Professional Documents
Culture Documents
-إلى أرواح أولياء هللا وكل الصالحين وأهل هللا في هذه المنطقة والجزائر كلها.
مقدمة:
يعد التصوف مبحثا من أهم المباحث التي يستند إليها الفكر اإلسالمي ،حيث
يرتكز التصوف على ثالثة مكونات أساسية وهي :الكتابة الصوفية والممارسة الروحية
واإلصالح الصوفي وتحتل الطرق الصوفية أهمية كبرى في الحياة الفكرية ،وتعد من
القضايا الفكرية المعقدة في التاريخ اإلسالمي الثقافي والديني ،األمر الذي دفع أحد
المستشرقين إلى القول إن المستقبل في العالم اإلسالمي سيكون حتما للتيار الصوفي،
ويرى أن الصوفية قد مارسوا السياسة في أحيان كثيرة ،كما مارسوا أدوا ار ثقافية
واجتماعية.
والتصوف حركة دينية انتشرت بعد الفتوحات اإلسالمية وما تبع ذلك من
خالفات سياسية واجتماعية ودينية ،والمعلوم أن نشأتها كانت كردة فعل مضاد
النغماس بعض الناس في الترف وضروب المتع ،وقوامها إخضاع النفس ألنواع من
الرياضات الروحية طمعا في الوصول إلى المعرفة الحقيقية المطلقة ،معرفة هللا
بالكشف والمشاهدة.
والتصوف هو سياحة روحانية ورحلة وجدانية مقصده النهائي الوصول إلى
الحضرة الربانية ويمثل أوال التجربة المعاشة نتيجة اللقاء الروحي بين المؤمن واإلله
معتمدا على الخلوة والتجلي الرباني ،أو اللقاء العرفاني المتوج بالوصال والكشف
اإللهي.
اصطالحا على أنها اسم لمنهج أحد العارفين في
ً أما الطريقة فيتم تعريفها
التزكية والتربية واألذكار واألوراد أخذ بها نفسه حتى وصل إلى معرفة هللا ،فينسب هذا
المنهج إليه ويعرف باسمه ،فيقال الطريقة التيجانية والقادرية والشاذلية نسبة لرجاالتها،
وهي ليست فرًقا إسالمية ،وجميعها تتبنى عقيدة أهل السنة والجماعة من األشاعرة
ب
مقدمة.
والماتريدية ،وتتبع أحد المذاهب األربعة السنية ،واالختالف بينها إنما هو في طريقة
التربية والسلوك إلى هللا.
لذلك يحاول هذا البحث الوقوف على الطرق الصوفية ويحدد
منطقة بعينها وهي منطقة توات لتكون عينة على مدى انتشار الطرق الصوفية
في بالد المغرب اإلسالمي ويدرس منطلقاتها الفكرية واألدبية وهي دراسة تستند
للجوانب التاريخية واألدبية ،ولذلك كان عنوان بحثي هو:
الطرق الصوفية ومنطلقاتها الفكرية واألدبية بمنطقة توات :دراسة تاريخية
وأدبية (نماذج شعرية من ديوان سيدي عبد الكريم بن دمحم البلبالي).
وترجع أهمية هذا البحث إلى كونه يأتي في مرحلة شرعت الجامعات الجزائرية
تهتم بالتراث األدبي واللغوي والفكري والديني في بالد المغرب اإلسالمي عموما وفي
الجزائر خصوصا وفي منطقة الجنوب الجزائري على وجه أخص ،باإلضافة إلى:
-أهمية دراسة الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر.
-أهمية معرفة ودراسة الطرق الصوفية في منطقة توات.
-ضرورة معرفة علماء وأعالم الفكر الصوفي في هذه المنطقة.
فهذه األسباب مجتمعة دفعتني إلى اختيار هذا الموضوع في محاولة لإلجابة
عن اإلشكالية التالية:
ما هي المنطلقات الفكرية واألدبية للطرق الصوفية التي نشأت في منطقة
توات وما هي مرجعياتها الدينية.
ولإلجابة عن التساؤالت السابقة تم تقسيم البحث إلى ثالثة فصول تناولنا في
الفصل األول الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر مقاربة في الحقيقة والنشأة،
عرفنا من خالله مصطلح التصوف وقدمنا تعاريف الطريقة الصوفية لغة واصطالحا،
ثم تتبعنا نشأة التصوف اإلسالمي وأشهر رجاالته ،ثم فصلنا القول في أهم الطرق
ج
مقدمة.
الصوفية في الجزائر ،وفي الفصل الثاني تناولنا الزوايا والطرق الصوفية في منطقة
توات ،عرضنا خالل هذا الفصل لمفهوم الزوايا ،ودورها ،وأهم الزوايا في الجزائر ،ثم
ألهم الزوايا في منطقة توات ،وأعالم التصوف بها ،ودورها في نشر اإلسالم واللغة
العربية في القارة اإلفريقية ،وفي الفصل الثالث واألخير قمنا بدراسة تطبيقية على
قصائد من ديوان سيدي عبد الكريم دمحم البلبالي فترجمنا لحياته ودرسنا نماذج من
شعره ،انطالقا من رؤيتنا أن لهذه الطرق الصوفية المنتشرة بمنطقة توات مرجعية فكرية
تنهل منها وتراثا أدبيا يعكس هذه المنطلقات.
وقد تطلب البحث وطبيعته وضع مالحق له ،ممثلة في صور من مخطوط
ديوان سيدي عبد الكريم دمحم البلبالي رحمه هللا ،ثم وضعنا فهارس تفصيلية للبحث مثل
فهارس اآليات القرآنية واألحاديث النبوية ،وفهارس األعالم وفهارس الطرق الصوفية،
وفهارس الزوايا ،وفهارس األماكن والبلدان.
وقد استدعى البحث اتباع جملة من المناهج مثل المنهج التاريخي الذي سمح
بتتبع مراحل تطور الطرق الصوفية والزوايا في العالم اإلسالمي وفي الجزائر وفي
منطقة توات ،وقد اقتربنا من منهج يعد من روافد المنهج التاريخي وهو المقاربـة
البـروسوبوغرافيـة Approche prosopographiqueالتي تقوم على تجميع
المعطيات حول رجال التصوف والزوايا في منطقة توات ،بغية التوصل إلى تصور
عام عن خصوصيات حياة هؤالء األعالم .وأما المنهج الوصفي فاعتمدنا عليه في
الوصف والتحليل وأما المنهج الفني فاستثمرناه في مقاربة النصوص الشعرية باإلضافة
إلى جملة من األدوات اإلجرائية كالوصف والتحليل والمقارنة واالستعانة بأداة تحليل
المحتوى في تحليل النصوص والوثائق على حد سواء وغيرها.
وككل بحث تاريخي أدبي اعتمد البحث على جملة من المصادر خصوصا
المصادر المخطوطة التي تعد ركيزة هذه البحث مثل مخطوط ابن دمحم عبد القادر:
د
مقدمة.
الياقوتة ،ومخطوط ابن موسى أحمد :الرموز ،ومخطوط التواتي عبد الرحمن بن عمر:
فهرسة أعالم توات ،ومخطوط الطاهري الشيخ موالي أحمد اإلدريسي :نسيم النفحات
في ذكر جوانب من أخبار توات ،ومخطوط الكبير الشيخ المختار :الكوكب الوقاد في
فضائل المشائخ حقائق األوراد ،ومخطوط الكنتي الشيخ المختار :الجرعة الصافية،
مخطوط خزانة الشيخ باي بلعالم أولف .وكل هذه المخطوطات موجودة بخزائن منطقة توات.
أما المصادر المطبوعة فقد نهلنا منها ما يتصل ببحثنا مثل كتاب زوايا
التصوف والصوفية المسمى خبايا الزوايا ،الذي قام بتحقيقه وضبطه أحمد عبد الرحيم
السايح وتوفيق علي وهبة ،لمؤلفه ابن العجيمي المكي الشيخ دمحم حسن الصوفي،
وكتاب اتفاق الميسور في تاريخ بالد التكرور الذي قام بتحقيقه علي عبد العظيم ،ودمحم
أبو المجد طه دمحم الساكت لمؤلفه ابن فودي دمحم بلو بن عثمان ،باإلضافة إلى مراجع
مهمة تتصل بتاريخ منطقة توات وأعالمها مثل كتاب القنديل العالي ،إضاءة من حياة
الشيخ عبد الكريم البلبالي للبلبالي دمحم فتح بن محـمد بن محمـد عبد الكريم ،وكتاب
أهداف نشأة الزوايا وواقعها في المنطقة لبلعالم الشيخ دمحم باي ،وكتاب بغية المستفيد
لشرح منية المريد للتجاني دمحم العربي بن دمحم السائح ،وكتاب الضوء المستنير في
معرفة الشيخ سيدي دمحم بن الكبير لغيتاوي الشيخ موالي التهامي وغيرها من المراجع
التي انتفع منها البحث.
وفي األخير ال يفوتني أن أنوه بدور أستاذي الفاضل األستاذ الدكتور دمحم بن
منوفي المشرف على هذه األطروحة وأن أشكره على نصائحه وتوجيهاته القيمة والتي
أخرجت البحث على صورته الحالية.
عبد هللا رزوقي
أدرار في 60 :سبتمبر 6600
ه
في المرجعية الفكرية للتصوف اإلسالمي. مدخل:
يطلق هذا المصطلح على التراث اليوناني بعد انتقاله إلى بالد الشرق. *
2
في المرجعية الفكرية للتصوف اإلسالمي. مدخل:
*
ينبغي اإلشارة هنا إلى أن المانوية هي نسبته إلى مؤسسها ماني ( 272 -212م) ،وهي عقيدة دينية فارسية
قائمة على مبدأ الصراع بين النور والظالم ،والدعوة إلى العزلة والتحرر من قيود المادة ،وكذا تحرير القتل والزنا
والكذب وذبح الحيوان .أما المندائية أو المندية فهي أيضاً عقيدة دينية أسسها "منده" ،وهي تقوم على فكرة الصراع
بين "العالم العلوي" الذي يمثل الخير ،و"العالم السفلي" الذي يمثل الشر ،وقد ظهرت قديماً في بابل خالل القرون
األولى من ميالد السيد المسيح ،وهي ال تزال موجودة إلى اليوم في جنوب العراق ،وتحديداً في مدينة واسط .لمعرفة
المزيد حول هذا الموضوع راجع :حسن جمعة :موسوعة ميتولوجيا وأساطير الشعوب القديمة ،دار الفكر اللبناني،
بيروت1991 ،م ،ص ص( 24/41على التوالي).
-1دمحم عابد الجابري :بنية العقل العربي ،دراسة تحليلية نقدية لنظم المعرفة في الثقافة العربية ،ط ،4مركز دراسات
الوحدة العربية ،بيروت1992 ،م ،ص ص.241-243
3
في المرجعية الفكرية للتصوف اإلسالمي. مدخل:
بنفس الدرجة من السهولة واليسر ،التي نتحدث بها ،في ثقافتنا ،عن التصوف
اإلسالمي .وهذا يعني ،من جملة ما يعني ،أن (جوهر الدين) هو التصوف باعتباره
مثاالً صالحاً للتعبير عن معانقة الروح للمطلق الالنهائي والخالد الالمحدود .ومما له
داللة كاشفة في هذا الباب هو أن تصوف الروح أسمى بكثير ،وأقوى داللة على
التصوف في جوهره ومعناه الحقيقي ،مقارنة بالتصوف الشكلي الكاذب أو المضلل،
تصوف الرسوم واألشكال الفولكلورية والعناوين الزائفة التي يكون فيها (المتصوف) أبعد
ن ن
ما يكو عن التصوف الصادق الذي تكو فيه الروح أشد طموحاً ،وأقوى فيضاً وثر ً
اء
امتالء ،وأكثر تعلقاً بالرياض العلوية والمعاني السامية التي تعبر عن تصوف رفيع
و ً
في جالله وصفائه وعمقه الميتافيزيقي .وتلك هي ،فيما نعتقد ،الغاية القصوى للدين ،إذ
ليس ثمة من غاية له أجل وأعظم من أن يمهد لنا السبيل لإليمان الذي يقربنا نحو
المتعالي بوصفه الحقيقة المطلقة الوحيدة التي تسمو فوق الحقائق جميعها ،وتمدنا
بالنور الباطني الضروري الذي يرشدنا نحو غايتنا القصوى في الحياة ،في مقابل النور
الواهي الضعيف الذي يمدنا به العقل العاجز بطبعه عن إدراك أسرار األعيان ،وفي
سياق كالمنا هذا نجد الفيلسوف اإلنجليزي الشهير( ،ولترستيس) ،يخصص ضمن أحد
كتبه ،فصالً كامالً -الفصل العاشر -لمعالجة (الحقيقة الدينية) ،ويقيم بخصوصها
أطروحة الفتة خ الصتها أن (جوهر الدين) ال يتمثل في األخالق التي هي انعكاس
لسلطة النظام االجتماعي في نفوسهم ،بل في التصوف الذي يكرس رؤي ًة خاصة عن
هللا لإلنسان واإلنسان والعالم تتجاوز العقل وتطرح مفهوماً جديداً لليقين ومصد اًر مغاي اًر
للمعرفة .فالرؤية الصوفية ،بهذا المعنى تجمع وال تفرق ،وترى الواحدة في الكل والكل
في واحد ،أي تجسر الهواة التي يتصور عامة الناس فاصلة بين هللا واإلنسان ،وتطرح
إمكانية معرفة الثاني لألول واالتحاد به بصورة مباشرة ودون وساطة .وعالوة على ذلك
1
في المرجعية الفكرية للتصوف اإلسالمي. مدخل:
فإن الرؤية الصوفية تتجاوز حدود الزمان والمكان ،ولذلك كان طريقة الصوفية ،فيما
يرى ستيس ،هي طريق القديسين أنفسهم فلنستمع إليه حين يقول:
«جوهر الدين ليس األخالق بل التصوف ،وطريق القديسين وطريق الصوفية.
ومن هنا فإني أستخدم كلمتي (القديسين) ،و(المتصوف) ...بمعنى واحد .وال أستطيع
أن أمنع نفسي من هذا االستخدام حتى إذا لم يكن يتفق مع تعريفات المعاجم ،وقضيتي
التي أدافع عنها هي أن كل دين هو في النهاية التصوف ،أو أنه ينبع من الجانب
الصوفي في الطبيعة البشرية » .ثم يضيف في موضع آخر من نفس الكتاب ويقول:
«وسوف نالحظ أن الخاصية الجوهرية لهذه الرؤية السامية أنه فيها يتم تجاوز
كل اختالف ،وتمايز ،وكثرة أو تعدد ،وهي -كما قال إيكهارت* -تجاوز الفهم .وهي ال
يمكن أن توصف ألنها فوق الوصف ،وتلك الحال مع جميع المتصوفة أيما كانت
الديانة التي ينتمون إليها ،إذ من المستحيل التعبير عنها عن طريق اللغة .فهي كما
قال (إليوت) ال يمكن وصفها ،وهي (مجهولة) .إنها السالم ،والغبطة ،والنعيم ،والخير
األقصى ،والخالص .إنها (الغاية) من (الطريق) .إنها ما تقول به -في الفكر المسيحي
أسطورة النعيم بعد الموت».1
وبعد أن وصلنا في حديثنا إلى هذه النقطة وأوضحنا أن التصوف ظاهرة
عالمية ال ترتبط بعقيدة دينية محددة ،وال بحضارة أو ثقافة بعينها ،أصبح بإمكاننا اآلن
أن ننصرف باهتمامنا إلى النظر في التصوف اإلسالمي -تحديداً -باعتباره من
األنماط الصوفية األكثر غنى وخصوبة من حيث تعدد مدارسه واتجاهاته ،وأكثر إثارة
*
إيكهارت (0261-0621م) :صوفي وفيلسوف ألماني مشهور ،حوكم سنة 1322م أمام محكمة التفتيش
األسقفية التهامه بالهرطقة .من آرائه األساسية الدعوة إلى (التخلي عن هذه الدنيا وشؤونها ،وبهذا تتحقق الطمأنينة
والنسيان .واإلنسان الذي يعتزل الزمان ويصير فوق الزمان والمخلوقات) .راجع :عبد الرحمن بدوي :موسوعة
الفلسفة ،ط ،1ج ،1المؤسسة العربية للدراسات والنشر ،بيروت1991 ،م ،ص ص.211-211
-1ولترسيس :الدين والعقل الحديث ،ترجمة وتعليق وتقديم إمام عبد الفتاح إمام ،ط ،3دار التنوير ،بيروت،
2009م ،الصفحات .314/311/303
4
في المرجعية الفكرية للتصوف اإلسالمي. مدخل:
2
في المرجعية الفكرية للتصوف اإلسالمي. مدخل:
وتجسد على وجه الخصوص في سيرة الرسول ملسو هيلع هللا ىلص وصحبه الكرام ،ثم تكرس في
المجتمع اإلسالمي كظاهرة اجتماعية دينية عامة أفرزتها الفتنة المأسوية الكبرى -مقتل
سيدنا عثمان رضي هللا عنه وأرضاه -والظروف االجتماعية والسياسية التي أحاطت
بها ،قبل أن تتجذر عميقاً (أي الظاهرة) في أرض اإلسالم خالل القرن الثاني للهجرة
وما تاله كرد فعل معارض لألحداث الدرامية والصراعات السياسية واالنقسامات
المذهبية التي مزقت وعي األمة.
فالزهد ،وفق هذا المنظور ،كان يقضي بعدم النخراط في تلك األحداث والتزام
موقف الحياد وذلك باالنقطاع كلياً عن الدنيا ،والتفرغ للممارسة الدينية وحدها ،وقهر
النفس ومجاهدتها ،األمر الذي سيتحول ،في سياق تطور الفكر العربي اإلسالمي ،إلى
ما صار يعرف الحقا بالتصوف كحق معرفي متميز بمذاهبه ومقوالته ومفاهيمه
النظرية الخاصة .ولسنا نجد هنا أحسن مما قاله أحد الباحثين في هذا الخصوص حين
كتب قائالً:
«إن الطبيعة الخاصة لهذا المسلك " الزهدي" هي -بالتحديد -طبيعة الموقف
السياسي المعارض ،اتجاه هذه األحداث والصراعات غير أن محتوى المعارضة بدأ
محتوى سلبياً عدميا أول األمر .فإن فريقاً من الرجال اإلسالميين البارزين وقفوا من
األحداث الدامية ،بعد مقتل عثمان مباشرة ،موقف الرفض للقتال وللعوامل السياسية
القائمة وراء اختصام فريقين متصارعين ،ولكن دون أن يبادر إلى المشاركة اإليجابية
في المعركة ،أي دون إبداء الرأي الصريح وتحديد مكان الخطأ أو الباطل ومكان
الصواب أو الحق في هذه المعركة ،ودون الوقوف إلى جانب الصواب والحق لرد
الخطأ ودحض الباطل .بل حملهم الرفض على الوقوف خارج المعركة معتزلين كال
7
في المرجعية الفكرية للتصوف اإلسالمي. مدخل:
الجانبين ،معتكفين في منازلهم زهداً بممارسة الحياة ،وايثا اًر لالنكماش على النفس في
عبادة هللا وكفى.1»..
يتضح من هذا المقطع الالفت الذي استشهدنا به للتو أن صاحبه يرجع نشأة
الزهد في البيئة اإلسالمية ،من حيث هو ظاهرة سلوكية عملية تحيل على معاني
روحية سامية دالة على كمال اإليمان والتعبد والطمأنينة والقناعة...الخ ،إلى قصة
اعتزال بعض كبار الصحابة وعدم انخراطهم في الصراع السياسي الذي ظهر في
أوساط المسلمين بعد الفتنة الكبرى -التي نأوا بأنفسهم عنها -فال هم حاربوا مثالً مع
اإلمام علي في حرب الجمل ،وتالياً في معركة صفين ،وال هم حاربوا ضده ،ولكنهم
اختاروا طريق ثالثاً ضمن لهم موقف الحياد المطلق وذلك بالكف عن ممارسة أي
نشاط ،واالنقطاع عن الدنيا والزهد فيها زهداً كامالً ،واالكتفاء بالتعبد والتبتل والتنسك
بعد أن سكن نور اليقين قلوبهم الطاهرة .فتلك هي ،إذن ،بداية الحركة الزهدية في
اإلسالم التي كانت من بعض الوجوه ،بمثابة النواة األولى التي صدر عنها التصوف
اء في بعده النفسي واألخالقي أو في بعده الفلسفي الميتافيزيقي .ويعنينا
اإلسالمي سو ً
هنا أن نفسح المجال مرة أخرى لحسين مروة ليحدثنا عن تلك الحركة باعتبارها طو اًر
جنينياً للتصوف النظري في اإلسالم .يقول:
«غير أن حركة الزهد هذه ال يصح اعتبارها حركة سياسية بالمعنى البسيط
المباشر ،بل كان لها جانب فكري غير مباشر .إذ لم يبق الزهد عملية سلوكية خالصة
كما بدأ .لقد ظهر للزهد ،بعد ذلك ،أساس فكري أيضاً ،ولذا ينبغي لحاظ هذه الحركة
من خالل منطقها الفكري الداخلي كذلك .وبلحاظ هذا المنطق الفكري نجد حركة الزهد
أخذت تحمل في أحشائها بذور اتجاهات جديدة في النظر إلى الحياة والكون وفي فهم
النصوص الدينية اإلسالمية لتحديد موقف جديد من الشريعة والنبوة واإلمامة وغيرها
-1حسين مروة :النزعات المادية في الفلسفة العربية اإلسالمية ،ط ،3ج ،2دار الفرابي ،بيروت1990 ،م ،ص
ص.141-140
9
في المرجعية الفكرية للتصوف اإلسالمي. مدخل:
من مفاهيم اإلسالم ،والكتشاف مصدر جديد للمعرفة إضاف ًة إلى (الوحي) اإلله ،ثم
لرؤية مكان اإلنسان في الوجود على نحو جديد .بذور هذه االتجاهات هي التي
أصبحت في مرحلة الحقة أساساً للفكر الصوفي .ومعنى ذلك أن الزهد كان مرحلة
تمهيدية للتصوف الذي سيشكل تجلياً آخر للفلسفة العربية اإلسالمية».1
وقبل أن ننتقل إلى الحديث عن إشكالية مفهوم التصوف نرى من المهم أن
نسجل هنا أن ابن خلدون نفسه كان سباقاً إلى تفسير نشأة التصوف اإلسالمي بربطه
بالسلوك الزهدي الذي كان سلوكاً شائعاً في أوساط الصحابة وسلفهم الصالح الذين
اشتهروا باالعتكاف واالنصراف الكلي إلى هللا تعالى ،والزهد في الدنيا واإلعراض عن
زينتها ،الشيء الذي يعني ،في نهاية التحليل ،أن تصوف بدأ زهداً عند المسلمين ،ثم
انتهى علماً قائماً بذاته وممارسة الروحية اختص بها بعض المسلمين من ذوي الفضل
والفالح .لقد خصص ابن خلدون ضمن مقدمته فصالً كامالً لعلم التصوف استهله
بالفقرة التالية:
« هذا العلم من العلوم الشرعية الحادثة في الملة وأصله أن طريقة هؤالء القوم
لم تزل عند سلف األمة وكبارها من الصحابة والتابعين ومن بعدهم طريقة الحق
والهداية وأصلها العكوف عن العبادة واالنقطاع إلى هللا تعالى واإلعراض عن زخرف
الدنيا وزينتها والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه واالنفراد عن الخلق في
الخلوة للعبادة وكان ذلك عاماً في الصحابة والسلف ،فلما فشا اإلقبال على الدنيا في
القرن الثاني وما بعده وجنح الناس إلى مخالطة الدنيا اختص المقبولون عن العبادة
باسم الصوفية والمتصوفة ،وقال القشيري رحمه هللا وال يشهد لهذا االسم اشتقاق من
جهة العربية وال قياس ،والظاهر أنه لقب .ومن قال اشتقاقه من الصفا أو من الصفة
فبعيد من جهة القياس اللغوي قال وكذلك من الصوف ألنهم لم يختصوا بلبسه.2»..
يسوقنا ذلك مباشرة إلى البحث في المسألة التي أبقينا عليها مؤجلة إلى اآلن،
أي البحث في مسألة تعريف التصوف وضبطه في معناه اللغوي االشتقاقي ومفهومه
وداللته المعرفية واألخالقية.
ولإلمساك بشتات هذا الموضوع الصعب الذي شغل المفكرين والكتاب على
مر العصور ،ولم يتوصلوا فيه إلى تحديدات دقيقة ترضي الجميع ،األمر الذي فتح
الباب واسعاً أمام المشككين للطعن في التصوف كممارسة إسالمية أصيلة ،ومن تم
التشنيع المتصوفة ومالحقتهم ،فإنه يتعين علينا هنا تجنب الخوض في التفاصيل التي
قد تأخذنا بعيداً ،واالكتفاء ،بدالً من ذلك ،ببعض اإلشارات الموحية.
وعلى هذا يجدر بنا أوالً أن نشير إلى أن المعاجم العربية القديمة ذاتها ال
تسعف الباحث المتلهف في هذا المجال ،فهي ال تمده بتفاصيل وافرة عن مفهوم
التصوف كما تعارف عليه شيوخه ،وال حتى في معناه وداللته اللغوية الدقيقة .وهكذا،
فعلى الرغم من اجتهاد معاجمنا اللغوية القديمة في شرح األلفاظ التي يعتقد أنها ربما
كانت جذو اًر أو مصادر محتملة اشتق منها مصطلح التصوف .وذلك من قبيل صوف،
وصفة ،وصفاء ،وصف وغيرها ،1فإن المقاربة المعجمية اللفظية لمصطلح التصوف
ستكشف للدارس أن الغائب األكبر ،في تلك المعاجم ،هو لفظ التصوف ضمن معنى
العلم النظري ،والسلوك العملي ،ولوعة الحب ،والرياضة النفسية ،والعرفان ،واإللهام،
والطهر ،والنقاء ،والتحلي والتخلي...الخ.
وانطالقاً من هذه المالحظة األساسية فال مناص من أن يميل المرء إلى
االعتقاد بأن التصوف يبدو غريباً تماماً عن المجال التداولي القديم للغة العربية
المعجمية ،سواء استوى هذا اللفظ على هيئة اسم أو فعل.
-1راجع هذه المواد في :ابن منظور :لسان العرب ،طبعة مراجعة ومصححة ،مج ،4دار الحديث ،القاهرة،
2013م ،باب الصاد ،الصفحات.133-132/343-342 :
10
في المرجعية الفكرية للتصوف اإلسالمي. مدخل:
ومن دون شك فإن الدهشة ستأخذ منا كل مأخذ إذا علمنا أن القشيري ،أحد
أساطين التصوف -السني -ومؤرخيه الكبار ،لم يتردد ،في رسالة مشهورة له ،في
نسف كل الجهود التي بذلها الباحثون القدامى في استقصائهم لأللفاظ العربية التي ظنوا
أن كل واحد منها يصلح جذ اًر لغوياً مناسباً الشتقاق كلمة (تصوف) .وكما هو معلوم
لدى القارئ فإن من أكثر المحاوالت إثارة لالهتمام في هذا المجال ،الجهد العظيم الذي
بذله الطوسي في كتابه (اللمع) الذي نسب فيه التصوف والصوفية إلى الصوف بدعوى
أن هذا األخير كان يمثل زي هذه الطائفة أو ملبسها الخاص الذي عرفت به.1
وعلى أية حال ،فإن النقطة األكثر أهمية هنا هي أن كلمة «تصوف» في
نظر صاحب الرسالة ،ليست اسماً مشتقاً بل هي ،على الحقيقة ،اسما جامداً جرى على
ال برد فعل قوي على
اللسان العربي بال قياس ،الشيء الذي يعني أن الرجل قد قامة فع ً
تراث كامل وطويل من التأويالت العاطفية المتسرعة الباحثة عن مسوغات معجمية
مفقودة أصالً ،فكان أن أسقطت -بتعسف كبير -على المعجم العربي القديم ما ليس
منه .يقول القشيري في هذا السياق:
«هذه التسمية (تصوف ،صوفية) ،غلبت على هذه الطائفة فيقال رجل صوفي
وللجماعة صوفية ومن يتوصل إلى ذلك يقال له متصوف وللجماعة المتصوفة ،وليس
-1لمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع راجع :أبو نصر السراج الطوسي :اللمع في تاريخ التصوف اإلسالمي،
ضبطه وصححة كامل مصطفى الهنداوي ،ط ،1دار الكتب العلمية ،بيروت2001 ،م ،ص 23وما يليها .وننبه هنا
إلى أننا ال نملك معلومات وافية عن حياة السراج أو (طاووس الفقراء) كما كانوا يلقبونه ،وهذا في الحقيقة ما الحظه
المستشرق اإلنجليزي نيكلسون حين قال كتب في ألم وم اررة( :ليس لدينا إال القليل عن تاريخ حياة السراج ،فإن
مؤلفي التصوف القديم مروا عليه في سكوت ،وأول ما ورد ذكره حسب علم ،في ملحق لتذكرة األولياء ،كما عرضا
له عرضاً قصي اًر أبوا المحاسن الذهبي في تاريخ اإلسالم ،وأبو الفالح في شذرات الذهب ،ولغيره من المؤلفين في
سفينة األولياء) .إلى ذلك يضيف نيكلسون قائالً( :على أني لو أتيح لي أن أكون أحد معاصريه المؤلفين ما أظنني
واقفاً عند هذا الحد من النعت والتعريف ،ولعمري ما كنت إال جاهداً نفسي لكشف النقاب عن حياة وأعمال هذا
اإلمام الجليل ،عساني أكون قد افتتحت مدرسة عليا لتخريج الفحول من الزهاد المتصوفة من أهل الرقعة الفقراء
والمخلصين) .أورد هذا الكالم لنيكلسون محقق كتاب توصي وفق البيانات المذكورة قبل ،ص.1
11
في المرجعية الفكرية للتصوف اإلسالمي. مدخل:
يشهد لهذا االسم من حيث العربية قياس واشتقاق واال ظهر فيه أنه كاللقب .فأما قول
من قال أنه من الصوف وتصوف إذا لبس صوف كما يقال تقمص إذا لبس القميص
فذلك وجه ،ولكن الصوفية لم يختصوا بلبس الصوف .ومن قال أنه منسوبون إلى صفة
المسجد رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص فالنسبة إلى الصفة ال تجيء على نحو الصوفي .ومن قال أنه
من الصفاء فاشتقاق الصوفي من الصفاء بعيد في مقتضى اللغة .وقول من قال أنه
مشتق من الصف فكأنهم في الصف األول بقلوبهم من حيث المحاضرة من هللا تعالى
فالمعنى صحيح ولكن اللغة ال تقتضي هذه النسبة إلى الصف ،ثم إن هذه الطائفة
أشهر من أن يحتاج في تعيينهم إلى قياس لفظ واستحقاق اشتقاق».1
هذا ولما كان تعريف التصوف ضمن المستوى اللغوي ،والذي يفترض فيه أن
يكون منطلقاً ضرورياً يساعد على التفكير في تراثنا الصوفي ومقاربته ضمن فضاءات
الفكر اإلسالمي ،يثير كل تلك الصعوبات المعجمية التي المح إليها القشيري في
المقطع الذي أوردناه للتو ،فإنه من المفيد أن نتقدم في البحث خطوة لنتعرف على
المفهوم االصطالحي للتصوف اإلسالمي ،وذلك من خالل عرض نماذج محدودة من
آراء بعض متصوفة اإلسالم التي من شأنها أن تبرز المفاهيم المفتاحية ،أو قاسما
مشتركا يلتقي عنده جميع متصوفتنا الذين ما انفكوا يؤكدون على أولية البعد الروحي
حاسما يقوده إلى عالم األسرار والحقائق المطلقة المتعالية
ً في اإلنسان باعتباره بعداً
ع ن كل نظر أو قياس ،الشيء الذي يبرر لجوء هؤالء إلى النزوع الفردي الوجداني
والتأويل الرمزي اإلشاري الذي يفرضه فيض اإلمكانات المعرفية اإللهامية والذوقية
الهائلة عندهم ،وهذا على الرغم من أهمية كل التحفظات التي يمكن للمرء أن يبديها
تجاه العديد من القضايا والتعقيدات التي تدخل في صميم بعض المواقف الصوفية
القلقة التي ظهرت في اإلسالم عبر تاريخه الطويل ،أو حتى لدى بعض المتابعين لتلك
-1عبد الكريم بن هوازن القشيري :الرسالة القشيرية في علم التصوف ،شرح زكريا األنصاري ،دار الكتاب العربي،
بيروت1947 ،م ،ص.122
12
في المرجعية الفكرية للتصوف اإلسالمي. مدخل:
-1هنري كوربان :تاريخ الفلسفة اإلسالمية ،ترجمة نصير مروة وحسن قبيسي ،راجعه وقدم له اإلمام موسى الصدر
واألمير عارف تامر ،ط ،3منشورات عويدات ،بيروت1993 ،م ،ص.293
13
في المرجعية الفكرية للتصوف اإلسالمي. مدخل:
يتجاوز نطاق الظاهر من الدين ،فهل يمكن تبعاً لذلك ،أن تجد لدى هؤالء الرجال
الذين كابدوا التجارب الصوفية المؤلمة ونظروا لها ،ما يمكن اعتباره تعريفاً جامعاً
لمعاني ودالالت التصوف -من حيث هو علم وممارسة -ومعب اًر عن مناحيه الروحية
والذوقية المرتبطة ارتباطاً عضوياً بمورده األساسي سنة الرسول الكريم ملسو هيلع هللا ىلص ،وقبلها
الفوارة المتفجرة ،والدالالت المجازية الرمزية
المحيط القرآني المتموج الزاخر بالمعاني ّ
المكثفة التي تفذي الخيال وتهز العاصفة ه اًز ،وتدعونا إلى أن نعيش العالقة مع
الالنهائي ،والجميل ،والخارق ،والمدهش ،والعجيب ،وبكلمة واحدة أن نعيش العالقة مع
الخالق العظيم الذي ال بد أن مقاصده -في كتابه العزيز -تتجاوز كل قراءة فقهية
ضيقة من شأنها أن تحجز اإلنسان في مقوالت وتحديدات وقواعد عقالنية مقننة؟
لإلجابة عن هذا السؤال ينبغي أن نبادر إلى القول بأن الصعوبات المعجمية
واللسانية كما رصدها القشيري ،وغيره من الباحثين ضمن سياق البحث في المفهوم
اللغوي واالشتقاق اللفظي لمصطلح التصوف ،كانت قاعدة أساسية لظهور شتى أنواع
اللبس والغموض التي اكتنفت كلمة التصوف في مستواها المفهومي ودالالتها المعرفية،
خاصة وأن التجارب الصوفية كما يكابدها العارفون باهلل هي تجارب وحدانية ذاتية
تتخطى حدود الزمان والمكان ،وتربك العقل بمقوالته المنطقية ،وتستعصي على الفهم
والوصف الدقيق بواسطة اللغة المتداولة بيننا نحن البشر العاديين .وعلى هذا فقد كان
طبيعياً أن تتعدد تعاريف التصوف بتعدد أكابر العارفين واألولياء الذي يؤثرون اللجوء
إلى اإليحاء والتعبير الرمزي اإلشاري الخاطف والسريع في وصف تجاربهم ورؤاهم
وتساميهم الروحي الذي تضيف دونه العبارة ،فيتعذر عليه وصفه وتحديده بألفاظ شائعة
مألوفة ،ويعسر علينا نحن ،نتيجة لذلك ،فهم مقاصدهم وتجاربهم الصوفية .وهنا يبدو
أنه ال مفر من أن نورد عرضاً مطوالً لبعض تعريفات التصوف اإلسالمي لدى شيوخه
ومؤرخيه الكبار ،وذلك كما يخصها لنا أحد الباحثين العرب معتمداً على الجهد الذي
11
في المرجعية الفكرية للتصوف اإلسالمي. مدخل:
بدله المستشرق اإلنجليزي نيكلسون الذي أحصى ما يقارب ثمانية وسبعين تعريفاً
للتصوف ،يقول هذا الكتاب:
-0التعريف األول« :وهو لمعروف الكرخي الذي يقول فيه( :التصوف هو
األخذ بالحقائق واليأس مما في أيدي الخالئق)».
-6التعريف الثاني :هو بشر الحافي وفيه يقول« :صوفي من صفا قلبه هلل».
-2التعريف الثالث« :وهو لسهل بن عبد هللا التستري ويقول فيه( :الصوفي
من يرى دمه هد اًر وملكه مباحاً)».
-4التعريف الرابع« :وهو ألبي سعيد الخراز (المتوفى سنة 229ه) يقول:
(الصوفي من صفا قلبه فامتالء قلبه نو اًر)».
-5التعريف الخامس« :سئل سمنونا لحبب (المتوفى قبل سنة 297ه) عن
التصوف فقال( :أن ال تملك شيئاً وال يملك شيء)».
-2التعريف السادس« :وهو ألبي الحسن النوري (المتوفى سنة 294ه)
يقول( :الصوفي قوم صفت قلوبهم من الكدورات البشرية ،وآفات النفوى وتحرروا من
شهواتهم حتى صاروا في الصف األول ،والدرجة العليا مع الحق ،فلما تركوا كل ما
سوى الحق صاروا ال مالكين وال مملوكين)».
-1التعريف السابع« :هو للجنيد (المتوفى سنة 297ه) يقول( :التصوف
نعت تقيم فيه .فلما سئل :أهو نعت للحق أم للخلف؟ أجاب :حقيقة نعت للحق ،ورسمه
نعت للخلق) يعني باطنه يصف الحق ،وظاهره يصف الخلق».
-8التعريف الثامن« :هو ألبي رويم البغدادي (المتوفيى سنة 303ه) يقول:
(التصوف استرسال النفس مع هللا تعالى على ما يريد)».
-9التعريف التاسع« :وهو ألبي بكر الكتاني (المتوفى سنة 322ه) يقول:
(التصوف صفاء ومشاهدة)».
14
في المرجعية الفكرية للتصوف اإلسالمي. مدخل:
الرابع( :التصوف صفوة القرب بعد كدورة البعد) .ويقول في تعريف آخر واصفاً
الصوفى( :الصوفي من لبس الصوف على الصفا وأطعم نفسه طعام الجفا ،ونبذ الدنيا
وراء القفا ،وسلك سبيل المصطفى)».
:00التعريف الحادي عشر« :وهو ألبي بكر الشبلي يقول فيه( :التصوف
الجلوس مع هللا بال هم) ،ويستطرد في تعريف آخر موضحاً جانباً جديداً ويقول:
(التصوف برقة محرقة)».
-06التعريف الثاني عشر«:وهو لجعفر الخلدي (المتوفى سنة 319ه)
يقول( :التصوف طرح النفس في العبودية ،والخروج من البشرية ،والنظر إلى الحق
بالكلية)».
-02التعريف الثالث عشر« :وهو ألبي الحسن الخضري (المتوفى سنة
371ه) يقول( :الصوفي من كان وجده وجوده ،وصفاته حجابه)».
-04التعريف الرابع عشر« :وهو ألبي الحسن الخرقاني ،وهو يعرف
الصوفي بأنه( :نهار ال يفتقر إلى الشمس ،وليل ال يفتقر إلى قمر وال نجم ،وعدم ال
يفتقر إلى وجود)».
-05التعريف الخامس عشر« :تعريف للشيخ أبي سعيد بن أبي الخير
(المتوفى سنة 110ه) يقول( :التصوف هو أن تتخلى عن كل ما في دماغك ،وتجود
بكل ما في يدك ،وال تجزع لشيء أصابك)» .1
-1أورد هذه التعريفات دمحم علي أبو ريان في كتابه :الحركة الصوفية في اإلسالم ،دار المعرفة الجامعية،
اإلسكندرية-مصر2003 ،م ،ص.24-19
12
في المرجعية الفكرية للتصوف اإلسالمي. مدخل:
والشيء المالحظ على تعريفات التصوف ،وقد عرضنا للنماذج منها ،أنها
متنوعة وتلفت االنتباه حقاً لكثرتها المفرطة* .والالفت فيها أيضاً أنها أبعد ما تكون عن
االستدالالت العقلية الجافة والعرض المنطقي التعليمي المنظم ،بل هي عبارة عن
حدوس أو أحوال وتجارب ذوقية روحية يعبر عنها في عبارات بالغية موجزة تختلف
في داللتها باختالف وجهات نظر أصحابها الذين يحثوا في الظاهرة الصوفية من زوايا
وأبعاد متباينة معتمدين ،كما هو شأنهم دائماً ،أسلوب التورية والتلويح من بعيد إلى
الحد الذي يجعل تلك العبارات التعاريف مستعصية على الفهم .وهكذا ،فلو تأملنا في
مجمل تعاريف التصوف التي عرضناها هنا لوجدنا أنها تشير إلى معاني مختلفة .ذلك
أن بعض أعالم الصوفية حاولوا تعريف التصوف باعتباره أخالقيات قرآنية في المقام
شددوا على أهمية الترقي األخالقي الذي يحصله السالك في تدرجه من
األول ،ولذلك ّ
مقام إلى مقام آخر ،كما وأن فيهم من حرص على إبراز البعد النفسي في التجربة
الصوفية التي تقود السالك إلى السعادة والطمأنينة التي تحصل له جراء معرفته باهلل،
وفيهم كذلك من جعل اهتمامه منصرفاً إلى ناحية فناء العاشق (=الصوفي) في
المعشوق (=هللا) أو ما يعرف بالحب اإللهي ونموذجه شهيدة العشق اإللهي رابعة
العدوية .وهكذا األمر مع بقية التعاريف .في هذا الصدد نعرض ،للمرحوم عبد الرحمن
بدوي ،تعليقاً الفتاً على هذا الحشد الهائل من تعريفات التصوف أوضح فيه أن هذه
التعريفات،على كثرتها ،لم تكن جامعة مانعة ولم تكشف لنا عن حقيقة التصوف
بأسلوب واضح ودقيق .يقول:
*
جع كلها قال الشيخ أحمد زروق (991-942ه)« :وقد ُحَّد التصوف ُ
ورسم وُف ّسر بوجوه تبلع نحو األلفينَ ،م ْر ُ
صدق التوجه إلى هللا تعالى ،وانما هي وجوده فيه» .راجع كتابه :قواعد التصوف ،تحقيق وتقديم عثمان الحوميدي،
راجعه حسن السماحي السويدان ،ط ،1وحي القلم ،بيروت2001 ،م ،ص.22
17
في المرجعية الفكرية للتصوف اإلسالمي. مدخل:
« فإذا انتقلنا اآلن من مشكلة اسم التصوف إلى مشكلة حده ،وجدنا أنفسنا بإزاء
حشد هائل من التعريفات جمع منها نيكلسون 79تعريفاً .لكن األغلب على هذه
التعريفات هو الجانب األدبي والبالغي ،دون التحديد العلمي الدقيق».1
وبعد أن عرض لنا بدوي ،معتمداً على نيكلسون ،هو أيضاً 24 ،تعريفاً من
أشهر تعريفات التصوف اإلسالمي ،ألشهر أعالمه أمثال الجنيد ،وسفيان الثوري،
والشبلي ،وذو النون المصري ،وسحنون المحب ،ومعروف الكرخي ،والسراج الطوسي،
أردف المرحوم بدوي قائالً:
«وهذه التعريفات ترجع إلى صوفية من القرنين الثالث والرابع الهجريين ،وتتسم
بالطابع العملي السلوكي ،وال تشير إلى الجانب المتعلق بالمعرفة ،كما أنها لم تعرف
بعد عالقة االتحاد أو الحلول أو وحدة الوجود فيما بين هللا والصوفي .وكما الحظ
ماسينيون بحق فإنها "غرائب عقائدية وأدبية ال شأن لها بتاريخ معاني هذا اللفظ"».2
والواقع أن هذه المأخذ التي أدلى بها بدوي تخص فقط التصوف اإلسالمي في
مراحله التمهيدية األولى ،أي تصوف ما قبل القرن الرابع الهجري*؛ وهو تصوف ،كما
-1عبد الرحمن بدوي :تاريخ التصوف اإلسالمي ،ط ،2وكالة المطبوعات ،الكويت1979 ،م ،ص.14
-2المصدر نفسه ،ص.19
*
من المفيد اإلشارة هنا إلى أشهر أعالم التصوف اإلسالمي بحسب الظروف:
أوالً :القرن الثاني الهجري :وفيه ظهر كل من سعيد بن المسيب ،ويحي بن دينار ،ورابعة العدوية (147-99ه)،
وسفيان الثوري (121-97ه) ،والشافعي (201-140ه) ،واإلمام مالك (179-93ه)...الخ.
ثانياً :القرن الثالث :وفيه أشهر من ظهر في هذا القرن ذو النون المصري (214-144ه) وهو رأس الطائفة
الصوفية في مصر ،وبشر الحافي (توفي عام 277ه) ،وسهل التستري (توفي عام 293ه) ،والحارث المحاسبي
(ت 213ه) ،وأبو زيد البسطامي (ت 221ه).
ثالثاً :القرن الرابع الهجري :ومن أشهر صوفية هذا القرن الحالج (ت 209ه) ،والشبلي (331ه) ،وأبو نصر
السراج الطوسي (ت 379ه).
رابعاً :القرن الخامس :وفيه ظهر أبو عبد الرحمن السلمي (112ه) ،والقشيري (124-372ه) ،واإلمام الغزالي
صاحب كتاب األحباء (404-140ه).
خامساً :القرن السادس :ظهر اإلمام الشتطي (490-439ه) ،وعبد الرحيم القنائي (ت عام 492ه) ،وأحمد
الرفاعي (470ه) ،والسهروردي المقتول (497-439ه).
19
في المرجعية الفكرية للتصوف اإلسالمي. مدخل:
يعتقد بدوي ،قد خال تماماً من أية نظريات عميقة في الكون واإلنسان ،وبالغ في
«التهاويل اللفظية واالصطالحات اإليهامية» .ذلك أن بدوي ،وبحكم تكوينه الفلسفي
ووعيه الصوفي ،لم يكن لديه أي عائق يمنعه من النفاذ في التجارب الصوفية العميقة
الغور والتعاطف معها أو أن يقول عنها شيئ ًا ذا قيمة ،وعلى أية حال فهو يعتقد أن
التصوف الحقيقي هو الذي يتركز على قاعدتين أساسيتين هما :القاعدة األولى تتمثل
في الممارسة الباطنية المباشرة التي تروم االتصال باهلل تعالى .والثانية تتمثل في
السعي نحو "المعراج" أو التسامي الروحي الذي يأخذ إلى الحضرة اإللهية واالتحاد
بالمطلق ،وتلك هي غاية الصوفي الحقيقي التي ما بعدها غاية لنستمع إليه حين يقول:
«والحق أن التصوف يقوم في جوهره على أساسيين [ .]...أما األساس األول،
وهو التجربة الصوفية ،فيقتضي القول بملكة خاصة غير العقل المنطقي ،هي التي يتم
بها هذا االتصال ،وفيها تتأحد الذات والموضوع ،وتفقم فيها[ ]...اللوائح واللوامع مقام
التصورات واألحكام والقضايا في المنطق العقلي .والمعرفة فيها معاشة ،ال متأملة.
ويغمر صاحبها شعور عارم بقوى تضطرم فيه تغمره كفيض من النور الباهر ،أو
يغوص فيها كاألمواج العميقة .ويبدو له أيضاً أن قوى عالية قد غزته وشاعت في
سادساً :القرن السابع :ظهر السيد أحمد البدوي (279-492ه) ،وابراهيم الدسوقي (272-233ه) ،وأبو العباس
المرسي (292-212ه) ،وجالل الدين الرومي (272-201ه) ،وفريد الدين العطار (توفي عام 227ه)،
والسعدي الشيرازي (299-202ه) ،وابن الفارض (232-472ه) ،ومحي الدين بن عربي (239-420ه)،
وشرف الدين البوصي ( ،)294-209وأبو الحسن الشاذلي (242-493ه) ،وابن عطاء هللا السكندري (-249
709ه) ،والسهروردي 232ه)...الخ.
سابعاً :القرن الثامن :ظهر تقي الدين السبكي (742ه) وغيره.
ثامناً :القرن التاسع :ظهر شمس الدين الحنفي (917ه) ،والسيوطي (11-919ه)...الخ.
تاسعاً :ظهر كل من زكريا األنصاري (922ه) ،وشمس الدين الدمياطي (921ه) ،وشهاب الدين السنباطي
(941ه) ،والشعراني (973-999ه).
لمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع راجع:
دمحم عبد المنعم خفاجي :األدب في التراث الصفي ،دار غريب للطباعة ،القاهرة( ،د-ت) ،ص.49 -43
19
في المرجعية الفكرية للتصوف اإلسالمي. مدخل:
كيانه الروحي ،وهو لهذا يسميها واردات ،ونفحات علوية ،وفي مرتبة أدنى تدعى
خواطر».1
أما األساس الثاني فهو في نظر بدوي ضروري جداً في تحديد «مفهوم
التصوف ،واال كان مجرد أخالق دينية .ويقوم في توكيد المطلق ،أو الوجود الحق ،أو
الموجود الواحد ،األمر الذي يضم في حضنه كل الموجودات؛ وفي إمكان االتصال به
اتصاالً متفاوتاً في المراتب حتى يصل المرء إلى مرتبة االتحاد التام ،بحيث ال يبقى ثم
إال هو .ومن هنا كان طريق التصوف سّلما صاعداً ذا درجات نهايتها عند الذات
العلمية ،وكان سف اًر يرقى في معارج حتى ذروة االتحاد».2
لسنا معنيين هنا بأي اعتراض أو سؤال يتعلق بصدق أو كذب معتقدات بدوي
عبد الرحمن حول التصوف ،هذا ناهيك عن أنه ال جدوى أصالً من الدخول في هذا
النوع من المناقشة في هذا البحث المخصص للطرق الصوفية بمنطقة توات .غير أنه
من الثابت أن الفقرة األخيرة التي اقتبسناها له لم تظهر لنا سوى جانب واحد من
الحقيقة ،وهو الجانب المتعلق بمعايير " التصوف الحقيقي" كما فهمه هذا الرجل ،أي
التصوف باعتباره ظاهرة عالمية أيا كانت الديانة التي ينتسب إليها .لذلك علينا أن
نبادر بطرح السؤال التالي :هل تنطبق معايير " التصوف الحقيقي" التي رصدها بدوي
على التجارب الصوفية التي ظهرت في اإلسالم؟ في هذا الصدد يجيبنا بدوي على هذا
السؤال دون تردد أو تلكؤ ويقول:
« فإذا بحثنا اآلن في مدى انطباق حقيقة التصوف هذه كما بيناها ،على
ا لتصوف اإلسالمي وجدناه في مجموعة يقوم على هذين األساسيين ،وحتى منذ بدايته
في القرن الثاني للهجرة ،ذلك أن التصوف اإلسالمي منذ رابعة العدوية في الثلث الثاني
من القرن الثاني للهجرة قد قام على أساس منهج استيطان كامل للنفس في عالقتها مع
هللا ،وعلى أساس محاولة اتحاد بالمطلق أو على األقل إيجاد صلة ُحَّلة به وعشق له
تسمح ،إذا ما تعانت باالتحاد مع الذات .والتطور في هذا السبيل واضح مستقيم صعداً
من فكرة العشق اإللهي عند رابعة العدوية في النصف الثاني من القرن الثاني حتى
قولة الحالج المشهورة [ ]...في نهاية القرن الثالث .وتحليل أحوال النفس كان منذ
البداية مطلباً أساسياً لهذا التصوف :نجده عند رابعة وعند المحاسبي والكرضي
والبسطامي والجنيد والحالج ،ويزداد عمقاً وتدقيقاً لدى المكي والهروي والغزالي وابن
عربي وابن سبعين ،حتى أصبح الشطر األكبر في كتب التصوف مخصصاً لتحليل
أحوال النفسي في مالبساتها مع أمور الحياة».1
لعل المعطيات التي تضمنتها الصفحات السابقة تجعلنا في وضع يسمح لنا
اآلن بالخوض في إشكالية من أخطر إشكاليات التصوف اإلسالمي ،والتي أخذت
مساحة واسعة من االهتمام في الدراسات اإلسالمية والقت صدى ال ينكر لدى الباحثين
الذين شغلهم النظر في األصول اإلسالمية األولى لهذا النمط من التصوف ،فتراوحت
أعمالهم في هذا الشأن ،سواء كانوا عرب ًا أم أجانب ،بين التطلع إلى تقديم فهم صحيح
للمدونة الصوفية التزموا فيه جانب الدقة وسالمة القصد ،وبين الميل بتلك المدونة ميل
الهوى والتشويه المتعمد ،وبالتالي تعريتها من أصولها اإلسالمية التي يصعب حصرها،
وفهم أسرارها ومعانيها المجازية ،وتقدير إكراهاتها التي تفرض على السالك االرتفاع
عن شرطه البشري األرضي ليعيش تجربة عذبة مفعمة بالقيم والمعاني الخصبة،
فيتحقق أخالقياً وروحياً .وهذا يعني أن البحث في إشكالية تأصيل الخطاب الصوفي
اإلسالمي لم يؤسس -في جميع الحاالت -على قاعدة الصالحية المعرفية التي
تفرض على الباحث اإلذعان للحقيقة والتسليم بها عندما تفرض وجودها؛ ولكنه ارتبط،
في كثير من األحيان ،باستراتيجيات خاصة تجعل الباحث متواطئ ًا قليالً أو كثي اًر مع
بعض المواقف اإلي ديولوجية التي تحتم عليه إتباع أساليب معينة في الفهم والتفسير
والتأويل .من هنا يمكن القول إن النظر في إشكالية تأصيل التصوف اإلسالمي قد
سار ،في األعم األغلب ،إما ضمن سياق البحث عن أصوله اإلسالمية التي نهل منها
متصوفة اإلسالم باعتبارها أصوال مرجعية أولى ال قبل لها وال بعد ،فترددت ،نتيجة
لذلك ،في تضاعيف نصوصهم واخترقتها ووقعت في الصميم منها ،الشيء الذي يمنح
تلك النصوص ،والحالة هذه ،شرعيته وقداسة في أوساط المسلمين؛ واما ضمن سياق
التشكيك في تلك األصول ،وطمسها ،واخفائها ،وذلك بالشكل الذي يثير الشبهات حول
الخطاب الصوفي ويدنسه .وفي حدود هذه المعاني نق أر ألحد الدارسين قوله:
« وقضية التصوف اإلسالمي من أبرز القضايا التي احتدم النزاع فيها والجدل
حولها ،ولبث الفكر اإلسالمي في معالجتها أحقاباً طواالً من الدهر ما بين إثبات
مثبت ،وانكار معاند ،وتطرف مقيت ،وتقمصت األهواء والبدع فيها النفوس والعقول،
وما كان لهذا النزاع والصراع أن يجدا سبيلهما إلى القلوب المنكرة والحجى المتنافرة لو
أنها اعتصمت بحبل هللا المتين وتحاكمت إلى صاحب السنة األمين ملسو هيلع هللا ىلص ،ولكن جموح
الفكر وشطط الهوى قد اجتذبا القضية من أطراف عديدة بعيدة عن الموضوعية العلمية
للتحاكم فيها إلى الرأي المذهبي اآلبق عن هدي الكتاب والسنة [ ]...ومن هنا جاء
دور هذا البحث لتأصيل جملة من المبادئ والقواعد التي تمثل جوهر التصوف
اإلسالمي في إطاره القرآني والسني بعيداً عن الشقشقة الفارغة في مناقشة تسميته
االصطالحية التي يمكن بسهولة إحالل العديد من البدائل القرآنية والحديثية محلها مثل
(التزكية)( ،الربانية) و(اإلحسان) وغيرها ،فالمهم هو الجوهر ،والحقيقة ،والمبادئ،
والقواعد ،والمنهج ،والغاية .وقد وجدت في قصة سيدنا موسى مع العبد الصالح سيدنا
الخضر -على نبينا األعظم وعليهما الصالة والسالم -كما صورها القرآن والسنة
الصحيحة :-مصد اًر جزيالً ثرياً بالعطاء ،فيه تتضح الرؤى والمعالم ،وتغنم الفوائد
22
في المرجعية الفكرية للتصوف اإلسالمي. مدخل:
والمقاصد وتستقى المبادئ التي ترسخ قواعد السلوك الصوفي الرشيد إلى غاية ال
منتهى لها في أرض الحقيقة ،فال يتبقى بعد لمتنطع أن يزعم عزل التصوف عن ساحة
التنزيل وعزوه إلى مصادر أجنبية عن اإلسالم».1
وبصرف النظر عن موقف المتحمس الذي صدر عنه صاحب النص الذي
ال عن التقاطعات
استشهدنا به ،وكذا الجوانب األساسية التي تعمد إغفالها ،كسكوته مث ً
التي يمكن أن تحدث بين التصوفات العالمية بحكم منطق األشياء ،أي بحكم التفاعل
وتبادل التأطير والتأثر بين الثقافات واألمم والشعوب* ،فإن الذي يعنينا التأكيد عليه هنا
هو أنه إذا كان متصوفة اإلسالم ،ومن حذا حذوهم حذو النعل بالنعل من الدارسين
والكتاب العرب ،قد ذهبوا مذهباً قصياً في رصد المصادر والبيانات التي تأسس
التصوف اإلسالمي وتضفي عليه المشروعية الدينية ،وذلك بالعودة إلى نصوص القرآن
**
وسنة الرسول ملسو هيلع هللا ىلص ،والى بعض المرويات التي تروى عن بعض الصحابة الكريم
الكرام ،وقراءة ذلك كله قراءة صوفية تخدم أغراضهم وتدعم توجهاتهم وتسوغ رؤيتهم
-1جودة دمحم أبو اليزيد المهدي« :أصول التصوف في القرآن الكريم والسنة الدمحمية» ،مجلة البحوث والدراسات
الصوفية ،العدد األول ،المركز العلمي الصوفي بالعشيرة الدمحمية ،القاهرة2003 ،م ،ص.242-240
*
من المفيد اإلشارة في هذا الباب إلى ما رصده أبو الريحان البيروني (المتوفى عام 121ه) من تشابه بين
التصوف الهندي والتصوف اإلسالمي خاصة كما تبلور لدى المسلمين من أصحاب الحلول واالتحاد (البسطامي
والحالج أنموذجان) .وقد بنا موقفه هذا على قاعدة انتشار الديانات الهندية القديمة في منطقة إيران -العراق إلى
حدود الشام .راجع أقواالً ألبي الريحان حول هذا الموضوع في :عبد الرحمن بدوي ،تاريخ التصوف اإلسالمي،
المصدر السابق ،ص .39-34علماً أن لبدوي تأويالً خاصاً ألطروحة أبي الريحان البيروني ال مجال لعرضه هنا.
