Professional Documents
Culture Documents
ﻣدﺧل :
ﻟﻘد أﺣدث ظﮭور اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ﺛورة ﻋظﯾﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل
اﻟدراﺳﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻓﮭﻲ ﻟم ﺗﺄﺗﻲ ﻟﺗﻔﺳﯾر اﻟﻌﺎﻟم ﺑل ﻟﺗﻐﯾﯾره و ﻣن ذﻟك اﻟﺗﻐﯾﯾر أﻧﮭﺎ
أﻋﺎدت دراﺳﺔ ﻗﺻﺔ اﻟﺣﺿﺎرة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ و اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﻋﺑر أدوات ﺻﺎرﻣﺔ ھﻲ
اﻟﻘﺎﻋدة و اﻟﺑﻧﯾﺔ و اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﻔوﻗﯾﺔ و
ھذه اﻷدوات ھﻲ ﻣن ﻗﺎدت اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻟﻠزﻋم أن ﺗطور اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﺑﺷري ﻛﺎن
ﻋﺑر ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣن اﻟﻣراﺣل ﻣن اﻟﺻﯾد واﻟﺟﻣﻊ إﻟﻰ اﻟرﻋﻲ واﻟزراﻋﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ
اﻟﺗﺟﺎري و ﺣﺗﻰ ﯾﺗﻣﻛن اﻟﺑﺷر ﻣن اﻟﺑﻘﺎء واﻻﺳﺗﻣرار ﻣن ﺟﯾل إﻟﻰ ﺟﯾل ،ﻣن
اﻟﺿروري ﻟﮭم إﻧﺗﺎج وإﻋﺎدة إﻧﺗﺎج اﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻟﻠﺣﯾﺎة ﻓﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺎس أن
ﺗﺳﺗﮭﻠك ﻣن أﺟل اﻟﺑﻘﺎء ،وﻟﻛن ﻣن أﺟل اﻻﺳﺗﮭﻼك ﻋﻠﯾﮭﺎ أن ﺗﻧﺗﺞ ،وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻧﺗﺞ
ﻓﺄﻧﮭﺎ ﺗدﺧل ﺑﺎﻟﺿرورة ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت ﻟﮭﺎ وﺟود ﻣﺳﺗﻘل ﻋن إرادﺗﮭم و ھﻲ ﻣﺎ ﯾطﻠﻖ
ﻋﻠﯾﮫ ﻣﺎرﻛس ﻋﻼﻗﺎت اﻹﻧﺗﺎج .
ﻟﻘد ﺳﺎھﻣت اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻓﻲ إﺣداث ﺛورة ﻛﺑرى ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻋﻣوﻣﺎ و
اﻟﻌﻠوم اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺧﺻوﺻﺎ ﻓﻣﺎرﻛس اﻛﺗﺷف أن دﯾﺎﻟﻛﺗﯾك ھﯾﻐل ﯾﻘف ﻋﻠﻰ رأﺳﮫ
و ﻻ ﺑد ﻣن ﻗﻠﺑﮫ ﻟﯾﻘف ﻋﻠﻰ ﻗدﻣﯾﮫ ﻓدﯾﺎﻟﻛﺗﯾك ھﯾﻐل اﻟذي ﯾﻘول ﺑﺄوﻟوﯾﺔ اﻟﻔﻛرة ﻋﻠﻰ
اﻟﻣﺎدة ﻻ ﯾﻠزم ﻣﺎرﻛس اﻟذي ﯾﻘول ﺑﺄوﻟوﯾﺔ اﻟﻣﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻛرة .
و ﻛﺎن ﻣن ﺗﺄﺛﯾر اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻓﻲ دراﺳﺎت اﻹﻧﺛرﺑوﻟﺟﯾﺎ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ظﮭور ﻋدة ﻣدارس
أھﻣﮭﺎ اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ و اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ .
اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ :اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﺗﺣﺗﯾﺔ و اﻟﮭﯾﻛل ﻋﻼﻗﺔ ﻓﻲ اﺗﺟﺎه واﺣد
ﯾﻌﺗﻘد اﻟﻣﺎدﯾون اﻟﺛﻘﺎﻓﯾون أن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﺗﻌﻣل وﻓﻘًﺎ ﻟﻧﻣوذج ﯾﮭﯾﻣن ﻓﯾﮫ اﻹﻧﺗﺎج
واﻟﺗﻛﺎﺛر ﻋﻠﻰ اﻟﻘطﺎﻋﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻷﺧرى و ﺗﻌﻣل ﺑﺷﻛل ﻓﻌﺎل ﻛﻘوى داﻓﻌﺔ وراء
اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ.
