوية‪ ،‬وتضم عضوين ممثلين عن عمال‪ ،‬وعضوين ممثلين‬
‫لصاحب العمل‪ ،‬وتنص كذلك هذه المادة على أن تكون رئاسة المكتب بالتداول بين الطرفين لمدة‬
‫ستة (‪ )6‬أشهر‪ ،‬ويكون لكل ممثل من يخلفه عند غيابه أو وقوع مانع له‪ ،‬ويتم اختيار األعضاء‬
‫عن طريق االقتراع السري المباشر من قبل عمال المؤسسة الواقعة في دائرة االختصاص اإلقليمي‬
‫للجهة القضائية المختصة‪ ،‬كما يتم تعيين األعضاء المنتخبين بصفة رسمية كما هو مشار إليه في‬
‫المواد من ‪ 12‬إلى ‪ 15‬من القانون السالف الذكر‪ ،‬بأمر من رئيس المجلس القضائي المختص‬
‫إقليميا‪ ،‬طبقا لنتائج االنتخابات‪ ،‬وحسب الترتيب التنازلي لعدد األصوات المحصل عليها لكل عضو‬
‫وعضو مستخلف وذلك لمدة ثالث (‪ )3‬سنوات(‪.)44‬‬

‫أنظر المادة ‪ 3‬فقرة ‪ 4‬من األمر رقم ‪ 33-75‬مؤرخ في ‪ 29‬أفريل ‪ ،1975‬يتعلق باختصاصات مفتشية العمل‬ ‫(‪)42‬‬

‫والشؤون االجتماعية‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪ ،39‬صادر بتاريخ ‪ 16‬ماي ‪.1975‬‬


‫أنظر المادة ‪ 26‬و‪ 27‬من القانون رقم ‪ ،04-90‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫(‪)43‬‬

‫قويدري مصطفى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.37‬‬ ‫(‪)44‬‬

‫‪54‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ثانيا‪ :‬اختصاصات مكاتب المصالحة‬


‫لمكاتب المصالحة اختصاصين‪ ،‬أحدهما موضوعي والذي يشمل كافة النزاعات الفردية في‬
‫العمل وفق ما تم تحديدها في المادة ‪ 2‬من قانون رقم ‪ ،04-90‬أو بمعنى آخر كل المنازعات‬
‫الناتجة عن عالقة العمل التي يحكمها قانون عالقات العمل (‪ ،)45‬كالمنازعات المترتبة عن إنشاء‬
‫وسريان وانهاء عالقة العمل‪ .‬وآخر إقليمي‪ ،‬حيث يؤسس لكل دائرة اختصاص إقليمي لمكتب‬
‫مفتشية العمل‪ ،‬مكتب واحد للمصالحة من أجل تسوية المنازعات الفردية في العمل وعند االقتضاء‬
‫يمكن توسيع عدد المكاتب‪ ،‬بإنشاء مكاتب للمصالحة في نفس دائرة االختصاص اإلقليمي لمكتب‬
‫مفتشية العمل‪ ،‬ويحدد مجال اختصاصها بقرار مشترك بين وزير العدل ووزير االقتصاد‬
‫والمالية(‪.)46‬‬

‫ثالثا‪ :‬إجراءات المصالحة‬


‫تبدأ إجراءات المصالحة بإخطار مفتش العمل‪ ،‬بواسطة عريضة مكتوبة أو بحضور العامل‬
‫إلى مقر مفتشية العمل إلخطار المفتش شفويا‪ ،‬الذي يقوم في هذه الحالة بتحرير محضر بأقوال‬
‫المدعي‪ ،‬ثم يقوم خالل ثالثة أيام من تقديم العريضة‪ ،‬بإخطار مكتب المصالحة واستدعائه للنظر‬
‫في النزاع المعروض للمصالحة‪ ،‬يجتمع مكتب المصالحة خالل ثمانية أيام على األقل من تاريخ‬
‫استدعائه‪ ،‬مع حضور كل من المدعي والمدعى عليه شخصيا أو من يمثلهم قانونا‪ ،‬في حالة‬
‫غيابهم جميعا في التاريخ المحدد‪ ،‬ما لم يوجد مانع شرعي يمكن لمكتب المصالحة أن يقرر شطب‬
‫القضية من جدول أعماله والغائها‪.‬‬
‫في حالة غياب المدعى عليه أو ممثله القانوني في التاريخ المحدد يتم استدعاؤه للمرة‬
‫الثانية لحضور اجتماع المصالحة‪ ،‬يعقد في أجل ثمانية أيام كحد أقصى من تاريخ االستدعاء‪،‬‬
‫وفي حالة تكرر غيابه للمرة الثانية دون عذر شرعي‪ ،‬يعد مكتب المصالحة محض ار بعدم الصلح‬
‫تسلم نسخة منه للمدعي أثناء االجتماع لتمكينه من مباشرة الدعوى القضائية‪ ،‬أما إذا حضر‬

‫(‪ )45‬أحمية سليمان‪ ،‬التنظيم القانوني لعالقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.305‬‬
‫‪.38‬‬ ‫قويدري مصطفى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬ ‫(‪)46‬‬

‫‪55‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الطرفان يحرر محضر بالصلح أو بعدم الصلح‪ ،‬حيث يعتبر هذا المحضر دليل إثبات ما لم يطعن‬
‫فيه بالتزوير‪ ،‬ويجب أن ال يتضمن هذا المحضر شروطا تخالف القوانين والتنظيمات المعمول بها‬
‫في عالقات العمل(‪.)47‬‬

‫رابعا‪ :‬تنفي اتفاقات الصلح‬


‫فيما يتعلق بتنفيذ اتفاقات الصلح فقد بينه قانون رقم ‪ 04-90‬السالف الذكر حيث نص في‬
‫مادته الثالثة وثالثون (‪ )33‬على أنه‪ " :‬ينف األطراف اتفاق المصالحة وفق الشروط واآلجال التي‬
‫يحددونها فإن لم توجد ففي أجل ال يتجاوز ‪ 30‬يوما من تاريخ االتفاق"‪.‬‬
‫وتضيف المادة ‪ 34‬من نفس القانون أنه‪ " :‬في حالة عدم تنفي اتفاق المصالحة من قبل‬
‫أحد األطراف وفقا للشروط واآلجال المحددة في المادة ‪ 33‬من ه ا القانون يأمر رئيس المحكمة‬
‫الفاصلة في المسائل االجتماعية والملتمس بعريضة من أجل التنفي في أول جلسة ومع‬
‫استدعاء المدعي عليه نظاميا‪ ،‬التنفي المعجل لمحضر المصالحة مع تحديد غرامة تهديدية‬
‫يومية ال تقل عن ‪ % 25‬من الراتب الشهري األدنى المضمون كما يحدده التشريع والتنظيم‬
‫المعمول به‪ .‬غير أن ه ه الغرامة التهديدية ال تنف إال عندما تنقضي مهلة الوفاء التي ال‬
‫تتجاوز ‪15‬يوما‪.‬يكون له ا األمر التنفي المعجل قانونا رغم ممارسة أي طريق من طرق‬
‫الطعن"‪.‬‬

‫(‪ )47‬قويدري مصطفى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 38‬و‪.39‬‬

‫‪56‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المطلب الثاني‬
‫التسوية القضائية لحل نزاعات العمل‬

‫خص المشرع الجزائري للعامل في مجال نزاعات العمل الفردية بضمانة أخرى ال تقل أهمية‬
‫عن سابقتها حين فشل إجراءات التسوية الداخلية عن طريق التظلم‪ ،‬أو التسوية الودية الخارجية‬
‫عن طريق المصالحة‪ ،‬فيلجأ العامل أمال منه في استرجاع حقوقه إلى التسوية القضائية التي تعتبر‬
‫مرحلة إجرائية أمام الجهاز الذي يطلق عليه مصطلح "قضاء العمل"(‪ ،)48‬وهذا ما سنبينه فيما يلي‪:‬‬

‫الفرع األول‬
‫تشكيلة واختصاص المحكمة االجتماعية‬

‫أسند المشرع الجزائري بموجب القانون رقم ‪ 04-90‬مهمة الفصل في نزاعات العمل الفردية‬
‫إلى المحكمة الناظرة في المسائل االجتماعية‪ ،‬وهي على مستوى المحاكم االبتدائية "القسم‬
‫االجتماعي" و"الغرفة االجتماعية" على مستوى المجلس القضائي والمحكمة العليا (‪ ،)49‬سنحدد من‬
‫خالل هذا كل من تشكيلة المحكمة االجتماعية واختصاصاتها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تشكيلة المحكمة االجتماعية‬