**
للمتصوفة مصطلحات مفتاحية تتردد في نصوصهم من قبيل الظاهر ،والباطن ،والوالية والتنزيل ،والتأويل،
واإليمان ،والدنيا ،واآلخرة...الخ .وقد ال نغالي إذا قلنا إن المعجم الصوفي في لحمته وسداه يحيل إلى كلمات قرآنية
ض تقع موقع البنية األساسية في معجم القرآني وتعبر عن جوهر الرؤية القرآنية للعالم .قال تعالى ﴿ :تُ ِر ُيدو َن َع َر َ
ِ َّ ِ ِ ِ
آن ﴿ه َو ْاألََّو ُل َو ْاآلخ ُر َوالظاه ُر َواْلَباط ُن﴾ وقولهِ﴿ :إَّنا َن ْح ُن َنَّ ْزلَنا َعَل ْي َ
ك اْلُق ْر َ َّللاُ ُي ِر ُيد ْاآلخ َرَة ۗ ﴾ وقوله تعالىُ : ُّ
الد ْنَيا َو َّ
اب وأُخر متَ َشاِبهات ۖ َفأ َّ َّ ِ َّ ِ
ين ِفي َما الذ َ ات ُه َّن أ ُُّم اْل ِكتَ ِ َ َ ُ ُ َ ٌ ات ُم ْح َك َم ٌ اب ِم ْن ُه َآي ٌ ِ
ك اْلكتَ َ يال﴾ وقولهُ ﴿ :ه َو الذي أ َْن َزَل َعَل ْي َ نز ً تَ ِ
الر ِاس ُخو َن ِفي اْل ِعْل ِم َيُقوُلو َن اء تَأ ِْويلِ ِه ۗ َو َما َي ْعَل ُم تَأ ِْويَل ُه ِإ َّال َّ
َّللاُ ۗ َو َّ ُقُلوبِ ِهم َزي ٌغ َفيتَِّبعون ما تَ َشابه ِم ْنه ابِت َغ ِ ِ ِ
اء اْلف ْتَنة َو ْابت َغ َ
ََ ُ ْ َ ْ ْ َ ُ َ َ
اب﴾ راجع على الترتيب :سورة األنفال ،اآلية ،27سورة الحديد، آمَّنا ِب ِه ُك ٌّل ِم ْن ِع ْن ِد رّبَِنا ۗ وما ي َّذ َّكر ِإ َّال أُوُلو ْاألَْلب ِ
َ ََ َ ُ َ َ
اآلية ،3سورة اإلنسان ،اآلية ،23سورة آل عمران ،اآلية .7
23
في المرجعية الفكرية للتصوف اإلسالمي. مدخل:
الخاصة للعالم؛ إذا كان األمر هكذا مع المتصوفة وبعض الباحثين من ذوي الميول
الصوفية التي ال تخفى ،فإن خصوم التصوف من المفكرين القدامى والمحدثين،
وباألخص الغربيين منهم ،قد ردوه إلى عناصر أجنبية عن اإلسالم غريبة عنه .يقول
لويس غارديه:
«لقد بين لويس ماسينيون ،في مصادره ،وبكل جالء أن التصوف يظل ظاهرة
إسالمية .إن المؤثرات غير اإلسالمية التي استدمجها التصوف كثيرة وقوية .لكن
محاوالت بعض اإلسالميين الغربيين الرامية إلى إعطاء التصوف نقطة انطالق "أجنبية"
سرعان ما تتهافت .سيتل ّذذ بلوشيه ( ،)Blochetوهو يرتقب هنري كوربان ،في التشديد
على اإليحاء اإليراني ،وسوف يشدد غولدز يهر أو نيكولسن على المصادر الهندية
(أو االفلوطينية)؛ وسيرى آسان ياالسيوس في التصوف نقالً للرهبة المسيحية القديمة،
خصوصاً رهبة اآلباء في صحراء سورية ومصر ...وفي الواقع ،ال يتعلق األمر هنا إال
بتفسيرات جزئية .أما التأثير األقوى ،والذي سيسود خطاً صوفياً كامالً ،فسوف يكون
تأثير أفلطون من خالل الفالسفة والهيات أرسطو المنحولة ،لكن هذا التأثير لن يلعب
دوره كامالً إال في مرحلة ثانية ،انطالقاً من القرن الهجري السابع الميالدي الثالث
عشر».1
ظن الباحثون الغربيون
نستخلص من هذا النص أن العناصر األجنبية التي ّ
أنها حفزت مجراها عميقاً في أرض اإلسالم وامتزجت بثقافته ،هي عناصر كثيرة
ومتنوعة ًّ
جدا تنتمي إلى ثقافات وملل وعقائد تتعارض على طول الخط مع الدين
اإلسالمي كما استوى في نصوصه التأسيسية :نصوص القرآن والسنة النبوية .وعلى
هذا فإن تراثنا الصوفي الضخم في جملته مأخوذ ،حسب وجهة النظر هذه ،إما عن
مصادر وأصول مسيحية وأفالطونية محدثة ،واما عن أصول هندية وفارسية.
-1لويس غارديه :أثر اإلسالم في العقلية العربية ،ترجمة خليل أحمد خليل ،ط ،1دار الفكر اللبناني ،بيروت،
1992م ،ص.243
21
في المرجعية الفكرية للتصوف اإلسالمي. مدخل:
وبما أن المكان ال يتسع لتفصيل ومناقشة كل هذه اآلراء والمواقف التي أغفلت
تماماً النبع األول للتصوف اإلسالمي وابتدعت له مصادر عبرانية ومسيحية ،أو حتى
أصوالً وثنية غريبة عنه ،يونانية وبوذية وزرادشتية ،وذلك استناداً إلى بعض التشابهات
السطحية العرضية ،كالتشابه الشكلي الموجود بين النيرفانا الهندية والسكر الصوفي
لدى بعض متصوفة اإلسالم القائلين بالفناء ،بما أن األمر على هذا النحو فإننا نكتفي
بالقول ،هكذا على سبيل اإليجاز ،بأن تلك اآلراء المتميزة التي دفعت بالمصدر
اإلسالمي إلى الظل ال يمكن االطمئنان إليها وتبقى مجرد فروض يتعذر تحقيقها علمي ًا
دقيقاً ال شبهة فيه ،وبالتالي فهي ال تلزم إال أصحابها .نقول ذلك على الرغم من أننا
نؤمن بأن فرضية تسرب بعض األفكار والعناصر األجنبية إلى التصوف اإلسالمي،
والفلسفي منه بخاصة ،في بعض المراحل المتأخرة من تاريخه الطويل تبقى فرضية
قائمة ال يمكن استبعادها تماماً ،خاصة إذا أخذنا بعين االعتبار االحتكاك واالتصال
الذي حدث فعالً في التاريخ بين المسلمين وغيرهم من األمم والشعوب ،الشيء الذي
ربما سمح بتلك العناصر األجنبية وتجسدها في بعض تغييرات الصوفية المسلمين
واصطالحاتهم .يقول أحد الدارسين في هذا السياق:
ال ،وهو أن صوفية اإلسالم فيما
«نحب أن ننبه األذهان إلى فرض يبدو معقو ً
نرى لم يكونوا مجرد نقلة عن الفرس أو المسيحيين أو اليونان ،أو غيرهم ،ألن
التصوف متعلق أساساً بالشعور والوجدان ،والنفس اإلنسانية واحدة على الرغم من
اختالف الشعوب واألجناس ،وما تصل إليه نفس بشرية بطريقة المجاهدات والرياضات
الروحية قد تصل إليه أخرى دون اتصال واحدة منهما باألخرى ،وهذا يعني وحدة
التجربة الصوفية ،وان اختلف تفسيرها من صوفي إلى آخر بحسب الحضارة التي
ينتمي إليها[ . ]...وعلى ذلك فالتشابه بين التصوف اإلسالمي وغيره من أنواع التصوف
األجنبية ال يعني دائماً وأبداً أخذه عنها ،وانما األرجح بحسب ما وضحنا أن يكون
24
في المرجعية الفكرية للتصوف اإلسالمي. مدخل:
التصوف اإلسالمي صادر عن بواطن المسلمين ،إذ معرفتهم كما يقولون هم أنفسهم
ذوق وعيان ،وال تأتي عن طريق النقل والبرهان .ولعل بعض المستشرقين قد دارت
بأذهانهم مثل هذه الفكرة ،وقد عدل المستشرق اإلنجليزي نيكولسون عن موقفه في
مسألة نشأة التصوف ،ومال إلى رده إلى مصدره اإلسالمي».1
وعلى المنوال نفسه ينبغي اآلن أن ننظر في هذا المصدر األخير للتصوف،
أي المصدر اإلسالمي الذي هو ،في واقع األمر ،أوضح من أن يحتاج إلى مزيد بيان
أو إثبات أكثر من سرد اآليات القرآنية واألحاديث النبوية التي أسس عليها الصوفية
نظرياتهم في المعرفة واألخالق والنفس ،والحب اإللهي ،وسائر أحوالهم ومقاماتهم
المرتبطة وجوباً بمجاهدات ورياضات معينة .وفي هذا الصدد يروي لنا القشيري قوالً
لإلمام الجنيد فقال ما نصه« :وقال الجنيد من لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث ال
يقتد به هذا األمر (=التصوف) ألن عملنا هذا مقيد بالكتاب والسنة» .ومع هذا فإنه
من المفيد أن نضرب أمثلة توضيحية ببعض اآليات القرآنية التي تلبي أغراض
المتصوفة في أبواب شتى.
-1أبو الوفا الغنيمي التفتازاني :مدخل إلى التصوف اإلسالمي ،ط ،3دار الثقافة للنشر والتوزيع ،القاهرة1979 ،م،
ص.34-31
-2لمعرفة المزيد عن هذه األبواب وغيرها راجع :عبد الكريم بن هوازن القشيري :الرسالة القشيرية في علم التصوف،
المصدر السابق ،ص.130-127
-3سورة األعلى ،اآلية.17-12 :
22
في المرجعية الفكرية للتصوف اإلسالمي. مدخل:
ض ٍة َوم َع ِ
ارَج َعَل ْي َها َي ْظ َه ُرو َن َولِ ُب ُيوِت ِه ْم أ َْب َو ًابا َو ُس ُرًار َعَل ْي َها َيتَّ ِك ُئو َن َوُز ْخ ُرًفا َواِ ْن ُك ُّل َذلِ َك ِف َّ
َ
الد ْنيا و ْاآل ِخرة ِع ْند رِب ِ ِ ِ
ين﴾.1 ك لْل ُمتَّق َ َل َّما َمتَاعُ اْل َحَياة ُّ َ َ َ ُ َ َ ّ َ
-6في باب الصبر:
َّ ِ َّللاُ ُي ِح ُّب َّ
الصاِب ِر َ
2
صَب ُروا ين﴾ ،وقال أيضاًَ ﴿ :وَلَن ْج ِزَي َّن الذ َ
ين َ قال تعالىَ ﴿ :و َّ
وصغروا ما صغر ،وقللوا ما قلل ،وكثروا ما كثر ،وكرهوا ما كره ،واختاروا ما اختار،
وتركوا ما ترك ،وصبروا على ما صبر ،وعادوا من عادى ،ووالوا من والي ،وفضلوا من
فضل ،ورغبوا فيما رغب ،وحذروا ما حذر ،ألن عائشة رضي هللا عنها ،سألت عن
خلق رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص؟ فقالت :كان خلقه القرآن ،تعني موافقة القرآن».1
الفصل األول :الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة.
)1مفهوم التصوف.
أ -تعريف التصوف لغة.
ب -تعريف التصوف اصطالحا.
)2مفهوم الطريقة.
أ -تعريف الطريقة لغة.
ب -تعريف الطريقة اصطالحا.
)3التصوف اإلسالمي :نشأته وأعالمه.
أ -مراحل نشأة التصوف اإلسالمي.
ب -بعض أعالم التصوف اإلسالمي وألقابهم وأهم مؤلفاتهم.
)1الطرق الصوفية :حقيقتها ونشأتها وأهم أعالمها.
)4ظهور وانتشار الطرق الصوفية في الجزائر.
* الطريقة القادري ـ ـ ـ ـ ــة.
* الطريقة الشاذلي ـ ـ ـ ــة.
* الطريقة الزروقيـ ـ ـ ــة.
* الطريقة الدرق ـ ــاوية.
* الطريقة التجــانيـ ـ ــة.
* الطريقة الرحمانية.
* الطريقة السنوسية.
* الطريقة العالوي ـ ـ ــة.
31
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
)0مفهوم التصوف:
المهتمون بالفكر الصوفي وقضاياه يجمعون على أن تحديد تعريف جامع
للتصوف من المسائل العسيرة جدا ،نظ ار لكثرة هذه التعاريف التي بلغت األلفين
تعريفا ،1وهذا الكم العددي الهائل يبرز صعوبة الوقوف على حقيقة التصوف ،وفي
الوقت نفسه يكشف أن هذه التعاريف انطلق أصحابها من خلفيات معرفية وثقافية
واجتماعية ،وأن لكل صوفي طريقته الخاصة به في سلوكه وترويضه ومجاهدته نفسه؛
للوصول إلى مبتغاه الذي ارتضاه لنفسه ،وهذه الطريقة التي يسلكها هؤالء المتصوفة
تبرر إلى حد ما هذا االختالف في حقيقة التصوف؛ وهذا الكم العددي ال يمنع الباحث
من الوقوف عند هذا المصطلح؛ ليستجلي حقيقته اللغوية واالصطالحية .2إذا ما
المقصود من التصوف لغة واصطالحا؟
الصف ،كأنهم في الصف األول بقلوبهم بين يدي أن قول بعض العلماء أنه مشتق من ّ
هللا ،فالمعنى ُيتَقبل ،والقاعدة الصرفية ترد هذه الصيغة الصرفية.1
واذا نظرنا إلى هذه التعاريف تبادرت إلى أذهاننا مجموعة من األسئلة ،هل
يقبل الصوفيون أن ينتسبوا إلى أقوام عاشوا في الجاهلية؟ واذا سلمنا بذلك ،فهل يستقيم
صرفيا نسبة كلمة الصوفي إلى صوفة؟ وهل كل من لبس الصوف وتقشف في عيشه
العباد وأهل الصوامع؟ وتستمد هذه
عد صوفيا؟ وهل لباس الصوف لباسا تميز به ّ
األسئلة مشروعيتها من ذاك االختالف بين القدماء والمحدثين حول حقيقة هذه الكلمة،
مني أن أتناولها في النقاط اآلتية:
ومقاربتها تستدعي ّ
أ -نسبة الصوفية إلى آل صوفان ،وتشبيههم بهم ال يستقيم ،فآل صوفان قوم
ذهبوا بذهاب عصر الجاهلية ،واسم الصوفية ناله هؤالء العباد والزهاد في اإلسالم ،وال
أرى أن هؤالء يقبلون أن يتشبهوا بقوم عاشوا في الجاهلية على غير هدى.
َّ
الصفة من الوجهة الصرفية ال يوافق القاعدة؛ ب -ونسبة الصوفية إلى
صوفية.
ّ صِّفّيِة ،وال نقول: َّ
فالقاعدة الصرفية السليمة في النسبة إلى صفة أن نقولُ :
الصوف اللباس الذي تميز به هؤالء العباد وهنا أستنتج أن الصوفية منسوبة إلى ّ
والزهاد تواضعا هلل «وانكسا ار له وايثار الزهد في نعيم الدنيا رغبة في تحقيق مقام القربة
من الحق تعالى ،وهذه من سمات األنبياء الصالحين ،فمن اقتدى بهم ولبس خشن
الثياب وأدناه للتواضع ،فقد دخل في زمرة الصالحين».2
لبس الصوف وخشن الثياب ال يدل على أن صاحبه صوفيا ،ما لم
جُ -
يصاحب هذا المظهر سلوكا من خالله نحكم عل هذا أو ذاك بأنه صوفي ،وما ذكره
ّ
-1أبو القاسم عبد الكريم بن هواز القشيري :الرسالة القشيرية ،المصدر السابق ،ص.312
-2أمين يوسف عودة" :في أصل مصطلح التصوف وداللته" ،مجلة البحوث والدراسات الصوفية ،تصدر عن
المركز العلمي الصوفي بالعشيرة الدمحمية ،القاهرة :العدد األول :شهر جمادى اآلخرة 1131ه -أغسطس 2003م،
ص.101
31
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
وتزداد حيرة الباحث حينما ال يضع يده على المعنى الدقيق لكلمة التصوف،
أن التصوف ملتقى لمعارف مختلفة
ومن أهم األسباب الواقفة وراء تعدد هذه المعاني ّ
لكل منها خلفياته المعرفية وظروفه االجتماعية والثقافية والسياسية التي أثرت في هذا
المعنى أو ذاك ،وسأسوق هنا بعض المعاني التي ذكرها صاحب الرسالة القشيرية:1
-التصوف األخذ بالحقائق ،واليأس مما في أيدي الخالئق.
-التصوف ذكر مع اجتماع ،ووجد مع استماع ،وعمل مع اتباع.
-التصوف خلق ،فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في الصفا.
-اإلناخة على باب الحبيب وان طرد منه.
-التصوف كف فارغة ،وقلب طيب.
هم.
-التصوف الجلوس مع هللا بال ّ
-التصوف مراقبة األحوال ولزوم األدب.
-التصوف صفوة القرب بعد كدورة البعد.
-التصوف االنقياد للحق.
-أال تملك شيئا وال يملكك شيء.
-التصوف اإلعراض عن االعتراض.2
-التصوف حال تضمحل فيها معالم اإلنسانية.
-1أبو القاسم القشيري :الرسالة القشيرية ،المصدر السابق ،ص 127وما بعدها.
ولم أنسب األقوال؛ ألن بعضا منها غير معروف القائل ،وما نسب إلى أصحابه فلم تذكر سنوات الوفاة حتى يتم
تريبها زمنيا.
-2يذكر صاحب كتاب (الفتح الرباني في الفيض الرحماني) سيدي عبد القادر الجيالني في المجلس األول« :
االعتراض على الحق عز وجل عند نزول األقدار موت الدين ،موت التوحيد ،موت التوكل واإلخالص .والقلب
المؤمن ال يعرف ِل َم وكيف ال يعرف ،بل يقول النفس كلها مخالفة منازعة فمن أراد صالحها صارت كلها خي ار في
خير ،تصير موافقة في جميع الطاعات وفي ترك جميع المعاصي».
-تأليف سيدي عبد القادر الجيالني (170ه420-ه) :الفتح الرباني في الفيض الرحماني ،دار الكتاب العربي،
(د.ط) ،بيروت1100 :ه 1990-م ،ص.10-9
32
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
-1أبو القاسم القشيري :الرسالة القشيرية ،المصدر السابق ،ص 127وما بعدها.
-2ابن خلدون :المقدمة ،المصدر السابق ،ص.127
37
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
)6مفهوم الطريقة:
أ -تعريف الطريقة لغة:
جاء في الصحاح أن« الطريق السبيل ( )...وطريقة القوم :أماثلهم وخيارهم،
يقال هذا رجل طريقة قومه ،وهؤالء طريقة قومهم وطرائق قومهم أيضا؛ للرجل األشراف
( )...وطريقة الرجل :مذهبه ،يقال :مازال فالن على طريقة واحدة؛ أي على حالة
واحدة» .2وفي المعجم الوسيط :الطريقة ،والطريقة :مسلك الطائفة من المتصوفة،
والسيرة والمذهب.3
-1ضياء الدين أحمد بن مصطفى بن عبد الرحمن الكمشخانوي النقشبندي المجددي الخالدي :جامع األصول في
األولياء ويليه متممات كتاب جامع األصول في األولياء وأنواعهم ،تحقيق وتعليق أحمد فريد المزيدي ،الطبعة
األولى ،دار الكتب العلمية ،بيروت1123 :ه2002-م ،ص.277
-2أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري :الصحاح ،راجعه واعتنى به دمحم دمحم تامر وآخرون ،دار الحديث،
(د.ط) ،القاهرة1130 :ه2009 -م ،ص.299
-3إبراهيم أنيس وآخرون :المعجم الوسيط ،المرجع السابق.442 /2 ،
39
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
-1السيد عبد هللا بن علوى بن حسن العطاس :ظهور الحقائق في بيان اللطائف ،مطبعة بكراز حسنى( ،د.ط)،
القاهرة1312 :ه ،ص.17
-2السيد الشريف علي بن دمحم بن علي الجرجاني الحنفي :التعريفات ،تحقيق دمحم علي أبو العباس ،دار الطالئع
للنشر والتوزيع( ،د.ط) ،القاهرة2009 :م ،ص.112
-3أبو القاسم القشيري :الرسالة القشيرية ،المصدر السابق ،ص.7
-4أبو حامد الغزالي :إحياء علوم الدين ،طبعة القاهرة( ،د.ط) ،القاهرة1331 :ه.17 - 12 /1 ،
10
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
وأسانيدها ،وهذه الشهادة تشهد بأن هذا المريد هو اآلن قادر على إرشاد غيره من
المريدين ،واعطائهم في الوقت نفسه العهود.1
ويذكر صاحب كتاب (الفتوحات اإللهية في نصرة التصوف الحق الخلي من
الشوائب البدعية) أن الطريقة «هي األسلوب التربوي الذي يتبعه الشيخ في تربية
المريدين ،وهم طالب الحق» ،2وأما عن زمن ظهور الطريقة كمصطلح فالمسألة
ضاربة بجذورها في التاريخ اإلسالمي ،بل يرفع وجودها إلى عهد الرسول ملسو هيلع هللا ىلص ،وان كان
مصطلح الطريقة لم يظهر كمصطلح متداول بين الصحابة رضوان عليهم ،فكم من
صحابي كان فقيها ،ولم يظهر هذا المصطلح بينهم.
يقارب صاحب كتاب (الفتوحات اإللهية في نصرة التصوف الحق الخلي من
الشوائب البدعية) هذه األسئلة ،ويقول ...« :متى ظهرت الطريقة في اإلسالم؟ ولماذا
ظهرت؟ ( )...الحقيقة أن هناك لبسا شائعا عند حول هذه المسألة ،فهناك فرق كبير
بين ظهور مصطلح الطريقة كلفظ دال عليها وبين وجود الطريقة حقيقة شرعية إسالمية
وافقت ظهور اإلسالم من بواكيره األولى إلى انتقال الرسول األعظم ملسو هيلع هللا ىلص إلى الرفيق
األعلى ،وتوريثه علومه وأنواره لخلفائه ونوابه من بعده ،صحيح أن لفظ الطريقة لم
يشتهر في عصر الظهور الدمحمي ،ولكن هذا ال يعني أن جوهرها وحقيقتها لم يكن
موجودا ،فلفظ الطرقة ال يختلف عن كثير من األلفاظ اإلسالمية التي كانت موجودة
بحقيقتها دون اللفظ االصطالحي ( )...كان هناك من يجتهد (من الصحابة) ويستنبط
األحكام الشرعية في بعض المسائل الفرعية ،ولكنهم لم يسموا وقتها بالفقهاء ،ولم يطلق
ما اختصوا به وتفردوا في فهمه مصطلح علم الفقه إال في القرن الهجري الثاني».3
-1ينظر :الشيخ ضياء الدين الكشمخوي النقشبندي :جامع األصول للكشمخوي ،المصدر السابق ،ص.22-21
-2دمحم بن عبد الرحمان بن حسين :الفتوحات اإللهية في نصرة التصوف الحق الخالي من الشوائب البدعية،
كتاب -ناشرون ،الطبعة األولى ،بيروت1133 :ه2012-م ،ص.39
-3المصدر نفسه ،ص.10-39
11
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
ثم أخذت كلمة الطريقة تأخذ تحمل معان جديدة مع متأخري الصوفية ،فهي
عندهم تطلق على «مجموعة من أفراد الصوفية ينتسبون إلى شيخ معين ويخضعون
لنظام دقيق من السلوك الروحي ،ويحيون حياة جماعية في الزوايا والربط والخانقانات،
أو يجتمعون اجتماعات دورية في مناسبات معينة ،ويعقدون مجالس العلم والذكر
بانتظام .وهذا ما انتهت إليه الطريقة منذ القرنين السادس والسابع الهجريين والقرون
التالية لهما».1
-1توفيق علي وهبة" :اإلسالم والتصوف" ،مجلة البحوث والدراسات الصوفية ،تصدر عن المركز العلمي الصوفي
بالعشيرة الدمحمية ،القاهرة ،العددان الثالث والرابع :جمادى اآلخرة 1129 /1129 :ه ،ص.202
12
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
-1والباحث عبد الحكيم عبد الغني دمحم قاسم في كتابه (المذاهب الصوفية ومدارسها) يذكر أن التصوف مر بثالث
مراحل:
أ -المرحلة األولى :ظهر التصوف في هذه المرحلة على أنه زهدا في الحياة الدنيا والبعد عن متعها واختيار الحياة
األخرى وما فيها من نعيم مقيم للمؤمنين.
ب -المرحلة الثانية :دخلت بعض األمم اإلسالم نتيجة الفتح اإلسالمي لها وأقبل الناس على الحياة من متع
وملذات وتكالب الخلفاء على الحكم وانقسم المسلمون بين معارضين ومؤيدين للحكام ،فكان ال بد أن يواجه علماء
التصوف هذه الظواهر التي وجدت على المجتمع اإلسالمي فأضافوا إلى التصوف تعبيرات جديدة ( )...مثل الفقر،
ثم أرادوا أن يميزوا بينهم وبين بقية المسلمين فاختاروا المالبس الصوفية.
ج -المرحلة الثالثة :امتزجت الثقافات الوافدة إلى المسلمين من الدول التي دخلت اإلسالم مع الثقافة العربية،
وأعلنت عن مولد ثقافة جديدة هي الثقافة اإلسالمية ،فكان ال بد أن يواجه علماء التصوف هذه الظواهر بإدخال
بعض التغيرات وبعض الظواهر من حيث ترتيب المقامات واألحوال ونظام السلوك واآلداب التي في الكتاب والسنة.
-عبد الحكيم عبد الغني دمحم قاسم :المذاهب الصوفية ومدارسها ،مكتبة مدبولي( ،د.ط)1999 ،م ،ص.19-19
-2سورة الحديد ،اآلية.20 :
ك َغ ِريب﴾ .الحديث تحت رقم.2112 : -3رواه البخاري في كتاب الرقائق ،باب قول النبيُ ﴿ :ك ْن ِفي ُّ
الد ْنَيا َكأََّن َ
-4سورة القصص ،اآلية.77 :
-5رواه البخاري في كتاب الصوم ،باب :حق الجسم في الصوم ،تحت رقم.297 /2 ،1974 :
13
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
قالوا :لزينب ،إذا فترت أمسكت به ،فقال النبي ملسو هيلع هللا ىلص :ال حّلوه ليصل أحدكم نشاطه ،فإذا
فتر فليقعد﴾.1
-1رواه مسلم في كتاب صالة المسافرين وقصرها ،باب :أمر من نعس في صالته أو استعجم عليه القرآن ،تحت
رقم.411 /1 ،791 :
-2عبد الوهاب الشعراني :الطبقات الكبرى المسماة لواقح األنوار في طبقات األخيار ،تحقيق خليل المنصور ،دار
الكتب العلمية ،الطبعة األولى ،بيروت1997،م.29 /1 ،
-3أحمد بن دمحم ابن خلكان :وفيات األعيان وأنب اء أبناء الزمان ،مما ثبت بالنقل أو السماع أو أثبتته العيان ،تحقيق
إحسان عباس ،دار الثقافة ،بيروت1929 ،م ،في خمسة أجزاء.219 /1 ،
-4أبو العالء عفيفي :التصوف ،الثورة الروحية في اإلسالم ،المصدر السابق ،ص.199
-5المصدر نفسه ،ص.199
11
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
الحياة ،ونصحوا ووجهوا غيرهم إلى االلتزام باآلداب واألخالق التي توصلهم إليه
سبحانه وتعالى ،وتقوي صلتهم به.1
والباحث في القرن األول ال يكاد يعثر على أن اسم التصوف قد عرف به
هؤالء ،وانما يجد أهل هذا القرن يعرفون باسم الزهاد والنساك؛ لخوفهم من عذاب
اآلخرة ،ولم يسم هؤالء الزهاد والوعاظ باسم الصوفية إال خالل النصف األول من القرن
الثاني ،وأول من دعي بهذا االسم هو :أبو هاشم الصوفي (ت 140ه).
-1ينظر :كامل عمر عبد هللا :التصوف بين اإلفراط والتفريط ،دار ابن حزم ،الطبعة األولى ،بيروت2001 :م،
ص.42
-2إبراهيم دمحم تركي :التصوف اإلسالمي –أصوله وتطوراته ،-دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر ،الطبعة األولى،
اإلسكندرية2007 :م ،ص.194
-3ابن الزنجي :ديوان الحالج ومعه أخبار الحالج وذكر مقتل الحالج وكتاب الطواسين :دمحم باسل عيون السود،
دار الكتب العلمية ،الطبعة األولى ،بيروت2007 :م ،ص.120
14
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
فالبيتان يوضحان بجالء ال شك فيه أن الحالج يدعو إلى هذه الفكرة ،ويرى
بعض الباحثين المعاصرين أن الفكرة ال أصل لها في اإلسالم ،بل هي مستمدة من
الفكر المسيحي ،يقول عبد القادر محمود في كتابه (الفلسفة الصوفية في اإلسالم):
«والحالج الذي مذهبه ينتمي إلى مذهب الخالص المسيحي الذي يؤكد أنه ال سعادة
إال في خالص الروح من حجابه ،وهو الجسد ،ولهذا سعى لتحطيم هذا الحجاب وكل
حجب أخرى من الشعائر تقف حاج از بينها وبين حقيقتها المطلقة».1
-1عبد القادر محمود :الفلسفة الصوفية في اإلسالم ،دار الفكر العربي ،الطبعة األولى ،بيروت1972 ،م،
ص.344
-2وهنا سأبدأ بذكر هؤالء األعالم ابتداء من الحسن البصري رحمه هللا ،واستعنت في إحصاء هذه األسماء من
المصادر القديمة وبعض المراجع الحديثة التي أرشدتني إلى بعض من هذه األسماء ،وتمتد أسماء هؤالء من القرن
األول الهجري إلى القرن العاشر هجري.
12
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
17
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
490ه الشاطبي
492ه عبد الرحيم القنائي
232ه السهروردي القرن السابع الهجري
232ه ابن الفارض
239ه محي الدين بن العربي
272ه جالل الدين الرومي
272ه إبراهيم الدسوقي
279ه السيد أحمد البدوي
279ه السعيد الشيرازي
294ه شرف الدين البصيري
702ه ابن دقيق العيد القرن الثامن الهجري
709ه ابن عطاء هللا اإلسكندري
742ه تقي الدين السبكي
794ه البلقيني
919ه شمس الدين الحنفي القرن التاسع الهجري
911ه جالل الدين السيوطي القرن العاشر الهجري
921ه شمس الدين الدمياطي
922ه زكرياء األنصاري
941ه شهاب الدين السنباطي
973ه الشعراني
19
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
-6بعض ألقابهم:
إن الباحث في سير هؤالء األعالم وفي بعض مؤلفاتهم يلفت انتباهه تلك
األلقاب التي يطلقونه ،على من نالوا درجات من العلى والتقرب من الحق سبحانه،
وبالرجوع إلى بعض المصادر يمكن للباحث أن يضع يده على بعض منها ،وسأحدد
هذه األلقاب في هذا الجدول التوضيحي:1
-1المصادر التي سقت منها هذه األلقاب كثيرة ومتنوعة ،فمنها من ترجم لشخصية واحدة ،ومنها من ترجم لعدد
كبير من هذه الشخصيات ،وأذكر هنا:
-أبو العباس أحمد بن أحمد الغبريني :عنوان الدراية بمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية ،تحقيق رابح
بونار ،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ،الطبعة األولى ،الجزائر1971 ،م ،ص.109-107
-دمحم الصغير اإلفراني :درر الحجال في مناقب سبعة رجال ،تحقيق حسن جالب ،المطبعة والوراقة الوطنية،
الطبعة األولى ،مراكش1121 ،ه2000-م ،ص.139-137
-أبو عبد هللا دمحم بن دمحم بن عبد الملك األنصاري المراكشي :الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ،تحقيق
إحسان عباس ،دار الثقافة( ،د.ط) ،بيروت( ،د.ت) ،ص.471
-أبو يعقوب يوسف بن يحيى الشاذلي المعروف بابن الزيات :التشوف إلى رجال التصوف ،تحقيق أحمد التوفيق،
منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ،الطبعة الثاني ،الرباط1997 ،م ،ص.110
-القلقشندي :صبح األعشى في صناعة اإلنشا ،المؤسسة المصدرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر،
(د.ط) ،القاهرة1923 ،م ،ص.133
-حسن الباشا :األلقاب اإلسالمية في التاريخ والوثائق واآلثار ،دار النهضة العربية( ،د.ط) ،القاهرة1979 ،م،
ص.43
-عبد الوهاب الشعراني :الطبقات الكبرى ،المصدر السابق.20/2 ،
-دمحم بن إسماعيلي ،مشايخ خالدون وعلماء عاملون ،دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع ،الطبعة الثالثة ،عين
مليلة ،الجزائر1121 ،ه2001-م ،ص.112
-الشيخ دمحم حسن الصوفي المعروف بابن العجيمي المكي :زوايا التصوف والصوفية المسمى خبايا الزوايا ،تحقيق
وضبط أحمد عبد الرحي م السايح وتوفيق علي وهبة ،مكتبة الثقافة الدينية ،الطبعة األولى ،القاهرة1130 ،ه-
2009م ،ص.33
19
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
هللا بن ِح َ
رزهم.
تقي الدين علي بن عبد الكافي بن علي 742ه شيخ اإلسالم
السبكي.
309ه حالج الحالج. المميز، المغيث،
األسرار.
491ه الغوث ،الشيخ الزاهد ،الشيخ أبو مدين شعيب بن الحسين.
الشيخ العارف، الصالح،
سيد القطب، الواصل،
العارفين.
الشيخ المربي ذو الكرامات .أبو يِعزى ِيَلُّنور بن عبد الرحمان بن أبي بكر 472ه
األيالني.
40
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
تقي الدين أبو دمحم عين الملك ابن الشيخ زين 741ه زين األصفياء.
الدين رمضان األخالطي.
242ه أبو الحسن علي بن عبد هللا الشاذلي. حجة الصوفية.
211ه الفقه علي بن عمرن بن موسى الملياني. ألصول المتقن
والتصوف والحكمة.
999ه الشيخ أدمحم بن يوسف السنوسي. العالم العالمة.
والوقوف على بعض ألقاب الصوفية أنفسهم يستدعي مني ذكر بعض ألقاب
تالميذهم؛ يذكر عبد الحكيم عبد الغني دمحم قاسم في كتابه (المذاهب الصوفية
ومدارسها) أن التالميذ ثالث فئات:1
أ) المريد:
طالب المرحلة األولى في الصوفية يتعرف عليه أستاذه وعلى نفسيته من
خالل الحديث معه ومراقبته من خالل استعراض ذنوبه التي ارتكبها ،وبعد أن يتعد
األستاذ بعالجه؛ لتشفى ذنوبه يلزمه ببعض الشروط ،منها:
-أن يتصف ويتحلى بالوقار في مجالس العلم.
-أال يتوانى في خدمة أساتذته وزمالئه.
-بر الوالدين ورحمة األهل واكرام الضيف والجار ،واالبتعاد عن الشر ،ويفعل
الخير مرضاة هلل سبحانه وتعالى.
-1ينظر :عبد الحكيم عبد الغني دمحم قاسم :المذاهب الصوفية ومدارسها ،المرجع السابق ،ص ،131وما بعدها.
41
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
-1ولالطالع على حقيقة النقيب من حيث معناه ،وشروطه وآدابه ،والوصايا الموجهة إليه ،ينظر :الشيخ دمحم بن
شعيب الحجازي األبشيهي المتوفى 1021ه :المعاني الدقيقة الوفية فيما يلزم نقباء السادة الصوفية ،تحقيق أحمد
فريد المزيدي ،دار الكتب العلمية ،الطبعة األولى ،بيروت1122 ،ه2004-م ،ص.100-12-33-22
42
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
ورائها إلى أن يكون هؤالء التالميذ متصفين بصفات أخالقية تصقل طبائعهم البشرية،
وتنشئهم نشأة أخالقية يعول عليهم من خاللها على أن يكونوا خلفاء ألساتذتهم،
والسؤال الذي نطرحه حينما نقف على ما ذكره كتاب (المذاهب الصوفية ومدارسها) هل
هناك كتب يحددها األساتذة لهؤالء السالكين ليقرؤوها ويتنوروا بما فيها؟
السا لك يصعب عليه تحديد الكتب التي يريد مطالعتها ،واالستفادة منها؛ فهو
تحت تربية شيخه ،وما ال يوافق عليه شيخه ال يطالعه؛ ألن من عادة الشيوخ أال
يشغلوا بال السالكين بمطالعة الكتب ،خاصة في بداية عهدهم بالطريقة التي يسلكونها،
والباحث في هذه المسألة ال يجد تفصيال دقيقا لها في بعض هذه المصادر ،وال تحديدا
شافيا وكافيا للكتب التي يطالعها السالك في هذا الفن أو ذاك.
وكالمي هذا ال يعمم على المصادر جميعها ،فالسهروردي في كتابه (عوارف
المعارف) يقول« :من األدب في المطالعة أن العبد إذا أراد أن يطالع شيئا من الحديث
والعلم ،يعلم أنه قد تكون المطالعة بداعية نفس ،وقلة صبرها علة الذكر والتالوة
والعمل ،فتتروح بالمطالعة كما تتروح بمجالسة الناس ،فليتفقد المريد نفسه ،وال يستحلي
مطالعة الكتب ،وعليه بالتثبت واإلنابة والرجوع إلى هللا ،فإنه قد يرزق بالمطالعة ما
يكون من مزيد حاله».1
والقول الذي سأسوقه اآلن يضع فيه الباحث يده على حقيقة هذه المسألة عند
أهل التصوف ،فدمحم بن المنور المبهني (ت 330ه) ،يقول في كتابه (أسرار التوحيد
في مقامات أبي سعيد) ،وهو يتحدث عن الكتب التي قرأها في بداية حياته ،ولم توصله
إلى الهدف الذي ينشده من وراء قراءتها ،فدعا هللا قائال« :يا إلهي إن األمر لم ينكشف
لي بقراءة الكتب ،وما أزال عاج از عن الوصول إليك ،فاجعلني اللهم مستغنيا بشيء
أجده فيك ،فتفضل هللا علي ،وقرأت تفسير الحقائق ،وهو من أقدم التفاسير اإلشارية
-1اإلمام السهروردي :عوارف المعارف ،مكتبة القاهرة( ،د.ط) ،القاهرة1973 ،م ،ص.30
43
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
للقرآن الكريم ،ويسمى (حقائق التفسير) ألبي عبد الرحمن السلمي ،وأخذت أق أر القرآن
حتى وصلت إلى قوله تعالىُ ﴿ :ق ِل َّللا ثُ َّم َذرهم ِفي خو ِ
ض ِه ْم َيْل َع ُبو َن﴾ ،1وهنا وضعت َْ ْ ُْ َ
الكتاب ،وكلما حاولت أن أتقدم في القراءة ،لم أستطع ،)...( ،وقام الشيخ بدفن كتبه
في التراب ،وكان يقول :الدليل أنت واالشتغال بالدليل بعد الوصول محال».2
وهذا الذي قاله صاحب كتاب (أسرار التوحيد في مقامات أبي سعيد) ،قول فيه
منع صريح لقراءة الكتب للسالكين في بداية عهدهم ،والتحصيل ال يكون من خالل
مطالعة الكتب ،بل من خالل تربية النفس وتدريبها على المجاهدة والصبر ،وتلقي
المعرفة ،في هذه الحال ،ال يكون إال من لدن الشيخ ،زيادة على التحلي باألخالق
والفضائل التي توصل السالكين إلى الحق سبحانه وتعالى من طريقة يأمن فيه السالك
على نفسه من كل ما يحول بينه وبين هدفه المنشود.
-2أهم مؤلفاتهم:
واذا ق أر الباحث بعض مؤلفات هؤالء وغيرهم في الفكر الصوفي والطرق
الصوفية ،يصعب عليه تصنيف هذه المؤلفات تحت مباحث خاصة؛ نظ ار لتداخل
المسائل التي يعالجها هذا المؤّلِف أو ذاك المؤّلِف ،أو القضايا التي تشغل فكر األول
عن الثاني ،ومع هذا سأحاول تقسيم هذه المؤلفات إلى أربعة أقسام:3
أ -كتب في تاريخ التصوف ومسائله ،وفي الطبقات التي تناولت األعالم
وترجمت لهم:
وأذكر هنا :اللمع في تاريخ التصوف اإلسالمي :أبو نصر السراج الطوسي،
طبقات الصوفية :أبو عبد الرحمن السلمي ،طبقات الشعراني ،كشف المحجوب
للهجويري ،طبقات الشاذلية البن الكوهني ،أولياء القرن السابع الهجري لصفي الدين بن
منصور ،المواهب السرمدية في مناقب النقشبندية ألمين الدين الكردي ،المعاني الدقيقة
فيما يلزم نقباء السادة الصوفية للشيخ دمحم بن شعيب الحجازي األبشيهي.
ب -مؤلفات تهذب السالك وتبين له كيفية أداء الفرائض واألوراد واألذكار
ورياضة النفس:
ومنها :إحياء علوم الدين ألبي حامد الغزالي ،وقوت القلوب ألبي طالب
المكي ،الرسالة القشيرية ألبي القاسم القشيري ،عوارف المعارف للسهروردي ،رياضة
النفس وأدب النفس للحكيم الترمذي .قواعد التصوف ألبي العباس أحمد بن أحمد بن
دمحم بن عيسى زروق الفاسي البرنسي ،األنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية:
اإلمام العالمة عبد الوهاب الشعراني ،آداب الطريقة وأسرار الحقيقة في رسائل الشيخ
عبد الرزاق القاشاني لعاصم إبراهيم الكيالي.
ج -مؤلفات اهتمت بتفسير القرآن الكريم تفسي ار إشاريا:
ومن أهمها لطائف اإلشارات للقشيري ،حقائق التفسير للسلمي.
د -مؤلفات اهتمت بالتصوف وبشروح هذه المؤلفات وتقريبها للسالك والمريد:
ومنها :التعرف لمذهب أهل التصوف :أبو بكر الكالباذي ،شرح مشكالت
الفتوحات المكية لعبد الكريم الجيلي ،شرح حكم ابن عطاء هللا ألحمد بن زروق ،شرح
فصوص الحكم البن عربي .ومؤلفوها ينشدون من وراء تأليفها تبسيط المسائل
وتوضيحها للسالكين والمريدين.
44
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
-1الشيخ فوزي دمحم أبو زيد :األجوبة الربانية في األسئلة الصوفية ،دار اإليمان والحياة ،الطبعة األولى ،القاهرة،
1132ه2011-م ،ص.19-17
42
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
-1أشار الدكتور عامر النجار إلى هذه المالمح ،ثم قال « :ولقد ترك مشايخ الطرق الصوفية للمريد حرية اختيار
الشيخ والطريقة التي يرغبها ،فإذا ما تم له اختيار الطريقة وشيخها ينبغي االلتزام به والسير على نهجه وخطاه».
عامر النجار :الطرق الصوفية في مصر نشأتها ونظمها وروادها ،دار الكتب العلمية للنشر والتوزيع( ،د.ط)،
القاهرة2010 :م ،ص.21
-2يقول صاحب كتاب (جامع األصول في األولياء)« :قد جرت العادة وجربت بأن التطهير من النجاسة المعنوية
وأدناس الطوية ،والحضور والخشوع في الصالة وسائر العبادات بمشهد أن تعبد هللا كأنك تراه ،والمعبر عنه بمقام
اإلحسان ال يتيسر إال بالسلوك على يد شيخ كامل عالم بعالج هذه األمراض ،وحكمة معامالتها علما وذوقا
وتجربة ،بل لو حفظ المبتلي باألخالق الذميمة السابقة كتبا متعددة ال يستغني بها على تربية مثل تربية الشيخ؛
ليخرجه عن رعونات نفسه األمارة ودسائسها الخفية».
ضياء الدين أحمد بن مصطفى بن عبد الرحمن الكمشخانوي النقشبندي :جامع األصول في األولياء ،المصدر
السابق ،ص.222
-3لالطالع على حقيقة العهد عند الصوفية ،ودليله ،وحكمه ،وكيفيته ،وصورته ،ينظر :أشرف سعد" :العهد عند
الصوفية" ،مجلة البحوث والدراسات الصوفية ،تصدر عن المركز العلمي الصوفي بالعشيرة الدمحمية ،القاهرة ،العدد
الثاني :جمادى اآلخرة 1127ه-يونيه 2002م ،ص.199- 141
-4اإلمام العالمة عبد الوهاب الشعراني :األنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية ،تحقيق طه عبد الباقي سرور
والسيد دمحم عيد الشافعي ،المكتبة العلمية( ،د.ط) ،بيروت( ،د.ت) ،ص.32
47
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
-2العزلة.
-3السهر.
-1قلة الكالم.
1
* أقسام طالبي السلوك إلى هللا:
يذكر الشيخ عبد الرزاق القاشاني (ت 730ه) في رسائله أن طالبي طريقة
السلوك إلى هللا على أربعة أقسام:
-1الذين مارسوا العلوم اإللهية واجتهدوا في طلبها والوصول إلى دقائقها
باألنظار الدقيقة واألفكار العميقة ،فحصل لهم شوق جديد وانجذاب تام إلى الجانب
األعلى ،فحملهم حب االستكمال في ذلك على الرياضة.
-2النفوس التي مالت بأصل فطرتها وغريزة جوهرها إلى ذلك الجانب ،من
غير أن يتعلموا علما ومارسوا بحثا ونظرا ،حتى أنهم في حال ساذجيتهم متى سنح لهم
انقطاع قليل عن المحسوسات-إما في سماع أو في فكر -استولى الوجد عليهم واشتد
الح نين فيهم وغشيهم من األحوال النفسانية والسوائح القدسية ما يشغلهم عن الجسمانية
وعالئقها.
-3النفوس الموصوفة بالصفتين جميعا ،أعني :التي تكزن بأصل فطرتها
جبلت على الحنين إلى جانب العزة ،ثم استكملت ذلك الشوق باالرتياض بالمعالم
اإللهية والمباحث الحقيقية.
-1النفوس الخالية عن الصفتين ،إال أنها لكثرة سماعها كمال هذه الطريقة
وأن قصارى السعادة البشرية ومالك البهجة اإلنسانية ترتبط بها مالت إليها واعتقدت.
-1تحقيق عاصم إبراهيم الكيالي الحسيني الشاذلي الدرقاوي :آداب الطريقة وأسرار الحقيقة في رسائل الشيخ عبد
الرزاق القاشاني ،دار الكتب العلمية ،الطبعة األولى ،بيروت1122 ،ه2004-م ،ص.177
49
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
-1للبحث في شروط الطريقة الصوفية الصحيحة والتوسع فيه ،ينظر :دمحم بن عبد الرحمان بن حسين :الفتوحات
اإللهية في نصرة التصوف الحق الخالي من الشوائب البدعية ،المصدر السابق ،ص ،14وما بعدها.
-2ابن تيمية :مجموع الفتاوى ،مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف( ،د.ط) ،الرياض ،المملكة العربية
السعودية2001 ،م.7 ،2/11 ،
49
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
ويرجع بعض الباحثين بداية ظهور الطرق الصوفية في بداية صورتها إلى
القرنين الثالث الرابع الهجريين ،يقول« :بدأت الطرق الصوفية في الظهور في صورتها
األولى في القرنين الثالث والرابع الهجريين ،وأخذوا ينظمون أنفسهم في طوائف وطرق
منذ النصف الثاني من القرن الثالث ،وتتكون كل طريقة من شيخ وطائفة من المريدين
يلتفون حوله .يعلمهم علم الظاهر وعلم الباطن».1
في حين يرى صاحب (معجم مصطلحات الصوفية) أن الشيخ عبد القادر
الجيالني هو أول من أسس الطرق الصوفية ونادى بها ،2وهذا في القرن الخامس
الهجري ببغداد ،وهي تدعو إلى التوازي بين التصوف والشريعة ،فما لم تشهد به
الشريعة هو من الزندقة.3
والباحث في هذه المسألة يجد عددا كبي ار من هذه الطرق ،تفرعت عنها طرق
أخرى انتشرت في البالد اإلسالمية؛ ولهذا سأذكر في هذا الجدول على أهم الطرق
الصوفية ،ومؤسسيها ،وأماكن تواجدها في البالد اإلسالمية:
-1توفيق علي وهبة" :اإلسالم والتصوف" ،مجلة البحوث والدراسات الصوفية ،المرجع السابق ،ص.197
-2عبد المنعم الحفني :معجم مصطلحات الصوفية ،دار ميسرة ،الطبعة الثانية ،بيروت1997 ،م.137 /1 ،
-3ممدوح الزوبي :الطرق الصوفية ظروف النشأة وطبيعة الدور ،الطبعة األولى ،األهالي للتوزيع ،دمشق،
2001م ،ص.111
-4عبد الرحمن دمحم الجياللي :تاريخ الجزائر العام ،بيروت1924 ،م ،ص.291-290
20
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
وفي الجزائر توجد من بين هذا العدد السالف الذكر للطرق الصوفية:
الرحمانية وهي أكثر الطرق انتشا ار والسنوسية ،والقادرية والتجانية والطيبية والشاذلية
والعالوية والدرقاوية والعيساوية والعمارية والحنصالية والزيانية والموساوية ،وسنتعرض
لكل طريقة باختصار ،ويجب اإلشارة إلى أنه وباستثناء الطريقتين القادرية والشاذلية
اللتين كانتا موجودتين قبل مجيء العثمانيين إلى الجزائر ،وهما أكثر الطرق الصوفية
ذيوعا وانتشارا ،وقد كانت الطريقة القادرية التي تنتسب إلى الشيخ عبد القادر الجيالني
المتوفى سنة 421ه ،والتي انتقلت إلى الجزائر بخاصة والمغرب بعامة ،عن طريق
الشيخ أبي مدين التلمساني سنة 491ه بتلمسان ،أما في الشرق الجزائري فقد اشتهرت
في كل من الجزائر ،وقسنطينة الطريقة الرحمانية ،التي أسسها عبد الرحمن األزهري،
والتي تأسست بها عدة زوايا من أهمها زاوية باش تارزي بقسنطينة .وأما الطرق
الصوفية األخرى فقد أخذت بعد دخولها الجزائر في التعدد والزيادة ،حتى بلغ عددها
23طريقة صوفية ،تضم 199،294مريدا ،ويقوم بتسييرها واإلشراف عليها تسعة
وخمسون شيخا ،بمساعدة حوالي ستة آالف من مقدم ووكيل وعامل ،مكلفين بخدمات
متنوعة .1ولتوضيح أهم هذه الطرق ودورها في مجال التعليم والمقاومة والثقافة
والمحافظة على مقومات المجتمع الجزائري منذ ظهورها ،وعليه يمكن أن نتناولها
بشيء من التفصيل ،والباحث في هذه الطرق وانتشارها يمكن له أن يضع يده على
أكثرها انتشا ار في بالد الجزائر ،ومن ثمة يتحقق من أن هذه الطرق كانت حجر
األساس في ظهور الزوايا ووجود آالف من المريدين واألتباع ،ومن هذه الطرق:
-0الطريقة القادرية:
تأسست الطريقة القادرية خالل القرن 2ه12/م على يد عبد القادر
الجيالني(421-170ه1122 -1077/م) ،ثم لم تلبث أن انتشرت بشكل واسع،
خاصة إلى إفريقيا الغربية ،التي دخلتها في القرن 14م على أيدي مهاجرين من
توات.1
-1حسن إبراهيم حسن :انتشار اإلسالم في القارة اإلفريقية ،ط ،3مكتبة النهضة المصرية1991 ،م ،ص.13
-2دمحم العيثي :عبد القادر الجيالني ،شيخ كبير من صلحاء اإلسالم ،ترجمة :دمحم حجي ودمحم األخضر ،دار
الثقافة ،الدار البيضاء1993 ،م ،ص.17
22
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
« محيى الدين أبو دمحم عبد القادر بن أبي صالح جنكى دوست موسى بن أبي
عبد هللا يحيى الزاهد بن دمحم بن داود بن موسى بن عبد هللا بن موسى الجون عبد
المحصن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب رضي هللا عنه» .1وذكره ابن رجب في
(طبقات الحنابلة) بقوله« :هو شيخ العصر ،وقدوة العارفين ،وسلطان المشايخ،
صاحب المقامات والكرامات» ،2ولد بـ"جيالن" من بالد فارس ،وتعلم هناك ثالث عشرة
سنة ،وكان محبا للعلم والعلماء ،ويقال« :إنه ظل يطلب العلم سنوات كثيرة حتى قيل:
إنه أمضى في طلب العلم اثنين وثالثين سنة ،درس فيها مختلف علوم الشريعة ،ثم
جلس للتعليم والوعظ سنة 420ه».3
وذكره الشعراني في (الطبقات الكبرى) بقوله« :كان الجيالني يتكلم في ثالثة
عشر علما ،وكانوا يقرؤون عليه في مدرسته درسا في التفسير ،ودرسا في الحديث،
ودرسا من المذاهب ،ودرسا من الخالف ،وكانوا يقرؤون عليه طرفي النهار التفسير
وعلوم المذهب والخالف واألصول والنحو ،وكان يعلم القراء بالقراءات بعد الظهر،
وكان يفتي على مذهب اإلمام أحمد بن حنبل واإلمام الشافعي ،وكانت فتواه تعرض
على العلماء في العراق فتعجبهم أشد اإلعجاب» 4ثم دخل إلى بغداد في عهد "
المستظهر باهلل العباسي" سنة 1094م وهي السنة التي خرج فيها الغزالي من بغداد،
-1الشيخ دمحم بن يحيى التادفي :قالئد الجواهر في مناقب الشيخ عبد القادر مطبوع مع "سر األسرار " المنسوب
للجيلني( ،د.ط) ،بيروت( ،د.ت) ،ص.3
-2القاضي أبي الحسين دمحم بن أبي يعلى الفراء البغدادي الحنبلي :طبقات الحنابلة ،تحقيق الدكتور عبد الرحمان
بن سليمان العثيمين ،األمانة العامة لالحتفال بمرور مائة عام1119 :ه( ،د.ط) ،الرياض.190/3 ،
-3ابن رجب :الذيل على طبقات الحنابلة ،تصحيح الشيخ دمحم حامد الفقي ،مطبعة السنة الدمحمية( ،د.ط) ،القاهرة،
(د.ت).291/1 ،
-4الشعراني :الطبقات الكبرى ،المصدر السابق ص.109
23
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
وعندما تصوف لبس جبة صوف ومشى حافيا ،قائال" :كنت اشتغل بالعلم فيطرقني
الحال فأخرج إلى الصحراء ليال أو نها ار فأصرخ وأهيم على وجهي".1
أما نسبه من جهة أمه فهي الولية الفاضلة السيدة فاطمة أم الخير بنت الولي
الصالح سيدنا عبد هللا الصومعي الزاهد الشريف الحسيني ،ولدته أمه وعمرها ستون
سنة ،انتقل أجداده إلى جيالن ف ار ار بأنفسهم من سيف بني أمية وبطش خلفاء بني
العباس في أواسط القرن الثاني الهجري بعد وقعة " فخ " الشهيرة .2دخل بغداد وله من
العمر ثمانية عشر سنة ودخل مدرسة القاضي أبي سعيد المخزومي شرقي بغداد ،تتلمذ
الشيخ عبد القادر الجيالني على كبار أشياخ العصر في العلوم الشرعية ،أمثال:
-الشيخ علي بن أبي الوفاء بن عقيل.