وﯾﻘﺗرﺣون إﻧﺷﺎء ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺟواﻧب ﻏﯾر اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﺗﺣﺗﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺑﻐرض
إﻓﺎدة اﻟﻘدرات اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ واﻹﻧﺟﺎﺑﯾﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ وﻟذﻟك ،ﺗﻌﺗﺑر أﻧظﻣﺔ ﻣﺛل اﻟﺣﻛوﻣﺔ
واﻟدﯾن واﻟﻘﺎﻧون واﻟﻘراﺑﺔ ھﻲ اﻟﺑﻧﻰ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗوﺟد إﻻ ﻟﻐرض وﺣﯾد ھو ﺗﻌزﯾز
اﻹﻧﺗﺎج واﻻﺳﺗﻧﺳﺎخ
ھﺎرﯾس ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾره ﻟﻠﺗطور اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﻋﻠﻰ رﺻد اﻟﺗﻐﯾرات وﺗﻔﺳﯾرھﺎ ،أي اﻟﺗﻐﯾرات
ﻓﻲ أﻧﻣﺎط اﻹﻧﺗﺎج وأﻧﻣﺎط إﻋﺎدة اﻹﻧﺗﺎج واﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛﻧﮭﺎ ،وﻓﻖ ﺷروط ﻣﻌﯾﻧﺔ ،أن ﺗﻧﺗﺞ
ﺗﺣوﻻت ﻓﻲ اﻟﺑﻧﯾﺔ واﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﺗﺣﺗﯾﺔ .وﯾﺗم اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن ﺗﻠك اﻟﺗﺣوﻻت ،ﻓﻲ رأى
ھﺎرﯾس ،ﻋﺑر ظﮭور اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺗراﺗب اﻟطﺑﻘﻲ واﻟﺗﻲ ﯾﻛون
ﻓﯾﮭﺎ اﻻﺳﺗﺣواذ ﻏﯾر اﻟﻣﺗﺳﺎوي ﻋﻠﻰ اﻟﺛروات واﻟﺳﻠطﺔ ھو اﻟﺳﻣﺔ اﻟﻣﻣﯾزة ،وﻋﺑر
ظﮭور دﯾﺎﻧﺎت رﺳﻣﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﺣﺻل ﻓﻲ ﺑﻼد ﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﻧﮭرﯾن و وادي اﻟﻧﯾل .
ھﺎرﯾس ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾره ﻟدى ﺗﻔﺳﯾره ﻟﻧﺷوء اﻷﺷﻛﺎل اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﺗﻛوﯾﻧﺎت اﻟزﻋﺎﻣﯾﺔ اﻟﻘﺑﻠﯾﺔ
)اﻟﻣﺷﯾﺧﺎت( واﻟدول ﯾؤﻛد ھﺎرﯾس ﻋﻠﻰ اﻟﺗداﺧل ﯾﺑن اﻟﺑﯾﺋﺎت اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ وإﻣﻛﺎﻧﯾﺎت
ﺑﻧﻰ اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻠﻰ إﻋﺎدة اﻹﻧﺗﺎج .وﯾﻼﺣظ أن ھﺎرﯾس ﯾﺣدد اﻷﺷﻛﺎل اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
