You are on page 1of 2

‫منذ القرن السادس عشر حكمت رواندا مملكة تسمى مملكة الموامي و كانت بلدا متجانسا تماما عرقيا

و ثقافيا و لغويا فالشعب كلهم‬


‫من اثنية بانياروندا و يتحدث بلغة واحدة هي اللغة الكينيارواندية ثم جاء اإلستعمار األوربي األلماني ثم البلجيكي ليقسم الشعب إلى‬
‫‪ .‬قسمين كبيرين الهوتو و هم الغالبية ( المزارعين ) و التوتسي وهم األقلية و منهم ملك البالد و هم يعملون في رعي المواشي‬

‫قبل اإلستعمار األوروبي كان باإلمكان للهوتو أن يتحول إلى توتسي و العكس عبر امتالك عدد معين من األبقار‬
‫لكن األوربيين منعوا هذا األمر عبر إصدارهم لبطاقات الهوية‬
‫ظهرت األفكار اليسارية و اإلشتراكية في البالد فتبناها الهوتو ألنهم كانوا يرون أنفسهم مظلومين فاندلعت ثورة وصفت بالثورة‬
‫‪ .‬اإلجتماعية الزراعية أدت إلى سقوط الملكية و قيام الجمهورية بقيادة حزب انعتاق الهوتو‬

‫و بسبب فشل الحزب الحاكم في تطبيق أفكاره اتجه إلى لوم التوتسي في إخفاقته و جعلهم أكباش فداء و أندلعت الحرب ما بين الهوتو‬
‫‪ .‬و التوتسي ألول مرة و أدت الحرب إلى هزيمة التوتسي و فرار ‪ 100000‬منهم إلى دول جوار رواندا‬

‫كانت الحكومة تضطهد افراد التوتسي وتحرمهم من فرص التعليم والوظائف‪ .‬فقائمة الوظائف التي يستطيع التوتسي شغلها محدودة‪ ‬‬
‫وضيقة‪ ،‬كانوا محرومين من التعليم العالي وممارسة السياسة ونشأ جيل من التوتسي المنفيين كمواطنين من الدرجة الثانية‬
‫و هؤالء الفارون نظموا أنفسهم ضمن ما أطلق عليه الحبهة الوطنية الرواندية للقيام بثورة مسلحة ضد الهوتو حظي المتمردون‬
‫بالدعم األوغندي ظاهريا لكن حقيقة كانوا المتمردون مدعومين أمريكيا فواشنطن كانت تعادي حكومة رواندا بسبب والئها لفرنسا‬
‫استطاع الثوار الهوتو التقدم و السيطرة على مناطق شاسعة من رواندا و اقتربوا من العاصمة فلجأت الحكومة الى طلب المساعدة‬
‫من بلجيكا و فرنسا للتصدي لهم فاستجابت فرنسا و قدمت الدعم المطلق للحكومة المسيطر عليها الهوتو ما مكنها من القيام بحملة‬
‫مضادة ضد التوتسي و تحقيق انتصارات عليهم ما دفعهم لتخلي عن االراضي وقيادة حرب عصابات ضدهم كان يقودها ( بول‬
‫كيغامي ) تسببت في خسائر واسعة للجيش الحكومي ما دعى الحكومة الرواندية للموافقة على عقد اتفاق سالم معهم عرف اإلتفاق‬
‫‪ .‬باسم اتفاق أروشا يهدف اإلتفاق إلى تشكيل حكومة انتقالية في ‪1993‬م‬

