You are on page 1of 4

‫عقد النقل الدولي البحري‬

‫يعد النقل البحري الوسيلة المثلى لتحقيق التواصل التجاري بين الدول‪ ،‬بالنظر لما يحققه من مزايا قياسا بوسائل النقل األخرى‪ ،‬ذلك أن‬
‫عقد النقل البحري الدولي هو عقد يتعهد بمقتضاه الناقل بأن ينقل بضائع عن طريق البحر من ميناء آلخر مقابل أجر ‪ ،‬ويكتسي هذا‬
‫الموضوع أهمية نظرية تتجلى فاإلسهاي أن هذا الموضوع قد حضي باهتمام الكثير من فقهاء القانون والممارسين‪ ،‬مما ساهم في أغناء‬
‫الموضوع بدراساتهم‪ ،‬وأخرى عملية إذ أن عمليات التبادل التجاري تعد أساس الحياة االقتصادية بين الدول‪.‬‬
‫هذا ولقد تصاعدت أهمية النقل البحري للبضائع باتساع العمليات القانونية المرتبطة بها‪ ،‬خصوصا تلك المتعلقة بالبيوعات البحرية‬
‫الدولية‪ ،‬وفي هذا اإلطار تم تبني اتفاقية دولية من طرف منظمة األمم المتحدة للتجارة والتنمية بتاريخ ‪ 16‬أبريل ‪ ،1974‬التي يرجع لها‬
‫الفضل في وضع قاعدة ‪ 20-40-40‬المتعلقة بالتوزيع العادل لخدمات النقل البحري بين الدول ‪.‬‬

‫تقتضي طبيعة الموضوع أن نقسمه إلى مبحثين‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬اإلطار القانوني لعقد النقل البحري الدولي‬


‫المطلب األول‪ :‬اتفاقية بروكسيل وبرتوكولها_‬
‫المطلب الثاني‪ :‬قواعد هامبورغ لسنة ‪1978‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬دورعقد النقل البحري الدولي في المعامالت التجارية الخارجية‬
‫المطلب األولىأهمية عقد النقل البحري الدولي‬
‫المطلب الثاني‪ :‬قواعد هامبورغ من خالل االجتهاد القضائي‬

‫المبحث األول‪ :‬اإلطار القانوني لعقد النقل البحري الدولي‬


‫يطابق النقل البحري عمليا التجارة الخارجية للبلد‪ ،‬ذلك أن المبادالت التجارية الخارجية غالبا ما تتم عبر البحر الذي يلعب دورا فعاال في‬
‫تنمية اقتصاد بلد ما‪ ،‬ويلعب عقد النقل البحري الدولي دورا هاما في نمو المبادالت التجارية الخارجية‪ ،‬فما هو اإلطار القانوني الدولي‬
‫لهذا العقد؟‬
‫المطلب األول‪ :‬اتفاقية بروكسيل وبرتوكولها_‬
‫شكلت اتفاقية بروكسيل لسنة ‪ 1924‬اإلطار القانوني لوضع حد للنزاع الذي يمكن أن ينشأ بين الناقل والشاحن‪ ،‬وذلك لتجاوز بعض‬
‫الشروط المجحفة التي يمليها الناقل على الشاحن‪ ،‬حيث دخلت هذه االتفاقية حيز التطبيق في ‪ 2‬يونيو ‪ ،1931‬وصادقت عليها عدة دول‪،‬‬
‫إال أن المغرب لم ينضم إليها ‪.‬‬
‫ينحصر مجال تطبيق االتفاقية المذكورة على العالقات والمعامالت ذات الطابع الدولي‪ _،‬وتضم عشرة مواد حيث تقتضي المادة األخيرة‬
‫منها‪ ،‬على أن أحكام هذه المعاهدة تسري على كل وثيقة شحن تصدر في إحدى الدول المتعاقدة‪ ،‬وهذا يعني أن تطبيق أحكام هذه االتفاقية‬
‫يتوقف على وجود سريان أحكامها على النقل البحري‪ ،‬ويتمثل هذا في مكان إصدار وثيقة الشحن التي يجب أن تصدر في إحدى الدول‬
‫المتعاقدة ‪.‬‬
‫وفقا للمادة الخامسة من برتوكول بروكسيل الموقع في ‪ 23‬فبراير ‪ 1968‬من طرف ‪ 22‬دولة‪ ،‬ويحدد الفصل الخامس من برتوكول‬