-أبو الخطاب الكلوداني.
-أبو الحسن علي بن دمحم بن أبي يعلى.
-أبو عثمان بن ملة األصبهاني وغيرهم.3
وبعد أن تألق ونبغ وذاع صيته في العلوم الشرعية ،فكان يفتي على المذهب
الشافعي والحنبلي وأصبح عميد العلماء على المذهبين ،اختير للتدريس في المدرسة
النظامية المشهورة ،والتي كان يدرس بها قبله اإلمام الغزالي ،فكان يحضر مجلسه عدد
كبير من المتعلمين ،وكانت تعد نحو أربعمائة محبرة عالم .قال قاضي القضاة دمحم بن
عبد الواحد المقدسي :سمعت شيخنا موفق الدين ابن قدامة المقدسي يقول ":دخلنا بغداد
سنة 421ه فإذا الشيخ سيدنا عبد القادر الجيالني ممن انتهت إليه الرئاسة بها علما
وعمال وافتاء وحاال .كان يكفي طالب العلم عن قصد غيره من كثرة ما اجتمع فيه من
-1حسن عيسى عبد الظاهر" :الشيخ عبد القادر الجيالني" ،مجلة الدوحة ،عدد ،112الدوحة ،قطر ،أغسطس آب
1994م ،ص.24
-2دمحم العيثي :عبد القادر الجيالني ،شيخ كبير من صلحاء اإلسالم ،المصدر السابق ،ص.19
-3المصدر نفسه ،ص.40
21
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
العلوم وسعة الصدر" .1ويقول عنه الحافظ ولده سيدي عبد الرزاق:كان والدي رضي
هللا عنه يتكلم في ثالثة عشر علما في اليوم ،وكان يحضر مجلسه الوزراء والعلماء
والفقهاء والمشايخ والفقراء وغيرهم ،وكان وعظه مؤثرا .ولتأثير وعظه في الناس أسلم
كثير من اليهود والنصارى على يديه وكثير من العصاة والمذنبين .كان عصر الشيخ
محي الدين عبد القادر الجيالني عصر فتن ونزاعات بين أهل الرئاسة ،وأصحاب الفرق
بين الخلفاء العباسيين والوزراء السلجوقيين من جهة ،وبين أهل الفرق المتطرفة من
شيعة وخوارج وروافض وحتى الشافعية والحنابلة واألشاعرة من جهة أخرى.2
وأما عمدته في التصوف وعلم الحقيقة ،فجماعة من كبار مشايخ الطريقة على
رأسهم سنده فيها وهو :الشيخ حماد بن مسلم الدباس المتوفى ببغداد عام 424ه ،الذي
الزمه خمسة وعشرين عاما .وهذا األخير تتلمذ على القاضي الصوفي أبي سعيد
المبارك المخزومي ،عن علي القرشي ،عن أبي الفرج الطرطوشي ،عن عبد الواحد
التميمي عن الشيخ أبي بكر الشبلي ،عن الشيخ أبي القاسم الجنيد رأس الطائفة
الصوفية السنية ومنه إلى باقي أفراد السلسلة حتى اإلمام علي بن أبي طالب.3
خلف الشيخ عبد القادر الجيالني جملة من المؤلفات التي تدل على مكانته
ومنزلته وتأثيره في عصره ،ومن جاء بعده ،منها:
* طريقته الصوفية السنية التي تنسب إليه.
* خطبه ومواعظه ورسائله.
* مؤلفاته الصوفية ،من أذكار وأحزاب ،وشروح وفيوضات ربانية ،منها:
-جالء الخاطر في الباطن والظاهر ،وهو تفسير جليل للقرآن الكريم.
-1الشيخ عبد القادر الجيالني :الغنية لطالبي طريق الحق عز وجل ،تحقيق صالح بن دمحم بن عويضة( ،د.ط)،
بيروت1117 :ه1997-م ،ص.27
-2المصدر نفسه ،ص.29
-3أبو القاسم سعد هللا :تاريخ الجزائر الثقافي ،ج .1بيروت :دار الغرب اإلسالمي.232 -234 /3 ،1999 ،
24
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
-1أنظر :شذرات الذهب ،202/1األعالم للزركلي ،17/1سير أعالم النبالء ،144/20البداية والنهاية
.222/12
-2الشيخ عبد القادر الجيالني :الفتح الرباني ،المصدر السابق ،ص.11
22
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
يكن ليخطئه بالحذر ،وأن ما أخطأه من األسباب لم يكن ليصيبه بالطلب ،وأن جميع
ما كان في سالف الدهور واألزمان ،وما يكون إلى يوم البعث والنشور بقضاء هللا وقدره
المقدور ،وأنه ال محيص لمخلوق من القدر المقدور الذي خط في اللوح المسطور».1
-3مسألة خلق أفعال العباد ،نرى أنه على ما ذكره السلف وأهل السنة
والجماعة ،يقول في كتابه (الغنية)« :إن أفعال العباد خلق هللا عز وجل ،وكسب لهم،
خيرها وشرها ،حسنها وقبيحها ،ما كان منها طاعة ومعصية ،ال على معنى أنه أمر
قسم األرزاق وقدرها
بالمعصية ،لكن قضى بها وقدرها وجعلها على حسب قصده ،وأنه ّ
فال يصدها صاد ،وال يمنعها مانع ،ال زائدها ينقص ،وال ناقصها يزيد ،وال ناعمها
يخشن ،وال خشنها ينعم ،ورزق غذ ال يؤكل اليوم ،وقسم زيد ال ينقل إلى عمرو ،وأنه
تعالى يرزق الحرام كما يرزق الحالل على معنى أنه يجعله غذاء لألبدان ،وقواما
لألجسام ال معنى إباحة الحرام .وكذلك القاتل ،لم يقطع أجل المقتول المقدر له ،بل
يموت بأجله ،وكذلك الغريق ،ومن هدم عليه الحائط ،وألقى من شاهق ،ومن أكله
السبع ،وكذلك هداية المسلمين والمؤمنين ،وضاللة الكافرين ،واليه عز وجل جميع ذلك
فعل له ،وصنعه ال شريك له في ملكه».2
ثم تابع الشيخ عبد القادر الجيالني عمله في هذا المجال ،وتدرج في مسالك
التصوف حتى صار من أقطابه خاصة بعد وفاة الغزالي ،ونظ ار لشهرته في التصوف
لقب بـ"سلطان الصالحين" و"قطب األقطاب"* و"غوث اإلسالم" ،وقد كان عالما
وأستاذا .ولم ا توفي دفن بمدرسته في السور الشرقي من بغداد ،ومازال قبره يزار حتى
**
كما ترك أتباعا كثيرين في كل من آسيا وافريقيا. اليوم ،وقد ترك مؤلفات هامة
-1أحميدة عميراوي :رسالة الطريقة القادرية في الجزائر ،دار الهدى للطباعة والنشر ،الجزائر(د.ت) ،ص.27
-2ينظر :عبد الحميد بن باديس :آثار اإلمام بن باديس ،الشركة الوطبية للنشر والتوزيع ،الطبعة الثالثة ،الجزائر،
1117ه1997-م.211 /1 ،
29
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
من هذه الخصوصية ،عم ت شهرته العالم اإلسالمي بأكمله ووصل تالمذته ،وأتباعه
إلى مختلف األقطار ،حتى قال في حقه الشيخ أبو يعزى المتصوف المشهور ":وان
المشرق ليفضل على المغرب به ،وان علمه ونسبه قد ميزاه على األولياء تميي از
واضحا" .وقال في حقه أبو دمحم صالح الماجري ":هو إمام الصديقين وحجة العارفين،
وهو روح في المعرفة ،وشأنه الغربة بين األولياء ،ولم يبق بينه وبين الحق إال نفس
واحد.1"...
ومن خالل وصيته البنه الشيخ الحافظ سيدي عبد الرزاق نستشف مميزات
تصوفه الذي يعتبر استم ار ار ودعما لتصوف السنة ،وهي:
-الطريقة القادرية مبنية على الكتاب والسنة وسالمة الصدر.
-التبري من الحول والقوة ،وأن الكرامة وخرق العادة من كرم هللا على عباده
الصالحين.
-التصوف حال لمن ال يأخذ بالقيل والقال.
-حقيقة الفقر أن ال تفتقر إلى من هو مثلك.
-حقيقة الغنى أن تستغني عن من هو مثلك.
-عليك باإلخالص ،وهو نسيان رؤية الخلق ودوام رؤية الخالق.
-ال تتهم هللا في األسباب واستكن إليه في جميع األحوال.
-أمت نفسك حتى تحيا.
-أقرب الخلق إلى هللا تعالى أوسعهم خلقا.
-أفضل األعمال رعاية السر عن االلتفات إلى شيء سوى هللا عزوجل.
-الفقر والتصوف جدان ،فال يخلطان بشيء من الهزل.
-خدمة الفقراء بثالثة خصال :التواضع ،حسن الخلق ،وصفاء النفس.
وعقيدة الشيخ سيدي عبد القادر الجيالني قائمة على توحيد الربوبية وتفريدها.
وأنه تعالى منزه عن الكيف واألين والظرفية والعندية .فهو خالق كل شيء ومتجلي في
كل شيء وليس مثله شيء.1
-الشهادة بعد كل فريضة(مائة مرة) .وقد رويت على ثالث صيغ :ال إله إال
هللا وحده ال شريك له ،ثم ال إله إال هللا الملك الحق المبين ،أو ال إله إال هللا (مجردة).
صُّلو َن ِ -الصالة على النبي ملسو هيلع هللا ىلص اعتمادا على قوله تعالىِ ﴿ :إ َّن َّ
َّللاَ َو َم َالئ َكتَ ُه ُي َ
يما﴾.1 ِ ِ ِ النِب ِي ياأَيُّها َّال ِذين آمنوا ُّ
َّ
صلوا َعَل ْيه َو َسّل ُموا تَ ْسل ً َ َُ َ َعَلى ّ َ َ
وصيغتها :اللهم صل على سيدنا دمحم وعلى آله وصحبه وسلم(مائة مرة) ،تق أر
دبر كل صالة من الصلوات الخمس حسب الطاقة.2
إن المتتبع لصيغ الورد القادري يجد أنها تختلف عند مؤلفين آخرين ينتمون
للطريقة القادرية ،أو ألفوا عنها منها:
-في كتاب (نشر المثاني) في ترجمة دمحم زيزر المكناسي ،كالتالي :أن تق أر
دبر كل صالة :االستغفار :استغفر هللا(مائة مرة) .ثم قراءة أسماء هللا الحسنى ،وان
شئت بدأت بها ،وهي :هو هللا الذي ال إله إال هو الرحمان الرحيم الملك القدوس...
إلى المصور(إثنى عشر ألف) ،فيما بين الليل والنهار ،كيفما تيسر وان زدت فهو
خير.
-أما في كتاب (المواهب القدسية) فقد عرف الورد القادري على الشكل
ميحرلا نمحرلا هللا(البسملة)(مائة مرة) ،في كل صباح ومساء ،سبحان هللا اآلتي :بسم
وبحمده ،سبحان هللا العظيم ( كذلك على نفس المنوال) .اللهم صل على سيدنا دمحم
النبي األمي وعلى آله وصحبه وسلم ( مائة مرة) .يالطيف ( مائة وتسعة وعشرين
مرة) .ال إله إال هللا وحده ال شريك له ،له الملك وله الحمد يحي ويميت ،وهو على كل
شيء قدير ( مائة مرة) ،في كل صباح ومساء كذلك .يا غني ( تسعمائة وستين مرة).
ال إله إال هللا ( خمسمائة مرة) .وأما من كان مستعجال ،وكثير االشتغال فيكفيه ذكر
الهيللة ( 122مرة) ،دبر كل صالة .وعلى الذاكر أن يزيد بعد الفراغ من تالوة األوراد:
حزب البسملة ،مسبعات سيدنا الخضر عليه السالم ،بعدها معشرات التميمي ،وكلها
قبل الشروق والغروب.1
والطريقة القادرية كباقي الطرق الصوفية األخرى أثرت أورادها وأذكارها على
يد كبار مشائخ الطريقة الالحقين ،كالورد اليومي الذي يق أر خمس مرات في اليوم بعد
كل صالة ،ومنه الورد الجماعي الذي يقرأه الفقراء جماعة بين العشاءين ويسمى :حزب
التمجيد .ومنه الذي يق أر مرة واحدة في األسبوع جماعة عقب صالة العصر ويسمى
(بالوظيفة).2
-1ماء العينين :فتح البدايات وتوصيف النهايات ،القاهرة :شركة الطباعة الفنية المتحدة ،د.ت ،ص.201
-2عبد الحي القادري :الزاوية القادرية عبر التاريخ والعصور ،المصدر السابق ،ص.24
-3عبد هللا عبد الرزاق ابراهيم :أضواء على الطريقة الصوفية في القارة اإلفريقية ،د .م ،مكتبة مدبولي،1990 ،
ص.37
71
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
وقد اعتبرت القادرية أصل لكل الطرق الصوفية اإلسالمية السنية التي تسير عليه
الطرق األخرى مثل الشاذلية وغيرها.
-إن ما ميز الشيخ سيدي عبد القادر الجيالني وتصوفه هو الطابع الزهدي
والتقشفي من جهة ،والعلمي العملي من جهة ثانية ،فلقد كانت حياته كلها تجرد وخلوة
وخرقة واخالء للقلب واليد واإلقبال على هللا قلبا وقالبا ،ثم وعظ وارشاد ودعوة إلخالص
العبودية ،واالعتماد على الوسائل النبيلة لتحقيق المقاصد بالتسامح واللين.
-رغم كل ما سبق ذكره لم تسلم القادرية من بعض التأثيرات المحلية ،التي
عكرت صفو منابع الطريقة السنية الصافية ،مثل تلك الدعوات المتعصبة والتي جعلت
من شيخها فوق البشر ،أو تلك الدعوات البدعية التي تجعل منها تغرق في ممارسات
وطقوس هي أقرب إلى االنحراف منها إلى الدين والورع.1
-1أبو الوفا الغنيمي التفتازاني :الطرق الصوفية في مصر ،مستخرج من حوليات كلية اآلداب ،جامعة القاهرة،
،1929ص.42
-2هو الشيخ الفقيه الزاهد الواعظ ،عبد الوهاب بن عبد القادر (ولد في شعبان سنة 422ببغداد ،وتوفي بها في
شوال سنة ،)493قام بالتدريس بالمدرسة القادرية في حياة والده -نيابة عنه -ثم تولى المدرسة بعد وفاة الشيخ
الجيالني ،ولم يكن في أوالد أبيه أميز منه ،فقد كان فقيها فاضال ،حسن الكالم في مسائل الخالف ،له لسان فصيح
74
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
وعبد الرزاق المتوفى سنة 203ه ،1شرف الدين أبو عبد الرحمن عيسى الذي قدم إلى
مصر وبها توفي سنة 473ه ،وقد اشتهر بعلمه وتصوفه ومن مؤلفاته " جواهر
األسرار ولطائف األنوار" ،وضياء الدين موسى أبو النصر ،الذي رحل من بغداد ودخل
مصر مدة ،ثم رحل منها إلى بالد الشام ،واستقر بدمشق ناش ار للعلم والتصوف إلى أن
توفي عام 219ه.
-تلقى العديد من الصوفية الوافدين من أقطار العالم اإلسالمي ،الطريقة
القادرية وخرقة الصوفية تلقينا ومبايعة من الشيخ الجيالني -سواء في بغداد أو في مكة
عندما حج إليها حجته الثانية -وقد عمل هؤالء على نشر طريقته ببلدانهم في حياته
وبعد مماته ،هذا باإلضافة إلى أثر الدعوة التي قام بها أوالده وأحفاده في جوالنهم
بالبلدان اإلسالمية.
-أدى سقوط بغداد في القرن السابع الهجري على أيدي المغول سنة 242ه،
إلى إضفاء الالمركزية على الطريقة القادرية ،فلم تعد مدرسته وأسرته محط أنظار
القادرية في العالم اإلسالمي ،وانما اعتبرت فروع الطريقة القادرية بالبلدان أصوال
في الوعظ ،وقد جعله اإلمام الناصر لدين هللا على ديوان المظالم..ترجم له الذهبي في تاريخ اإلسالم ،وابن رجب
في ذيل طبقات الحنابلة (قالئد الجواهر ص.)43
-1هو الشيخ الزاهد الورع المحدث ،أبو بكر عبد الرزاق بن عبد القادر (ولد في ذي القعدة سنة ،429وتوفي
ببغداد ليلة السبت سادس شوال سنة ،203وكان يوم وفاته مشهودا) ،وهو أشهر أبناء الشيخ الجيالني في ميدان
الحديث ،وكانت له أحوال صوفية باهرة ،حتى روي عنه أنه :مكث ثالثين سنة ،ال يرفع رأسه إلى السماء حياء من
هللا عز وجل ..وله ترجمات مطولة في كتب الطبقات ،انظر :التقييد البن نقطة ،ورقة - 112تاريخ ابن الدبيثي،
ورقة -149التكملة للمنذري -990/3الجامع البن الساعي -211/9تاريخ اإلسالم -133/19العبر -2/4
تذكرة الحفاظ -1394/1البداية والنهاية -12/13الذيل البن رجب -10/2عقد الجمان للعيني/17ورقة -299
النجوم الزاهرة -192/2شذرات الذهب -9/4التاج المكلل ص -219قالئد ص( 41سير أعالم النبالء
.)122/21
72
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
للطريقة تستلهم قوتها من ذاتها ،ومن مؤلفات الشيخ سيدي عبد القادر الجيالني ،التي
كانت قد مألت األرض في ذلك الوقت.1
إن الخريطة الروحية للعالم اإلسالمي بعد وفاة الشيخ سيدي عبد القادر
الجيالني بقرون ،أصبحت على مر الزمن أوسع الطرق الصوفية انتشا ار على
اإلطالق ،وهذا بشهادة ابن تيمية نفسه حيث يقول في القرن السابع للهجرة أنه كلما
قابل واحدا من عامة المسلمين وجده عضوا في الطريقة القادرية ،2وفي القرن الثامن
نجد شهادة اليافعي(أبو دمحم عبد هللا بن أسعد اليافعي اليمني ،المتوفى 729هجرية)
حين يقول إن شيوخ اليمن -األكابر منهم واألصاغر -يرجع أكثرهم في لبس الخرقة
إلى الشيخ عبد القادر.3
وقد أشارت بعض تقارير األجانب خالل القرن 19م ،إلى أن أتباع الطريقة
القادرية من أشد الدعاة والمبشرين باإلسالم والتصوف ،معتمدين في ذلك على حوار
التجار المقنع والمسالم ،وكذلك على الكتاتيب والمدارس العلمية القرآنية ،مترفعين عن
النزاعات والصراعات السياسية :مما يسر لهم مهمتهم وجعل فكر شيخهم يصل إلى
مختلف بالد العالم اإلسالمي .وقد كان لموسم الحج دو ار كبي ار في نشر األفكار
وتالقحها بين العلماء والصلحاء ،فقد التقى عدد من أعالم التصوف في العالم
اإلسالمي بشيخ الطريقة القادرية واجتمعوا به في هذه الديار المقدسة وأخذوا عنه عدة
علوم ،منها طريقته الصوفية ،عبر السنوات والقرون.4
-1عبد القادر القادري" :الزاوية القادرية ودورها الديني واالجتماعي"( ،مقالة بمجلة صوت الحق-المغرب العربي)،
ص.40
-2تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم ابن تيمية الحراني :بغية المرتاد في الرد على
المتفلسفة والقرامطة والباطنية أهل اإللحاد من القائلين بالحلول واالتحاد [ أو السبعينية] ،تح :موسى بن سليمان
الدويش ،مكتبة العلوم والحكم1122 ،ه2001/مابن تيمية :بغية المرتاض ،ص .121وانظر أيضا :مادة " قادرية
"بدائرة المعارف اإلسالمية ،ص.392
-3عبد هللا بن أسعد اليافعي :روض الرياحين في حكايات الصالحين ،طبعة مصر1990 ،م ،ص.292
-4عبد القادر القادري" :الزاوية القادرية ودورها الديني واالجتماعي" ،المرجع السابق ،ص.10-39
77
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
أما عن األماكن التي وصلت وانتشرت فيها الطريقة القادرية فيمكن تلخيصها
في ما يلي:
-الغرب اإلسالمي :في عهد الشيخ سيدي عبد القادر الجيالني(ت421ه).
-الشرق اإلسالمي :تجاوزت تركيا إلى شبه جزيرة البلقان ،ووصلت إلى
أقصى الشرق أي أندونيسيا و(جاوا) و(سوماراتا) وبالد الهند والصين( ما بين القرن
11م و17م).
-في إفريقيا والصحراء :فوصلت إلى مصر وحواضر الشمال اإلفريقي،
وكذلك بواسطة قوافل الحج والتجارة ،ويحدد القرن 14م كتاريخ لهذا االنتشار.
أما عن أهم فروع الطريقة القادرية فهي:
-األشرفية :نسبة إلى الشيخ أشرفي أوعلو(ت1193م) ،وقد انتشرت في
تركيا.
-العرابية :تنسب إلى سيدي عمر العرابي ،وتوجد في مصر .وينسب إليها
زعيم الثورة العرابية في مصر.
-المدينية :نسب ة إلى الغوث أبي مدين دفين تلمسان ،أحد دعاة الطريقة ببالد
المغرب عامة.
-الرفاعية :نسبة إلى سيدي أحمد الرفاعي المتصوف المشهور توفي سنة
479ه بمصر.
-الكورزمانية :وقد انتشرت في الهند.
-الهندية ،النابلسية ،الخلوصية ،الوسالبية ،الرومية ،وكلها فروع قادرية
منتشرة في تركيا.
-المشرفية ،اليافعية ،األهذلية باليمن والصومال.
-القاسمية ،الوفائية ،الدسوقية ،الفيومية :في مصر.
79
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
-6الطريقة الشاذلية:
وتنسب إلى الشيخ أبي الحسن الشاذلي ،وهو« :علي بـن عبـد هللا ويكنـى (بـأبي
الحسن) ويلقب (بتقي الـدين) 2بـن عبـد الجبـار بـن تمـيم بـن هرمـز بـن يوسـف بـن يوشـع
ورد بن بطال بن أحمد بن حمد بن عيسى بن دمحم بن الحسن بن علي بن أبي طالـب –
رضي هللا عنه ،)...( ،وأجمعت جمع المصادر التي أرخت للشاذلي أن مولده كان سـنة
493ه بقريــة عمــارة المغربيــة مــن مدينــة ســبتة» ،3وقــد أجــاب علــي أبــو الحســن الشــاذلي
عنــدما ســاله أحــدهم عــن الســبب الــذي منعــه مــن تــأليف أي شــيء عــن طريقتــه قــائال ":ال
ـدي الحــاليين مــنهم والالحقــين" .وحقــا فــإن عــدة طــرق صــوفية منحــدرة
كتــب لــي ســوى مريـ ّ
من الطريقة الشاذلية تشهد بذلك.4
-1عبد الحي القادري :الزاوية القادرية عبر التاريخ والعصور ،المصدر السابق ،ص.24
-2ابن عطاء هللا السكندري :لطائف المنن في مناقب الشيخ أبي العباس المرسي والشيخ الشاذلي أبي الحسن،
مطبعة خليل منصور ،دار الكتب العلمية ،بيروت1999 ،م ،ص ،71دمحم مخلوف :شجرة النور الزكية في طبقات
علماء المالكية ،ج ،1المطبعة السلفية ومكتبتها ،القاهرة1319 ،ه ،ص.192
-3عبد الحليم محمود :أبو الحسن الشاذلي ،دار الكتاب العربي للنشر والطباعة( ،د.ط) ،سلسلة أعالم العرب،
العدد1927 ،29 :م.13 /1 ،
-4الشيخ خالد بن تونس :التصوف اإلرث المشترك( مئوية الطريقة الصوفية العالوية 2009-1909م) ،زكي
بوزيد للنشر ،فرنسا2009 ،م ،ص.101
79
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
وتبقــى الشــاذلية حتــى يومنــا هــذا إحــدى طــرق التصــوف الكبــرى بفضــل فرقهــا
المختلفــة .فبعــد أن نشــأت فــي المغــرب ،انتقلــت إلــى مصــر وتغلغلــت فــي أعماقهــا خــالل
القـ ـ ــرن الثالـ ـ ــث عشـ ـ ــر ،لتعـ ـ ــود بعـ ـ ــد ذلـ ـ ــك إلـ ـ ــى المغـ ـ ــرب ،وتبلـ ـ ــغ أبعـ ـ ــد حـ ـ ــدود العـ ـ ــالم
اإلسالمي(الصين وأندونيسيا).
" يــا عل ــي إذهــب إل ــى إفريقيــة (ت ــونس حاليــا) واقط ــن مكانــا ي ــدعى شــذولة فق ــد
ســماك هللا الشــاذلي .بعــدها ارحــل إلــى العاصــمة التونســية حيــث يضــطهدك الحكــام ثــم
اقصــد مصــر حيــث ستصــبح قطبــا" .هــذا مــا قالــه عبــد الســالم بــن مشــيش ناســك الريــف
المغربـ ــي لتلميـ ــذه الوحيـ ــد علـ ــي أبـ ــي الحس ـ ـن كاشـ ــفا لـ ــه معـ ــالم رحلتـ ــه الجغرافيـ ــة منهـ ــا
والصوفية.
عــاد الشــاب أبــو الحســن إلــى الشــمال المغربــي مــن رحلتــه األولــى بالمشــرق فــي
عــام 219ه1221 /م ،بعــدما ذهــب للبحــث عــن " قطــب زمانــه" .وفــي الع ـراق ،أخب ـره
شيخ يدعى أبا الفتح الواسيطي أن القطب موجود عنده بالمغرب.1
بعد أن أذن له شيخه ،اختار أبـو الحسـن حيـاة الناسـك مـع رفيـق لـه فـي الجبـال
الواقع ــة بمح ــاذاة ش ــاذلة ( ب ــين ت ــونس العاص ــمة والقي ــروان) .وعن ــد انته ــاء عزلت ــه ،رج ــع
ليعــيش مــع النــاس فــي تــونس العاصــمة ،وهنــاك تتلمــذ علــى يديــه العديــد مــن المريــدين.
اسـ ـ ـ ــتثار نجاحـ ـ ـ ــه المت ازيـ ـ ـ ــد غي ـ ـ ـ ـرة قاضـ ـ ـ ــي المدينـ ـ ـ ــة وريبـ ـ ـ ــة السـ ـ ـ ــلطان .فهـ ـ ـ ــاجر سـ ـ ـ ــنة
212ه1211/م ،هاجر إلى مصر مصـحوبا بعـدد مـن تالميـذه مـن بيـنهم شـاب أندلسـي
فــر إثــر حــرب االســترداد ليلتقــي شــيخه بتــونس الــذي انكشــف لــه فــي رؤيــا ،ويــدعى هــذا
الشاب الذي خلف الشاذلي فيما بعد أبو العباس المرسي.
أكــرم الســلطان األيــوبي بمصــر ضــيافة الشــاذلي ،ومنحــه قلعــة فــي األســكندرية.
اكتس ــبت ه ــذه المدين ــة ف ــي القـ ـرنين الث ــاني عش ــر والثال ــث عش ــر م ازي ــا جعل ــت المس ــلمين
يلجــأون إليهــا ،خاصــة أولئــك الــذين كــانوا يعيشــون فــي الغرب(إســبانيا والمغــرب) .وهكــذا
أصــبحت اإلســكندرية محطــة الشــاذلي األخيـرة ،كمــا كــان الحــال بالنســبة لشــيوخ متصــوفة
سبقوه.
كان الشـيخ يجـوب مصـر مـن شـمالها إلـى جنوبهـا ،لينشـر طريقتـه وليـذهب إلـى
الح ــج .وق ــد ت ــوفي وه ــو ف ــي طريق ــه ألداء ه ــذه الفريض ــة س ــنة 242ه1249/م بمنطق ــة
حميثـ ار بصــحراء جنــوب شــرق مصــر .وفــي نفــس الســنة ســقطت بغــداد علــى يــد المغــول،
وبه ــذا بات ــت مص ــر المرك ــز الح ــي للع ــالم اإلس ــالمي ،حي ــث اس ــتقبل الممالي ــك الخليف ــة
العباســي المطــاح بــه ،ثــم أبرمـوا معاهــدة للســالم اإلســالمي شــملت كامــل الشــرق األدنــى،
ونصبوا أنفسهم حماة اإلسالم ودعاة إلى الصـوفية .لـم يتوقـف المرسـي ،خليفـة الشـاذلي،
عــن تكــوين المريــدين .ونشــر رســالة الشــاذلية الحديثــة فــي كــل منــاطق بــالد النيــل .تــوفي
باألس ــكندرية س ــنة 292ه1297/م ،وال تـ ـزال المس ــاجد الت ــي ش ــيدت ح ــول قبـ ـره ،وقب ــور
بعض مريديه على شاطئ البحر من أهم المعالم الدينية بهذه المدينة.1
ل ــم يت ــرك الش ــاذلي وال خليفت ــه المرس ــي كتب ــا أو م ارج ــع ،لك ــن النجاع ــة الروحي ــة
ألحزابهمــا ثابتــة فــي الطريقــة الشــاذلية وخارجهــا .فقــد نقــل الشــيخ الثالــث المصــري ،ابــن
عطــاء هللا الســكندري(المتوفى ســنة 709ه1309/م) تعاليمهمــا ونشــرها فــي كتــاب عرفــه
العالم اإلسالمي قاطبة.2
وقد جـاءت حكمـه لتقتـرح منهجـا تربويـا صـوفيا فـي شـكل أحكـام مـوجزة تخاطـب
نف ــس وض ــمير المري ــد الـ ـواعي مباشـ ـرة ،وه ــذا م ــا يب ــرر التفس ــيرات الكثيـ ـرة الت ــي ج ــاءت
بش ــأنها .أم ــا لط ــائف الم ــنن ،فتمث ــل وص ــية اب ــن عط ــاء هللا الروحي ــة وال ــنص المرجع ــي
للعقيــدة الشــاذلية .لقــد كــان لفــرعين مــن فــروع الشــاذلية وهمــا الحنفيــة والوفائيــة قــوة تــأثير
متساوية في مصر حتى العهد العثمـاني ،لكـن بفضـل آرائهـا السـديدة اسـتطاعت الطريقـة
التوسع كثيـ ار بـين العلمـاء حتـى أن علمـاء أجـالء أمثـال السـبكيين جـالل الـدين السـيوطي
والشعراني انضموا إليها.
تعلــم الشــاذلية تجريــد البــاطن ،والتركيــز علــى هللا وحــده عــن طريــق الــذكر ،ألن
هللا ،حتمــا ،هــو الرفيــق األوحــد والوحيــد .وهــذا مــا يفســر حــذر أكبــر شــيوخ الشــاذليين مــن
تمجيد المريدين لشيوخهم .يستلزم هذا التركيز الحذر تجردا وعزلة باطنيين ،ألن الظـاهر
ال يهــم كثي ـران والمعــايير الدينيــة واالجتماعيــة ال بــد أن تحتــرم " ياأبــا العبــاس إعــرف هللا
وكن كيف شئت" هكذا أجاب الشـاذلي تلميـذه المرسـي بعـد أن لجـأ إليـه عنـدما رغـب فـي
ممارسة الزهد الظاهر.1
وتقوم الطريقة الشاذلية على عدة أصول هي:2
-تقوى هللا في السر والعلن ،وفي القول والعمل.
-احتقار أمور الـدنيا واالستسـالم لمشـيئة هللا فـي كـل األحـوال واللجـوء إليـه فـي
السراء والضراء.
انتشرت هذه الطريقة في بالد المغرب ومصر ،ثم تفرعت منها فروع هي:
وفاته مؤسسها الطريقة
999ه أحمد رزوق األندلسي الزروقية
1423م (933ه) دمحم بن عيسى العيساوية
1702م سعيد بن يوسف الحنصالي الحنصالية
1209م أحمد بن موسى الحسني الكر اززية
1733م دمحم بن عبد الرجمان بن بوزيان الزيانية
-2الزروقية:
هي فرع من الشاذلية ،أسسها صاحبها أحمد بـن أحمـد بـن دمحم البرنسـي الفاسـي
المشهور برزوق بليبيا ،تعلم التصوف علـى يـد مشـايخ المغـرب العربـي والمشـرق ،مـنهم:
إبـ ـراهيم الت ــازي (ت922ه) ،وأحم ــد ب ــن الحس ــن الغم ــاري (ت971ه) ،وعب ــد الرحم ــان
الثعالبي (ت974ه) ،وأحمد بن عقبة الخضرمي (ت994ه) ،استقر ببجاية وأسس بهـا
ظاوية ،خلف عدة مؤلفات منها ،وفي رسالة (األمهـات) ذكـر أن المريـد يجـب أن ي ارعـي
عشرة أمور:1
-1أن يلتزم بالتقوى.
-2أن يعمل باألسباب التي تكمل بها التقوى
-3التيقظ لموارد األشياء ومصادرها بحيث يكون قلبك عند جوارحه.
-1صــحبة أهــل العلــم والمعرفــة الــذين يســاعدون المريــد بعيــوب نفســه ويدلونــه
على ربه.
-4مجانبة أهل العزة واألغرار.
-2التمسك باآلداب وااللتزام بها.
-7احترام الوقت واعطاؤه حقه.
-9استشعار مراقبة هللا سبحانه وتعالى.
-9االبتعاد عن التكلف.
–10عمارة القلب بما يحميه.
-4الطريقة الدرقاوية:
وهــي تنتســب إلــى الشــيخ دمحم العربــي الــدرقاوي ( المتــوفى 1239ه ــ1923/م)،
مــع اإلشــارة إلــى أن شــيخه الــذي اعتمــده وعــول عليــه هــو الشــيخ علــي الجمــل العم ارنــي
(المتــوفى 1191ه ــ1779 /م) ،هــذا األخيــر الــذي أثــر إلــى حــد كبيــر بمنهجــه وطريقــه
الصــوفي فــي الشــيخ العربــي الــدرقاوي .وانتشــرت فــي غــرب الج ازئــر ويبــدو أن عــددا مــن
علم ــاء الج ازئ ــر ق ــد انج ــذبوا نح ــو ه ــذه الطريق ــة ،وأص ــبحوا م ــن مري ــديها ف ــي ذل ــك العه ــد
-1أحمد بن دمحم بن عياد الشافعي :المفاخر العلية في المآثر الشاذلية ،المصدر السابق ،ص 120وما بعدها.
ولالطالع على مؤلفاته ينظر :مثال :دمحم بن دمحم بن أحمد المليتي المديوني :البستان في ذكر األولياء والعلماء
بتلمسان ،تحقيق دمحم بن أبي شنب ،المطبعة الثعالبية( ،د.ط) ،الجزائر1322 :ه1909-م ،ص.12
93
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
(1220م) ،وهـ ــي متفرعـ ــة مـ ــن الطريقـ ــة الشـ ــاذلية ،وكـ ــان ألتباعهـ ــا سـ ــبح وخـ ــرق وأوراد
وحلقــات ذكــر وطــرق االجتمــاع ونحــو ذلــك ،حــاول الــدرقاويون أن يعلم ـوا النــاس طــرق
العــودة إلــى اإلســالم األول فتقشــفوا ومنعـوا اللبــاس الفــاخر والتـزين ولــم يحلقـوا الشــعر بــل
يلبسـ ـوا ال ــرث م ــن الثي ــاب ،وابتع ــدوا ع ــن أم ــور ال ــدنيا وزخرفه ــا ،وك ــانوا يجتمع ــون ف ــي
المناطق النائية والصعبة ،وقد تركز نشاطهم في منطقة الونشريس.1
ينحدر الشـيخ العربـي الـدرقاوي الـذي يحتـل مكانـة مرموقـة فـي الطريقـة الشـاذلية
من ساللة الرسول ملسو هيلع هللا ىلص ،كما أنه من منطقة بني زروال شـمال المغـرب .ينتمـي إلـى عائلـة
معروفــة بــالتقوى والــورع .تــابع د ارســته بفــاس كمــا فعــل ذلــك قبلــه أبــو الحســن الشــاذلي.
التقى هناك علي الجمل الذي صـار شـيخه فيمـا بعـد .عنـدما ازره للمـرة األولـى ثـار عليـه
وطرده ليختبر إخالصه .وعندما أثبت له ما أراد ،اعترف له أنه انتظر كثي ار مريـدا بمثـل
رباطة جأشه ،ألحقه بالطريقة ولقنه طريقة خاصة الستحضار اسم هللا األعظم.2
بعد أن أقام عدة سنوات بالقرب من شـيخه فـي فـاس ،عـاد الـدرقاوي إلـى مسـقط
رأسه وقبيلة بني زروال ،وأسس زاويته األولـى ببـوبريح ،وبـدأ تعلـيم قواعـد الطريقـة .وكـان
الشــيخ يــدعو إلــى طريــق الزهــد ويركــز علــى العمــل الروحــي لــيس علــى نظريــة التصــوف،
كم ــا ك ــان يـ ـربط البس ــاطة والبص ــيرة بالنش ــوة الباطني ــة .وتمث ــل رس ــائله الت ــي س ــجل فيه ــا
إلهاماته الروحية تجسيدا حقا لتعاليم شيوخ الشاذلية األوائل.3
ومــن أعالمهــم عبــد القــادر ابــن الش ـريف المقــدم المفضــل لــدى الشــيخ الــدرقاوي،
وقائد ثورة غرب الجزائر ،وأبو زيان دمحم المعسـكري(ت1279ه1923-21 /م) مـن أهـم
أصـ ــحاب الشـ ــيخ العربـ ــي ،رافقـ ــه مـ ــدة عش ـ ـرين سـ ــنة ،ألـ ــف كتابـ ــا فـ ــي طبقـ ــات الطريقـ ــة
الدرقاوية ،دمحم بن األحرش المغربي األصل عنـد رجوعـه مـن المشـرق بعـد مشـاركته فـي
-1دمحم بن جعفر الكتاني :سلوة األنفاس ومحاذاة األكياس فيمن قبر من العلماء والصلحاء بفاس ،ج ،1طبعة
حجرية ،المكتبية الوطنية الجزائرية ،تحت رقم .349 -349/1 ،94وانظر :ناصر الدين سعيدوني " :ثورة ابن
األحرش بين التمرد المحلي واالنتفاضة الشعبية" ،مجلة الثقافة ،الجزائر -العدد ،79نوفمبر /ديسمبر1993 ،م،
ص.221-199
-2الشيخ خالد بن تونس :التصوف اإلرث المشترك ،المصدر السابق ،ص.101
-3المصدر نفسه ،ص.101
91
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
مقاومة التدخل الفرنسي بمصر استقر شرق الجزائر ،وقاد أول ثـورة درقاويـة علـى الحكـم
العثماني ،ودمحم بن معروف بوشنافة ( ت1219ه1901-03 /م) التقى بالشيخ العربـي
بفــاس وأرســله لنشــر الطريقــة بمعســكر .وأبــو الطويــل العربــي بــن عطيــة الونشريســي نشــر
الطريقــة بجبــل الونش ـريس ،ودمحم بــن بــوعزة التلمســاني مــن بنــي عــامر قــرب تلمســان إلــى
غير ذلك من الشيوخ والمريدين.1
-يمد يده بالسؤال لقوم مخصوصين بال إلحاح وال إلحاف .وفي الحالتين معـا،
فه ــو بح ــر ازخ ــر ف ــي العل ــم والعرف ــان ولهم ــا الي ــد الط ــولى ف ــي طريق ــة الق ــوم ،أص ــولها
وفروعها ،وقوانينها وحقيقتها.1
ويمكن تلخيص أسس الطريقة الدرقاوية عموما في ما يلي:
-اتباع الكتاب والسنة ،ومجانبة البدع كلها في جميع الحاالت.
-كسر النفس.
-إسقاط التدبير واالختيار.
-التبري من الدعوى واالقتدار.
-اإلكثار من الذكر آناء الليل وأطراف النهار.
-االشتغال بالمذاكرة.2
اختار بعـض مريـدي الطريقـة الدرقاويـة بعـد وفـاة شـيخها حيـاة الترحـال ،حـاملين
عصــيا فــي أيــديهم ومســابح كبي ـرة حــول رقــابهم ،ولكــن لــيس كــل الــدرقاويين فعل ـوا ذلــك.
أعطـى الشـيخ الـدرقاوي دفعـة جديـدة للشـاذلية التـي ال تـزال فروعهـا المختلفـة -الدرقاويــة
والمدنية واليشروطية والعالوية -حية إلى يومنا هذا ال سيما في بالد المغـرب ،وبعضـهم
انتشروا في أقصى الشرق.3
وفــي ســنة 1279ه1923/م ،حصــل األميــر عبــد القـادر علــى المــوت المعنــوي
أعني التحقيق الروحي ،بعدما تعلق بالشـيخ سـيدي دمحم الفاسـي الـدرقاوي ،وخاصـة بعـدما
قام بالخلوة الحاسمة تحت رعاية شيخه في مكة.4
-1إبراهيم حركات :المغرب عبر التاريخ 3 ،أجزاء ،دار الرشاد الحديثة2000 ،م.173-129/3 ،
-2أبو العالء عفيفي :التصوف الثورة الروحية في اإلسالم ،المصدر السابق ،ص.299
-3الشيخ خالد بن تونس :التصوف اإلرث المشترك ،المصدر السابق ،ص.122
-4المصدر نفسه ،ص.101
92
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
-5الطريقة التجانية:
تأسست هذه الطريقة على يد الشيخ أحمـد التيجـاني ،المولـود بعـين ماضـي عـام
1140ه1737-م ،ودفــين فـاس عــام 1230ه1917-م ،واســمه أبــو العبــاس أحمــد بــن
دمحم ،ويكنــى بــابن عمــرو بــن المختــار بــن أحمــد بــن دمحم بــن ســالم بــن أبــي العيــد بــن ســالم
بــن أحمــد ،بــن علــي بــن عبــد هللا بــن العبــاس بــن عبــد الجبــار بــن إدريــس بــن إســحاق بــن
علــي بــن زيــن العابــدين بــن أحمــد بــن دمحم بــن عبــد الــه الكامــل بــن الحســن المثنــى بــن
الحسن السبط بن علي بن أبي طالب رضي هللا عنه.1
تلقــى مبــادئ علومــه علــى يــد الفقيــه المبــروك بــن أبــي عافيــة المضــاوي التجــاني
مختصر خليل والرسالة واألخضري ،وبقي مالزما هذا الفقيه إلى وفتـه بمـرض الطـاعون
عـام 1122ه ،2ولـم يقـف هـذا المـوت فـي سـبيل المواصـلة فـي طلـب العلـم ،فهـاجر إلــى
فاس وأخذ عن مشـايخها مـن أمثـال :وأبـو العبـاس أحمـد الطـواش (ت1201ه) ،ثـم أدى
فريضة الحج عام (1192ه) ،أخـذ الطريقـة الخلواتيـة عـن محمـود الكـردي بمصـر أثنـاء
ذهابــه إلــى أداء فريضــة الحــج ،وفــي عــام (1192ه) دخــل قريــة أبــي ســمغون ،ثــم زار
منطقة توات ،ثم عاد إلـى قريـة أبـي سـمغون ،هنـاك حيـث وقـع لـه الفـتح ،ولـم تـدم إقامتـه
هن ــاك كثي ـ ـرا ،فض ــايقه األت ـ ـراك وب ــدأوا يترصـ ــدون حركات ــه ،ففـ ــر هارب ــا إلـ ــى ف ــاس عـ ــام
(1213ه) .وبقــي هنــاك إلــى أن وافتــه المنيــة عــام (1230ه) ،وفــي هــذه المدينــة أســس
زاويـة صـارت مـن حيـث األهميـة تضـاهي التــي أسسـها فـي عـين ماضـي ،3وانتشـرت فــي
-1عبد الباقي مفتاح :أضواء على الشيخ أحمد التجاني وأتباعه ،دار الوليد للنشر( ،د.ط) ،الوادي الجزائر( ،د.ت)،
ص.29
-2المرجع نفسه ،ص.29
-3المرجع نفسه ،ص.72-23
-علي حرازم :جواهر المعاني وبلوغ األماني في فيض سيدي أبي العباس التجاني ،المكتبة العصرية( ،د.ط)،
بيروت2001 ،م ،ص 22وما بعدها.
97
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
شــرق الــبالد الجزائريــة وفــي وســطها ،وامتــدت إلــى الــبالد اإلفريقيــة فانتشــرت فــي الســنغال
والنيجر.
وألخذ أذكار الطريقة أوصى الشيخ التجاني ببعض الوصايا ،منها:1
-1طاعة الوالدين.
-2أداء الشعائر الدينية على الوجه األكمل.
-3الدخل فيما ال يعنيك غير واجب ما لم يكن من أجل اإلصالح.
-1النصح واإلخالص في العمل.
-4البحث عن العلم النافع والسعي في طلبه.
وبعــد أن عرفــت التجانيــة فــي الجنــوب الج ازئــري علــى يــد مؤسســها ســيدي أحمــد
التجاني ،انتقلت إلى البالد التونسية مع بداية القرن التاسع عشـر بواسـطة سـيدي إبـراهيم
الريـ ــاحي (ت1940م) ،ثـ ــم بـ ــدأ تأسـ ــيس الزوايـ ــا ،فأسسـ ــت زاويـ ــة بتـ ــوزر عـ ــام 1911م،
وأخــرى عــام 1921م ،ثــم ت ـوالى تأســيس زوايــا منهــا :زاويــة الشــاوش صــالح بباجــة ســنة
1912م وزاويــة بنــزرت ســنة 1920م وزاويــة بــاب المغــارة عــام 1974م وزاويــة ســيدي
صالح التيجاني ببوعرادة.2
ومن خلفاء الشيخ أحمد التجاني في عين ماضي وتماسين:3
-دمحم الكبير التجاني (1919م1927-م).
-دمحم الصغير التجاني (1927م1943-م) ،تولى الخالفة (1911م-
1943م).
99
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
وتسمى أيضا بــ" الياقوتة الفريدة" بالنظر إلى أهميتها وتفردها ضمن باقي أوراد
وأذكار الطريقة ،حتى أن جل كتب الطريقة تبدأ بها.
ونص هذه الصالة هو ":اللهم صل على سيدنا دمحم الفاتح لما أغلق والخاتم لما
سبق ،ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم ،وعلى آله حق قدره ومقداره
العظيم".1
ويأتي بعد صالة الفاتح من حيث الفضل عند التجانيين ،روح الصلوات:
وهي ":اللهم صل على سيدنا دمحم عبدك ونبيك ورسولك النبي األمي وعلى آله وصحبه
وسلم تسليما ،اللهم صل على سيدنا دمحم وعلى آله" .والملقن هنا مخير بانتخاب ما
يوافق المريد ويناسب مستواه وحاله في الطريق .فأعالهم مستوى يلقن صالة الفاتح أما
المتوسط فيلقن اللهم صل وسلم على سيدنا دمحم وعلى آله.2"...
وقت الورد:
أما عن وقت الورد فهو بعد صالة الصبح إلى وقت الضحى(ورد الصباح)،
وبعد صالة العصر إلى صالة العشاء(ورد المساء).
شروط الورد:
من شروط الورد المحافظة على الصلوات في أوقاتها في الجماعة إن أمكن،
والطهارة البدنية والثوبية والمكانية ،ثم استقبال القبلة وعدم الكالم إال للضرورة.
وهناك شرط خاص :لمن قدر عليه ويتمثل في :استحضار صورة القدوة بين
يديه وأنه جالس بين يديه ،من أول الذكر إلى آخره .وأعظم من هذا منزلة ومكانة ،أن
يستحضر صورة الرسول ملسو هيلع هللا ىلص ،وأنه جالس بين يديه ملسو هيلع هللا ىلص بهيبة ووقار واعظام واكبار.
ويستمد منه بقدر حاله ومقامه.
ثم يستحضر معاني ألفاظ الذكر إن كانت له القدرة على فهمها ،واال فليستمع
لما يذكره بلسانه ،حتى يشغل فكره عن الجوالن في غير ما هو بصدده.
ومن شروط الورد التجاني كذلك ،أنه ال يلقن لمن كان له ورد من أوراد مشائخ
آخرين من أصحاب الطرق الصوفية ،إال إذا تركه وأقلع عنه على أن ال يعود إليه
المرة.
وكل من أخذ الورد التجاني ودخل في الطريقة فيشترط عليه عدم زيارة أي أحد
من رجال الصالح من األحياء أصال :وأما زيارة األموات فتتم بناء على اعتقاد ثابت
ومترسخ ،بأنه وصلهم تبركا ال غير.1
الوظيفة:
اختلف في لزوم أو عدم لزوم الوظيفة ألصحاب الطريقة مع ذلك فإنها تحتل
مكانة أقل من الورد التجاني السالف الذكر ،والذي يعتبر من أهم أركان الطريقة.
وتتضمن الوظيفة أربعة أذكار على الترتيب وهي:
-استغفر هللا العظيم الذي ال إله إال هو الحي القيوم(ثالثون مرة) .وتق أر بعد
االستفتاح بفاتحة الكتاب بالبسملة واالستعاذة .وبعضهم يجعل االستغفار بأية صيغة
وبعدد أكثر.
-صالة الفاتح لما أغلق( ما بين 40و 100مرة).
-الهيللة بـ :ال إله إال هللا :ما بين 100و 200مرة .وبعد كل مائة :دمحم
رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص.2
جوهرة الكمال( :إحدى أو إثنتا عشرة مرة) ،ويزعم التجانيون أنها بدورها من
إمالء الحضرة النبوية على الشيخ أحمد التجاني رضي هللا عنه يقظة .وتعتبر جوهرة
الكمال أحد أهم أركان الوظيفة ،ونصها ":اللهم صل وسلم على عين الرحمة الربانية
والياقوتة المتحققة الحائطة بمركز الفهوم والمعاني ،ونور األكوان المتكونة األدامي
صاحب الحق الرباني .البرق األسطع بمزون األرياح المائنة لكل متعرض من البحور
واألواني .ونورك الالمع الذي مألت به كونك الحائط بأمكنة المكان .اللهم صل وسلم
على عين الحق التي تتجلى منها عروش الحقائق عين المعارف األقوام صراطك التام
األسقم ،اللهم صل وسلم على طلعة الحق بالحق الكنز األعظم إفاضتك منك إليك
إحاطة النور المطلسم :صل هللا عليه وعلى آله صالة تعرفنا بها إياه".
وتق أر الوظيفة إما في الصباح أو في المساء أو فيهما معا لمن أراد ،وهناك
من يلزم بقراءتها إذا لم يقرأها ،في حين اعتبرها صاحب " جواهر المعاني " غير الزمة
للطريقة ،فمن أراد فليذكر ،ومن ال فال يذكرها.1
ذكر الجمعة:
وهو ذكر الهيللة بعد صالة عصر يوم الجمعة إلى الغروب بال عدد
مخصوص بصيغة :ال إله إال هللا .أو الذكر المفرد هللا ،هللا ،هللا ،وهي من األوراد
الالزمة للطريقة ،وتعرف أيضا بـ" حضرة يوم الجمعة " ،ويشترط في هذا الذكر:
االجتماع ،والتحليق والجهر.
وقد شرح أعالم الطريقة أهمية وفائدة الجهر في الطريقة بالنسبة للمريد
وبالنسبة لعامة الناس ،كما أن هناك أذكا ار اختيارية غير الزمة في الطريقة.1
-2الطريقة الرحمانية:
وقد تأسست الطريقة الرحمانية أواخر القرن الثاني عشر الهجري (الثامن عشر
اوي األزهر ّي) ،واليه
(محمد بن عبد الرحمن الزو ّ
ّ الميالدي) ،على يد شيخها ومؤسسها
أيضا
الخلوتية"؛ ولهذا يطلق عليها ً
ّ "الرحمانية" ،وهي متفرعة عن "الطريقة
ّ ُنسبت فقيل
"الطريقة الخلوتية الرحمانية".2
ِ
ؤس ُس الطريقة 3هو دمحم بن عبد الرحمن بن يوسف بن أبي القاسم بن علي
وم ّ
ُ
بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن طلحة بن جعفر بن دمحم المعسكري
بن عيسى بن حمزة بن إدريس ...بن السيدة فاطمة بنت رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص (-1133
1209هـ= 1793 -1714م) ينحدر من قرية بوعالوة بعرش آيت إسماعيل ،من
حلف قشتولة ،الواقعة على بعد 14كلم ،شرق ذراع الميزان ،في منطقة جرجرة من
اوي" نسبة إلى بالد زواوة التي نشأ بها ،كما يلقب باألزهري نسب ًة
الجزائر ،ويلقب بـ"الزو ّ
الخلوتية
ّ إلى أزهر مصر حيث جاوره مدة طويل ًة من سني حياته ،تلقى خاللها الطريقة
-1حرازم بن العربي براده المغربي :رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم ،طبعة مصر1901 ،م ،ص،229
.234 ،231
-2صالح مؤيد العقبي :الطرق الصوفية والزوايا بالجزائر تاريخها ونشاطها ،دار البراق( ،د.ط) ،بيروت2002 ،م،
ص.144
-3هذا الجزء مستفاد من عدة مصادر أبرزها ما سطره صاحب كتاب (تعريف الخلف برجال السلف) في ترجمة
مؤسس الطريقة ص( )140وما بعدها (مطبعة بيير فونتانة الشرقية في الجزائر1321/هـ 1902 -م) ،باإلضافة
مقالين لألستاذ عبد المنعم القاسمي عن الطريقة الرحمانية ومؤسسها (كالهما منشور على موقعه المشار إليه
ْ إلى
محمد فؤاد،
القاسمية) من إعداد ّ
ّ اوية
الخلوتية والز ّ
ّ حمانية
فضال عن مقال ثالث بعنوان (تعريف الطريقة الر ّ
ً آنفا)،
ً
منشور على مدونة "دار الخليل القاسمي للنشر والتوزيع".