‫يتشكل القسم االجتماعي على مستوى المحكمة االبتدائية من قاض وأربعة مساعدين اثنان‬
‫يمثالن العمال واثنان يمثالن أصحاب العمل‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 8‬من قانون رقم‬
‫‪ ،04-90‬بينما تتشكل الغرف االجتماعية على مستوى المجالس القضائية‪ ،‬والمحكمة العليا من‬
‫قضاة فقط (‪ ،)50‬وتعتبر تشكيلة المحكمة االجتماعية من النظام العام‪ ،‬يترتب على مخالفته وقوع‬
‫االحكام الصادرة عنها تحت طائلة البطالن (‪.)51‬‬

‫سليماني حميدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.165‬‬ ‫(‪)48‬‬

‫فتحي وردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.324‬‬ ‫(‪)49‬‬

‫(‪ )50‬أحمية سليمان‪ ،‬الوجيز في قانون عالقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.175‬‬
‫(‪ )51‬أنظر المادة ‪ 502‬من القانون رقم ‪ 09-08‬مؤرخ في ‪ 25‬فيفري ‪ ،2008‬يتضمن قانون االجراءات المدنية واالدارية‪،‬‬
‫ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪ 21‬صادر بتاريخ ‪ 23‬أفريل ‪ ،2008‬معدل ومتمم‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫يتم تعين هذه التشكيلة بأمر من المجلس القضائي المختص محليا‪ ،‬بعد انتخابهم من طرف‬
‫هيئتين متميزتين من العمال وأصحاب العمل (‪ .)52‬ولقد شدد المشرع الجزائري في اختيار هؤالء‬
‫المساعدين ألهمية المهام الموكلة لهم‪ ،‬وهذا ما نص عليه قانون رقم ‪ 04-90‬وما يستخلص منه‬
‫أنه ينتخب إلى مهمة مساعدو عضو مكتب المصالحة‪ ،‬العمال والمستخدمين الذين تتوفر فيهم‬
‫الشروط تتمثل في الجنسية الجزائرية‪ ،‬بلوغ سن الخامسة والعشرون على األقل بتاريخ االنتخاب‪،‬‬
‫ممارسة المهنة بصفة عمال أجراء أو مستخدمين منذ خمس سنوات على األقل‪ ،‬وأخي ار التمتع‬
‫بالحقوق المدنية والسياسية (‪.)53‬‬

‫ثانيا‪ :‬اختصاص الحكمة االجتماعية‬


‫اهتم المشرع الجزائري بتحديد قواعد اختصاص المحاكم الفاصلة في المسائل االجتماعية‬
‫إقليميا ونوعيا‪ ،‬سواء في القانون رقم ‪ 04-90‬أو في القانون رقم ‪ 09-08‬المتضمن قانون‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬استنادا إلى هاذين القانونين سنحدد اختصاص هذه المحاكم بين‬
‫االختصاص المحلي‪ ،‬حيث حدد المشرع الجزائري هذا االختصاص للقسم االجتماعي بموجب‬
‫المادة ‪ 24‬من القانون رقم ‪ 04-90‬التي تنص على أنه‪" :‬ترفع الدعوى أمام المحكمة الواقعة في‬
‫مكان تنفي عالقة العمل‪ ،‬أو في محل إقامة المدعى عليه‪ .‬كما يمكن رفعها لدى المحكمة التي‬
‫تقع في محل إقامة المدعي عندما ينجم تعليق أو انقطاع عالقة العمل عن حادث عمل أو‬
‫مرض مهني"‪ ،‬وهي نفس األحكام التي أوردها المشرع في المادة ‪ 501‬من قانون رقم ‪.09-08‬‬
‫أما المادة ‪ 37‬من نفس القانون فتنص على‪" :‬يؤول االختصاص اإلقليمي للجهة القضائية‬
‫التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المدعى عليه‪ ،‬وان لم يكن له موطن معروف‪ ،‬فيعود‬
‫االختصاص للجهة القضائية التي يقع فيها الموطن المختار ما لم ينص القانون على خالف‬
‫لك"‪.‬‬

‫أنظر المادة ‪ 2‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ ،273-91‬مؤرخ في ‪ 10‬أوت ‪ ،1991‬يتعلق بكيفيات تنظيم انتخاب‬ ‫(‪)52‬‬

‫المساعدين وأعضاء مكاتب المصالحة‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪ 38‬صادر بتاريخ ‪ 14‬أوت ‪ ،1991‬معدل ومتمم‪.‬‬
‫(‪ )53‬أنظر المادة ‪ 12‬من القانون رقم ‪ ،04-90‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ساهم المشرع الجزائري بهذه القواعد في مراعاة ظروف العامل‪ ،‬باعتباره الطرف األكثر‬
‫تضر ار في الدعاوى العمالية التي يكون في الغالب هو المدعي فيها ونتيجة ضعف مركزه‬
‫االقتصادي مقارنة بالمستخدم‪ ،‬كذلك أراد المشرع من هذه القواعد أيضا تخفيف العبء عليه ثم أن‬
‫الطرف الممتاز هو الذي ينتقل وليس العكس (‪.)54‬‬
‫وأما االختصاص النوعي فتنص عليه المادة ‪ 32‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ كما يلي‪" :‬المحكمة هي‬
‫الجهة القضائية ات االختصاص العام وتتشكل من أقسام‪ ،‬يمكن أيضا أن تتشكل من أقطاب‬
‫متخصصة‪ .‬تفصل المحكمة في جميع القضايا السيما المدنية والتجارية والبحرية واالجتماعية‬
‫والعقارية وقضايا شؤون األسرة لبتي تختص بها إقليميا‪ ،"...‬يعود استنادا إلى هذا النص‬
‫االختصاص النوعي في القضايا العمالية إلى المحكمة المختصة بالنظر في القضايا المدنية كمبدأ‬
‫عام‪ ،‬وفي إطار التقسيم الداخلي للعمل داخل هذه الجهة القضائية‪ ،‬فإن النزاعات العمالية تكون من‬
‫اختصاص القسم االجتماعي (‪.)55‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫إجراءات التقاضي‬

‫يتوقف اختصاص محاكم العمل وبصفة خاصة القسم االجتماعي على توافر شرط إجرائي‬
‫خاص يتمثل في المحاولة الصلحية المسبقة لعرض النزاع عليه (‪ ،)56‬من هنا يستوجب علينا تبيان‬
‫طبيعة اإلجراءات التي تتم أمام محاكم العمل‪ ،‬وكذا المميزات التي تتميز بها هذه اإلجراءات‪.‬‬

‫(‪ )54‬معاشو عمار‪" ،‬اختصاص المحكمة االجتماعية في قانون االجراءات المدنية واالدارية (قانون رقم ‪ ،")09-08‬الملتقى‬
‫الوطني حول "الظروف االقتصادية للمؤسسة وآثارها على عالقات العمل في التشريع الجزائري"‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫جيجل‪ 10 ،‬و‪ 11‬مارس ‪ ،2010‬ص ‪ 6‬و‪.7‬‬
‫أنظر المادتين ‪ 20‬و‪ 21‬من القانون رقم ‪ ،04-90‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫(‪)55‬‬

‫فتحي وردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.338‬‬ ‫(‪)56‬‬

‫‪59‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أوال‪ :‬طبيعة إجراءات التقاضي‬


‫إن المشرع الجزائري يقضي بعدم إمكانية مباشرة الدعوى القضائية إال بعد فشل إجراءات‬
‫ومحاوالت التسوية الودية بين األطراف أمام مكاتب المصالحة (‪.)57‬‬
‫ترفع الدعوى أمام القسم االجتماعي بعريضة افتتاح دعوى طبقا للقواعد العامة المقررة لرفع‬
‫الدعاوى‪ ،‬مع إضافة شرطين لقبولها‪:‬‬

‫‪ -‬أن ترفع العريضة مرفقة بمحضر عدم الصلح‪ .‬ونشير إلى أن محضر عدم المصالحة‬
‫يغني عن تظلم العامل إلى رئيسه التدرجي أو إلى صاحب العمل‪ ،‬حيث ال يعتبر التظلم‬
‫شرطا لرفع الدعوى‪.‬‬
‫‪ -‬أن ترفع الدعوى خالل أجل ال يتجاوز ستة (‪ )6‬أشهر من تاريخ تسليم محضر عدم‬
‫المصالحة‪ ،‬وذلك تحت طائلة سقوط الحق في رفع الدعوى‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 20‬من قانون رقم ‪ 09-08‬على‪" :‬يحضر الخصوم في التاريخ المحدد في‬
‫التكليف بالحضور شخصيا أو بواسطة محاميهم أو وكالئهم"‪ ،‬فإذا لم يحضر المدعى أو محاميه‬
‫أو وكيله في اليوم المحدد رغم صحة التبليغ ما لم يكن هناك عذر شرعي يتم شطب الدعوى‬
‫بحالها‪ ،‬أما إذا لم يحضر المدعى عليه أو محاميه أو وكيله في اليوم المحدد‪ ،‬رغم صحة التبليغ‬
‫وبدون عذر مقبول‪ ،‬فيقضي في غيبيته‪ ،‬وفي حالة ما إذا كان غيابه عن حضور الجلسة لعذر‬
‫مقبول‪ ،‬يستدعى من جديد أو يؤجل الحكم في الدعوى إلى جلسة قريبة (‪.)58‬‬