‫االتفاقية المشار إليه سلفا‪ ،‬مجال تطبيقها على كل سند نقل البضائع بين الموانئ الخاضعة لدولتين مختلفتين وذلك عندما يصدر السند‬
‫من دولة موقعة على االتفاقية أو عندما يقع النقل في الذهاب من ميناء دولة موقعة على االتفاقية ونفس الشيء يسري على سند الشحن‬
‫الذي يتضمن مقتضيات االتفاقية أو أية قوانين مطبقة لمقتضياتها‪ ،‬وذلك مهما كانت جنسية السفينة أو الشاحن المرسل إليه أو أي‬
‫شخص آخر يهمه األمر‪ ،‬وهذا ما يسمى بشرط البارامونت ‪ ،clause paramont‬وهكذا نص بروتوكول اتفاقية بروكسيل لسنة‬
‫‪ 1968‬من خالل مادته الخامسة على توسيع نطاق تطبيقها‪.‬‬
‫ويالحظ أن قواعد اتفاقية بروكسيل والبرتوكول المنفذ لها حصر مفهوم البضائع في األموال واألشياء والبضائع من أي نوع كانت‬
‫باستثناء الحيوانات الحية والمشحونات التي يذكر في عقد النقل أن نقلها يكون على ظهر السفينة وتكون قد نقلت فعال ‪ ،‬ويرتبط النقل‬
‫البحري الدولي بالبيوع البحرية‪ ،‬وبالخصوص البيع ‪ CIF‬أو ‪ ، CAF‬وذلك لسببين يتجلى أولهما في كون وثيقة الشحن تعد أداة من‬
‫ضمن األدوات األساسية الالزمة لنقل حيازة البضائع من البائع إلى المشتري باإلضافة إلى الحقوق التي تخولها للناقل‪ ،‬أما السب الثاني‬
‫فيتجلى في اعتبار سند الشحن أداة أساسية إلثبات التزامات الشاحن والناقل‪ ،‬كما أنه من الصعب على المشتري في عقد البيع ‪ CAF‬أو‬
‫‪ CIF‬التعاقد على نقل بضاعة أو التأمين عليها إذا لم يكن له ممثل في ميناء الشحن‪ ،‬وذلك ضد مخاطر النقل البحري‪ ،‬ذلك أن البائع‬
‫يتحمل بالعديد من االلتزامات من بينها دفع أجرة نقل البضاعة للناقل المتفق عليها وفقا للشروط المعتادة في ميناء القيام‪.‬‬
‫ورغم ما تضمنته اتفاقية بروكسيل وبرتوكولها التنفيذي من مزايا في تطوير التجارة الدولية‪ ،‬فقد شابها القصور فيما يخص تحديد‬
‫مسؤولية الناقل البحري عن التأخير في تسليم البضائع‪ ،‬وذلك بالنظر لما تتطلبه التجارة من ضرورة السرعة ودقة المواعيد‪ ،‬خصوصا‬
‫إذا كانت البضائع من النوع الذي يلعب فيها الزمن دورا أساسيا في جودتها وتقلبات أثمانها (ورود‪ ،‬بن‪ ،‬عطور)‪ ،‬هذا ما حاولت اتفاقية‬
‫هامبورغ لسنة ‪ 1978‬تداركه‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اتفاقية هامبورغ‬
‫ساهمت اتفاقية هامبورغ الصادرة عن هيئة األمم المتحدة سنة ‪ ،1978‬والمتعلقة بنقل البضائع بحرا في تطوير وتحديث قواعد القانون‬
‫البحري لمختلف التشريعات وذلك استجابة لمتطلبات الدول السائرة في طريق النمو‪ ،‬وتماشيا مع التطورات االقتصادية والتكنولوجيا‬
‫التي شهدها القرن العشرين محاولة بذلك تفادي النواقص التي شابت اتفاقية بروكسيل وبرتوكولها لسنة ‪.1968‬‬
‫ولقد انضم المغرب إلى هذه االتفاقية في فاتح نوفمبر ‪ ، 1992‬أما قبل ذلك فقد كان عقد النقل البحري يخضع لمقتضيات ظهير ‪ 31‬مارس‬
‫‪ 1919‬وللظهائر الملغية أو المعدلة لبعض نصوصه ‪.‬‬