وﻓﻘﺎ ً ﻟﻠﺗرﻛﯾﺑﺎت اﻟﻣﻌﯾﺎرﯾﺔ اﻟﺗطورﯾﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓوﯾﺔ .وﯾرى ھﺎرﯾس ﺑﺄن ﺗواﺗر اﻷﺣداث
واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﻰ ﺗؤدى إﻟﻰ إﻧﺗﺎج ﻛل اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻣﻌﻘدة اﻟﻣﺑﻛرة ﺗﺑدو ﻛﺎﻟﺗﺎﻟﻲ
أدت اﻟﺗﺣوﻻت اﻟﻣﻧﺎﺧﯾﺔ اﻟﺗﻰ ﺷﮭدھﺎ ﻋﺻر اﻟﺑﻠﯾﺳﺗوﺳﯾن اﻟﻣﺗﺄﺧر ﻣﻊ ﺗزاﯾد اﻟﻛﺛﺎﻓﺔ
اﻟﺳﻛﺎﻧﯾﺔ وﺳط أﻓراد ﺑﻧﻰ اﻹﻧﺳﺎن إﻟﻰ اﺳﺗﻧزاف اﻟﻣوارد اﻟﻧﺑﺎﺗﯾﺔ واﻟﺣﯾواﻧﯾﺔ ﺑﺣﯾث
ﺗُظﮭر ﻧﺳﺑﺔ اﻟﺗﻛﻠﻔﺔ /اﻟﻔﺎﺋدة اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﻧﺷﺎط اﻟﺻﯾد وﺟﻣﻊ اﻟﻐذاء ﺗﺣوﻻً ﻟﻣﺻﻠﺣﺔ
اﻟﻧﺷﺎط اﻟﻣرﺗﺑط ﺑﺎﻟزراﻋﺔ وﺗرﺑﯾﺔ اﻟﺣﯾواﻧﺎت .أدت ﺗﻠك اﻟظروف اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ إﻟﻰ
“اﺻطﻔﺎء” اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺎت اﻟزراﻋﯾﺔ واﻟﺗﺟﻣﻌﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘرة ﺑﻣﺎ ﻣﻛن اﻟﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﺗﻰ
ﺧﺎﺿت اﻟﺗﺟﺎرب ﻟﺗﺑﻧﻰ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺎت اﻟزراﻋﯾﺔ واﻗﺗﺻﺎدﯾﺎت اﻟرﻋﻲ ﻣن اﻟﺗﻛﯾف
وإﻧﺟﺎز ﻋﻣﻠﯾﺔ إﻋﺎدة إﻧﺗﺎج ﻧﻔﺳﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب ﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﺻﯾد وﺟﻣﻊ اﻟﻐذاء
”اﻟﻣﺗﻧﻘﻠﺔ وﻏﯾر اﻟﻣﺳﺗﻘر
وﯾﺳﺗﺛﻧﻰ ھﺎرﯾس اﻟﺑﯾرو وﺑﻌض اﻟﻣﻧﺎطﻖ اﻷﺧرى اﻟﺗﻰ ﺷﮭدت ﻧﺷوء أﻧﻣﺎط ﺣﯾﺎة
ﻣﺳﺗﻘرة ﻣﻊ ﺗزاﯾد ﻓﻲ اﻟﻛﺛﺎﻓﺔ اﻟﺳﻛﺎﻧﯾﺔ رﻏم ﻋدم ظﮭور اﻗﺗﺻﺎدﯾﺎت زراﻋﯾﺔ .ﯾرى
ھﺎرﯾس أن اﻟظﮭور اﻟﻼﺣﻖ ﻟﻠﺛﻘﺎﻓﺎت اﻟﻣﻌﻘدة ﻗد ﺟﺎء ﻧﺗﺎﺟﺎ ً ﻟﺗﻠك اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت
اﻟزراﻋﯾﺔ اﻟﻣﺑﻛرة اﻟﺗﻰ ﻧﺷﺄت ﻓﻲ ﺑﯾﺋﺎت اﯾﻛوﻟوﺟﯾﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺳﻣﺣت ﺑﺈﻧﺟﺎز ﻧﻣو
طﺑﯾﻌﻲ ﺗﺣول ﻣن ﺧﻼﻟﮫ ﻓرد واﺣد إﻟﻰ زﻋﯾم ﻣﺳﺋول ﻋن اﺗﺧﺎذ ﻗرارات ﺣﯾوﯾﺔ
ﺗﺗﻌﻠﻖ ﺑﺗﻛﺛﯾف اﻹﻧﺗﺎج ،وإﻋﺎدة ﺗوزﯾﻊ اﻟﻣوارد ،وإدارة ﺷﺋون اﻟﺣرب واﻟﺗﺟﺎرة.
ﺑﻣﺟرد ظﮭور ھذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻔرد “اﻹداري” ﯾﻧدﻓﻊ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﺗﺣت ﺿﻐوط