93
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
-1عبد المنعم القاسمي الحسني :أعالم التصوف في الجزائر منذ البدايات إلى غاية الحرب العالمية األولى ،دار
الخليل القاسمي ،ط ،1الجزائر1127 ،ه ،ص.314
-2المصدر نفسه ،ص.319
-3الباحث الخبير في الدراسات الصوفية "عبد المنعم القاسمي" في مقال له بعنوان "الطريقة الرحمانية" منشور على
موقع "مركز القاسمي للدراسات واألبحاث الصوفية".
91
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
-1علي محفوظ :اإلبداع في مضار االبتداع ،دار المعرفة للطباعة والنشر ،بيروت ،لبنان1942 ،م ،ص.49
-2مصطفى باش تارزي القسنطيني :المنح الربانية في بيان المنظومة الرحمانية ،المطبعة الرسمية التونسية،
1307ه ،ص.27
-3المصدر نفسه ،ص.22
-4دمحم الصغير :تعطير األكوان بنشر شذا نفحات أهل العرفان ،المطبعة الثعالبية لصاحبها أحمد بن مراد التركي،
الجزائر1912 ،م ،ص.192
94
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
والرياء ،وحب الجاه ،والرياسة ،وكثرة الكالم ،والمزاح ،والتزين للخلق ،والتفاخر
والضحك ،والتقاطع ،والتهاجر ،وتتبع العورات ،وطول األمل ،والحرص ،وسوء
األخالق.
واألوصاف الحميدة عندهم :كالحلم ،والعلم ،وصفاء الباطن ،والكرم ،والرفق،
والتواضع ،والصبر ،والشكر ،والزهد ،والتوكل ،والمحبة ،والشوق ،والحياء ،والرضى،
واإلخالص ،والصدق ،والمراقبة ،والمحاسبة ،والتفكر ،والشفقة ،والرحمة للخلق ،والحب
في هللا ،والتأني في األمور ،والبكاء ،والحزن ،وحب الخمول ،والعزلة ،وسالمة الصدر،
وقلة الكالم ،والخشوع والخضوع ،وانكار القلب ،وحسن الخلق".1
ويظهر جليا تأكيدهم الغاية والمعنى األخالقي للطريقة ،وهو ما يؤكده الغزالي
عند تعريفه لها بقوله ":بأنها تقديم المجاهدة ،ومحو الصفات الذميمة ،وقطع العالئق
كلها ،واإلقبال بكنه الهمة على هللا تعالى".2
-1دمحم منير السمنودي :تحفة السالكين ودالئل السائرين لمناهج المقربين ،مخطوط بزاوية الهامل غير مرقم ،نسخة
1272ه ،ص.20
-2أبو حامد الغزالي :إحياء علوم الدين ،المصدر السابق.19/3 ،
-3مصطفى باش تارزي القسنطيني :المنح الربانية ،المصدر السابق ،ص.21
92
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
التي بينك وبينه ،وقد حار أهل الطريق في كيفية قطعها ،فلم يجدوا سوى ذكر
أسمائه".1
إن للذكر دور كبير في قطع عقبات النفس وحجبها الحاصلة من آثامها وهو
ما نقل عن أبي زروق في قوله ":الوسوسة بدعة ،وأصلها الجهل بالسنة يدفعها دوام
الذكر" .2كما للذكر فائدة جليلة في إحراق هذه األوصاف الذميمة ،في قوله ":نورانية
األذكار محرقة ألوصاف العبد" .ومطهرة للنفس من أمراضها المتعددة ،تعدد مداخل
الشيطان واألهواء فيها ،ومتداخلة متشعبة ،يصعب حل مغاليقها ،وسبر أغوارها،
فالطريق إليها شائك وصعب يحتاج فيه إلى دليل محنك ،خبر مسالكها ،وعالج دروبها،
هذا الدليل هو الشيخ المرشد ،وهو العنصر الثاني المساعد في السير إلى هللا تعالى،
وقد عبرت الرحمانية عن ضرورته في قولها ":إن حال السالك 3في الطريق ،كحال
المسافر في قطع مراحل الطريق المحسوسة ،فكما يحتاج المسافر في سفره إلى الدليل
العارف ،كذلك السالك ال بد له من مرشد ،عارف بالطريق ،قد سلكه وعرف خيره
وشره".4
-1جمال الدين ابن منظور :لسان العرب ،مادة ذكر ،المصدر السابق.301/1 ،
-2الصاحب اسماعيل بن عباد :المحيط في اللغة ،مادة ذكر ،ط ،1تحقيق دمحم حسن آل ياسين ،دار عالم الكتب،
بيروت ،لبنان1991 ،م.234/2 ،
-3إسماعيل بن حماد الجوهري :الصحاح ،المصدر السابق.221/2 ،
-4مصطفى باش تارزي القسنطيني :المنح الربانية ،المصدر السابق ،ص.44
-5دمحم بن عبد الرحمن األزهري :دفتر الدفاتر ،مجموع رسائله مخطوطة بزاوية طولقة ،ص.19
-6دمحم الصغير :تعطير األكوان ،المصدر السابق ،ص.192
-7مصطفى باش تارزي القسنطيني :المنح الربانية ،المصدر السابق ،ص.44
-8أبو العباس أحمد بن زروق :قواعد التصوف ،المصدر السابق ،قاعدة ،112ص.42
99
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
الترغيب فيها" .1كما ورد في كتاب جامع أصول األولياء ":حقيقة الذكر أن تذكر هللا،
وأنت ناس لكل شيء سواه" .2وعند المتأخرين يراد به ":إما القرآن ،واما ما يشمل
التسبيح واالستغفار والصالة على النبي ملسو هيلع هللا ىلص وقراءة القرآن ،ودرس علم وحلق ذكر وهو
أولى" .3وهو ما يوافق ما ذهب إليه كل من الطوسي وأبو طالب المكي 4والهروي 5من
أنه ":التهليل والتسبيح وتالوة القرآن" .6أما عند الغزالي فالذكر هو عبادة تؤدى باللسان،
كما عبر به في قوله ":فليس بعد كتاب هللا عز وجل عبادة تؤدى باللسان أفضل من
ذكر هللا تعالى" .7ويذهب صاحب الرسالة القشيرية إلى أن الذكر هو ":ذكره تعالى
بالقلب واللسان" .8فمعنى الذكر هو الترديد والتكرار ،واإلظهار باللسان ما هو مشروع
من األقوال واألذكار.
-1دمحم بن علي التهانوي :كشاف اصطالحات الفنون ،مادة ذكر ،دار صادر للطباعة والنشر ،بيروت ،لبنان،
ط/؟.412/2 ،
-2أحمد الكمشخاوي :جامع أصول األولياء وأنواعهم وأوصافهم وأصول كل طريقة ،المطبعة الوهبية1299 ،ه،
ص.127
-3عمر جعفر الشبراوي :شرح ورد السحر لمصطفى البكري المسمى إرشاد المريدين ،مطبعة األعالم ،القاهرة،
مصر1301 ،ه ،ص.94
-4أبو طالب المكي :قوت القلوب في معاملة المحبوب ،دار الفكر ،ط/؟.11/1 ،
-5عبد هللا األنصاري الهروي :منازل السائرين ،قسم ،17دار الكتب العلمية ،بيروت ،لبنان1999 ،م ،ص.44
-6أبو نصر سراج الطوسي :اللمع ،المصدر السابق ،ص.291
-7أبو حامد الغزالي :إحياء علوم الدين ،المصدر السابق.291/1 ،
-8أبو القاسم عبد الكريم القشيري :الرسالة القشيرية ،المصدر السابق ،ص.110
99
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
األحوال كلها ،بالليل والنهار ،والسر واإلجهار ،والسفر والحضر ،والسقم والصحة ،قياما
وقعودا".1
فالطريقة الرحمانية يحث المريد على اإلكثار من الذكر ،كما ورد عنهم قولهم":
م ن خصائص الذكر أنه غير مؤقت بوقت ما ،فما من وقت إال والعبد مطلوب بالذكر،
إما وجوبا أو ندبا ،بخالف غيره من الطاعات ،فينبغي للعبد أن يكثر منه في كل
حالة ،ويستغرق فيه جميع أوقاته".2
-1دمحم بن عبد الرحمن األزهري :طي األنفاس ،زاوية الهامل ،نسخ 1224ه.
-2أبو القاسم دمحم الحفناوي :تعريف الخلف برجال السلف ،ط ،1مؤسسة الرسالة ،بيروت ،لبنان1992 ،م،
.123/2وللتوسع أكثر انظر :دمحم منير السمنودي :تحفة السالكين ودالئل السائرين لمناهج المقربين ،المصدر
السابق ،ص .20وانظر :أبو القاسم عبد الكريم القشيري :الرسالة القشيرية ،المصدر السابق ،ص.111
-3مصطفى باش تارزي القسنطيني :المنح الربانية ،المصدر السابق ،ص .32وانظر :دمحم بن عبد الرحمن
األزهري ،دفتر الدفاتر ،المصدر السابق ،ص ،17دمحم بن عبد الرحمن األزهري ،طي األنفاس واألسماء السبعة،
المصدر السابق ،ص.13
-4سورة األحزاب ،اآلية.11 ،
-5دمحم بن أحمد األنصاري القرطبي :الجامع ألحكام القرآن ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت ،لبنان1922 ،م،
.197/11
100
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
ودا َو َعَلى ُج ُنوبِ ِه ْم﴾ ،1أي اذكروه في كل الذكر ،فقالَّ ﴿:ال ِذين ي ْذ ُكرو َن َّ ِ
اما َوُق ُع ً
َّللاَ قَي ً َ َ ُ
أحوالكم ،بالليل والنهار ،والبر والبحر ،وفي السفر والحضر ،والغنى والفقر ،والمرض
والصحة ،والسر والعالنية ،وعلى كل حال.2
يقودوها "مقدمون" .وكان الشيخ سي دمحم أمزيان الحداد المعروف باسم الشيخ الحداد،
وهو من شيوخ فرع الزاوية األصلية قد شارك مع الشيخ المقراني في ثورة
1297ه1971/م ،ضد جيش االستعمار وتوفي في سجن بجاية.1
تميز تاريخ الطريقة الرحمانية بمقاومة جيش االحتالل الفرنسي .فقد قامت عدة
ثورات مسلحة خالل القرن التاسع عشر في منطقتي األوراس والقبائل .وكانت الزاوية
الرحمانية وشيخها الهامل قاعدة عسكرية لجيش األمير عبد القادر .انضم إلى الطريقة
عدة شيوخ أمثال الشيخ أحمد التيجاني مؤسس الزاوية التيجانية والشيخ مصطفى بن
دمحم بن عزوز مؤسس الطريقة العزوزية ،والشيخ الباش طارزي شيخ الزاوية الرحمانية
بقسنطينة .وجدير بالذكر أن الشيخ باش طارزي وضع كتيب اشعار تناول فيه مبادئ
الطريقة الرحمانية ،كما حث فيه المريدين على طلب العلم .وقد عمل عبد الحميد بن
باديس الذي درس بإحدى الزوايا الرحمانية بقسنطينة على مراجعة هذا الكتيب لينشر
سنة 1311ه1923/م بقسنطينة.
وقد جاء في كتاب ل.ب فـوك " أيـن وصـل اإلسـالم التقليـدي بـالجزائر " أن فـي
ســنة 1390ه1921/م كــان عــدد اتبــاع الطريقــة الرحمانيــة بــالجزائر ح ـوالي 230000
وح ـ ـوالي 190زاويـ ــة .وكانـ ــت أشـ ــهرها زاويـ ــة قسـ ــنطينة وسـ ــوق أه ـ ـراس وباتنـ ــة وبسـ ــكرة
وبالطبع زاوية القبائل.2
-1الطريقة السنوسية:
أسسـ ــها الشـ ــيخ دمحم بـ ــن علـ ــي بـ ــن السنوسـ ــي الخطـ ــابي الحسـ ــني المولـ ــود سـ ــنة
1201ه1797 /م بــدوار "الطــورش" بــالقرب مــن مســتغانم .فــي طفولتــه ،ارتــاد مــدارس
المدينة وتتلمذ على يدي شيخه محي الدين بن شهلة بـن قنـدوز .وكـان أسـتاذه "بمازونـة"
دمحم بــن علــي بــن ش ـراف المزونــي ،وفــي "معســكر" جمــال الــدين الحــاج دمحم بــوراس بــن
الناصر المتوفى سنة 1239ه1923/م.3
وفي سنة 1223ه1909 /م ،اتجه إلى فاس ليأخذ العلم عن العديد مـن شـيوخ
التصــوف .وفــي ســنة 1234ه1920 /م ،تركهــا لي ـذهب إلــى مكــة وفــي طريقــه توق ــف
بالقـاهرة حيــث أقــام ثـالث ســنوات ليــدرس بجامعـة األزهــر .وفــي ســنة 1210ه1924/م،
وصل إلى مكة المكرمة.1
وهنــاك التقــى الشــيخ دمحم بــن إدريــس الفاســي شــيخ الطريقــة القادريــة التــي أسســها
الشــيخ عبــد العزيــز الــدباغ ( المتــوفى ســنة 1132ه1720/م بفــاس) ،والــذي تــرك مكــة
ســنة 1212ه1927/م ،بعــد أن طــرده الحكــام الوهــابيون ليتجــه إلــى الــيمن .وعقــب ذلــك
أصبح الشيخ السنوسي ممثله بمكة ،وعندما تـوفي شـيخه سـنة 1243ه1937/م ،اسـتلم
التعيين ومنح اسمه للطريقة السنوسية.
أســس السنوســي زاويــة علــى تــل" أبــو قبــيس" بمكــة لتصــبح مرك ـ از للطريقــة التــي
استقطبت الكثير من المريدين ،كما استثارت عداوة علمـاء الوهـابيين والمؤسسـات الدينيـة
المحليــة الــذين رفض ـوا اجتهــادهم واعتبــروه مــن البــدع .تــرك الشــيخ السنوســي مكــة ســنة
1242ه1910/م وذهب إلى ليبيا حيث أنشـأ زاويـة بمنطقـة البيضـاء بالجبـل األخضـر.
وكان يستقبل القادمين إليه من مستغانم استقباال حا ار إذ ستفام بها فيما بعد زاوية.2
ف ــي ليبي ــا أس ــس زواي ــا بالواح ــات ووض ــع به ــا عب ــادا ممل ــوكين اعتقـ ـوا وأعط ــاهم
أ ارضــي عبــر كامــل الصــحراء لكــي يزرعوهــا .أنشــأت زوايــا أخــرى فــي كــل مــن تــونس،
ومصـر ،والسـودان ،والج ازئــر .وفـي األخيـر اســتقر السنوسـي فـي زاويــة جغبـوب فـي ليبيــا
وت ــوفي به ــا س ــنة 1274ه1949/م ،فخلف ــه ابن ــه دمحم المه ــدي ال ــذي أعط ــى دفع ــة قوي ــة
لطريقة لها وزنها.
وج ــه دمحم المه ــدي الطريق ــة نح ــو الجن ــوب باتج ــاه إفريقي ــا الوس ــطى .وف ــي س ــنة
1317ه1999 /م انتقـ ـ ـ ـ ــل المقـ ـ ـ ـ ــر إل ـ ـ ـ ـ ــى غـ ـ ـ ـ ــورو أو تشـ ـ ـ ـ ــاد حالي ـ ـ ـ ـ ــا .وابتـ ـ ـ ـ ــداء م ـ ـ ـ ـ ــن
1319ه1901/م انتظم ــت السنوس ــية عل ــى ش ــكل ج ــيش حقيق ــي ل ــرد غ ــزو الفرنس ــيين
لتشاد.3
عنــدما تــوفي الشــيخ السنوســي ســنة 1320ه1902/م .تــولى ابــن أخيــه الشــيخ
أحمد الشريف قيادة الطريقة .ونقل المقر إلى " كوفرة" بليبيا وعندما غـ از اإليطـاليون ليبيـا
سـنة 1329ه1911/م شـارك هـو ومريـدوه فـي محـاربتهم فـي صـف العثمـانيين .هـاجموا
البريطـ ــانيين فـ ــي مصـ ــر سـ ــنة1333ه1914/م ،كمـ ــا طـ ــردوا اإليطـ ــاليين مـ ــن ط ـ ـرابلس
وفزان ،وأوقفوا الزحف الفرنسي إلى جانات بالصحراء.
في ليبيا ،قاد المقدم عمر المختار آخر عملية مقاومة للسنوسيين ،وهذا إلـى أن
أعتقـ ــل وأعـ ــدم فـ ــي سـ ــبتمبر 1340ه1931/م .وخـ ــالل الحـ ــرب العالميـ ــة الثانيـ ــة سـ ــاند
السنوســي الجــيش البريطــاني .وفــي ســنة 1941م أقيمــت بليبيــا مملكــة يــوم 21ديســمبر
وكان على عرشها الملـك دمحم إدريـس السنوسـي فأعطيـت ليبيـا بهـذا وضـعا سياسـيا .بـايع
عقالء السنوسـيين الملـك بهـدف توحيـد الـبالد .وبعـد انقـالب 1929م ،واسـتيالء الضـباط
الوحــدويين علــى الســلطة ونفــي الملــك إدريــس السنوســي إلــى مصــر ،الــذي تــوفي بهــا يــوم
24ماي 1993م ،منيت الطريقة بمنع نشاطها في ليبيا لمدة طويلة.1
الي ــوم ال تـ ـزال الزاويـ ــة السنوس ــية تنش ــط فـ ــي الكثي ــر م ــن المنـ ــاطق ف ــي إفريقيـ ــا
السوداء ،كما لها العديد من الفروع في عدة بلدان.
-8الطريقة العال وية:
ولـ ــد سـ ــيدي أبـ ــو العبـ ــاس أحمـ ــد بـ ــن مصـ ــطفى بـ ــن عليـ ــوة ،المعـ ــروف بالشـ ــيخ
العــالوي ،فــي مدينــة مســتغانم ســنة 1929م ،وهــو أصــغر مــن شــقيقته .ولقــد كــان بعــض
أجداده فقهاء كما شغل زهاء ثالثين منهم مناصب سامية في اإلدارة العثمانية.
كبــر الشــيخ فــي كنــف أهلــه ومحبــتهم وتلقــى تعليمــا تقليــديا .وقــد قــال فــي هــذا
الشــأن ":أمــا صــناعة الكتابــة فلــن نتعاطاهــا ،وال دخلــت الكتــاب ،وال يومــا واحــدا إال مــا
اســتفدته مــن أبــي رحمــة هللا عليــه ،عنــدما كــان يلقــي علــي بعــض دروس قرآنيــة بــدارنا،
والى اآلن لم نحصـل علـى القـدر الكـافي منهـا ،وانتهـى بـه الحفـظ لكتـاب هللا إلـى سـورة "
الــرحمن " فبقــى اللــوح علــى تلــك الســورة ،بمــا اشــتغلت بــه فــي ذلــك الحــين مــن تعــاطي
بعــض األســباب التــي دعتنــي إليهــا الضــرورة ،بمــا أن العائلــة أعوزهــا مــا كــان بــين يــديها،
وك ــان األب رحم ــه هللا رفي ــع الهم ــة ،متعفف ــا للغاي ــة ،ال يب ــدي ص ــفحات وجه ــه ألي أح ــد
كان،بحيث ال يظهر عليه سمة االحياج البتة".1
وكــان يحبنــي حبــا مفرطــا ،ولــم نعقــل عنــه أنــه نهرنــي أو ضـربني إال فــي أوقــات
تعليمــه أيــاي ،كــان ذلــك منــه حيــث أنــي كنــت متراخيــا عــن القـراءة .أمــا الوالــدة رحمهــا هللا
فكانت أشد من الوالد تفننا في محبتي ،وأقوى تحفظا على سـالمتي ،حتـى كانـت تمنعنـي
ليال من الخروج بمـا أمكنهـا مـن نحـو الشـتم والضـرب وغلـق البـاب ،وغيـر ذلـك لكـن بعـد
وفاة األب.
وفــي عــام ،1992تــوفي والــده وهــو فــي مطلــع ســنه الســابع عشــر .ومــن أجــل
تــأمين معــاش أهلــه ،امــتهن بحــذق الســكافة ثــم تعــاطى إلــى التجــارة بالجملــة .ولقــد كــان
لولعــه بــالعلم يحضــر -رفقــة قــا ار مصــطفى الــذي صــار بعــد ذلــك مفتيــا -دروس دمحم بــن
الح ــاج ع ــالل الت ــي ك ــان يلقيه ــا بالج ــامع األكب ــر .كم ــا ك ــان يش ــارك ف ــي حلق ــات ال ــذكر
العيســاوية ويمضــي لياليــه يســبح بــين الكتــب ،ممــا أكســبه ذهنــا المعــا وبصـ ار نافــذا وفهمــا
واسعا.2
كان للشـاب العـالوي نـزوع فطـري للروحيـة وقـد دفعـه توقـه إلـى السـير بعيـدا فـي
مســلكه إلــى االرتبــاط برجــل مــن الزاويــة العيســاوية عــرف بصــالحه واســتقامته .انتســب
الشيخ إلى هـذه الزاويـة منـذ بلوغـه سـن السادسـة عشـر واتبـع تعاليمهـا بدقـة .وزيـادة علـى
انتظامه في حلقات الذكر والورد ،استطاع الشيخ اإلتيان بكرامات هذه الزاوية .ولقد كان
الغــرض مــن هــذه الك ارمــات اســتقطاب المريــدين الجــدد وتجليــة ســلطة الــروح علــى المــادة
أمام أعينهم ،ومنها على سبيل المثال رقي الحية وابطال السم والسـير فـوق النـار ...إلـى
غير ذلك.
" وقد مهرت في ذلك وكانت لـي حظـوة بـين رجـال تلـك النسـبة ،وكانـت عقيـدتي
فيما نتعاطاه إال التقرب إلى هللا عز وجل."...
وذات يــوم ،رمــق الشــيخ وهــو يرفــع عينيــه ورقــة معلقــة بالحــائط وقــد كتــب عليهــا
حديث نسب إلى الرسول ملسو هيلع هللا ىلص ،فقاده حدسه إلى وجوب ترك هذه الممارسات التي لـم تكـن
الغايــة الحقيقيــة منهــا غيــر تمجيــد الــنفس .وثمــة اكتفــى الشــيخ بأذكــار وأوراد هــذه الزاويــة
وأدعيتها.1
رغم تولي الشيخ العالوي اإلرشـاد سـنة 1909م إال أن الطريقـة لـم تحمـل اسـمه
إال سنة 1911م ،إذ كانت تسمى قبل ذلـك الطريقـة الدرقاويـة كمـا تعايشـت زاويـة سـيدي
دمحم البوزيــدي مــع العديــد مــن الفــروع المنتســبة إلــى نفــس الزاويــة بــوهران .وأمــام االهتمــام
المت ازيــد بالشــيخ الجديــد ،لــم يخــف بعــض شــيوخ هــذه الزوايــا ضــغينتهم تجاهــه .ولقــد رأى
بعض فقرائهـا ،خصوصـا فقـراء تلمسـان وعلـى أرسـهم المقـدم سـيدي العربـي الشـوار الـذي
كــان ينتســب قبــل ذلــك للزاويــة الدرقاويــة الهبريــة بــأحفير(المغرب) ،فــي الشــيخ العــالوي
المجدد الذي بشر به النبي ملسو هيلع هللا ىلص وظهر فـي بدايـة القـرن .مـن أجـل ذلـك ألحـوا علـى الشـيخ
أن يعطي اسمه للطريقة .وهكـذا ولـدت الطريقـة العالويـة الدرقاويـة الشـاذلية التـي أعطـت
نفســا جديــدا للتقاليــد الصــوفية الموروثــة عــن الشــيخ العربــي الــدرقاوي والشــيخ أبــي الحســن
الشاذلي ،والشـيخ عبـد السـالم بـن مشـيش والشـيخ أبـي مـدين شـعيب .لقـد حملـت الطريقـة
اســم الشــيخ الــذي كــان متجــذ ار فــي التقاليــد الصــوفية ومتكيفــا مــع الحداثــة ومتوجهــا نحــو
المســتقبل ،2وتعــد هــذه الطريقــة الصــوفية مــن أحــدث الطــرق تأسيســا ،وتتبــع فــي دعوتهــا
الــنظم العص ـرية مــن النشــر فــي الصــحافة وعقــد االجتماعــات العامــة للمــذاكرة والمســائل
الدينية واالجتماعية وغير ذلك.3
ونظ ار لكثرة هذه الطرق ارتأيت أن أتناولها في هذا الجدول التوضيحي:4
عب ــد الق ــادر ب ــن دمحم ب ــن س ــليمان ب ــن أب ــي األبيض سيد األب ـ ـ ــيض س ـ ـ ــيد الش ـ ـ ــيخ الشيخية
(البيض) الشيخ سماحة (1024ه)
عين تموشنت دمحم اله ـ ـ ـ ـ ـ ــادي ب ـ ـ ـ ـ ـ ــن عيس ـ ـ ـ ـ ـ ــى الس ـ ـ ـ ـ ـ ــفياني مكناس العيسوية
(ت933ه)
عب ــد هللا ب ــن إبـ ـراهيم ب ــن موس ــى المش ــهور مدينـ ـ ــة وازان معسكر الطيبية /الوزانية
(المغرب) بالشريف الوزاني (ت1099ه)
ميلة جنوب فاس سعيد أحنصال أو الحنصالي (ت ق7ه) الحنصالية
أدمحم بـ ـ ــن عبـ ـ ــد الرحمـ ـ ــان بـ ـ ــن أبـ ـ ــي زيـ ـ ــان القنادسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة القنادسة الزيانية
(بشار) (ت1114ه)
أدمحم ب ـ ــن عب ـ ــد الرحم ـ ــان ب ـ ــن أب ـ ــي القاس ـ ــم آيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت آيت إسماعيل الرحمانية
إس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــماعيل القشتولي األزهري (ت1209ه)
(تيزي وزو)
107
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
109
الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في الحقيقة والنشأة. الفصل األول:
112
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
تمهيد:
إن هللا عز وجل أقام عالم الدنيا ،ورتب هذه الحياة على أسباب ،فال بد
للوصول إلى النتائج والغايات من استعمال األسباب ،فحب هللا عز وجل هدف وغاية،
وال بد له من سبب يدعو له ،ويوصل إليه ،وقد أبان النبي ملسو هيلع هللا ىلص هذا السبب ،وأرشد إليه،
أال وهو :الزهد في الدنيا ،ومن أجل الوصول إلى هذه الغاية النبيلة ،البد من طريقة
موصلة إلى ذلك ،فالطريقة في اإلسالم هي التي ترتكز على صفتين أساسيتين هما:
انقطاع القلب من األغيار ،وخلو اليد من الدنيا الغادرة ،1وهذا مصداقا لقول الرسول
ملسو هيلع هللا ىلص في الحديث العظيم الذي رواه عنه سيدنا سهل بن سعد 2رضي هللا عنه قال :جاء
رجل إلى النبي ملسو هيلع هللا ىلص ،فقال :يا رسول هللا ،دلني على عمل إذا عملته أحبني هللا ،وأحبني
الناس ،فقال﴿ :ازهد في الدنيا يحبك هللا ،وازهد فيما عند الناس يحبك الناس﴾.3
إن الحديث في هذه المسألة يستدعي من الباحث الوقوف عند الزوايا التي
انتشرت في ربوع البالد الجزائرية ،حاضرة وبادية ،جباال وسهوال ،واحات وصحاري،
هذه الزوايا التي كانت مكانا يخصصه شيوخ الطرق الصوفية لعقد مجالس الذكر
وتربية المريدين والسالكين إلى هللا تعالى ،وفي الوقت نفسه مجاال رحبا لمدارسة
القضايا الدينية واالجتماعية والعلمية والسياسية ،وأوكلت لها مهمات كثيرة على رأسها
التعليم؛ ولهذا كانت األمة الجزائرية « رعية وحكاما تجود بأموالها على هذه المؤسسات
التربوية » ،1آملة أن تدافع هذه المؤسسات عن مقومات األمة العربية اإلسالمية عامة،
واألمة الجزائرية خاصة.
والباحث في هذه المسألة تتبادر إلى ذهنه مجموعة من التساؤالت ،لماذا انتشر
هذا المصطلح في بالد المغرب العربي بشكل ملفت لالنتباه ،في الوقت الذي عرفت
فيه البالد العربية أسماء أخرى أدت نفس المهمة ،منها :دويرة الصوفية ،الرباط،
الرابطة ،الرواق ،المحرس ،التكية .وهذه األسماء تدفعني إلى البحث عن مفهوم الزاوية
لغة واصطالحا؛ لمعرفة لماذا آثرت هذه البالد هذا المصطلح عن باقي المصطلحات
التي ذكرتها من قبل؟
)0مفهوم الزوايا:
أ -تعريف الزاوية لغة:
يقال لغة زويت الشيء :جمعته وقبضته .وانزوت الجلدة في النار؛ أي:
وزوى الشيء :طواه وجمعه وقبضه.3
ّ .2
وتقبضت
اجتمعت ّ
ب -تعريف الزاوية اصطالحا:
جاء في (المعجم الوسيط) :الزاوية :المسجد غير الجامع ليس فيه منبر.
والزاوية مأوى للمتصوفين والفقراء .4وذكر دمحم أبو الفضل إبراهيم حينما حقق كتاب
(حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة) لجالل الدين السيوطي (ت911ه) أن
« الزوايا معاهد دينية للرجال والنساء ،أنشئت إليواء المنقطعين والزهاد والعباد (،)...
وجعلت لتخلي الصوفية فيها للعبادة».5
-1أبو القاسم سعد هللا :تاريخ الجزائر الثقافي ،المصدر السابق.314 /1 ،
-2أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري :الصحاح ،المصدر السابق ،ص.401
-3إبراهيم أنيس وآخرون :المعجم الوسيط ،المرجع السابق.109 /1 ،
-4المرجع نفسه.109 /1 ،
-5جالل الدين السيوطي :حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة ،تحقيق دمحم أبي الفضل إبراهيم ،دار إحياء
الكتب العربية( ،د.ط) ،مصر1397 ،ه1923 -م( .242 /2 ،كالم المحقق).
111
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
واذا نظرنا إلى هذا التعريف نستنتج أن إنشاء الزوايا الغرض منه هو إيواء
هؤالء الفقراء والمنقطعين إلى العبادة فقط ،ولكن الزوايا لم تقتصر على هذا الغرض
فقط ،بل لها أعمال أخرى كالتعليم ،وايواء التالميذ الذين جاؤوا لطلب العلم الشرعي
واللغوي واأل دبي ،وحل القضايا االجتماعية التي تظهر في الناحية الموجودة بها هذه
الزوايا.
)6دور ال ازوايـــــا:
والزوايا في الجزائر اضطلعت منذ تأسيسها بدور هام في ميدانين ،بالدرجة
األولى ،هما الميدان التعليمي ،والميدان االجتماعي ،فكانت هذه الزوايا واجهة المجتمع
يعول األهالي في نشر العلم وحل جميع القضايا االجتماعية ،وحتىوقائدته ،عليها ّ
السياسية ،خاصة في الفترة االستعمارية .ويمكن للباحث أن يحدد بعض المهام التي
تقوم بها هذه الزوايا فيما يلي:1
وفيها يأخذ العهد أو الطريقة .1ويمكن تلخيص الدور التعليمي والتربوي للزوايا في
اآلتي:
-الزوايا تأسست على التصوف.
-الزوايا جمعت بين التصوف والعلم.
-قصدها الطلبة والعلماء.
-كانت تدرس الحديث والتفسير.
-كانت تلقن العلم وتنشر الثقافة العربية.
-وظيفتها العلمية كانت دائما في تزايد مستمر.
-صعب تقدير المستوى العلمي لمختلف شيوخ الزوايا بسبب انعدام المعطيات
الكافية.
-ساهمت الزوايا في إنعاش الحركة العلمية في المنطقة.
-بعض الزوايا كونت خزائن للكتب والمخطوطات النادرة ،كما حوت عددا
كبي ار من المصنفات في شتى فنون العلم كالحديث والتفسير والفقه والتصوف وغيرها.
-لقد كان لخزائن كتب الزوايا دو ار كبي ار في حياة طلبة العلم والعلماء.
-بعض الزوايا شهدت تراجعا بعد القرن التاسع عشر في جانبها العلمي.
-الزوايا ظلت رغم كل الرياح العاتية مراكز لنشر العلم ورعاية المدرسين
والطلبة.
-ساهمت الزوايا في ترسيخ اللغة العربية ،وتعميق معرفة الناس بشؤون
دينهم.2
-1أبو القاسم سعد هللا :تاريخ الجزائر الثقافي ،المصدر السابق.193 /1 ،
-2الحسن بن دمحم الوزان :وصف إفريقيا ،ترجمة :دمحم حجي ودمحم األخضر ،ج ،1الرباط ،1990 ،ص-129
.131
112
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
-1دمحم بن عبد هللا الخليفتي :الدرة الجليلة في مناقب الخليفة ،تحقيق أحمد مالك ،1992 ،ص.304
117
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
-1دمحم بن عبد هللا الخليفتي :الدرة الجليلة في مناقب الخليفة ،المصدر السابق ،ص.309
-2أحمد بن خالد الناصري :االستقصا ألخبار دول المغرب األقصى ،المصدر السابق ،ص.20-12
119
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
ويذكر أبو القاسم سعد هللا في كتابه (الحركة الوطنية الجزائرية 1930-1900م) أن
هذه الزوايا كانت وراء العديد من الثورات الشعبية.1
هذا باإلضافة إلى :
-أن كثرة المريدين واألتباع أصبح يشكل خط ار على السلطة السياسية
االستعمارية في المنطقة لتشكك في حقيقة ما يجري ويدور في هذه الزوايا.
-لمكانة الزوايا وتأثيرها في المجتمع حاول االستعمار الفرنسي مثال استمالة
شيوخها لتطويع قبائل المنطقة وبدون تكاليف باهضة.
-محاولة االستعمار توظيف الزوايا في سياسة التهدئة مع الشعب وسكان
المنطقة ووعدهم بالمكافئة على هذه الخدمة.
وخالصة القول:
أن الزوايا لعبت دو ار كبي ار في تخفيف حدة التوتر بين األفراد والجماعات ،كما
تحملت هموم المجتمع ،وعبرت عن مطامحه وآالمه .كما عملت على تأطير السكان
عن طريق ترسيخ التعاليم اإلسالمية ،وتهذيبها مما علق بها من محدثات ،وتعميق
اللغة العربية .كما نتج عن وساطاتها وتحكيمها بين السكان توفر األمن ،مما دعم
حركة االستقرار واحياء األراضي .لكن بعضها توسط بين االستعمار وأولئك السكان
فصارت قطعة من آلته التي أسهمت بدورها في عمليات التطويع ،وبذلك خولها نفوذها
الديني واالجتماعي واالقتصادي أن تضطلع بدور سياسي ال يستهان به.
-1جمعت أسماء بعضا من هذه الزوايا من المصادر والمراجع اآلتية ،والمالحظ على هذه األسماء أنها تمتد
تاريخيا من قبل ارتباط الدولة الجزائرية بالدولة العثمانية ،إلى غاية دخول االستعمار الفرنسي الجزائر وخروجه منها:
-أبو العباس أحمد بن أحمد الغبريني :عنوان الدراية ،المصدر السابق ،ص.113
-الحسين بن دمحم الورثيالني :نزهة األنظار في فضل علم التاريخ واآلثار ،تحقيق دمحم بن أبي شنب ،فونتانة،
(د.ط) ،الجزائر1322 ،ه1909-م ،ص.322
-دمحم بن دمحم المعروف باألعرج الغريسي :تسهيل المطالب لبغية الطالب ،منشور ضمن كتاب مجموع النسب
والحسب والفضائل والتاريخ واألدب في أربع كتب ،بلهاشمي بن بكار ،مطبعة ابن خلدون( ،د.ط) ،تلمسان،
1391ه1921-م ،ص.123
-الطاهر بونابي :التصوف في الجزائر خالل ق 2و7ه 12/و13م ،دار الهدى( ،د.ط) ،عين مليلة،2001 ،
ص.199
-صالح مؤيد العقبي :الطرق الصوفية والزوايا بالجزائر تاريخها ونشاطها ،المصدر السابق ،ص 297وما بعدها.
120
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
1114ه الشيخ دمحم بن عبد الرحمان بن أبي زيان القنادسة الزاوية الزيانية
(بشار)
مصطفى بن مختار (جد األمير عبد 1212ه معسكر زاوية القيطنة
القادر)
1249ه الشيخ سيدي علي بن عمر طولقة الزاوية العثمانية
(بسكرة)
1314ه الشيخ أبو عبد هللا دمحم بن أبي القاسم بوسعادة زاوية الهامل
1311ه الشيخ بلعموري المسيلة زاوية الشيخ بلعموري
-4أنواع الزوايـــا:
والباحث عندما يقف عند هذه الزوايا يجدها أنواعا وأقساما يصعب حصرها،
ولكن هناك جهودا بذلها الباحثون في دراسة هذه القضية ،وعلى هذه الجهود يمكن
تناول القضية من الجوانب اآلتية:
121
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
القرن 10الهجري سيدي دمحم الدباغ قصر ز/الدباغ قو اررة زاوية الدباغ 12
القرن 10الهجري سيد الحاج بو أدمحم قصر تبلكوزة قو اررة زاوية الحاج بو أدمحم 14
123
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
القرن 10الهجري سيدي إبراهيم قصر الواجدة قو اررة زاوية الواجدة 17
القرن 11الهجري
سيدي علي بن بوبكر قصر الهبلة توات زاوية الهبلة 24
( 1070هـ)
121
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
124
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
-1ينظـ ــر :دمحم الشـ ـريف سيدي موس ـ ــى" :جـ ــذور التصـ ـ ــوف ببـ ــالد الم ـ ــغرب والجـ ـ ـ ـزائر" ،الن ـ ــدوة الفك ـ ـرية الخامسة
للشيـ ـ ــخ دمحم العـ ــدواني ،ال ـ ـ ـوادي2000/03/02 –01 :م ،ص.1-3
-2ينظر :فياللي مختار الطاهر :نشأة المرابطين والطرق الصوفية وأثرهما في الجزائر خالل العهد العثماني ،دار
الفن القرافيكي ،الطبعة األولى ،باتنة( ،د.ت) ،ص.21-20 -49 -31
-أبو القاسم سعد هللا :الحركة الوطنية ،المصدر السابق.299 /1 ،
122
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
-انتشار هذه الطرق بكثرة في األرياف يعود إلى سببين هما :ضعف المستوى
التعليمي لهذه الفئات األمر الذي ساعد على نشرها بسرعة في هذه المناطق .ووجود
هذه الطرق في هذا اإلطار المكاني مكن أصحابها من االختفاء عن أعين السلطة
العثمانية.
-اعتماد مؤسسي هذه الطرق على إغراء أتباعهم بالكرامات والغفران لكل من
تبعهم.
-تسمية هذه الطرق بأسماء مشايخها وأقطابها البارزين.
-1أبو حامد الغزالي :إحياء علوم الدين ،المصدر السابق.470 -411/1 ،
127
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
هذا ،وأن التصوف 1كما يرى ابن خلدون ":العكوف على العبادة واالنقطاع
إلى هللا تعالى واإلعراض عن زخرف الدنيا وزينتها ،والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من
لذة ومال وجاه ،واالنفراد عن الخلق في الخلوة والعبادة" .2وقد مر التصوف اإلسالمي
بمراحل ،أسست لبنائه فكانت على الشكل اآلتي:
-1أما رجال الطرق الصوفية انقسموا حول أنفسهم حول أصل كلمة التصوف فمنهم من قال :أن الصوفية اسم
مشتق من الصوف بوصفه اللباس الغالب على هؤالء المتصوفة وأنه اسم قديم وجد قبل ظهور اإلسالم ،ويرى
آخرون أن الكلمة مشتقة من دار الصفة وهي الصومعة التي يأوي إليها جماعة من فقراء المسلمين لالعتكاف
والعبادة وكان الناس يقدمون لهم ما يتصدقون به عليهم من الطعام والمال ،وهذه الجماعة أمرها الخليفة عمر بن
الخطاب بأن تهجر الصومعة فال تأوي إليها وال تعتكف فيها ثم قال كلمته المشهورة ال يقعدن أحدكم عن طلب
الرزق وهو يقول اللهم أرزقني وقد علم أن السماء ال تمطر ذهباً وال فضة ،فأما قول من قال أنه من الصوف
وتصوف إذا لبس الصوف كما يقال تقمص إذا لبس القميص فذلك وجه لكن القوم ال يختصوا بلبس الصوف ،ومن
قال أنهم منسوبون إلى صفة مسجد رسول هللا فالنسبة إلى الصفة ال تجئ على نحو الصوفي ومن قال أنه من
الصفاء فاشتاق الصوفي من الصفاء بعيد في معنى اللغة العربية ومن قال :أنه مشتق من الصف فالمعنى صحيح
ولكن اللغة ال تقتضي هذه النسمة إلى الصف ،ثم أن هذه الطائفة أكبر من أن يحتاج إلى قياس لفظ أو اشتاق.
أنظر :أبو الوفا الغنيمي التفتازاني ،الطرق الصوفية في مصر ،مستخرج من حوليات كلية اآلداب جامعة القاهرة،
،1929ص.42
-2عبد الرحمن ابن خلدون :المقدمة ،المصدر السابق ،ص.127
129
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
-0الطريقة القادرية:
تنسب القادرية إلى الشيخ عبد القادر بن أبي صالح موسى الذي ينتهي عمود
نسبه إلى األشراف من أبناء سيدنا علي بن أبي طالب بواسطة سيدي موسى الجون،
شقيق دمحم النفس الزكية .ولد بمدينة " راشت " بإقليم جيالن في الشمال الغربي من
-1أحمد بن قيسي :كتاب خلع النعلين واقتباس النور من موضع القدمين ،دراسة وتحقيق :دمحم األمراني ،الدراسة،
آسفي1997 ،م ،ص.12
129
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
إيران .عام 170ه1077-م ،انتقل وهو شاب عام 199هـ1094-م مع أسرته إلى
بغداد ،وبها وجد ضالته العلمية .فتتلمذ على كبار مشائخ عصره في العلوم الشرعية،
وبعد أن نبغ فيهان اختير للتدريس في المدرسة النظامية المشهورة ،والتي كان يدرس
بها قبله اإلمام دمحم الغزالي ،1بعد وفاة أخيه أبي حامد الغزالي ،ويقال أنه لم يعتنق أي
فكر صوفي حتى حضر إلى مدرسة أبي الخير حمد الدباسي المتوفي 422هـ1131-م
وقضى عبد القادر الجيالني خمسة وعشرين عاماً صار من أشهر العلماء في بغداد
على الطريقة الحنبلية وكان يلبس لباس العلماء ،ولبس لباس المتصوفة ،ثم بنى مدرسة
لنفسه عام 429هـ1134-م .اشتهر بورعه وتقواه ،لكن لم ينضم أحد إلى طريقته طوال
حياته وبعد وفاته بدأ بعض الناس يسيرون على نهجه واستطاع أبناؤه نشر مذهب
والدهم الذي يتسم بالوالء واإلخالص والطاعة والتواضع وصارت أوراد الطريقة القادرية
تلقى قبوالً لدى عدد من اإلتباع وأخذ تالمذته على عاتقهم نشر مذهبه في أجزاء كبيرة
من العالم اإلسالمي حيث انتشر في القارة اإلفريقية وعلى وجه خاص في شمالها فقد
سيطرت الطريقة الصوفية القادرية في مراكش على الحياة الدينية واالجتماعية خالل
القرون الموالية بعد دخولها 2وأصبح الشيخ علي الكنتي قطباً للطريقة القادرية عندما
انتقلت قبائل كنتة في القرن التاسع الهجري الخامس عشر ميالدي إلى واحات توات
وحملوا معهم الطريقة القادرية وفي هذه الواحات انتشرت الطريقة القادرية في النصف
الثاني في القرن الخامس عشر ميالدي وكان شيوخ الكنتة يزورون برنو يتبعون الطريقة
القادرية .3
-1جعفر صادق سهيل :عبد القادر الجيالني ومذهبه الصوفي ( ،رسالة ماجستير بإشراف أ.د /دمحم كمال جعفر
سنة 1974م ،المكتبة المركزية لجامعة القاهرة) ،ص.39
-2أحمــد شــبلي ،موســوعة التــاريخ اإلســالمي والحضــارة اإلســالمية ،الجــزء .2ط .1.د.م ،مكتبــة النهضــة1993 ،
ص.211.
-3عبد الرحمن بن خلدون ،المقدمة ،ج 1.الفصل 17في علم التصوف ،المصدر السابق ،ص .992-923
130
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
وفي عام 947هـ1440-م بدأت أفكار جديدة تؤثر على الطريقة القادرية في
وسط السودان وغربه ،جاءت هذه األفكار من الشرق عبر مصر وتركيا وظهر الشيخ
الزروق الذي يعتبر من أهم رجال الطريقة في أغاديس ومن هذه المدينة انتقلت أفكار
وآراء الشيخ الزروق إلى الشيخ المختار الكبير الذي ساعده بدوره على نقل تعاليم
الصوفية القادرية إلى جماعة القوالني في بالد الهوسا ،1انتقلت الطريقة بعد ذلك إلى
منطقة النيجر حيث ساعد الفقيه دمحم األنصاري على نشرها وفي أوائل القرن 12هـ
الثامن عشر ميالدي أسس شيوخ الكنتة مدينة مبروك التي صارت مرك اًز لنشر الطريقة
القادرية وظهر بين جماعة الكنتة عدد كبير من الفقهاء الذين صارت لهم الزعامة
الدينية في القرن 13هـ19-م وتوسعوا خارج الحدود القبلية وظهر عدة شيوخ حملوا لواء
الطريقة القادرية تعليماً وتأليفاً وممارسة.2
فقد ظهر من أهل المنطقة مشائخ اتصفوا بالكمال من الناحية الدينية
والروحية فحازوا على مراتب بين قبائلهم وأوكلت لهم مهمة اإلشراف على الطريقة
القادرية فنسقوا بين المريدين وأحيوا المناسبات وأدخلوا الطريقة القادرية العديد من
األقطار فقد استطاعوا عن طريق تكوين (مقدمين) 3مهمتهم نشر الطريقة حسبما جرت
به العادة إذ يكلف المقدم وخليفته بالعمل مباشرة بعد ما يتسلم سجادة أو سبحة أو
عكاز الشيخ الذي يأخذ عنه الورد 4ولقد انقسم الشيوخ المرتبطون بالطريقة القادرية إلى
قسمين :القسم األول ويمثله ممن كان يحظى بسمعه كبيرة لدى العامة تنسب لهم
-1عبد هللا عبد الرزاق ابراهيم ،أضواء على الطريقة الصوفية في القارة اإلفريقية ،المصدر السابق ،ص.37
-2أبو نصر السراج الطوسي :اللمع ،المصدر السابق ،ص.17
-3المقدم في اصطالح الصوفية يطلق على من ينوب صاحب الطريقة في منطقة مـن المنـاطق ويكـون مـن الشـيوخ
المعروفين بالعبادة واخالصهم للطريقة .انظر:
Xavier Coppolani, Octava Depont, Les confréries religieuses musulmanes, Alger:
Adolphe jourdan ,1897,p.195.
-دمحم بن عبد هللا :الفتح الرباني فيما يحتاج إليه المريد التيجاني ،د.م :مطبوعات الحاج عبد السالم د.ت ،ص.31
-4الشيخ المختار الكنتي :الجرعة الصافية ،مخطوط خزانة الشيخ باي بلعالم أولف ،ص.191
131
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
كرامات وأقوال كانت محل تصديق الجميع وقد جمع أصحاب هذا الصنف بين
التصوف والتأليف والتعليم والفتوى ولهذا نجدهم تركوا أعماال جليلة في الدعوة للطريقة
القادرية بالمناطق التي عاشوا بها والمحاذية لهم مثل الشيخ الكبير الذي عرف بعلمه
وتأليفه العديدة في العلوم الشريعة وتعمقه في الطريقة فقد ألف كتاباً أسماه الكوكب
الوقاد ونظ ار ألهميته في الطريقة قال فيه ( يجب أن يسمى بأسماء كثيرة وكثرة األسماء
تدل على عظمة المسمى) تناول في بداية مخطوطه أسس الطريقة القادرية ومؤسسها
فذكر كرامات ومزايا ورده باإلضافة إلى فضل األذكار وأهميتها في الحياة الدنيا
واآلخرة.1
وهذا وقد ترك الشيخ المختار الكبير العديد من التصانيف في األذكار أبرز
من خاللها مناهج التربية الصوفية السليمة كما يراها هو« تلك المبنية على عنصر
المحبة ويقسمها إلى قسمين رئيسيين :المحبة المفروضة وتتمل في امتثال األوامر وعدم
ارتكاب المعاصي وأي تقصير في الواجبات معناه الوقوع في المحرمات والتقصير في
العبادات وعلى كل مبتدئ أن يوازن ما بين الناحيتين حتى يستطيع أن يدرك المحبة
المفروضة والقسم الثاني المحبة المندوبة التي يصلها كل من حقوقها عندها يدخل
المريد في المرحلة الثانية من المحبة المرتكزة على القيام بالواجبات ثم النوافل واالبتعاد
عن المحرمات مع عدم الوقع في الشبهات ».2
ويعتبر الكنتيون أكثر شيوخ المنطقة إسهاماً في علم التصوف بصفة عامة
وبالطريقة القادرية بصفة خاصة تجلى ذلك في رسائل وقصائد وكتب فللشيخ المختار
3
الكبير قصيدة في السلسة القادرية ونازلة في التصوف واجازة في األوراد واألحزاب
-1الشيخ المختار الكبير :الكوكب الوقاد في فضائل المشائخ حقائق األوراد ،الخزانة العبقاوية ( مخطوط) أقبلي،
ص.112
-2الشيخ المختار الكنتي :الجرعة الصافية ،المصدر السابق ،ص.12
-3األحزاب مجموعة من األذكار الراتبة شبهوها بحزب القرآن للمداومة عليها في أوقات معينة.
132
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
إجازة في الورد ورسالة إلى أحد مريدية ،ومثله الشيخ دمحم بن الشيخ المختار الكبير
الذي ترك إجازة في األوراد واألحزاب القادرية ومخطوطاً في األدعية واألذكار وقصيدة
االبتهال وجواباً على ثالث مسائل في الورد القادري وقصيدة في األدعية والتوسل وبهذا
فقد تفاوتت هذه المصنفات 1في محتوياتها وعدد صفحاتها إال أن القاسم المشترك بينها
إضافة تراث واثراء هذه الطريقة العريقة المنتشرة في إقليم توات واألزواد.
والقسم الثاني من شيوخ الطريقة يندرج تحته صلحاء من الشيوخ ،الذين
اشتهروا بالزهد في الحياة وكثرة األذكار وخدمة العامة ،واشتهروا بالكرامات ومواقف
خالدات ،اكتفوا بالعبادة واألوراد ولم يتركوا مؤلفات في ميدان األدب أو الفقه ،وانما
خلدت أسماؤهم في الذاكرة الشعبية بتوات ،نظ اًر لما اشتهروا به من أعمال خيرية خدموا
بها الصالح العام وأفنوا حياتهم في الزهد وضحوا بأموالهم وأعمارهم في سبيل
اإلصالح ،كإصالح ذات البين واعانة الفقراء والمحتاجين في الزوايا التي أسسوها
وساهموا في تسييرها ،لتؤدي دورها الخيري لكل المسلمين وأبناء السبيل .وبعد وفاتهم
خلدت قبورهم بأضرحة وزيارات سنوية يتوافد الناس القاصي والداني من أبناء منطقة
توات ،وهكذا نجد أضرحة هؤالء الشيوخ وزياراتهم معروفة ومشتهرة من أكبرها زيارة
الشيخ عبد القادر الجيالني.2
ومن أضرحة شيوخ هذه الطريقة القادرية ،نجد ضريح الشيخ المختار بن دمحم
بن عمر بلوافي بقرية (الجديد) ،ونجد في زاوية كنتة ضريح أحمد بن دمحم الرقاد ،ونجد
في أقبلي ضريح الشيخ أدمحم بونعامة وغيرهم كثير بين توات واألزواد.3
ومن أهم مظاهر وأنشطة الطريقة القادرية الورد القادري ،ويتكون أساسا من
عدد معين من الركعات ،يق أر في أولها فاتحة الكتاب مع سورة معينة ،وبعد التسليم من
-1الشيخ المختار الكبير :الكوكب الوقاد ،المصدر السابق ،ص 133وما بعدها.
-2عبد القادر الجيالني ،سر األسرار ومظهر األنوار ،المصدر السابق ،ص.99
-3عبد القادر الجيالني ،الفيوضات الربانية في اآلثار واألوراد القادرية ،المصدر السابق ،ص.29
133
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
كبيرتين البكائية الكنتية ،والفاضلية غير أن ما يدخل في اإلطار الجغرافي لدراستنا هو
الشعبة األولى ،أما الثانية فظهرت في منطقة شنقيط والسينيغال.1
-6الطريقة الموساوية:
ولد الشيخ السيد أحمد بن موسى سنة 923ه1113 -م بأوالد موسى وذهب
إلى فاس وهو ال يزال في سن المراهقة حيث تعلم العلم به على يد الشيخ سيدي عبد
القادر بن دمحم الفاسي ،وبعد انتهاء فترة الدراسة التحق بشيخه السيد أحمد بن يوسف
الراشيدي الملياني.2
عاشره حتى نال مقصوده ثم قفل راجعا إلى بالده بعد أن أخذ عنه ،وفي
طريقه التقى بالشيخ السيد عبد الرحمن السهلي فأخذ عنه هو اآلخر ورجع إلى بالده "
الزاوية " وكان ذلك سنة 903ه 1193 -م فاستقر بها وأسس فيها زاويته لبث العلم
وتكوين األجيال ،وبقيت على حالها تحت إشرافه حتى سنة 993ه 1473 -م حيث
التحق بربه رحمه هللا.3
بعدها قرر ترك الساحل وما يتميز به من حياة السهلة والعيشة الكريمة ليتوجه
إلى الجنوب الغربي رفقة والده إلى قرية سيدي موسى وقيل أن والده سبقه إلى هذا
المكان فأسس زاوية لطالب العلم وأقبل عليها الناس من كل الجهات بمختلف األعمار
فكل سن تعامل معها بحسب قدراتها فالطلبة الصغار تعامل معهم كما هو معروف في
سائر الزوايا بتلقينهم أبجدية الحروف وتحفيظ القرآن الكريم أما كبار السن الذين ال
تسمح لهم قدراتهم الفكرية بالحفظ فقد ابتكر لهم طريقة لتلقينهم شعر ملحون ممزوج
بالعامية ( الرموز) يسهل حفظه وتزيد أبياته عن ستمائة بيت ،وقد حفظه السكان
1
- Alfred Le Chatelier .L' Islam dans l'Afrique occidentale .Paris : Steinhel , 1899,
p.329-330.