‫ثانيا‪ :‬مميزات إجراءات التقاضي‬


‫تتسم إجراءات التقاضي في منازعات العمل بصفة عامة بنوع من البساطة والمرونة (‪،)59‬‬
‫حيث تتميز بالطابع االستعجالي وضرورة المرور بإجراءات التسوية الودية فالمشرع الجزائري‬
‫اشترط إجراء محاولة الصلح بين أطراف النزاع كإجراء إجباري قبل عرض النزاع على المحكمة‬

‫أنظر المادتين ‪ 36‬و‪ 37‬من القانون رقم ‪ ،04-90‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫(‪)57‬‬

‫(‪ )58‬عيساني محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 208‬و‪.209‬‬


‫عيساني محمد‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.212‬‬ ‫(‪)59‬‬

‫‪60‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المختصة‪ ،‬وفي هذا الصدد نصت المادة ‪ 1‬فقرة ‪ 1‬من أمر رقم ‪ 32-75‬على‪" :‬ال يقبل طلب رفع‬
‫القضية إال إ ا ثبت أن النزاع قد عرض للمصالحة لدى مفتشية العمل والشؤون االجتماعية‬
‫المختص إقليميا ولم يتوصل ه ا األخير إلى التوفيق بين الخصوم" (‪.)60‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 19‬فقرة ‪ 1‬من قانون رقم ‪ 04-90‬المتعلق بتسوية منازعات العمل‬
‫الفردية‪ ،‬على أنه‪" :‬يجب أن يكون كل خالف فردي خاص بالعمل موضوع محاولة للصلح أمام‬
‫مكتب المصالحة قبل مباشرة أي دعوى قضائية"‪ ،‬لكن هناك حاالت ال تجدي فيها المصالحة بل‬
‫وقد تكون مستحيلة‪ ،‬وهو ما نصت عليه الفقرة ‪ 2‬من نفس المادة‪.‬‬

‫الفرع الثالث‬
‫األحكام التي تصدرها المحكمة االجتماعية‬

‫عمل المشرع الجزائري حفاظا على العالقة التعاقدية‪ ،‬وخاصة حماية االستقرار الوظيفي‬
‫للعامل‪ ،‬على إضفاء نوعا من الحماية في مجال اإلثبات‪ ،‬كما أشرنا إليه سابقا (‪ ،)61‬وحماية للعامل‬
‫يصدر القاضي أحكاما متنوعة حسب موضوع النزاع المعروض أمامه‪ ،‬وتكون قابلة للطعن فيها‬
‫بجميع طرق الطعن العادية وغير العادية‪ ،‬كذلك سننظر في مدى تطبيق األحكام التي تصدرها‬
‫المحكمة االجتماعية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬طبيعة األحكام التي تصدرها‬


‫تتنوع األحكام القضائية الصادرة عن المحاكم الفاصلة في المسائل االجتماعية بتنوع‬
‫موضوع القضايا المعروضة عليها (‪ ،)62‬حيث يمكن أن تكون كما يلي‪:‬‬

‫(‪ )60‬أمر رقم ‪ 32-75‬مؤرخ في ‪ 29‬أفريل ‪ ،1975‬يتعلق بالعدالة في العمل‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،39‬صادر بتاريخ ‪ 16‬ماي‬
‫‪.1975‬‬
‫راجع ما سبق من هذه المذكرة‪ ،‬ص ‪ 47‬وما يليها‪.‬‬ ‫(‪)61‬‬

‫(‪ )62‬أنظر المادة ‪ 21‬من القانون رقم ‪ ،04-90‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪-1‬إصدار المحكمة االجتماعية أحكام ابتدائية نهائية‬

‫أجاز القانون أن تصدر المحكمة االبتدائية الفاصلة في المسائل االجتماعية في بعض‬


‫الحاالت أحكام ابتدائية تكون نهائية‪ ،‬غير قابلة للطعن فيها ال بالطرق العادية وال غير العادية‪،‬‬
‫باعتبار أن موضوعها ال يتحمل التأخير‪ ،‬ألنها تؤثر سلبا على العامل بصفة مباشرة‪ ،‬وعلى عائلته‬
‫بصفة غير مباشرة‪ ،‬كما أنها قد تمس بحق من الحقوق المخولة للعامل قانونا‪ ،‬كذا التقليل من‬
‫اللجوء إلى طرق الطعن التي تثقل كاهل المحكمة نظ ار لكثرة القضايا العمالية المرفوعة لديها‪،‬‬
‫باعتبارها قضايا بسيطة تمس قاعدة قانونية واضحة يبث فيها بسهولة لعدم تعقيدها‪ .‬نجد القضايا‬
‫التي تصدر بأحكام ابتدائية ونهائية تتمثل في‪:‬‬

‫‪ -‬حالة صدور عقوبة تأديبية دون احترام اإلجراءات التأديبية‪ ،‬وهو ما ورد في نص المادة‬
‫‪ 21‬من قانون رقم ‪.04-90‬‬
‫‪ -‬حالة عدم تسليم شهادات العمل وكشوف الرواتب أو الوثائق األخرى‪ ،‬وهي الحالة التي أتت‬
‫بها نفس المادة السابقة أين يكون حكم القاضي ابتدائي ونهائي‪.‬‬
‫‪ -‬حالة التسريح التعسفي‪ ،‬بتعديل المادة ‪ 73‬مكرر‪ 4‬بإلغاء قرار التسريح المعتبر تعسفيا‪،‬‬
‫وترتيب عليه أثر إعادة إدراجه في منصب عمله‪ ،‬أو الحصول على تعويض نقدي في حالة‬
‫عدم قبول طرفي عالقة العمل إعادة اإلدراج‪ ،‬كما أن هذه األحكام النهائية قابلة للطعن فيها‬
‫عن طريق الطعن بالنقض (‪.)63‬‬

‫‪-2‬إصدار المحكمة االجتماعية أحكام ابتدائية مشمولة بالنفا المعجل‬


‫قد تتميز األحكام الصادرة عن المحكمة الفاصلة في المسائل االجتماعية بالنفاذ المعجل‬
‫الذي نجد فيه نوعان أحدهما يتمثل في النفاذ المعجل بقوة القانون و اآلخر هو ما يعرف بالنفاذ‬
‫المعجل القضائي‪ ،‬حيث مكن المشرع الجزائري ضمانة لحقوق العامل قضاء العمل إصدار أحكام‬
‫معجلة قابلة للتنفيذ دون أن تحوز على قوة األمر المقضي فيه‪ ،‬رغم إمكانية الطعن فيها بطرق‬
‫الطعن العادية وغير العادية‪ ،‬فيمكن تعريف هذه األحكام على أنها المنفعة الممنوحة للمحكوم له‬

‫(‪ )63‬أنظر المادة ‪ 73‬مكرر ‪ 4‬من القانون رقم ‪ ،04-90‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫بحكم صادر عن الدرجة األولى‪ ،‬والتي تخوله حق التنفيذ بالرغم من الطعن فيه باالستئناف أو‬
‫المعارضة من قبل المحكوم عليه(‪ ،)64‬ومن أمثلة هذه األحكام ما نصت عليه المادة ‪ 22‬من قانون‬
‫رقم ‪.)65( 04-90‬‬
‫‪-3‬إصدار المحكمة االجتماعية أحكام ابتدائية عادية‪:‬‬
‫تتمثل هذه األحكام في مجموعة األحكام االبتدائية التي تكون في غالبيتها عادية‪ ،‬أي قابلة‬
‫للمراجعة‪ ،‬والتي ال يمكن تنفيذها إال بعد استنفاذها لجميع طرق الطعن‪ ،‬فهي ال تحوز حجية األمر‬
‫المقضي فيه إال بعد استكمال جميع اإلجراءات‪ ،‬وفي غالب األحيان ما تكون هذه األحكام‬
‫تحضيرية أو تمهيدية‪ ،‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 38‬فقرة ‪ 2‬من قانون رقم ‪ ،04-90‬إذ أن هذه‬
‫األحكام غير محصورة كما هو في األحكام االبتدائية النهائية أو األحكام المشمولة بالنفاذ المعجل‪،‬‬
‫حيث أن أحكام المحاكم االبتدائية هي أحكام عادية قابلة للطعن فيها بكافة طرق الطعن العادية أو‬
‫غير العادية (‪.)66‬‬

‫ثانيا‪ :‬تطبيق األحكام التي تصدرها المحكمة االجتماعية‬


‫تنص المادة ‪ 147‬من قانون العقوبات على‪" :‬األفعال اآلتية تعرض مرتكبيها للعقوبات‬
‫المقررة في الفقرتين ‪ 1‬و‪ 3‬من المادة ‪ .... :144‬األفعال واألقوال والكتابات العلنية التي يكون‬
‫الغرض منها التقليل من شأن األحكام القضائية والتي يكون من طبيعتها المساس بسلطة‬
‫(‪)67‬‬
‫القضاء أو استقالليته"‬
‫هذا ما يؤكد على إلزامية األحكام القضائية إال أنه فيما يخص مسألة إصدار القاضي‬
‫للحكم الصادر بإعادة االدماج‪ ،‬فالحكم هنا يكون اختياري بالنسبة ألطراف العالقة وهذا ال يعتبر‬
‫بتاتا تقليال من شأن األحكام القضائية‪.‬‬

‫سليماني حميدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 191‬و‪.192‬‬ ‫(‪)64‬‬

‫أنظر المادة ‪ 22‬من القانون رقم ‪ ،04-90‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫(‪)65‬‬

‫(‪ )66‬أحمية سليمان‪ ،‬أليات تسوية نزاعات العمل والضمان االجتماعي في القانون الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫(‪ )67‬أمر رقم ‪ 156-66‬مؤرخ في ‪ 8‬جوان ‪ ،1966‬يتضمن قانون العقوبات‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،49‬مؤرخ في ‪ 11‬جوان ‪،1966‬‬
‫معدل ومتمم‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪-1‬الحكم الصادر بإعادة ادماج العامل في منصبه‬


‫إذا ثبت للقضاء عند تناول دعوى إلغاء قرار التسريح أن صاحب العمل أصدره دون‬
‫مراعات شروطه الموضوعية وتمسك العامل بحقه في الرجوع إلى منصب عمله فإن المحكمة في‬
‫هذه الحالة عمال بأحكام المادة ‪ 73‬مكرر ‪ 4‬الفقرة الثانية تصدر حكما ابتدائيا ونهائيا بـ ـ ـ‪:‬‬

‫أ‪-‬إعادة إدماج العامل‬


‫يمكن تعريف تقنية إعادة اإلدماج على أنها إعادة إرجاع العامل المسرح تعسفيا إلى منصب‬
‫عمله‪ ،‬حيث يحتفظ العامل بحقه في الرجوع إلى منصب عمله أو منصب عمل مماثل‪ ،‬في حالة‬
‫تعذر ذلك بسبب عدم شغور المنصب‪ ،‬أو حذفه من جدول مناصب العمل‪ ،‬هذا ما يعرف‬
‫بالتعويض العيني (‪ ،)68‬هذا ما بينته المادة ‪ 73‬مكرر ‪ 4‬من قانون رقم ‪.)69( 11-90‬‬

‫لقد أصبحت مسألة إعادة إدماج العامل في منصب عمله بعد صدور األمر ‪29-91‬‬
‫المعدل لألمر ‪ 11-90‬اختيارية بالنسبة لطرفي عقد العمل‪ ،‬فلكل منهما الحق في وضع حد‬
‫للعالقة برفض إعادة اإلدماج‪ ،‬يتعين على القاضي عند تقرير إعادة إدماج العامل في منصب عمله‬
‫أن يتحقق بأن هذا األخير قد أبدى طلبه صراحة أمامه واال يكون قد فصل بما يتجاوز حدود‬
‫طلبات أحد أطراف الدعوى (‪.)70‬‬

‫ب‪-‬االحتفاظ باالمتيازات المكتسبة‬


‫عند إلغاء القاضي لقرار التسريح المعتبر تعسفي‪ ،‬وفي حالة قبول الطرفين إلعادة اإلدماج‬
‫فإن األطراف في هذه الحالة يرجعون إلى الحالة التي كانوا عليها قبل تاريخ التسريح (‪.)71‬‬

‫لم يعرف المشرع الجزائري االمتيازات المكتسبة‪ ،‬إال أنه يمكن القول بأنها تحسين اتفاقي‬
‫لحقوق العمال مستمدة إما من التشريع أو التنظيم أو االتفاقيات واالتفاقات الجماعية وكذا عقد‬

‫(‪ )68‬سليماني حميدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.240‬‬


‫(‪ )69‬أنظر المادة ‪73‬مكرر ‪ 4‬من القانون رقم ‪ ،11-90‬مرجع سابق‪.‬‬
‫(‪ )70‬بن صاري ياسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 59‬و‪.60‬‬
‫(‪ )71‬سليماني حميدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.242‬‬

‫‪64‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫العمل كاإلخطار‪ ،‬العطل المدفوعة األجر‪ ...‬الخ‪ ،‬فاالمتيازات المكتسبة هي ما انتفع بها العامل‬
‫من خالل التحاقه بمنصب عمله من امتيازات‪ ،‬يمكن أن تكون امتيازات فردية كما يمكن أن تكون‬
‫جماعية‪ ،‬ويجب أن تكون هذه االمتيازات حقا قائما ألن ليست كل االمتيازات التي تمنح للعامل‬
‫تصبح مكتسبة (‪.)72‬‬

‫يحتفظ العامل بجميع حقوقه التي كان يستفيد منها من تاريخ تسريحه إلى غاية تاريخ‬
‫النطق بالحكم باستثناء األقدمية التي تكون جامدة من يوم التسريح إلى غاية إعادة اإلدماج‪ ،‬ما‬
‫ينتج عنه عدم دفع األجر الذي يكون مقابل القيام بعمل‪ ،‬أيضا ال يمكن للعامل االستفادة من‬
‫تعويض إال إذا ثبت رفض المستخدم أعادة إدراجه‪ ،‬وهذا ما تأكده المادة ‪ 73‬مكرر ‪.)73( 4‬‬

‫‪-2‬الحكم الصادر بعد إبداء الرغبة بعدم اإلدماج‬


‫إن التعديل الذي جاء به األمر رقم ‪ 21-96‬في مادته التاسعة وضعت بين أيدي كال‬
‫طرفي العقد الحق في رفض استمرار إعاقة العمل بينهما دون تقديم أي مبرر‪ ،‬لذلك أصبح إلغاء‬
‫قرار التسريح المعتبر تعسفيا ال يعني بالضرورة رجوع العامل إلى منصب عمله‪ ،‬ربما رغبة من‬
‫المشرع في إعطاء مرونة أكثر لعالقات العمل (‪.)74‬‬

‫يكون اإلفصاح عن الرغبة في عدم استمرار عالقة العمل بين الطرفين طالما القانون يسمح‬
‫بذلك خالل سريان الدعوى الرامية إلى إلغاء إجراءات التسريح المعتبر تعسفي على أن يتم ذلك‬
‫بكيفيات ال لبس فيها في شكل دفع‪ ،‬وال يجوز بأي حال من األحوال انتظار صاحب العمل مثال‬
‫إلى تاريخ شروع العامل في تنفيذ حكم إعادة اإلدماج إلبدائه بصفة مبتدأه ألن هذا يعطي الحق‬

‫(‪ )72‬سليماني حميدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 242‬و‪.243‬‬


‫(‪ )73‬أنظر المادة ‪73‬مكرر ‪ 4‬من القانون رقم ‪ ،11-90‬مرجع سابق‪.‬‬
‫(‪ )74‬أنظر المادة ‪ 09‬من األمر رقم ‪ 21-96‬مؤرخ في ‪ 9‬جويلية سنة ‪ ،1996‬يتعلق بعالقات العمل‪ ،‬يعدل ويتمم قانون‬
‫رقم ‪ 11-90‬مؤرخ في ‪ 21‬أفريل ‪ ،1990‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،43‬صادر بتاريخ ‪ 16‬جويلية ‪.1996‬‬

‫‪65‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫للعامل في مباشرة التنفيذ عن طريق التهديدات المالية‪ ،‬وذلك ما نص عليه قضاء المحكمة العليا‬
‫في هذا المجال (‪.)75‬‬

‫يترتب على إبداء الرغبة في عدم اإلدماج من أحد طرفي عالقة العمل آثار بينتها المادة‬
‫‪ 73‬مكرر ‪ 4‬في فقرتها الثانية حيث يتعين على المحكمة في هذه الحالة أن تصدر حكما ابتدائيا‬
‫ونهائيا بإلزام صاحب العمل بما يلي‪:‬‬

‫أ‪-‬دفع تعويض مالي ال يقل عن األجر ال ي يتقاضاه العامل عن ‪ 6‬أشهر من العمل‪.‬‬


‫لقد قام المشرع بوضع حد أدنى للتعويض عن التسريح التعسفي والذي ال يقل عن مدة ‪6‬‬
‫أشهر من األجر الذي يتقاضاه العامل محل التسريح وهذا ما بينته المادة ‪ 73‬مكرر ‪ ،)76(4‬وأطلق‬
‫العنان لحده األقصى الذي تركت السلطة التقديرية فيه للقضاء‪ ،‬في حالة ما إذا طلب العامل مثال‬
‫أقل من الحد القانوني فال يجوز أن يقضي القاضي بذلك ولو طلب هو ذلك بنفسه‪.‬‬

‫فيما يخص الحد األقصى للتعويض المحكوم به فإن القاضي ملزم عند استعمال سلطته‬
‫التقديرية في تقدير الضرر الرجوع إلى قواعد القانون المدني إعماال لقاعدة تناسب الضرر‬
‫والتعويض المحكوم به‪ ،‬وترى المحكمة العليا أنه على القاضي أن يأخذ بعين االعتبار في تحديد‬
‫هذا التعويض أقدمية العامل‪ ،‬الصعوبات التي قد تعترض العامل إليجاد منصب عمل‪...‬إلخ‪.‬‬

‫ب‪-‬دفع تعويضات عن األضرار المحتملة‪.‬‬


‫لقد أدرج المشرع الج ازئري عبارة األضرار المحتملة في المادة ‪ 73‬مكرر ‪ 4‬لكن دون إدراج‬
‫مفهومها‪ ،‬ويتعين على العامل في حالة ما إذا لحقته هذه األضرار مادية كانت أو معنوية‬
‫كالصعوبات التي تعترضه في منصب عمل آخر‪ ،‬مدة بقاءه في البطالة‪ ...‬إلخ أن يثبت هذا‬
‫الضرر وفقا للقواعد العامة لإلثبات طالما أنه يشير لما لحقه من خسارة وما فاته من كسب هذا ما‬

‫(‪ )75‬بن صاري ياسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 70‬و‪.71‬‬


‫(‪ )76‬أنظر المادة ‪ 73‬مكرر ‪ 4‬من القانون رقم ‪ ،11-90‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫عزل العمال‬ ‫الفصل الثاني‬

‫نصت عليه المادة ‪ 182‬من القانون المدني‪ ،‬هذا التعويض يخضع لتقدير قاضي الموضوع وال‬
‫رقابة عليه من قبل المحكمة العليا (‪.)77‬‬

‫(‪ )77‬بن صاري ياسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 72‬و‪.73‬‬

‫‪67‬‬
‫خاتمة‬

‫خاتمة‬
‫إن العالقة الوطيدة التي تربط الوضعية االقتصادية باألحكام التي تنظم عالقة العمل جعلت‬
‫قانون العمل يتأثر بالسياسة االقتصادية‪ ،‬وفي ضوء التحوالت االقتصادية الجديدة التي عرفتها‬
‫البالد‪ ،‬وتأثيرها المباشر على عالم الشغل‪ ،‬اتجه المشرع الجزائري نحو وضع حد أدنى من األحكام‬
‫والضمانات القانونية لتنظيم عالقة العمل والتقليل من اآلثار السلبية المترتبة عن فقدان العامل‬
‫لشغله عن طريق التسريح‪ ،‬تاركا المجال واسعا للحرية التعاقدية بالخروج من اإلطار التنظيمي إلى‬
‫اإلطار التعاقدي‪.‬‬

‫من أجل حماية العامل أدخل المشرع الجزائري في ظل هذه التحوالت االقتصادية غير‬
‫المستقرة‪ ،‬مجموعة من التعديالت على قانون العمل‪ ،‬إال أنها تعديالت غامضة وفتحت مجاال‬
‫واسعا لكثير من التأويالت‪ ،‬مما أدى إلى عدم االستقرار في بعض األحكام القضائية‪.‬‬

‫وفي ظل كل ما سبق البد من إدخال تعديالت جديدة على قانون العمل لرفع اللبس حول‬
‫مسائل متعددة واستدراك بعض النقائص المتمثلة أساسا حسب رأينا فيما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬إعطاء تعريف للتسريح االقتصادي الجماعي ثم تنظيم التسريح الفردي موضوعا واجراءا من‬
‫استدعاء‪ ،‬مقابلة‪ ،‬تبليغ‪ ،‬تعويض حتى يسهل اكتشاف التعسف في الحالتين‪ ،‬وضبط المصطلح‬
‫والثبات على أحسن استعمال وتقديم حاالت للسبب االقتصادي‪ ،‬كإلغاء الوظيفة أو تحويلها‪.‬‬

‫‪ .2‬مشاركة العمال أنفسهم في موضوع سياسة الشغل داخل المؤسسة‪ ،‬واعادة الهيكلة وان كانت‬
‫ترجع لصاحب العمل‪ ،‬لكن بالنظر إلى انعكاساتها االجتماعية يجب أن تخضع لرقابة الهيئة التي‬
‫تمثل العمال داخل المؤسسة‪.‬‬

‫‪ .3‬تدعيم عملية الحوار من خالل إقامة حق التحول إلى وحدات تابعة وجعله خاص بالعمال‬
‫المسرحين اقتصاديا‪ ،‬وتوسيع االستثمار وفي المشاريع الستيعاب اليد العاملة البطالة‪ ،‬مع تدعيم‬

‫‪68‬‬
‫خاتمة‬

‫الضمانات المعطاة للعمال وتحسين حقوقهم خاصة التعويض الزهيد‪ ،‬وأولوية توظيف العمال‬
‫المسرحين اقتصاديا وتكوينهم إن تغيرت وسائل العمل حتى ينسجموا معها‪.‬‬

‫‪ .4‬ضرورة تدخل المشرع لسد الفراغ وسوء التنظيم القائم بشأن اإلجراءات التأديبية القانونية المتمثلة‬
‫في سماع العامل المراد تسريحه‪ ،‬اختيار عامل الصطحابه مع وجوب تبليغه بقرار التسريح التي‬
‫تدخل كلها ضمن حقوق الدفاع مما يتعين تنظيمها تنظيما محكما ومفصال واجتناب إسناد هذه‬
‫المهمة لصاحب العمل‪.‬‬

‫‪ .5‬التدخل من جديد بشيء من التفصيل حول مسألة إعطاء الفرصة لصاحب العمل لتصحيح‬
‫اإلجراء المعمول به الذي تم خرقه قبل قرار التسريح بموجب المادة ‪ 73‬مكرر ‪ 4‬في فقرتها األولى‬
‫من قانون رقم ‪ 11-90‬علما بأن هذه األخيرة تتعلق بحقوق الدفاع بالتالي هي من النظام العام ال‬
‫يجوز تصحيحها‪.‬‬

‫‪ .6‬تحديد مفهوم االمتيازات المكتسبة بموجب القانون وبنوع من التفصيل ضمانا لحق العامل في‬
‫التعويضات المترتبة على ذلك‪.‬‬

‫‪ .7‬النص صراحة على أن إفصاح العامل أو صاحب العمل على الرغبة في عدم إعادة اإلدراج‬
‫يجب أن يتم خالل سريان الدعوى الرامية إلى إلغاء قرار التسريح‪.‬‬

‫‪ .8‬تحديد بوضوح معنى األضرار المحتملة المنصوص عليها في المادة ‪ 73‬مكرر ‪ 4‬بأن األمر‬
‫يتعلق بما لحق العامل من خسارة وما فاته من كسب عمال بالقواعد العامة في اإلثبات‪.‬‬

‫‪ .9‬بالنسبة للمادة ‪ 73‬مكرر ‪ ،5‬البد من تعديلها لرفع اللبس حول وجود نوع ثالث من التسريح إلى‬
‫جانب التسريح االقتصادي والتأديبي وهو التسريح بدون خطأ من العمل‪.‬‬

‫‪ .10‬إن تطبيق القواعد الخاصة بالتسريح التأديبي وخاصة بعد ربط حق العامل المسرح تعسفيا في‬
‫العودة إلى عمله بعدم اعتراض صاحب العمل على ذلك‪ ،‬يولد الشعور لدى العامل بعدم وجود‬
‫عدالة وعدم اإلنصاف بالنظر لما قدمه من خدمات إضافة إلى األقدمية في المؤسسة‪ ،‬فكثير من‬

‫‪69‬‬
‫خاتمة‬

‫القواعد تجعل من رب العمل الذي له حرية التصرف يلعب دور القاضي بينما تجعل العامل في‬
‫دور المتهم وهذا ما يتنافى مع الهدف المقصود من التنظيم القانوني وهو التقليل من اآلثار السلبية‬
‫إلنهاء عالقة العمل‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫قائمة المراجع‪:‬‬

‫أوال‪ :‬باللغة العربية‪:‬‬


‫أ – الكتب‪:‬‬
‫‪ .1‬أحمية سليمان‪ ،‬التنظيم القانوني لعالقات العمل في التشريع الجزائري‪ :‬عالقة العمل‬
‫الفردية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.1998 ،‬‬
‫‪ .2‬أحمية سليمان‪ ،‬آليات تسوية منازعات العمل والضمان االجتماعي في القانون‬
‫الجزائري‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2010 ،‬‬
‫‪ .3‬أحمية سليمان‪ ،‬الوجيز في قانون عالقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2012 ،‬‬
‫‪ .4‬بلولة جمال‪ ،‬بلولة الطيب‪ ،‬انقطاع عالقة العمل‪ ،‬منشورات برتي‪ ،‬الجزائر‪.2007 ،‬‬
‫‪ .5‬بن صاري ياسين‪ ،‬التسريح التأديبي في تشريع العمل الجزائري‪ ،‬دار هومة للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2015 ،‬‬
‫‪ .6‬بن عزوز بن صابر‪ ،‬االتفاقيات الجماعية للعمل في التشريع الجزائري والمقارن‪ ،‬دار‬
‫الحامد للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2011 ،‬‬
‫‪ .7‬جالل مصطفى القريشي‪ ،‬شرح قانون العمل‪ ،‬عالقة العمل الفردية‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.1984 ،‬‬
‫‪ .8‬حسين عبد الرحمان قدوس‪ ،‬إنهاء عالقة العمل ألسباب اقتصادية‪ ،‬المطبعة العربية‬
‫الحديثة‪ ،‬القاهرة‪.1990 ،‬‬
‫‪ .9‬ذيب عبد السالم‪ ،‬قانون العمل الجزائري والتحوالت االقتصادية‪ ،‬طبعة ‪ ،2‬دار القصبة‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2003 ،‬‬
‫‪ .10‬طربيت سعيد‪ ،‬سلطة المستخدم في تسريح العمال تأديبيا‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2001 ،‬‬

‫‪71‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .11‬عبد الحفيظ بلخيضر‪ ،‬اإلنهاء التعسفي لعقد العمل‪ ،‬دار الحداثة للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬لبنان‪.1986 ،‬‬
‫‪ .12‬عطاء هللا بوحميدة‪ ،‬التسريح لسبب اقتصادي‪ :‬مفهومه‪ ،‬إجراءاته وآثاره‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر ‪.2009‬‬
‫‪ .13‬علي عوض حسن‪ ،‬الوجيز في شرح قانون العمل‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.1996 ،‬‬
‫‪ .14‬قويدري مصطفى‪ ،‬عقد العمل بين النظرية والممارسة‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشر‪،‬‬
‫الجزائر‪.2010 ،‬‬
‫‪ .15‬محمد حسين منصور‪ ،‬قانون العمل‪ :‬ماهية قانون العمل‪ ،‬عقد العمل الفردي‪ ،‬عقد‬
‫العمل الجماعي‪ ،‬النقابات العمالية‪ ،‬المنازعات الجماعية‪ ،‬التسوية والوساطة والتحكيم‪ ،‬اإلضراب‬
‫واالغالق‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.2007 ،‬‬
‫‪ .16‬محمد نصر الدين منصور‪ ،‬نحو نظام قانوني يوقف عقود العاملين حال توقف العمل‬
‫في المنشآت‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.1989 ،‬‬
‫‪ .17‬واضح رشيد‪ ،‬عالقات العمل في ظل اإلصالحات االقتصادية‪ ،‬دار هومة للطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬الجزائر‪.2003 ،‬‬
‫‪ .18‬هدفي بشير‪ ،‬الوجيز في شرح قانون العمل‪ :‬عالقات العمل الفردية والجماعية‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ،‬جسور للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2009 ،‬‬
‫‪ .19‬همام محمد محمود زهران‪ ،‬قانون العمل‪ :‬عقد العمل الفردي‪ ،‬قانون ‪ 137‬لسنة‬
‫‪ 1981‬ومشروع القانون الجديد فقها وقضاءا‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪-1997 ،‬‬
‫‪.1998‬‬
‫‪ .20‬هيثم حامد المصاورة‪ ،‬المنتقى في شرح قانون العمل‪ :‬دراسة مقارنة بالقانون المدني‪،‬‬
‫دار الحامد للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2007 ،‬‬

‫‪72‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫ب – الرسائل والمذكرات الجامعية‪:‬‬

‫‪ ‬الرسائل واألطروحات الجامعية‪:‬‬


‫‪ .1‬أحمية سليمان‪ ،‬االتفاقيات الجماعية للعمل كإطار تنظيم عالقات العمل في التشريع‬
‫الجزائري‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة دكتوراه العمل في دولة القانون‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة بن يوسف بن‬
‫خدة‪ ،‬الجزائر‪.2008 ،‬‬
‫‪ .2‬سليماني حميدة‪ ،‬تعسف المستخدم في إطار سلطاته‪ ،‬أطروحة لنيل درجة دكتوراه‪،‬‬
‫الطور الثالث (ل‪.‬م‪.‬د) في القانون‪ ،‬تخصص‪ :‬القانون االجتماعي‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي‬
‫وزو‪.2016 ،‬‬
‫‪ .3‬عطاء هللا بوحميدة‪ ،‬التسريح لسبب اقتصادي‪ ،‬رسالة دكتوراه في القانون‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم اإلدارية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2001 ،‬‬
‫‪ . 4‬عيساني محمد‪ ،‬أنظمة تسوية منازعات العمل الفردية‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في‬
‫العلوم‪ ،‬تخصص‪ :‬القانون‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬الجزائر‪.2016 ،‬‬
‫‪ .5‬معاشو نبالي فطة‪ ،‬إزالة التنظيم في قانون العمل وحماية العمال المسرحين ألسباب‬
‫اقتصادية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم‪ ،‬تخصص‪ :‬القانون‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة مولود‬
‫معمري‪ ،‬تيزي وزو‪.2008-2007 ،‬‬
‫‪ ‬المذكرات الجامعية‪:‬‬
‫‪ -‬مذكرات الماجستير‪:‬‬
‫‪ .1‬بن رجال آمال‪ ،‬حماية العامل عند انتهاء عالقة العمل في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة من‬
‫أجل الحصول على الماجستير في الحقوق‪ ،‬فرع حقوق المسؤولية‪ ،‬جامعة بن يوسف بن خدة‪،‬‬
‫الجزائر‪.2008-2007 ،‬‬
‫‪ .2‬واضح رشيد‪ ،‬الطبيعة القانونية لعالقة العمل في إطار اإلصالحات االقتصادية‪ ،‬بحث‬
‫لنيل شهادة الماجستير فرع قانون المؤسسات‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم اإلدارية‪ ،‬جامعة بن يوسف بن‬
‫خدة‪ ،‬الجزائر‪.2001-2000 ،‬‬

‫‪73‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ -‬مذكرات الماستر‪:‬‬
‫‪ .1‬بوشمال عمر‪ ،‬معزوزي عبد الرؤوف‪ ،‬التسريح ألسباب اقتصادية في القانون‬
‫الجزائري‪ ،‬مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص لألعمال‪ ،‬جامعة محمد الصديق‬
‫بن يحيى‪ ،‬جيجل‪.2016-2015 ،‬‬
‫‪ .2‬بوعبيد موسى‪ ،‬سعدي فروجة‪ ،‬تسوية النزاعات الفردية للعمل في القانون الجزائري‪،‬‬
‫مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق‪ ،‬شعبة القانون الخاص‪ ،‬تخصص القانون الخاص الشامل‪،‬‬
‫جامعة عبد الرحمان‪ ،‬بجاية‪.2012-2011 ،‬‬
‫‪ .3‬شيبان كهينة‪ ،‬ديابة سيهام‪ ،‬دور مفتش العمل في تسوية نزاعات العمل الفردية‪ ،‬مذكرة‬
‫لنيل شهادة الماستر في الحقوق‪ ،‬شعبة القانون العام‪ ،‬تخصص قانون الجماعات اإلقليمية‪ ،‬جامعة‬
‫عبد الرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪.2013-2012 ،‬‬
‫‪ .4‬عثمانيو وصيلة‪ ،‬عزيب لطيفة‪ ،‬آليات التسوية الودية لمنازعات العمل الفردية‪ ،‬مذكرة‬
‫لنيل شهادة الماستر في الحقوق‪ ،‬شعبة القانون العام‪ ،‬تخصص قانون الجماعات اإلقليمية‪ ،‬جامعة‬
‫عبد الرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪.2014 ،‬‬
‫جـ ‪ -‬المداخالت‪:‬‬
‫‪ .1‬معاشو عمار‪" ،‬اختصاص المحكمة االجتماعية في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‬
‫(قانون رقم ‪ ،")09/08‬الملتقى الوطني حول "الظروف االقتصادية للمؤسسة وآثارها على عالقات‬
‫العمل في التشريع الجزائري"‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة جيجل‪ 10 ،‬و‪ 11‬مارس‪ 2010‬ص‪.‬ص‪.9-6‬‬
‫د – النصوص القانونية‪:‬‬
‫‪ ‬النصوص التشريعية‪:‬‬
‫‪ .1‬أمر رقم ‪ 156-66‬مؤرخ في ‪ 8‬جوان ‪ ،1966‬يتضمن قانون العقوبات‪ ،‬ج‪.‬ر عدد‬
‫‪ ،49‬مؤرخ في ‪ 11‬جوان ‪ ،1966‬معدل ومتمم بقانون رقم ‪ 15-04‬مؤرخ في ‪ 10‬نوفمبر ‪،2004‬‬
‫ج‪.‬ر عدد ‪ ،71‬صادر بتاريخ ‪ 10‬نوفمبر ‪ ،2004‬معدل ومتمم بقانون رقم ‪ 19-15‬مؤرخ في‪30‬‬
‫ديسمبر ‪ ،2015‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪ ،71‬صادر بتاريخ ‪ 30‬ديسمبر ‪.2015‬‬

‫‪74‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .2‬أمر رقم ‪ 32-75‬مؤرخ في ‪ 29‬أفريل ‪ ،1975‬يتعلق بالعدالة في العمل‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد‬


‫‪ 39‬صادر بتاريخ ‪ 16‬ماي ‪.1975‬‬
‫‪ .3‬أمر رقم ‪ 33-75‬مؤرخ في ‪ 29‬أفريل ‪ ،1975‬يتعلق باختصاصات مفتشية العمل‬
‫والشؤون االجتماعية‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪ ،39‬صادر بتاريخ ‪ 16‬ماي ‪.1975‬‬
‫‪ .4‬أمر رقم ‪ 58-75‬مؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ ،1975‬يتضمن القانون المدني الجزائري‪،‬‬
‫ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪ ،30‬صادر بتاريخ ‪ 30‬سبتمبر ‪ ،1975‬معدل ومتمم بقانون رقم ‪ 10-05‬مؤرخ في‬
‫‪ 10‬جوان ‪ ،2005‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،44‬صادر بتاريخ ‪16‬جوان ‪ ،2005‬معدل ومتمم بقانون رقم ‪07‬‬
‫‪ 05-‬مؤرخ في ‪ 13‬ماي ‪ ،2007‬ج‪.‬ر عدد‪ ،31‬صادر بتاريخ ‪ 13‬ماي ‪.2007‬‬
‫‪ .5‬قانون رقم ‪ 12-83‬مؤرخ في ‪ 02‬جويلية ‪ ،1982‬يتعلق بالتقاعد‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪،26‬‬
‫صادر بتاريخ ‪ 05‬جويلية ‪ ،1983‬معدل ومتمم بمرسوم تشريعي رقم ‪ ،05-94‬مؤرخ في ‪11‬‬
‫أفريل ‪ ،1994‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،20‬صادر بتاريخ ‪13‬أفريل ‪ ،1994‬واألمر رقم ‪ 18-96‬مؤرخ في ‪06‬‬
‫جويلية ‪ ،1996‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،42‬صادر بتاريخ ‪ 07‬جويلية ‪ ،1996‬واألمر رقم ‪ 13-97‬مؤرخ في‬
‫‪ 31‬ماي ‪ ،1997‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،38‬صادر بتاريخ ‪ 04‬جوان ‪ ،1997‬والقانون رقم ‪ 03-99‬مؤرخ‬
‫في ‪ 22‬مارس ‪ ،1999‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،20‬صادر بتاريخ ‪ 24‬مارس ‪. .1999‬‬
‫‪ .6‬قانون رقم ‪ 04-90‬مؤرخ في ‪ 06‬فيفري ‪ ،1990‬يتعلق بتسوية النزاعات الفردية في‬
‫العمل‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪ ،6‬صادر بتاريخ ‪ 7‬فيفري ‪ ،1990‬معدل ومتمم بقانون رقم ‪ 28-91‬مؤرخ في‬
‫‪ 21‬ديسمبر ‪ ،1991‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،68‬صادر بتاريخ ‪ 25‬ديسمبر ‪.1991‬‬
‫‪ .7‬قانون رقم ‪ 11-90‬مؤرخ في ‪ 21‬أفريل ‪ ،1990‬متعلق بعالقات العمل‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد‬
‫‪ ،17‬صادر بتاريخ ‪ 26‬أفريل ‪ ،1990‬معدل ومتمم بقانون رقم ‪ 29-91‬مؤرخ في ‪ 21‬ديسمبر‬
‫‪ ،1991‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،68‬صادر بتاريخ ‪ 25‬ديسمبر ‪ ،1991‬واألمر رقم ‪ 21-96‬مؤرخ في ‪09‬‬
‫جوان ‪ ،1996‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،43‬صادر بتاريخ ‪ 16‬جويلية ‪ ،1996‬واألمر رقم ‪ 02-97‬مؤرخ في‬
‫‪ 11‬جانفي ‪ ،1997‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،3‬صادر بتاريخ ‪ 12‬جانفي ‪ ،1997‬واألمر رقم ‪ 03-97‬مؤرخ‬
‫في ‪ 11‬جانفي ‪ ،1997‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،3‬صادر بتاريخ ‪ 12‬جانفي ‪.1997‬‬

‫‪75‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .8‬مرسوم تشريعي رقم ‪ 09-94‬مؤرخ في ‪ 26‬ماي ‪ ،1994‬يتضمن الحفاظ على الشغل‬


‫وحماية األجراء الذين قد يفقدون عملهم بصفة الإدارية‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪ ،34‬صادر بتاريخ ‪ 1‬جوان‬
‫‪.1994‬‬
‫‪ .9‬مرسوم تشريعي رقم ‪ 10-94‬مؤرخ في ‪ 26‬ماي ‪ ،1994‬متضمن إحداث التقاعد‬
‫المسبق‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪ ،34‬صادر بتاريخ ‪ 31‬ماي ‪.1994‬‬
‫‪ .10‬مرسوم تشريعي ‪ 11-94‬مؤرخ في ‪ 26‬ماي ‪ ،1994‬يتضمن إحداث التأمين على‬
‫البطالة لفائدة األجراء الذين قد يفقدون عملهم بصفة الإرادية ألسباب اقتصادية‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪،34‬‬
‫صادر بتاريخ ‪ 31‬ماي ‪ ،1994‬معدل ومتمم بقانون رقم ‪ 07-98‬مؤرخ في ‪ 2‬أوت ‪ ،1998‬ج‪.‬ر‬
‫عدد ‪ ،57‬صادر بتاريخ ‪ 5‬أوت ‪.1998‬‬
‫‪ .11‬أمر رقم ‪ 21-96‬مؤرخ في ‪ 09‬جويلية ‪ ،1996‬يتعلق بعالقات العمل‪ ،‬يعدل ويتمم‬
‫قانون رقم ‪ 11/90‬مؤرخ في ‪ 21‬أفريل ‪ ،1990‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،43‬صادر بتاريخ ‪ 16‬جويلية ‪.1996‬‬
‫‪ .12‬أمر رقم ‪ 03-97‬مؤرخ في ‪ 11‬جانفي ‪ ،1997‬المحدد للمدة القانونية للعمل‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬‬
‫عدد ‪ ،3‬صادر في ‪ 12‬جانفي ‪.1997‬‬
‫‪ .13‬قانون رقم ‪ 09-08‬مؤرخ في ‪ 25‬فيفري ‪ ،2008‬يتضمن قانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪ 21‬صادر بتاريخ ‪ 23‬أفريل ‪ ،2008‬معدل ومتمم‪.‬‬
‫‪ .14‬قانون رقم ‪ 15-16‬مؤرخ في ‪ 31‬ديسمبر ‪ ،2016‬يعدل ويتمم القانون رقم ‪12-83‬‬
‫مؤرخ في ‪ 2‬جويلية ‪ 1983‬المتعلق بالتقاعد‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪ 78‬لسنة ‪.2016‬‬
‫‪ ‬النصوص التنظيمية‪:‬‬
‫‪ .1‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 302-82‬مؤرخ في ‪ 11‬سبتمبر ‪ ،1982‬يتعلق بكيفيات تطبيق‬
‫األحكام التشريعية الخاصة بعالقات العمل الفردية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،37‬صادر بتاريخ سبتمبر ‪،1982‬‬
‫ملغى بموجب قانون رقم ‪ 11-90‬مؤرخ في ‪ 21‬أفريل ‪ ،1990‬يتعلق بعالقات العمل‪ ،‬ج‪.‬ر عدد‬
‫‪ 17‬صادر بتاريخ ‪ 26‬أفريل ‪ ،1990‬معدل ومتمم بقانون رقم ‪ 29-91‬مؤرخ في ‪ 21‬ديسمبر‬
‫‪ ،1991‬ج‪.‬رعدد ‪ 68‬صادر بتاريخ ‪ 25‬ديسمبر ‪ ،1991‬واألمر رقم ‪ 21-96‬مؤرخ في ‪ 09‬جوان‬
‫‪ ،1996‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،43‬صادر بتاريخ ‪ 16‬جويلية ‪ ،1996‬وأمر رقم ‪ 02-97‬مؤرخ في ‪11‬‬

‫‪76‬‬
‫قائمة المراجع‬

11 ‫ مؤرخ في‬03-97 ‫ وأمر رقم‬،1997 ‫ جانفي‬12 ‫صادر بتاريخ‬، 3 ‫ر عدد‬.‫ ج‬،1997 ‫جانفي‬
.1997 ‫ جانفي‬12 ‫ صادر بتاريخ‬،3 ‫رعدد‬.‫ ج‬،1997 ‫جانفي‬
‫ يتعلق بكيفيات تنظيم‬،1991 ‫ أوت‬20 ‫ مؤرخ في‬273-91 ‫ مرسوم تنفيذي رقم‬.2
،1991 ‫ أوت‬14 ‫ صادر بتاريخ‬،38 ‫ عدد‬.‫ر‬.‫ ج‬،‫انتخاب المساعدين وأعضاء مكاتب المصالحة‬
‫ صادر‬،55 ‫ ر عدد‬.‫ ج‬،1992 ‫جوان‬06 ‫ مؤرخ في‬288-92 ‫معدل ومتمم بمرسوم تنفيذي رقم‬
.1992 ‫ جويلية‬19 ‫بتاريخ‬
‫ يحدد مدة التكفل بتعويض‬،1994 ‫ يوليو‬6 ‫ مؤرخ في‬189-94 ‫ مرسوم تنفيذي رقم‬.3
.1994 ‫ لسنة‬44 ‫ عدد‬.‫ر‬.‫ ج‬،‫التأمين عن البطالة وكيفيات حساب ذلك‬
:‫ باللغة الفرنسية‬:‫ثانيا‬
 OUVRAGES :

1. BAALI Mohamed Essaghir, Législation du travail en Algérie, éditions


Dar el-ouloum, Alger, 2000.

2. BELLOULA Teyeb, BELLOULA Djamel, Rupture de la relations de


travail, éditions DAHLAB, Alger, 1999.
3. BENAMROUCHE Amar, Le nouveau droit du travail en Algérie,
éditions HIWARCOM, Algérie, 1994.

4. CHRISTEL Morel-Journel et ZOUAMIA Rachid, Mini encyclopédie de


droit algérien, éditions Berti, Alger, 2009.

5. CRISTAU Antoine, Droit du travail, 8eme éditions, Hachette, Paris 2011-


2012.

77
‫الفهرس‬

‫رقم الصفحة‬ ‫العناوين‬

‫المقدمة‪1..................................................................................... .‬‬

‫الفصل األول‪ :‬تسريح العمال ألسباب اقتصادية‪6...............................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬شروط اللجوء لتسريح العمال ألسباب اقتصادية‪7................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬وجود السبب االقتصادي‪7......................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف السبب االقتصادي‪8.......................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬حاالت السبب االقتصادي المؤدي للتسريح‪10......................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬القيام بكافة اإلجراءات الكفيلة لتجنب التسريح ‪11...............................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اإلجراءات والتدابير الوقائية ذات الطابع المالي ‪11.................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التدابير الوقائية المتعلقة بتنظيم العمل‪13..........................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التدابير المتعلقة بالعامل‪15.......................................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬طريقة اتخاذ قرار التسريح وعدم القيام بتوظيفات جديدة ‪17......................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬طريقة اتخاذ قرار التسريح‪18......................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬عدم القيام بتوظيفات جديدة ‪22...................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬آثار التسريح ألسباب اقتصادية‪23..............................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬احترام المستخدم لمهلة اإلخطار واستفادة العامل من تعويض التسريح‪23..........‬‬

‫الفرع األول‪ :‬احترام المستخدم لمهلة اإلخطار‪23................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬استفادة العامل من تعويض التسريح‪25............................................‬‬

‫‪78‬‬
‫الفهرس‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التعويض الشهري للتأمين على البطالة‪28.......................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬شروط االستفادة من التعويض‪28..................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬كيفية حساب التعويض‪31........................................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬مدة تقاضي التعويض‪32.........................................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الحق في الحصول على شهادة عمل واألولوية عند إعادة التوظيف‪33...........‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الحق في الحصول على شهادة عمل‪34...........................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الحق في األولوية عند إعادة التوظيف‪35..........................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬عزل العمال‪37.................................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التسريح التأديبي والتسريح التعسفي للعمال ‪38...................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التسريح التأديبي للعمال ‪38....................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬األخطاء الجسيمة المؤدية للتسريح‪39..............................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إجراءات التسريح التأديبي ‪42.....................................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬آثار التسريح التأديبي ‪43.........................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التسريح التعسفي للعمال‪44.....................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬حاالت التسريح التعسفي‪45.......................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬عبء إثبات التسريح التعسفي‪47..................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الوسائل القانونية المتبعة في مواجهة التسريح‪50.................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التسوية الودية لحل نزاعات العمل الفردية‪50....................................‬‬

‫‪79‬‬
‫الفهرس‬

‫الفرع األول‪ :‬التسوية الودية الداخلية‪51.........................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التسوية الودية الخارجية‪53........................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التسوية القضائية لحل نزاعات العمل‪57........................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تشكيلة واختصاص المحكمة االجتماعية‪57........................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إجراءات التقاضي‪59.............................................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬األحكام التي تصدرها المحكمة االجتماعية‪61.....................................‬‬

‫خاتمة‪68.....................................................................................‬‬

‫قائمة المراجع‪71..............................................................................‬‬

‫الفهرس‪78....................................................................................‬‬

‫‪80‬‬
‫ملخص‪:‬‬

‫لقد عرفت عالقات العمل تحوال وهذا بعد انسحاب الدولة عن التنظيم في المجال‬
‫االقتصادي‪ ،‬وتخليها عن إدارة وتنظيم المؤسسة االقتصادية في جانبها االقتصادي واالجتماعي‪،‬‬
‫وما بصدور قانون رقم ‪ 11-90‬المتعلق بعالقات العمل إال نتيجة لهذا التحول‪ ،‬هذا األخير الذي‬
‫منح المستخدم سلطات واسعة تسمح له بتحقيق غاياته االقتصادية سواء كان ذلك أثناء سريان‬
‫عالقة العمل أو عند انتهائها‪ ،‬وهذا على حساب مصالح الطبقة الشغيلة وبالفعل فإن تسريح العمال‬
‫ألسباب عديدة هو صورة وتكريس لهذه السلطات‪ .‬ومن أجل الحد من سلبيات هذا التسريح فقد تم‬
‫تأطيره وتنظيمه من جميع جوانبه‪.‬‬

‫‪Résumé :‬‬
‫‪Les relations de travail ont connus de profondes mutations dues‬‬
‫; ‪essentiellement au retrait de l’état de la sphère de la régulation social‬‬
‫‪l’adoption de la loi 90-11 s’inscrit dans la perspective d’encadrer efficacement‬‬
‫‪les relations de travail dans le but d’encadrer strictement la problématique du‬‬
‫‪licenciement.‬‬

You might also like