اﻟﺗﻧﺎﻓس ﻣﻊ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻣﺟﺎورة ،وﺗﺣت ﺿﻐط اﻟﻧﻣو اﻟﺳﻛﺎﻧﻲ إﻟﻰ درﺟﺎت أﻋﻠﻰ
ﻓﺄﻋﻠﻰ ﻟﻺﻧﺗﺎج اﻟﻣﻛﺛف واﻟﺗراﺗب اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ .ﯾﻛﺗب ھﺎرﯾس ” ﺗُظﮭر ﻣﺛل ﺗﻠك
اﻷﻧظﻣﺔ ﻧزﻋﺔ ﻟﻠﺗﺣرك ﻣن اﻷﺷﻛﺎل اﻟﻣﺗﺳﺎوﻗﺔ ﻹﻋﺎدة اﻹﻧﺗﺎج إﻟﻰ أﺷﻛﺎل ﻏﯾر
ﻣﺗﺳﺎوﻗﺔ ﯾﺣﺗﻔظ ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻣوزﻋون ﺑﺎﻟﻣزﯾد ﻣن اﻟﻣﻧﺗوج ﻟﻔﺗرات أطول ﻓﺄطول ﺗﺗوﻗف
اﻹﺳﮭﺎﻣﺎت ﻓﻲ ﻧﺳب إﻋﺎدة اﻟﺗوزﯾﻊ اﻻﻗﺗﺻﺎدي ﺗدرﯾﺟﯾﺎ ً ﻋن أن ﺗﻛون طﺑﯾﻌﯾﺔ …
ﺳرﯾﻌﺎ ً ﻣﺎ ﺗﺗﺣول إﻟﻰ ﺿراﺋب ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﻠﺣظﺔ ﺗﺻﺑﺢ اﻟﻣﺷﯾﺧﺎت ﻋﻠﻰ ﻋﺗﺑﺔ اﻟﺗﺣول
”.إﻟﻰ دول
وﯾطرح ھﺎرﯾس ﻓرﺿﯾﺔ ﺗﻘول ﺑﺄن اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟدول اﻟﻣﺑﻛرة اﺳﺗﺧدﻣت اﻟﺣرب
واﻟﺗوﺳﻊ اﻟﻌﺳﻛري أدواﺗﺎ ً رﺋﯾﺳﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻧﻣو اﻟﺳﻛﺎﻧﻲ إذ ﺑﻣﺟرد أن ﺗﺗﻛون
اﻟدول ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﺳﺗﻣر ﻓﻲ اﻟﻧﻣو ﺑﺳرﻋﺔ طﺎﻟﻣﺎ أن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻣﺟﺎورة اﻷﻗل ﺗﻌﻘﯾدا ً ﻻ
.ﺗﻣﻠك ﺳوى واﺣد ﻣن ﺧﯾﺎرﯾن :إﻣﺎ أن ﺗﺳﺗﺳﻠم أو أن ﺗﺗطور ﻓﻲ اﻻﺗﺟﺎه ﻧﻔﺳﮫ
وﯾﻔﺳر ھﺎرﯾس اﻟﻣﺳﺎرات اﻟﺗطورﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻟﻠدول اﻟﻣﺑﻛرة ،إﻟﻰ ﺣد ﻛﺑﯾر،
ﺑﺎﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﺳﺗﺧدام ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻧﻣو اﻻﯾﻛوﻟوﺟﻲ اﻟزراﻋﻲ ﻣﺛل اﻟﻣﻘدرات اﻷﻋﻠﻰ
ﻋﻠﻰ ﺗﻛﺛﯾف إﻧﺗﺎج اﻟﺣﺑوب وﺗطوﯾر إﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎت اﻟرﻋﻲ ﻓﻲ ﺟﻧوب ﺷﺑﮫ اﻟﺟزﯾرة
اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﻣﺣﺎﺻﯾل اﻟﺟذرﯾﺔ واﻟﺧﻧﺎزﯾر اﻟﺑرﯾﺔ ،ﺑﻣﻌﻧﻰ ﺗوﺿﯾﺢ اﻟﺣدود
اﻻﯾﻛوﻟوﺟﯾﺔ ﻟﻧﺷوء اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟزراﻋﯾﺔ اﻟﻣﺑﻛرة ﺑدﻗﺔ إذ أﻧﮫ ﺑﻣﺟرد اﻟوﺻول إﻟﻰ