-2صالح مؤيد العقبي :الطرق الصوفية والزوايا بالجزائر ،المصدر السابق ،ص.442
-3الشيخ موالي التهامي غيتاوي :الدرر النفيسة في ذكر جملة من حياة الشيخ سيدي أحمد بن موسى ،دار هومة،
الجزائر2011 ،م ،ص.40-19
134
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
لسهولته ،وله األهمية التربوية والدينية فقد أصبحت الرموز مادة غنائية تردد على
األلسنة من قبل النساء والرجال ويتغنون بها على مكان النساء في البساتين أما الرجال
ففي أماكن عملهم.1
وبداية من فصل الشتاء تق أر هذه الرموز من طرف مريدين بعد الصالة الصبح
بالمساجد وبحلول فصل الربيع يتوجه المريدون والمقاديم ومحبي الطريقة إلى ضريح
مؤسس هذه الطريقة بكرزاز تق أر هذه الرموز من أولها إلى آخرها ،وحتى نأخد فكرة
أوسع عن هذه الرموز التي نستشف منها العمق الديني في التربية للطريقة الموساوية
نقدم نماذج منها في مختلف أغراض الشعر الملحون الذي كتبت به هذه الرموز :ونبدأ
بذكر الصفات التي ينبغي على المريد التحلي بها:
فهو يعطي الصفات التي يجب على المريد أن يتبعها حتى ينال غاياته
ويكسب رضا شيخه وهذا بصفاء القلب وطاعة الشيخ فيقول:
والشي ـخ إلى كان كامـ ـل يبطش به * الم ـ ـ ـريد إلى أصـ ـ ـ ـف قلب يوصـ ـ ـ ـل
والجهـ ـ ـ ـ ـ ـل لو كان في حجر يرميه * سـ ـ ـ ـر هللا ما ينج ـ ـ ـ ـ ـم غي ـ ـ ـر العـ ـاقل
وفيما يخص جانب الذكر فقد قال:
والـذك ـ ـ ـ ـر ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو الجبـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر * الذكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ي ـ ـ ـا زاهـ ـ ـ ـ ـد الذكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر
ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذاك حـظ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي المري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر * مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاللي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـور الذكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر
يحمي ـ ـ ـ ــه م ـ ـ ـ ــن ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـال * الذكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواب للقلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب
وألـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاه ث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم وال * مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدا م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن جاللبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاب
نـالـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه المق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـد * الذك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـازوه األج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواد
2
عبـ ـ ـادة والغيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر فال ـ ـ ـرأي فاسـ ـ ـد * ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدوك س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدات إال
أما فيما يتعلق في تعليم المريد للصالة وما بها من الفرائض والسنن
والمستحبات وما يترتب عن المسلم من معرفته في هذا الركن الثاني من اإلسالم:
يـا ن ـ ـ ـ ـ ـ ــور األن ـ ـوار مفتـ ـ ـح الجنـ ـا. * الصـ ـالة أعليـ ـ ـ ــك يا محـ ـ ـ ـي األنوار
نـوره ـ ـ ـ ـ ـم لك ح ـ ـق ست ـ ـ ــة عش ـ ـ ـر. * يا سيلن ـي أعلي أفرايـ ـض الصلـوات
حضـ ـ ـ ــرها فـالبال فـرض أمذكور. * نيـ ـ ـ ـ ــة الـوف ـ ـ ـ ـ ـدات م ـ ـ ـ ـ ــن الواجبـ ـ ــات
والـقي ـ ـ ـ ـ ـ ـام أيكـ ـ ـ ــون لهـا مشه ـ ـ ــور. * تكبيـ ـ ـ ـرة اإلح ـ ـ ـرام حققهـ ـ ـ ـا مرتب ـ ـ ـات
مـرصـ ـ ـ ـوم فالكتاب هي المختـار. * والفتيـ ـح ال أصحفشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي اآلي ـ ـ ـ ـ ــات
والـرفـ ـ ـ ـع والجل ـ ـ ـ ـ ــوس تـ ـ ـع سريـ ـر. * والقيـ ـ ـ ـام أمـ ـ ـ ـ ـع الركوع والسج ـ ـ ـ ـدات
والـمـطمئنـ ـ ـ ـ ـ ــات شـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرط كـثي ـ ـ ــر. * ترتي ـ ــب األداء م ـ ـ ـ ـ ـ ـع االستـ ـدالالت
للـممـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوم أمـ ـع المـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام اتجـذر. * نـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة اإلقـت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد للـمتبع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
واختـ ـ ـ ـم بالسـالم هي المشهـ ــور.1 * ث ـم النظ ـ ـم أوال أيـ ـق من ذا األبيـات
وفي الصالة على النبي ملسو هيلع هللا ىلص وأهمتها في الحياة اليومية بالنسبة للمسلم فقد نظم
ما يلي:
قدمـ ـ ـا صلوا عليك قبل أن توجد. * الصـ ـ ـ ـالة عليك يا صاحـ ـب جبريل
يـ ـ ـ ـ ـا دمحم غيـ ـت من جالك قاصد. * األمـ ـ ـ ـ ــان يـ ـ ـ ـ ـا عريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــس الجنـ ـ ـ ـ ــان
أما في ذكر حقيقة اإليمان وبيانه وما يجب على المسلم أن يومن به حتى
يستقيم أمر دينه ويكتمل إسالمه فقد نظم هذه األبيات:
ف ـ ـ ـ ـي األم ـ ـ ـ ـ ـان خمـس محسـوب * يـ ـ ـا الداخل الفضول في هذا الغموق
ثـنـ ـ ـي بالمالئك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة إلى قـ ـ ـ ــرب * تب ـ ـ ــد باإلل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه وأتفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرق تحقيـ ـ ـ ـ ــق
والرس ـول إلى أقبل مول الكع ـب * ربع ـ ـ ــة كتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوب فافه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم تفري ـ ـ ـ ــق
والجحـ ـ ــد للشـ ـ ـ ـ ـاعر فيه الـ ـ ــدرب * واآلخ ـ ـ ــر إيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاك ثم فيها الضيـ ـ ـ ـ ــق
ف ـ ـ ـ ـي جنـ ــة الخلود يدخلها زرب * وال ـ ـى مسل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ث ـ ـ ـ ـ ـم شهد بالتحقيـق
وقد أخد الشيخ أحمد بن موسى طريقته بهذا السند:
عن سيدي دمحم بن عبد الرحمن السهلي عن الشيخ سيدي أحمد بن يوسف
الملياني عن سيدي عبد القادري لينتهي بهذا السند إلى الحسن بن يسار البصري الذي
أخد المرقعة عن سيدي أحمد بن يوسف التي أخذها بسند ينتهي في الصحابي الجليل
عبد هللا بن مسعود عن رسول هللا .1
بعده تولى الخالفة تلميذه سيدي دمحم بن جراد ،وسارت بقيادته إلى أن التحق
بربه سنة 1010ه1220 -م .ثم تولى الخالفة السيد دمحم بن الشيخ سيدي أحمد
وبقيت تحت قيادته حتى سنة 1014ه1224 -م .ثم تولى الخالفة بعده الشيخ سيدي
عبد الرحمن " أبو فلجة " ،وفي سنة 1019ه الموافق لـ 1229م وقع سوء الظن من
بعض الجماعة ،وهما قبيلتا أوالد زيان وأوالد بوسحابة ،وذلك أن القبيلتين اتهموا الشيخ
بالتبذير إذ أن البيت كانت الجماعة تجمع له مرتين في كل سنة مرة في الخريف
وأخرى في الربيع .فعندما ولي الخالفة سيدي عبد الرحمن واتسعت رقعة المدرسة صار
المجموع ال يكفي لتغطية العام ،فصار يدعوهم مرات عديدة في السنة الواحدة ،وهذا
سبب سوء الظن.2
فضعاف العقول من هاتين القبيلتين ظنوا أنه يصرف على عياله بدال من
الزاوية ،فدخلوا على أهله ليال وهو يدرس في المسجد واطلعوا على خديمته فلم يجدوا
شيئا يطبخ وال شيئا يخزن .وبعد خروج الشيخ من المسجد وسماعه الخبر قرر الرحيل
من هذه البالد التي ال يؤمن فيها على متاع الدنيا وتوجه إلى ناحية توات.3
وعندما وصل إلى كرزاز وكان ذلك أول النهار ،تعرض له أهل هذه القرية،
وطلبوا منه اإلقامة بينهم ،وقريبا من جده وأبيه فوفروا له كل الشروط التي طلبها منهم،
فقبل وحط بينهم واشترى منهم األرض التي بنى عليها الزاوية ،وأعانوه على بنائها وكان
ذلك سنة 1040ه الموافق لـ 1230م ،وهي اآلن تسمى بالدار البيضاء .بقيت هذه
الزاوية قائمة على هللا متجردة من جمع الناس لها اللهم إال الهدايا.1
أوراد الطريقة الموسوية:
أما ورد سيدي أحمد بن موسى فقد جمعه من ثالثة عشر ورداً وهم :ورد قصر
مصر ،ورد السي الطاهر بن زيان بن سعيد المغربي ،ورد معامر الغزالي ،ورد الشاذلية
وورد الزروقية وورد الثازية التي تنتمي إلى إبراهيم التازي وورد التوهامي بن حمون
الفاسي وورد دمحم الدوالي وورد عبد الرحمن وورد عبد الرحمن بوفلجة الكرزازي وورد
بلقاسم التودالي وورد موالي علي الشريف وورد موالي العربي وبهذا فقد جمع سيدي
أحمد بن موسى ورداً ممي اًز من هذه األوراد يعتمد على كثرة التسبيح.2
وعند تقديم التسبيح للمريد هناك شروط عليه أن يلتزم بها وأعمال يقوم بها
وآداب ينتهجها ،فعليه أن يجلس على ركبتيه عندما يريد أن يأخذ تسبيحه ،وأن يستقبل
القبلة وأن يأخذ تسبيحه ثم بعدها يدعوا له الشيخ بالتوفيق ،أما المريد فعليه أن يلتزم
بالطاعة ويبرهن على ذلك باألدلة ويتقي الشبهات وفي نفس الوقت أن يدعوا لشيخه
بالخير.3
فالشيخ دمحم بن عبد هللا كان يقول ":إن الشيخ قوي بتالمذته المخلصين" فهذا
هو أسلوب طريقة أحمد بن موسى التي ترى أن أساس الدين يرتكز على الصالة
يقوم
والصدقة والصيام وقراءة القرآن .فالصالة تقوم الجسم والصدقة تقوم المال والصوم َّ
الروح وقراءة القرآن تصرف القارئ عن قول الكالم القبيح.1
فورد أحمد بن موسى يرتكز على تسبيح خاص يقومون فيه بأكبر قدر من
الصالة على النبي ملسو هيلع هللا ىلص بعد فرائض الصالة فبعد صالة الصبح يقرؤون الرموز ويسبحون
مئة مرة أو خمسين مرة أو ثالثين مرة كلمة هللا .ويقولون أن سيدي أحمد بن موسى
كان له وردان أحدهما قصير ،مكون من مئة تسبيحة ويقومون به عقب كل صالة أما
الورد الطويل فهو من ألف تسبيحة يأتون بها ثالث مرات بعد صالة العشاء .وألهمية
التسبيح وقيمته في هذه الطريقة ولكثرة التسابيح فقد أوصى موالي بن عبد السالم أن
يدفن معه تسبيحه.2
ومن كثرة التسبيح في هذه الطريقة فإن الشيخ دمحم بن عبد هللا كان يستبدل
خيط تسبيحه مرة كل أسبوع لكثرة تسبيحه ،ولهذا الطريقة كتاب لكرامات شيوخها نجد
عند شيخ الطريقة مالزم ًا له في كل زيارته السنوية التي يقوم بها إلقليم توات أو ألقاليم
أخرى.3
وفي كل سنة يخرج مقدم الزاوية محفوفاً بأوالده وبعض خدامه نحو الشمال
ألخذ ا لصداقات الالزمة التي تصعب الزراعة بها ،كما أن الموارد المالية التي تملكها
الزاوية ال تلبي حاجيتها الكثيرة ومصارفها العديدة هذا ما جعل الشيخ يتوجه دورياً
لجمع األموال باإلضافة إلى ما لها من نخيل والتي تملكها في واد الساورة وتوات
باعتبار أن هذه النخيل تعتبر المورد الوحيد ،وحتى نأخذ فكرة واضحة وتتجلى لنا
الصورة أكثر عن المقر الرئيسي لزاوية أحمد بن موسى بكرزاز.4
وأهم ما يميز طريقة الشيخ أحمد بن موسى أنها احتفظت بالحياد في ظل
الصراع الذي كان قائماً في القرن التاسع عشر باعتبارها زاوية لم تتأثر باألحداث
مباشرة مع اإلدارة الفرنسية فقد كانت ملجأ ألوالد سيد الشيخ بكرزاز وفي نفس الوقت
كانت مسالمة فقد أخبرت السلطات الفرنسية بوفاة أحمد بالكبير بوحجاجة وتولي
الطريقة تولى عبد الرحمن بن دمحم 1311هـ1992-م وتظهر اإلحصائيات أن لهذه
الطريقة ألفين وتسعمائة وأربعة وعشرون من اإلخوان 1يرجع اإلشراف الروحي لهذه
الطريقة إلى من هو أكبر في العائلة سناً في العائلة اإلدريسية حتى وجد من هو أعلم
منه وتستمر الخالفة في الخليفة إلى أن يتوفى ويتوالها من هو أكبر سناً.2
-2الطريقة الشيخية:
نسبة إلى مؤسسها الشيخ عبـد القـادر بـن دمحم ( )1212-1411الملقـب بسـيدي
الشــيخ ســليل الصــحابي والخليفــة ســيدنا أبــي بكــر الصــديق رضــي هللا عنــه وأرضــاه .ولقــد
كــان أســالفه البوبكريــة متصــوفة ينتمــون إلــى الطريقــة الشــاذلية ،اســتقروا فــي مصــر وفــي
تونس وأخي ار في جنوب الجزائر بعد طردهم من مكة في بدايـة القـرن ال اربـع عشـر .وبعـد
تعلمــه الق ـرآن وبعــض العلــوم أخــرى فــي بــالده ،رحــل إلــى المغــرب بقصــد مالقــاة بعــض
شيوخ الشاذلية .وفي قصر الساحلي ،التقى بالشيخ دمحم بن عبـد الـرحمن السـاحلي (الـذي
تــوفي ســنة 1491م) والــذي لقنــه وبقــي برفقتــه لســنوات طويلــة .ولقــد أوصــاه هــذا األخيــر
بالرحيل إلى فكيك في جنوب المغرب مـن أجـل نقـل تعـاليم الطريقـة ،وسـرعان مـا اشـتهر
وك ــان ل ــه ت ــأثير ف ــي الص ــحراء وخصوص ــا ف ــي منطق ــة القص ــور .وبعمل ــه الخي ــر ه ــدأت
الصـراعات بـين القبائــل وجعـل مــن زوايـاه ملتقيـات للمعرفــة والكـرم ورباطــات للجهـاد ضــد
-1أبو القاسم سعد هللا :تاريخ الجزائر الثقافي ،المصدر السابق ،ص.90-99
2
- P. Albert, op. cit., p488.
111
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
الهجم ــات اإلس ــبانية ف ــي وهـ ـران .ت ــوفي الش ــيخ س ــنة 1212م ودف ــن ف ــي الب ــيض جن ــوب
الجزائر.1
فــي وصــيته اعتــق رقــاب العبيــد وعيــنهم وذريــتهم مقــدمين للزاويــة ،خلــف الشــيخ
ابن ــه أب ــا حف ــص فاختلط ــت سلس ــلة الش ــيخية بس ــاللة الش ــيخ .ومن ــذ ذل ــك الح ــين ،حم ــل
المنتســبون إلــى الشــيخية لقــب " أوالد ســيدي الشــيخ" .كانــت الشــيخية مصــدر العديــد مــن
االنتفاضات ضد الجيش الفرنسي وثورات القبائل الرحل.
وفي سنة 1939م ،التحق سـيدي حمزة(المتـوفى سـنة 1921م) علـى رأس فرقـة
م ـ ــن رجال ـ ــه بحمل ـ ــة األمي ـ ــر عب ـ ــد الق ـ ــادر ض ـ ــد الج ـ ــيش الفرنس ـ ــي ف ـ ــي ع ـ ــين ماض ـ ــي
باألغواط(الجزائر) .وابتداء مـن سـنة 1979م ،منـع الجـيش الفرنسـي علـى القبائـل الرحـل
التنقل .كان الشيخ بوعمامة المشهور(المتوفى 1909م) ،والذي هو عاشـر خلفـاء الشـيخ
عبد القادر ،مجددا ومتقلدا أيضا مهمـة قائـد حربـي .وبعـد جمعـه ألفـي رجـل مـن مريديـه،
أطلق الثورة األولى يوم 27أبريل 1991م ،قرب عين الصفراء .ومن أجل االنتقـام ،قـام
العقيــد نيكريــي بقصــف ض ـريح ســيدي الشــيخ يــوم 19غشــت 1991م ،وفجــر الجن ـرال
لــويس العديــد مــن القصــور وكــذا زاويــة بوعمامــة .ثــم تواصــلت الثــورة إلــى غايــة 1999م.
ولقد كانت إحدى أهم الثورات في القرن التاسع عشر بعد ثورة األمير عبد القادر.2
اســتقر الشــيخ بوعمامــة ،بعــد نفيــه إلــى المغــرب ،فــي نـواحي وجــدة ،وتــوفي ســنة
1909م ،ودفن قرب مدينة العيون الشـرقية فـي المغـرب .وقـد خلفـه ابنـه الطيـب(المتوفى
ســنة 1934م) ،والــذي أثــار ريبــة الجــيش الفرنســي ،فاعتقــل وســجن فــي المغــرب ثــم فــي
الج ازئــر بــاألغواط .وكــان يت ارســل مــع الشــيخ العــالوي ويستشــيره فــي العديــد مــن القضــايا
الدينيــة .انتشــرت الشــيخية فــي كــل أنحــاء المغــرب الكبيــر وخصوصــا المغــرب ،ويتــولى
شؤونها حاليا الشيخ حمزة بن عبد الحكيم بن بوعمامة.1
ترجع الطريقة الشيخية إلى العارف باهلل الولي الصالح ،البركة العالم العامل
سليل الدوحة الصديقية ،واألرومة العتيقية ،سيدي الشيخ عبد القادر بن دمحم بن سليمان
بن ابي سماحة ،من نسل الصحابي الجليل ابن شيخ الصحابة سيدنا عبد الرحمن بن
سيدنا أبي بكر الصديق ،التيمي القرشي ثاني االثنين ،وخليفة رسول رب العالمين.
والده سيدي دمحم بن سليمان ،دفين الشاللة الظهرانية ،أخذ عن العالمة سيدي عبد
الجبار الفجيجي .جده العالمة الولي الصالح سيدي سليمان بن أبي سماحة دفين بلدة
بني ونيف ،أخذ العلم بفاس وغرناطة قبل دخول اإلسبان إليها (999ه1192/م).2
ولد سنة 910هـ1433-م بضواحي الشاللة الظهرانية بفجيج ،درس على يد
والده الشيخ دمحم بن سليمان وعلى يد عمه الشيخ أحمد المجدوب حفظ القرآن واتجه إلى
تيجو اررين ثم فقيق التي درس بها على يد دمحم بن عبد الجبار والتقى مع دمحم بن عبد
الرحمن بن أبي بكر السكوتي ،ثم توجه إلى فاس ودرس على يد عبد القادر الفاسي
وعن أبي عبد هللا دمحم بن عبد الرحمن السهلي الذي أخد عنه الطريقة الشاذلية ،وبعد
عودته إلى فقيق أنشأ زاوية بها وتولى فيها مهمة التربية والتعليم في حياته ،ارتبط بعدد
من علماء عصره نذكر منهم أبي دمحم دفين تبلكوزة والشيخ عثمان دفين زاوية تيميمون
والشيخ أحمد بن موسى وقد توفي سنة 1024ه3ـ
الياقوتة:
إليه انته ـ ـت رئاس ـ ـة القـ ـ ـوم فارتقـ ـ ـى * على صهوات المجد من غير مرية
وعدد أبياتها مائة وثمانية وسبعون بيتا يتناول فيها مسائل تربوية كاألمر
بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة للسلوك والذكر:
* وج ـ ـ ـ ـ ـ ــد بسيـ ـ ـ ـ ـرن ـ ـ ـ ـ ـ ـا تف ـ ـ ـ ــز بالم ـ ـ ـ ــودة فك ـ ـ ـ ـن مقت ـ ــد بن ـ ـ ـ ـا وث ـ ـ ـ ـق بكالمنـ ـ ـ ــا
كما يدعو فيها اتباعه إلى المنهج الصالح وفي نفس الوقت يذكر فيها سند
الطريقة الشيخية.
اللدنيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة
* وقط ـ ـ ـ ـ ـ ـب نه ـ ـ ـ ـى علمن ـ ـ ـ ـ ـ ـا ُ فأوله ـ ـ ـ ـم ف ـ ـ ـي الذكر شمس وجودنا
الحضرة:
هي تتمة للياقوتة في شكل نظم مخمس تضم أربعة وعشرين بيتا وهي من
جملة أوراد الطريقة الشيخية يغلب عليها أسلوب الذكر وفضائله ومدح الرسول.1
رسالة في التصوف:
كتبها سنة 1012وهي ردا عن سؤال في أصول الطريقة وقد انتشرت هذه
الطريقة في الجنوب الغربي والغرب عموماً ،وهذا يعود إلى تالميذه المنتشرين في
األقاليم فبإقليم توات نذكر منهم الحاج أبو حفص الذي نشر الطريقة بإقليم تنجوا اررين
ودمحم عبد هللا الجوزي دفين أوالد سعيد أما بالبيض فيرجع الفضل في نشرها إلى الحاج
عبد الحاكم وابنه الحاج أما بالمغرب فيرجع انتشار الطريقة إلى الهادي بن عيسى
بمكناس وتقوم الطريقة على المنهج التربوي الذي يرتكز على:
-1عبد هللا طواهرية :امتاع القراء بشرحي الياقوتة والحضرة الغراء ،المصدر السابق ،ص 171وما بعدها.
111
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
إتباع الشريعة:
الشريعة امتثاال واجتنابا ظاه ار وباطنا وأصل هذه القاعدة هو قوله تعالى
﴿واتَِّب ُعوهُ َل َعَّل ُك ْم تَ ْهتَ ُدو َن) وقوله تعالى ﴿ َو َما َآتَ ُ
1
اك ْم َع ْن ُه
ول َف ُخ ُذوهُ َو َما َن َه ُ
الرُس ُ
اك ُم َّ َ
َف ْانتَ ُهوا﴾ 2ونص رضي هللا عنه على هذه القاعدة في الياقوتة بقوله:
* فبـ ـ ـ ـاهلل مـ ـ ـ ـا حـ ـ ـ ـدنا عن شرع وسن ـ ـ ـة فباإلتبـ ـ ـ ـاع نلنـ ـ ـ ـا مرتب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة العـ ـ ـ ـ ـ ـ ـال
* ومـ ـ ـ ـا زلنـ ـ ـ ـا مقتفيـ ـ ـ ـن نه ـ ـ ـ ـج الشريعة ومن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـذ عقلنـ ـ ـ ـا سـ ـ ـ ـدد هللا سعينـ ـ ـ ـ ـا
سلوك الذكر:
ويؤكد المشائخ عن أهمية الذكر وضرورته للسالك بداية ونهاية .وردد الشيخ
رضي هللا عنه هذه الفضيلة التي هي للذكر من بين سائر األعمال في كل مؤلفاته،
ويرتبه في المرتبة الثانية بعد أداء الفرائض حيث يقول :
3
وما الحـج والجهاد من غير فرضنا * بأفضـ ـل من ذكر األسماء العظيمة
ومعناه :عالمة التسليم في قلب السالك رضاه بمواقع قدره ،وعنوان أدبه هو
ترك االعتراض على أحكامه بقلبه.1
سلوك الصدق:
الصدق في أحواله كلها ظاهرها المتعلق بأعمال الجوارح وباطنها المتعلق
بعمل القلب .صدق في إيمانه بالجزم المطابق للدليل في أن هللا إله واحد فرد صمد،
متصف بالكماالت .فقال رضي هللا عنه:
2
* لم ـ ـ ــن يبغ ـ ـ ـي وص ـ ـوال فافهم مقالتي فص ـ ـ ـ ـدق ف ـ ـ ـإن الصـ ـ ـدق أرفع رتبة
وقال الشيخ عبد القدر الجياللي رضي هللا عنه "عليك بالصدق والصفاء فلو ال
هما لم يتقرب بشر إلى هللا "وأنشد
3
* ولوال كالم الصدق ما شيلت الحجب ولم ـ ـ ـ ـا صدقن ـ ـا شيلت الحجب بيننا
وقال الشيخ رضي هللا عنه" :وال يصير إلى هللا إال بقلب مفرد فيه صدق
مجرد".
ونشره رحمة هللا العلم وتربيته للمريدين داخالن في عموم النصح الذي التزمه
وأكد عليه بقوله في الياقوتة:
4
* وخاصت ـ ـ ـ ـ ـ ـه المؤمني ـ ـ ـ ـ ـ ـن بجمل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة ونص ـ ـ ـ ـ ـ ـح لدي ـ ـ ـ ـ ـ ـن هللا ث ـ ـ ـم الرس ـول
-1عبد هللا طوهرية :تذكرة الخالن في مناقب العالمة الشيخ سليمان بن أبي سماحة ،المصدر السابق ،ص.13
-2المصدر نفسه ،ص.14
-3المصدر نفسه ،ص.10
-4عبد القادر بن دمحم :الياقوتة ،المصدر السابق ،ص.11
112
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
ومـ ـ ـ ـ ـ ـن لي بإصـ ـ ـ ـ ـ ـالح قبائل فتنـ ـ ـة * إذا أضرمـ ـ ـ ـ ـ ـت نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـار لقتل السفاهة
ومـ ـ ـ ـ ـ ـن يأم ـ ـر األعراب ثم األعاجم * بإص ـ ـ ـ ـالح ذات البين عن شأن فتنة
ومن كالمه رضي هللا عنه مع شيوخ بني جابر في شأن موضوع قطع الماء
عن الخصم:
(أنتم جميع من آذاكم أو عمل سوء قل أو جل تبادرنا إلى مائة تقطعون
وتردونه ،فهال تقابلونه بالصبر والعفو ،أخاف على مائكم الذي جعلتموه سندا يذهب من
ها هنا أو من ها هنا وأشار بيده المباركة شرقا وغربا) قال ،فكان األمر كما قال.
ومن وجوه سعي ه في اإلصالح انتقاله للجهات والقصور المختلفة لرد ما
غصب من األموال والمنقوالت ،والحض على صيانة أموال اليتامى والقصر ،ونصح
المعتدي عليها ورد الديون والرهون التي لم يتمكن مستحقيها من استيفائها لوقوعها في
أيدي المتنفذين وبالجملة كان سعيه رحمة هللا في اإلصالح وجبر الضرر واعانة
الضعيف شامال ،واستعمل في ذلك ما فتح هللا به عليه من الجاه والحرمة ،وما رزقه
من مال .ولم يدخر وسعا في إيصال النفع إلى العامة ،وبذل طاقته في اإلصالح
والتوفيق والقضاء على أسباب التراع ،جزاه هللا عن المسلمين خي ار ووفر ثوابه في
العقبى بمنه ورحمته وكأنه المعني بقول عبدة بن الطيب:
1
* ولكن ـ ـ ـ ـ ـه بنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاء ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوم ته ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدم وم ـ ـ ـ ـ ـا ك ـ ـ ـ ـ ـان قي ـ ـ ـ ـ ـس ه ـ ـ ـ ـ ـلك واح ـد
-4الطريقة الزيانية:
تنسب هذه الطريقة إلى مؤسسها الشيخ سيدي ادمحم ابن عبد الرحمن بن دمحم بن
أبي زيان بن عبد الرحمن بن أحمد بن عثمان بن مسعود بن عبد هللا الغزواني بن
سعيد بن موسى بن عبد هللا بن عبد الرحمن بن أحمد بن موالي عبد السالم بن مشيش
بن أبي بكر بن علي بن حرمة بن سالم بن عيسى بن مزوار بن علي بن حيدرة بن
-1المناقب ،ص.117-113
117
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
دمحم بن إدريس بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب كرم هللا
وجهه وفاطمة الزهراء بنت رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص .لقب بن أبي زيان على جد أبيه الذي جاء
مهاج ار من مراكش ،حيث مر بالمكان الذي بنيت فيه القنادسة وسمع مناديا يقول:
آعمار فقال للجمع المرافق له :هنا نعمر ،فاستقروا هناك.1
ولد ادمحم بن أبي زيان في هذه البيئة حوالي 1022هـ1240/م بتاغيت أحد
القصور الخمسة التي يسكنها بنو كومي على الضفة اليمنى من نهر زوزفانة القادم من
مرتفعات شمال فكيك المنتمية لألطلس الكبير والذي يتصل بنهر كير عند مدينة إكلي
مكونا معه دلتا قاعدتها في الشمال وقمتها في الجنوب.2
عاش ادمحم بن أبي زيان منذ طفولته ال يشغله شيء عن هللا ،ارتفع إيمانه
وسالمة فطرته ،فلما شاهد أبوه فيه ذلك أرسله إلى زاوية الشيخ العارف باهلل سيدي
مبارك بن عزي الغرفي السجلماسي بقصد االنتفاع وقراءة العلم ،وقد الزمه الشيخ بن
أبي زيان قرابة عشرون سنة كان خاللها ينتهل من العلوم القرآنية.3
وصبر على الجوع بالسرور ال بالفتور ،والصبر على العرى بالفرج ال بالحزن،
والصبر على البؤس بالرضى ال بالسخط ،والصبر على الصيام باإلقبال ال بالماللة،
كان هذا من أجل إذالل النفس للتحكم فيها وكبح جماحها والمجاهدة فيها لترقى
المقامات الصوفية العالية ،هكذا عاش السنوات الثمانية في فاس 1097-1099ه،
حتى اتهمه سلطانها بالشعوذة والسحر وأرغم على الخروج منها فا ار بنفسه.4
أما عن بعض شيوخه الذين أخذ عنهم العلم بفاس ،فنذكر منهم:
-الشيخ عبد القادر الفاسي(1091ه).
-1الشيخ موالي التهامي غيتاوي :منجد الولهان في معرفة ومآثر الشيخ سيدي دمحم بن أبي زيان قدس هللا روحه،
دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع ،عين مليلة -الجزائر( ،دت) ،ص.2-4
-2الشيخ موالي التهامي غيتاوي :الدرر النفيسة ،المصدر السابق ،ص.111
-3المصدر نفسه ،ص.114
-4المصدر نفسه ،ص.117-112
119
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
بموالي زيان الذي ولد في منتصف القرن السابع عشر في عائلة شريفة كانت مقيمة
عند مصب وادي درعة.1
كان ادمحم بن أبي زيان يهدف إلى الدعاية للطريقة الشاذلية بالوسائل التي كان
قد استعملها من قبل دمحم بن عمر الهواري وهو أبو عبد هللا دمحم بن عمر الهواري الشيخ
العالم الولي العارف باهلل .ويعتبر الشيخ أبو الحسن الشاذلي مؤسس هذه الطريقة التي
يؤمن أصحابها بجملة من األفكار والمعتقدات الصوفية ،والتي منها التوبة التي تعتبر
نقطة انطالق المريد أو السالك إلى هللا تعالى واإلخالص والنية والخلوة والذكر والزهد
والورع والتوكل ،وقد ولد في قبيلة غمارة المقيمة قرب مدينة سبتة بالمغرب األقصى
سنة 493ه وأخذ تعاليم شيخه عبد السالم بن مشيش ،وهو أحد تالميذ أبي مدين
شعيب ،وينتمي إلى أشراف عروس الساكنين عند جبل عالم بتطوان.2
الزاوية الزيانية تقوم بها تسهيل حركة القوافل والتجارة واستضافة زوارها ،وتقوم بإيواء
المهزومين والهاربين ،وتتدخل لعقد الصلح بين الناس ،ومن الفوائد التي جنتها فرنسا
من زاوية القنادسة تأييدها لهم في حربها على ألمانيا سنة 1911م.1
وأورد مؤلف كتاب "مرابطين واخوان" بعض اإلحصاءات المتعلقة بالزوايا
المنتشرة فوق التراب الجزائري ،الذي يذكر أن عدد أبنائها يبلغ وقت تأليف كتابه ثالثة
آالف وأربعمائة عضو موزعين كما يلي:
-والية وهران :ويتواجد بها أربعة زوايا تضم واحد وتسعين مقدما وثالثة آالف
وثمانية وثمانين طالبا.
-والية الجزائر :ويوجد بها ستة مقدمين ومائتان وسبعة عشر طالبا.2
-1عبد القادر بوباية :،الطريقة الزيانية وتطورها التاريخي ،المصدر السابق ،ص.127
-2المصدر نفسه ،ص.129
141
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
الفاتح لما أغلق" فجعل دمحم بن أبي بكر يلقنها لمريديه في الزاوية الدالئية بدال من
الصيغة األولى التي كان عليها أبوه".1
وهذه هي عناصر الوظيفة التي تركها ابن أبي زيان ألتباعه مع بعض
الوصايا األكيدة في هذا الباب:
-مالزمة االستغفار في كل يوم مائة مرة ،ينوي بذلك تجديد التوبة.
-الصالة على النبي ملسو هيلع هللا ىلص بالصيغة السابقة الذكر مائة مرة.
-الهيللة ألف مرة ،وعند تمام كل مائة من اسم الجاللة يقول دمحم رسول هللا
صلى هللا علية وسلم.
" -والمواظبة على ذلك كل يوم ،واألحسن أن يكون بعد صالة الصبح...
والق در المذكور ليس بحد ال يزاد عليه ،بل هذا القدر الذي ال بد منه في كل يوم،
والزيادة بقدر اإلمكان ،فإذا سهل هذا القدر المذكور تكون الزيادة على سبيل الترجيح".
-قراءة القرآن في المصحف ولو خمسة أحزاب في اليوم.
-قراءة دالئل الخيرات في كل يوم مرة إن أمكن ،وان لم يتيسر فنصفه ،وان
لم يتيسر فربعه في اليوم ،وأقل من ذلك مرة كل جمعة.
-صيام االثنين والخميس إن تيسر واال فثالثة أيام في كل شهر(األيام
البيض).
-مطالعة كتب القوم ،وخص منها الحكم واإلحياء والقوت.
-مالزمة قيام آخر الليل بخمس تسليمات ولو بحزبين ،وقبلها بركعتين
خفيفتين ،األولى بالفاتحة وسورة " الكافرون" والثانية بالفاتحة و"اإلخالص".2
على أن الوظيفة الزيانية وهي وظيفة ضرورية تق أر مرة كل يوم ،لم تحافظ
على أصالتها بل زاد فيها سيدي دمحم األعرج وهو الشيخ الثاني للطريقة واالبن الموصى
له بالمشيخة من طرف والده سيدي دمحم بن أبي زيان ،زاد فيها ما أسماه بالخواتم.1
كما وضع وردا للتطوع سماه " الورد الكبير" وهو يتضمن مجموعة من األذكار
المستقاة من الوظيفة الزروقية ،علما أن هذه الوظيفة كانت تق أر كاملة خالل فصل
الشتاء ،وقد كان يحتفل باختتام قراءتها احتفاال مشهودا.2
-5الطريقة الطيبية:
ولدت هذه الطريقة في وزان بالمغرب األقصى ،وكان مؤسسها الشيخ عبد هللا
الشريف المتوفى سنة 1099ه ،وقد كانت الطريقة الطيبية تستمد أصولها من الطريقة
الشاذلية وهي تعتبر الصالة على النبي ملسو هيلع هللا ىلص أساس الذكر حتى أن الورد الذي لقنه الشيخ
ألتباعه تمثل في تكرير الصالة على النبي ملسو هيلع هللا ىلص أربع وعشرين ومائة ألف مرة كل يوم
وليلة ،وكان نشاطها يقوم على العناية بالفقراء واللغرباء واليتامى واألرامل ،والظاهر أن
نشاطها في ميدان التعليم كان قليال على األقل في الجزائر.1
وقد أسست الطريقة الطيبية على يد موالي عبد هللا بن إبراهيم الوزاني( المتـوفى
سنة1279م) ،والمنحدر من ساللة مـوالي إدريـس الثـاني .انتسـب إلـى الطريقـة الجزوليـة
وبعــدما رأى الرســول ملسو هيلع هللا ىلص فــي المنــام أســس طريقــة علــى خطــى رؤيــاه وبنــى زاويتــه األولــى
في وزان التي توجد في الشمال الغربي للمغرب .حملت هذه الزاوية اسم " دار الضمانة"
وصــارت مدرســة وم ـ از ار ومثــوى للفق ـراء والمحتــاجين وفيهــا دفــن كــل شــيوخ الطريقــة منــذ
تأسيسها.
ويزورهــا المريــدون مــن جميــع أنحــاء المغــرب الكبيــر .ومــن خلفــاء الشــيخ مـوالي
عبد هللا :الشيخ موالي دمحم والشيخ موالي التهامي ثـم الشـيخ مـوالي الطيـب المتـوفى سـنة
1737م .ولقد قام هذا األخيـر بإنمـاء الطريقـة وتنظيمهـا ،ومـن ثمـة أخـذت اسـمه .يعتمـد
المـ ــنهج التربـ ــوي للطريقـ ــة الطيبيـ ــة علـ ــى الـ ــذكر والزهـ ــد واالبتعـ ــاد عـ ــن الماديـ ــات وعلـ ــى
التسامح الكبير .وانتسب العديد من المريدين إلى الطريقة التي جاوز صداها مدينـة وزان
وامتــد حتــى الج ازئــر وتــونس وليبيــا ومصــر .ومــن بــين أشــهر زواياهــا فــي الج ازئــر زاويتــا
معسكر وتلمسان.
لقد حاربت الطريقة الطيبية مثل الزوايا األخرى االستعمار ،حيث قاد دمحم بن
عبد هللا الملقب ببومعزة والنتسب إلى الطريقة الطيبية مقاومة شرسة في غرب الجزائر
من سنة 1911إلى 1917م.2
-2الطريقة التجانية:
أسسها الشيخ أبو العباس أحمد بن سيدي دمحم بن المختار بن أحمد بن دمحم بن
نسبة إلى قبيلة توجين التي استقرت قديما بعين ماضي وولد بها سالم التجاني.
والواقعة بالقرب من مدينة األغواط سنة 1140ه 1737 -م لكنها انتشرت بشكل
واسع في إفريقيا خاصة في المغرب والسودان والسينغال و نيجيريا على حساب
القادرية ،وحفظ القرآن في مدينة األغواط وتلقى على أيدي شيوخها جملة من العلوم
الشرعية ،وتعلقت همته بدراسة علوم التصوف وأحواله ومقاماته ،ومعرفة شيوخه ،كما
حببت له حياة الزهد واالشتغال باألذكار وأنواع االستغفارات .وبعد وفاة والديه في يوم
واحد بسبب وباء الطاعون الذي أصاب المنطقة ،وبعد إقامته بتلمسان وفي عام
1171هـ 1747-م شد الرحال إلى فاس للبحث عن شيوخ الصوفية في هذا المركز
الديني ،وهناك درس الطرق الصوفية ،ثم ذهب إلى قرية األبيض على مشارف
الصحراء ،حيث استقر في زاوية سيدي عبد القادر بن دمحم ،ومكث بها خمس سنوات
واستغل بعضاً منها في التدريس.1
وفي عام 1192هـ1773-م بدأ الشيخ التجاني رحلته إلى الحج التي واصل
فيها متابعة للطرق الصوفية حيث توقف ،ودرس بقرية أيت إسماعيل في بالد القبائل
2
زار فيها الشيخ أبي عبد هللا دمحم بن عبد الرحمن األزهري وأخذ عنه الطريقة الخلواتية
ثم قضى عاماً في تونس حيث درس كتاب ابن عطاء هللا السكندري ( كتاب الحكم)،
وحقق نجاحاً في تدريسه ،لدرجة أن القائم على حكم تونس ( 1171هـ1747-م) طلب
منه البقاء في تونس للتدريس في مسجد الزيتونة وأغراه بالمال والمسكن الفاخر لكن
الشيخ التجاني رفض وقرر مواصلة رحلة الحج .ووصل إلى القاهرة وبدأ البحث عن
شيخ الطريقة الخلواتية ،والتقى به ،وتعلم منه الكثير من مبادئ الطريقة ،وأخي اًر وصل
-1صالح مؤيد العقبي :الطرق الصوفية والزوايا بالجزائر ،المرجع السابق ،ص.119-112
-2دمحم بن جعفر الكتاني :سلوة األنفاس ،المصدر السابق ،ص.192
144
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
إلى مكة في يناير 1199هـ1771-م واتصل هناك بشيخ هندي يدعى أحمد بن عبد
هللا بواسطة خادمة وبعد شهرين من هذا البقاء مات الشيخ وورث التجاني عنه تعاليم
الطريقة الصوفية.1
في طريقة العودة إلى بالده توقف الشيخ التيجاني في القاهرة حيث فوضه
الشيخ دمحم الخيضري في نشر تعاليم الخلواتية في شمال إفريقيا واتجه أحمد التجاني
إلى فاس بدالً من مدينة عين ماضي ،وفي عام 1191هـ1777-م اتجه إلى تلمسان
بالجزائر مرة أخرى بسبب عودة الحاكم العثماني باألغواط ثم انتقل إلى جبال قصور
بقرية بوسمغون جنوب غرب البيض سنة1192هـ1791-م حيث استقر بها مدة ثالث
سنوات زار خاللها إقليم عين ماضي وبوجوده في بوسمغون كثر مريدوه قصدته الوفود
من جميع أنحاء الصحراء 2حيث واصل نشر تعاليم الطريقة الصوفية حتى وافته المنية
عام 1231هـ1914-م.
لقد ظهرت مبادئ الطريقة التجانية من خالل مؤلفات بعض األتباع وعلى
رأسهم بن العربي التجاني ،3وانتشرت الطريقة التجانية في غرب إفريقيا بفضل جهود
الحاج عمر الفوتي التكروري (1210هـ1794-م) والذي تلقى وردها على أيدي الشيخ
عبد الكريم بن أحمد النفيل الفوتا جالوني ،وقد وضع الحاج عمر أسس هذه الطريقة
في كتاب الرماح (رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم) الذي يتكون من خمسة
وخمسين فضالً إلى جانب المقدمة والخاتمة ويتناول الكتاب عدة أمور مثل التشجيع
على سلوك الطريقة التجانية والحديث عن الكتاب عدة أمور مثل التشجيع على سلوك
الطريقة التجانية والحديث األساسي للطريقة التجانية.4
-1وهو الذي يبلغ به الصالح في الدنيا والدين ويختل في نظر أصحاب الطريقة العالم بموته.
-2دمحم بن أحمد أكنسوس :الجواب المسكت في الرد على من تكلم في طريق اإلمام التيجاني بال تثبت ،الجزائرية:
المطبعة الثعالبية ،1913 ،ص.21
147
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
الطريقة التجانية في صراعات عقائدية دفعت بخصوم التجانية من السلفيين وحتى من
أصحاب الطرق األخرى إلى اتهام التجانية بالضالل.1
واذا عدنا إلى من دافع عن الطريقة التجانية نجدهم ينقسمون إلى متشددين
بالغوا في تمجيد التجانية إلى درجة أنهم ألحقوا بها األذى أكثر مما خدموها ،نتيجة
مغاالتهم فأتاحوا بذلك الفرصة لغيرهم إلعطاء البنية والحجج الدامغة على أن التجانية
خارجة عن الشرع مستندين في ذلك مصادر الطريقة مثل " جواهر المعاني" و "اإلفادة
األحمدية " وغيرهما.2
فكثي ار ما يقف خصوم التجانية على مورد في " جواهر المعاني " من أفضل
تالوة " :صالة الفاتح " المرة الواحدة منها تساوي من كل تسبيح وقع في الكون ومن
كل ذكر ومن كل دعاء كبي ار وصغير ومن القرآن ستة أالف مرة ،3واعتبروه كفر ينبغي
التبرؤ منه ال سيما وأنه ينسب إلى التجاني في كتاب " جواهر المعاني" قول :إن رسول
هللا هو الذي أمره بتالوة " صالة الفاتح" ،وأخبره عن فضل هذه الصالة وأن هذا
الورد ادخره له الرسول ولم يذكره ألصحابه رضوان هللا عليهم أجمعين .األمر الذي
جعل خصوم التجانية يعتبرونه افتراء على هللا ورسوله ،بل مروق وخروج عن الدين.4
أما المعتدل من اتباع الشيخ التجاني ال سيما المتأخرين منهم ،حاولوا في
الكثير من كتابتهم تبرير وتفنيذ ما جاء في مصادرهم واعتبروه دساً مقصوداً الهدف منه
-1صالح مؤيد العقبي :الطرق الصوفية والزوايا بالجزائر ،المصدر السابق ،ص.119-112
-2المصدر نفسه ،ص.119
-3إبراهيم القطان المختار " :من أقوال التيجاني " ،مجلة الفتح ،العدد ،1933 ،399ص.1
-4دمحم الهاشم الخطيب ":النصيحة اإلسالمية إلى المخدوعين بالتجانية " .مجلة الفتح ،عدد ،109السنة ،09
،1931ص.12
149
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
التشنيع بشيخ الطريقة ،وهو في نظرهم بريء من كل ما نسب إليه واعتمدوا على
مقولته إذا سمعتم عني شيئاً فزنوه بميزان الشرع فما وافقه فخذوه وما خالفه فاتركوه.1
وهو يعتمد في ورده على:
أوال :الوظيفة.
وهي قراءة فاتحة الكتاب ثم صالة الفاتح ( :اللهم صل على سيدنا دمحم الفاتح
لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم .....إلخ)
بعدها يشرع في ذكر الوظيفة(:استغفر هللا الذي ال إله إال هو الحي القيوم سبحان ربك
رب العزة عما يصفون وسالم على المرسلين) مائة مرة ثم ذكر الجوهرة وهي مدح
ال عشرين مرة مع دعـاء الفاتـح
النبي إحدى عشر مرة ومن لم يحفظها يأتي بها لي ً
النِب ِي ياأَي َّ ِ
َّ َّللا وم َالِئ َكتَه ي ُّ ِ
آم ُنوا
ين َ صلو َن َعَلى ّ َ َ
ُّها الذ َ َُُ وتختم الوظيفة باآلية الكريمة ﴿ إ َّن َّ َ َ َ
يما﴾.2ِ ِ ِ ُّ
صلوا َعَل ْيه َو َسّل ُموا تَ ْسل ً َ
ثانيا :الورد المعلوم.
أن تستغفر هللا مائة مرة ثم تصلي على النبي ملسو هيلع هللا ىلص عليه وتذكر ( ال إله إال هللا
النِب ِي ياأَي َّ ِ
َّللا َوم َالِئ َكتَ ُه ُيصُّلو َن َعَلى َّ ِ
آم ُنوا
ين َ
ُّها الذ َ
ّ َ َ َ مائة مرة) وتختم ذلك باآلية ﴿ إ َّن َّ َ َ
يما﴾. ِ ِ ِ ُّ
صلوا َعَل ْيه َو َسّل ُموا تَ ْسل ً َ
ثالثاً :الهيللة.
تذكر مرة في األسبوع يوم الجمعة ما بين العصر والمغرب وهي كما يلي ( ال
إله إال هللا) من مائة إلى ألف وستمائة ويختم بدعاء الفاتحة.
ويمارس التجانيون أوراد الطريقة بشكل هادئ وال يعنون بالغناء أثناء المديح
بل يجلسون في دائرة وينشدون األذكار مرة كل جمعة بعد العصر وازداد انتشار
-1ابرهيم نياس الكولخي :البيان والتبين عن التيجانية والتيجانيين ،ط ،2مكتبة كوالك ( ،السنغال)( ،د.ت)،
ص.70
-2سورة األحزاب ،اآلية.42 :
149
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
الطريقة التيجانية في القارة اإلفريقية ،1ومن العوامل التي ساعدت على انتشارها ذلك
التكالب على القارة اإلفريقية من جانب األوروبيين وما أعقبه من قيام اإلدارة
االستعمارية بتشجيع رجال الصوفية بالمال وبسط النفوذ من أجل تشويه صورة الدين
اإلسالمي عن طريق نشر البدع والخرافات التي تعوق المسلمين عن مقاومة المستعمر
األوروبي ،وعرف األوربيون رغبة رجال الصوفية في الحصول على المال والنفوذ،
فراحوا يغذون هذه الروح حتى قال جوليان بأن حكومة فرنسا قد عرفت كيف تجمع
المتصوفة حولها عن طريق التمويل والحماية.2
* وم ـ ـ ـ ـ ـن خي ـ ـ ـ ـ ـر أدي ـ ـ ـ ـ ـان البـ ـ ـ ـ ـرية ديناً وعرض ـ ـ ـ ـ ـت دين ـ ـ ـ ـ ـاً ال محال ـ ـ ـ ـ ـة أنـه
ويحتوي هذا الكتاب على عدة فصول نذكرها:
فصل يرد فيه على قول البكاي ":إن التجاني ليس من أهل التربية"
رد أحمد البكاي على الرسالة المسماة الجواب المسكت بكتاب ما يزال مخطوطا سماه
فتح القدوس في جواب ابن عبد هللا أكنسوس 1فهذا المخطوط يتناول فيه أحمد البكاي
مزاعم التجانيين أن االجتهاد انقطع والعمل بالعلم هو التربية وينفي ما قال أكنسوس في
قول أن الرسول يحضر إلى مجالس التجاني من حين أنه لم يزر أبا بكر وال عمر
وال علي ًا وال عثمان أجاب فيه عالم مراكش مخطوط موجود بمركز أحمد بابا بتمبكتو
مكتوب بخط مقروء عنوانه مكتوب بحبر أحمر وأزرق وسائر الكتاب بحبر أسود عدد
صفحاته أربعمائة وخمسون صفحة .فإن األسباب التي جعلت التجاني ينجح في أقواله
بالمغرب وهذا بحسب رأي أحمد البكاي أن جاء إليه في وقت قل علماؤه واشتغل أمراؤه
وكثر الجهل في أهله فادعى لهم دعاوى وأمانهم األماني وجعلهم يقولون أن التجاني
هو آخر مؤسس للطرق الصوفية فال يأتي ولي بعده بطريقة جديدة.2
-1عبد الرحمن بن عمر التواتي :مخطوط فهرسة أعالم توات ،خزانة كوسام ،ص.4
-2المصدر نفسه ،ص.4
123
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
-1ادمحم الرقادي الكنتي :الزاوية الكنتية الرقادية ودورها في نشر العلم والمعرفة وايواء الضيوف ،الملتقى الوطني
األول حول الزوايا ،أدرار ،ماي ،2000ص.7
121
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
-1عبد الحميد بكري :النبذة في تاريخ توات وأعالمها ،الطباعة العصرية ،الجزائر2010 ،م ،ص.220 -204
-2عبد الرحمن بن عمر التواتي :مخطوط فهرسة اعالم توات ،المصدر السابق ،ص.39
122
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
ومن أعالم الزاوية الكنتية اإلمام العالم ،الشيخ سيدي علي بن الشيخ سيدي
أحمد الرقادي الكنتي المذكور إليه انتهت رئاسة الشريعة الحقيقية وكان وجيها ذا صيت
منتشر األخبار في األقطار ومحط نظر الواردين ومصدر المصدرين من السادات
األخيار كانت تهابه الملوك وتخاف منه الظلمة وتحترمه وكان جوادا منفقاً وقو اًر ذا
سمت.
مولده:
ولد بالزاوية الكنتية 929هـ من الهجرة أمام المرسلين ونشأ وتربى في حجر
أبيه وارتوى من علومه ومشاربه وكانت نشأته آية وأمره خارقاً للعادة متقطعا للعلم
متبتال من صغره على الهمة شديد المجاهدة قوي النفس منصرفاً إلى معالي األمور
زاهداً في سفاسفها ومحقرتها مستهيناً بزخارف الحياة معرضاً عنها مستغرقاً أوقاته في
الحفظ والفهم ومطالعة الكتب والتعليم والتدريس تاركا لما ال يعنيه مشتغالً بما ينفع
الناس وكان واسع الخلق رحب الصدر مفضياً عن أهل الهواء واإلساءة مسامحا
محتمال جامعاً ال شتات الفضائل محمود السيرة مع األفراد والجماعات وهذا ال يوفق
إليه في الغالب األفراد القالئل في فترات طويلة من أهل النفوس الذكية واألحوال
الربانية القدسية والهمة القعساء العالية .وقد انتهى الشيخ سيدي علي من حفظ القرآن
وهو ابن إحدى عشر عاماً وقد اشتغل بالعلوم األخرى بعد أن شهد له شيخه سيدي دمحم
المذكور.1
وقد اخذ مبادئ الفقه عن أبيه الشيخ سيدي أحمد الرقادي فق أر عليه منظومة
ابن عشر ومختصر األخضري ورسالة ابن آبى زيد ومختصر خليل وفنون النحو
والصرف وعلوم ا لبالغة وله الرحلة المشهورة في طلب العلم إلى المغرب ونزل بفاس
وصادف بها اإلمام عبد الواحد بن أحمد األنصاري وأخذ من علومه وأس ارره ،وأخذ
-1عبد الرحمن بن عمر التواتي :مخطوط فهرسة اعالم توات ،المصدر السابق ،ص.222
127
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
جملة وافرة من علوم الحديث وعلوم التفسير وعلوم أصول الفقه من عدة من علماء
فاس ومراكش وجاء يحمل شهادة عليا ثم عاد للزاوية الكنتية بمنطقة توات معينا ألبيه
في التعليم والتدريس والقيام على إكرام الضيف ثم انتقل باألذن من أبيه إلى أرض
التكرور ونزل بتمبكتو عشرة سنين مفتياً ومدرساً وفتح بها مدرسة انتشر بها صيته
وطارت أخباره وارتفعت كلمته باألقطار السودانية وشهدت بفضله علماء عصره
وقصدت ه الطلبة من جهات مختلفة وأسلم على يده جم غفير من دويالت السودان
والهوصا والكور وما إلى ذلك من أسماء قبائلهم وأسلمت على يده جماعة من فالن
أيضا وضعت له المحبة في قلوبهم فتراحموا في مجلسه لالرتواء من مشاربه والنيل من
بركاته وعلومه وأس ارره ومعارفه.1
مـقامه في العلم:
وأما علومه فكان رضي هللا عنه كما نعته الشيخ سيدي المختار ممن قيضهم
هللا لحفظ الشريعة اإلسالمية عالما عالمة ومتفننا فقيها فرضيا معدا للفتوى مفتاح
للمشاكل الفقهية نحويا صرفيا نظار وكانت له اليد الطويلة في علم أصول الفقه وذا
إلمام بعلوم الحديث بحيث ال يعرف له نظير في توات في هذا الفن مهتما بتاريخ األمة
وحضارتها وعلوم اإلسناد وأحوال الرجال وهذا من األسرار اإللهية وبرهان ساطعا يبدوا
فيمن اختارهم هللا واصطفاهم ورعاهم بعين عنايته لخدمة هذه الرسالة وصيانة للشريعة
اإلسالمية بحفظ رجالها وأعدادهم في كل زمان ومكان وتأييد نصرهم على من عاداهم
بوضع محبتهم في قلوب الخاصة والعامة وقد ختم البخاري ما يزيد عن عشر ختمات
وتركها سنة لمن بعده في زاويته حتى وصلت إلينا فما زلنا نختمه في كل أربع سنين
صردا مع تعرض قليل لشرح بعض المفردات والتعرض لبعض المعاني كما قيل في
أمثاله:
-1دمحم بلو بن عثمان بن فودي :اتفاق الميسور في تاريخ بالد التكرور ،تحقيق علي عبد العظيم ،دمحم أبو المجد
طه دمحم الساكت ،معهد البحوث والدراسات اإلفريقية ،القاهرة1393 ،هـ1921-م ،ص.222
129
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
-1الشيخ سيدي المختار الكبير :فتح الودود لشرح المقصور والممدود ،تحقيق مامون دمحم بن فكان ،دم :مطبعة زيد
بن ثابت ،د.ت ،ص.03
-2المصدر نفسه ،ص.03
129
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
األذن في األوراد القادرية وأجازه في العلوم الظاهرة وأرسله مع أهل التكرور وقام بمدينة
تمبكتو مدرسا ومفتيا وقاضي ومربي وقد طارت كلمته واتسع مجلسه وكثرت جموعه
وانتفع به الجم الغفير وأشهر تالميذه شقيقه سيدي األمين المعروف بذي النقاب خلفه
بالزاوية الكنتية بمدينة تمبكتو بعد موته ومنهم العالمة الشهير أبو بكر بن أحمد بن
عمر بن الوافي الكنتي والسيد عروة بن دمحم بن الشيخ أبي نعامة الهاملي الكنتي رضي
هللا عنه وكان الشيخ سيدي احمد رضي هللا عنه مجاب الدعوة عالي الهمة مخلص
النية كريم النفس لين.1
-1الشيخ موالي أحمد اإلدريسي الطاهري :نسيم النفحات في ذكر جوانب من أخبار توات ،مخطوط ،خزانة شاري
الطيب ،كوسام ،ص.144
-2الشيخ سيدي أحمد البكاي ،قصيدة شعرية يرد فيها على المطالبين بتسليم هنري بارث ،تمبكتو مركز أحمد بابا،
ص.911
170
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
ميــالده:
كان ميالده سنة 1020هـ ألف وستين هجرية بالساقية الحمراء من أطراف
سجلماسة وأحوازها الواد الواصل إلى واد الشب شرقي توات من أم اسمهـا "اللة سياتة "
من بنات سيد اعمر الشيخ بن سيد أحمد البكـاي بودمعة.1
آثـــــاره:
من أثر الشيخ أبي نعامة المادية البعض ماعاد باقياً اآلن والبعض أطالل
كالمسجد الكائن "تينزروفت" في طريق برج باجي المختار والمسجد المهجور بتيمادنين
والمسجد القائم إلى اآلن والزاوية المسماة "مسجد عقبة بن نافع" الطريق والمدرسة
الدينية والقرآنية والتي أعاد بناؤها وهو أبرز العلماء المدرسين على سبيل الذكر ال
الحصر الشيخ اعلي بن المختار ،الفتاوى العالم التقي المدرس الشيخ يحي بن صالح
والشيخ يحي بن عثمـان والشيخ القافي عبد الكريم بن دمحم التقي الساللي وابنه المختار
بن المختار وحفيده عبد اللطيف بن عبد الكريـم واإلمام المدرس دمحم عبد القـادر بختي
وغيرهم رحمة هللا على الجميع ،ومكتبة دينية زاخرة بالعلم والمعرفة وفترة من الزمان ،ثم
ارتحل الرحلة وأقام سنين وتزوج هناك بابنة عمه بعد وفاة عمه وارتحل بأهله قاصدا
قرية المبروك وبها مؤسسها سيد الحاج أبي بكر بن عمر الوافي وكان عالما ورعا زاخ ار
بالعلم ،وكان من جملة تالمذة سيد أحمد الخليفـة بن عمر فمكث عنده برهة من الزمان
ثم ارتحل بعد ذلك متوجها إلى الصحراء.2
فلما كان بتينزروفت بنا بها مسجدا وحفر بئ ار فأقام هنالك حوالً مسافر مرتحالً
بأهله يبقى في توات فاستقر به المقام بتيمادنين فاستضافوه أهلها وبنا بها مسجداً
-1الشيخ سيدي أحمد البكاي ،قصيدة شعرية يرد فيها على المطالبين بتسليم هنري بارث ،المصدر السابق،
ص.911
-2الشيخ موالي أحمد اإلدريسي الطاهري :نسيم النفحات في ذكر جوانب من أخبار توات ،المصدر السابق،
ص.141
171
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
وتتلمذ على يده جماعة منهم فقطنها سنين إلى جرى القضاء بأمر أغضبه فارتحل منها
متوجهاً إلى تيديكلت فاستقر به المقام بدار بدر فأكرموه أهلها وأعزوه فقرر أن يقيم بها
واسمك األراضي بالشراء والهبة والمعاوضة مع ممتلكاته بتيمادنين كما حدث مع ابن
عمه سيد عبد الرحمن بن سيد موسى فبنى قريته المسماة بأقبلي فزاويتة التي تحمل
اسمه وذلك سنة 1137هـ .
ومن أقبلي أراد الحج فكان بذلك أول من يهيئ المراكب ووفود الحجيج فأحيا
بذلك سنة الوفود إلى البقاع المقدسة ألداء فريضة الحج من أقبلي ،وتوات ،والتكرور
وتيديكلت وذلك سنة 1139هـ ألف ومائة وثمانية وثالثين هجرية فصارت الوفود
والركبان لذلك تجتمع فيـه من تافياللت وضواحيها ومن زاوية سيدي بلقاسم بتيميمون
وتوات وانغر بعين صالح وأطلق لقب "أبي النعامة" ألنه كان ممتطي ظهر النعامة في
أول حجة له.1
وبلغت عدد حجات الشيخ ورحالته وقياداته للركب النبوي إلى البقاع المقدسة
وقبر رسول هللا سبع حجات ورحالت إلى أن عجز عن السفر بالترحال فعهد ذلك إلى
ابنه الشيـخ سيد أدمحم الحبيب فسارت الطريق بتيسر من الشيخ وتوفيق من هللا.
أبنـاؤه:
خلف من األبناء رحمة هللا عليهم سيد أدمحم لحبيب وسيد أحمد البكاي
وأخيه سيد أحمد والشيخ دمحم األمين مؤسس زاوية ساهل وسيد دمحم الحاج وأخيه أحمد
يامين تغمدهم هللا بواسع رحمته ونفعنا ببركتهم وصالح أعمالهم آمين.2
-1الشيخ موالي أحمد اإلدريسي الطاهري :نسيم النفحات في ذكر جوانب من أخبار توات ،المصدر السابق،
ص.144
-2الشيخ سيدي أحمد البكاي ،قصيدة شعرية يرد فيها على المطالبين بتسليم هنري بارث ،المصدر السابق،
ص.911
172
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
وفـاتــه:
وافته المنية ليلة التاسع عشر من شهر رمضان سنة 1123هجرية عن
عمر يناهز المائة سنة ونيف تاركاً وراءه سجالً حافالً بالمآثر واألعمال الخيرية النبيلة،
يبقى التاريخ وحده شاهداً عليها وأبناءه تقلدوا شيمه وخصاله فكانوا خير خلف لخير
سلف دفن بزاويته وضريحه يزار رحمة هللا وتعمده هللا بواسع رحمته ومغفرته.1
-1الشيخ سيدي أحمد البكاي :قصيدة شعرية يرد فيها على المطالبين بتسليم هنري بارث ،المصدر السابق،
ص.911
-2الشيخ موالي أحمد اإلدريسي الطاهري :نسيم النفحات في ذكر جوانب من أخبار توات ،المصدر السابق،
ص.3
-3المصدر نفسه ،ص.3
173
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
مؤلفاته:
صنف تآليف مفيدة ،كبرزه كعالم له دورة في الميدان الثقافي بين العلماء،
فمنها:
* فتوحات اإلله المالك ،على نظم أسهل المسالك في فقه اإلمام مالك.
* العقد الجوهري على نظم العبقري ،السهو األخضري.
* عقد الجواهر والآللئ على نصيحة الهاللي.
* نسيم النفحات بصلحاء وعلماء توات.
* الدر المنظوم على نظم مقدمة ابن آجروم.
* رفع الحرج والمالم عن أكل المال المشكوك بالحرام.
* النحلة والحلية في حلق اللحية.
* فتاوى في نوازل كثيرة.
* كتاب الدر المنظوم ،شرح مقدمة ابن آجروم ،هـذا الكتاب هو شـرح لنظـم
ابن أب الزموري لمقدمة ابن آجروم.1
-2أصحاب الغنية:
أ -سيدي الحاج البلبالي (األب):
هو دمحم بن عبد الرحمن البلبالي ينسب إلى عائلة مشهورة بالعلم خاصة في
مجال القضاء والفتوى .ولد ليلة عرفات عام 1144هـ فسمي بالحاج عمال بما جرت
ّ
عليه العادة في توات أن كل من ولد في تلك الليلة يسمى الحاج .كان رحمه هللا رجال
ذاك ار عالما متواضعا زاهدا في الدنيا ،و مما يذكر في هذا المجال انه كان يختم القرآن
كل يوم طيلة حياته .كانت له اليد الطولى في الفقه والتفسير وكما نبغ في مختلف
العلومُ ،وّلي خطة القضاء بالبالد التواتية وما واالها ،وكان لتوليه خطة القضاء أثر
َ
بارز في نوازله وفتاويه كما هو واضح من خالل المخطوط .توفي رحمه هللا بين
المغرب والعشاء ليلة االثنين 7جمادى األخيرة 1211هـ.1
هللا نحو مائة رجل من عوام وخواص .تولى قضاء الجماعة في حياة أبيه بعد
استخالفه أياه .توفي رحمه هللا يوم األحد 17جمادى األولى 1221ه.1
لقد أوتي من مزامير آل داوود .وقد كان يق أر القرآن يوما حتى طلعت عليه هرة
فقبلته في فيه ،ما رؤي وال سمع في عصره بمثله .في حسن الصوت في القرآن .وكان
ينظر القرآن في كفه ،فإذا أراد أن يستدل بآية استدل بها بديهة من غير تأمل ،والحكم
العطائية أو أحزاب األولياء ينظرها من بين يديه من غير تأمل وال تراخ كأنه ينظرها
بين يديه .كان رحمه هللا تعالى ونفعنا به كثير البكاء قريب الدمعة رقيق القلب ،جل
حديثه مع الناس في الوعظ وقصص الصالحين ،وال يتكلم بكلمة أو كلمة (كذا) من
أخبار الدنيا إال خرج منها إلى أخبار اآلخرة بسرعة ،ال يمل جليسه منه ولو جلس معه
دهره كله ،يقول جليسه إنه لو مكث معه مدة عمره ألتاه كل حين بحكاية من حكايات
الصالحين وقصصهم وأخبارهم .وكان رحمة هللا يتكلم على الخواطر ،فإذا خطر في
قلب جليسه شيء حدثه بما يناسب ما خطر في قلبه في ذلك الوقت .فلقد أتاه بعض
فقرائه يوما وعنده مادح يمدحه وهو يسمع فقال له :كان من الرجال ويبلغ (كذا) مكانا
يستوي عنده المدح والذم .له خلوة يدخلها ينقطع فيها إلى هللا تعالى مالزم لها ليال
ونهارا ،و كان إذا دخلها ال يأته فيها أحد حتى يخرج إلى الناس إال بعض خواصه من
الناس كأوالده ونحوهم من أحبابه.1
وقد أرادت زوجة من زوجاته أن يكون بياته عندها في دارها فقال لها :ذلك لم
يكن مني في شبابي فضال عن آخر عمري ،وكان ذلك سبب فراقه لها هللا اعلم .وكان
يحذر من الناس ويدارهم ما أمكن لكونه ال يرى لنفسه حظا ،مع أن الناس يخافونه
ويهابونه ،لما شاهدوا من دعوته وسرعة نفاذها ،ليس من رأى كمن لم ير ،وسواء في
ذلك القريب والبعيد .حتى أخوته وأوالده يخافون منه اشد الخوف ،والمراد بدعوته تغير
خاطره ،ألنه (كذا) يدعو على الناس بلسانه ،فدعوته مجربة ،وهي مصداق قوله '' :
من عاد لي وليا فقد آذنته بالحرب''.2
ومن كرامته رحمه هللا تعالى تسخير هللا الخلق له ،يخدمونه ويخدمون زاويته
من مسافة أربعين يوما ،يهدون له األموال العظام ،فيجعلها في الزاوية وينفقها في سبيل
هللا وكذلك ماله كله ،فلو ملك ألف مثقال لما أتى عليها شهر إال وجعلها في متاع
الزاوية وينفقها في سبيل هللا تعالى.1
أخذ األوراد والطريقة عن والده الشيخ موالي عبد هللا الركاني ،عن الشيخ
سيدي دمحم بن عبد الرحمن بن أبي ريان ،عن سيدي مبارك العنبري الغزواني ،عن
الشيخ سيدي دمحم بن ناصرالدرعي ،عن سيدي عبد هللا بن حسين الرقي عن احمد بن
يوسف الملياني ،عن الشيخ الجامع بين علم الشريعة والحقيقة احمد زروق الفاسي ،عن
سيدي احمد بن عقبة الحضرمي ،عن أبي الحسن علي بن أبي وفا ،عن القرافي عن
أبي العباس احمد بن عطاء هللا اإلسكندري.2
وفي بعض النسخ ذكر السيد احمد بن عقبة الحضرمي ،عن يحي القادري،
عن علي بن وفا ،عن والده سيدي دمحم بن سيدي داوود بن اخلي عن الشيخ تاج الدين
ابي الفضل احمد بن عطاء هللا ،عن سيدي أبي العباس المرسي ،عن القطب الكبير
أبي الحسن الشاذلي ،عن سيدي موالي عبد السالم بن مشيش الحسني اإلدريسي ،عن
عبد الرحمن المدني سيدي أبي احمد ،عن ابي مدين شعيب ،عن علي بن حرزهم ،عن
أبي بكر بن العربي ،عن أبي بكر بن العربي ،عن أبي احمد الغزالي ،عن ابي دمحم
الجوني ،عن الشيخ أبي طالب المكي ،عن الشيخ جريرن(كذا) عن إمام الطائفة أبي
القاسم الجنيد .توفي رحمه هللا تعالى يوم السبت إلثنتي عشرة أو أربع عشرة ليلة خلت
من شوال عام سبعة ومائتين ألف رحمه هللا تعالى.3
-1الشيخ موالي التهامي غيتاوي :الضوء المستنير في معرفة الشيخ سيدي دمحم بن الكبير ،المؤسسة الوطنية
لالتصال والشر واإلشهار ،رويبة ،الجزائر 2001م ،ص.11-10
-2المصدر نفسه ،ص.12
179
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
بلكبير في هذه المد ة الوجيزة من دراسة الفقه المالكي باألمهات والتوحيد باألدلة
والبراهين والنحو والصرف واللغة مع سرد وشرح صحيح البخاري.1
هذه المرحلة كانت له اتصاالت متعددة بعلماء وقضاة المنطقة مثل سيدي
عبد الكريم الفقيه البلبالي ببني تامر والشيخ بوعالم "بملوكة " ،والشيخ القاضي سيدي
دمحم بن عبد الكريم البكري ابن عم الشيخ سيدي أحمد وغيرهم من علماء اإلقليم للمذاكرة
معهم واالستفادة منهم والبحث في المشكالت العلمية التي قد ال يتمكن من مراجعة
الشيخ فيها مما وسع معارفه وجعله على دراية واسعة بالنوازل والفتاوي التي وقعت في
اإلقليم.
يكن للمدرسة ميراث مالية وال دخل معتبر من أي جهة ،اللهم إال ما يأتي من غالت
ملكية الشيخ ببودة وشيء زهيد من وقف المسجد مع ما قد يتبرع به بعض المحسنين
من معـونة محدودة نظ ار للظروف الصعبة التي كانت تعيشها البالد قبل وقت
االستعمار ،وخاصة طيلة حرب التحرير من مأكل وايواء ومساعدة المحتاجين منهم
على الضروريات الخاصة فهم ليسوا ملزمين بدفع أي رسوم أو نفقات للمدرسة إال من
إعانة أهله بما أمكنهم من مساعدة.1
المستعمر يراقب الشيخ بلكبير الذي كان يتصل بالمجاهدين ولقد اشتد غضب
المستعمرين على رجال الدين .وعلماء اإلسالم في هذه الفترة وباألخص الذين أسسوا
مراكز للتعليم الديني والعربي حيث شعروا أنها الموجهة والمغذية للثورة وأنها األدمغة
المفكرة بالنسبة للمجاهدين ،ولهذا أغلقوا الكثير من هذه المدارس وزجوا بالعديد من
علمائها في السجون أو طردوهم للمنفى خارج بالدهم .وقد حاولوا م ار ار التدخل في
مدرسته والتعرف على ما تقوم به من نشاط وصلتها بالثورة التحريرية ،ولكن عناية هللا
كانت تحول دون وصولهم لهدفهم اإلجرامي وبواسطة بعض المخلصين من المواطنين
الذين كانوا محل ثقتهم وعلى صلة وطيدة بهم في الظاهر صرفهم هللا عنها ،حيث
طمأنوهم على أنها ال تدرس إال القرآن المجرد ،وال دخل لها في السياسة وال عالقة لها
ورد كيدهم في
بأي جهة ،واذن فال خطورة عليهم منها ،وهكذا صرف هللا مكرهم ّ
نحورهم رغم ما كان للمدرسة من نشر الوعي الديني والنضال الوطني والتنديد الصريح
بمواالة الكفار.2
وما يجب على المسلمين من القيام بواجب الجهاد لتطهير بالد اإلسالم من
الكفرة وأذنابهم وعمالئهم وكان للشيخ حفظه هللا اتصال مباشر سري ببعض قادة جيش
التحرير ومناضليهم للتشاور والتعاون المادي والمعنوي في األمور المهمة المتعلقة
بالجهاد وتحرير البالد ،حتى آذن هللا بالنصر ،وسطعت شمس الحرية فازداد نشاط
الشيخ في التعليم واتسعت المدرسة وانتشر صيتها حتى توافد عليها الطلبة من كل
واليات الوطن وحتى من خارج الوطن كالدول المجاورة مثل ليبيا وتونس ومالي والنيجر
وموريتانيا ،وقد تجاوز عدد الطلبة في السنوات األخيرة األلف طالب.1
لها من ثقافة والهام روحي وزخم ديني من النصوص القرآنية واألحاديث النبوية،
استطاعت أن تحافظ على بقائها بإقليمي توات واألزواد.
إلى جانب آخر فإن هذه الطرق عرفت نقلة نوعية بسبب أول اصطدام
حضاري ما بين الثقافة العربية اإلسالمية والثقافة الغربية التي كانت تقودها فرنسا
خالل القرن التاسع عشر في نشر تعاليم الطرق الصوفية ،وال ننسى ركب الحج في
النقاط التي تتجمع بها الحجيج باألزواد ثم توات والمدة الزمنية التي كان يستغرقها
الركب والتي تدوم في الغالب سنة ،هذه أهمية تؤدي إلى تفاعل حضري بين الشيوخ
والمردين حيث كانت هذه الفترة من أنشط الفترات ،فقد شهدت ازدهار حركة الطرق
الصوفية ،حيث وصل عددها بالجزائر حوالي أربع عشر طريقة باإلضافة إلى الطرق
الفرعية عن كل طريقة.1
فكان لكل شيخ أتباعه ونشاطه الخاص وأثناء عودة شيخ الطريقة مع ركب
الحجيج ينضم له أضعاف ما كان من المريدين ،نظ اًر للثقافة التي تحصلوا عليها
والمقامات التي زاروها والدروس التي سمعوها طيلة سفرهم ،2وقد أبدى علماء كنتة
جهوداً في نشر الطريقة البكائية بشكل أوسع وأعمق بإقليم األزواد وحوض نهر النيجر،
فقد ألف الشيخ المختار الكبير أكثر من ثالث مئة رسالة عن اإلسالم والمسلمين
باألزواد وغرب إفريقيا وصارت تعاليمه التي حملها طالبه من أبرز العالمات التي
ساعدت على انتشار اإلسالم بين الشعوب الزنجية في حوض نهر النيجر وغرب
إفريقيا ،وعندما وصلت الطريقة البكائية إلى هذه الجماعات أصبح يدين بها أغلب
الملوك والوثنيون واستمر اإلسالم في االنتشار على طول الطرق التجارية وصارت
-1المهدي البوعبدلي " :أضواء على تاريخ مدينة تمنطيط ودور المغيلي بها في قضية يهود توات" ،مجلة الثقافة،
تصدرها و ازرة الثقافة واإلعالم ،الجزائر ،العدد (91يونيو -أغسطس1992م) ،ص.99
-2عبد هللا عبد الرزاق إبراهيم ،أضواء على الطريقة الصوفية في القارة اإلفريقية ،المرجع السابق ،ص.10
191
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
محط القوافل مصدر إشعاع ديني وروحي في آن واحد ،1ومن مؤلفات الشيخ عثمان
بن فودي 2في نشر الطريقة القادرية مخطوط إحياء السنة واخماد البدعة والمخطوط
أصول الدين ومخطوط أصول الوالية وشروطها ومخطوط بيان البدع الشيطانية التي
أحدثها الناس في أحوال الملة الدمحمية ومخطوط تعليم األخوان باألمور التي كفرنا بها
ملوك السودان.3
وقد ساعدت هذه المؤلفات على جعل الطريقة أكثر انتشا اًر في غرب إفريقية
فقد سيطرت على مجتمع شمال نيجيريا وامتدت إلى باقي أجزاء القارة اإلفريقية وأدت
إلى التصدي لكثير من البدع والخرفات التي سادت حوض نهر النيجر وجعلت من
الشيخ عثمان بن فودي يقف بحزم أمامها ويؤلف الكتب للتخلص من البدع السائدة
وقامت جماعات من أتباعه ومريديه بحملة للتدريس وتعليم الناس القضاء ونشر قواعد
الدين اإلسالمي باللغة العربية كتابة وقراءة وصار للطريقة القادرية في نيجريا مراكز
للذكر والصالة إلى جانب التعليم والتدريس واإلفتاء والقضاء ثم تطورت هذه الطريقة
وصار لها طموح سياسي أرادت من وراءه توحيد المسلمين ونشر اإلسالم في غرب
إفريقيا وقد سار إلى جانب عثمان بن فودي أخوه عبد هللا الذي شاركه في مجال الدعوة
وقد عمال على نشر هذه الطريقة الصوفية.4
-1عبد هللا عبد الرزاق إبراهيم ،أضواء على الطريقة الصوفية في القارة اإلفريقية ،المرجع السابق ،ص.39
-2هو أبو دمحم عثمان بن دمحم ابن عثمان المعروف بابن قودي أخذ ورد الطريقة عن عبد القادر الجيالني وكان
ممن يدعو إلى هللا ويدل عليه وكابد ما هو المعهود من أخالق الناس من الجفاء واإلنكار واالستهزاء وكان يخاطبهم
بقدر عقولهم .أنظر :دمحم بلو بن عثمان بن فودي :اتفاق الميسور في تاريخ بالد التكرور ،المصدر السابق،
ص.47
-3المصدر نفسه ،ص.12
-4عبد هللا عبد الرزاق ابراهيم :أضواء على الطريقة الصوفية في القارة اإلفريقية ،المرجع السابق ،ص.17
194
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
التنظيم الصوفي:
كان ترديد األذكار المنظومة يتم بشكل جماعي حتى يسهل حفظها للعوام .إن
لمعظم الطرق الصوفية في المنطقة تنظيما مركزيا معينا بل كانت تضم مدارس تتولى
الحفاظ على الدين لكن يوجد في بعض الطرق تنظيم شبه مركزي كما هو الحال
بالنسبة للطريقة الموسوية التي تنظمها الزاوية األم بكرزاز وتعقد زيارة موسمية اللتقاء
الشيوخ والمريدين للنظر في أمور الطريقة االجتماعية والروحية ،وفي الغالب كان
صاحب الطريقة ال يقيم في المكان الذي تنتشر فيه الطريقة فهو.1
قد يقطن بعيداً إال أنه يعين مقدمين في المنطقة يعملون كمقدمين عنه في
تلقين أوراد الطريقة وارشاد المريدين وكان الخليفة يعين خليفته قبل وفاته وربما كان هذا
المنصب عادة ألحد أبنائه أو أقرب تالميذه إليه وأرفعهم مكانة عنده وكانت سلطة
الخليفة تقوم على ركيزتين هما سلسلة البركة التي تربطه مع مؤسس الطريقة وسلسلة
الورد الذي يعتبر عهداً لالنضمام إلى الطريقة وممارسة األذكار التي تتصل بذكر هللا
والصالة على الرسول وكانت مراسيم انتقال الخالفة تتم بعد األذكار واعادة وليمة ثم
قيام الشيخ بتالوة بعض العبارات في أذن الخليفة وبعبارات تتصل باالستغفار وترديد "
ال إله إال هللا " عدة مرات ويسلمه سجادة للصالة عليها وسبحة لممارسة ورد الطريقة.
ويطلق على من ينضم للطريقة اسم المريد بينما يطلق على أعضاء الجماعة لقب
اإلخوان ويمر المريد بمراحل مختلفة يتدرج فيها إلى أن يصل إلى درجة القطب أو
الغوث وهي أعلى المراتب في سلم الطرق الصوفية.
وفي األخير يمكننا أن نلخص نشاط الطرق الصوفية في منطقة توات وفي
إفريقيا في النقاط اآلتية:
-أنه كان لكثير من شيوخ هذه الطرق علماء وفقهاء جمعوا بين الشريعة
والحقيقة ،وعملوا على نشر اإلسالم في ربوع القارة اإلفريقية والقضاء على الوثنية
ومظاهر الجاهلية.
-يعتبر التراث العلمي والمعرفي لطرق الصوفية بمثابة األساس في التربية
الروحية في مناطق ابتعدت عن الدين فكان هذا التراث ركيزة أساسية في الفكر
اإلسالمي ،وكانت المدارس القرآنية التي أشرف عليها رجال الطرق الصوفية الوسيلة
األساسية في تكوين أجيال مثقفة حملت على عاتقها مسؤولية نشر الدعوة بين
الوثنيين.
-ومن السمات التي ميزت الطرق الصوفية في القارة اإلفريقية تلك المواقف
الواضحة من الحركة االستعمارية ،وكل ما هو مخالف الشريعة اإلسالمية حيث ثارت
ضد االستعمار الفرنسي كما هو الحال بالنسبة للشيخ بوعمامة في شمال إقليم توات
بالجزائر كما عارضت فرض الضرائب الجائرة التي ال تتماشى مع ما أقره الدين
اإلسالمي والتزمت بتطبيق ما جاء به القرآن والسنة ،وكانت بهذا العمل تناصر
الضعفاء والفقراء الذين وجدوا في زعامات الطرق الصوفية خير عون لهم ضد
المستعمر والحكم المستبد ،وأدرك الناس أن أقطاب الطرق الصوفية هم من يحافظ
على شريعة هللا فانضموا تحت لواء هذه الطرق أمالً في الخالص من جور المستبدين
وطمعاً في رضوان هللا وجنته يوم الدين.
-إن الدور الذي لعبته المراكز الصوفيه في المجال االقتصادي واالجتماعي
ال يقل أهمية عن دورهم الديني والسياسي فقد نجحت هذه الطرق في القضاء على
الخالفات والصراعات وحركة القرصنة عبر المسالك الصحراوية مما ساعد على ازدهار
التجارة والنشاط االقتصادي عامة.
197
الزوايا والطرق الصوفية في منطقة توات. الفصل الثاني:
-إن الطرق الصوفية في إفريقيا قد تميزت بالمرونة حيث حاولت التالؤم مع
أفكار األفارقة وعادتهم حيث بذل شيوخها جهودا مكثفة من أجل إخراج المجتمعات
اإلفريقية من حضيض الوثنية.
-كان جهاد شيوخ الطرق الصوفية نقطة مضيئة في التاريخ اإلسالمي وما
النماذج التي قدمها زعماء الصوفية تضحية في سبيل رفع راية اإلسالم إال حجة دامغة
ودليالً ال يشوبه شك في الدور الذي لعبه زعماء الصوفية على أرض القارة اإلفريقية.
-تميزت الطرق الصوفية باختالف أسمائها فمن القادرية إلى التيجانية إلى
الشيخية إلى الموساوية نجد بعضها ظهر في الشرق كالطريقة القادرية تم ارتبط بها
مريدون من المغرب العربي الذين نشروها باإلقليمين فكان الحجاج المنتسبين إلى
الطريقة القادرية يتبعون حجتهم بزيارة ضريح عبد القادر الجيالني ببغداد وبتراوح هذه
الطريقة إلى إقليم توات نجد الكنتيين قد استلهموا من الطريقة البكائية بإقليم األزواد.
-أما طريقة سيدي أحمد بن موسى التي استقى تعاليمها من المغرب وعمل
على نشر تعاليمها بمنطقة كرزاز التي احتضنت طريقته ومنها انتشرت إلى سائر
األقاليم األخرى .كما نجد أن إقليم توات قد تميز بالطريقة الشيخية والتي تعتمد في
نهجها على الذكر والدعاء وتصفية النفس من الخواطر السيئة.
-أما الطريقة التيجانية نجدها قد ظهرت بمنطقة عين ماضي في صحراء
الجزائر ثم انتشرت في المغرب بعد وفاة مؤسسها ومهما يكن من أمر فإن هذه الطرق
تلتقي في تربية المريد -وتطويع النفس وترديد األذكار وهي في معظمها نسخة مكررة
لبعضها البعض وتختلف في ما بينها في االعتدال والتشدد .وقد تركت الطرق الصوفية
كثي ار من المؤلفات التي يرجع إليها المريدون وتكون مصدر عزة وفخر للمريدين حول
فضائل وكرامات الشيوخ.
199
)0ترجمة لحياة صاحب الديوان.
)6نماذج شعرية مختارة من الديوان.
موضوعات الشعر الصوفي التواتي. الفصل الثالث:
الفصل الثالث :دراسة تطبيقية على قصائد من ديوان سيدي عبد الكريم دمحم البلبالي.
)1التعريف بحياة صاحب الديوان.
)2نماذج شعرية من الديوان.
أ -التوسل.
ب -المديح النبوي الشريف.
190
موضوعات الشعر الصوفي التواتي. الفصل الثالث:
-1أحمد أمين :ظهر اإلسالم ،المجلد الثاني ،دار الكتاب العربي ،بيروت1929 ،م ،ص.173
191
موضوعات الشعر الصوفي التواتي. الفصل الثالث:
وبرز الشعر الصوفي بعد شعر الزهد والوعظ الذي ذاع صيته فيه بقوة أبو
العتاهية ،كما برز الشعر الصوفي أيضا بعد شعر المديح النبوي وذيوع التنسك والورع
والتقوى بين العلماء واألدباء والفقهاء والمحدثين كإبراهيم بن أدهم ،وسفيان الثوري،وداود
الطائي ،ورابعة العدوية ،والفضيل بن عياض ،وشقيق البلخي ،وسفيان بن عيينة،
ومعروف الكرخي ،وعمرو بن عبيد ،والمهتدي .وهذا ما يفسر أن الشعر الصوفي برز
في بدايته األولى عند كبار الزهاد والنساك ،ثم " أخذت معالمه تتضح في النصف
األول من القرن الثالث الهجري .فذو النون (ت 214هـ) واضع أسس التصوف،ورأس
الفرقة ألن الكل أخذ عنه وانتسب إليه ،وهو أول من فسر إشارات الصوفية وتكلم في
هذا الطريق".
ولم يكتمل القرن الثالث الهجري حتى غدا الشعر الصوفي شع ار متمي از يحمل
بين طياته منهجا كامال للتصوف ،وأما الذين جاؤوا بعدهم فإنهم تميزوا باإلضافة
والتفسير".1
ويقول شوقي ضيف هذا المقام ":ومنذ أواخر القرن الثالث الهجري تلقانا ظاهرة
جديدة في بيئات الصوفية ،فقد كان السابقون منهم ال ينظمون الشعر بل يكتفون بإنشاد
ما حفظوه من أشعار المحبين وهم أثناء ذلك يتواجدون وجدا ال يشبهه وجد ،أما منذ
أبي الحسين النوري المتوفي سنة 294هـ فإن صوفيين كثيرين ينظمون الشعر معبرين
به عن التياع قلوبهم في الحب آملين في الشهود مستعطفين متضرعين ،مصورين
كيف يستأثر حبهم لربهم بأفئدتهم استئثا ار مطلقا ،نذكر منهم سحنون أبا الحسين
الخواص المتوفى سنة 303ه ،وأبا علي الروذباري المتوفى سنة 322هـ ،والشلبي
دلف بن جحدر المتوفى سنة 331هـ وجميعهم من تالمذة الجنيد.
-1علي جميل مهنا :األدب في ظل الخالفة العباسية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء1991 ،م ،ص.173
192
موضوعات الشعر الصوفي التواتي. الفصل الثالث:
-1شوقي ضيف :العصر العباسي الثاني ،ط ،2دار المعارف ،مصر ،دت ،ص.111-113
-2المرجع نفسه ،ص.109
-3أبو عبد الرحمن السلمي :طبقات الصوفية ،طبعة ليدن1920 ،م ،ص.111
-4المصدر نفسه ،ص.111
-5عبد الحكيم حسان :التصوف في الشعر العربي ،مكتبة اآلداب ،مصر2003 ،م ،ص .21
193
موضوعات الشعر الصوفي التواتي. الفصل الثالث:
واشتهرت رابعة العدوية بكونها شاعرة فلسفة الحب؛ ألنها حصرت حياتها في
حب الذات الربانية:
وحـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا ألن ــك أه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال ل ــذاك ـ ـ ـ ـ ــا * أحبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـك حبيـ ـ ـ ـ ـن :ح ـ ـ ـ ـ ـب الهوى
فش ـ ـ ـ ـ ـ ــغل بذك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرك عـ ـم ــن سـ ـواكا * فأم ـ ـ ـ ـ ـ ـا ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـذي ه ـ ـ ـو حب الهوى
فكشفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـك لي الحجب حتى أراك * وأمـ ـ ـ ـ ـ ـا الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـذي أنـ ـ ـ ـ ـ ــت أهال ل ــه
1
ولكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن لك الحم ــد فــي ذا وذاك * فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـال الحم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـد في ذا وال ذاك
واعتبر ذو النون القرآن الكريم منشط القلوب والهمم والوجدان الروحي ،واعتبره
سبب كل تذلل عرفاني يصدر عن المحب العاشق:
مقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل العيـ ـ ـ ـون بليلها أن تهجــعا * من ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع القرآن بوع ـ ــده ووعـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيده
فهم ـ ـ ـ ـا ت ـ ـ ـ ـ ـذل لـ ـه الرقاب وتخضعا * فهمـ ـ ـ ـوا ع ـ ـ ـن الملك الكريم كالمه
ويشيد ذو النون بمحبة هللا تعالى التي تعرف السالك إلى النجاة والفوز برضى
هللا:
وسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـره مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر قض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاء هللا * م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن الذ بـ ـ ـ ـ ـ ـاهلل نجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا باهلل
ال ح ـ ـ ـ ـ ـ ـول لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي فيه ـ ـ ـ ـ ـا بغير هللا * هلل أنفلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـس ج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرت هلل
ويعظم الجنيد حضور هللا في قلبه الذي يعمره بهواه ،وال يستطيع أن ينساه
مادام أن هللا هو المستعان:
لس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت أنس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاه فأذكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـره * حاضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي القل ـ ـ ـ ـ ـب يعمره
ونصيبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي منـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه أوف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـره * فه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـو مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوالي ومعـ ـ ـ ــتمدي
ويذكر عفيف الدين التلمساني (ت 290هـ) انشغاله بذكر هللا تعالى وامتالء
حواسه بجماله:
مـ ـ ـ ـ ـ ـا بين ًسم ـ ـ ـ ـ ـاري وفي خلوت ـ ـ ـ ــي * أبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدا بذكـ ـ ـ ـ ـرك تنقضي أوقاتـ ــي
-1دمحم بن عمارة :األثر الصوفي في الشعر العربي المعاصر ،شركة النشر والتوزيع ،المدارس ،ط ،1الدار
البيضاء2001 ،م ،ص.222
191
موضوعات الشعر الصوفي التواتي. الفصل الثالث:
أن ـ ـ ـ ـ ـ ـا واحـ ـ ـ ـد األحزان بك لذات ـ ـ ـ ـ ـ ــي * يا واحد الحسـ ـ ـ ـ ـن البدي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع لذاته
بجمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالك امت ـ ـألت جميع جهاتي * وبحبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـك انشغلت حواسي مثلما
ويقول شهاب الدين السهروردي (ت 419هـ) في إحدى نورياته:
ووصلكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ريحانـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـها والـ ـ ـ ـ ـ ـراح * أب ـ ـ ــدا ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـحن إليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــكم األرواح
والـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـى لذيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذ لقائ ـ ـ ــكم ترت ـ ـ ــاح * وقل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوب أهل ودادكم تشتاقكم
سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر المحبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة والهوى فضاح * ورحـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمة للعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاشق ـ ــين تكلف ـ ـ ـ ـ ـوا
ومن الشعراء الذين تغنوا بفكرة الفناء والمحبة اإللهية الشاعر الصوفي أبو
علي الروذباري:1
لـ ـ ـ ـ ـ ـو أن فيهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا هلكها ما أقلع ـ ــت * روح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي إليك بكلها قد أجمعت
حتـ ـ ـ ـى يقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـال من البكاء تقطعت * تبكـ ـ ـ ـ ـ ـي عليك بكله ـ ـ ـ ـا عن كله ـ ـ ــا
ويعتبر الحالج من كبار الصوفية الذين تغنوا بالذات اإللهية ،وقد استطاع أن
يبرهن على وجود هللا اعتمادا على التجلي النوراني والمحبة الروحانية التي يعجز
إدراكها أصحاب الظاهر والحس المادي:
وال دليـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل بـ ـ ـ ـ ــآيـ ـ ـ ـ ـ ــات وبـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرهان * لم يبق بيني وبين الحق اثن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان
ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـذا توح ـ ـ ـد توحي ــدي وايمان ـ ـ ـ ـ ـي * هذا وجودي وتصريحي ومعتقدي
ق ـ ـ ـ ـد أزهـ ـ ـ ـ ـ ـرت في تالليها بسلطان * هل تجلـ ـ ــى بن ـ ـ ـ ـ ــور الـ ـ ـ ـ ــحق نائ ـر
2
وأنتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم حدث ينبي عن أزم ـ ـ ـ ــان * ال يستدل على الباري بصنع ـ ــت ـ ـ ـه
ويعد ذو النون المصري أول من تحدث عن األحوال والمقامات الصوفية إلى
جانب السري السقطي ،وهو حسب شوقي ضيف " األب الحقيقي للتصوف ،هو أول
من تكلم عن المعرفة الصوفية فارقا بينها وبين المعرفة العلمية والفلسفية التي تقوم على
الفكر والمنطق ،على حين تقوم المعرفة الصوفية على القلب والكشف والمشاهدة ،فهي
معرفة باطنة تقوم على اإلدراك الحدسي ،ولها أحوال ومقامات".1
وهذه أبيات لذي النون المصري يناجي ربه روحانيا:
وال قضيت من صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدق حبك أوطاري * أموت وما ماتت إليك صبابت ـ ـي
وان طـ ـال سقمي فيك أو طال إضراري * تحمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل قلب ــي مـ ـ ـ ـ ـ ــا ال أب ــثه
ومن الشعراء الذين اشتهروا بالكتابة الصوفية ابن الفارض المصري (ت
232ه) وتأثر بالتجربة الصوفية للسهروردي .وكتب عدة قصائد صوفية من أشهرها
تائيته الكبرى وكافيته التي يتغزل فيها بالذات الربانية مبديا لواعجه وتشوقه إلى الحضرة
الربانية:
قب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل موت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أرى م ـ ـ ـ ـ ــن رآك * ابـ ـ ـ ـ ـ ــق لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي مقـ ـ ـل ــة لع ـ ــلي ي ـ ــوم ــا
لعيـ ـن ـ ـ ـ ـ ــي بالل ـ ـ ـ ـ ـ ـحظ ل ـ ـثـ ــم ث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراك * أيـن مني ما رمت؟ هيهات بل أين
ووجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـودي في قبضتي قلت هاك * وبشي ـ ـ ـ ــري ل ـ ــو جـاء من ـ ــك بعط ـ ــف
لي قرحي فه ـ ـ ـ ـل ج ـ ــرى ما كـ ــفان ـ ـ ـا * ق ـ ـ ـد كفى ما جرى دما من جفـ ـ ـ ــون
2
أحسـ ـ ـن هللا ف ـ ـي اصطباري عزاك * كنت تجفو وكان لي بعض صبـ ـ ـر
أما ابن عربي فيقول بوحدة الوجود الناتجة عن تجاوز ثنائية الوجود :وجود هللا
ووجود الكون ،فعن طريق امتزاجهما في بوتقة عرفانية واحدة تتحقق الوحدة الوجودية
بين العارف والذات الربانية:
فم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرعى لغزالن وديـ ـ ـ ـ ـ ـر لرهبان * لقد صار قلبي قابال كل ص ـ ـ ـ ـ ـورة
وأل ـ ـ ـ ـ ـواح ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوراة ومصحف قـ ـرآن * وبيت ألوث ــان وك ــعب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة ط ــائ ــف
3
ركائبـ ـه فالح ـ ـ ـ ـب دينـ ـ ـ ـ ـي وايم ـاني * أدين بدين الحب أي ـ ـ ـ ـ ـ ــن توجه ــت
ومن مميزات الشعر الصوفي القديم السمو الروحي ،واستنباط المعاني النفسية
العميقة ،والخضوع إلرادة هللا القوية ،واإلكثار من الخيال ،واستعمال الرمزية والشطحات
الصوفية ،والجنوح نحو اإلبهام والغموض ،والتأرجح بين الظاهر والباطن.1
-1دمحم بن عمارة :األثر الصوفي في الشعر العربي المعاصر ،المرجع السابق ،ص.222
-2أبو عبد الرحمن السلمي :طبقات الصوفية ،المصدر السابق ،ص.111
-3محمود حسن إسماعيل :ديوان قاب قوسين ،طبعة أولى ،دار العروبة ،القاهرة1921 ،م ،ص.10
197
موضوعات الشعر الصوفي التواتي. الفصل الثالث:
مع إطالق الشعر العربي المعاصر أو كما يعرف بشعر التفعيلة منذ منتصف
القرن العشرين يوظفون التراث في شعرهم على غرار تجربة إليوت في ديوانه "أرض
اليباب" ،حينما اتكأ على الموروث األسطوري لنعي الحضارة الغربية.
واقتداء بإليوت ،غدا الشعراء العرب المعاصرون يوظفون التراث األسطوري
والتاريخي واستخدام األقنعة الدينية والفنية واألدبية والصوفية ،وتشغيل الرموز المكانية
والطبيعية واللغوية من أجل خلق قصيدة الرؤيا واالنزياح التي تتجاوز طرائق االجترار
واالمتصاص واالستنساخ في التعامل مع التراث إلى طرقة الحوار والتناص قصد خلق
تعددية صوتية تحيل على المعرفة الخلفية للكاتب ومرجعياته الثقافية وسمو حسه
الشعري ،وجمعه بين الفائدة والمتعة في شعره.
وقلما نجد شاع ار عربيا معاص ار يكتب شعر التفعيلة أو الشعر المنثور بدون
أن يوظف التراث أو يشغل الكتابة الصوفية أو يستلهم الشخصيات الصوفية أو
يستعمل تعابير المعرفة اللدنية أو يستحضر مقتبسات المتصوفة والوعاظ أو ينحو
منحاهم في التخييل والتجريد واستعمال الرموز واالستعانة برشاقة األسلوب وتلوين
النصوص الشعرية بنفحات الدين والعرفان الباطني.
هذا ،وان استعارة " الشخصيات الصوفية مثلت ظاهرة واضحة في الشعر
المعاصر ،وقد اختار الشعراء المعاصرون شخصيات عديدة من أهل التصوف واجهوا
بها قارئ قصائدهم ،واتخذوا منها قناعا يتحدثون به ومن ورائه عن مشاغلهم ومعاناتهم
ومواقفهم .وليس ذلك فحسب ،بل نجد الشاعر المعاصر أحيانا يندمج في الشخصية
الصوفية ويحل فيها حلوال صوفيا .ويتحد بأبعادها بفعل تشابه أحواله بأحوالها".1
ومن الشعراء الذين وظفوا الخطاب الصوفي نذكر :بدر شاكر السياب ونازك
الالئكة وعبد الوهاب البياتي وأدونيس وصالح عبد الصبور ودمحم الفيتوري وخليل حاوي
-1دمحم بن عمارة :األثر الصوفي في الشعر العربي المعاصر ،المرجع السابق ،ص.222
199
موضوعات الشعر الصوفي التواتي. الفصل الثالث:
ودمحم عفيفي مطر ودمحم دمحم الشهاوي وأحمد الطريبق ودمحم السرغيني ودمحم بن عمارة
وغيرهم.
وقد استعار هؤالء الشعراء مجموعة من الشخصيات الصوفية كشخصية النفري
عند أدونيس ،وشخصية السهروردي وفريد الدين العطار وجالل الدين الرومي عند عبد
الوهاب البياتي ،وشخصية الحالج عند صالح عبد الصبور في قصيدته الدرامية "مأساة
الحالج" ،وعبد الوهاب البياتي في قصيدة بعنوان "عذابات لحالج" ،وأدونيس في قصيدة
تحت عنوان "مرثية الحالج" وشخصية إبراهيم بن أدهم عند الشاعر التونسي محيي الدين
خريف ،وشخصية رابعة العدوية عند نازك المالئكة في قصيدتها "الهجرة إلى هللا".
ويمتاز الشعر الصوفي المعاصر باستعمال التناص بكثرة فضال عن االستشهاد
بالمستنسخات والمقتبسات والشذرات العرفانية .كما يشغل الشعراء المعاصرون في قصائدهم
ودواوينهم الشعرية خطاب االنزياح الصوفي والرموز اإليحالية والعبارات الموحية الرشيقة.
وهناك من الشعراء من سقط في خاصية اإلبهام والغموض خاصة الشاعر أدونيس الذي
حول كتاباته إلى طالسم يصعب تفكيكها وفهمها وتأويلها .وهناك منأحسن توظيف
التناص الصوفي في سياقه الشعري المالئم إبداعيا ،وهناك من وظف العبارات العرفانية
والمفاهيم الصوفية دون أن يعيش التجربة ،مما أوقع نصوص الكثير منهم في التصنع.
ويتضح لنا مما سبق ،أن المتصوفة والشعراء على حد سواء استعملوا الكتابة
الشعرية للتعبير عن تجاربهم العرفانية وأحوالهم الذوقية ومجاهداتهم النفسية ومقاماتهم
الباطنية.
واذا كان الشعر الصوفي في القديم من نظم المتصوفة ،فإن الشعر الصوفي
في العصر الحديث من نسج الشعراء المبدعين الذين صاغوا قصائد صوفية في إطار
تجارب كلية أو جزئية أو في شكل استشهادات تناصية موحية أو في شكل مستنسخات
تناصية.
199
موضوعات الشعر الصوفي التواتي. الفصل الثالث:
نشأتـــه:
ونشأ بهذا القصر في كفالة والده حيث كان معتنيا بتربيته وتعليمه السيما وأن
والده كان ممن وسع هللا عليهم في الرزق .واعتنى به منذ صغره ،امتثاال لقوله صلى
هللا عليه وسلم " أدبوا أبناءكم على ثالث خصال حب القرآن وحب نبيكم وحب آل
بيته" ،فقد أدب ولده أحسن تأديب.
تعلــمــه:
بدأ تعليمه تحت رعاية والده وعلى يد مق ار البلدة والذي لم يعرف اسمه ،وبعد
حفظه القرآن انتقل إلى تمنطيط وبالتحديد إلى مدرسة الشيخ سيدي البكري لتلقي
-1محمـد عبد العزيز سيدي عمر :قطف الزهرات من أخبار علماء توات ،دار هومه ،الجزائر2002 ،م ،ص.29
*
من أقدم القصور بمنطقة توات ،استقر بها كثير من العلماء ،منهم محمـد بن عبد الكريم المغيلي ،أسس بها
الشيخ سيدي عبد الكريم بن محـمد بن عبد الملك البلبالي مدرسة معروفة باسم (دار القراءة) لتعليم القرآن.
200
موضوعات الشعر الصوفي التواتي. الفصل الثالث:
العلوم ،إال أنه لم يمكث بها إال قليال ورحل إلى قرية كوسام* قبلة الطالب في ذلك
الزمان إلى مدرسة شيخه سيدي عبدا هلل ابن الشيخ سيدي أحمد الحبيب البلبالي ،وبقي
في تلك الروضة الخضراء ما يقرب من ثماني سنوات ،ينهل من العلوم تشرف بالخروج
على يد الشريف سيدي موالي علي في عام (1312هـ) الذي طلب له اإلجازة والتسريح
من الشيخ رحمة هللا عليهم جميعا.
شيــوخــه:
نقدم فيما يلي قصيدة للشيخ سيدي عبد الكريم البلبالي ،يعرف فيها بأشياخه،
ويظهر مكانتهم وهي من بحر الطويل:1
فق ـ ـ ـد دركن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا شيوخا فاضت بحوره ـ ـ ـم * فنحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن بحمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـد هللا نغترف منهم
شي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوخ قـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراءة وش ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــخ تـ ـربـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـة * فكلهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم كانـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا نجــوم ه ـ ـ ـ ــداي ـ ــة
*** **
المنفس الـ ـ ـ ــمـدرس * وثانيهـ ـ ـ ـم قاضينـ ـ ـا أخوه فـ ـ ـأولهـ ـ ـ ـ ـ ــم أبـ ـ ـ ـ ـ ــو عبيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
بلبالي ـ ـ ـ ـون أص ـ ـ ـ ـال م ـ ـن ق ـ ـ ـ ـوم ن ــص ـ ـ ـروا * دمحم شاف ـ ـ ـع ف ـ ـ ـي ق ـ ـ ـ ـوم قد آمن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا
فل ـ ـ ـ ـم يبـ ـ ـ ـ ـق علـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ناف ـع غير علمه ـ ـ ـم * بأرض ففزنـ ـ ـ ـا يا أخـ ـ ـ ـي بالتزامه ـ ـ ـ ـم
وشيـ ـ ـ ـ ـخ تربي ـ ـ ـ ـة مـ ـ ـ ـن شـ ـ ـ ـ ـ ـاعت أن ـ ـ ـواره * بمعـ ـ ـ ـ ـ ــرفة م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواله رب أتحف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه
****
بن حس ـ ـن * شريـ ـ ـ ـ ــف تق ـ ـ ــي ناصـ ـ ــح ذو تفـ ـ ـن ــن وذاك ش ـ ـ ــيـ ـ ـخ لنا عل ـ ـ ـي
محمـد عزيزي***** من قصر تم ـرتنا كذا * القطـ ـ ـ ـب سليمـ ـ ـ ـ ـان من قصر وشنا
وكل شيـ ـ ـ ـخ ذك ـ ـ ـ ـرت فـ ـ ـ ـ ـاح في وقت ـ ـ ـ ـ ـ ــه * فال نحتـ ـ ـ ـاج لشيء من ذكر فضله
فهـ ـ ـ ـذا نظـ ـ ـ ـم أتـ ـ ـ ـ ـ ــى وف ـ ـ ـ ـ ـي مي ازن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه * فاعرضه علـى م ــن كان مختب ار لـه
*
قصر كوسام منار علم وقضاء في ذلك الزمان ،بها خزانتين أثريتين.
1
-دمحم فتحا بن محـمد بن محمـد عبد الكريم البلبالي :القنديل العالي ،إضاءة من حياة الشيخ عبد الكريم البلبالي،
دار صبحي للطباعة والنشر ،غرداية2011 ،م ،ص .11
**
قاضي ومفتي ومدرس بقرية كوسام.
***
الشيخ القاضي دمحم فتحا بن الشيخ سيدي أحمد الحبيب البلبالي بكوسام.
****
سيدي موالي علي التردالي.
*****
الولي الصالح المكنى عزيزي ابن سيد الحاج محمـد ،ضريحه موجود بقصر بني تامر.
201
موضوعات الشعر الصوفي التواتي. الفصل الثالث:
* من فيض الكريم قد أتانا تفصيلـ ـ ـ ــه فبحمـ ـ ـ ـد المـ ـ ـ ـولى قد انتهى ما جمعته
* أيـ ــام فـ ـ ـ ـ ـ ــروح م ــع س ــرور مطـ ـل ــبي ب ــعـ ـ ـ ـ ـ ــام (طمـ ـس ــش) 1م ــول ـ ـ ـ ـ ـ ـد للـ ـن ــبي
* والتابعين لهـ ـ ـ ـ ـ ـم إلى وقوع العطـ ــب علي ـ ـ ـ ـ ـ ـه صـ ـ ـ ـالة هللا واألل وال ــصح ــب
* ونرجو مولى لنا يكون ست ار ضيفي عبد الكـ ـ ـ ـريم قد أت ـ ـ ـ ـى بثوب صيفـ ـ ـ ـ ـي
انتهت القصيدة على يد مؤلفها محمـد عبد الكريم بن دمحم بن محمـد عبد الكريم
البلبالي ،بتاريخها المذكور والمرموز له بطمسش.
إجـــازتـــيــه:
أوال :الشيخ القاضي سيدي محمـد فتحا ،ونص ما أجازه:2
" ....فقد أجزنا الفقيه األجل سيدي محمـد عبد الكريم بن سيدي الحاج محمـد
فتحا بن الفقيه سيدي عبد الكريم جميع ما قرأه علينا وسمعه منا من جميع الفنون من
فقه ونحو وحديث وتفسير وأصول ،بشرطهم المعروف وقولهم المألوف وعليه بتقوى هللا
في السر والعالنية ،والتأني في المسائل والتأمل فيها والمراجعة فيما أشكل وعدم العجلة
والضجر ،وأن يدعو لي ولوالدي وأشياخي فتح هللا عليه ووفقه لمحبته آمين".
ثانيــا :الشيخ سيدي دمحم عبد هللا .... " :أقول وباهلل القائل والمقول أني أجزت
سيدي دمحم عبد الكريم بن سيد الحاج محـمد بن سيدي محمـد عبد الكريم البلبالي في
جميع العلوم المتداولة بين الناس اليوم نقليها وعقليها ،وفي جميع ما اشتملت عليه
أسانيد شيخنا المذكور ،موصيا له بتقوى هللا في السر والعالنية ،عصمنا هللا واياه من
الزيغ والزلل ،ووفقنا واياه لصالح القول والعمل ".3
بعد رجوعه للبلد فتح مدرسة جده القاضي الشيخ سيدي عبد الكريم المسماة
(دار القراءة) ،واجتهد باسترجاع الكتب التي كانت مستعارة هنا وهناك من الخزانة التي
-1سنة 1319ه.
-2توجد النسختان األصليتان بخط الشيخين بخزانة بني تامر.
-3مجمـد فتحا بن محمـد ،القنديل العالي ،ص.17
202
موضوعات الشعر الصوفي التواتي. الفصل الثالث:
أنشأها ،وشراء كتب مخطوطة ومطبوعة وفي آخر عمره جعلها وقفا ،وأوكل رعايته
بعده لولده األكبر أبو مروان سيدي دمحم عبد المالك.1
وتقع (مدرسة القراءة) بالقرب من المسجد العتيق ،ويقصدها الطلبة من
من القصور المجاورة .أما المتن التي كان يدرسها هي المتداولة ،ففي الفقه :المرشد
المرشد المعين 2فالعبقري 3واألخضري 4فالرسالة 5ثم المختصر 6فابن عاصم 7في
األحكام القضائية ،وفي النحو :األجرومية 8فألفية ابن مالك 9والمية األفعال ،10وفي
األدب :النصيحة الهاللية ثم الحكم العطائية ،11وفي السيرة :البردة والهمزية لإلمام
البوصيري ،أما الحديث فكانت قراءة صحيح البخاري كل شهر رمضان ،وتفسيره في
المنطقة وفي قراها المجاورة ،بطلب من أعيانها ،وبناء على طلب بعض الطلبة
خصص يوم األربعاء لتفسير القرآن الكريم ومدارسته.12
أشعار الشيخ سيدي عبد الكريم بن دمحم البلبالي تعكس تجربته الشعرية ،وقارئ
ديوانه الشعري الذي قسمه إلى سبعة أغراض تناولها فيما يقارب 301صفحة ،والدارس
للوهلة األولى يتساءل :ما الموضوعات التي شغلت الشاعر فكتب فيها؟ ما الغالب في
هذه الموضوعات ،وكيف تناولها؟ .إن الباحث يمكن له أن يحدد الموضوعات التي
كتب فيها الشاعر ،وهي متنوعة ومختلفة الغرض حيث جاءت مرتبة في الديوان على
النحو التالي:
-1غرض التوسل.
-2غرض الفقه.
-3غرض المدح النبوي.
-1غرض الرثاء.
-4غرض النصح واإلرشاد.
-2غرض المخاطبات المتنوعة.
-7أغراض مختلفة.
وأما ما يتعلق بمجال التصوف اقتصرنا على هذين الغرضين لما لهما من
الطابع الصوفي الروحي الذي له عالقة بالطرق وهما:
-1التوسل.
-2مدح الرسول ملسو هيلع هللا ىلص.
201
موضوعات الشعر الصوفي التواتي. الفصل الثالث:
المتوسل ما توسل بهذه الواسطة إال لمحبته لها ،واعتقاده أن هللا تعالى يحبها (،)...
ولو اعتقد أن من توسل به إلى هللا ينفع ويضر بنفسه مثل هللا أو دونه فقد أشرك».1
-2-0بم نتوسل:
والوقوف على التعريفين اللغوي واالصطالحي يقودنا إلى البحث في الوسائط
والوسائل التي بها نتقرب إلى هللا سبحانه وتعالى .إذا نتوسل بما يلي:2
أ -بأسماء هللا وصفاته.
ب -بعمل صالح قام به الداعي.
ج -بدعاء الرجل الصالح.
د -بذوات األنبياء والرسل والصالحين من عباد هللا.
ه -بعباداته القلبية والفعلية والقولية.
و -بذكر حال الفقر.
وعلى هذا فقارئ قصائد التوسل يجد الشاعر قد توسل بهذه الوسائط ،فهو
3
يتوسل بأسماء هللا الحسنى وصفاته ،يقول:
أتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـى سائ ـ ـ ـ ـ ـال ربـ ـ ـ ـه بالحب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـور * فقي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ذليـ ـ ـل بقل ـ ـب كس ـ ـ ـ ـ ـ ـور
يقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـول يـ ـ ـا ذا العظيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم الحلي ـ ـ ـم * قـ ـ ـ ـ ـرعت في نشدي باب الكري ـ ـم
تـ ـ ـدارك عبي ـ ـ ـدا فـ ـ ـ ـ ـي يوم ألف يوم * ي ـ ـا رب يـ ـ ـا رب يا حي يا قيـ ـ ـوم
عبيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـد ضعي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـف قـ ـ ـ ـ ـوي الرجـ ـ ـا * ت ـ ـ ـ ـ ـواب رؤوف إلي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه التج ـ ـ ـ ـ ـ ـا
4
ويقول:
عليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم بج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـال ذو ق ـ ـ ـ ـدر كبير * وقف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ببـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاب مـ ـ ـ ـ ـ ـوالي الكبير
-1السيد دمحم بن علوي المالكي الحسني :مفاهيم يجب أن تصحح ،مطبعة المساحة( ،د.ط) ،الخرطوم1107 :ه-
1997م ،ص.12
-2األنواع الثالثة األولى متفق حولها ،أما األنواع األخرى ففيه خالف.
-3دمحم فتحا بن محـمد بن محمـد عبد الكريم البلبالي :القنديل العالي ،المصدر السابق ،ص.21
-4المصدر نفسه ،ص.27
202
موضوعات الشعر الصوفي التواتي. الفصل الثالث:
خبيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر بما في الصدور بصي ـ ـ ـ ـر * كبيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر عل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي حكي ـ ـ ـ ـ ـم خبيـ ـ ـ ـر
ظهيـ ـ ـ ـ ـر نصيـ ـ ـ ـ ـ ـر لعبـ ـ ـ ـ ـ ـد حقي ـ ـ ـ ـ ـ ـر * بصيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر بفع ـ ـ ـ ـ ـل ق ـ ـ ـ ـوي ظهيـ ـ ـ ـ ـر
1
ويتوسل بالكتب السماوية وباألنبياء والرسل والصالحين ،يقول:
وبجميـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع كت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب السم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاء * يـ ـ ـ ـ ـا رب بالصفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـات بالسمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاء
ومنـ ـ ـ ـ ـح لنا من خي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرك الهطالء * اصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرف علينـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا منهج البالء
والصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالحين طـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ار والنقبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاء * بج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاه األرس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـال واألنبي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاء
2
وباألولياء ،يقول:
ووال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـد وج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـد لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـألوالد * يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـارب بالبك ـ ـ ـ ـري ذي العم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاد
ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ال يكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـون لهـ ـ ـم فسـ ـ ـ ـ ـاد * اصـ ـ ـ ـ ـ ـرف عن ـ ـ ـ ـا جنـ ـ ـود ذي الجراد
3
ويتوسل باهلل والنبي والصالحين واألولياء ،يقول:
والحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي والقي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوم والصمـ ـ ـ ـ ـاد * وباسمـ ـ ـ ـ ـ ـك العظي ـ ـ ـ ـ ـم ذي السن ـ ـ ـ ـ ـ ـاد
وبالشفي ـ ـ ـ ـ ـع ط ـ ـ ـ ـ ـ ـه فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي العم ـ ـ ـ ـ ـاد * باألس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـام البهج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة الجيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاد
الصالحي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن األتقي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا األمجـ ـ ـاد * ببينـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا األمي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر واألسيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاد
وبالمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالئك وباألوت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاد * وبالنبيي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع األفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراد
وجم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع األقطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاب وبالزه ـ ـ ـ ـاد * وبالوجي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه الغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوث والنضـ ـ ـ ـاد
4
ويقول:
فناولن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي كتاب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي اليمين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا * وبالقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرآن م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـور وآي
تولـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـى دائمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا كن لي معينـ ـ ـ ـ ـ ـا * كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـذا بالغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوث واألقطاب ط ار
بـ ـ ـ ـ ـ ـه أه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل الوالي ـ ـ ـ ـة أجمعينـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا * دع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوتك يا كري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم بما دعاك
لوجه ـ ـ ـ ـ ـك يا رئ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيس األكرمين ـ ـ ـ ـ ـ ـا * تصيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرن ـ ـ ـ ـ ـ ـي إذا ف ـ ـ ـ ـي الناظرينـ ـ ـا
بجـ ـ ـ ـ ـ ـاه األولي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاء الك ـ ـ ـ ـ ـ ـاملين ـ ـ ـ ـ ـ ـا * وعـ ـ ـ ـ ـ ـن ك ـ ـ ـ ـرب القيام ـ ـة حائدين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا
-1دمحم فتحا بن محـمد بن محمـد عبد الكريم البلبالي :القنديل العالي ،المصدر السابق ،ص.22
-2المصدر نفسه ،ص.21
-3المصدر نفسه ،ص.22 -24
-4المصدر نفسه ،ص.31
207
موضوعات الشعر الصوفي التواتي. الفصل الثالث:
1
ويقول ،وهو يستغل شهر مولده ملسو هيلع هللا ىلص:
والخلفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا وعم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر الخطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوب * بجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاه ك ـ ـ ـ ـ ـ ـل نب ـ ـ ـ ـي والصح ـ ـ ـ ـب
فـ ـ ـ ـ ـ ـي مثلهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا زي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـادة اإليمان * قد علمنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـذه األيام
في ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ولـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـد المختـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـار * شهـ ـ ـ ـ ـ ـر في ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه قد حل ـ ـ ـ ـت األنوار
2
ويقول ،وهو يعترف ويقر بذنوبه لعلها تشفع له عند بارئه سبحانه وتعالى:
تائبا يرجا نداك أنت المرجى لـذاك * عبد الكريم أتاك وقد جنا وعصـ ـاك
يريد منك عطاك ماله رب سـ ـ ـ ـواك * عبد الكريم يا علي ـ ـ ـ ـا في ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالك
عبد الكريم خميـ ـل وأنت رب جليل * عبد الكريم ذليل وأنت رب م ـ ـأمول
عبد الكريـ ـ ـ ـ ـ ـم ذميم وأنت رب كريم * عبد الكريم حقير وأنت رب كبي ـ ـ ـ ـر
قص ـ ـ ـ ـ ـ ـده فيك قوي وأنت رب كريم * عبد الكريم جهول وأنت نعم الدليل
-4-0التوسل والتناص القرآني في شعر سيدي عبد الكريم بن دمحم
البلبالي:
القرآن الكريم الذي أعجز البلغاء ببيانه كان له األثر البالغ في الشعر العربي
عامة والصوفي خاصة ،والمطلع على ديوان الرجل يجد القرآن الكريم حاض ار بألفاظه
ونظمه ومعانيه ،ولهذا فدارسه إذا وضع يديه على قصائده الصوفية في التوسل ومدح
خير البرية عليه الصالة والسالم ،وراح يستنطقها؛ ظهر له النص الغائب ،وهو القرآن
الكريم ،يقول دمحم بن عمارة في كتابه (الصوفية في الشعر العربي المعاصر) ،وهو يبين
قراءة هذا النوع من القصائد « :نحاول قراءتها واستنطاق حروفها وكلماتها ،يتبين لنا
بوضوح محاورة النص الغائب المتمثل في القرآن الكريم ،ومدى العالقة المتشابكة بين
-1دمحم فتحا بن محـمد بن محمـد عبد الكريم البلبالي :القنديل العالي ،المصدر السابق ،ص.33
-2المصدر نفسه ،ص.33
209
موضوعات الشعر الصوفي التواتي. الفصل الثالث:
النص الغائب ونصنا الحاضر ( )...فاإلشارة القرآنية تغني النص الشعري ،وتكسبه
كثافته التعبيرية ،وتعطيه تطابقا بين وظيفة اإلشارة وسياق المعاني».1
وبعودتنا إلى ديوان الشاعر ،مركزين على ما له عالقة بالتوسل ،نضع أيدينا
على هذا النص الغائب ،يقول الرجل:2
وقولـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالم من رب رحيم * تحصن ـ ـ ـ ـ ـ ـت باسم اإلله العظيم
ّ
وفضل اإلل ـ ـه علينـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا عط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـور * نأيت بنفس عن دار الغـ ـ ـ ـ ـرور
وحسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب اإلل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ونعم الوكي ـ ـ ـ ـ ـل * صرفت أموري لمولى الجميـ ـل
في ختم نصل على يا وسين دنا قاب أي من حبيب قوسين
واألبيات الشعرية تشمل اآليات اآلتيةَ ﴿:س َال ٌم َق ْوالً ِم ْن َر ٍّب َر ِحيمٍ﴾ ،3و﴿ َو َما
ان كَ ف
َ و﴿ ،5
﴾ ن
َ و ل
ُ َّللا عَلي ِه يتَوَّكل اْلمتَوِّ
ك َّ يبِ س ح لقُ و﴿ ،4
الد ْنَيا ِإ َّال متَاعُ اْل ُغ ُر ِ
ور﴾ اْل َحَياةُ ُّ
َ ْ َْ َ ُ َْ ََ ُ َُ َ
اب َق ْو َس ْي ِن أ َْو أ َْدَنى﴾.6َق َ
ويقول في قصيدة أخرى:7
عـ ـ ـ ـ ـ ـن رزقنا امسـ ـ ـ ـ ـ ـك فم الج ـ ـ ـ ـ ـ ـراد * يا م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاسك السم ـ ـ ـ ـ ـ ـا بال عمد
ات ِب َغ ْي ِر َع َم ٍد تََرْوَن َها﴾.8
السماو ِ وهذا مصداقا لقوله تعالىِ َّ َّ ﴿:
َّللاُ الذي َرَف َع َّ َ َ
ويقول في قصيدة أخرى:9
لم ـ ـ ـن المـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلك للمولوك الثخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـام * يوم يق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـول اإلله رب األنـ ـ ـ ـام
-1دمحم بن عمارة :الصوفية في الشعر العربي المعاصر –المفهوم والتجليات ،-شركة النشر والتوزيع ،الطبعة
األولى ،المغرب2001 :م ،ص.10
-2دمحم فتحا بن محـمد بن محمـد عبد الكريم البلبالي :القنديل العالي ،المصدر السابق ،ص.21-20
-3سورة يس ،اآلية.49 :
-4سورة آل عمرن ،اآلية.194 :
-5سورة الزمر ،اآلية.39 :
-6سورة النجم ،اآلية.9 :
-7دمحم فتحا بن محـمد بن محمـد عبد الكريم البلبالي :القنديل العالي ،المصدر السابق ،ص.24
-8سورة الرعد ،اآلية.2 :
-9دمحم فتحا بن محـمد بن محمـد عبد الكريم البلبالي :القنديل العالي ،المصدر السابق ،ص.30
209
موضوعات الشعر الصوفي التواتي. الفصل الثالث:
من ك ـ ـ ـ ـ ـروب أه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوال طول القيام * فتصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـير إذاك سك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ار نيام
اح ِد اْلَق َّه ِ
ار﴾َ ﴿ ،1وتََرى وهذا مصداقا لقوله تعالىّ ﴿ :لِم ِن اْلمْلك اْليوم َِّلِلِ اْلو ِ
َ ُ ُ َْ َ َ
َّللاِ َش ِد ٌيد﴾.2 ِ ِ
اس ُس َك َارى َو َما ُهم ب ُس َك َارى َوَلك َّن َع َذ َ
اب َّ َّ
الن َ
وقوله في قصيدة أخرى:3
أزل عن جسمن ـ ـ ـ ـ ـا الضر الرصـ ـ ـ ـ ـينا * وي ـ ـ ـ ـا من ضـ ـ ـر أيوب شفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاه
حاط ذا نون رج بي في اآلمانينـ ـ ـ ـ ـا * وي ـ ـ ـ ـا من فـ ـ ـ ـي بط ـ ـ ـ ـن الح ـوت
أسب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح كنـ ـ ـ ـ ـ ـت جنس الظالمين ـ ـ ـ ـ ـ ـا * بق ـ ـ ـ ـولـ ـ ـ ـ ـ ـه ال إلـ ـ ـ ـه إال أنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت
َنت
الض ُّر َوأ َ َّه أَِّني َم َّسِني ُّ
ُّوب ِإ ْذ َن َادى َرب ُ
وهذا مأخوذ من قوله تعالىَ ﴿ :وأَي َ
َ
َنت ُس ْب َح َان َك ِإِّني ُّ ِ ِ
ين﴾ ،و﴿ َفَن َادى في الظلُ َمات أَن َّال ِإَل َه ِإ َّال أ َ
4 أَرحم َّ ِ ِ
الراحم َ ْ َُ
ين﴾.5 َّ ِ ِ ُك ِ
نت م َن الظالم َ ُ
ويقول:6
وم ـ ـ ـ ـن عدو شيطان ومن جن وانسان * وم ـن وسواس خناس في صدور من الناس
اس ِإَل ِه اس ملِ ِك َّ
الن ِ وهذا من قوله سبحانه وتعالىُ ﴿ :ق ْل أ ُ ِ ِ َّ ِ
َعوُذ ب َر ّب الن َ
اس﴾.7 اس ِم َن اْل ِجَّن ِة َو َّ
الن ِ الن ِ اس َّال ِذي ُي َو ْس ِو ُس ِفي ص ُد ِ
ور َّ اس ِم ْن َش ِّر اْلوسو ِ
اس اْل َخَّن ِ
َ َْ
الن ِ
َّ
ُ
ويقول:8
وبالق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرآن م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـور وآي * فن ـ ـ ـ ـاولني كتاب ـ ـ ـ ـي يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـد اليمينا
اس ُب ِح َس ًابا َي ِس ًيرا﴾.9 ِ ِِ ِ
َما َم ْن أُوِت َي كتَ َاب ُه ِبَيمينه َف َس ْو َ
ف ُي َح َ وهذا موافق قوله تعالىَ ﴿ :فأ َّ
-1نظ ار لكثرة ألفاظ المعجم الشعري وتعدد حقولها الداللية في التوسل ،سأقتصر على بعض الحقول الداللية،
ليتضح هذا المعجم.
211
موضوعات الشعر الصوفي التواتي. الفصل الثالث:
المتعال كاشف
حب النبي ذو البطش الشديد
بجاه األرسال بجاه النبي
الصالحين األنبياء
بجاهالرسولالكريم المنيب النقباء
بالبكري ذي العماد بحرمة النبي واألوتاد
كل ذي سر من
العباد
حقل أوصاف الشاعر حقل أوصاف الرسول ملسو هيلع هللا ىلص
ذليل فقير رسول كريم حبيب
حقير خمير طبيب لبيب
عبيد عبد لهفان سيد الرسول المنيب
قوي الرجا ضعيف الهاد الشفيع
212
موضوعات الشعر الصوفي التواتي. الفصل الثالث:
-6غرض المدح:
-0-6تعريف المدح لغةً:
جاء في لسان العرب البن المنظور المدح نقيض الهجاء وهو حسن الثناء
احدة ومدحه يمدحه مدحاً ومدحتاً والصحيح أن المدح المصدر
يقال مدحته مدح ًة و ً
والمدحة اسم والجمع مدح والمدائح جمع المديح من الشعر.1
كما جاء ذكر ذلك في القرآن واصفا إياه بأنه على خلق عظيم قال تعالى ﴿ َوِاَّن َ
ك َل َعَلى
ُخلُ ٍق َع ِظي ٍم﴾ ،3كما أن شريعته جاءت ناسخة لكل الشرائع فهي الدين القويم والشريعة
الغراء ،ثم يعرج الشاعر سيدي دمحم ين عبد الكريم البلبالي مرحبا بذكر المصطفى
ملسو هيلع هللا ىلص حاثا السامعين بأن عليهم الصالة على هذا الحبيب في كل األحوال ،كما أن حبه
علينا أمر واجب فهو الرسول صاحب الرأفة والرحمة فالصالة عليه دائما وأبدا في
اإلبكار واآلصال .والقصيدة كلها ومما جاء فيها من الصالة والمدح عبارة أيضا عن
معاني قرآنية وأوامر نبوية شريفة توضح تلك القيم السامية والصور الروحية التي ترسم
المعنى العملي للتحلي باألخالق اإلسالمية الفاضلة.
ج ـ ـ ـ ـاءنا بالهـ ـدى وماح الصالل * ص ـ ـ ـ ـل ي ـ ـ ـ ـا رب ث ـ ـ ـ ـم سلم على من
خص ـ ـ ـ ـه رب ـ ـ ـ ـه بخي ـ ـ ـ ـر الجم ـ ـ ـال * النبـ ـ ـ ـ ـ ـي األم ـ ـ ـ ـي أك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرم خل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـق
دين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه قوي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم كثير الخصال * شرع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ناس ـ ـ ـ ـخ لك ـ ـ ـ ـل الشرائ ـ ـ ـ ـع
فعليك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم به فـ ـ ـ ـي كل األحوال * مرحب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً مرحب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً به يا سدات ـ ـ ـي
لتف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوزوا به في كل األه ـ ـ ـوال * حب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه مفروض عليكم جميع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًا
ج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاءنا بالقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرآن واإلفضال * رؤوف رحي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم كري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم سخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي
دائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً ف ـ ـي اإلبكار واآلصال * وص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالة م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع السـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالم عليه
واإلقامـ ـ ـ ـ ـ ـة واإلسالم ذو الجالل * ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرن اسم ـ ـ ـ ـ ـ ـه باسمه في اآلذان
م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلك نب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي وك ـ ـ ـ ـ ـ ـل رسول * ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـذه رتب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه لم يصلهـ ـ ـا
حب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـذا حب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـذا بهـ ـذا الرسول * أحم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـد ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواله لم توجد األشياء
نه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي أو أم ـ ـ ـر فعله واألقوال * واج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب االتب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاع فـ ـي كل أمر
ظ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاهر جل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي لك ـ ـ ـ ـ ـل نبيل * ودلي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل وجوب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي القرآن
طاع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة هللا والحبي ـ ـ ـب الجليل * م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا آتاك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم به الرس ـ ـ ـ ـول خذوه
بشي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر نذي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر لشي ـخ كهول * ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـو ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـور لنـ ـ ـ ـ ـ ـا شفيع وغوث
م ـ ـ ـ ـ ـ ـع آل أصحاب ورسل موال * صل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوات اإلل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه زده ـ ـ ـ ـ ـ ـا عليه
مـ ـ ـ ـ ـن عبيد يرجوك يوم األهوال * أل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـف آالف مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن صالة عليك
تابـ ـ ـ ـ ـ ـع لك في األحوال بالتوالي * أل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـف آالف م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن سالم عليـك
211
موضوعات الشعر الصوفي التواتي. الفصل الثالث:
يا حبيب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً ل ـ ـ ـرب مولى الموال * وعل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـى ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل موم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن وول ـ ـي
عاب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـد للكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـريم يرجى النوال * قـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـال ذا كل ـ ـ ـ ـه ذلي ـ ـ ـ ـل حقي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر
ج ـ ـ ـ ـده عبي ـ ـ ـ ـد الكري ـ ـ ـ ـم البلبـ ـ ـ ـ ـال * نجي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل لم ـ ـ ـ ـحم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـد بانفتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاح
وجاءت هذه القصيدة كما يخبر الناظم تيمناً بقصيدة البردة لإلمام البوصيري
حيث كان شاعرنا في مجلس للمدح والذكر وكان مما تلي قصيدة البردة التي جاءت
في مدح المصطفى ملسو هيلع هللا ىلص راجياً منه الشفاعة يوم اللقاء األكبر وبعدما انفض المجلس
ورجع سيدي عبد الكريم البلبالي إلى بلدته بني تامرت رأى أن ينظم قصيدة يمدح فيها
الرسول ملسو هيلع هللا ىلص على نسق البردة راجي ًا بها الفوز والنجاة وأن تكون له دخيرة يوم ال ينفع
مال وال بنون:
غير محترِم منه َ الجار ُ ُ أو يرج ـ ـ َع * مكارمه
ُ الراجي
رم َّ
أن يحـ ـ ـ ـ َ
حاش ـ ـ ـ ـاهُ ْ
العمم ِ ِ رم الخْل ِق مالي َمن ألوُذ به
سـواك عند حدوث الحادث َ * ي ـ ـ ـ ـا أك ـ ـ َ
باس ـ ـ ـ ـ ِم ُم ْنتَِقم إذا الك ـ ـ ـ ـر َّ ِ
يم تَ َحل ـ ـ ـ ـى ْ
ُ * ك بيجاه َ
ول هللا ُ
َوَل ْن َيضي ـ ـ ـ ـ َق َرسـ َ
الكريم البلبالي هو التوسل ومدح والغالب على أشعار الديوان لسيدي عبد
الرسول ملسو هيلع هللا ىلص ،تم التركيز عليها في هذه الدراسة ،حيث قارب عدد القصائد في الغرضين
قصيدة مع مالحظة أننا نجد تشابه ًا وتداخالً أحياناً بين
ً (التوسل والمدح) حوالي 34
انتهاء بالرثاء والنصح واإلرشاد
بدء بالتوسل والمدح و ً
األغراض المتداولة عند الشاعر ً
وأغراض أخرى تناولها الديوان.
214
خاتمة.
الخاتمة:
وعلى ضوء ما سبق عرضه وما تناوله في طيات هذا البحث
المتواضع وما حوته فصوله نخلص إلى أن الجزائر وعلى غرار الكثير من
البلدان العربية واإلسالمية عايشت ظاهرة الطرق الصوفية بل واحتضنتها
عبر زواياها المنتشرة في ربوع الوطن حيث يتجلى ذلك في الممارسة
المتنوعة والنشاط المختلف الذي اضطلعت به الطرق الصوفية عبر الزوايا
المختلفة.
ومما ساعده وبشكل إيجابي على لحمة وتماسك المجتمع الجزائري
حيث كان الستقطاب الزوايا للكثير من طلبة العلم والمريدين أهمية بالغ ًة في
الحفاظ على المرجعية الروحية والثقافية لمكونات الشعب الجزائري.
حيث كان لهذه الزوايا والطرق الصوفية األثر البالغ والحضور الفعال
في مختلف أنشطة الحياة المتنوعة كما نهضت بالكثير من األعباء
االجتماعية والدينية كالتعليم ونشر األخالق الفاضلة والتعريف بالتعاليم
السمحة للدين الحنيف والدعوة إلى وحدة المسلمين ألنها الحصن المنيع من
األخطار التي كانت تحدق ببالد اإلسالم كالتبشير والتنصير.
كما أن أغلب هذه الطرق وعبر زواياها المختلفة رفعة راية الجهاد
وتصدت للمستعمر الغاشم ودعت لمواجهته بكل الوسائل والسبل المتنوعة مما
أجبر المستعمر الفرنسي آنذاك إلى التعامل مع هذه المؤسسات الدينية (زوايا
الطرق الصوفية) بعدم االستهانة فذهبت إلى محاصرتها ومحاولة تشويه
صورتها ،إال أن هذه الطرق عملت على تأكيد موقفها البارز على المقاومة
217
خاتمة.
الثقافية إلى جانب المقاومة المسلحة وهو ما أدى إلى فالحها في المحافظة
اء عن طريق التعليم أو التضامن
على قيم المجتمع وشخصيته المسلمة سو ً
االجتماعي والسياسي.
ومن هنا كانت لزوايا الطرق الصوفية بمنطقة توات وعلى غرار
أخواتها المنتشرة في ربوع هذا الوطن الدور الحيوي والهام في إبراز حقيقة
السلوك الصوفي وأثره على طلبة العلم ومريدي الطرق انطالقاً من المفاهيم
السليمة للتصوف والصوفية والمصدر اإلسالمي لها ،ألنه وعمالً بتوجيهات
المصطفى ملسو هيلع هللا ىلص الداعية إلى مكارم األخالق ومجاهدة النفس وتزكيتها كما جاء
ين ِإ ْذ َب َع َث ِفي ِه ْم َرُسوًال ِم ْن أ َْنُف ِس ِه ْم ِ
َّللاُ َعَلى اْل ُم ْؤ ِمن َفي القرآن الكريم (َلَق ْد َم َّن َّ
اب َواْل ِح ْك َم َة َوِا ْن َك ُانوا ِم ْن َق ْب ُل َل ِفي ِ ِ ِ ِِ
َي ْتُلو َعَل ْي ِه ْم َآياته َوُي َزّكي ِه ْم َوُي َعّل ُم ُه ُم اْلكتَ َ
ين) سورة آل عمران ،اآلية.121 : ض َال ٍل ُمِب ٍ َ
فكان لتقفي األثر النبوي الشريف والمسارعة إلى االستشراف الروحي
وفقاً للمنهج الرباني السبب الجوهري لظهور الحركة الصوفية بصورة تدريجية
فكانت بداية ظهور الحسن البصري (110ه) ،وعبد الواحد ابن زيد
(177ه) وابراهيم ابن أدهم (122ه) وشقيق البلخي (191ه) وآخرون
وصوالً إلى سيد الطائفة اإلمام الجنيد (297ه) الذي تقوت في وقته أساسات
التصوف شيئاً فشيئاً حيث ظهر التشكيل اإلصالحي للتصوف الذي قاده كل
من اإلمام الجليل عبد القادر الجيالني (421ه) واإلمام معين الدين الجشتي
(220ه) وصاحب عوارف المعارف اإلمام السهروردي (232ه) وتم إرساء
دعائم أساسية للتصوف قاعدته الكتاب والسنة ،فكان للطرق الصوفية التي
219
خاتمة.
219
خاتمة.
على الملذات والترف والنعيم وشيوع مجالس الخمر والغناء وكثرة أماكن اللهو ،ومن
الظروف السياسية أيضا الفتنة الداخلية التي بدأت بمقتل سيدنا عثمان بن عفان رضي
هللا عنه وأرضاه ،وقيام الحروب األهلية بين أنصار اإلمام علي رضي هللا عنه وأرضاه
وأنصار سيدنا معاوية رضي هللا عنه وأرضاه واستشعار بعض الصحابة بخطورة الجو
المشحون بالخالفات واالضطرابات السياسية فآثروا أن يقفوا موقف الحياد ولعلهم فعلوا
ذلك إيثا ار للسالمة وابتعادا عن الفتنة التي هي أشد من القتل والعيش في عزلة تامة.
-إن التصوف كظاهرة عامة ظهر بصورة ملموسة في أواخر القرن الثاني
الهجري واستمر في النمو واالنتشار خالل القرن الثالث الهجري ورأى أبو العالء عفيفي
( أن التصوف جاء نتيجة خروج اإلسالم من حدود البيئة الصحراوية التي نشأ فيها
وامتزاج تعاليمه بتعاليم وأديان األمم التي نشر فيها ضوئه ،تلك األمم التي كانت على
حظ كبير من الفلسفة والعلم والحياة الروحية العميقة فالتصوف في حقيقته وليد تاريخ
اإلسالم الديني والسياسي والعقلي واالجتماعي وليس وليد اإلسالم وحده).
-إن ابن خلدون يرجع التصوف إلى االتجاه الذي ساد في القرن الثاني وما
بعده من اإلقبال على الدنيا واالنغماس في ملذاتها مما دعا إلى نشوء اتجاه مضاد لهذا
االتجاه تمثل في العكوف على العبادة واالنقطاع إلى هللا تعالى واإلعراض عن زخرف
الدنيا وزينتها واالنفراد عن الخلق في الخلوة للعبادة وعرف أصحاب هذا االتجاه
بالصوفية والمتصوفة.
-إن مما يمكن مالحظته هو أن التصوف قد انتشر في المدن قبل األرياف
ذلك أن معظم المتصوفة قد ظهروا في المدن الكبيرة مثل بجاية ووهران وتلمسان
وقسنطينة والجزائر العاصمة مثل عبد الرحمان الثعالبي الذي تلقى العلم في بجاية
ليستقر في األخير بمدينة الجزائر ،ولما تعفنت األحوال السياسية وكثر الظلم والفساد
انتقلت حركة التصوف إلى داخل البالد وأسس أتباع المرابطين زوايا لهم في األرياف
220
خاتمة.
وأصبحت هي نفسها ملتقى لنشر العلم وبث األخالق الفاضلة والتحريض على الجهاد
ضد العدو.
-ترجع أسباب تطور التصوف في المغرب العربي بصفة عامة وفي الجزائر
بصفة خاصة إلى عدة أسباب من أهمها االتصال بالمشرق العربي وأعالمه في
التصوف عن طريق الحج والتتلمذ على يد هؤالء األعالم واالطالع على مذاهبهم
واتجاهاتهم وفلسفاتهم في هذا الميدان والتزود بالكتب والمؤلفات المهمة فيه كرسالة
اإلمام القشيري وقوت القلوب للطالب المكي واحياء علوم الدين ألبي حامد الغزالي
وغيرها ،هذا باإلضافة إلى التأثر بالمذهب الشيعي الذي تسرب إلى المغرب األوسط
وبفكرة المهدي التي بنيت عليها الدعوة الفاطمية.
-لقد بدأ التصوف في المغرب اإلسالمي نظريا ثم تحول ابتداء من القرن
9ه إلى الناحية العملية الصرفة وأصبح يطلق عليه تصوف الزوايا والطرق الصوفية،
وقد ظل هذا التصوف سائدا في جميع أنحاء المغرب العربي .أما بالنسبة للجزائر
تحديدا فقد انتشر التصوف على نطاق واسع وغطى مناطق عديدة من الوطن ففي كل
بقعة تجد زاوية أو مقام أو ضريح لولي صالح أو حلقة ذكر أو شيخ طريقة يدعو إلى
التمسك بالشريعة واالقتداء بالرسول ملسو هيلع هللا ىلص في سنته.
-إن للزوايا قيمة حضارية مهمة في المجتمعات العربية واإلسالمية لما
ساهمت به من الحفاظ على الهوية الوطنية واإلسالمية ومقاومة االستعمار بكل أشكاله
من العسكري االستيطاني إلى الثقافي الذي مس ثقافات المجتمعات وتقاليدها ،ووقفت
في وجه االستعمار ورفضت كل مخططاته وقضت عليها وأيقظت الشعب الجزائري
تجاه وطنه وحماية مقوماته.
-باإلضافة إلى دورها الرائد في مقاومة االحتالل باعتبارها قوة مجاهدة
ومدافعة عن األرض ومعقال للمقاومة الشعبية في بالدنا ضد الغزو االستعماري
221
خاتمة.
الفرنسي ،ساهمت في نشر واعادة إنتاج الثقافة الدينية واإلسالمية ،ونشر قيم المحبة
والتآخي والتسامح بين الجزائريين عبر تاريخهم ،كما ساهمت في نشر الدين اإلسالمي
بتعليم القرآن واللغة العربية.
-كانت الزوايا دائما أداة للتواصل االجتماعي مؤكدة على الذات الجماعية
وعلى الوعي باالنتماء للحضارة العربية اإلسالمية ،كما ساهمت في الحفاظ على
مقومات السكان الجزائريين وتحصينهم ضد االنحراف واالنسالخ واالندماج في الثقافة
الفرنسية.
-تع تبر الزوايا فضاء اجتماعيا رحبا نظ ار لما تقوم به من تأطير في المجتمع
المحلي وتوجهه في إطار العالقات االجتماعية محافظة على التراث والعادات والتقاليد
المكرسة.
-كانت الزوايا وال زالت مقصدا لطالب العلم وعابري السبيل واليتامى
والمعوزين باإلضافة إلى أنها كانت مرجعا للقضاء تبرم عقود الزواج والطالق
والمحافظة على األحوال الشخصية.
-لقد عرفت الزوايا بمرور الزمن تطو ار إيجابيا ملحوظا في وظائفها من
التعليم إلى العبادة إلى حل قضايا الناس ودو ار لعابري السبيل وايواء الفقراء والمساكين
وهي أشبه بالمصانع التي تخرج رجال الفكر والثقافة وقد جاهدت بالسيف والقلم
وساهمت في التكوين التربوي والثقافي لألجيال.
-إن الزاوية هي المبنى وفي المعنى هي حجر الزاوية في البنية االجتماعية
الجزائرية خاصة في الجنوب ،وبتعبير أدق هي الخلية األساسية الحية التي تفرز النسغ
الحياتي المغذي للنظام االجتماعي من جهة ،وهي المنظم لعملية الصيرورة االجتماعية
من جهة ثانية وهي من جهة ثالثة عند االقتضاء التي تشكل السلطة المرجعية التي
222
خاتمة.
تتولى حماية المجتمع من التفكك والتبدد والذوبان وهي التي تتولى الدفاع عن كيانه
ووجوده.
-إن من العوامل التي ساعدت على انتشار الطرق الصوفية في الجزائر أنها
أخذت أسماء مشائخها وأعالمها مثل القادرية والرحمانية والشاذلية والتجانية.
-لقد كان النتشار الطريقة القادرية والتجانية والموساوية والطيبية والزيانية
وبعض الطرق األخرى األثر الواضح على منطقة توات وبالد السودان الغربي ،كما
كانت منطقة تمبكتو التي كانت مقصداً الستقطاب العلماء والفقهاء التواتيين الذين
ساهموا هم بدورهم في نشر الطرق الصوفية في الكثير من المدن والقرى السودانية،
ومنذ القرن الخامس عشر الميالدي أصبحت منطقة توات منطلقا أساسيا في تفعيل
الفكر الصوفي والديني نحو السودان الغربي ولعل من بين المشائخ البارزين من رجال
الدين والفكر نجد الشيخ عبد الكريم المغيلي والشيخ سيدي أحمد بن موسى والشيخ
سيدي دمحم بلكبير والشيخ سيدي أحمد ديدي والشيخ سيدي عبد العزيز سيدي اعمر
المهداوي وسيدي موالي أحمد الطاهري وغيرهم الذين جعلوا من توات مرك از لنشاطهم
الديني والتربوي الذي استوحوه من البنية االجتماعية والثقافية للمجتمع الجزائري.
-إن التعدد واالختالف بين الطرق الصوفية ال يمس الهدف وانما يقتصر
على اختالف األساليب والمناهج والوسائل التي يتم بها الوصول إلى تحقيق الهدف،
ويرجع ذلك االختالف إلى تعدد الوسائل في عبادة هللا عز وجل من ناحية ،واختالف
الطبائع البشرية من ناحية أخرى ففي تعدد الطرق وتنوعها واختالفها فائدة للمريد حيث
يختار الطريقة التي تناسبه وتناسب طبعه وقد ذكر الشيخ زروق في هذا الشأن ( أن
اه ُدوا ِف َينا َلَن ْه ِدَيَّن ُه ْم ُسُبَلَنا
ين َج َ
َّ ِ
في اختالف المسالك راحة للسالك) وقال تعالىَ ﴿ :والذ َ
ِِ
ين﴾ سورة العنكبوت ،اآلية.29 :
الم ْحسن َ َواِ َّن َ
هللا َل َم َع ُ
223
خاتمة.
إن جملة النتائج المتوصل إليها من وراء هذا البحث تجعلنا نجزم بأن
التصوف ومدارس الطرق الصوفية ومصادرها األصلية واألصيلة وعبر زواياها
المختلفة تبقى دائماً تمثل ذلك الفضاء الفكري الواسع والهام لتراثنا العربي واإلسالمي.
وفي ختام هذا البحث ال يسعني إال أن أستأنس بما جاء على لسان عماد
الدين األصفهاني الذي قال :رأيت أنه ال يكتب كتاباً في يومه إال قال في غده لو غير
هذا لكان أحسن ولو زيد كذا لكان يستحسن ولو قدم هذا لكان أفضل ولو ترك هذا
لكان أجمل وهذا من أعظم العبر وهو دليل على استيالء النقص على جملة البشر.
221
المالحق.
1
الملحق رقم ( :)0مخطوط المناقب الكر اززية (اللبانة الرمزية لمريد المناقب المعزية)
تحقيق حسوني دمحم بن الكبير المشيشي االدريسي المتواجد بأدرار قصر بودة.
-1سيدي أحمد بن موسى الكرزازي :مخطوط المناقب الكر اززية (اللبانة الرمزية لمريد المناقب المعزية) ،تحقيق:
حسوني دمحم بن الكبير المشيشي االدريسي المتواجد بأدرار قصر بودة ،مطبعة الريان ،الجزائر1219 ،ه2007/م.
222
المالحق.
227
المالحق.
229
المالحق.
سيدي أحمد بن موسى الكرزازي :مخطوط المناقب الكر اززية (اللبانة الرمزية لمريد المناقب المعزية) ،تحقيق:
حسوني دمحم بن الكبير المشيشي االدريسي المتواجد بأدرار قصر بودة ،مطبعة الريان ،الجزائر1219 ،ه2007/م.
229
المالحق.
-1تصميم وتحقيق وتنفيذ أبو فلجة بن دمحم بوحسون ،اإلصدار الرابع ،بتاريخ 01ربيع األول 1121ه الموافق
ل 03ماي 2003م.
230
* فهرس اآليات القرآنية والحديث.
* فهرس األعالم.
* فهرس الطرق الصوفية.
* فهرس الزوايا.
* فهرس األماكن والبلدان.
* فهرس الموضوعات.
فهرس اآليات القرآنية.
ِ
ض ِزْل َازَل َها﴾ سورة الزلزلة ،اآلية.1 : ﴿ ِإ َذا ُزْل ِزَلت ْاأل َْر ُ
ير﴾ سورة األحزاب ،اآلية.11 ، َّللاَ ِذ ْك ًار َكِث ًا
﴿ ا ْذ ُك ُروا َّ
ك َّال ِذي َخَل َق﴾ سورة العلق ،اآلية.1 : اس ِم َرّبِ َ ِ
﴿ ا ْق َ ْأر ب ْ
ف َعَل ْي ِه ْم َوال ُه ْم َي ْح َزُنو َن﴾ سورة يونس ،اآلية.22 : ﴿ أَال ِإ َّن أَولِياء َّ ِ
َّللا ال َخ ْو ٌ ََْ
ودا َو َعَلى ُج ُنوِب ِه ْم﴾ سورة آل عمران ،اآلية.191، ﴿ َّال ِذين ي ْذ ُكرو َن َّ ِ
اما َوُق ُع ًَّللا قَي ً
َ َ َ ُ
تََرْوَن َها﴾ سورة الرعد ،اآلية.2 : ات ِب َغ ْي ِر َع َم ٍد
السماو ِ ﴿ َّ َّ ِ
َّللاُ الذي َرَف َع َّ َ َ
َّللاُ ِلَي ْغ ِف َر َل ُه ْم َوَال لَِي ْه ِدَي ُه ْم َ
ط ِريًقا﴾ سورة النساء، َ ظَل ُموا َل ْم َي ُك ِن
ذين َكَف ُروا َو َ َّ
﴿ ِإ َّن ال َ
اآلية.129 :
ِ ِ ِ النِب ِي ياأَيُّها َّال ِذين آمنوا ُّ
َّللاَ َوم َالِئ َكتَ ُه ُيصُّلو َن َعَلى َّ ِ
يما﴾
صلوا َعَل ْيه َو َسّل ُموا تَ ْسل ًَ َُ َ ّ َ َ َ ﴿ إ َّن َّ َ
سورة األحزاب ،اآلية.42 :
ِإَّنا أ َْن َزْلَناهُ ِفي َلْيَل ِة اْلَق ْد ِر﴾ سورة القدر ،اآلية.1 : ﴿
الد ْنَيا َو ْاآلَ ِخ َرةُ َخ ْيٌر َوأ َْبَقى﴾ سورة األعلى ،اآلية.17-12 :
اة َُّب ْل تُ ْؤِث ُرو َن اْل َحَي َ ﴿
َم ِري﴾ سورة طه ،اآلية .24 ِ ِ ر ِب ْ ِ
ص ْد ِري َوَي ّس ْر لي أ ْ اش َرْح لي َ َّ ﴿
ضوا َع ْن ُه﴾ سورة التوبة ،اآلية.100 : َّر ِ
َّللاُ َع ْن ُه ْم َوَر ُ
ضي َّ
َ
﴿
َس َال ٌم َق ْوالً ِم ْن َر ٍّب َر ِحيمٍ﴾ سورة يس ،اآلية.49 : ﴿
اس ُب ِح َس ًابا َي ِس ًيرا﴾ سورة االنشقاق ،اآلية-7 : ِ ِِ ِ
َما َم ْن أُوِت َي كتَ َاب ُه ِبَيمينه َف َس ْو َ
ف ُي َح َ ﴿ َفأ َّ
.9
ِ َفِإ َّن َّ ِ
ين﴾ سورة آل عمران ،اآلية.72 : َّللاَ ُيح ُّب اْل ُمتَّق َ ﴿
ُّون ُه ﴾ سورة المائدة ،اآلية.41 : ُّه ْم َوُي ِحب َ ِ ف َيأِْتي َّ ِ
َّللاُ بَق ْو ٍم ُيحب ُ َف َس ْو َ ﴿
اب َق ْو َس ْي ِن أ َْو أ َْدَنى﴾ سورة النجم ،اآلية.9 : ان َق َ َف َك َ ﴿
ُّ ِ ِ
َفَن َادى في الظُل َمات أَن َّال ِإَل َه ِإ َّال أ َ
َنت ُس ْب َح َان َك ﴾...سورة األنبياء ،اآلية.97 : ﴿
232
فهرس اآليات القرآنية.
ين﴾ سورة َّ ِ ِ ات أَن َّال ِإَله ِإ َّال أَنت سبحانك ِإِّني ُك ِ
الظلُم ِ
﴿ َفنادى ِفي ُّ
نت م َن الظالم َ
ُ َ ُْ َ َ َ َ َ ََ
األنبياء ،اآلية.97 :
ص ُار هللاِ﴾ سورة المائدة ،اآلية.112 : الح َواريُّو َن َن ْح ُن أ َْن َ
ال َ﴿ َق َ
ط ِرَقِت ُك ْم
ض ُك ْم ِب ِس ْح ِرِه َما َوَي ْذ َهَبا ِب َ
اكم ِمن أَر ِ
َن ُي ْخ ِر َج ُ ْ ْ ْ ان ُي ِرَد ِ
ان أ ْ
ان َلس ِ
اح َر ِ
َ
﴿ َقاُلوا ِإ ْن َه َذ ِ
اْل ُم ْثَلى﴾ سورة طه ،اآلية.23 :
ين َي َد ْي ِه َي ْه ِدي ِإَلى
﴿ َقالُوا َيا َق ْومَنا إََّنا س ِم ْعَنا َكتَ ًابا أ ُْن ِزَل ِم ْن َب ْع ِد موسى مص ِّد ًقا لِما َب ِ
َ ُ َ َُ َ َ
يق ُم ْستَِقيمٍ﴾ سورة األحقاف ،اآلية.30 : الح ِّق َو ِإَلى َ
ط ِر ٍ َ
اس َّال ِذي اس ِم ْن َش ِّر اْلوسو ِ
اس اْل َخَّن ِ
َ َْ اس ِإَل ِه َّ
الن ِ الن ِ اس ملِ ِك َّ َعوُذ ِب َر ِّب َّ
الن ِ ﴿ ُق ْل أ ُ
َ
اس﴾ سورة الناس ،اآلية.2-1 : اس ِم َن اْل ِجَّن ِة َو َّ
الن ِ الن ِ
ور َُّي َو ْس ِو ُس ِفي ص ُد ِ
ُ
﴿ ُق ِل َّللا ثُ َّم َذرهم ِفي خو ِ
ض ِه ْم َيْل َع ُبو َن﴾ سورة األنعام ،اآلية.91 : َْ ْ ُْ َ
َّللاُ َعَل ْي ِه َيتََوَّك ُل اْل ُمتََوِّكلُو َن﴾ سورة الزمر ،اآلية.39 :
﴿ ُق ْل َح ْسِبي َّ
َ
ش﴾ سورة قريش ،اآلية.1 : يال ِ
ف ُق َرْي ٍ ﴿ ِِإل َ
﴿ ّلِم ِن اْلمْلك اْليوم َِّلِلِ اْلو ِ
اح ِد اْلَق َّه ِ
ار﴾ سورة غافر ،اآلية.12 : َ َ ُ ُ َْ َ
آن َعَلى َجَب ٍل﴾ سورة الحشر ،اآلية .21 ﴿ َل ْو أ َْن َزْلَنا َه َذا اْلُق ْر َ
َّللاِ َآلَ ٍت﴾ سورة العنكبوت ،اآلية.4 : َج َل َّ ان َي ْرجو لَِقاء َّ ِ ِ
َّللا َفإ َّن أ َ َ ﴿ َم ْن َك َ ُ
ط ِريَق ًة ِإ ْن َلِب ْثتُم ِإ َّال َي ْو ًما﴾ سورة طه ،اآلية: ِ ﴿ َن ْح ُن أ ْ ِ
َعَل ُم ب َما َيُقولُو َن إ ْذ َيُق ُ
ول أ َْم َثلُ ُه ْم َ
.101
ك ِم َن ُّ
الد ْنَيا﴾ سورة القصص ،اآلية: ِ ِ َّللاُ َّ
الد َار اآلخ َرَة َوَال تَ ْن َس َنص َيب َ اك َيما أَتَ َ
ِ
﴿ َو ْابتَ ِغ ف َ
.77
﴿ َواتَِّب ُعوهُ َل َعَّل ُك ْم تَ ْهتَ ُدو َن﴾ سورة االعراف ،اآلية .149
يما﴾ سورة النساء ،اآلية.102 : َّللا َكان َغُف ا ِ
ور َرح ً
ً َّللاَ ِإ َّن َّ َ َاستَ ْغ ِف ِر َّ ﴿ َو ْ
ِ ِ َّللا َكِث ا َّ ِ ِ َّ ِ
يما﴾ سورة األحزاب ،اآلية.24 :
َج ًار َعظ ً َع َّد َّ
َّللاُ َل ُهم َّم ْغف َرًة َوأ ْ ير َوالذاك َرات أ َ ﴿ َوالذاك ِر َ
ين َّ َ ً
233
فهرس اآليات القرآنية.
231
فهرس األحاديث النبوية.
234
فهرس الشواهد الشعرية.
والشيـ ـ ـ ـ ـخ إلى كان كامـ ـل يبطش به * المـ ـ ـ ـ ـ ـ ـريد إلى أصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـف قلب يوص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل
والجه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل لو كان في حجر يرميه * سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر هللا ما ينجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم غيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر العـ ـ ـ ـ ـاقل
232
فهرس الشواهد الشعرية.
ثـن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي بالمالئك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة إلى قـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرب * تب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد باإللـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه وأتفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرق تحقيـ ـ ـ ـ ــق
والرس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـول إلى أقبل مول الكعـ ـ ـب * ربع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة كت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوب فافه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم تفري ـ ـ ـ ــق
والجح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد للش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاعر فيه الـ ـ ــدرب * واآلخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر إي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاك ثم فيها الضيـ ـ ـ ـ ــق
ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي جن ـ ـ ـ ـ ـ ــة الخلود يدخلها زرب * وال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـى مسل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ث ـ ـ ـ ـ ـم شهد بالتحقيـق
عل ـ ـ ـ ـ ـى صهوات المجد من غير مرية * إلي ـ ـ ـ ـ ـه انتهـ ـ ـ ـ ـ ـت رئاسـ ـ ـ ـ ـ ـة القوم فارتقى
وج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد بسيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرنا تف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــز بالمــودة * فك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن مقت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد بنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا وثق بكالمنـا
اللدنية
وقط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب نه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـى علمن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا ُ * فأوله ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ف ـ ـ ـ ـ ـي الذكر شمس وجودنا
بأفض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل من ذكر األسماء العظيمة * ومـ ـ ـ ـ ـا الحج والجهـ ـ ـاد من غير فرضنا
وتف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـويض وأم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر والشهـ ـود بمنة * وزه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـد وتسلي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم وعف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـو وعفـ ـ ـ ـ ـ ـة
لم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن يبغـ ـ ـ ـ ـي وصوال فافهم مقالتي * فص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدق ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـإن الص ـ ـدق أرفع رتبة
ول ـ ـوال كالم الصدق ما شيلت الحجب * ولم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا صدقنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا شيلت الحجب بيننا
وخاصت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه الم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـؤمنين بجمل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة * ونص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح لدي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن هللا ثـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم الرسول
إذا أضرم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـار لقتل السفاهة * وم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي بإص ـ ـ ـ ـ ـ ـالح قبائل فتنة
بإص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالح ذات البين عن شأن فتنة * وم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن يأم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر األعراب ثم األعاجم
ولكن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه بن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاء ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوم ته ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدم * وم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـان قي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـس هـ ـ ـ ـ ـلك واحد
وم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن خي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر أديـ ـ ـ ـ ـان البرية ديناً * وعرض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت دين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً ال مح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالة أنه
ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدالً م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن فم ـ ـ ـ ـ ـ ـي ففيه احتشام * ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا كاتب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاهلل قبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل يديه
لو تعلم الدار من قد جاءهـا فرحـت
واستبشـرت ثم بـاست موقـ ـ ـ ــع القـدم
وأنش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأت بلسـان الحـال قائـل ـ ـ ـ ـ ـ ــة
أهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـال وسهـال بأهل العلـم والكـرم
ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـذي س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـار في الورى وتسامى * سي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدي اب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن احمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد ذي المجد
دار ح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـول الحمـ ـ ـ ـى المنيع وحامي * بال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي غ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوث الـ ـ ـ ـورى الهمام لباغ
237
فهرس الشواهد الشعرية.
مق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل العي ـ ـ ــون بليله ـ ـ ـ ـ ـ ــا أن تهجــعا * منـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع القـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرآن بوعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــده ووع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيده
فهمـ ـ ـ ــا تـ ـ ـ ـ ــذل ل ــه الرق ـ ـ ـ ـ ـ ــاب وتخضعا * فهم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا عـ ـ ــن الم ـ ـ ـ ـ ـ ــلك الك ـريم كالمه
وسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـره م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر قضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء هللا * مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن الذ ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاهلل نجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ب ـ ـ ـ ــاهلل
ال حـ ـ ـ ـ ـ ــول لـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي فيهـ ـ ـ ـ ــا بغي ـ ـ ـ ـ ـ ــر هللا * هلل أنفل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــس جـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرت هلل
لسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت أنس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاه فأذك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـره * حاض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي القل ـ ـ ـ ـ ــب يعم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـره
ونصيبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي منـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه أوف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـره * فه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوالي ومعـ ـ ـ ــتم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدي
م ـ ـ ـ ـ ــا بي ـ ـ ـ ـ ـ ــن ًسم ـ ـ ـ ـ ــاري وفي خلوت ـ ـ ـ ــي * أب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدا بذكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرك تنقض ـ ـ ـ ـ ـ ــي أوقات ـ ــي
أنـ ـ ـ ـ ـ ــا واحـ ـ ـ ـ ـ ــد األح ـ ـ ـ ـزان بك لذات ـ ـ ـ ـ ـ ــي * ي ـ ـ ـ ـ ـ ــا واح ـ ـ ـ ـ ـ ــد الحس ـ ـ ـ ــن البديـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع لذات ــه
بجم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالك امت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــألت جميع جهاتي * وبحب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك انشغ ـ ـ ـ ـ ـ ــلت حواس ـ ـ ـ ـ ـ ــي مثلمـا
239
فهرس الشواهد الشعرية.