‫وتظهر أهمية هذه االتفاقية في أنها نصت على جواز اللجوء إلى التحكيم‪ ،‬لحل النزاعات المتعلقة بنقل البضائع بحرا‪ ،‬خصوصا ما يتعلق‬
‫بمسؤولية الناقل البحري عن ضياع أو تلف أو التأخير في تسليم البضاعة إلى المرسل إليه‪ ،‬وهذا ما يتطابق ومبادئ التجارة التي تقوم‬
‫على مبادئ الشرعة والثقة واالئتمان‪.‬‬
‫كما حددت هذه االتفاقية اإلجراءات المتعلقة بالتحكيم‪ ،‬مما يمكن معه القول أنها ساهمت في نمو المبادالت التجارية الدولية نتيجة‬
‫القواعد التي تضمنتها والتي تسير في اتجاه حماية المتعاملين في التجارة الدولية‪ ،‬خصوصا وأن عقد النقل البحري له مميزات خاصة‬
‫ينفرد بها عن باقي العقود التجارية األخرى‪ ،‬هذا وأن قواعد هامبورغ حاولت توحيد القواعد المتعلقة بعقد النقل البحري الدولي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬دورعقد النقل البحري الدولي في المعامالت التجارية الدولية‬


‫يأتي النقل في طليعة صور االستغالل التجاري للبيئة البحرية‪ ،‬ويعد نقل البضائع بوجه عام أساس تداول الثروات‪ ،‬إذ ال يتأتى إنجاز‬
‫المبادالت بين دول العالم دون أن يستلزم األمر نقل األشياء من مكان آلخر‪.‬‬
‫وتأتي أهمية استغالل السفن في نقل البضائع من استئثارها كوسيلة نقل بقدرة فائقة على نقل الحموالت‪ ،‬كما أن السفن تقوم بالربط بين‬
‫أمكنة تفصل بينهما البحار والمحيطات‪ ،‬مما يضفي عليها ميزة ال تتوافر في وسائل النقل األخرى‪ ،‬ومن هذا المنطلق يعد نقل البضائع‬
‫بحرا السبيل الرئيسي لتنفيذ المبادالت التجارية الدولية مما يفسر االهتمام التشريعي البالغ بتنظيم أحكامه‪ ،‬سواء على الصعيد الوطني‪،‬‬
‫أو الدولي‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أهمية عقد النقل البحري الدولي‬
‫إن عقد النقل البحري للبضائع ال يختلف في جوهره عن غيره من عقود نقل البضائع بالطرق األخرى‪ ،‬إال فيما يتعلق باستخدام وسيلة‬
‫محددة في تنفيذه هي السفينة‪ ،‬والمشرع عند تنظيمه للنقل البحري للبضائع يحاول التوفيق بين اعتبارين‪ ،‬ضرورة حماية مشروعات‬
‫النقل البحري تشجيعا لالستثمارات في مجال التجارة البحرية‪ ،‬والثاني وجوب توفير حماية معقولة لمتلقي خدمة النقل البحري وهم‬
‫شاحنو البضائع‪ ،‬وهذين االعتبارين هما عمود التنظيم القانوني لعقد نقل البضائع بحرا ‪.‬‬
‫ساهم ازدهار التجارة الدولية العالمية وإيراد المبادالت عبر الدول في اتساع نطاق التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬حتى أضحى الطريق‬
‫المفضل ألطراف العقود الدولية لفض نزاعاتهم‪.‬‬
‫وإذا كان النقل البحري للبضائع بمقتضى وثيقة الشحن بشكل محور التجارة الدولية‪ ،‬ووسيلتها األهم‪ ،‬فإنه من المنطقي أن يسعى‬
‫األطراف لتضمين عقود النقل البحري الدولي شرط التحكيم واعتباره من الشروط الجوهرية واألساسية في وثيقة الشحن‪ ،‬وحيث إنه لم‬
‫تنظم اتفاقية بروكسيل لسنة ‪ 1924‬نظام التحكيم كطريقة لحسم المنازعات الناشئة عن النقل البحري‪ ،‬مما دفع بواضعي قواعد هامبورغ‬