ﻛﺛﺎﻓﺔ ﺳﻛﺎﻧﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﯾﺻﺑﺢ ﻟدى اﻟﻧﺎس ﺣﺎﻓز ﻗوى إﻣﺎ ﻟﺗﻛﺛﯾف اﻟﻣﻧﺗوج ﺗﺟﻧﺑﺎ ً
ﻟﻠﻣﺟﺎﻋﺔ ،أو إﻟﻰ اﻟﮭﺟرة إﻟﻰ ﻣﻧﺎطﻖ ذات ﻛﺛﺎﻓﺔ ﺳﻛﺎﻧﯾﺔ أﻗل ﻧﺳﺑﺔ ﻟﻣﺣدودﯾﺔ
إﻣﻛﺎﻧﯾﺎﺗﮭﺎ اﻟزراﻋﯾﺔ ،ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ إﻟﻰ ﻣﺳﺗوى ﻣﻌﯾﺷﻲ أدﻧﻰ
ﻛﺎن اﻟﺧﻧزﯾرﯾﻌرف ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﺣﯾوان ﻗذر ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺣرﻓﻲ؛ ﻷﻧﮫ ﯾﺗﻣرغ ﻓﻲ ﺑوﻟﮫ
وﯾﺄﻛل اﻟﺑراز ،ﻟﻛن رﺑط اﻟﻘذارة اﻟﻔﯾزﯾﺎﺋﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻘت اﻟدﯾﻧﻲ ﯾؤدي إﻟﻰ اﻟﺗﻧﺎﻗض ،ذﻟك
أن اﻷﺑﻘﺎر اﻟﺗﻲ ﺗُرﺑﻰ ﺿﻣن ﺣﯾز ﻣﻐﻠﻖ ﺗﻐوص ھﻲ اﻷﺧرى ﻓﻲ ﺑوﻟﮭﺎ وروﺛﮭﺎ،
ﻛﻣﺎ أن اﻷﺑﻘﺎر اﻟﺟﺎﺋﻌﺔ ،واﻟﻛﻼب ،واﻟدواﺟن ﺗﺄﻛل ﺑﺈﻗﺑﺎل اﻟﺑراز اﻟﺑﺷري ،وﻟﻌل
اﻟﻘدﻣﺎء ﺗﻌﻠﻣوا أن اﻟﺧﻧﺎزﯾر اﻟﺗﻲ ﺗرﺑت ﺿﻣن ﺣظﺎﺋر ﻧظﯾﻔﺔ أﺻﺑﺣت دواﺟن
ﻣﻧزﻟﯾﺔ ﺷدﯾدة اﻟﺣﺳﺎﺳﯾﺔ
ﻣوﺳﻰ ﺑن ﻣﯾﻣون ،طﺑﯾب ﺑﻼط ﺻﻼح اﻟدﯾن ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻋﺷر ،ﻓﻲ اﻟﻘﺎھرة،
ﺑﺗﻔﺳﯾر أن اﻟرب ﻗﺻد ﻣن وراء اﻟﺣظر ﻧظﺎ ًﻣﺎ ﺻﺣﯾ�ﺎ ﺷﻌﺑﯾ�ﺎ ،ﻟﻛن ﻟم ﯾﻘدم ﻣﯾﻣون
ﺗوﺿﯾ ًﺣﺎ ﻟﺗﻔﺳﯾره ،ﺣﺗﻰ ﻓﻲ ﻣﻧﺗﺻف اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ،ﻓﯾُﻛﺗﺷف أن أﻛل ﻟﺣم
(TRICHINOSIS).اﻟﺧﻧزﯾر ﻏﯾر ﻣﻛﺗﻣل اﻟطﮭو ﯾﺳﺑب داء اﻟﺷﻌرﯾﺔ
ﻋرض ﻣﺎرﻓن ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ ﺑﺣوث ﻟﺗﺛﺑت أن اﻟﺧﻧﺎزﯾر ﺟﻧﺑًﺎ إﻟﻰ ﺟﻧب ﻣﻊ ﺳﺎﺋر
اﻟﺣﯾواﻧﺎت اﻟﻣﺣرﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻛﺗب اﻟﻣﻘدﺳﺔ ،ﻛﺎﻧت ﻓﻲ ﻣﺎ ﻣﺿﻰ
ً
رﻣوزا طوطﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻌﺷﺎﺋر ﻗﺑﻠﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،ﻟﻛن ﻟو ﺟﻌﻠﻧﺎ ھذا اﻻﺣﺗﻣﺎل
ﺻﺣﯾ ًﺣﺎ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﻧﻘﺑل أن ﺗﻛون ﺣﯾواﻧﺎت أﺧرى ﻏﯾر ﻧﺟﺳﺔ ،ﻣﺛل اﻷﺑﻘﺎر
رﻣوزا طوطﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻣﺿﻰ ،وﻟﻛن رد ﻣﺎرﻓن ﺟﺎء ﻣن ً واﻷﻏﻧﺎم واﻟﻣﺎﻋز ،ﻛﺎﻧت
اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻛﺗﺎﺑﺎت ﻋن ﻣوﺿوع اﻟطوطﻣﯾﺔ ،ﻓﺈن اﻟطواطم ﻻ ﺗﻛون ﻋﺎدة ﻣن
اﻟﺣﯾواﻧﺎت ذات اﻷھﻣﯾﺔ ﻛﻣورد ﻟﻠﻐذاء ،واﻟطوطﻣﺎت اﻷﻛﺛر ﺷﻌﺑﯾﺔ ﺑﯾن ﻗﺑﺎﺋل
اﻟﺑداﺋﯾﯾن ﻓﻲ أﺳﺗراﻟﯾﺎ وأﻓرﯾﻘﯾﺎ ﻛﺎﻧت ﻣن اﻟطﯾور ﻏﯾر اﻟﻣﻔﯾدة ،واﻟﺣﺷرات،
واﻟﺟﻣﺎدات ،ﻛﺎﻟﻐﯾوم واﻟﺻﺧور ،ﻟﻛن ﻛﯾف أﺻﺑﺢ اﻟﺧﻧزﯾر طوط ًﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺷرق
اﻷوﺳط ؟
ﯾﻌود اﻟﺳﺑب اﻟرﺋﯾﺳﻲ -وﻓﻘًﺎ ﻟﻣﺎرﻓن ھﺎرﯾس – ﻓﻲ ذﻟك إﻟﻰ أن ﻣﻧﺎطﻖ اﻟﺑداوة ﻓﻲ
اﻟﻌﺎﻟم ﺗﻧﺳﺟم ﻣﻊ اﻟﺳﮭول واﻟﺗﻼل اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﻣد ﻓﻲ رﯾﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻣطﺎر ،ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﻛن
رﯾﮭﺎ ﺑﺳﮭوﻟﺔ ﯾدوﯾ�ﺎ ،ﻟذﻟك ﺗﻛون اﻷﺑﻘﺎر واﻟﻐﻧم واﻟﻣﺎﻋز أﻛﺛر ﺗﻛﯾﻔًﺎ ﻟﻘدرة ﻣﻌدﺗﮭﺎ
ﻋﻠﻰ ھﺿم اﻟﻌﺷب واﻷوراق ﺑﻛﻔﺎءة ،ﻋﻛس اﻟﺧﻧزﯾر اﻟذي ﯾﻌﯾش ﻋﻠﻰ ﺿﻔﺎف
ﻣﺻدرا ﻋﻣﻠﯾ�ﺎ ﻟﻠﺣﻠﯾب،
ً أﻧﮭﺎر ﻣظﻠﻠﺔ ،ﻻ ﯾﻌﯾش ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺷب وﺣده ،ﻛﻣﺎ أﻧﮫ ﻟﯾس
وﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ اﻻﻧﺗظﺎم ﺿﻣن ﻗطﻌﺎن ،ﻓوق ذﻟك ﻓﺈﻧﮫ ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟدﯾﻧﺎﻣﯾﻛﯾﺔ اﻟﺣرارﯾﺔ
ﺳﯾﺊ اﻟﺗﻛﯾف ﻣﻊ اﻟﻣﻧﺎخ اﻟﺣﺎر واﻟﺟﺎف ﻓﻲ اﻟﻧﻘب ،ووادي اﻷردن ،وﺑﺎﻗﻲ ﻣﻧﺎطﻖ
اﻟﻛﺗب اﻟﻣﻘدﺳﺔ ،ﻓﮭو ﻻ ﯾﻣﻠك ﺻوﻓًﺎ ﻛﺛﯾﻔًﺎ ،ﻓﯾﻣوت إذا ﺗﻌرض ﻟﻠﺷﻣس ،ﻟذا ﻓﻠﺗرﺑﯾﺗﮫ
ﯾﺟب ﺣﻔر وﺣل ﻟﻛل ﺣﯾوان ﯾﺗﻣرغ ﻓﻲ طﯾﻧﮫ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺟف ﺟﻠده ،ﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﺗدﺟﯾﻧﮫ
ﻣﮭﻠ ًﻛﺎ وﻣﻛﻠﻔًﺎ وﻣن دون ﺟدوى ،إﻻ ﻋﻧد ذﺑﺣﮫ ﻓﻘط ﻷﻛل ﻟﺣﻣﮫ ،وھﻲ ﻣواﺻﻔﺎت
ﺗﺟﻌل ﻣﻧﮫ ﺣﯾواﻧًﺎ ﺑﻛل ﺻﻔﺎت اﻟطوطم ﻷﻧﮫ ﻛﺎن ﻣﻘدﺳﺎ .
ﺣﻣﻠﺔ ﻟﺻﯾد رؤوس اﻟﻌدو واﻧﺗزاع أرواﺣﮭم (jivaro) ،ﻟﻣﺎذا ﺗﺑدأ ﻗﺑﯾﻠﺔ اﻟﺟﯾﻔﺎرو
إﻟﻰ ﻟﻣس ﺟﺛﺔ اﻟﻌدو ﻟﯾﺑرھن ﻋﻠﻰ ﺷﺟﺎﻋﺗﮫ (crow) ،ﻛﻣﺎ ﯾﺗوق ﻣﺣﺎرﺑو اﻟﻛراو
وﯾﺗﺄﺛر ﻣﻘﺎﺗﻠون آﺧرون ﺑﻔﻛرة اﻻﻧﺗﻘﺎم ،وآﺧرون ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﯾﺔ أﻛل اﻟﺑﺷر؟ أﺳﺋﻠﺔ ﻣﻘززة
