Professional Documents
Culture Documents
سميحة القليوبي
أستاذ القانون التجاري والبحري غري املتفرغ -كلية الحقوق جامعة القاهرة
املراسلة :سميحة القليوبي ،أستاذ القانون التجاري والبحري غري املتفرغ -كلية الحقوق جامعة
القاهرة.
الربيد اإللكرتوينfady@tawakollaw.com :
تاريخ اإلرسال 27 :نوفمرب ،2021تاريخ القبول 26 :ديسمرب 2021
نسق توثيق املقالة :سميحة القليوبي ،عقد نقل التكنولوجيا ،املجلة الدولية للفقه والقضاء والترشيع ،املجلد
،3العدد ،2022 ،2صفحات (.)254 - 227
227
International Journal of Doctrine, Judiciary and Legislation
DOI: 10.21608/IJDJL.2021.74630.1081
Samiha EL Qalyoubi
Professor of Commercial and Maritime Law Faculty of Law, Cairo University
IJDJL 228
سميحة القليوبي الملخص عقد نقل التكنولوجيا
عقد نقل التكنولوجيا هو بناء قانوني يشير الى توافق إرادة أطرافة على تعاقد الطرف الذي يملك أو يحوز
تكنولوجيا معينة ينقلها إلي الطرف االخر ،ويقصد بالتكنولوجيا التطبيق العملي لألبحاث والنظريات العلمية،
فهي وسيلة للوصول الى افضل التطبيقات لهذه االبحاث العملية ،ويقصد بنقل التكنولوجيا بصفة عامة وفي
أغلب الصور ،نقلها من المجتمعات التي حققت فيها مجاالت كبيرة في التنمية إلى المجتمعات التي في
حاجة إليها لتحقيق ذات النتائج في مجاالتها االقتصادية واالجتماعية وغيرها ،ويالحظ في هذا الخصوص أن
التكنولوجيا بوصفها معارف ومعلومات ناتجة من تطبيق مجتمع معين لعلوم الطبيعة للوصول إلى حلول
لمشاكل محددة ،وباالعتماد على االمكانات المتاحة لدى هذا المجتمع ،هي وليدة ظروف معينة األمر الذي
يستلزم وبالضرورة عند نقلها إلى الدول النامية مراعاة البينة لهذه الدول ،هذا وقد نظم المشرع المصري عقد
نقل التكنولوحيا ألول مرة في قانون التجارة رقم 17لسنه 1999متضمناً تنظيماً تشريعياً لعقد نقل التكنولوجيا
وذلك بالفصل األول لباب الثاني والخاص بااللتزامات والعقود التجارية في المواد من ( )72الى ( )87والذى
بداء تنفيذه أعتبارا من اول اكتوبر لسنه ،1999وهذا البحث يتناول بالتحليل و النقد النظام القانوني لهذا
العقد ومدى توافقة لمصلحة الدول النامية ،حيث تناول هذا البحث لبعض صور عقود نقل التكنولوجيا ودراسة
اهميتها ثم تناولنا بالدراسة تكوين عقد نقل التكنولوجيا والمقصود بالتفاوض في عقود نقل التكنولوجيا،
والشروط المقيدة بعقود نقل التكنولوجيا وااللتزامات التى تنشا عن عقد نقل التكنولوجيا سواء التزامات مورد
التكنولوجيا والتزامات متلقي التكنولوجيا و االلتزامات المشتركة بينهما.
الكلمات المفتاحية :عقد نقل التكنولوجيا ،مورد التكنولوجيا ،متلقي التكنولوجيا ،تكوين عقد نقل التكنولوجيا.
Abstract
The technology transfer contract is a legal construction that indicates that all parties of
the contract agree that the party who owns or possesses a certain technology shall transfer
such technology to another party. Technology refers to the practical application of scientific
research and theories. It is a way to reach the best applications from scientific research.
Transformation of technology in general and in most forms, is transferring technology
from societies that achieved developmental success in multiple areas to societies that
seek to achieve the same results in their economic, social and other fields. In this regard,
technology is considered as knowledge and information resulting from applying natural
sciences in a particular society to reach solutions to specific problems using the available
capabilities. Accordingly, it is the result of certain circumstances, which necessarily requires
when transferring it to developing countries to take into account the infrastructure of
such countries. The Egyptian legislator organized the technology transfer contract for the
first time in Trade Law No. 17 of 1999, to include a legislative regulation for technology
transfer contract, in part two of the first chapter; the obligations and commercial contracts
in Articles (72) to (87), which was first implemented in the first of October in year 1999.
This research analyzes and discusses the contract’s legal regulation and how such system
affects the developing countries. It also presents some forms of technology transfer contracts
IJDJL 229
المجلد ،3العدد 2022 ،2 المجلة الدولية للفقه و القضاء والتشريع
and study their importance, creation, or formation. Moreover, it discusses the meaning of
negotiation in technology transfer contracts, the conditions restricted to technology transfer
contracts and the obligations arising from such contract, including the technology supplier’s
obligations, the obligations of the technology recipient and the joint obligations between
them.
key words: Technology supplier’s , technology transfer contract, technology recipient, forms
of technology transfer contracts.
(((
عقد نقل التكنولوجيا
عقد نقل التكنولوجيا هو بناء قانوين يشري إىل توافق إرادة أطرافه عىل تعهد الطرف الذي ميلك أو يحوز
تكنولوجيا معينة ينقلها إىل الطرف اآلخر مبقابل.
وطبقاً للقواعد القانونية فإن محل العقد ،وهو التكنولوجيا يجب أن يكون معيناً أو قابالً للتعيني وموجودا ً
أو ميكن وجوده ،وأن يكون مرشوعاً غري مخالف للنظام العام أو حسن اآلداب.
ويقصد بالتكنولوجيا التطبيق العميل لألبحاث والنظريات العلمية ،فهي وسيلة للوصول إىل أفضل التطبيقات
لهذه األبحاث العلمية حيث يوجد البحث العلمي النظري يف جانب والتطبيق العميل يف جانب آخر.
فإذا كان العلم وكذلك البحث العلمي مينحنا القدرة عىل معرفة السامت والصفات املميزة لألشياء ومكوناتها
فقط ،فمن املعلوم أن التكنولوجيا تتخطى ذلك الجانب النظري ومتكننا من الوصول لهذه األبحاث إىل أفضل
تطبيق لها ،ويف ضوء ذلك ميكن القول أن التكنولوجيا يف أبسط تعريف لها ويف أبسط صورها هي املعرفة الفنية
Know – how savoir faire
ويقصد بنقل التكنولوجيا بصفة عامة ويف أغلب الصور ،نقلها من املجتمعات التي حققت فيها مجاالت
كبرية يف التنمية إىل املجتمعات التي يف حاجة إليها لتحقيق ذات النتائج يف مجاالتها االقتصادية واالجتامعية
وغريها ،ويالحظ يف هذا الخصوص أن التكنولوجيا بوصفها معارف ومعلومات ناتجة من تطبيق مجتمع معني
لعلوم الطبيعة للوصول إىل حلول ملشاكل محددة ،وباالعتامد عىل االمكانات املتاحة لدى هذا املجتمع ،هي
وليدة ظروف معينة األمر الذي يستلزم وبالرضورة عند نقلها إىل الدول النامية مراعاة البينة لهذه الدول،
مبعنى أن يصاحب هذا النقل نشاطاً كبريا ً بهدف جعل هذه التكنولوجيا متالمئة مع ظروف البيئة الجديدة،
فالتكنولوجيا تكون لها قيمة عالية إذا تناسبت مع البيئة االقتصادية واالجتامعية والثقافية للدول املتلقية لها،
لذلك قيل بحق أن نقل التكنولوجيا يعني يف جوهره تطويعها ومالمئتها للمستورد لها ،كام أن هذه التكنولوجيا
تحتاج بطبيعتها إىل التطوير والتحسني املستمر وبذلك فإن نقل التكنولوجيا ال يختلط يف الواقع بنقل أي سلع
أو أموال مبعنى أن نقل املعارف الفنية لها طبيعة خاصة نتيجة الطبيعة املتميزة للتكنولوجيا محل هذا النقل.
ويضاف إىل ذلك أن حاجة الدول النامية للتكنولوجيا يف ثوبها الجديد مل تعد قارصة عىل مجرد نقل حيازة
هذه التكنولوجيا حيازة مادية مع االستعانة بالخرباء األجانب الستخدامها يف اإلنتاج والتسوق ،بل أصبحت هذه
الحاجة مرتبطة بالرضورة عىل اكتساب التمكن التكنولوجي والسيطرة بالقدر الكايف الذي يحقق لهذه الدول
(((يف هذا الخصوص ،د .محسن شفيق ،نقل التكنولوجيا من الناحية القانونية ،طبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي ،عام 1984م.
IJDJL 230
سميحة القليوبي عقد نقل التكنولوجيا
مبقتضاه املورد ليس فقط بتسليم املصنع مع املساعدة الفنية ،بل أيضاً تدريب العاملة املحلية فنياً وتقديم
املساعدة بتشغيل املصنع وهذا النموذج ينترش بني الدول املتقدمة والدول التي يف طريقها إىل النمو.
ج -ومن عقود التكنولوجيا املركبة عقد تسليم اإلنتاج produit en mainحيث يلتزم املورد بتشغيل املصنع
وقيادته فنياً وصناعياً خالل مدة متفق عليها برشط أن تصبح العاملة املحلية عىل درجة من الدراية الفنية متكنها
من استيعاب وتشغيل التكنولوجيا املركبة واستخدامها حتى اإلنتاج النهايئ املرجو من التكنولوجيا.
ومن املمكن أن ميتد التزام املورد ببيع اإلنتاج بواسطة التكنولوجيا املنقولة ويطلق عليه عقد تسويق اإلنتاج
.Marché en main
والسبب يف انتشار مثل هذه الصورة من عقود اإلنتاج بواسطة التكنولوجيا يف الدول النامية هو أن هذه
الدول تريد قدر االستطاعة تعويض حالة التأخر والرتدي اإلنتاجي والصناعي الذي هي عليه نتيجة االستعامر
بكل أشكاله وصوره والذي كان يوجه نشاط املواطنني يف الدول املستعمرة إىل املجاالت اإلدارية الالزمة لتحقيق
مصالحه فقط والتي ليس من بينها مطلقاً مجاالت اإلنتاج والتصنيع.
ب-أهمية نقل التكنولوجيا
الشك أن موضوع نقل التكنولوجيا كان وال يزال من املوضوعات الحاكمة يف مجال التنمية بجميع أنواعها
بكافة الدول بصفة عامة والدول النامية واآلخذة يف النمو بصفة خاصة ،ومن األسباب التي فرضت أهمية نقل
التكنولوجيا من الدول املتقدمة إىل الدول النامية الفجوة العميقة التي ال تزال قامئة يف التقدم االقتصادي
والصناعي والفني بني الدول املتقدمة من جانب ،والدول األخرى من جانب آخر ،حيث تولدت لدى الدول
النامية قناعة قوية بالدور الحاسم املنسوب للتكنولوجيا يف عملية التنمية عىل أساس أن اقرتان نقل التكنولوجيا
مبسألة التصنيع يعد عالجاً ملشكلة التخلف وعامالً أساسياً يسمح بسد الفجوة التكنولوجية القامئة بينها وبني
الدول املتقدمة.
ولعل أهم ما يتعلق بالتكنولوجيا من وجهة نظر رجل القانون ،هو التنظيم القانوين لنقلها ،وهذا التنظيم
قد يتعلق بالترشيعات والنصوص القانونية التي يسعى املرشع إىل فرضها يف هذا املجال وتلزم األفراد باتباعها
حامية للصالح العام واقتصاد البالد ،كام قد يتعلق بتنظيم العقود ذاتها التي يربمها األطراف يف خصوص نقل
التكنولوجيا.
واملوضوع األول وهو التنظيم الترشيعي لنقل التكنولوجيا قد تناوله الفقه األجنبي واملرصي منذ زمن بعيد
ألهميته ،وقد نادى الفقه املرصي بإصدار ترشيع متكامل بشأنه حامية لالقتصاد املرصي ومساعدة للطرف
املتلقي للتكنولوجيا يف التعاقد بأفضل الرشوط والحصول عىل أعىل فائدة من تعاقده سواء من حيث الدرجة
الفنية التكنولوجية محل العقد أو من حيث املقابل لها أو من حيث االلتزامات املتبادلة طوال فرتة التعاقد.
وقد اختلفت آراء الفقه يف هذا الخصوص بني مؤيد إلصدار ترشيع لتنظيم قانوين مستقل لنقل التكنولوجيا،
نظرا ً ملا يتميز به هذا املوضوع من تطوير وتغيري مستمر سواء من حيث مجاالته أو يف طرق ووسائل اإلفادة
الفنية منه ،وبني معارض لهذا الترشيع املستقل ،حيث ينادي هؤالء بإدماج هذا التنظيم القانوين داخل
املجموعات التجارية ،وهو ما استقر عليه الرأي يف مرص حيث جاء قانون التجارة املرصي الصادر بالقانون رقم
1999/17يف 1996/5/17متضمناً تنظيامً ترشيعياً لعقد نقل التكنولوجيا وذلك بالفصل األول من الباب الثاين
IJDJL 232
سميحة القليوبي عقد نقل التكنولوجيا
والخاص بااللتزامات والعقود التجارية يف املواد من ( )87-72والذي بدأ تنفيذه اعتبارا ً من أول أكتوبر .((( 1999
والفقه من جانبه أيضاً تناول هذا املوضوع بالدراسة والتحليل سواء من حيث صور عقود نقل التكنولوجيا
أو االلتزامات املتبادلة بني أطرافه ووضع معايري الختيار األفضل منها لنقل التكنولوجيا للدول الناحية حيث
أصبحت وسيلة نقل التكنولوجيا هي األكرث ذيوعاً وانتشارا ً النحسار عمليات االستثامر املبارش من الدول املتقدمة
داخل الدول النامية إىل حد كبري حيث سادت بعد الحرب العاملية الثانية أفكار االستقالل والسيادة للدول اليت
استقلت عىل ثرواتها ومواردها الطبيعية وشيوع التأميامت خالل تلك الفرتة.
تقسيم
سوف نتناول يف دراستنا لعقد نقل التكنولوجيا تحديد نطاقه وفقاً لقانون التجارة ثم تعريف هذا العقد
ومدته وأهمية مرحلة التفاوض فيه ثم نتناول دراسة مدى صحة الرشوط املقيدة التي قد يتضمنها عقد
نقل التكنولوجيا ،وأخريا ً نقوم بدراسة التزامات أطراف هذا العقد ،واملحكمة املختصة بنظر املنازعات بشأنه
والقانون الواجب التطبيق.
املبحث االول :تكوين عقد نقل التكنولوجيا
أوالً :النصوص القانونية ونطاق التطبيق
طبقاً لحكم املادة ( )1/72تجاري ،ترسي أحكام املواد املنظمة لعقد نقل التكنولوجيا والواردة بالفصل األول
من الباب الثاين الخاص بااللتزامات والعقود التجارية ،عىل عقد نقل التكنولوجيا بقصد استخدامها داخل مرص
سواء كان هذا النقل دولياً يقع عرب الحدود اإلقليمية ملرص أو داخلياً ،هذا وال أثر لجنسية األطراف أو محل
إقامتهم سواء يف النقل الدويل أو الداخيل للتكنولوجيا.
وبناء عىل ذلك يخضع ألحكام قانون التجارة كل عقد يكون محله نقل تكنولوجيا سواء كان هذا النقل داخل
مرص أو كان نقالً من خارج مرص إىل داخلها ،هذا وال نتفق مع الرأي القائل بأن نطاق تطبيق أحكام عقد نقل
التكنولوجيا املشار إليها يقترص عىل العقود التي تنفذ داخل مرص فقط((( ،إذ قد يتفق بني الطرفني عىل تصنيع
وتنفيذ املواد املراد انتاجها بالتكنولوجيا محل العقد بالخارج الستخدامها داخل مرص كام هو الشأن عند االتفاق
عىل تصنيع أقامر صناعية أو طائرات بتكنولوجيا متقدمة خارج مرص ولكن بقصد استخدامها داخل مرص ،ففي
مثل هذه الحاالت يخضع هذا العقد ألحكام قانون التجارة املرصي.
كام تطبق أحكام قانون التجارة املشار إليها سواء كانت عقود نقل تكنولوجيا أو كان اتفاق نقلها واردا ً ضمن
عقد آخر.
ثانياً :التعريف بعقد نقل التكنولوجيا
هناك الكثري من التعريفات التي وضعها الفقه لعقد نقل التكنولوجيا((( ،نكتفي يف هذا املجال بذكر التعريف
الذي أىت به قانون التجارة رقم 1999/17املشار إليه طبقاً ملا جاء باملادة ( )73وهو:
(((وضع مرشوع لقانون نقل التكنولوجيا بواسطة لجنة شكلتها الهيئة العامة لالستثامر وأكادميية البحث العلمي عام 1982وكان لنا رشف عضوية
هذه اللجنة ،وتم االنتهاء منه ورأت وزارة العدل واللجنة القامئة عىل إعداد مرشوع قانون التجارة ضم أحكامه إىل هذا املرشوع.
(((يف هذا الخصوص د .هاين رسي الدين ،نقل التكنولوجيا ،طبعة ،2001دار النهضة العربية.
(((يف هذا الخصوص بحثنا بعنوان« :تقييم رشوط االتفاق وااللتزام بالضامن يف عقود نقل التكنولوجيا واملراجع املشار إليها به – مجلة مرص املعارصة
– السنة السابعة والسبعون – العدد -406أكتوبر 1986م.
IJDJL 233
المجلد ،3العدد 2022 ،2 المجلة الدولية للفقه و القضاء والتشريع
«عقد نقل التكنولوجيا اتفاق يتعهد مبقتضاه (مورد التكنولوجيا) بأن ينقل مبقابل معلومات فنية إىل
(مستورد التكنولوجيا) الستخدامها يف طرق فنية خاصة إلنتاج سلعة معينة أو تطويرها أو لرتكيب أو تشغيل
آالت أو أجهزة أو لتقديم خدمات ،وال يعترب نقالً للتكنولوجيا مجرد رشاء أو بيع أو تأجري أو استئجار السلع،
وال بيع العالمات التجارية أو األسامء التجارية أو الرتخيص باستعاملها إال إذا ورد ذلك كجزء من عقد نقل
التكنولوجيا أو كان مرتبطاً به».
ويتضح من هذا التعريف أن محل عقد نقل التكنولوجيا يجب أن يكون نقالً ملعلومات فنية النتاج سلعة
معينة أو لتطويرها ،أو لتقديم خدمات فنية ،ويرتتب عىل ذلك أن قرص العقد عىل بيع أو رشاء معدات أو
قطع غيار أو رشاء عالمة تجارية أو الحصول عىل ترخيص باستعاملها ال يعد نقالً لتكنولوجيا ،ولكن ميكن أن
يعد كذلك إذا كان هذا الرشاء أو الرتخيص باالستعامل تابعاً لعقد نقل معرفة فنية أو جزءا ً من هذا العقد أو
مرتبطاً به.
ثالثاً :تكوين العقد
وفقاً للقواعد العامة فإن عقد نقل التكنولوجيا شأنه يف ذلك شأن باقي العقود ،يتم برتايض أطرافه ،فهو من
العقود الرضائية املؤسسة عىل مبدأ سلطان اإلرادة ،مبعنى أن هذا ال عقد يتم وينعقد باتفاق أطرافه وتاليف
إرادتهم عىل رشوط هذا العقد.
عىل أنه إذا كانت هذه القاعدة العامة إال أن بعض الترشيعات تشرتط شكالً معيناً يف عقد نقل التكنولوجيا
كام هو الشأن بالنسبة لقانون التجارة املرصي السابق اإلشارة إليه حيث قرر يف املادة ( )1/74عىل أنه:
«يجب أن يكون عقد نقل التكنولوجيا مكتوباً وإال كان باطالً».
وحكم هذا النص اعتبار الكتابة ركناً يف عقد نقل التكنولوجيا يرتتب عىل فقدانها بطالن العقد كام اشرتط
املرشع املرصي يف الفقرة الثانية من ذات املادة ( )74أن يشتمل العقد عىل بيان عنارص املعرفة التي تنقل
إىل مستورد التكنولوجية وتوابعها((( ،كام أجاز املرشع أن يرد ذكر هذا البيان مصحوباً بدراسات الجدوى
والتصميامت والرسوم الهندسية والخرائط والصور وبرامج الحاسب اآليل وغريها من الوثائق املوضحة للمعرفة
يف مالحق ترفق بالعقد وتعترب جزءا ً منه.
وقصد املرشع املرصي من اشرتاط كتابة عقد نقل التكنولوجيا وإال كان باطالً وكذلك بيان وايف للمعرفة
الفنية محل العقد بكامل مستنداتها ودراستها ،حامية الطرف متلقي التكنولوجيا يف مواجهة مورد التكنولوجيا
وتحديد التزامات األطراف كتابة بكل دقة منعاً للخالفات التي تنتهي غالباً لصالح مورد التكنولوجيا.
رابعاً :مدة العقد
يخضع تحديد مدة العقد بصفة عامة لحرية أطرافه ،فللمتعاقدين اشرتاط املدة التي يريانها مناسبة لتحقيق
الهدف من التعاقد ،ويعد هذا تطبيقاً للقواعد العامة القادمة عىل مبدأ حرية التعاقد وسلطان اإلرادة.
عىل أن طبيعة عقد نقل التكنولوجيا تقتيض من طرفيه تحديد هذه املدة يف ضوء التطورات التي تطرأ عىل
التكنولوجيا محل العقد ومواكبتها للتطور التكنولوجي يف مجال استخدامها ،إذ قد يرتتب خالل فرتة التعاقد
انخفاض يف القيمة الفنية للتكنولوجيا يف مجال استخدامها ،أو انعدام قيمتها كلية نتيجة ظهور تكنولوجيا
(((د .محسن شفيق ،نقل التكنولوجيا من الناحية القانونية ،مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي1984 ،م.
IJDJL 234
سميحة القليوبي عقد نقل التكنولوجيا
جديدة يف ذات املجال بأقل تكلفة وأكرث فاعلية لتصبح عبئاً عىل متلقي التكنولوجيا سواء من الناحية املالية أو
العائد الفني من محل العقد.
وقد راعى املرشع التجاري طبيعة هذا العقد وأهمية املدة فيه فنص يف املادة ( )86منه عىل أنه «يجوز لكل
من طريف عقد نقل التكنولوجيا بعد انقضاء خمس سنوات من تاريخ العقد أن يطلب انهاؤه أو إعادة النظر
يف رشوطه بتعديلها مبا يالئم الظروف االقتصادية العامة القامئة ويجوز تكرار تقديم هذا الطلب كلام انقضت
خمس سنوات ما مل يتفق عىل مدة أخرى»
ومفهوم النص املشار إليه أنه يقح ألي من طريف عقد نقل التكنولوجيا إذا زادت مدته عىل خمس سنوات
أن يطلب بعد ميض خمس سنوات إما إنهاء العقد أو إعادة النظر يف رشوطه بتعديلها مبا يتناسب والظروف
القامئة وقت طلب هذا التعديل ،وهذا الحق لكل من مورد التكنولوجيا أو متلقيها.
عىل أ ،هذا الحق ال مينع الطرف اآلخر من رفض إعادة النظر يف رشوط التعاقد أو انهائه رغامً عنه ،حيث ال
يتضح من صياغة نص املادة ( )86أنه نص أمر ،مبعنى أن تقرير حق أي من املتعاقدين يف طلب إعادة النظر
يف رشوط التعاقد أو طلب إنهاء التعاقد ليس من النظام العام وإمنا ميثل قاعدة مقررة عند عدم االتفاق عىل
خالفها ،بل إنه ال يضع جزاء أو التزاماً للطرف الرافض إلنهاء العقد أو تغيري رشوط التعاقد رغم وجو ظروف
تستدعي ذلك.
عىل أن هذا ال مينع الطرف املترضر من االلتجاء إىل القضاء يف ضوء نص املادة ( )86سالفة الذكر.
وإذا كانت مدة العقد طويلة نوعاً ما فإن الحق يف طلب إعادة النظر يف رشوطه أو انهائه ميكن أن تتكرر
كل خمس سنوات ما مل يتفق عىل مدة أخرى ،مبعنى أنه يجوز االتفاق عىل مدة أكرث من خمس سنوات لطلب
إعادة النظر يف رشوط التعاقد أو انهائه كام يجوز االتفاق عىل مدة أقل.
ويبدو أن املرشع أراد من النص املشار إليه تنبيه املتعاقد املتلقي للتكنولوجيا إىل رضورة مراعاة مدة العقد
وأال تكون هذه املدة طويلة واشرتاط مراجعة رشوط التعاقد بعد ميض مدة معينة يف ضوء التغريات املتالحقة
لتقدم التكنولوجيا املامثلة أو البديلة حرصاً عىل مصالح املتلقي االقتصادية.
خامساً :مرحلة التفاوض يف عقد نقل التكنولوجيا
قبل إبرام عقد نقل التكنولوجيا يف أي صورة من صوره ،هناك مرحلة متر بني األطراف الراغبة يف التعاقد قبل
إبرام العقد هي مرحلة التفاوض بينهام ،هذه املرحلة تعد يف مجال عقود نقل التكنولوجيا من أهم املراحل التي
مير بها هذا العقد ،هذه املرحلة يحاول الفقه من خاللها دراسة املراكز القانونية لألطراف املتفاوضة وااللتزام
بالرسية للمعلومات الفنية محل التعاقد ،وسوف نشري إىل املقصود بالتفاوض والتزامات الطرفني خالل مرحلة
التفاوض.
سادساً :املقصود بالتفاوض يف عقد نقل التكنولوجيا
يتميز عقد نقل التكنولوجيا بتمتعه بسامت وخصائص متيزه عن غريه من العقود بصفة عامة ،فهو من
العقود التي تربم بناء عىل قرارات ودراسات متعاقبة بني أطرافه تأخذ عادة مددا ً ليست بالقصرية وتظل تدريجياً
بني األطراف إىل أن تصل يف النهاية إىل اتفاق نهايئ يتسم مبحاولة التوفيق بني الرغبات املتعارضة واملتبادلة بني
أطرافه ،أي أن عقد نقل التكنولوجيا يحتاج يف تكوينه عادة إىل مرحلة زمنية تفصل بني اإليجاب الصادر من
IJDJL 235
المجلد ،3العدد 2022 ،2 المجلة الدولية للفقه و القضاء والتشريع
طالب التكنولوجيا ومتلقيها وقبول الطرف اآلخر مانح التكنولوجيا ،هذه الفرتة الزمنية يتم خاللها عدة لقاءات
بني الطرفني يبدي كل طرف خاللها آرائه وأهداف تعاقده وأسباب اختياره لهذه التكنولوجيا دون غريها.
ويطلق عىل هذه الفرتة فيام بني تلقي العروض واملوافقة عليها مرحلة التفاوض ،التي توصل إليها يف سبيل
اختياره التكنولوجيا محل العقد وتفضيلها عن مثيالتها ،ويتبادل األطراف املناقشة حول كل ما يتصل بالعقد مثل
املقابل وكيفية سداده ودرجة وكفاءة التكنولوجيا وسند امللكية.
واملفاوضات ال تخضع كقاعدة عامة لشكل معني أو قالب قانوين محدد ،فقد تتم شفاهة أو بطريق
املراسالت أو تبادل الرسومات التوضيحية املؤيدة بلقاءات واجتامعات مستمرة بني الطرفني ومتابعة نتائج
مراحل املفاوضات وتحديد املرفوض واملقبول منها تباعاً.
وهذه املفاوضات الشك بعد إقرارها بصفة نهائية وصياغتها كتمهيد للعقد تعد إما جزءا ً ال يتجزأ من بنوده
إذا ما رغب أطرافه ذلك ،وإما هادياً لهم عند االختالف يف تفسريه أو تنفيذه حيث متثل املفاوضات يف الواقع
أهمية قانونية كبرية إليضاح غايات وأهداف التعاقد واألسباب الدافعة إلبرامه.
ويراعى أن هناك مرحلة مير بها الطرف الراغب يف التعاقد عىل نوع من أنواع املعرفة الفنية سابقة عىل
مرحلة التفاوض ،يطلق عليها االختبارات التكنولوجية ،وهي متثل الجهد والبحث الذي قام به يف سبيل اختيار
التكنولوجيا املالمئة واستقراره عىل نوع معني ومحدد وبأوصاف خاصة ومن مصانع أو انتاج الطرف اآلخر الذي
يرغب يف التعاقد معه كسابقة خرباته يف هذا املجال ،مبعنى أن مرحلة التفاوض تأيت الحقة ملرحلة االختيار والتي
يقوم بها الطالب وحده يف سوق التكنولوجيا ليحدد النوع الذي يأمل التعاقد عليه والذي استقر عليه بناء عىل
دراساته االقتصادية والفنية ودراسات الجدوى التي قام بها الخرباء التابعني له.
واملفاوضات املبدئية بني األطراف الراغبة يف التعاقد عىل نوع من أنواع التكنولوجيا ت عني عرضاً من
الراغب يف التعاقد ملا يريد االتفاق عليه وعنارص هذا العرض واألهداف املراد تحقيقها من هذا التعاقد وكذلك
عرضاً ملعلوماته التي قام بتجميعها يف شأن مزايا التكنولوجيا محل العقد واألنواع املثيلة لها واملقارنات التي
توصل إليها يف بيل اختياره التكنولوجيا محل العقد عن مثيالتها ،ويتبادل األطراف املناقشة حول كل ما يتصل
بالعقد مثل املقابل وكيفية سداده ودرجة كفاءة التكنولوجيا وسند امللكية.
ويجب أن يراعى عند التفاوض أن يتم عرض الرغبات ومزايا التكنولوجيا محل العقد ورشوط األطراف وفقاً
ملبدأ حسن النية ،مبعنى أن تتم املفاوضات بأمانة وجدية ،فااللتجاء إىل الطرق امللتوية يف عرض مزايا وعوائد
التكنولوجيا محل التعاقد عىل خالف الحقيقة قد يؤدي إىل أسوأ نتائج خالل تنفيذ العقد وقد يؤدي إىل تفويت
األهداف الباعثة والدافعة لتعاقد طالب التكنولوجيا.
املبحث الثاين :الرشوط املقيدة بعقد نقل التكنولوجيا
متهيد
يلجأ مورد التكنولوجيا عادة إىل فرض رشوط يضمنها العقد ،تقيد من حرية الطرف املتلقي يف استعامل
واستقالل التكنولوجيا استعامالً ال يحقق الغايات االقتصادية التي يهدفهام من إبرامه العقد ،وانترش استخدام
الرشوط املقيدة بصفة خاصة يف عقود نقل التكنولوجيا بني الدول املتقدمة والدول النامية نظرا ً لضعف املركز
التفاويض للدول األخرية الحتياجها إىل التكنولوجيا ملحاولة تقليل الفجوة الهائلة يف النواحي الفنية واالقتصادية
IJDJL 236
سميحة القليوبي عقد نقل التكنولوجيا
IJDJL 237
المجلد ،3العدد 2022 ،2 المجلة الدولية للفقه و القضاء والتشريع
وهذا الرشط ميثل يف الواقع أشد أنواع الرشوط املقيدة ،حيث يضيع الهدف من التعاقد عىل املتلقي الذي
يرغب يف استخدام التكنولوجيا مبا يتالئم والظروف البيئية واالقتصادية لبلده ،كام أن يف حرمان املتلقي من
رشاء تكنولوجيا منافسة ميثل إرضارا ً باملتلقي إذ قد يجد يف ذلك تنويعاً ملصادر التكنولوجيا محل العقد ،عىل أن
ذلك الرشط قد ميثل مصلحة مرشوعة للمورد ،كام إذا كان املتلقي اشرتط عىل املورد عدم إعطاء التكنولوجيا
محل العقد إىل آخر وقرص منحها عليه وحده ،فيجد املورد أن مصلحته يف هذه الحالة وهي مصلحة مرشوعة
يف اشرتاط عدم حصول املتلقي عىل تكنولوجيا منافسة.
ج -الزام املتلقي بوضع عالمات تجارية معينة :أجازت الفقرة (ج) من ذات املدة ( )75إبطال رشط الزام
املتلقي استعامله لعالمات تجارية معينة لتمييز السلع التي استخدمت التكنولوجيا يف انتاجها ،وهذا الرشط قد
ميثل مصلحة مرشوعة للمورد كام إذا كان ضامناً انتاج السلعة يف جميع حاالت وظروف انتاجها ،أو يكون املورد
مربماً لعقد تعهد فيه ألصحاب هذه العالمات بوضعها عىل جميع منتجاتهم أو سلعهم.
د -الزام املتلقي بإنتاج قدر معني أو بأسعار محددة أو املنع من التصدير :أجاز املرشع ملتلقي التكنولوجيا
إبطال اشرتاط املورد الزام املتلقي بإنتاج حجم معني أو البيع بأسعار معينة أو طرق توزيع محددة أو منعه من
التصدير.
وهذه الرشوط تحقق غالباً جملة أرضارا للمتلقي الذي قد يرى أن مصلحته يف قرص إنتاجه إىل حد معني أو
زيادته لتصديره أو تحديد أسعار منخفضة تتناسب واملستوى االقتصادي للمتعاملني مع السلع املنتجة بواسطة
التكنولوجيا محل العقد ،ولذلك أجاز له املرشع طلب إبطال مثل هذه الرشوط وللقايض كامل ومطلق التقدير
يف مدى تحقيق مثل هذه الرشوط ملصلحة مرشوعة للمورد من عدمه أو ملصلحة مستهليك املنتج طبقاً لحكم
الفقرة الثانية من املادة (.)75
ومن األمثلة عىل املصلحة املرشوعة للمورد اشرتاطه عدم التصدير للمنتجات إىل مناطق سبق له منح امتياز
قرص توزيعها ملتعاقدين معه ،إذ يرتتب عىل تصدير املتلقي لهذه املنتجات بتلك املناطق مسئولية املورد يف
مواجهة أصحاب امتياز القرص عليهم.
كام قد يكون اشرتاط مثن محدد للمنتجات املصنعة بواسطة التكنولوجيا محل العقد ممثالً ملصلحة
املستهلكني ومنع املتلقي من رفع األسعار وفق هواه.
د -الزام املتلقي بإرشاك املورد يف إدارة مرشوعه :من أمثلة الرشوط املقيدة أيضاً ما أشارت إليه الفقرة (هـ)
من املادة ( )75من اشرتاط اشرتاك املورد يف إدارة منشأة املتلقي أو تدخله يف اختيار العاملني الدامئني بها.
واملالحظ عىل هذا النص أنه ال مينع اشرتاط املورد عىل املتلقي االستعانة بخرباء أجانب بصفة عرضية غري
دامئة ،إذ قد يحتاج تشغيل التكنولوجيا محل التعاقد إىل خرباء أو عاملني من قبل املورد لضامن حسن التشغيل
واإلرشاف املستمر من وقت آلخر خالل مدة العقد.
بل إن املرشع أجاز اشرتاط تدخل املورد يف إدارة املنشأة أو اشرتاط عاملني دامئني من اختياره إذا كان ذلك
يحقق مصلحة مرشوعة له أو للمستهلكني ،كام إذا كان التعاقد عىل تكنولوجيا جديدة معقدة تحتاج خالل فرتة
العقد إىل االستعانة بخرباء يضمن املورد حسن اإلنتاج من خالل اشرتاكه يف اإلدارة أو تعيني عاملني من قبله.
و -الزام املتلقي برشاء قطع الغري من املورد :كذلك أجاز املرشع للمتلقي إبطال رشط الزامه برشاء املواد
IJDJL 238
سميحة القليوبي عقد نقل التكنولوجيا
الخام أو املعدات أو اآلالت أو األجهزة أو قطع الغيار لتشغيل التكنولوجيا من املورد وحده أو من املنشآت التي
يعينها دون غريها.
ويعد ذلك منطقياً من املرشع إذ قد يجد املتلقي هذه األدوات واألجهزة بأسعار أفضل مام يحدده املورد
خاصة وأن املالحظ يف عقود التكنولوجيا املتطورة تخفيض املورد لثمنها باملقارنة لغريها من التكنولوجيا املنافسة،
ثم يقوم بتعويض ذلك باشرتاط رشاء املواد األولية أو قطع الغري منه وحده.
والواقع أن تقدير مدى بطالن هذه الرشوط يتوقف عىل كل عقد عىل حدة حيث قد يكون املورد هو
املحتكر الوحيد ملكونات التكنولوجيا محل العقد وأن من مصلحة املستهلكني ذلك لضامن حسن استعامل
املنتجات استعامالً آمناً لسالمتهم خالل فرتة هذا االستعامل.
ز -الزام املتلقي بالبيع ألشخاص محددين :واشارت أخريا ً الفقرة (ز) من املادة ( )75إىل جواز متسك املتلقي
ببطالن رشط قرص البيع للمنتجات املصنعة بواسطة التكنولوجيا محل العقد أو التوكيل يف بيعها أو توزيعها عىل
األشخاص الذين يعينهم املورد أو البيع له وحده.
وهذا الرشط كسابقيه قد ميثل مصلحة مرشوعة للمورد كام إذا كان من يحددهم للتوزيع أو التوكيل يف
البيع يتمتعون بسمعة وسابقة أعامل يف مجال التكنولوجيا أو لديهم منشآت مجهزة لتصليحها أو متابعة
االستخدام اآلمن لهذه املنتجات لصالح الجمهور.
هذا ويالحظ أن ما سبق ذكره من رشوط إمنا ميثل أغلب الرشوط التي درج املورد عىل اشرتاطها يف عقود
نقل التكنولوجيا ،بل إنها قد تكون مطبوعة عىل مناذج عقوده ،عىل أن ذلك ال مينع إمكان طلب املتلقي إلبطال
رشوط أخرى قد يرى فيها تقييدا ً لحريته ،ويخضع ذلك لتقدير القايض كام سبق القول.
املبحث الثالث :االلتزامات التي تنشأ عن عقد نقل التكنولوجيا
متهيد
يرتبط عقد نقل التكنولوجيا التزامات عىل عاتق كل من املورد واملتلقي هذه االلتزامات هي إما التزامات
مشرتكة بني مورد التكنولوجيا أو متلقيها وإما التزامات خاصة بكل من طريف عقد نقل التكنولوجيا ،وسوف نشري
إىل االلتزامات املشرتكة ألطراف العقد ثم التزامات كل طرف.
املطلب االول :االلتزامات املشرتكة بني مورد التكنولوجيا ومتلقياها
متهيد
يلقى عقد نقل التكنولوجيا عىل عاتق طرفيه التزامات مشرتكة ،وأول هذه االلتزامات هي أن كل منهام
ملزم خالل كافة مراحل التعاقد مبراعاة العوامل واألهداف االقتصادية واالجتامعية لبلديهام ،كام يلزم كل منهام
مبراعاة مبدأ حسن النية واإلخالص وحسن رشف التعامل ،هذه املبادئ أوجب مراعاتها منذ بداية التعاقد حتى
تنفيذ العقد نهائياً إمنا ميثل ظاهرة مؤسسة عىل فلسفة أصولية هي االلتزام مببادئ الرشف التجاري ،وهذا
االلتزام له أهمية قصوى عند االختالف يف تفسري بنود التعاقد حيث يجب اتباع مبدأ الثقة والرشف حسن النية
يف املعامالت التجارية يف كل مرحلة من مراحل التعاقد يراد فيها تفسري بنود العقد ،ومن منطلق االلتزام مببدأ
حسن النية يقع عىل كل طرف االلتزام باإلفصاح والتبصري وااللتزام بحفظ الرسية وهو ما سنشري إليه تباعاً.
IJDJL 239
المجلد ،3العدد 2022 ،2 المجلة الدولية للفقه و القضاء والتشريع
IJDJL 241
المجلد ،3العدد 2022 ،2 المجلة الدولية للفقه و القضاء والتشريع
معرفة الخصائص املميزة للتكنولوجيا محل العقد وقدرتها عىل تحقيق األهداف التي يقصدها من نقل هذه
التكنولوجيا وأيضاً ملعرفة قيمتها الحقيقية دون غنب وباختصار معرفة كل ما يجعله يتخذ قرارا ً يف شأن إمتام
التعاقد من عدمه ،وباملقابل يحرص الطرف املالك للتكنولوجيا أو حائزها عىل بقاء املعلومات التي أفشيت أثناء
املفاوضات رسا ً دون ترسبها إىل الطرف اآلخر خشية اإلفادة منها إذا مل تنته املفاوضات بإمتام العقد.
ورشحاً لذلك ،نجد أن طالب التكنولوجيا يرى أن من حقه كشف جانب من الرسية للمعرفة الفنية محل
التعاقد حتى ميكن من تقدير كفاءتها وقيمتها ومدى مطابقتها للمواصفات املحددة بواسطة الطرفني ،ومن
جانب آخر يرى مالك التكنولوجيا أو حائزها أن من حقه أيضاً عدم اإلفشاء بجوهر املعرفة الفنية محل التعاقد
واالحتفاظ بها إىل أن يتم فعالً التعاقد أو عىل األقل ظهور الدالئل الجدية يف التعاقد ،حيث يكتفي غالباً برشح
توضيحي لهذه املعلومات بالرسومات أو الشاشات املرئية واملسموعة ،وذلك خشية عدم انتهاء املفاوضات إىل
تعاقد نهايئ فتضيع عليه التكنولوجيا بكشفها خاصة إذا كان الطرف اآلخر املستورد للتكنولوجيا سيئ النية.
والذي يزيد األمر تعقيدا ً يف هذا الخصوص أن طالب التكنولوجيا يلجأ عادة إىل الخرباء واملتخصصني لفحص
وتقييم التكنولوجيا محل التعاقد لعدم خربته غالباً يف مثل هذه املجاالت وخشية التعاقد عىل تكنولوجيا غري
متطورة أو متوافرة بأسعار أقل كثريا ً من املعروضة عىل املفاوضات ،بل إن االلتجاء إىل الخرباء يف مثل هذه
العقود ،ال يكون نابعاً من املتعاقد ذاته طالب التكنولوجيا ،وإمنا يكون مفروضاً يف بعض الحاالت عىل متلقي
التكنولوجيا قبل التعاقد كام هو الشأن يف الحاالت التي تتوىل فيها البنوك متويل املرشوعات القامئة عىل
التكنولوجيا محل التعاقد وذلك حتى تطمنئ هذه البنوك إىل اسرتداد أموالها يف حالة نجاح املرشوع.
والشك أن مهمة الخبري الفاحص يف مرحلة التفاوض دقيقة وحساسة للغاية خاصة وهو يقوم مبهمته تحت
إرشاف ورقابة مانح التكنولوجيا والذي ال يسمح بكشف الرسية إال يف الحدود املتعارف عليها يف مثل هذه
العقود.
هذه الحساسية خالل مرحلة التفاوض قد تؤدي إىل فشل املفاوضات وانتهائها نظرا ً ألهمية الكشف عن
املعلومات الفنية يف نظر الطرف طالب التكنولوجيا ،وحرص الطرف اآلخر عىل حفظ الرسية التكنولوجية
الخاصة به.
والذي يتضح مام سبق هو أن مرحلة التفاوض عىل عقود نقل التكنولوجيا بني الراغبني يف التعاقد لها طابعها
الخاص عن باقي العقود ،وأن األطراف املتفاوضة يواجهون صعوبات يف شأن الوصول إىل اتفاق ،خاصة فيام
يتعلق بعنرص الرسية التي تتميز بها هذه العقود االمر الذي يجعل تحقيق توازن عادل بني الطرفني ليس باألمر
السهل وإن كان غري مستحيل».
ونظرا ً لهذه الصعوبة تحرص الترشيعات املنظمة لنقل التكنولوجيا عىل النص رصاحة عىل االلتزام بحفظ
عنارص الرسية للتكنولوجيا محل العقد ،كام يحرص أطراف التفاوض أنفسهم عىل تأكيد هذا االلتزام باالتفاق
الرصيح ،وقد أوجد الواقع العميل عدة حلول قانونية تخلص يف جوهرها إىل إيجاد ضامنات وتعهدات يقدمها
أ طراف التعاقد يطلق عليها «ضامنات بدء املفاوضات» ،وجرى العمل يف هذا الخصوص عىل تعهد الطرف
الطالب للتكنولوجيا باملحافظة عىل رسية املعلومات التي يتم التعرف عليها نتيجة املفاوضات أو إجراءات
تجارب الخرباء ،ومن األمثلة عىل هذه الضامنات الصور التي نشري إليها.
IJDJL 242
سميحة القليوبي عقد نقل التكنولوجيا
IJDJL 243
المجلد ،3العدد 2022 ،2 المجلة الدولية للفقه و القضاء والتشريع
املتلقي للتكنولوجيا يجعله مسئوالً يف مواجهة الطرف املورد لها عن كامل التعويضات التي تستحق له نتيجة ما
أصابه من أرضار بسبب هذه املخالفة يف رسية املعلومات.
ومن جانب آخر ألزم املرشع املرصي مورد التكنولوجيا بالحفاظ عىل رسية التحسينات التي يدخلها املتلقي
وينقلها إليه مبوجب رشط يف العقد ،ويسأل املورد عن تعويض الرضر الذي ينشأ عن إفشاء هذه الرسية (املادة
.)2/83
وهكذا يتضح موقف الترشيع املرصي يف شأن الحفاظ عىل رسية املعلومات التكنولوجية التي يكشف عنها
بني الطرفني سواء خالل مرحلة التفاوض أو ما بعد ذلك.
ب -التعهد األديب
قد يقترص الطرف طالب التكنولوجيا عىل مجرد التعهد للطرف اآلخر بحفظ رسية املعلومات التي يحصل
عليها أثناء املفاوضات وعدم استعاملها سواء بطريقة مبارش أو غري مبارش عند فشل املفاوضات ،وأساس هذا
التعهد هو الثقة املتبادلة بني طريف املفاوضات ،وقد يكون مصدر هذه الثقة سابقة التعامل بينهام أو سمعة
الطرف املفاوض يف الشوق العاملية.
والشك أن األثر القانوين لهذا التعهد األديب متواضع للغاية ،إال أن مخالفته من جانب طالب التكنولوجيا
يجعله يف مركز سيئ وسمعة غري مرغوب فيها يف السوق العاملية قد تحرمه من التعاقد مستقبالً ليس فقط مع
الطرف اآلخر بل مع رشكات أخرى االمر الذي يرتب آثارا ً بالغة الخطورة إذا ما احتاج هذا الطرف إىل االستعانة
بتكنولوجيا أخرى.
ج -دفع مبلغ من املال
قد يشرتط الطرف مالك التكنولوجيا أو حائزها للدخول يف املفاوضات إيداع مبلغ معني من املال لحسابه
لضامن احرتام الرسية من قبل طالب التكنولوجيا.
كام قد يشرتط بدالً من ذلك تقديم خطاب ضامن أو شيك مقبول الدفع وفقاً ملا يراه أطراف املفاوضات
مناسباً لذلك ،يكون ضامناً ملالك التكنولوجيا يف حالة مخالفة حفظ الرسية من الطرف اآلخر.
وهذه الوسيلة من وسائل الضامن تنبع عند التعامل ألول مرة بني طريف املفاوضات حيث يحرص مانح
التكنولوجيا عىل مصالحه يف عدم ترسب رسية معلوماته الفنية دون مقابل.
ومصري هذه املبالغ هي إما أن تخصم من املقابل الذي سيتم االتفاق عليه عند إمتام املفاوضات وإبرام
العقد ،وإما حصول الطرف مورد التكنولوجيا عليه يف حالة عدم احرتام االلتزام بحفظ الرسية بعد إنهاء
املفاوضات ،وهذا املبلغ ليس نظري إطالع الطرف اآلخر عىل املعلومات الفنية أثناء فرتة املفاوضات وإمنا يظل
ضامناً لعدم إفشاء الرسية فإذا تم هذا اإلفشاء من الطرف طالب التكنولوجيا أو أحد أتباعه الذين استعان بهم
خالل فرتة التفاوض ومل يتم إبرام العقد ،استحق املبلغ للطرف اآلخر.
ولتحديد مسئولية الطرف طالب التكنولوجيا يف هذا الخصوص يراعى ما إذا وجد اتفاق كتايب مسبق
Engagement ecritفتتحقق املسئولية العقدية عند مخالفة هذا االلتزام بالرسية باإلضافة إىل الجزاءات
التي قد يتضمنها القانون الواجب التطبيق ،أما يف حالة عدم وجود تعهد كتايب مسبق فتنحرص املسئولية وفقاً
IJDJL 244
سميحة القليوبي عقد نقل التكنولوجيا
للقواعد العامة يف املسئولية التقصريية كام يتعرض املخالف للجزاء الجنايئ وفقاً للقواعد العامة يف املسئولية
الجنائية.
هذا وقد يتفق بني أطراف املفاوضات عىل ما يخالف هذه األحكام يف شأن مصري الضامنات املالية ومدة
الضامن ،ونفضل يف هذه الحاالت تحديد رد مبالغ الضامن تفصيالً باتفاق الطرفني يف حالة فشل املفاوضات.
املطلب الثاين :التزامات مورد التكنولوجيا
-1االلتزام بتقديم املعلومات الالزمة الستيعاب التكنولوجيا
ال يكفي أن يقوم املورد بتقديم محل عقد نقل التكنولوجيا إىل املتلقي لها ،بل يلتزم بتسليمها إليه مبا يتفق
وطبيعتها ،ويتمثل ذلك يف رشح وإيضاح طرق استخدام التكنولوجيا وطرق تشغيلها والحافظ عليها لتحقيق
الهدف والفائدة املرجوة من التعاقد.
ولتحقيق ذلك يقع عىل عاتق املورد االلتزام بعدم حجب أي معلومات رضورية لإلنتاج األمثل وقد أشارت
إىل هذا االلتزام املادة ( )1/77بقولها:
« -1يلتزم املورد بأن يقدم للمستورد املعلومات والبيانات وغريها من الوثائق الفنية الالزمة الستيعاب
التكنولوجيا ،وكذلك ما يطلبه املستورد من الخدمات الفنية الالزمة لتشغيل التكنولوجيا وعىل وجه الخصوص
الخربة والتدريب».
-2االلتزام بإعالم املستورد بالتحسينات عند طلبها
يلتزم املورد طبقاً لحكم املادة ( )2/77تجاري بأن يعلم املتلقي بالتحسينات التي يدخلها عىل التكنولوجيا
محل العقد ،وذلك طوال مدة العقد وأن ينقلها إليه ،وذلك إذا طلبها املتلقي أو كان متفقاً عىل ذلك خالل
العقد.
ومفهوم هذا االلتزام أن املورد رغم عدم االتفاق عىل إعالم املتلقي بالتحسينات التي يتوصل إليها خالل فرتة
رسيان العقد ،يلتزم بذلك عند طلب املتلقي منه ذلك ،ولو مل يكن متفقاً عىل ذلك بالعقد ويستمد املتلقي حقه
يف الزام املورد من نص القانون».
ونفضل يف مثل هذه العقود أن يشرتط املتلقي رصاحة يف العقد الحصول عىل التحسينات عند طلبها ،حتى
يقرر رشائها والحصول عليها وفق احتياجاته وزيادة فاعلية التكنولوجيا محل التحسني ،كام قد يتيح العلم بهذه
التحسينات إجراء املتلقي دراسات يف شأنها مبا يؤهله للمواكبة العلمية والبحثية يف مجال التكنولوجيا محل
العقد ألفضل ما يسري عليه التقدم يف مجالها ،وهذا االلتزام باإلعالم بالتحسينات يلتزم به املورد عند طلبه طوال
فرتة رسيان العقد.
-3االلتزام بتقديم قطع الغيار عند طلبها
وضع املرشع التجاري باملادة ( )78التزاماً عىل املورد بأن يقوم طوال مدة رسيان العقد بتقديم قطع الغيار
التي ينتجها وتحتاجها اآلالت أو األجهزة التي تستعمل يف تجهيز وتشغيل منشآت املتلقي وذلك يف حالة طلبها
أو االتفاق عىل ذلك بعقد نقل التكنولوجيا.
وبناء عىل ذلك ال يلتزم املورد بتقديم قطع الغيار املشار إليها يف حالة عدم طلبها من املتلقي ،ولكن يلزم
IJDJL 245
المجلد ،3العدد 2022 ،2 المجلة الدولية للفقه و القضاء والتشريع
بناء عىل نص القانون بذلك عند طلبها من املتلقي ولو مل يكن متفقاً عىل ذلك بالعقد».
وقصد املرشع من هذا االلتزام مراعاة أن يكون استخدام التكنولوجيا محل العقد استخداماً جيدا ً طوال فرتة
رسيان العقد ،حيث قد تكون قطع الغيار املشار إليها هي الوحيدة أو األفضل استخداماً إلنتاج التكنولوجيا
محل العقد.
وإذا كان املورد ال ينتج قطع الغيار التي يستلزمها استخدام التكنولوجيا يف منشأته أو مصانعه التزم بنص
القانون بإعالم املتلقي مبصادر الحصول عليها عند طلبها ولو مل يكن متفقاً عىل ذلك بالعقد ويظل هذا االلتزام
طوال فرتة رسيان العقد ،وهذا االلتزام قصد به استمرار تحقيق الفائدة املرجوة من عقد نقل التكنولوجيا حيث
يحقق هذا العلم رشاء قطع الغيار األصلية من املختصني لضامن حسن التشغيل واإلنتاج بواسطة التكنولوجيا
محل العقد.
-4التزام املورد بضامن التكنولوجيا محل العقد هو التزام بتحقيق نتيجة
تنحرص التزامات املورد للتكنولوجيا بالضامن يف معظم صور العقود السابق اإلشارة إليها فيام ييل:
.أضامن أن يكون املنتج يتفق متاماً مع املواصفات املتعلقة وفقاً لرشوط العقد بواسطة التكنولوجيا محل
العقد.
.بضامن أن املنتج يتفق متاماً يف استخداماته مع االستخدامات املوضحة بالعقد.
.جضامن أن استغالل التكنولوجيا يؤدي إىل تحقيق النتيجة املحددة بالعقد.
.دوباإلضافة إىل ما سبق فإن مورد التكنولوجيا يضمن يف عقود تسليم املفتاح وتسليم اإلنتاج بصفة خاصة
املعرفة الفنية الكاملة للعاملة املحلية وأن هذه العاملة استوعبت فعالً التكنولوجيا املنقولة حتى تقوم
باالستخدام الصحيح لها فنياً وصناعياً.
.هأن يضمن مورد التكنولوجيا تسليم املجموع الصناعي محل العقد ،كام يف حالة عقود تسليم املفتاح
وتسليم اإلنتاج وتسويقه ،وهي يف حالة تشغيل حقيقي ومستمر.
وتفرتض طبيعة هذه العقود أن يظل مورد التكنولوجيا مبوقع النشاط حتى تصري العاملة املحلية عىل دراية
وكفاءة كاملة بتشغيل املجموع الصناعي خالل فرتة التجربة العادية ،هذه الفرتة يحددها العرف ،وبصفة عامة
ونتيجة استقراء بعض العقود يف هذا الخصوص ،فإن الطرف املورد يشرتط أال تزيد هذه الفرتة من التشغيل
الفعيل بواسطته املجموع الصناعي عن 12ساعة تشغيل.
ويطلق عىل هذا االلتزام التزام املورد بإيضاح طرق التشغيل واالستخدام كام يطلق عليه االلتزام بنقل املهارة
الفنية .l’habilite technique
ونرى أن مدة التجربة والتشغيل للمجموع الصناعي محل العقد ووفق ما يجرى عليه العرف الدويل حالياً
ال متثل ضامناً كافياً للطرف املتلقي ،ويجب أن متتد هذه الفرتة مدة أطول بكثري ،فالقصد من عقود نقل
التكنولوجيا التي ترد عىل مجموع صناعي متكامل والتي تتكلف ماليني الجنيهات إن مل يكن باليينها ،إمنا يقصد
منها الطرف املتلقي لها ضامن استمرار تشغيلها والتأكد من أن العاملة املحلية قادرة عىل هذا التشغيل.
ذلك أن التجربة كثريا ً ما أوقعت الطرف املتلقي للتكنولوجيا يف أوهام وأخطاء وإننا ال نستطيع حرص وعد
IJDJL 246
سميحة القليوبي عقد نقل التكنولوجيا
السلسلة الهائلة من املجموعات الصناعية املعقدة التي تنتقل إىل الدول النامية والتي توقفت متاماً بعد تشغيلها
بأيام إن مل يكن بعد ساعات معدودة.
األساس القانوين لاللتزام بالضامن يف عقود تسليم املفتاح وتسليم اإلنتاج
إن التزام الطرف املورد بالضامن يصبح أكرث أهمية وأثقل عبئاً يف عقود تسليم املفتاح أو تسليم اإلنتاج عن
التزامه بالضامن يف صور عقود نقل التكنولوجيا األخرى ،ففي عقود تسليم املفتاح يضمن املورد االستيعاب
الكامل والسيطرة التامة للعاملة املحلية للتكنولوجيا محل العقد ،أي معرفة التشغيل واإلنتاج بواسطة عامل
ومهنديس مستورد التكنولوجيا ،ونتيجة لذلك ال ينتهي التزام املورد للتكنولوجيا بالتسليم بعد ميض املدة
املحددة أو غري املحددة بالعقد ،حيث يجب أن يتم تشغيل املصنع والسيطرة عىل اإلنتاج للمنتجات بواسطة
العاملة املحلية وحدها دون مساعدة املورد.
ونرى تحقيقاً لهذا االلزام أن يظل املورد للتكنولوجيا ملتزماً بضامن حسن سري املصنع بجميع آالته وعدده
إىل أن يتحقق الهدف من العقد وهو التشغيل واإلنتاج بواسطة عامل ومهنديس الطرف املتلقي وحدهم ،أياً
كان الوقت الذي يتحقق فيه هذا الضامن.
واألساس القانوين لهذا الضامن يف عقود تسليم املفتاح أو تسليم اإلنتاج عن التزامه بالضامن يف صور عقود
نقل التكنولوجيا األخرى ،ففي عقود تسليم املفتاح وإن كان كل منهام يلقى عىل املورد التزاماً بنتيجة وليس
مجرد تحقيق وسيلة.
ففي عقود تسليم اإلنتاج فإنه باإلضافة إىل التزام املورد بالضامن عىل هذا النحو – أي ضامنة تشغيل املصنع
بكامل عدده وآالته والسيطرة عىل تشغيله بواسطة عامل ومهنديس وخرباء الطرف املتلقي – فإن املورد يلتزم
بضامن حسن اإلنتاج للسلع املستخدمة يف إنتاج التكنولوجيا محل العقد ،ومبعنى آخر يلزم املورد بتحقيق ذات
املنتج املتفق عىل انتاجه بواسطة التكنولوجيا محل العقد دون أي خالف يف املواصفات أو الجودة أو النوعية
أو الشكل أو الجوهر.
فاملورد ملتزم يف عقود تسليم اإلنتاج بتحقيق أرقام اإلنتاج املتفق عليها ودرجة جودتها ومستواها الفني
بعامل ومهنديس الطرف املتلقي.
واملقصود بااللتزام بنتيجة أن املورد يتعهد بتوريد وتقديم خدماته ومساعداته الفنية وكل ما هو متفق عليه
يف العقد كمحل له ،إىل أن يتم اإلنتاج الفعيل بواسطة العامل واملهندسني املحليني وأن يكون اإلنتاج مطابقاً
للمواصفات املتفق عليها بالعقد وال تنتهي مسئولية املورد إذا أثبت فقط أنه اتخذ كل ما يف وسعه لتحقيق
النتيجة املرجوة.
وإننا نرى أن طبيعة عقد نقل التكنولوجيا يف هذه الصورة والهدف املرجو منه يولد هذا االلتزام بنتيجة قبل
الطرف املتلقي حتى دون النص عىل هذا االلتزام بالضامن رصاحة بالعقد.
كام ال يلزم الطرف املتلقي يف سبيل تحريك مسئولية املورد إثبات خطأ هذا األخري بل يكفي مجرد عدم
تحقيق النتيجة املتفق عليها.
وتفسري ذلك االلتزام بالضامن ومداه هو أن املتلقي يف هذا العقد تعاقد مع املورد لتحقيق إنتاج معني سبق
لهذا األخري إنتاجه بطرقه ووسائله ومعرفته الفنية ،هذا اإلنتاج بأوصافه ومزاياه وخصائصه هو اساس وسبب
IJDJL 247
المجلد ،3العدد 2022 ،2 المجلة الدولية للفقه و القضاء والتشريع
التعاقد ،ولذلك يعد اإلخالل بهذه النتيجة املحددة مسبقاً إخالالً بتنفيذ االلتزام الرئييس يف العقد الذي هو
السبب والهدف الباعث عىل التعاقد.
ويف خصوص التزام الطرف املورد للتكنولوجيا يف العقد بضامن نتيجة التعاقد ،هناك من الفقهاء الغربيني
الذين يخففون عبء هذا االلتزام إىل درجة تفوت القصد من التعاقد نهائياً ،ويحدد هذا الفقه االلتزام بالضامن
بأنه التزام بتحقيق وسيلة أي أن ينتهي التزام الطرف املورد دون مسئولية عليه إذا أثبت أنه اتخذ االحتياطات
الكافية لتحقيق النتيجة املرجوة من التكنولوجيا املنقولة واملتعاقد عليها سواء تحققت هذه النتيجة أم مل
تتحقق مبعنى أن التزامه ينتهي مبجرد إثباته اتخاذ ما يلزم لتحقيق القصد من التعاقد عىل التكنولوجيا.
ويشبه هذا الفقه التزام الطرف املورد للتكنولوجيا بالتزام الطبيب الذي ال يلتزم بشفاء املريض وإمنا فقط
عالجه ،وكام هو الشأن بالنسبة لألستاذ واملدرس الذي ال يتعهد وال يلتزم بنجاح طالبه ومنحهم شهادات النجاح
وإمنا فقط مجرد التدريس الذي يؤهل الطالب إىل النجاح.
ويضيف جانب آخر من الفقه أن التزام مورد التكنولوجيا بحسن استيعاب الطرف املتلقي لها وتطبيقه لهذه
التكنولوجيا تطبيقاً سليامً أمر البد من االتفاق عليه رصاحة يف عقد نقل التكنولوجيا وإال خرج من التزامات
املورد.
ونرى يف هذا الخصوص أن عقد نقل التكنولوجيا ال يقاس بعد الطبيب أو املدرس ،فالطرف املورد يتعهد
بتحقيق التكنولوجيا بواسطة عامل املتلقي شخصياً ،فهو يبيع طرقه ووسائله الفنية ،هذه الطرق والوسائل وخربته
السابقة يف استخدامها لتحقيق النتيجة املرجوة يف مصانع ومجموعات صناعية متكاملة ،ومشابهة ومامثلة
للمصانع املنقولة إىل الطرف املورد ،هي السبب الرئييس والغرض الوحيد من التعاقد عىل هذه التكنولوجيا،
ومبعنى آخر أن الطرف املتلقي للتكنولوجيا يعلم جيدا ً النتائج السابق تحقيقها بنجاح تام بواسطة املورد وأنها
هي التي دفعت الطرف املتلقي للتعاقد ،وكل من املتعاقدين عىل علم كاف ومضمون ومحل العقد ،ونتيجة ملا
نرى فإن مورد التكنولوجيا تنعقد مسئولية بالكامل يف حالة عدم تحقيق النتيجة املتفق عليها.
التنفيذ العيني والتنفيذ بطريق التعويض
نشري يف هذا الخصوص ،مسألة التعويض يف حالة عدم تحقيق النتيجة املرجوة من عقد نقل التكنولوجيا
بكافة صورها بصفة عامة وعقود تسليم اإلنتاج بصفة خاصة.
والتعويض للطرف املتلقي ميثل أهمية قصوى خاصة بالنسبة للدول النامية نظرا ً ملا تتكبده من أموال طائلة
ومجهود برشي ضخم خاصة يف صور النقل التكنولوجي ملجموعات صناعية متكاملة إىل جانب عدم تحقيق
اآلمال العريضة التي تنتظرها شعوب هذه البالد خالل السنوات الطويلة لتنفيذ التكنولوجيا محل العقد.
وتهدف الدول النامية وترغب يف أن يكون التنفيذ العيني من قبل املورد هو الجزاء األمثل ،مبعنى أن يعيد
تجربته مرة أخرى بكل إمكاناته ومعالجة النقص الذي تسبب يف فل تحقيق النتيجة املتفق عليها ،وهو يلتزم
بذلك دون حاجة إىل إبرام عقد جديد أو الحصول عىل مقابل آخر .عىل أن الذي يحدث عمالً هو عجز الطرف
املورد عن التنفيذ العيني بل وعن التعويض الكامل لخسائر املتلقي يف حالة فشل تحقيق النتائج املتفق عليها،
ويحاول الطرف املورد أن يلقى بأسباب الفشل عىل عاتق الطرف املتلقي متهامً إياه بالجهل الفني والتكنولوجي
تارة وبالظروف املحيطة واملناخ تارة أخرى.
IJDJL 248
سميحة القليوبي عقد نقل التكنولوجيا
عىل أنه إذا كان من املتعذر عمالً التنفيذ العيني للمجموع الصناعي محل عقد نقل التكنولوجيا كتعويض
عيني من جانب الطرف املورد فإن العلم يجرى حالياً بني الدول املتقدمة إىل اتباع طريق الضامن املايل من مورد
التكنولوجيا الذي يطلق عليه ضامن حسن التنفيذ أو ضامن حسن تنفيذ العقد.
وهذا التعويض أو الضامن املايل يختلف من عقد إىل آخر ،فهو مثالً %20من قيمة العقد كحد أدىن وميكن
أن تصل إىل %100من قيمة العقد خاصة يف عقود نقل التكنولوجيا الخالية أو قليلة املخاطر كام هو الشأن
بني الدول املتقدمة بعضها البعض أو بني دول متقدمة ودول نامية ولكن تتمتع بقوة رشاء هائلة كبالد البرتول.
ويف رأينا أن التنفيذ العيني يف حالة فشل املرشوع بأسباب املورد للتكنولوجيا هو الوسيلة الوحيدة والفعالة
للدول النامية لتفادي األرضار االقتصادية للبالد ،فالتعويض املايل أياً كان قدره ال يعادل البتة ما كان منتظرا ً
تحقيقه من التكنولوجيا املنقولة سواء اقتصادياً أو اجتامعياً أو نفسياً.
وظهر يف الوسط الدويل يف هذا الخصوص تطبيق جديد يف سبيل تفادي األرضار الضخمة يف حالة فشل املورد
يف تحقيق النتيجة املرجوة من عقود نقل التكنولوجيا خاصة ذات املجموعات الصناعية الكبرية ،هذا التطبيق
مؤسس عىل تدخل دولة الظرف املورد أو تدخل بنوكها كضامن لحسن التنفيذ ،أي أن تتدخل دولة الطرف
املورد أو بنوكها لتضمن حسن تنفيذ عقد التكنولوجيا املنقولة ،وتقبل الدول الكربى مثل هذا التدخل بدوافع
متعددة لعل أهمها تحقيق نرص دويل إعالمي عىل قدراتها الفائقة يف مجاالت التكنولوجيا الحديثة خاصة يف
مجاالت االتصاالت والطاقة النووية ،كذلك بيان قدرتها وثقتها من ابتكاراتها وتحدي حسن التنفيذ كسباً ألسواق
يف مجاالت التكنولوجيا املنقولة.
كام يرى جانب آخر أن أفضل طريق للتعويض هو تدخل رشكات التأمني لضامن نتائج عقود نقل التكنولوجيا،
هذا الضامن محقق حالياً بواسطة رشكات التأمني األمريكية والتي تضمن تعهد املورد وتؤكد ضامنها ملخاطر
فشل التكنولوجيا محل العقد.
وهذا ميثل ضامناً مقبوالً لجميع األطراف وإن كان مكثفاً للغاية حيث تشرتط عادة مثل هذه الرشكات
وخاصة رشكات إعادة التأمني أقساطاً كبرية حتى ميكن الوفاء بضامنها يف حالة عدم تحقق النتيجة املرجوة من
عقد التكنولوجيا ،األمر الذي يجعل تكلفة التكنولوجيا عالية عىل قدرات املتلقي.
وأخريا ً ظهرت فكرة ضامن البنوك الدويل مثل ضامن البنك الدويل.
موقف املرشع املرصي من التزام املورد بضامن نتيجة التكنولوجيا
حاول املرشع املرصي إيجاد حل لطبيعة التزام املورد بالضامن باملادة ( )1/85من حيث التزام مورد
التكنولوجيا بضامن مطابقتها للرشوط املبينة يف العقد ،وضامن صحة الوثائق املرفقة بها واملوضحة مللكية
وطرق استخدامها ،فنص عىل أن :يضمن املورد مطابقة التكنولوجيا والوثائق املرفقة بها للرشوط املبينة يف
العقد ،كام يضمن إنتاج السلعة أو أداء الخدمات التي اتفق عليها باملواصفات املبينة يف العقد ،ما مل يتفق كتابة
عىل خالف ذلك».
ويضع هذا النص عبئاً عىل املورد بضامن إنتاج ذات الخدمة املتفق عىل إنتاجها بواسطة التكنولوجيا محل
العقد ،وليس فقط مطابقة الوثائق أو طرق التشغيل أو إثبات تقديم مساعدته لهذا التشغيل وميثل هذا االلتزام
ضامناً كبريا ً للمتلقي يعد يف جوهره التزاماً بتحقيق نتيجة هي مطابقة التكنولوجيا والسلع أو الخدمات التي
IJDJL 249
المجلد ،3العدد 2022 ،2 المجلة الدولية للفقه و القضاء والتشريع
التحسينات وقطع الغيار عند طلبها أو االتفاق عىل توريدها إليه ،ونصت عىل هذا االلتزام املادة ( )1/82تجاري
بقولها « -1يلتزم املستورد بأن يدفع مقابل التكنولوجيا والتحسينات التي تدخل عليها يف امليعاد واملكان املتفق
عليهام».
واملقابل قد يكون مبلغاً إجاملياً يؤدى دفعة واحدة أو عىل دفعات متعددة كام يجوز أن يكون املقابل نسبياً
من رأس املال املستثمر يف تشغيل التكنولوجيا أو نصيباً من عائد هذا التشغيل (املادة .)3/82
والصور املشار إليها للمقابل واملنصوص عليها باملادة ( )82تجاري إمنا متثل الصور الغالبة يف مجال عقود نقل
التكنولوجيا ،ويجوز أن يتم املقابل يف أي صورة أخرى يتفق عليها.
جهاز اشرتاط املتلقي قرص استخدام التكنولوجيا عليه
يجوز ملتلقي التكنولوجيا أن يشرتط يف عقده مع املورد أن يكون له وحده حق استخدامها دون غريه واالتجار
يف اإلنتاج الناشئ عن استخدامها.
وهذا الرشط جائز عىل أن يكون محدد املدة ومنطقة االحتكار يف التوزيع أو البيع ،كأن يحدد رشط القرص
يف البيع أو التوزيع خالل مدة محددة من رسيان العقد ،أو طوال مدته ،كام قد يشرتط أن يشمل منطقة معينة
كأن يقترص عىل منطقة الرشق األوسط أو منطقة الخليج.
ونصت عىل حدود رشط القرص املادة ( )84بقولها «يجوز االتفاق عىل أن يكون ملستورد التكنولوجيا وحده
حق استخدامها واإلتجار يف االنتاج ويشرتط أن يحدد هذا الحق مبنطقة جغرافية معينة ومبدة محددة يتفق
عليها الطرفان».
االختصاص القضايئ واملحكمة املختصة بنظر املنازعات التي تنشأ عن عقد نقل التكنولوجيا
حدد املرشع التجاري املحاكم املختصة بنظر املنازعات التي تنشأ عن عقد نقل التكنولوجيا والقانون الواجب
التطبيق عليها ،حيث حددت املحاكم املرصية لنظر هذه املنازعات باإلضافة إىل اعتبار القانون املرصي واجب
التطبيق وعدم جواز االتفاق عىل خالف ذلك ،هذا باإلضافة إىل جواز االلتجاء إىل التحكيم عىل أن يجرى يف مرص
مع االلتزام بتطبيق أحكام القانون املرصي ويف ذلك تنص املادة 87عىل أنه:
1.1تختص املحاكم املرصية بالفصل يف املنازعات التي تنشأ عن عقد نقل التكنولوجيا باملشار إليه
باملادة 72من هذا القانون ،ويجوز االتفاق عىل تسوية النزاع ودياً أو بطريق تحكيم يجري يف
مرص وفقاً ألحكام القانون املرصي.
2.2ويف جميع األحوال يكون الفصل يف موضوع النزاع مبوجب أحكام القانون املرصي وكل اتفاق عىل
خالف ذلك يقع باطالً».
والواضح من نص املادة ( )87سالفة الذكر أنه وضع قواعد آمرة يف شأن جميع وسائل فض املنازعات التي
تنشأ عن عقود نقل التكنولوجيا سواء كانت هذه الوسائل ودية أو بطريق التحكيم أو عند االلتجاء للقضاء لفض
هذه املنازعات ،حيث اشرتط من حيث املكان أن يتم داخل مرص سواء كان القضاء الوطني وذلك باملخالفة
ألحكام االختصاص املحيل وفقاً للقواعد العامة أو بالنسبة ملكان حال املنازعات بالطرق الودية أو االلتجاء
للتحكيم ،كل ذلك باملخالفة للقاعدة األصولية املؤسس عليها نظام التحكيم وهي حرية أطراف النزاع يف اختيار
IJDJL 251
المجلد ،3العدد 2022 ،2 المجلة الدولية للفقه و القضاء والتشريع
مكان التحكيم والقانون الواجب التطبيق سواء كان القانون الذي يحكم إجراءات التحكيم أو ذلك الذي يحكم
املوضوع.
وسوف نشري يف هذا الخصوص إىل مخالفة األحكام املنصوص عليها باملادة ( )87سالفة الذكر لألحكام
املنصوص عليها بقانون التحكيم املرصي رقم 1994/27ومدى مالءمة النص سالف الذكر لعقود نقل التكنولوجيا
بالنسبة للمتلقي الوطني.
أوالً :مدى مخالفة األحكام املنصوص عليها باملادة ( )87تجاري للقواعد األصولية القائم عليها نظام التحكيم:
من املسلم به ابتناء نظام التحكيم كوسيلة لفض املنازعات عىل قاعدة حرية أطراف النزاع يف اختيار مكان
التحكيم أو القانون الواجب التطبيق سواء تلك املتعلقة بإجراءات التحكيم أو املطبقة عىل موضوع النزاع.
وتحرص الترشيعات املنظمة للتحكيم عىل النص رصاحة عىل تلك املبادئ األساسية للتحكيم ،ومن هذه
الترشيعات الترشيع املرصي املنظم للتحكيم يف املواد املدنية والتجارية الصادر برقم 1994/27وذلك عىل
التفصيل التايل:
أ -يف شأن مكان التحكيم
تقيض املادة ( )28من قانون التحكيم سالف الذكر بأنه «لطريف التحكيم االتفاق عىل مكان التحكيم يف مرص
أو خارجها ،فإذا مل يوجد اتفاق عينت هيئة التحكيم مكانا لتحكيم مع مراعاة ظروف الدعوى ومالمئة املكان
ألطرافها ،وال يخل ذلك بسلطة هيئة التحكيم إىل أن تجتمع يف أي مكان تراه مناسباً للقيام بإجراء من إجراءات
التحكيم كسامع أطراف النزاع أو الشهود أو الخرباء أو اإلطالع عىل مستندات أو معاينة بضاعة أو أموال أو إجراء
مداولة بني أعضائها أو غري ذلك».
ب -يف شأن القانون الواجب التطبيق
طبقاً لحكم املادة ( )25من قانون التحكيم رقم « 1994/27لطريف التحكيم االتفاق عىل اإلجراءات التي
تتبعها هيئة التحكيم مبا يف ذلك حقهام يف إخضاع هذه اإلجراءات للقواعد النافذة يف أي منظمة أو مركز تحكيم
يف مرص ،أو خارجها فإذا مل يوجد مثل هذا االتفاق كان لهيئة التحكيم مع مراعاة أحكام هذا القانون أن تختار
إجراءات التحكيم التي تراها مناسبة».
وإذا كان ذلك يف شأن حرية أطراف التحكيم بالنسبة الختيار القانون الواجب التطبيق عىل اإلجراءات،
فإن الحكم ذاته يطبق عىل القانون الواجب التطبيق عىل موضوع النزاع ،حيث تقيض املادة ( )39من قانون
1994/27بأنه« :تطبق هيئة التحكيم عىل موضوع النزاع القواعد التي يتفق عليها الطرفان ،وإذا اتفقا عىل
تطبيق قانون دولة معينة اتبعت القواعد املوضعية فيه دون القواعد الخاصة بتنازع القوانني ما مل يتفق عىل غري
ذلك -2 ،وإذا مل يتفق الطرفان عىل القواعد القانونية واجبة التطبيق عىل موضوع النزاع طبقت هيئة التحكيم
القواعد املوضوعية يف القانون الذي ترى أنه األكرث اتصاالً بالنزاع».
والواضح من نص املادتني ( )39 ،25من قانون التحكيم أن القاعدة هي حرية األطراف يف اختيار القانون
الواجب التطبيق سواء عىل إجراءات التحكيم أو عىل موضوع النزاع ،كام يتضح أنه عىل هيئة التحكيم إعامل
إرادة أطراف التحكيم دون القواعد الخاصة بتنازع القوانني.
IJDJL 252
سميحة القليوبي عقد نقل التكنولوجيا
كام يتضح من حكم املادة ( )28من القانون ذاته والسالفة الذكر حرية أطراف التحكيم يف اختيار مكان
التحكيم.
أثر تعارض أحكام املادة ( )87تجاري عىل مبدأ حرية أطراف التحكيم يف اختيار مكان وقانون التحكيم:
الواضح من عبارات املادة ( )87تجاري بفقرتيها أنها تتعلق بالنظام العام وبصفة خاصة ما جاء بعد الفقرة
الثانية من عبارات حيث تضمنت «وكل اتفاق عىل خالف ذلك يقع باطالً».
وحيث يعد قانون التجارة قانوناً خاصاً بأحكام التجار واألعامل التجارية ،كام يعد قانون التحكيم قانوناً
خاصاً ،ووفقاً لقاعدة تنازع القوانني من حيث الزمان ،فإن األفضلية تكون للنص الالحق باإلضافة إىل أن األفضلية
دامئاً تكون للنص اآلمر أياً كان تاريخ نفاذه.
وبتطبيق هذه القواعد فإن األفضلية تكون لحكم املادة ( )87تجاري لتعلقها بالنظام العام اآلمر الذي يرتتب
عليه إفراغ القواعد األصولية للتحكيم من مضمونها ،وإهدار أهم مبادئ التحكيم القامئة عىل حرية إرادة
األطراف سواء يف اختيار طريق التحكيم لفض املنازعات أو التسوية الودية أو القانون الواجب التطبيق أو مكان
التحكيم.
وإزاء هذا التعارض وخشية تعرض حكم املادة ( )87لعدم الدستورية ،فإننا نرى تعديل نص املادة ()87
تجاري مبا يجعل حكمها مقررا ً غري متعلق بالنظام العام بحيث يعد هادياً وإرشادياً ألطراف عقود نقل
التكنولوجيا وبصفة خاصة للطرف املتلقي شأنه يف ذلك شأن باقي النصوص املنظمة لعقد نقل التكنولوجيا
والسابق رشح أحكامها.
ثانياً :من حيث مدى مالءمة حكم املادة ( )87تجاري لعقود نقل التكنولوجيا
الشك أن املرشع املرصي عندما وضع األحكام اآلمرة املنصوص عليها باملادة ( )87سالفة الذكر كان يهدف
إىل حامية املتلقي يف عقود نقل التكنولوجيا والذي يكون غالباً يف مركز تفاويض أقل من مركز املورد لحاجة
األول امللحة للتكنولوجيا محل العقد ،كام افرتض املرشع عدم دراية املتلقي باألحكام الدقيقة ملثل هذه العقود،
والواضح أيضاً أن الكثري من الدول التي يف طريقها للنمو ومنها مرص تحمس غالباً لتطبيق قانونها الوطني
عىل العقود التي تربمها مع الدول املتقدة اعتقادا ً منها أنها بذلك تحفظ سيادتها وكرامتها واستقاللها ،وأنها
باستبعادها للقوانني األصلية للتحكيم تؤكد متتعها بكامل السيادة واالستقالل.
والواقع أنه إذا كان متسك الدول التي يف طريقها إىل النمو يف مجال عقود نقل التكنولوجيا بتطبيق قوانينها
إمنا ميثل بال شك سيطرة الدولة األخرية عىل مضمون حكم القانون وسهولة اتخاذ وسائل الدفاع وتقديم األدلة
والوثائق بصفة عامة ،إال أننا نعتقد أنه ال يجب األخذ أو النظر إىل هذه املشكلة من هذه الزاوية ،بل يجب
الحكم عىل هذا املسلك متجردين من الحجج العاطفية التي تجد مربرها يف شعور راسخ باالنتامء ورغبة صادقة
يف التخلص من املستعمر بكل صوره وأبعاده.
فالخربة العملية وما يحدث عىل مرسح الحياة الدولية والتجارب املؤثرة التي مرت بها الدول النامية يف
مجال عقود نقل التكنولوجيا عىل وجه الخصوص ،توجب علينا التفكري بعمق يف مدى فائدة التشدد يف تطبيق
القوانني الوطنية والتي ال تزال معظمها عىل مفاهيمها وأحكامها التقليدية دون تعديل أو تطوير ملسايرة
التطورات الهائلة يف مجاالت التكنولوجيا والبيئة والصحة ومكافحة مخاطرها ذات الطبيعة الخاصة ،عىل خالف
IJDJL 253
المجلد ،3العدد 2022 ،2 المجلة الدولية للفقه و القضاء والتشريع
الدول املتقدمة والتي أصبحت ترشيعاتها تعالج كل أوجه مشاكل التكنولوجيا الحديثة من حيث مخاطرا أو
ارغام املورد الذي ميكن الزامه بالضامن بالدرجة األوىل والتعويض الشامل عن أرضار ومخاطر التكنولوجيا محل
العقد ،هذا باإلضافة إىل املبالغ الهائلة التي تقررها تلك الترشيعات والتي تقيض بها املحاكم جربا ً ملخاطر هذه
التكنولوجيا.
هذه املبادئ املتميزة يف مجال عقود نقل التكنولوجيا تقيض حقاً الدراسة والتعمق يف اختيار القانون
الواجب التطبيق بعيدا ً عام إذا كان يف اختيار قانون أجنبي مساس بسيادة الدولة من عدمه ،ذلك أن الثابت
من ترشيعات الدول املتقدمة أنها تتشدد يف املسئولية الناشئة عن مخاطر التكنولوجيا وقدر التعويضات ،كام
تتضمن هذه الترشيعات التزام أصحاب التكنولوجيا التزامات بنتيجة لضامن تحقيق الغرض من نقل التكنولوجيا
وعدم جواز االتفاق عىل خالف ذلك.
وعىل أية حال فإن األمر يف هذا املجال يقتيض من القامئني يف إبرام مثل هذه العقود الهامة التحقق عند
تطبيق القانون الوطني والذي أصبح واجب التطبيق طبقاً لنص املادة ( )87تجاري من مدى ما يقدمه هذا
القانون ومدى ما يسعف به من آليات قانونية يف حامية موضوع العقد ووفقاً لطبيعته عند احتامل حدوث
أرضار للطرف املتلقي ومدى مسايرة هذا القانون ملفهوم املخاطر الحديثة التي تنشأ عن التكنولوجيا محل العقد
وطرق التعويض عنها وحاميتها مبا يحقق يف مجموعه مصلحة املتلقي االقتصادية وغاية العقد وهدفه ،وعىل
القامئني بإبرام هذه العقود مراعاة إضافة بنود مبا يحقق أكرب قدر من الضامن لتعاقداتهم هدياً بالترشيعات
املتقدمة التي اهتمت بهذا الضامن وحققت قدرا ً كبريا ً لحامية الطرف املتلقي من تعاقده وتحقيق غايته.
IJDJL 254