‫كان هذا اإلتفاق محل رفض استهجان و رفض من الهوتو ألنه منح التوتسي ألغيت منهم فاتجهت وسائل اإلعالم لتشويه اإلتفاق و‬
‫كانت صحيفة كنغورا األسبوعية بوق الفتنة الرئيس حيث ساهمت في التحريض على كراهية وقتل جماعة التوتسي‪ ،‬فقد قامت‬
‫الصحيفة على سبيل المثال بنشر مقال عنصري شهير بعنوان "الوصايا العشر للهوتو"يدعو لمطاردة وقتل التوتسي‬
‫و لم يتم منع وسائل اإلعالم أو إيقافها عن التحريض و كأن جهة ما كانت تعدها لمخطط كبير و أرسلت األمم المتحدة قوات حفظ‬
‫سالم محدودة قامت بنزع السالح من ميلشيات الهوتو و من ميلشيات التوتسي بحجة إحالل السالم و كان ذلك جزء من المؤامرة‬
‫على الروانديين فمليشيات الهوتو لم يتم نزع أسلحتها الفرنسية بحجة أنها تابعة للجيش و تم نزع أسلحة التوتسي و في ‪ 6‬أبريل‬
‫‪ ،1994‬أطلق مهاجمون مجهولون صاروخا على طائرة الرئيس الراوندي جوفينال هابياريمانا الذي ينتمي إلى الهوتو فتسبب‬
‫الصاروخ في سقوط الطائرة و اغتيال الرئيس فاعتبر الهوتو أنهم في حل من اإلتفاق فانطلقوا في غارات دموية تسببت في قتل أكثر‬
‫من ‪ 500‬ألف من التوتسي وسط تواطئ واضح من األمم المتحدة و البعثة األممية التي تركت ميلشيات الهوتو تقتل التوتسي لمئة يوم‬
‫و انشغلت بإجالء الرعايا األجانب من البالد في الوقت‪ ،‬الذي كان يقتل فيه آالف الروانديين في كيغالي ( عاصمة رواندا ) وغيرها‬
‫من المناطق‪ ،‬قامت القوات الخاصة البلجيكية والفرنسية بإخالء حوالي ‪ 3500‬من األجانب‪ ،‬الذين كانوا يعيشون في رواندا‪ .‬و عندما‬
‫هرب المدنيون الفارون من التوتسي و الذوا بمقرات القوات األممية التي تركت الهوتو يقتلونهم بالفؤوس داخل مقراتها دون تدخل‬
‫بل في بعض الحاالت المرصودة كان الجنود األممين الخائفين من متطرفين الهوتو يقومون بتسليم سالحهم لمليشيات الهوتو كما فعل‬
‫الجنود البلجيكيون مقابل عدم التعرض لهم بأذى و من شدة بشاعة و عنف القتلة الهوتو فإن أعداد واسعة من التوتسي التي لجأت إلى‬
‫مقر القوات الدولية ناشدت هذه القوات إن كانت عاجزة عن حمايتها أن تقتلهم باألسلحة النارية التي معهم و ال يتركونهم يموتون‬
‫‪ .‬تحت فؤوس الهوتو المتطرفين‬
‫حتى الكنائس لم تكن مأوى آمنا للهاربين من التوتسي ‪ ،‬حيث قتل حوالي ‪ 4000‬من الرجال والنساء واألطفال في كنيسة بالقرب من‬
‫كيغالي‪ ،‬وذلك باستخدام الفؤوس والسكاكين والمناجل‬
‫قتل المتطرفون الهوتو عشر جنود بلجيكيين من البعثة األممية في محاولة لمحاكاة التجربة الصومالية حيث تسبب قتل الصوماليين‬
‫لجنود القوات األممية بانسحاب قوات حفظ السالم األممية فانسحب الجنود البلجيكيون و ازداد انكشاف ظهر المدنيين التوتسي أمام‬
‫الهجمات المنظمة التي كان يشنها متطرفوا الهوتو‬
‫مئات اآلالف من القتلى سقطوا و لم تدخل القوات األممية لحماية المدنيين وسط اتهامات أطلقت لهم أنهم يفعلون ذلك بإيعاز من‬
‫‪ .‬فرنسا الداعم الرئيسي للهوتو التي تريد القضاء على هذا التوتسي الذين تمردوا على الفرانكفونية و تحالفوا مع األمريكيين و أوغندا‬
‫يتحدث قائد قوات البعثة األممية في رواند الجنرال الكندي روميرو دالير أنه كان يعلم من يناير ‪ 1994‬م بوجود مخطط إلبادة‬
‫التوتسي و رغم أنه أبرق عدة مرات لرؤسائه في نيويورك لكنهم ردوا عليه بأن يبلغ الرئيس الرواندي بمخططات اإلبادة و أنه ال‬
‫توجد خطط للتدخل في رواندا فاألمم المتحدة ال تريد صوماال جديدا و عندما بدأت األحداث في أبريل ‪ 1994‬فإن األمم المتحدة‬
‫!!! كانت تعتم على ما يحدث في رواندا ثم أعلنت بعد ذلك عن انهيار إطالق النار‬
‫رغم أن الذين كان يحدث في رواندا كان مذابح بالفؤوس من طرف واحد هم الهوتو‬
‫المفاجئ أنه في ‪ 21‬أبريل و بعد أيام من بداية مجازر الهوتو بحق التوتسي اجتمع مجلس األمن الدولي ليقرر تخفيض أعداد قوات‬
‫حفظ السالم الدولية من ‪2500‬ة جندي إلى ‪ 270‬جندي في فضيحة و عار تاريخي يقول الجنرال روميو دالير قائد القوات األممية‬
‫أن رواندا لم تكن لها نفس القيمة اإلستراتيجية ليوغسالفيا لذلك تركها المجتمع الدولي و أهملها‬
‫تم ترك التوتسي يذبحون لمدة ‪ 13‬أسبوعا ثم تدخلت األمم المتحدة بعد أن استطاع التوتسي قلب المعادلة على الهوتو و تحقيق‬
‫انتصارات عليهم و إسقاط الحكومة التابعة للهوتو ففي ‪ 18‬يوليو‪ /‬تموز ‪ 1994‬أعلن الجنرال بول كاغمي عن نهاية الحرب ضد‬
‫‪ .‬القوات الحكومية‪ .‬وذلك بعد أن سيطر المتمردون على العاصمة والمدن الرئيسية األخرى‪ .‬بعدها قاموا بتشكيل حكومة مؤقتة‬

‫هرب المجرمون الذين ارتكبوا اإلبادة الجماعية إلى الكونغو حيث وفرت لهم األمم المتحدة مخيمات الالجئين ليتم محاولة تسويقهم‬
‫!!! كضحايا من اإلعالم الفرنسي و يدين البابا العنف من جميع األطراف‬
‫ثم اعترفت الواليات المتحدة بحدوث اإلبادة الجماعية و اعتذرت عن تباطئها في التدخل و انضمت رواندا إلى دول الكمنولث‬
‫البريطاني انتقاما من فرنسا رغم أنها لم تكن تحت التاج البريطاني‬
‫أعطى وجود القوات األممية للروانديين إحساسا زائفا بالحماية أثبت الواقع عدم صدقيته فهذه القوات كانت عاجزة ألنها كانت‬
‫محكومة بمصالح الدول الكبرى و كانت مصلحة فرنسا هي في دعم ميلشيات الهوتو و لوال اعترافات الواليات المتحدة و قائد البعثة‬
‫األممية لكانت اإلبادة التي تمت في رواندا محل رفض و انكار‬
‫رغم أن القوات األممية كانت منتشرة في رواندا تحت الفصل السابع فإنها لم توقف الحرب و لم تمنع اإلبادة الجماعية و لم تنهي‬
‫األزمة الرواندية بل الذي أنهى هذه األزمة هو انتصار التوتسي في الحرب بقيادة بول كيغامي‬
‫المليشيات المجرمة هربت و وجدت مخيمات لجوء في دول جوار رواندا و يعتقد أنها تلقت و تتلقى حتى اليوم دعما فرنسيا و في أي‬
‫‪ .‬لحظة قد تعود لمهاجمة رواندا من أجل نصالح فرنسا‬
‫رغم وجود البعثة األممية في رواندا تحت الفصل السادس بعد نهاية الحرب األهلية فإن رواندا الزالت دولة استبدادية و حكامها‬
‫الجدد التوتسي بقيادة بول كغامي يقمعون بعنف أي محاوالت لإلصالح الديمقراطي‬
‫حققت رواندا بعض المكاسب اإلقتصادية بفضل البعثة األممية لكنها مكاسب هشة و ترجع بسبب رئيسي للمكايدات األمريكية‬
‫البريطانية لفرنسا لكن شبح الحرب األهلية يلوح في األفق ما دامت ميلشيات الهوتو في أطرافها تتلقى الدعم الفرنسي‬

You might also like