وﻟﻛن ھل ﻣن ﺗﻔﺳﯾر ﻟﮭﺎ؟
ﻧﺎدرا ﻣﺎ ﯾﻘﺑض اﻟﻣوﻟﻌون ﺑﺎﻟﺣرب أﻧﻔﺳﮭم ﻋﻠﻰ اﻷﺳﺑﺎب واﻟﻌواﻗب اﻟﻣﻧﮭﺟﯾﺔ ً
ﻟﻠﻣﻌﺎرك اﻟﺑداﺋﯾﺔ .ﻓﮭم ﯾﻣﯾﻠون إﻟﻰ ﺗﻔﺳﯾر اﻟﺣرب ﺧﻼل وﺻف ﻣﺎ اﺧﺗﺑروه ﻣن
اﻟﻣﺷﺎﻋر واﻟدواﻓﻊ اﻟذاﺗﯾﺔ ﻗﺑﯾل اﻧدﻻع اﻟﺧﺻوﻣﺎت ﻣﺑﺎﺷرة .وﻟﻛن ﺑﻣﺎ أن ﻟﻠﺣرب
ﻋواﻗب ﻣﻣﯾﺗﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﺎرﻛﯾن ﻓﯾﮭﺎ ،ﯾُﻌد اﻟﺷك ﻓﻲ أن اﻟﻣﻘﺎﺗﻠﯾن ﯾﻌرﻓون اﻟﺳﺑب ﻣن
وراء ﻗﺗﺎﻟﮭم ،ﺿرﺑًﺎ ﻣن اﻟوﻗﺎﺣﺔ
ﺑرر ﻣﺎرﻓن ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب ذھﺎب اﻟﺑداﺋﯾﯾن إﻟﻰ اﻟﺣرب ﻻﻓﺗﻘﺎدھم إﻟﻰ اﻟﺣﻠول اﻟﺑدﯾﻠﺔ
ﻟﺑﻌض اﻟﻣﺷﻛﻼت ،ﺣﻠول ﺗﻘل ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻣﻌﺎﻧﺎة واﻟﻣوت ﻗﺑل اﻷوان ،وأدرج ﺗﻔﺳﯾر
اﻟﻣﺎرﯾﻧﻎ -ﻛﻣﺎ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﺑداﺋﯾﺔ اﻷﺧرى -ﺳﺑب ذھﺎﺑﮭم إﻟﻰ اﻟﺣرب
ﻣن ﻣﻧطﻠﻖ اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻻﻧﺗﻘﺎم ﻣن اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻌﻧﯾﻔﺔ ،ﻓﻘد ﺑدأت اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗﻲ
ﺗﻌﺎﯾﺷت ﺑﺳﻼم ﻟﻌﻘود ﺑﺈﺷﻌﺎل ﺣروب ﺑﻌﺿﮭﺎ ﺿد ﺑﻌﺿﮭﺎ اﻵﺧر ﻓﻲ إﺛر
اﻻدﻋﺎءات ﺑﺣدوث ﻣﻣﺎرﺳﺎت ﻋﻧﯾﻔﺔ ،ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺗﺣرﺷﺎت اﻷﻛﺛر ﻣﺻﺎدﻓﺔ
ﺑﺎﺧﺗطﺎف اﻟﻧﺳﺎء واﻻﻏﺗﺻﺎب ،واﻟﺗﺻوﯾب ﻋﻠﻰ ﺧﻧزﯾر ﯾﺄﻛل ﻣن ﺑﺳﺗﺎن ﺷﺧص
ﻏﯾر ﺻﺎﺣﺑﮫ ،وﺳرﻗﺔ اﻟﻣﺣﺎﺻﯾل ،واﻟﺻﯾد دون إذن ،وﻓﻲ إﺣدى اﻟﻣرات ﺗورطت
ﺳﻔك ﻓﯾﮭﺎ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟدﻣﺎء ،ﻛﺎﻧت ﻓﯾﮭﺎ ﻛل ﺿﺣﯾﺔ ﺟﻣﺎﻋﺗﺎن ﻣن اﻟﻣﺎرﯾﻧﻎ ﻓﻲ ﺣرب ُ
ﻋﻠﻰ أرض اﻟﻣﻌرﻛﺔ ﺗوﺿﻊ ﻓﻲ ﺣﺳﺑﺎن أﻗﺎرﺑﮭﺎ اﻟذﯾن ﻟم ﯾﻛوﻧوا ﻟﯾﺷﻌروا ﺑﺎﻟرﺿﺎ
ﺣﺗﻰ ﺗﺗﻌدل اﻟﺣﺻﯾﻠﺔ ﺑﻘﺗﻠﮭم أﺣد اﻷﻋداء ﻣﻣن ﻛﺎﻧوا اﻟﺳﺑب ﻓﻲ ﻗﺗل أب أو أخ ﻣﻧذ
10.ﺳﻧوات ﺧﻠت
ﺳﺎ ﻣن
ﻣﺎ ﯾﮭم ھﻧﺎ ھو أن اﻟﺻراع اﻟﺣرﺑﻲ اﻟﺑداﺋﻲ ﻻ ﯾﻧﺟز ﺗﺄﺛﯾراﺗﮫ اﻟﻣﻧظﻣﺔ أﺳﺎ ً
ﺧﻼل اﻟﻣوت ﻓﻲ اﻟﻣﻌرﻛﺔ ،وھو ﻣﺎ ﺟﻌل اھﺗﻣﺎم ﻣﺎرﻓن ﻓﻲ ھذا اﻟﻔﺻل ﯾﻧﺻب
ﻋﻠﻰ إﺟﺎﺑﺔ ﺳؤال :ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﻘﺗﺎل واﻟﺗﺟﺎور اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﯾُﻧﺗﺞ ﻣﺎ ﯾطﻠﻖ ﻋﻠﯾﮫ ﻋﻠﻰ