‫‪ 1978‬تدارك هذا النقص‪ ،‬فكانت هذه القواعد أول اتفاقية خاصة بنقل البضائع بحرا‪ ،‬يتضمن أحكاما صريحة بجواز اللجوء إلى التحكيم‪،‬‬
‫بصدد المنازعات التي تنشأ عن نقل هذه البضائع أو تلفها أو التأخير في تسليمها وفي هذا الصدد نصت الفقرة األولى من المادة ‪ 22‬على‬
‫أنه‪" :‬يجوز للطرفين النص باتفاق مبين كتابة على أن يحال إلى التحكيم أي نزاع قد ينشأ فيما يتعلق بنقل البضائع بموجب هذه‬
‫االتفاقية"‪ ،‬ويالحظ أن هذه المادة قد اشترطت أن يرد شرط التحكيم كتابة في وثيقة الشحن‪.‬‬
‫كما نجد أن مقتضيات المادة ‪ 4‬من هذه االتفاقية تنص على وجوب تطبيق المحكم أو هيئة التحكيم لقواعد هذه االتفاقية على المنازعات‬
‫التي تنشأ أطراف عقد النقل البحري‪ ،‬كما أن الفقرة الثالثة من المادة ‪ 22‬حددت أماكن عن إبرام التحكيم التي يمكن اتخاذ إجراءات‬
‫التحكيم داخلها ‪.‬‬
‫وإذا أغفل الطرفان في عقد النقل البحري‪ ،‬تحديد مكان إجراء التحكيم‪ ،‬أو ينبغي ضرورة التزام هيئة التحكيم بقواعد هامبورغ‪ ،‬ويبقى‬
‫للمدعي الحق في اختيار مكان نفاذ التحكيم‪ ،‬ويلتزم المحكمون بالفصل في النزاع بمقتضى قواعد هامبورغ باعتبارها قواعد عالمية تلزم‬
‫جميع الدول التي صادقت عليها ومن بينها المغرب‪ ،‬وكل اتفاق على خالف ذلك يكون عديم األثر‪ ،‬وذلك بهدف تحقيق المرونة والتوازن‬
‫في المعامالت التجارية الدولية ‪.‬‬
‫ومن هنا تظهر أهمية التحكيم التجاري الدولي في فض النزاعات المتعلقة بعقد النقل البحري الدولي‪ ،‬خاصة عند وجود وثيقة الشحن‬
‫كوسيلة إثبات بين الطرفين‪ ،‬يتضمن شرط التحكيم‪.‬‬
‫وأمام اتساع عمليات النقل البحري للبضائع وكثرة المشتغلين فيه فقد أثيرت العديد من المنازعات سواء فيما بين أطراف عقد النقل‬
‫البحري – الناقل والشاحن‪ -‬أو فيما بينهما وبين الغير‪ ،‬وبالخصوص المرسل إليه مما يطرح إشكالية كيفية تسوية هذه النزاعات‪ ،‬هل‬
‫تتبع في ذلك القواعد العامة حول االلتزامات التعاقدية أم انه البد من مراعاة الطبيعة الخاصة لعقد النقل البحري؟‬
‫لقد أصبح التحكيم التجاري الدولي من أهم الطرق المعتمدة لتسوية المنازعات المتعلقة بالنقل البحري الدولي‪ ،‬والسيما أنه غالبا ما يتم‬
‫إدراج شرط التحكيم في وثيقة الشحن التي تجمع بين طرفي عقد النقل الدولي‪ ،‬نظرا لما لها من دور فعال في البث بسرعة في هذه‬
‫النزاعات‪ ،‬وبمسطرة المبسطة وبذلك بهدف تسهيل المعامالت التجارية الدولية‪ ،‬خاصة في إطار عولمة االقتصاد‪.‬‬
‫بالرغم من أهمية التحكيم في مجال النقل البحري‪ ،‬في تفادي بطء اإلجراءات القضائية وتعقيدها‪ ،‬فإن اتفاقية بروكسيل لسنة ‪ 1924‬لم‬
‫تتعرض للتحكيم كوسيلة يمكن اللجوء إليها من أجل حل المنازعات البحرية‪ ،‬ونفس الشيء الذي لم يحاول برتوكول ‪ 1968‬تداركه‪ ،‬إال‬
‫أن اتفاقية األمم المتحدة المتعلقة بنقل البضائع بحرا‪ ،‬تضمنت أحكاما صريحة بصدد المنازعات التي تنشأ في هذا المجال عند هالك‬
‫البضائع أو تلفها أو التأخير في تسليمها وذلك وفقا لمقتضيات المادة ‪ 22‬من هذه االتفاقية‪.‬‬
‫وذلك بالنص صراحة في المادة ‪( 22‬الفقرة الرابعة) على إلزامية المحكمة أو هيئة المحكمين بتطبيق قواعد هذه االتفاقية باعتبار قواعد‬
‫آمرة ال يجوز االتفاق على مخالفتها‪ ،‬كما أشارت الفقرة السادسة من المادة السابقة من اتفاقية هامبورغ على صحة كل اتفاق يتعلق‬
‫بالتحكيم يبرمه أطراف عقد النقل البحري الدولي‪ ،‬بعد نشوء النزاع بينهما‪.‬‬
‫ولإلشارة فإن اتفاقية نيويورك لسنة ‪ 1958‬بشأن االعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين األجنبية التي أقرها مؤتمر األمم المتحدة الخاص‬
‫بالتحكيم التجاري الدولي في نيويورك توضح أهمية التحكيم في فض النزاعات التجارية الدولية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬قواعد هامبورغ من خالل االجتهاد القضائي المغربي‬
‫ينص الفصل ‪ 264‬من قانون التجارة البحري المغربي على أنه "يكون باطال وعديم األثر كل شرط مدرج في تذكرة الشحن أو في أي‬
‫سند كان يتعلق بنقل بحري منشأ في المغرب أو في بالد أجنبية‪ ،‬تكون غايته المباشرة أو غير المباشرة إعفاء المجهز من مسؤوليته أو‬
‫مخالفة قواعد االختصاص‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى مقتضيات الفصلين ‪ 18‬و‪ 19‬من قانون المسطرة المغربي يتبين أن المحاكم االبتدائية تختص في كافة القضايا ابتدائيا‬
‫وانتهائيا إذا كانت قيمة الطلب ال تتجاوز ‪ 3000‬درهم‪ ،‬أو ابتدائيا مع حفظ حق االستئناف بخصوص الطلبات التي تتجاوز المبلغ المشار‬
‫إليه‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى الفصل ‪ 264‬من قانون التجارة البحري المغربي في فقرته األولى‪ ،‬يتبين أن القضاء المغربي قبل دخول اتفاقية هامبورغ‬
‫حيز التطبيق‪ ،‬كان يتجه نحو اعتبار قواعد االختصاص المكاني من النظام العام ‪.‬‬
‫وهذا ما أكده المشروع المغربي لسنة ‪ 1984‬في فصله ‪ 366‬على أنه "يعتبر باطال وال مفعول له كل شرط يرمي إلى إعفاء الناقل من‬
‫المسؤولية أو مخالفة مسطرة االختصاص"‪ ،‬وإذا كانت اتفاقية بروكسيل لسنة ‪ 1924‬وكذا بروتوكولها لسنة ‪ 1968‬لم ينصا على قواعد‬
‫تحديد االختصاص القضائي في حالة وقوع نزاع بخصوص تنفيذ أو عدم تنفيذ عقد النقل البحري‪ ،‬مما كان يشجع أطراف عقد النقل‬
‫البحري على تضمين سند الشحن تعيين الجهة المختصة قضائيا للبت في النزاع‪ ،‬وإسناد ذلك إلى محاكمهم الوطنية‪ ،‬لكن بالرجوع على‬
‫المادة ‪ 21‬من اتفاقية هامبورغ لسنة ‪ ،1978‬يتبين أن للمدعي الخيار في رفع دعوى التعويض إما أمام المركز الرئيسي للمدعى عليه‪،‬‬
‫وإن لم يكن فأمام محل إقامته االعتيادي‪ ،‬أو أمام المحكمة التابع لها مكان إبرام العقد بشرط أن يكون للمدعي عليه مقر عمل أو فرع أو‬
‫وكالة أبرم العقد عن طريقها‪ ،‬كما للمدعي الحق في إقامة الدعوى أمام المحكمة التي يوجد بدائرة نفوذها ميناء الشحن أو ميناء التفريغ‪،‬‬
‫أو أمام أي مكان آخر يعين لهذا الغرض في عقد النقل البحري‪.‬‬
‫إن التطورات االقتصادية والتكنولوجية التي تعرفها التجارة الخارجية‪ ،‬في ظل واقع العولمة على دول الجنوب‪ ،‬أصبح معها قانون‬
‫التجارة البحري لسنة ‪ 1919‬ال يواكب هذه التطورات‪ ،‬الشيء الذي يتعين معها إعمال مقتضيات اتفاقية هامبورغ باعتبارها جزءا من‬
‫التشريع الداخلي‪.‬‬
‫وهكذا وتطبيقا للمادة ‪ 19‬من اتفاقية هامبورغ‪ ،‬جاء في قرار للمجلس األعلى بأن قيام المرسل إليه بإخطار الناقل كتابة بالهالك أو التلف‬
‫مع تحديد طبيعة في تاريخ ال يتجاوز يوم العمل الذي يلي مباشرة تسليم البضائع إلى المرسل إليه‪ ،‬إنما يتضمن قرينة بسيطة على كون‬
‫الناقل سلم البضائع كما هي موصوفة في وثيقة النقل‪ ،‬قابلة إلثبات العكس ومؤدى هذا أن المرسل إليه يمكنه دحضها بتقرير خبرة ‪.‬‬
‫ولقد سار المجلس األعلى في أحد قراراته إلى ترجيح اتفاقية هامبورغ على القانون الداخلي عمال بمقتضيات الفصل ‪ 474‬من قانون‬
‫االلتزامات والعقود‪ ،‬معلال حيثيات القرار "إعمال المحكمة لمقتضيات القانون الداخلي قبل نفاذ االتفاقية عمال بالفقرة الثالثة من المادة‬
‫‪ 30‬من اتفاقية هامبورغ لسنة ‪ ،1978‬يوجب على المحكمة تطبيق مبدأ وحدة النقل البحري ‪.‬‬
‫من خالل ما سبق يتبين لنا مكانة اتفاقية هامبورغ ضمن االجتهاد القضائي المغربي‪ ،‬لكن من شأن تفسير القضاء التفاقية دولية‪ ،‬تعد‬
‫بمثابة مدونة تجارية دولية في عقد النقل البحري‪ ،‬وهو ما سارت عليه محكمة ‪ Rennes‬الفرنسية بتاريخ ‪ 20/03/1963‬في مادة‬
‫االمتيازات البحرية‪ ،‬أن يساهم في تضارب التفسيرات‪ ،‬مما يتعين معه الرجوع على السلطة الحكومية للحصول على تفسير رسمي كلما‬
‫دعت الضرورة لذلك ‪.‬‬
‫الئحة المراجع‬
‫‪ -1‬االتفاقيات الدولية‪:‬‬
‫‪ -‬اتفاقية األمم المتحدة للنقل البحري للبضائع سنة ‪( 1978‬قواعد هامبورغ)‪.‬‬
‫‪ -‬اتفاقية بروكسيل لسنة ‪ 1924‬المتعلقة بتوحيد قواعد سند الشحن في عقد النقل البحري الدولي‪.‬‬
‫‪ -2‬الكتب‪:‬‬
‫‪ -‬نورة الطالبي‪"،‬دراسات في القانون البحري"‪ ،‬مطبعة التومي‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مارس ‪.2002‬‬
‫‪ -‬هاني دويدار‪" ،‬الوجيز في القانون البحري – النقل البحري للبضائع‪ ،"-‬الجزء الثاني‪ ،‬مكتبة ومطبعة اإلشعاع الفنية‪ ،‬طبعة ‪.1993‬‬
‫‪ -‬يونس بنونة‪" ،‬مسؤولية الناقل البحري على ضوء القانون المغربي دارسة مقارنة مع اتفاقية هامبورغ لسنة ‪ ،"1978‬المطبعة‬
‫السريعة‪ ،‬الدار البيضاء‪.1998 ،‬‬
‫‪ -‬فريد الحاتمي‪" ،‬الوسيط في القانون البحري المغربي" طبعة ‪.2000‬‬
‫‪ -3‬األطروحات الجامعية‪-:‬‬
‫‪ -‬حمود عبد اللطيف غزال‪" ،‬االتجاهات الحديثة في تحديد دور وثيقة الشحن في النقل البحري"‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬السنة الجامعية ‪. 1996-1995‬‬

You might also like