ووصلك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ريحانـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــها والـ ـ ـ ـ ـ ـراح * أبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدا ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــحن إلي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــكم األرواح
وال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى لذيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذ لقائـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــكم ترتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاح * وقلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوب أه ـ ـ ـ ـ ـ ــل ودادك ـ ـ ـ ـ ـ ــم تشت ـاقكم
س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر المحب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة واله ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوى فضاح * ورح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ــة للع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاشقـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ــن تكلفـ ـ ـ ـ ـ ـوا
ل ـ ـ ـ ـ ــو أن فيه ـ ـ ـ ـ ـ ــا هلكه ـ ـ ـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ـ ــا أقلع ـ ــت * روحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي إلي ـ ـ ـ ـ ـ ــك بكله ـ ـ ـ ـ ـ ــا قـد أجمعت
حتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى يق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال مـ ـ ـ ـ ـن البكاء تقطعت * تبك ـ ـ ـ ـ ــي علي ـ ـ ـ ـ ـ ــك بكلهـ ـ ـ ــا ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن كله ـ ـ ــا
وال دلي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل بـ ـ ـ ـ ــآيـ ـ ـ ـ ـ ــات وبـ ـ ـ ـ ـ ـ ــره ـ ـ ـ ــان * ل ـ ـ ـ ـ ـ ــم يب ـ ـ ـ ـ ـ ــق بينـي وبين الحق اثن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان
هـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذا توحـ ـ ــد توحيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدي وايمانـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي * ه ـ ـ ـ ـ ـ ــذا وج ـ ـ ـ ـ ـ ــودي وتصـريحي ومعتقدي
ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد أزه ـ ـ ـ ـ ــرت ف ـ ـ ـ ــي تالليها بسلطان * ه ـ ـ ـ ـ ـ ــل تجلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى بن ـ ـ ـ ـ ــور الـح ـ ـ ـ ـ ـ ــق نائــر
وأنتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ح ـ ـ ـ ــدث ينب ـ ـ ـ ـ ـ ــي عن أزم ـ ـ ـ ــان * ال يست ـ ـ ـ ـ ـ ــدل عل ـ ـ ـ ـ ـ ــى البـاري بصنعـ ـ ـتـ ـ ــه
وال قضيـ ـت من ص ـ ـ ـ ـ ـ ــدق حبك أوطاري * أم ـ ـ ـ ـ ـ ــوت وم ـ ـ ـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ــاتت إليك صبابتـ ــي
وان ط ـ ــال سقمي فيك أو طال إضراري * تحمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل قلبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ال أبـ ـث ـ ـ ــه
قبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل موت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أرى مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن رآك * ابـ ـ ـ ـ ـ ــق لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي مقـ ـ ـل ــة لعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلي ي ـ ــوم ــا
لعيـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي باللـ ـ ـ ـ ـ ــحظ ل ـ ـثـ ــم ث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراك * أيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن منـ ـ ـ ــي ما رمت؟ هيهات بل أين
ووجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــودي فـي قبضتي قلت هاك * وبشيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري لـ ـ ـ ـ ـ ــو جـاء من ـ ــك بعط ـ ــف
ل ـ ـ ـ ـ ـ ــي قرحي فهـ ـ ـ ــل ج ـ ــرى ما كـ ــفانـ ـ ــا * قـ ـ ــد كف ـ ـ ـ ـ ـ ــى مـ ـ ـ ــا جرى دما من جفـ ـ ـ ــون
أحسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن هللا فـ ـ ـ ــي اصطبـاري عزاك * كن ـ ـ ـ ـ ـ ــت تجفـ ـ ـ ــو وكان لي بعض صب ـ ــر
فمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرعى لغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـزالن ودي ـ ـ ـ ـ ــر لرهبان * لق ـ ـ ـ ـ ـ ــد ص ـ ـ ـ ـ ـ ــار قلبـي قابال كل صـ ـ ـ ـ ــورة
وألـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواح ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوراة ومصح ـف قـ ـرآن * وبي ـ ـ ـ ـ ـ ــت ألوثـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان وك ــعبـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ط ــائ ـ ــف
ركائب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه فالح ـ ـ ـ ــب دين ـ ـ ـ ــي وايمــاني * أدي ـ ـ ـ ـ ـ ــن ب ـ ـ ـ ـ ـ ــدين الحب أي ـ ـ ـ ـ ـ ــن توجهـ ــت
مزقـ ـ ــي عن وجهك اليان ـ ــع ،أسمال القنـ ـ ـ ــاع
وارفعـ ـ ــي الستر ،بـ ــال خوف على أي متاع
زادك النــور ،وفـ ــي دربك ينب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوع الشعاع
فانفذي فالس ـ ــر إن س ـ ـ ـ ـ ــرت على قيــد ذراع
واصرعي الموج ولو أقبلت من غير شراع
239
فهرس الشواهد الشعرية.
فنحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن بحم ـ ـ ـ ـ ـ ــد هللا نغترف منهم * فقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد دركنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا شيوخا فاضت بحورهم
فكله ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم كانـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا نجــوم ه ـ ـ ـ ــداي ـ ــة * شيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوخ قـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراءة وش ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــخ تـ ـربـ ـ ـي ـ ــة
وثانيهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم قاضين ـ ـ ـ ـ ــا أخ ـ ـ ـ ــوه المنفس * فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأولهـ ـ ـ ـ ـ ــم أبـ ـ ـ ـ ـ ــو عبيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد الـ ـ ـ ــمدرس
دمحم شافـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع ف ـ ـ ــي قـ ـ ـ ــوم قد آمنـ ـ ـ ـ ـوا * بلباليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــون أصـ ـ ـ ــال مـ ــن قـ ـ ـ ــوم ن ــصروا
ب ـ ـ ـ ـ ـ ــأرض ففزن ـ ـ ــا يا أخ ـ ـ ــي بالتزامهـ ـ ـ ــم * فلـ ـ ـ ــم يب ـ ـ ـ ــق عل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم نافــع غير علمهـ ـ ـ ــم
بمع ـ ـ ـ ـ ـ ـرفة مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواله رب أتحف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه * وشي ـ ـ ـ ــخ تربيـ ـ ـ ــة م ـ ـ ــن ش ـ ـ ـ ـ ــاعت أن ـ ـ ـ ـواره
شريـ ـ ـ ـ ــف تقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ناصـ ـ ــح ذو تفـ ـ ـن ــن * وذاك شـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــخ لنـ ـ ـ ـ ــا عـ ــي بن حس ـ ـ ــن
القط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب سليم ـ ـ ـ ــان من قصر وشنا * محـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـد عزي ـ ــزي من قصر تم ـرتنا كذا
فال نحتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاج لشيء من ذكر فضله * وك ـ ـ ـ ــل شي ـ ـ ــخ ذكـ ـ ـ ــرت فــاح في وقت ـ ـ ـ ـ ـ ــه
فاعرض ـ ـ ـ ـ ـ ــه علـى م ــن كان مختب ار لـه * فه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذا نظ ـ ـ ــم أتـ ـ ـ ـ ـ ــى وف ـ ــي مي ازن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه
من فيـ ـ ـ ـ ــض الكريم قـ ـد أتانا تفصيلـ ـ ـ ــه * فبحم ـ ـ ــد الم ـ ـ ــولـ ـ ـ ــى قد انتهى ما جمعته
أي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام فـ ـ ـ ـ ـ ــروح م ــع س ــرور مطـ ـل ــبي * بـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ــام (طمـ ـس ــش) م ــولـ ـ ـ ـ ـ ــد للـ ـنـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ــي
والتابعي ـ ـ ـ ـ ـ ــن له ـ ـ ـ ـ ــم إلى وقوع العطـ ــب * عليـ ـ ـ ـ ـ ــه ص ـ ـ ــالة هللا واألل وال ــصحـ ـ ـ ـ ـ ــب
ون ـ ـ ـ ـ ـ ــرجو مولى لنا يكون ست ار ضيفي * عبد الكـ ـ ـ ـريم قد أتـ ـ ـ ــى بثـ ـ ـ ــوب صيف ـ ـ ـ ــي
أت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى سائ ـ ـ ـ ـ ــال رب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه بالحب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــور * فقيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ذليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل بقل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب كس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــور
يق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــول ي ـ ــا ذا العظي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم الحليـ ـ ــم * ق ـ ـ ـ ــرعت فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي نشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدي ب ـ ـ ـ ـاب الكريـ ــم
تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدارك عبيـ ـ ــدا ف ـ ـ ـ ــي يوم ألف يوم * ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا رب يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا رب يا حـ ـ ـ ـي يا قي ـ ــوم
عبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ــد ضعي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف ق ـ ـ ـ ــوي الرج ـ ــا * تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواب رؤوف إلي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه التجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا
عليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم بج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال ذو قـ ـ ـ ــدر كبير * وقفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت بب ـ ـ ـ ـ ـ ــاب مـ ـ ـ ـ ـ ـوالي الكبي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر
خبيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر بما في الصدور بصيـ ـ ـ ــر * كبيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر علـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي حكيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم خبي ـ ـ ــر
ظهي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر نصي ـ ـ ـ ـ ــر لعب ـ ـ ـ ـ ــد حقيـ ـ ـ ـ ـ ــر * بصيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر بفعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل قـ ـ ـ ــوي ظهي ـ ـ ـ ــر
وبجمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع كت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب السمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء * ي ـ ـ ـ ــا رب بالصف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات بالسمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء
ومن ـ ـ ـ ــح لنا من خيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرك الهطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالء * اصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرف علين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا منهـ ـ ـ ـج البـالء
والص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالحين طـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ار والنقب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء * بج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاه األرسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال واألنبيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء
210
فهرس الشواهد الشعرية.
ووال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد وجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــألوالد * ي ـ ـ ـ ـ ـ ــارب بالبك ـ ـ ـ ـ ـ ــري ذي العمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد
كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ال يك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــون له ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم فسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد * اص ـ ـ ـ ـ ــرف عنـ ـ ـ ــا جن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــود ذي الجـ ـ ـراد
والح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي والقيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوم والصم ـ ـ ـ ـ ـ ــاد * وباسم ـ ـ ـ ـ ــك العظيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ذي السن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد
وبالشفيـ ـ ـ ـ ــع طـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ف ـ ـ ـ ـ ـ ــي العمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد * باألسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام البهجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة الجيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد
الصالحيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن األتقيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا األمجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد * ببين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا األميـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر واألسيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد
وبالم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالئك وباألوت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد * وبالنبييـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع األفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراد
وجمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع األقط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاب وبالزه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد * وبالوجيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه الغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوث والنض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد
فناولن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي كتابـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي اليمينـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا * وبالقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرآن مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــور وآي
تول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى دائمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا كن ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي معين ـ ـ ـ ـ ــا * ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذا بالغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوث واألقطـ ـ ـ ـاب طـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ار
ب ـ ـ ـ ـ ــه أه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل الواليـ ـ ـ ــة أجمعين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا * دعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوتك يا كريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم بمـ ـ ـا دعاك
لوجه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك يا رئ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيس األكرمين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا * تصيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرنـ ـ ـ ـ ـ ــي إذا فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي الناظرين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا
بجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاه األوليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء الكـ ـ ـ ـ ـ ــاملينـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا * وع ـ ـ ـ ـ ــن كـ ـ ـ ــرب القيامـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة حائدين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا
والخلف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وعمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر الخط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوب * بجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاه كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل نبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي والصحـ ـ ـ ــب
ف ـ ـ ـ ـ ــي مثله ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا زيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادة اإليمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـان * قـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـد علمن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ه ـ ـ ـ ـ ـ ــذه األيام
فيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد المخت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــار * شه ـ ـ ـ ـ ــر فيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه قد حلـ ـ ـ ــت األنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوار
تائبا يرجا نداك أنت المرجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـى لـ ـ ـ ــذاك * عبد الكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـريم أت ـ ـ ـ ـاك وقد جنا وعص ــاك
يريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـد منـ ـ ـ ـك عطاك ماله رب سـ ـ ـ ـواك * عبد الكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـريم ي ـ ـ ـ ـا عليـ ـ ـ ــا في عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالك
عبد الكري ـ ـم خميـ ـ ـ ــل وأنت رب جلي ـ ـ ـ ـ ـ ـل * عبد الكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـريم ذلي ـ ـ ـ ـل وأنت رب مـ ــأمول
عبد الكري ـ ـ ـ ـ ــم ذميـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم وأنت رب كريـ ـ ـ ـم * عبد الكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـريم حقي ـ ـ ـ ـر وأنت رب كبيـ ـ ـ ــر
قصـ ـ ـ ـ ـ ــده فيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـك قوي وأنت رب كري ـ ـ ـ ـم * عبد الكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـريم جهول وأنت نع ـ ـ ـ ـم الدليل
وقول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالم مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن رب رحي ـ ـ ـ ـم * تحصنـ ـ ـ ـ ـ ــت باسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم اإللـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه العظي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم
ّ
وفضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل اإلل ـ ـ ـ ـ ــه علين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا عطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــور * نأيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت بن ـ ـ ـ ـفس عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن دار الغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرور
211
فهرس الشواهد الشعرية.
وحس ـ ـ ـ ـ ـ ــب اإللـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ونعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم الوكيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل * صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرفت أمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوري لمولـ ـ ـ ـ ـ ـ ـى الجميـ ــل
في ختم نصل على يا وسين دنا قاب أي من حبيب قوسين
ع ـ ـ ـ ـ ــن رزقن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا امس ـ ـ ـ ــك فم الج ـ ـ ـ ـ ـ ـراد * يا مـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـك السمـ ـ ـ ـ ـ ــا بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـال عـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـد
لم ـ ـ ـ ـ ـ ــن المـ ـ ـ ـ ــلك للمولـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوك الثخـ ـ ـ ـ ـ ــام * يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوم يقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــول اإلل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه رب األنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام
م ـ ـ ـ ـ ـن ك ـ ـ ــروب أه ـ ـ ـ ـ ـ ـوال طول القي ـ ـ ـ ـام * فتصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــير إذاك سكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ار ني ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـام
أزل ع ـ ـ ـ ـن جسمنـ ـ ـ ـ ــا الضر الرص ـ ـ ـ ــينا * وي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن ض ـ ــر أيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوب شف ـ ـ ـ ـ ـ ــاه
حـ ـ ـ ـاط ذا نون رج بي في اآلمانين ـ ـ ـ ــا * ويـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي بط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن الحـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوت
أسبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــح كن ـ ـ ـ ـ ــت جنس الظالمين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا * بقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـولـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ال إل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه إال أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت
وم ـ ـ ـ ـن عدو شيطان ومن جن وانسان * ومن وسواس خناس ف ـي صدور من الناس
فناولن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي كتاب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي يد اليمينـ ـ ـا * وبالق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرآن م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـور وآي
212
فهرس األعالم.
فهرس األعالم:
األلــــــــــــــــف
إبراهيم التازي:
إبراهيم الدسوقي:
إبراهيم الرياحي:
إبراهيم بن أدهم:
ابن أب الزموري:
ابن آبى زيد:
ابن ابي بكر الحاج:
ابن أبي زيان:
ابن آجروم:
ابن آجلو:
ابن ّأد بن طانجة بن إلياس بن مضر:
ابن السماك:
ابن العربي التجاني:
ابن العربي:
ابن الفارض:
ابن الكوهني:
ابن باديس:
ابن حجر العسقالني:
ابن خلدون:
ابن دقيق العيد:
ابن رجب:
ابن سبعين:
213
فهرس األعالم.
211
فهرس األعالم.
217
فهرس األعالم.
219
فهرس األعالم.
إخوان الصفا:
األدبيلي:
إدريس السنوسي:
اإلدريسيون:
أدونيس:
األزهري:
آسان ياالسيوس:
أشرفي أوعلو:
أفالطون:
أكنسوس:
األلباني:
إليوت:
اإلمام مالك:
أدمحم بن عبد الرحمان بن أبي القاسم القشتولي األزهري:
أدمحم بن عبد الرحمان بن أبي زيان:
امحمـد فتحا:
األمير عبد القادر:
أمين الدين الكردي:
أمين يوسف عودة:
األوزاعي:
أوالد زيان وأوالد بوسحابة:
أوالد سيد الشيخ:
إيفان أغيلي:
إيكهارت (إليوت):
219
فهرس األعالم.
البــــــــــــــــــــــاء
بابا حيدة:
باش تارزي بقسنطينة:
باغمات عبد الرحمن بن عبد الكريم بن عبد الواحد بن يحيى بن عبد هللا الحزميري:
بالزاوية الكنتية الشيخ سيدي أحمد:
البخاري:
بدر شاكر السياب:
بدوي:
البسطامي:
بشر الحافي:
البشير بن دمحم بن دمحم العيد:
البكاي:
البكري بن عبد الكريم:
البكـ ـ ـ ــري:
البلباليون:
بلقاسم التودالي:
البلقيني:
بلوشيه:
بنو جابر:
بنو حماد:
بنو كومي:
البوصيري:
240
فهرس األعالم.
التــــــــــــــــــــاء
تقي الدين أبو دمحم عين الملك ابن الشيخ زين الدين رمضان األخالطي:
تقي الدين بن عمر الواسطي:
تقي الدين علي بن عبد الكافي بن علي السبكي:
التوهامي بن حمون الفاسي:
الجيــــــــــــــــــــــم
جحظة البرمكي:
جعفر الخلدي:
جعفر الخواص:
الجعفري الملقب (صاحب7حجات):
جالل الدين الرومي:
جالل الدين السيوطي:
جالل الدين الشعراني:
جمال الدين الحاج دمحم بوراس بن الناصر:
الجنرال لويس:
جنكى دوست موسى:
الجنيد البغدادي:
الجوهري:
الجيالني:
241
فهرس األعالم.
الحــــــــــــــاء
242
فهرس األعالم.
الخـــــــــــــــــــــاء
خرسان:
خلفاء الشيخ عبد القادر:
الخلفاء العباسيون:
خليل حاوي:
خوزستان:
الــــــــــــــــــــــــــــدال
داود الطائي:
الدرقاوي:
الــــــــــــــــذال
رابعة العدوية:
رزوق:
الرسول ملسو هيلع هللا ىلص:
رينيه غينون:
الـــــــــــــــــزاي
زكرياء األنصاري:
الزواوي:
243
فهرس األعالم.
السيـــــــــــــــن
241
فهرس األعالم.
سيد أحمد:
السيد أحمد البدوي:
سيد أحمد البكاي بودمعة بن سيد ادمحم الكنتي:
سيد أحمد الخليفـة بن عمر:
سيد أحمد والشيخ دمحم األمين:
سيد اعمر
سيد البكري بن عبد الكريم:
سيد الحاج بلقاسم:
سيد الحاج بو أدمحم:
سيد الحاج بولغيت:
سيد المختار الكنتي:
سيد ادمحم أبي نعـامة:
سيد أدمحم أبي نعامة بن عبد الرحمن:
سيد أدمحم لحبيب وسيد أحمد البكاي:
سيد عبد الرحمن بن سيد موسى:
سيدنا عبد الرحمن بن سيدنا أبي بكر الصديق:
سيدي إبراهيم:
سيدي أبي العباس المرسي:
سيدي احمادو:
سيدي أحمد:
سيدي أحمد البكاي:
سيدي أحمد الرقادي:
سيدي أحمد بن ديدي:
سيدي أحمد بن عقبة الحضرمي:
سيدي احمد بن دمحم الرقاد:
244
فهرس األعالم.
247
فهرس األعالم.
الشيـــــــــــــــــن
الشاذلي:
الشاطبي:
الشافعي:
الشبلي:
شرف الدين البصيري:
الشريف الرضي:
الشعراني:
شف الدين أبو عبد الرحمن عيسى:
شقيق البلخي:
الشلبي دلف بن جحدر:
شمس الدين الحنفي:
شمس الدين الدمياطي:
الشنطوفي:
شهاب الدين أحمد بن أبي بكر الرداد:
شهاب الدين السنباطي:
شهاب الدين السهروردي:
شوقي ضيف:
الشيخ محفوظ التواتي:
الشيخ إبراهيم الدسوقي:
الشيخ ابن العربي:
الشيخ أبو األنوار عبد الكريم التنيالني:
الشيخ أبو العباس أحمد التيجاني:
الشيخ أبو الفضل قاسم ابن دمحم القريشي القرطبي:
249
فهرس األعالم.
249
فهرس األعالم.
220
فهرس األعالم.
222
فهرس األعالم.
الضــــــــــــاد
الطالب الصديق:
الطاهر بن زيان بن سعيد المغربي:
الطوسي:
الطيب:
العيـــــــــــــــــــــــــــــن
العباس
عبد الجبار الفجيجي:
عبد الحميد بن باديس:
عبد الرحمان الثعالبي:
عبد الرحمن:
عبد الرحمن األزهري:
عبد الرحمن الجياللي:
عبد الرحمن السهلي:
عبد الرحمن المدني سيدي أبي أحمد:
عبد الرحمـن الهاملي:
عبد الرحمن بدوي:
عبد الرحمن بن دمحم:
عبد الرحمن بن دمحم بن علي:
عبد الرحمن بوفلجة الكرزازي:
عبد الرحيم القنائي:
223
فهرس األعالم.
عبد الرزاق:
عبد الرزاق القاشاني لعاصم إبراهيم الكيالي:
عبد السالم بن أحمد أوحمدون جسوس:
عبد السالم بن برجس العبد الكريم:
عبد السالم بن مشيش:
عبد العزير بن الهاشمي:
عبد العزيز الدباغ:
عبد العزيز الشريف بن الهاشمي:
عبد العزيز بن الشيخ الهاشمي:
عبد القادر ابن الشريف:
عبد القادر الجيالني:
عبد القادر الجيلي:
عبد القادر الفاسي:
عبد القادر بن أبي صالح موسى:
بن عبد هللا بن موسى الجون:
عبد القادر بن عمر الكنتي:
عبد القادر بن دمحم:
عبد القادر بن دمحم الفاسي:
عبد القادر بن دمحم بن سليمان بن أبي سماحة:
عبد القادر محمود:
عبد الكريم الجيلي:
عبد الكريم المغيلي:
عبد الكريم بن أحمد النفيل الفوتا جالوني:
عبد الكريم بن ثابت:
عبد الكريم بن عبد الملك القلعي البجائي:
221
فهرس األعالم.
224
فهرس األعالم.
222
فهرس األعالم.
الغيـــــــــــــــــــــــــــن
الغزالي:
غولدز يهر أو نيكولسن:
الفـــــــــــــــــــــــــــــــــاء
قا ار مصطفى:
قالون:
القرافي:
القشيري:
القلصادي:
القيروان بن نافع الفهري:
227
فهرس األعالم.
الكــــــــــــــــــــــــــــــاف
الكرخي:
الكشمخوي:
الكنتيون:
الــــــــــــــــــــــــــالم
اللة سياتة:
اللة فاطمة نسومر:
لويس غارديه:
لويس ماسينيون:
الليث بن سعد:
الميــــــــــــــــــــــــــــــم
دمحم الخيضري:
دمحم الدوالي:
دمحم الرقاد:
دمحم السرغيني:
دمحم الصغير:
دمحم الصغير بن الحاج:
دمحم الطيب بن عبد الرحيم:
دمحم العربي الدرقاوي:
دمحم العيد بن الحاج علي:
دمحم الغزالي:
دمحم الفاتح:
دمحم الفاسي الدرقاوي:
دمحم الفيتوري:
دمحم الكبير:
دمحم المهدي:
دمحم النفس الزكية:
دمحم الهادي بن عيسى السفياني:
دمحم الهاشمي الشريف بن إبراهيم بن أحمد:
دمحم بلكبير:
دمحم بن أبي بكر:
دمحم بن أبي زيان:
دمحم بن أت:
دمحم بن أحمد بن دمحم القيالوي:
دمحم بن أحمد بن دمحم كريم الدين الخلوتي:
دمحم بن إدريس الفاسي:
229
فهرس األعالم.
نازك المالئكة:
النفري:
نوح هاميم كيلر:
نيكلسون:
272
فهرس األعالم.
الهــــــــــــــــــــــــــــــاء
الهادي بن عيسى:
الهجويري:
الهروي:
هنري كوربان:
الــــــــــــــــــــواو
ورش:
الوزراء السلجوقيين:
الوصيفي:
اليــــــــــــــــــــــــــاء
اليافعي:
يحي القادري:
يحي بن معاذ:
يحيى بن دينار:
يحيى بن عمرو ابن عبد الجليل بن يحيى الحاحي:
يونس عليه السالم:
273
فهرس الطرق الصوفية.
األحمدية أو البدوية:
اإلدريسية:
األشرفية:
األكبرية:
األهذلية:
األوربية:
البـــــــــــــــــــــــــــــــاء
البرهانية الدسوقية:
البطاشية:
البعلية:
البكائية:
البكتاشية:
بكوردستان:
البيناوية:
التـــــــــــــــــــــــــــاء
التجانية:
الجيــــــــــــــــــــــم
الجزولية:
الجنيدية:
271
فهرس الطرق الصوفية.
الحــــــــــــــاء
الحزميرية أو األغماتية:
الحنصالية:
الحيحية:
الخـــــــــــــــــــــاء
الخالصية:
الخلواتية:
الخلوتية الرحمانية:
الخلوصية:
الـــــــــــــــــــــــــدال
الدرقاوية:
الدسوقية:
الـــــــــــــــــــــــراء
الرحمانية:
الرحيمية:
الرفاعية:
الرومية:
الـــــــــــــــــــــــزاي
الزروقية:
الزنجية:
الزيانية:
274
فهرس الطرق الصوفية.
السيـــــــــــــــن
السعدية:
السمانية:
السنوسية:
الشيـــــــــــــــــن
الشابية:
ّ
الشاذلية:
الشيخية:
الطـــــــــــــــــــــاء
الطيبية:
العيـــــــــــــــــــــــــــــن
العرابية:
العروسية القادرية:
العزوزية:
العالوية الدرقاوية الشاذلية:
العمارية:
العيساوية:
الفـــــــــــــــــــــــــــــــــاء
الفيومية:
272
فهرس الطرق الصوفية.
القــــــــــــــــــــــــــــاف
القادرية:
القادرية األكبرية:
القادرية الجيالنية:
القاسمية:
الكــــــــــــــــــــــــــــاف
الكاباشية:
الكر اززية:
الكركرية:
الكسنزانية:
الكورزمانية:
الميــــــــــــــــــــــــــــــم
المدنية:
المدينية:
المشرفية:
الموساوية:
النــــــــــــــــــــــــــــــون
النابلسية:
النقشبندية:
النونية الرفاعية الشافعية:
277
فهرس الطرق الصوفية.
الهــــــــــــــــــــــــــــاء
الهالسية:
الهندية:
الهندية النابلسية:
الـــــــــــــــــــــــــــواو
الوسالبية:
الوفائية:
اليـــــــــــــــــــــــــــــاء
اليافعية:
اليشروطية:
اليوسيفية:
279
فهرس زوايا الطرق.
زاوية باتنة:
زاوية باش تارزي بقسنطينة:
زاوية بسكرة:
الزاوية البكرية:
زاوية بلكبير:
زاوية بنزرت:
زاوية بني حماد:
زاوية بودة:
التــــــــــــــــــــاء
زاوية تسفاوت:
زاوية تلمسان:
زاوية تينالن:
الجيــــــــــــــــــــــم
زاوية الجديد:
زاوية جغبوب:
279
فهرس زوايا الطرق.
الحــــــــــــــــــــــاء
زاوية الدباغ:
الزاوية الدرقاوية الهبرية:
الزاوية الدالئية:
الـــــــــــــــــــــــراء
الزاوية الرحمانية:
الزاوية الرقادية:
الزوايا الرحمانية:
السيــــــــــــــــــــن
الزاوية السنوسية:
زاوية سوق أهراس:
زاوية سيد البكري:
ازوية سيد الحاج لحسن الشريف:
زاوية سيدي احمادو:
زاوية سيدي أحمد بن سيدي باحمو:
290
فهرس زوايا الطرق.
291
فهرس زوايا الطرق.
العيـــــــــــــــــــــــــــــن
زاوية القبائل:
زاوية قسنطينة:
زاوية القنادسة:
زاوية القيطنة:
الكــــــــــــــــــــــــــــــاف
الزاوية الكنتية:
الهــــــــــــــــــــــــــــــاء
زاوي َة الهامل:
زاوية الهبلة:
الـــــــــــــــــــــــــواو
زاوية الواجدة:
زاوية ودغاغ:
292
فهرس زوايا الطرق.
الميــــــــــــــــــــــــــــــم
زاوية مجاجة:
زاوية دمحم الطالب بن سليمان:
زاوية مراقن:
زاوية معسكر:
زاوية مالرة:
زاوية ملوكة
زاوية مهدية:
زاوية موالي سليمان بن علي:
زاوية موالي عبد هللا الرقاني:
زاوية ميمون:
293
فهرس األماكن والبلدان.
291
فهرس األماكن والبلدان.
إفريقيا الغربية:
إفريقيا الوسطى:
إفريقيا:
إفريقية(تونس):
أقبلي:
أقصى الشرق:
األقطار السودانية:
إقليم األزواد:
إقليم توات:
إقليم جيالن:
إقليم عين ماضي:
إكلي:
ألبانيا:
ألمانيا:
األمة الجزائرية:
األمة العربية اإلسالمية:
أندونيسيا:
األوراس:
أوروبا:
أوالد أوشن:
أوالد موسى:
آيت إسماعيل:
إيران:
إينغر:
294
فهرس األماكن والبلدان.
البــــــــــــــــــــــاء
باتنة:
بجاية:
برج باجي المختار:
بريطانيا:
بسكرة:
بغداد العاصمة العباسية:
البقاع المقدسة:
البالد اإلسالمية:
البالد اإلفريقية:
البالد التواتية:
البالد التونسية:
البالد الجزائرية:
بالد الشام:
البالد العربية:
بالد القبائل:
بالد المغرب العربي:
بالد المغرب:
البالد الموريطانية:
بالد الهند:
بالد توات:
بالد زواوة:
بالد فارس:
بني العباس:
292
فهرس األماكن والبلدان.
بني أمية:
بني تامر:
بني زروال:
بني عامر قرب تلمسان:
بواد نون بأقصى الصحراء:
بوبريح:
بودة:
بوسعادة:
بوسمغون:
بوعرادة:
البياضة:
البيض جنوب الجزائر:
التــــــــــــــــــــاء
تاغيت:
تافياللت:
تامرت:
تانت:
التراب الجزائري:
تركيا:
تشاد:
تطوان:
التكرور:
تل" أبو قبيس":
تلمسان:
297
فهرس األماكن والبلدان.
تيمادنين:
تماسين:
تمبكتو:
تمسنة:
تمنراست:
تمنطيط:
توات:
تونس العاصمة:
تونس:
تيديكلت:
تيليالن:
تيمي:
تيميمون:
تينزروفت:
تيهرت:
الجيــــــــــــــــــــــم
جامع الزيتونة:
جامع القرويين:
جامعة األزهر:
جانت:
جاوا:
جبال قصور:
الجبال:
الجبل األخضر:
299
فهرس األماكن والبلدان.
جبل الونشريس:
جبل بشار:
جبل عالم:
الجديد:
جرجرة:
الجزائر:
الجنوب الغربي من الصحراء:
الجنوب الغربي:
جنوب المغرب:
جنوب غرب البيض:
جنوب فاس:
جيالن:
الحــــــــــــــاء
الحجاز:
حمادة كير:
حواضر الشمال اإلفريقي:
حوض نهر النيجر:
الـــــــــــــــــــــــــدال
الدار البيضاء:
دار الضمانة:
دمشق:
دوار "الطورش:
299
فهرس األماكن والبلدان.
الـــــــــــــــــــــــراء
راشت:
الريف المغربي:
الـــــــــــــــــــــــزاي
الزاب:
الزاوية:
السيـــــــــــــــن
الساحل:
الساقية الحمراء:
سالي:
سبتة:
سجلماسة:
السنغال:
السودان:
السور الشرقي:
سوريا:
سوق أهراس:
سوماراتا:
السينيغال:
290
فهرس األماكن والبلدان.
الشيـــــــــــــــــن
شاذلة:
الشام:
شبه جزيرة البلقان:
شذولة:
شرق إفريقيا:
الشرق األدنى:
الشرق اإلسالمي:
الشرق الجزائري ووسطه:
الشرق الوهراني:
شرق ذراع الميزان:
شرقي توات:
الشلف:
شمال أدرار:
شمال إفريقيا:
الشمال الغربي للمغرب:
الشمال الغربي من إيران:
الشمال الغربي:
شمال المغرب:
شمال فكيك:
شمال نيجيريا:
291
فهرس األماكن والبلدان.
الصـــــــــــاد
صحراء الجزائر:
صحراء جنوب شرق مصر:
الصحراء:
الصومال:
الصين:
الطـــــــــــــــــــــاء
طرابلس الغرب:
طرابلس:
طولقة (بسكرة):
العيـــــــــــــــــــــــــــــن
العاصمة التونسية:
العاصمة الجزائرية:
العالم اإلسالمي:
العالم العربي:
العراق:
عرفات:
العريشة:
عزي:
العلوشية:
عنابة:
292
فهرس األماكن والبلدان.
عين الصفراء:
عين تموشنت:
عين صالح:
عين ماضي:
العيون الشرقية:
الغيـــــــــــــــــــــــــــن
غرب آسيا:
غرب إفريقيا:
غرب إفريقية:
الغرب اإلسالمي:
غرب الجزائر:
الغرب الجزائري:
غرب تونس:
غرب شرق إفريقيا:
غريس (معسكر):
غمارة المغربية:
غورو:
الفـــــــــــــــــــــــــــــــــاء
فاس:
فرنسا:
فزان:
فكيك:
فلسطين:
فنوغيل:
293
فهرس األماكن والبلدان.
القــــــــــــــــــــــــــــاف
القارة اإلفريقية:
القاهرة:
القبائل:
قبيلة توجين:
قبيلة غمارة:
قرية أبي سمغون:
الحامة:
ّ قرية
قرية أيت إسماعيل:
قرية بوعالوة بعرش آيت إسماعيل:
قرية سيدي موسى:
قسنطينة:
قشتولة:
قصبة دمحم الطيب بآدغا:
قصر آدغا توات:
قصر اغزر قو اررة:
قصر أقبلي تيدكلت:
قصر إقسطن قو اررة:
قصر الجديد توات:
قصر الساحلي:
قصر المطارفة قو اررة:
قصر الهبلة توات:
قصر الواجدة قو اررة:
قصر انزجمير:
291
فهرس األماكن والبلدان.
قصر ودغاغ:
القنادسة ( بشار):
قو اررة:
القيروان:
الكــــــــــــــــــــــــــــاف
كرزاز (بشار):
كنتة مدينة مبروك:
الكور:
كوردستان:
كوسام:
كوفرة:
الــــــــــــــــــــــــــالم
لغمارة:
ليبيا:
الميــــــــــــــــــــــــــــــم
مازونة:
مالي:
المدرسة النظامية:
مراكش:
مستغانم:
المسيلة:
292
فهرس األماكن والبلدان.
المشرق:
المشرية:
مصب وادي درعة:
مصر:
معسكر:
المغرب األقصى:
المغرب العربي:
المغرب الكبير:
المغرب:
مكة المكرمة:
مكناس:
موريطانيا:
ميلة:
النــــــــــــــــــــــــــــــون
نفطة:
نهر زوزفانة:
النيجر:
نيجيريا:
الهــــــــــــــــــــــــــــاء
همدان:
الهند:
297
فهرس األماكن والبلدان.
الـــــــــــــــــــــــــــواو
واحات توات:
الواحات:
واد الساورة:
واد الشب:
وادي الشلف:
وادي درعة:
وادي نون:
وازان (المغرب):
وآل صفوان:
وسط السودان وغربه:
وهران:
اليـــــــــــــــــــــــــــــاء
اليمن:
299
قائمة المصادر والمراجع.
ابن موسى الكرزازي سيدي أحمد :مخطوط المناقب الكر اززية (اللبانة .3
الرمزية لمريد المناقب المعزية) ،تحقيق :حسوني دمحم بن الكبير المشيشي االدريسي
المتواجد بأدرار قصر بودة ،مطبعة الريان ،الجزائر1219 ،ه2007/م
البكاي أحمد :فتح القدوس في جواب عبد هللا أكنسوس ،مركز أحمد بابا .1
مركز أحمد بابا ،تمبكتو تحت رقم 373ال يزال محفوظا.
.4التواتي عبد الرحمن بن عمر :مخطوط فهرسة أعالم توات ،خزانة كوسام.
.2الطاهري الشيخ موالي أحمد اإلدريسي :نسيم النفحات في ذكر جوانب
من أخبار توات ،مخطوط ،خزانة شاري الطيب ،كوسام.
حقائق الكبير الشيخ المختار :الكوكب الوقاد في فضائل المشائخ .7
األوراد ،الخزانة العبقاوية (مخطوط) أقبلي.
الكنتي الشيخ المختار :الجرعة الصافية ،مخطوط خزانة الشيخ باي .9
بلعالم أولف.
299
قائمة المصادر والمراجع.
300
قائمة المصادر والمراجع.
.9اب ن تيمية الحراني تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد
السالم :بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية أهل اإللحاد من
القائلين بالحلول واالتحاد [ أو السبعينية[ ،تح :موسى بن سليمان الدويش ،مكتبة العلوم
والحكم1122 ،ه2001/م
.10ابن تيمية :قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ،دار صادر( ،د.ط)،
بيروت( :د.ت).
.11ابن تيمية :مجموع الفتاوى ،مجمع الملك فهد لطباعة المصحف
الشريف( ،د.ط) ،الرياض ،المملكة العربية السعودية2001 ،م.
.12ابن حسين دمحم بن عبد الرحمان :الفتوحات اإللهية في نصرة التصوف
الحق الخالي من الشوائب البدعية ،كتاب -ناشرون ،الطبعة األولى ،بيروت:
1133ه2012-م.
.13ابن خلدون عبد الرحمن :المقدمة ،ط ،2دار القلم ،بيروت1992 :م.
.11ابن خلكان أحمد بن دمحم :وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان ،مما ثبت
بالنقل أو السماع أو أثبتته العيان ،تحقيق إحسان عباس ،خمسة أجزاء ،دار الثقافة،
بيروت1929 ،م.
.14ابن رجب :الذيل على طبقات الحنابلة ،تصحيح الشيخ دمحم حامد الفقي،
مطبعة السنة الدمحمية( ،د.ط) ،القاهرة( ،د.ت).
.12ابن عباد الصاحب اسماعيل :المحيط في اللغة ،مادة ذكر ،ط ،1تحقيق
دمحم حسن آل ياسين ،دار عالم الكتب ،بيروت ،لبنان1991 ،م.
.17ابــن عبــد هللا دمحم :الفــتح الربــاني فيمــا يحتــاج إليــه المريــد التيجــاني ،د.م:
مطبوعات الحاج عبد السالم د.ت.
301
قائمة المصادر والمراجع.
.19ابن عطاء هللا السكندري :لطائف المنن ،تح :عبد الحليم محمود ،ط،3
دار المعارف ،القاهرة2002 ،م،
.19ابن عياد الشافعي أحمد بن دمحم :المفاخر العلية في المآثر الشاذلية،
اعتنى به عاصم إبراهيم الكيالي ،دار الكتب العلمية ،الطبعة األولى ،بيروت2001 ،م.
.20ابن فارس بن زكريا أبو الحسين أحمد :معجم مقاييس اللغة ،تحقيق
وضبط عبد السالم هارون ،دار الجيل ،الطبعة األولى ،بيروت1111 :ه1991-م.
.21ابن فودي دمحم بلو بن عثمان :اتفاق الميسور في تاريخ بالد التكرور،
تحقيق علي عبد العظيم ،دمحم أبو المجد طه دمحم الساكت ،معهد البحوث والدراسات
اإلفريقية ،القاهرة1393 ،هـ1921-م.
.22ابن كثير أبو الفداء إسماعيل :تفسير القرآن العظيم ،دار الثقافة للنشر
والتوزيع ،الجزائر1990 ،م.
.23ابن منظور :لسان العرب ،طبعة مراجعة ومصححة ،مج ،4دار
الحديث ،القاهرة2013 ،م.
.21ابن ميمون الجزائري دمحم :التحفة المرضية في الدولة البكداشية في بالد
الجزائر المحمية ،تحقيق الدكتور دمحم بن عبد الكريم ،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع،
(د.ط) ،الجزائر1972 ،م.
.24أبو ريان دمحم علي :الحركة الصوفية في اإلسالم ،دار المعرفة الجامعية،
اإلسكندرية-مصر2003 ،م.
.22أبو زيد الشيخ فوزي دمحم :األجوبة الربانية في األسئلة الصوفية ،دار
اإليمان والحياة ،الطبعة األولى ،القاهرة1132 ،ه2011-م.
.27األزهري دمحم بن عبد الرحمن :دفتر الدفاتر ،مجموع رسائله مخطوطة
بزاوية طولقة.
302
قائمة المصادر والمراجع.
303
قائمة المصادر والمراجع.
.39بك ــري عب ــد الحمي ــد :سلس ــلة علم ــاء تـ ـوات ،دار الغ ــرب للنش ــر والتوزي ــع،
وهران 2009م.
.10البلبالي دمحم فتحا بن محـمد بن محمـد عبد الكريم :القنديل العالي ،إضاءة
من حياة الشيخ عبد الكريم البلبالي ،دار صبحي للطباعة والنشر ،غرداية2011 ،م.
.11بلعالم الشيخ دمحم باي :أهداف نشأة الزوايا وواقعها في المنطقة ،د .م :د.
ن ،د .ت.
.12بن عمارة دمحم :األثر الصوفي في الشعر العربي المعاصر ،شركة النشر
والتوزيع ،المدارس ،ط ،1الدار البيضاء2001 ،م.
.13بن عمارة دمحم :الصوفية في الشعر العربي المعاصر –المفهوم والتجليات،
شركة النشر والتوزيع ،الطبعة األولى ،المغرب2001 :م.
.11بن قيسي أحمد :كتاب خلع النعلين واقتباس النور من موضع القدمين،
دراسة وتحقيق :دمحم األمراني ،الدراسة ،آسفي1997 ،م.
.14بوحسون بوفلجة ،تاريخ ال ينسى ،الجزائر1992 ،م.
.12بوعزيز يحي :أعالم الفكر والثقافة في الجزائر المحروسة ،ط ،1دار
الغرب اإلسالمي ،بيروت1994 ،م ،ج ،2ص .140وانظر:
.17بونابي الطاهر :التصوف في الجزائر خالل ق 2و7ه 12/و13م،
دار الهدى( ،د.ط) ،عين مليلة.2001 ،
.19التادفي الشيخ دمحم بن يحيى :قالئد الجواهر في مناقب الشيخ عبد القادر
مطبوع مع "سر األسرار" المنسوب للجيلني( ،د.ط) ،بيروت( ،د.ت).
.19التجاني دمحم العربي بن دمحم السائح :بغية المستفيد لشرح منية المريد،
دار الكتب العليمة ،بيروت-لبنان.2007 ،
301
قائمة المصادر والمراجع.
304
قائمة المصادر والمراجع.
302
قائمة المصادر والمراجع.
307
قائمة المصادر والمراجع.
309
قائمة المصادر والمراجع.
309
قائمة المصادر والمراجع.
.103الصغير دمحم :تعطير األكوان بنشر شذا نفحات أهل العرفان ،المطبعة
الثعالبية لصاحبها أحمد بن مراد التركي ،الجزائر1912 ،م.
.101ضيف شوقي :العصر العباسي الثاني ،ط ،2دار المعارف ،مصر،
د.ت.
.104طالبي عمار :ابن باديس حياته وآثاره ،دار اليقظة العربية ،الطبع
األولى ،بيروت1929 ،م.
.102الطبري أبو جعفر بن جرير :جامع البيان ،دار المعرفة ،بيروت،
لبنان1992 ،م.
.107طواهرية عبد هللا :امتاع القراء بشرحي الياقوتة والحضرة الغراء ،نظم
العالمة الشيخ أبي دمحم سيدنا عبد القادر بن دمحم بن سليمان بن أبي سماحة البكري
الصديقي(ت1024هـ1212/م)،ط ،2منشورات دار األديب ،وهران2009 ،م.
.109الطوسي أبو نصر السراج :اللمع في تاريخ التصوف اإلسالمي،
ضبطه وصححة كامل مصطفى الهنداوي ،ط ،1دار الكتب العلمية ،بيروت2001 ،م.
.109طوهرية عبد هللا :تذكرة الخالن في مناقب العالمة الشيخ سليمان بن
أبي سماحة ،المطبعة العربية ،غرداية.2002 ،
.110عبد الرزاق ابراهيم عبد هللا :أضواء على الطريقة الصوفية في القارة
اإلفريقية ،د .م ،مكتبة مدبولي.1990 ،
.111عبد السالم بن برجس العبد الكريم :المشروع والممنوع من التوسل.
.112عرجون دمحم الصادق ،التصوف اإلسالمي ،منابعه وأطواره ،طبعة
الكليات األزهرية ،د ت.
310
قائمة المصادر والمراجع.
.113العسقالني أحمد بن علي بن حجر :فتح الباري ،رقم كتبه دمحم فؤاد
عبد الباقي ،صححه محب الدين الخطيب ،دار المعرفة للطباعة والنشر ،د.ت،
بيروت ،لبنان.
.111العطار عبد الكريم :تاريخ الطريقة التجانية المشرقة في البالد
المصرية ،القاهرة( ،د.ت).
.114العطاس السيد عبد هللا بن علوى بن حسن :ظهور الحقائق في بيان
اللطائف ،مطبعة بكراز حسنى( ،د.ط) ،القاهرة1312 :ه.
.112عفيفي أبو العالء :التصوف الثورة الروحية في اإلسالم ،دار
المعارف ،اإلسكندرية1923 :م.
.117العقبي صالح مؤيد :الطرق الصوفية والزوايا بالج ازئر تاريخها
ونشاطها ،دار البراق( ،د.ط) ،بيروت2002 ،م.
.119عمر كامل عبد هللا :التصوف بين اإلفراط والتفريط ،دار ابن حزم،
الطبعة األولى ،بيروت2001 :م.
.119عميراوي أحميدة :رسالة الطريقة القادرية في الجزائر ،دار الهدى
للطباعة والنشر ،الجزائر(د.ت).
.120عني قاسم :تاريخ التصوف اإلسالمي ،ترجمه عن الفارسية صادق
نشأت ،مكتبة النهضة المصرية( ،د.ط) ،القاهرة( :د.ت).
.121العيثي دمحم :عبد القادر الجيالني ،شيخ كبير من صلحاء اإلسالم،
ترجمة :دمحم حجي ودمحم األخضر ،دار الثقافة ،الدار البيضاء1993 ،م.
.122غارديه لويس :أثر اإلسالم في العقلية العربية ،ترجمة خليل أحمد
خليل ،ط ،1دار الفكر اللبناني ،بيروت1992 ،م.
311
قائمة المصادر والمراجع.
.123الغبريني أبو العباس أحمد بن أحمد :عنوان الدراية بمن عرف من
العلماء في المائة السابعة ببجاية ،تحقيق رابح بونار ،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع،
الطبعة األولى ،الجزائر1971 ،م.
.121الغريسي دمحم بن دمحم المعروف باألعرج :تسهيل المطالب لبغية
الطالب ،منشور ضمن كتاب مجموع النسب والحسب والفضائل والتاريخ واألدب في أربع
كتب ،بلهاشمي بن بكار ،مطبعة ابن خلدون( ،د.ط) ،تلمسان1391 ،ه1921-م.
.124الغزالي أبو حامد :إحياء علوم الدين ،طبعة القاهرة( ،د.ط) ،القاهرة:
1331ه.
.122غيتاوي الشيخ موالي التهامي :الدرر النفيسة في ذكر جملة من حياة
الشيخ سيدي أحمد بن موسى ،دار هومة ،الجزائر2011 ،م.
.127غيتاوي الشيخ موالي التهامي :الضوء المستنير في معرفة الشيخ
سيدي دمحم بن الكبير ،المؤسسة الوطنية لالتصال والشر واإلشهار ،رويبة ،الجزائر
2001م.
.129غيتاوي الشيخ موالي التهامي :منجد الولهان في معرفة ومآثر الشيخ
سيدي دمحم بن أبي زيان قدس هللا روحه ،دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع ،عين
مليلة -الجزائر( ،دت).
.129الفاسي عالل :التصوف اإلسالمي في المغرب ،مطبعة الرسالة،
(د.ط) ،الرباط( ،د.ت).
.130فؤاد عبد الباقي دمحم :المعجم المفهرس أللفاظ القرآن الكريم ،دار الفكر
للطباعة والنشر والتوزيع ،الطبعة الثانية ،بيروت1111 :ه.1991 -
.131فياللي مختار الطاهر :نشأة المرابطين والطرق الصوفية وأثرهما في
الجزائر خالل العهد العثماني ،دار الفن القرافيكي ،الطبعة األولى ،باتنة( ،د.ت).
312
قائمة المصادر والمراجع.
313
قائمة المصادر والمراجع.
.112الكتاني دمحم بن جعفر :سلوة األنفاس ومحاذاة األكياس فيمن قبر من
العلماء والصلحاء بفاس ،ج ،1طبعة حجرية ،المكتبية الوطنية الجزائرية ،تحت رقم .94
.113الكمشخانوي ضياء الدين أحمد بن مصطفى بن عبد الرحمن
النقشبندي المجددي الخالدي :جامع األصول في األولياء ويليه متممات كتاب جامع
األصول في األولياء وأنواعهم ،تحقيق وتعليق المزيدي أحمد فريد ،دار الكتب العلمية،
الطبعة األولى ،بيروت1123 :ه2002-م.
.111الكمشخاوي أحمد :جامع أصول األولياء وأنواعهم وأوصافهم وأصول
كل طريقة ،المطبعة الوهبية1299 ،ه.
.114الكنتي الشيخ باي :النوازل ،خزانة زاوية الكنتاوي ،زاوية كنتة أدرار.
.112كوربان هنري :تاريخ الفلسفة اإلسالمية ،ترجمة نصير مروة وحسن
قبيسي ،راجعه وقدم له اإلمام موسى الصدر واألمير عارف تامر ،ط ،3منشورات
عويدات ،بيروت1993 ،م.
.117الكولخي ابرهيم نياس :البيان والتبين عن التيجانية والتيجانيين ،ط ،2
مكتبة كوالك ( ،السنغال)( ،د.ت).
.119ماء العينين :فتح البدايات وتوصيف النهايات ،القاهرة :شركة الطباعة
الفنية المتحدة ،د.ت.
.119محفوظ علي :اإلبداع في مضار االبتداع ،دار المعرفة للطباعة
والنشر ،بيروت ،لبنان1942 ،م.
.140دمحم قاسم عبد الحكيم عبد الغني :المذاهب الصوفية ومدارسها ،مكتبة
مدبولي( ،د.ط)1999 ،م .الشعراني عبد الوهاب :الطبقات الكبرى المسماة لواقح
األنوار في طبقات األخيار ،تحقيق خليل المنصور ،دار الكتب العلمية ،الطبعة
األولى ،بيروت1997،م.
311
قائمة المصادر والمراجع.
.141محمود عبد الحليم :أبو الحسن الشاذلي ،دار الكتاب العربي للنشر
والطباعة( ،د.ط) ،سلسلة أعالم العرب ،العدد1927 ،29 :م.
.142محمود عبد القادر :الفلسفة الصوفية في اإلسالم ،دار الفكر العربي،
الطبعة األولى ،بيروت1972 ،م.
.143مخلوف دمحم :شجرة النور الزكية في طبقات علماء المالكية ،ج،1
المطبعة السلفية ومكتبتها ،القاهرة1319 ،ه.
.141المدني أحمد توفيق :كتاب الجزائر ،دار المعارف ،الطبعة الثانية،
القاهرة1923 ،م.
.144المدني أحمد توفيق :هذه الجزائر ،دار البصائر ،الجزائر2009 ،م.
.142المديوني دمحم بن دمحم بن أحمد المليتي :البستان في ذكر األولياء
والعلماء بتلمسان ،تحقيق دمحم بن أبي شنب ،المطبعة الثعالبية( ،د.ط) ،الجزائر:
1322ه1909-م.
.147المراكشي أبو عبد هللا دمحم بن دمحم بن عبد الملك األنصاري :الذيل
والتكملة لكتابي الموصول والصلة ،تحقيق إحسان عباس ،دار الثقافة( ،د.ط) ،بيروت،
(د.ت).
.149مروى حسين :النزعات المادية في الفلسفة العربية اإلسالمية ،ط،3
ج ،2دار الفرابي ،بيروت1990 ،م.
.149مفتاح عبد الباقي :أضواء على الشيخ أحمد التجاني وأتباعه ،دار
الوليد للنشر( ،د.ط) ،الوادي الجزائر( ،د.ت).
.120المكي أبو طالب :قوت القلوب في معاملة المحبوب ،دار الفكر ،ط/؟.
.121الميهني دمحم بن المنور :أسرار التوحيد في مقامات أبي سعيد ،ترجمة
سعاد قنديل ،الدار المصرية للتأليف والنشر( ،د.ط) ،القاهرة( :د.ت).
314
قائمة المصادر والمراجع.
312
قائمة المصادر والمراجع.
317
قائمة المصادر والمراجع.
الخطيب دمحم الهاشم ":النصيحة اإلسالمية إلى المخدوعين بالتجانية ". .3
مجلة الفتح ،عدد ،109السنة .1931 ،09
سعد أشرف" :العهد عند الصوفية" ،مجلة البحوث والدراسات الصوفية، .1
تصدر عن المركز العلمي الصوفي بالعشيرة الدمحمية ،القاهرة ،العدد الثاني :جمادى
اآلخرة 1127ه-يونيه 2002م.
.4سعيدوني ناصر الدين " :ثورة ابن األحرش بين التمرد المحلي واالنتفاضة
الشعبية" ،مجلة الثقافة ،الجزائر -العدد ،79نوفمبر /ديسمبر1993 ،م.
عبد الظاهر حسن عيسى" :الشيخ عبد القادر الجيالني" ،مجلة الدوحة، .2
عدد ،112الدوحة ،قطر ،أغسطس آب 1994م.
علي وهبة توفيق" :اإلسالم والتصوف" ،مجلة البحوث والدراسات .7
الصوفية ،تصدر عن المركز العلمي الصوفي بالعشيرة الدمحمية ،القاهرة ،العددان الثالث
والرابع :جمادى اآلخرة1129/1129 :ه.
.9عميراوي احميدة ":الطرق الصوفية " ،مجلة مسالك ،تصدر عن مؤسسة
األمير عبد القادر ،العدد 03ديسمبر .1999
عودة أمين يوسف" :في أصل مصطلح التصوف وداللته" ،مجلة .9
البحوث والدراسات الصوفية ،تصدر عن المركز العلمي الصوفي بالعشيرة الدمحمية،
القاهرة :العدد األول :شهر جمادى اآلخرة 1131ه -أغسطس 2003م.
.10القادري عبد القادر " :نشر اإلسالم والثقافة العربية في غرب وشرق
إفريقيا ومقاومة التبشير واالستعمار" ،دعوة الحق ،عدد خاص حول إفريقيا ،ع
1999(229.م).
.11القادري عبد القادر" :الزاوية القادرية ودورها الديني واالجتماعي"( ،مقالة
بمجلة صوت الحق-المغرب العربي).
319
قائمة المصادر والمراجع.
.12القطان المختار إبراهيم " :من أقوال التيجاني " ،مجلة الفتح ،العدد
.1933 ،399
سادساً :الملتقيات:
الكنتي ادمحم الرقادي :الزاوية الكنتية الرقادية ودورها في نشر العلم .1
والمعرفة وايواء الضيوف ،الملتقى الوطني األول حول الزوايا ،أدرار ،ماي .2000
دمحم الشـ ـريف سيدي موس ـ ــى" :جـ ــذور التصـ ـ ــوف ببـ ــالد الم ـ ــغرب .2
والجـ ـ ـ ـزائر" ،الن ـ ــدوة الفك ـ ـرية الخامسة للشيـ ـ ــخ دمحم العـ ــدواني ،ال ـ ـ ـوادي–01 :
2000/03/02م.
.3موهوب ناصر الدين" :الزاوية النموذجية في األلفية الثالثة" ،الملتقى
الوطني األول للزوايا ،و ازرة االتصال والثقافة وو ازرة الشئون الدينية ،الجزائر ،من 01
إلى 03ماي 2000 -م.
319
فهرس الموضوعات.
فهرس الموضوعات
الصفحة الموضوع
اإلهداء
الشكر والعرفان
أ مقدمة
29-1 مدخل:
الفصل األول :الفكر الصوفي والطرق الصوفية في الجزائر :مقاربة في
30
الحقيقة والنشأة.
32 )1مفهوم التصوف.
32 أ -تعريف التصوف لغة.
34 ب -تعريف التصوف اصطالحا.
39 )2مفهوم الطريقة.
39 أ -تعريف الطريقة لغة.
39 ب -تعريف الطريقة اصطالحا.
12 )3التصوف اإلسالمي :نشأته وأعالمه.
13 أ -مراحل نشأة التصوف اإلسالمي.
12 ب -بعض أعالم التصوف اإلسالمي وألقابهم وأهم مؤلفاتهم.
42 )1الطرق الصوفية :حقيقتها ونشأتها وأهم أعالمها.
20 )4ظهور وانتشار الطرق الصوفية في الجزائر.
21 * الطريقة القادري ـ ـ ـ ـ ــة.
79 * الطريقة الشاذلي ـ ـ ـ ــة.
321
فهرس الموضوعات.
322
فهرس الموضوعات.
323