ﻧطﺎق واﺳﻊ »اﻟﺿﻐط اﻟﺳﻛﺎﻧﻲ« ،وھو ﺑدء اﻗﺗراب اﻟﻛﺛﺎﻓﺔ اﻟﺳﻛﺎﻧﯾﺔ ﻣن ﻣرﺣﻠﺔ
ً
ﻋﺎﺟﻼ أم ﻧﻘص اﻟﻐذاء ،أو ﻓور ﺑدﺋﮭﺎ ﺑﺎﻟﻧﻣو واﻻﺳﺗﮭﻼك ﺑﻣﻌدل ﺳﯾﻘﻠل أو ﯾﺳﺗﻧزف
ً
.آﺟﻼ طﺎﻗﺎت دﯾﻣوﻣﺔ اﻟﺣﯾﺎة ﻓﻲ ﺑﯾﺋﺗﮭﺎ
وﺿﺢ ﻣﺎرﻓن ﺑﺷرﺣﮫ اﻷﻣر أﻛﺛر ،ﻓﺈﻧﮫ ﻟﻘرون طوﯾﻠﺔ اﻣﺗﻠﻛت ﻣﻌظم اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت
اﻟﺑداﺋﯾﺔ ﻣﺛل اﻟﻣﺎرﯾﻧﻎ ،ﺗﻘﻧﯾﺎت ﻣؤﺳﺳﺎﺗﯾﺔ ﻟﻠﺣد ﻣن اﻟﻧﻣو اﻟﺳﻛﺎﻧﻲ وﺧﻔﺿﮫ إﻟﻰ ﻣﺎ
دون »اﻟﻣﺗﺎح« ﺑﻛﺛﯾر ،وﻛﺎن ﻋﻠﻰ ھذا اﻻﻛﺗﺷﺎف أن أرﺑك ﺑﻌض اﻟﺧﺑراء ،ﻋﻠﻰ
اﻋﺗﺑﺎر أن ﺑﻌض اﻟﻣﺟﻣوﻋﺎت ﺧﻔﺿت اﻟﻌدد اﻟﺳﻛﺎﻧﻲ واﻻﺳﺗﮭﻼك ﻗﺑل وﻗوع أي
ﻋواﻗب ﺳﻠﺑﯾﺔ ﻣﻠﻣوﺳﺔ ﺑﺗﺟﺎوزھم اﻟﻣﺗﺎح واﻟﻛﺎﻓﻲ ﻟﺑﻘﺎء اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،وﻛﺎﻧت اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ أن
اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗﻲ اﺗﺑﻌت ﻣؤﺳﺳﺎت ﺧﻔض اﻟﻧﻣو ﻧﺟت ﺑﺛﺑﺎت أﻛﺑر ﻣن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت
اﻷﺧرى اﻟﺗﻲ ﺗﺟﺎوزت اﻟﺣد ،وﻣن ھﻧﺎ أﺟﻣﻊ اﻟﺧﺑراء ﻋﻠﻰ أن اﻟﺻراع اﻟﺑداﺋﻲ
ﻟﯾس ﻧزوﯾ�ﺎ وﻻ ﻏراﺋزﯾ�ﺎ ،ﺑل ھو إﺣدى ﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﺧﻔض اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺎﻋد ﻓﻲ إﺑﻘﺎء ﻋدد
اﻟﺳﻛﺎن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣن اﻟﺗوازن اﻟﺑﯾﺋﻲ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ ﻣواطﻧﮭم .وﻣن ھﻧﺎ ﯾﻣﻛن اﺳﺗﻧﺗﺎج
أن اﻟﺣرب ﻛﺎﻧت ﺟز ًءا ﻣن اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻟﺗﻛﯾف اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺄوﺿﺎع ﺑﯾﺋﯾﺔ ،وﻟدﯾﻧﺎ ﻛل
ﻣﺎ ﯾدﻋو ﻟﻸﻣل ﻓﻲ أﻧﮫ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘﺗﻧﻊ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ أﻧﮭﺎ ﺳﺗﺧﺳر ﻓﻲ اﻟﺣرب أﻛﺛر ﻣﻣﺎ
.ﯾﻣﻛﻧﮭﺎ أن ﺗﺟﻧﯾﮫ ،ﻟﺗﺑﺣث ﻋن وﺳﺎﺋل أﺧرى ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت ﺑﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت